فصل في تكفين الميت

فصل في تكفين الميت يجب تكفينه (1) بالوجوب الكفائي (2) رجلا كان، أو امرأة، أو خنثى، أو صغيرا (3) بثلاث قطعات (4): ] فصل في تكفين الميت (1) إجماعا، بل ضرورة. ويقتضيه جملة من النصوص. (2) كما تقدم في التغسيل. (3) إجماعا. ويقتضيه - مضافا الى التصريح في بعض النصوص بالرجل والمرأة والصغير كما سيأتي - إطلاق بعضها الآخر. (4) إجماعا حكاه جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين، استثني في

 

 

____________

الوسائل باب: 77 من آداب الحمام حديث: 2.

 

===============

 

( 148 )

 

[ الاولى: المئرز (1) ] بعضها سلار، قال في المعتبر: " هذا مذهب فقهائنا أجمع خلا سلار "، وفي الذكرى: " انه عند الجميع إلا سلار فانه اكتفى بقطعة واحدة، وجعل الاسبغ سبع قطع، ثم خمسا، ثم ثلاثا "، ثم استدل على خلافه بالاجماع. وقد يستشهد لسلار بصحيح زرارة المروي عن التهذيب عن أبي جعفر (ع) " العمامة للميت من الكفن هي؟ قال (ع): لا، إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يواري فيه جسده كله فما زاد فهو سنة " (* 1) المطابق لمقتضى الاصل. وفيه - مع أنه معارض بما عن الكافي وفي بعض نسخ التهذيب من روايته بالواو، وبما عن الروض وأكثر نسخ التهذيب من إسقاط العاطف والمعطوف، كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره) وبما عن أكثر النسخ المعتبرة من إسقاط حرف العطف كلية، كما في الرياض - لا مجال للاعتماد عليه في قبال ما عرفت من الاجماع الموافق لجملة من النصوص، كخبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " الميت يكفن في ثلاثة سوى العمامة والخرقة... " (* 2)، وموثق سماعة. " سألته عما يكفن به الميت، قال (ع): ثلاثة أثواب " (* 3)، ونحوهما غيرهما، ولاسيما والمحكي في المنتهى عن الجمهور كافة: الاجتزاء بالواحد. (1) على المشهور، بل عن الخلاف والغنية وغيرهما: الاجماع عليه. وعن الاردبيلي: التأمل في مستنده وفي المدارك: " وأما المئزر فقد ذكره الشيخان واتباعهما وجعلوه أحد الثلاثة المفروضة، ولم أقف في الروايات على ما يعطي ذلك، بل المستفاد منها اعتبار القميص والثوبين الشاملين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 2.

 

===============

 

( 149 )

 

للجسد أو الاثواب الثلاثة، وبمضمونها أفتى ابن الجنيد في كتابه... (إلى أن قال): وقريب منه عبارة الصدوق ": وأشار بالاخير إلى صحيح زرارة وموثق سماعة المتقدمين ونحوهما، وبالاول إلى مثل خبر يونس بن يعقوب: " إنى كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه " (* 1) وكأن الوجه في اعتبار الشمول في الاثواب الثلاثة أو الثوبين - مع أن الثوب أعم من الشامل قطعا ولذا يشمل القميص - هو أن ظاهر تكفين الميت بالثياب أو إدراجه فيها هو ستره بكل واحد منها على نحو الشمول، مضافا إلى ما في حسن حمران: " ثم يكفن بقميص ولفافة وبرد يجمع فيه الكفن " (* 2) بناء على أن اللفافة ما يلف جميع البدن. وفيه: أنه لو سلم كون الشمول مأخوذا في التكفين والادراج في أنفسهما فلا نسلم ظهورهما لو أضيفا إلى المتعدد في الشمول بالاضافة إلى كل واحد من المتعدد، بل يجوز أن يكون على نحو التجزئة والتبعيض، وظهور اللفافة فيما يلف جميع البدن غير ظاهر المنشأ، بل توصيف البرد بأنه يجمع فيه الكفن يدل أو يشعر بتفرق ما عداه من أجزاء الكفن. وأما القول المشهور فقد استدل له بصحيح عبد الله بن سنان: " قلت لابي عبد الله (ع) كيف أصنع بالكفن؟ قال (ع): تأخذ خرقة فتشدها على مقعدته ورجليه. قلت: فالازار؟ قال (ع): إنها لاتعد شيئا إنما تصنع لتضم ما هناك لئلا يخرج منه شئ... " (* 3) فان ظاهر السؤال الثاني توهم السائل كفاية الازار عن الخرقة حيث أجاب (ع) بأن فائدة الخرقة الضمن الذي لا يتأتى بالازار، وحينئذ فلولا كون المراد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب التكفين حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب التكفين حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 8.

 

===============

 

( 150 )

 

بالازار المئزر لم يكن وجه لهذا التوهم، لعدم المناسبة بين الخرقة المذكورة وبين اللفافة الشاملة ليتوهم إغناؤها عنها، فيكون المقام نظير ما ورد في آداب الحمام، وفي ثوبي الاحرام، وفي الاستمتاع بالحائض، وفي الاتزار فوق القميص، وغير ذلك مما أريد من الازار فيه المئزر. ومنه يظهر إمكان الاستدلال بما اشتمل على ذكر الازار في أجزاء الكفن على القول المشهور، كخبر معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع): " يكفن الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه، وازار، وخرقة يعصب بها وسطه، وبرد يلف فيه، وعمامة يعتم بها " (* 1). بل لعل في عدم توصيف الازار بشئ وتوصيف البرد بأنه يلف فيه إيماء إلى أن الازار لا يلف فيه بل يؤزر به. وبصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، والمرأة إذا كانت عظمية في خمسة: درع ومنطق، وخمار، ولفافتين " (* 2) فان المنطق كمنبر، وهو - كما في القاموس -: " شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها، فترسل الاعلى على الاسفل إلى الارض، والاسفل ينجر على الارض "، فيكون هو المئزر: وبموثق عمار: " تبدأ فتبسط اللفافة طولا ثم تذر عليها من الذريرة، ثم الازار طولا حتى تغطي الصدر والرجلين، ثم الخرقة عرضها شبر ونصف ثم القميص... " (* 3). وهذا الاستدلال وإن كان لا يخلو من بعض المناقشات، لكن إيماء النصوص المذكورة إلى المذهب المشهور لا مجال للتأمل فيه، فهو - بضميمة الاصل المقتضي للاحتياط عند الدوران بين التعيين والتخيير، وظهور الاجماع عليه يعين البناء عليه. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الكفين حديث: 13. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 4.

 

===============

 

( 151 )

 

[ ويجب أن يكون من السرة إلى الركبة (1)، والافضل من الصدر إلى القدم (2). الثانية: القميص (3). ويجب أن يكون ] (1) كما هو الظاهر مما نسبه في الحدائق إلى الاصحاب من أنه ما يستر مابين السرة إلى الركبة. وفي جامع المقاصد: اعتبار سترهما. وفي المقنعة وعن المراسم: من سرته إلى حيث يبلغ من ساقيه. وعن مختصر المصباح: من سرته إلى حيث يبلغ. والجميع غير ظاهر - كما اعترف به في الجواهر - لصدق المئزر بدون ذلك كله، ولاسيما وكون الاصل البراءة. (2) كما عن الذكرى، لموثق عمار المتقدم. وعن المسالك والروضة. وظاهر النهاية والمبسوط: مابين صدره وقدمه. وجهه غير ظاهر. ونحوه ماعن الوسيلة من استحباب أن يكون ساترا من الصدر إلى الساقين. (3) على المشهور، بل نسب إلى جماعة: الاجماع عليه. وتقتضيه النصوص المتقدمة في الازار وغيرها. واشتمال أكثرها على غير الواجب لا يقدح في الدلالة على الوجوب، ولاسيما مع الاقتصار في بعضها على خصوص الواجب، كحسن حمران: " قال أبو عبد الله (ع): إذا غسلتم الميت منكم فارفقوا به... (إلى أن قال): قلت: فالكفن؟ فقال تؤخذ خرقة فيشد بها سفله ويضم فخذيه بها ليضم ما هناك، وما يصنع من القطن أفضل، ثم يكفن بقميص ولفافة وبرد يجمع فيه الكفن " (* 1). وعن الاسكافي، والمحقق في المعتبر. والشهيد الثاني، وجماعة ممن تأخر عنهم: التخيير بينه وبين ثوب شامل للبدن. لخبر محمد بن سهل عن أبيه: " سألت أبا الحسن (ع) عن الثياب التي يصلي فيها الرجل ويصوم أيكفن فيها؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب التكفين حديث: 5.

 

===============

 

( 152 )

 

[ من المنكبين إلى نصف الساق (1)، والافضل إلى القدم (2). الثالثة: الازار ويجب أن يغطي تمام البدن (3). والاحوط أن يكون في الطول بحيث يمكن أن يشد طرفاه (4)، وفي العرض بحيث يوضع أحد جانبيه على الآخر (5). والاحوط أن لا يحسب الزائد على القدر الواجب (6) ] قال (ع): أحب ذلك الكفن يعني: قميصا. قلت: يدرج في ثلاثة أثواب؟ قال (ع): لا بأس به، والقميص أحب إلي " (* 1)، ونحوه مرسل الفقيه (* 2)، بل لعلهما واحد. ولا بأس بالخروج بهما عن ظاهر الروايات السابقة - فيحمل على بيان أفضل الافراد - لولا إعراض المشهور عنهما. (1) كما عن المحقق والشهيد الثانيين وغيرهما. وعلل بأنه المتعارف في ذلك الزمان. لكن لو تم ففي وجوب الاخذ به تأمل. (2) كما عن بعض. وفي الجواهر: أنه لم يثبت. (3) بلا خلاف فيه، لاتفاق النص والفتوى عليه. (4) بل في جامع المقاصد، وعن الروض والرياض: تعين ذلك. (5) وأوجبه في الرياض حاكيا له عن الروض، معللا له ولما قبله بعدم تبادر غيره. وفيه منع. نعم لابد من جمع الكفن فيه ولو بتوسط الشد بالخيوط، ولذا جعل في جامع المقاصد ذلك مما ينبغي. (6) هذا الاحتياط متفرع على ما قبله، لان المستثنى من أصل التركة هو القدر الواجب لاغير.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التكفين حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب التكفين حديث: 20.

 

===============

 

( 153 )

 

[ على الصغار (1) من الورثة، وإن أوصى به أن يحسب من الثلث (2). وإن لم يتمكن من ثلاث قطعات يكتفى بالمقدور (3). وإن دار الامر بين واحدة من الثلاث تجعل ازارا، وإن لم يمكن فثوبا (4)، وإن لم يمكن إلا مقدار ستر العورة تعين (5)، وإن دار بين القبل والدبر يقدم الاول (6). (مسألة 1): لا يعتبر في التكفين قصد القربة (7) ] (1) وكذا الكبار إلا إذا رضوا بذلك. (2) يعني: إلا إذا رضي الورثة فيحسب من الاصل إن كانوا بالغين. (3) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر. وعن التذكرة: الاجماع عليه، لقاعدة الميسور، وللاستصحاب فيما لو طرأ التعذر بعد الموت، أو مطلقا بناء على الاستصحاب التعليقي. (4) كما في جامع المقاصد حيث قال: " وتقدم اللفافة ثم القميص ثم المئزر ". وكأنه لانه أقرب إلى الواجب في الفائدة فيكون هو الميسور ولان احتمال الاهمية كاف في وجوب التقديم عند التزاحم. (5) كما استظهره في الجواهر. وكأنه لرواية الفضل الآتية (* 1). أما قاعدة الميسور فلو تمت لم يفرق بين العورة وغيرها من أجزاء البدن. (6) للعلم بأهميته، أو احتمالها. (7) كما نص عليه غير واحد، وفي الجواهر: " ينبغي القطع به " مستظهرا من الاصحاب الاجماع عليه. ويقتضيه أصل البراءة بناء على جريانه في أمثال المقام كما هو محرر في محله من الاصول. وقد عرفت فيما سبق الاشكال في العموم الدال على اعتبار النية في كل واجب.

 

 

____________

(* 1) تأتي في المسألة الثانية من هذا الفصل.

 

===============

 

( 154 )

 

[ وإن كان أحوط (1). (مسألة 2): الاحوط في كل من القطعات أن يكون وحده ساترا لما تحته، فلا يكتفي بما يكون حاكيا له (2) وإن حصل الستر بالمجموع. نعم لا يبعد كفاية ما يكون ساترا من جهة طليه بالنشاء ونحوه لا بنفسه (3)، وإن كان الاحوط كونه كذلك بنفسه ] (1) وعن الروض: ان النية معتبرة فيه لكن لو أخل بها لم يبطل. ثم قوى - أيضا - عدم الاثم. وتدافع كلامه ظاهر. (2) كما في جامع المقاصد، وعن الروض. وعلل بأنه المتبادر من إطلاق الثوب. لكنه ممنوع، كما في طهارة شيخنا الاعظم وغيرها. وأما الاجماع الآتي على اعتبار كونه مما يصلى فيه فغير ظاهر العموم لما نحن فيه لو سلمت حجيته. وهل يعتبر حينئذ تحقق الستر بالمجموع أولا؟ قولان. حكي ثانيهما عن بعض متأخري المتأخرين. للاطلاق المطابق للاصل. ورد بأنه خلاف صريح المروي عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع): " إنما أمر أن يكفن الميت ليلقى ربه طاهر الجسد، ولئلا تبدو عورته لم يحمله أو يدفنه، ولئلا يظهر الناس على بعض حاله وقبح منظره... " (* 1). وخلاف ظاهر المواراة المأمور بها في صحيح زرارة وابن مسلم المتقدم في تثليث الثياب. بل الظاهر أن الستر مأخوذ في مفهوم الكفن، أو معلوم من مذاق الشارع الاقدس. (3) لصدق الستر فيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب التكفين، حديث: 1.

 

===============

 

( 155 )

 

[ (مسألة 3): لا يجوز التكفين بجلد الميتة (1)، ولا بالمغصوب (2)، ولو في حال الاضطرار (3) ولو كفن بالمغصوب وجب نزعه بعد الدفن أيضا (4). (مسألة 4): لا يجوز اختيارا التكفين بالنجس (5)، ] (1) لفقد الطهارة المعتبرة فيه كما سيأتي. (2) إجماعا كما في الذكرى، بل إجماعا محصلا ومنقولا، وللنهي عن التصرف كما في الجواهر. أقول: بعد ما تقدم من أن التكفين ليس عباديا فالنهي عن التصرف في المغصوب إنما يقتضي حرمته لا بطلانه، ولا خروجه عن كونه مصداقا. نعم بناء على الامتناع لا يكون التكفين به - بمعنى اللف بالكفن - واجبا وإن كان مصداقا للتكفين لا بما هو واجب. اللهم إلا أن يقال: إن المراد من التكفين الواجب ليس مطلق فعل التكفين، ولذا لا يجب بذل الكفن، بل هو اللف بالكفن المبذول، فاللف بغيره ليس من أفراد الواجب ولو مع قطع النظر عن الوجوب. فتأمل جيدا. (3) لعدم وجوب التكفين عند انحصار الكفن بمال الغير، وحرمة التصرف فيه حينئذ على حالها. وأما بالنسبة إلى جلد الميتة فعدم جواز التكفين به في حال الضرورة يتوقف على عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقا. (4) لوجوب تسليمه إلى أهله من غير مزاحم، كما يأتي إن شاء الله تعالى في مستثنيات حرمة النبش. لكن هذا الوجوب يختص بالمباشر للتكفين ولا يعم غيره. نعم إذا كان كفن مبذول وجب كفاية تكفينه به ولا يمكن إلا بنزعه. (5) إجماعا كما عن المعتبر والتذكرة. وتقتضيه النصوص الدالة على وجوب إزالة النجاسة عن الكفن بعد التكفين.

 

===============

 

( 156 )

 

[ حتى لو كانت النجاسة بما عفي عنها في الصلاة على الاحوط (1)، ولا بالحرير الخالص (2) ] (1) بل هو المتعين كما يقتضيه إطلاق النص والفتوى. (2) إجماعا كما عن المعتبر والتذكرة والنهاية والذكرى والمدارك. واستدل به بمضمرة الحسن بن راشد: " سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ قال (ع): إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس " (* 1). وفي الذكرى عدها من المقبولات. بل بقرينة رواية محمد بن عيسى وروايتها في الفقيه مرسلة عن أبي الحسن الثالث (ع) أن الحسن بن راشد هو مولى آل المهلب الثقة الذي هومن أصحاب الجواد (ع) والهادي (ع)، لا مولى المنصور الضعيف الذي هو من أصحاب الصادق (ع) والكاظم (ع). ولكن سيأتي في المسألة السادسة أن هذه الرواية غير معمول بظاهرها. نعم ربما يشير إلى المنع النهي عن التكفين بكسوة الكعبة في جملة من النصوص (* 2) مع الاذن في بعضها ببيعها وهبتها والتبرك بها، إذ الظاهر - كما في الذكرى - كون الوجه كونها حريرا. وبما عن الدعائم عن أمير المؤمنين (ع): " ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يكفن الرجال في ثياب الحرير " (* 3). وأما ما في خبر السكوني: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله نعم الكفن الحلة " (* 4) فمطروح، أو محمول على التقية لو كان المراد من الحلة الحرير. لكن أنكر ذلك في الذكرى، وحكى عن أبي عبيدة: أن الحلل برود اليمن.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب التكفين حديث: 1. (* 2) لاحظ الوسائل باب: 22 من ابواب التكفين. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 18 من ابواب التكفين حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 23 من أبواب التكفين حديث: 2.

 

===============

 

( 157 )

 

[ وإن كان الميت طفلا أو امرأة (1)، ولا بالمذهب (2)، ولا بما لا يؤكل لحمه (3) جلدا كان، أو شعرا أو وبرا. ] (1) لاطلاق النص، وتصريح جملة من معاقد الاجماعات بعدم الفرق بين الرجل والمرأة. وفي المنتهى: " عندي فيه إشكال ينشأ من جواز لبسهن له في الصلاة بخلاف الرجل، ومن عموم النهي " ونحوه عن نهاية الاحكام. وهو كما ترى، إذ جواز اللبس في الصلاة لا يعارض عموم النهي. (2) كما عن كشف الغطاء. وليس له وجه ظاهر الا القاعدة - المحكي عن الغنية الاجماع عليها - من أنه لا يجوز أن يكون الكفن مما لا تجوز فيه الصلاة. وقد بنى عليها غير واحد منهم الفاضلان، والشهيدان، والمحقق الثاني في جملة من كتبهم، وعن مجمع البرهان: " وأما اشتراطهم كون الكفن من جنس ما يصلى فيه وكونه غير جلد فكأن دليله الاجماع " واستدل له برواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال: " قال أمير المؤمنين (ع): لاتجمروا الاكفان، ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلا الكافور فان الميت بمنزلة المحرم " (* 1)، بضميمة مادل على عدم جواز الاحرام بما لا تجوز فيه الصلاة (* 2). ويمكن أن يقال: إنما يتم الاستدلال بالرواية لو قيل بحرمة مسح الميت بالطيب. أما لو قيل بالكراهة - كما هو المشهور - كان ذلك بقرينة على كون المراد التنزيل في مجرد المرجوحية لئلا يلزم تخصيص المورد المستهجن، ولاسيما مع بناء الاصحاب على عدم العمل بالعموم المذكور، وأن الرواية ضعيفة السند بطريقيها معا. فالعمدة حينئذ كون الحكم مظنة الاجماع. (3) يعرف وجهه مما سبق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب التكفين حديث: 5. (* 2) لاحظ الوسائل باب: 27 من أبواب الاحرام، وباب: 37، 38 من أبواب تروك الاحرام.

 

===============

 

( 158 )

 

[ والاحوط أن لا يكون من جلد المأكول (1)، وأما من وبره وشعره فلا بأس (2) وإن كان الاحوط فيهما - أيضا - المنع (3). ] (1) لما عن المعتبر والتذكرة والذكرى وجامع المقاصد والمسالك وغيرها من المنع عنه، لعدم صدق الثوب عليه أو انصرافه عنه. وعن ظاهر الغنية والدروس، وصريح الروضة: الجواز، بدعوى صدق الثوب عليه، ومنع الانصراف عنه. مع أنه لو سلم ذلك كفى في الجواز تعليل وجوب التكفين بما سبق في رواية الفضل (* 1) المقتضي لعدم الفرق بين أفراد ما يوجب الستر والمواراة، المعتضد باطلاق لفظ الازار والقميص واللفافة ونحو ذلك مما يصدق على الجلد قطعا، وعدم الموجب لانصرافه عنه. اللهم إلا أن يقال: الظاهر من رواية الفضل أن المراد التعليل لاصل الوجوب في الجملة في مقابل عدمه، ولذا لاإشكال ممن عدا سلار في عدم الاكتفاء بالستر بثوب واحد وإطلاق اللفافة ونحوها - لو سلم - مقيد بما دل على وجوب الاثواب، وصدقه على الجلد ممنوع، أو هل محل تأمل. فيكون المرجع أصالة الاحتياط بناء على كونها المرجع عند الدوران بين التعيين والتخيير، لكنها إنما تصلح مرجعا بناء على عدم الاطلاق للفظ اللفافة، وإلا كان هو المرجع. (2) كما هو المشهور، لاطلاق الثياب. (3) لما عن الاسكافي من المنع فيهما، ويقتضيه ما في موثق عمار: " الكفن يكون بردا، فان لم يكن بردا، فاجعله كله قطنا، فان لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابريا " (* 2). لكنه محمول على الاستحباب، لاعراض الاصحاب عنه، بل الاجماع - كما عن الرياض - على الجواز في الصوف،

 

 

____________

(* 1) تقدمت في المسألة الثانية من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 159 )

 

[ وأما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع (1). (مسألة 5): إذا دار الامر في حال الاضطرار بين جلد المأكول وأحد المذكورات يقدم الجلد على الجميع (2). ] وممن عدا الصدوق على جوازه في الكتان. (1) كما استظهره شيخنا الاعظم. لما استفيد من أخبار علة تكفين الميت ومن كونه حرمته ميتا كحرمته حيا (* 2) ومن أن أصل ستر بدنه مطلوب، مضافا إلى إطلاق ثلاثة أثواب، والصراف أدلة المنع إلى حال الاختيار، وفيه: أن أدلة التكفين - بعد ضم بعضها إلى بعض - إنما اقتضت وجوب اللف بالكفن الجامع للشرائط لا غير. وحرمته ميتا استحبابية إجماعا، أو المراد منها حرمة هتكه كما في حال الحياة، وهو لا يقتضي لزوم التكفين مطلقا. وكون ستر بدنه مطلوبا مصادرة. وإطلاق الثلاثة أثواب محل منع أو تأمل بالنسبة إلى مثل الجلد، ومقيد بما دل على النهي عن مثل الحرير والنجس، وانصرافه إلى حال الاختيار غير ظاهر كسائر المقيدات. فالمتعين أن يقال: إذ لاإجماع على قاعدة الميسور في المقام، فان كان دليل المنع الاجماع - كما في المذهب وما لا يؤكل لحمه - وجب التكفين لعدم الاجماع حال الاضطرار، فلا مانع من الاخذ باطلاق الاثواب ونحوه، وإن كان الدليل عليه النهي - كما في الحرير - سقط التكفين لاطلاق دليل المقيد. وكذا لو كان أصالة الاحتياط الجارية عند الشك في التعيين، لكون الاصل الجاري في حال الاضطرار هو البراءة. فتأمل جيدا. (2) كما عن المدارك والذكرى معللا في ثانيهما بعدم صريح النهي فيه.

 

 

____________

(* 1) كرواية الفضل المتقدمة في المسألة الثانية من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 51 من ابواب الدفن حديث: 1.

 

===============

 

( 160 )

 

[ وإذا دار بين النجس والحرير، أو بينه وبين أجزاء غير المأكول لا يبعد تقديم النجس (1) وإن كان لا يخلو عن إشكال. ] أقول: نظرا إلى أن الكلام في هذه المسألة بعد البناء على وجوب التكفين في كل واحد لو انفرد، نقول: بناء على التوقف في جواز التكفين بالجلد - كما تقدم في المتن - يتعين التكفين به لاحتمال جوازه اختيارا المانع من جواز التكفين بغيره. أما بناء على انصراف الثوب إلى غيره أو اختصاصه بغيره فيشكل ترجيحه على غيره. اللهم إلا أن يحتمل تعينه بناء على الرجوع إلى الاحتياط عند الدوران بين التعيين والتخيير، فيتعين. هذا لو علم بعدم وجوب الجمع، وإلا كان مقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الجمع سواء احتمل تعين واحد بعينه أم لا. (1) كما في الذكرى لعروض المانع. ووجه شيخنا الاعظم (ره): بأن دليل اعتبار الطهارة متأخر عن دليل اعتبار كون الكفن من غير الحرير أو مما تجوز فيه الصلاة. بمعنى: أن الشارع لاحظ اعتبارها بعد اعتبار كون الكفن من غير الحرير مثلا، فتكون معتبرة في خصوص مالا يكون حريرا، فإذا فرض اختصاص اعتبارها حال الاختيار وسقوط اعتبارها في حال الاضطرار تعين فعل الفاقد لها لا غير. ويشكل بأن لازمه عدم اعتبار الطهارة في الحرير ونحوه، وهو - كما ترى - خلاف النص والاجماع، وعليه فلم يبق فرق بين الاعتبارين، إلا أن اعتبار أن لا يكون حريرا ونحوه ذاتي، واعتبار الطهارة عرضي، وهذ المقدار لا يوجب الفرق في الترجيح عند الاضطرار، فيتعين الرجوع إلى ما ذكرنا في ترجيح الجلد على غيره من أنه بعد البناء على وجوب التكفين حال الاضطرار فمع التردد يجب الاحتياط بالجمع، فإذا علم بعدم وجوب الجمع يتخير إلا أن يدور الامر بين التعيين

 

===============

 

( 161 )

 

[ وإذا دار بين الحرير وغير المأكول يقدم الحرير (1)، وإن كان لا يخلو عن إشكال في صورة الدوران بين الحرير وجلد غير المأكول (2)، وإذا دار بين جلد غير المأكول وسائر أجزائه يقدم سائر الاجزاء (3). (مسألة 6): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الابريسم على الاحوط (4). ] لاحدهما والتخيير بينهما، فليزم الاخذ بمحتمل التعيين. (1) كما عن الشهيدين، وعلله أولهما بجواز صلاة النساء فيه. ورده في جامع المقاصد بأن ذلك لا يقتضي جواز التكفين به، لعدم الملازمة. ولم يستبعد شيخنا الاعظم (ره) تقديم الحرير للنساء، وتقديم مالا يؤكل لحمه للرجال. وكأن الوجه في الاول: ما ذكره الشهيد، وفي الثاني: الحرمة التكليفية. ولكنه غير ظاهر ما لم يرجع إلى احتمال تعين الحرير للنساء وما لا يؤكل لحمه للرجال، ليرجع فيه إلى أصالة التعيين عند الدوران بينه وبين التخيير. (2) هذه الصورة أولى بوضوح تقديم الحرير من غيرها، لاشتمال الجلد على مانعين: كونه جلدا، وكونه من غير مأكول اللحم. (3) لصدق الثوب عليها جزما. (4) لرواية ابن راشد المتقدمة (* 1). وكأن وجه التوقف ظهور كلمات الاصحاب في خلافها، إذ هم مابين مقيد للحرير بالمحض، ومطلق ومعبر عنه بما لا تجوز الصلاة فيه الشامل له ولما لا يؤكل لحمه، والجميع غير شامل للممزوج بما يعتد به فانه لا يسمى حريرا محضا، ولا حريرا،

 

 

____________

(* 1) تقدمت في المسألة الرابعة.

 

===============

 

( 162 )

 

[ (مسألة 7): إذا تنجش الكفن بنجاسة خارجة، أو بالخروج من الميت وجب إزالتها (1). ] ولا مما لا تجوز فيه الصلاة، فتكون الرواية مهجورة. ولذا ادعى في الجواهر القطع بخلاف مفهوم الرواية في بعض الافراد. (1) اتفاقا ظاهرا كما في الجواهر. نعم عن الوسيلة: أنه عد في المندوبات قرض ما أصاب الكفن من النجاسة. ولعله يريد استحباب خصوص القرض لانفس الازالة، وإلا كان ضعيفا جدا، لمخالفته لظهور الاتفاق، وللنصوص الآمرة بغسل النجاسة الخارجة من الميت (* 1) بناء على عمومها للكفن، والامر بقرض الكفن لو أصابته نجاسة خارجة من الميت (* 2)، واختصاص موردها بالخارجة من الميت لا يقدح في ظهورها في عموم الحكم لغيرها. ثم إن المنسوب إلى الاكثر وجوب الغسل إلا أن تكون الملاقاة بعد طرحه في القبر فانها تقرض حينئذ وفي جامع المقاصد: " يجب غسل النجاسة على كل حال وإن وضع في القبر إلا مع التعذر ". واحتمل في الجواهر أن يكون ذلك مراد من أطلق. وكأن وجهه حمل نصوص الغسل على الاختيار، ونصوص القرض على الاضطرار. وهو غير ظاهر. ولاجل ذلك كان ماعن الشيخ وبني حمزة وسعيد والبراج: وجوب القرض مطلقا، أخذا بنصوص الامر بالقرض، بناء منهم على عدم ورود الامر بالغسل في الكفن ليجب الجمع بينهما بما سبق. وفيه: أنه وإن سلم ذلك إلا أن ظهور نصوص الامر بالقرض في الوجوب غير ثابت، لورود الامر به

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 2 من ابواب غسل الميت وغيره. (* 2) راجع الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت وباب: 24 من ابواب التكفين.

 

===============

 

( 163 )

 

[ ولو بعد الوضع في القبر (1). بغسل، أو بقرض إذا لم يفسد الكفن (وإذا لم يمكن وجب تبديله (3) مع الامكان. (مسألة 8): كفن الزوجة على زوجها (4) ] مورد توهم الحظر، فيتعين الحكم بجواز كل من القرض والغسل ولو مع إمكان الآخر. (1) لاطلاق النص، وانصرافه إلى ما قبل الوضع في القبر غير ظاهر بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. نعم لا ينبغي الاشكال في عدم وجوب ذلك بعد الدفن. (2) كأنه لدعوى الانصراف، وإلا فمقتضى نصوص القرض جوازه وإن أفسده الكفن. نعم لا يبعد عدم صدق القرض لو كان موضع النجاسة واسعا جدا. (3) لما عرفت من الاتفاق، وظهور نصوص القرض في اعتبار الطهارة. (4) إجماعا صريحا كما في الذكرى، وعن الخلاف ونهاية الاحكام والتنقيح ومجمع البرهان وغيرها. وفي المعتبر والذكرى: نسبته إلى فتوى الاصحاب. وعن التذكرة والمنتهى: نسبته إلى علمائنا. ويدل على خبر السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه (ع): " أن أمير المؤمنين (ع) قال: على الزوج كفن امرأته إذا ماتت " (* 1). وعن الفقيه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " قال ثمن الكفن من جميع المال. وقال: كفن المرأة على زوجها إذا ماتت (* 2) فيحتمل أن يكون القول الثاني

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب التكفين حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب التكفين حديث: 1، وفيه نقل القول الاول وينقل القول الثاني في باب: 32 من أبواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 164 )

 

[ ولو مع يسارها (1)، من غير فرق بين كونها كبيرة (2) أو صغيرة، أو مجنونة أو عاقلة، حرة أو أمة (، مدخولة أو غير مدخولة، دائمة أو منقطعة (4)، مطيعة أو ناشزة، ] من تتمة الصحيح كما جزم به في الوسائل وحكي عن جماعة. ويحتمل - كما عن بعض - كونه رواية أخرى مرسلة. وعلى كل حال يجب العمل بمضمونها لما عرفت. (1) نسب إلى فتوى الاصحاب كما في المعتبر والذكرى. وإلى علمائنا كما عن التذكرة والمنتهى. وفي الذكرى حكي عن الشيخ نقل الاجماع عليه ويقتضيه إطلاق النص، ولا يعارضه إطلاق مادل على أن الكفن من جميع المال بالنسبة إلى ذات المال، لقوة ظهور الاول، لغلبة وجود المال. ولان عنوان الزوجية من العناوين الثانوية المقدم دليلها عرفا على دليل العنوان الاولي. مضافا إلى ما في الفقيه - بناء على أنه من تتمة الصحيح - إذ لا مجال للتأمل في وجوب تقديمه على الصدر والبناء على كونه من قبيل الاستثناء. (2) لاطلاق النص والفتوى في جميع ذلك. (3) ربما يتوهم معارضة نص المقام بما دل على أن كفن المملوك على سيده. وفيه: أن ذلك الدليل ليس إلا الاجماع غير الثابت في الزوجة. (4) عن الدروس والكفاية: قصر الحكم على الدائمة، بل عن جماعة كثيرة: قصر الحكم على الدائمة غير الناشزة. وفي جامع المقاصد: أنه - يعني: سقوط الكفن - في غير الدائمة الممكنة أظهر. وعن التنقيح: التوقف في غيرها. وفي الذكرى: " أما الناشزة فالتعليل بالانفاق ينفي وجوب الكفن وإطلاق الخبر يشمله. وكذا المتمتع بها ". وربما يوجه

 

===============

 

( 165 )

 

[ بل وكذا المطلقة الرجعية (1) دون البائنة: وكذا في الزوج لا فرق بين الصغير والكبير، والعاقل والمجنون (2)، فيعطي الولي من مال المولي عليه. (مسألة 9): يشترط في كون كفن الزوجة على الزوج أمور: أحدها: يساره (3) بأن يكون له ما يفي به أو ببعضه زائدا ] بدعوى الانصراف إلى الدائمة كما احتمله في المدارك. وفيه: أن الانصراف لو تم في جميع أفراد المنقطعة فهو بدائي لا يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق. نعم لو كان الوجه في وجوب الكفن على الزوج كونه من النفقة الواجبة دار مدار وجوب الانفاق، فتخرج الناشزة، وغير المدخول بها لو قلنا بعدم وجوب الانفاق عليها، وحينئذ لا مجال للاخذ باطلاق الخبر، لان دليل سقوط النفقة بالنشوز مقدم على إطلاق وجوب النفقة للزوجة. لكن الوجه المذكور ضعيف. لكنه ليس هو المستند كما عرفت، وإن كان ظاهر المعتبر والذكرى وجامع المقاصد وغيرها تعليله به. لكنه في غير محله، لانقطاع الزوجية بالموت، وعدم كون الكفن من النفقة الواجبة. (1) لعموم تنزيلها منزلة الزوجة في النص والفتوى. (2) لاطلاق النص. ولا مجال لحديث: رفع القلم عن الصبي والمجنون (* 1)، لاختصاصه بالتكليف، فلا يشمل الوضع الذي هو ظاهر النص. ولاجل ذلك يجب على الولي إعطاؤه من مالهما كسائر موارد اشتغال ذمتهما بالمال. (3) فيما قطع به الاصحاب كما في المدارك، ونحوه كلام غيره. واحتمل في المدارك شموله للمعسر لاطلاق النص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 11.

 

===============

 

( 166 )

 

[ عن مستثنيات الدين، وإلا فهو أو البعض الباقي في مالها (1). ] أقول: إطلاق النص إنما يقتضي ثبوته في الذمة، ولا يقتضي وجوب الاداء ولو بالاستقراض، وإنما الذي يقتضي ذلك قاعدة وجوب أداء الحق لاهله كقاعدة السلطنة. وكن مادل على لزوم انتظار المعسر (* 1)، وما دل على عدم لزوم بيع مستثنيات الدين - مثل مصحح الحلبي: " لاتباع الدار ولا الجارية في الدين وذلك لانه لابد للرجل من ظل يسكنه وخادم يخدمه " (* 2) - مانع عن العمل به. ودعوى: عدم كون ذلك من الدين، أو انصرافه عن مثل ذلك مما يعد عرفا من النفقة. غير ظاهرة. اللهم إلا أن يقال: موضوع تلك الاحكام المال الثابت في الذمة مع قطع النظر عن وجوب الاداء، وليس المقام منه، إذ لااعتبار لاستحقاق الكفن على الزوج مع عدم وجوب بذله، ولا تجوز مطالبة الوارث به، إذ لا ينتقل إلى الوارث، فإذا كان ثبوته تابعا لوجوب بذله فاطلاق دليل ثبوته يقتضي وجوب بذله من دون معارض. ولذلك تمسك في المدارك باطلاق دليل ثبوته على وجوب بذله، ولازم ذلك وجوب الاستقراض مع الامكان. نعم إذا تعذر أو كان حرجيا سقط بذله فبطل ثبوته في الذمة. (1) لعموم مادل على أنه في جميع المال، ولا يعارضه مادل على أنه على الزوج، لان تطبيقه إن كان بلحاظ وجوب البذل فالمفروض انتفاؤه، وإن كان بلحاظ اشتغال الذمة فيتوقف على اعتباره في الذمة وإن لم يترتب عليه وجوب البذل وهو منتف كما عرفت. وإذا امتنع تطبيق ما دل على أن كفنها على الزوج وجب الرجوع إلى العموم المذكور.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 25 من أبواب الدين. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الدين حديث: 1.

 

===============

 

( 167 )

 

[ الثاني: عدم تقارن موتها (1). الثالث: عدم محجورية الزوج قبل موتها بسبب الفلس (2). الرابع: أن لا يتعلق به حق الغير من رهن أو غيره. الخامس: عدم تعيينها الكفن بالوصية (3). ] فما احتمله في الجواهر من دفنها بلا كفن ضعيف. ثم إن الوجه في البناء على التبعيض أن ظاهر مادل على أنه على الزوج كونه كسائر الحقوق المالية من باب تعدد المطلوب، فإذا تعذر بعضه وجب عليه الممكن منه ويكون المتعذر من مالها كما سبق. (1) كما في الذكرى، وعن جماعة، كالمقداد والشهيد والمحقق الثانيين، لظهور الدليل في الزوج الحي حال موتها. (2) لان الحجر موجب لسلب قدرته شرعا على التصرف في ماله، والمنع الشرعي كالمنع العقلي. ومنه يظهر الوجه في الشرط الرابع. لكن هذا التعليل إنما يقتضي سقوط الكفن عن الزوج بناء على اعتبار الشرط الاول، وإلا ففيه إشكال كما عرفت. ويكفي في السقوط تعذر بذل الكفن أو كونه حرجيا. (3) كما في المستند وغيره، لعموم وجوب العمل بالوصية. اللهم إلا أن يقال: مجرد العموم المذكور لا ينافي اشتغال ذمة الزوج بالكفن، لامكان اعتبار الاشتغال بلحاظ وجوب التكفين على تقدير عدم عمل الوصي بالوصية، بل المنافي لاشتغال الذمة نفس العمل، فلا يسقط الكفن عن الزوج إلا في ظرف العمل بالوصية، لان وجوبه عليه بمعنى وجوب صرف الوجود في مقابل كونها عارية، فإذا كفنت بمقتضى الوصية فقد تحقق الموضوع، فيكون العمل بالوصية رافعا لشرط الوجوب، ولذا لا يتنافى

 

===============

 

( 168 )

 

[ (مسألة 10): كفن المحللة على سيدها (1) لا المحلل له. (مسألة 11): إذا مات الزوج بعد الزوجة وكان ما يساوي كفن أحدهما قدم عليها (2)، حتى لو كان وضع عليها فينزع منها (3)، ] دليل الوصية ودليل كون الكفن على الزوج. وكذا لو تبرع به متبرع. (1) على ما يأتي في كفن المملوك، إذ ليست هي زوجة حتى يكون كفنها من المحلل له، لان التحليل ليس تزويجا، بل هو من قبيل ملك اليمين. (2) كما في الجواهر وغيرها، للنص الآتي الدال على أن الكفن أول شئ يبدأ به. (3) إعلم أن قوله (ع): " كفن المرأة على زوجها " (* 1) تارة: يكون بمعنى أنها تلك في ذمته عين الكفن كما تملك في حال الحياة النفقة الواجبة من الطعام والكسوة ونحوهما. وأخرى: بمعنى أنها تملك عليه أن يكفنها، فيكون المملوك لها عليه لفها في الكفن بلا ملك لها لنفس الكفن نظير ملكها عليه الاسكان في حال الحياة من باب النفقة. وعلى الاول: فاما أن يتعين ما في الذمة بمجرد التكفين به نظير قبض الدائن الموجب تعين ما في ذمة المديون في المقبوض، وإما أن لا يتعين بذلك. وكذا على الثاني إما أن يكون الكفن الموضوع عليها بخصوصيته موضوعا لحقها فيتعين به موضوع الحق، وإما أن لا يكون كذلك. فعلى الاول من الاول: لا مجال للاشكال في عدم جواز تكفينه به لخروجه عن ملكه. كما أنه على الثاني منه لا مجال للاشكال في وجوب تكفينه به، لكون حاله حال سائر متروكاته. وعلى الاول من الثاني: يكون حاله حال سائر متروكاته التي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من أبواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 169 )

 

تكون متعلقا لحق الغير في الاشكال في جواز تكفينه بها، كما سيأتي في المسألة العشرين. وعلى الثاني منه لاإشكال في جواز تكفينه به، لتقديم الكفن على الدين فضلا عن الحق المالي. والظاهر من النص المعنى الاول من المعنيين، كما يظهر من ملاحظة نظائره، مثل: " لزيد علي مال "، ولاجل ذلك قلنا بملك الزوجة على الزوج في النفقة نفس الطعام والكسوة لظهور قوله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن) (* 1) في ذلك، بخلاف المسكن، لقصور قوله تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم) (* 2) عن إفادة ذلك. وعدم صلاحية الميت للملك غير ثابت. كما أن القطع بجواز التبديل أعم من بقائه على ملكه، لجواز أن يكون ذلك لولايته على التجهيز. وحينئذ فلا يبعد أن يكون مقتضى الاطلاق المقامي تعينه بوضعه عليها وتكفينها به لانه نحو من الاداء. اللهم إلا أن يقال: مجرد تضمن النص لكون الكفن في ذمة الزوج أعم من ملك الزوجة، إذ على المعنى الثاني - أيضا - يكون في ذمة الزوج لانه يكفي في اشتغال الذمة بالعين كونها موضوعا لحق الغير، كما لو أتلف الراهن العين المرهونة فانه يضمنها مع أنها ملك له. نعم لو تضمن النص أن للزوجة على الزوج كفنها تعين المعنى الاول، لكن النص خال عن ذلك. وحينئذ فمقتضى أصالة عدم ملك الزوجة الكفن البناء على المعنى الثاني، ومقتضى الاطلاق المقامي المتقدم على الوجه الاول منه، وسيأتي في المسألة العشرين أن الحق تقديم الكفن على حق الغير المتعلق بمال الميت.

 

 

____________

(* 1) البقرة: 233. (* 2) الطلاق: 6.

 

===============

 

( 170 )

 

[ إلا إذا كان بعد الدفن (1). (مسألة 12): إذا تبرع بكفنها متبرع سقط عن الزوج (2). (مسألة 13): كفن غير الزوجة من أقارب الشخص ليس عليه وإن كان ممن يجب نفقته عليه (3)، بل في مال الميت. وإن لم يكن له مال يدفن عاريا. (مسألة 14): لا يخرج الكفن عن ملك الزوج بتكفين المرأة (4)، فلو أكلها السبع أو ذهب بها السيل وبقي الكفن رجع إليه (5) ولو كان بعد دفنها. (مسألة 15): إذا كان الزوج معسرا كان كفنها في تركتها (6). فلو أيسر بعد ذلك ليس للورثة مطالبة قيمته (7). ] (1) لما في الجواهر من نفي الاشكال في اختصاصها به. وكأن وجهه قصور نص تقديم الكفن على الحقوق المالية عن شمول الفرض. (2) لتحقق الموضوع الواجب عليه كما أشرنا إليه في الشرط الخامس. (3) بلا خلاف ظاهر كما في الجواهر وطهارة شيخنا الاعظم (ره). وظاهر محكي الروض كونه مسلما. ويقتضيه الاصل، وعدم الدليل عليه وماعن موضع من التذكرة من وجوبه على من تجب عليه نفقته غير ظاهر إلا ما عرفت من كونه من شؤون النفقة الواجبة، وهو ممنوع صغرى وكبرى. (4) تقدم وجهه في المسألة الحادية عشرة. (5) لانتفاء الحق بذهاب موضوعه. (6) كما سبق في الشرط الاول. (7) لعدم ثبوت كونه ملكا للزوجة ليكون إرثا. مع أنه - لو سلم ذلك - لا دليل على كونه موروثا، لاختصاص أدلة الارث بما كان ملكا

 

===============

 

( 171 )

 

[ (مسألة 16): إذا كفنها الزوج فسرقه سارق وجب عليه مرة أخرى (1)، بل وكذا إذا كان بعد الدفن على الاحوط (2). (مسألة 17): ما عدا الكفن من مؤن تجهيز الزوجة ليس على الزوج على الاقوى وإن كان أحوط (3). ] في حال الحياة. وثبوته في غير ذلك - كالدية أو غيرها - لا يقتضي الثبوت في المقام. (1) لان الكفن الواجب بذله على الزوج هو ما يجب على المكلفين لفه به. وكما يجب اللف بالكفن إلى أن يدفن كذلك يجب بذله على الزوج فإذا فقد ما بذله أو لا قبل الدفن وجب عليه بذله ثانيا. (2) فانه مقتضى استصحاب وجوب تكفينها عليه، ولولاه لجاز استرجاعه بعد الدفن. (3) بل عن المبسوط، والسرائر، ونهاية الاحكام، والذكرى، والدروس، والبيان، والموجز الحاوي، والتنقيح، وجامع المقاصد، والمسالك، وغيرها: الجزم به، ونسب إلى الاكثر، بل في الجواهر: " لاأجد فيه خلافا ". وليس له وجه ظاهر إلا دعوى وجوبها من باب الانفاق، وفيها ما عرفت من الاشكال صغرى وكبرى. أو كون ذكر الكفن في النص من باب كونه أهم شؤون التجهيز لا لخصوصية فيه كما يؤيده الاقتصار عليه فيما يدل على خروجه من أصل المال، وأنه مقدم على الدين. مع الاتفاق منهم على عموم ذلك لسائر مؤن التجهيز، وفي معقد الاجماع المحكي عن غير واحد على كون التجهيز المملوك على سيده. ولا يبعد حينئذ أن يكون المراد من الكفن في معقد إجماعات المقام ما يعم

 

===============

 

( 172 )

 

[ (مسألة 18): كفن المملوك على سيده (1) وكذا سائر مؤن تجهيزه (2)، إلا إذا كانت مملوكة مزوجة فعلى زوجها كما مر. ولا فرق بين أقسام المملوك. وفي المبعض يبعض (3)، وفي المشترك يشترك (4). (مسألة 19): القدر الواجب من الكفن يؤخذ من أصل التركة (5) ] سائر مؤن التجهيز، كما يقتضيه إرسال غير واحد له إرسال المسلمات. لكن في كفاية هذا المقدار في الجزم تأملا. ولذا توقف فيه في المدارك، وحكي عن الاردبيلي وغيره. ومنه يظهر أنه يصعب الجزم بخلافه كما صدر من المصنف وغيره، ولاسيما بملاحظة ما في كلام بعض من دعوى عدم الفصل بين الكفن وغيره. (1) إجماعا كما عن المعتبر والتذكرة والذكرى والروض والمدارك والمستند وغيرها، وهو العمدة فيه. (2) إجماعا كما في المستند، ولعله المراد من الاجماعات السابقة نظير ما تقدم. (3) كما صرح به في الذكرى وغيرها، بل استظهر في الجواهر من الذكرى وغيرها: الاجماع عليه. (4) لان الشركاء مولى. (5) إجماعا كما عن الخلاف والمعتبر والتذكرة ونهاية الاحكام والروض وكشف اللثام وغيرها. ويدل عليه صحيح ابن سنان المتقدم: " ثم الكفن من جميع المال " (* 1). وغيره مما يأتي.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 173 )

 

[ - في غير الزوجة والمملوك - مقدما على الديون الوصايا (1) وكذا القدر الواجب من سائر المؤن (2) من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الارض، بل وما يؤخذ من الدفن في الارض المباحة (3) وأجرة الحمال والحفار ونحوها في صورة الحاجة إلى المال. وأما الزايد عن القدر الواجب في جميع ذلك فموقوف ] (1) إجماعا صريحا كما في الذكرى، وعن الروض وكشف اللثام وشرح الجعفرية، وظاهرا كما عن غيرها. ويدل عليه خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع): " أول شئ يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث " (* 1) ومصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن كفنه. قال (ع): يجعل ما ترك في ثمن كفنه، إلا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنونه ويقضى ما عليه مما ترك " (* 2) بضميمة مادل على تأخر الوصية عن الدين وتقدمها على الميراث مما هو مذكور في محله من كتاب الوصايا. (2) كما عن جماعة التصريح به، بل عن الخلاف، وفي المدارك: الاجماع عليه. ولعله المراد من الكفن في النص ومعاقد الاجماعات على استثنائه، وهذا هو العمدة فيه، وإلا فليس له شاهد من النصوص ظاهر. (3) كما يقتضيه إطلاق المؤنة في معقد إجماعي الخلاف والمدارك. نعم قد يستشكل في استثناء المؤن التي تحصل بسبب مخالفة الشارع، مثل ما يأخذه الظالم من دفن الميت في الارض المباحة. بل قوى في الجواهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 27 من أبواب كتاب الوصايا حديث: 2.

 

===============

 

( 174 )

 

[ على إجازة الكبار من الورثة في حصتهم (1)، إلا مع وصية الميت بالزائد (2) مع خروجه من الثلث، أو وصيته بالثلث من دون تعيين المصرف كلا أو بعضا، فيجوز صرفه في الزائد من القدر الواجب (3). ] عدم أخذها من أصل المال، للاصل مع عدم الدليل عليه، واطلاق المؤنة في معقد الاجماع منصرف عنها. وفيه: منع الانصراف المعتد به، مع أن عدم أخذها من أصل المال يقتضي عدم أخذها من مال غير الميت بطريق أولى، ولازمه بقاء الميت بلا دفن حتى يتلاشى بدنه ويضمحل، وهو مقطوع بخلافه. فتأمل. (1) كما في جامع المقاصد، إما لخروج المندوب عن الكفن فلا دليل على استثنائه، أو لانه وإن كان جزءا من الكفن الافضل - بأن يكون الكفن الواجب ذا فردين أفضل ومفضول - إلا أن ثبوت الجامع بين الفردين في التركة يقتضي جواز اقتصار الوارث على دفع أقلهما. ومجرد خطاب الولي بأخذ الجامع لا يكفي في جواز أخذه الفرد الافضل، وإنما المقتضي لذلك جعل ولاية تعيين الجامع له، والدليل قاصر عنه، فمطالبة الولي للوارث في الفرد الافضل خلاف سلطنته على ماله. وأما الامر بالتكفين بالكفن الافضل فانما يقتضي رجحانه فقط، ولا يقتضي جواز التصرف في التركة بدون رضى الوارث، كما لا يقتضي جواز التصرف في غيرها من الاموال. (2) وحينئذ يجب عملا بعموم نفوذ الوصية، ويكون مخرجه الثلث كسائر الوصايا، ولا دخل فيه لما دل على أن الكفن من جميع المال. (3) إذا كان الوصي يرى ذلك، لان أمر الثلث راجع إليه.

 

===============

 

( 175 )

 

[ (مسألة 20): الاحوط الاقتصار في القدر الواجب على ما هو أقل قيمة (1) فلو أرادوا ما هو أعلى قيمة يحتاج الزائد إلى إمضاء الكبار في حصتهم. وكذا في سائر المؤن، فلو كان لا يجوز اختيار الارض التي مصرفها أزيد إلا بامضائهم، إلا أن يكون ما هو الاقل قيمة أو مصرفا هتكا لحرمة الميت، فحينئذ لا يبعد خروجه من أصل التركة (2). وكذا بالنسبة إلى مستحبات الكفن، فلو فرضنا أن الاقتصار على أقل الواجب هتك لحرمة الميت يؤخذ المستحبات - أيضا - من أصل التركة. (مسألة 21): إذا كان تركة الميت متعلقا لحق الغير - مثل حق الغرماء في الفلس، وحق الرهانة، وحق الجناية - ] (1) الفرق بين هذه المسألة وما قبلها: أن ما قبلها كان في المندوب الذي يكون وجودا زائدا على الواجب كالعمامة، وهذه المسألة فيما لو كان المندوب خصوصية في الواجب مثل كون الثوب قطنا أو حبرة، وعليه فما سبق في وجه اعتبار رضى الورثة من قصور الدليل عن إثبات ولاية تعيين الواجب للولي جاز هنا أيضا. ومنه يظهر أن الوجه في جزم المصنف في المسألة السابقة باعتبار رضى الورثة بناؤه على خروج المستحبات عن الكفن أصلا، لاجزءا من ماهيته، ولا من فرده. (2) كأنه لدعوى انصراف الدليل عما يوجب الهتك، وإلا فمجرد حرمته هتك الميت لا تقتضي تعين الكفن الثابت في التركة في خصوص الفرد الآخر الذي لا يلزم من التكفين به الهتك. وكذا الحال بالنسبة إلى مستحبات الكفن.

 

===============

 

( 176 )

 

[ ففي تقديمه أو تقديم الكفن إشكال (1)، فلا يترك مراعاة الاحتياط ] (1) ينشأ من أن مقتضى إطلاق دليل الحق عدم جواز التصرف بالتركة بنحو ينافيه. ومن أن الحق إنما يتعلق بالتركة إذا وجب وفاء الدين فإذا فرض عدم وجوب وفائه لما دل على وجوب تقديم الكفن وجب البناء على سقوطه، فلا مانع من صرف التركة في التكفين، ولاسيما بملاحظة إطلاق النص والفتوى بخروج الكفن من أصل المال. وما في الجواهر من نفي معرفة الخلاف في تقديم الكفن على حق الغرماء. اللهم إلا أن يقال: ثبوت الحق إنما يتبع نفس الدين، لان العين إنما كانت رهنا عليه، فما دام الدين موجودا يكون الحق كذلك. ودليل تقديم الكفن لا يسقط الدين، ولا يوجب براءة ذمة الميت. وحينئذ يكون إطلاق البدأة بالكفن معارضا لما دل على ثبوت الحق تعارض العامين من وجه، فيكون المرجع - بعد التساقط - أصالة بقاء الحق، فيقدم على الكفن لحرمة التصرف في حق الغير، ولا يصلح دليل وجوب التكفين للترخيص في التصرف فيه كما لا يخفى. وكأنه لذلك قال في محكي البيان وحواشي القواعد: " إن المرتهن والمجني عليه يقدمان "، وكذلك ماعن الموجز الحاوي. وفي الذكرى: قدم المرتهن بخلاف غرماء المفلس. ولكن لم يتضح الفرق بينهما في ذلك مع أن حق الغرماء نظير حق الرهن وأما حق الجناية فأولى منهما في التقديم لعدم ثبوت الدين فيه ليجئ ما سبق من تأخر الدين عن الكفن. وفي جامع المقاصد: " يمكن الفرق بين المرهون والجاني، لان المرتهن إنما يستحق من قيمة ولا يستقل بالاخذ، بخلاف الجاني، ويمكن الفرق بين الجناية خطأ وعمدا. والحكم موضع تردد، وإن كنت لاأستبعد تقديم الكفن في الرهن ". والاظهر ما ذكره، فان

 

===============

 

( 177 )

 

[ (مسألة 22) إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فالظاهر عدم وجوبه على المسلمين (1)، لان الواجب الكفائي هو التكفين لا إعطاء الكفن، لكنه أحوط. ] تخصيص مادل على ثبوت الحق أهون من تخصيص مادل على أن الكفن مقدم على الدين، فيكون أظهر منه في مورد الاجتماع. ولذا يظهر منهم التسالم على تقديم الكفن على حق غرماء المفلس. وأما حق الجناية فالظاهر تقديمه على الكفن، لما عرفت من عدم صلاحية أدلة تقديم الكفن على الدين لمزاحمته. وكذا دليل وجوب التكفين من أصل المال، فانه لا يصلح لمزاحمة حقوق الناس. ومنه يظهر ضعف ما قد يقال من أن مقتضى رواية السكوني تقدم الكفن على كل شئ، فيكون حال الجاني حال غيره، لا التقدم على خصوص الدين، ليفرق بين ما يكون فيه دين وما لا يكون. (1) هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء كما في المدارك، أو بلا خلاف ظاهر كما عن الذخيرة، أو إجماعا كما عن اللوامع وشرح الوسائل والرياض بل عن نهاية الاحكام أيضا. وعن كشف اللثام: الاجماع على استحباب بذل الكفن، وهذا هو العمدة فيه. مضافا إلى أن إطلاق وجوب التكفين - بعد قيام الدليل على أن الكفن من جميع المال - لابد من حمله على إرادة وجوب اللف بالكفن المفروض، لا وجوب التكفين مطلقا ولو ببذل الكفن، فان ذلك خلاف مقتضى الجمع العرفي بين المطلق والمقيد. وقد يشير إلى نفي الوجوب صحيح سعد: " من كفن مؤمنا فكأنما ضمن كسوته إلى يوم القيامة " (* 1)، وخبر الفضل بن يونس: " سأل أبا الحسن (ع) في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشتري له كفنه من الزكاة؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب التكفين حديث: 1.

 

===============

 

( 178 )

 

[ وإذا كان هناك من سهم سبيل الله من الزكاة فالاحوط صرفه فيه (1). والاولى بل الاحوط أن يعطى لورثته (2) حتى يكفنوه من مالهم إذا كان تكفين الغير لميتهم صعبا عليهم. (مسألة 23): تكفين المحرم كغيره فلا بأس بتغطية راسه ووجهه (3)، فليس حالهما حال الطيب في حرمة تقريبه إلى الميت المحرم. ] فقال (ع): أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه. قلت: فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فاجهزه أنا من الزكاة؟ قال (ع): كان أبي (ع) يقول: إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا، فوار بدنه وعورته، وجهزه، وكفنه، وحنطه، واحتسب بذلك من الزكاة، وشيع جنازته. قلت: فان اتجر عليه بعض إخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضي دينه بالآخر؟ قال (ع): لا، ليس هذا ميراثا، إنما هذا شئ صار إليهم بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه ويكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم " (* 1). (1) بل وجوبه محكي عن المنتهى والذكرى وجامع المقاصد والروض ومجمع الفائدة للخبر المتقدم. وفي دلالته نظر لعدم ظهور السؤال في كونه سؤالا عن الوجوب، ولاستدلاله بقول أبيه (ع) الظاهر في الاستحباب، ولاسيما بملاحظة عدم وجوب كسوة الحي. (2) للامر به في الخبر، لكنه محمول على الاستحباب، لعدم القول بوجوبه كما عن الروض. ولعل حكمته رفع المهانة عنهم كما أشار إليه في المتن، ولذلك قيده به. (3) عن المختلف: أنه المشهور. وعن الخلاف: الاجماع في الاول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب التكفين حديث: 1.