فصل في أحكام الحائض

[ (فصل في أحكام الحائض) وهي أمور: (أحدها): يحرم عليها العبادات المشروطة بالطهارة (1)، كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف. ] (فصل في أحكام الحائض) (1) إجماعا، حكاه جماعة كثيرة، بل في المنتهى: " يحرم على الحائض الصلاة والصوم، وهو مذهب عامة أهل الاسلام "، وعن شرح المفاتيح: انه ضروري. ويدل عليه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب الحيض والعبادات المذكورة. وهذا في الجملة مما لا إشكال فيه، إنما الاشكال في أن الحرمة المذكورة ذاتية - كما قد يقتضيه ظاهر جملة من معاقد الاجماع المشتملة على التعبير بالحرمة ونحوها - أو تشريعية، كما يقتضيه ظاهر معقد إجماع محكي المعتبر فانه قال: " لا ينعقد للحائض صلاة ولا صوم. وعليه الاجماع "، فان إهمال التعرض للحرمة الذاتية شاهد بعدمها. نعم في التحرير جمع بين العبارتين فانه قال: " يحرم على الحائض الصلاة والصوم، ولا ينعقدان لو فعلتهما ". هذا ولا ينبغي التأمل في أن موضوع الحرمة الذاتية - على تقدير القول بها - ليس نفس الفعل الذي هو موضوع الامر الموجه إلى الطاهر إذ لا يظن الالتزام من أحد بحرمته على الحائض، مع أنه مما لا تساعده الادلة المساقة لاثبات الحرمة الذاتية كما سيأتي. بل موضوعها الفعل المأتي به بنحو عبادي. وحينئذ فثمرة الخلاف المذكور أمران: أحدهما: حرمة الاتيان

 

===============

 

( 307 )

 

بالصلاة بداعي أنها عبادة بالذات بناء على الحرمة الذاتية، وعدم حرمته بناء على الحرمة التشريعية، لاختصاص التشريع بصورة قصد الامر التشريعي غير الحاصل في الفرض. وثانيهما: حصول الاحتياط المطلق عند تردد الدم بين الحيض وغيره، باتيان الصلاة بداعي الامر الاحتمالي، بناء على الحرمة التشريعية، لعدم التشريع حينئذ، لمباينته للاحتياط، وعدم حصوله بناء على الحرمة الذاتية، لدوران الفعل بين الوجوب والحرمة، فلا يكون كل من الفعل والترك موجبا للاحتياط المطلق، بل موجب للاحتياط من جهة دون جهة. لكن ترتب الثمرة الاولى موقوف على القول بالعبادة الذاتية في قبال ما يكون عبادة بالامر، كما لعله المشهور. ولكن المحقق في محله عدمها، وأن الموجب لكون الفعل عبادة كونه واجد لملاك المحبوبية، الذي ينكشف بالامر تارة، وبغيره أخرى، فالفاعل إذا فعل تلك العبادة بما أنها واجدة لملاك المحبوبية للمولى، الراجع ذلك إلى الفعل لاجل المولى ومراعاة جانبه كان متعبدا وآتيا بما هو من مظاهر عبوديته، وإلا فلا، ولا دخل للامر في هذه الجهة. نعم قد يلحظ بما أنه طريق وعبرة إلى ذلك الملاك. وعليه فلا فرق في قبح التشريع عقلا وحرمته شرعا بين القسمين، فكما أنه لو فعل بقصد الامر التشريعي يكون مشرعا وآثما كذلك لو فعل بقصد الملاك التشريعي لما عرفت من رجوع التعبد بالاول إلى التعبد بالثاني. وعليه فلا فرق بين القولين في حرمة إتيان الحائض بالعبادة على أي النحوين المذكورين. نعم بناء على الحرمة الذاتية يكون الفعل على أي النحوين جئ به مخالفة من جهتين للحرمتين معا، وعلى الحرمة التشريعية يكون مخالفة من جهة واحدة أعني جهة حرمة التشريع لا غير. هذا ثم أنه لو قلنا بتحقق العبادة الذاتية

 

===============

 

( 308 )

 

امتنع النهي عنها، لان حسنها الذاتي مانع عن ذلك. فتنتفي الثمرة المذكورة. وأيضا فان القائلين بالحرمة التشريعية لا يظن منهم الالتزام بصحة العبادة الذاتية الصادرة من الحائض، فكيف يصح جعل ذلك ثمرة للخلاف المذكور؟؟ وهل يحتمل في كلام المحقق - الظاهر في الحرمة التشريعية - أن يكون مقصوده أن لا ينعقد للحائض صلاة ولا صيام، إذا كان مقصودها امتثال الامر التشريعي، وأنه إذا جاءت بالصلاة بقصد عباديتها الذاتية تصح منها وتنعقد؟؟. وأما الثمرة الثانية فيمكن منعها من جهة أنه مع تردد الدم بين الحيض وغيره، إذا صلت برجاء الامر الشرعي كان قصد الصلاة عن الامر الشرعي منوطا بوجود الامر واقعا، فمع عدمه واقعا - لكونها حائضا - لا تكون قاصدة للصلاة عن أمرها، ولا متقربة إلى الله سبحانه بامتثال أمره، فلا وجه لاحتمال المخالفة للحرمة كي لا تتمكن من الاحتياط المطلق. وإن شئت قلت: الفعل بقصد امتثال أمر الله سبحانه برجاء وجوده طاعة وانقياد له تعالى، فيمتنع أن يكون حراما منهيا عنه، فان الانقياد له تعالى حسن عقلا لا يمكن أن يكون منهيا عنه، فلا بد أن يكون تحريم العبادات على الحائض ذاتا مختصا بالعبادات المأتي بها بداعي امتثال أمر تشريعي، فيتحد موضوع الحرمة الذاتية مع موضوع الحرمة التشريعية. وكيف كان: يمكن أن يستدل للحرمة الذاتية - مضافا إلى ظهور أكثر معاقد الاجماعات - كما عرفت - بظاهر الاخبار المشتملة على التعبير ب‍ " تحرم " (* 1)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 7 وهو في كلام السائل، وفي باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 14، وفي باب: 51 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 309 )

 

و " لا يجوز " (* 1) و " لا تحل " (* 2)، بل هو ظاهر النهي بمثل: " دعي الصلاة أيام أقرائك " (* 3) ونحوه. وبظاهر جملة من النصوص الخاصة مثل ما ورد في أخبار الاستظهار من الامر بالاحتياط بترك العبادة (* 4)، إذ على الحرمة التشريعية يكون الاحتياط بفعلها لا بتركها. فان قلت: تقدم أنه بناء على الحرمة الذاتية يكون كل من الفعل والترك موافقا للاحتياط من جهة، ومخالفا له من أخرى، فكيف يكون الاحتياط بالترك؟!. قلت: قد تقرر في محله أنه مع احتمال أهمية الحرمة المحتملة في الدوران بين الوجوب والحرمة يكون الاحتياط بالترك، بل يتعين ذلك عقلا. ومثل رواية الفضل المروية عن الرضا (ع)، المعللة نهي الحائض عن الصلاة والصيام بقوله (ع): " لانها في حد نجاسة، فأحب الله أن لا يعبد إلا طاهرا " (* 5)، فانه ظاهر في وجوب ترك العبادة في حال النجاسة. وما في رواية خلف بن حماد المتقدمة في اشتباه الحيض بالعذرة: " فلتتق الله إن كان من دم الحيض، فلتمسك عن الصلاة... إلى أن قال (ع): وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوضأ... " (* 6). وما في رواية مسعدة ابن صدقة: " إني أمر بقوم ناصبة وقد أقيمت لهم الصلاة، وأنا على غير وضوء، فان لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا، أفأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي؟ فقال جعفر بن محمد (ع): أفما

 

 

____________

(* 1) لم نقف على هذا التعبير في النصوص (* 2) الوسائل باب: 39 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الحيض حديث: 2 (4) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 و 10 و 12 (* 5) الوسائل باب: 39 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 6) الوسائل باب: 2 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 310 )

 

يخاف من يصلي من غير وضوء أن تأخذه الارض خسفا " (* 1) وبأن موضوع الحرمة التشريعية التشريع القلبي لا العمل الجوارحي، وظاهر النصوص كون موضوع الحرمة هو الثاني. ويمكن الخدش فيما ذكر فان التعبير في أكثر معاقد الاجماع لا يأبي الحمل على الحرمة التشريعية، كما هو كذلك في بيانهم لسائر المحرمات البدعية مثل صوم الوصال ونحوه. فلاحظ. مع ما عرفت من أنه معارض بظاهر بعض معاقد الاجماع، للعلم باتحاد مراد الجميع، وحمل الاول على الثاني أسهل من العكس. ومنه يظهر حال ظاهر النصوص. ودعوى: أن ظاهرها كون موضوع الحرمة الصلاة مثلا بعنوانها الخاص لا بعنوان البدعة. مندفعة بعدم بلوغ الظهور المذكور حد الاعتناء به، بحيث يكون حجة على الحرمة الذاتية، فان النهي عن الصلاة للحائض وإن كان بمقتضى الجمود عليه دالا على حرمة الصلاة من حيث كونها صلاة لا من حيث كونها بدعة، لكن إذا ثبت من الخارج تحريم الصلاة لكونها بدعة كان صالحا لصرف النهي إلى كونه من حيث البدعة، نظير ما لو ورد النهي عن الخمر، والنهي عن شرب المسكر، فانه لا يلتزم بتحريم الخمر لذاتها ولكونها مسكرا، أو ورد النهي عن السم وعن شرب المضر، فانه لا يلتزم بحرمة شرب السم من وجهين فلاحظ. وأما ما اشتمل على التعبير بالاحتياط، فلاجل أنه لا يمكن الاخذ بظاهره - من الاحتياط المطلق -، دار الامر بين الحمل على الاحتياط من جهة - كما تقدم في الاستدلال - وبين حمله على الاحتياط بلحاظ بعض الاحكام، مثل الوطئ ودخول المساجد وقراءة العزائم، وليس الاول أولى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الوضوء حديث: 1

 

===============

 

( 311 )

 

من الثاني، بل الذي يظهر من موثقة البصري: " عن المستحاضة أيطؤها زوجها، وهل تطوف بالبيت؟ قال (ع): تقعد أيام أقرائها التي كانت تحيض فيه، فان كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين " (* 1) هو الثاني. مع أن دعوى، كون الحرمة المحتملة أهم، غريبة، لان الظاهر أن ترك الصلاة من أعظم الكبائر. ويحتمل كون وجه التعبير بالاحتياط أنه الموافق للاستصحاب، وقاعدة الامكان. فتأمل. ولعل الظاهر من رواية العلل (* 2) كون المراد: أحب الله أن يعبد في حال الطهارة، لا أنه كره أن يعبد في غير حال الطهارة وإلا لدل على عدم فائدة وخصوصية للطهارة وهو بعيد. ولمثل هذا النحو من التعبير نظائر كثيرة. وأما رواية خلف (* 3) فالظاهر أن الامر بالاتقاء إنما هو بمعنى وجوب الفحص، ولذا قدمه على الشرطية الاولى، ويشهد به تأخير الامر به عن الشرطية الثانية. وأما رواية مسعدة، فلا يظن إمكان الالتزام بها في موردها، فان أدلة التقية مقدمة على غيرها من الادلة، مهما كان لموردها من الاهمية. والتشريع وإن كان جنانيا إلا أن الجري عليه محرم أيضا شرعا، كما يفهم مما ورد في البدعيات بل لعله محرم عقلا. بل لعله أقبح في نظر العقل من التشريع القلبي. ومما ذكرنا في منع الثمرة الثانية تعرف الاشكال في دفع الحرمة الذاتية بدعوى: الاتفاق على إمكان الاحتياط المطلق للمضطربة، كما في كلام شيخنا الاعظم (ره) وغيره. إذ قد عرفت أن إمكان الاحتياط التام لا ينافي احتمال الحرمة الذاتية. اللهم إلا أن يكون القائل بالحرمة الذاتية يلتزم بها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 (* 2) الوسائل باب: 39 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 312 )

 

[ (الثاني): يحرم عليها مس اسم الله (1) وصفاته الخاصة، بل غيرها أيضا إذا كان المراد بها هو الله، وكذا مس أسماء الانبياء والائمة (2) على الاحوط. وكذا مس كتابة القرآن (3) ] وإن أنيط التعبد بالامر الواقعي الشرعي. ولكنه لا يظن منه ذلك، ولا مما تساعده عليه الادلة. فتأمل جيدا. والله سبحانه أعلم. (1) كما عن جماعة، منهم: العلامة والشهيدان والمحقق الثاني في جملة من كتبهم. ولو يتعرض له كثير، وكأنه لعدم الدليل عليه، إذ لا دليل على وجوب التعظيم بنحو ينافي المس، ولا على مشاركة الحيض للجنابة في أحكامها ليتعدى منها إليه. وظهور الاتفاق عليه لو سلم لا يصلح لاثباته. وخبر سعيد بن يسار الوارد في المرأة ترى الدم وهي جنب، من قوله (ع): " وقد أتاها ما هو أعظم من ذلك " (* 1) - مع أنه ضعيف السند - غير ظاهر فيما نحن فيه. وما في صحيح ابن فرقد في التعويذ: " تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها " (* 2) مما لا يمكن الالتزام بعمومه الناشئ من ترك الاستفصال، فيجب حمله على تعويذ بعينه، وإجماله حينئذ ظاهر. والتعدي من مس المصحف إلى المقام للفحوى لا يخلو من تأمل فالحكم إذا لا يخلو من إشكال، لولا موافقته لمرتكزات المتشرعة وكونه مظنة الاجماع. فتأمل. (2) الدليل عليه غير ظاهر، كما تقدم في الجنابة. بل هنا أخفى، لقلة المتعرضين له. (3) إجماعا صريحا وظاهرا، حكاه جماعة كثيرة، ولم ينسب الخلاف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 37 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 313 )

 

[ على التفصيل الذي مر في الوضوء (الثالث): قراءة آيات السجدة (1)، بل سورها على الاحوط (الرابع): اللبث في المساجد (2) (الخامس): وضع شئ فيها إذا استلزم الدخول (3) (السادس): الاجتياز من المسجدين (4). والمشاهد المشرفة كسائر المساجد (5) ] فيه إلا إلى ظاهر الكاتب، وهذا هو العمدة في إثباته. مضافا إلى ما تقدم في الوضوء على نحو ما سبق في الجنابة. (1) إجماعا محكيا متجاوزا حد الاستفاضة. مضافا إلى النصوص المتقدمة في الجنابة. كما تقدم الكلام أيضا في اختصاص التحريم بها وعمومه للسورة. (2) لما تقدم في الجنابة، لاتحاد الدليل في البابين. وكذا الحال في وضع شئ فيها. (3) قد عرفت وجهه فيما تقدم في الجنابة، وعرفت التأمل فيما في المتن هناك من حرمته مطلقا. مع أنه لا يظهر وجه للفرق بين الحائض والجنب، لاتحاد الدليل في البابين. (4) كما نسب إلى الاصحاب، بل عن بعض: دعوى الاجماع عليه. ويشهد به ما في حسن محمد بن مسلم: " ولا يقربان المسجدين الحرمين " (* 1) وقد يشير إليه أيضا ما في ذيل المرفوع عن أبي حمزة المروي عن الكافي (* 2) وبه يظهر ضعف ما عن جماعة من القدماء والمتأخرين من إطلاق جواز الجواز في المساجد. (5) تقدم الاشكال فيه في الجنابة. وعلى تقدير ثبوته هناك فالتعدي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الجنابة حديث: 17 (* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب الجنابة حديث: 3

 

===============

 

( 314 )

 

[ دون الرواق (1) منها، وإن كان الاحوط إلحاقه بها. هذا مع عدم لزوم الهتك وإلا حرم (2). وإذا حاضت في المسجدين تتيمم وتخرج (3) إلا إذا كان زمان الخروج أقل من زمان التيمم أو مساويا. (مسألة 1): إذا حاضت في أثناء الصلاة ولو قبل السلام بطلت (4)، وإن شكت في ذلك صحت (5)، فان تبين بعد ذلك ينكشف بطلانها. ولا يجب عليها الفحص (6) وكذا الكلام في سائر مبطلات الصلاة. (مسألة 2): يجوز للحائض سجدة الشكر (7)، ] منه إلى المقام موقوف على مشاركة الحيض للجنابة في الاحكام، من إجماع أو غيره، كما تقدم في حرمة مس اسم الله تعالى. (1) إذ لا يصدق على الدخول فيه أنه دخول بيت النبي (ص) أو الامام (ع) الذي هو موضوع نصوص التحريم، على تقدير القول به في الجنابة. (2) لحرمة هتكها قطعا، بل هو في مرتكزات المتشرعة من أعظم المنكرات. (3) كما تقدم التعرض له بالخصوص في مبحث الجنابة. (4) لما سيأتي إن شاء الله في محله من قاطعية الحدث. (5) لاستصحاب الطهارة، أو لقاعدة الفراغ. (6) لما حرر في محله من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية كما يقتضيه إطلاق أدلة الاصول. (7) بلا خلاف ظاهر، وإن كان مقتضى ما عن الشيخ - من الاستدلال

 

===============

 

( 315 )

 

[ ويجب عليها سجدة التلاوة إذا استمعت (1). بل أو سمعت (2) ] على حرمة سجود التلاوة بعدم جواز السجود لغير الطاهر اتفاقا - لحرمة هنا أيضا، إلا أني لم أعثر على قائل بها، وذلك مما يوهن الاستدلال المذكور. مضافا إلى وهنه في نفسه. وكيف كان فيدل على الجواز إطلاق أدلة المشروعية. (1) كما عن السرائر والمختلف وجامع المقاصد وفوائد الشرائع والمسالك وغيرها، لمصحح ابن سنان: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل سمع السجدة تقرأ. قال (ع): لا يسجد إلا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها... " (* 1)، وبضميمة قاعدة الاشتراك يثبت الحكم في المرأة وإن كانت حائضا، مع عدم المعارض له، لاختصاص ما يتوهم معارضته له من مصحح البصري وخبر غياث الآتيين بصورة السماع الذي هو غير محل الكلام، وقد عرفت حال دعوى عدم جواز السجود لغير الطاهر. ومن هذا يظهر لك ضعف ما عن المقنعة والانتصار والتهذيب والوسيلة من الحرمة. ومثله ما عن الاستبصار والجامع من القول بالاستحباب. (2) كما عن السرائر وغيرها مما تقدم آنفا، لاطلاق أدلة وجوبها على السامع. مضافا إلى صحيح الحذاء: " سألت أبا جعفر (ع) عن الطامث تسمع السجدة. فقال (ع): إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها " (* 2) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إذا قرئ بشئ من العزائم الاربع وسمعتها فاسجد، وإن كنت على غير وضوء، وإن كنت جنبا، وإن كانت المرأة لا تصلي، وسائر القرآن أنت بالخيار، إن شئت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب قراءة القرآن حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 316 )

 

[ آيتها ويجوز لها اجتياز غير المسجدين (1)، ] سجدت، وإن شئت لم تسجد " (* 1)، وموثقه عنه (ع): " والحائض تسجد إذا سمعت السجدة " (* 2). نعم يعارضها مصحح البصري: " عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال (ع): لا تقرأ ولا تسجد " (* 3)، وموثق غياث عن جعفر عن أبيه (ع) عن علي (ع): " لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت السجدة " (* 4) ولاجلهما قال بالتحريم هنا من لم يقل به في الاستماع. لكن فيه: انه يتوقف على عدم إمكان الجمع بينهما وبين ما سبق، مع رجحانهما عليه، وكلاهما غير ظاهر، لامكان الجمع بحملهما على غير العزائم، لاختصاص الاولين بها، فيتعين القول بالوجوب، أو بحملهما على نفي الوجوب ويحمل الاولان على الاستحباب، فيتعين القول به. ولو سلم التعارض فالترجيح مع الاول لانها أصح سندا، وأكثر عددا، وموافقة لعموم ما دل على وجوب السجود مع السماع مطلقا، ومخالفة لابي حنيفة والشافعي وأحمد وأكثر الجمهور على ما حكي، فالقول بالتحريم ضعيف جدا، بل يدور الامر بين القول بالوجوب والقول بالاستحباب المبنيين على الجمعين المذكورين، والاول أوفق بقواعد الجمع فهو المتعين. فتأمل. هذا كله بناء على وجوب السجود عند السماع - كما هو المشهور - وإلا فلا مجال للقول به هنا بل يتعين الجمع الثاني. والكلام في ذلك موكول إلى محله في مباحث سجود الصلاة. (1) على المشهور، وعن المعتبر: دعوى الاتفاق عليه. وفي صحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 36 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 3) الوسائل باب: 36 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 4) الوسائل باب: 36 من أبواب الحيض حديث: 5 *

 

===============

 

( 317 )

 

[ لكن يكره (1) وكذا يجوز لها اجتياز سائر المشاهد المشرفة (2). (مسألة 3): لا يجوز لها دخول المساجد بغير الاجتياز (3)، بل معه أيضا في صورة استلزامه تلويثها (4) (السابع): وطؤها في القبل (5) حتى بادخال الحشفة (6) ] زرارة ومحمد: " الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين " (* 1) ومنه يظهر ضعف ما عن المقنع والفقيه والجمل وغيرها من إطلاق المنع عن الدخول. (1) كما عن جماعة من الاجلاء، بل عن بعض: دعوى الاجماع عليه، وفي خبر الدعائم: " ولا يقربن مسجدا ولا يقرأن قرآنا " (* 2)، وهذا كاف بناء على التسامح. (2) لما تقدم من أنها بحكم سائر المساجد. لكن أشرنا في مبحث الجنابة إلى أنه على تقدير تمامية دليلية النصوص على إلحاق المشاهد بالمساجد فالمستفاد منها إلحاقها بالمسجدين، لظهورها في المنع من الدخول. (3) لما تقدم في الجنب، لاتحاد الدليل في البابين. (4) فيحرم لحرمة ما يترتب عليه. (5) إجماعا من العلماء، أو من علماء الاسلام، حكاه جماعة كثيرة، بل في كلام جماعة: انه من ضروريات الاسلام، ويدل عليه الكتاب المجيد والسنة المتجاوزة حد التواتر. (6) كما يقتضيه إطلاق الادلة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الجنابة حديث: 10 (* 2) مستدرك الوسائل باب: 29 من أبواب الحيض حديث: 3 *

 

===============

 

( 318 )

 

[ من غير انزال، بل بعضها (1) على الاحوط. ويحرم عليها أيضا (2). ويجوز الاستمتاع بغير الوطئ من التقبيل والتفخيذ والضم (3). ] (1) كما عن ظاهر كشف الغطاء، لما في بعض النصوص من النهي عن الايقاب (* 1)، والامر باتقاء موضع الدم (* 2)، واجتنابه (* 3)، ونحو ذلك مما يقتضي إطلاقه المنع من إدخال بعض الحشفة أيضا، واعتبار التقاء الختانين في وجوب الغسل للجنابة لا يوجب تقييد ما ذكر. (2) كما صرح به في الجواهر وغيرها، وعن الغنية: الاجماع عليه. واستدل له بحرمة المعاونة على الاثم، ومقتضاه جواز تمكينه مع العذر لجهل أو غفلة أو نوم أو نحوها، كما احتمله بعض. ولكن يدل عليه خبر محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " سألته عن الرجل يطلق امرأته متى تبين منه؟ قال (ع): حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة تملك نفسها. قلت: فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال (ع): نعم، ولكن لا تمكن من نفسها حتى تطهر من الدم " (* 4). وربما يستفاد من غيره بعد سبر النصوص ولا سيما بملاحظة مرتكزات المتشرعة، فان بناءهم على حرمته عليها ذاتا لا من باب المعاونة. (3) أما التقبيل والضم ونحوهما من الاستمتاع بما فوق السرة ودون الركبة فلا إشكال فيه، بل عليه الاجماع المستفيض النقل، وعن جماعة دعواه من علماء المسلمين. ويدل عليه ما سيأتي من النصوص. وأما التفخيذ ونحوه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 8 (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 4) الوسائل باب: 16 من أبواب العدد حديث: 1

 

===============

 

( 319 )

 

من الاستمتاع بما بين السرة والركبة حتى الوطئ في الدبر فالمشهور فيها ذلك أيضا، بل عن ظاهر مجمع البيان والتبيان الاجماع عليه. ويدل عليه ما في حسن عبد الملك بن عمرو. " سألت أبا عبد الله (ع): ما لصحاب المرأة الحائض منها؟ فقال (ع): كل شئ ما عدا القبل منها بعينه " (* 1)، وفي روايته الاخرى: " كل شئ غير الفرج " (* 2)، وفي موثق معاوية ابن عمار عن أبي عبد الله (ع): " ما دون الفرج " (* 3)، ونحوه ما في خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) (* 4)، وفي مرسل ابن بكير عن أبي عبد الله (ع): " حيث شاء ما اتقى موضع الدم " (* 5) وفي موثق هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يأتي المرأة فيما دون االفرج وهي حائض. قال (ع): لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع " (* 6) وفي خبر عمر بن حنظلة عنه (ع): " ما بين الفخذين " (* 7) وفي حسن عمر بن يزيد عنه (ع): " ما بين إليتيها ولا يوقب " (* 8). ومن ذلك يظهر ضعف ما عن السيد (ره) في شرح الرسالة من تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة، وعن الاردبيلي الميل إليه لصحيح الحلبي " انه سأل أبا عبد الله (ع) عن الحائض وما يحل لزوجها منها. قال (ع): تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق الازار " (* 9)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 3) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 5 (* 6) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 7) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 7 (* 8) الوسائل باب: 25 من أبواب الحيض حديث: 8 (* 9) الوسائل باب: 26 من أبواب الحيض حديث: 1 *

 

===============

 

( 320 )

 

[ نعم يكره الاستمتاع بما بين السرة والركبة منها بالمباشرة (1)، وأما فوق اللباس فلا بأس (2). وأما الوطئ في دبرها فجوازه محل إشكال (3)، وإذا خرج دمها من غير الفرج فوجوب الاجتناب عنه (4) غير معلوم، بل الاقوى عدمه (5) إذا كان من غير الدبر. نعم لا يجوز الوطئ في فرجها (6) الخالي عن الدم حينئذ. ] ونحوه خبر أبي بصير (* 1)، فان الجمع العرفي بين النصوص بالحمل على الكراهة ممكن فيتعين. (1) تقدم وجهه. (2) كما يظهر من نصوص الكراهة. (3) لاحتمال دخول الدبر في الفرج المستثنى في النصوص المتقدمة، بل لعل المنع عنه ظاهر حسن عمر بن يزيد. لكنه ضعيف، للتنصيص على تحليل ما عدا القبل، وموضع الدم، وذلك الموضع، وهو مقدم على إطلاق الفرج لو سلم وهكذا إطلاق قوله (ع): " لا يوقب " في الحسن لو تم فالمتعين الجواز بناء على جوازه في الطاهر كما هو المشهور. (4) يعني عن مخرج الدم. (5) لما عرفت من النصوص الدالة على حلية ما عدا القبل، فاطلاقها محكم. وموضع الدم في المرسل ابن بكير يراد به الفرج، فهو مرآة إليه لا عنوان لموضوع الحكم. فالتوقف فيه - كما في نجاة العباد - تورع عن الفتوى، وإلا فهو ضعيف. (6) لاطلاق الادلة. والتوقف فيه - كما في نجاة العباد - أضعف مما سبق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 321 )

 

[ (مسألة 4): إذا أخبرت بأنها حائض يسمع منها (1) ] (1) بلا خلاف ولا إشكال، كما استظهره في الحدائق وجزم به في غيرها، بل قيل: إنه مجمع عليه مع عدم التهمة. ويدل عليه صحيح زرارة: " العدة والحيض إلى النساء " (* 1)، وفي رواية الكليني زيادة " إذا ادعت صدقت " (* 2) مؤيدا أو معتضدا بقوله تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) (* 3) وبأنه. مما لا يعلم إلا من قبلها وأنه مما يتعسر إقامة البينة عليه غالبا. والعمدة الصحيح، مضافا إلى ما يستفاد من النص والسيرة من قبول إخبار ذي اليد عما في يده، إذ قبول اخباره عما في نفسه بطريق أولى، بل السيرة دالة عليه بنفسها. ومقتضى إطلاق الصحيح عدم الرفق بين الاتهام لها وعدمه، وعن التذكرة وجامع المقاصد والروض: تقييد القبول بعدم الاتهام، وكأنه لرواية السكوني: " ان أمير المؤمنين (ع) قال في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض، فقال (ع): كلفوا نسوة من بطانتها أن حيضها كان فيما مضى على ما ادعت، فان شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة " (* 4) وقريب منها مرسل الصدوق (* 5). لكن موردهما الدعوى البعيدة عن المتعارف جدا وبينهما وبين الدعوى مع الاتهام عموم من وجه. اللهم إلا أن يكون الحكم فيهما بذلك من جهة الاتهام. وكيف كان فهما من حيث السند يصلحان لتقييد ما سبق جمعا بين المطلق والمقيد. وقد تقدم أيضا في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 3) البقرة: 228 (* 4) الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض حديث: 3

 

===============

 

( 322 )

 

[ كما لو أخبرت بأنها طاهر (1). (مسألة 5): لا فرق في حرمة وطئ الحائض بين الزوجة الدائمة والمتعة والحرة والامة والاجنبية والمملوكة (2) كما لا فرق بين أن يكون الحيض قطعيا وجدانيا أو كان بالرجوع إلى التمييز أو نحوه (3). بل يحرم أيضا في زمان الاستظهار إذا تحيضت. ] مباحث النجاسات أن حجية قول ذي اليد تختص بما إذا لم يكن شئ يوجب اتهامه، وإلا فقوله أيضا حينئذ ليس بحجة. فراجع. (1) والظاهر أنه لا خلاف فيه أيضا. للروايتين السابقتين، لان الظاهر من الرجوع اليهن في الحيض الرجوع في الوجود والعدم، لا خصوص الوجود. وكذلك ما دل على حجية إخبار ذي اليد. ومنه يظهر ضعف ما عن بعض من التوقف في صورة التهمة مع سبق الحيض، للاستصحاب مع عدم القطع بالمزيل. انتهى. فان الدليل المذكور إذا دل على حجية قولها في الطهر حصل القطع بالمزيل تعبدا، وهو كالمزيل حقيقة. (2) بلا خلاف ظاهر. ويدل عليه إطلاق أدلة المنع من الكتاب والسنة والاجماع. (3) لان التمييز والعادة وغيرهما مما كان طريقا إليه شرعا يوجب تنجز الحرمة الواقعية على تقدير ثبوتها، فيجب الاجتناب عقلا حينئذ، كسائر الطرق القائمة على ثبوت موضوع محرم في اقتضائها المنع عنه. وأما التحيض بالعدد المروي في المضطربة فهو كذلك، لان الظاهر من أدلته أنه باختيارها العدد المعين تكون حائضا تعبدا، فيكون اختيارها بمنزلة أصل يثبت الحيضية. وكذا الحال في التحيض بقاعدة الامكان، وفي أيام الاستظهار فيجري عليه جميع أحكام الحيض الالزامية وغيرها، متعلقة بها أم بغيرها

 

===============

 

( 323 )

 

[ وإذا حاضت في حال المقاربة تجب المبادرة بالاخراج (1) (الثامن): وجوب الكفارة بوطئها (2) ] وفي بعض نصوص الاستظهار تصريح بما نحن فيه. فلاحظ. (1) كما نص عليه شيخنا الاعظم (ره). لاطلاق الادلة. (2) كما عن الصدوقين والشيخين وعلم الهدى وبني حمزة وزهرة وادريس وسعيد وغيرهم، ونسب إلى المشهور بين المتقدمين، وعن الخلاف والانتصار والغنية والفوائد: الاجماع عليه، للنصوص كرواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله (ع): " في كفارة الطمث أنه يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار. قلت: فان لم يكن عنده ما يكفر؟ قال (ع): فليتصدق على مسكين واحد وإلا استغفر الله تعالى ولا يعود، فان الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شئ من الكفارة " (* 1)، ومصحح ابن مسلم: " سألته عمن أتى امرأته وهي طامث. قال (ع): يتصدق بدينار ويستغفر الله تعالى " (* 2) وما في خبره الآخر: " عن الرجل يأتي المرأة وهي حائض قال (ع): " يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفي استدباره نصف دينار " (* 3) وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به " (* 4) وصحيح عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يقع على امرأته وهي حائض، ما عليه؟ قال (ع): يتصدق على مسكين بقدر شبعه " (* 5)، ومرسل القمي في تفسيره قال الصادق (ع):

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب بقية الحدود حديث: 1 (* 4) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 4 الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 5 *

 

===============

 

( 324 )

 

" من أتى امرأته في الفرج في أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار، وعليه ربع حد الزاني خمس وعشرون جلدة، وإن أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار، ويضرب اثنتي عشرة جلدة ونصفا " (* 1). لكنها مع قصور دلالة بعضها - كرواية داود - فان الكفارة أعم من الواجبة، وليس الكلام واردا لبيان وجوبها. ومع اختلافها بنحو يصعب الجمع بينهما معارضة بصحيح العيص " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل واقع امرأته وهي طامث. قال (ع): لا يلتمس فعل ذلك، قد نهى الله تعالى أن يقربها. قلت: فان فعل ذلك أعليه كفارة؟ قال (ع): لا أعلم فيه شيئا يستغفر الله " (* 2). وموثق زرارة عن أحدهما (ع): " عن الحائض يأتيها زوجها. قال (ع): ليس عليه شئ يستغفر الله ولا يعود " (* 3) وموثق ليث: " سألت أبا عبد الله (ع) عن وقوع الرجل على امرأته وهي طامث خطأ. قال (ع): ليس عليه شئ وقد عصى ربه " (* 4) فان المراد من الخطأ - بقرينة قوله (ع): " وقد عصى... " - الخطيئة، واستبعاد ذلك في الجواهر ضعيف. ومثله طعنه في الصحيح والموثق الآخرين بمخالفتهما للاجماعات التي هي بمنزلة الاخبار الصحيحة، وللاخبار، وموافقتهما لفتوى الشفافعي في الجديد، ومالك وأبي حنيفة وأصحابه وغيرهم. وجه الضعف: أن الاجماعات ليست حجة فضلا عن أن تكون بمنزلة الاخبار الصحيحة. والموافقة للعامة على تقدير تماميتها في المقام لا أثر لها مع إمكان الجمع العرفي ولذا كان خيرة النهاية ونكاح المبسوط وجملة من كتب الفاضلين والشهيدين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 29 من أبواب الحيض حديث: 3

 

===============

 

( 325 )

 

[ وهي دينار في أول الحيض (1)، ونصفه في وسطه، وربعه في آخره، إذا كانت زوجة (2)، من غير فرق بين الحرة ] والمحقق الثاني وغيرهم - على ما حكي عنهم - الاستحباب، واختاره في الوسائل، وجعله شيخنا الاعظم (ره) الاقوى، جمعا بين النصوص بالحمل على ذلك وهو في محله. وحمل نصوص النفي على نفي غير الكفارة لا يقبله المتفاهم العرفي. (1) كما هو المشهور - كما عن جماعة - بل عليه الاجماع عن الانتصار والخلاف والغنية والمعتبر والمنتهى. ويدل عليه رواية داود بن فرقد، ومرسل المقنع (* 1)، وكذا مصحح ابن مسلم بعد حمله على أول الحيض، وموثق أبي بصير بعد حمله على وسطه. ولا يعارضها صحيح الحلبي المتقدم، لحمله على صورة تعذر الدينار أو تعسره، بقرينة ما في رواية ابن فرقد. لكن ظاهر المقنع (* 2) الاعتماد عليه، لانه ذكر مضمونه لا غير. وكأنه لترجيحه على غيره، بناء منه على تعذر الجمع العرفي. نعم يعارضها حسن الحلبي: " سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل واقع امرأته وهي حائض. فقال (ع): إن كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر الله، ويتصدق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كل نفر منهم ليومه ولا يعد... " (* 3). كما يعارضها أيضا مرسل القمي. لكن لم يعرف القائل بهما. وفي كشف اللثام: حمل الاول على كون قوت السبعة قيمة الدينار. وهو بعيد. (2) هذا هو المتيقن من النصوص. وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض: 7 (* 2) مستدرك الوسائل باب: 23 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب الكفارات حديث: 2

 

===============

 

( 326 )

 

[ والامة والدائمة والمنقطعة. وإذا كانت مملوكة للواطئ فكفارته ثلاثة أمداد من طعام (1)، يتصدق بها على ثلاثة مساكين ] الاقسام المذكورة في المتن. (1) كما عن الفقيه والمقنعة والانتصار والنهاية والسرائر وغيرها، وعن السرائر: نفي الخلاف فيه، وعن الانتصار: الاجماع عليه. وظاهرهم الوجوب ودليله غير ظاهر، وفي الروض قال: " والمستند رواية لا تنهض بصحة المدعى ". نعم في الرضوي: " وإن جامعت أمتك وهي حائض فعليك أن تتصدق بثلاثة أمداد من طعام " (* 1). لكن مجرد الموافقة لفتواهم غير كافية في جبره. ولذلك اختار في المعتبر والمنتهى وجامع المقاصد الاستحباب. وهو في محله - بناء على قاعدة التسامح - بعد قيام الاجماع على انتفاء الكفارة بالدينار ونصفه وربعه. ولحسن عبد الملك بن عمرو: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أتى جاريته وهي طامث. قال (ع): يستغفر الله تعالى ربه. قال عبد الملك: فان الناس يقولون: عليه نصف دينار أو دينار، فقال أبو عبد الله (ع): فليتصدق على عشرة مساكين " (* 2) ودلالته على انتفاء وجوب الكفارة في الامة ظاهرة. وما في ذيله محمول على أفضل الفردين جمعا بينه وبين ما سبق. قال في كشف اللثام: " ومن الغريب استدلال السيد عليه مع الاجماع بأن الصدقة بر وقربة وطاعة لله تعالى فهي داخلة تحت قوله تعالى: (إفعلوا الخير) (* 3) وأمره بالطاعة فيما لا يحصى من الكتاب وظاهر الامر والايجاب، فيقتضي وجوب هذه الصدقة وإنما خرج ما خرج عن هذه الظواهر بدليل، ولا دليل على الخروج هنا.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 3) الحج: 77

 

===============

 

( 327 )

 

[ لكل مسكين مد (1) من غير فرق بين كونها قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد (2)، نعم في المبعضة والمشتركة والمزوجة والمحللة إذا وطئها مالكها إشكال (3)، ولا يبعد إلحاقها بالزوجة في لزوم الدينار أو نصفه أو ربعه. والاحوط الجمع بين الدينار والامداد. ولا كفارة على المرأة (4) وإن كانت مطاوعة. ويشترط في وجوبها العلم والعمد والبلوغ والعقل، ] وهو صريح في الوجوب كظاهر الاكثر ". وجه الاستغراب: أن العمومات المذكورة لا ريب أنها للاستحباب. ولو سلم أنها للوجوب فلا تدل على التخصيص بما ذكر. (1) للاجماع المحكي، وإن كان الرضوي خاليا عن هذا التقييد. وأما حسن عبد الملك فالظاهر منه كون الصدقة بعشرة أمداد. (2) لاطلاق الفتوى والدليل. (3) وجه الاشكال: عدم الدليل فيها بالخصوص، فيكون المرجع فيها الاصل، وإمكان استفادة حكمها من عموم ما دل على أن كفارة الطمث الدينار ونصفه وربعه، خرج منه الامة الموطوءة لمالكها حلالا، فيبقى غيرها داخلا في العموم. هذا ولا يبعد إلحاق الاخيرتين بالامة، لاطلاق دليلها الشامل للامة، وانصرافه عنها بدوي. وإلحاق الاولتين بالزوجة، لما عرفت وسيأتى. (4) بلا خلاف ظاهر. لاختصاص النصوص بالرجل الواطئ، والاصل في المرأة يقتضي العدم، وظاهر المنتهى: الاجماع عليه منا، وفي الروض، الاجماع عليه.

 

===============

 

( 328 )

 

[ فلا كفارة على الصبي ولا المجنون (1) ولا الناسي ولا الجاهل بكونها في الحيض (2)، بل إذا كان جاهلا بالحكم أيضا (3) وهو الحرمة وإن كان أحوط. نعم مع الجهل بوجوب الكفارة بعد العلم بالحرمة لا إشكال في الثبوت (4). (مسألة 6): المراد بأول الحيض ثلثه الاول، وبوسطه ثلثه الثاني (5)، وبآخره الثلث الاخير، فان كان أيام حيضها ستة فكل ثلث يومان، وان كانت سبعة فكل ثلث يومان وثلث يوم، وهكذا. ] (1) لاختصاص الادلة بصورة المعصية المنتفية بالنسبة اليهما، لانتفاء التكليف، لحديث رفع القلم (* 1) وغيره. (2) لان النسيان والجهل عذران في مخالفة التكليف، فيمنعان عن تحقق المعصية. (3) كما هو ظاهر جماعة، حيث اشترطوا في وجوب الكفارة العمد والعلم، منهم: الشيخ في الخلاف، والمحقق في الشرائع، والعلامة في جملة من كتبه، والشهيد في الذكرى، وعن ظاهر الاول: نفي الخلاف فيه. وهو في محله إذا كان مع العذر، أما مع عدمه لكونه عن تقصير فاطلاق الادلة يقتضي ثبوت الكفارة معه، لتحقق المعصية حينئذ. (4) لاطلاق الادلة. (5) كما هو المصرح به في كلام جماعة، وظاهر المشهور. وعن المراسم: " ان الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة " ولازمه أنه إذا كان دمها أربعة أيام فليس هناك وسط ولا آخر، وأنه إذا كان سبعة فليس له آخر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العباداب حديث: 11

 

===============

 

( 329 )

 

[ (مسألة 7): وجوب الكفارة في الوطئ في دبر الحائض غير معلوم (1) لكنه أحوط. (مسألة 8): إذا زنى بحائض أو وطئها شبهة فالاحوط التكفير، بل لا يخلو عن قوة (2). (مسألة 9): إذا خرج حيضها من غير الفرج فوطئها في الفرج الخالي من الدم فالظاهر وجوب الكفارة، ] وعن الراوندي: " ان التثليت بلحاظ أكثر الحيض، فذات الثلاثة ليس لحيضها وسط ولا آخر، وذات الستة ليس لحيضها آخر " ولكنهما ضعيفان لمخالفتهما لظاهر النصوص. (1) لابتنائه على حرمة وطئها في الدبر، وقد تقدم منه الاشكال فيه. لكن عرفت أن الحيض لا يمنع من وطئها فيه إذا كان يجوز ذلك حال الطهر فلا كفارة عليه. (2) كما اختاره في الذكرى والمنتهى، قال في الاول: " لا فرق بين الزوجة والاجنبية، لاطلاق بعض النصوص "، ونحوه في الثاني. وفي جامع المقاصد: " لو وطئ الاجنبية في الحيض زانيا أو لشبهة، فهل تترتب عليه الكفارة وجوبا أو استحبابا أم لا؟ وجهان، منشؤهما عدم النص، وكونه أفحش فيناسبه التغليظ بطريق أولى. وبه صرح في الذكرى، والمصنف (ره) في المنتهى. واحتج له برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " من أتي حائضا " (* 1) حيث علق الحكم على المطلق من غير تقييد فكان كالعام. انتهى. وظاهره الميل إلى الالحاق، وهو في محله. للنص لا للاولوية فانها ممنوعة. ودعوى انصراف النص إلى الزوجة ممنوعة. بل يمكن دعوى ظهور غير ما ذكر في العموم، وان كان مورده الزوجة، لكن الخصوصية ملغاة بقرينة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الحيض حديث: 4 *

 

===============

 

( 330 )

 

[ بخلاف وطئها في محل الخروج (1). (مسألة 10): لا فرق في وجوب الكفارة بين كون المرأة حية أو ميتة (2). (مسألة 11): إدخال بعض الحشفة كاف في ثبوت الكفارة على الاحوط (3). (مسألة 12): إذا وطئها بتخيل أنها أمته فبانت زوجته، عليه كفارة دينار، وبالعكس كفارة الامداد. كما أنه إذا اعتقد كونها في أول الحيض فبان الوسط أو الآخر أو العكس فالمناط الواقع (4). ] مناسبة الحكم والموضوع. ومن ذلك يظهر ضعف التردد في الالحاق - كما في الروض - فضلا عن الجزم بعدمه. (1) لما تقدم من حرمة الوطئ في الاول دون الثاني، والكفارة تابعة للحرمة وجودا وعدما. (2) لاستصحاب حرمة الوطئ إلى حال الموت، لبقاء الموضوع عرفا فإذا ثبتت الحرمة ثبتت الكفارة لانها تابعة لها. اللهم إلا أن يقال: ان التبعية لها في حال الحياة لا تقتضي التبعية لها في حال الممات، إلا بناء على الاستصحاب التعليقي، وهو محل إشكال أشرنا إليه في مبحث العصير من مباحث النجاسات وكون حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا غير ظاهر فيما نحن فيه. (3) لما سبق من الاشكال فيه. (4) لكونه ظاهر الدليل كسائر موضوعات الاحكام، وبه صرح في كشف الغطاء والجواهر.

 

===============

 

( 331 )

 

[ (مسألة 13): إذا وطئها بتخيل أنها في الحيض فبان الخلاف لا شئ عليه (1). (مسألة 14): لا تسقط الكفارة بالعجز عنها (2)، فمتي تيسرت وجبت. والاحوط الاستغفار (3) مع العجز بدلا عنها ما دام العجز. (مسألة 15): إذا اتفق حيضها حال المقاربة وتعمد في عدم الاخراج وجبت الكفارة (4). (مسألة 16): إذا أخبرت بالحيض أو عدمه يسمع قولها، فإذا وطئها بعد إخبارها بالحيض وجبت الكفارة (5) ] (1) لانتفاء موضوع الكفارة. ولا دليل على اقتضاء التجري ثبوتها. (2) كما هو ظاهر كلماتهم حيث اطلقوا وجوبها بالوطئ، لكن في ذيل رواية داود (* 1): أنها يكفي عنها الصدقة على مسكين، ومع العجز عنه يسقط، ويكفي حينئذ الاستغفار. إلا أنه لضعفه وعدم الجابر له لا مجال للاعتماد عليه. (3) الظاهر أنه لا إشكال في وجوب الاستغفار كما في كل معصية. وأما من حيث البدلية عن الكفارة فالاحوط العمل بما في رواية داود من التصدق على مسكين. (4) لاطلاق الدليل، قال في الروض: " ولو اتفق الحيض في أثناء الوطئ وجب التخلص في الحال، فان استدام فكالمبتدئ ". (5) يعني: وجوبا ظاهريا بمقتضى حجية قولها. نعم مع العلم بالكذب لا مجال لحجيته.

 

 

____________

(* 1) تقدمت في المسألة الخامسة *

 

===============

 

( 332 )

 

[ إلا إذا علم كذبها، بل لا يبعد سماع قولها في كونه أوله أو وسطه أو آخره (1). (مسألة 17): يجوز إعطاء قيمة الدينار (2)، ] (1) فان الجمود على عبارة النص وإن كان يقتضي الاقتصار في الحجية على أصل الحيض لا خصوصيته، لكن دعوى كون المفهوم عرفا منها عموم الحجية لذلك أيضا قريبة. مضافا إلى ما عرفت من حجية أخبار ذي اليد. (2) كما حكاه في كشف اللثام عن الجامع، واستظهره من المقنعة والنهاية والمراسم والمهذب والغنية. لتعذره غالبا، ولسوقه مساق النصف والربع المراد بهما القيمة، لظهور عدم كونهما مضروبين في زمن صدور النصوص، لان الدينار اسم للمسكوك من الذهب وإن كان صغيرا لو فرض وجوده. وفيه: أن التعذر في زمن الصدور ممنوع ضرورة، والتعذر اليوم لا يصلح قرينة كما هو ظاهر. وأن عدم ضرب النصف والربع لا يوجب فهم القيمة، لامكان الصدقة بالكسر المشاع. فالجمود على ظاهر النص - كما في سائر موارد الكفارات - متعين، كما عن كتب العلامة والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم من المحققين المتأخرين، قال في جامع المقاصد: " يعتبر في الدينار كونه خالصا من الغش مضروبا، لانه المتبادر من الاطلاق، فلا يجزي التبر ولا القيمة، لعدم تناول النص لهما، وكما في جميع الكفارات إلا مع التعذر ". اللهم إلا أن يقال: إن الظاهر من نصف الدينار وربعه - بناء على عدم ضربهما كما هو الظاهر - هو المالية الموجودة في مطلق المسكوك - كما عليه بناء المعاملات اليوم - لا الكسر المشاع، فيكون المراد من الدينار ذلك أيضا لبعد التفكيك بين المقامين في المراد. اللهم إلا أن يقال: إذا كانت قرينة السياق مانعة من حمل الدينار على خصوص المسكوك، يدور

 

===============

 

( 333 )

 

[ والمناط قيمة وقت الاداء (1). ] الامر بين حمله على القيمة وحمله على المقدار من الذهب، والثاني أولى، لانه أقرب إلى الحقيقة وإلى الاحتفاظ بخصوصية الذهب، فيكون هو المتعين ولذا قال في المنتهى: " لا فرق بين المضروب والتبر، لتناول الاسم لهما... (إلى أن قال): وفي إخراج القيمة نظر، أقربه عدم الاجزاء لانه كفارة فاختص ببعض أنواع المال كسائر الكفارات ". وهو في محله، وإن كان تعليله بما ذكر موضع نظر، كما عرفت. ثم إن الدينار وإن كان ينطبق على الصغير والكبير لكن المراد منه في المقام خصوص المثقال الشرعي، لانه الموجود في زمان الصدور، بل الظاهر أنه لا خلاف في أن المراد من الدينار ما يكون وزنه مثقالا شرعيا في جميع الموارد التي ذكر فيها الدينار موضوعا للاحكام الشرعية، كما في باب الزكاة والديات وغيرها. ثم إنه لو تعذر الدينار فلا كلام في الاجتزاء بالقيمة، والعمدة فيه الاجماع المذكور، ولو لاه أشكل الحكم، لان قاعدة الميسور على تقدير تماميتها كلية، فاقتضاؤها وجوب القيمة غير واضح لعدم صدق الميسور على القيمة. كما أنه بناء على الاجتزاء بالقيمة اختيارا، فظاهر كلماتهم الاجتزاء بكل قيمة ولو من غير النقدين ولا يختص بالنقد، فان كان إجماعا فهو، وإلا فالاصل يقتضي الاختصاص به، للدوران بين التعيين والتخيير الموجب للاحتياط. (1) لا وقت تشريع الحكم - كما عن جماعة - ولا وقت الوطئ - كما صرح به بعض، معللا بأنه وقت الشغل - لان الظاهر من الدينار بعد حمله على ماليته كون ماليته ملحوظة عنوانا له إلى حين الامتثال، فلا يجوز

 

===============

 

( 334 )

 

[ (مسألة 18): الاحوط إعطاء كفارة الامداد لثلاثة مساكين (1)، وأما كفارة الدينار فيجوز إعطاؤها لمسكين واحد (2)، والاحوط صرفها على ستة أو سبعة مساكين (3) ] أن تنقص عنه، وإن ساوت ماليته بلحاظ وقت آخر. وحمله على أنه ملحوظ مرآة للقيمة المحدودة وقت التشريع أو الوطئ خلاف الظاهر. نعم إذا قلنا بأن الواجب بالاصل الدينار، والانتقال إلى القيمة مشروط بالتعذر فان قلنا بأن القيمة واجبة بنفسها في الذمة، وتردد الامر بين الوجوه الثلاثة المذكورة، فلاجل إجمال الدليل على وجوب القيمة لانحصاره بالاجماع، فمع التردد بين الاقل والاكثر يكون مقتضي الاصل البناء على الاقل، وهو أقل القيم الثلاث. وإن قلنا بأن القيمة مسقطة للواجب وهو الدينار، يكون مقتضى الاصل البناء على الاكثر، لاصالة عدم السقوط إلا بالاكثر. (1) لما عرفت من الاجماع المدعى، وإن كان الرضوي (* 1) خاليا عنه. (2) بلا خلاف أجده كما في الجواهر، وعن جماعة: التصريح به - تبعا للروض - لاطلاق الدليل. (3) أما الاحتياط في السبعة فلحسن الحلبي المتقدم. لكن ينبغي حينئذ أن يكون مقدار ما يكفي لكل منهم قوت يومه، كما قيد به فيه. وأما الاحتياط بالستة فلم أقف على وجهه، ولذا لم يتعرض له في النجاة، وإنما ذكر فيها العشرة مضافا إلى السبعة، لحسن عبد الملك المتقدم (* 2). هذا ولا يخفى ضعف الاحتياط المذكور، لاختصاص النصوص بالامة، ولم يقل أحد بالتعدي منها إلى الزوجة.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكره عند الكلام في مقدار الكفارة. (* 2) ص: 326

 

===============

 

( 335 )

 

[ (مسألة 19): إذا وطئها في الثلث الاول والثاني والثالث فعليه الدينار ونصفه وربعه (1)، وإذا كرر الوطئ في كل ثلث فان كان بعد التكفير وجب التكرار (2)، وإلا فكذلك أيضا على الاحوط. ] (1) بلا خلاف ظاهر، أخذا باطلاق الدليل في الجميع (2) على المشهور، بل استبعد شيخنا الاعظم (ره) وجود الخلاف فيه بعد أن حكى عن ظاهر الوحيد وجوده. لكن لو قيل فيما يأتي بالتداخل لاجل التداخل في السبب كان اللازم القول به هنا، وعدم وجوب التكرار. نعم لو قيل بالتداخل لاجل التداخل في الامتثال لم يمكن القول به هنا، لامتناع امتثال التكليف اللاحق بالفعل السابق، فتأمل. فالعمدة في وجوب التكرار - هنا وفيما يأتي - أصالة عدم التداخل، الراجعة إلى ظهور أدلة السببية في كون كل فرد سببا للجزاء، فتدل على تعدد الجزاء بتعدد أفراد السبب. والبناء على الاكتفاء بالمسبب الواحد، إن كان راجعا إلى الاكتفاء عن المسببات المتعددة بوجود واحد، المعبر عنه بالتداخل في المسبب أو في الامتثال، فهو وإن كان مقتضى إطلاق الجزاء، لكنه خلاف ظاهر الشرطية في كون كل فرد يقتضي جزاء مستقلا، وإن كان راجعا إلى إنكار سببية الوجود الثاني للسبب فهو خلاف الاطلاق. وما في طهارة شيخنا الاعظم (ره) من أن مقتضى الاطلاق كون السببية ثابتة لنفس الطبيعة من غير نظر إلى الافراد، والطبيعة كما تتحقق بالفرد الواحد تتحقق بالافراد المتعددة. فكأنه قال: من وطئ حائضا مرة أو مرتين أو أزيد فعليه كذا، فكما يكون الفرد سببا لانه طبيعة تكون الافراد المتعددة كذلك، إذ لا فرق بين الفرد والافراد بلحاظ نفس الطبيعة.

 

===============

 

( 336 )

 

[ (مسألة 20): ألحق بعضهم النفساء بالحائض في وجوب الكفارة (1)، ولا دليل عليه (2). ] فيه: أنه إنما يتم لو كان مقتضى الاطلاق كون الوطئ ملحوظا بنحو صرف الوجود بمعنى خرق العدم، إذ هو إنما ينطبق على الوجود الاول، إذ الوجود الثاني وجود بعد الوجود لا وجود بعد العدم، فإذا لم ينطبق على الوجود الثاني لم تدل القضية على سببيته. لكن الظاهر في كلية أدلة السببية كون الموضوع فيها ملحوظا بنحو الطبيعة السارية، بقرينة كون المرتكز في الذهن أن السببية من لوازم الماهية التي لا تختص بوجود دون وجود، كما هو كذلك في كلية الاسباب الحقيقة الخارجية، فيجب العمل عليه إلا أن تكون قرينة على خلافه. مضافا - في خصوص المقام - إلى أن الكفارة من تبعات المعصية التي لا فرق في تحققها بين الوطئ الاول والثاني. وتمام الكلام في المقام موكول إلى محله في الاصول. (1) بل نسب إلى ظاهر الاصحاب، وفي التذكرة: " لا نعلم في ذلك خلافا ". (2) قيل: " إن دليله عموم النص والفتوى: أن النفساء كالحائض ". وعموم الفتوى وإن كان محققا إلا أن عموم النص لا يخلو من إشكال، إذ لم نقف على هذا العموم غير قوله (ع) في صحيح زرارة في الحائض: " تصنع مثل النفساء سواء " (* 1). وهو - مع أن مورده خصوص أحكام الاستحاضة - إنما يدل على إلحاق الحائض بالنفساء لا العكس. وأما خبر مقرن عن أبي عبد الله (ع): " سأل سلمان (رض) عليا (ع) عن رزق الولد في بطن أمه فقال (ع): إن الله - تبارك وتعالى - حبس عليها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 5

 

===============

 

( 337 )

 

[ نعم لا إشكال في حرمة وطئها. (التاسع): بطلان طلاقها (1) وظهارها (2) إذا كانت مدخولا بها (3) ] الحيضية فجعلها رزقه في بطن أمه " (* 1) فظاهره بيان قضية خارجية لا تشريعية، فلا مجال للاستدلال به فيما نحن فيه، وإن كان هو ظاهر التذكرة وغيرها. فالعمدة عموم الفتوى. لكن في بلوغه حد الاجماع تأمل وسيأتي إن شاء الله في النفاس بعض ماله دخل في المقام. فانتظر. (1) إجماعا. للنصوص الكثيرة الدالة عليه، كموثق اليسع عن أبي جعفر (ع): " لاطلاق إلا على طهر " (* 2)، ونحوه غيره. (2) إجماعا. ففي صحيح زرارة عنه (ع): " كيف الظهار؟ فقال (ع): يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع... " (* 3) ونحوه غيره. (3) إجماعا. لان غير المدخول بها معدودة في الخمس اللاتي يطلقن على كل حال حسب ما استفاضت به النصوص، ففي صحيح إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع): " خمس يطلقن على كل حال: المستبين حملها، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي قد جلست من الحيض " (* 4) ونحوه غيره، وبينها وبين ما دل على اشتراط الطهر وإن كان عموم من وجه، لكنها مقدمة عليه، لسوقها مساق الحاكم. ومنه يظهر وجه اعتبار حضور زوجها، وأن لا تكون حاملا، فان الحامل والغائب عنها زوجها معدودتان في الخمس في النصوص المذكورة. نعم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 13 (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب شرائط الطلاق حديث: 3 (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 25 من أبواب شرائط الطلاق حديث: 1

 

===============

 

( 338 )

 

[ ولو دبرا (1) وكان زوجها حاضرا أو في حكم الحاضر (2) ولم تكن حاملا، فلو لم تكن مدخولا بها أو كان زوجها غائبا أو في حكم الغائب بأن لم يكن متمكنا من استعلام حالها (3) أو كانت حاملا يصح طلاقها. والمراد بكونه في حكم الحاضر أن يكون مع غيبته متمكنا من استعلام حالها. (مسالة 21): إذا كان الزوج غائبا ووكل حاضرا متمكنا من استعلام حالها لا يجوز له طلاقها في حال الحيض (4). ] لا بد في جواز طلاق الغائب من مضي مدة شهر أو ثلاثة أشهر على اختلاف النصوص والفتوى، أو بمقدار ما يعلم انتقالها من طهر المواقعة إلى غيره. والكلام في ذلك موكول إلى محله. (1) لانه أحد المأتيين فتشمله أدلة الدخول. (2) فانه لا يصح طلاقها حينئذ، لاختصاص أدلة استثناء الغائب بمن لا يتمكن من العلم - ولو بملاحظة صحيح ابن الحجاج الآتي - فيرجع في المتمكن منه إلى عموم ما دل على اعتبار الطهر. (3) في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها وهي في منزل أهلها، وقد أراد أن يطلقها، وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت، ولا يعلم طهرها إذا طهرت. قال: فقال (ع): هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالاهلة والشهور... ". (* 1) (4) لاختصاص نصوص الجواز بغير هذه الصورة، فالمرجع فيها عموم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب شرائط الطلاق حديث: 1

 

===============

 

( 339 )

 

[ (مسألة 22): لو طلقها باعتقاد أنها طاهرة فبانت حائضا بطل، وبالعكس صح (1). (مسألة 23): لا فرق في بطلان طلاق الحائض بين أن يكون حيضها وجدانيا أو بالرجوع إلى التمييز أو التخيير بين الاعداد المذكورة سابقا (2) ولو طلقها في صورة تخييرها قبل اختيارها فاختارت التحيض بطل (3)، ولو اختارت عدمه صح، ولو ماتت قبل الاختيار بطل أيضا (4). ] (1) لظهور الادلة في كون الطهر شرطا واقعيا تدور الصحة مداره وجودا وعدما، ولا أثر للاعتقاد الخطئي. (2) لان ذلك مقتضى دليل الحجية، غاية الامر أنه في الحيض الوجداني يكون البطلان وجدانيا، وفي الحيض التعبدي يكون تعبديا ظاهريا. (3) لان مقتضى صحة اختيارها المتأخر ونفوذه أن يحكم من حين الاختيار بكون الزمان المختار زمان حيض فيحكم بالبطلان. ولا مانع من تأخر زمان الحكم عن زمان المحكوم به، نظير الكشف المشهوري في باب الاجازة. وكون لازمان الماضي خارجا عن محل الابتلاء إنما يقدح لو كان الحكم المتأخر تكليفيا محضا، أما إذا كان وضعيا، أو تكليفيا مشوبا بالوضع - بحيث يترتب على الحكم المتأخر به أثر عملي - فانه لا مانع منه حينئذ. ومنه يظهر وجه الحكم بالصحة لو اختارت عدمه، بأن اختارت زمانا للحيض غير زمان الطلاق (4) لعدم إحراز الشرط لا واقعا ولا ظاهرا تعبدا، لانحصار الحجة بالاختيار، وهو منتف.

 

===============

 

( 340 )

 

[ (مسألة 24): بطلان الطلاق والظهار وحرمة الوطئ ووجوب الكفارة مختصة بحال الحيض (1)، فلو طهرت ولم تغتسل لا تترتب هذه الاحكام، فيصح طلاقها وظهارها ويجوز وطؤها ولا كفارة فيه. وأما الاحكام الاخر (2) المذكورة فهي ثابتة ما لم تغتسل (3). ] (1) ظاهر الروض والمسالك: الاجماع عليه، لان الحائض حقيقة في ذلك، وحمل الحائض على ذات حدث الحيض خلاف الظاهر. مضافا في الاخيرين إلى نصوص الجواز، ونفي الكفارة. (2) يعني الستة الاولى. (3) كما عن المشهور، وظاهر الروض والمسالك: الاجماع عليه. لان ظاهر أدلة الاحكام المذكورة عدا الاولين كونها أحكاما للحدث الخاص، ولو مع انقطاع الدم، كما يشهد به جمع الحائض والجنب في كل منها، فان وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد من الحائض ذات الحدث. ومنه يظهر ضعف ما عن بعض من تقوية عدم وجوب الغسل لها، والاكتفاء في جوازها بانقطاع الدم، لعدم التسمية بعده عرفا ولغة. وعن المدارك: انه غير بعيد، غير أن المشهور أقرب. وأما الاول - أعنى: حرمة العبادة - فان قلنا بكونها ذاتية فلا ينبغي التأمل في اختصاصها بحال الحيض كالاربعة، وإن كان مقتضى بعض أدلتها المنع مع بقاء الحدث، وإن قلنا بكونها تشريعية فعموم المنع ظاهر جدا. وصريح الروض والمسالك: اختصاص الخلاف بالصوم، وأن المشهور إلحاقه بالصلاة في عدم صحته مع الحدث، وأن العلامة في النهاية - تبعا لابن أبي عقيل - اختار صحته مع الحدث. وسيأتي في كتاب الصوم الكلام في ذلك. وأما الثاني - أعني حرمة المس - فقد

 

===============

 

( 341 )

 

[ (العاشر): وجوب الغسل (1) بعد انقطاع الحيض للاعمال الواجبة المشروطة بالطهارة، كالصلاة والطواف والصوم، واستحبابه للاعمال التي يستحب لها الطهارة، وشرطيته للاعمال غير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة. (مسألة 25): غسل الحيض كغسل الجنابة مستحب نفسي (2) ] عرفت الاشكال في ثبوته، لكن على تقدير تمامية أدلته فالظاهر منها كونه حكما للحدث كالجنابة. (1) لانه مقتضى شرطية الطهارة. وكذا ما بعده. (2) أما عدم وجوبه النفسي فهو المعروف، بل عن ظاهر جماعة: الاجماع عليه، قال في جامع المقاصد: " لا خلاف في أن غير الجنابة لا يجب لنفسه "، وقال في الروض: " للاجماع على وجوب هذا الغسل لغيره، وإنما علق الوجوب على الانقطاع لانه وقت تمام السبب، فاطلق الوجوب عند حصوله، وان كان وجوب المسبب معلقا على الشرط، كما تقول: يجب على الحائض القضاء، وإن كان لا يتحقق إلا مع الطهر ". لكن قال في المنتهى: " للنظر فيه مجال، إذ الامر ورد مطلقا بالوجوب ". وعن المدارك: الميل إليه. وقد تقدم في الجنابة ما به يظهر ضعف ذلك فراجع. ثم إن المراد من الاستحباب النفسي ما يقابل الاستحباب للغايات الاختيارية، والظاهر أنه لا مجال للاشكال فيه، لانه طهارة، فيدل على استحبابه ما يدل على استحبابها من الكتاب والسنة، كما أشرنا إلى ذلك في الجنابة. وإن كان المراد منه الاستحباب مع قطع النظر عن كل غاية حتى التوليدية كالكون على الطهارة ففي غاية الاشكال، لعدم الدليل عليه، وقد عرفت أن الامر به محمول على الوجوب الغيري أو الارشاد إلى السببية.

 

===============

 

( 342 )

 

[ وكيفيته مثل غسل الجنابة (1) في الترتيب والارتماس (2) وغيرهما مما مر (3). ] (1) بلا خلاف، وعن كثير: دعوى الاجماع عليه صريحا وظاهرا وعن المدارك: " انه مذهب العلماء كافة "، ويدل عليه موثق الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " غسل الجنابة والحيض واحد " (* 1) ونحوه مرسلا الفقيه والمقنع (* 2). وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " أن الحائض هل عليها غسل مئل غسل الجنابة؟ قال (ع): نعم " (* 3)، مضافا إلى أن ترك بيانه أمارة الاتحاد، كما أشرنا إلى ذلك في بعض المباحث السابقة. (2) لما سبق، لكن في المنتهى: " يجب في الغسل الترتيب وهو مذهب علمائنا أجمع ". ثم استدل عليه بموثق الحلبي المتقدم وغيره، وحكى عليه الاجماع. ولعل مراده الوجوب التخييري، بقرينة دعواه الاجماع، وقوله بعد ذلك: " إن جميع الاحكام المذكورة في غسل الجنابة آتية هنا، لتحقق الوحدة، إلا شيئا واحدا وهو الاكتفاء عن الوضوء فان فيه خلافا ". (3) قد روى محمد بن الفضيل: " سألت أبا الحسن (ع) عن الحائض: كم يكفيها من الماء؟ قال (ع): فرق " (* 4)، وعن أبي عبيدة: الاتفاق على انه - أي: الفرق - ثلاثة أصوع. وحمل على كثرة الشعر والنجاسة، إذ في رواية الصيقل: انها تغتسل بتسعة أرطال (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب الحيض حديث: 3 وملحقه (* 3) الوسائل باب: 23 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 20 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 343 )

 

[ والفرق أن غسل الجنابة لا يحتاج إلى الوضوء (1) بخلافه فانه يجب معه الوضوء (2) ] ثم إنه بناء على انتقاض غسل الجنابة بالحدث الاصغر - لمرسل حريز (* 1) الظاهر في المانعية - يجب البناء عليه هنا، لما تقدم من اتفاق النص والفتوى على الاتحاد، وإن كان البناء على انتقاضه من جهة كونه رافعا للاصغر، بالبناء عليه هنا غير ظاهر - بناء على وجوب الوضوء - لعدم ثبوت كونه رافعا للاصغر، بل قد يكون الثابت خلافه. وأدلة الاتحاد لا مجال لها هنا، إذ الفرق إنما هو في وجوب الوضوء معه وعدمه، ولا بد من الخروج عنها بالاضافة إليه، بل يمكن المنع عن تعرضها لذلك لظهورها في الاتحاد في الكيفية لا غير، ولذا لا تصلح أدلة الاتحاد لنفي اعتبار الوضوء هنا، (1) كما تقدم. (2) وفي المعتبر والذكرى: نسبته إلى الاكثر، بل هو المشهور شهرة عظيمة، وعن أمالي الصدوق: " من دين الامامية الاقرار بأن في كل غسل وضوء في أوله ". ويدل عليه صحيح ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال: " كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة " (* 2). وارساله لا يقدح في العمل به بعد انجباره بالعمل، وكون المرسل له من أصحاب الاجماع ولا يرسل ولا يروي إلا عن ثقة، كما عن الشيخ. ومنه صحيحه الآخر عن حماد بن عثمان أو غيره عن أبي عبد الله (ع) قال: " في كل

 

 

____________

(* 1) لم نقف على حديث لحريز بهذا المضمون كما يظهر ذلك بمراجعة المسألة المذكورة (* 2) الوسائل باب: 35 من أبواب الجنابة حديث: 1

 

===============

 

( 344 )

 

غسل وضوء إلا الجنابة " (* 1)، بل عن المختلف (* 2) وفي الذكرى (* 3): روايته عن حماد بعينه، فيدخل في قسم الصحيح. وخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول (ع): " إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ ثم (و. خ ل) اغتسل " (* 4). لكن الاولين - مع أن أولهما متروك الظاهر، كما سيأتي - غير ظاهرين في الوجوب ظهورا يعتد به، فلا يبعد حملهما على مجرد المشروعية في قبال الجنابة. وحال الثالث في ذلك أظهر. لكن مورده من المستحبات التي يحمل فيها الامر بالمقيد على الاستحباب. مضافا إلى أنه مقتضى الجمع بينهما وبين ما دل على نفي الوجوب، كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: " الغسل يجزئ عن الوضوء، وأي وضوء أطهر من الغسل؟ " (* 5). وأجاب عنه المحقق في المعتبر بأن الخبر الاول مفصل، والعمل بالمفصل أولى. وكأنه يريد أن الاول مقيد فيحمل عليه الثاني لانه مطلق. وفيه: أن التعليل في الثاني يجعله آبيا عن التقييد. مع أن الحمل على خصوص الجنابة يلزم منه تخصيص الاكثر. مع أن ذلك لا يتم في موثق عمار. " سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل اغتسل من جنابة أو يوم جمعة أو يوم عيد، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال (ع): لا، ليس عليه قبل ولا بعد، قد أجزأه الغسل والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك، فليس عليها الوضوء

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) ج: 1 ص: 40 (* 3) ص: 24 و 26 (* 4) الوسائل باب: 35 من أبواب الجنابة حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 1

 

===============

 

( 345 )

 

لا قبل ولا بعد، قد أجزأ الغسل " (* 1)، وفي مكاتبة محمد بن عبد الرحمن الهمداني إلى أبي الحسن الثالث (ع): " لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره " (* 2)، وفي مرسل حماد عن رجل عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك، أيجزيه من الوضوء؟ فقال أبو عبد الله (ع): وأي وضوء أطهر من الغسل؟ " (* 3) معتضدا ذلك كله أو مؤيدا بخلو الاخبار الآمرة بالغسل والصلاة على كثرتها، في الحيض وغيره حتى المندوب - كما قيل - عن التعرض للوضوء بوجه. ومثلها ما ورد في التيمم عند فقد الماء، حيث لم يتعرض فيه للتعدد. وقد تشهد له أيضا نصوص التداخل، حيث دلت على إجزاء بعضها عن بعض مطلقا، بلا إشارة إلى الوضوء فيها. ولاجل ذلك اختار قوم أخرون - منهم: السيد المرتضى (ره) - إجزاء الغسل ولو كان مندوبا عن الوضوء، كما حكاه في المعتبر، وتبعهم عليه جماعة من متأخري المتأخرين، كالاردبيلي وأصحاب المدارك والذخيرة والمفاتيح والحدائق والوسائل، على ما حكي عن بعضهم. ولا بأس به لولا مخالفة المشهور، وإن كان بعض عباراتهم - كعبارة الامالي المتقدمة - لا تأبى الحمل على مجرد المشروعية، بل لعله المتعين بناء على ما يأتي. وبالجملة: الجمع العرفي يقتضي حمل الاخبار الاول على مجرد ثبوت المشروعية، ومخالفة المشهور لا تقدح بعد ما لم تقدح في حجية الاخبار الثانية ولا سيما بعد تأيدها بما عرفت من خلو الاخبار الكثيرة في الابواب المتفرقة عن التعرض للوضوء على نحو يحصل الاطمئنان بعدم وجوبه، وأن الشارع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 4

 

===============

 

( 346 )

 

[ قبله أو بعده (1) ] شرع طهارتين - وضوءا وغسلا - يجزئ كل منهما في كل موضع يشرع فيه من دون حاجة إلى ضم الآخر. بل يعضدها النصوص المتضمنة انتقاض الاغسال المستحبة للفعل - كالاحرام، ودخول مكة، والزيارة - بالنوم أو مطلق الحدث (* 1) فانها لو لم تكن رافعة للحدث لم تنتقض به. (1) كما هو المشهور، بل عن ظاهر محكى السرائر: نفي الخلاف في عدم وجوب التقديم، فضلا عن اشتراط صحة الغسل به، وفي الرياض عن بعض مشايخه: نفي الخلاف في عدم الشرطية. لكن ظاهر الصدوقين والمفيد والحلبيين وغيرهم: وجوب التقديم وشرطيته، كما هو ظاهر الصحيح الاول المعتضد باطلاق روايتي عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (ع) (* 2) وصحيح سليمان بن خالد عن أبي جعفر (ع): " الوضوء بعد الغسل بدعة " (* 3). وفي المعتبر: أن ذلك مروي بعدة طرق (* 4)، فيجب لاجله رفع اليد عن إطلاق الصحيح الثاني، لولا ما عرفت من نفي الخلاف في عدمه، إلا أن يعارض بما في الذكرى من أن إيجاب التقديم أشهر. ويساعده محكى الامالي المتقدم، وما عن الغنية من الاجماع عليه، وحينئذ فرفع اليد عن ظاهر ما دل على شرطية التقديم مشكل جدا. اللهم إلا أن يقال: إن الصحيح الاول مع الصحيح الثاني واحد، وحينئذ لم يثبت وجود القيد فيه لاختلاف النقل، فالمرجع أصل البراءة من وجوب التقديم. وخبر

 

 

____________

(* 1) تقدم التعرض لذلك في المسألة العاشرة من فصل مستحبات غسل الجنابة. من هذا المجلد ويأتي تفصيله في الاغسال المسنونة في المجلد الرابع. (* 2) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 6 (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 9 (* 4) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 10

 

===============

 

( 347 )

 

[ أو بينه (1) إذا كان ترتيبيا، والافضل في جميع الاغسال (2) جعل الوضوء قبلها. (مسألة 26) إذا اغتسل جاز لها كل ما حرم عليها بسبب الحيض (3) وإن لم تتوضأ، فالوضوء ليس شرطا في صحة الغسل، بل يجب لما يشترط به كالصلاة ونحوها. ] ابن يقطين قد اختلفت النسخ فيه. وفيه: أن دعوى الاتحاد غير ظاهرة، لاختلاف المتنين من غير هذه الجهة، فيجب البناء على التعدد والتقييد. اللهم إلا أن يكون الاختلاف من باب النقل بالمعنى. نعم البناء على وحدة الصحيحين خلاف الاصل، وحينئذ يتعين التقييد. (1) كما عن غير واحد: التنصيص عليه، منهم: جامع المقاصد، بل قال: " ما يفهم من القواعد من عدم جواز تخلل الوضوء ليس بمراد ". ولا بأس به بناء على العمل بالاطلاق، بل لعله أولى من التأخير، لسلامته من شبهة البدعة. بل لعله أولى من التقديم أيضا لمخالفته لمرسل نوادر الحكمة " ان الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة " (* 1). (2) كما عن جمع. منهم: الشيخ في المبسوط والنهاية. حملا للصحيح الاول على الندب. (3) وفي الجواهر: " بلا إشكال في ذلك بحسب الظاهر " وعلله: بظهور الادلة في استباحة ذلك كله بمجرد الغسل، فهي به تكون كغير الحائض غير المتوضئة. ولكنه غير خال عن الاشكال، فان نصوص وجوب الوضوء ظاهرة في شرطيته للغسل بنحو لا يترتب عليه أثر بدونه. فدعوى انه ليس شرطا في حصول الطهارة من الاكبر، وإنما يكون شرطا في حصول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب الجنابة حديث: 5

 

===============

 

( 348 )

 

[ (مسألة 27): إذا تعذر الغسل تتيمم بدلا عنه (1)، ] الطهارة من الاكبر والاصغر، مخالفة لذلك الظهور. كما أن نفيه للاشكال في ذلك مناف لما حكاه عن المدارك والذكرى من مدخلية الوضوء في تحقق غايات الغسل. اللهم إلا أن يكون مراده نفي الاشكال عنده. وكذا ما في جامع المقاصد، حيث أنه - بعد ما نقل عن الذكرى: استبعاد كون كل من الطهارتين تستقل برفع أحد الحدثين - قال: " لا ريب في ضعف القول بالتشريك ". هذا ولكن الانصاف أن ما تقدم وإن كان مقتضى الجمود على ظاهر النصوص، إلا أن مقتضى ملاحظة مرتكزات المتشرعة - وما يظهر بعد التأمل في نصوص الطهارة المائية - كون كل من الوضوء والغسل طهارة في نفسه، يترتب عليه أثره بمجرد وجوده، فلا يكون حال الحائض بعد الغسل أو الوضوء قبل فعل الآخر كحالها قبل فعلهما معا، بل إذا فعلت أحدهما كانت على مرتبة من الطهارة وإذا فعلت الآخر كانت على مرتبة أخرى، وحينئذ فإذا اغتسلت أمكن لها ارتكاب الغايات غير الموقوفة على الوضوء. وما ذكره العلمان المذكوران (قدهما) من نفي الريب والاشكال - مضافا إلى ظهور الاتفاق على عدم الحاجة إلى الوضوء أصلا، فيما لو كان على المكلف أغسال متعددة ونوى الجنابة، وعلى الاكتفاء بوضوء واحد لو بني على عدم التداخل، كما في بعض الفروض المذكورة في تلك المسألة - مما يوجب زيادة الاطمئنان بما ذكرنا. فلاحظ. (1) كما عن الذكرى والموجز وغيرهما، بل في الجواهر: " لا أجد فيه خلافا ولا ترددا مما عدا الاستاذ في كشف الغطاء، فلم يجوز الوضوء بل يمكن تحصيل الاجماع عليه بملاحظة كلامهم في باب التيمم "، قال في

 

===============

 

( 349 )

 

[ وإن تعذر الوضوء أيضا تتيمم، وإن كان الماء بقدر أحدهما تقدم الغسل (1). ] كشف الغطاء: " لو وجد من الماء ما يكفي الوضوء فقط تيمم عنهما تيممين وبطل حكم الماء على الاصح، وإن وجد من الماء ما يكفي الغسل اغتسل وتيمم للوضوء دون العكس " وتبعه في وجوب التيممين في الفرض الاول ولده في شرح البغية، على ما حكي عنه. وكأنه لم يعهد ارتفاع الاصغر وبقاء الاكبر، والتيمم عن الغسل لا يرفع الاكبر فلا يكون الوضوء رافعا للاصغر، فلما امتنع أن يكون رافعا للاصغر بطل ويتعين التيمم بدلا عنه، وليس كذلك الحال لو أمكن الغسل - كما في الفرض - فانه يمكن ارتفاع الاكبر وبقاء الاصغر، فيمكن الغسل والتيمم بدلا عن الوضوء. هذا ولكن عدم المعهودية لا يوجب تقييد إطلاق الامر بالوضوء كما لا يخفى. نعم لو قلنا بالاشتراك في التأثير تعين البناء على لزوم التيمم في الفرضين معا، لامتناع الرفع في أحد الامرين من الوضوء والغسل المنضم إلى التيمم بدلا عن الآخر. إلا أن يقال: إن هذا أيضا مناف لاطلاق الامر بالوضوء والغسل، إذ لا مانع عقلا من التبعيض في الرافعية. بل لو قلنا بأن التيمم رافع أيضا رفعا ناقصا - كما هو التحقيق - فالحكم أوضح وأسهل. (1) لاهميته، ولذا يتوقف عليه كل ما يتوقف على الوضوء ولا عكس. لا أقل من احتمال الاهمية الموجب للتقديم في نظر العقل. وتقدم الوضوء زمانا لا يقتضي ترجيحه على الغسل، كما تحقق في محله. وسيأتي إن شاء الله تعالى التعرض لذلك في مبحث القيام من كتاب الصلاة.

 

===============

 

( 350 )

 

[ (مسألة 28): جواز وطئها لا يتوقف على الغسل (1). ] (1) إجماعا في الجملة، كما عن الانتصار والخلاف والغنية وظاهر التبيان ومجمع البيان وأحكام الراوندي والسرائر وشرح المفاتيح. ويدل عليه - مضافا إلى عموم ما دل على جواز وطئ الزوجة والمملوكة المانع من جريان استصحاب الحرمة الثابتة قبل النقاء - موثق ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء " (* 1) ونحوه مرسل ابن المغيرة عن علي بن يقطين عنه (ع) (* 2)، وموثق علي بن بقطين عن أبي الحسن (ع) قال: " سألته عن الحائض ترى الطهر، أيقع بها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال (ع): لا بأس وبعد الغسل أحب إلي " (* 3). نعم يعارضها موثق سعيد بن يسار عن أبي عبد الله (ع) قال: " قلت له: المرأة تحرم عليها الصلاة ثم تطهر فتتوضأ من غير أن تغتسل، أفلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال (ع): لا، حتى تغتسل). ونحوه موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) (* 5)، لكنهما محمولان على الكراهة جمعا عرفيا، كما يشير إليه ذيل موثق ابن يقطين، والتعبير ب‍ " لا يصلح " في بعض فقرات موثق أبي بصير. وعن الصدوق في الفقيه والهداية والمقنع: المنع قبل الغسل. لكن ذكر فيها بعد ذلك أنه إن كان زوجها شبقا أو مستعجلا وأراد وطأها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ثم يجامعها. انتهى. وظاهره الكراهة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 3) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 5 (* 4) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 7 (* 5) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 6

 

===============

 

( 351 )

 

لكن حكى عنه الاكثر القول بالمنع مطلقا، وفي المختلف عنه القول بالمنع، إلا أن يكون قد غلبته الشهوة فيأمرها بغسل فرجها ويطؤها، كما يشير إلى ذلك صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " في المرأة ينقطع عنها الدم - دم الحيض - في آخر أيامها. قال (ع): إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها إن شاء قبل أن تغتسل " (* 1). وموثق إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا ابراهيم (ع) عن رجل يكون معه أهله في السفر فلا يجد الماء، يأتي أهله؟ فقال (ع): ما أحب أن يفعل ذلك إلا أن يكون شبقا أؤ يخاف على نفسه " (* 2). لكنهما لا يصلحان للجمع بين النصوص المتقدمة، بان تحمل الاولى منها على صورة الشبق والخوف على النفس، والاخيرة على غير ذلك، لبعد تقييد الاول بالشبق والخوف المذكورين، ولا سيما بملاحظة قوله (ع) في الموثق الاول: " إن شاء " فيتعين الحمل على خفة الكراهة أو انتفائها معهما، كما يشير إليه قوله (ع) في الموثق: " ما أحب... ". مع أن موثق اسحاق غير ظاهر فيما نحن فيه. وأما قوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فاتوهن...) (* 3) فعلى قراءة " يطهرن " بالتشديد يكون دليلا على المنع، لظهور التطهر في الغسل، وحينئذ يجب الخروج عن ظاهره بما عرفت، وعلى قرأءة التخفيف يتعارض الصدر والذيل، لظهور الطهارة في النقاء، وكما يمكن التصرف في الاول بحمل الطهارة على الغسل يمكن في الثاني بحمل التطهر على النقاء

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 3) البقرة: 222

 

===============

 

( 352 )

 

[ لكن يكره قبله ولا يجب غسل فرجها (1) أيضا قبل الوطئ وإن كان أحوط، بل الاحوط ترك الوطئ قبل الغسل. ] أو حمل الامر على الاباحة بالمعنى الاخص المقابل للحرمة والكراهة. والاخير أقرب لما فيه من المحافظة على التعليل بالاذى المختص بالدم وعلى اختلاف معنيي الفعل المجعول غاية والمجعول شرطا في الجملة الثانية الذي يشهد به اختلافهما في الهيئة. نعم الاقرب من ذلك كله تقييد إطلاق الغاية بمفهوم الشرطية، ويتعين حينئذ الخروج عن ظاهرها بما عرفت من النصوص، فيتعين حمل الامر على الاباحة بالمعنى الاخص. (1) كما عن الفاضلين والشهيدين، وفي الروض: نسبته إلى اكثر المجوزين، وعن شرح المفاتيح: نسبته إلى المشهور، للاصل مع عدم الدليل عليه. وما في صحيح ابن مسلم المتقدم - من الامر بأمرها بغسل الفرج - قيل: محمول على الاستحباب بقرينة خلو غيره من النصوص عنه. وفيه: أن مجرد ذلك غير كاف في رفع اليد عن ظاهره من الوجوب، ولذا قيل به، كما هو ظاهر أكثر كتب القدماء والمتأخرين - كما في مفتاح الكرامة - بل نسب إلى ظاهر الاكثر. اللهم إلا أن يقال: قوله (ع): " فليأمرها... "، إنما يكون ظاهرا في الوجوب لو كان من قبيل الامر بالتبليغ كي يكون الامر شرعيا لكنه غير ظاهر، نظير أمر الولي الصبي بالعبادات. نعم يدل على الرجحان وهو أعم من الوجوب، مضافا إلى أن الحكم المشروط في الصحيح بغسل الفرج هو المشروط بشبق الزوج، وقد عرفت أنه الجواز. بلا كراهة، أو مع خفتها. وحينئذ فلا يصلح من هذه الجهة لتقييد المطلقات. ومنه يظهر الاشكال في الاستدلال على ذلك برواية أبي عبيدة قال:

 

===============

 

( 353 )

 

[ (مسألة 29): ماء غسل الزوجة والامة على الزوج والسيد على الاقوى (1). (مسألة 30): إذا تيممت بدل الغسل ثم أحدثت بالاصغر لا يبطل تيممها (2) بل هو باق إلى أن تتمكن من الغسل (الحادي عشر): وجوب قضاء ما فات في حال الحيض من صوم شهر رمضان وغيره (3) ] " سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة الحائض ترى الطهر في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها، وقد حضرت الصلاة. قال (ع) إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فلتغسله ثم تتيمم وتصلي. قلت: فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال (ع): نعم إذا غسلت فرجها وتيممت فلا بأس " (* 1). وأما ما عن الجامع - من اشتراط الجواز به وبالوضوء معا. وما عن التبيان ومجمع البيان وأحكام الراوندي من اشتراطه بأحدهما تخييرا - فليس له دليل ظاهر. والله سبحانه أعلم. (1) تقدم الكلام فيه في غسل الجنابة. (2) لانه مقتضى البدلية، فكما لا يبطل غسلها به لا يبطل ما هو بدل عنه، وسيأتي - إن شاء الله - الكلام فيه في مبحث التيمم. (3) أما الاول فالاجماع عليه مستفيض النقل، بل في المعتبر: انه مذهب فقهاء الاسلام، ونحوه في السرائر. ويدل عليه النصوص الخاصة به، مثل مصحح زرارة قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصيام. قال (ع): ليس عليها أن تقضي الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان " (* 2)، والنصوص المطلقة، فانه القدر المتيقن منها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 354 )

 

وأما غيره ففي وجوب قضاءه وعدمه قولان، والتحقيق: أنه إن ثبت عموم يقتضي وجوب قضاء ما فات من الصوم فلا إشكال في اقتضائه القضاء عليها وإلا ففي صلاحية ما دل على أنها تقضي الصوم لاثبات وجوب قضائه عليها إشكال، لقرب دعوى انصرافه إلى خصوص صوم رمضان، كما هو مقتضى التعليل في بعضه. كرواية أبي بصير " ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الطلاة؟ قال (ع): لان الصوم إنما هو في السنة شهر والصلاة في كل يوم... " (* 1)، ونحوها حسن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) (* 2) ولو بني على الخدش في ذلك بدعوى: أن التأمل في التعليل يقتضي كونه من قبيل الحكمة لا العلة التي يدور الحكم مدارها. وبأن الانصراف بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق ممنوع، ولذا لم يدعه أحد في مثل المقام من نصوص منع الحائض عن الصلاة والصيام، مع أن سوقها سوق نصوص المقام، بل بعض النصوص تعرض للحكمين معا، كرواية الفضل عن الرضا (ع) في كتابه إلى المأمون: " والحائض تترك الصلاة ولا تقضي، وتترك الصوم وتقضي " (* 3) - فلا أقل من دعوى كون النصوص المذكورة ليست واردة في مقام تشريع قضاء الصوم على الحائض كي يصح التمسك باطلاقها، بل واردة في مقام بيان أن الفوات بالحيض كالفوات بغيره مما يوجب القضاء فلا إطلاق فيها يقتضي الوجوب مطلقا، وإن لم يجب قضاء ذلك الصوم لو فات بغير الحيض، فلابد من إحراز. وجوب القضاء لو فات بغير الحيض من دليل آخر. ويأتي - إن شاء الله - في كتاب الصوم التعرض لذلك. هذا كله في الصوم الموقت، أما غيره فلا إشكال في وجوب فعله،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 12 (* 2) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 8 (* 3) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 9

 

===============

 

( 355 )

 

[ من الصيام الواجب (1) وأما الصلوات اليومية فليس عليها قضاؤها (2)، بخلاف غير اليومية مثل الطواف والنذر المعين وصلاة الآيات فانه يجب قضاؤها على الاحوط، بل الاقوى (3). ] لدليل وجوبه الاولى. (1) سواء كان موقتا بالاصل كصوم الكفارة لمن نام عن صلاة العشاء بناء على القول بوجوبه، أم بالعارض كما لو نذرت الصوم في ثلاثة أيام في شهر فأخرت الوفاء إلى آخر الشهر فحاضت، أما لو نذرت الصوم يوم الخميس فحاضت فيه أو الصوم في كل خميس فحاضت في بعضها انكشف فساد النذر، لعدم مشروعية المنذور، فلا فوت ولا قضاء. وما في كلام شيخنا الاعظم (ره) - من أنه إذا لم يكن النذر تعلق بذلك الشخصي بل تعلق بنوعه، كما لو نذرت صوم كل خميس فان اتفاق الحيض في بعض الخميسات لا يكشف عن فساد النذر. انتهى - غير ظاهر. نعم إذا كان النذر على نحو تعدد المطلوب يصح في غير ذلك الخميس ويبطل فيه. (2) إجماعا حكاه جماعة، بل عن المعتبر والسرائر: إجماع المسلمين عليه. وتدل عليه النصوص المتواترة مضمونا: كمصحح الحسن بن راشد: " قلت لابي عبد الله (ع): الحائض تقضي الصلاة؟ قال (ع): لا. قلت: تقضي الصوم: قال (ع): نعم. قلت: من أين جاء هذا؟ قال (ع): إن أول من قاس إبليس " وصحيح الحلبي عنه (ع): " كن نساء النبي صلى الله عليه وآله لا يقضين الصلاة إذا حضن " (* 2). (3) أما في صلاة الطواف فلان الظاهر أنها ليست من الموقت الذي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 6

 

===============

 

( 356 )

 

[ (مسألة 31): إذا حاضت بعد دخول الوقت فان كان مضى منه مقدار أداء أقل الواجب من صلاتها بحسب حالها من السرعة والبطء والصحة والمرض والسفر والحضر وتحصيل الشرائط بحسب تكليفها الفعلي من الوضوء أو الغسل أو التيمم وغيرها من سائر الشرائط غير الحاصلة ولم تصل وجب عليها قضاء تلك الصلاة (1) ] يفوت بفوات وقته، فلا تشملها أدلة نفي القضاء، بل يجب فعلها عملا بأدلة وجوبها. وأما النذر المعين في وقت صادف الحيض فقد عرفت أن ذلك كاشف عن فساده. وأما المعين في وقت موسع قد أخرت فيه الفعل حتى حاضت فعن جامع المقاصد وجوب القضاء فيه. وهو مبني على تمامية دعوى الانصراف في نصوص نفي القضاء عن الحائض ولو بملاحظة التعليل. لكن عرفت الاشكال فيها، فالبناء على عدم القضاء فيه متعين. اللهم إلا أن يدعى الانصراف إلى صورة انحصار سبب الفوت بالحيض. ومنه يظهر الحال في الموقت من صلاة الآيات، كالكسوفين على ما هو ظاهر المشهور وكذا الزلزلة، ولذا قال في جامع المقاصد: " والظاهر أن الزلزلة لا يجب تداركها كغيرها لانها موقتة ". هذا مضافا إلى ما ذكر فيه من دعوى الاتفاق على عدم وجوب قضاء الصلاة الموقتة، قال (ره): " عدم وجوب قضاء الصلاة الموقتة موضع وفاق بين العلماء، وبه تواترت الاخبار " اللهم إلا أن يقال: دعواه الاجماع مستندة إلى فهم إطلاق كلام الاصحاب، بقرينة دعواه تواتر الاخبار، فان دعوى تواتر الاخبار، بذلك مبنية على فهم عموم منها، أما بناء على عدم التوقيت فيها فاللازم وجوب القضاء، لعدم شمول أدلة نفي القضاء، كما عرفت. (1) إجماعا حكاه غير واحد، ويدل عليه - مضافا إلى عموم قضاء

 

===============

 

( 357 )

 

[ كما أنها لو علمت بمفاجأة الحيض وجب عليها المبادرة إلى الصلاة (1). وفي مواطن التخيير يكفي سعة مقدار القصر (2). ولو أدركت من الوقت أقل مما ذكرنا لا يجب عليها القضاء. ] الفائت - موثق يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله (ع): " في امرأة دخل عليها وقت الصلاة وهي طاهر فأخرت الصلات حتى حاضت. قال (ع): تقضي إذا طهرت " (* 1)، وحسن ابن الحجاج قال: " سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشمس ولم تصل الظهر، هل عليها قضاء تلك الصلاة؟ قال (ع): نعم ": (* 2). والنصوص الدالة على عدم قضاء الصلاة عليها لو فرض شمولها للفرض فهي مقيدة بما ذكر. وأما ما قد يظهر من موثق الفضل بن يونس عن أبي الحسن الاول (ع) - في حديث قال: "... وإذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة اقدام فلتمسك عن الصلاة، فإذا طهرت من الدم فلتقض صلاة الظهر، لان وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهر، فضيعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها " (* 3)، وقريب منه رواية أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) (* 4). فمحمول على ما سبق، أو مطروح لعدم العثور على قائل به، بل في كشف اللثام وعن غيره شدة وضوح وجوب القضاء في فرض المتن. (1) خروجا عن عهدة التكليف. (2) كما عن التذكرة، ونهاية الاحكام، والذكرى، وجامع المقاصد:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 4) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 358 )

 

[ وإن كان الاحوط القضاء إذا أدركت الصلاة مع الطهارة وإن لم تدرك سائر الشرائط (1) ] التصريح به. لعموم قضاء الفائت. وقصور نصوص السقوط عن الحائض عن شموله. (1) بل ظاهر الشرائع والقواعد وغيرهما وجوب القضاء حينئذ، فانهم ذكروا: أنه إذا دخل وقت الصلاة فحاضت وقد مضى من الوقت مقدار أدائها والطهارة وجب عليها القضاء. ولم يتعرضوا لغير الطهارة من الشرائط. بل في كشف اللثام نسبته إلى الاكثر. وكأنه لان ما عدا الطهارة من الشرائط يختص اعتباره بصورة التمكن منها، فإذا فرض عدم التمكن منها كانت الصلاة مع الطهارة بدونها واجبة، فإذا تركتها فقد فاتت ووجب قضاؤها. بل عن الفاضل الهندي في شرح الروضة: أنه إن أوجبنا الطهارة الترابية لضيق الوقت عن الطهارة المائية أمكن اعتبار مقدار التيمم والصلاة. إنتهى بل الظاهر صدق الفوت إذا مضى مقدار أداء نفس الفعل، وإن لم يمكن فعل الطهارة ونحوها من الشرائط المعتبرة في حالي الاختيار والاضطرار لو كانت، لان الاكتفاء بفعلها قبل الوقت كاف في صدق الفوت لا من جهة الحيض فيجب لاجله القضاء. وكأنه لذلك لم يحك عن أحد قبل الفاضلين التعرض في أول الوقت للطهارة، كما اعترف به الفاضل الهندي في شرح الروضة على ما حكي عنه. ومنه ومن خلو كلام من تعرض لاعتبار مقدار الطهارة عن التقييد بالمائية يظهر وهن استظهار الاجماع على اعتبار الطهارة المائية، كما في الجواهر وطهارة شيخنا الاعظم (ره). ودعوى أن ذلك كله يتم بالنظر إلى عموم وجوب قضاء ما فات من الصلاة، لكن يجب الخروج عنه بالنصوص الدالة على عدم قضاء الحائض

 

===============

 

( 359 )

 

ما فاتها من الصلاة بسبب الحيض، الظاهرة في الصلاة بشروطها الاختيارية بعد الوقت. مدفوعة بمنع ذلك، بل الظاهر منها خصوص ما ترك لعدم المشروعية لاجل الحيض، والمفروض أنه لا مانع من مشروعية الصلاة في الفرض، لامكان فعل شرائطها قبل الوقت، فاطلاق ما دل على وجوب قضاء ما فات محكم. بل لعل وجوب القضاء مقتضى إطلاق روايتي ابني يعقوب والحجاج المتقدمتين، لشمولهما لما إذا كان التأخير للاشتغال بالمقدمات. اللهم إلا أن يستفاد سقوط القضاء في ذلك من رواية أبي الورد -: " عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم. قال (ع): تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين، وإن كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين، فلتقم من مسجدها فإذا تطهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب " (* 1)، وموثق سماعة: " عن امرأة صلت من الظهر ركعتين ثم انها طمثت وهي جالسة. فقال (ع): تقوم من مكانها فلا تقضي الركعتين " (* 2). بناء على أن مقدار الركعتين الاختياريتين يساوي مقدار الصلاة الاضطرارية - أو من التعليل بالتضييع والتفريط في روايتي الفضل وأبي عبيدة المتقدمتين. لكن الاول - مع أنه مشتمل على ما لا يمكن القول به - قاصر السند، وهو والموثق قاصرا الدلالة. والتعليل في الخبرين لا مجال للاخذ به، لان مورده صورة خروج الوقت، ولم يقل به أحد كما عرفت. نعم المقدمات التي لا تمكن قبل الوقت ولا تشرع يعتبر في صدق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 4) الوسائل باب: 48 من أبواب الحيض حديث: 6

 

===============

 

( 360 )

 

[ بل ولو أدركت أكثر الصلاة (1)، بل الاحوط قضاء الصلاة ] الفوت لا من قبل الحيض مضي زمان يسعها مع الصلاة، ولا يعتبر ذلك في غيرها مما يمكن فعله قبل الوقت. كما أن الابدال الاضطرارية لم تثبت بدليتها إلا في ظرف مشروعية المبدل منه الاختياري، فإذا فرض عدم مشروعيته لاجل الحيض المانع من وجوده لم تصلح أدلة الابدال الاضطرارية لتشريعها. فالمدار في القضاء لابد أن يكون على إمكان الصلاة الاختيارية فإذا لم تمكن لا قضاء. نعم لما كان تقديم المقدمات قبل الوقت لا ينافي مشروعية الصلاة الاختيارية في الوقت مع ترك التقديم، لا يكون فوات الصلاة الاختيارية مستندا إلى الحيض، بل مستند إلى المكلف، وحينئذ لا وجه لسقوط القضاء. والمتحصل: أنه إذا أمكنت الصلاة الاختيارية ولو من جهة تقديم مقدماتها التي يمكن تقديمها قبل الوقت وجب القضاء، وإلا فلا، وان أمكنت الصلاة الاضطرارية بالتيمم وغيره من الابدال. وما ذكرناه احتمله في محكي نهاية الاحكام، وظاهر من تقدم على الفاضلين ممن اقتصر في وجوب القضاء على التمكن من أداء الصلاة نفسها. ثم إنها لو علمت قبل الوقت بأنها تحيض بعد دخول الوقت بمقدار أداء الصلاة نفسها، وجب عليها المبادرة إلى فعل المقدمات قبل الوقت، فلو تركت أثمت للتفويت اختيارا، ووجب عليها القضاء لما ذكرنا. وإذا ضاق الوقت عن الطهارة المائية لم يشرع لها التيمم لما عرفت، وكذا سائر الابدال الاضطرارية، بل الظاهر ذلك حتى لو كان الماء مفقودا إذا كان الوقت يضيق عن استعماله، لا طراد وجه المنع، وهو عدم الدليل على مشروعيته. (1) فقد حكي عن الفقيه والمقنع وجمل السيد: وجوب القضاء حينئذ

 

===============

 

( 361 )

 

[ إذا حاضت بعد الوقت مطلقا وإن لم تدرك شيئا من الصلاة (1) (مسألة 32): إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت، فان أدركت من الوقت ركعة مع إحراز الشرائط وجب عليها الاداء، وان تركت وجب قضاؤها (2)، وإلا فلا، ] ونسب إلى الاسكافي، وكأن مأخذه خبر أبي الورد المتقدم. لكنه - مع أنه غير ظاهر الدلالة، إذ لم يتعرض فيه لكون شروعها في الصلاة كان أول الوقت - قاصر السند، مخالف لاجماع الخلاف. (1) فقد حكي عن النهاية والوسيلة: القضاء حينئذ، ولم يتضح مأخذه، مع مخالفته لما دل على سقوط القضاء عن الحائض الشامل لما نحن فيه. نعم قد يتوهم أنه مقتضى إطلاق رواية ابن الحجاج المتقدمة، لكنه غير ظاهر. (2) على المشهور، بل عن غير واحد: دعوى الاجماع عليه. لما يأتي في المواقيت - إن شاء الله - من أن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (* 1)، فإذا ثبتت مشروعية الصلاة لها حينئذ وجب القضاء، لما عرفت. وفي مصحح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: " أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة، ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلاة أخرى، كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها، وان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك، فجاز وقت صلاة ودخل وقت صلاة أخرى، فليس عليها قضاء وتصلي الصلاة التي دخل وقتها " (* 2)، وموثق عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في المرأة

 

 

____________

(* 1) يأتي التعرض إلى ذلك في آخر فصل أوقات صلاة اليومية ونوافلها (* 2) الوسائل باب: 49 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 362 )

 

[ وإن كان الاحوط القضاء إذا أدركت ركعة مع الطهارة (1) ] تقوم في وقت الصلاة فلا تقضي طهرها. حتى تفوتها الصلاة ويخرج الوقت، أتقضي الصلاة التي فاتتها؟ قال (ع): إن كانت توانت قضتها وإن كانت دائبة في غسلها فلا تقضي " (* 1)، وعن أبيه (ع) قال: " كانت المرأة من أهلي تطهر من حيضها... " (* 2)، وفي مفتاح الكرامة عن السرائر قال: " إذا طهرت الحائض قبل غروب الشمس في وقت متسع لفعل فرض الظهر والعصر معا والطهارة لهما وجب عليها أداء الصلاتين أو قضاؤهما " وظاهره - كما في مفتاح الكرامة - إعتبار إدراك تمام الفعل في وجوب الاداء والقضاء. وهو في محله بناء على أن إدراك الركعة بدل اضطراري لما عرفت. اللهم إلا أن يقوم إجماع على خلافه كما عرفت. (1) فان ظاهر الشرائع والنافع والقواعد وغيرها: وجوب الاداء، لما دل على أنها تسقط بحال، فيكون حالها حال غيرها ممن لم يدرك من سائر الشرائط عدا الطهارة الذي لا إشكال في وجوب الاداء عليه، فإذا فرض وجوبه وجب القضاء، لما عرفت من عموم قضاء ما فات، واختصاص ما دل على سقوط القضاء عن الحائض بما إذا لم يشرع لها، بل لو توقفنا عن القول بوجوب فعل المقدمات قبل الوقت فلا مجال للتوقف هنا في وجوبها قبل النقاء، إذ بمجرد دخول الوقت يجب عليها الصلاة بعد النقاء بجميع مقدماتها، حتى الاختيارية، فتجب المقدمات قبل النقاء مقدمة للصلاة بعده، فالحيض حينئذ لا يكون مفوتا للصلاة الاختيارية أصلا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 49 من أبواب الحيض حديث: 8 (* 2) الوسائل باب: 49 من أبواب الحيض حديث: 9

 

===============

 

( 363 )

 

[ وإن لم تدرك سائر الشرائط، بل الاحوط القضاء إذا طهرت قبل خروج الوقت مطلقا (1)، وإذا أدركت ركعة مع التيمم ] واحتمال كون الطهر من الحيض كالوقت شرطا للوجوب بعيد جدا. لكن حكي عن الدروس والموجز وجامع المقاصد والروض والروضة والمسالك: العدم، وكأنه لما في رواية عبيد من قوله (ع): " فقامت في تهيئة ذلك " ولعدم صدق التفريط فيها والتواني في موثق الحلبي المنوط بهما القضاء مع الاشتغال بالشرائط الاختيارية. وفيه: أن الظاهر أو المحتمل ارادة الغسل لا غير، فعموم القضاء محكم. نعم إذا لم تتمكن من الطهارة المائية وتمكنت من الطهارة الترابية لم يجب الاداء ولا القضاء كما يأتي. وكذا إذا لم تتمكن من بقية الشرائط الاختيارية قبل الوقت ولا في الوقت. كل ذلك لما عرفت من أن الابدال الاضطرارية إنما تشرع في ظرف مشروعية المبدل منه الاختياري، فإذا كان الحيض مانعا من مشروعيته لم تشرع، فلا يجب الاداء ولا القضاء. وقد أشرنا إلى ما ذكرنا في مبحث الجبائر وغيره من هذا الشرح، فراجع. (1) فقد يقتضي الوجوب حينئذ جملة من النصوص، كخبر منصور ابن حازم عن أبي عبد الله (ع): " قال: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر والعصر، فان طهرت في آخر وقت العصر صلت العصر " (* 1) وخبر الكناني عن أبي عبد الله (ع): قال " إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر والعصر " (* 2)، ونحوهما غيرهما، قال في المعتبر: " ثم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 49 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 2) الوسائل باب: 49 من أبواب الحيض حديث: 7

 

===============

 

( 364 )

 

[ لا يكفي في الوجوب (1) إلا إذا كان وظيفتها التيمم (2) مع قطع النظر عن ضيق الوقت، وإن كان الاحوط الاتيان مع التيمم. وتمامية الركعة بتمامية الذكر من السجدة الثانية (3) ] الذي يتبين من هذه الاحاديث أن المرأة إذا أدرك من وقت الصلاة قدر الغسل والشروع في الصلاة فأخرته حتى دخل وقت أخرى لزمها القضاء. ولو قيل بذلك كان مطابقا لمدلولها ". أقول: مدلولها أعم من ذلك. نعم يطابق مدلولها ما عن النهاية من أنه يلزمها قضاء الفجر إذا طهرت قبل طلوع الشمس على كل حال. لكن عن الخلاف، والمختلف وجامع المقاصد وكشف اللثام، وغيرها: ما هو ظاهر في الاجماع على العدم، ولاجله لا مجال للاخذ بالنصوص لو تمت دلالتها في نفسها ولم يصلح غيرها - مما أنيط فيه القضاء بالتفريط - للحكومة عليها. (1) لما عرفت. ولظهور نصوص المقام في ذلك. فلاحظ. ولاجل ذلك كان الاحتياط الآتي ضعيفا. (2) بناء على ما عرفت - من أن البدل الاضطراري لا يشرع إلا في مقام يكون المبدل منه الاختياري مشروعا لو لا العذر - لا يجدي كون وظيفتها التيمم لو لا الضيق، لان الحيض مانع عن المشروعية مطلقا. نعم يجدي ذلك فيما لو طرأ الحيض بعد دخول الوقت، لان الاضطرار المفروض يسوغ التيمم قبل الوقت ولو لغير غاية الصلاة، فتكون الطهارة ممكنة قبل الوقت كغيرها من المقدمات. (3) كما ذكره الشهيد الثاني في الروضة وغيرها في باب الشك في الركعات. بل لا ينبغي التأمل في دخوله في معنى الركعة، لبعض الادلة غير الجاري هنا، كما يظهر من ملاحظة ذلك المقام من هذا الشرح. نعم

 

===============

 

( 365 )

 

[ لا برفع الرأس منها (1). (مسألة 33): إذا كانت جميع الشرائط حاصلة قبل دخول الوقت يكفي في وجوب المبادرة ووجوب القضاء مضي مقدار أداء الصلاة قبل حدوث الحيض (2)، فاعتبار مضي مقدار تحصيل الشرائط إنما هو على تقدير عدم حصولها. (مسألة 34): إذا ظلنت ضيق الوقت عن إدراك ] ما عن المحقق في الفتاوى البغدادية، وابن طاووس من أنها عبارة عن الركوع - كما هي ذلك لغة، واستعملت فيه في بعض النصوص، مثل ما ورد في صلاة الآيات: أنها عشر ركعات - جار هنا. إلا أنه مندفع في المقامين بشيوع استعمالها في النصوص فيما يشمل السجدتين، بنحو يستكشف منه أنها مراد شرعي من الركعة حقيقة فيه، شرعية أو متشرعية فيجب العمل عليه، ولا سيما في مثل قوله (ع): " فان صلى ركعة من الغداة... " (* 1)، فانه كالصريح في إرادة هذا المعنى. ولا أقل من الشك هنا الموجب للرجوع إلى عموم سقوط القضاء عن الحائض. (1) لان السجود وإن كان جزءا من الركعة إلا أنه ملحوظ بنحو صرف الوجود، فينطبق على أول الوجود ويكون الزائد مستحبا خارجا عن الركعة. مع أنه لو علم كون الفرد الطويل بتمامه واجبا لكون الوجوب تخييريا بين الاقل والاكثر - ولاجل بناء المشهور عليه بنوا على أن الركعة إنما تتم بالرفع لا بالذكر - فلا مجال للبناء عليه هنا، لصدق إدراك الركعة أو صلاة ركعة بمجرد تمام الذكر. (2) لاطلاق أدلة التكليف بالاداء والقضاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب المواقيت حديث: 1 و 3

 

===============

 

( 366 )

 

[ الركعة فتركت ثم بأن السعة وجب عليها القضاء (1). (مسألة 35): إذا شكت في سعة الوقت وعدمها وجبت المبادرة (2). (مسألة 36): إذا علمت أول الوقت بمفاجأة الحيض وجبت المبادرة. بل وإن شكت على الاحوط (3)، وإن لم تبادر وجب عليها القضاء إلا إذا تبين عدم السعة. (مسألة 37): إذا طهرت ولها وقت لاحدى الصلاتين صلت الثانية (4) ] (1) لصدق الفوت واقعا، والظن المنكشف خطأه غير مانع عنه. (2) كأنه لاستصحاب بقاء الوقت. ولا فرق في ذلك بين ما إذا دخل الوقت وهي طاهر وعلمت بطروء الحيض في الاثناء وشكت في تقدمه وتأخره، وبين ما لو طهرت قبل خروج الوقت وشكت في سعة المقدار الباقي. لكن يشكل ذلك فيما إذا علم بمقدار الوقت وكان الشك في مدة العمل، كأن علمت أن الوقت عشر دقائق ولم تدر مقدار الصلاة، وأنه تكفيه العشر دقائق أولا تكفيه، فانه لا مجال لاستصحاب بقاء الوقت، لعدم الشك في مقداره. والشك في بقائه إلى آخر الصلاة ليس شكا في الامتداد كي يجري فيه الاستصحاب. ودعوى لزوم الاحتياط من جهة الشك في القدرة، فيها: أن ذلك إذا علم ثبوت الملاك، وهو في المقام مشكوك. (3) لان الشك يوجب خوف الفوت، ومن القريب كونه طريقا عقلائيا إلى الفوت فيعمل عليه، وإن كان محل تأمل. نعم لا يبعد ذلك مع ظهور امارات الفوت. (4) لكونها صاحبة الوقت، سيأتي - إن شاء الله - في محله.

 

===============

 

( 367 )

 

[ وإذا كان بقدر خمس ركعات صلتهما (1). (مسألة 38): في العشائين إذا أدركت أربع ركعات صلت العشاء فقط (2)، إلا إذا كانت مسافرة ولو في مواطن التخيير فليس لها أن تختار التمام (3) وتترك المغرب. ] (1) كما عن الفاضلين والشهيدين وغيرهم، بل عن الخلاف: الاجماع عليه، بناء على ما تقدم من الاكتفاء في وجوب الاداء بادراك ركعة، وهو حاصل بالنسبة إلى كل من الظهر والعصر، ولا مانع من تأخير العصر عن أول وقتها إذا كان عن عذر وهو أداء الظهر الواجب. وفي المبسوط: " ويستحب لها قضاؤهما إذا طهرت قبل مغيب الشمس بمقدار ما تصلي خمس ركعات "، ونحوه ذكر في العشائين إذا أدركت قبل الفجر مقدار خمس ركعات. وتبعه عليه في المهذب على ما حكي. وعن الفقيه: الوجوب إذا أدرك ستا. وكلاهما غير ظاهر. (2) لخروج وقت المغرب. (3) لئلا يلزم تفويت المغرب. الا أن يقال: باختيارها للتمام يلزم فوات المغرب بخروج وقتها. وفيه: أن الوجوب التخييري المتعلق بصلاة العشاء لما كان له عدلان - قصير وطويل - تعين أن يكون الوقت المنوط بحضوره خروج وقت المغرب وهو وقت القصير، كما في اختلاف العشاء من حيث السور الطويلة والقصيرة. ومنه يظهر أنه لو اختارت التمام بطلت لفوات شرط الترتيب بعد فرض اتساع الوقت للفرضين معا. نعم لو كان اختيار التمام شرطا في تعينها، فبالاختيار يخرج الوجوب التخييري عن كونه كذلك ويكون تعيينيا، ويحصل به خروج وقت الظهر، لكنه ليس كذلك - وان قلنا بأن التخيير ابتدائي - لان المقصود من ذلك تعين التمام بالشروع

 

===============

 

( 368 )

 

[ (مسألة 39): إذا اعتقدت السعة للصلاتين فتبين عدمها وأن وظيفتها إتيان الثانية وجب عيها قضاؤها. وإذا قدمت الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة صحت (1) ووجب عليها إتيان الاولى بعدها، وإن كان التبين بعد خروج الوقت وجب قضاؤها. ] (مسألة 40): إذا طهرت ولها من الوقت مقدار أداء صلاة واحدة والمفروض أن القبلة مشتبهة تأتي بها مخيرة بين الجهات (2)، وإذا كان مقدار صلاتين تأتي بهما كذلك (3) (مسألة 41): يستحب للحائض أن تتنظف وتبدل القطنة والخرقة (4)، ] فيها لا بمجرد الاختيار النفسي. فالفرق بين التخييري الابتدائي وتعين التمام بالاختيار النفسي ظاهر، والانقلاب إنما يكون بالثاني لا بالاول، لان الشروع في الصلاة بقصد التمام فاقد للترتيب، فيبطل كما عرفت. (1) لسقوط شرط الترتيب، لحديث: " لا تعاد... " (* 1) وغيره. (2) كأنه لسقوط اعتبار الاستقبال. لكنه خلاف إطلاق ما دل على وجوب الصلاة إلى أربع جهات. أو لسقوط الاحتياط الواجب عقلا في الشبهة الوجوبية المقرونة بالعلم الاجمالي. لكن لا يدل ذلك على إجزاء المأتي به. وسيأتي - إن شاء الله - في مبحث القبلة تمام الكلام في ذلك. (3) بناء على وجوب المقدار الممكن من الاحتياط عند تعذر التام، للاضطرار إلى مخالفة العلم الاجمالي في بعض الاطراف. وفيه كلام كما ذكرناه في محله من التعليقة. ويأتي الاشكال السابق في إجزاء المأتي به. (4) لم أقف فيما يحضرني على من ذكرهما ولا على مستندهما. نعم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الوضوء حديث: 8

 

===============

 

( 369 )

 

[ وتتوضأ في أوقات الصلاة اليومية (1)، بل كل صلاة موقتة (2)، وتقعد في مصلاها (3) ] أصل الاحتشاء محكي عن النهاية، وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " وكن نساء النبي صلى الله عليه وآله لا يقضين الصلاة إذا حضن، ولكن يتحشين حين يدخل وقت الصلاة ويتوضأن، ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن الله عزوجل " (* 1). (1) على المشهور، بل عن الخلاف: الاجماع عليه. ويدل عليه صحيح الحلبي المتقدم وغيره. وعن علي بن بابويه، الوجوب. ويشهد له ما في مصحح زرارة: " وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند كل وقت صلاة، ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله - عزوجل - وتسبحه وتهلله وتحمده كمقدار صلاتها، ثم تفرغ لحاجتها " (* 2)، ومصحح معاوية عنه (ع): " تتوضأ المرأة الحائض إذا أرادت أن تأكل، وإذا كان وقت الصلاة توضأت واستقبلت القبلة وهللت وكبرت وتلت القرآن وذكرت الله عزوجل " (* 3) إلا أنه لا مجال للعمل بهما لاعراض الاصحاب عنهما، ودعوى الاجماع والسيرة على خلافهما، ويشير إليه التعبير ب‍ " ينبغي " في مصحح الشحام (* 4). (2) فانه مقتضى العموم في مصحح زرارة والاطلاق في غيره. (3) كما عن الشيخ والفاضلين والشهيدين وغيرهم. وليس له وجه ظاهر. نعم ذكر في معقد إجماع الخلاف، وهو خلاف إطلاق النصوص ولذا قال في المنتهى - بعد ما نسب ذلك إلى الشيخ -: " وقال المفيد:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 5 (* 4) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 3

 

===============

 

( 370 )

 

[ مستقبلة (1) مشغولة بالتسبيح (2) والتهليل (3) والتحميد (4) والصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله (5) وقراءة القرآن (6) وإن كانت مكروهة في غير هذا الوقت (7). والاولى اختيار التسبيحات الاربع (8) وإن لم تتمكن من الوضوء تتيمم بدلا عنه (9) ] تجلس ناحية من مصلاها. وأطلق باقي الاصحاب. وهو الاقوى ". ولعل ما ذكره المفيد هو المراد مما تقدم في صحيح الحلبي، فيراد من المسجد مسجد الصلاة. (1) كما عن الاصباح والنفلية والمسالك، ويدل عليه مصحح معاوية المتقدم، ومثله مصححا الشحام ومحمد بن مسلم (* 1). (2) كما في مصحح زرارة. (3) كما في مصحح معاوية وزرارة. (4) كما في مصحح زرارة. (5) كما عن النفلية، لدخولها في مطلق الذكر. (6) كما في مصحح معاوية. (7) كما سيأتي. لكن الجمع بين النصوص يقتضي تقييد إطلاق نهي الحائض عن قراءة القرآن بغير المقام، إذ الكراهة ولو كانت عبادية لا تناسب الامر بالقراءة. (8) لاشتمالها على ما ذكر مع التكبير المذكور في مصحح معاوية، مع خصوصية الترتيب الخاص المشروع. (9) لعموم ما دل على البدلية، وإن لم يعثر على قائل به في المقام، كما في الجواهر. وفي المنتهى وعن المعتبر وجامع المقاصد والمدارك: العدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 3 و 4

 

===============

 

( 371 )

 

[ والاولى عدم الفصل بين الوضوء أو التيمم وبين الاشتغال بالمذكورات (1) ولا يبعد بدلية القيام (2) وإن كانت تتمكن من الجلوس. والظاهر انتقاض هذا الوضوء بالنواقض المعهودة (3). (مسألة 42): يكره للحائض الخضاب (4) ] لان التيمم طهارة اضطرارية ولا اضطرار هنا. لعدم تناول النص له. انتهى. ولكنه كما ترى، إذ لو أريد الاضطرار إلى أصل الطهارة فالاول ممنوع، ولو أريد الاضطرار لفقد الماء فالثاني ممنوع. ويكفي في إثباته عموم دليل البدلية وإن لم يكن النص متناولا له. ودعوى اختصاص البدلية بما لو كان الوضوء رافعا ممنوعة، إذ يكفي في البدلية كونه موجبا للطهارة في الجملة، وهو حاصل. مع أن بعض أدلة البدلية خال عن هذا التقييد. (1) احتياطا في احتمال اعتبار الوصل، وإلا فمقتضى الاطلاق عدمه. وأما عطف الجلوس ب‍ " ثم " فليس مما يحتمل كونه لاعتبار الفصل. (2) لاطلاق مصحح معاوية وابن مسلم (* 1). لكن الامر بالجلوس في غيرهما يوجب كونه من المستحب في المستحب، لا بدلية القيام عنه. (3) لعموم أدلة النواقض. وعن التذكرة: أنه استشكله، لاحتمال انصراف أدلة النقض إلى الوضوء الرافع. لكنه غير ظاهر. (4) على المشهور، بل في المنتهى: " هو مذهب علمائنا أجمع " للنهي عنه في رواية عامر بن جذاعة عن أبي عبد الله (ع): " سمعته يقول: لا تختضب الحائض ولا الجنب " (* 2)، ونحوها غيرها، المحمول على الكراهة بقرينة نفي البأس في جملة من النصوص، كرواية سماعة: " سألت

 

 

____________

(* 1) تقدما في أول المسألة. (* 2) الوسائل باب: 42 من أبواب الحيض حديث: 7

 

===============

 

( 372 )

 

[ بالحناء أو غيرها (1) وقراءة القرآن (2) ولو أقل من سبع آيات (3) وحمله (4) ولمس هامشه وما بين سطوره إن لم تمس الخط، وإلا حرم. ] العبد الصالح (ع) عن الجنب والحائض يختضبان؟ قال (ع): لا بأس " (* 1) ونحوها روايتا اليسع (* 2) وعلي ابن أبي حمزة (* 3). ويشير إلى الكراهة تعليل المنع في بعض نصوصه بمخافة الشيطان (* 4). ومنه يظهر ضعف ما عن ظاهر الفقيه من الحرمة. ولعله يريد الكراهة، بقرينة ما عن المنتهى من نسبة الكراهة إلى علمائنا أجمع، ونحوه ما عن غيره. وعن المفيد تعليل الكراهة بأن ذلك يمنع من وصول الماء إلى البشرة. وهو - كما ترى - ممنوع في نفسه. ولو تم اقتضى المنع ولم يكن من أحكام الحيض. ولكان اللازم الحكم بوجوب إزالة اللون في الغسل والوضوء والتطهير من الخبث. (1) لاطلاق النص والفتوى، وعن المراسم: التخصيص بالحناء، وكأنه للانصراف. لكنه ممنوع. (2) لعد الحائض من السبعة الذين لا يقرؤن القرآن في خبر الهداية عن علي (ع) (* 5)، وفي خبر الدعائم: " لا تقرأ الحائض قرآنا " (* 6)، ونحوهما غيرهما. (3) لاطلاق النصوص، والتحديد بالسبع إنما كان في بعض روايات الجنب (4) بعلاقة، إجماعا من الاصحاب كما في المعتبر. ويشهد له خبر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 2) الوسائل باب: 42 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 42 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 42 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 5) مستدرك الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 6) مستدرك الوسائل باب: 27 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 373 )

 

[ (مسألة 43): يستحب لها الاغسال المندوبة (1) كغسل الجمعة (2) والاحرام والتوبة ونحوها. ] إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (ع): " المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه، إن الله - تعالى - يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) " (* 1). ومنه يظهر وجه كراهة ما يأتي، للاجماع على طرح ظاهره، وإن حكي عن المرتضى (ره) الحرمة. (1) كان عن جماعة التصريح به، وفي المعتبر: " يجوز لها أن تتوضأ لتذكر الله (سبحانه وتعالى)، وأن تغتسل لا لرفع الحدث كغسل الاحرام ودخول مكة " وفي المنتهى: " يستحب لها الغسل للاحرام والجمعة ودخول الحرم وغيرها من الاغسال المستحبة "، وفي الجواهر: " لا ينبغي الاشكال فيه، لاطلاق أدلة مشروعيتها "، وفي طهارة شيخنا الاعظم: " وهو حسن، لعموم الادلة ". وعن الخلاف والمبسوط العدم. وكأنه لدعوى عدم ترتب الاثر عليها. لكنها خلاف الاطلاق المتقدم، ولا سيما بملاحظة ما ورد من النص على استحباب غسل الاحرام لها، ففي صحيح العيص: " أتحرم المرأة وهي طامث؟ قال (ع): نعم تغتسل وتلبي " (* 2)، ونحوه صحيح معاوية (* 3) وموثق يونس (* 4): ورواية الشحام (* 5). (2) لكن ظاهر خبر ابن مسلم -: " عن الحائض تطهر يوم الجمعة وتذكر الله تعالى؟ فقال (ع): أما الطهر فلا، ولكنها تتوضأ في وقت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب الوضوء حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 4 (* 4) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 2 (* 5) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام حديث: 3

 

===============

 

( 374 )

 

[ وأما الاغسال الواجبة فذكروا عدم صحتها منها (1)، وعدم ارتفاع الحدث مع الحيض (2)، وكذا الوضوءات المندوبة (3) وبعضهم قال بصحة غسل الجنابة دون غيرها (4)، والاقوى صحة الجميع (5) وارتفاع حدثها وإن كان حدث الحيض باقيا، بل صحة الوضوءات المندوبة لا لرفع الحدث. ] الصلاة " (* 1) - عدم مشروعية غسل الجمعة لها. ويحتمل أن يكون المقصود أن الوضوء لا يوجب الطهارة. (1) قال في المعتبر: ولا يرتفع لها حدث، وعليه الاجماع. ولان الطهارة ضد الحيض فلا تتحقق مع وجوده "، وكذا ظاهر المنتهى بالنسبة إلى غسل الجنابة، وإن قال بعد ذلك: " يلوح من كلام الشيخ في التهذيب جواز الاغتسال من الجنابة، لموثق عمار ". (2) في الجواهر: " إنه ظاهر المبسوط والسرائر والجامع والمنتهى والقواعد وغيرها ظهورا كاد أن يكون كالصريح في أكثرها ". (3) هذا لم أقف على من نسبه إلى الاصحاب، بل المنسوب لجماعة والمصرح به في كلام غير واحد: جواز الوضوء غير الرافع كالغسل المستحب. (4) وكأنه لموثق الساباطي عن أبي عبد الله (ع): " عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل. قال (ع): إن شاءت أن تغتسل فعلت، وإن لم تفعل فليس عليها شئ، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة " (* 2). (5) لا طلاق أدلتها المعتضد بالموثق المتقدم. والطعن فيه بالضعف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من أبواب الحيض حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الحيض حديث: 4

 

===============

 

( 375 )

 

- كما في المنتهى وغيره - ضعيف. وببنائهم على إمكان التفكيك بين الاحداث الكبيرة في الارتفاع والبقاء، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في مبحث تداخل الاغسال حيث بنوا على عدم التداخل في بعض الصور. وأما النصوص المستدل بها على المنع - كمصحح الكاهلي عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل، تغتسل أو لا تغتسل؟ قال (ع): لا تغتسل، قد جاءها ما يفسد الصلاة " (* 1)، وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " سئل عن رجل أصاب من امرأته ثم حاضت قبل أن تغتسل. قال (ع): تجعله غسلا واحدا " (* 2) - فقاصرة الدلالة فضلا عن صلاحية المعارضة للموثق. وأما ما ذكره المحقق (ره) - من أن الطهارة ضد الحيض فلا تتحقق مع وجوده - فان أراد منه أن الطهارة من الحيض ضد الحيض فهو مسلم، لكنه لا يثبت المنع من حصول الطهارة من الجنابة مثلا. وإن أراد الطهارة من الجنابة فهو ممنوع. ونحوه ما ذكره في المنتهى من أن الحدث ملازم لها، ولاجل ذلك يكون الاجماع الذي ادعياه موهونا، لاحتمال استنادهم إلى الدليل المذكور. وحينئذ فالخروج عن الاطلاقات المعتضدة بالموثق غير ظاهر. ومما ذكرنا تعرف الوجه في البناء على صحة الوضوءات المندوبة لها. والله - سبحانه - أعلم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الجنابة حديث: 1 وباب: 22 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 43 من أبواب الجنابة حديث: 5