فصل في حكم الاواني

[ فصل في حكم الاواني (مسألة): لا يجوز استعمال الظروف المعمولة من جلد نجس العين أو الميتة فيما يشترط فيه الطهارة (1)، من الاكل والشرب والوضوء والغسل. بل الاحوط عدم استعمالها في غير ما يشترط فيه الطهارة أيضا (2)، وكذا غير الظروف من جلدهما، بل وكذا سائر الانتفاعات غير الاستعمال (3)، فان الاحوط ترك جميع الانتفاعات منهما. وأما ميتة ما لا نفس له - كالسمك ونحوه - فحرمة استعمال جلده غير معلوم (4)، ] عدم الاعتبار بوسواسه، ولازم ذلك الرجوع إلى ما هو المتعارف عند غيره. فصل في أحكام الاواني؟ (1) لانه بعد البناء على نجاسة الجلد ينجس المظروف، فلا يجوز أكله، ولاشربه، ولا غير ذلك مما يعتبر في جوازه الطهارة. فمرجع عدم جواز الاستعمال إلى عدم جواز الامور المذكورة. (2) قد تقدم في مبحث نجاسة الميتة، وفي أحكام النجاسات، أن الاقوى جواز الانتفاع بها مطلقا، بنحو الاستعمال وغيره. (3) قال في كشف الغطاء: " الظاهر أن الانتفاع به لوقود الحمام أو لغيره، أو لجعله بوا، أو لاطعام الكلاب، أو في بناء، أو غيرها أو للتوصل إلى قتل بعض الحيوانات المؤذية ونحو ذلك، ليس من الاستعمال ". (4) لاختصاص أدلة المنع بغيرها، بل ظاهر الجواهر وغيرها المفروغية 

[ (مسألة 22): إذا شك في آنية أنها من أحدهما أم لا، أو شك في كون شئ مما يصدق عليه الآنية أم لا. لا مانع من استعمالها (1) 

===============

 

( 155 )

 

[ وإن كان أحوط. وكذا لا يجوز استعمال الظروف المغصوبة مطلقا (1). والوضوء والغسل منها مع العلم باطل مع الانحصار (2)، ] عن الجواز. نعم مقتضى الجمود على بعض العبارات كبعض النصوص (* 1) هو الحرمة، لكنه محمول على إرادة الميتة النجسة لاغير. (1) بلا خلاف ولا إشكال. ويشهد به موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، فانه لا يحل دم امرء مسلم، ولا ماله إلا بطيبة نفسه " (* 2). والمراد منه التصرف، لا خصوص الاستعمال، ولا مطلق الانتفاع. ويشهد به التوقيع المروي عن الاحتجاج وإكمال الدين " لا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه " (* 3)، فان به يرتفع إجمال الفعل المقدر في قوله عليه السلام: " لا يحل دم... ". (2) الوضوء من الاناء المغصوب (تارة): يكون بالارتماس فيه (واخرى): بصب ما فيه على الاعضاء (وثالثة): بالاغتراف منه. والظاهر أن موضوع كلام المتن هو الاخير، وهو (تارة): يكون بالاغتراف منه تدريجا، حسب ترتيب غسل الاعضاء (والاخرى): باغتراف تمام المقدار المحتاج إليه في الوضوء دفعة واحدة (والاولى) هي موضوع حكمه بالبطلان مطلقا ولو مع عدم الانحصار. والوجه فيه: دعوى كون الوضوء من الاناء المغصوب استعمالا عرفا للاناء المغصوب، فيكون محرما شرعا، واقتضاء ذلك للبطلان في صورة عدم الانحصار واضح، لان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب لباس المصلي حديث: 1، 2. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب مكان المصلي حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب الانفال حديث: 6.

 

===============

 

( 156 )

 

تحريمه مانع من التقريب المعتبر في العبادة، التي منها الوضوء إجماعا - كما سيأتي إن شاء الله - فيبطل بدونه. وأما في صورة الانحصار فيبتني البطلان على عدم صلاحية وجوب الوضوء لمزاحمة تحريم الغصب، كما هو الظاهر، المتسالم عليه عند الاصحاب. وإلا فلو صلح لذلك، لوجود ملاكه في حال انطباقه على الاستعمال المحرم، كان المورد من صغريات مسألة الاجتماع، فيمكن التقرب بالفعل على تقدير تقديم جانب الامر. لقوة ملاكه، أو سقوط الامر والنهي معا لتساوي ملاكيهما، فتصح الطهارة حينئذ. هذا ولكن الدعوى المذكورة - أعني: كون الوضوء من الاناء استعمالا له - ممنوعة موضوعا وحكما (أما الاول) فلان الاستعمال عبارة عن إعمال الشئ فيما يصلح له. والاناء إنما يصلح للظرفية، فاستعماله إنما يكون بجعله ظرفا للماء، وأما غسل الوجه بالماء المأخوذ منه فانما يكون استعمالا للماء لا للاناء، (وأما الثاني) فلما عرفت من أن المستفاد من الادلة كون تحريم المغصوب إنما هو بمعنى تحريم التصرف فيه، كما هو الجاري على ألسنتهم، ويقتضيه التوقيع الشريف المتقدم - كما عرفت - فلو كان الاستعمال تصرفا حرم وإلا فلا. ولاجل منع الدعوى المذكورة فصل جماعة بين صورتي الانحصار وعدمه، فحكموا بالبطلان في الاولى وبالصحة في الثانية. أما الصحة في الثانية، فلان الغرفة الاولى المأخوذة من الاناء بعد صيرورتها في الكف يكون حالها حال الماء الموجود في الاناء المملوك، فيجوز استعمالها في الطهارة كما يجوز استعماله فيها، وكذا حال بقية الغرفات. وأما البطلان في الاولى فلانه بأخذ الغرفة الاولى - حيث يحرم عليه أخذ ما عداها - لا يكون واجدا للماء، كي يشرع في حقه الوضوء، وإذ لا أمر بالوضوء يمتنع التقرب

 

===============

 

( 157 )

 

بغسل العضو بتلك الغرفة، فلو غسله بها كان باطلا. فان قلت: يكفي وجود الملاك في قصد التقرب. قبل: نعم، لكن لا دليل على وجود الملاك هنا، بل مقتضى الجمع بين قوله تعالى: (إذ قمتم الى الصلاة...) (* 1) وقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء...) (* 2) تقييد الاولى بالثانية، فيكون وجوب الوضوء مشروطا بالوجدان، فيكون ملاكه مشروطا به أيضا، وحيث أن الوجدان أعم من العقلي والشرعي، يكون تحريم الاغتراف شرعا موجبا لصدق عدم وجدان الماء، وينتفي معه ملاك الوضوء مع أن الالتزام بوجود الملاك في ظرف ملازمة فعل الوضوء لارتكاب محرم يقتضي اختصاص سقوطه ومشروعية التيمم بصورة كون ملاك التحريم أقوى، إذ لو كان ملاكه أضعف من ملاك الوضوء أو مساويا سقط التحريم، وشرع الوضوء، مع أن بناء الاصحاب على ثبوت التحريم، وسقوط الوضوء، ومشروعية التيمم، في جميع موارد لزوم فعل الوضوء لارتكاب محرم (ودعوى): أن تحريم ذلك المحرم مطلقا مانع من صدق الوجدان وموجب لمشروعية التيمم (مندفعة) بأن التحريم أنما يمنع من صدق الوجدان لو لم يسقط بمزاحمة وجوب الوضوء الذي هو أهم وإلا فلا يمنع قطعا. و بالجملة: بناء الاصحاب على مشروعية التيمم إذا توقفت الطهارة المائية على ارتكاب أي محرم كان، وعدم إعمالهم قواعد التزاحم، يكشف عن بنائهم على إناطة ملاك الطهارة المائية بالوجدان وعدم التحريم. هذا ولكن يمكن أن يقال: إطلاق آية الوضوء يقتضي كون وجوبه

 

 

____________

(* 1) المائدة: 6. (* 2) المائدة: 6، والنساء: 4.

 

===============

 

( 158 )

 

مطلقا غير مشروط بالوجدان، فيكون ملاكه كذلك. ويقتضيه الاجماع المحكي على حرمة إراقة الماء بعد الوقت. وأما استفادة كونه مشروطا بالوجدان من جهة الجمع العرفي بينها وبين آية التيمم - حسب ما ذكر - فغير ظاهر في مثل هذا القيد، كما يظهر من ملاحظة نظائره. فانه إذا قيل: إذا جاءك زيد فقدم له تمرا، فان لم تجد فماء باردا. لا يفهم منه أن ملاك حسن تقديم التمر مشروط بوجدانه. وبالجملة: القيود الاضطرارية ليست كغيرها من القيود. مثلا إذا قيل: تجب الصلاة تماما على الناس، وإذا سافروا قصروا. يقيد الكلام الاول بالثاني، ونتيجة الجمع بالتقييد أنه تجب الصلاة تماما على غير المسافرين، وتجب قصرا على المسافرين، فيكون ملاك وجوب التمام مشروطا بعدم السفر، كما أن ملاك القصر مشروط بالسفر، فيكون كل من التمام والقصر واجبا في غير مورد الآخر، ويكون في عرضه. وهذا بخلاف القيود الاضطرارية، فإذا قيل: تجب الصلاة قياما، وفي حال الاضطرار تجب جلوسا. لا يفهم أن ملاك القيام مشروط بالاختيار، بل يفهم أن ملاكه مطلق غير مشروط بالاختيار، وأن تشريع الجلوس من جهة الضرورة، لا لقصور ملاك القيام. وملاحظة النظائر من الابدال الاضطرارية تستوجب وضوح ما ذكرنا. ويزيده وضوحا بناء الاصحاب (قدهم) على بدلية الابدال الاضطرارية إذ لا معنى لبدلية الجلوس عن القيام في الصلاة، إذا كان ملاك القيام مشروطا بالاختيار، ولذا لم يكن بناؤهم على بدلية القصر عن التمام، كما كان بناؤهم على بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل، حتى أن المكلف ينوي البدلية عند فعل التيمم، ولا ينوي البدلية عند فعل القصر، كما لا ينوي بدلية التمام عن القصر. وبالجملة: لا ريب في صحة نية البدلية

 

===============

 

( 159 )

 

في الابدال الاضطرارية، ولا تصح نية البدلية في غيرها من موارد التقييد وليس ذلك إلا لما ذكرنا من وجود الملاك في حال الاضطرار في موارد الابدال الاضطرارية، وعدم وجود الملاك في غيرها من الموارد، مثل القصر والتمام، فليس القصر بدلا عن التمام، ولا التمام بدلا عن القصر، والتيمم بدل عن الوضوء، وليس الوضوء بدلا عن التيمم. فهذا الاختلاف دليل واضح على ما ذكرنا. وأما بناء الاصحاب على عدم إعمال قواعد التزاحم بين وجوب الطهارة المائية وتحريم ما يلازم فعلها، فيمكن أن يكون لفهمهم من الوجدان في آية التيمم، ما كان بالنظر إلى غير وجوب الوضوء، كما هو غير بعيد وسيأتي في مبحث التيمم إن شاء الله بيانه. وعليه فلا بأس بدعوى صحة الوضوء لو اغترف تدريجا، بناء على ما عرفت توضيحه في مسألة وجوب تطهير المسجد من كفاية الملاك في صحة العبادة، ولا حاجة إلى فعلية الامر. هذا كله لو لم يجب عليه التفريغ، أما لو وجب فوجب الاغتراف مقدمة له، فلا مجال للاشكال في صحة الوضوء، ولو لم يكن الاغتراف بقصد التفريغ، إذ ملاك الوجوب الغيري لا يتوقف على قصد ذي المقدمة، كما هو محرر في محله. وأما الوضوء بنحو الارتماس، فان تم كونه تصرفا في الاناء كان الحكم فيه البطلان مطلقا ولو مع عدم الانحصار، للوجه المتقدم في توجيه ما في المتن من أن حرمة الوضوء مانعة عن صحة التقريب به. نعم قد يشكل صدق كونه تصرفا فيه عرفا إذا لم يوجب تموج الماء على السطح الداخل للاناء، ولا حركة عليه، أما إذا أوجب ذلك فالظاهر أنه تصرف فيه بلحاظ ما يترتب عليه من التموج على السطح المذكور. وأما إذا كان

 

===============

 

( 160 )

 

[ بل مطلقا. نعم لو صب الماء منها في ظرف مباح فتوضأ أو اغتسل صح (1)، وإن كان عاصيا من جهة تصرفه في المغصوب. (مسألة 1): أواني المشركين وسائر الكفار محكومة بالطهارة (2)، ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة المسرية. ] بنحو الصب على كل عضو فالكلام فيه هو الكلام فيما لو كان بنحو الاغتراف منه، إذ ليس هو تصرفا في الاناء، ليكون محرما، وإنما التصرف فيه حمله وإفراغه من الماء، لكنه مما لا يتحد في الخارج مع الوضوء، كي يكون من صغريات مسألة الاجتماع. وحينئذ فصحة الوضوء وعدمها مبنيان على وجود الملاك وعدمه، وحيث عرفت أن مقتضى الادلة وجوده، فلا بأس بدعوى الصحة. والكلام في الغسل هو الكلام في الوضوء بعينه. فلاحظ (1) لعدم صدق الاستعمال في الاناء المغصوب، وإنما يصدق الاستعمال في الاناء المباح. (2) كما هو المعروف، بل عن كشف اللثام الاجماع عليه. لقاعدة الطهارة. وأما التعليل في صحيح ابن سنان: " سأل أبي عبد الله عليه السلام: وأنا حاضر: إني أعير الذمي ثوبي، وأنا أعلم أنه يشرب الخمر، ويأكل لحم الخنزير، فيرده علي فأغسله قبل أن أصلي فيه. فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه، ولا تغسله من أجل ذلك، فانك أعرته إياه وهو طاهر، ولم تستيقن أنه نجسه، فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه " (* 1). فانما يدل على حجية الاستصحاب في المقام، فلا يجرى إلا عند اجتماع أركانه. نعم يؤيد القاعدة في المقام ما دل على طهارة الثياب التي يعملها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 74 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 161 )

 

[ بشرط أن لا تكون من الجلود، وإلا فمحكومة بالنجاسة (1)، ] اليهود والنصارى والمجوس، وثوب المجوسي (* 1). وأما ما تضمن النهي عن الاكل في آنية أهل الكتاب (* 2)، فلابد أن يحمل على صورة العلم بالنجاسة، لامتناع الاخذ باطلاقه، الشامل لصورة العلم بالطهارة. وحمله على صورة الشك ليس بأولى من حمله على ما ذكرنا، جمعا بين القواعد. لا أقل من أنه مقتضى الاجماع المدعى. وأما ما في الخلاف: " لا يجور؟ استعمال الاواني المشركين من أهل الذمة وغيرهم. وقال الشافعي: لا بأس باستعمالها ما لم يعلم فيها نجاسة... " فالظاهر أن مراده الحكم واقعا بنجاسة الاواني التي باشرها الكافرون برطوبة لا الحكم بالنجاسة ظاهرا مع الشك في مباشرتهم - كما هو محل الكلام - وان توهم في الحدائق ذلك، لكنه في غير محله، بقرينة استدلاله على المنع بآية نجاسة المشركين (* 3)، وبالاجماع، وبرواية محمد بن مسلم (* 4) الدالة على المنع عن الاكل من آنيتهم التي يشربون فيها الخمر، إذ لا اقتضاء للآية والرواية للنجاسة الظاهرية مع الشك، وانتفاء الاجماع ظاهر. ولا ينافي ما ذكرنا نقله الخلاف عن الشافعي، إذ الظاهر من النجاسة في كلام الشافعي النجاسة الخارجية، لا نجاسة أبدانهم. فكأنه لا خلاف في المسألة. (1) للشك في تذكيتها، والاصل عدمها، كما سبق.

 

 

____________

(* 1) تراجع الوسائل باب: 73 من أبواب النجاسات. (* 2) تراجع الوسائل باب: 72 من أبواب النجاسات. وباب 52، 54 من أبواب الاطعمة المحرمة. (* 3) وهي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام...) التوبة: 28. (* 4) الوسائل باب: 72 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 162 )

 

[ إلا إذا علم تذكية حيوانها، أو علم سبق يد مسلم عليها (1). وكذا غير الجلود وغير الظروف مما في أيديهم، مما يحتاج الى التذكية، كاللحم والشحم والالية، فانها محكومة بالنجاسة إلا مع العلم بالتذكية، أو سبق يد المسلم عليه. وأما ما لا يحتاج إلى التذكية فمحكوم بالطهارة، إلا مع العلم بالنجاسة، ولا يكفي الظن بملاقاتهم لها مع الرطوبة (2). والمشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من شحمه أو اليته محكوم بعدم كونه منه (3)، فيحكم عليه بالطهارة، وإن أخذ من الكافر. (مسألة 2): يجوز استعمال أواني الخمر بعد غسلها، وإن كانت من الخشب، أو القرع (4)، أو الخزف غير المطلي بالقير ] (1) فانها أمارة على التذكية، كما سبق. (2) لاصالة عدم حجيته. (3) يعني: بلحاظ الاصل الجاري في حكمه - أعني قاعدة الطهارة - لا الجاري في نفسه، إذ لا أصل يقتضي عدم كونه مأخوذا من جزء الحيوان. (4) على المشهور شهرة عظيمة. لاطلاق جملة من النصوص، كموثق عمار عن الصادق عليه السلام: " عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خل، أوماء، أو كامخ (* 1) أو زيتون؟ قال عليه السلام: إذا غسل فلا بأس. وعن الابريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال عليه السلام: إذا غسل فلا بأس وقال في قدح أو إناء يشرب فيه خمر قال عليه السلام: تغسله ثلاث مرات. وسئل أيجزؤه أن يصب فيه الماء؟

 

 

____________

(* 1) ما يؤتدم به. منه مد ظله العالي.

 

===============

 

( 163 )

 

قال عليه السلام: لا يجزؤه حتي يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات " (* 1)، ونحوه غيره مما ورد في تطهير أواني الخمر (* 2). وعن النهاية وابن البراج المنع من استعمال غير الصلب منها، وربما نسب إلى ابن الجنيد أيضا. لما في الخمر من الحدة والنفوذ. ولما في صحيح ابن مسلم: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت، وزدتم أنتم الحنتم (يعني: الغضار) والمزفت (يعني: الزفت الذي يكون في الزق ويصب في الخوابي ليكون أجود للخمر) وسألته عن الجرار الخضر والرصاص. فقال عليه السلام: لا بأس بها " (* 3) وخبر أبي الربيع: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كل مسكر، فكل مسكر حرام. قلت: فالظروف التي يصنع فيها منه. قال عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت والحنتم والنقير. قلت: وما ذلك؟ قال عليه السلام: الدبا القرع، والمزفت الدنان، والحنتم جرار خضر، والنقير خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها " (* 4) وفيه: أن نفوذ الخمر كنفوذ الماء، فلو منع مثله عن التطهير لامتنع تطهير الاناء المتنجس بالماء النجس الموضوع فيه، وقد عرفت في مبحث التطهير بالماء اندفاع الاشكال بذلك. وأما النصوص فهي - مع أن الاول منها غير ظاهر (* 5) في خصوص ظروف الخمر، وأن متنه لا يخلو من اضطراب، وان الثاني منها ضعيف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 51 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 2) تراجع الوسائل باب: 51، 52 من أبواب النجاسات وباب: 25، 30 من أبواب الاشربة المحرمة. (* 3) الوسائل باب: 52 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 52 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 5) يعني: غير ظاهر في النهي عن استعمال الظروف المذكورة إذا كانت مستعملة في الخمر. منه مد ظله العالي.

 

===============

 

( 164 )

 

[ أو نحوه، ولا يضر نجاسة باطنها (1) بعد تطهير ظاهرها داخلا وخارجا، بل داخلا فقط. نعم يكره استعمال ما نفذ الخمر الى باطنه (2) إلا إذا غسل على وجه يطهر باطنه أيضا. (مسألة 3): يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الاكل والشرب (3) ] وأنهما مشتملان على المزفت الذي هو من الصلب - معارضة بما عرفت مما يأبى عن التقييد، ولا سيما مع التصريح فيه بالدن الذي هو الحب. ولاجل ذلك حملت على المنع من الانتباذ فيها - كما هو الظاهر منها - أو على الكراهة، والله سبحانه أعلم. (1) قد تقدم في مبحث التطهير بالماء إمكان القول بطهر الباطن تبعا لطهر الظاهر. (2) والوجه فيه فتوى من عرفت. (3) إجماعا حكاه جماعة كثيرة كالعلامة، والشهيد، والاردبيلي، والسيد في المدارك، وغيرهم. بل عن المنتهى: " انه إجماع كل من يحفظ عنه العلم، إلا ما نقل عن داود، فانه حرم الشرب خاصة، والشافعي من أن النهي نهي تنزيه ". نعم عن الخلاف: انه يكره استعمال الذهب والفضة، وكذا المفضض. وقال الشافعي: لا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة، وبه قال أبو حنيفة في الاكل والشرب. انتهى. وعن المعتبر، والمختلف والذكرى: حمله على التحريم. واستبعده كاشف اللثام. وهو في محله بقرينة ما حكاه عن الشافعي. لكن تصريحه بالتحريم في محكي زكاة الخلاف ودعوى الاساطين الاجماع عليه، يعين حمله على ذلك. وكأن تعبيره بالكراهة تبعا لما في جملة من النصوص، ففي صحيح

 

===============

 

( 165 )

 

ابن بزيع: " سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن آنية الذهب والفضة فكرههما " (* 1). وفي صحيح الحلبي المروي عن المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام: " انه كره آنية الذهب والفضة والآنية المفضضة " (* 2). وفي موثق بريد عنه عليه السلام: " أنه كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض، وكذلك أن يدهن في مدهن مفضض، والمشطة كذلك " (* 3)، ونحوها غيرها، التي يجب حملها على التحريم، لعدم ظهورها في الكراهة المصطلحة مع ظهور النهي في جملة من النصوص في التحريم. كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " لا تأكل في آنية ذهب ولا فضة) (* 4). وفي مصححه عنه عليه السلام: " أنه نهى عن آنية الذهب والفضة " (* 5). ومصحح الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلام: " لا تأكل في آنية من فضة ولا في آنية مفضضة " (* 6). وحسن داود بن سرحان عنه عليه السلام: " لا تأكل في آنية الذهب والفضة " (* 7). نعم في موثق سماعة عنه عليه السلام: " لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة " (* 8) فان حمله على التحريم بعيد، وحمل النهي على الكراهة أقرب منه. ولذا كان المحكي عن الجمع - من أنه لولا الاجماع لكان القول بالكراهة حسنا. انتهى - في محله.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث 1. (* 2) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 66 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 66 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 7) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 8) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 5.

 

===============

 

( 166 )

 

[ والوضوء والغسل وتطهير النجاسات (1) وغيرها من سائر الاستعمالات، حتى وضعها على الرفوف للتزيين (2)، ] (1) بلا خلاف، كما عن كشف الرموز وفي الحدائق، وقال به علماؤنا، كما عن المنتهي، وعند علمائنا أجمع، كما عن التذكرة، وعندنا، كما عن التحرير، وفي المدارك، الاجماع على تحريم الاستعمال. نعم عن الصدوق والمفيد وسلار والنهاية: الاقتصار على الاكل والشرب، وعدم التعرض لغيرهما. ولعل مرادهم التمثيل، وإلا فهو خلاف إطلاق النهي والكراهة في جملة من النصوص المتقدمة، بناء على ظهورها في النهي عن الاستعمال. وخلاف إطلاق خبر موسي بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام: " آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون " (* 1). فتأمل. أو يكون مرادهم تحريم الاكل والشرب زائدا على تحريم الاستعمال، بناء منهم على أن الاكل والشرب ليس استعمالا، ويكون وجه تحريمه النصوص الخاصة، كما ستأتي الاشارة إليه. (2) ظاهر العلامة (ره) في القواعد وغيره ابتناء حرمة ذلك على حرمة الاقتناء، وأن التزيين ليس من الاستعمال المستفاد تحريمه من ظاهر النصوص. وهو في محله. لكن قال في الجواهر: " قد يمنع ويدعى اندراجه في نحو الاستعمال، الذي قد عرفت معلومية منعه، إذ هو أعم من استعمالها في التظرف بها، كما يشهد به استثناء بعضهم أو شبهه اتخاذها للمشاهد والمساجد من حرمه الاستعمال ". ولكنه غير ظاهر فان الاستعمال لا يشكل التزيين. نعم لو كان المستفاد من النصوص حرمة الانتفاع بها، كما قد يستظهر من خبر موسي بن بكر المتقدم، لان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 4.

 

===============

 

( 167 )

 

[ بل يحرم تزيين المساجد والمشاهد المشرفة بها، بل يحرم اقتناؤها من غير استعمال (1). المتاع مطلق ما ينتفع به، امكن القول بتحريم التزيين بها، لانه نوع من الانتفاع، وإن كان ظاهر التمتع بالاناء استعمال الخاص، لا ما يعم التزيين وعلى هذا فلو بني على حرمة خصوص الاستعمال من جهة ظهور النصوص فيه، أو من جهة كونه معقد الاجماع، لم يقتض ذلك حرمة التزيين. كما أنه لو بني على عموم الاستعمال للتزيين، فالظاهر عدم الفرق بين تزيين البيت، وتزيين المسجد والمشهد في ذلك، كما عن مجمع الاردبيلي (ره). (1) كما هو المشهور، بل لم يعرف الخلاف فيه من أحد منا، إلا من المختلف وبعض من تأخر عنه. لانه تضييع للمال - كما عن الشيخ - أو لان حرمة الاستعمال تستلزم حرمة اتخاذها بهيئة الاستعمال، كالطنبور وغيره من آلات اللهو - كما عن المنتهى - أو لاشتماله على السرف والخيلاء. أو لانه مقتضى النهي عنها، فانه ظاهر في كراهة وجودها في الخارج، فيحرم حدوثها كما يحرم بقاؤها. أو لانه داخل في المتاع في قوله عليه السلام: " انها متاع الذين لا يوقنون ". أو لانه يظهر للسابر للنصوص - إن لم يقطع به - أن مراد الشارع النهي عن أصل وجودها في الخارج. لكن يشكل ذلك بظهور منع الثلاثة الاول. بل والرابع أيضا، فان مقتضى الجمود على حاق اللفظ وإن كان ما ذكر - وهو كراهة نفس الوجود - إلا أن الظاهر منه عرفا كراهة الاستعمال ولذا استدل به على حرمة مطلق الاستعمال غير الاكل والشرب المصرح بهما في النصوص وللتأمل في ظهور المتاع في مجرد الاقتناء ولو للتزين، ويشير إليه قوله تعالى:

 

===============

 

( 168 )

 

(ابتغاء حلية أو متاع) (* 1)، فقد جعل المتاع مقابل التحلي، فالظاهر انصرافه إلى الاستعمال المتعارف، كما عرفت. فتأمل. وظهور النصوص فيما ذكره المستدل قد عرفت منعه، وظن ذلك منها غير حجة، والقطع به غير حاصل. وبالجملة: الذي يحتمل تحريمه في المقام أحد أمور أربعة على سبيل منع الخلو (الاول): وجود الآنية (الثاني): استعمالها باتخاذها ظرفا للمأكول والمشروب وغيرهما (الثالث): تناول المظروف منها من مأكول ومشروب وغيرهما (الرابع): نفس الاكل والشرب والتدهين والغسل ونحوها من الافعال المتعلقة بما يكون فيها من المظروفات. والنصوص الواردة في المقام طائفتان (الاولى): ما تضمن النهي عن آنية الذهب والفضة (الثانية): ما تضمن النهي عن الاكل والشرب. وظاهر الاولى النهي عن الاستعمال. ولو حملت على ما هو حاق اللفظ من النهى عن ذاتها؟ لم يبق دليل على حرمة الاستعمال، لان الاكل والشرب المستفاد تحريمهما من الطائفة الثانية ليسا من الاستعمال في شئ، بل مما يترتب عليه. ولو سلم ذلك فالتعدي عنهما يحتاج إلى دليل. فينحصر الوجه في حرمة الاستعمال بالاجماع. ومن هنا يظهر أن الخلاف في حرمة الاقتناء يبتني على ظهور دليل النهي عن الآنية في حرمة نفسها وحرمة استعمالها، فعلي الاول يحرم الاقتناء، وعلى الثاني يحل للاصل. ثم إن الظاهر أن الاستعمال المستفاد تحريمه من النهي أو من الاجماع، كما ينطبق على وضع المظروف في الاناء ينطبق على تناوله منه بقصد الفعل الخاص، من أكل أو شرب أو تنظيف أو تدهين أو نحوها. وسيأتي تتمة الكلام في المسألة العاشرة. فانتظر.

 

 

____________

(* 1) الرعد: 17.

 

===============

 

( 169 )

 

[ ويحرم بيعها، وشراؤها (1) وصياغتها، وأخذ الاجرة عليها، بل نفس الاجرة أيضا حرام، لانها عوض المحرم، وإذا حرم الله شيئا حرم ثمنه. (مسألة 4): الصفر أو غيره الملبس بأحدهما يحرم استعماله إذا كان على وجه لو انفصل كان إناء مستقلا (2)، وأما إذا لم يكن كذلك فلا يحرم (3)، كما إذا كان الذهب أو الفضة قطعات منفصلات لبس بهما الاناء من الصفر داخلا أو خارجا. ] (1) هذا مبني على حرمة الاقتناء مطلقا، وإلا جاز جميع ما ذكر كما أشار الى ذلك في المتن. (2) لصدق الاناء ولو ببعض اللحاظات، كما أشار إليه العلامة الطباطبائى - رحمه الله - بقوله: " فان كساها كلها فلا تحل فانما الكاسي إناء مستقل " فتأمل. (3) كما هو المشهور، وفي الجواهر: " لا أجد فيه خلافا، إلا ما يحكى عن الخلاف، حيث سوى بينه وبين الذهب والفضة في الكراهة، التي صرح غير واحد من الاصحاب بارادة الحرمة منها هناك ". لمصحح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: " لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض، واعزل فمك عن موضع الفضة " (* 1). وصحيح معاوية بن وهب: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الشرب في القدح فيه ضبة من فضة. قال عليه السلام: لا بأس، إلا أن تكره الفضة فتنزعها " (* 2) ولاجلهما ترفع اليد عن ظاهر مادل على المنع مما تقدمت الاشارة إلى بعضه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 66 من أبواب النجاسات حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 66 من أبواب النجاسات حديث: 4.

 

===============

 

( 170 )

 

[ مسألة 5): لا بأس بالمفضض والمطلي والمموه بأحدهما (1) نعم يكره استعمال المفضض (2). بل يحرم الشرب منه إذا وضع فمه على موضع الفضة (3). بل الاحوط ذلك في المطلي أيضا (4). (مسألة 6): لا يحرم استعمال الممتزج من أحدهما مع غيرهما (5) إذا لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما (6). (مسألة 7): يحرم ما كان ممتزجا منهما (7) وإن لم يصدق ] فيحمل على الكراهة. (1) فانه أما داخل في المفضض فيلحقه حكمه، أو خارج عنه فجوازه مقتضى الاصل. (2) لما عرفت. (3) كما هو المشهور. لمصحح ابن سنان. وعن المعتبر والمدارك والذخيرة وغيرها الاستحباب، حملا للامر عليه، بقرينة صحيح معاوية المتقدم، لان ترك الاستفصال فيه مع قيام الاحتمال، يقيد العموم: وفيه أن العموم مخصص بصحيح ابن سنان. (4) لاحتمال دخوله في المفضض، وعن كشف الغطاء وغيره الجزم بذلك، ونسب الى العلامة (ره) أيضا لكن تنظر فيه في الجواهر، وهو في محله، لانصراف المفضض الى ما كانت الفضة فيه جرما، لالونا وعرضا، كما في المطلي. (5) للاصل. (6) وإن صدق عليه الاسم - كما إذا كان الخليط قليلا - حرم، وإن لم يكن خالصا، للاطلاق. (7) والظاهر أن الوجه فيه منحصر بالقطع بالمساواة. أو لانه يفهم

 

===============

 

( 171 )

 

[ عليه اسم أحدهما. بل وكذا ما كان مركبا منهما، بأن كان قطعة منه من ذهب وقطعة منه من فضة. (مسألة 8): لا بأس بغير الاواني إذا كان من أحدهما (1)، ] من الادلة أن موضوع الحكم القدر المشترك بين الذهب والفضة. لكنهما معا محل تأمل. (ودعوى): أن الحكم على كل من الفردين لابد أن يكون لوجود الجامع بينهما، فيكون هو موضوع الحكم (فيها): أنه لو سلم ذلك، فمن المحتمل اعتبار الخلوص في موضوع الحكم، وهو غير حاصل في الممتزج منهما. ومثله الكلام في المركب منهما. نعم يمكن أن يلحقه حكم المفضض في الكراهة، وفي حرمة وضع الفم على موضع الفضة. (1) وفي الجواهر: " لا أجد فيه خلافا، بل في اللوامع: الظاهر وفاقهم عليه ". وهو الذي يقتضيه الاصل. وعمومات الحل. وخصوص جملة من النصوص مما ورد في ذات الفضول درع النبي صلى الله عليه وآله وأنها كان لها حلق من فضة ثلاث أو أربع (* 1)، وفي ذي الفقار سيفه صلى الله عليه وآله أنه كان حلقه من فضة (* 2). ورواية ابن جعفر عليه السلام: " عن المرآة هل يصلح العمل بها إذا كان لها حلقة من فضة؟ قال عليه السلام: نعم. إنما كره ما يشرب فيه " (* 3). ومصحح منصور: " عن التعويذ يعلق على الحائض. فقال عليه السلام: إذا كان في جلد، أو فضة، أو قصبة حديد " (* 4). وفي مصحح ابن سنان: " ليس بتحلية السيف بأس بالذهب والفضة " (* 5)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 4، 7. (* 2) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 3، 8. (* 3) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 64 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 172 )

 

[ كاللوح من الذهب أو الفضة، والحلي كالخلخال وإن كان ] وفي خبر ابن سرحان: " ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضة بأس " (* 1). وفي خبر حاتم بن اسماعيل عن أبي عبد الله عليه السلام: " إن حلية سيف رسول الله صلى الله عليه وآله كانت فضة كلها قائمته وقبيعته " (* 2). إلى غير ذلك. لكن في خبر الفضيل: " عن السرير فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت؟ فقال عليه السلام: إن كان ذهبا فلا، وإن كان ماء الذهب فلا بأس " (* 3) وفي خبر ابن جعفر عليه السلام: " عن السرج واللجام فيه الفضة أيركب به؟ قال عليه السلام: إن كان مموها لا يقدر على نزعه منه فلا بأس، وإلا فلا يركب به " (* 4). وفي ذيل صحيح ابن بزيع السابق: " فقلت: قد روى بعض أصحابنا أنه كان لابي الحسن عليه السلام مرآة ملبسة فضة. فقال عليه السلام: لا والحمد الله (* 5) إنما كان لها حلقة من فضة، وهي عندي. ثم قال: إن العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة نحو ما يعمل للصبيان، تكون فضته نحوا من عشرة دراهم، فأمر به أبو الحسن عليه السلام فكسر " (* 6). والجمع بالحمل على الكراهة تأباه جملة من نصوص الترخيص. فيحتمل حمل نصوص المنع على الكراهة لبعض العناوين الثانوية.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 64 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 64 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث 5. (* 5) كذا فيما يحضرني من نسخة الوسائل. لكن في نسخة الجواهر وغيرها: (لا والله). منه مد ظله العالي. (* 6) الوسائل باب: 65 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 173 )

 

[ مجوفا، بل وغلاف السيف والسكين (1) وامامة الشطب، بل ومثل القنديل. وكذا نقش الكتب والسقوف والجدران بهما (2). (مسألة 9): الظاهر ان المراد من الاواني (3) ما يكون من قبيل ] (1) تقدم ما يدل على جوازه. وعن الشيخ والحلي المنع فيه، لقول النبي صلى الله عليه وآله: " هذان محرمان على ذكور امتي " (* 2). وهو كما ترى. (2) وعن الحلي المنع، لما فيه من تعطيل المال وتضييعه في غير الاغراض الصحيحة. قال في المدارك: " وهو أحوط. وربما أشعر به فحوى قول الرضا عليه السلام في صحيحة محمد بن اسماعيل " يعني: صحيح ابن بزيع المتقدم. وفيه: أنه لا دليل على حرمة تعطيل المال، والمنع عن تضييعه. وصحيح ابن بزيع عرفت محمله. (3) من الواضح أن لفظ الاناء؟ مما لا استعمال له في عرفنا اليوم، ولو نادرا، وكتب اللغة لا تجدي في معرفة معناه، إذ هي ما بين ما أهمل ذكره، وما بين ما تضمن أنه معروف - كالصحاح والقاموس ومجمع البحرين - وما بين ما يتضمن تفسيره بالوعاء - كالمصباح - الذي لا ينبغي التأمل في كونه تفسيرا بالاعم، لعدم صدق الاناء على الخرج والقربة ونحوهما، وصدق الوعاء عليها. ومثله تفسيره بما يوضع فيه الشئ، كمفردات الراغب، أو الظرف، كمرآة الانوار، ومبادئ اللغة، لمحمد ابن عبد الله الخطيب. والرجوع إلى الارتكاز الحاصل من تتبع موارد استعماله في العرف السابق وإن أوجب الوقوف على بعض حدود معناه، لكنه لا يوجب الوقوف على تمام حدوده على نحو يعرف له مرادف (* 2) مستدرك الوسائل باب: 24 من أبواب لباس المصلي حديث: 1. وسنن البيهقي ج: 2 ص 425.

 

===============

 

( 174 )

 

[ الكأس (1)، والكوز، والصيني، والقدر، و (السماور)، والفنجان، وما يطبخ فيه القهوة، وأمثال ذلك مثل كوز القليان (2)، بل والمصفاة، و (المشقاب)، و (النعلبكي)، دون مطلق ما يكون ظرفا. فشمولها لمثل رأس القليان، ورأس الشطب، وقراب السيف، والخنجر، والسكين، وقاب الساعة، وظرف الغالية، والكحل، والعنبر، والمعجون، والترياك، ونحو ذلك، غير معلوم (3) وإن كانت ظروفا إذ الموجود في الاخبار لفظ الآنية، وكونها مرادفا للظرف غير معلوم، بل معلوم العدم. وإن كان الاحوط في جملة من المذكورات الاجتناب (4). ] في عرفنا اليوم، ليصح تفسيره به. وعليه فاللازم في الحكم بالحرمة الاقتصار على المتقين من مصاديقه، والرجوع في المشكوك إلى أصالة الاباحة، التي هي المرجع في أمثاله مما كان منشأ الشك في الحرمة اشتباه المفهوم. (1) الظاهر بمقتضي الارتكاز صدق الآنية على جميع ما ذكر. (2) في محكي كشف الغطاء المنع من صدقها على كوز القليان ونحوه مما لم يوضع على صورة متاع البيت الذي يعتاد استعماله عند أهله. وكذا مما لا أسفل له يمسك ما يوضع فيه، أو لا حواشي له كذلك، كالمشبكات والمخرمات، والسفرة، والطبق. لكن فيما ذكره نظر ظاهر، كما اعترضه في الجواهر. وما ذكر في المتن هو الموافق للارتكاز المتقدم. (3) بل الظاهر أنه معلوم العدم بالنسبة إلى قراب السيف ونحوه. (4) فقد نص في الجواهر على حرمة المذكورات، عدا قاب الساعة فلم يتعرض له. ولعل الحرمة فيه أظهر من الحرمة في مثل قراب السيف:

 

===============

 

( 175 )

 

[ نعم لا بأس بما يصنع بيتا للتعويذ (1) إذا كان من الفضة، بل الذهب أيضا. وبالجملة: فالمناط صدق الآنية، ومع الشك فيه محكوم بالبراءة. (مسألة 10): لا فرق في حرمة الاكل والشرب (2) من آنية الذهب. ] (1) فقد عرفت النص (* 1) على جوازه. (2) قد عرفت أن النصوص الواردة في الباب على طائفتين (إحداهما): ما تضمن النهي عن الاكل والشرب (وثانيتهما): ما تضمن النهي عن ذات الآنية. ومقتضى الجمود على ما تحت اللفظ في الطائفة الاولى هو تحريم نفس الاكل والشرب، دون مقدماتهما، من وضع المأكول والمشروب فيه، أو تناولهما منه، فحمل النهي عن الاكل والشرب على خصوص الاول - كما عن كاشف اللثام؟ احتماله - أو على الثاني - كما نسب الى ظاهر كلام جملة من الاصحاب أو جميعهم - غير ظاهر. نعم إذا حرم نفس الاكل والشرب حرمت مقدماتهما، ومنها وضع المأكول في الاناء وتناوله منه إذا كانا بقصد الاكل. لكن الحرمة غيرية، لا نفسية. وأما الطائفة الثانية فتحتمل - لاول نظرة - أمورا ثلاثة (الاول): خصوص الاستعمال المناسب للاناء، أعني: جعله ظرفا للمظروفات (الثاني): ما يعم ذلك واستعمالها في الاكل والشرب ولو بالتناول منها (الثالث): خصوص الافعال التي تترتب على التناول، كالادهان والتطيب والوضوء ونحوها. والقدر المتيقن وإن كان هو الاول، إلا أن الظاهر هو الثاني. وعليه فلو وضع طعاما في آنية الذهب فتناوله وأكله عصى في كل من الوضع والتناول بمقتضى الطائفة الثانية، وبالاكل بمقتضى الطائفة الاولى،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 67 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 176 )

 

وكذا لو وضع شرابه فيه فتناوله وشربه. ولو وضع وضوءه فيه فتناوله وتوضأ، عصى بالوضع والتناول، ولم يعص بالوضوء، لعدم الدليل على حرمة الوضوء منه. ولعله لذلك حكموا بصحة الوضوء من آنية الذهب والفضة من غير خلاف يعرف فيه بينهم - كما في الجواهر - مع أن ظاهرهم حرمة نفس الاكل والشرب. وعلى هذا تصح نسبة التفصيل إليهم بين الاكل والشرب وبين غيرهما مما يناسبهما، كالوضوء والادهان والتطيب، بحرمة الاولين وعدم حرمة الاخير، لا نسبة عدم الفرق بينهما وبين غيرهما حتى يجب الحكم بحرمة الوضوء وأمثاله، اعتمادا على مادل على حرمة الاكل والشرب، بقرينة الاتفاق بين الاصحاب على عدم الفصل، كما في الجواهر. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره في الجواهر فانه (ره) - بعد ما استوضح عدم الفرق بين الاكل والشرب وبين غيرهما من أنواع الاستعمال لحكاية الاجماعات على ذلك، واستظهر أن الاكل والشرب من الآنية عبارة عن الازدراد ونحوه من الافعال المتعلقة بما في الآنية - أفتى ببطلان الوضوء من آنية الذهب والفضة، تبعا لما ذكره العلامتان الطباطبائي وكاشف الغطاء (قدهما) توضيح الاشكال فيما ذكره (قده): أن الاجماع على إلحاق غير الاكل والشرب بهما في حرمة الاستعمال، يراد منه الالحاق في المعنى الثاني من الامور الثلاثة التي ذكرناها، لا الالحاق في المعني الثالث، وإلا فكيف يتناسب الاجماع على الالحاق، مع القول بصحة الوضوء من آنية الذهب والفضة، الذي اعترف (ره) بعدم معرفة الخلاف فيه بينهم، مع دعوى الاجماع منهم على تحريم نفس الاكل والشرب؟! فالتحقيق إذن هو ما ذكرنا، من أن عنوان الاكل والشرب بما هو

 

===============

 

( 177 )

 

[ والفضة بين مباشرتهما لفمه، أو أخذ اللقمة منها ووضعها في الفم. بل وكذا إذا وضع ظرف الطعام في الصيني من أحدهما (1)، وكذا إذا وضع الفنجان في (النعلبكي) من أحدهما. وكذا لو فرغ ما في الاناء من أحدهما في ظرف آخر لاجل الاكل والشرب، لا لاجل نفس التفريغ (2)، ] محرم، وغيرهما من العناوين لا يحرم إلا بالمقدار الذي يصدق عليه الاستعمال وهو لا ينطبق إلا على أحد المعنيين الاولين، وإن كان الاظهر انطباقه على الثاني. ولاجل ما ذكرنا عبر في الشرائع بقوله: " لا يجوز الاكل والشرب في آنية من ذهب أو فضة، ولا استعمالها في غير ذلك " فلم يعطف غير الاكل والشرب عليهما، وانما عطف الاستعمال في غيرهما عليهما، فدل ذلك على أن غير الاكل والشرب لا يحرمان، وإنما يحرم استعمال الآنية فيه. وفي غير الشرائع اختلف تعبيرهم، فبعضهم عبر بقوله: " لا يجوز استعمالها في الاكل والشرب وغيرهما " وبعضهم عبر بغير ذلك، ولم أعثر على من عبر بقوله: يحرم الاكل والشرب والوضوء والغسل والادهان ونحوها من الافعال في آنية الذهب والفضة. فلاحظ جيدا. (1) فانه كما لو وضع فيه المأكول. بل الظاهر أنه لو وضعه فيه عصى، ولم يجز لغيره أن يأكل من ظرف الطعام الموضوع فيه، لما عرفت من استفادة عموم الاستعمال المحرم لمثل ذلك من الطائفة الثانية. وكذا الكلام في وضع الفنجان في صحنه (النعلبكي). (2) قد عرفت أن استعمال الاناء (تارة): يكون باتخاذه ظرفا (وأخرى): يكون بالتناول منه لاجل الاكل والشرب. وهو بالمعني الاول ضد التفريغ ذاتا، وأما بالمعنى الثاني فهو متحد مع التفريغ ذاتا،

 

===============

 

( 178 )

 

[ فان الظاهر حرمة الاكل والشرب (1)، لان هذا يعد أيضا استعمالا لهما فيهما. بل لا يبعد حرمة شرب الچاي في مورد يكون (السماور) من أحدهما، وإن كان جميع الادوات ما عداه من غيرهما. والحاصل: أن في المذكورات كما أن الاستعمال حرام، كذلك الاكل والشرب أيضا حرام. نعم المأكول والمشروب لا يصير حراما (2)، ] لكنه يختلف عنه بلحاظ الغاية المترتبة عليه، فان الماء المخرج بالدلو من البئر إن ألقاه في البئر كان تفريغا للدلو،، وإن ألقاه في القربة كان استعمالا وكأن سر الفرق: أن الاستعمال يراد به الاستعانة بالاناء في الغايات المقصودة منه، فلو اتفق أنه كان تقريغ ما في الدلو في البئر لغاية مقصودة من الدلو كان استعمالا له محرما أيضا. (1) بل الظاهر من الاكل من آنية الذهب كون الاكل منها بلا واسطة إناء آخر، فلا يحرم الاكل والشرب في الفرض، ولا فيما بعده. (2) من الواضح أن حرمة المأكول إنما هي بمعنى حرمة أكله، إذ الحرمة إنما تتعلق بالافعال لا بالاعيان. غاية الامر أن الحرمة (تارة): تثبت لاكل الشئ بعنوانه الاولي، كحرمة أكل الميتة (وأخرى): تثبت له بعنوان ثانوي، كحرمة أكل المغصوب، والجلال، والموطوء، والمضر، وغيرها. والحرمة في المقام من قبيل الثاني، كما هو ظاهر. وقد يوهم كلام المفيد أنه من الاول، لكنه غير مراد له قطعا. نعم قد يظهر من كلامه حرمة كينونته في الجوف، بحيث يجب قيؤه، كما قد يعطيه ما في النبوي: " إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " (* 1). لكن لا يساعده

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 41 من أبواب النجاسات حديث: 4، 7.

 

===============

 

( 179 )

 

[ فلو كان في نهار رمضان لا يصدق أنه أفطر على حرام (1) وإن صدق أن فعل الافطار حرام. وكذلك الكلام في الاكل والشرب من الظرف الغصبي (2). (مسألة 11): ذكر بعض العلماء أنه إذا أمر شخص خادمه فصب الچاي من (القوري) من الذهب أو الفضة في الفنجان (الفرفوري)، وأعطاه شخصا آخر فشرب، فكما أن الخادم والآمر عاصيان (3) كذلك الشارب لا يبعد أن يكون عاصيا (4) ويعد هذا منه استعمالا لهما. (مسألة 12): إذا كان المأكول أو المشروب في آنية من أحدهما، ففرغه في ظرف آخر بقصد التخلص من الحرام لا بأس به (5). ] ظاهر النصوص. والنبوي ضعيف، وليس من روايتنا. مع قرب إرادة حرمة مجرد الاكل منه. (1) كأنه لان الظاهر منه العنوان الاولي، ولو أريد منه الاعم كان صادقا أيضا. لكن الاطلاق يقتضي الاعم من العنوان الثانوي، والانصراف إلى العنوان الاولي ليس بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. (2) لكن سيأتي منه في الصوم أن الافطار على المغصوب إفطار على الحرام. وعليه فالمقام كذلك، للاشتراك في الحرمة من حيث العنوان الثانوي. إلا أن يدعى أن الحرام في المقام أمر لا ينطبق على الازدراد. وهو - كما ترى - خلاف ظاهر النصوص، كما عرفت. (3) الاول للاستعمال، والثاني للامر بالمعصية. (4) لكن عرفت أنه ممنوع. (5) قد عرفت أنه يتوقف على أن لا يكون التفريغ في الاناء الآخر

 

===============

 

( 180 )

 

[ ولا يحرم الشرب أو الاكل بعد هذا (1). (مسألة 13): إذا انحصر ماء الوضوء أو الغسل في إحدى الآنيتين، فان أمكن تفريغه في ظرف آخر وجب (2)، وإلا سقط وجوب الوضوء أو الغسل (3)، ووجب التيمم. وإن توضأ أو اغتسل منهما بطل، سواء أخذ الماء منهما بيده (4)، أو صب على محل الوضوء بهما، أو ارتمس فيهما. وإن كان له ] من الغايات المقصودة لوجود الاناء، وإلا كان استعمالا له محرما، كتفريغ ما في (السماور) في ابريق الشاي. غاية الامر أنه تخلص عن الاستعمال الحاصل بوضع الماء في (السماور) إلى نوع آخر منه، وهو إفراغه لنضج الشاي، وإنما لا يكون استعمالا محرما إذا أفرغ في الكوز. (1) قد عرفت أنه لا يحرم وإن لم يقصد التخلص. (2) يعني مقدمة لوجوب الوضوء، وليس هو من الاستعمال المحرم نعم يشكل الفرق بينه وبين تفريغ الشاي من الابريق في الفنجان لاجل الشرب، فان التفريغ هنا أيضا لاجل الوضوء. اللهم إلا أن يكون الفرق من جهة الاعداد، فان الابريق معد لان يفرغ منه في الفنجان، وهنا ليس كذلك. فتأمل جيدا. (3) لكون الوضوء أو الغسل استعمالا محرما، كما يراه المصنف (ره) في جميع الصور الثلاث الآتية. لكن عرفت أنه في صورة أخذ الماء بيده لا يكون استعمالا محرما، لكن يسقط وجوبه للتوقف على الحرام، وهو التناول. وقد تقدم في الوضوء من الاناء المغصوب ماله نفع في المقام. فراجع. (4) قد عرفت في الوضوء من الاناء المغصوب إمكان القول بالصحة في هذه الصورة.

 

===============

 

( 181 )

 

[ ماء آخر، أو أمكن التفريغ في ظرف آخر، ومع ذلك توضأ أو اغتسل منهما، فالاقوى أيضا البطلان، لانه وإن لم يكن مأمورا بالتيمم، إلا أن الوضوء أو الغسل حينئذ يعد استعمالا لهما عرفا (1)، فيكون منهيا عنه. بل الامر كذلك لو جعلهما محلا لغسالة الوضوء، لما ذكر من أن توضؤه حينئذ يحسب في العرف استعمالا لهما. نعم لو لم يقصد جعلهما مصبا للغسالة، لكن استلزم توضؤه ذلك أمكن أن يقال: إنه لا يعد الوضوء استعمالا لهما. بل لا يبعد أن يقال: إن هذا الصب أيضا لا يعد استعمالا (2)، فضلا عن كون الوضوء كذلك. (مسألة 14): لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد منهما والردئ، والمعدني والمصنوعي، والمغشوش والخالص (3)، إذا لم يكن الغش إلى حد يخرجهما عن صدق الاسم، وإن لم يصدق الخلوص. وما ذكره بعض العلماء من أنه يعتبر الخلوص، وأن المغشوش ليس محرما، وإن لم يناف صدق الاسم، كما في الحرير ] (1) قد عرفت منعه في الصورة الاولى، وحينئذ يكون الماء في يده بعد الاخذ من الاناء كسائر المياه الموجودة في سائر الاواني يجوز الوضوء به كما يجوز الوضوء بها. (2) لا يخلو من إشكال، فان جمع الماء في الاناء أوضح في صدق الاستعمال عليه من الوضوء من مائه، الذي تقدم منه أنه استعمال للاناء، وإذ صدق على صب الماء في الاناء أنه استعمال له فإذا كان الوضوء علة له كان حراما، لان علة الحرام حرام. فتأمل جيدا. (3) للاطلاق.

 

===============

 

( 182 )

 

[ المحرم على الرجال، حيث يتوقف حرمته على كونه خالصا. لا وجه له. والفرق بين الحرير والمقام: أن الحرمة هناك معلقة في الاخبار على الحرير المحض، بخلاف المقام، فانها معلقة على صدق الاسم. (مسألة 15): إذا توضأ أو اغتسل من إناء الذهب أو الفضة مع الجهل بالحكم (1) أو الموضوع، صح. (مسألة 16): الاواني من غير الجنسين لا مانع منها، وإن كانت أعلى وأغلى (2)، حتى إذا كانت من الجواهر الغالية، كالياقوت والفيروزج. (مسألة 17): الذهب المعروف بالفرنكي لا بأس بما صنع منه، لانه في الحقيقة ليس ذهبا. وكذا الفضة المسماة بالورشو فانها ليست فضة، بل هي صفر أبيض. (مسألة 18): إذا اضطر الى استعمال أواني الذهب أو الفضة في الاكل والشرب وغير هما جاز، وكذا في غيرهما من الاستعمالات (3). ] (1) إذا كان عن قصور، وإلا كان محرما واقعا ومعصية، فلا تصح العبادة. (2) عند علمائنا كما عن التذكرة، واتفاقا، كما عن كشف اللثام وفي مفتاح الكرامة: " ما وجدت فيه مخالفا إلا الشافعي، حيث حرم ذلك في أحد قولية ". ويكفي في الجواز الاصل. (3) لحديث رفع الاضطرار (* 1) وغيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الخلل في صلاة، وباب: 56 من أبواب جهاد النفس.

 

===============

 

( 183 )

 

[ نعم لا يجوز التوضؤ والاغتسال منهما (1) بل ينتقل إلى التيمم. (مسألة 19): إذا دار الامر في حال الضرورة بين استعمالهما أو استعمال الغصبي قدمهما (2). (مسألة 20): يحرم إجارة نفسه لصوغ الاواني من أحدهما وأجرته أيضا حرام، كما مر (3). (مسألة 21): يجب على صاحبهما كسرهما (4). وأما غيره، فان علم أن صاحبهما يقلد من يحرم اقتناءهما أيضا، وأنهما من الافراد المعلومة في الحرمة، يجب عليه نهيه (5). ] (1) لعدم الاضطرار إليه، فيبقي أخذ الماء منه للوضوء على حرمته الموجبة للانتقال إلى التيمم. نعم لو اضطر إلى تناول الماء منه تدريجا وجب عليه أن يتوضأ بما يتناوله. بل لو اضطر الى غسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه بالماء الموجود في إناء الذهب والفضة، فجاز له ذلك، أو وجب، وجب عليه إن يجعله وضوءا، فينوي به القربة، بناء على عدم قدح الضميمة الراجحة في صحة التعبد ولو في بعض الصور، وحينئذ لا يشرع له التيمم لصدق الوجدان بعد ارتفاع التحريم. (2) لاهمية حرمة الغصب من حرمة استعمالهما، كما يساعده ارتكاز المتشرعة، واختلاف ألسنة أدلة الطرفين، فقد قرن مال المسلم في أدلة الاولى بدمه، وعبر في كثير من أدلة الثانية بالكراهة وب‍ * " لا ينبغي " كما عرفت. (3) قد تقدم الكلام فيه. (4) هذا يتم لو قلنا بحرمة الاقتناء. (5) يعني: من باب النهي عن المنكر.

 

===============

 

( 184 )

 

[ وإن توقف على الكسر يجوز له كسرهما، ولا يضمن قيمة صياغتهما (1). نعم لو تلف الاصل ضمن (2)، وإن احتمل أن يكون صاحبهما ممن يقلد من يرى جواز الاقتناء، أو كانتا مما هو محل الخلاف في كونه آنية أم لا (3)، لا يجوز له التعرض له (4). ] (1) لسقوط الهيئة عن المالية. (2) لقاعدة الاتلاف. ولا ينافيها وجوب الامر بالمعروف الموجب لوجوب الكسر، كما لا ينافي وجوب حفظ النفس من الهلاك المؤدي لوجوب أكل مال الغير لضمانه، لا مكان الجمع بينهما بلا تمانع. نعم لو علم لزوم الكسر للاتلاف أشكل وجوبه للضرر. (3) يعني: بحيث يحتمل فتوى مجتهده بالجواز فيه بالخصوص، وإن كان يقول بالحرمة في غيره من الافراد المعلومة. وإلا فمجرد كونه محلا للخلاف غير كاف في جواز الاستعمال (4) لعدم كون إبقاء المالك للهيئة منكرا عنده حتى يجب نهيه عنه. نعم لو استفيد من الادلة كراهة الشارع الاقدس وجود الاناء في الخارج - ولو ملكا للغير - وجب الكسر على غير المالك، وإن كان المالك لا يرى الحرمة. وهذا هو مقتضى إطلاق ما دل على النهي عن الآنية، بناء على ظهوره في النهي عن الوجود، كما هو مبنى القول بحرمة الاقتناء. إلا أن يعارض بما دل على حرمة التصرف في مال الغير إذنه، لكنه موقوف على شموله للمقام مما وجب عليه الاذن بالتصرف واقعا، وإن كان جاهلا بذلك معذورا فيه. وفيه: أن العذر المفروض كاف في ثبوت جواز ترك الاذن، وعموم ما دل على اعتبار الاذن في جواز التصرف بحاله.