فصل في الحنوط

فصل في الحنوط وهو مسح الكافور على بدن الميت. يجب مسحه (1) ] فصل في الحنوط الحنوط - كرسول -: كل طيب يخلط للميت، كما في القاموس. أو طيب يصنع له، كما في المجمع. وعليه: لا يحسن تفسيره بمسح الكافور على بدن الميت، بل ينبغي جعله تفسيرا للتحنيط الذي هو استعمال الحنوط. (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن ظاهر الخلاف والغنية، وعن التذكرة والمنتهى وشرح الجعفرية والروض والمفاتيح: الاجماع عليه. وعن كشف اللثام: " أن ظاهر المراسم الاستحباب " وفي مفتاح الكرامة: " كأنه لحظ آخر عبارتها الموهمة لذلك ولو لحظ أول كلامه لظهر له أنه قائل بالوجوب في مواضع ثلاثة ". ويشهد به - مضافا إلى ذلك - جملة من النصوص تأتي الاشارة إليها وإن نوقش في دلالتها على الوجوب - كما في الجواهر وغيرها - باختلافها، واشتمالها على كثير من المندوبات ووقوع بعضها بعد السؤال عن التحنيط، وغير ذلك، إلا

 

 ===============

 

( 186 )

 

[ على المساجد (1) السبعة وهي: الجبهة، واليدان، والركبتان، وإبهاما الرجلين. ويستحب إضافة طرف الانف إليها أيضا، ] أنها لاتهم بعد الاجماع المحقق، كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره). وأما كونه بالمسح فهو المصرح به في كلام جماعة، والمحكي عن معقد إجماع التذكرة والروض، ويقتضيه ما في مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " فامسح به آثار السجود " (* 1)، وما في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع): " عمدت إلى الكافور فمسحت به آثار السجود " (* 2) لكن المذكور في كلام جماعة الوضع والامساس. وفي موثق سماعة عن أبي عبد الله (: " ويجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده " (* 3) وفي حسن حمران بن أعين عن أبي عبد الله (ع): " يوضع في منخره وموضع سجوده " (* 4)، ونحوهما غيرهما. ولعلهما من قبيل المقيد والمطلق فيحمل الثاني على الاول، وإن كان يأباه ما في المرسل (* 5) حيث عبر في الجبهة بالوضع وعدل عنه إلى التعبير بالمسح في المفاصل. مضافا إلى المناقشة المتقدمة في ظهور المقيدات في الوجوب. اللهم إلا أن يكون بملاحظة الاجماع، لكن في الاعتماد عليه مع تعبير جمع بالوضع والامساس تأمل. (1) إجماعا حكاه من تقدم ذكرهم. ويدل عليه موثق عبد الرحمن ابن أبي عبد الله: " قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الحنوط للميت. فقال (ع): اجعله في مساجده " (* 6)، ونحوه غيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب التكفين حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب التكفين حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب التكفين حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 16 من ابواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 187 )

 

[ بل هو الاحوط (1). والاحوط أن يكون المسح باليد، بل بالراحة (2). ولا يبعد استحباب (3) ] (1) لحكاية القول بوجوبه عن ابن أبي عقيل والمفيد والحلبي والقاضي والمنتهى بدعوى كونه أحد المساجد. ويشهد به ماعن الدعائم: " واجعل الكافور والحنوط في مواضع سجوده: جبهته. وأنفه، ويديه، وركبتيه، ورجليه " (* 1). لكن الدعوى غير ظاهرة، وخبر الدعائم ضعيف، وأصل البراءة يقتضي عدم الوجوب، ولاسيما بملاحظة ماعن الخلاف من الاجماع على وضع ما زاد على السبعة من الكافور على الصدر، وأنه لا يترك على أنفه، ولا أذنه، ولا فيه. (2) لم أقف عاجلا فيما يحضرني على قول به أو نص عليه أو متعرض له. وكأن وجهه انصراف المسح إلى اليد وخصوص الراحة منها. لكنه في الراحة ممنوع، وفي اليد - يعني: الكف كما هو المراد ظاهرا - ليس بنحو يجب رفع اليد به عن الاطلاق. (3) قد اختلفت النصوص في مواضع الحنوط غير المساجد، ففي مصحح الحلبي: " فامسح به آثار السجود منها، ومفاصله كلها، ورأسه ولحيته، وعلى صدره " (* 2)، وفي رواية الكاهلي وحسين بن المختار عن أبي عبد الله (ع): " يوضع الكافور من الميت على موضع المساجد، وعلى اللبة، وباطن القدمين، وموضع الشراك من القدمين، وعلى الركبتين، والراحتين، والجبهة، واللبة " (* 3)، وفي حسن حمران: " يوضع في منخره وموضع سجوده ومفاصله " (* 4)، وفي موثق عمار: " واجعل

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب التكفين حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب التكفين حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 5.

 

===============

 

( 188 )

 

الكافور في مسامعه، وأثر سجوده منه " (* 1)، وفي صحيح ابن سنان: " تضع في فمه ومسامعه، وآثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه " (* 2) وفي صحيح زرارة: " إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت به آثار السجود، ومفاصله كلها، واجعل في فيه، ومسامعه، ورأسه، ولحيته من الحنوط، وعلى صدره وفرجه " (* 3)، وفي مرسل يونس - على ما في الوافي -: " فضعه على جبهته موضع السجود، وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدمه، وفي رأسه، وفي عنقه ومنكبيه ومرافقه، وفي كل مفصل من اليدين والرجلين، وفي وسط راحتيه " (* 4)، وفي موثق سماعة: " ويجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده، وشيئا على ظهر الكفن (الكفين خ ل) " (* 5). والمعروف عدم وجوب تحنيط ما ذكر فيها عدا السبعة، كما يقتضيه الاصل، والاجماع المحكي عن الخلاف، ويشهد به موثق عبد الرحمن المتقدم فان في الاقتصار على المساجد في مقام البيان دلالة على عدم الوجوب فيما عداها. وحينئذ فلا مجال للاخذ بالنصوص المذكورة، لا أقل من إعراض الاصحاب عنها الموجب لسقوطها عن الحجية. مع ماهي عليه من الاختلاف الذي هو من إمارات الاستحباب. فما عن الفقيه: " ويجعل الكافور على بصره وأنفه، وفي مسامعه، وفيه، ويديه، وركبتيه، ومفاصله كلها، وعلى آثار السجود، فان بقي منه شئ جعله على صدره " ضعيف، أو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب التكفين حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب التكفين حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 15 من ابواب التكفين حديث: 2.

 

===============

 

( 189 )

 

[ مسح ابطيه (1) ولبته (2) ومغابنه (3) ] محمول على الاستحباب كالنصوص. لكن يختص الاستحباب بما لم يرد النهي عنه كالمنخرين، والبصر، والمسامع، والوجه، ففي المرسل (* 1): " ولا يجعل في منخريه، ولافي بصره ومسامعه، ولا على وجهه قطنا ولا كافورا "، وفي مصحح عبد الرحمن: " لا تجعل في مسامع الميت حنوطا " (* 2)، وفي حسن حمران: " ولا تقربوا أذنيه شيئا من الكافور " (* 3) وفي خبر عثمان النوا: " ولا تمس مسامعه بكافور " (* 4) فتتعارض مع النصوص السابقة في المنخرين والمسامع، والجمع بحمل الآمرة على وضع الكافور عليها بقرينة التعبير ب‍ (على) في موثق سماعة، والناهية على وضعهما فيها - كما عن الشيخ - بعيد، ولاسيما بملاحظة روايتي حمران وعثمان، مع عدم جريانه في المنخر. فالاولى حمل الآمرة على التقية - كما في الوسائل وغيرها - لموافقتها للعامة. (1) ليس عليه دليل ظاهر إلا أن يدخل في المفاصل أو المغابن. (2) كما في رواية الكاهلي وابن المختار. (3) ليس عليه دليل ظاهر إلا مرسل يونس - على ما في التهذيب حيث رواه -: " وامسح بالكافور على جميع مغابنه من اليدين والرجلين ومن وسط راحته " (* 5)، وفي القاموس والمجمع: انها الآباط. وحينئذ يشكل متن التهذيب كما يظهر بأقل تأمل.

 

 

____________

(* 1) هو مرسل يونس المشار إلى موضعه في صدر التعليقة. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب التكفين حديث: 4. (* 3) تقدمت الاشارة إلى موضعه في صدره التعليقة. (* 4) الوسائل باب: 16 من أبواب التكفين حديث: 2. (* 5) التهذيب ج: 1 - ط: نجف. حديث: 56.

 

===============

 

( 190 )

 

[ ومفاصله (1) وباطن قدميه (2) وكفيه (3) بل كل موضع من بدنه فيه رائحة كريهة (4). ويشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم (5)، فلا يجوز قبله. نعم يجوز قبل التكفين وبعده وفي أثنائه (6). ] (1) كما تكرر في النصوص المتقدمة. (2) كما في رواية الكاهلي وابن المختار. (3) إن أراد به باطن الكف فهو أحد المساجد، وإن أراد ظهرها - كما تقدم في موثق سماعة - كان اللازم التصريح به. (4) هذا لم تتعرض له النصوص المتقدمة. (5) يعني: تغسيل الميت أو تيممه. وهذا مما لاإشكال فيه، وتدل عليه النصوص. (6) كما في كشف اللثام، واختاره في الجواهر، لاطلاق الادلة من دون مقيد، إذ ليس هو إلا ما يستشهد به لما في القواعد، وعن الدروس والبيان والذكرى وغيرها من أنه قبل التكفين، وهو صحيح زرارة المتقدم، ومرسل يونس حيث أنه أمر فيه بالتحنيط بعد بسط الكفن ثم بعد التحنيط، قال (ع): " ثم يحمل فيوضع على قميصه ". لكن في صلاحيتهما للتقييد تأمل، لعدم تعرض الاول للكفن، ومجرد الامر به بعد التجفيف أعم من كونه قبله وبعده. وأما المرسل فقاصر السند، ولاشتماله على كثير من الخصوصيات غير الواجبة موهون الدلالة على الوجوب جدا. وأما ماعن الفقيه من أنه بعد التكفين فليس عليه شاهد. ومثله ما عن جماعة من أنه بعد لبس المئزر، وماعن بعض من أنه بعد لبس القميص وماعن آخر من أنه بعد إلباس القميص والعمامة، أو بعد شد الخامسة.

 

===============

 

( 191 )

 

[ والاولى أن يكون قبله (1)، ويشترط في الكافور (2) أن يكون طاهرا مباحا جديدا، فلا يجزئ العتيق الذي زال ريحه، وأن يكون مسحوقا. (مسألة 1): لا فرق في وجوب الحنوط (3) بين الصغير والكبير، والانثى والخنثى والذكر، والحر والعبد. نعم لا يجوز تحنيط المحرم قبل إتيانه بالطواف كما مر (4). ولا يلحق به التي في العدة (5)، ولا المعتكف وإن كان يحرم عليهما استعمال الطيب حال الحياة. ] (1) لانه أوفق بظاهر الروايتين. (2) لم أقف على من تعرض لهذه الشروط. والظاهر أن الوجه في اعتبار الطهارة الاجماع. والكلام في اعتبار الاباحة هو الكلام في اعتبارها في الكفن كما تقدم. والوجه في اعتبار ذي الرائحة كون الحنوط نوعا من الطيب، كما عرفته من القاموس والمجمع، ويستفاد من نصوص الميت المحرم وغيره. وأما اعتبار كونه مسحوقا فللنص عليه في مرسل يونس عنهم (ع)، مضافا إلى ظهور النصوص في اعتبار التلويث الذي لا يتأتى إلا بالمسحوق. (3) لاطلاق الادلة. وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " وحنوط الرجل والمرأة سواء " (* 1). (4) يعنى: في التغسيل. (5) كما عن التذكرة والموجز وجامع المقاصد وغيرها: التنصيص عليه من دون نقل خلاف منا فيه، كما يقتضيه إطلاق الادلة. نعم عن

 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 192 )

 

[ (مسألة 2): لا يعتبر في التحنيط قصد القربة (1)، فيجوز أن يباشره الصبي المميز (2) أيضا. (مسألة 3): يكفي في مقدار كافور الحنوط المسمى (3). ] الشافعي: الخلاف في المعتدة. (1) لما عرفت من أنه مقتضى الاصل من دون الحاكم عليه أو وارد ومقتضى عدم التعرض له في كلامهم التسالم على ذلك. (2) بل وغيره لاطلاق النص فيكون حاله حال سائر التوصليات. (3) كما هو المشهور، بل عن جماعة: الاجماع عليه. لكن في الذكرى: " واختلف الاصحاب في تقديره، فالشيخان والصدوق: أقله مثقال وأوسطه أربعة دراهم. والجعفي: أقله مثقال وثلث. قال: ويخلط بتربة مولانا الحسين (ع). وابن الجنيد: أقله مثقال ". وقريب منه ما في جامع المقاصد إلا انه لم يذكر ابن الجنيد. إلا أن المحكي عن صريح الاكثر: " أن الاختلاف المذكور إنما هو في أقل الفضل ". وكيف كان فيدل على المشهور - مضافا إلى أنه مقتضى أصالة البراءة - إطلاق غير واحد من النصوص، ولاسيما موثق عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع) (* 1) فانه تضمن تقدير القطن، وطول الخرقة وعرضها، والازار، وذكر فيها الكافور ولم يتعرض لتقديره، فان ذلك ظاهر في عدم اعتبار القدر فيه. وأما صحيح عبد الرحمن بن أبي نجران عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع): " أقل ما يجزئ من الكافور للميت مثقال ونصف " (* 2) فلا مجال للتقييد به لارساله، وعدم القائل به. ومثله خبره عن بعض أصحابه عنه (ع): " أقل ما يجزئ من الكافور للميت

 

 

____________

(* 1) الوسائل الباب: 14 من ابواب التكفين حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 5.

 

===============

 

( 193 )

 

[ والافضل أن يكون ثلاثة عشر درهما وثلث (1) تصير بحسب المثاقيل الصيرفية سبع مثاقيل وحمصتين إلا خمس الحمصة (2). ] مثقال " (* 1). نعم لو ثبت عمل المشايخ به تعين التقييد به لانجباره، لكن عرفت أن المحكي عن صريح الاكثر: أن الخلاف في الفضل. وأولى بعدم صلاحية التقييد رواية الكاهلي وحسين بن المختار عن أبي عبد الله (ع): " القصد من الكافور أربعة مثاقيل " (* 2)، ومرفوع ابراهيم بن هاشم " السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث أكثره " (* 3)، ونحوه مرفوع محمد ابن سنان باسقاط لفظ " اكثره " (* 4)، وكذا ما ورد في تقسيم النبي صلى الله عليه وآله الكافور الذي أتى به جبرائيل (ع) بينه صلى الله عليه وآله وبين علي (ع) وفاطمة (ع) (* 5) لعدم الدلالة على الوجوب، بل وضوح دلالة الاولين على عدمه. (1) بلا خلاف كما عن المعتبر، وإجماعا كما عن الخلاف، للنصوص المتقدمة. وعن القاضي: " انه ثلاثة عشر درهما ونصف ". وعن المختلف " انه غريب ". وهو في محله، إذ لم يعرف له موافق، ولا مأخذ. ومخالف لما عرفت. (2) مقتضى ما تقدم من أن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية. وأن المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي. أن تكون الثلاثة عشر درهما وثلث تسعة مثاقيل شرعية وثلثا وسبعة مثاقيل صيرفية، بلا زيادة عليها بشئ، كما نصر عليه في الحدائق وطهارة شيخنا الاعظم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 3 من أبواب التكفين حديث: 1 و 6 و 8 و 9.

 

===============

 

( 194 )

 

[ والاقوى أن هذا المقدار لخصوص الحنوط (1) لا له وللغسل، وأقل الفضل مثقال شرعي (2)، والافضل منه أربعة دراهم (3)، ] (1) كما عن المشهور أو الاكثر، أو ظاهر الاكثر، أو الاظهر بين الاصحاب. وعن المعتبر: " لا أعلم فيه خلافا ". ويقتضيه ما في المرفوعتين وبعض ما ورد فيما أتى به جبرائيل (ع) إلى النبي صلى الله عليه وآله. وإطلاق ما ورد في المرتبتين الاخريين منزل على ذلك، لاتحاد موضوع الجميع. وعن السرائر عن بعض الاصحاب: مشاركة الغسل معه فيه. وعن الوافي: الميل إليه، لاطلاق بعض نصوص التقدير واستبعاد تغسيل النبي صلى الله عليه وآله بغير ما نزل به جبرائيل (ع). وفيه: أن الاطلاق مقيد كما عرفت، والاستبعاد - لو تم - لا يقتضي المشاركة في ذلك لامكان نزوله بغيره، مع أنه لا يصلح مستندا لحكم شرعي. (2) كما حكي التعبير به عن الفقيه، والهداية، والمقنعة، والجمل، والاصباح، والخلاف، والمراسم، والكافي، والجامع، وغيرها. وعن الخلاف: " أقل المستحب من الكافور للحنوط درهم، وأفضل منه أربعة دراهم، وأكمل منه ثلاثة عشر درهما وثلث. كذا ذكره الخمسة وأتباعهم ثم الاجماع عليه، لاحد مرسلي ابن أبي نجران ". ولكن المحكي عن جماعة آخرين - منهم الحلي والفاضلان - تقديره بدرهم، بل في المعتبر: " لاأعلم للاصحاب فيه خلافا ". وليس عليه شاهد من النصوص بل عرفت الشاهد على خلافه. واللهم إلا أن يكون المراد من المثقال الدرهم كما عن المنتهى، لكنه خلاف الظاهر. (3) كما عن الاكثر، وتقدم ما في المعتبر من أنه لا يعلم للاصحاب فيه خلافا. وليس له شاهد غير رواية الكاهلي وابن المختار بناء على حمل المثقال

 

===============

 

( 195 )

 

[ والافضل منه أربعة مثاقيل شرعية (1). (مسألة 4): إذا لم يتمكن من الكافور سقط وجوب الحنوط (2) ولا يقوم مقامه طيب آخر، نعم يجوز تطييبه بالذريرة (3)، ] فيها على الدرهم كما عن ابن إدريس. ولكن تحكم، كما عن الدروس وغيرها، وفي الجواهر: القطع بأن الاربعة أفضل من السابق قضاء للتوزيع. وهو غير بعيد. (1) كما عن الفقيه والمبسوط والنهاية ومختصر المصباح والوسيلة وغيرها لرواية الكاهلي. (2) قطعا كما في الجواهر. وعن ظاهر التذكرة: الاجماع عليه. ويقتضيه الاصل. ولا مجال لقاعدة الميسور، لعدم صدقه على غير الكافور لمباينته له. وكون الواجب التطيب وكونه بالكافور غير ثابت. مع ما عرفت من الاشكال في حجية القاعدة. (3) قد أطال في الذكرى الكلام في معناها، ونقل عن البيان: أنها فتاة قصب الطيب. وعن المبسوط والنهاية والجعفي: أنها القمحة، بضم القاف وتشديد الميم، أو بفتح القاف وإسكان الميم. وعن جماعة: أنها فتاة قصب الطيب. وعن الصنعاني: أنها ما يذر على الشئ، وقصب الذريرة دواء يجلب من الهند وباليمن أخلاط من الطيب يسمونها ذريرة. وعن المسعودي: أن من الافاوية الخمسة والعشرين قصب الذريرة. وعن ابن إدريس: أنها نبات طيب غير الطيب المعهود يسمى القمحان. ثم قال: " قال في المعتبر: وهو خلاف المعروف بين العلماء بل هي الطيب المسحوق. وعن الراوندي: أنه قيل حبوب تشبه حب الحنطة التي تسمى بالقمح

 

===============

 

( 196 )

 

[ لكنها ليست من الحنوط (1) وأما تطييبه بالمسك والعنبر والعود ونحوها ولو بمزجها بالكافور فمكروه (2)، بل الاحوط تركه. ] تدق تلك الحبوب كالدقيق لها ريح طيب. قال: وقيل الذريرة هي الورد والسنبل والقرنفل والقسط والاشته، وكلها نبات، ويجعل فيها اللاذن ويدق جميع ذلك ". وفي التذكرة: أنها الطيب المسحوق. وعن المسالك: أنه أصبط ما جاء فيها. وفي المدارك: " والظاهر أنها طيب خاص معروف بهذا الاسم الآن في بغداد وما والاها ". وكيف كان فجواز تطبيب الميت بها بل استحبابه مما لاإشكال فيه. وعن التذكرة: الاجماع عليه. وفي موثق عمار: " وألق على وجهه ذريرة ثم قال (ع): ويجعل على كل ثوب شيئا من الكافور وعلى كفنه ذريرة " (* 1) وفي موثق سماعة: " فذر على كل ثوب شيئا من ذريرة وكافور " (* 2) إلى غير ذلك. (1) لما في صحيح داود بن سرحان: " قال أبو عبد الله (ع) لي في كفن أبي عبيدة الحذاء: إنما الحنوط الكافور ولكن اذهب فاصنع كما يصنع الناس " (* 3)، ونحوه ما في خبره أيضا (* 4)، وما في مصحح عبد الله ابن المغيرة عن غير واحد (* 5). (2) كما هو المشهور كما عن المختلف، بل ظاهر ماعن الخلاف والاصباح من حكاية الاجماع على كراهية جعل المسك والعنبر مع الكافور

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب التكفين حديث: 4. (* 2) الوسائل الباب: 15 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 8. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 4.

 

===============

 

( 197 )

 

[ (مسألة 5): يكره إدخال الكافور في عين الميت أو أنفه أو أذنه (1). ] وما عن المعتبر من إجماع علمائنا على كراهية تجمير أكفان الميت، وعلى تطييبه بغير الكافور والذريرة: كون الكراهة بالمعنى الاخص إجماعية. لكن في الشرائع، وعن جملة من كتب العلامة والشهيد: التعبير ب‍ (لا يجوز) وعن الغنية: الاجماع عليه. وكأنه لما في جملة من النصوص كخبر ابن مسلم المتقدم: " لاتجمروا الاكفان، ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلا الكافور " (* 1) وفي خبر يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع): " ولا يحنط بمسك " (* 2)، وقد تقدم (* 3) ما في صحيح داود بن سرحان من قوله (ع): " ولكن اذهب فاصنع كما يصنع الناس ". إلا أن في الاعتماد عليها في الحرمة إشكالا ظاهرا، لقصور سند الاولين، وقصور دلالة الاخير وعدم ثبوت الجابر، لما عرفت من الاجماعات السابقة التي لاجلها يشكل الاعتماد على ظاهر التعبير بعدم الجواز، بل من القريب أن يكون المراد منه الكراهة. وفي مرسل الفقيه: " هل يقرب إلى الميت المسك والبخور؟ قال (ع): نعم. قال: وكفن النبي صلى الله عليه وآله في ثلاثة اثواب... (إلى أن قال): روي: أنه حنط بمثقال مسك سوى الكافور " (* 4) ولاجل ذلك كان البناء على الكراهة متعينا وإن كان الاحوط الترك. (1) للنهي عن ذلك في مرسل يونس وغيره كما سبق. وكان الاولى ذكر الوجه معها لاشتراكه معها في النهي في المرسل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 6. (* 3) تقدم في التعليقة السابقة. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 9 - 10.

 

===============

 

( 198 )

 

[ (مسألة 6): إذا زاد الكافور يوضع على صدره (1). (مسألة 7): يستحب سحق الكافور باليد لا بالهاون (2). (مسألة 8): يكره وضع الكافور على النعش (3). ] (1) كما عن جماعة كثيرة التصريح به. وفي كشف اللثام: أنه المشهور. وعن الخلاف: الاجماع عليه. وصريح الجميع وضع ما زاد على المساجد. وحينئذ ينافي ما تقدم من استحباب تحنيط غيرها، فلابد إما من إرادة التخيير، أو وضع ما زاد على المساجد وغيرها مما يستحب تحنيطه، أو كون كلامهم مبنيا على عدم استحباب تحنيط غير المساجد. وكيف كان فاستدل في كشف اللثام وغيره على ذلك بصحيح زرارة ومصحح الحلبي المتقدمين (* 1). وفي المعتبر استدل بالثاني. ولكن ليس إلا الامر بتحنيط الصدر كغيره من الاعضاء، فالاستدلال بها لما ذكر غير ظاهر. نعم في الرضوي: " تبدأ بجبهته وتمسح مفاصله كلها به وتلقي ما بقي منه على صدره " (* 2). (2) كما عن جماعة. وفي المعتبر: " ذكره الشيخان ولم أتحقق مستنده " وفي الذكرى تعليله بخوف الضياع. وهو كما ترى. ومثله في الاشكال ماعن المبسوط من أنه يكره سحقه بالحجر أو غير ذلك. (3) لرواية السكوني عن أبي عبد الله (ع): " ان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يوضع على النعش الحنوط " (* 3). وفي رواية غياث بن ابراهيم عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه: " وربما جعل على النعش الحنوط وربما لم يجعله " (* 4).

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في أول هذا الفصل في البحث عن مواضع الحنوط. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 17 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب التكفين حديث: 2.

 

===============

 

( 199 )

 

[ (مسألة 9) يستحب خلط الكافور بشئ من تربة قبر الحسين (ع) (1) لكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام (2). (مسألة 10): يكره إتباع النعش بالمجمرة (3) وكذا في حال الغسل (4). (مسألة 11): يبدأ في التحنيط بالجبهة (5). ] (1) للتوقيع الذي رواه محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: " قال كتبت إلى الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب - وقرأت التوقيع ومنه نسخت -: يوضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن شاء الله " (* 1). (2) لوجوب صونها عن مثل ذلك. (3) لما في مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " وأكره أن يتبع بمجمرة " (* 2)، وفي غياث المتقدم: " وكان يكره أن يتبع الميت بالمجمرة " (* 3)، وفي خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): " ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان تتبع جنازة بمجمرة " (* 4). (4) لما في خبر أبي حمزة قال أبو جعفر (ع): " لا تقربوا موتاكم النار يعني الدخنة " (* 5). (5 لم أقف على من تعرض له ولا على ما يدل عليه سوى النراقي في المستند فافتى باستحبابه لما في الرضوي المتقدم: (* 6) " تبدأ بجبهته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 14. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب التكفين حديث: 12. (* 6) تقدمت الاشارة إلى موضعه في المسألة السادسة من هذا الفصل.

 

===============

 

( 200 )

 

[ وفي سائر المساجد مخير (1). (مسألة 12): إذا دار الامر بين وضع الكافور في ماء الغسل أو يصرف في التحنيط يقدم الاول (2). وإذا دار في الحنوط بين الجبهة وسائر المواضع تقدم الجبهة.