فصل في الامكنة المكروهة

فصل في الامكنة المكروهة وهي مواضع: (أحدها): الحمام (1) وإن كان نظيفا، للاضطرار. والله سبحانه أعلم والحمد لله رب العالمين. إلى هنا إنتهى ما أردنا تحريره من شرح مباحث مكان المصلي من كتاب (العروة الوثقى)، وذلك في (النجف الاشرف)، في جوار الحضرة العلوية المقدسة على مشرفها أفضل الصلاة والسلام، في شهر شعبان من السنة الرابعة والخمسين بعد الالف والثلاثمائة هجرية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية، بقلم محرره الاحقر (محسن) خلف العلامة المرحوم السيد مهدي الطباطبائي الحكيم قدس سره. فصل في الامكنة المكروهة (1) على المشهور، وعن الخلاف والغنية: الاجماع عليها، لمرسل عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عشرة مواضع لا يصلى فيها: الطين، والماء، والحمام، والقبور، ومسان الطريق، وقرى النمل ومعاطن الابل، ومجرى الماء، والسبخ، والثلج " (* 1). ونحوه مرسل إبن أبي عمير (* 2). وفي خبر النوفلي: " الارض كلها مسجد إلا الحمام والقبر " (* 3). المحمولة على الكراهة جمعا بينها وبين موثق عمار: " عن

____________ (* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب مكان المصلي الحديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب مكان المصلي ملحق الحديث السادس. (* 3) الوسائل باب: 34 من أبواب مكان المصلي حديث: 4.

 

===============

( 516 )

[ حتى المسلخ منه عند بعضهم (1). ولا بأس بالصلاة على سطحه (2) (الثاني): المزبلة. (الثالث): المكان المتخذ للكنيف، ولو سطحا متخذا لذلك. (الرابع): المكان الكسيف الذي يتنفر منه الطبع. (الخامس): المكان الذي يذبح فيه الحيوانات ] الصلاة في بيت الحمام. فقال (عليه السلام): إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس " (* 1). ونحوه صحيح علي بن جعفر (عليه السلام) (* 2). وحمل البيت فيهما على المسلخ بقرينة ما في الفقيه من زيادة (يعني: المسلخ) بعد روايته الصحيح في غير محله، لكون الظاهر أنها من كلام الصدوق كما عن جماعة. مع أنه لو ثبت أنها من كلام إبن جعفر (عليه السلام) وصح كونه صارفا للصحيح فلا يصلح صارفا للموثق. أللهم إلا أن يقال: ظاهر إضافة البيت إلى الحمام المغايرة، فلا يصلح الموثق والصحيح لمعارضة ما تقدم. فالعمدة في الحمل على الكراهة دعوى الاجماع على الجواز، لاأقل من منعها عن حجيته ولا سيما مع ضعفه في نفسه بالارسال وغيره. (1) حكي ذلك عن النهاية والاردبيلي وظاهر غيره، لكن عن صريح جماعة كثيرة: العدم، لاختصاص الحمام بما عدا المسلخ، ولنفي البأس في الصحيح والموثق المتقدمين عن الصلاة في بيت الحمام، وهو المسلخ كما فسره بن علي بن جعفر (عليه السلام). لكن الاشكال على الجميع ظاهر، إذا عرفنا اليوم يقتضي شمول الحمام للمسلخ، وبيت الحمام غير ظاهر فيه، وتفسير علي بن جعفر (عليه السلام) غير ثابت. (2) عن جماعة: التصريح به، لعدم الدليل على الكراهة.

____________ (* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب مكان المصلي حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 34 من أبواب مكان المصلي حديث: 1.

 

===============

( 517 )

[ أو ينحر. (السادس): بيت المسكر. (السابع): المطبخ، وبيت النار. (الثامن): دور المجوس إلا إذا رشها ثم صلى فيها بعد الجفاف. (التاسع): الارض السبخة. (العاشر): كل أرض نزل فيها عذاب أو خسف. (الحادي عشر): أعطان الابل وإن كنست ورشت. (الثاني عشر): مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر، ومرابض الغنم. (الثالث عشر): على الثلج والجمد. (الرابع عشر): قرى النمل وأوديتها وإن لم يكن فيها نمل ظاهر حال الصلاة. (الخامس عشر): مجاري المياة وإن لم يتوقع جريانها فيها فعلا. نعم لا بأس بالصلاة على ساباط تحته نهر أو ساقية، ولا في محل الماء الواقف. (السادس عشر): الطرق وإن كانت في البلاد ما لم تضر بالمارة، وإلا حرمت وبطلت. (السابع عشر): في مكان يكون مقابلا لنار مضرمة أو سراج. (الثامن عشر): في مكان يكون مقابله تمثال ذي روح من غير فرق بين المجسم وغيره، ولو كان نقصا لا يخرجه عن صدق الصورة والتمثال. وتزول الكراهة بالتغطية. (التاسع عشر): بيت فيه تمثال وإن لم يكن مقابلا له. (العشرون): مكان قبلته حائط ينز من بالوعة يبال فيها أو كنيف. وترتفع بستره. وكذا إذا كان قدامه عذرة. (الحادي والعشرون): إذا كان قدامه مصحف أو كتاب مفتوح أو نقش شاغل، بل كل شئ شاغل. (الثاني والعشرون): إذا كان قدامه إنسان ]

===============

( 518 )

[ مواجه له. (الثالث والعشرون): إذا كان مقابله باب مفتوح. (الرابع والعشرون): المقابر. (الخامس والعشرون): على القبر. (السادس والعشرون): إذا كان القبر في قبلته وترتفع بالحائل. (السابع والعشرون): بين القبرين من غير حائل، ويكفي حائل واحد من أحد الطرفين. وإذا كان بين قبور أربعة يكفي حائلان أحدهما في جهة اليمين أو اليسار، والآخر في جهة الخلف أو الامام. وترتفع أيضا ببعد عشرة أذرع من كل جهة فيها القبر. (الثامن والعشرون): بيت فيه كلب غير كلب الصيد. (التاسع والعشرون): بيت فيه جنب. (الثلاثون): إذا كان قدامه حديد من أسلحة أو غيرها. (الواحد الثلاثون): إذا كان قدامه ورد عند بعظهم. (الثاني والثلاثون): إذا كان قدامه بيدر حنطة أو شعير. (مسألة 1): لا بأس بالصلاة في البيع والكنائس وإن لم ترش، وإن كان من غير إذن من أهلها كسائر مساجد المسلمين. (مسألة 2): لا بأس بالصلاة خلف قبور الائمة (عليهم السلام) ولا على يمينها وشمالها، وإن كان الاولى الصلاة عند جهة الرأس على وجه لا يساوي الامام (عليه السلام). (مسألة 3): يستحب أن يجعل المصلي بين يديه سترة إذا لم يكن قدامه حائط أو صف للحيلولة بينه وبين من يمر بين يديه إذا كان في معرض المرور وإن علم بعدم المرور فعلا. وكذا إذا كان هناك شخص حاضر. ويكفي فيها عود أو حبل ]

===============

( 519 )

[ أو كومة تراب، بل يكفي الخط. ولا يشترط فيها الحلية والطهارة. وهي نوع تعظيم وتوقير للصلاة، وفيها إشارة إلى الانقطاع عن الخلق والتوجيه إلى الخالق. (مسألة 4): يستحب الصلاة في المساجد وأفضلها المسجد الحرام، فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) وا لصلاة فيه تعدل عشرة آلاف، ومسجد الكوفة وفيه تعدل ألف صلاة، والمسجد الاقصى وفيه تعدل ألف صلاة أيضا، ثم مسجد الجامع وفيه تعدل مائة، ومسجد القبيلة وفيه تعدل خمسا وعشرين، ومسجد السوق وفيه تعدل إثني عشر. ويستحب أن يجعل في بيته مسجدا أي: مكانا معدا للصلاة فيه وإن كان لا يجري عليه أحكام المسجد. والافضل للنساء الصلاة في بيوتهن، وأفضل البيوت بيت المخدع أي: بيت الخزانة في البيت. (مسألة 5): يستحب الصلاة في مشاهد الائمة (عليهم السلام) وهي البيوت التي أمر الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها إسمه، بل هي أفضل من المساجد، بل قد ورد في الخبر أن الصلاة عند علي (عليه السلام) بمائتي ألف صلاة (* 1). وكذا يستحب في روضات الانبياء ومقام الاولياء والصلحاء والعلماء والعباد، بل الاحياء منهم أيضا. (مسالة 6): يستحب تفريق الصلاة في أماكن متعددة ]

____________ (* 1) أبواب الجنان: للشيخ خضر الشلال الفصل الثامن من الباب الثالث.

 

===============

( 520 )

[ لتشهد له يوم القيامة، ففي الخبر: " سأل الراوي أبا عبد الله (عليه السلام) يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ قال (عليه السلام): لا بل ها هنا وها هنا فإنها تشهد له يوم القيامة " (* 1)، وعنه (عليه السلام) " صلوا من المساجد في بقاع مختلفة فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة " (* 2). (مسألة 7): يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر، قال النبي (صلى الله عليه وآله): " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " (* 3). ويستحب ترك مواكلة من لا يحضر المسجد، وترك مشاربته ومشاورته ومناحكته ومجاورته. (مسألة 8): يستحب الصلاة في المسجد الذي لا يصلى فيه ويكره تعطيله، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): ثلاثة يشكون إلى الله عزوجل مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه " (* 4). (مسألة 9): يستحب كثرة التردد إلى المساجد فعن النبي (صلى الله عليه وآله): " من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات " (* 5). (مسألة 10): يستحب بناء المسجد، وفيه أجر عظيم ]

____________ (* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب مكان المصلي حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 42 من أبواب مكان المصلي حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب أحكام المساجد حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 5 من أبواب أحكام المساجد حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام المساجد حديث: 3.

 

===============

( 521 )

[ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد " (* 1). وعن الصادق (عليه السلام): " من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة " (* 2). (مسألة 11): الاحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته مسجدا، بأن يقول: (وقفته قربة إلى الله تعالى). لكن الاقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجدا مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فيجري عليه حينئذ حكم المسجدية وإن لم تجر الصيغة. (مسألة 12): الظاهر أنه يجوز أن يجعل الارض فقط مسجدا دون البناء والسطح. وكذا يجوز أن يجعل السطح فقط مسجدا، أو يجعل بعض الغرفات أو القباب أو نحو ذلك خارجا، فالحكم تابع لجعل الواقف والباني في التعميم والتخصيص. كما أنه كذلك بالنسبة إلى عموم المسلمين أو طائفة دون أخرى على الاقوى. (مسألة 13): يستحب تعمير المساجد إذا أشرف على الخراب، وإذا لم ينفع يجوز تخريبه وتجديد بنائه. بل الاقوى جواز تخريبه مع إستحكامه لارادة توسيعه من جهة حاجة الناس. ]

____________ (* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام المساجد حديث: 4 وقد نقله عن عقاب الاعمال فراجعه صفحة: 51 وعبارة الوسائل تزيد على الاصل وما في المتن يختلف عنهما فلاحظ. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب أحكام المساجد حديث: 1.