فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة

)فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة) وهي أمور: الاول: الصلوة واجبة أو مستحبة (1)، أداء وقضاء لها ولا جزائها المنسية (2)، وصلاة الاحتياط، بل وكذا سجدتا السهو على الاحوط. نعم لا يجب في صلاة الاموات (3)، ولا في سجدة الشكر والتلاوة (4). ] (فصل فيما يتوقف على الغسل من الجنابة) (1) إجماعا، بل ضرورة، وتقتضيه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب العبادات، مثل قوله (ع): " لا صلاة إلا بطهور " (* 1)، وحديث: " لا تعاد... " (* 2)، وما ورد في قضاء من صلى بغير طهور (* 3)، وفيمن نسي غسل الجنابة في شهر رمضان وأنه يقضي صومه وصلاته (* 4) إلى غير ذلك. (2) كما تقدم في غايات الوضوء، وتقدم أيضا وجه اعتباره في سجدتي السهو وضعفه. نعم قد ذكرنا في مبحث الخلل من هذا الشرح: قرب دعوى استفادته مما دل على أنهما قبل الكلام. (3) لما يأتي - إن شاء الله تعالى - من النصوص الكثيرة الدالة على جواز إيقاعها على غير طهور وعلى غير وضوء. (4) لاطلاق أدلتهما من غير مقيد.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب الوضوء حديث: 8 (* 3) الوسائل باب: 39 من أبواب الجنابة حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 39 من أبواب الجنابة حديث: 1

 

===============

 

( 38 )

 

[ الثاني: الطواف الواجب (1) دون المندوب (2) لكن يحرم على الجنب دخول المسجد الحرام (3)، فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهوا وطاف، فان طوافه محكوم بالصحة (4). نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل (5) ولو كان الطواف مندوبا. الثالث: صوم شهر رمضان وقضاؤه، بمعني أنه لا يصح إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا للجنابة (6). ] (1) كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في غايات الوضوء. (2) للاصل. والنص المتقدم في الوضوء لا يدل عليه، وإنما يدل على صحته مع الحدث الاصغر لا غير. وقاعدة حمل المندوب على الواجب تختص بالماهيات المخترعة، فلا تشمل مثل الطواف. وصحيح ابن جعفر (عليه السلام) - " عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف؟ قال (ع): يقطع طوافه لا يعتد بشئ مما طاف، وسألته عن رجل طاف ثم ذكر أنه على غير وضوء؟ فقال (ع): يقطع طوافه ولا يعتد به " (* 1) - ظاهر في الطواف الواجب بقرينة ذيله. فلاحظ. (3) كما سيأتي. (4) كما نص على ذلك في الجواهر، نظير صحة الصلاة في الدار المغصوبة مع العذر في حرمة الغصب. (5) لعموم أدلة اعتباره في الصلاة. مضافا إلى ما ورد فيها بالخصوص. (6) أما مع العمد في شهر رمضان فهو المشهور، بل عليه الاجماع عن جماعة، وفي الجواهر: " يمكن دعوى تواتر نقله وأن الحكم فيه من القطعيات ".

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الطواف حديث: 4

 

===============

 

( 39 )

 

ويدل عليه جملة من النصوص كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في رجل احتلم أول الليل، أو أصاب من أهله، ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال (ع): يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه " (* 1). ويعارضها جملة أخرى، كالصحيح عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله (ع): " كان رسول الله (ص) يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب، ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر " (* 2). ولكنها مطروحة، أو محمولة على التقية، كما يظهر من ملاحظة بعضها، وبعضها محمول على غير العمد جمعا. وأما في قضاء شهر رمضان فهو المنسوب إلى ظاهر المشهور، ويقتضيه بعض النصوص كصحيح ابن سنان: " سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع؟ قال (ع): لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره " (* 3)، لكن في المعتبر: " لقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غير من الصيام ". ولا وجه له ظاهر بعد ورود الصحيح المذكور وغيره. وأما مع النسيان في شهر رمضان فهو المحكي عن الاكثر لجملة من النصوص كصحيح الحلبي عن الصادق (ع): " عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان؟ قال (ع): عليه أن يقضي الصلاة والصيام " (* 4) ونحو روايته الاخرى (* 5)، وقريب منه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5 (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1 (* 4) الوسائل باب: 30 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 3 (* 5) الوسائل باب: 30 من ابواب من يصح منه الصوم ملحق حديث: 3

 

===============

 

( 40 )

 

[ وأما سائر الصيام ما عدا رمضان وقضائه فلا يبطل بالاصباح جنبا (1) وان كانت واجبة. ] رواية إبراهيم بن ميمون (* 1). وعن الحلي وجماعة الصحة، وفي الشرائع " انه الاشبه " وكأنه لحديث رفع النسيان (* 2)، ولما دل على الصحة مع غلبة النوم، ولكنه كما ترى، وأما في قضاء شهر رمضان فلا دليل عليه بالخصوص. اللهم إلا أن يستفاد مما دل على مساواة القضاء للاداء كما تقدمت الاشارة إليه، أو من إطلاق صحيح ابن سنان المتقدم ونحوه، بل مقتضى إطلاقه البطلان مع الجهل وغيره من سائر الاعذار. (1) لعدم الدليل، عليه والاصل ينفيه. ودعوى أن مقتضى القاعدة إلحاق المندوب بصوم رمضان فضلا عن إلحاق سائر أفراد الصوم الواجب به، وعلى ذلك استقر بناء الاصحاب في غير المقام، وقد أشرنا إلى وجهه في المباحث السابقة. مندفعة بأن ذلك يتم لو لم يرد بيان من الشارع، فان ترك البيان قرينة على الاعتماد على بيانه للواجب، لكن قد ورد في بعض النصوص جواز الصوم المندوب مع الاصباح جنبا عمدا ففي خبر الخثعمي: " قلت لابي عبد الله (ع): أخبرني عن التطوع وعن هذه الثلاثة أيام إذا أجنبت من أو الليل فأعلم أنه قد أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر، أصوم أو لا أصوم؟ قال (ع): صم " (* 3) وقريب منه موثق ابن بكير (* 4) وحينئذ فكما يمكن إلحاق الواجب عدا صوم رمضان وقضائه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الخلل في الصلاة حديث: 2. وباب: 56 من أبواب جهاد النفس (* 3) الوسائل باب: 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1 (* 4) الوسائل باب، 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2

 

===============

 

( 41 )

 

[ نعم الاحوط في الواجبة منها ترك تعمد الاصباح جنبا (1). نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع الصيام (2) حتى المندوبة منها. وأما الاحتلام فلا يضر بشئ منها (3) حتى صوم رمضان. ] بهما، يمكن أيضا إلحاقه بالمندوب، وإذا لا معين فالمرجع أصالة البراءة الموجبة لمساواته للمندوب. فان قلت: لم يرد في الناسي بيان في المندوب على خلاف البيان في صوم رمضان، فاللازم إلحاق مطلق الصوم حتى المندوب به. قلت: ما دل على جواز الصوم ندبا مع تعمد البقاء جنبا يصلح أن يكون بيانا لصحة المندوب مع نسيان الجنابة، وحينئذ يجري فيه ما تقدم في العمد بعينه. وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله من كتاب الصوم. (1) كما لعله المشهور. إلحاقا لمطلق الصوم برمضان وقضائه، واقتصارا في خبر الخثعمي، ونحوه على خصوص مورده. (2) إجماعا بين المسلمين، بل لعله من ضروريات الدين، ويقتضيه الكتاب والسنة. نعم قد يظهر الخلاف أو التردد من بعض في البطلان بالوطئ في دبر الغلام والمرأة، ولعله - كبعض النصوص - راجع إلى المنع عن حصول الجنابة به. وتمام الكلام فيه في محله. (3) بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر، والنصوص فيه صريحة كما يأتي في محله.