فصل في أولياء العقد

فصل في أولياء العقد وهم الاب، والجد (2) من طرف الاب، بمعنى: ] (1) عموم الحجية لغير الثقة غير ظاهر من السيرة. نعم إطلاق معقد الاجماع على أن من ملك شيئا ملك الاقرار به - بناء على كون المقام من صغرياته كما هو الظاهر - يقتضي عموم الحكم لغير الثقة. فصل في أولياء العقد (2) ثبوت الولاية لهما في الجملة من القطعيات، المدعى عليها الاجماع. والنصوص والفتاوى شاهدة بذلك. ففي صحيح محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن الصبية يزوجها أبوها، ثم يموت وهي صغيرة. فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، يجوز عليها التزويج أو الامر إليها؟ قال (ع): يجوز عليها تزويج أبيها " (* 1)، وصحيح عبد الله ابن الصلت قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها، لها أمر إذا بلغت؟ قال (ع): لا. ليس لها مع أبيها أمر. قال: وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء لها مع أبيها أمر؟ قال (ع): ليس لها مع أبيها أمر ما لم تكبر " (* 2)، وصحيح الفضل بن عبد الملك 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 436 )

 

أب الاب فصاعدا، فلا يندرج فيه أب أم الاب (1)، والوصي لاحدهما مع فقد الآخر، والسيد بالنسبة إلى مملوكه، ] قال: " سألت أبا عبدا لله (ع) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير. قال (ع): لا بأس. قلت: يجوز طلاق الاب؟ قال (ع): لا " (* 1)، وصحيح محمد بن مسلم عن احدهما (ع): " قال: إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه " (* 2)، وصحيح هشام بن سالم ومحمد بن حكيم عن أبى عبد الله (ع) قال: " إذا زوج الاب والجد كان التزويج للاول. فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولى " (* 3). ونحوها غيرها. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن ابن ابي عقيل من نفي ولاية الجد. (1) كما هو المعروف، لما يستفاد من نصوص ولاية الجد من الاختصاص بأب الاب، بقرينة التمسك بقول النبي صلى الله عليه وآله: " أنت ومالك لابيك " (* 4). وعن ابن الجنيد ثبوت الولاية للام وآبائها، مستدلا على ذلك بان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر نعيم بن النحام أن يستأمر أم ابنته في أمرها، وقال: وأتمروهن في بناتهن (* 5). انتهى. وقد يستدل له أيضا بموثق ابراهيم ابن ميمون عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع): إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع ابويها أمر. وإذا كانت قد تزوجت لم يزوجها إلا برضا منها " (* 6). لكن لا مجال لذلك بعد دعوى الاجماع على خلافه،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 8 من ابواب المهور حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 5) سنن البيهقى الجزء: 7 الصفحة: 116. (* 6) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 437 )

 

[ والحاكم. ولا ولاية للام، ولا الجد من قبلها، ولو من قبل أم الاب، ولا الاخ (1)، والعم (2)، والخال، وأولادهم (3). (مسألة 1): تثبت ولاية الاب والجد على الصغيرين والمجنون المتصل جنونه بالبلوغ (4). ] ولا سيما بملاحظة اختصاص ذلك بالام، ولا يعم آباءها. ومن الغريب ما في التذكرة: " الوجه أن جد أم الاب لا ولاية له مع جد أب الاب. ومع انفراده نظر "، فانه غير ظاهر المأخذ، ولا سيما بملاحظة صحيح محمد بن مسلم عن أبى جعفر (ع): " في الصبي يتزوج الصبية، يتوارثان؟ فقال: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم " (* 1)، لظهوره في عموم نفي الولاية عن غير الاب. (1) إجماعا ظاهرا. وما في بعض النصوص من ثبوت الولاية للاخ - كصحيح أبي بصير عن أبى عبد الله (ع) قال: " سألته عن الذي بيده عقدة النكاح. قال: هو الاب، والاخ، والرجل يوصى إليه " (* 2) وغيره - مؤول، أو مطروح. (2) إجماعا، نصا وفتوى، فقد روى محمد ابن الحسن الاشعري قال: " كتب بعض بني عمي إلى ابي جعفر الثاني (ع): ما تقول في صبية زوجها عمها فلما كبرت ابت التزويج؟ قال فكتب (ع) إلي: لا تكره على ذلك، والامر أمرها " (* 3). (3) اجماعا. ويقتضيه الاصل، وعموم صحيح ابن مسلم المتقدم. (4) بلا خلاف أجده فيه. بل في المسالك: أنه موضع وفاق. بل في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 2.

 

===============

 

( 438 )

 

[ بل والمنفصل على الاقوى (1). ] غيرها الاجماع عليه. كذا في الجواهر. ويقتضيه الاستصحاب. وكون الثابت منها قبل البلوغ كان للصغر وقد زال، لا يمنع من جريان الاستصحاب، ولا يوجب تبدل الموضوع. وإن كان ظاهر الجواهر ذلك. (1) قال في كشف اللثام: " وأما إن تجدد الجنون بعد البلوغ ففي عود ولايتهما نظر. ففي التذكرة والتحرير: أنها تعود. وهو الاقرب. بل لا عود حقيقة، لان ولايتهما ذاتية منوطة باشفاقهما وتضررهما بما يتضرر به الولد " وفى الجواهر قوة ذلك، لان المنشأ في ولايتهما الشفقة والرأفة ونحوهما مما لا فرق فيه بين المتصل والمنفصل. انتهى. لا يخفى أن التعليل المذكور في كلامهم تخمين لا يعول عليه في إثبات حكم شرعي. وما في الجواهر من أن المتجه على تقدير التفصيل أنه لو كان الجنون أدواريا فاتفق دوره متصلا بالبلوغ كانت الولاية لهما، وبعد انتهائه ترتفع، فإذا جاء الدور الثاني كانت الولاية للحاكم، وهو كما ترى. انتهى. مجرد استبعاد، لا يعول عليه في رفع اليد عن الدليل. نعم الاشكال في دليل ولاية الحاكم. والنبوي: " السلطان ولي من لا ولي له " (* 1) وإن كان يقتضي ثبوت الولاية لمن لم يكن له ولى، ولو بأصالة عدم الولي، لكنه مختص بالسلطان ولو بني على قيام الحاكم مقامه فلا إطلاق له يشمل غير الامور الحسبية التي تدعو الضرورة إلى وقوعها. وقد يستدل على ما في المتن بخبر زرارة عن أبى جعفر (ع): " قال: إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت، فان أمرها جائز، تزوج إن شاءت بغير إذن وليها. وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر

 

 

____________

(* 1) كنز العمال الجزء: 8، صفحة: 246، 247 وقد ذكر احاديث كثيرة. بهذا المضمون وسنن البيهقى الجزء: 7 صفحة: 125.

 

===============

 

( 439 )

 

[ ولا ولاية لهما على البالغ الرشيد (1)، ولا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبا (2). واختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة ] وليها " (* 1)، إذ لا ريب أن المتبادر من وليها أبوها وجدها وإرادة الحاكم منه في غاية البعد. ويشكل أولا: بضعف السند. وثانيا: باجمال الولي. ولا قرينة على تعيينه. وبعد إرداة الحاكم منه ليس مستندا إلى دلالة، ليكون حجة. (1) بلا إشكال ولا خلاف. وفي كشف اللثام: " إجماعا منا ومن العامة ". ويقتضيه عموم السلطنة، وبعض النصوص الواردة في تزويج الابن مع حضور الاب (* 2). (2) في جامع المقاصد: " إتفاق علمائنا عليه ". وفي المسالك: أنه لا خلاف بين أصحابنا في سقوط الولاية عنها، إلا ما نقل عن الحسن ابن أبي عقيل من بقاء الولاية وهو شاذ. انتهى. وفي رسالة شيخنا الاعظم دعوى إتفاق النص والفتوى عليه. وتشهد له النصوص كصحيح الحلبي عن أبى عبد الله (ع): " انه قال في المرأة الثيب تخطب إلى نفسها، قال: هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كان كفوا بعد أن كانت قد نكحت رجلا قبله " (* 3). ونحوه خبرا عبد الخالق، والحسن بن زياد، وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله (* 4)، وغيرها. ولم يعرف لها معارض يمكن الاستناد إليه في إثبات قول ابن أبي عقيل، إلا رواية عامة عامية، على ما في المسالك. قال (ره): " ورواياتنا خاصة خاصية. وهي مقدمة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 6. (* 2) راجع الوسائل باب: 6 حديث: 4، 9 وباب: 13 من ابواب عقد النكاح. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 2، ملحق: 4، حديث: 12.

 

===============

 

( 440 )

 

[ على أقوال، وهي: استقلال الولي (1)، واستقلالها (2)، ] عند التعارض ". لكن التعارض فرع الحجية، وهي غير ثابتة. (1) حكي عن الشيخ في أكثر كتبه، وعن الصدوق، وابن أبى عقيل، وظاهر القاضي، وكاشف اللثام، والكاشاني، وغيرهم. واختاره في الحدائق. واستدل له بصحيح عبد الله بن الصلت المتقدم في صدر الباب، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء، ألها مع أبيها أمر؟ فقال (ع): ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيب " (* 1)، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الاب أمر. وقال (ع): يستأمرها كل أحد ما عدا الاب " (* 2)، وخبر علي بن جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير إذنها؟ قال (ع): نعم، ليس للولد مع الوالد أمر، إلا أن تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك، فتلك لا يجوز نكاحها إلا أن تستأمر " (* 3) ونحوها غيرها. وقد استقصى شيخنا الاعظم (ره) ذكرها، وقال بعد ذلك: " فهذه ثلاث وعشرون رواية تدل على استمرار ولاية الاب على البالغة الباكرة ". (2) كما في الشرائع، والقواعد، وغيرها، والمنسوب إلى المشهور بين القدماء والمتأخرين. وعن المرتضى في الانتصار والناصريات: الاجماع عليه. لعموم السلطنة على النفس الذي يجب الخروج عنه بما سبق. وللاجماع المدعى في الناصريات والانتصار، الممنوع في مورد ظهور الخلاف. وللاجماع على زوال الولاية في المال فكذا في النكاح، الموقوف على عدم الفصل،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 11. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب عقد النكاح حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 8. مع اختلاف يسير.

 

===============

 

( 441 )

 

وهو ممنوع بعد وضوح الخلاف في النكاح. وللاجماع على زوال الولاية عنها في المنقطع، فكذا في الدائم، الممنوع في نفسه، كمنع عدم الفصل بين الدائم والمنقطع. ولمصحح الفضلاء الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وزرارة، ويريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر (ع): " قال: المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة والا المولى عليها تزويجها بغير ولي جائز " (* 1). ومنع كون البكر مالكة أمرها غير مولى عليها، إذ هو أول المسألة - كما في كشف اللثام - ضعيف، لان المراد من كونها مالكة أمرها أنها مالكة له في غير النكاح، إذ لو كان المراد أنها مالكة أمرها في النكاح كان الحمل ضروريا، فيكون عقليا لا شرعيا. نعم يمكن تخصيص الصحيح بالروايات السابقة، فيحمل على غير الاب جمعا. ولصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع) تستأمر البكر وغيرها، ولا تنكح إلا بأمرها " (* 2). واحتمال أن " تستأمر " بالبناء للفاعل، يعني: هي تستأمر غيرها، فتدل على الخلاف - كما في كشف اللثام - ضعيف، لانه يوجب عدم انسجام الكلام، ولا يصح في غير البكر، لما عرفت من حكم الثيب، نعم لا يدل على الاستقلال لان الاستمئار أعم منه. بل يمكن تخصيصه بما سبق جمعا. ولخبر زرارة المتقدم عن أبى جعفر (ع): " قال: إذا كانت المرأة مالكة أمرها، تبيع، وتشتري، وتعتق، وتشهد، وتعطي من مالها ما شاءت، فان أمرها جائز، تزوج إن شاءت بغير إذن وليها. وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر وليها " (* 3). ويشكل: بأنه يمكن تخصيصه بالروايات السابقة، فيحمل على غير الاب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 6.

 

===============

 

( 442 )

 

جمعا. ولخبر سعدان بن مسلم: " قال أبو عبد الله (ع): لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت بغير إذن وليها " (* 1). ويشكل: بأنه يمكن تخصيصه بما سبق، وخبر أبي مريم عن أبي عبد الله (ع): " قال: الجارية البكر التي لها أب لا تتزوج إلا باذن أبيها. وقال: إذا كانت مالكة لامرها تزوجت متى شاءت " (* 2). ويشكل باجمال المراد من كونها مالكة لامرها، فيحتمل أن يكون المراد به البلوغ، فيكون المراد من الجارية الصغيرة، ويحتمل ان يكون المراد الثيب في مقابل البكر المذكورة في الصدر، ويحتمل أن يكون المراد من ليس لها أب. والحمل على الاول غير ظاهر. ومن ذلك يظهر الاشكال في الاستدلال بخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبى عبد الله (ع): " تتزوج المرأة من شاءت إذا كانت مالكة لامرها، وإن شاءت جعلت وليا " (* 3). ولمرسلة سعدان بن مسلم عن رجل عن أبي عبد الله (ع): " لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها " (* 4)، وخبر ابن عباس: " ان جارية بكرا جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخ له ليرفع خسيسته. وأنا له كارهة. فقال صلى الله عليه وآله: أجيزي ما صنع أبوك. فقالت: لا رغبة لي فيما صنع أبي. قال صلى الله عليه وآله: فاذهبي فانكحي من شئت. فقالت: لا رغبة لي عما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء في أمور بناتهم شئ " (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 11 من ابواب المتعة حديث: 8. (* 5) لم نعثر على هذا الحديث فيما تحت ايدينا من كتب الحديث. نعم روى في سنن البيهقى (الجزء: 7. الصفحة: 118) مرسل عبد الله بن بريدة بهذا المضمون.

 

===============

 

( 443 )

 

[ والتفصيل بين الدوام والانقطاع باستقلالها في الاول دون الثاني (1) ] لكن الروايتين ضعيفتان لم يثبت انجبارهما بعمل المشهور، لاحتمال استنادهم في فتواهم إلى غيرهما من الروايات. ثم إنك عرفت أن مقتضى الجمع بين الطائفة المذكورة دليلا لهذا القول، وبين الطائفة السابقة المذكورة دليلا للقول الاول: هو التقييد بحمل الولي فيها على غير الاب. وشيخنا الاعظم (ره) في رسالة النكاح جعل الجمع بينهما كما يكون بالتقييد، يكون أيضا بحمل الطائفة الاولى على الاستحباب، يعني: يستحب للبكر إيكال أمرها إلى الاب. وان تقييد المطلق وإن كان أرجح من حمل المقيد على الاستحباب. لكن التقييد لما كان مستلزما لطرح أخبار كثيرة - مثل مرسلة سعدان وخبر ابن عباس المتقدمين، والاخبار الواردة في جواز التمتع بالبكر بدون إذن أبيها، الاتية في أدلة القول الثالث - تعين الجمع بحمل المقيد على الاستحباب. أقول: أما أخبار التمتع بالبكر فسيجئ الكلام فيها، وانها متعارضة. وعدم القول بالفصل لم يثبت مع وجود الخلاف. وأما الخبران الاخران: فان صلحا للحجية كانا معارضين، لا مرجحين للحمل على الاستحباب، وإلا - كما هو الظاهر، لضغف سندهما، وعدم الجابر لهما - لا يصلحان للترجيح المذكور. (1) حكاه في الشرائع والتذكرة وغيرهما قولا. ولم يعرف قائله، كما في جامع المقاصد وغيره. وكأن وجهه: دعوى انصراف ما دل على استقلالها إلى خصوص الدائم. وصحيح البزنطي عن الرضا (ع): " قال: البكر لا تتزوج متعة إلا بأذن أبيها " (* 1)، وصحيح أبي مريم عن أبى عبد الله (ع) قال: " العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا باذن أبيها " (* 2). لكن عرفت أن الاول معارض بغيره. كما أن الصحيحين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب المتعة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب المتعة حديث: 12.

 

===============

 

( 444 )

 

[ والعكس (1)، والتشريك، بمعنى: اعتبار إذنهما معا (2). ] أيضا معارضان بغيرهما، كخبر الحلبي قال: " سألته عن التمتع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها. قال (ع): لا بأس، ما لم يفتض ما هناك.. " (* 1). وخبر أبي سعيد قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن التمتع من الابكار اللواتي بين الابوين. فقال: لا بأس. ولا أقول كما يقول هؤلاء الاقشاب " (* 2). ونحوهما غيرهما. (1) كما عن الشيخ في كتابي الاخبار. ولم ينسب إليه في غيرهما، ولا إلى غيره. ووجهه: الاخذ بنصوص استقلال الولي، بعد تقييدها بالدوام، وإخراج المتعة منها، للاخبار المتقدمة. وإشكاله أيضا ظاهر، فان نصوص استقلال الولي معارضة. والاخبار المتقدمة أيضا معارضة بغيرها، كما عرفت. (2) حكي عن المفيد، والحلبيين، وظاهر الوسائل للحر العاملي. جمعا بين ما دل على اعتبار الاذن من الاب في تزويج البكر - مثل صحيح العلاء بن رزين عن أبي عبد الله (ع): " قال: لا تتزوج ذوات الاباء من الابكار إلا باذن آبائهن " (* 3). ونحوه صحيح ابن أبى يعفور (* 4)، وخبر أبي مريم عن أبي عبد الله (ع): " قال الجارية البكر التي لها أب لا تتزوج إلا باذن أبيها " (* 5)، وصحيح زرارة: " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لا ينقض النكاح إلا الاب " (* 6). ونحوه صحيح محمد بن مسلم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب المتعة حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب المتعة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 6. لكن رواه عن العلاء بن رزين عن ابن ابى يعفور. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب عقد النكاح حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب عقد النكاح حديث: 1.

 

===============

 

( 445 )

 

عن أبي جعفر (ع) (* 1) - وبين ما دل على اعتبار إذنها، كصحيح منصور المتقدم، وموثق صفوان: " قال: استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر (ع) في تزويج ابنته لابن أخيه، فقال (ع): إفعل، ويكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها نصيبا. قال: واستشار خالد بن داود موسى بن جعفر (ع) في تزويج ابنته علي بن جعفر، فقال (ع): إفعل، ويكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها حظا " (* 2). لكن ينافي ذلك ما دل على استقلالها. كما ينافيه أيضا ما دل على استقلال الاب. فلا بد من علاج ذلك ولا يكفي في إثبات القول المذكور كونه مقتضى الجمع بين طائفتين من النصوص، وإهمال الطوائف الاخر. والذي يقتضيه التأمل: أن نصوص المقام على طوائف: الاولى: ما دل على استقلال الولي. كصحيح محمد بن مسلم، وصحيح الحلبي، وصحيح ابن الصلت، وخبر علي بن جعفر، المتقدمة. ونحوها غيرها. الثانية: ما دل على اعتبار إذن الولي ورضاه، كصحاح زرارة، ومحمد بن مسلم، والعلاء، وابن أبى يعفور المتقدمة في أدلة القول الخامس. الثالثة، ما دل على استقلال البكر، كمصحح الفضلاء، ورواية زرارة، ورواية عبد الرحمن، ورواية أبي مريم، ورواية سعدان. الرابعة: ما دل على اعتبار إذن البكر ورضاها، كصحيح منصور بن حازم، وموثق صفوان المتقدمين. ومن المعلوم أنه لا تنافي بين الاولتين، ولا بين الاخيرتين، ولا بين الثانية والرابعة وإنما يكون التنافي بين الاولى والثالثة، وبين الثانية والثالثة، وبين الاولى والرابعة. والجمع بين الاولى والثالثة يمكن بدوا بالبناء على استقلال كل منهما في الولاية،، فإذا تصرف أحدهما نفذ إلا أنه تأباه الطائفة الاولى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب عقد النكاح حديث: 2.

 

===============

 

( 446 )

 

جدا، فان قوله (ع): " ليس لها مع أبيها أمر " ظاهر جدا في انها لا استقلال لها، ولا اشتراك. وإن كان لا تأباه الطائفة الثالثة. ولاجل ذلك يتعين الجمع بما سبق من تخصيص الطائفة الثالثة بغير الاب، لاختصاص الاولى بالاب، وعموم الثالثة لغيره. نعم مرسلة سعدان وخبر ابن عباس مختصان بالاب. لكنهما ليسا بحجة. وبهذا الوجه بعينه يكون الجمع بين الثانية والثالثة. وأما وجه الجمع بين الاولى والرابعة فيمكن بحمل الرابعة على الاستحباب. كما يظهر من استرضاء النبي صلى الله عليه وآله فاطمة (ع) في تزويجها من علي (ع) (* 1). فحينئذ تتفق مؤديات النصوص، ويرتفع عنها إشكال التعارض، وتكون نتيجة ذلك هو الفرق بين الاب والجد، فيستقل الاول معها دونها بلا إستقلال ولا تشريك، وتستقل هي مع الثاني دونه بلا استقلال ولا تشريك أيضا. لكن يخدش فيه رواية سعدان على ما في نسخ التهذيب المعتبرة التي عثرنا عليها حيث رويت فيه هكذا: " لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبيها " (* 2)، فتكون نصا في استقلالها مع وجود الاب. لكن رواها في المسالك وكشف اللثام، والجواهر: " وليها " بدل " أبيها "، كما سبق في أدلة القول الثاني. وحينئذ تكون كغيرها من روايات الاستقلال مقيدة بغير الاب. لكن يشكل الاعتماد على ذلك في مقابل نسخ التهذيب، ولا سيما مع موافقتها لما في جامع المقاصد والوسائل والحدائق، فقد رويت فيها كما في التهذيب. ولاجل ذلك لا مجال للبناء على نفي ولايتها، كما يقتضيه ما عرفت من وجه الجمع. بل يتعين حينئذ البناء على ولايتها مستقلا، فان الرواية المذكورة نص في ذلك. ويتعين الجمع بينها وبين الطائفة الاولى باستقلال كل منها ومن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب عقد النكاح حديث: 3. (* 2) التهذيب الجزء: 7 الصفحة: 380 طبعة النجف الحديثة.

 

===============

 

( 447 )

 

أبيها، فانه وإن بعد بالاضافة إلى الجمع بالتقييد لكنه أقرب بعد تعذره. ويكون الجمع بينها وبين الطائفة الثانية الحمل على استحباب استئذان الاب، فانه واضح بالاضافة إلى مثل صحيح العلاء المتقدم. وأما مثل صحيح زرارة " لا ينقض.. " فلا يخلو من خفاء. لكن يهون الامر فيه أنه لا يعرف مورده ولم يتضح المراد منه، فان النقض إنما يكون بعد الابرام، فيختص بالفسخ، وهو غير المدعى نعم لا بأس بالالتزام بمضمونه. فيكون للاب فسخ عقد البنت وإن كان صحيحا بغير إذنه، فان فسخه انفسخ، وإن لم يفسخه بقي على صحته. ولعل قوله (ع) في صحيح الحلبي: " ليس لها مع أبيها أمر " (* 1) يراد به هذا المعنى، يعني: له فسخ عقدها وحله، نظير قوله (ع): " لا يمين للولد مع والده " (* 2). وعلى هذا تكون النصوص بهذا المضمون طائفة خامسة. وأما الطعن في رواية سعدان بالضعف فلا مجال له بعد اعتماد المشهور عليها، وكون الراوي معتبر الرواية في نفسه، وان لم ينص عليه بتوثيق، فان ملاحظة أحواله المسطورة في كتب الرجال تستوجب الوثوق به واعتبار حديثه. وكذا الطعن فيها بأنها عين المرسلة، فلا تكون حجة. إذ فيه: أنه خلاف الاصل بعد أن رواهما الشيخ في التهذيب معا. مع اختلاف في المتن من جهة إفراد الاب في المسند وتثنيته في المرسلة. والذي يتحصل من جميع ما ذكرنا: نفوذ عقد الاب بدون إذن البنت اعتمادا على صحيح محمد بن مسلم، وخبر علي بن جعفر، ونحوهما. ونفوذ عقد البنت بدون إذن الاب اعتمادا على خبر سعدان المعتضد بالنصوص الواردة في المتعة المتقدمة. وأن الافضل أن يكون باذنهما معا حملا لما دل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب عقد النكاح حديث: 11. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب اليمين.

 

===============

 

( 448 )

 

[ والمسألة مشكلة. فلا يترك مراعاة الاحتياط بالاستيذان منهما. ولو تزوجت من دون إذن الاب أو زوجها الاب من دون إذنها وجب (1) إما إجازة الآخر أو الفراق بالطلاق. نعم إذا عضلها الولي اي: منعها من التزويج بالكفو مع ميلها سقط اعتبار إذنه (2). ] على اعتبار إذن الاب - كصحيح العلاء - واعتبار إذن البنت - كصحيح صفوان - على الاستحباب، جمعا بين هاتين الطائفتين والطائفتين السابقتين. وأنه إذا عقدت البنت صح عقدها، لكن يجوز للاب نقضه، فإذا نقضه انتقض، اعتمادا على صحيح زرارة: " لا ينقض النكاح إلا الاب ". ونحوه صحيح محمد بن مسلم، وصحيح الحلبي، على ما عرفت. فالنصوص خمسة أصناف: صنف: يدل على استقلال الاب. وآخر: يدل على استقلال البنت. وثالث يدل على جواز فسخ الاب عقد البنت. ورابع: يدل على اعتبار إذن الاب. وخامس: يدل على اعتبار إذن البنت. فيعمل بالاصناف الثلاثة الاول، ويحمل الاخيران على الاستحباب جمعا. هذا كله بالاضافة إلى الاب. وأما الجد: فلا ولاية له على البكر لا منضما، ولا مستقلا. اعتمادا على الطائفة الثالثة من غير معارض. هذا والقول بالولاية على النهج المذكور وإن لم ينسب لاحد لا بأس به إذا دلت عليه الادلة. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل. (1) هذا الوجوب من باب الاحتياط الذي ذكره. (2) إجماعا كما في الشرائع، والتذكرة، والقواعد، وجامع المقاصد والمسالك، وكشف اللثام. وفي الجواهر: " الاجماع بقسميه عليه ". وهو العمدة في الخروج عن عموم الولاية. مضافا إلى عموم نفي الحرج في بعض

 

===============

 

( 449 )

 

[ وأما إذا منعها من التزويج بغير الكفو شرعا فلا يكون عضلا (1) بل وكذا لو منعها من التزويج بغير الكفو عرفا (2)، ممن في تزويجه غضاضة وعار عليهم وإن كان كفوا شرعيا. وكذا لو منعها من التزويج بكفو معين مع وجود كفو آخر (3). وكذا يسقط اعتبار إذنه إذا كان غائبا لا يمكن الاستئذان منه مع حاجتها إلى التزويج (4). ] الموارد. لكنه إنما يقتضي نفي سلطنة الولي، لا إثبات استقلال البنت، لانه ناف، لا مثبت وأما قوله تعالى: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف) (* 1) فغير ظاهر فيما نحن فيه. لاحتمال كون الخطاب للازواج السابقين. مع أنه لو كان للاولياء لا يدل على سقوط الولاية، لان تحريم العضل لا يدل على ذلك. (1) لفساد القعد فلا مورد للولاية عليها حتى من نفسها. (2) كأنه لاطلاق الكفو في كلامهم، بل لعل الظاهر منه الكفو عرفا. (3) كأنه لانصراف المستثنى عن ذلك، فيرجع إلى عموم أدلة المستثنى منه، لا أقل من أنه خارج عن القدر المتيقن من معقد الاجماع، فيرجع إلى عموم أدلة الولاية. (4) قال في الخلاف: " وإن غابا جميعا (يعني: الاب والجد) كان لها أن تعقد على نفسها، أو توكل من شاءت من باقي الاولياء ". وفي الحدائق: " وفي حكم العضل الغيبة المنقطعة التي يحصل معها المشقة الشديدة من اعتبار استئذان الولي ". ونحوه ما في الرياض ورسالة شيخنا الاعظم (ره) والاول حكي ارتضاؤه عن كثير من الاصحاب. ويظهر من الجميع عدم الخلاف في ذلك. بل في كلام بعض أنه بلا خلاف ظاهر. وكأنه لما

 

 

____________

(* 1) البقرة: 232.

 

===============

 

( 450 )

 

[ (مسألة 2): إذا ذهبت بكارتها بغير الوطء - من وثبة ونحوها - فحكمها حكم البكر (1). وأما إذا ذهبت بالزنا أو الشبهة ففيه إشكال (2). ولا يبعد الالحاق بدعوى أن المتبادر من البكر من لم تتزوج (3). وعليه فإذا تزوجت ] يستفاد من دليل السقوط بالعضل. (1) كما نص على ذلك في المسالك، والجواهر، وغيرهما. لان النصوص المتقدمة في استثناء الثيب - ومثلها خبر ابن جعفر المتقدم في أدلة استقلال الولي - مختصة بمن نكحت رجلا، فلا تشمل المورد. بل يرجع فيه إلى عموم الولاية. نعم قد يشكل ذلك بأن بعض النصوص ولاية الولي مختصة بالبكر، ولا تشمل الفرض. لكن لو تم كفى نصوص استثناء الثيب المتقدمة في إثبات الولاية على من لم تنكح زوجا آخر. (2) والذي اختارة في الجواهر إلحاقها بالثيب، أخذا باطلاق الادلة. قال: " وما في بعض النصوص من ظهور اعتبار النكاح في الثيب محمول على الغالب ونحوه، بعد قصوره عن تقييد غيره من المطلق للشهرة ". أقول: لا ينبغي التأمل في أن الثيبوبة تتحقق بزوال البكارة بوطء أو غيره. وحينئذ فان أخذ باطلاق الثيب والبكر كان اللازم إلحاق زوال البكارة بالوثبة ونحوها بالثيبوبة، لصدقها حقيقة. وإن بني على تقييد الاطلاق بالنصوص المتقدمة فهي مختصة بالمتزوجة. وحملها على الغالب في هذه الجهة دون غيرها تفكيك لا يساعد عليه العرف. فإذا المتعين البناء على التقييد في الامرين معا. وحينئذ يتعين في زوال البكارة بالزنا والشبهة الالحاق بالبكر. (3) هذه الدعوى غير ظاهرة، بل ممنوعة، لان البكر ذات البكارة، ولا دخل للتزويج وعدمه فيها. وكأن الاولى الاستدلال بالنصوص، بدعوى أن المفهوم منها أن المدار على التزويج، لا على الثيبوبة. وإن كان التأمل

 

===============

 

( 451 )

 

[ ومات عنها أو طلقها قبل ان يدخل بها لا يلحقها حكم البكر (1) ومراعاة الاحتياط أولى. (مسألة 3): لا يشترط في ولاية الجد حياة الاب، ولا موته. والقول بتوقف ولايته على بقاء الاب - كما اختاره جماعة - (2) ضعيف. وأضعف منه القول بتوقفها على موته، كما اختاره بعض العامة. ] فيها يقتضي كون المدار على الثيبوبة بالتزويج، لا مطلق التزويج. والمتحصل مما ذكرنا: أن المحتمل في الثيب أربعة معان: المعنى العرفي، وهو زوال البكارة. وزوال البكارة بالوطء. وزوال البكارة بوطء الزوج، ومجرد كونها مزوجة وإن كانت باكرا. ويقابلها الباكر. وأن ظاهر النصوص يقتضي المعني الثالث، وأن الاول لم يعرف به قائل، والثاني اختاره في الجواهر، والرابع اختاره المصنف، ولم يعرف له موافق. (1) يعني: فيلحقها حكم الثيب. وهو كما ترى. (2) حكاه في الشرائع قولا. ونسبه في كشف اللثام إلى الصدوق، والشيخ، والتقي، وسلار، وبني الجنيد والبراج وزهرة وحمزة. واستدل له بموثق الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع): قال: إن الجد إذا زوج ابنة ابنه وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز. قلنا فان هوى أبو الجارية هوى، وهوى الجد هوى.. " (* 1)، لدلالة مفهومه على عدم الجواز مع فقد الاب. واشكل بضعف سند الرواية، ودلالتها. لكن الرواية من الموثق، وهو حجة. والدلالة للمفهوم، وهو أيضا حجة. وحمله - كما في المسالك - على أنه من مفهوم الوصف، الذي ليس بحجة غير ظاهر. نعم يحتمل في القيد أنه ذكر تمهيدا للحكم المذكور في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 4.

 

===============

 

( 452 )

 

ذيل الرواية من التشاح بن الجد والاب، والذي لا يمكن فرضه إلا في حال وجود الاب، فتكون الشرطية من قبيل الشرطية لتحقيق الموضوع. فتأمل. ولذلك اختار هذا القول في الوسائل. لكن في كشف اللثام مال إليه، للاصل، إلا فيما أجمع عليه، وهو صورة حياة الاب بعد ضعف أدلة الطرفين. وفيه: أنه لا قصور في دليل القول المذكور بعد أن كان السند من الموثق، والدلالة لمفهوم الشرط، فيقيد به إطلاق ما دل على ولاية الجد، على تقدير تماميته. مع أنها لا تخلو من تأمل إذ لم نقف على دليل لولاية الجد، إلا ما تضمن أولويته من الاب، مثل موثق عبيد بن زرارة: " قلت لابي عبد الله (ع): الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل، ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر. فقال (ع): الجد أولى بذلك.. " (* 1). ونحوه خبره الاخر (* 2)، وخبر علي بن جعفر المروي في قرب الاسناد وفي كتابه (* 3)، وغيرهما. وكلها مختصة أيضا بصورة حياة الاب. بل ظاهر تعليل ذلك في بعضها بأنها وأباها للجد كالصريح في الاختصاص بذلك، إذ لا مجال للتعليل المذكور مع فقد الاب. وأما صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " قال الذي بيده عقدة النكاح هو ولى أمرها " (* 4). فدلالته غير ظاهرة وحمل من هو ولي أمرها على من له ولاية المال، ومنه الجد، لا قرينة عليه، وإن ذكر في المسالك وغيرها. ومثله صحيح أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " سألته عن الذي بيده عقدة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 8 وملحقه. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 2.

 

===============

 

( 453 )

 

[ (مسألة 4): لا خيار للصغيرة إذا زوجها الاب أو الجد بعد بلوغها ورشدها (1). ] النكاح قال: هو الاب، والاخ، والرجل يوصي إليه، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويشتري. فأى هؤلاء عفا فعفوه جائز في المهر إذا عفا عنه " (* 1). ودعوى: أن الجد يجوز أمره في مال المرأة حتى مع فقد الاب، فيكون ممن بيده عقدة النكاح. مدفوعة: بأن ظاهر الآية الشريفة الاختصاص بالبالغات، بقرينة نفوذ عفوهن، فالروايات الواردة في تفسيرها قاصرة عن شمول غيرهن. ولذا ذكر الاخ في الصحيح المتقدم. ومن ذلك يظهر الوجه فيما ذكره كاشف اللثام من ضعف أدلة الطرف الاخر. نعم يشكل ما ذكره من أن قول الجماعة مطابق للاصل. وجه الاشكال: أن أصالة عدم ترتب الاثر محكومة لاستصحاب الولاية الثابتة للجد حال حياة الاب. نعم لا تجري إذا كان الاب قد مات في حال كون الصغير حملا، فيكون مقتضى الاصل العدم. ثم إنه تمكن المناقشة في مفهوم الموثق باحتمال كون الشرط مساقا لتحقيق الموضوع بلحاظ ما في ذيله من قوله (ع) " فان هوى... "، كما عرفت. وحينئذ يكون الدليل على القول المذكور ضعيفا أيضا. (1) بلا خلاف ظاهر. وفي المسالك: أنه لا يظهر فيه مخالف إنتهى. وعن غيرها: الاجماع عليه. ويشهد له صحيح عبد الله بن الصلت قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ألها أمر إذا بلغت؟ قال (ع): لا، ليس لها مع أبيها أمر " (* 2). وصحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 454 )

 

[ بل هو لازم عليها. وكذا الصغير على الاقوى (1). ] محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن الصبية يزوجها أبوها، ثم يموت وهي صغيره، فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، يجوز عليها التزويج، أو الامر إليها؟ قال (ع): يجوز عليها تزويج أبيها " (* 1). ونحوهما صحيح علي بن يقطين (* 2)، وغيره. لكن في الصحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن الصبي يتزوج الصبية. قال (ع): إن كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز، ولكن لهما الخيار إذا أدركا " (* 3). ولكنه لم يعرف عامل به، ولا مفت بمضمونه في الصغيرة. ونحوه ما في خبر يزيد الكناسي عن أبى جعفر (ع): " متى يجوز للاب أن يزوج ابنته ولا يستأمرها؟ قال (ع): إذا جازت تسع سنين، فان زوجها قبل بلوغ التسع سنين كان الخيار لها إذا بلغت تسع سنين.. " (* 4). (1) على المشهور. ويشهد له صحيح الحلبي قال: " قلت لابي عبد الله (ع): الغلام له عشر سنين فيزوجه ابوه في صغره أيجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين؟ فقال (ع): اما التزويج فصحيح. وأما طلاقه فيبغي أن تحبس عليه امرأته حتى يدرك.. " (* 5). بذلك استدل في الحدائق. لكن دلالته على نفي الخيار غير ظاهرة، لان صحة العقد لا تنافي الخيار، بل هي موضوع للخيار. ومثله ما دل على توارثهما إذا زوجهما الابوان (* 6)، فان التوارث إنما يدل على الصحة لا غير، وهي لا تنافي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 9. (* 5) الوسائل باب: 11 من ابواب ميراث الازواج حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 12 من ابواب عقد النكاح حديث: 1 وتقدم ذكر الحديث في الصفحة: 437.

 

===============

 

( 455 )

 

[ والقول بخياره في الفسخ والامضاء (1) ضعيف. وكذا لا خيار للمجنون بعد إفاقته (2). (مسألة 5): يشترط في صحة تزويج الاب والجد ونفوذه عدم المفسدة (3)، وإلا يكون العقد فضوليا، كالاجنبي ] الخيار. وعلى هذا ينحصر دليل نفي الخيار في الصغير بما دل على اللزوم. (1) نسب إلى الشيخ في النهاية، وبني البراج وحمزة وإدريس. لصحيح ابن مسلم المتقدم، ولتطرق الضرر إليه من جهة إثبات المهر في ذمته والنفقة من غير ضرورة، وبذلك افترق عن الصبية، فان العقد عليها يثبت لها المهر والنفقة، لا عليها، ولخبر يزيد الكناسي: " إن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة، أو يشعر في وجهه، أو ينبت في عانته " (* 1). لكن الصحيح بعد عدم العامل به في الصبية يتعين حمل الخيار فيه على خلاف ظاهره، لتعذر التفكيك في معنى الخيار في الصبي والصبية. والضرر المذكور إن تم كونه ضررا منفيا كان موجبا لقصور الولاية، وعدم صحة العقد كالفضولي. وإلا - كما هو المفروض في كلامهم - فلا يصلح لاثبات الخيار، ولا لاثبات غيره. وأما خبر الكناسي فالاشكال فيه كالاشكال في الصحيح، فقد ذكر في صدره الخيار للصغيرة، ولاجله يتعين حمل الخيار فيه على خلاف ظاهره. مضافا إلى أنه غير ظاهر الحجية، لعدم ثبوت وثاقة يزيد الكناسي. نعم في السند أحمد بن محمد بن عيسى، والحسن بن محبوب، وأبو أيوب الخزاز. وقد يشعر ذلك بالوثاقة. (2) إجماعا، كما في المسالك وفي كشف اللثام: لا يعرف فيه خلاف. ويقتضيه ما دل على لزوم العقود. (3) يظهر من المسالك الاتفاق عليه، حيث جعل الفارق بين ولاية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب عقد النكاح حديث: 9.

 

===============

 

( 456 )

 

[ ويحتمل عدم الصحة بالاجازة أيضا (1). بل الاحوط مراعاة المصلحة (2). بل يشكل الصحة إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الاخر بحسب الشرف، أو من أجل كثرة المهر أو ] الاب وولاية الحاكم الاجتزاء بعدم المفسدة في الاولى، واعتبار المصلحة في الثانية. فكأن ولاية الاب في النكاح غير ولايته في المال، فان المشهور بين القدماء، المدعى عليه الاجماع، والمصرح به في كلام جماعة من المتأخرين: اعتبار المصلحة فيها. والفارق بين المقامين هو عدم وضوح الاطلاق في ولاية الاب في المال، بخلاف المقام. وعلى هذا فالذي يدل على اعتبار الشرط المذكور هنا دليل نفي الضرر. ويقتضي الاجتزاء به في صحة العقد وإن لم يكن مصلحة إطلاق ادلة الولاية، المقتصر في تقييده على ما ذكر. وأما ما ورد في جواز الاخذ من مال الولد (* 1) إذا لم يكن فيه سرف، أو إذا كان بالمعروف، أو إذا كان مما لا بد منه، معللا بأن الله لا يحب الفساد فمورده التصرف في مال الكبير. مع كون التصرف راجعا إلى المتصرف لا إلى الولد، فالتعدي إلى الصغير في التصرف الراجع إليه في غير المال، غير ظاهر. فالعمل بالاطلاق متعين. (1) بناء على أنه يعتبر في المجيز أن يكون جائز التصرف حال العقد، وإلا لم تصح إجازته، كما سينبه المصنف على ذلك في المسألة السادسة. لكن اشتراط ذلك خلاف إطلاق الادلة. (2) لما عرفت من أن المشهور بين المتقدمين اعتبار المصلحة في نفوذ تصرف الولي الاجباري في المال. بل قد يستظهر من حجر التذكرة دعوى نفي الخلاف فيه بين المسلمين وقد صرح به جماعة كثيرة فيتعدى منه إلى المقام، فيلحق المقام به. لكنه - مع ثبوت ذلك في الملحق به - غير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 78 من ابواب ما يكتسب به.

 

===============

 

( 457 )

 

[ قلته بالنسبة إلى الصغير (1)، فاختار الاب غير الاصلح لتشهي نفسه. (مسألة 6): لو زوجها الولي بدون مهر المثل، أو زوج الصغير بأزيد منه، فان كان هناك مصلحة تقتضي ذلك صح العقد والمهر ولزم (2)، وإلا ففي صحة العقد وبطلان المهر والرجوع إلى مهر المثل، أو بطلان العقد أيضا قولان (3) ] ظاهر في قبال إطلاق الادلة. ودعوى الانصراف إلى خصوص المصلحة ممنوعة. ومن ذلك يظهر نفي الاشكال الذى ذكره المصنف بقوله: " بل يشكل.. "، فان إطلاق الادلة محكم. (1) لا يخلو هذا المثال من الاشكال. لان الصغير إذا زوج بمهر كثير كان ذلك التزويج ضررا عليه، لا خلاف الاصلح. بخلاف الصغيرة إذا زوجت بالمهر القليل، فانه خلاف الاصلح لا غير. (2) لعموم دليل الولاية. وعن جامع المقاصد: أنه المعتمد في الفتوى (3) وعن الشيخ (ره): قول ثالث، وهو صحة العقد والمهر ولزومهما، عملا باطلاق أدلة الولاية، المعتضد بما دل على جواز عفوه عن المهر بعد ثبوته. وفيه: أن التعدي عن العفو إلى المقام غير ظاهر، فان نقض المهر ربما يكون مهانة على الزوجة، وليس العفو كذلك. وأدلة نفي الضرر مقدمة على إطلاق ادلة الولاية. وحينئذ يدور الامر بين القولين الاولين. ولاجل ذلك قال في الشرائع: " إذا زوجها الولى بدون مهر المثل هل لها ان تعترض؟ فيه تردد. والاظهر أن لها الاعتراض " ولم يعترض لمورد الاعتراض، وأنه خصوص المهر، أو العقد نفسه. وقد ذكر في المسالك وغيرها وجهين أو قولين. وقد تبع المصنف صاحب الجواهر في اختيار ثانيهما، لان الواقع في الخارج أمر واحد مشخص، فاما أن

 

===============

 

( 458 )

 

يكون صحيحا بلا إجازة، أو موقوفا عليها. ولا مجال للتفكيك فيه بين ذات العقد فيصح وبين المهر فيتوقف على الاجازة. ولذا لو عقد فضولا بمهر خاص لم يجز للاصيل إجازة القعد دون المهر. وفي المسالك اختار الاول، لان العقد صحيح، وانما المانع من قبل المهر، ويمكن جبره بفسخه خاصة، والرجوع إلى مهر المثل. ولا نسلم أنهما واحد، بل اثنان لا تلازم بينهما. وأوضحه شيخنا الاعظم (ره) في رسالة النكاح بأن دليل صحة تصرف الولي شامل لنفس العقد، فلا وجه لتوقفه على الاجازة. غاية الامر أن الضرر في الصداق اقتضى خروجه عن دليل الولاية، فيتوقف على الاجازة. والتفكيك بين العقد والمهر في مثل ذلك ثابت لا مانع منه. واما عدم جواز التفكيك فيما لو عقد فضولا بمهر خاص، فهو لاجل ان الاجازة بمنزلة القبول، لا يجوز التفكيك فيه بين أبعاض العقد الواحد. وليس منه المقام، لما عرفت من أن العقد في نفسه لا يحتاج إلى الاجازة، وأن المحتاج إليه خصوص المهر لا غير. وقد أطال (قدس سره) في توضيح ذلك. فراجع. ويشكل بأن الضرر ليس في جعل المهر نفسه، وإنما هو بالنكاح على المهر المذكور، فالضرر يكون بالنكاح المقيد بالمهر، وانتفاؤه بدليل نفي الضرر عن البطلان. وبالجملة: لو كان الضرر حاصلا من جعل المهر، نفسه أمكن أن يقال بصحة العقد عملا بعموم الولاية، وببطلان المهر عملا بعموم نفي الضرر. لكنه ليس كذلك، بل الضرر حاصل من التزويج بالمهر المذكور. فنفيه بدليل نفي الضرر يقتضي بطلان نفس التزويج، لا بطلان المهر وحده ونظير ذلك ما تقدم في مبحث الرياء في الصلاة، فانه إذا صلى جماعة رياء، فالرياء يكون بالصلاة فتحرم، لا بالجماعة فتحرم هي دون الصلاة، فتبطل الجماعة وتصح الصلاة.

 

===============

 

( 459 )

 

[ أقواهما: الثاني. والمراد من البطلان عدم النفوذ، بمعنى توقفه على إجازتها بعد البلوغ. ويحتمل البطلان ولو مع الاجازة بناء على اعتبار وجود المجيز في الحال (1). (مسألة 7): لا يصح نكاح السفيه (2) المبذر إلا باذن الولي. وعليه أن يعين المهر والمرأة (3). ولو تزوج ] (1) قد عرفت أن هذا خلاف إطلاق أدلة الصحة. (2) قال في الشرائع: " والمحجور عليه للتبذير لا يجوز له أن يتزوج غير مضطر، ولو أوقع كان العقد فاسدا وإن اضطر إلى النكاح جاز للحاكم أن يأذن له سواء عين الزوجة أو أطلق ". ونحوه ما في القواعد. ووجه عدم نفوذ نكاحه: أن النكاح تصرف في المال، لما يترتب عليه من المهر والنفقة، والسفيه محجور عن ذلك إجماعا. وهذا مما لا إشكال فيه. إنما الاشكال في لزوم الاقتصار في الاذن على حال الضرورة، فإذا تزوج مع عدم الضرورة إلى ذلك لم يصح وإن أذن له الولي، فان الظاهر أنه لا خلاف عندهم فيه، مع أنه لا يظهر الفرق بين النكاح وغيره، إذ في غير النكاح يصح تصرفه إذا أذن له الولي وكان التصرف عقلائيا وإن لم تكن ضرورة تدعو إليه، فما الذي ميز النكاح عن غيره؟! اللهم إلا أن تحمل الضرورة في كلامهم على الحاجة المتعارفة، كما هو غير بعيد عن مذاقهم، وإن كان بعيدا عن عبارتهم. ولاجل ما ذكرنا لم يتعرض في المتن لذكر الضرورة، واكتفى بالمصحلة. (3) تعيين المهر من وظائف الولي. أما تعيين المرأة فمن وظائف الزوج، وليس هو سفيها في هذه الجهة حتى يكون مولى عليه فيها. نعم إذا كان تعيينه يؤدي إلى ضياع المال لم يقبل، لكون المفروض كونه محجورا عن المال، فلو عين امرأة شريفة يستغرق مهر مثلها ماله أو يزيد عما يليق

 

===============

 

( 460 )

 

[ بدون إذنه وقف على إجازته فان رأى المصلحة وأجاز صح، ولا يحتاج إلى إعادة الصيغة، لانه ليس كالمجنون والصبي (1) مسلوب العبارة، ولذا يصح وكالته عن الغير في إجراء الصيغة ومباشرته لنفسه بعد إذن الولي. (مسألة 8): إذا كان الشخص بالغا رشيدا في الماليات لكن لا رشد له بالنسبة إلى أمر التزويج وخصوصياته من تعيين الزوجة وكيفية الامهار ونحو ذلك فالظاهر كونه كالسفيه في الماليات في الحاجة إلى إذن الولي، وإن لم أر من تعرض له (2). ] بحاله لم يقبل منه، وكذلك الكلام في تعيين مكان العقد أو زمانه، فانه يقبل منه التعيين، إلا إذا كان موجبا لضياع المال بحسب حاله. وبالجملة: إذا اعتبرت الضرورة في جواز تزويجه وجب الاقتصار على الضرورة في الزوجة والمكان والزمان وغيرهما من الجهات التي تختلف في زيادة المال، ولا يقبل تعيين السفيه في واحدة من الجهات إذا كان يوجب اختلاف المال. وإن اكتفى بكون التصرف متعارفا وإن لم تدع الضرورة إليه قبل تعيينه، إلا إذا لم يكن لائقا بحاله، وكان موجبا لزيادة المال. (1) هذا مما لا إشكال فيه. ويقتضيه عموم الادلة، بل قد تقدم في كتاب الاجارة ان من المحتمل أن يكون الصبي كذلك. (2) لكن ظاهر حصرهم أسباب الحجر بخصوص السفه في المال وأن الحجر يرتفع بالرشد في المال: أن السفه في غير الماليات لا أثر له في الحجر. ويقتضيه عموم السلطنة. وليس السفه في التزويج إلا كالسفه في المأكل، والمسكن، والملبس، والمركب، ومعاشرة الاخوان، وغير ذلك من الامور المتعلقة بالانسان مما لا يستوجب إتلاف المال وتبذيره. فان من الضروري

 

===============

 

( 461 )

 

[ (مسألة 9): كل من الاب والجد مستقل في الولاية (1) فلا يلزم الاشتراك، ولا الاستئذان من الآخر. فأيهما سبق مع مراعاة ما يجب مراعاته لم يبق محل للآخر (2). ولو زوج كل منهما من شخص، فان علم السابق منهما فهو المقدم ولغي ] أنه لا ولاية على السفيه فيها، وليس هو ممنوعا من التصرف إلا باذن وليه، فليكن السفه في التزويج كذلك. نعم قد يستفاد من رواية عبد الله ابن سنان: " إذا بلغ ونبت عليه الشعر جاز أمره، إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا " (* 1) بناء على إطلاق السفيه، الشامل لما نحن فيه. لكنه غير ظاهر. (1) بلا إشكال ظاهر ويقتضيه إطلاق النصوص وظاهر الجواهر التوقف في ذلك، حيث أنه في شرح قول ماتنه: " فمن سبق عقده صح " ذكر أنه بناء على استقلال كل منهما بالولاية. إنتهى. (2) يعني: يصح السابق، كما في الشرائع والقواعد وغيرهما. وعن الغنية والسرائر: الاجماع عليه وفي الجواهر: " لم نعرف فيه خلافا بينهم، بل يمكن دعوى الاجماع عليه ". والظاهر أنه كذلك. ويقتضيه إطلاق الادلة. ويشهد له صحيح هشام بن مسلم ومحمد بن حكيم عن أبي عبد الله (ع): " قال إذا زوج الاب والجد كان التزويج للاول. فان كان جميعا في حال واحدة فالجد أولى " (* 2). وموثق عبيد بن زرارة: " قلت لابي عبد الله

 

 

____________

(* 1) هذا المضمون مروي بتعبيرات مختلفة وأقرب الكل إليه ما رواه في الوسائل باب: 2 من احكام الحجر حديث: 5، الا أنه نقله عن الخصال عن ابى الحسين الخادم بياع اللؤلؤ من دون توسط ابن سنان. لكن الموجود في الخصال الجزء: 2 الصفحة: 89 روايته عن بياع اللؤلؤ عن عبد الله بن سنان. فلاحظ. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 462 )

 

[ الآخر. وإن علم التقارن قدم عقد الجد (1). وكذا إذا جهل التاريخان (2). وأما إن علم تاريخ أحدهما دون الآخر، فان ] عليه السلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر. فقال: الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا، إن لم يكن الاب زوجها قبله. ويجوز عليها تزويج الاب والجد " (* 1). (1) اتفاقا، كما عن السرائر والغنية. ويشهد به الصحيح والموثق المتقدمان، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه. ولابنه أيضا أن يزوجها. فقلت: فان هوى أبوها رجلا وجدها رجلا، فقال (ع): الجد أولى بنكاحها " (* 2). ونحوه موثق عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) (* 3). (2) لما يأتي في المتن من أنه يستفاد من الموثق المتقدم ان الشرط في نفوذ عقد الجد أن لا يسبقه عقد الاب، وهذا الشرط يمكن إحرازه بالاصل في الفرض. إذ الاصل يقتضي عدم سبق عقد الاب على عقد الجد، فيصح، لكن يعارضه أصالة عدم سبق عقد الجد على عقد الاب، المقتضي لصحة عقد الاب، لما سبق من استقلال كل منهما بالولاية، فإذا سبق أحدهما بالعقد صح. هذا بناء على جريان الاصل بالنسبة إلى كل من مجهولي التاريخ. وأما بناء على التحقيق من عدم جريانه بالنسبة إلى كل منهما ذاتا فلا مجال لاحراز الشرط المذكور بالنسبة إلى كل منهما. وحينئذ يعلم بصحة أحد العقدين وفساد الآخر من دون تعيين، فيتعين الرجوع إلى القرعة، أو غيرها، على ما تقدم في مبحث تزويج الاختين، وغيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 7.

 

===============

 

( 463 )

 

[ كان المعلوم تاريخ عقد الجد قدم أيضا (1) وإن كان المعلوم تاريخ عقد الاب احتمل تقدمه (2). لكن الاظهر تقديم عقد الجد، لان المستفاد من خبر عبيد بن زرارة أولوية الجد ما لم يكن الاب زوجها قبله، فشرط تقديم عقد الاب كونه سابقا (3) ] (1) هذا واضح بناء على عدم جريان الاصل بالنسبة إلى مجهول التاريخ، لانه بعد أن كان عقد الجد معلوم التاريخ، أمكن جريان أصالة عدم عقد الاب قبله إلى حينه، المثبت لصحته، لما عرفت من استقلاله بالولاية. ولا يعارضه أصالة عدم عقد الجد إلى زمان عقد الاب، الموجب لصحته، لانه مجهول التاريخ. نعم بناء على جريان الاصل بالنسبة إلى مجهول التاريخ يكون الاصل متعارضا في الطرفين، ويكون الحكم كما في صورة الجهل بالتاريخين معا. (2) بل المتعين ذلك بناء على عدم جريان الاصل بالنسبة إلى مجهول التاريخ ذاتا، فان اصالة عدم سبق عقد الجد وعدم مقارنته لعقد الاب بلا معارض، فيثبت صحة عقد الاب. أما بناء على جريان الاصل يكون الاصل في الطرفين متعارضا، ويكون الحكم كما في مجهولي التاريخ. (3) إن كان المراد من كونه سابقا أن لا يتقدمه عقد الجد ولا يقارنه، فهو مما يمكن إثباته بالاصل، لاصالة عدم عقد الجد إلى ما بعد انتهاء عقد الاب. وإن كان المراد من كونه سابقا أن يكون بحيث يلحقه عقد الجد، بأن يكون عنوان السبق بنفسه ملحوظا شرطا، فهذا غير مفهوم من أدلة الولاية للاب، فان عقد الاب صحيح وإن لم يلحقه عقد الجد. وبالجملة: المفهوم من النصوص: صحة عقد الجد إذا كان واردا على امرأة خلية غير مزوجة، فيكون الشرط ذلك، لا مجرد عدم السبق لعقد الاب من حيث هو، فالشرط وجودي لا عدمي. وكذلك المفهوم منها: أن شرط

 

===============

 

( 464 )

 

[ وما لم يعلم ذلك يكون عقد الجد أولى (1) فتحصل: أن اللازم ] صحة عقد الاب أن يرد على خلية غير مزوجة ولا يقارنه عقد الجد، لا مجرد السبق على عقد الجد من حيث هو سبق. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في الجواهر، فانه ذكر أنه مع العلم بتاريخ أحدهما وجهل الاخر يحكم بصحة المعلوم، بناء على أصالة تأخر المجهول عنه. وإن جهلا معا قدم عقد الجد، بناء على أن مقتضى الاصلين الاقتران، الذي قد عرفت تقدم عقد الجد فيه. وإن قلنا أن الاقتران أيضا حادث كان الحكم بالقرعة التي هي لكل أمر مشكل. مع احتمال تقدم عقد الجد، لاطلاق ما دل عليه ما لم يسبقه عقد الاب، فمتى لم يعلم يحكم بتقدم عقده. فتأمل جيدا. انتهى. ولعله أشار بالامر بالتأمل إلى ضعف الاحتمال المذكور. كما أن من المحتمل أن يكون المراد من أصالة تأخر الحادث استصحاب عدمه إلى ما بعد زمان الحادث الاخر، فيكون صحيحا. وحينئذ يتم ما ذكره من الاخذ بالعقد المعلوم التاريخ، ورفع اليد عن مجهول التاريخ، والبناء على القرعة مع الجهل بالتاريخين. (1) لاصالة عدم سبق عقد الاب إلى حين عقد الجد. لكن عرفت أنه مع البناء على عدم جريان الاصل بالنسبة إلى مجهول التاريخ كيف يجري في المقام أصالة عدم عقد الاب إلى حين عقد الجد مع كونه مجهول التاريخ؟!. والذي يتحصل: أن المصنف (ره) يستظهر من النصوص أن الشرط في نفوذ عقد الاب أن لا يسبق عقد الجد، والشرط في نفوذ عقد الجد أن لا يسبقه عقد الاب. فمع الجهل بالتاريخين يمكن نفي شرط نفوذ عقد الاب بأصالة عدم سبقه على عقد الجد، وإثبات شرط نفوذ عقد الجد بأصالة عدم سبق عقد الاب عليه. وكذا مع الجهل بتاريخ أحدهما دون الاخر اياما كان منهما. لكن الاستظهار المذكور غير ظاهر الوجه، بل المستفاد

 

===============

 

( 465 )

 

[ تقديم عقد الجد في جميع الصور إلا في صورة معلومية سبق عقد الاب. ولو تشاح الاب والجد فاختار كل منهما واحدا قدم اختيار الجد (1). ولو بادر الاب فعقد، فهل يكون باطلا أو يصح؟ وجهان، بل قولان (2)، من كونه سابقا ] من الادلة أن العقد من كل من الاب والجد ينفذ مع قابلية المحل، فإذا وقع العقد من أحدهما لم يصح العقد من الاخر، لعدم قابلية المحل، وإذا اقترنا كان عقد الجد مقدما. فعنوان السبق بما هو لم يؤخذ موضوعا لنفوذ عقد الاب، وإنما لوحظ طريقا إلى كون الصغيرة مزوجة. وكذا عدم سبق عقد الاب يراد منه كونها خلية. ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما في الجواهر من احتمال تقديم عقد الجد مع الجهل بالتاريخين، لاطلاق ما دل عليه إذا لم يسبقه عقد الاب، فمتى لم يعلم يحكم بتقدم عقده. انتهى. فان ذلك خلاف الظاهر. والمتعين الرجوع إلى القرعة بعد أن كان الاصل لا يصلح لاثبات كونها خلية إلى حين العقد بالنسبة إلى كل منهما، كما هو التحقيق. وإذا بني على ما احتمله في الجواهر تعين البناء على صحة عقد الجد حتى فيما جهل تاريخ أحدهما وعلى تاريخ الاخر اعتمادا على الاصل، حسب ما اختاره المصنف. ولا وجه للفرق بين صورة الجهل بالتاريخين والجهل بتاريخ أحدهما. فلاحظ. (1) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما. وفي كشف اللثام: حكاية الاجماع عليه عن الانتصار والخلاف والمبسوط والسرائر. ويشهد له النصوص، كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع)، وموثقي عبيد بن زرارة المتقدمة في أوائل المسألة. (2) اختار في المسالك ثانيهما قال: " لو كان السابق الاب وقد علم بأن الجد مخالف له وقصد سبقه بالعقد، فقد ترك الاولى، وصح عقده ".

 

===============

 

( 466 )

 

[ فيجب تقديمه. ومن أن لازم أولوية اختيار الجد عدم صحة خلافه. والاحوط مراعاة الاحتياط. ولو تشاح الجد الاسفل والاعلى هل يجري عليهما حكم الاب والجد أولا؟ وجهان، أوجههما: الثاني، لانهما ليسا أبا وجدا بل كلاهما جد، فلا يشملهما ما دل على تقديم الجد على الاب (1) ] لكن في الجواهر: " قد يقال ببطلان عقده حينئذ. لاولوية الجد منه في هذا الحال، الظاهرة في انتفاء الولاية للاب، بل هو المعنى المعروف المستعمل فيه لفظ الاولى في غير المقام ". ثم حكى في آخر كلامه عن كشف اللثام: دعوى الاتفاق على صحة السابق، وجعله مقتضى إطلاق الصحيح، يعني: صحيح هشام، والموثق المتقدمين، وعليه فلا مجال للاشكال فيه. ويتعين حمل الاولوية في كلامهم في صحيح محمد بن مسلم وغيره على التكليفية، استحبابية أو وجوبية، لا الوضعية. وعلى هذا لا يظهر وجود قائل بالاول. فقول المصنف (ره): " قولان " إن أراد بالاول ما في الجواهر، فليس هو إلا إشكالا على الدليل. وإن كان غيره فلم أعثر عليه. (1) لكن في خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع) إني لذات يوم عند زياد بن عبد الله إذ جاء رجل يستعدي على أبيه، فقال: أصلح الله الامير إن أبي زوج ابنتي بغير إذني. فقال زياد لجلسائه الذين عنده: ما تقولون فيما يقول هذا الرجل؟ فقال: نكاحه باطل. قال (ع): ثم أقبل علي فقال: ما تقول يا أبا عبد الله. فلما سألني أقبلت على الذين أجابوه، فقلت لهم: أليس فيما تروون أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت ومالك لابيك؟ قالوا: بلى. فقلت لهم: فكيف يكون هذا وهو وماله لابيه

 

===============

 

( 467 )

 

[ (مسألة 10): لا يجوز للولي تزويج المولى عليه بمن به عيب (1)، سواء كان من العيوب المجوزة للفسخ أو لا، ] ولا يجوز نكاحه؟ قال (ع): فأخذ بقولهم وترك قولي " (* 1). وقد يظهر من التعليل أولوية الجد باعتبار ولايته على الاب، كما في الجواهر. لكن التعليل المذكور علل به نفوذ تصرف الجد، لا أولويته من الاب عند الاقتران. ومنه يظهر الاشكال في الاستدلال على ذلك بخبر قرب الاسناد (* 2) المشتمل على أولوية الجد مع اختلافهما فيمن يراد تزويجه، معللا بذلك. إلا أن يقال: عموم التعليل شامل للمقام وإن كان التعليل في مورد خاص. اللهم إلا أن يشكل التعليل في الاول بمعارضته بغيره، كما تقدم في مسألة أنه لا يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده شيئا ويحج به، فراجع هذا المبحث من الشرح. فتأمل جيدا. كما يشكل التعليل في الثاني بأنه لا عامل به على ظاهرة ومؤوله مجمل لا يمكن الاستدلال به. فلاحظ. (1) قال في الشرائع: " إذا زوجها الولي. بالمجنون والخصي صح، ولها الخيار. وكذا لو زوج الطفل بمن بها أحد العيوب الموجبة للفسخ ". وفي المسالك استدل على الصحة: بأن العيوب المذكورة لا تنافي الكفاءة التي هي شرط الصحة. واستدل على الخيار بالادلة الدالة على ثبوت الخيار بالعيوب المذكورة. ومقتضى ذلك: أنه إذا زوج الولي بمن به عيب غير العيوب المذكورة كان العقد صحيحا ولا خيار. ثم حكى في المسالك عن الشيخ في الخلاف القول بالصحة ولم يذكر الخيار، وعن الشافعية قولا بعدم الصحة، من حيث أنه لاحظ للمولى عليه في تزويج المعيب سواء علم الولي ام لم يعلم، ووجها ثالثا بالتفصيل بين علم الولي بالعيب فيبطل، كما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب عقد النكاح حديث: 8.

 

===============

 

( 468 )

 

[ لانه خلاف المصلحة. نعم لو كان هناك مصلحة لازمة المراعاة جاز. وحينئذ لا خيار له ولا للمولى عليه (1) إن لم يكن من العيوب المجوزة للفسخ، وإن كان منها ففي ثبوت الخيار للمولى عليه بعد بلوغه أو إفاقته، وعدمه لان المفروض إقدام الولي مع علمه به. وجهان، أوجههما: الاول، لاطلاق أدلة تلك العيوب (2). وقصوره ] لو اشترى له المعيب مع علمه بالعيب، والجهل فيصح. ويثبت الخيار للولي على أحد الوجهين، أولها عند البلوغ. قال: " وهذا الوجه الاخير موجه ". واختاره المصنف، وعلله بأنه خلاف المصلحة. وكأنه يريد بذلك أنه فيه، مفسدة، ولو الغضاضة العرفية والاستنكار. وحينئذ يكون البطلان في محله، لما عرفت من اشتراط تصرف الولي بعدم المفسدة ولذا قال في الجواهر: " لا يخلو من قوة إن لم يكن إجماعا، ولم تحصل مصالح تقتضي الفعل، أو مرجحات بحيث ترتفع المرجوحية معها، وحينئذ ينفذ ويلزم على المولى عليه ". والوجه في الحكم الثاني أيضا إطلاق أدلة الولاية. ومما ذكرنا يظهر أن المراد بالعيب في كلام المصنف لا بد وأن يكون خصوص ما كان وجوده موجبا للضرر عرفا، فلا يشمل العيب الذي لا يكون وجود ضررا على الزوجة ولا مهانة عليها، مثل كونه ناقصا بعض الاصابع أو زائدها. وإلا كان الوجه الصحة، عملا باطلاق الادلة. (1) إذ لا دليل على هذا الخيار، والاصل اللزوم. (2) كما في المسالك. وتبعه في الجواهر في توجيه الخيار الذي ذكره المحقق. لكن هذا الاطلاق غير ظاهر، فان تلك الادلة كما لا تشمل صورة علم الزوج لا تشمل صورة علم وليه أو وكيله مع إقدامهما على العيب لاقتضاء المصلحة ذلك، كما هو الحال في سائر المعاملات التي يوقعها الولي

 

===============

 

( 469 )

 

[ بمنزلة جهله (1). وعلم الولي ولحاظه المصلحة لا يوجب سقوط الخيار للمولى عليه. وغاية ما تفيد المصلحة إنما هو صحة العقد، فتبقى أدلة الخيار بحالها. بل ربما يحتمل ثبوت الخيار للولي أيضا (2) من باب استيفاء ما للمولى عليه من الحق. وهل له إسقاطه أم لا؟ مشكل (3)، إلا أن يكون هناك مصلحة ملزمة لذلك. وأما إذا كان الولي جاهلا بالعيب ولم يعلم به إلا بعد العقد، فان كان من العيوب المجوزة للفسخ فلا إشكال في ثبوت الخيار له (4)، وللمولى عليه إن لم يفسخ، ] أو الوكيل على المعيب. (1) يعني: حتى لو فرض أن الصغير كان عالما بالعيب. ولكن لا دليل على هذه المنزلة وإن ادعياها في المسالك والجواهر. ولو سلمت لم تجد في ثبوت الخيار، لان علم الولي بمنزلة علم المولى عليه، كما أن علم الوكيل بمنزلة علم الموكل في خروجه عن منصرف أدلة الخيار، كما سبق. (2) في الجواهر: " لا يبعد ثبوته للولي أيضا باعتبار نيابته عن المولى عليه المفروض عدم إسقاط إقدامه مع علمه إياه ". وهو في محله. لكن عرفت عدم تمامية المبنى. ووجه التوقف في ذلك ما ذكره في المسالك من أن الخيار هنا أمر يتعلق بشهوة الزوجين، ولاحظ فيه لغيرهما، فيناط بنظرهما. وإلى ذلك أشار في عبارته السابقة بقوله: " على أحد الوجهين ". ويضعفه أنه خلاف ما دل على ولاية الولي. فلاحظ. (3) بل لما كان تضييعا للحق كان ممنوعا. (4) ثبوته للولي لا بد أن يكون من حيث كونه وليا ونائبا عن المولى عليه، فالخيار للمولى عليه لا غير، لكن قبل البلوغ ينوب عنه فيه الولي،

 

===============

 

( 470 )

 

[ وللمولى عليه فقط إذا لم يعلم به الولي إلى أن بلغ أو أفاق. وإن كان من العيوب الاخر فلا خيار للولي (1). وفي ثبوته للمولى عليه وعدمه وجهان، أوجههما: ذلك (2)، لانه يكشف عن عدم المصلحة في ذلك التزويج. بل يمكن أن يقال: إن العقد فضولي حينئذ لا أنه صحيح وله الخيار. ] وبعد البلوغ يقوم به بنفسه أو بوكيله. وعلى هذا فقول المصنف (ره): " لا إشكال في ثبوت الخيار له " غير ظاهر، لما عرفت من الاشكال الذي ذكره في المسالك، وأنه أحد الوجهين. نعم لا إشكال في ثبوت الخيار للمولى عليه لاطلاق أدلته. هذا بعد البناء على صحة العقد. أما إذا بني على فساده، للمفسدة، كما يأتي في غير العيوب المجوزة للفسخ، وكما سبق في حال علم الولي. لان كونه مصلحة وغير مصلحة تابع للواقع، لا للعلم وعدمه، فالعقد باطل من أصله. نعم لو فرض أن فيه مصلحة يتدارك بها نقص العيب، وكان الولي جاهلا بذلك، كان العقد صحيحا حينئذ، ويثبت الخيار لاطلاق أدلته. ولا مجال للاشكال المتقدم، للفرق بين المقامين. وكذا الحكم في سائر المعاملات التي يوقعها الولي مع الجهل بالعيب. (1) لاصالة اللزوم بعد أن لم يكن دليل على الخيار. هذا لو كان المراد نفي الخيار للولي في مقابل المولى عليه. وإن كان المراد نفيه للولي من حيث كونه وليا فلا وجه له بعد أن بنى على ثبوت الخيار للمولى عليه، فانه إذا ثبت له ثبت للولي من حيث كونه وليا. (2) الخيار هنا خلاف ما دل على أنه لا يرد النكاح إلا من العيوب المخصوصة. وأما التعليل الذي ذكره في المتن، فان كان المراد به المفسدة - كما هو الظاهر - اقتضى بطلان العقد من أصله، إذ لا ولاية للولي حينئذ، فيتعين كون العقد فضوليا تتوقف صحته على الاجازة. وبالجملة: إن دل

 

===============

 

( 471 )

 

[ (مسألة 11): مملوك المملوك كالمملوك في كون أمر تزويجه بيد المولى (1). (مسألة 12): للوصي أن يزوج المجنون المحتاج إلى الزواج (2)، ] على صحة العقد هنا دليل فلا وجه للخيار للولي ولا للمولى عليه، لما دل على أنه لا يرد النكاح إلا من العيوب المخصوصة. وإن لم يدل على الصحة دليل كان اللازم القول بالبطلان. والمتحصل من جميع ما ذكرناه: أنه إذا زوج الولي بمن فيه العيب الموجب للمنقصة بطل العقد من دون فرق بين العالم والجاهل، والعيب الموجب للخيار وغيره. وأنه إذا كان الولي قد لاحظ مصلحة يتدارك بها النقص صح العقد، ولا خيار للمولى عليه، كما هو ظاهر المسالك، والجواهر. وأما ما ذكره المصنف (ره) فيتوجه عليه الاشكال من وجوه. أحدها: التفصيل بين الولي والمولى عليه. والثاني: اثباته للمولى عليه. والثالث: تعليل الخيار بما يوجب البطلان لا الخيار. (1) الظاهر أنه لا إشكال فيه، لان المملوك كسائر الاموال التي تكون للمملوك كلها تحت سلطان المولى، لما في الصحيح من أن العبد وماله لاهله، لا يجوز له تحرير، ولا كثير عطاء، ولا وصية، إلا أن يشاء سيده (* 1). ونحوه غيره. (2) قال في الشرائع: " للوصي أن يزوج من بلغ فاسد العقل إذا كان به ضرورة إلى النكاح " ونحوه في القواعد. وفي المسالك: يظهر منهما عدم الخلاف في هذه الصورة. يعني: صورة ما إذا بلغ فاسد العقل. وفى الجواهر: " نفي بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك. بل عن ظاهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 78 من ابواب الوصايا حديث: 1.

 

===============

 

( 472 )

 

[ بل الصغير أيضا (1) ] الكفاية: الاجماع عليه، بل عن القطيفي: دعواه صريحا ". وهو عجيب بعد تصريح المسالك: بأن غيرهما أطلق الخلاف في تصرف الوصي فيه، وأنه هو الوجه. وكيف كان فان قلنا بعدم الولاية للوصي على الصغير، فاللازم القول بذلك في المجنون، لعدم الدليل على هذه الولاية. والاستدلال عليها بثبوت الضرورة. وعجز المحتاج عن المباشرة، فأشبه ذلك الانفاق عليه - كما حكاه في المسالك وغيرها - غير ظاهر، إذ لو اقتضى ذلك لزوم التزويج فاما أن يختص بالحاكم الشرعي، وإما أن يعم جميع المكلفين على نحو الوجوب الكفائي ولم يختص بالوصي. وإن قلنا بولاية الوصي على الصغير، أمكن استصحاب الولاية إلى ما بعد البلوغ إذا بلغ فاسد العقل. وبالجملة: لما لم يكن دليل على ولاية الوصي على تزويج المجنون كان المرجع فيها القواعد العامة. ومقتضاها ما ذكرنا. ومن ذلك يظهر الاشكال في إطلاق المجنون في المتن، وكان اللازم الاقتصار على من بلغ مجنونا، كما هو المذكور في كلام الاصحاب. ومثله ما في بعض الحواشي من تقييده بالجنون المتصل بالصغر، مع الاشكال منه في ولاية الوصي على الصبي. فلاحظ. (1) كما جعله الاقوى في الجواهر، وحكاه عن المبسوط، والخلاف، والجامع وغاية المراد، وموضع من المختلف، والكركي. لقوله تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير) (* 1)، ومن المعلوم أن التزويج مع المصلحة إصلاح. إلا أن يقال: الكلام في المقام في القدرة على هذا الاصلاح، والآية الشريفة ليست في مقام تشريع القدرة، بل

 

 

____________

(* 1) البقرة: 220.

 

===============

 

( 473 )

 

في مقام الحث على المقدور مع أنها لو تمت لم تختص بالوصي، بل تعم غيره من الاقارب والاجانب. ولقوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه فانما إثمه على الذين يبدلونه) (* 1) ودعوى: انسباق خصوص الايصاء بالمعروف للوالدين، بقرينة كون ما قبلها قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر احدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين). مدفوعة: بأن الاستدلال به في النصوص الكثيرة على وجوب العمل بالوصية يدل على عدم الاختصاص بالمورد. ولو سلم كفت تلك النصوص في الدلالة على لزوم العمل بالوصية. اللهم إلا أن يقال: المنصرف من الاية الايصاء بما ترك، لا بما يتعلق بغيره نفسا أو مالا، فانه خارج عن منصرف الاية. وكذلك الروايات المستدل فيها بالاية على وجوب العمل بالوصية (* 2) كلها ورادة في خصوص الوصية بماله. مضافا إلى إمكان دعوى كونه من الجنف المتعلق بالغير، إذ لا فرق بين الايصاء بتزويج صغيره وبتزويج غيره من الاجانب في دخوله تحت قوله تعالى: (فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه) (* 3)، ففي صحيح أبي أيوب عن محمد بن سوقه قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله تبارك وتعالى: (فمن بدله..) قال (ع): نسختها الآية التي بعدها قوله عزوجل: (فمن خاف من موص..) قال: يعني: الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصي فيما أوصى به إليه مما لا يرضي الله عز ذكره من خلاف الحق فلا إثم عليه.. " (* 4). وكما لا تصح الوصية

 

 

____________

(* 1) البقرة: 181. (* 2) راجع الوسائل باب: 32 من ابواب الوصايا. (* 3) البقرة: 182. (* 4) الوسائل باب: 38 من ابواب الوصايا حديث: 1.

 

===============

 

( 474 )

 

بالتزويج بالنسبة إلى أخيه وابن أخيه لا تصح بالنسبة إلى صغيره، لصدق الجنف، وهو العدوان. ولصحيح أبى بصير، ومحمد من مسلم، عن أبى جعفر (ع) قال: " سألته عن الذي بيده عقدة النكاح. قال: هو الاب، والاخ، والرجل يوصي إليه، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويشتري، فأي هؤلاء عفا فعفوه جائز في المهر إذا عفا عنه " (* 1)، ونحوه ما رواه في الكافي عن الحلبي في الصحيح أو الحسن (* 2)، وما رواه في الكافي والفقيه في الصحيح عن الحلبي وأبى بصير وسماعة عن أبى عبد الله (ع) (* 3)، وما رواه في التهذيب عن أبى بصير في الحسن عن أبي عبد الله (ع) (* 4)، وما رواه في التهذيب أيضا عن أبى بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) (* 5). لكن ذكر الاخ في تلك النصوص مما يستوجب القصور في الدلالة، لاحتمال إرادة الوكيل من الاخ والموصى إليه، لا مطلقا، فيختص بالكبيرة وما في الجواهر من أن الاشتمال على ذكر الاخ لا يسقط النص عن الحجية في غيره. غير ظاهر في مثل المقام مما يكون بين الطرفين نحو ارتباط في الدلالة. نعم يتم مع الاستقلال في الدلالة في كل من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 52 من ابواب المهور ملحق حديث: 1، الكافي الجزء: 6 الصفحة: 106 طبعة ايران الحديثة. (* 3) الوسائل باب: 52 من ابواب المهور الملحق الثاني لحديث: 1. لكن رواه عن التهذيب فقط. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 4، التهذيب الجزء: 7 الصفحة، 393 طبعة النجف الحديثة. لكن في سنده ارسال. (* 5) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 5، التهذيب الجزء: 7 الصفحة: 484 طبعة النجف الحديثة.

 

===============

 

( 475 )

 

الطرفين، لا أقل من وجوب الحمل على غير الظاهر بقرينة وصحيح ابن بزيع: " سأله رجل عن رجل مات وترك أخوين وابنة، والبنت صغيرة، فعمد أحد الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات اب الابن المزوج، فلما أن مات قال الاخر: أخي لم يزوج ابنه، فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية: أي الزوجين أحب إليك الاول أو الاخر؟ قالت: الاخر. ثم إن الاخ الثاني مات وللاخ الاول ابن أكبر من ابن المزوج، فقال للجارية: اختاري ايهما أحب اليك الزوج الاول أو الزوج الاخر. فقال (ع): الرواية فيها أنها للزوج الاخير. وذلك أنها قد كانت أدركت حين زوجها، وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها " (* 1). ونسبة الصحيح إلى الاية الثانية نسبة العامين من وجه، يرجع في مورد المعارضة - وهو محل الكلام - إلى أصالة العدم. وما في الجواهر من كون الصحيح مضمرا لا يقدح في الحجية. وكذلك النسبة إلى الرواية، المشعرة بالتقية. مع أن الاشعار ممنوع. ولو سلم فالاظهر أن تكون التقية في خلاف الرواية، لا في مضمون الرواية. وما في الجواهر أيضا من أن التعليل عليل. غير ظاهر، فان المفهوم من عقدته أن العقد كان بامضائها، كما يشير قولها الاخير بعد أن سئلت عنهما. وكأنه حمله على كون العقد فضوليا، فلا ميز بينه وبين ما كان حال الصغر ولا مرجح له عليه ومثله صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم " (* 2)، فان مفهومه نفي التوارث إذا كان المتولي للتزويج غير الاب وإن كان هو الوصي. وليست الدلالة من باب دلالة المفهوم فقط، بل من باب أن التفصيل قاطع للشركة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب عقد النكاح حديث: 1.

 

===============

 

( 476 )

 

[ لكن بشرط نص الموصي عليه (1) سواء عين الزوجة أو الزوج أو أطلق. ولا فرق بين أن يكون وصيا من قبل الاب أو من قبل الجد، لكن بشرط عدم وجود الآخر (2)، وإلا فالامر إليه. (مسألة 13): للحاكم الشرعي تزويج من لا ولي له (3) ] ونحوه صحيح الحذاء الدال على أنه إذا زوج الصغير غير الاب توقف التوارث بعد موت أحدهما على بلوغ الاخر وإجازته. اللهم إلا أن يكون ذكر الاب من باب المثال للولي، بقرينه عموم الحكم للجد إجماعا، لا لنفي الولاية عن غير الاب. (1) قد عرفت أن الادلة المتقدمة على ولاية الوصي مختلفة المفاد، فالاية الاولى عامة لغير الوصي من جميع المكلفين، والروايات مختصة بالوصي، لكنها عامة للوصي في غير الانكاح، والمختص بالوصي في الانكاح خصوص الاية الثانية. فكأن الجماعة اعتمدوا عليها لا غير. وعن جماعة: القول بالولاية للوصي مطلقا. وكأنهم اعتمدوا على النصوص الذي قد عرفت إشكالها والاقوى النفي مطلقا كما هو المشهور، كما عرفت. (2) بلا خلاف ولا إشكال، كما يأتي في كتاب الوصية إن شاء الله تعالى. (3) المشهور أنه ليس للحاكم ولاية النكاح على الصبي. وفي رسالة شيخنا الاعظم (ره) أنه لا يبعد كونه إجماعيا. وعلل بالاصل، وعدم الحاجة إليه. والاول لا يعارض عموم الولاية، المستفاد من قوله (ع) في رواية أبي خديجة: " فاني قد جعلته قاضيا " (* 1). بناء على أن التزويج مع الحاجة من مناصب القضاة ووظائفهم. وما عن النبي صلى الله عليه وآله: " السلطان ولي من لا ولي له " (* 2) وفي الجواهر: أن هذه القاعدة استغنت عن الجابر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب صفات القاضى حديث: 6. (* 2) كنز العمال الجزء: 8، صفحة: 4003 السنن الكبرى للبيهقي الجزء: 7 صفحة: 125.

 

===============

 

( 477 )

 

في خصوص الموارد نحو غيرها من القواعد. والثاني ممنوع بنحو الكلية، فقد تكون الحاجة إليه، ولا تختص الحاجة إليه بالوطء. وكأنه لذلك أفتى المصنف (ره) واشترط الحاجة أو المصلحة الملزمة في ثبوت الولاية. وفي المسالك بعد أن ذكر دليل المنع المتقدم قال: " ولا يخلو من نظر إن لم يكن إجماعيا "، وفي كشف اللثام قال: " ولا ولاية له (يعني: للحاكم) على الصغيرين للاصل، وعدم الحاجة فيهما. وفيه نظر ظاهر. فان استند الفرق إلى الاجماع صح، وإلا أشكل ". ولاجل أنه لم يتضح الاجماع على العدم يتعين البناء على الثبوت مع الضرورة والحاجة الشديده، من باب ولاية الحسبة، التي مرجعها إلى العلم بأن الشارع المقدس يريد التصرف في الجملة، والقدر المتيقن منه أن يكون من الحاكم أو باذنه مع الامكان، وإلا فمن غيره. والظاهر أنها من مناصب القضاة. كما أنها المقصودة من ولاية السلطان، يعني: أن السلطان ولي في المورد الذي لابد فيه من نصب الولي وتصرفه. ولعل تعليل الاصحاب المنع في الصبي بعدم الحاجة يقتضي البناء منهم على الولاية مع الحاجة وليس الفرق بين الصبي والمجنون إلا عدم الحاجة في الأول غالبا والحاجة في الثاني غالبا، لا أمر آخر تعبدي. نعم قد يشكل الحكم بملاحظة مثل صحيح محمد بن مسلم المتقدم عن أبي جعفر (ع): " في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟.. " (* 1) ونحوه صيحح الحذاء (* 2). وقد تقدم الاشكال في ذلك. وإلا فمن أبعد البيعد عدم صحة العقد للصبي مع الضرورة، ويكون مستثنى من ولاية الحسبة. بل لا تبعد نسبة الجواز إلى الاصحاب مع الحاجة الشديدة.

 

 

____________

(* 1) راجع اول الفصل. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب ميراث الازواج حديث: 1.

 

===============

 

( 478 )

 

[ من الاب والجد والوصي، بشرط الحاجة إليه، أو قضاء المصلحة اللازمة المراعاة. (مسألة 14): يستحب للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدها (1). وإن لم يكونا فتوكل أخاها (2). وإن ] وأما المجنون: فالظاهر أنه لا خلاف بينهم في ولاية الحاكم على تزويجه وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيه، بل الظاهر كونه مجمعا عليه " وفي الحدائق - بعد أن ذكر ذلك - قال: " من غير إشكال عندهم ولا خلاف ". وقد نص على ذلك في الشرائع، والقواعد، وغيرهما، على نحو يظهر أنه من المسلمات. ودليله ما تقدم في الصبي. ويتعين الاقتصار على الضرورة والحاجة الشديدة، التي هي مورد ولاية الحسبة، على ما عرفت. وأما مع الحاجة في الجملة فلا دليل على ثبوت ولاية الحاكم في تزويجه. وقد عرفت أن القدر المتيقن من النبوي صورة لزوم التصرف والحاجة إلى الولي، لا مطلقا. وأما رواية أبي خديجة: فالاستدلال بها لا يخلو من تأمل، لعدم ثبوت كون التزويج من مناصب القضاء ووظائف القضاة. والمتحصل مما ذكرناه: أن الصبي والمجنون إن كانت حاجة ملزمة إلى تزويجهما فالحاكم الشرعي وليهما في ذلك و. إلا فلا ولاية له على أحدهما. ولا يكفي مجرد الحاجة في الجملة في ثبوت الولاية في المقامين. (1) كما في الشرائع. والقواعد، وغيرهما. لما تقدم من نصوص ولايتهما، فانه بعد البناء على استقلالها بالولاية على نفسها يتعين حمل الاخبار المذكورة على الاستحباب. (2) كما في الشرائع، والقواعد وغيرهما. لما تقدم من النصوص الدالة على أن الاخ ممن بيده عقدة النكاح، المحمولة على التوكيل. وكان المناسب حينئذ ذكر الوصي وغيره ممن ذكر في الاخبار مع الاخ، للاشتراك في الدليل.

 

===============

 

( 479 )

 

[ تعدد اختارت الاكبر (1). (مسألة 15): ورد في الاخبار أن إذن البكر سكوتها عند العرض عليها (2)، ] (1) كما في القواعد. لان الاخ الاكبر بمنزلة الاب، كما في مرسل الحسن بن علي عن الرضا (ع) (* 1). ويقتضيه خبر الوليد بن بياع الاسقاط، قال: " سئل أبو عبد الله (ع) - وأنا عنده - عن جارية كان لها أخوان، زوجها الاكبر بالكوفة، وزوجها الاصغر بأرض اخرى. قال (ع): الاول بها أولى، إلا أن يكون الاخر قد دخل بها فهي امرأته ونكاحه جائز " (* 2) بناء على ان المراد أن الاكبر اولى بامضاء عقده، واستثناء دخول الثاني من جهة أن تمكين الثاني من الدخول إمضاء لعقد الاصغر، فلا مجال لامضاء الاول. (2) في صحيح البزنطي قال: " قال أبو الحسن (ع) في المرأة البكر: إذنها صماتها، والثيب أمرها إليها " (* 3). وفي صحيح دواد بن سرحان عن أبي عبد الله (ع): " في رجل يريد أن يزوج أخته. قال (ع) يؤامرها، فان سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوجها " (* 4) ونحوه مصحح الحلبي (* 5). وفي خبر الضحاك بن مزاحم قال: " سمعت علي بن أبي طالب (ع) يقول، وذكر حديث تزويج فاطمة (ع) وأنه طلبها من رسول الله صلى الله عليه وآله.. إلى أن قال. فقام (يعني: رسول الله " ص ")

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب عقد النكاح حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب عقد النكاح حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب عقد النكاح حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 5 من ابواب عقد النكاح حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب عقد النكاح حديث: 4.

 

===============

 

( 480 )

 

[ وأفتى به العلماء (1). لكنها محمولة على ما إذا ظهر رضاها (2) وكان سكوتها لحيائها عن النطق بذلك. (مسألة 16): يشترط في ولاية الاولياء المذكورين البلوغ، والعقل، والحرية، والاسلام إذا كان المولى عليه ] وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها " (* 1). (1) بل هو المشهور بين الاصحاب، بل الظاهر أنه لا خلاف فيه إلا من ابن إدريس، طرحا منه للاخبار، بناء على أصله في أخبار الاحاد. نعم عن المبسوط: أنه احتاط في استنطاقها. (2) قال في الجواهر: " لا إشكال في الاكتفاء بالسكوت الدال قطعا على الرضا. وكذا السكوت المقرون بقرائن ولو ظنية. بل والسكوت من حيث كونه سكوت بكر وإن لم تكن ثمة قرائن خارجية. كما أنه لا إشكال في عدم الاكتفاء به مع اقترانه بقرائن تدل على عدم الرضا. بل لعل المتجه ذلك أيضا في المقترن بقرائن ظنية تدل على ذلك أيضا. بل لا يبعد ذلك فيما إذا تعارضت فيه الامارات على وجه لم يحصل الظن بدلالته على الرضا ولو من حيث كونه سكوت بكر. واحتمال القول بحجية ما عدا المقترن بما يدل على عدم الرضا قطعا، تمسكا باطلاق النص. ضعيف ". فالصور - على ما ذكر - ست، الثلاث الاول منها يكون السكوت حجة فيها، دون الثلاث الاخيرة. وظاهر المصنف (ره) اختصاص الحجية بالصورتين الاولتين. ومقتضى إطلاق النصوص اللفظي عموم الحجية لجميع الصور عدا الصورة الرابعة واستضعفه في الجواهر، لانه خلاف منصرف النصوص. وهو في محله. لكن لما كان السكوت من الامارات العرفية يتعين حمل الحجية على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 481 )

 

[ مسلما. فلا ولاية للصغير والصغيرة على مملوكهما (1)، من عبد أو أمة، بل الولاية حينئذ لوليهما (2). وكذا مع فساد عقلهما، بجنون، أو إغماء، أو نحوه (3). وكذا لا ولاية للاب والجد مع جنونهما ونحوه (4). ] أن تكون إمضاء لما عند العرف، وهي تختص بالصورتين الاولتين، ولا تشمل الثانية. وبالجملة: بعد أن كان احتمال كون السكوت بمنزلة الرضا موضوعا للصحة واقعا، خلاف الظاهر جدا، وتعين كونه موضوعا للحكم الظاهري - أعني: الحجية - يدور الامر بين أن تكون الحجية إمضاء لما عند العرف، وأن تكون تأسيسا في مقابل ما عند العرف،، والاول أظهر، فانه المنصرف من الخطاب، فتختص الحجية بالصوريتن الاولتين فقط، كما هو ظاهر المتن، فهو المتعين. فان لم يتم ذلك تعين البناء على ما حكاه في الجواهر واستضعفه، من كون الحجية عامة لجميع الصور عدا صورة العلم بالخلاف، أخذا بالاطلاق اللفظي. فما في الجواهر أضعف الوجوه. (1) إجماعا، كسائر أموالهما. (2) كسائر أموالهما. (3) الظاهر أن هذه العبارة زائدة، وقعت سهوا، فان الجنون مانع من الولاية في مقابل الصغر، يعني: يكون مانعا في الكبير، لا في الصغير. (4) بلا خلاف ولا إشكال. وعلل بالقصور عن الولاية، لان اختلال العقل يوجب قصور النظر والرأي، وقوام الولاية بذلك. لكن يشكل الامر في الاغماء، فانه يشبه النوم في أنه يقتضي القصور في العمل، لا في الرأي. فإذا العمدة فيه الاجماع.

 

===============

 

( 482 )

 

[ وإن جن أحدهما دون الآخر فالولاية للآخر (1). وكذا لا ولاية للمملوك (2) ولو مبعضا (3) على ولده، حرا كان أو عبدا. بل الولاية في الاول للحاكم (4)، وفي الثاني لمولاه (5) وكذا لا ولاية للاب الكافر على ولده المسلم (6). ] (1) لان الجنون إنما يمنع الولاية عن المجنون، لا عن غيره، فعموم دليل الولاية بالنسبة إليه محكم. (2) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر. ويقتضيه ما دل على نفيها عن نفسه، مثل قوله تعالى: (لا يقدر على شئ) (* 1). لكن يظهر من عبارة المختلف ثبوت ولايته، قال: " وأما العبد: فالاقوى صحة ولايته، لانه بالغ رشيد، فأشبه الحر. وكونه مولى عليه لا ينافي ولايته ". وضعفه مما ذكرنا ظاهر. (3) بلا خلاف ولا إشكال، كما في الجواهر، وظاهر غيره. وهو العمدة، وإلا فدليل نفي قدرة العبد على شئ، لا يشمل المبعض. (4) لما سبق من أنه ولي من لا ولي له. (5) لما سبق من قاعدة السلطنة. (6) إجماعا، كما في المسالك، وكشف اللثام، والجواهر. وفي الحدائق: " الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب فيه ". ثم ادعى الاجماع على ذلك بالنسبة إلى الولد المسلم. وقد استدل له بقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) (* 2). وقوله صلى الله عليه وآله " الاسلام يعلو ولا يعلى عليه " (* 3). وقوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (* 4)

 

 

____________

(* 1) النحل: 75. (* 2) النساء: 141. (* 3) غوالى اللئالى: الفصل التاسع من المقدمة، صحيح البخاري الجزء: 2 كتاب الجنائز باب: إذا اسلم الصبى فمات هل يصلى عليه، كتاب الشهاب في الحكم والاداب للقضاعى الصفحة: 5. (* 4) التوبة: 71.

 

===============

 

( 483 )

 

[ فتكون للجد إذا كان مسلما (1)، وللحاكم إذا كان كافرا أيضا (2). والاقوى ثبوت ولايته على ولده الكافر (3). ] ولا يخلو الاستدلال من المناقشة، فان الولاية في الآية الثانية يراد بها غير ما نحن فيه، بقرينة العموم للكبير والصغير وظهورها في ثبوت الولاية من الطرفين، ومثله قوله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) (* 1). وكذا العلو في النبوي يراد منه الظهور، فهو نظير قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله) (* 2). وأما الاية الاولى فبقرينة سياق ما قبلها، وهو قوله تعالى: (فالله يحكم بينهم يوم القيامة)، ووجود حرف الاستقبال فيها، يكون الظاهر منها الجعل التكويني فيما يتعلق بأمور الاخرة، لا الجعل التشريعي لتكون مما نحن فيه. مضافا إلى إمكان انصراف السبيل عليه عما كان لمصلحته وخدمته، فلاحظ. (1) كما نص على ذلك في الشرائع، والقواعد. ويظهر من شراحهما: أنه من المسلمات لعموم دليل الولاية، المقتصر في الخروج عنه على المتيقن. (2) لما سبق. (3) كما صرح به في القواعد، وغيرها. لعموم الادلة. لكن مقتضى اطلاق ما في الشرائع من قوله: " إذا كان الولي كافرا فلا ولاية له " انتفاء ولاية الكافر حتى على الولد الكافر. ونحوه حكي عن التحرير. ورده في الجواهر بقوله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض). وقد عرفت الاشكال في الآية المذكورة، وأنها ليست فيما نحن فيه. فالعمدة في الاشكال عليه مخالفته لاطلاق دليل الولاية من غير وجه ظاهر. وما أبعد ما بينه وبين ما عن المبسوط من أن ولي الكافر لا يكون إلا كافرا، فلو كان له

 

 

____________

(* 1) الانفال: 73. (* 2) التوبة: 33.

 

===============

 

( 484 )

 

[ ولا يصح تزويج الولي في حال إحرامه (1)، أو إحرام المولى عليه، سواء كان بمباشرته، أو بالتوكيل (2). نعم لا بأس ] وليان مسلم وكافر فالولاية للكافر. وهو غريب. وأغرب منه التمسك له بقول تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض). إذ هو في غير ما نحن فيه قطعا، كما تقدم. (1) بلا خلاف ولا إشكال فيه وفيما بعده. فان المحرم لا يصح العقد منه له ولا لغيره. وفى الجواهر: " الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منهما مستفيض إن لم يكن متواترا ". وفى صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " قال ليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج. وإن تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل " (* 1). ونحوه غيره. (2) كما نص على ذلك في الجواهر في الفرع الثاني من مبحث تحريم النساء على المحرم. ويظهر منه أنه مفروغ عنه عندهم. لاطلاق النص الشامل للثاني شموله للاول، لان الوكيل نائب عن الموكل، ففعله فعله. فإذا وكل الولي وهو محرم محلا على تزويج المولى عليه المحل، ففعل الوكيل ذلك حال احرام الولي، صدق انه زوج المولى عليه وهو محرم. وكذا لو وكل الولي حال إحلاله محلا على تزويج المولى عليه المحل، ففعل الوكيل ذلك حال إحرام الولي، فانه يصدق أنه زوجه وهو محرم. لان فعل الوكيل إذا كان فعلا للموكل صدق أن الموكل المحرم زوج المولى عليه، وإن كان التوكيل سابقا على الاحرام. اللهم إلا أن يقال: إن الظاهر من قولهم (ع): " إن المحرم لا يزوج " (* 2): المنع من أن يصدر منه حال الاحرام ما يوجب التزويج، والتزويج في الفرض ليس صادرا من الولي حال الاحرام. ومجرد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب تروك الاحرام حديث: 1. (* 2) يوجد هذا المضمون في احاديث باب: 14 من ابواب تروك الاحرام من الوسائل.

 

===============

 

( 485 )

 

[ بالتوكيل حال الاحرام ليوقع العقد بعد الاحلال (1). (مسألة 17): يجب على الوكيل في التزويج أن لا يتعدى عما عينه الموكل من حيث الشخص، والمهر، وسائر الخصوصيات. وإلا كان فضوليا (2) موقوفا على الاجازة. ومع الاطلاق وعدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكل (3) من سائر الجهات. ومع التعدي يصير فضوليا (4). ولو وكلت المرأة رجلا في تزويجها لا يجوز له أن يزوجها من نفسه (5). للانصراف عنه. نعم لو كان التوكيل على وجه ] صحة النسبة إليه أعم من ذلك. ولا يجئ ذلك فيما لو وكل في تزويج نفسه، ثم أحرم فزوجه الوكيل حال الاحرام، للفرق بين المصدر وحاصل المصدر. فلاحظ. فالمنع في الولي يختص بما إذا كان التوكيل حال الاحرام والعقد كذلك. إلا أن يقوم إجماع على خلافه. (1) لاطلاق الادلة من غير معارض. (2) بلا خلاف ولا إشكال. لعدم شمول الاذن للعقد الواقع، فلا يصح بدون الاجازة، لقاعدة السلطنة. (3) كما في سائر موارد الوكالة، من غير خلاف بينهم في ذلك، كما يظهر من مراجعة كلماتهم في مبحث الوكالة. ويقتضيه منصرف التوكيل، الذي هو استنابة في التصرف لمصلحة الموكل. (4) لعدم الاذن في التصرف، فلا يصح بدون الاجازة، كما تقدم. (5) كما نص على ذلك في الشرائع، والقواعد، وغيرهما. وفي المسالك: أنه لا خلاف في أنه لا يجوز له تزويجها من نفسه مع تعيين الزوج، ومع الاطلاق. وحكى عن التذكرة احتمال جواز أن يزوجها من نفسه مع الاطلاق،

 

===============

 

( 486 )

 

[ يشمل نفسه أيضا بالعموم، أو الاطلاق (1) جاز. ومع التصريح فأولى بالجواز. ولكن ربما يقال: بعدم الجواز مع الاطلاق، والجواز مع العموم. بل قد يقال: بعدمه حتى مع التصريح بتزويجها من نفسه (2)، لرواية عمار (3)، المحمولة ] معللا باطلاق الاذن. وعلل المصنف المنع - تبعا للمشهور - بالانصراف. (1) يعني: كان الاطلاق مقرونا بما يمنع الانصراف عن نفسه. وإلا فالانصراف مانع عن العمل بالاطلاق. لكن الانصاف: أن الانصراف إلى غيره بدوي، ناش من تغاير الفاعل والمفعول غالبا، فلا يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. نعم إذا كان موضوع الوكالة من الافعال الخارجية القائمة بين الاثنين - كما إذا أعطاه مالا فقال له: أعطه الفقير، أو اكس الفقير، أو اشبع الفقير، أو نحو ذلك من الافعال - اقتضى التغاير والانصراف إلى غيره. أما إذا كان من الامور الاعتبارية - مثل: بعه، وملكه، وزوجه، وأمثال ذلك - فالانصراف بدوي، لا يمنع من الاخذ بالاطلاق. (2) قال في الشرائع: " ولو وكلته في تزويجها منه قيل: لا يصح لرواية عمار. ولانه يلزم أن يكون موجبا قابلا. والجواز أشبه ". ويظهر من كشف اللثام: أنه المشهور، فانه نسب الجواز إلى أبي علي والمحقق لا غير. (3) رواها الشيخ عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن امرأة تكون في أهل بيت، فتكره أن يعلم بها أهل بيتها، أيحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها، تقول له: قد وكلتك فأشهد على تزويجي؟ قال (ع): لا. قلت: جعلت فداك وإن كانت أيما؟ قال: وإن كانت أيما. قلت: فان وكلت غيره بتزويجها منه؟

 

===============

 

( 487 )

 

[ على الكراهة، أو غيرها من المحامل (1). (مسألة 18): الاقوى صحة النكاح الواقع فضولا مع الاجازة (2)، سواء كان فضوليا من أحد الطرفين، ] قال (ع): نعم " (* 1). (1) قال في المسالك: " والرواية ضعيفة السند، قاصرة الدلالة، لجواز كون المنفي هو قولها: " وكلتك فأشهد "، فان مجرد الاشهاد غير كاف. فالجواز أقوى ". والمراد من قصور السند عدم الصحة. لكنها من الموثق، وهو حجة كالصحيح. واحتمال كون المنفي قولها: " وكلتك فأشهد " بعيد، بل الواضح كونه راجعا إلى الحل، كما يظهر أيضا من قرينة السياق مع ما بعده، مع أن كون مجرد الاشهاد غير كاف، غير ظاهر، لان الاشهاد لابد أن يكون مع وجود المشهود به، ومعه لابد أن يكون عدم الكفاية لعدم الصحة. وبالجملة: لا قصور في سند الرواية، ولا في دلالتها. نعم هي مخالفة للقواعد. لكنها غير قادحة ضرورة. (2) على الاظهر، كما في الشرائع. وفي الجواهر: " الاشهر، بل المشهور شهرة عظمية بين القدماء والمتأخرين، بل في الناصريات الاجماع عليه، وفي محكي السرائر: نفي الخلاف عنه في غير تزويج العبد نفسه والامة نفسها بغير إذن المولى، بل فيه الاجماع على ذلك، بل فيه - مضافا إلى ذلك - دعوى تواتر الاخبار به، بل من أنكر الفضولي في غير النكاح أثبته هنا، للاجماع، والنصوص ". ويشهد له العمومات الدالة على صحة العقود ونفوذها، مثل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (* 2)، فان العقد المجاز داخل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب عقد النكاح حديث: 4. (* 2) المائدة: 1.

 

===============

 

( 488 )

 

في عموم العقود، فيجب الوفاء به. وتقريب ذلك: أن العقود في الاية الشريفة يحتمل بدوا أمورا ثلاثة: (الاول): مطلق العقود، ويكون عقد غير من له السلطنة على العقد بدون الاذن من السلطان والاجازة خارجا بالاجماع. وهذا الاحتمال يظهر من كلام شيخنا الاعظم (ره) في مكاسبه. وفيه: أن الوفاء المذكور في الاية الشريفة يتوقف على تحقق الالتزام بالعقد، فإذا لم يكن إذن من المالك لا سابقا ولا لاحقا، لا يكون موردا للوفاء ولا موضوعا له. (الثاني): العقد الصادر من السلطان، ويكون دخول عقد الوكيل والمأذون بالاجماع، ويكون العقد المجاز خارجا عنه. وهذا الاحتمال قد يظهر من الشهيد في غاية المراد. ولكنه خلاف الاطلاق. (الثالث): العقد المنسوب إلى السلطان وإن لم يكن بلحاظ الصدور، فيدخل فيه عقد الوكيل، والمأذون ويتبعه العقد المجاز، لاتحاد جهة النسبة. وهذا هو الاظهر. وحينئذ يراد بالعقود: العقود المنسوبة إلى من له السلطنة عليها، سواء كان وجه النسبة الصدور، أم الالتزام به بالاذن أو التوكيل أو الاجازة، لان الجميع على نحو واحد. وحينئذ يكون وجوب الوفاء دالا على الصحة والنفوذ، فانه إرشادي إلى ذلك، لا تكليفي، وإلا لزم تعدد المخالفة والمعصية عند ترك الوفاء، وهو خلاف المقطوع به. هذا ويدل على القول المذكور أيضا جملة من النصوص، بعضها وارد في الحر، كخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " انه سأله عن رجل زوجته أمه وهو غائب قال (ع): النكاح جائز، إن شاء المتزوج قبل، وإن شاء ترك " (* 1)، وبعضها وارد في الرق، كمصحح زرارة عن أبى جعفر (ع) قال: " سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب عقد النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 489 )

 

فقال (ع): ذاك إلى سيده إن شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما. قلت: أصلحك الله إن الحكم بن عيينة وابراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن اصل النكاح فاسد، ولا تحل إجازة السيد له. فقال أبو جعفر (ع): إنه لم يعص الله تعالى، إنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جائز " (* 1). وصحيح معاوية بن وهب قال: " جاء رجل إلى أبي عبد الله (ع) فقال: إني كنت مملوكا لقوم، وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن موالي، ثم اعتقوني بعد ذلك، فأجدد نكاحي إياها حين اعتقت؟ فقال له: أكانوا علموا أنك تزوجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال: نعم، وسكتوا عني ولم يغيروا علي. فقال (ع): سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم. أثبت على نكاحك الاول " (* 2). ونحوهما غيرهما. وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط: البطلان. وعن فخر الاسلام: موافقته. واستدل له بجملة من النصوص المتضمنة لفساد النكاح بغير إذن الولي أو المولى، كرواية ابي العباس البقباق: " قلت لابي عبد الله (ع): يتزوج الرجل بالامة بغير علم أهلها. قال: هو زنا، إن الله تعالى يقول: (فانكحوهن باذن أهلهن) (* 3) " (* 4). ونحوه غيره. وبأن العقود الشرعية تحتاج إلى الادلة، وهي منتفية في محل النزاع. وعند فخر الاسلام: الاستدلال له بأن العقد سبب الاباحة، فلا يصح صدوره من غير معقود عليه أو وليه. وبأن رضا المعقود عليه أو وليه شرط والشرط متقدم. وفيه: أن الظاهر من النصوص السؤال عن صحة العقد بدون الاذن ولا الاجازة، فلا تشمل صورة وقوع الاجازة. ولو سلم عمومها لذلك يتعين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 3) النساء: 25. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.

 

===============

 

( 490 )

 

[ أو كليهما، كان المعقود له صغيرا أو كبيرا، حرا أو عبدا. والمراد بالفضولي: العقد الصادر من غير الولي والوكيل (1)، سواء كان قريبا - كالاخ، والعم، والخال، وغيرهم - أو أجنبيا. وكذا الصادر من العبد أو الامة لنفسه بغير إذن الولي. ومنه العقد الصادر (2) من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من الله، أو من الموكل. كما إذا أوقع الولي العقد ] حملها على ذلك، جمعا بينها وبين غيرها مما عرفت. وأما ما ذكر أخيرا: فالاشكال عليه أظهر، فان دعوى نفي الادلة على الصحة مصادرة. مضافا إلى ما عرفت من الادلة. ومثله ما ذكره أولا فخر الاسلام. وأما ما ذكره أخيرا، ففيه أن كون الشرط متقدما لا يقتضي البطلان، فان المشروط هو الحكم بالصحة، وهو متأخر. ومثله القبض في الصرف. والسلم، والهبة. (1) الفضولي: هو العاقد الذي لا سلطان له على العقد حين العقد، كما حكي عن الشهيد، فيقال: " عقد الفضولي "، وتكون الاضافة بمعنى اللام. وقد يطلق على نفس العقد، فيقال: " العقد الفضولي " أو " عقد الفضول " من باب إضافة الموصوف إلى الصفة. ولعله تسامح، كما في كلام شيخنا الاعظم (ره). (2) المشهور عدم الفرق في صحة الفضولي بين الافراد المذكورة. وعن ابن حمزة: اختصاصه بتسعة. مواضع: عقد البكر الرشيدة على نفسها مع حضور وليها، وعقد الابوين على الابن الصغير، وعقد الجد مع عدم الاب، وعقد الاخ والام والعم على صبيته، وتزوج الرجل عبد غيره بغير إذن سيده، وتزويجه على نفسه بغير إذن سيده، لان هذه التسعة مورد الادلة والتعدي من موردها إلى غيره لا دليل عليه، والاصل عدم ترتب الاثر. وفيه: أنه لا فرق بين التسعة وغيرها في شمول العمومات المقتضية

 

===============

 

( 491 )

 

[ على خلاف المصلحة، أو تعدى الوكيل عما عينه الموكل. ولا يعتبر في الاجازة الفورية (1)، سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد، أو مع العلم به وإرادة التروي، أو عدمها أيضا. نعم لا تصح الاجازة بعد الرد (2). ] للصحة. مع إمكان التعدي عرفا عن مورد النصوص إلى غيره، لفهم عدم الخصوصية عرفا (1) كما هو المعروف. ويقتضيه إطلاق الادلة المتقدمة عمومها وخصوصها، وخصوص صحيحة محمد بن قيس الواردة في البيع، فيتعدى منه إلى المقام بعدم الفصل. فقد روى عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): " قال: قضى أمير المؤمنين (ع) في وليدة باعها ابن سيدها وابوه غائب، فاستولدها الذي اشتراها فولدت منه، فجاء سيدها فخاصم سيدها الاخر، فقال: وليدتي باعها ابني بغير إذني. فقال (ع): الحكم أن يأخذ وليدته وابنها. فناشده الذي اشتراها، فقال له: خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ البيع لك، فلما رآه أبوه قال له: ارسل ابني، قال: لا والله لا ارسل ابنك حتى ترسل ابني، فلما رأى ذلك سيد الوليده أجاز بيع ابنه " (* 1). وإذا لزم الضرر على الطرف الاخر من تأخير الاجازة أمكن رفعه بقاعدة نفي الضرر، بتشريع الفسخ، بناء على صلاحية القاعدة لذلك، على ما ذكروه في مبحث خيار الغبن. ولا ينافي ذلك ما دل على نفي الخيار في النكاح، فان قاعدة الضرر لو جرت تكون حاكمة عليه. (2) على المعروف بينهم، بل في كلام شيخنا الاعظم دعوى ظهور الاجماع عليه، بل عن بعض مشايخه دعواه صريحا. واستدل له بأن الاجازة بمنزلة القبول فكما يقدح رد القابل قبل القبول في صدق العقد كذلك الرد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 88 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، منقولة بالمعنى.

 

===============

 

( 492 )

 

[ كما لا يجوز الرد بعد الاجازة (1)، فمعها يلزم العقد (2). ] قبل الاجازة. وبأن مقتضى سلطنة المالك على ماله قطع علقة الطرف الاخر عن ماله. وفي كل من الوجهين تأمل ونظر. أما في الاول: فلعدم الدليل على ثبوت الحكم في المقاس عليه، فضلا عن المقاس. مع وضوح الفرق بين المقامين بتمامية العقد في الثاني، غاية الامر أنه محتاج إلى إضافته إلى المالك، وهي حاصلة بالاجازة وإن كانت بعد الرد، بخلاف الاول لامكان دعوى الرد المتخلل بين الايجاب والقبول مانعا من الالتئام بينهما على نحو يكونان عقدا. وأما في الثاني: فلان عقد الفضولي ليس تصرفا في موضوعه حتى لا يكون تحت سلطان غير من له السلطان، فلا يوجب علقة لغير من له السلطان. ولو أوجب ذلك فرضا على خلاف قاعدة السلطنة، فلا تصلح قاعدة السلطنة لقطعها، للشك في مشروعية ذلك، وقاعدة السلطنة لا تصلح للتشريع. وبالجملة: مقتضى قاعدة السلطنة عدم نفوذ العقد، لا عدم صحته التأهلية، بحيث لو انضمت إليه الاجازة ممن له السلطنة لترتب عليه الاثر. ولو سلم كان مقتضى القاعدة عدم الصحة التأهلية، الراجع إلى بطلان عقد الفضولي، لا رفع الصحة التأهلية بعد ثبوتها. ولذا كان من الواضح أن مقتضاها عدم صحة تصرف غير السلطان، لا إبطال التصرف بعد صحته من غير السلطان. فإذا العمدة الاجماع المتقدم. ويعضده الاجماع على صحة إنشاء الرد بقول: " فسخت "، فان ذلك إجماع منهم على انحلال العقد به، كانحلال العقد الجائز به، إذ لولا ذلك لا معنى لانشاء الفسخ به. (1) إجماعا، لصحة العقد بالاجارة، ولا دليل على بطلانه بالرد. (2) لاصالة اللزوم.

 

===============

 

( 493 )

 

[ (مسألة 19): لا يشترط في الاجازة لفظ خاص. بل تقع بكل ما دل على إنشاء الرضاء بذلك العقد (1)، بل تقع بالفعل الدال عليه (2). (مسألة 20): يشترط في المجيز علمه بأن له أن لا يلتزم بذلك العقد، فلو اعتقد لزوم العقد عليه فرضي به لم يكف في الاجازة (3). نعم لو اعتقد لزوم الاجازة عليه ] (1) كما يقتضيه إطلاق أدلة الصحة. (2) وعن صريح جماعة وظاهر آخرين: اعتبار اللفظ في إجازة عقد الفضولي في البيع لان الاجازة كالبيع في استقرار الملك. ولان الاستقراء في النوافل الاختيارية اللازمة - كالبيع وشبهه - يقتضي اعتبار اللفظ. وهذان الوجهان يمكن اجراؤهما في المقام، فيقال: الاجازة كعقد النكاح الذي لا يصح بالفعل ولان الاستقراء في العقود اللازمة - كالبيع والتزويج ونحوهما - يقتضي اعتبار اللفظ. لكن الاول مصادرة. والاستقراء ليس بحجة، ولا سيما في مقابل العمومات الدالة على الصحة حتى بالاجازة الفعلية. وخصوص صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة في أدلة صحة الفضولي (* 1). فالعمل بها متعين. ولذا حكي عن تصريح العلامة بأن تمكين الزوجة من الدخول بها إذا زوجت فضولا إجازة للعقد. (3) كما في المستند، لعدم الصدق، لاستصحاب الخيار. انتهى. والظاهر منه إرادة عدم صدق الاجازة. لان مجرد الرضا بالعقد على الحال المذكورة لا يكون إجازة. وفيه: أنه يمكن فرض الاجازة منه وإن علم بعدم الحاجة إليها لترتب الاثر، كما لو قال: " اجزت ما وقع ورضيت به ". فالعمدة حينئذ أن مثل هذه الاجازة ليس مما تقتضيه قاعدة السلطنة،

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 18 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 494 )

 

[ بعد العلم بعدم لزوم العقد، فأجاز، فان كان على وجه التقييد لم يكف (1). وإن كان على وجه الداعي يكون كافيا. (مسألة 21): الاجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه (2)، فيجب ترتيب الآثار من حينه ]. لانها تقتضي السلطنة الوجود بعد العدم، والمفروض أن المجيز يرى تحقق الوجود بعد العدم، فليس في مقام إعمال قدرته وسلطنته على ذلك. نظير الرضا بما قسم الله تعالى له، فانه غير إيجاد ما قسم له. وربما يكون في صحيحة ابن بزيع المتقدمة في عقد السكرى (* 1) ما ينافي ذلك. لكن العمل بالرواية محل تأمل، كما تقدم. فراجع. (1) لعدم تحقق القصد إلى المقيد بعد فرض انتفاء القيد. (2) قد اختلف القائلون بصحة عقد الفضولي في البيع في أن الاجازة ناقلة - بمعنى: أنها تقتضي ترتب الاثر من حينها - أو كاشفة عن ترتب الاثر من حين العقد، إما لكون العقد تمام السبب المؤثر - كما يقتضيه ما عن جامع المقاصد وغيره من الاستدلال على الكشف بأن العقد سبب تام في الملك، لعموم قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (* 2) - أو لكون شرط تأثير العقد هو الرضا التقديري الحاصل حال العقد - كما هو ظاهر بعض المحققين في إجارته - أو لكون الشرط هو الوصف الانتزاعي، وهو تعقب الاجازة للعقد - كما نسبه شيخنا الاعظم إلى جماعة من معاصريه - أو لان الشرط هو نفس الاجازة المتأخرة، ولا مانع من تأخر الشرط في العلل الشرعية - كما اختاره في الجواهر - لان الشرط في العلل الشرعية يراد منه ما يكون قيدا لموضوع الحكم، لا ماله دخل في سبب الحكم وعلته،

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة: 387. (* 2) المائدة: 1.

 

===============

 

( 495 )

 

فان الحكم لما كان فعلا اختياريا للحكام، كانت علته الارادة لاغير والشرط الشرعي لا دخل له في تأثير العلة، وإنما دخله باعتبار أن وجوده العلمي وتصوره دخيل في ترجح الوجود على العدم، الموجب لتعلق الارادة به، وليس لوجوده الخارجي دخل في الحكم اصلا، فشرطية الاجازة في المقام بهذا المعني، لا بمعنى أن لها الدخل في الوجود، وفي ترتب المعلول على العلة، كما هو معنى الشرط في العلل العقلية أو لكون الاجازة موجبة لحكم الشارع من حين الاجازة بحصول المضمون حقيقة من حين العقد، على وجه الانقلاب، المعبر عنه بالكشف الانقلابي - كما اختاره بعض المحققين، وقد يظهر من عبارة جماعة من الاعيان، حيث ذكروا أن الاجازة موجبة للحكم بصحة العقد من حينه، لانها رضا بمضمون العقد وهو النقل من حينه - أو أنها موجبة لحكم الشارع من حينها بحصول المضمون من حين العقد حكما لا حقيقة، المعبر عنه بالكشف الحكمي وهو الذي حكاه شيخنا الاعظم عن أستاذه شريف العلماء في بعض تحقيقاته. كما أن الكشف على أحد الوجوه الاربعة الاول يعبر عنه بالكشف الحقيقي. وعبارة المصنف (ره) خالية عن تعيين وجوه من هذه الوجوه. والاقرب منها هو الكشف الانقلابي. أما النقل: فيشكل بأن مقتضى العمومات وإن كان هو نفوذ العقد وترتب مضمونه حين الحكم بالصحة، وهو بعد الاجازة، فان زمان العقد لم يؤخذ قيدا للمضمون، حتى يتعين ثبوت المضمون فيه، لكن المرتكزات العرفية تستوجب حمل الاسباب الشرعية على الاسباب العقلية، وكما أن آثار الاسباب العقلية كائنة في زمان أسبابها، كذلك مضمون العقد كائن في زمانه، فكأنه السبب، والاجازة دخلية في سببيته، فالبناء على أنه كائن في زمان الاجازة المتأخرة خلاف الارتكاز المذكور، فيكون خلاف الظاهر. وأما الوجه الاول من وجوه الكشف الحقيقي: فيشكل بأنه خلف،

 

===============

 

( 496 )

 

ومخالف لما دل على اعتبار الاجازة، المعول عليه عندهم، فيكف يكون مقتضى العموم أن يكون العقد سببا تاما؟ إذ لا موجب حينئذ لاعتبار الاجازة. وأما الوجه الثاني: فيشكل بأن الرضا التقديري لادليل على الاجتزاء به، كما سيأتي في المسألة الاتية. بل سيأتي أن الرضا الفعلي من الاصيل لا يكفي في صحة العقد من الفصولي، فضلا عن الرضا التقديري، لانه غير كاف في صحة نسبة العقد إلى الاصيل. مع أن البناء على حصول الرضا التقديري غير ظاهر، لامكان انتفائه، ويكون حصول الاجازة بعد ذلك لتبدل الطوارئ والمناسبات، كما لا يخفي. ولا سيما إذا كان الاصيل قد توقف عن الاجازة برهة من الزمن، ثم أجاز، فان مثل هذه الاجازة لاتدل على الرضا التقديري، الذي يراد منه الرضا على تقدير الالتفات، يعني: الرضا بمجرد الالتفات، إذا المفروض أنه غير حاصل بمجرد الالتفات. واما الوجه الثالث: فيشكل بما عرفت من اختصاص عموم وجوب الوفاء بالعقد المنسوب إلى الاصيل، والاجازة هي المصححة للنسبة، والوصف الاعتباري - وهو التعقب بالاجازة ونحوه - ولا يصحح النسبة، فالبناء على صحة العقد به خلاف ظاهر الادلة. مع أن التعقب غير حاصل إلا بعد الاجازة، لانه قائم بالمتعقب، وهو الاجازة. وأما الوجه الرابع: فيشكل بأن ظاهر أدلة الصحة الترتب بين نفس الاجازة والحكم بالصحة، فان الحكم بوجوب الوفاء بالعقد المنسوب إلى الاصيل ظاهر في كون وجوب الوفاء مترتبا على النسبة، فلا يكون قبلها. وكذا قوله (ع): " فإذا اجازة فهو له جائز " (* 1) ظاهر في كون الجواز مترتبا على الاجازة، لا قبلها. هذا هو ظاهر تمام أدلة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.

 

===============

 

( 497 )

 

الصحة، ولا يتناسب مع جميع وجوه الكشف الحقيقي المذكورة. وأما الكشف الانقلابي: فهو الذي يقتضيه ظاهر الادلة، فانه إذا تحققت لاجازة تحقق الحكم بصحة العقد وترتب مضمونه من حينه، لا من حين الاجازة، لما عرفت في تقريب الاشكال على القول بالنقل، من أن الاجازة شرط في الحكم بثبوت مضمون العقد، ومقتضى الحمل على المرتكزات العرفية يكون زمان المضمون هو زمان العقد، كما في الاسباب العقلية، وإن لم يكن زمان المضمون مقيدا بزمان العقد. ومن ذلك يندفع إشكال شيخنا الاعظم (ره) على هذا النحو من الكشف بمنع كون مضمون العقد هو النقل من حينه، بل مضمونه هو النقل مجردا عن ملاحظة زمان خاص. فان ذلك مسلم. لكن لا ينافي ثبوت المضمون حين العقد، الذي يقتضيه إطلاق العقد بعد حمل دليل السببية بمقتضى الارتكاز على كونها بنحو السببية العقلية. وأما ما أشكله ثانيا على هذا الوجه من أن وجوب الوفاء بالعقد إنما يصح تطبيقه بعد الاجازة، لاختصاص موضوعه بعقد المالك الاصيل، والاضافة إلى المالك إنما تكون بالاجازة، فيكون وجوب الوفاء بالعقد حينئذ، فيمتنع ثبوت الملكية حين العقد، لان الملكية انما تنتزع من التكليف، والتكليف انما يكون بالاجازة، فيمتنع اعتبارها قبلها حين العقد. ففيه: ان ذلك إنما يقتضي كون اعتبار الملكية حين الاجازة، لاكون الملكية المعتبرة حين الاجازة، لجواز تأخر الاعتبار عن الاجارة، وتكون الملكية المعتبرة حين العقد سابقة على الاعتبار. مع أن دعوى كون المليكة منتزعة من التكليف بوجوب الوفاء ممنوعة. كيف؟! والملكية موضع لوجوب الوفاء، فان الوفاء الواجب هو العمل بمضمون العقد، الذي هو الملكية في عقد البيع مثلا، والزوجية في عقد النكاح.. وهكذا فالملكية

 

===============

 

( 498 )

 

والزوجية موضوع للوجوب، لا منتزعة منه. وقد أشكل ثالثا على هذا القول بعدم معقولية نفوذ العقد من حينه بعد الاجازة، لان العقد الموجود على صفة عدم التأثير يستحيل لحوق صفة التأثير له، لاستحالة خروج الشئ عما وقع عليه. فإذا دل دليل على ذلك تعين التصرف فيه بحمله على نفوذ العقد من حينه حكما، لاحقيقة. ولاجل هذا الاشكال جعل (قدس سره) الانسب بالقواعد - بعد البناء على بطلان النقل - هو هذا المعنى من الكشف، وسماه الكشف الحكمي. وفيه: أن ذلك يختص بما إذا كان الاثر حقيقيا. أما إذا كان اعتباريا - مثل المليكة، والزوجية ونحوهما فلا مانع من ذلك، لجواز انتفاء سبب الاعتبار في الزمان الاول، ووجوده في الزمان الثاني. مثلا إذا شككنا في طهارة ماء يوم الخميس، حكم بطهارته ظاهرا، وجاز استعماله في الطهارة من الحدث والخبث، فإذا قامت البينة بعد ذلك على نجاسته يوم الاربعاء كان الماء في يوم الخميس محكوما بالنجاسة ظاهرا، فيكون الماء المذكور في يوم الخيمس محكوما بطهارته ظاهرا في وقت، ومحكوما بنجاسته في وقت بعده. فكذا العقد في المقام غير محكوم بسبيته للملكية في وقت قبل الاجازة، ومحكوم بسببيته لها في وقت آخر. بل لو تم الاشكال المذكور كان مانعا من النقل أيضا، لانه حين وقوعه لم يكن سببا للملكية، فلا ينقلب عما هو عليه بعد الاجازة. اللهم الا أن يدعى أنه حين وقوعه سبب للملكية بعد الاجازة وإن لم يكن سببا للمكلية قبلها. والذي يتحصل مما ذكرنا أمور: (الاول): أن أصول الاقوال في المسألة أربعه: الكشف الحقيقي، والنقل، والكشف الحكمي، والكشف الانقلابي. (الثاني): أن الكشف الحقيقي هو المشهور. وقد اختلفت كلماتهم في تقريبه، فالذي يظهر من جامع المقاصد وغيره: أن العقد هو

 

===============

 

( 499 )

 

[ (مسألة 22): الرضا الباطني التقديري لا يكفي في الخروج عن الفضولية (1). فلو لم يكن ملتفتا حال العقد ] السبب التام والاجازة لادخل لها في سببيته، وإنما لها الدخل في الكشف عن ثبوت الاثر حينه. والمختار للمحقق الرشتي في إجارته: أن الشرط هو الرضا التقديري، وهو حاصل والذي يظهر من جماعة، وحكاه شيخنا الاعظم عن غير واحد من معاصرية: ان الشرط هو الوصف الانتزاعي، وهو تعقب الاجازة ولحوقها. والذي اختاره في الجواهر: أن الشرط هو نفس الاجازة، لكنها بنحو الشرط المتأخر. (الثالث): أن الوجوه المذكورة للكشف الحقيقي مخالفة لمقتضى الادلة. (الرابع): أن الذي يقتضيه النظر البدوي في عمومات صحة عقد الفضولي هو النقل. لكن الارتكاز العرفي هو القرينة على حمل الادلة على حصول الاثر حال العقد، لاحال الاجازة وهو المراد من الكشف الانقلابي. ولا يتوقف البناء على ذلك على كون مضمون العقد هو التمليك من حينه، كي يشكل هذا القول بأن ذلك خلاف الواقع (الخامس): ان استحالة خروج الشئ عما هو عليه لا مجال لها في الامور الاعتبارية. ولاجل ذلك لاداعي إلى رفع اليد عن ظهور الادلة في الكشف الانقلابي وحملها على الكشف الحكمي. هذا وإن الذي يظهر من عبارة المتن هنا وفيما يأتي في آخر المسألة الثانية والثلاثين: هو الكشف الحقيقي، الذي قد عرفت أنه أضعف الوجوه، وأبعدها عن ظاهر الادلة. (1) لعموم الدليل على ذلك. والعمومات الدالة على اعتبار رضا المالك وإجازته لا تشمل الرضا التقديري. نعم ذكر الفقهاء في مبحث مكان المصلي وغيره: جواز التصرف باذن الفحوى، المراد منها الرضا التقديري لكنه يختص كلامهم بالتصرف الخارجي، ولا يشمل التصرف

 

===============

 

( 500 )

 

[ إلا أنه كان بحيث لو كان حاضرا حال العقد كان راضيا لا يلزم العقد عليه بدون الاجازة. بل لو كان حاضرا حال العقد وراضيا به، إلا أنه لم يصدر منه قول ولا فعل يدل على رضاه، فالظاهر أنه من الفضولي (1)، فله أن لا يجيز. ] الاعتباري الحاصل بالعقود والايقاعات. (1) كما نسبه شيخنا الاعظم إلى ظاهر الاصحاب. لكنه قوى الاكتفاء بالرضا في صحة العقد، وعدم الحاجة إلى الاجازة، لعموم وجوب الوفاء بالعقود. لكن العموم غير ظاهر، بل الظاهر الاختصاص بالعاقدين الذين من شأنهم العقد ومن وظائفهم، ولا يشمل غير العاقدين، ولا العاقدين الذين ليس من شأنهم العقد. نظير قوله تعالى: (وليوفوا نذووهم) (* 1)، وقوله تعالى: (والموفون بعدهم إذا عاهدوا) (* 2)، فلا بد من كون العقد مضافا إلى المالك الاصيل، والرضا النفساني غير كاف في هذه النسبة، بل لابد إما من المباشرة، أو التوكيل، أو الاذن بالعقد اللاحق، أو الاجازة للعقد السابق. فالفرق بين الاذن والتوكيل وبين الاجازة - مع اشتراكها في أنها مصححة للنسبة - أنهما يصححان نسبة العقد اللاحق، والاجازة تصحح نسبة العقد السابق. والرضا ليس من هذا القبيل، فان كثيرا من العقود الحاصلة بين المالكين محبوبة لكثير من غيرهم، لحصول الاغراض لهم بذلك، ولا تكون منسوبة لهم بمجرد الرضا. ومن ذلك يظهر الاشكال في الاستدلال بمثل قوله تعالى: (وأحل الله البيع) (* 3)، وقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) (* 4)

 

 

____________

(* 1) الحج: 29. (* 2) البقرة: 177. (* 3) البقرة: 275. (* 4) النساء: 29.

 

===============

 

( 501 )

 

فان منصرف الجميع ما ذكرنا، يعني: البيع الصادر من أهله، والتجارة الصادرة من أهلها. ولا سيما وأن قوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (* 1) قرينة على ذلك، يعني: التجارة من ذوي الاموال، لا من الفضولي، ولا مجال للاستدلال على ذلك باطلاق التراضي، فان الظاهر من التراضي ما يقابل الاكراه، وإلا فان عقد المكره حاصل عن تراض. وكذلك كل عقد صادر من المختار لا يكون إلا عن تراض. فلا بد أن يحمل القيد على نفي عقد المكره، وإلا كان مؤكدا، وهو خلاف الظاهر. ومن ذلك يظهر الاشكال في الاستدلال على ذلك بقوله (ع): " لا يحل دم امرء مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه " (* 2). مضافا إلى أن السياق يقتضي اختصاصه بالتكليف، فلا يشمل ما نحن فيه. وأما ما دل على أن علم المولى بنكاح العبد وسكوته إقرار منه (* 3)، فالظاهر من الاقرار الامضاء للعقد إنشاء، لا مجرد طيب النفس. وأما رواية عروة البارقي المتضمنة: انه دفع إليه النبي صلى الله عليه وآله دينارا، وقال: اشتر لنا به شاه للاضحية، فاشترى شاتين، ثم باع إحداهما في الطريق بدينار، فأتى النبي صلى الله عليه وآله بالشاة والدينار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بارك الله تعالى لك في صفقة يمينك (* 4). فالوجه في جواز القبض والاقباض فيها كما يمكن أن يكون لاجل خروج العقد عن كونه فضوليا، من جهة حصول الرضا النفساني من النبي صلى الله عليه وآله، يمكن أن يكون من جهة حصول العلم بكون عروة مفوضا إليه هذه المعاملة ونحوها من قبل النبي صلى الله عليه وآله، والفعل

 

 

 

____________

(* 1) النساء: 29. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب مكان المصلى حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 26 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 18 من ابواب نوادر عقد البيع حديث: 1، كنز العمال الجزء 7 حديث: 519، سنن البيهقى الجزء: 6 الصفحة: 111، 112.

 

===============

 

( 502 )

 

[ (مسألة 23): إذا كان كارها حال العقد إلا أنه لم ] مجمل لا يدل على أحد الامرين بعينه. واما كلمات الاصحاب مثل قولهم في مقام الاستدلال على صحة الفضولي: إن الشرائط كلها حاصلة إلا رضا المالك، وقولهم: الاجازة لا يكفي فيها السكوت لانه لا يدل على الرضا، ونحوها من كلماتهم. فلا بد ان تحمل على الرضا الانشائي لا مطلق الرضا. وإلا لم يكن وجه لاعتبار الاجازة، ولا للابحاث التي ذكروها فيها، بل كان اللازم أن يكون العنوان الرضا. والظاهر أنه لا فرق فيما ذكرنا بين العبد الذي عقد بغير إذن سيده، وبين غيره. وما في كلام شيخنا الاعظم (ره) من أنه لا إشكال في عقد العبد نكاحا أو بيعا مع العلم برضا السيد، لعدم تحقق المعصية له، التي هي مناط المنع في الاخبار، كما يقتضيه ما في الصحيح من قوله (ع): " إنه لم يعص الله " وإنما عصى سيده " (* 1). فيه: أن المراد من معصية السيد عقده بغير إذنه، لا العقد مع الكراهة، كما هو معنى المعصية عرفا، حتى يكون الرضا كافيا في رفع المعصية، إذ لازم ذلك صحة عقده مع غفلة السيد، لعدم الكراهة حينئذ، مع أنه لا ريب في عدم صحة عقده حينئذ، ويشهد لذلك قوله (ع): " فإذا أجازه جاز " (* 2)، ولم يقل: " فإذا رضي جاز "، أو " إذا لم يكره جاز ". وللاجل ما ذكرنا يتعين البناء على ما في المتن، كما هو ظاهر الاصحاب، حيث اشترطوا في صحة الفضولي الاجازة، وهي غير الرضا. وكأنه لاجل ذلك نسب شيخنا الاعظم (ره) كونه من الفضولي إلى ظاهر الاصحاب.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) تقدم في ص: 496 أن نص الحديث: " فإذا أجازه فهو له جائز ".

 

===============

 

( 503 )

 

[ يصدر منه رد له، فالظاهر صحته بالاجازة (1). نعم لو استؤذن فنهى ولم يأذن، ومع ذلك أوقع الفضولي العقد، يشكل صحته بالاجازة، لانه بمنزلة الرد بعده (2). ويحتمل صحته بدعوى الفرق بينه وبين الرد بعد العقد، فليس بأدون من عقد المكره (3)، الذي نقول بصحته إذا لحقه الرضا. وإن كان لا يخلو ذلك أيضا من إشكال (4). (مسألة 24): لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية (5) ولا الالتفات إلى ذلك. فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا. ] (1) قد يظهر من شيخنا الاعظم (ره) في التنبيه الثاني من تنبيهات القول في الاجازة: أنه مسلم عند الاصحاب. ويقتضيه القواعد العامة، لان قدح الكراهة في الصحة خلاف عمومات الصحة. (2) هذه المنزلة غير ظاهرة، بل هي واضحة المنع في صورة عدم الاذن، فانها خلاف عمومات الصحة من دون مخصص. (3) قد يقال: إنه أدون، من جهة أن عقد المكره كان صادرا بمباشرة المكره، فالنسبة إليه ظاهرة، بخلاف المقام. (4) الاشكال ضعيف. ولذا كان المشهور الصحة. وعن الحدائق: دعوى الاتفاق عليها. (5) هذا مما لا ينبغي الاشكال فيه. وفي الجواهر: القطع به، لاطلاق الادلة. انتهى. وقد يقتضيه صحيح محمد بن قيس الوارد في بيع ولد المالك جارية أبيه بغير اذنه (* 1)، بناء على ظهور كون البيع لاعتقاد كونه وليا على البيع كأبيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 88 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.

 

===============

 

( 504 )

 

[ وأوقع العقد، فتبين خلافه، يكون من الفضولي، ويصح بالاجازة. (مسألة 25): لو قال في مقام إجراء الصيغة: " زوجت موكلتي فلانة " مثلا، مع أنه لم يكن وكيلا عنها فهل يصح ويقبل الاجازة، أم لا؟ الظاهر الصحة (1). نعم لو لم يذكر لفظ: " فلانة " ونحوه، كأن يقول: " زوجت موكلتي " وكان من قصده امرأة معينة، مع عدم كونه وكيلا عنها، يشكل صحته بالاجازة (2). (مسألة 26): لو أوقع الفضولي العقد على مهر معين هل يجوز إجازة العقد (3) دون المهر، أو بتعيين المهر على وجه آخر من حيث الجنس، أو من حيث القلة والكثرة؟ فيه إشكال. ] (1) عملا بعمومات الصحة من دون مقيد. وقد سبق في المسألة السابقة. (2) لعدم وقوع العقد عليها صريحا، ولا ظاهرا. بل هو من قبيل العقد بالمجازات البيعدة، التي لا دليل واضح على صحة العقد بها. (3) قد تحقق أن العقد الوارد على الجملة ينحل إلى عقود متعددة بتعدد الابعاض. ولذا جاز تبعض الصفقة. كما أن العقد الوراد على المشروط ينحل إلى عقدين أحدهما وارد على المشروط، والاخر وارد على الخالي عن الشرط. ولذا كان التحقيق أن بطلان الشرط لا يقتضي بطلان العقد، وأنه يثبت الخيار بتخلف الشرط. ولاجل ذلك قد يدعى جواز إجازة العقد دون المهر، لان المهر بمنزلة الشرط. لكن ظاهر الجواهر - فيما لو زوجها الولي بدون مهر المثل - التسالم على عدم جواز إجازة العقد دون المهر.

 

===============

 

( 505 )

 

[ بل الاظهر عدم الصحة في الصورة الثانية (1)، وهي ما إذا عين المهر على وجه آخر. كما انه لا تصح الاجازة مع شرط لم يذكر في العقد، أو مع إلغاء ما ذكر فيه من الشرط. ] (1) الصورتان تشتركان في عدم التطابق بين الايجاب والقبول، وتختلفان في أن الاولى خالية عن تعيين المهر، والثانية مشتملة عليه. والاول لا يوجب الاختلاف في البطلان. والثاني إن أوجب شيئا أوجب بطلان الشرط، لا بطلان العقد. فالجزم ببطلان العقد في الثانية دون الاولى غير ظاهر. ومثله في الاشكال جزمه ببطلان الاجازة مع إلغاء ما ذكر في العقد من الشرط - كما ذكر في آخر المسألة - فانه لا يتناسب مع توقفه في البطلان في الصورة الاولى، لما عرفت من أن المهر من قبيل الشرط في العقد، فالاجازة للعقد دون المهر تكون من الاجازة للعقد بدون الشرط. والتحقيق أن عدم التطابق بين الايجاب والقبول (تارة): يكون للاختلاف في موضوع العقد وركنه، كما إذا زوجه زينب فضولا فأجاز في هند، أو باعه الفرس فأجاز في الحمار. ولا ينبغي التأمل في البطلان حينئذ، لانتفاء العقد بانتفاء موضوعه. (وأخرى): للاختلاف في الجزء والكل مع تعدد الموضوع عرفا، كما لو زوجه زينب وهندا فأجاز في زينب دون هند، أو باعه الفرس فأجاز في الفرس دون الحمار. ولا مانع من إجازة أحد العقدين ورد الاخر، لتعدد العقد بتعدد الموضوع. (وثالثة): يكون للاختلاف بالجزئية والكلية مع الاتحاد عرفا، كما إذا باعه الفرس بدينار فأجاز في نصف الفرس بنصف دينار. لكن فرضه في باب النكاح غير ممكن. (ورابعة): يكون للاختلاف في الشرط. وله صور، لان الشرط (تارة): يثبت في العقد ويلغى في الاجازة، كما في الصورة الاولى. ومثلها أن يشترط الفضولي على الزوجة إرضاع ولد الزوج،

 

===============

 

( 506 )

 

فتجيز العقد دون الشرط. أو يشترط الفضولي على الزوج أن لا يخرجها من بيت أبيها، فيجيز الزوج العقد دون الشرط. (وأخرى): لا يكون الشرط في العقد ويكون في الاجازة. (وثالثة): يكون فيهما، لكن في الاجازة يلغى الشرط المذكور في العقد ويثبت غيره. والظاهر في الجميع البطلان، لان عدم التطابق يوجب انتفاء العقد، فلا اثر له. ودعوى: انحلال العقد المشروط إلى عقدين، أحدهما غير مشروط، والاخر مشروط. ولذلك كان التحقيق أن بطلان الشرط لا يوجب بطلان العقد، فيمكن تعلق الاجازة بالعقد غير. المشروط. فيها: أن هذا الانحلال انضمامي وارتباطي، لا استقلالي على وجه يقبل التفكيك، فانه خلاف الوجدان في كثير من الموارد، إذ لا غرض إلا في المشروط، فكيف يصح إنشاء ما ليس بمشروط؟! وصحة العقد مع بطلان الشرط تحليل ادعائي، جرت عليه الاحكام عرفا، لا على الحقيقة، كما أشرنا إلى ذلك في بعض مباحث الاجارة من هذا الشرح. فراجع. ولاجل ذلك لا يصح التفكيك في القبول، بحيث يتعلق القبول بذات المشروط من دون الشرط، أو ببعض الاجزاء دون بعض. فان قلت: إذا باع العين على جماعة، فقبل أحدهم دون الاخرين، صح القبول في البعض. وكذا إذا باع العين المشتركة فضولا، فأجاز بعض الشركاء دون غيره، صحت الاجازة في البعض دون البعض قطعا. فدل ذلك على إمكان التفكيك في القبول والاجازة بين أجزاء العين الواحدة، وإذا جاز التكفيك في الابعاض جاز في المشروط والشرط بطريق أولى. قلت: القبول من بعض دون بعض في الصورة الاولى ليس قبولا لبعض الايجاب، بل هو قبول لتمام الايجاب. وكذلك إجازة بعض الشركاء في الصورة الثانية إجازة لنفس العقد، وإن كان لا يترتب الاثر بالنسبة

 

===============

 

( 507 )

 

[ (مسألة 27): إذا أوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين كونه وكيلا فالظاهر صحته (1)، ولزومه إذا كان ناسيا لكونه وكيلا. بل وكذا إذا صدر التوكيل ممن له العقد ولكن لم يبلغه الخبر، على إشكال فيه (2). وأما لو أوقعه بعنوان الفضولية فتبين كونه وليا، ففي لزومه بلا إجازة منه، أو من المولى عليه، إشكال (3). ] إلى الجميع إلا مع قبول الجميع، أو إجازة الجميع. فليس ذلك من التفكيك. ولذلك لم يصح القبول من كل واحد إذا كان مبنيا على التكفيك في الصورة الاولى، كما إذا قال: " قبلت بيع حصة منه بحصة من الثمن " فان ذلك أيضا مانع من انعقاد العقد. وكذا الكلام في قبول المشروط دون الشرط. (1) لحصول الاذن من الموكل، المقتضية للصحة. نعم لو كانت الاذن مشروطة بالالتفات إلى الوكالة انتفت مع الغفلة عنها. لكنه خلاف المفروض. (2) لكنه ضعيف. لاطلاق الاذن - كما عرفت - المقتضية للصحة. فما عن القاضي من أنه لا يصح تصرف العبد إذا لم يعلم باذن سيده، ولا علم بها أحد. غير ظاهر. ودعوى: أن الاذن إذا لم يعلم بها أحد نظير الرضا التقديري، لا أثر لها. ممنوعة، إذ المفروض تحقق الانشاء بالكتابة أو باللفظ، والرضا التقديري لا إنشاء فيه. (3) لاحتمال اختصاص نفوذ تصرف الولي بصورة التفاته إلى ذلك، كما هو الظاهر في المالك، إذ أنه لا ينفذ تصرفه إذا لم يعلم أنه مالك، فلو باع الوارث مال أبيه معتقدا حياته، فتبين موت أبيه قبل البيع وأنه وارثه، توقفت صحة البيع على الاجازة منه. لكن هذا الاحتمال ضعيف، لان ذلك خلاف إطلاق الاذن إذا كانت عرفية، كما في الوصي، والوكيل، وخلاف إطلاق دليلها إذا كانت شرعية كما في ولاية الاب، والجد، والسيد.

 

===============

 

( 508 )

 

[ (مسألة 28): إذا كان عالما بأنه وكيل أو ولي ومع ذلك أوقع العقد بعنوان الفضولية، فهل يصح ويلزم، أو يتوقف على الاجازة، أو لا يصح؟ وجوه، أقواها: عدم الصحة، لانه يرجع إلى اشتراط كون العقد الصادر من وليه جائزا (1) فهو كما لو أوقع البالغ العاقل بقصد أن يكون الامر بيده في ] فما في المتن من الفرق بين الوكيل والولي، بالجزم بالصحة في الاول، والتوقف فيها في الثاني - ضعيف جدا. وبالجملة: فالفروض الثلاثة المذكورة في هذه المسألة كلها بحكم واحد، وإن اختلفت بالخفاء والوضوح. (1) إن أريد بالجواز هنا ما يقابل اللزوم فالتعليل المذكور لا يقتضي البطلان، لان اشتراط كونه جائزا بهذا المعنى راجع إلى اشتراط كونه جائزا شرعا، أو راجع إلى اشتراط الخيار بالفسخ والامضاء. والاول شرط باطل، لعدم كونه مقدورا، والثاني شرط صحيح. وعلى كلا التقديرين لا موجب لبطلان العقد في نفسه، لان الشرط الفاسد غير مفسد، وشرط الخيار لا مانع منه في العقود اللازمة. وعدم صحته في عقد النكاح لا يقتضي بطلانه، كما تقدم في المتن. وإن أريد من الجواز ما يقابل الصحة والنفوذ - فكأنه اشترط أن لا ينفذ إلا بالاجازة، كما في عقد الفضولي - فهذا الشرط وإن كان لا يصح، لانه غير مقدور، لكنه لا يقتضي البطلان، لما عرفت من أن الشرط الفاسد لا يفسد. اللهم إلا أن يرجع إلى التعليق، فكأنه قال: " زوجت فلانة من فلان، إذا أجزت أو أجازت العقد ". وحينئذ يكون البطلان من جهة التعليق. لكن رجوع قصد الفضولية هنا إلى اشتراط الجواز على أحد المعاني غير ظاهر. ولم يتقدم منه احتمال البطلان في المسألة السابقة من جهة رجوع

 

===============

 

( 509 )

 

[ الابقاء والعدم. وبعبارة أخرى. أوقع العقد متزلزلا. (مسألة 29): إذا زوج الصغيرين وليهما فقد مر أن العقد لازم عليهما (1)، ولا يجوز لهما بعد البلوغ رده، أو فسخه. وعلى هذا فإذا مات أحدهما قبل البلوغ أو بعده ورثه الآخر (2). وأما إذا زوجهما الفضوليان، فيتوقف على ] قصد الفضولية فيها إلى إشتراط الجواز، والفرق بين المسألتين غير ظاهر. وبالجملة: فالمصنف (ره) لم يتضح مراده من الجواز مع كونه بصدد التوضيح بتكرار العبارة والتمثيل، كما لم يتضح وجه ما قواه من البطلان. والتحقيق: ان إنشاء من له السلطنة على العقد - لكونه وليا، أو وكيلا، أو أصيلا - إذا كان بعنوان الفضولية (فتارة): لا يكون منه إلا قصد العنوان الذي لا واقع له، مثل أن يقصد كونه عربيا وهو عجمي، أو هاشميا وهو غير هاشمي. ولا ينبغي التأمل في كون القصد المذكور لا أثر له. (وأخرى): يكون قصده إنشاء أمر زائد على عنوان العقد، مثل أن يقصد ان لا يترتب أثر على العقد إلا بعد الاجازة، أو يقصد إن يكون له الخيار في العقد، أو نحو ذلك. وهذا على قسمين: أحدهما: إن يختص القصد بأحد المتعاقدين، بان يكون من الموجب فقط، أو من القابل كذلك. الثاني: أن يكون من الموجب والقابل، بأن يكون الشرط مورد الايجاب والقبول. ففي الاول يبطل العقد، لعدم التطابق بين الايجاب والقبول. وفي الثاني يصح العقد ويبطل الشرط. (1) تقدم ذلك في المسألة الرابعة. (2) وفي الجواهر: " حتى على القول بالخيار، كما حكي عنه التصريح به. ضرورة عدم منافاته لتحقق موجب الارث، الذي هو الزوجية ". وكأن ذلك إذا لم يختر الفسخ، وإلا فلا موجب للارث، لانتفاء الزوجية.

 

===============

 

( 510 )

 

[ إجازتهما بعد البلوغ (1)، أو إجازة وليهما قبله (2). فان بلغا وأجازا ثبتت الزوجية، ويترتب عليها أحكامها من حين العقد، لما مر من كون الاجازة كاشفة (3). وإن ردا، أو رد أحدهما أو ماتا أو مات أحدهما قبل الاجازة، كشف عن عدم الصحة من حين الصدور (4). وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات قبل بلوغ الآخر، يعزل ميراث الآخر على تقدير الزوجية (5)، فان بلغ وأجاز يحلف على أنه لم يكن إجازته للطمع في الارث، فان حلف يدفع إليه. وإن لم يجز، أو ] (1) إذ لا ولاية لهما على نفسهما قبل ذلك. (2) إذ لا ولاية له بعده. (3) تقدم ذلك في المسألة الواحدة والعشرين. (4) هذا لا كلام فيه - كما في المسالك - لانه مقتضى الاصول، والقواعد، والصحيحة الاتية. (5) بلا خلاف ظاهر. لصحيحة أبي عبيدة الحذاء قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين. قال: فقال (ع): النكاح جائز، أيهما أدرك كان له الخيار. فان ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر، إلا أن يكونا قد أدركا ورضيا. قلت: فان أدرك أحدهما قبل الاخر؟ قال (ع): يجوز ذلك عليه إن هو رضي. قلت: فان كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضي النكاح، ثم مات قبل بان تدرك الجارية، أترثه؟ قال (ع): يعزل ميراثها منه حتى تدرك وتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج، ثم يدفع إليها الميراث، ونصف المهر. قلت: فان ماتت الجارية ولم تكن

 

===============

( 511 )

[ أجاز ولم يحلف، لم يدفع، بل يرد إلى الورثة (1). وكذا لو مات بعد الاجازة وقبل الحلف (2). هذا إذا كان متهما بأن إجازته للرغبة في الارث. وأما إذا لم يكن متهما بذلك ] أدركت أيرثها الزوج المدرك؟ قال (ع): لا، لان لها الخيار إذا أدركت قلت: فان كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك؟ قال (ع): يجوز عليها تزويج الاب ويجوز على الغلام والمهر على الاب للجارية " والاشكال على الصحيحة من جهة فرضها في تزويج الوليين، مع ان تزويج الولي لا خيار فيه للمولى عليه بعد البلوغ، كما تقدم. يندفع: بلزوم حملها على الولي العرفي، كما قد يشهد به ما في ذيلها من فرض تزويج الاب، وأنه لا خيار فيه للولد. وأما ما فيها من تنصيف المهر بالموت قبل الدخول. فلا يتوجه من أجله الاشكال على الصحيحة وإن كان هو خلاف المشهور لانه هو التحقيق الذي يقتضيه الجمع بين النصوص كما أوضحناه في محله. ثم إن مورد الصحيحة هو موت الزوج ولكن الفتاوى عامة له والموت الزوجة، بل الظاهر الاجماع على عدم الفرق حتى بناء على كون الحكم على خلاف القواعد. (1) كما يقتضيه الصحيح المتضمن اشتراط الميراث بالحلف (2) قال في القواعد: " فان مات بعد الاجازة وقبل اليمين فاشكال "، وفى المسالك: " وربما احتمل مع موته قبل اليمين ثبوت الارث من حيث أنه دائر مع العقد الكامل ". ثم قال: " وليس بشئ، لانه لو كان كذلك لم يتوقف على اليمين ابتداء "، وفي كشف اللثام: " انه أقوى وفاقا لفخر الاسلام، لمنع تمام الزوجية، فان بالاجازة الخالية عن التهمة ".

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب ميراث الازواج حديث: 1.

 

 

 

===============

( 512 )

[ - كما إذا اجاز قبل أن يعلم موته، أو كان المهر اللازم عليه أزيد مما يرث، أو نحو ذلك - فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف (1). (مسألة 30): يترتب على تقدير الاجازة والحلف جميع الآثار المترتبة على الزوجية (2)، من المهر، وحرمة الام والبنت، وحرمتها - إن كانت هي الباقية - على الاب والابن، ونحو ذلك. بل الظاهر ترتب هذه الآثار بمجرد الاجازة (3)، من غير حاجة إلى الحلف. فلو أجاز ولم ] (1) وفي المسالك: جعل الاقوى اعتبار اليمين وإن لم تحصل التهمة، لانها ليست علة تامة في اعتباره، بل هي حكمة لا يجب اطرادها، عملا باطلاق النص والفتوى. ووافقه على ذلك في الحدائق. لكن الظاهر من النص أو اليمين طريق إلى نفي التهمة، فإذا انتفت التهمة لم يحتج إليها. (2) هذا مما لا اشكال فيه، لكونه ظاهر الصحيحة المتضمنة لثبوت الزوجية، وترتيب بعض آثارها، كالميراث والمهر. (3) فان الحكم الذي تضمنه النص جار على طبق القاعدة. وموت أحد الزوجين بين العقد والاجازة لا يوجب ارتفاع موضع الاجازة، بناء على التحقيق من الكشف الانقلابي. إذ لا مانع من أن يحكم بتحقق الزوجية حال العقد، وإن كان زمان الحكم بها بعد الاجازة وبعد موت أحد الزوجين بعد إجازته. ودعوى: أن الموت مانع من ثبوت الزوجية. مندفعة: بان الزوجية المدعى ثبوتها بالاجازة، الزوجية حال العقد، ولا دليل على اعتبار استمرار الحكم بمضمون العقد من حين العقد إلى زمان الاجازة في صحة الاجازة، بل يكفي في صحتها صحة ثبوته حال العقد لا غير. نعم ما تضمنه الصحيح من عدم استحقاق المهر والميراث إذا لم تحلف على أن اجازتها لم تكن طمعا في المهر والميراث، جار على خلاف القاعدة،

 

===============

( 513 )

[ يحلف مع كونه متهما لا يرث، ولكن يترتب سائر الاحكام. (مسألة 31): الاقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين (1) بل الظاهر التعدي إلى سائر الصور. كما إذا كان أحد الطرفين الولي والطرف الآخر الفضولي، أو كان أحد الطرفين المجنون والطرف الآخر الصغير، أو كانا بالغين ] فيقتصر فيه على مورده، وهو المهر والميراث، ويرجع في غيره من الاحكام إلى القواعد المقتضية للصحة وإن كانت الاجارة طمعا في المهر والميراث، فتترتب تلك الاحكام بمجرد الاجازة وان علم أنها كانت طمعا في المهر والميراث، فضلا عن صورة التهمة. لكن يظهر من المسالك وغيرها خلاف ذلك، كما يأتي. (1) قال في المسالك: " النص ورد في تزويج الاجنبي للصغيرين. فلو كانا كاملين فزوجهما الفضولي، ففي انسحاب الحكم إليهما وجهان: من تساويهما في كون العقد فيهما عقد فضولي، ولا مدخل للكبر والصغر في ذلك. ومن أن في بعض أحكامه ما هو خلاف الاصل، فيقتصر على مورده. وهذا اقوى. وحينئذ فيحكم ببطلان العقد إذا مات أحد المعقود عليهما بعد إجازته وقبل إجازة الاخر، سواء قلنا إن الاجازة جزء السبب، أم كاشفة عن سبق النكاح من حين العقد. أما على الاولى: فظاهر، لان موت أحد المتعاقدين قبل تمام السبب مبطل، كما لو مات أحدهما قبل تمام القبول. وأما على الثاني: فلان الاجازة وحدها لا تكفي في ثبوت هذا العقد، بل لابد معها من اليمين، وقد حصل الموت قبل تمام السبب. خرج منه ما ورد فيه النص، وهو العقد على الصغيرين، فيبقى الباقي ". ونحوه ما عن شرح النافع. وفي القواعد: " وفي انسحاب الحكم في البالغين إذا زوجهما الفضولي، إشكال. أقربه البطلان ". وفي جامع المقاصد

 

===============

( 514 )

[ كاملين، أو أحدهما بالغا والآخر صغيرا أو مجنونا، أو نحو ذلك، ففي جميع الصور إذا مات من لزم العقد بالنسبة إليه - لعدم الحاجة إلى الاجازة، أو لاجازته بعد بلوغه أو رشده - وبقي الآخر، فانه يعزل حصة الباقي من الميراث إلى أن يرد أو يجيز. بل الظاهر عدم الحاجة إلى الحلف في ثبوت الميراث ] ذكر في وجه القرب ما سبق عن المسالك، ثم قال: " إنه المفتى به ". وفي الحدائق: " الظاهر أنه المشهور بينهم. وهو الانسب بقواعدهم ". أقول: مقايسة المقام بموت الموجب قبل القبول لا تتم بناء على كون الاجازة كاشفة، سواء كان الكشف حقيقيا، أم حكميا، أم انقلابيا، إذ هي مع الفارق، فان موت الموجب قبل القبول مانع من انعقاد العقد وتماميته، فلا يمكن أن يترتب مضمونه بخلاف المقام، لتمامية العقد، وإنما المنتظر هو الاجازة، فإذا حصلت ترتب الاثر. نعم مضمون العقد في المقام - وهو الزوجية - لما امتنع أن يقوم بالمعدوم، تعذر ترتب الاثر على العقد بناء على النقل، لانعدام أحد الزوجين، أما بناء على الكشف - على أحد وجوهه - فلا مانع من ترتب الاثر قبل الموت بتوسط الاجازة اللاحقة، أو مع اليمين. فالاجازة وإن كانت جزء السبب، لكن الاثر يثبت قبلها بناء على الكشف. ومثل الاجازة اليمين مع الحاجة إليه من جهة الميراث والمهر. والذي يتحصل أن الفرق بين الاجازة والقبول من وجهين. الاول: أن القبول جزء مقوم للعقد، والاجازة ليست كذلك. الثاني: أن القبول ناقل، يترتب مضمون العقد من حينه، والاجازة كاشفة على ما عرفت. ومن ذلك يظهر جريان حكم الصغيرين إذا زوجهما الفضوليان في غيرهما من سائر الصور المشتركة معها في الجري على مقتضى القاعدة. نعم في

 

===============

( 515 )

[ في غير الصغيرين من سائر الصور. لاختصاص الموجب له من الاخبار بالصغيرين (1). ولكن الاحوط الاحلاف في الجميع بالنسبة إلى الارث، بل بالنسبة إلى سائر الاحكام أيضا. (مسألة 32): إذا كان العقد لازما على أحد الطرفين من حيث كونه أصيلا، أو مجيزا، والطرف الآخر فضوليا ولم يتحقق إجازة ولا رد، فهل يثبت على الطرف اللازم تحريم المصاهرات؟ فلو كان زوجا يحرم عليه نكاح أم المرأة وبنتها، وأختها، والخامسة، وإذا كانت زوجة يحرم عليها التزويج بغيره. وبعبارة أخرى: هل يجري عليه آثار الزوجية ] المسالك فيما لو كان العقد لاحد الصغيرين الولي والاخر الفضولي فمات من عقد له الولي أولا: أنه يجري الحكم المذكور، للاولوية لان الجائز من الطرفين أضعف حكما من اللازم من أحدهما، فإذا ثبت الحكم في الاضعف ثبت في الاقوى بطريق أولى. وكذا إذا كانا بالغين، فأوقع أحدهما العقد لنفسه مباشرة، والاخر زوجه الفضولي، فانه أيضا يجري الحكم فيه للاولوية. بل قال: " يظهر منهم الجزم بالحكم في هذا ايضا. وهو متجه ". لكن الاولوية غير ظاهرة. (1) قد عرفت اختصاص الصحيح (* 1) بصورة موت الزوج بعد بلوغه وإجازته، وبقاء الزوجة. لكن يجب التعدي إلى صورة موت الزوجة بعد بلوغها وإجازتها وبقاء الزوج، في عدم استحقاق الارث إلا بعد اليمين مع التهمة، لاتفاق الاصحاب على ذلك، كما يظهر من تحريرهم المسألة. أما بقية الصور فلم يثبت الاتفاق على إشتراط استحقاق إرث الثاني باليمين. فيتعين فيها الرجوع إلى القواعد المقتضية لترتب جميع الاثار بمجرد الاجازة فقط.

 

____________ (* 1) راجع صفحة: 510.

 

 

 

===============

( 516 )

[ وإن لم تجر على الطرف الآخر، أو لا؟ قولان (1)، أقواهما: ] (1) قال في القواعد في فصل الاولياء: " ولو تولى الفضولي أحد طرفي العقد ثبت في حق المباشر تحريم المصاهرة. فان كان زوجا حرم عليه الخامسة، والاخت، والبنت، والام، إلا إذا فسخت. على إشكال في الام " وفي كشف اللثام في شرح العبارة، بعد قوله (ره): " الخامسة والاخت " قال: " بلا إشكال، لصدق الجمع بين الاختين، ونكاح أربع بالنسبة إليه. ولا يجدي التزلزل ". لكن في القواعد في مبحث المصاهرة: " وهل يشترط في التحريم لزومه مطلقا، أو من طرفه، أو عدمه مطلقا؟ نظر. فلو عقد عليه الفضولي عن الزوجة الصغيرة ففي تحريم الام قبل الاجازة، أو بعد فسخها مع البلوغ، نظر " فان هذا النظر لا يتناسب مع نفي الاشكال في كلام كاشف اللثام. وشيخنا الاعظم (ره) في مسالة ما لو كان العقد بين الاصيل والفضولي قال: " إن الذي يستفاد من كلام جماعة وظاهر آخرين عدم جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه ". واختاره بناء على المشهور في معنى الكشف من كون الاجازة شرطا لكون العقد السابق بنفسه مؤثرا تام، فيكون موضوع وجوب الوفاء نفس العقد غير مقيد بالاجازة. بل حتى لو علم بعدم الاجازة فان الاجازة شرط لتأثيره، لا لوجوب الوفاء به، ومقتضى عموم وجوب الوفاء بالعقد لزومه على الاصيل وحرمة نقضه من جانبه. لكن الاستدلال المذكور يتوقف على أمور: الاول: أن يكون المراد من وجوب الوفاء الحكم التكليفي، لا الارشاد إلى ثبوت مضامين العقود. الثاني: أن يكون موضوع الوفاء نفس العقد، لا موضوع العقد من بيع ونكاح ونحوهما، ولا هو بلحاظ ترتب موضوعه. الثالث: أن يكون الرضا والاجازة شرطا لوجوب الوفاء بالاضافة إلى الراضي، لا مطلقا.

 

===============

( 517 )

وهذه الامور كلها محل نظر، ولا سيما الاولان، فلا مجال للاستدلال المذكور، وتوضيح ذلك يظهر بمراجعة كتاب (نهج الفقاهة) في مبحث الفضولي. فراجع. مضافا إلى النظر والاشكال فيما ذكره من الفرق بين النقل والكشف، وأنه على النقل تكون الاجازة دخيلة في نفس العقد شطرا أو شرطا، وتكون على الكشف شرطا في تأثير العقد لا في نفس العقد. إذ هو كما ترى غير ظاهر. والفرق بينهما ليس في هذه الجهة، بل من جهة أخرى، كما عرفت الاشارة إلى ذلك في المسألة الواحدة والعشرين. وفي حاشية بعض مشايخنا (قده) في المقام على قول المصنف: " أقواهما الثاني " قال: " بل الاول "، وذكر في درسه في تقريب عدم جواز تصرف الاصيل فيما انتقل عنه، أنه قد ملك التزامه، وانقطعت إضافته عن ماله، فيتعين عليه العمل على طبق التزامه. وفيه: أنه لم يتحصل لنا أن العقد بين الاثنين يقتضي تمليك كل واحد منهما التزامه لصاحبه زائدا على إنشاء مضمون العقد الذي هو الملتزم به، بل ليس مفاده إلا إنشاء مضمونه والملتزم به فقط. مضافا إلى أن المتملك لهذا الالتزام إن كان هو الطرف الاصيل، فلا مجال لهذا التملك قبل الاجازة، لعدم قبوله لهذا التمليك إلا بالاجازة. وإن كان هو الطرف الاخر الفضولي، فمقتضاه جواز التقايل بينهما ولو بعد اجازة المالك بلا رضا منه بذلك التقايل، لان لزوم العقد على هذا المبنى من آثار تمليك الالتزام المذكور. بل مقتضاه أيضا عدم جواز التقايل بين الاصيلين بعد الاجازة إلا برضا الفضولي، لانه الذي ملك الالتزام. وهو كما ترى. ولاجل ذلك كان مقتضى التحقيق هو القول الثاني، وعدم الفرق بين الاصيل المباشر والاصيل الذي ناب عنه الفضولي في عدم ترتب آثار العقد الصحيح بالنسبة اليهما معا قبل تحقق الاجازة من الثاني، فيجوز

 

===============

( 518 )

[ الثاني، إلا مع فرض العلم بحصول الاجازة بعد ذلك (1)، الكاشفة عن تحققها من حين العقد. نعم الاحوط الاول، لكونه في معرض ذلك بمجئ الاجازة. نعم إذا تزوج الام أو البنت مثلا ثم حصلت الاجازة كشفت عن بطلان ذلك. (مسألة 33): إذا رد المعقود أو المعقودة فضولا العقد ولم يجزه لا يترتب عليه شئ من أحكام المصاهرة، ] للمباشر تزويج اخت الزوجة المعقود عليها، وتزويج أمها، وبنتها، وتزويج الخامسة. نعم إذا أجاز الطرف الاخر بطل العقد الثاني بناء على الكشف الانقلابي والحكمي، وتبين بطلانه من أول الامر بناء على الكشف الحقيقي. (1) هذا يتم بناء على الكشف الحقيقي. أما بناء على الكشف الحكمي أو الكشف الانقلابي فلا مانع من التصرف قبل الاجازة وإن علم بتحققها، لعدم حصول الزوجية قبلها، فلا تترتب في أحكامها. نعم إذا أجاز الاصيل بعد ذلك يحكم بتحقق الزوجية من اول الامر، وبطلان التصرفات المنافية، فيبطل بعد الاجازة تزويج المباشر للام، أو البنت، أو الاخت، أو الخامسة. لا أنه باطل من أول الامر. فالحكم بالبطلان من أول الامر مقارن للتصرف بناء على الكشف الحقيقي، ومقارن للاجازة بناء على الكشف الانقلابي والحكمي. وأما مع الشك في حصول الاجازة، فيحكم بصحة التصرف المنافي ما دامت الاجازة غير حاصلة. لكن الحكم المذكور ظاهري بناء على الكشف الحقيقي، لاصالة عدم الاجازة، وواقعي بناء على الكشف الحكمي أو الانقلابي. ثم إنه إذا قلنا بجواز فسخ الاصيل، وأن التصرفات المنافية فسخ فعلي، كانت مانعة من صحة الاجازة، لحصول الفسخ. لا أنه تصح الاجازة، وتبطل التصرفات.

 

===============

( 519 )

[ سواء أجاز الطرف الآخر، أو كان أصيلا، أم لا. لعدم حصول الزوجية بهذا العقد الغير المجاز، وتبين كونه كأن لم يكن. وربما يستشكل في خصوص نكاح أم المعقود عليها (1) وهو في غير محله بعد أن لم يتحقق نكاح. ومجرد العقد لا يوجب شيئا. مع أنه لا فرق بينه وبين نكاح البنت. وكون الحرمة في الاول غير مشروطة بالدخول بخلاف الثاني، لا ينفع في الفرق (2). (مسألة 34): إذا زوجت امرأة فضولا من رجل ولم تعلم بالعقد، فتزوجت من آخر، ثم علمت بذلك العقد ليس لها أن تجيز، لفوات محل الاجازة (3). وكذا إذا زوج ] (1) تقدم هذا الاستشكال في عبارة القواعد المحكية في شرح المسألة السابقة. وكأن وجه الاشكال - كما في كشف اللثام -: أن الفسخ كاشف عن الفساد أو رافع له من حينه. ثم قال: في كشف اللثام " والاول أصح، فان الاصح أن الاجازة إما جزء، أو شرط ". وفي الجواهر: " من الغريب ما سمعته من احتمال تحريم الاب، والابن، والام، بمجرد صدور العقد فضولا، الذي تعقبه عدم الاجازة ولو من طرف واحد، لاحتمال كون الفسخ من حينه، فانه لا يقتضيه أصل، ولا قاعدة، ولا فتوى. بل يمكن تحصيل الاجماع بل الضرورة بخلافه ". وما ذكره في غاية من القوة. (2) يعني: فيبنى على صحة العقد على البنت قبل الاجازة، كي يؤدي ذلك إلى حرمة الام وإن حصل الرد. (3) كما نص على ذلك شيخنا الاعظم (ره) في مكاسبه. واستدل

 

===============

( 520 )

[ رجل فضولا بامرأة، وقبل أن يطلع على ذلك تزوج أمها، أو بنتها، أو أختها، ثم علم. ودعوى: أن الاجازة حيث أنها كاشفة إذا حصلت تكشف عن بطلان العقد الثاني. كما ترى. (مسألة 35): إذا زوجها أحد الوكيلين من رجل، وزوجها الوكيل الآخر من آخر، فان علم السابق من العقدين ] عليه المصنف (ره) في حاشيته على ذلك بانصراف أدلة الفضولي عن شمول الفرض، فان لازمه جواز الاجازة ولو بعد مضي خمسين سنة. والحكم ببطلان عقدها الذي عملت بمقتضاه خمسين سنة من المنكرات. إنتهى ويمكن أن يقال في وجهه: إن المرأة المذكورة في المثال بعد أن صارت ذات بعل حرم عليها التزويج ولم يصح منها. والاجازة للعقد الفضولي تزويج، فلا يجوز لها، ولا يصح منها. وكذلك الحكم في مثال الرجل الذى زوج فضولا، فانه إذا تزوج مباشرة أم الزوجة التي عقد عليها فضولا فإذا أجاز العقد الفضولي فقد تزوج بنت زوجته ولا يصح منه ذلك. وبالجملة: الاجازة لا تصح إلا إذا كان المجيز له سلطان عليها وفي المثالين بعد وقوع التصرف المباشري من المرأة والرجل خرجت إجازة العقد الفضولي عن سلطنة المجيز فانه لا يصح لذات البعل أن تتزوج ولا يصح لمن تزوج الام أن يتزوج بنتها وإطلاق ذلك يقتضي المنع حتى من هذا التزويج الحاصل بالاجازة ودعوى اختصاص ذلك بالتزويج اللاحق ولا يشمل السابق فان السابق يمنع اللاحق والاجازة في المقام ليست تزويجا لاحقا بل تزويج سابق بناء على الكشف على أي وجوهه كان. مدفوعة: بأن الممنوع عنه التزويج اللاحق إنشاء لا منشأ والاجازة لاحقة إنشاء وإن كان المجاز هو التزويج السابق فالمدار في السبق واللحوق على الانشاء لا على المنشأ

 

===============

( 521 )

[ فهو الصحيح (1) وإن علم الاقتران بطلا معا (2). وإن شك في السبق والاقتران فكذلك. لعدم العلم بتحقق عقد صحيح، والاصل عدم تأثير واحد منهما (3). وإن علم السبق واللحوق، ولم يعلم السابق من اللاحق، فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الآخر (4). وإن جهل التاريخان ففي المسألة وجوه. أحدها: التوقيف حتى يحصل العلم (5). ] (1) لعموم أدلة الصحة التي لا تشمل اللاحق لما عرفت من فوات شرط الصحة وهو أن تكون خلية. (2) لبطلان الترجيح بلا مرجح. (3) لكن مع العلم بتاريخ أحدهما يتعين الحكم بصحته لاستصحاب كونها خلية إلى ما بعده الذي هو شرط صحته، ويتعين الحكم بصحة تزويجها بمورده، وهو حاكم على أصالة عدم ترتب الاثر، كما تقرر ذلك في الصورة الاتية بعينها. وحينئذ لا فرق بين الصورتين في ذلك. ومجرد الفرق بينهما بالعلم بصحة احداهما إجمالا في الصورة الاتية، بخلاف هذه الصورة، لاحتمال الاقتران، الموجب لاحتمال بطلانهما معا. لا توجب الفرق بينهما في جريان الاصل المصحح لمعلوم التاريخ. غاية الامر أن الاصل المصحح له في الصورة الاتية ينفي السبق فقط، وفي هذه الصورة ينفي السبق والاقتران معا، فيتعين جعل الصورتين بحكم واحد. (4) لما عرفت من جريان أصالة عدم سبق الاخر عليه، الموجب لكونها خلية، يصح تزويجها. ولا يصح جريان ذلك في الاخر المجهول التاريخ، لما ذكر مرارا من عدم جريان الاصل في مجهول التاريخ. (5) حكاه في كشف اللثام عن المبسوط، والتحرير. ووجهه: العمل بالقواعد الاولية.

 

===============

( 522 )

[ الثاني: خيار الفسخ للزوجة (1). الثالث: أن الحاكم يفسخ (2). الرابع: القرعة (3). والاوفق بالقواعد هو الوجه الاخير (4). وكذا الكلام إذا زوجه أحد الوكيلين برابعة والآخر بأخرى، أو زوجه أحدهما بامرأة، والآخر ببنتها، أو أمها، أو أختها. ] (1) لم أفف عاجلا على قائل به. وكأن وجهه لزوم الضرر من هذه الزوجية، فيتدارك بالاخيار، كما في المعاملة الغبنية. لكن الضرر يلزم من ترتيب أحكام الزوجية، لامن نفس الزوجية. (2) جعله في القواعد الاقوى. لان فيه دفع الضرر. وقد عرفت إشكاله بأن الضرر لازم من أحكام الزوجية، لا من نفسها. ولو سلم كان الاولى كون الفسخ للزوجة، كما في المعاملة الغبية، لا للحاكم. (3) احتمل ذلك في القواعد، والتذكرة. (4) لعموم ما دل على أن القرعة لكل أمر مشكل (* 1). لكن في جامع المقاصد: أن القرعة لا مجال لها في الامور التي هي مناط الاحتياط التام، وهي الانكحة التي يتعلق بها الانساب، والارث، والتحريم. وفيه: أن ذلك يتم إذ لم يلزم محذور به يكون الامر مشكلا، وبدونه لا إشكال. ولذا ورد الرجوع إلى القرعة فيما لو نزا انسان على واحد من قطيع الغنم وإشتبه. ولزوم المحذور في المقام ظاهر، لتزاحم الحقوق من الطرفين، فيجب على الزوج الانفاق والوطء في كل أربعة أشهر، ويجب عليها بذل نفسها لزوجها. وحينئذ يكون الاقوى ما ذكره المصنف. وقد تقدم في المسألة الثالثة والاربعين من فصل المحرمات بالمصاهرة ما يمكن استفادة حكم المقام منه. ولاجل ذلك لم نتعرض هنا لتفصيل هذه الوجوه.

 

____________ (* 1) تقدم التعرض لما يدل عليه في صفحة: 103.

 

 

 

===============

( 523 )

[ وكذا الحال إذا زوجت نفسها من رجل وزوجها وكيلها من آخر، أو تزوج بامرأة وزوجه وكيله بأخرى لا يمكن الجمع بينهما. ولو ادعى أحد الرجلين المعقود لهما السبق، وقال الآخر: لا أدري من السابق، وصدقت المرأة المدعي للسبق، حكم بالزوجية بينهما، لتصادقهما عليها (1). ] (1) قال في القواعد " ولو ادعى كل منهما الزوجية، فصدقه الاخر، حكم بالعقد وتوراثا ". وفي كشف اللثام: " ولزمهما أحكام الزوجية ظاهرا، لانحصار الحق فيهما، وقد اعترفا به ". وفى جامع المقاصد: " ذلك عندنا لعموم: (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز).. إلى أن قال: ولا يعتبر عندنا كونهما غريبين. خلافا للشافعي، حيث حكم بمطالبة البلديين بالبينة، وعدم ثبوت النكاح من دونها ". والاستدلال عليه بعموم: " إقرار العقلاء على أنفسهم جائز " غير ظاهر، لان أحكام الزوجية التي يقصد ترتيبها قد تكون على وراثهما، أو على أجنبي عنهما، ومن المعلوم أن العموم المذكور لا يصلح لاثبات ذلك. فإذا العمدة في الحكم المذكور الاجماع، المعتضد بالسيرة القطعية. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. إلى هنا إنتهى الكلام في تنقيح وإصلاح شرح كتاب النكاح من كتاب (العروة الوثقى)، في النجف الاشرف، في جوار الحضرة المقدسة العلوية، على مشرفها أفضل الصلاة والسلام، ليلة الثلاثاء، خامس عشر شهر صفر المظفر، سنة ثمانين بعد الالف والثلاثمائة هجرية. بقلم الفقير إلى الله تعالى " محسن " خلف العلامة المرحوم السيد " مهدي " الطباطبائي الحكيم، قدس سره. والحمد لله رب العالمين كما هو اهله، والصلاة والسلام على نبيه الكريم، وآله الطاهرين، الغر الميامين.

 

===============

( 524 )

بسمه تعالى نظرا إلى أن هذه الرسالة الشريفة تشتمل على مسألة ذات بال، كثيرة الابتلاء، ولم تحرر قبل هذا على هذا الشكل أمر سيدنا - قدس سره - بنشرها ملحقة بكتاب النكاح من (مستمسك العروة الوثقى) ليعم نفعها. والله سبحانه الموفق والمسدد. بسم الله الرحمن الرحيم ما يقول مولانا حجة الاسلام والمسلمين آية الله العظمى في العالمين السيد محسن الحكيم دام ظله العالي، في رجل من أهل السنة طلق زوجته طلاقا غير جامع للشرائط عندنا، وجامعا للشرائط عندهم، ثم استبصر، وكذا إذا طلقها ثلاثا بانشاء واحد، فهل له الرجوع بزوجته بعد الاستبصار، أو لا؟ افتونا مأجورين، مع بيان الدليل على المسألة. بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد الظاهر في مفروض السؤال جواز الرجوع بزوجته المذكورة. ويقتضيه العمل بالادلة الدالة على بطلان الطلاق الفاقد للشرائط المقررة عندنا، لعدم ما يوجب الخروج عنها، إلا ما قد يتوهم من دلالة النصوص على بينونة المرأة المذكورة إذا كان الزوج من المخالفين حسب ما يقتضيه مذهبه. لكن التوهم المذكور ضعيف. إذ النصوص الواردة في الباب على طوائف ثلاث: الاولى: ما دل على قاعدة الالزام. مثل رواية عبد الله بن جبلة عن غير واحد عن علي بن أبي حمزة: " انه سأل أبا الحسن (ع) عن المطلقة على غير السنة أيتزوجها الرجل؟ فقال (ع): ألزموهم من ذلك ما ألزموه

 

===============

( 525 )

أنفسهم. وتزوجوهن، فلا بأس بذلك " (* 1). ومن المعلوم أن جواز الالزام أو وجوبه لا يدل على صحة الطلاق المذكور، وإنما يدل على مشروعية الالزام بما ألزم به نفسه. ومن الواضح أن الالزام بذلك إنما يصح مع بقائه على الخلاف، لا مع تبصره، فانه مع تبصره لا يلزم نفسه بالطلاق وإنما يلزم نفسه بالزوجية، فلا يقتضي عدم مشروعية الرجوع بها. ومثل هذه الطائفة ما تضمن الامر بالتزويج، مثل صحيح ابن سنان قال: " سألته عن رجل طلق امرأته لغير عدة، ثم أمسك عنها حتى انقضت عدتها، هل يصلح لي أن أتزوجها؟ قال: نعم، لا تترك المرأة بغير زوج " (* 2)، ومكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني إلى أبي جعفر (ع) في من حنث بطلاق امرأته غير مرة. قال (ع): ".. وإن كان ممن لا يتولانا ولا يقول بقولنا، فاختلعها منه، فانه إنما نوى الفراق بعينه " (* 3)، ورواية عبد الله بن طاووس فيمن يكثر ذكر الطلاق: ".. وإن كان من هؤلاء فابنها منه، فانه إنما عنى الفراق " (* 4)، وموثق عبد الرحمن البصري عن أبي عبد الله (ع) قال: " قلت له: امرأة طلقت على غير السنة. فقال: تتزوج هذه المرأة، لا تترك بغير زوج " (* 5)، ورواية عبد الله بن محرز الواردة في الاخذ بالتعصيب: " خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم " (* 6)، وفي روايته الاخرى: " خذهم بحقك في أحكامهم وسنتهم، كما يأخذون منكم فيه " (* 7).

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 11. (* 5) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب ميراث الاخوة حديث: 1. (* 7) الوسائل باب: 4 من ابواب ميراث الاخوة حديث: 2.

 

 

 

===============

( 526 )

فان الامر بالتزويج، والاختلاع، والابانة، والاخذ، لا يدل على الصحة، بل من الجائز تشريع تزويج زوجة المخالف، فتخرج عن الزوجية بذلك، نظير استرقاق الكافر الذي هو حر قبل الاسترقاق، وحيازة المباح الموجبة لملكية المباح قبل الحيازة، واسترقاق زوجة الكافر، فتكون ام ولد للمسترق، وإن كانت قبل ذلك زوجة للكافر. ومن المعلوم أن ارتكاب ذلك في مقام الجمع بين الادلة أهون من البناء على صحة الاطلاق الفاقد للشرائط. بل هو مقتضى الجمع العرفي بين الادلة الاولية وبين هذه النصوص، وصحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع): " سألته عن الاحكام. قال (ع): يجوز على أهل كل ذوي دين ما يستحلون " (* 1)، فان المقصود ليس نفوذ ذلك لهم، وانما هو نفوذ ذلك لغيرهم، يعني: إذا كان يستحل تزويج المطلقة ثلاثا يجري ذلك الاستحلال عليه لغيره، فيجوز تزويج مطلقته ثلاثا، وإذا كان يستحل الاخذ بالتعصيب يجري ذلك لغيره، فيجوز لغيره الاخذ بالتعصيب. فالمقصود هو الحلية لغيره عليه، لا الحلية له على غيره. ولذلك عبر (ع) بقوله: " على أهل.. " ولم يقل: " لاهل.. "، فالجواز والحل يكون لغيرهم عليهم، لا لهم على غيرهم. فليس فيه تنفيذ دين كل أهل دين، بل الالزام لهم، والاحلال لغيرهم عليهم. فالصحيح نظير: " ألزموهم.. ". الطائفة الثانية: ما تضمنت اللزوم دون الالزام، مثل ما في رواية عبد الله بن طاووس المتقدمة: " قلت: أليس قد روي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: إياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس، فانهن ذوات الازواج؟ فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء، إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم ". ورواية عبد الاعلى عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن الرجل يطلق

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ميراث الاخوة حديث: 4.

 

 

 

===============

( 527 )

امرأته ثلاثا. قال (ع): إن كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك " (* 1)، بناء على أن المراد من الاستخفاف بالطلاق عدم اعتبار الشرائط فيه، وأن المراد لزوم ذلك له. وربما يوجد بهذا المضمون غير هاتين الروايتين. ودلالتها على صحة الطلاق ايضا غير ظاهرة، فان اللزوم أعم. ولا سيما بملاحظة لزوم التعارض بين تطبيقي الحديث فيما لو كان أحد الزوجين مخالفا، والاخر مستبصرا، فان المستبصر يدين بفساد الطلاق، والمخالف يدين بصحته، ولا يمكن الجمع بين الحكمين، لان الطلاق لا يقبل الوصف بالصحة والفساد من جهتين، فلا بد أن يكون المراد مجرد الحكم على من دان منهما بما دان، فإذا تبصر المخالف وصارا معا متبصرين، كان مقتضى الحديث جواز ترتيب أحكام الزوجية منهما، لانهما معا يدينان بذلك. الطائفة الثالثة: ما تضمن تحريم المطلقة ثلاثا على الزوج إذا كان يعتقد ذلك. كرواية الهيثم بن أبي مسروق عن بعض أصحابه، قال: " ذكر عند الرضا (ع) بعض العلويين ممن كان ينتقصه، فقال: أما أنه مقيم على حرام. قلت: جعلت فداك كيف وهي امراته؟ قال (ع): لانه قد طلقها. قلت: كيف طلقها؟ قال (ع): طللقها، وذلك دينه، فحرمت عليه " (* 2). فان التحريم يقتضي نفوذ طلاقه. وهذه الرواية - مع ضعف سندها، وقصور دلالتها، لعدم تعرضه أن طلاقها كان على خلاف المشروع - لا تصلح لاثبات نفوذ الطلاق غير الجامع للشرائط إذا كان مذهب المطلق ذلك، لان التحريم عليه أعم، كما عرفت في دلالة الطائفة الثانية، فان من الجائز أن يكون التحريم بما أنه دينه، ولو استبصر فصار دينه حلية الزوجة كانت له حلالا، بل قوله (ع): " وذلك دينه " ظاهر

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 2.

 

 

 

===============

( 528 )

في ذلك، فيدل على التحليل لو استبصر. مثل الرواية المذكورة رواية محمد بن عبد الله العلوي قال: " سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن تزويج المطلقات ثلاثا. فقال (ع) لي: إن طلاقكم الثلاث لا يحل لغيركم، وطلاقهم يحل لكم، لانكم لا ترون الثلاث شيئا، وهم يوجبونها " (* 1). والذي يتحصل من هذه الاخبار: لزوم العمل على من تدين بدينه على حسب دينه " وجواز إلزامه بذلك وكلا الامرين لا يقتضيان التحريم في مورد السؤال المذكور. نعم في صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع: " سألت الرضا (ع) عن ميت ترك أمه، واخوة، وأخوات، فقسم هؤلاء ميراثه، فأعطوا الام السدس، وأعطوا الاخوة والاخوات ما بقي. فمات بعض الاخوات، فأصابني من ميراثه. فاحببت أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القمسة، أم لا؟ فقال: بلى. فقلت إن أم الميت - فيما بلغني - قد دخلت في هذا الامر، أعني: لدين. فسكت قليلا. ثم قال (ع): خذه " (* 2). فقد يتوهم منها أن الاستبصار لا يوجب تغير الحكم. وفيه: أنه لا ريب في أن مقتضى قاعدة الالزام جواز أخذ الاخوات من الام إلزاما لها بما تدين. وبعد الاخذ والتملك لا يستوجب الاستبصار تبدل الحكم، فان من تزوج المطلقة ثلاثا على غير السنة كان تزويجه صحيحا، وتخرج به عن الزوجية للمطلق، فإذا استبصر لا يبطل التزويج الثاني. وكذا إذا أخذ الاخ بالعصبة، فاستبصرت البنت، أو الام، أو الاخوات، لا يوجب استبصارهن رجوع المال إلى ملكهن. غاية الامر أن مفاد الرواية عموم القاعدة لالزام المخالف المخالف الاخر، ولا تختص بالزام الموافق للمخالف، لا غيره. ولا مانع

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب ميراث الاخوة حديث: 6.

 

 

 

===============

( 529 )

من الالتزام بعموم الالزام، يقتضيه خبر عبد الله بن طاووس المتقدم، بل وصحيح محمد بن مسلم المتقدم، كما يظهر بالتأمل فيه. ثم إنه قد روى عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع): " أنه قال، إياكم وذوات الازواج المطلقات على غير السنة. قال: قلت له: فرجل طلق امرأته من هؤلاء ولى بها حاجة. قال: فيلقاه بعد ما طلقها وانقضت عدتها عند صاحبها، فيقول له: أطلقت فلانة؟ فإذا قال: نعم فقد صارت تطليقة على طهر. فدعها من حين طلقها تلك التطليقة حتى تنقضي عدتها، ثم تزوجها وقد صارت تطليقة بائنة " (* 1)، ونحو ذلك رواية اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) (* 2). وظاهرهما عدم جواز الالزام بما التزم به لكن تضمنت صحة الطلاق بقول الزوج: " نعم " بعد السؤال منه: هل طلقت زوجتك فلانة؟ ومثلها في ذلك غيرها. وهي مهجورة عند الاصحاب، وإن عمل بها جماعة. ومن ذلك تعرف أن الطلاق الواقع منهم ليس صحيحا، وإنما اقتضى إلزامهم به بما أنه مذهبهم، فإذا تبصرا خرج عن كونه مذهبهم، فلا موجب للالزام به. وقد يستدل على ذلك برواية على بن سويد عن أبى الحسن موسى (ع) في حديث: " انه كتب إليه يسأله عن مسائل كثيرة. فأجابه بجواب هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى أن قال: وسألت عن أمهات الاولاد، وعن نكاحهم وطلاقهم. فأما أمهات الاولاد فهن عواهر إلى يوم القيامة، نكاح بغير ولي، وطلاق في غير عدة. فاما من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانه ضلاله، ويقينه شكه " (* 3)، بناء على أن المراد

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمات الطلاق حديث: 2. (* 3) روضة الكافي الجزء: 8 الصفحة: 125 طبعة ايران الحديثة.

 

 

 

===============

( 530 )

منه أن الاستبصار يهدم ما قبله. فالتحريم الثابت للمطلق ثلاثا يتبدل بالتحليل. لكن لا يخلو عن إشكال وغموض، لعدم وضوح رجوع هذه الفقرة إلى ما ذكر، بل من المحتمل رجوعها إلى مسألة أخرى غير هذه المسألة، فلا تنفع فيما نحن فيه. ويعضد ظاهر النصوص المذكورة ما هو ظاهر الفقهاء - قدس سرهم - من الاجماع على عدم توارث المسلمين بالسبب الفاسد، وإن كان صحيحا بنظر المتوارثين. فمن تزوج أمه من الرضاعة لا يرثها، وإن كان مذهبه صحة التزويج. نعم اختلفوا في توارث المجوس، والمنسوب إلى أكثر المتأخرين عدم توارثهم بالسبب الفاسد. وقيل بالتوارث به بينهم. ونسب الى جماعة من القدماء والمتأخرين. أما في توارث المسلمين فلا خلاف عندهم في عدم صحة السبب إذا كان مخالفا للواقع، وإن كان صحيحا بنظر المتوارثين ومقتضى ذلك عدم الخلاف في توارث الزوجين المذكورين، وإن اعتقدا صحة طلاق الثلاث، فكيف إذا عدلا عن هذا الاعتقاد إلى اعتقاد بطلان طلاق الثلاث؟! والموثق: " لكل قوم نكاح " (* 1)، لابد أن يكون محمولا على صحة النسب، لان المتولد من وطء الشبهة كالمتولد من الوطء بالعقد، يصح انتسابه إلى الواطئ والموطوء شرعا وعرفا. بل لولا النص على نفي ولد الزنا كان اللازم البناء على صحة انتسابه إلى الزاني والمزني بها، فيكون دليل النفي هو المانع من صحة الانتساب، وهو غير موجود في وطء الشبهة. ومن ذلك تعرف أن البناء على جواز الرجوع في المسألة ينبغي أن يكون مما اتفق عليه ظاهر النصوص والفتاوى، وإن كانت المسألة غير محررة في كلماتهم بالخصوص. ومما يتفرع على ذلك: أن المستبصر إذا تزوج امرأة من المخالفين فطلقها

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 83 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2.