فصل في أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها

فصل في أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها: ثمانية (1): الاول والثاني: الفقير والمسكين (2). ] فصل في أصناف المستحقين للزكاة (1) بنص القرآن (* 1)، وإجماع المسلمين، كذا في المستند. وقريب منه ما عن غيره. لكن في الشرائع: عدها سبعة، بجعل الفقير والمسكين صنفا واحدا. لكنه خلاف ما عرفت، وخلاف صريح بعض النصوص. وعن أبي حنيفة: أن العاملين يعطون عوضا وأجرا، لا زكاة. وفيه ما يأتي في محله. (2) قد وقع الخلاف في اتحادهما معنى وتغايرهما، مع التساوي بينهما 

 

 

  ____________ 

 (* 1) يشير بذلك إلى قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة: 60.

 

===============

 

( 212 )

 

[ والثاني أسوأ حالا (1) من الاول. والفقير الشرعي من لا يملك ] في المصداق وعدمه. وقد حكى غير واحد: الاتفاق على دخول أحدهما في الآخر عند الانفراد وعدمه عند الاجتماع. كما لا إشكال في أن المسوغ لاعطائهما من الزكاة عنوان خاص تعرضت له النصوص، فيكون هو المدار في الجواز وعدمه. ولاجل ذلك لا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك. إلا بناء على وجوب البسط في المقام، وفيما لو أوصى أو وقف أو نذر للفقير أو للمسكين إذا قصد معنى اللفظ إجمالا. والذي يظهر من صحيح أبي بصير: (قلت لابي عبد الله (ع): قول الله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين..). قال (ع): الفقير الذي لا يسأل الناس، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهدهم) (* 1) وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): (أنه سأله عن الفقير والمسكين فقال (ع): الفقير الذي لا يسأل، والمسكين الذي هو أجهد منه، الذي يسأل) (* 2) مغايرتهما مفهوما ومصداقا. ودعوى ظهورهما في تفسير الفقير والمسكين في آية الزكاة في غير محلها، إذ لا قرينة على ذلك في الثاني والاول وإن كان مورده الآية، لكنه بقرينة ذكر البائس. ظاهر في إرادة تفسير اللفظين مطلقا، فالعمل عليهما في جميع الموارد في محله (1) كما هو المشهور. ويقتضيه الصحيحان المذكوران. وعن ابن إدريس: أن الفقير أسوأ حالا من المسكين، وحكي أيضا عن جماعة من الفقهاء واللغويين. واستدل لهم ببعض الوجوه، الضعيفة في نفسها، فضلا عن صلاحيتها لمعارضة الصحيحين.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 213 )

 

[ مؤنة السنة له (1) ولعياله، والغني الشرعي بخلافه. فمن كان ] (1) كما هو المشهور، المنسوب إلى محققي المذهب، وعن جماعة: أن عليه عامة المتأخرين. ويشهد له جملة من النصوص، مثل: ما في صحيح أبي بصير: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره. قلت: فان صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟ قال (ع): زكاته صدقة على عياله، ولا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفذها في أقل من سنة، فهذا يأخذها. ولا تحل الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة) (* 1)، والصحيح عن علي بن إسماعيل عن أبي الحسن (ع): (عن السائل عنده قوت يوم، أله أن يسأل؟ وإن أعطي شيئا أله أن يقبل؟ قال (ع): يأخذ وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة من الزكاة، لانها إنما هي من سنة إلى سنة) (* 2)، وما عن المقنعة: من المرسل عن يونس بن عمار: (سمعت الصادق (ع) يقول: تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة، وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة) (* 3). فان الوصف وإن لم يكن له مفهوم، لكن ورود الكلام في مقام التحديد يدل عليه. فتأمل. وتدل عليه أيضا النصوص الآيتة، فان الظاهر من إطلاق الكفاية والقوت فيها أنهما بلحاظ السنة، لا الاقل، ولا الاكثر. هذا وربما قيل: بأن المراد من الفقير من لم يملك أحد النصب الزكوية. وفي الجواهر: (لم نعرف القائل به..). ونسب إلى الشيخ تارة،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 10.

 

===============

 

( 214 )

 

وإلى الخلاف أخرى، وإلى المفيد والسيد ثالثه. لكن النسبة غير محققة. نعم عن الخلاف في باب الفطرة: (تجب زكاة الفطرة على من ملك نصابا تجب فيه الزكاة، أو قيمة نصاب. وبه قال أبو حنيفة..) وكيف كان فاستدل له بالنبوي المروي مضمونه في نصوصنا أيضا (* 1) كما في الجواهر قال صلى الله عليه وآله: لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فان هم أطاعوا لذلك، فاعلمهم أن الله تعالى قد فرض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (* 2). وفيه: أنه لم يتعرض فيه لتفسير مفهوم الغنى والفقر. غاية الامر: أن مادل على وجوب الزكاة بملك النصاب، يقتضي أن يكون الاغنياء في الحديث مرادا منه من يملك أحد النصب الزكوية، والفقير من لم يكن كذلك، والاستعمال أعم من الحقيقة. مع أن البناء على أن من يملك الملايين من الدور والعقارات لا يكون غنيا، ويكون فقيرا يجوز إعطاؤه من الزكاة، لانه لا يملك أحد النصب الزكوية، وأن من عنده خمسة أوسق من الشعير لا تفي بقوت يوم من سنته يكون غنيا لا يجوز إعطاؤه من الزكاة، مع ضرورته إليها، خلاف النصوص بل خلاف الضرورة. كون المعيار مقدار مالية النصاب لاعينه كما في عبارة الخلاف المتقدمة لا يدل عليه النبوي المذكور. وبصحيح زرارة عن أبي عبد الله (ع) في حديث: (لا تحل لمن كان عنده أربعون درهما، يحول عليها الحول، أن يأخذها. وان أخذها أخذها حراما) (* 3). وفيه مع أنه أجنبي عن الدعوى: أنه يجب حمله على

 

 

____________

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 1 من ابواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه. (* 2) كنز العمال ج 3 حديث: 3964، 3965، وسنن البيهقي ج 4 صفحة 96، 101، (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 5.

 

===============

 

( 215 )

 

[ عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك، تقوم بكفايته وكفاية عياله في طول السنة، لا يجوز له أخذ الزكاة (1). وكذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤنته (2)، أو كان له ] مالا ينافي ما تقدم جمعا. ولعل المراد به صورة عدم الحاجة، بحيث تزيد على نفقته، كما يشير إليه قوله (ع): (يحول عليها الحول). وعن المفاتيح: أن الفقير من لم يقدر على كفايته وكفاية من يلزمه من عياله عادة على الدوام، بربح مال، أو غلة، أو صنعة. حاكيا له عن المبسوط. والمراد منه لا يخلو من إجمال، لا حتمال كون قوله: (على الدوام) قيدا لقوله: (يلزمه). كما يحتمل أن يكون قيدا للكفاية. وكيف كان فدليله غير ظاهر، لما عرفت من أن مفاد النصوص القول المشهور. (1) بلا إشكال. وفي موثق سماعة: (عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال (ع): نعم. إلا أن تكون داره دار غلة، فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله، فان لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف، فقد حلت له الزكاة. فان كانت غلتها تكفيهم فلا) (1). (2) بلا إشكال ولا خلاف، وتقتضيه النصوص المتقدمة، وفي موثق سماعة عن أبي عبد الله (ع): (قد تحل الزكاة لصاحب السبعمائة، وتحرم على صاحب الخمسين درهما. فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال (ع): إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم تكفه، فليعف عنها نفسه، وليأخذها لعياله. وأما صاحب الخمسين فانه يحرم عليه إذا كان وحده، وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله) (* 2)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 216 )

 

[ من النقد أو الجنس ما يكفيه (1) وعياله، وإن كان لسنة واحدة. وأما إذا كان أقل من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها (2) ] (1) كما تقتضيه النصوص السابقة. (2) أما إذا لم يكن رأس المال مع الربح كافيا لمؤنة السنة فالظاهر أنه لا إشكال فيه. وأما إذا كان راس المال وحده كافيا لمؤنة السنة، فالمنسوب إلى الشيخ والمحقق والعلامة وغيرهم: جواز الاخذ، بل عن الاردبيلي (ره): نسبته إلى صريح الاصحاب. واستدل لهم بخبر هارون بن حمزة: (قلت لابي عبد الله (ع): يروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي، فقال (ع) لا تصلح لغني. قال فقلت له: الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة، وله عيال، فان أقبل عليها أكلها عياله ولم يكتفوا بربحها. قال (ع): فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو ومن يسعه ذلك وليأخذ لمن لم يسعه من عياله) (* 1). لكن الظاهر منه صورة كفاية رأس المال بضميمة الربح، لان موضوع السؤال الدراهم المشغولة بضاعة، فلا يشمل صورة كفاية رأس المال وحده في مؤنة السنة. والظاهر أن مثله: صحيح معاوية بن وهب قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون له ثلثمائة درهم أو أربعمائة درهم، وله عيال، وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها، أيكب فيأكلها ولا يأخذ الزكاة، أو يأخذ الزكاة؟ قال (ع): لا بل ينظر الى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله، ويأخذ البقية من الزكاة، ويتصرف بهذه لا ينفقها) (* 2). فان الظاهر من النفقة فيه نفقة السنة، فالمراد من قوله: (أيكب فيأكلها) يعني في نفقته،

 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 217 )

 

يعني: يأكلها كلها في نفقته. وموضوع السؤال فيه الدراهم التي يحترف بها، فيكون المراد أن يأكلها مع ربحها. وأما خبر أبي بصير قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل له ثمانمائة درهم، وهو رجل خفاف، وله عيال كثير، أله أن يأخذ من الزكاة فقال (ع): يا أبا محمد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل؟ قال: نعم. قال (ع): كم يفضل؟ قال: لا أدري. قال (ع): إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة) (* 1). فظاهره مخالف للاجماع، وما عرفت من موثق سماعة وغيره، فلا مجال للاستدلال به على المقام. فتأمل. ومن هنا يشكل القول بجواز أخذ الزكاة إذا كان رأس المال وحده كافيا بمؤنة السنة. وربما يستدل على العدم بصحيح أبي بصير وموثق سماعة الثاني المتقدمين (* 2) لكن الظاهر منهما كون السبعمائة ليست مال التجارة، بقرينة المقابلة للمحترف لا أقل من عدم الاطلاق المانع من الاستدلال بهما على المقام. نعم موثق سماعة الاول يقتضي إطلاقه جواز أخذ الزكاة لصاحب الدار التي لا تفي غلتها بالمؤنة، وإن كانت وحدها كافيه فيها (* 3)، فان ثبت عدم الفصل بينها وبين رأس المال أمكن التعدي إليه، وإلا وجب الاقتصار عليها دونه. نعم يمكن التعدي منها إلى كل ثابت، من ضيعة أو عقار أو دكان أو خان أو نحوها، للاشتراك بينها في صعوبة التبعيض في الانفاق منها ببيع بعضها وفي لزوم الوهن والحرج نوعا بذلك، بخلاف مثل الدراهم والحيوان والحبوب ونحوها. نعم يستفاد من رواية عبد العزيز الآتية جواز تناول الزكاة إذا كان ثلم رأس المال يوجب فوات ما به معاشه وقوته، لا مطلقا. لكنها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 4. (* 2)، (* 3) تقدم ذكرهما قريبا في أوائل هذا الفصل.

 

===============

 

( 218 )

 

[ وعلى هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الاخذ، ولا يلزم أن يصبر إلى آخر السنة حتى يتم ما عنده (1)، ففي كل وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الاخذ. وكذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة (2) ] ضعيفة السند. فلاحظ (1) لصدق عدم ملك ما يكفي لسنة، فلو كان رأس ماله يكفي لسنة وربحه لا يكفي، وقلنا بعدم جواز أخذ الزكاة حينئذ، فإذا أنفق من رأس ماله بمقدار لا يبقى منه ما به الكفاية، جاز له أخذها (2) بلا خلاف معتد به أجده فيه، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه كذا في الجواهر. ويشهد له مصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): (سمعته يقول: إن الصدقة لا تحل لمحترف، ولا لذي مرة سوي قوي، فتنزهوا عنها) (* 1)، وصحيحه المروي عن معاني الاخبار عن أبي جعفر (ع): (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي، ولا لمحترف، ولا لقوي. قلنا: ما معنى هذا؟ قال (ع): لا يحل له أن يأخذها وهو يقدر أن يكف نفسه عنها) (* 2). ونحوهما خبر أبي البختري عن علي (ع) (* 3). وأما ما عن الصدوق في الفقيه من قوله: (وفي حديث آخر عن الصادق (ع): أنه قال: قد قال رسول صلى الله عليه وآله إن الصدقة لا تحل لغني ولم يقل: ولا لذي مرة سوي) (* 4) فلا يصلح لمعارضة ما ذكره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 9.

 

===============

 

( 219 )

 

[ أو كسب يحصل منهما مقدار مؤنته (1). والاحوط عدم أخذ القادر على الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلا (2). ] ولاسيما مع قرب احتمال أن يكون عين الصحيح لمعاوية بن وهب: (قلت لابي عبد الله (ع): يروون عن النبي صلى الله عليه وآله: أن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي، فقال أبو عبد الله (ع): لا تصلح لغني) (* 1)، فيكون الصدوق (ره) قد فهم من اقتصار الامام (ع) قوله: (لا تصلح لغني) عدم صحة نقل قوله صلى الله عليه وآله: (ولا لذي..). وإن كان من المحتمل أيضا أن يكون الوجه في الاقتصار عليه أمرا آخر كما قيل مثل عدم الاحتياج إليه لدخوله في الغني، أو غير ذلك، مما يقتضيه الجمع بينه وبين الصحيح. (1) كما هو المعروف. بل قيل: إنه إجماع لو كان محترفا فعلا. نعم عن الخلاف: جواز دفع الزكاة إلى المكتسب، من دون اشتراط قصور كسبه لكنه غير ظاهر، بعدما عرفت من النصوص المتقدمة. ومجرد صدق عدم ملك مؤنة السنة غير كاف في جواز رفع اليد عنها، كما هو ظاهر. (2) قد استظهر في الجواهر من عبارات المقنعة والغنية والسرائر وغيرها المنع. كما أنه استظهر من عبارات النهاية والتحرير والدروس والبيان الجواز، واختاره هو. موجها له: بأن صحيح زرارة المتقدم وإن كان ظاهره المنع لكن مصححه ظاهر في الجواز، بقرينة قوله (ع) فيه: (فتنزهوا عنها " (* 2). ويقتضيه أيضا صحيح معاوية المتقدم، لاقتصاره على ذكر الغني، الظاهر في الاقتصار في المنع عليه (* 3). وفيه أنه لو تم ذلك اقتضى الجواز في ذي الصنعة والمحترف فعلا، لانحصار الدليل على المنع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 3. (* 2)، (* 3) تقدم ذكر الروايتين قريبا: فلاحظ.

 

===============

 

( 220 )

 

[ (مسألة 1): لو كان له رأس مال لا يقوم ربحه بمؤنته، لكن عينه تكفيه، لا يجب عليه صرفها في مؤنته (1) بل يجوز له إبقاؤه للاتجار به وأخذ البقية من الزكاة وكذا لو كان صاحب صنعة (2) تقوم آلاتها، أو صاحب ] فيهما بما ذكر من النصوص. مضافا إلى أن ظهور قوله (ع): (فتنزهوا) في الكراهة، ليس أقوى من ظهور: (ولا يحل) في الحرمة، فلا يصلح قرينة على صرفها إليها. ولا سيما بقرينة ذكره في سياق الغني الممنوع عنها ضرورة. وما عساه يظهر من بعضن، من الاجماع على جواز إعطاء ذي الصنعة إذا أعرض عنها، لا مجال للاعتماد عليه لو تم، لمخالفته لظاهر جماعة من الاعاظم وإطلاق الادلة مقيد بما ذكر. والسيرة على الاعطاء ممنوعة بنحو يعتد بها. ولا سيما مع احتمال اختصاصها بصورة العجز عن التكسب فعلا، وإن كان قادرا عليه قبل ذلك فتركه اختيارا، فانه لا بأس بالبناء على الجواز في الفرض، للعجز عن التكسب والاحتياج إلى النفقة. ومجرد ترك التكسب بالاختيار لا يخرجه عن موضوع جواز الاخذ، كما ذكره في الجواهر. (1) قد عرفت الكلام فيه. كما عرفت أنه إذا صرف منه مقدارا وبقي منه ما يفي بضميمة الربح بمؤنته جاز الاخذ حينئذ. (2) يمكن استفادة ذلك من رواية عبد العزيز بن المهتدي، المتضمنة لعدم وجوب بيع الغلام والجمل وهو معيشته وقوته (* 1)، المراد به كونهما مما يتوقف عليه القوت الذي لابد منه وضروري للانسان، فيتعدى منهما إلى كل ما يكون كذلك، حتى رأس المال إذا كان كذلك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 221 )

 

[ ضيعة (1) تقوم قيمتها بمؤنته، ولكن لا يكفيه الحاصل منهما لا يجب عليه بيعها وصرف العوض في المؤنة، بل يبقيها ويأخذ من الزكاة بقية المؤنة. (مسألة 2): يجوز أن يعطي الفقير أزيد من مقدار مؤنة سنته (2) دفعة، فلا يلزم الاقتصار على مقدار مؤنة ] (1) كما هو المعروف. وتدل عليه موثقة سماعة، كما تقدم. (2) كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن المنتهى: (يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد على غناه، وهو قول علمائنا أجمع..). وقد يظهر ذلك من العبارات المتعرضة لنقل الخلاف في ذلك فيمن يقصر كسبه أو حرفته عن مؤنة السنة، مع عدم نقل خلاف في غيره. وكيف كان فيشهد له مضافا إلى إطلاق أدلة الوجوب جملة من النصوص المتضمنة لجواز إعطاء الفقير إلى أن يصير غنيا، كموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): (سئل كم يعطى الرجل من الزكاة؟ فقال: قال أبو جعفر (ع): إذا أعطيت فأغنه) (* 2). ونحوه خبر سعيد بن غزوان (* 3) وخبر اسحاق بن عمار (* 4) وغيرهما. وفي خبر بشير بن بشار: (قلت للرجل يعني أبا الحسن (ع): ماحد المؤمن الذي يعطى الزكاة؟ قال (ع): يعطى المؤمن ثلاثة آلاف. ثم قال (ع): وعشره آلاف ويعطى الفاجر بقدر، لان المؤمن ينفقها في طاعة الله تعالى، والفاجر في

 

 

____________

(* 1) لاحظ أوائل الفصل. (* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 24 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 24 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 222 )

 

معصية الله تعالى) (* 1). وفي صحيح أبي بصير: (فليعطه ما يأكل، ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويتصدق، يحج) (* 2). لكن الاخير غير ظاهر في سهم الفقراء. وخبر بشير ضعيف بالارسال وما قبله غير ظاهر في الغني العرفي، بل ظاهر في الغني الشرعي، فغاية مفاده الدلالة على جواز إعطاء مقدار كفاية السنة، ولا تعرض فيه للزائد على ذلك، لا بالصراحة، ولا بالاطلاق. مضافا إلى ما قد يظهر ما تقدم من صحيح معاوية بن وهب (* 3)، وخبر الغنوي (* 4)، وموثق سماعة (* 5) من لزوم الاقتصار على مقدار الكفاية. وإن كان مورد الجميع من كان له رأس مال يقصر ربحه عن مؤنة السنة، إلا أنه يمكن التعدي إلى غيره، بالغاء خصوصية مورده عرفا. اللهم إلا أن يقال: الامر باعفاء نفسه في موثق سماعة أو نفسه وبعض عياله في الصحيح والخبر محمول على الاستحباب إجماعا، إذ لا كلام في جواز تناوله لنفسه من الزكاة. ويشير إليه التعبير بالعفة في الموثق. وان شئت قلت: ما تضمنته الاخبار المذكورة أجنبي عن الدعوى، ولاجل عدم القول بوجوبه تعين حملها على الاستحباب. وعليه فالعمدة في الاشكال: عدم صلاحية النصوص السابقة لاثبات الجواز. اللهم إلا أن يدعى انجبار المرسل بدعوى الاجماع المحكي عن المنتهى. أو يعتمد على الاجماع نفسه، ولا سيما مع اعتضاده بظهور دعواه من غيره أيضا، وباطلاق الادلة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 41 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 2. (* 3) تقدم ذكره في أوائل الفصل. (* 4) المراد به: هو خبر هارون بن حمزة المتقدم في أوائل هذا الفصل. (* 5) المراد به: هو موثق سماعة الثاني المتقدم في أول الفصل.

 

===============

 

( 223 )

 

[ سنة واحدة. وكذا في الكاسب الذي لا يفي كسبه بمؤنة سنته أو صاحب الضيعة التي لا تفي حاصلها، أو التاجر الذي لا يفي ربح تجارته بمؤنة سنته. ولا يلزم الاقتصار على اعطاء التتمة بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين، بل يجوز جعله غنيا عرفيا. وإن كان الاحوط الاقتصار (1). نعم لو أعطاه دفعات لا يجوز بعد أن حصل (2) عنده مؤنة السنة أن يعطى شيئا ولو قليلا ما دام كذلك. (مسألة 3): دار السكنى، والخادم، وفرس الركوب المحتاج (3) إليها بحسب حاله ولو لعزه وشرفه لا يمنع من إعطاء الزكاة (4) وأخذها. بل ولو كانت متعددة، مع الحاجة إليها. وكذا الثياب والالبسة، الصيفية والشتوية، السفرية والحضرية، ولو كانت للتجمل، وأثاث البيت، من الفروش ] الاولية، بناء على عدم صلاحية النصوص الاول لتقييدها، لعدم كونها واردة في مقام التحديد، لتدل على عدم جواز دفع الزائد على المؤنة. (1) قد عرفت وجهه. (2) لصيرورته بذلك غنيا. (3) عن التذكرة: أنه لا يعلم خلافا فيها، وفي ثياب التجمل. ويستفاد حكمها وحكم ما يأتي من النصوص الآتية (4) بلا خلاف أجده فيه، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه. كذا في الجواهر. ويشهد له موثق سماعة المتقدم في عدم جواز أخذ الغني من الزكاة ومصحح ابن أذينة عن غير واحد عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع): أنهما سئلا عن الرجل يكون له دار وخادم أو عبد، أيقبل الزكاة؟

 

===============

 

( 224 )

 

[ والظروف وسائر ما يحتاج إليه، فلا يجب بيعها في المؤنة، بل لو كان فاقدا لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها (1). وكذا يجوز أخذها لشراء الدار، والخادم، وفرس الركوب والكتب العلمية ونحوها، مع الحاجة إليها. نعم لو كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته - بحسب حاله - وجب صرفه في المؤنة. بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته، وأمكنه بيع المقدار الزائد منها عن حاجته، وجب بيعه (2). بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقل ] قال (ع): نعم، إن الدار والخادم ليسا بمال) (* 1)، وخبر عبد العزيز: قال " دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله (ع) فقال له أبو بصير: إن لنا صديقا.. (إلى أن قال): وله دار تسوى أربعة آلاف درهم وله جارية، وله غلام يستقي على الجمل كل يوم مابين الدرهمين إلى الاربعة سوى علف الجمل، وله عيال، أله أن يأخذ من الزكاة؟ قال (ع)، نعم. قال: وله هذه العروض؟ فقال: يا أبا محمد فتأمرني أن آمره أن يبيع داره، وهي عزه ومسقط رأسه، أو يبيع خادمه الذي يقيه الحر والبرد، ويصون وجهه ووجه عياله. أو آمره أن يبيع غلامه وجمله، وهو معيشته وقوته؟! بل يأخذ الزكاة فهي له حلال، ولا يبيع داره، ولا غلامه، ولا جمله) (* 2). ونحوها غيرها. (1) لانها من النفقة. (2) كما استظهره في محكي المدارك وغيره. وهو كذلك، إذ لا تشمله أدلة الاستثناء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 225 )

 

[ منها قيمة، فالاحوط بيعها (1) وشراء الادون. وكذا في العبد، والجارية، والفرس. (مسألة 4): إذا كان يقدر على التكسب لكن ينافي شأنه، كما لو كان قادر على الاحتطاب والاحتشاش غير اللايقين بحاله، يجوز له أخذ الزكاة (2). وكذا إذا كان عسرا ومشقة - من جهة كبر، أو مرض، أو ضعف - فلا يجب عليه التكسب حينئذ. (مسألة 5): إذا كان صاحب حرفة وصنعة، ولكن لا يمكنه الاشتغال بها، من جهة فقد الآلات، أو عدم الطالب جاز له أخذ الزكاة (3). (مسألة 6): إذا لم يكن له حرفة ولكن يمكنه تعلمها من غير مشقة، ففي وجوب التعلم (4)، وحرمة أخذ الزكاة بتركه إشكال. والاحوط التعلم، وترك الاخذ بعده. نعم ] (1) بل هو الظاهر، فانه نظير الفرض السابق. ومن هنا يشكل الفرق بينهما، كما حكي. (2) بلا خلاف ظاهر. ويستفاد من نصوص استثناء العبد والخادم المتقدمة، ولا سيما خبر عبد العزيز (* 1). (3) بلا خلاف ظاهر، لصدق الفقير عليه. (4) لا ينبغي التأمل في عدم وجوب التعلم تكليفا، إذ لا دليل عليه. نعم يختصن الاشكال في جواز أخذ الزكاة مع قدرته عليه وعدمه. ويتعين حينئذ التفصيل بين كونه قادرا فعلا عرفا على التعيش، بلا حاجة إلى الزكاة

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكره في المسألة: 3 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 226 )

 

ما دام مشتغلا بالتعلم لا مانع من أخذها (1). (مسألة 7): من لا يتمكن من التكسب طول السنة إلا في يوم أو أسبوع مثلا، ولكن يحصل له في ذلك اليوم أو الاسبوع مقدار مؤنة السنة، فتركه وبقي طول السنة لا يقدر على الاكستاب، لا يبعد جواز أخذه (2) وإن قلنا أنه عاص بالترك (3) في ذلك اليوم أو الاسبوع، لصدق الفقير عليه حينئذ. (مسألة 8): لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يجوز له أخذ الزكاة، إذا كان مما يجب تعلمه عينا أو كفاية (4). وكذا إذا كان مما يستحب تعلمه، ] لسهولة التعلم، وعدم احتياجه إلى وقت طويل وبين غيره، ففي الاول لا يجوز له أخذها، لما تقدم في حكم القادر على الاكتساب. وفي الثاني يجوز لصدق الفقير عليه. (1) هذا إذا لم يكن قادرا فعلا على التعيش بدون الزكاة. أما لو كان قادرا على ذلك ولو بالاستدانة، لسهولة الوفاء بعد التعلم والاكتساب بالحرفة فجواز الاخذ غير ظاهر، لصدق كونه قادرا على أن يكف نفسه عنها. لكن الانصاف: أن الظاهر من القدرة المذكورة مالا يشمل مثل الاستدانة مع طول المدة. (2) لصدق كونه لا يقدر أن يكف نفسه عنها. لا وجه ظاهر لهذا العصيان، إذ لا ريب في أنه يجوز للغني أن يجعل نفسه فقيرا، كما يجوز للفقير أن يجعل نفسه غنيا، كما أشرنا إليه آنفا. (4) المحكي عن جماعة منهم العلامة والشهيدان في بعضن كتبهم: إطلاق القول بالجواز، وعن بعض: إطلاق المنع، وعن جماعة: التفصيل

 

===============

 

( 227 )

 

بين وجوب الاشتغال بالعلم فيجوز، وعدمه فلا يجوز. وهذا هو الاظهر، لان الوجوب يوجب صدق كونه غير قادر على أن يكف نفسه عنها، إذ المراد من القدرة ما يعم القدرة الشرعية،، فانتفاؤها كاف في صدق عدم القدرة. ولذا يجوز أخذ الزكاة لمن كان لا يقدر على المال الحلال وان كان يقدر على المال الحرام، فإذا انتفى الوجوب، صدق أنه قادر على أن يكف نفسه عن الزكاة. ومجرد الاستحباب فضلا عن الاباحة غير كاف في سلب القدرة، كما هو ظاهر. ودعوى: أن الامر بطلب العلم ولو على نحو الاستحباب يستلزم الامر بترك التكسب، فيكون بذلك عاجزا، غير ظاهرة. إذ مع أن الاستلزام ممنوع جدا، كما حقق في مسألة الضد: أن الامر المذكور لا يصلح لتقييد مادل على عدم جواز أخذ القادر على كف نفسه عن الزكاة ولا الورود عليها، بخلاف الامر الوجوبي فانه وارد على ذلك، لانه يوجب سلب القدرة المأخوذة موضوعا للمنع. ومثله في الاشكال: ما حكي دليلا على المنع مطلقا: من أن وجوب طلب العلم لا يصلح لمزاحمة وجوب التكسب لحفظ النفس عن الهلاك، لان ذلك الوجوب أهم. وفيه مع أن ذلك يقتضي نفي وجوب طلب العلم، وهو خلف، لكون المفروض وجوب طلب العلم، ولزوم العمل عليه عقلا: أن التزاحم بين الوجوبين إنما هو في المقدار الذي يتوقف عليه الحفظ من الهلاك، لا فيما يزيد عليه، فإذا فرض حصول ذلك المقدار وجب العمل عقلا على وجوب طلب العلم، لعدم المزاحم، لحصول موضوعه فإذا وجب طلب العلم انتفت القدرة على كف النفس عن الزكاة وجاز أخذها. وحصول المقدار الضروري لا يمنع من جواز أخذها، كما سبق. مضافا إلى أن وجوب الحفظ من الهلاك إنما يقتضي وجوب التكسب لو انحصر

 

===============

 

( 228 )

 

[ كالتفقه في الدين إجتهادا أو تقليدا. وإن كان مما يجب ولا يستحب، كالفلسفة، والنجوم، والرياضيات، والعروض، والعلوم الادبية لمن لا يريد التفقه (1) في الدين، فلا يجوز أخذه. (مسألة 9): لو شك في أن ما بيده كاف لمؤنة سنته أم لا، فمع سبق وجود ما به الكفاية لا يجوز الاخذ، ومع ] الحفظ به، وليس كذلك، فانه إذا كان وجوب طلب العلم موجبا لانتفاء القدرة جاز أخذ الزكاة، فتحفظ بها بلا حاجة إلى الكسب. نعم لو لم يمكن له أخذ الزكاة لمانع خارجي تعين عليه الكسب، ولم يجزله الاشتغال بطلب العلم. لكنه خارج عن محل الكلام. ومن ذلك يظهر: أن الوجوب الكفائي لا يجدي في جواز أخذها إذا وجد من يقوم به، لانه حينئذ لا يكون موجبا لانتفاء القدرة، وإنما يكون كذلك إذا لم يجد من يقوم به، فيكون كالعيني. فلاحظ. هذا كله في جواز إعطائه من سهم الفقراء. أما إعطاؤه من سهم سبيل الله فيجوز، إذا كان العلم راجحا شرعا، بناء على ما سيأتي إن شاء الله من أن موضوعه كل قربة. وكأن ما في المتن، من جواز إعطائه إذا كان العلم مستحبا، مبني على ذلك (1) يعني: لا يقصد من العلوم المذكورة المقدمية للعلم الراجح، وإلا كانت راجحة، فيجوز إعطاؤه إذا كان مشغولا بها لذلك. ثم إنه لابد من كون المقصود من التفقه في الدين القربة مع الاخلاص، ليكون عبادة وخيرا، وإلا فلا يكون من سبيل الله تعالى. نعم إذا كان مما يترتب عليه مصلحة محبوبة له تعالى كان من سبيل الله، وان لم يقصد المتعلم القربة. وسيأتي في أواخر مسائل الختام ماله نفع في المقام.

 

===============

 

( 229 )

 

[ سبق العدم وحدوث ما يشك في كفايته يجوز، عملا بالاصل في الصورتين (1). (مسألة 10): المدعي للفقر إن عرف صدقه أو كذبه عومل به، وإن جهل الامران، فمع سبق فقره يعطي من غير يمين، ومع سبق الغنى، أو الجهل بالحالة السابقة فالاحوط عدم الاعطاء (2)، إلا مع الظن بالصدق. خصوصا في الصورة الاولى. ] (1) الشك في الصورة الثانية، تارة: يكون للشك في بقاء ماله وتلفه. وأخرى: للشك في كفاية ما ملكه جديدا بضميمة ما كان عنده، كما لو كان عنده مائة درهم لا تكفيه، فملك أخرى، وشك في كفاية المائتين. وثالثة: للشك في كفاية ما عنده لبعض عياله، كما لو كان يعول بعشرة لا تكفيهم مائة درهم، فخرج عن عيلولته منهم خمسة، فشك في كفاية المائة لهم. وكذا الحال في الصورة الاولى، فانه أيضا يمكن تصوير اختلاف جهات الشك. وقد يشكل جريان الاصل في بعض الصور، لكنه ضعيف، كما لا يخفى بالتأمل. (2) المشهور: جواز إعطاء الفقير بمجرد دعوى الفقر، من دون حاجة إلى يمين أو بينة واستدل له: بأصالة عدم المال. أو أصالة الصحة في دعوى المسلم. أو أصالة العدالة فيه. أو لان في مطالبته بالبينة أو اليمين إذلالا له. أو لان دعواه الفقر من الدعوى بلا معارض المقبولة. أو لتعذر إقامة البينة عليه، فيشمله ما تضمن قبول الدعوى إذا كانت كذلك، مثل ما ورد في المرأة المدعية أنها بلا زوج: (أرأيت لو كلفتها البينة تجد بين لابتيها من يشهد أن ليس لها زوج؟!)) (* 1). أو لان تكليف الفقير

 

 

____________

(* 1) لم نجد بهذا المضمون رواية في الوسائل والمستدرك. نعم في الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة حديث: 5 ما يقرب من ذلك. وكذا في المستدرك باب: 9 من الابواب المذكورة حديث: 2.

 

===============

 

( 230 )

 

[ (مسألة 11): لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة، سواء كان حيا أو ميتا (1). ] بالبينة حرج عليه. أو لما يستفاد مما ورد فيمن نذر للكعبة أو أهدى إليها: (من أنه يباع ويؤخذ ثمنه، وينادي على الحجر: ألا هل من منقطع نفذت نفقته، أو قطع عليه، فليأت فلان ابن فلان. فيعطي الاول فالاول حتى ينفذ الثمن) (* 1). أو لخبر عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله (ع): (قال (ع): جاء رجل إلى الحسن (ع) والحسين (ع) وهما جالسان على الصفا فسألهما، فقالا: إن الصدقة لا تحل إلا في دين موجع، أو غرم مفضع، أو فقر مدقع، ففيك شئ من هذا؟ قال: نعم، فأعطياه..) (* 2) أو لمصحح عامر بن جذاعة: (رجل أتى أبا عبد الله (ع) فقال: يا أبا عبد الله قرض إلى ميسرة. فقال أبو عبد الله (ع): إلى غله تدرك؟ قال: لا. قال: إلى تجارة تؤوب؟ قال: لا والله. قال: عقدة تباع؟ قال: لا والله. فقال أبو عبد الله (ع): فأنت ممن جعل الله له في أموالنا حقا، فدعى بكيس فيه دراهم..) (* 3) وهذه الوجوه لا تخلو من نظر، أو منع. فالعمدة السيرة القطعية على العمل بقوله. والتشكيك فيها في غير محله، إذ لو كان بناء المسلمين على المطالبة بالبينة أو اليمين لكان في غاية الوضوح، لكثرة الابتلاء في كل زمان ومكان، فضلا عن أن يكون بحيث يخفى على العلماء الباحثين، بنحو يكون القبول بمجرد الدعوى مظنة الاجماع عندهم. نعم القدر المتيقن حصول الوثوق نوعا من الخبر، فالعمل بمجرد الدعوى مع عدمه لا يخلو من إشكال. (1) بلا خلاف ظاهر. ويشهد للاول صحيح ابن الحجاج: (سألت

 

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه حديث: 1.

 

===============

 

( 231 )

 

[ لكن يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه (1)، ] أبا الحسن الاول (ع) عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم، لا يقدرون على قضائه، وهم مستوجبون للزكاة، هل لي أن أدعه فاحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال (ع): نعم) (* 1)، وخبر عقبة بن خالد قال له عثمان ابن بهرام: (إني رجل موسر، ويجيئني الرجل ويسألني الشئ، وليس هو إبان زكاتي، فقال له أبو عبد الله (ع): القرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشرة، وماذا عليك إذا كنت مؤسرا كما تقول أعطيته، فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة) (* 2). ونحوهما غيرهما. ويشهد للثاني صحيح ابن أبي عمير، عن هيثم الصيرفي وغيره، عن أبي عبد الله (ع): (القرض الواحد بثمانية عشر. وإن مات احتسب بها من الزكاة) (* 3). ونحوه في ذلك خبرا يونس بن عمار (* 4) وابراهيم السندي (* 5)، وغيرهما. (1) كما عن المبسوط والوسيلة والتذكرة والتحرير والدروس والبيان والمدارك التصريح به. لحسن زرارة: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل حلت عليه الزكاة، ومات أبوه وعليه دين، أيؤدي زكاته في دين أبيه، وللابن مال كثير؟ فقال (ع): إن كان أورثه مالا، ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه، قضاه عنه من جميع الميراث، ولم يقضه من زكاته. وإن لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 49 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 49 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 49 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 49 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 232 )

 

[ وإلا لا يجوز. نعم لو كان له تركة، لكن لا يمكن الاستيفاء منها - لامتناع الورثة أو غيرهم - فالظاهر الجواز (1). (مسألة 12): لا يجب إعلام الفقير (2) أن المدفوع ] فإذا أداها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه) (* 1). وعن المختلف وظاهر المنتهى ونهاية الشيخ والحلي والمحقق في الشرائع والشهيد: أنهم جوزوا الوفاء مطلقا، عملا بالاطلاق، الذي لا مجال له بعد ورود المقيد. نعم مورد النص وجملة من كلام الجماعة صورة القضاء عن الميت بالزكاة، لا احتساب الدين عليه منها. لكن الظاهر أن المسألتين من باب واحد، لامكان التعدي عن مورد النص إلى المقام. (1) كما عن المسالك والروضة، ولم يستبعده في الجواهر. اقتصارا في تقييد المطلق على محل اليقين. وفيه: أن التقييد لم يكن بدليل لبي ليقتصر فيه على محل اليقين، بل إنما كان بدليل لفظي، فيجب الاخذ باطلاقه، وهو شامل للفرض. إلا أن يكون المراد دعوى الانصراف إلى صورة إقدام الورثة على الوفاء، لان الميت حينئذ لا يكون محتاجا إلى الزكاة في وفاء دينه. وهذا هو المدار في عدم جواز الاحتساب عليه، حسب المفهوم من النص. ومثله: مالو تلف المال بنحو لا يستوجب الضمان. فتأمل جيدا. (2) كما عن جمع كثير التصريح به، بل عن غير واحد: الاجماع عليه. ويشهد له مضافا إلى إطلاق الادلة مصحح أبي بصير: (قلت لابي جعفر (ع): الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة، فأعطيه من الزكاة ولا أسمي له أنها من الزكاة، فقال (ع): أعطه ولا تسم،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 233 )

 

ولا تذل المؤمن) (* 1). نعم يعارضه مصحح ابن مسلم: (قلت لابي جعفر (ع) الرجل يكون محتاجا، يبعث إليه بالصدقة فلا يأخذها على وجه الصدقة، يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض، أفنعطيها إياه على غير ذلك الوجه، وهي منا صدقة؟ فقال (ع): لا، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها، فان لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه. وما ينبغي له أن يستحيي مما فرض الله عزوجل، إنما هي فريضه الله، فلا يستحي منها) (* 2). لكن إعراض الاصحاب عنه مانع عن صلاحيته للمعارضة. مع أن الاول نص في الجواز، فلا يقوى الثاني على صرفه وإن كان ظاهرا في المنع، كما لا يخفى. مضافا إلى أن قوله: (لا) جواب عن إعطائها على وجه غير الزكاة، بحيث يكون العنوان المغاير للزكاة مقصودا له، والمنع عن ذلك لا يلازم وجوب الاعلام. وأما قوله (ع): (فان لم يقبلها على وجه الزكاة..) فيمكن أن يكون المراد منه اعتبار قصد القابض للزكاة ولو إجمالا، بحيث لا يكفي عدم قصدها أصلا، أو قصد عنوان آخر مباين، لا وجوب قصده للزكاة تفصيلا، ليكون معارضا للخبر الاول. وأما قوله (ع): (وما ينبغي له..) فعلى ظاهره لا يمكن الالتزام به، فان مذلة الفقر مما يحسن الحياء منها قطعا. وقد مدح الله سبحانه المتعففين بقوله تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف..) (* 3) فلا بد أن يحمل على إراده التنفر النفسي من الزكاة، كما يشير إليه ما في صدره، من التعبير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 58 من ابواب المستحقين الزكاة حديث: 1. (* 2) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب: 58 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2، وذيلها في باب: 57 من الابواب المذكورة حديث: 1. (* 3) البقرة: 273.

 

===============

 

( 234 )

 

بالانقباض منها، الذي هو خلاف طيب النفس بها. وعلى هذا فالجمع بين الخبرين يقتضي عدم وجوب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة. لكن لابد من قصده إجمالا لها، ولا يكفي عدم القصد، ولا قصد العدم. لكن الذي يستفاد مما دل على جواز الاحتساب على الميت وعلى الحي، ومما دل على كون اللام ليست للملك في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء..) (* 1)، وأن الانواع الثمانية مصرف للزكاة، جواز دس الزكاة في مال الفقير ووضعها في كيسه، ولو مع عدم العلم بذلك، ولا قصده للتملك، إذا كان بحيث يصرفها في حوائجه. ولا سيما بملاحظة شيوع استعمال الصدقة في الاوقاف العامة والخاصة، التي لا تمليك فيها في مرتكزات المتشرعة. وما دل على جواز التكفير بالاشباع، من غير قصد التمليك والتملك وغير ذلك، مما يفهم منه أن الصدقة عبارة عن جعل الشئ ليصرف بنفسه أو بمنافعه في جهات الخير والبر والاحسان. فالبناء على عدم جواز الدس بعد ذلك كله لاجل الصحيح المذكور لا يخلو من إشكال. نعم يمكن دعوى تخصيص الصحيح بصورة التصدق بنفس التمليك، فانه لا يتحقق إلا بقصد التملك. أما لو أريد التصدق على الفقير باشباعه أو كسوته، أو سقيه الدواء، أو نحو ذلك من العناوين الخيرية غير الموقوفة على القصد فلا موجب لاعتبار القصد من الفقير، فضلا عن اعتبار إعلامه بذلك. ولاجل ذلك كله نقول بجواز احتساب ما في الذمة من رد المظالم، لان ذلك الابراء تصدق خاص، يكفي في صحته إطلاق ما دل على وجوب التصدق بمجهول المالك. ولولا ما ربما يستفاد من نصوص الكفارة، من وجوب أحد الامرين، من الاشباع والتمليك، لامكن الاكتفاء في التكفير بالاحتساب أيضا، إذا كان له دين على ستين مسكينا طعاما. وكذا الحال

 

 

____________

(* 1) التوبة: 60.

 

===============

 

( 235 )

 

[ إليه زكاة، بل لو كان ممن يترفع ويدخله الحياء منها وهو مستحق، يستحب دفعها إليه على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا. بل لو اقتضت المصلحة التصريح كذبا بعدم كونها زكاة جاز (1)، إذا لم يقصد القابض عنوانا آخر غير الزكاة بل قصد مجرد التملك (2). (مسألة 13): لو دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون القابض غنيا، فان كانت العين باقية ارتجعها (3). ] في جميع موارد التصدق. وبالجملة: المفهوم من معنى الصدقة أنها تتحقق بصرف المال في كل وجه خيري، سواء أكان بالاحتساب أم بغيره، غاية الامر: أن بعض وجوه الخير معان عقدية تتوقف على القبول، كالتمليك، فلا يتحقق التصدق بالمال بنحو التمليك إلا مع قبول المتملك، لا أن أصل المفهوم من معنى الصدقة يتوقف على القبول. وتفسير الصدقة بالعطية على وجه القربة في كلام الفقهاء وبعض اللغويين، مبني على ملاحظة بعض مصاديقها وكذا الحال في الخمس بالنسبة إلى سهم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل بناء على أنهم مصرف كما هو الظاهر. ولعله يأتي ما يتضح به الحال إن شاء الله تعالى. فلاحظ (1) لم يتضح الوجه المسوغ للكذب الذي هو أحد الكبائر. اللهم إلا أن تكون هناك مصلحة واجبة. (2) قد عرفت: أنه يجب حينئذ قصد التملك مطلقا ولو كان المدفوع زكاة. (3) إن كان المدفوع قد تعين زكاة قبل الدفع بعزل ونحوه فالارتجاع واجب مقدمة لوجوب أداء الزكاة، وإن لم يكن قد تعين زكاة

 

===============

 

( 236 )

 

[ وكذا مع تلفها (1) إذا كان القابض عالما بكونها زكاة، وإن كان جاهلا بحرمتها للغني (2). بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة، فانه لا ضمان عليه (3). ولو تعذر الارتجاع، أو تلفت بلا ضمان أو معه، ولم يتمكن الدافع من أخذ العوض، كان ضامنا، فعليه الزكاة مرة أخرى (4). نعم لو كان الدافع ] فلا موجب للارتجاع. إلا إذا توقف عليه أداء الزكاة، لانحصار ماله فيه، أو نحو ذلك. نعم لا ينبغي التأمل في جواز الارتجاع على كل حال حينئذ لانه ماله وباق تحت سلطنته. وعن المعتبر: القطع بعدم جواز ارتجاعها، لان الظاهر كونها صدقة مندوبة لا رجوع فيها. وعن المنتهى: العدم أيضا، معللا: بأنه محتمل الامرين، أي: الصدقة الواجبة والمندوبة. لكن ظاهر التعليلين كون محل كلامهما صورة الجهل بالحال، منهما، أو من الحاكم مع تنازعهما، وهو غير ما نحن فيه الذي هو حكم الواقعة في نفسها، كما لا يخفى. (1) لضمانها بعموم: (على اليد..)، فيجري فيه حكم الاخذ مع بقاء العين. (2) إذ الجهل بحرمتها للغني لايمنع من عموم دليل الضمان للمقام، وإنما يمنع عن الاثم بالقبض إذا كان عن قصور. ومثله: لو كان جاهلا بكونه غنيا للشبهة الحكمية، أو الموضوعية. (3) مقتضى عموم: (على اليد..) هو الضمان. غاية الامر: أنه إذا كان معذورا من قبل الدافع، جاز له الرجوع عليه لقاعدة الغرور وكذا لو كان مغرورا من شخص ثالث، جاز له الرجوع عليه أيضا. ولو لم يكن الآخذ مغرورا من أحد استقر عليه ضمانها. (4) كما هو المنسوب إلى المفيد وأبي الصلاح وغيرهما. لاصالة الاشتغال وعموم مادل على أنها كالدين. ولقاعدة الشركة في العين. ولان الموضوع

 

===============

 

( 237 )

 

في غير موضعه بمنزلة العدم. ولما دل على لزوم إعادة المخالف زكاته، معللا: بأنه لم يضعها في موضعها. ولمرسل الحسين بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع): (في رجل يعطي زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر، فوجده موسرا قال (ع): لا يجزئ عنه) (* 1). ويمكن أن يستشكل في الاول: بأن المراد بالاشتغال إن كان اشتغال الذمة بالاداء فهو فرع بقاء موضوعه، وهو الزكاة، وإن كان اشتغالها بالعين فهو مبني على كونها في الذمة لا في العين. وأما عموم مادل على أنها كالدين فممنوع. والظاهر من النص تنزيلها منزلة الدين في الاخراج من أصل المال، إذا كانت مضمونة في ذمة المالك، لا مطلقا. فلاحظه. وأما قاعدة الشركة فانما تقتضي المنع من التصرف في المشترك بدون إذن الشريك، والمفروض أن ذلك جائز للمالك، غاية الامر: أن التصرف بالدفع لم يكن في محله خطأ منه وقصورا، واقتضاء ذلك للضمان كلية أول الكلام. ومثله: كون الموضوع في غير محله بمنزلة العدم مطلقا. وأما النص فمعارض بمصحح عبيد عن أبي عبد الله (ع): (قلت له: رجل عارف أدى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال (ع) نعم. قال: قلت: فان لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها، أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك؟ فقال: يؤديها إلى أهلها لما مضى. قال قلت له: فان لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل، وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال: ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى) (* 2). وقريب منه مصحح زرارة (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 238 )

 

لكن الانصاف: ظهور الصحيحين بقرينة وصف الرجل الدافع بالعارف في إرادة الدفع إلى غير العارف، فلا يكونان مما نحن فيه، كما ذكر في المدارك. فلا بأس بالعمل بالمرسل. ولا يقدح إرساله، فان مرسله ابن أبي عمير الذي قيل: (إنه لا يروي، ولا يرسل إلا عن ثقة). ولا سيما مع اعتضاده بالتعليل الوارد في زكاة المخالف. مع أنه بناء على كون الزكاة في الذمة أو في العين فسقوطها بالاداء لغير المستحق لا دليل عليه، والاصل ينفيه. نعم لو كانت الزكاة معزولة، فضمانها بالدفع المذكور الذي لا تفريط فيه، لكونه جريا على القواعد الشرعية الظاهرية غير ظاهر. والدفع إلى غير المستحق ليس عزلا، إذ نية كونه زكاة منوطة بقبض المستحق، ولذا يجوز له العدول فبل القبض. ومثله: دعوى الضمان بالاتلاف، إذ لا إتلاف بالدفع المذكور، ولذا نقول بضمان المدفوع إليه بالقبض، بعموم: (على اليد...). نعم إذا تعذر أخذها من المدفوع إليه، كان ضمانها على الدافع للحيلولة. والمتحصل: أنه لو كانت الزكاة متعينة فلو دفعها إلى غير المستحق إعتمادا على حجة، فالاصل البراءة من ضمانها. والتعليل الوارد في زكاة المخالف محمول على غير هذه الصورة، لئلا يكون تعليلا تعبديا، وهو خلاف ظاهره. ولو دفعها إليه بلا حجة كانت تفريطا موجبا للضمان. ولو كانت الزكاة غير معينة، بل كانت في ذمته أو في النصاب، وأراد تخليص ذمته أو نصابه منها فدفعها إلى غير المستحق، فالاصل يقتضي عدم حصول التخليص بذلك، وظاهر المرسل الضمان في جميع الصور، فالاعتماد عليه في ذلك في محله. وأما صحيح عبيد وزرارة فلا ينبغي الاستدلال بهما على المقام لما سبق من كونهما في غير ما نحن فيه. ومن ذلك كله يظهر لك ضعف القول بعدم الضمان مطلقا، كما عن

 

===============

 

( 239 )

 

[ هو المجتهد أو المأذون منه، لا ضمان عليه (1)، ولا على المالك الدافع إليه. (مسألة 14): لو دفع الزكاة إلى غني، جاهلا بحرمتها عليه أو متعمدا، استرجعها مع البقاء (2)، أو عوضها مع التلف (3) وعلم القابض. ومع عدم الامكان يكون عليه مرة أخرى (4). ولا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها وكذا في المسألة السابقة. وكذا الحال لو بان أن المدفوع إليه ] المبسوط وغيره. كما يظهر أيضا ضعف القول بالتفصيل: بين ما إذا اجتهد فلا ضمان، وما لم يجتهد فيضمن، كما عن المعتبر والمنتهى. اللهم إلا أن يستدل على هذا بفحوى الصحيحين المذكورين، كما ذكره في المدارك. لكن الفحوى غير ثابتة، كما يظهر مما يأتي: من دعوى الاجماع إذا تبين الخطأ فيما عدا شرط الفقر. فلا حظ. والله سبحانه أعلم. (1) بلا خلاف كما عن المنتهى. وعن غير واحد: الاستدلال عليه: بأن امتثال الامر الظاهري يقتضي الاجزاء. وفيه: أن المحقق في محله خلاف ذلك. فالعمدة ما ذكرناه في الزكاة المعزولة، من أنه لا موجب للضمان، لان الجري على مقتضى القواعد الشرعية يمنع من صدق التفريط المستتبع للضمان. ومن هنا يختص الحكم بصورة العمل على مقتضى الحجة، فلو عمل لا عليها كان مفرطا ضامنا. (2) لعدم ملكه لها بالقبض. (3) لضمانها باليد. نعم لو كان مغرورا من قبل الدافع رجع على الدافع بالقيمة، واستقر الضمان عليه، وإلا فعليه ضمانها وإن كان جاهلا. (4) يظهر الكلام هنا مما سبق في المسألة السابقة، من أنه إذا كانت

 

===============

 

( 240 )

 

[ كافر أو فاسق إن قلنا باشتراط العدالة، أو ممن تجب نفقته عليه، أو هاشمي إذا كان الدافع من غير قبيلة. (مسألة 15): إذا دفع الزكاة باعتقاد أنه عادل فبان فقيرا فاسقا، أو باعتقاد أنه عالم فبان جاهلا، أو زيد فبان عمرا، أو نحو ذلك، صح وأجزأ إذا لم يكن على وجه التقييد، بل كان من باب الاشتباه في التطبيق (1). ولا يجوز استرجاعه ] معزولة فضمانها يتوقف على تحقق التعدي أو التفريط، وإن كانت غير معزولة فبراءة الذمة منها أو خلو المال عنها موقوف على سبب غير ثابت، فالاصل يقتضي الضمان. وكذا الكلام في تخلف بقية الصفات. لكن المشهور فيه عدم الضمان، بل في المختلف: أنه إجماع. واستدل له تارة: بالصحيحين المتقدمين (* 1). وقد عرفت إشكاله وأخرى: بقاعدة الاجزاء. وقد تحرر في محله: عدم الدليل على إجزاء الامتثال الظاهري عن الواقع. وثالثة: بأن الموضوع الظاهري موضوع للحكم الواقعي، فالزكاة حق لمن ثبت كونه مؤمنا، أو عادلا، أو غير واجب النفقة، أو نحو ذلك، وإن لم يكن كذلك في الواقع. وفيه: أن المستفاد من أدلة الشرائط خلاف ذلك، وأن موضوع الحكم هو الجامع للصفات المذكورة واقعا. غاية الامر: أنه إذا ثبت الجامع لها ظاهرا ثبت الاجزاء الظاهري، فإذا انكشف الخلاف وجب ترتيب الاثر على الواقع، كما لا يخفى بالتأمل. فعموم الحكم بالاجزاء لجميع صور تخلف الشرائط غير الايمان غير ظاهر. نعم لا بأس بالقول بالاجزاء في خصوص تخلف شرط الايمان للصحيحين. اللهم إلا أن يكون المستند في عموم الحكم الاجماع. (1) بأن تكون الجهات المذكورة ملحوظة خارجة عن موضوع القصد

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة السابقة.

 

===============

 

( 241 )

 

[ حينئذ وإن كانت العين باقية. وأما إذا كان على وجه التقييد فيجوز. كما يجوز نيتها مجددا، مع بقاء العين أو تلفها إذا كان ضامنا، بأن كان عالما (1) باشتباه الدافع وتقييده. الثالث: العاملون عليها، وهم المنصوبون من قبل الامام (ع) (2) أو نائبه الخاص أو العام، لاخذ الزكوات وضبطها وحسابها، وإيصالها إليه (3) أو إلى الفقراء، على حسب إذنه، فان العامل يستحق منها (4) سهما في مقابل عمله ] إما بنحو الداعي الذي لا يقدح تخلفه، لعدم كونه داعيا بوجوده الواقعي، وإنما يكون مؤثرا بوجوده العلمي، وهو غير متخلف. وإما بنحو آخر، لا بنحو الداعي ولا بنحو القيد. وهذا بخلاف مالو كان الجهات المذكورة ملحوظة عنوانا للمدفوع إليه المقصود وقيدا له، فان فواتها يوجب فوات القصد، لانتفاء موضوعه. (1) قد عرفت الاشكال في اعتبار هذا الشرط في الضمان. (2) بلا خلاف ولا إشكال. وتشير إليه النصوص الآتية. (3) لا كلام في ذلك كله. وعن غير واحد: أنهم جعلوا من جملة العمل قسمتها وتفريقها بين المستحقين، لان ذلك نوع من العمل، فيشمله الاطلاق. وفي الجواهر: استشكل فيه، للمروي عن تفسير علي بن ابراهيم: (والعاملين عليها هم السعاة والجباة في أخذها أو جمعها أو حفظها، حتى يؤدوها إلى من يقسمها..) (* 1)، فان ظاهره خروج القسمة عن العمل لكن الخروج عن ظاهر الآية بالمرسل المذكور غير ظاهر. (4) مقتضى ظاهر الآية الشريفة ولا سيما بقرينة السياق كون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 7.

 

===============

 

( 242 )

 

[ وإن كان غنيا (1). ولا يلزم استئجاره من الاول، أو تعيين مقدار له على وجه الجعالة، بل يجوز أيضا (2) أن لا يعين ] استحقاق العامل منها بجعل الشارع، فيعطى مجانا، لا بجعل الامام بعنوان المعاوضة؟؟. وحينئذ فلو جعل الامام للعامل شيئا بطريق الجعالة، أو بطريق الاجارة لم يكن ذلك مما هو مجعول بالآية الشريفة، بل كان تصرفا منه نافذا حسب ولايته، نظير أجرة المكان، وقيمة العلف، ونحو ذلك من المصارف. وحينئذ يشكل ما ذكره الاصحاب بل قيل: إنه لا ريب فيه من أن الامام مخير بين أن يقدر لهم جعالة مقدرة، أو أجرة عن مدة مقدرة، مما ظاهره أن الاجر والجعل من سهم العاملين. ولا سيما بملاحظة ما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (قلت له: ما يعطى المصدق؟ قال: ما يرى الامام، ولا يقدر له شئ) (* 1). ويترتب على ذلك: أنه لو كان السهم بعنوان الجعالة أو الاجرة، لزم الامام أن يدفعه ولو تلفت الزكاة كلها، وعلى ما ذكرنا لا يلزمه شئ. وحينئذ فما في المتن، من كون السهم المدفوع إلى العامل في مقابل عمله، لا يخلو ظاهره عن الاشكال. بل عليه يلزم دفع أجرة المثل لا أكثر، كما في سائر موارد العمل بلا إجارة أو جعالة، وهو خلاف ظاهر الصحيح المتقدم. (1) إجماعا محكيا عن الخلاف. للاصل، وظاهر الآية، كذا في الجواهر. (2) يعني: كما يجوز أن يعين مقدارا بالاجارة والجعالة، يجوز أيضا أن يعطى من الزكاة بلا تعيين سابق على العمل. لكن عرفت الاشكال فيه، وأن العمل في الآية يراد منه الولاية الخاصة المجانية، كما يقتضيه سياقها واجماع الاصحاب على اعتبار شروط خاصه فيه، وإلا فلا ينبغي التأمل في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.

 

===============

 

( 243 )

 

ويعطيه بعد ذلك ما يراه. ويشترط فيهم: التكليف، بالبلوغ والعقل، والايمان (1)، ] جواز استئجار من يفقد جميع هذه الشروط إذا احتيج إلى عمله، كالراعي والسائس والبيطار، فان ذلك كاشف عن أن موضوع الشروط المذكورة هو الوالي لا غير. والولاية هنا كالولاية في سائر الموارد نظارة على العمل، لانفس العمل الذي يبذل بازائه الاجر والجعل، ويشهد له تعديته ب‍ (على)، فهذه الولاية من شؤون ولاية الامام ليست ملحوظة مالا ليبذل بازائها المال، فلو لوحظت كذلك كان حال العامل حال السائس والراعي والبيطار ونحوهم لا يعتبر فيه شرط من الشروط المذكورة. وأجرة عمله غير مجعولة بالآية الشريفة، بل إما أن تؤخذ من الزكاة، أو من بيت المال، كأجرة المكان وأجرة النقل ونحوهما من المصارف اللازمة للزكاة، لا يعطى مالكها بقصد التصدق عليه بل بقصد أداء حقه. ولاجل ما ذكرنا كان بناء أبي حنيفة وأتباعه على سقوط هذا السهم لبنائه على كون العامل أجيرا للعمل كسائر الاجراء المحتاج إلى عملهم، مثل السائس والراعي والبيطار وغيرهم، ممن يحتاج إلى عملهم، والمدفوع إليهم يكون أجرا لا زكاة. لكن فيه: أن الاعمال التي تلزم الولاية، من الامر والنهي، واستئجار الراعي والحارس، والمكان ونحو ذلك، ربما لا تكون أموالا عرفا. ولو كانت فالولاية مبنية على بذلها مجانا، كما في سائر موارد الولاية، فليس له أخذ الاجرة عليها. نعم الاعمال التي لا تلزم الولاية، مثل رعي الانعام، وحراستها، ونحو ذلك، لو قام به الولي جاز له أخذ الاجرة عليها. كما جاز له إعطاء الاجرة لغيره عليها. فتأمل جيدا. (1) إجماعا. لانها ولاية، لا تصلح للمولى عليها، ولا للظالم، كذا

 

===============

 

( 244 )

 

[ بل العدالة (1) والحرية (2) أيضا على الاحوط. نعم لا بأس بالمكاتب (3). ويشترط أيضا معرفة المسائل (4) المتعلقة بعملهم ] قيل، والعمدة: الاجماع. (1) إجماعا، كما عن نهاية الاحكام والدروس والروضة والمفاتيح وغيرها. وهو العمدة أيضا، وإلا فالذي يظهر من قول أمير المؤمنين (ع) لمصدقه: (فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا، غير معنف بشئ منها.) (* 1)، الاكتفاء بالامانة والوثاقة. (2) كما عن الشيخ (ره). لانه لا يملك، فلا يمكن أن يستحق سهما من الزكاة. وفيه: أن مصرفية العاملين لا تتوقف على التملك، بل يجوز بنحو آخر. ويمكن أن يستدل على الاعتبار: بما سبق في البلوغ والعقل. ولكن أشرنا إلى إشكاله. وكأنه لذلك حكي عن المعتبر: عدم اعتبارها، وتبعه عليه في المختلف والمدارك، على ما حكي. وهو في محله لو تم عدم اختصاص مصرفية الزكاة بالتملك، أو بني على استحقاق السهم المذكور بعنوان كونه أجرة في قبال العمل نفسه، كما هو ظاهر المتن. فان العمل لما كان ملكا للمولى كانت الزكاة له أيضا. لكن عرفت أنه عليه لا مانع أيضا من عمل الصبي والمجنون، بل والمخالف، والاجماع على عدم جواز عملهم يراد منه العمل بمعنى الولاية، لا بمعنى ما ذكر، كما أشار إلى ذلك في الجواهر وغيرها. فلاحظ. (3) بلا ريب، كما عن المدارك وغيرها. لانه صالح للملك والتكسب. (4) بلا إشكال ولا خلاف كما قيل إذا توقف العمل الصحيح عليه، وإلا فغير ظاهر. ومثله: اعتبار كونه فقيها، كما عن جمع، إذ

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب زكاة الانعام حديث: 1.

 

===============

 

( 245 )

 

[ إجتهادا أو تقليدا، وأن لا يكونوا من بني هاشم (1). نعم يجوز استئجارهم من بيت المال أو غيره (2). كما يجوز عملهم تبرعا. والاقوى عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة (3) مع بسط يد نائب الامام (ع) في بعض الاقطار. نعم يسقط ] لا دليل عليه. (1) بلا خلاف أجده فيه، كما في الجواهر. واستدل له: بعموم مادل على تحريم الصدقة عليهم (* 1)، الذي هو أخص مطلقا من عموم آية الصدقات (* 2)، باعتبار مجموع عنواناتها فيقدم عليه. مع أنه لو لوحظت النسبة بينه وبين خصوص عنوان العاملين فالنسبة عموم من وجه، والمرجع الاصل المقتضي للمنع فيها. وبصحيح العيص عن أبي عبد الله (ع): (إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله، فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي، وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله تعالى للعاملين عليها فنحن أولى به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم..) (* 1). (2) كمما صرح به في محكي المدارك وغيرها. لعموم نفوذ الولاية والاجارة من دون معارض، لاختصاص المانع بالزكاة لا غير. بل عرفت الاشارة إلى اختصاص المنع بصورة الولاية المجانية، فلا مانع من اتخاذه أجيرا على ما يحتاج إليه من العمل، وتدفع الاجرة إليه من الزكاة كسائر الاجراء. وحينئذ فتخصيص الجواز بالدفع من بيت المال غير ظاهر. (3) للاطلاق. وقد يظهر غ‌ن تفسير العاملين بالنواب والسعاة من

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 29 من أبواب المستحقين للزكاة. (* 2) التوبة: 60. (* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 246 )

 

[ بالنسبة إلى من تصدي بنفسه (1) لاخراج زكاته وإيصالها إلى نائب الامام (ع)، أو إلى الفقراء بنفسه. الرابع: المؤلفة قلوبهم من الكفار، الذين (2) يراد من إعطائهم إلفتهم وميلهم إلى الاسلام، أو إلى معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفار أو الدفاع. ومن المؤلفة قلوبهم: الضعفاء العقول من المسلمين، لتقوية اعتقادهم، أو لامالتهم إلى المعاونة في الجهاد أو الدفاع. ] قبل الامام الاختصاص بحال حضوره. قال في محكي النهاية: (ويسقط سهم المؤلفة، وسهم السعاة، وسهم الجهاد، لان هؤلاء لا يوجدون إلا مع ظهور الامام، لان المؤلفة إنما يتألفهم ليجاهدوا معه. والسعاة: الذين يكون من قبله في جمع الزكوات..). لكن التخصيص بحال الحضور غير ظاهر الدليل، والاطلاق ينفيه. والتعبير بالامام في بعض النصوص باعتبار كونه الولي الاصلي، كما لا يخفى. (1) إذ لا ولاية له على العمل فلا يدخل في العاملين عليها. (2) المحكي عن المبسوط والخلاف وغيرهما بل استظهر أنه المشهور اختصاص المؤلفة بالكفار، بل عن ظاهر المبسوط وصريح الخلاف: الاجماع عليه. قال في محكي المبسوط: (المؤلفة قلوبهم عندنا: هم الكفار الذين يستمالون بشئ من مال الصدقات إلى الاسلام، ويتألفون على قتال أهل الشرك، ولا يعرف علماؤنا مؤلفة أهل الاسلام..). وعن المفيد وجماعة: أنهم ضربان، مسلمون، ومشركون. وقال في الشرائع: (والمؤلفة قلوبهم: هم الكفار الذين يستمالون إلى الجهاد، ولا نعرف مؤلفة غيرهم..) وعن الاسكافي: اختصاصه بالمنافقين. قال في محكي كلامه: (المؤلفة قلوبهم

 

===============

 

( 247 )

 

من أظهر الدين بلسانه، وأعان المسلمين وإمامهم بيده، وكان معهم الاقلية..). وتبعه عليه في الحدائق وغيرها. وعن السرائر والنافع وجملة من كتب العلامة وغيرها: أنهم مسلمون، وكافرون. ولعله مراد المفيد في عبارته السابقة، فتكون الاقول ثلاثة. والذي يظهر من أكثر النصوص هو القول الثاني، ففي مصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): (سألته عن قول الله عزوجل: (والمؤلفة قلوبهم..) قال (ع): هم قوم وحدوا الله عزوجل، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله عزوجل، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله فأمر الله نبيه أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم، ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به. وإن رسول الله صلى الله عليه وآله يوم حنين تألف روساء العرب من قريش وسائر مضر، منهم أبو سفيان بن حرب، وعيينة بن حصين الفزاري وأشباههم من الناسن، فغضبت الانصار..) (* 1). وخبره الاخر عنه (ع): (المؤلفة قلوبهم: قوم وحدوا الله عزوجل، وخلعوا عبادة من دون الله تعالى، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويعرفهم كيما يعرفوا، ويعلمهم..) (* 2). ونحوه مرسل القمي في تفسيره عن العامل، ولعلهما واحد (* 3). ومرسل موسى بن بكر عن رجل: (قال أبو جعفر (ع): ما كانت المؤلفة قلوبهم قط أكثر منهم اليوم، وهم قوم وحدوا الله تعالى، وخرجوا من الشرك ولم تدخل معرفة محمد صلى الله عليه وآله قلوبهم وما جاء به. فتألفهم رسول الله صلى الله عليه وآله

 

 

____________

(* 1) أصول الكافي ج 2 صفحة 410 طبع ايران الحديثة باب المؤلفة قلوبهم حديث: 2. (* 2) أصول الكافي ج 2 صفحة 410 طبع ايران الحديثة باب المؤلفة قلوبهم حديث: 1. (* 3) تقدم ذلك في الثالث من مصارف الزكاة.

 

===============

 

( 248 )

 

وتألفهم المؤمنون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لكيما يعرفوا) (* 1). ومنه يظهر المراد مما في خبر زرارة الثالث عن أبي جعفر (ع): (المؤلفة قلوبهم لم يكونا قط أكثر منهم اليوم) (* 2). واستشكل عليه في الجواهر: بمنافاته لاطلاق الآية. وفيه: أن النصوص حاكمة على ذلك الاطلاق. وبأنه طرح لمعقد الاجماع، ونفي الخلاف. وفيه: أنه لا يهم إذا لم يبلغا مرتبة الحجية، لوضوح الخلاف وتعدد الاقوال اللهم إلا أن يكون المراد سقوط النصوص المذكورة عن الحجية من أجل الاعراض. وفيه نظر وتأمل. وبأنه ادعي ظهور بعض النصوص السابقة بغير المسلم. وفيه: أنه ممنوع وللمرسل في حاشية الارشاد لولد الكركي المروي: أنهم قوم كفار. وفيه: أنه لا يصلح لمعارضة النصوص السابقة من وجوه كثيرة. وبمخالفته للمرسل في الدعائم عن جعفر (ع): (والمؤلفة قوم يتألفون على الاسلام من رؤساء القبائل، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعطيهم ليتألفهم. ويكون ذلك في كل زمان إذا احتاج إلى ذلك الامام) (* 3). وفيه: أنه لو تم إطلاقه فهو مقيد بما سبق. مع أنه لا يصلح لمعارضة ما سبق. وبمخالفته للصحيح أو الحسن عن زرارة ومحمد: (قالا لابي عبد الله (ع): أرايت قوله الله تعالى: (إنما الصدقات..) أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال: إن الامام يعطي هؤلاء جميعا، لانهم يقرون له بالطاعة. قال زرارة: قلت: فان كانوا لا يعرفون! فقال: يا زرارة، لو كان يعطى من يعرف دون من لايعرف لم يوجد لها موضع وإنما يعطى من لا يعرف ليرغب في الدين، فيثبت عليه. فأما اليوم فلا

 

 

 

____________

(* 1) أصول الكافي باب المؤلفة قلوبهم ج 2 صفحة 410 طبع ايران الحديثة حديث: 5. (* 2) أصول الكافي باب المؤلفة قوبلهم ج 2 صفحة 410 طبع ايران الحديثة حديث: 3. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 11.

 

===============

 

( 249 )

 

[ الخامس: الرقاب، وهم ثلاثة أصناف: الاول: المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة (1)، مطلقا كان أو مشروطا (2). والاحوط أن يكون بعد حلول النجم، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال (3). ويتخير ] تعطها وأصحابك إلا من يعرف، فمن وجدت في هولاء المسلمين عارفا فاعطه دون الناس. ثم قال: سهم المؤلفة وسهم الرقاب عام، والباقي خاص) (* 1) وفيه: أن الذي يظهر من جملة من فقراته الاختصاص بالسلم. ولا سيما قوله (ع): (لانهم يقرون له بالطاعة..)، وقوله (ع): (وإنما يعطي من لايعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه..). وأما قوله (ع): (سهم المؤلفة وسهم الرقاب عام) فغير ظاهر في العموم للكافر، بل لعله ظاهر في العموم للمسلم غير العارف. لا أقل من وجوب حمله على ذلك بقرينة غيره من النصوص. ومما ذكرنا يشكل تعميم المؤلفة للكفار، بل للمسلمين الذين يقصد من إعطائهم المعاونة على الجهاد. (1) إجماعا، كما عن جماعة. وفي الجواهر: الاجماع بقسميه عليه. ويشهد له: مرسل أبي إسحاق، عن بعض أصحابنا، عن الصادق (ع): (أنه سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها. قال (ع): يؤدى عنه من مال الصدقة. إن الله تعالى يقول في كتابه: (وفي الرقاب) (* 2) (2) بلا خلاف. لاطلاق النص. (3) ينشأ: من إطلاق الآية. ومن ظهور النص في العجز بعد حلول النجم. لكن النص لا يصلح للتقييد، لجواز أن يكون مورد السؤال فيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 44 من أبواب مستحقين للزكاة ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 250 )

 

بين الدفع إلى كل من المولى والعبد (1). لكن إن دفع إلى المولى، واتفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فرد إلى الرق، يسترجع منه (2). كما أنه لو دفعها إلى العبد ولم يصرفها في فك رقبته لاستغنائه بابراء، أو تبرع أجنبي. يسترجع منه. نعم يجوز الاحتساب حينئذ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيرا (3). ولو ادعى العبد أنه مكاتب، أو أنه عاجز، فان علم صدقه، أو أقام بينة قبل قوله، وإلا ففي قبول قوله إشكال. والاحوط عدم القبول (4) سواء صدقه المولى أو كذبه. كما أن في قبول قول المولى - مع ] أحد الافراد، فلا ينافي المطلق، فالعمل بالاطلاق متعين. (1) لاطلاق الآية. لكن مقتضى الجمود على ظاهر المرسل تعين الاداء إلى السيد وإن لم يكن باذن العبد لا إلى العبد. إلا بعنوان الوكيل من الدافع. اللهم إلا أن لا يفهم منه الخصوصية، بأن يكون المقصود أداء ما في ذمته كيف كان. فتأمل جيدا. (2) لعدم الصرف في الفك، المفروض كونه الجهة الملحوظة مصرفا للمال. وعن الشيخ: العدم، لانه ملكه بالقبض، فكان له التصرف فيه كيف شاء. وفيه: أن الملك ممتنع، لعدم الدليل عليه. ولو سلم فلا تنفك ملكيته عن الوفاء، فمع عدمه لا دليل عليها من أول الامر. (3) فيدخل في إطلاق الفقراء. (4) المشهور بين الاصحاب: أنه إذا كذبه السيد لم يقبل قوله، وإن صدقه قبل قوله. وقد قطع به الاصحاب، كما عن المدارك. وفي الجواهر: نفي الخلاف فيه، لاصالة العدالة. وبأن الحق في العبد له، فإذا أقر

 

===============

 

( 251 )

 

[ عدم العلم والبينة - أيضا كذلك، سواء صدقه العبد أو كذبه. ويجوز إعطاء المكاتب من سهم الفقراء (1). إذا كان عاجزا عن التكسب للاداء. ولا يشترط إذن المولي في الدفع إلى المكاتب، سواء كان من باب الرقاب، أو من باب الفقر. الثاني: العبد تحت الشدة (2). ] بالكتابة قبل. وكلاهما كما ترى. وحينئذ فان تم إجماع على القبول كان هو المعتمد، وإلا تعين القول بعدم القبول. ومن ذلك تعرف الوجه في الاشكال في قبول قول السيد مطلقا، أو إذا لم يكذبه العبد. ولو لم يعلم حال المولى من حيث التصديق والتكذيب، فالمنسوب إلى الاكثر: القبول لما ذكر، مما عرفت إشكاله. (1) لاطلاق الادلة فيه وفيما بعده. (2) إجماعا، كما عن المبسوط والخلاف والاقتصاد والسرائر والغنية والمنتهى والتذكرة، وفي الجواهر: يعضده التتبع. واستدل له بصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة والستمائة، يشتري بها نسمة ويعتقها. قال (ع): إذا يظلم قوما آخرين حقوقهم. ثم مكث مليا ثم قال: إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة، فيشتريه ويعتقه) (* 1). لكن قد يستشكل فيه: بعدم ظهوره في كون ذلك من الرقاب، إذ يجوز أن يكون من سبيل الله بناء على عمومه لذلك كما هو الظاهر. والمقابلة بين الرقاب وسبيل الله، لاختلاف العنوان، لا للمباينة في المصداق. اللهم إلا أن يقال: بناء على عموم السبيل لمثل العتق، لا يختص بصورة كون العبد في شدة، فالتخصيص بذلك يدل على أنه من سهم الرقاب.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 252 )

 

[ والمرجع في صدق الشدة العرف (1)، فيشتري ويعتق. خصوصا إذا كان مؤمنا في يد غير المؤمن. ] لكن كما يمكن تخصيص الرقاب - المذكورة في الآية الشريفة بصورة الشدة، يمكن تخصيص السبيل بها، إذ كل منهما خروج عن الاطلاق، فجعله من أحدهما بعينه ترجيح من غير مرجح. ودعوى: أن الاجماع على عدم اعتبار الشدة في سهم سبيل الله قرينة على حمل الصحيح على سهم الرقاب، لئلا يلزم طرح التقييد فيها. مع أنها تمسك بالاجماع، أنه إذا تم الاجماع المذكور لم يكن وجه لقوله (ع): (إذا يظلم..) إذ لا ظلم مع صدق سبيل الله، إلا بناء على لزوم البسط، وهو خلاف التحقيق. فيتعين إما تقييد سهم الرقاب بصورة الشدة أو تقييد سهم سبيل الله في خصوص العتق بذلك. ولا ترجيح للاول، فيبقى الاجمال في الصحيح من هذه الجهة ممكنا. فإذا العمدة: إما الاجماع. إلا أن يستشكل فيه: بأنه معلوم المستند، فلا يعول عليه. أو إطلاق الآية في الرقاب، وإن كان سقط عن الحجية في غير صورة الشدة، للعلم الاجمالي بتقييده، أو تقييد سبيل الله في خصوص العتق. هذا والانصاف أنه لا يبعد كون وجود الرقاب في الآية الشريفة قرينة على كون السؤال في الصحيح عن سهم الرقاب لا عن غيره، كما يظهر من ملاحظة نظائره. فلاحظ. (1) الموجود في النص: الضرورة، لكن الاصحاب عبروا بالشدة. والظاهر أن المراد منهما واحد، وهو الصعوبة التي لا يقدم عليها العقلاء. والرجوع إلى العرف هنا كما في سائر مفاهيم الالفاظ التي تذكر في الكتاب والسنة يراد منه الرجوع إليهم في تحديد المفهوم وما هو المراد من اللفظ، لا في تطبيق المفهوم على الخارج. وتنبيه المصنف (ره) وغيره

 

===============

 

( 253 )

 

[ الثالث: مطلق عتق العبد، مع عدم وجود المستحق للزكاة (1). ونية الزكاة في هذا والسابق عند دفع الثمن إلى ] على هذا للرد عل ما قيل: من أن أقلها أن يمنعوا من الصلاة أول الوقت لعدم كون ذلك ضرورة أو شدة مطلقا. ومن ذلك يشكل أيضا ما ذكره المصنف بقوله: (خصوصا إذا..)، فان مجرد ذلك أيضا لا يكفي في صدق الشدة العرفية، كما هو ظاهر. (2) كما عن جماعة كثيرة، بل عن المعتبر: نسبته إلى إطباق المحققين ويشهد له موثق عبيد: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم، فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيده، فاشتراه بتلك الالف الدرهم التي أخرجها من زكاته فاعتقه هل يجوز ذلك؟ قال (ع): نعم، لا بأس بذلك) (* 1). وفيه أيضا: أنه لا يظهر منه أنه من قبيل الرقاب، بل من الجائز أن يكون من قبيل سبيل الله. بل في الجواهر جعله صريحا في خلاف ذلك، بقرينة الشراء بتمام الزكاة، وإن كان فيه: أن ذلك إنما يكون قرينة لو بني على وجوب البسط. مع أن النص المذكور مناف له على كل من الاحتمالين، فلا يكون قرينة على أحدهما بعينه. ولو بني على عدم وجوب البسط مع الانحصار كما فرض في النص فلا يدل على كونه من أحد العنوانين بعينه. اللهم إلا أن يتم ما سبق في الصحيح، من أن وجود الرقاب في الاصناف المستحقة للزكاة قرينة على كون السؤال من هذه الجهة. ثم لو بني على ذلك، فمقتضى المنع في الصحيح السابق عن الشراء إلا مع الشدة التقييد هنا به. لكن لما كان المذكور في السؤال في الموثق صورة عدم وجود المستحق، كان من هذه الجهة أخص من الصحيح.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 254 )

 

[ البايع (1). والاحوط الاستمرار بها إلى حين الاعتاق. ] وحينئذ يدور الامر بين تقييد الحكم في الموثق بصورة الشدة، وبين تقييد الصحيح بصورة وجود المستحق. ولا يبعد ترجيح الثاني، بقرينة قوله (ع): (إذا يظلم..). ولو لم يتم أشكل البناء على دخول هذا القسم في صنف الرقاب. وكأنه لذلك ذهب الاكثر أو المشهور إلى اختصاصه بالقسمين الاولين. فتأمل جيدا (1) كما عن الروضة. وعن المسالك وحواشي النافع: أنها مقارنة للعتق، وفي الجواهر: (لعله لا يخلو من قوة، لان دفع الثمن خصوصا إذا كان بعد إجراء الصيغة لكونه مقتضى البيع. ومن هنا ينتقل العبد إلى أهل الصدقة، ولذا كان ولاؤه لهم، كما صرح به غير واحد من الاصحاب في القسم الثالث بل ربما نسب إليهم ودل عليه خبر أبي محمد الوابشي الآتي (* 1)، فيكون إيصاله إلى الفقراء بعتقه عنهم..). وما ذكره (قده) في محله، لان الشراء بالزكاة سواء أكان بعد العزل والتعيين، كما هو ظاهر مورد النص، أم بالذمة بعنوان الولاية يستوجب تبديل الزكاة بالعبد. ومقتضى البدلية صيرورة العبد زكاة، وليس ذلك دفعا للزكاة، ولا أداء لها. كما لو بدل الزكاة بعين أخرى لا يكون ذلك أداء لها، بل الاداء إنما يكون باخراجها عن يده. وذلك إنما يكون بالعتق في المقام، فهو مورد النية لا أداء الثمن إلى البائع. إذ بمجرد المعاملة تكون العين ملكا للبائع، فأداؤها أداء لمال البائع إليه. فلاحظ، وتأمل. وقيل بوجود قسم رابع، وهو من وجبت عليه كفارة، ولم يجد ما يكفر به عنه، فانه يعتق عنه. ومستنده: ما رواه علي بن ابراهيم في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 255 )

 

[ السادس: الغارمون، وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها (1)، ] تفسيره مرسلا، قال في محكي كلامه: (وفي الرقاب: قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطأ، وفي الظهار، وفي الايمان، وفي قتل الصيد في الحرم وليس عندهم ما يكفرون به، وهم مؤمنون، فجعل الله سبحانه لهم سهما في الصدقات ليكفر عنهم..) (* 1). ومقتضاه كما عن المدارك جواز إخراج الكفارة من الزكاة وإن لم تكن عتقا. والمحكي عن المشهور: العدم، لضعف المرسل، وعدم الجابر. (1) بلا خلاف فيه ولا إشكال في الجملة. نعم عن جماعة: التصريح باعتبار العجز عن أداء الدين، وصرح آخرون: باعتبار الفقر، وظاهر محكي المبسوط والسرائر والمعتبر والتذكرة: الاجماع عليه، وظاهر غيرها: أنه من المسلمات. والقيد الاول لا دليل عليه في نفسه. إلا أن يرجع إلى الثاني، بأن يكون المراد به الفقر. أو يرجع إليه الثاني، بأن يكون المراد من الفقر العجز، عن أداء الدين. وقد أطال شيخنا الاعظم في ذكر الشواهد والمؤيدات على أن المراد من الفقر في المقام أن يكون بحيث لا يتمكن من مؤنة السنة، ولا يكفي فيه العجز عن أداء الدين، ولو مع التمكن من مؤنة السنة. فيكون الفقر أخص من العجز عن أداء الدين، فيكون ذكره بعده في كلمات جماعة من باب ذكر الخاص بعد العام، لكنها على كثرتها لا تصلح للخروج عن ظاهر الفقر، الصادق بمجرد العجز عن وفاء الدين. ولو سلم قصور مفهومه عن ذلك، فالمراد به هنا مجرد الحاجة إلى المال لوفاء الدين، وإن لم يحتج إليه لمؤنة سنته. فلاحظ كلماتهم. وسيأتي في فروع هذا الخلاف التنبيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7.

 

===============

 

( 256 )

 

[ وإن كانوا مالكين لقوت سنتهم (1). ويشترط أن لا يكون ] على الاشكال في بعض كلماته (قده). وكيف كان فالعمدة في دليل اعتبار الفقر: ظاهر الاجماع المستفاد من كلمات الجماعة. وقد يشهد له حسن زرارة: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل حلت عليه الزكاة، ومات أبوه وعليه دين، أيؤدي زكاته في دين أبيه، وللابن مال كثير؟ فقال (ع): إن كان أبوه أورثه مالا، ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه، قضاه من جميع الميراث، ولم يقضه من زكاته. وإن لم يكن أورثه مالا، لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه، فإذا أداها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه) (* 1). بناء على وروده في سهم الغارمين. (1) كما عن المسالك، والمدارك، وشرح اللمعة للاصبهاني، وغيرهم لاطلاق الآية. وما تقدم: من الاجماع على اعتبار الفقر لا ينافيه، لان وفاء الدين من جملة مؤنة السنة، بل قد يكون أهم من بقية المؤن، فإذا لم يكن عنده ما يفي به الدين كان فقيرا. وما في كلام جماعة، من أن الفقير من لا يملك قوت السنة، يراد منه ما يعم ذلك، كعمومه للباس والمسكن والفراش وغيرها في قبال ما عرفت. ومنه يظهر اندفاع الاشكال في الجواز في المقام، بأن ذلك خلاف إطلاق: (لا تحل الصدقة لغني..)، فان المراد بالغني ما يقابل الفقير فإذا كان يصدق عليه الفقير لم يصدق عليه الغني. مع قرب احتمال أن يكون المراد نفي حلها للغني على نحو تكون له، كسائر أمواله يتصرف بها كيف يشاء. وحينئذ لا يشمل ما نحن فيه، مما كان المصرف جهة خاصة، أعني: خصوص وفاء الدين وبهذا أيضا افترق هذا السهم عن سهم الفقراء

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 257 )

 

[ الدين مصروفا في المعصية (1)، وإلا لم يقض من هذا السهم وإن جاز إعطاؤه من سهم الفقراء. سواء تاب عن المعصية أو لم يتب، بناء على عدم اشتراط العدالة في الفقير. وكونه مالكا لقوت سنته لا ينافي فقره لاجل وفاء الدين الذي لا يفي ] فان الثاني يكون بنحو التملك للفقير، وبنحو الصرف في مصلحته، وهذا يختص بالصرف في الجهه الخاصة. وإذا قلنا باختصاص سهم الفقراء بنحو التمليك فالفرق واضح جدا. بل على تقدير كون سهم الفقراء مصرفا يمكن الالتزام بقرينة المقابلة بتخصيص المصرفية بغير وفاء الدين. (1) إجماعا، كما عن الخلاف والمنتهى والتذكرة، وفي الجواهر: (لا أجد فيه خلافا..) ويشهد له: ما عن القمي (ره) في تفسيره، مرسلا عن العالم (ع): (والغارمين قد وقعت عليهم ديون، أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف، فيجب على الامام أن يقضي عنهم، ويفكهم من مال الصدقات) (* 1)، وخبر محمد بن سليمان في تفسير قوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) قال: (ع): نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الامام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله، فان كان أنفقه في معصية الله فلا شئ على الامام) (* 2). ونحوهما غيرهما. وضعفها منجبر بالاجماع. ثم المدين في المعصية يجوز أن يعطى من سهم الفقراء مع عجزه عن الوفاء، لما عرفت من عدم المنافاة. نعم قد يظهر من خبر محمد بن سليمان عدم جواز إعطائه من الزكاة مطلقا. لكن لا يجوز التعويل عليه في ذلك، لضعفه. واحتمال اختصاصه بسهم الغارمين المذكور فيه، لا مطلق السهام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الدين حديث: 3

 

===============

 

( 258 )

 

[ كسبه أو ما عنده به. وكذا يجوز إعطاؤه من سهم سبيل الله (1) ولو شك في أنه صرفه في المعصية أم لا، فالاقوى جواز إعطائه من هذا السهم (2). وإن كان الاحوط خلافه. نعم لا يجوز له الاخذ إذا كان قد صرفه في المعصية. ولو كان معذورا في الصرف في المعصية. لجهل، أو اضطرار، أو نسيان، أو نحو ذلك لا بأس باعطائه (3). وكذا لو صرفه ] (1) بناء على أنه لكل خير وقربة، والمقام منها. (2) كما عن الاكثر، بل المشهور. ويقتضيه: إطلاق الادلة. واحتمال الانفاق في المعصية منفي بأصل العدم، أو أصالة الصحة. اللهم إلا أن يقال: بعض نصوص الشرطية ظاهر في اعتبار الانفاق في الطاعة، والاصل لا يصلح لاثباته، وكذا أصالة الصحة. مضافا إلى ما في خبر محمد بن سليمان: (قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه، وفي طاعة الله عزوجل أم في معصيته؟ قال (ع): يسعى له في ماله، ويرده عليه وهو صاغر) (* 1). لكن نصوص الشرطية الظاهرة في اعتبار الانفاق في الطاعة ضعيفة السند، غير مجبورة، فالاعتماد عليها غير ظاهر. بل العمدة في المسألة: الاجماع، والمتيقن منه اعتبار عدم المعصية. ولاجل أن المخصص لبي، فالمرجع في الشبهة الموضوعية العموم. فما عن الشيخ في النهاية من المنع وعن الشهيد من الميل إليه ضعيف. (3) لظهور المعصية في الفعلية. لا أقل من أنها القدر المتيقن من النص والاجماع، فالمرجع في الموارد المذكورة عموم الآية. وكذا الحال فيما بعده.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب الدين حديث: 3.

 

===============

 

( 259 )

 

[ فيها في حال عدم التكليف لصغر أو جنون. ولا فرق في الجاهل بين كونه جاهلا بالموضوع أو الحكم. (مسألة 16): لا فرق بين أقسام الدين (1)، من قرض، أو ثمن مبيع، أو ضمان مال، أو عوض صلح، أو نحو ذلك، كما لو كان من باب غرامة اتلاف (2). فلو كان الاتلاف جهلا أو نسيانا، ولم يتمكن من أداء العوض، جاز إعطاؤه من هذا السهم، بخلاف ما لو كان على وجه العمد والعدوان (3). ] (1) للاطلاق. (2) كما استظهره في الجواهر. لكن النصوص مثل مرسل القمي (* 1) وخبر الحسين بن علوان (* 2)، وخبر محمد بن سليمان (* 3)، وخبر موسى ابن بكر (* 4) غير شاملة له. وقد يشمله بعض نصوص وفاء الدين من الزكاة. لكنه غير ظاهر في كونه من سهم الغارمين، فعموم الحكم له لابد أن يكون لعموم الآية الشريفة، وعدم صلاحية النصوص لتقييدها، إما لقصور السند، أو هو مع الدلالة. (3) لانه من الدين في المعصية. اللهم إلا أن يقال: الظاهر من الدين في المعصية الدين في سبيل المعصية، لا الدين المسبب عن المعصية، فانه معصية في الدين. فيكون المقام من قبيل ثمن البيع وقت النداء إذا كان ثمن المبيع دينا. نعم يمكن أن يستفاد من صحيح ابن الحجاج: (ولا تعطين

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 48 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 3) تقدم ذلك في المسألة السابقة. (* 4) الوسائل باب: 46 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.

 

===============

 

( 260 )

 

[ (مسألة 17): إذا كان دينه مؤجلا، فالاحوط عدم الاعطاء من هذا السهم قبل حلول أجله. وإن كان الاقوى الجواز (1). (مسألة 18): لو كان كسوبا يقدر على أداء دينه بالتدريج، فان كان الديان مطالبا فالظاهر جواز إعطائه (2) من هذا السهم، وإن لم يكن مطالبا فالاحوط عدم إعطائه (3). ] من سهم الغارمين الذين ينادون بنداء الجاهلية شيئا. قلت: وما نداء الجاهلية؟ قال (ع): هو الرجل يقول: يا آل بني فلان، فيقع بينهم القتل والدماء. فلا تؤدوا ذلك من سهم الغارمين) (* 1). فتأمل. (1) قال في الجواهر: (وفي اعتبار الحلول وجهان، ولكن مقتضى اطلاق النص والفتوى عدمه..). وكأن منشأ اعتبار الحلول إنصراف الدليل إليه، لان المؤجل غير معدود عرفا من النفقات إلا بعد الحلول. (2) لصدق الغرم، وعدم التمكن من الوفاء. (3) كأنه: لاحتمال انصراف الدليل إلى صورة وقوع المديون في ضيق المطالبة، كما قد يشير إليه التعبير بال‍ (فك) في مرسل القمي (* 2) وقول السائل في مرسل محمد بن سليمان: (وليس له غله ينتظر إدراكها، ولا دين ينتظر محله، ولا مال غائب ينتظر قدومه) (* 3). لكنه كما ترى إذ المراد من الفك في المرسل مجرد فك الذمة وإفراغها. وما في خبر محمد ابن سليمان لا يصلح للتقييد، لانه في السؤال. ولو سلم لم يفرق بين صورتي المطالبة وعدمها. فالمدار صدق الحاجة والعجز عن الاداء عرفا، فان صدق جاز الصرف، وإلا فلا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2)، (* 3) لاحظ المسألة: 10 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 261 )

 

[ (مسألة 19): إذا دفع الزكاة إلى الغارم فبان بعده أن دينه في معصية ارتجع منه. إلا إذا كان فقيرا (1)، فانه يجوز احتسابه عليه من سهم الفقراء. وكذا إذا تبين أنه غير مديون. وكذا إذا أبرأه الدائن بعد الاخذ لوفاء الدين. (مسألة 20): لو ادعي أنه مديون، فان أقام بينة قبل قوله، وإلا فالاحوط عدم تصديقه (2) وإن صدقه الغريم، فضلا عما لو كذبه، أو لم يصدقه. (مسألة 21): إذا أخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدين ثم صرفه في غيره ارتجع منه (3). (مسألة 22): المناط هو الصرف في المعصية أو الطاعة (4) لا القصد من حين الاستدانة. فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية لم يعط من هذا السهم، وفي العكس بالعكس. (مسألة 23): إذا لم يكن الغارم متمكنا من الاداء حالا وتمكن بعد حين، كأن يكون له غلة لم يبلغ آوانها، أو دين مؤجل يحل أجله بعد مدة، ففي جواز إعطائه من هذا السهم إشكال. وإن كان الاقوى عدم الجواز (5)، ] (1) يظهر الكلام فيه مما سبق في المسألة الرابعة عشرة. (2) لما سبق في العبد المكاتب. (3) لما سبق في المكاتب. وعن الشيخ في المبسوط والجمل: العدم وقد أشرنا إلى وجهه وضعفه في المكاتب. (4) كما يقتضيه ظاهر النص والفتوى. (5) كأنه: لصدق التمكن وعدم العجز عن الاداء، كما يشير إليه

 

===============

 

( 262 )

 

[ مع عدم المطالبة من الدائن، أو إمكان الاستقراض والوفاء من محل آخر ثم قضائه بعد التمكن. (مسألة 24): لو كان دين الغارم لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة (1)، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاء الدين (2) ويأخذها مقاصة، وإن لم يقبضها ] ما في خبر محمد بن سليمان المتقدم، من قول السائل: (وليس له غلة..) (* 1). لكن لما كان الدين حالا فقد احتاج إلى وفائه وعجز عنه. ولاجل ذلك لم يبعد القول بالجواز، كما مال إليه غير واحد. أخذا باطلاق الآية، وبعض النصوص. ولو بني على المنع لم يفرق بين صورتي المطالبة وعدمها كما أشرنا إليه في المسألة السابعة عشرة. كما أنه لا يفرق بين إمكان الاستقراض وعدمه، إذ الاستقراض ليس منصرف إمكان الاداء، كما لا يخفى. نعم إذا كانت مدة الانتظار قريبة، بحيث يسهل عرفا انتظارها، لا يجوز الدفع من الزكاة، لصدق التمكن حينئذ عرفا بذلك. كما أنها لو كانت بعيدة جدا فلا ينبغي التأمل في جواز الدفع. فلا حظ (1) ففي صحيح ابن الحجاج: (سألت أبا الحسن الاول (ع) عن دين لي على قوم، قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه، وهم مستوجبون للزكاة، هل لي أن أدعه فاحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال (ع): نعم) (* 2). ونحوه غيره. (2) بلا خلاف ظاهر، بل عن ظاهر جماعة. الاجماع عليه. ويشهد له موثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير، يريد أن يعطيه من الزكاة. فقال (ع): إن كان

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 18 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 48 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 263 )

 

[ المديون، ولم يوكل في قبضها. ولا يجب إعلام المديون بالاحتساب عليه، أو بجعلها وفاء وأخذها مقاصة. (مسألة 25): لو كان الدين لغير من عليه الزكاة، ] الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار، أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه، فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه، فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها. فان لم يكن عند الفقير وفاء، ولا يرجو أن يأخذ منه شيئا، فيعطيه من زكاته، ولا يقاصه بشئ من الزكاة) (* 1). والظاهر من المقاصة في الخبر أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون فيكون له، ثم يأخذه وفاء عما عليه من الدين، كما عن الشهيدين وغيرهما تفسيرها به. وعن المدارك: أنه توقف في صحته، لعدم قبول المديون وعدم قبضه، وعدم ولاية للداين عليه. وفيه: أنه لا مجال لذلك بعد ورود النص المعتبر به، واتفاق الاصحاب ظاهرا عليه، وإن كان على خلاف القواعد الاولية. وعبارة المتن لا تخلو من تسامح، لان قوله: (أن يحتسب..) ظاهر في أن يقضي عن المديون بما عنده من الزكاة، فيجعله وفاء عما في ذمته. كما لو كان مديونا لغير المالك، فأراد المالك دفع الزكاة إلى الدائن وفاء عنه. وحينئذ لا مجال للمقاصة بالمعني المتقدم، لحصول الوفاء والتملك، وكأن المراد بالمقاصة مجرد الاستيفاء بالزكاة، إشارة إلى أنه فيه نوع من المقاصة، باعتبار أن الزكاة للفقراء ومنهم المديون فكان الاستيفاء مقاصة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 264 )

 

[ يجوز له وفاؤه عنه (1) بما عنده منها، ولو بدون اطلاع الغارم. (مسألة 26): لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دينه (2)، أو الوفاء عنه وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته (3). (مسألة 27): إذا كان ديان الغارم مديونا لمن عليه الزكاة، جاز له إحالته (4) على الغارم ثم يحسب عليه، بل ] (1) كما استفاضت بذلك النصوص، الوارد بعضها في الحي، كمرسل القمي (* 1)، وخبر محمد بن سليمان (* 2)، وأكثرها في الميت. ولا يجب إعلامه، لاطلاق النص. (2) بلا خلاف ظاهر. ويشهد له مصحح اسحاق بن عمار: (عن رجل على أبيه دين، ولابيه مؤنة، أيعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال (ع): نعم، ومن أحق من أبيه) (* 3). (3) كما هو المستفاد من نصوص المنع الآتية. بل لو كان له عليه دين جاز الاحتساب والمقاصة، كما جاز أن يقضي عنه بنفسه من دون دفعه إليه بلا إشكال ظاهر. بل قد يستظهر الاتفاق عليه من جماعة، إذ يمكن استفادته من المصحح المذكور. فتأمل. (4) الضمير الاول للاول، والثاني للثاني. وهذا الحكم تقتضيه إطلاقات مشروعية الحوالة. وحينئذ يجوز احتساب الدين عليه، كما يستفاد من النصوص المتقدمة في المسألة الرابعة والعشرين.

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 15 من هذا الفصل. (* 2) تقدم ذلك في المسألة: 15 من هذا الفصل. (* 3) الوسائل باب: 18 من أبواب المستحقين الزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 265 )

 

[ يجوز له أن يحسب (1) ما على الديان وفاء عما في ذمة الغارم. وإن كان الاحوط أن يكون ذلك بعد الاحالة. (مسألة 28): لو كان الدين للضمان عن الغير تبرعا، لمصلحة مقتضية لذلك (2)، مع عدم تمكنه من الاداء، وإن كان قادرا على قوت سنته، يجوز الاعطاء من هذا السهم، وإن كان المضمون عنه غنيا (3). (مسألة 29): لو استدان لاصلاح ذات البين، كما لو وجد قتيل لا يدرى قاتله، وكاد أن تقع بسببه الفتنة فاستدان للفصل، فان لم يتمكن من أدائه جاز الاعطاء من هذا السهم. وكذا لو استادن لتعمير مسجد أو نحو ذلك من المصالح العامة. وأما لو تمكن من الاداء فمشكل (4). نعم لا يبعد جواز ] (1) كما في محكي كشف الغطاء، وتبعه في الجواهر إلحاقا للاحتساب بالاداء، فكما يجوز الاداء للدائن وفاء عما في ذمة الغارم، يجوز احتساب ما في ذمته كذلك. لما يستفاد من النصوص من أن الاحتساب بمنزلة الاعطاء حتى في مثل الفرض. ولاجل عدم وضوح ذلك كان الاحوط أن يكون بعد الحوالة. (2) يكفي أن لا يكون الضمان مقدمة للمعصية، كما سبق: من عدم اعتبار كون الدين في طاعة. (3) كما نص على ذلك غير واحد. لاطلاق الادلة. (4) لما سبق: من ظهور الاتفاق على اعتبار الفقر في جواز الاعطاء من سهم الغارمين، وان كان المحكي عن الشيخ ومن تأخر عنه: جواز الاعطاء مع الفقر والغنى. لاطلاق الآية (* 1). وللخبر:

 

 

____________

(* 1) التوبة: 60.

 

===============

 

( 266 )

 

[ الاعطاء من سهم سبيل الله، وإن كان لا يخلو عن إشكال (1) أيضا، إلا إذا كان من قصده حين الاستدانة ذلك. السابع سبيل الله، وهو جميع سبل الخير (2)، كبناء ] (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمس. غاز في سبيل الله، أو عامل عليها، أو غارم..) (* 1). لكن الخبر غير موجود في أصولنا، كما في الجواهر ومخالف للاجماع، الذي به يقيد إطلاق الادلة، كما سبق. اللهم إلا أن يمنع الاجماع هنا بتحقق الخلاف. وحينئذ فلا مجال للاشكال في الجواز، كما في المتن، تبعا لنهاية الاحكام وغيرها. هذا والذي يظهر بالتأمل في كلام الشيخ وأتباعه: أن بناءهم على الجواز من باب سهم سبيل الله، وإن كان المذكور في عباراتهم الغارم. فراجع. (1) لتوقفه على كون المراد من سبيل الله كل قربة، ولو مع التمكن من فعلها. وسيأتي المنع من ذلك. إلا إذا كان إقدامه على الفعل مشروطا ببذل الزكاة له. وكأنه لذا قيده في المتن بقوله: (إلا إذا كان..). إلا أن يقال: إن الجواز حينئذ لا يقتضي الجواز هنا، لان الدفع يكون قبل الفعل، فالصرف يكون في سبيل الفعل القربي. وليس هنا كذلك، إذ الدفع بعد الفعل، فلا يكون في سبيل الفعل القربي. نعم لو كان الفاعل ممن له الولاية جاز له الاستدانة بحسب ولايته على هذا السهم، كما نص على ذلك في الجواهر. وحينئذ يكون المال المستدان من سهم سبيل الله مصروفا في سبيل الله، لا أن وفاءه من السهم المذكور، كما يظهر بالتأمل. (2) كما عن الاكثر، بل المشهور، بل عن الخلاف والغنية: الاجماع عليه. ويقتضيه مضافا إلى إطلاق الآية الكريمة مرسلة القمي: (وفي

 

 

____________

(* 1) كنز العمال ج 3 صفحة 285 حديث: 4699. وقريب منه ما في المستدرك باب: 27 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 267 )

 

سبيل الله: قوم يخرجون إلى الجهاد وليس عندهم ما ينفقون. أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به، وفي جميع سبل الخبر. فعلى الامام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج والجهاد..) (* 1). ومن ذلك يظهر ضعف ما عن الفقيه والمقنعة والنهاية والاشارة والمراسم: من أن المراد به الجهاد لاغير، إما للانصراف إليه. أو لخبر يونس بن يعقوب، فيمن أوصى عند موته أن يعطى شئ في سبيل الله، وكان لا يعرف هذا الامر، فقال أبو عبد الله (ع): (لو أن رجلا أوصى إلي بوصية أن أضع في يهودي أو نصراني لوضعته فيهما. إن الله عزوجل يقول:. (فمن بدله بعد ما سمعه فانما إثمه على الذين يبدلونه..)، فانظر إلى من يخرج إلى هذا الوجه يعني: الثغور فابعثوا به إليه) (* 2). وفيه: أنه لا ملازمة بين حمله على خصوص الجهاد في كلام الموصي الذي لا يعرف هذا الامر وبين حمله في المقام عليه. مضافا إلى معارضته بما دل على لزوم صرف الوصية في سبيل الله في مطلق الشيعة (* 3) أو في مطلق سبل الخير، وأن أفضلها الحج (* 4). وهل تعتبر الحاجة إلى الزكاة في مصرف هذا السهم؟ كما في المدارك وغيرها، ويشهد له المرسل المتقدم أولا تعتبر؟ لضعف المرسل وعدم العمل به في الجهاد، للاتفاق المحكي على عدم اعتبار الفقر فيه، فلا يصلح لتقييد الآيه الشريفة. وهل يعتبر الفقر كما عن المسالك وغيرها لقوله صلى الله عليه وآله: (لا تحل الصدقة لغني) (* 5)، أولا يعتبر كما عن كشف الغطاء، واختاره

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 33 من ابواب الوصايا حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 33 من أبواب الوصايا حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 33 من أبواب الوصايا حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 12 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4

 

 

===============

 

( 268 )

 

[ القناطر والمدارس والخانات والمساجد وتعميرها، وتخليص المؤمنين من يد الظالمين ونحو ذلك من المصالح، كاصلاح ذات البين، ورفع وقوع الشرور والفتن بين المسلمين. وكذا إعانة الحجاج والزائرين، وإكرام العلماء والمشتغلين، مع عدم تمكنهم من الحج والزيارة والاشتغال ونحوها من أموالهم. بل الاقوى جواز دفع هذا السهم في كل قربة، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بغير الزكاة، بل مع تمكنه أيضا. لكن مع عدم إقدامه إلا بهذا الوجه. الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر (1) الذي نفذت ] في الجواهر لقرب احتمال أن يكون المراد به أنها لا تحل له على نحو التمليك، بحيث يكون بنفسه مصرفا لها، لا أنها لا تحل له ولو كان المصرف سبيل الله تعالى؟ ولذا لا يظن الاشكال في جواز انتفاع الغني بالقناطر والخانات والعمارات المعدة للزوار والحجاج إذا صنعت من سهم سبيل الله تعالى. وبالجملة: تارة يكون المصرف نفس الشخص من حيث هو، وأخرى نفس العمل المحبوب لله تعالى، مثل الحج، والزيارة، والدعاء، وغير ذلك. فان كان نفس الشخص لم تحل للغني، وإن كان نفس الجهة حلت له كما حلت للفقير. نعم قد يدعى انصرافه عن صرفها في شؤون الاغنياء. لكنه بدوي، ناشئ من ملاحظة أهمية غير ذلك منها، فلا مانع من صدق السبيل عليها. فتأمل جيدا. (1) في مرسل القمي: (وابن السبيل: أبناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعه الله، فينقطع عليهم (بهم خ ل)، ويذهب مالهم فعلى الامام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات) (* 1). والظاهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7.

 

===============

 

( 269 )

 

[ نفقته، أو تلفت راحلته (1)، بحيث لا يقدر معه على الذهاب وإن كان غنيا في وطنه. بشرط عدم تمكنه من الاستدانة، أو بيع ما يملكه، أو نحو ذلك (2). وبشرط أن لا يكون سفره في معصية (3). ] إرادة السفر العرفي، لا ما يوجب التقصير. فلا يقدح عدم قصد المسافة، ولا إقامة العشرة، ولا التردد ثلاثين يوما، ولا غير ذلك مما يمنع من وجوب التقصير ولا يمنع من صدق السفر عرفا. فما قيل أو يقال من عدم جواز الاعطاء حينئذ غير ظاهر. وليس في الادلة ما يقتضي الحكومة على مثل إطلاقات المقام بنحو يتعين حمله على ما يوجب التقصير لا غير. (1) بلا خلاف ولا إشكال. (2) كما هو المشهور، وربما نسب إلى المعتبر عدم اشتراط ذلك. وتأمل فيه في الجواهر، لتفسير ابن السبيل بالمنقطع به، وصدقه مع التمكن من ذلك غير ظاهر. قلت: يظهر منه في مبحث سبيل الله المفروغية عن جواز إعطاء ابن السبيل، مع قدرته على الاستدانة في سفره، كما يقتضيه إطلاق الآية. نعم ظاهر التعبير بالانقطاع في المرسل اعتبار ذلك، لان الانقطاع كناية عن عدم التمكن من السير، وإطلاقه يقتضي عدم التمكن من الاستدانة، كما يقتضي عدم التمكن من التصرف في ماله الغائب. فان تم انجباره بالعمل تعين تقييد الآية به، وإلا كان إطلاقها محكما. اللهم إلا أن يقيد بما دل على أنه لا تحل الصدقة لغني. لكن الظاهر عدم شموله لابن السبيل، لكونه غنيا شرعا على كل حال. فتأمل. (3) بلا خلاف، كما في كلام غير واحد. وهو العمدة فيه، أما المرسل المتقدم فظاهره اعتبار كونه طاعة، وحكي ذلك عن الاسكافي.

 

 

===============

 

( 270 )

 

[ فيدفع إليه قدر الكفاية اللائقة (1) بحاله، من الملبوس والمأكول والمركوب، أو ثمنها، أو أجرتها إلى أن يصل إلى بلده، بعد قضاء وطره من سفره، أو يصل إلى محل يمكنه تحصيلها بالاستدانة والبيع أو نحوهمنا. ولو فضل مما أعطي شئ - ولو بالتضييق على نفسه - أعاده على الاقوى. من غير فرق بين النقد والدابة والثياب ونحوها (2)، فيدفعه إلى الحاكم (3) ] لكن ادعى الاجماع على خلافه. (1) لا الازيد منه، لظهور الآية في كون جهة السبيل مصرفا للزكاة نظير الغارمين والرقاب وسبيل الله، لا نظير الفقراء. وعليه يظهر أنه لو فضل شئ منها ولو لاجل التضييق على نفسه لزم إرجاعه إلى المالك، كما تقدم في نظائره. وعن المبسوط اختياره، لكن عن الخلاف أنه لا يرتجع لان الاستحقاق له بسبب السفر. وفيه ما عرفت. (2) كما عن المسالك التصريح به. وهو في محله، لاطراد الجهة في الجميع. وعن العلامة (ره) في النهاية: أنه لا يسترد منه الدابة، لانه ملكها بالاعطاء. بل عن بعض: إلحاق الثياب والآلات. ووجهه في الجواهر: (بأن المزكي يملك المستحق عين ما دفعه إليه، والمنافع تابعة. والواجب رد الزائد على الحاجة من العين، ولا زيادة في الاشياء المذكورة إلا في المنافع ولا أثر لها مع ملكية تمام العين..) وفيه: أنه إذا بني على كون السهم المذكور يصرف في جهات السبيل لا وجه للقول بملكية المستحق لها، إذ المستحق في الحقيقة نفس الجهة، لا ذو الجهة. (3) وعن الروضة: أنه يعيدها إلى المالك أو وكيله، فان تعذر فالى الحاكم. وكأنه لاستصحاب بقاء ولاية المالك على تعيين المستحق. ومجرد تعينه

 

===============

 

( 271 )

 

[ ويعلمه بأنه من الزكاة. وأما لو كان في وطنه، وأراد إنشاء السفر المحتاج إليه ولا قدرة له عليه، فليس من ابن السبيل (1) نعم لو تلبس بالسفر على وجه يصدق عليه ذلك يجوز اعطاؤه من هذا السهم. وإن لم يتجدد نفاذ نفقته، بل كان أصل ماله قاصرا، فلا يعطى من هذا السهم قبل أن يصدق عليه اسم ابن السبيل (2). نعم لو كان فقيرا يعطى من سهم الفقراء. (مسألة 30): إذا علم استحقاق شخص للزكاة، ولكن لم يعلم من أي الاصناف، يجوز إعطاؤه بقصد الزكاة من غير تعيين الصنف (3). بل إذا علم استحقاقه من جهتين يجوز إعطاؤه من غير تعيين الجهة. ] زكاة بالدفع لا يخرجه عن موضوع الولاية، كما في العزل. نعم لو كان المستحق قد ملكه بالدفع خرج عن موضوع الولاية، لقاعدة السلطنة. لكنه خلاف المفروض. فتأمل جيدا. (1) لكون الظاهر منه المتلبس بالسفر. فما عن ابن الجنيد والشهيد - الدروس واللمعة من صدقه عليه حينئذ غير ظاهر. ولاسيما بملاحظة مرسل مجمع البيان. (2) كما نفي البأس عنه في الجواهر. للاطلاق. والتعبير في المرسل بذهاب المال لا ينافيه، فان الظاهر منه الحاجة في الرجوع إلى محله، وعدم التمكن منه بماله بنحو يشمل ذلك. (3) لعدم الدليل على اعتبار ذلك، والاصل البراءة، بناء على التحقيق من جريان البراءة فيما يشك في اعتباره في الامتثال. وكذا الحال في الفرض الثاني. نعم بناء على اعتبار البسط يلزم التعيين ولو اجمالا، إذ لولاه

 

===============

 

( 272 )

 

[ (مسألة 31): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا - لجهة راجحة، أو مطلقا - (1) ينعقد نذره. فان سها فأعطى فقيرا آخر أجزأ (2)، ولا يجوز استرداده وإن كانت العين باقية. بل لو كان ملتفتا إلى نذره وأعطى غيره متعمدا أجزأ أيضا (3) ] لا يصح، لئلا يلزم الترجيح بلا مرحج. (1) لاجل اعتبار الرجحان في متعلق النذر لا يصح نذر الجهة غير الراجحة. نعم إذا كان المقصود نذر الحصة الخاصة، فلا بأس بالبناء على الصحة، لرجحان نفس الحصة. (2) لتحقق الامتثال، الموجب لارتفاع موضوع النذر. وحينئذ لا وجه للاسترداد، بعد ما ملكه الفقير وكان كسائر أمواله. (3) قد تقدم في نظير هذا الفرع في القراءة، فيما لو نذر قراءة سورة معينة فقرأ غيرها، وفي الجماعة، فيما لو نذر أن يصلي جماعة فصلى فرادى: الاشكال في الاجزاء، بأن الظاهر من النذر في أمثال المقام أنه راجع إلى نذر أن لا يفرغ ذمته إلا بهذا المصداق، فتفريغ الذمة بغير المصداق المذكور مخالفة للنذر) فيبطل لكونه محرما، فلا يصح عبادة. كما لو نذر أن لا يصلي في الحمام فصلى فيه. وحينئذ يجوز له الاسترداد مع بقاء العين. وأما مع التلف فجواز الرجوع بالمثل أو القيمة مبني على الضمان وعدم الغرور. وقد تقدم في المسائل السابقة. بل لو كان مفاد النذر ثبوت حق له تعالى أشكل الاجزاء حتى لو سها لان الحق يوجب قصور سلطنته على الاعطاء، وإن لم يكن إثم فيه فتأمل. نعم لو كان مرجع النذر إلى نذر المصداق الخاص، على تقدير بقاء اشتغال الذمة بنحو يكون اشتغال الذمة من قبيل شرط الوجوب فلا مانع من إفراغ الذمة بغيره من الافراد. فراجع ما سبق في الجماعة وغيرها.

 

===============

 

( 273 )

 

[ وإن كان آثما في مخالفة النذر (1)، وتجب عليه الكفارة. ولا يجوز استرداده أيضا، لانه قد ملك بالقبض. (مسألة 32): إذا اعتقد وجوب الزكاة عليه فأعطاها فقيرا ثم تبين له عدم وجوبها عليه، جاز له الاسترجاع إذا كانت العين باقية. وأما إذا شك في وجوبها عليه وعدمه فأعطى احتياطا ثم تبين له عدمه، فالظاهر عدم جواز الاسترجاع وإن كانت العين باقية (2). ] (1) إن كان مرجع النذر المفروض إلى ما ذكرنا أولا انطبقت المخالفة على نفس إعطاء غير المنذور إعطاؤه، وحينئذ لا يصح عبادة. وإن كان مرجعه إلى ما ذكرنا أخيرا فلا مخالفة ولا إثم، لعدم اقتضاء الواجب المشروط بقاء شرطه. فالجمع بين المخالفة والاثم وبين صحة الاعطاء غير ظاهر. (2) هذا إذا قصد الصدقة على تقدير عدم وجوب الزكاة عليه. وأما لو قصد أنها هبة، جاز الرجوع مع كون العين باقية بعينها، لجواز الرجوع في الهبة حينئذ.