فصل في القيام

فصل في القيام وهو أقسام: إما ركن وهو القيام حال تكبيرة الاحرام والقيام المتصل بالركوع (2)، بمعنى أن يكون الركوع عن قيام، فلو كبر للاحرام جالسا، ] القاعدتين، فان القيود العدمية تجري فيها قاعدة الصحة، ولا تجري فيها قاعدة التجاوز. (1) لان الشك المذكور راجع إلى الشك في القراءة وهو في المحل، فعليه فعلها لقاعدة الشك في المحل. فصل في القيام (2) قد أطلق في كلام الاصحاب أن القيام ركن. قال في المعتبر: " وهو واجب، وركن مع القدرة، وعليه إجماع العلماء ". وفي المنتهى: " القيام واجب، وركن مع القدرة عليه، ذهب إليه كل علماء الاسلام " وفي كشف اللثام - بعد قول مصنفه: " إنه ركن في الصلاة الواجبة، لو أخل به عمدا أو سهوا مع القدرة بطلت صلاته " - قال: " بالنصوص والاجماع ". ونحو ذلك ما عن جامع المقاصد وإرشاد الجعفرية، والروض وغيرها. وعن العلامة (ره): التصريح بأنه ركن كيف اتفق. واستدل له - مضافا إلى الاجماع - باطلاق ما دل على وجوبه،

 

===============

 

( 90 )

 

مثل مصحح ابن حمزة عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " (* 1) قال (ع): " الصحيح يصلي قائما والمريض يصلي جالسا " (* 2)، وما في صحيح زرارة: " قال أبو جعفر (ع): وقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له " (* 3)، وخبر الهروي: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا " (* 4)، ونحوها. واستشكل فيه غير واحد من المتأخرين: بأن ناسي القراءة صلاته صحيحة، مع فوات بعض القيام المستلزم لفوات المجموع. أقول: الاولى النقض بترك القيام بعد الركوع ناسيا، أما النقض بنسيان القراءة فيمكن الجواب عنه: بأن القيام يجب حال القراءة، فإذا سقط وجوب القراءة بالنسيان لا يجب القيام كي يكون ركنا أو غير ركن، فتأمل. وكيف كان، فلاجل ذلك عدلوا عن إطلاق الركنية إلى أنه تابع لما وقع فيه، فالقيام إلى النية شرط، والقيام في النية مردد بين الركن والشرط كحال النية، والقيام في التكبير ركن كالتكبير، والقيام في القراءة واجب غير ركن، والقيام المتصل بالركوع - وهو الذي يركع عنه - ركن قطعا، والقيام من الركوع واجب غير ركن، والقيام في القنوت مستحب كالقنوت، حكي ذلك عن الشهيد في بعض فوائده، وتبعه جماعة ممن تأخر عنه، منهم ابن فهد في المهذب البارع، والشهيد الثاني في غاية المرام، والروض، قال في الثاني:

 

 

____________

(* 1) آل عمران: 191. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث 1. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 18.

 

===============

 

( 91 )

 

" واعلم أن إطلاق القول بركنية القيام بحيث تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه سهوا لايتم، لان القيام في موضع القعود وعكسه سهوا غير مبطل اتفاقا، بل التحقيق أن القيام ليس بجميع أقسامه ركنا، بل هو على أنحاء " ثم ذكر ما ذكرناه. وعن الوحيد في حاشية المدارك: " أنه مراد الفقهاء " وفي الجواهر: جعل الركن مجموع القيام الواجب في الركعة، نظير ركنية السجود، فنقصه إنما يكون بفقد الركعة للقيام أصلا، وزيادته إنما تكون بزيادة تمام القيام حتى المتصل بالركوع وحده أو مع التكبير المستلزم لزيادتهما. وفيه مع أن عليه يكون موضوع الركنية الذي تضاف إليه الزيادة تارة والنقيصة أخرى لا يخلو من إشكال وإجمال كما سيأتي في السجود -: أن لازمه أن لو كبر جالسا ساهيا ثم قام وقرأ ثم جلس وركع وهو جالس ساهيا لم تفسد صلاته، لعدم فقد القيام أصلا، وهو كما ترى. ولاجل ذلك جرى في المتن على ما ذكره الشهيد، فجعل الركن من القيام القيام حال تكبيرة الاحرام، والقيام المتصل بالركوع. والدليل على الاول - مضافا إلى الاجماع المدعى في كلام جماعة - ما في موثق عمار عن الصادق (ع): " وكذلك إذا وجب الصلاة من قيام فنسي حتى افتتح الصلاة وهو قاعد، فعليه أن يقطع صلاته، ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم، ولا يعتد بافتتاحه وهو قاعد " (* 1)، لكنه إنما يدل على وجوب الاستئناف لعدم القيام في التكبير، وكما يمكن أن يكون ذلك لركنية القيام يمكن أن يكون لاجل أنه شرط في التكبير، فيكون فواته موجبا لفواته. بل لعل ظاهر الموثق الثاني، كما هو مقتضي أخذ القيام والقعود أحوالا للصلاة والافتتاح فلا يصلح للحجية على ركنية القيام في عرض التكبيرة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب القيام حديث: 1.

 

===============

 

( 92 )

 

[ أو في حال النهوض بطل (1) ولو كان سهوا، وكذا لو ركع لا عن قيام، بأن قرأ جالسا ثم ركع، أو جلس بعد القراءة أو في أثنائها وركع (2)، وإن نهض متقوسا إلى هيئة الركوع القيامي، وكذا لو جلس، ثم قام متقوسا (3) من غير أن ] وأما الثاني: فدليله منحصر بالاجماع المدعى صريحا وظاهرا في كلام جماعة. وما في المستند وعن غيره من أن القيام المتصل داخل في مفهوم الركوع، لانه الانحناء عن قيام. فيه: أن الركوع من الجالس ركوع قطعا عرفا. نعم يحتمل أن يكون الهوي بعنوان التعظيم داخلا في مفهوم الركوع المجعول جزءا من الصلاة، لكنه غير ما نحن فيه كما هو ظاهر. مع أنه لو تم ذلك كانت ركنية القيام عرضية بلحاظ كونه مقوما للركن، فلا يحسن عده ركنا في قبال الركوع. والمتحصل من ذلك كله: أن دعوى كون القيام ركنا في قبال ركنية التكبير والركوع ليس مستندها إلا الاجماع مع أن من المحتمل إرادة المجمعين الركنية العرضية الغيرية، كما يومئ إليه الاستناد إلى الموثق، وإلى دعوى دخل القيام في الركوع فلاحظ. (1) قد تقدم خلاف الشيخ (ره) في ذلك ودليله وضعفه فراجع. (2) يظهر منهم المفروغية عن البطلان في الفرض، والخلل فيه من وجهين: أحدهما: عدم القيام المتصل بالركوع. وثانيهما: كونه واقعا في حال الجلوس لافي حل انتصاب الفخذين والساقين. والمتعين في وجه البطلان الثاني إذ مانعية الاول محل إشكال - كما يأتي في الفرض الثاني - وكأن العمدة في مانعية الثاني هو الاجماع إذ دعوى عدم صدق الركوع في حال الجلوس كما ترى ضرورة صدقه حقيقة. (3) يعني: كان تقوسه غير بالغ حد الركوع ثم انحنى زائدا حتى بلغ

 

===============

 

( 93 )

 

[ ينتصب، ثم يركع ولو كان ذلك كله سهوا. وواجب غير ركن، وهو القيام حال القراءة (1) وبعد الركوع. ومستحب وهو القيام حال القنوت (2)، وحال تكبير الركوع. ] حد الركوع. وفي الجواهر استشكل في بطلان الصلاة في الفرض: بأن أقصى ما يستفاد من الادلة بطلان الصلاة بفقد أصل القيام في الركعة لاجزء منه، وأنه يكفي حال السهو تعقب الركوع للقيام ولو مع تخلل العدم. وفيه: أن إطلاق الادلة نفسه أيضا لا يقتضي تعقب الركوع للقيام ولو في الجملة لما عرفت من حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1)، والبناء على البطلان في الفرض لابد أن يكون ناشئا من الاجماع على اعتبار اتصال الهوي إلى الركوع بالقيام ولافرق بين الفرض وبين ما لو كبر قائما ثم نسي وجلس وركع وسجد. وبالجملة إن بني على الاعماد على الاجماع المدعى في لسان الجماعة فمقتضاه ركنية القيام المقارن للهوي للركوع، وبطلان الصلاة بفواته، وإن بني على عدم الاعتناء بالاجماعات والرجوع إلى الاطلاقات فمقتضاها عدم ركنية القيام أصلا عدا القيام حال التكبير للنص المتقدم. والتفكيك بين الاجماعاة المدعاة بالثبوت وعدمه غير ظاهر. (1) أما وجوبه فلاطلاق ما دل على وجوب القيام في الصلاة الشامل للقراءة كغيرها، وأما كونه غير ركن فلما عرفت من أنه مقتضى حديث: " لا تعاد الصلاة " الدال على صحة الصلاة مع فقد كل ما يعتبر فيها من جزء أو شرط عدا ما استثني، وكذا الحال في القيام بعد الركوع. أما وجوبه فسيأتي دليله في مبحث الركوع. (2) عن المحقق الثاني الاستشكال فيه: بأنه قيام متصل بقيام القراءة فهما قيام واحد ولايكون الواحد واجبا ومندوبا. وأجيب عنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 94 )

 

في الروض وعن المدارك: " بأنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب، واتصاله بالواجب مع وجود خواص الندب فيه لا يدل على الوجوب ". واستشكل فيه في الجواهر: بأن جواز ترك القيام المقارن للقنوت بترك القنوت معه لا يقتضي الندب، بعد أن كان الترك إلى بدل وهو الفرد الآخر من القيام الذي هو أقصر من هذا الفرد، كما هو شأن سائر الواجبات التخييرية. بل يمكن أن يقال لاجزء مندوب في الصلاة أصلا، ومرجع الجميع إلى أفضل أفراد الواجب التخييري، لانه لا تجوز مخالفة حكم الاجزاء للجملة، فالامر إذا تعلق بكل ذي أجزاء جزئ إلى أجزائه قطعا. وفيه - أولا -: أن لازم ما ذكر لزوم الاتيان بالقنوت ونحوه من الاجزاء المندوبة بنية الوجوب لا الندب، وهو - مع أنه خلاف الاجماع ظاهرا - مخالف لمرتكزات المتشرعة. وثانيا: أن ذلك خلاف المستفاد من أدلة مشروعيتها، إذ هي ما بين ظاهر في الاستحباب مثل: أحب أن تفعل كذا. وينبغي أن تفعل كذا ونحوهما وما بين ما هو محمول عليه كالامر بشي منها المعارض بما يدل على جواز تركه. وبين مثل الامر بالصلاة معه والامر بالصلاة بدونه، الذي قد عرفت في مبحث تكبيرات الافتتاح أن الجمع العرفي بينهما يقتضي أن يكون للزائد مصلحة غير ملزمة زائدة على مصلحة الصلاة الملزمة التي يحصلها مجموع الاجزاء، فالامر به يكون نفسيا استحبابيا، لاغيريا، ولا إرشاديا إلى دخله في المصلحة، ولانفسيا ضمنيا فلاحظ ما سبق في مبحث تكبيرات الافتتاح. والعجب من شيخنا (ره) في الجواهر كيف رد ظهور نصوص الافتتاح في الوجوب التخييري بين الواحدة والاكثر بمخالفته للاجماع، ولم يوافق المجلسي (ره) على الاخذ به، ومع ذلك التزم في المقام بأن الاجزاء المندوبة واجبة بالوجوب التخييري من غير فرق بين القنوت وتكبيرات الافتتاح الست

 

===============

 

( 95 )

 

[ وقد يكون مباحا وهو القيام بعد القراءة، أو التسبيح، أو القنوت، أو في أثنائها مقدارا من غير أن يشتغل بشئ (1). وذلك في غير المتصل بالركوع، وغير الطويل الماحي للصورة (2) (مسألة 1): يجب القيام حال تكبيرة الاحرام من أولها إلى آخرها، بل يجب من باب المقدمة قبلها وبعدها (3)، ] وأدعيتها وغيرها. نعم ما ذكره من امتناع المخالفة بين الجزء والكل في الحكم مسلم لا غبار عليه، وقد أشرنا إليه مرار، لكن المتعين حينئذ رفع اليد عن كونها أجزاء، والالتزام بانها أمور مستحبة في الكل، لا الالتزام بوجوبها التخييري الذي عرفت الاشكال عليه. نعم ما ذكره: من أن جواز ترك القيام المقارن للقنوت بترك القنوت معه لا يقتضي الندب في محله، لان المندوب ما يجوز تركه مع وجود شرط ندبه، لاما يجوز تركه في حال ترك شرط ندبه، فان جميع الواجبات المشروطة بشرط يجوز تركها بترك شرط وجوبها، ولا يصح أن يقال: هي مندوبة فإذا كان شرط وجوب القيام الواجب حال القنوت هو القنوت فجواز تركه بترك القنوت لا يقتضي ندبه، فاطلاق المندوب على القيام في حال القنوت مسامحة ظاهرة. (1) إذ لا أمر بالقيام في الموارد المذكورة، ونحوها لا وجوبا، ولا استحبابا. لعدم الدليل عليه، فلا يجوز الاتيان به بقصد المشروعية. (2) فان الاول ركن كما سبق، والثاني مبطل، فيكون حراما لو كانت الصلاة فريضة. (3) تقدم الاشكال في وجوب ذلك من باب المقدمة العلمية لاختصاصه بالفرد المشتبه بالواجب، وكذا من باب المقدمة الوجودية لاختصاصه بما يتوقف عليه الوجود، وتقدم أن الوجوب في المقام عرضي، للتلازم خارجا

 

===============

 

( 96 )

 

[ فلو كان جالسا وقام للدخول في الصلاة، وكان حرف واحد من تكبيرة الاحرام حال النهوض قبل تحقق القيام بطل، كما أنه لو كبر المأموم وكان الراء من أكبر حال الهوي للركوع كان باطلا، بل يجب أن يستقر قائما (1)، ثم يكبر، ويكون مستقرا بعد التكبير، ثم يركع. (مسألة 2): هل القيام حال القراءة وحال التسبيحات الاربع شرط فيهما أو واجب حالهما؟ وجهان (2)، الاحوط الاول، والاظهر الثاني، فلو قرأ جالسا نسيانا، ثم تذكر بعدها، أو في أثنائها صحت قراءته وفات محل القيام، ولا ] بين القيام قبلها أو بعدها آناما، وبين القيام حالها، والوجه في بقيه المسألة ظاهر. (1) لما تقدم من وجوب الاستقرار في التكبير. (2) ينشآن من ظهور كلمات الاصحاب في الجزئية في عرض سائر الاجزاء، وكذا بعض النصوص مثل صحيح زرارة المتقدم في صدر المبحث: " وقم منتصبا ". ومن ظهور أكثر نصوص الباب في الشرطية للاجزاء. وقد تقدم بعضها في صدر المبحث. والبناء عليهما - أخذا بظاهر كلا الدليلين - بعيد جدا، والعمل على ظاهر الثاني وصرف ظاهر الاول إليه لعله أقرب. فان صحيح زرارة ظاهر في إرادة الالزام بالانتصاب، لا تشريع وجوب القيام في الصلاة، فليس له ظهور قوي في وجوب القيام مستقلا. اللهم إلا أن يكون بملاحظة الارتكاز العرفي، كان القيام في نفسه من مظاهر العبودية، فوجوبه يكون لنفسه لا شرطا لغير ه. لكن في كفاية هذا المقدار في رفع اليد عن ظاهر الأدلة تأمل ظاهر.

 

===============

 

( 97 )

 

[ يجب استئناف القراءة (1)، لكن الاحوط الاستئناف قائما (2). (مسألة 3): المراد من كون القيام مستحبا حال القنوت أنه يجوز تركه بتركه (3) لا أنه يجوز الاتيان بالقنوت جالسا عمدا. ] (1) إذ وجوب استئنافها إنما يكون لعدم صحتها ووقوعها زيادة في غير محلها، ولاجل أنه لا قصور في القراءة في نفسها، فلابد أن يكون ذلك لعدم الاتيان بالقيام مقارنا لها، وهو لو اقتضى إعادتها اقتضى إعادة سائر الاجزاء المأتي بها، لعدم الفرق بينها في مطابقتها لموضوع الامر بها وعدم انضمام القيام إليها. وحينئذ يتعين الاستئناف من رأس، وحيث أنه منفي بحديث: " لا تعاد الصلاة " يجب البناء على سقوط أمر القيام، وعدم لزوم انضمامه إلى غيره من الاجزاء في هذا الحال. نعم لو بني على كون القيام شرطا في القراءة تعين استئنافها لعدم الاتيان بها مطابقة لموضوع أمرها الضمني لفقد شرطها، ولاوجه لاعادة بقية الاجزاء، وسيأتي أن شاء الله في مبحث الخلل ما له نفع في المقام. (2) فيأتي بها بقصد القربة المطلقة لاحتمال كونها شرطا، بل عرفت أنه أقرب بالنظر إلى النصوص. (3) كما تقدم في عبارة الجواهر، وعن غيرها بنحو يظهر منه المفروغية عنه. وهو مما لا ينبغي الاشكال فيه، لما عرفت من أنه إذا كان واجبا في حال خاص كانت تلك الحال بمنزلة شرط وجوبه، فلا يجب مع عدمه وعرفت أن إطلاق المستحب على مثل ذلك مسامحة. نعم الاشكال في اختصاص جواز تركه بترك القنوت بحيث لا يجوز تركه مع فعل القنوت، وكأن دليله موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر. قال (ع): ليس عليه شئ، وقال (ع): إن

 

===============

 

( 98 )

 

[ لكن نقل عن بعض العلماء (1) جواز إتيانه جالسا، وأن القيام مستحب فيه لا شرط. وعلى ما ذكرنا فلو أتى به جالسا عمدا لم يأت بوظيفة القنوت، بل تبطل صلاته للزيادة (2). ] ذكره وقد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يديه على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ثم ليركع " (* 1). ويمكن الاستدلال له بما دل على أن الصحيح يصلي قائما (* 2). بناء على ما سبق من أن القنوت صلاة وإن لم يكن جزءا من المفهوم الواجب أو فرده. اللهم إلا أن يقال: الظاهر من القيام في الموثق ما يقابل الانحناء لا ما يقابل الجلوس كما هو محل الكلام، فتأمل. وأنه لو سلم كون القنوت ونحوه من الصلاة فالمنصرف إليه دليل اعتبار القيام خصوص الصلاة الاصلية، فتأمل. (1) لم أعثر على هذا القائل. وكأن مستنده ما سبق من المناقشة في دليل وجوبه في القنوت، فيرجع إلى إطلاق دليل مشروعيته لنفي الشرطية أو أصالة البراءة من وجوبه في القنوت بناء على وجوبه مستقلا فيه. (2) قد تقدم الاشكال فيه، وأن القنوت وغيره من المندوبات لو أتي بها في غير المحل على النحو الذي شرعت عليه في المحل لم تكن زيادة، لعدم مشروعيتها على نحو الجزئية، بل مشروعة على نحو الضميمة للمأمور به. فالاتيان بها كذلك يكون نظير إدخال صلاة في صلاة فراجع. نعم إذا كان القيام واجبا صلاتيا في حال القنوت فإذا قنت جالسا فقد ترك الواجب عمدا فتبطل صلاته لذلك لا للزيادة. هذا ومقتضى تعليل المصنف (ره) البطلان في المقام بالزيادة أن القيام شرط في القنوت عنده.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب القنوت حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث: 1 وقد تقدم في اول الفصل.

 

===============

 

( 99 )

 

[ (مسألة 4): لو نسي القيام حال القراءة وتذكر بعد الوصول إلى حد الركوع صحت صلاته (1)، ولو تذكر قبله فالاحوط الاستئناف على ما مر (2). (مسألة 5): لو نسي القراءة أو بعضها وتذكر بعد الركوع صحت صلاته إن ركع عن قيام، فليس المراد من كون القيام المتصل بالركوع ركنا أن يكون بعد تمام القراءة. (مسألة 6): إذا زاد القيام - كما لو قام في محل القعود - سهوا (3) لا تبطل صلاته، وكذا إذا زاد القيام حال القراءة بأن زاد القراءة سهوا. وأما زيادة القيام الركني فغير متصورة من دون زيادة ركن آخر، فان القيام حال تكبيرة ] - كما يأتي تصريحه بذلك في مبحث القنوت - وهو خلاف ما اختاره في القيام حال القراءة، والفرق بين المقامين غير ظاهر. وموثق عمار المتقدم لا يدل على اعتباره بنحو الشرطية. (1) لانه يدور الامر بين بقاء الامر بالقراءه فيلزم زيادة الركوع الذي فعله لفوات الترتيب فتبطل الصلاة، وبين سقوط الامر بها فيصح الركوع وتصح الصلاة. وإذ أن الاول يستلزم وجوب الاعادة، ينتفي بحديث: " لا تعاد الصلاة "، فيتعين البناء على الثاني. وسيأتي التعرض لذلك في مباحث الخلل. ثم إن هذا إذا اقام بعد القراءة جالسا فركع عن قيام، أما إذا ركع عن جلوس فصلاته باطلة، لفوات القيام المتصل بالركوع الذي هو الركن كما سبق. (2) يعني في المسألة الثانية، وقد تقدم أن الاقوى عدمه. (3) قد عرفت الاشكال في كون القيام للقراءة والتسبيح جزءا أو

 

===============

 

( 100 )

 

[ الاحرام لا يزاد إلا بزيادتها، وكذا القيام المتصل بالركوع لا يزاد إلا بزيادته. وإلا فلو نسي القراءة أو بعضها، فهوى للركوع، وتذكر قبل أن يصل إلى حد الركوع، رجع وأتى بما نسي، ثم ركع وصحت صلاته، ولا يكون القيام السابق على الهوي الاول متصلا بالركوع حتى يلزم زيادته إذا لم يتحقق الركوع بعده فلم يكن متصلا به. وكذا إذا انحنى للركوع فتذكر قبل أن يصل إلى حده أنه أتى به، فانه يجلس للسجدة، ولا يكون قيامه قبل الانحناء متصلا بالركوع ] شرطا لهما، فعلى تقدير الشرطية لا يتصور زيادته سهوا، لان الساهي إنما يأتي به سهوا في غير المحل على وجه مشروعيته في المحل، فإذ اكان تشريعه في محله على وجه الشرطية لا الجزئية فالاتيان به سهوا لابد أن يكون أيضا على وجه الشرطية لا الجزئية، وقد عرفت أن الزيادة متقومة بقصد الجزئية وعلى تقدير الجزئية فهو إنما يكون جزءا في حال الافعال الصلاتية لاغير فالاتيان به سهوا من دون اقترانه بقراءة أو تسبيح ليس زيادة سهوية، لما عرفت من أن الساهي إنما يأتي بالفعل في غير المحل على نحو مشروعيته في المحل، فإذا كان القيام قبل القراءة أو التسبيح ليس جزءا فالاتيان به سهوا ليس زيادة في الصلاة. نعم تتصور زيادة القيام بعد الركو ع بأن ينتصب بعد الركوع ويهوي للسجود فيسجد ثم يتخيل أنه لم ينتصب بعد ركوعه فيقوم ثانيا بقصد الانتصاب بعد الركوع فهذا القيام زيادة سهوية. أمالو نسي السجود أو التشهد فقام ثم ذكر فرجع إلى المنسي فليس ذلك القيام زيادة، لانه لم يشرع جزءا مع الالتفات، فكذا في حال السهو كما عرفت.

 

===============

 

( 101 )

 

[ ليلزم الزيادة. (مسألة 7): إذا شك في القيام حال التكبير، بعد الدخول فيما بعده، أو في القيام المتصل بالركوع بعد الوصول إلى حده، أو في القيام بعد الركوع بعد الهوي إلى السجود، ولو قبل الدخول فيه لم يعتن به، وبنى على الاتيان (1). (مسألة 8): يعتبر في القيام الانتصاب (2)، ] (1) كل ذلك لقاعدة التجاوز، بناء على شمولها لمطلق الفعل المرتب، على المشكوك. ولو قيل باختصاصها بالافعال المعهودة المفردة بالتبويب، أو بالافعال الاصلية، فلا تشمل مقدمات الافعال امتنع جريانها في الشك في القيام بعد الركوع بعد الهوي إلى السجود قبل الدخول فيه، بناء على أن الهوي من المقدمات للسجود. لكن القولين المذكورين ضعيفان مخالفان لاطلاق الادلة - كما أشرنا إلى ذلك في بعض مباحث الاذان. ويأتي إن شاء الله في مبحث الخلل - وفي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله: " قلت لابي عبد الله (ع): رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع قال (ع): قد ركع " (* 1)، والتفكيك بين الركوع والقيام بعده غير ظاهر. (2) كما صرح به جمهور الاصحاب كما في مفتاح الكرامة، ويشهد له صحيح زرارة: " وقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له " (* 2)، وصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال أمير المؤمنين (ع): من لم يقم صلبه في الصلاة فلاصلاة له " (* 3)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب الركوع حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث: 2.

 

===============

 

( 102 )

 

[ والاستقرار (1)، ] بل في الجواهر، وعن نهاية الاحكام، والتذكرة، والذكرى: اعتباره في مفهوم القيام عرفا. قال في نهاية الاحكام: " لو انحنى ولم يبلغ حد الراكعين فالاقرب عدم الجواز لعدم صدق القيام " وحينئذ يدل عليه كل مادل على اعتبار القيام في الصلاة من الاجماع والنصوص. لكنه لا يخلو من تأمل. وإن كان يساعده بعض موارد الاشتقاق مثل: قام الامر: اعتدل واستقام كذلك، وقوم الامر: عدله، والقوام: العدل فان ذلك كله بحسب أصل اللغة لا العرف، إذ الظاهر صدق القائم عرفا على المنحني ببعض مراتب الانحناء، وعدم صدق المنتصب عليه كما يشير إليه الصحيح الاول. ودعوى أن ذلك مساهلة من أهل العرف غير مسموعة. فالعمدة فيه النصوص المتعرضة لوجوبه بالخصوص. (1) نسب إلى غير واحد دعوى الاجماع عليه، وفي الجواهر: " الاجماع متحقق على اعتباره فيه كغيره من أفعال الصلاة ". واستدل له بالاجماع، وبدخوله في مفهوم القيام، وبخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (ع): " وليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة " (* 1)، وبخبر السكوني - فيمن يريد أن يتقدم وهو في الصلاة - حيث قال (ع): " يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد، ثم يقرأ " (* 2). وقد تقدم في تكبيرة الاحرام منع الثاني وعدم تمامية الثالث وعدم صلاحية الرابع لاثبات الكلية. واستدل له أيضا بخبر هارون بن حمزه الغنوي: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في السفينة فقال (ع): إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب الاذان حديث: 12. (* 2) الوسائل باب: 34 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 103 )

 

[ والاستقلال (1) حال الاختيار، فلو انحنى قليلا، أو مال إلى أحد الجانبين بطل، ] لم تتحرك فصل قائما وإن كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا " (* 1) بناء على ظهوره في تقديم الاستقرار جالسا على القيام متحركا فلولا وجوبه لم يكن لترجيحه على الواجب وجه. وفيه: أن الظاهر من قوله (ع): " لم تتحرك " بقرينة الشرطية الثانية - أنها لاتكفأ فتدل على ترجيح الجلوس بلا انكفاء على القيام مع الانكفاء فتكون أجنبية عما نحن فيه. ودعوى: أن الظاهر من قوله (ع): " تكفأ " هو التحرك إذ من الواضح عدم انقلاب السفينة بقيام واحد فيها. مندفعة: بأن المراد من " تكفأ " أنها تكفأ من قام فيها لا أنها هي تنكفئ. والوجه في انكفاء القائم هو حركتها بنحو لا يقوى على القيام كما يظهر ذلك لمن قام على ظهر الدابة وكأن هذا نشأ من توهم أن معنى " تكفأ " تنكفئ. فإذا العمدة في دليله الاجماع كما سبق. وليعلم أن اعتبار الاستقرار في القيام في تكبيرة الاحرام والقراءة مساوق لاعتباره فيهما، فذكر اعتباره فيهما كاف عن ذكر اعتباره فيه. وهذا بخلاف القيام بعد الركوع فانه واجب فيه لنفسه كما هو ظاهر. (1) على المشهور بل عن المختلف: دعوى الاجماع عليه، لدخوله في مفهوم القيام - كما قد يظهر من القواعد والذكرى ونسب إلى ظاهر المحقق الكركي وفخر المحققين - أو لانصراف نصوص اعتبار القيام إليه أو لانه المعهود من النبي صلى الله عليه وآله فيدخل تحت قوله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 2)، أو لصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " لا تمسك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 2. (* 2) كنز العمال ج: 4 صفحة: 62 حديث: 1196.

 

===============

 

( 104 )

 

بخمرك وأنت تصلي، ولا تستند إلى جدار وأنت تصلي، إلا أن تكون مريضا " (* 1)، وخبر ابن بكير المروي عن قرب الاسناد، قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة قاعدا أو متوكئا على عصا أو حائط، قال عليه السلام: لا، ما شأن أبيك وشأن هذا، ما بلغ أبوك هذا بعد " (* 2) أو مفهوم الخبر المروي عن دعوات الراوندي: " فان لم يتمكن من القيام بنفسه اعتمد على حائط أو عكازة " (* 3). لكن الجميع لا يخلو عن إشكال، لمنع الاولين، وعدم تمامية الثالث ومعارضة الصحيح وغيره بصحيح ابن جعفر (ع): سأل أخاه موسى بن جعفر (ع): " عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي، أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولاعلة؟ فقال (ع): لا بأس. وعن الرجل يكون في صلاة فريضه فيقوم في الركعتين الاولتين، هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولاعلة؟ فقال (ع): لا بأس به " (* 4)، وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله: " عن الرجل يصلي متوكئا على عصا أو على حائط فقال (ع): لا بأس بالتوكؤ على عصا والاتكاء على الحائط " (* 5) ونحوهما غيرهما. وحمل الاخيرة على صورة عدم الاعتماد، والاولى على صورة الاعتماد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب القيام، حديث: 2. والخمر - بالفتح والتحريك -: ما وراءك من شجر وغيره. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 20. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب القيام حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 10 من ابواب القيام حديث: 4.

 

===============

 

( 105 )

 

[ وكذا إذا لم يكن مستقرا أو كان مستندا على شئ من إنسان أو جدار، أو خشبة، أو نحوها. نعم لا بأس بشئ منها حال الاضطرار (1). وكذا يعتبر فيه عدم التفريج بين الرجلين فاحشا بحيث يخرج عن صدق القيام (2)، وأما إذا كان بغير الفاحش فلا بأس (3). ] لا شاهد عليه فلا يكون جمعا عرفيا. بل الجمع العرفي حمل الاول على الكراهة، والاخذ بظاهر الثانية من الجواز، ولو فرض التعارض فالترجيح للثانية، لانها أكثر وأشهر. وكأنه لذلك اختار أبو الصلاح الجواز على كراهة، وعن المدارك، والكفاية، والبحار، والتنقيح، وفي الحدائق، والمستند: تقويته. والطعن في النصوص الاخيرة بموافقة العامة، غير قادح في الحجية، ولا موجب للمرجوحية إلابعد فقد الترجيح بالاشهرية. نعم العمدة: وهنها بالشذوذ، وإعراض الاصحاب عنها المسقط لها عن الحجية. فتأمل. (1) إجماعا كما في المستند، وفي الجواهر: " لا تأمل لاحد من الاصحاب في اعتبار الاختيار في شرطية الاقلال، أمالو اضطر إليه جاز بل وجب وقدم على القعود، بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل عن ظاهر المنتهى الاجماع عليه ". ويشهد له ذيل صحيح ابن سنان، وصريح خبر الدعوات، ويشير إليه ذيل خبر ابن بكير (2) كما عن جماعة التصريح به، لان ذلك مخالفة لما دل على وجوب القيام. (3) في الذكرى، وجامع المقاصد، وعن الالفية، والدروس، والروض، وغيرها: أن التباعد بين الرجلين إذا كان فاحشا يخل بالقيام.

 

===============

 

( 106 )

 

[ والاحوط الوقوف على القدمين دون الاصابع وأصل القدمين (1) ] وعن البحار: " أنه المشهور " وهو غير بعيد. وعن المقنعة، والمقنع: التحديد بالشبر، وكأنه لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالاخرى، دع بينهما فصلا، إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره " (* 1) واحتمله في الحدائق لانه المفهوم من النصوص. وفيه: أن النصوص المتعرضة لذلك ظاهرة في كونها في مقام الآداب والسنن لا الاجزاء والشرائط، فلا يعول عليها في دعوى الوجوب، ولاسيما مع ظهور اتفاق الاصحاب على الاستحباب. (1) فقد أوجبه في الجواهر للاصل والتأسي، ولانه المتبادر المعهود ولعدم الاستقرار بالوقوف على الاصابع لا القدمين، ولخبر أبي بصير عن أبي جعفر (ع): " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (* 2) " (* 3) وقريب منه خبره الآخر (* 4) المحكي عن تفسير القمي. وفيه: أنه لا مجال للاصل مع إطلاق دليل اعتبار القيام، مع أن الاصل البراءة، ودليل التأسي قد عرفت إشكاله، والتبادر بدوي لا يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق، وعدم الاستقرار ممنوع كلية، وخبر أبي بصير إنما يجدي لو دل على نفي المشروعية لانفي الالزام، ولعل الظاهر منه الثاني، نظير قوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) (* 5) و (يريد الله بكم اليسر ولا يريد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب القيام حديث: 2. (* 2) طه: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب القيام حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب القيام حديث: 3. (* 5) المائدة: 6.

 

===============

 

( 107 )

 

[ وإن كان الاقوى كفايتهما أيضا، بل لا يبعد إجزاء الوقوف على الواحدة (1). (مسألة 9): الاحوط انتصاب العنق أيضا (2)، وإن كان الاقوى جواز الاطراق. ] بكم العسر) (* 1). (1) للاطلاق الموافق لاصل البراءة وفي الذكرى: " الاقرب وجوب الاعتماد على الرجلين معا في القيام ولا تجزئ الواحدة مع القدرة " ونحوه في الدروس، واختاره في كشف اللثام، واستظهره في الجواهر، وجزم به في كشف الغطاء، بل في مفتاح الكرامة: " لا إشكال في البطلان لو اقتصر على وضع واحدة منهما ". لما تقدم من أن الاصل والتأسي ولانه المتبادر، ولعدم الاستقرار وللمروي عن قرب الاسناد عن ابن بكير عن أبي عبد الله (ع): " أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما عظم أو بعد ما ثقل كان يصلي وهو قائم، ورفع إحدى رجليه حتى أنزل الله تعالى: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) فوضعها " (* 2) وفي الجميع ما عرفت. فرفع اليد عن الاطلاق غير ظاهر. (2) لما عن الصدوق (ره) من القول بوجوبه، ولم يعرف ذلك لغيره. والمصرح به في كلامهم العدم، ويشهد للصدوق مرسل حريز عن رجل عن ابي جعفر (ع): قلت له: " (فصل لربك وانحر) (* 3) قال (ع): النحر: الاعتدال في القيام، أن يقيم صلبه ونحره " (* 4)

 

 

____________

(* 1) البقرة: 185. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب القيام حديث: 4. (* 3) الكوثر: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث: 3.

 

===============

 

( 108 )

 

[ (مسألة 10): إذا ترك الانتصاب، أو الاستقرار، أو الاستقلال ناسيا صحت صلاته وإن كان ذلك في القيام الركني (1)، لكن الاحوط فيه الاعادة. ] لكن لاعراض المشهور عنه وضعفه في نفسه لا مجال للاعتماد عليه. بل عن الحلبي: استحباب إرسال الذقن إلى الصدر، وإن كان وجهه غير ظاهر. (1) لحديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1) الدال باطلاقه على صحة الصلاة مع الاخلال بجزء منها، أو شرط لها أو لجزئها عدا الخمسة المذكورة الحاكم على مادل على الجزئية أو الشرطية، الشامل باطلاقه للعمد والسهو، ومنه المقام. نعم لو تم القول بدخول الانتصاب أو الاستقرار أو الاستقلال في مفهوم القيام عرفا كان انتفاؤه موجبا لانتفاء القيام فإذا كان القيام ركنا - كالقيام في التكبير أو المتصل بالركوع - بطلت الصلاة لفوات الركن، لكن عرفت أن القول المذكور ضعيف، ولا سيما بالنسبة إلى الاخيرين. فان قلت: إذا لم يكن واحد من الامور المذكورة داخلا في مفهوم القيام، فقد تقدم أن كل واحد منها شرط فيه، فإذا انتفى انتفى القيام لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، فإذ اكان القيام ركنا بطلت الصلاة لفواته. قلت: يتم هذا لو كان موضوع الركنية هو القيام المشروط، لكنه غير ثابت، فان دليل ركنية القيام في التكبير موثق عمار المتقدم (* 2)، والموضوع فيه ذات القيام. ودليل ركنية المتصل بالركوع الاجماع، والمتيقن منه ذلك أيضا. هذا كله لو كانت شرطية الامور المذكورة مستفادة من دليل لفظي مطلقا، أما لو كانت مستفادة من الاجماع - كما في الاستقرار على ما عرفت -

 

 

____________

(* 1) تقدم مرارا راجع اول فصل تكبيرة الاحرام. (* 2) تقدم ذكره في أول فصل القيام.

 

===============

 

( 109 )

 

[ (مسألة 11): لا يجب تسوية الرجلين في الاعتماد (1) فيجوز أن يكون الاعتماد على إحداهما، ولو على القول بوجوب الوقوف عليهما. ] فلا يحتاج في تصحيح الصلاة إلى حديث: " لا تعاد "، بل إجمال دليله وعدم إطلاقه الشامل لحال السهو كاف في الرجوع إلى أصالة البراءة من شرطيته في حال السهو، كما هو ظاهر وأشرنا إليه في مسألة وجوب الاستقرار في تكبيرة الاحرام، فان ذلك من صغريات المقام - أعني ترك الاستقرار سهوا في القيام الركني - لماعرفت في هذه المسألة. من أن وجوب الاستقرار في القيام المقارن للتكبير والقراءة مساوق لوجوب الاستقرار في حالي التكبير والقراءة. ومن هنا يظهر التنافي بين فتوى المصنف (ره) بوجوب الاستقرار حال التكبير على نحو الركنية فتبطل الصلاة بفواته سهوا، وبين فتواه هنا بصحة الصلاة بفوات الاستقرار سهوا حال القيام الركني، مع أن الدليل في المقامين واحد، فاما أن يكون له إطلاق يشمل السهو أولا، أو يكون الاطلاق على تقدير وجوده محكوما بحديث: " لا تعاد الصلاة " أولا، فتأمل جيدا. (1) تسوية الرجلين في الاعتماد. تارة: يراد منها التسوية في مرتبة الاعتماد، بأن يكون الاعتماد على إحداهما بمقدار الاعتماد على الاخرى. وأخرى: يراد منها التسوية في أصل الاعتماد بأن يكون الاعتماد على كل منهما لاعلى إحداهما مع مجرد مماسة الاخرى للموقف. أما التسوية بالمعنى الاول فالظاهر أنه لاإشكال في عدم وجوبها، كما يقتضيه إطلاق أدلة وجوب القيام. وأما التسوية بالمعنى الثاني فنسب القول بوجوبها إلى الذكرى، وجامع المقاصد، والجعفرية، وشرحها والروض، والمدارك، وكشف اللثام، لما فيها من أن الاقرب وجوب الاعتماد على الرجلين معا، مستدلين على ذلك بالتأسي، وأنه المتبادر، وبعدم

 

===============

 

( 110 )

 

[ (مسألة 12): لا فرق في حال الاضطرار بين الاعتماد على الحائط، أو الانسان، أو الخشبة (1). ولا يعتبر في سناد الاقطع أن يكون خشبته المعدة لمشيه، بل يجوز له الاعتماد على غيرها من المذكورات. (مسألة 13): يجب شراء ما يعتمد عليه عند الاضطرار أو استئجاره مع التوقف عليهما (2). ] الاستقرار، وبقوله صلى الله عليه وآله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (* 1). واستشكل في جميع ذلك في الجواهر - تبعا لما في مفتاح الكرامة - وهو في محله كما عرفت. ولاجله احتمل فيها أن يكون مرادهم منها ما يقابل رفع إحدى الرجلين بالكلية، فانها واجبة حينئذ. ولذا فرع في الذكرى، وجامع المقاصد على ذلك بقوله: " ولا تجزئ الواحدة مع القدرة "، وقد عرفت أن لمسألتين من باب واحد، والادلة المذكورة ان تمت في الثانية تمت في الاولى، فالتفكيك بينهما في ذلك غير ظاهر. (1) كما صرح بذلك كله في الجواهر. والعمدة فيه ظهور الاجماع على عدم الفرق، والا فلو احتمل تعين واحد من ذلك كانت المسألة من موارد الشك في التعيين والتخيير، التي يكون المرجع فيها أصالة الاحتياط، المقتضية للتعيين كما هو المشهور. وليس في صحيح ابن سنان أو غيره - مما سبق - (* 2) إطلاق ينفيه. (2) لاجل أن الاعتماد على الشئ في الصلاة ليس تصرفا صلاتيا فإذا كان الاعتماد محرما لكونه اعتمادا على المغصوب لا تفسد الصلاة، فالشراء والاستئجار الراجعان إلى ملك العين أو المنفعة مما لا تتوقف عليهما الصلاة،

 

 

____________

(* 1) كنز العمال ج: 4 صفحة: 62: حديث 1196. (* 2) تقدم ذكرها في المسألة: 8 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 111 )

 

[ (مسألة 14): القيام الاضطراري بأقسامه من كونه مع الانحناء، أو الميل إلى أحد الجانبين، أو مع الاعتماد، أو مع عدم الاستقرار، أو مع التفريج الفاحش بين الرجلين (1) مقدم على الجلوس (2). ] فلايجبان بالوجوب الغيري وإنما يجبان عقلا فرارا عن الوقوع في الحرام فالمقام نظير شراء الدابة أو استعارتها أو نحو ذلك من أسباب استباحة التصرف في ركوبها في سفر الحج عند عدم القدرة على سلوك طريقه إلا بركوبها، وليس وجوب الشراء أو نحوه من الوجوب الغيري، بل هو عقلي بملاك وجوب الجمع بين غرضي الشارع. وقد أشرنا إلى ذلك في مسألة وجوب التيمم على الجنب للوصول إلى الماء الكائن في المسجد لاغير، بقصد الاغتسال منه. فراجع. (1) ستأتي دعوى الجواهر: عدم معرفة الخلاف في تقديمه على الجلوس، والاعتماد عليها في الخروج عن إطلاق ما دل على وجوب الجلوس على من لم يستطع القيام لا يخلو من إشكال. واستفادة ذلك من صحيح ابن يقطين الآتي - كما ادعاه في الجواهر - غير ظاهرة للفرق بين الحالتين ودعوى أنه ميسور القيام فيقدم على القعود لا تجدي إلا بعد ثبوت هذه الكلية بحيث يعارض بها إطلاق بدلية الجلوس عن القيام. ودليله غير ظاهر. (2) بلا إشكال ظاهر إلا في بعض صوره كما ستأتي الاشارة إليه. ويمكن أن يستفاد تقديم القسم الاول من القيام - أعني الفاقد للانتصاب - من صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن (ع): " سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها على القيام يصلي فيها وهو جالس يومئ أو يسجد قال (ع): يقوم وإن حنى ظهره " (* 1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 5.

 

===============

 

( 112 )

 

كما يمكن أيضا أن يستفاد تقديم القسم الثاني - أعني الفاقد للاستقلال - من صحيح ابن سنان المتقدم (* 1) في وجوب الاستقلال، بضميمة الاجماع على أنه إذا جاز وجب. ويقتضيه ظاهر المروي عن دعوات الراوندي (* 2) وإطلاق ما دل على وجوب القيام، وما دل على اختصاص مشروعية الجلوس بمن لا يتمكن من القيام. وأما تقديم القسم الثالث من القيام - أعني الفاقد للاستقرار - فالوجه فيه أظهر، إذ قد عرفت أن العمدة في دليل وجوبه الاجماع، والمتيقن منه في غير حال الاضطرار، فالمرجع فيه إطلاق ما دل على وجوب القيام فوجوب الصلاة قائما حينئذ ليس من باب قاعدة الميسور، وجعل البدل الاضطراري، كي يحتاج إلى دليل - كما في الفرضين السابقين وغيرهما من موارد جعل البدل الاضطراري - بل هو من باب الوجوب الاولي في عرض الوجوب حال الاختيار. ولو سلم إطلاق دليل وجوبه فاطلاق مادل على اختصاص مشروعية الجلوس بمن لا يقدر على القيام يقتضي تعين القيام ولو بلا استقرار. ومن ذلك يظهر ضعف ما ذكره الشهيد (ره) في الذكرى: من ترجيح القعود الواجد للاستقرار على القيام الفاقد له. قال: " ومن عجز عن القيام مستقرا، وقدر على القيام ماشيا أو مضطربا من غير معاون، ففي جواز ترجيحه على القيام ساكنا بمعاون، أو على القعود لو تعذر المعاون نظر، أقربه ترجيحهما عليه، لان الاستقرار ركن في القيام، إذ هو المعهود من صاحب الشرع ". وتبعه عليه العلامة الطباطبائي (قده) حيث قال: " ومن قرار في القيام عدما * فللجلوس بالقيام قدما "

 

 

____________

(* 1) في المسألة: 8 من احكام القيام: ومرت الاشارة إليه في المسألة: 12 من هذا الفصل. (* 2) المتقدم في مسألة: 8 من احكام القيام.

 

===============

 

( 113 )

 

ويمكن أن يستشهد له برواية الغنوي عن الصلاة في السفينة " فقال (ع): إن كانت محملة ثقيلة قمت إذا فيها لم تتحرك فصل قائما وإن كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا " (* 1). وفيه: انك عرفت في مبحث الاستقرار في القيام عدم صلاحية الرواية لاثبات اعتباره، فلا تدل على ترجيح القعود على القيام الفاقد له. ووجهه في الجواهر: بأن الاستقرار مأخوذ في مفهوم القيام فالعجز عنه عجز عن القيام الذي هو موضوع بدلية الجلوس. ولكن استشكل فيه أيضا: بمنع ذلك، وأن الاستقرار واجب آخر زائد على القيام فيكون المقام من تعارض وجوب القيام ووجوب الاستقرار كما في الفرضين الآخرين ووجوب القيام مقدم على وجوب الاستقرار كتقديمه على وجوب الانتصاب والاستقلال خصوصا بعد ما ورد في بعض نصوص السفينة (* 2) من تقديم القيام فيها مع انحناء الظهر ولو بما يخرجه عن صدق القيام. بل لم يعرف خلاف بين الاصحاب في تقديم كل ما يقرب إلى القيام من التفخج الفاحش ونحوه على القعود. هذا ولكن الاحتياج إلى ذلك كله إنما يكون بعد فرض إطلاق دليل وجوب الاستقرار، وإلا فالمرجع إطلاق وجوب القيام كما عرفت. والمتحصل من ذلك كله،: أنه يقدم القيام الفاقد للاستقرار على القعود الواجد له: ووجهه: إما عدم الدليل على وجوب الاستقرار في حال الاضطرار فلا يكون القيام حينئذ بدلا اضطراريا. أو لان الدليل على وجوبه زائدا على وجوب القيام وإن كان شاملا لحال الاضطرار، لكنه لا مجال لتشريع الجلوس، لاختصاص دليل مشروعيته بالعجز عن القيام، وهو غير حاصل. أو لانه داخل في مفهوم القيام، إلا أنه يستفاد مما ورد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 5. وتقدمت في اول التعليقة

 

===============

 

( 114 )

 

[ ولو دار الامر بين التفريج الفاحش والاعتماد، أو بينه وبين ترك الاستقرار قدما عليه (1)، أو بينه وبين الانحناء، أو الميل إلى أحد الجانبين قدم ما هو أقرب إلى القيام (2). ولو دار ] في السفينة ومن الاجماع أن القيام الناقص مقدم على القعود. ثم إن الدوران بين الاحوال المذكورة في هذا المقام ليس من باب التزاحم الذي يكون الحكم عقلا فيه الترجيح إذا علمت الاهمية في واحد بعينه أو احتملت كذلك والتخيير إذا احتملت الاهمية في كل من الطرفين أو علمت المساواة بينهما لاختصاص ذلك بصورة تعدد المقتضيات وتزاحمها في مقام الامتثال لعدم قدرة المكلف على ذلك. وليس المقام كذلك، إذ مصلحة الصلاة واحدة، وإنما التردد فيما يكون محصلا تلك المصلحة، والحكم فيه عقلا وجوب الاحتياط بالتكرار إلا أن يقوم دليل بالخصوص على الاجتزاء بأحد الطرفين، من إجماع أو غيره، أو يكون هو مقتضى الجمع بين الادلة، فإذا لم يكن الامر كذلك تعين الاحتياط بالجمع والتكرار. وعلى هذا يجب الجري في المسائل المذكورة في هذا المقام. (1) لما سبق في تقديمها على الجلوس. (2) قد عرفت أن الانحناء في الجملة. وكذا الميل إلى أحد الجانبين لايمنع من صدق القيام. وحينئذ لا مجال للتأمل في تقديمهما على التفريج الفاحش، إذ غاية ما يقتضي الاضطرار سقوط اعتبار الانتصاب ولاوجه لرفع اليد عن القيام، فاطلاق دليل وجوبه محكم. نعم إذا كان الانحناء والميل يمنعان عن صدق القيام فقد يشكل الترجيح، لاحتمال التعيين في كل من الطرفين كما يحتمل التخيير واللازم في مثل ذلك الاحتياط بالتكرار. وترجيح ما هو أقرب إلى القيام بقاعدة الميسور يتوقف على وضوح الاقربية على وجه يصدق الميسور عليه عرفا لاغيره، ولكنه غير ظاهر.

 

===============

 

( 115 )

 

[ الامر بين ترك الانتصاب وترك الاستقلال قدم ترك الاستقلال (1) فيقوم منتصبا معتمدا، وكذا لو دار بين ترك الانتصاب وترك الاستقرار قدم ترك الاستقرار (2) ولو دار بين ترك الاستقلال وترك الاستقرار قدم الاول، فمراعاة الانتصاب أولى من مراعاة الاستقلال والاستقرار، ومراعاة الاستقرار أولى من مراعاة الاستقلال. ] (1) هذا ظاهر لو كان الانتصاب داخلا في مفهوم القيام لانه حينئذ يدور الامر بين ترك القيام وترك الاستقلال. ومشكل لو بني على وجوبه في القيام، إذ حينئذ يكون كالاستقلال، وترجيح أحدهما على الآخر من غير مرجح ظاهر. اللهم إلا أن يحتمل تعينه ولا يحتمل تعين الاستقلال فيدور الامر بين التعيين والتخيير أو يدعى أن المفهوم من صحيح ابن سنان (* 1) المسوغ للاعتماد للمريض مشروعية الاعتماد للمضطر ولو بلحاظ فوات الانتصاب. لكن لو سلم يرد مثله في صحيح ابن يقطين (* 2) المشرع للانحناء مع الاضطرار. (2) لماعرفت من إجمال الدليل الدال على وجوبه، وعدم إطلاقه الشامل لهذه الحال، بخلاف دليل الانتصاب. لكن عليه يشكل الوجه في تقديم الاستقرار على الاستقلال الذي ذكره بعد ذلك، بل يتعين تقديم الاستقلال عليه، وكأن ما في المتن مبني على إطلاق أدلة الوجوب في الجميع، وأن الموارد المذكورة من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير. أو لان تقديم ما ذكره فيها لانه أقرب إلى أداء المأمور به، بناء على ثبوت الكلية المذكورة ولو بالاجماع، لكنه غير ظاهر ما لم يصدق الميسور عرفا.

 

 

____________

(* 1) تقدم في مواضع منها: في المسألة: 8 من احكام القيام. (* 2) تقدم في اول المسألة.

 

===============

 

( 116 )

 

[ (مسألة 15): إذا لم يقدر على القيام كلا ولا بعضا مطلقا (1) حتى ما كان منه بصورة الركوع (2) صلى من جلوس (3) وكان الانتصاب جالسا ] (1) قد عرفت الاشكال في تقديم مثل التفخج الفاحش على الجلوس. (2) كما يفهم من صحيح ابن يقطين المتقدم في المسألة السابقة. ويظهر من حكاية الخلاف في ذلك عن الشافعي في أحد قوليه: أنه لا مخالف فيه منا. (3) هو مذهب علمائنا كما في المعتبر، وعليه إجماع العلماء كما في المنتهى، وبالنصوص والاجماع كما في كشف اللثام، ويشهد له جملة من النصوص، كالنبوي المروي عن الفقيه: " المريض يصلي قائما، فان لم يستطع صلى جالسا، فان لم يستطع صلى على جنبه الايمن، فان لم يستطع صلى على جنبه الايسر، فان لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده أخفض من ركوعه " (* 1)، والصادقي المروي عنه أيضا " يصلي المريض قائما، فان لم يقد ر على ذلك صلى جالسا " (* 2) وصحيح جميل: " سألت أبا عبد الله (ع): ماحد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال (ع): إن الرجل ليوعك ويحرج ولكنه أعلم بنفسه، إذا قوي فليقم " (* 3) وموثق زرارة: " سألت أبا عبد الله (ع) عن حد المرض الذي يفطر فيه الصائم، ويدع الصلاة من قيام، فقال (ع): بل الانسان على نفسه بصيرة، هو أعلم بما يطيقه " (* 4)، لظهورهما في أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 13. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب القيام حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب القيام حديث 2.

 

===============

 

( 117 )

 

[ بدلا عن القيام فيجري فيه حينئذ جميع ما ذكر فيه حتى الاعتماد وغيره (1)، ] موضوع الجلوس أن لا يقوى على القيام ولا يطيقه. ونحوها مصحح ابن أذينة عن أبي عبد الله (ع) (* 1)، وفي صحيح الحلبي - في حديث - أنه سأل أبا عبد الله (ع): " عن الصلاة في السفينة فقال (ع): إن أمكنه القيام فليصل قائما، وإلا فليقعد ثم يصلي " (* 2) وفي خبر سليمان بن خالد: " سألته عن الصلاة في السفينة، فقال (ع): يصلي قائما فان لم يستطع القيام فليجلس ويصلي " (* 3)، وفي صحيح حماد بن عيسى: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: كان أهل العراق يسألون أبي عن الصلاة في السفينة فيقول: إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فافعلوا فان لم تقدروا فصلوا قياما فان لم تقدروا فصلوا قعودا " (* 4)، ونحوها غيرها مما يتضمن الانتقال إلى الجلوس عند عدم التمكن من القيام. (1) كما استظهره في الجواهر: كما يومئ إليه المرسل الآتي ولانه بدله وبعض قيام: ثم قال (ره): " وإن كان لا يخلو من بحث، لاختصاصه بالدليل دونه ". والظاهر أنه مراده بالمرسل النبوي المتقدم في صدر المسألة، وكأن وجه إيمائه ظهوره في بدلية الجلوس عن القيام. أقول: أما البدلية فلاريب فيها، لكنها إنما تنفع في وجوب الشرائط المذكورة لو كانت مجعولة بلحاظ جميع الاحكام، وهو غير ظاهر. بل الظاهر البدلية عن القيام في وفائه بمصلحته في الجملة بحيث يثبت له

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابوب القيام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب القيام حديث: 12.

 

===============

 

( 118 )

 

[ ومع تعذره صلى مضطجعا (1) ] وجوبه لاغير. وأولى منه بالاشكال التعليل بأنه بعض قيام، ومثله ما ذكره أخيرا من اختصاص أدلة اعتبارها بغيره، مع أن مادل على وجوب الانتصاب - مثل: " لاصلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة " (* 1) وما دل على وجوب الاستقلال من صحيح ابن سنان المتقدم (* 2) - مطلق شامل للجلوس. ودعوى انصرافه إلى القيام غير ظاهرة. وكذا مادل على وجوب الاستقرار من إطلاق معاقد الاجماعات على وجوبه في أفعال الصلاة: من التكبير، والقراءة، والتسبيح، والذكر، ورفع الرأس من الركوع، وغيرها لافرق فيه بين حالي القيام والجلوس فلاحظ. (1) بلا خلاف فيه بين الاصحاب كما عن المدارك، والبحار، والحدائق وفي المعتبر: " هو مذهب علمائنا "، ونحوه في المنتهى، وبالنصوص والاجماع كما في كشف اللثام. ويشهد له النصوص الكثيرة كمصحح أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) في تفسير قوله تعالى: (الذين يذكرون.) (* 3) قال (ع): " وعلى جنوبهم: الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا (* 4)، وموثق سماعة: " سألته عن المريض لايستطيع الجلوس. قال (ع): فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئا إذا سجد " (* 5)، وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع): " سألته عن المريض الذي لا يستطع القعود

 

 

____________

(* 1) مضمون صحيح زراره. الوسائل باب: 2 من ابواب القيام حديث 1 وتقدم في اول المسألة الثامنة. (* 2) تقدم في المسألة: 8 من هذا الفصل. الوسائل باب: 10 من ابواب القيام حديث: 2 (* 3) آل عمران: 191. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 5.

 

===============

 

( 119 )

 

[ على الجانب الايمن (1) كهيئة المدفون، ] ولا الايماء كيف يصلي وهو مضطجع؟ قال (ع): يرفع مروحة إلى وجهه " (* 1) والنبوي المتقدم في صدر هذه المسألة وغيرها. وكلها متفقة على وجوب الصلاة مضطجعا. وفي بعض النصوص: أنه يصلي مستلقيا كخبر عبد السلام الهروي عن الرضا (ع) عن آبائه: " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا، فان لم يستطع جالسا فليصل مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يومئ إيماء " (* 2)، ونحوه مرسل محمد بن ابراهيم عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) (* 3)، ومرسل الفقيه عن الصادق (ع) (* 4)، وغيرهما. والجميع يتعين تقييده بما سبق إن أمكن أو بالحمل على التقية. (1) كما عن جماعة كثيرة. بل عن البحار: أنه المشهور وفي كشف اللثام: " عليه المعظم " بل هو مذكور في معقد إجماع المعتبر والمنتهى، حملا منهم للمطلق على المقيد كالنبوي المروي عن الفقيه المتقدم في صدر المسألة وموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " المريض إذا لم يقدر أن يصلي قاعدا كيف قدر صلى إما أن يوجه فيومئ إيماء، وقال (ع): يوجه كما يوجه الرجل في لحده، وينام على جنبه الايمن، ثم يومئ بالصلاة إيماء، فان لم يقدر أن ينام على جنبه الايمن فكيف ما قدر فانه له جائز، وليستقبل بوجهه جانب القبلة، ثم يومئ بالصلاة إيماء " (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 21. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 18. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام ملحق حديث: 13. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 13. (* 5) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 10.

 

===============

 

( 120 )

 

وظاهر الشرائع: التخيير بين الجانبين، وحكي عن المقنعة، وجمل السيد، والوسيلة، والنافع، وغيرها. وكأنهم اعتمدوا في ذلك على المطلقات الآمرة بالاضطجاع لضعف المقيد سندا كالنبوي أو دلالة كموثق عمار. نعم في المعتبر (* 1): أنه استدل بمارواه أصحابنا عن حماد عن أبي عبد الله (ع): " المريض إذا لم يقدر أن يصلي قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده، وينام على جانبه الايمن، ثم يومئ بالصلاة، فان لم يقدر على جانبه الايمن فكيف ما قدر فانه جائز، ويستقبل بوجهه القبلة، ثم يومئ بالصلاة إيماء " وفي الذكرى (* 2)، وعن الروض: موافقته في ذلك، بل حكي عن بعض نسخ التهذيب، ودلالتها خالية عن القصور. لكن استظهر في الجواهر أنها رواية عمار عبر فيها ب‍ " حماد " سهوا من القلم، فان تم ذلك لم يجد في تمامية الدلالة للاضطراب، وإلا فهي رواية مرسلة عن حماد. اللهم إلا أن ينجبر ضعفها بما عن المعتبر: من أنها أشهر وأظهر بين الاصحاب، وما في الذكرى: من أن عليها عمل الاصحاب لكن الظاهر أن مرادهما من الرواية التي هي أشهر وأظهر وعليها العمل سنخ الرواية الدالة على الترتيب بين الايمن والايسر لا خصوص رواية حماد. هذا ولكن الانصاف أن إرسال الفقيه بمثل: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله " يدل على غاية الاعتبار عنده وكفى به سببا للوثوق. ومتن رواية عمار وإن كان لا يخلو من تشويش وقصور إلا أن قوله (ع): " يوجه... " وقوله (ع) بعد ذلك: " فان لم يقدر... " ظاهر ان في تعين الاضطجاع على الايمن، فيمكن لذلك رفع اليد عن إطلاق المطلق من تلك النصوص، والعمدة موثق سماعة (* 3) لظهور عدم ورود غيره في مقام البيان من هذه الجهة فلاحظها

 

 

____________

(* 1) في المسألة الثالثة من احكام القيام. صفحة: 170. (* 2) في المسألة التاسعة من احكام القيام. (* 3) تقدم في صدر التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 121 )

 

[ فان تعذر فعلى الايسر (1) عكس الاول. فإن تعذر صلى مستلقيا (2) كالمحتضر. ويجب الانحناء للركوع والسجود (3) بما أمكن، ومع عدم إمكانه يومئ برأسه (4) ] فإذا العمل على المشهور أقوى مع أنه أحوط. (1) كما نسب إلى المشهور، ويشهد له النبوي المرسل في الفقيه، وبه يقيد إطلاق ما في موثق عمار من قوله (ع): " كيفما قدر "، مع إمكان المناقشة في إطلاقه: بقرينة وقوع مثله في صدره، فكأن المراد أنه لا يكلف بغير المقدور بل على حسب القدرة، وليس المراد أنه يصلي كيف شاء ليكون مخيرا بين الكيفيات المقدورة. ومن ذلك يظهر ضعف ما قيل: من أنه إذا عجز عن الاضطجاع على الايمن صلى مستلقيا، إذ الظاهر أن مستنده الموثق الذي لو تم إطلاقه فهو مقيد بالمرسل. (2) بلا خلاف فيه ظاهر. ويشهد له النبوي وغيره مما دل على وجوب الصلاة مستلقيا عند تعذر الجلوس، بناء على حمله على صورة تعذر الاضطجاع. (3) إذا أمكن له الركوع والسجود فلا ينبغي التأمل في وجوب فعلهما، لاطلاق أدلة وجوبهما. وما في النص والفتوى من الايماء يراد به صورة عدم إمكانهما كما هو الغالب في موردهما، ولو أمكن له ميسور الركوع والسجود لانفسهما قيل: وجب بلاشبهة، وهو كذلك لو كان بحيث يصدق الركوع والسجود ولو الفاقدان لشرطهما. وفي المنتهى: " لو عجز عن السجود رفع ما يسجد عليه ولم يجز الايماء إلا مع عدمها أو عدم التمكن، خلافا للشافعي... " وظاهره الاجماع عليه، ونحوه كلام غيره. ويشهد به خبر ابراهيم الكرخي الآتي. نعم قد ينافيه صحيحا الحلبي وزرارة الآتيان في وضع الجبهة على شئ فلاحظ. وسيأتي الكلام فيه. (4) بلا خلاف، ويشهد له النصوص المتقدمة وغيرها كمرسل الفقيه:

 

===============

 

( 122 )

 

[ ومع تعذره فبالعينين بتغميضهما (1) ] " قال أمير المؤمنين (ع): دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من الانصار، وقد شبكته الريح فقال: يارسول كيف أصلي؟ فقال صلى الله عليه وآله: إن استطعتم أن تجلسوه فأجلسوه، وإلا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليومئ إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع " (* 1)، وخبر ابراهيم الكرخي: " رجل شيخ لايستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه، ولا يمكنه الركوع والسجود، فقال (ع): ليومئ برأسه إيماء، وان كان له من يرفع الخمرة فليسجد، فان لم يمكنه ذلك فليومئ برأسه " (* 2) إلى غير ذلك. (1) كما نسب إلى المشهور، ويشهد له مرسل الفقيه عن الصادق (ع): " يصلي المريض قائما، فان لم يقدر على ذلك صلى جالسا، فان لم يقدر أن يصلي جالسا صلى مستلقيا: يكبر ثم يقرأ، فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح، فإذا سبح فتح عينيه، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع، فإذا أراد أن يسجد غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه، فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود، ثم يتشهد وينصرف " (* 3)، ونحوه في ذلك خبر محمد بن ابراهيم عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) (* 4). ومورد الخبرين خصوص المستلقي، كما أنه لم يذكر فيهما الايماء بالرأس. ومثلهما خبر عبد السلام (* 5) الوارد فيمن تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة. ومقتضى الجمود على ذلك انحصار بدل الركوع والسجود في المستلقي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 16. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 11. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 13. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام ملحق حديث: 13. (* 5) الوسائل باب: 19 من ابواب القبلة حديث: 2

 

===============

 

( 123 )

 

بالتغميض لاغير، كما هو ظاهر القواعد، وعن النهاية والمبسوط، والوسيلة والمراسم، والغنية، والسرائر، وجامع الشرائع، والموجز، حيث لم يذكر فيها أن الايماء بالرأس مقدم على تغميض العينين، بل اقتصر على ذكر تغميض العينين بدلا عن الركوع والسجود، ومال إليه في الحدائق، بل والى انحصار البدل في المضطجع بالايماء بالرأس لاغير عكس المستلقي قال فيها - بعد ما ذكر: " إن التغميض مستفاد من مرسلة محمد بن ابراهيم، إلا أن موردها الاستلقاء، ومورد الايماء بالرأس في الروايات المتقدمة الاضطجاع على أحد الجانبين، والاصحاب قد رتبوا بينهما في كل من الموضعين، والوقوف على ظاهر الاخبار أولى ". أقول: الايماء كما ورد في المضطجع ورد في المستلقي أيضا، كما صرح به في الجواهر وغيرها فلاحظ النبوي المروي عن الفقيه، وخبر عبد السلام المتقدمين (* 1)، وفي موثق سماعة المروي عن الفقيه: " عن الرجل يكون في عينيه الماء فينزع الماء منها، فيستلقي على ظهره الايام الكثيرة أربعين يوما، أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة إلا إيماء وهو على حاله فقال (ع): لا بأس بذلك " (* 2). بل يمكن أن يستفاد أيضا من موثق عمار، ومرسل الفقيه عن أمير المؤمنين (ع) المتقدمين (* 3) وغيرهما. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره غير واحد: من أن الاقتصار على ذكر التغميض في المستلقي لانه لمزيد الضعف فيه لا يمكنه الايماء بالرأس غالبا. هذا والجمع العرفي بين هذه النصوص يقتضي الحمل على التخيير لا الترتيب كما هو المشهور.

 

 

____________

(* 1) الاول في الصفحة: 116. والثاني في صفحة: 119. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام ملحق حديث: 6. (* 3) الاول في صفحة: 119 والثاني في صفحة: 122.

 

===============

 

( 124 )

 

[ وليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه (1)، ويزيد في غمض العين للسجود على غمضها للركوع (2)، ] ودعوى: اختصاص نصوص الايماء في المستلقي بصورة إمكانه، فتكون أخص مطلقا من خبري التغميض لشمولهما لصورتي إمكان الايماء وعدمه فيتعين الجمع بحمل خبر ي التغميض على صورة عدم إمكان الايماء ويثبت الترتيب المذكور في المضطجع بعدم القول بالفصل، معارضة: باختصاص خبري التغميض أيضا بصورة إمكانه، فتكون من هذه الجهة أخص من نصوص الايماء، فيكون التعارض بالعموم من وجه، ولاوجه لترجيح تخصيص أحدهما على تخصيص الآخر. مع أن دعوى عدم الفصل بين المستلقي والمضطجع عهدتها على مدعيها. (1) عن الذكر ى: نسبته إلى الاصحاب، ويشهد له النبوي (* 1) المرسل في الفقيه الذي ذكر فيه الايماء في المستلقي والعلوي (* 2) الشامل له وللمضطجع المتقدمان، وكفى بهما حجة، ولا سيما بعد اعتماد الاصحاب عليهما، وتأييدهما بغيرهما مما تضمن الامر بذلك لمن يصلي ماشيا أو على راحلته: من روايات سماعة، ويعقوب بن شعيب المذكورة في الوسائل في باب جواز الفريضة ماشيا وجواز النافلة في المحمل (* 3). (2) كما عن ابن حمزة، وسلار، وابن سعيد، والمحقق والشهيد الثانيين وغيرهم، للفرق، ولايماء الامر به في الايماء إليه. وهو كما ترى. إذ الفرق غير ظاهر الوجوب، ولو سلم فلا ينحصر بذلك. وإيماء الامر ليس بحجة بنحو يقيد إطلاق النص، مع أن الغمض لا يقبل الزيادة إلا في المدة، وهي

 

 

____________

(* 1) تقدم في صفحة: 116. (* 2) تقدم في صفحة: 122. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب القبلة حديث: 14 و 15.

 

===============

 

( 125 )

 

[ والاحوط وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة (1)، ] غير مرادة لهم ظاهرا وان حكيت عن الموجز الحاوي، فتأمل جيدا. ولذا نفى في كشف اللثام الدليل على هذا الحكم. (1) لما عن جماعة، منهم الشهيدان، والكركي، والمقداد، والصيمري: من وجوب تقريب جبهته إلى ما يصح السجود عليه، أو تقريبه إليها لان ملاقاة الجبهة له واجبة، فلا تسقط بتعذر غيرها. ويشهد لهم موثق سماعة: " عن المريض لايستطيع الجلوس قال (ع): فليصل وهو مضطجع، وليضع على جبهته شيئا إذا سجد، فانه يجزي عنه، ولن يكلف الله مالا طاقة له به " (* 1) ومرسل الفقيه: " سئل عن المريض لا يستطع الجلوس، أيصلي وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئا؟ قال (ع): نعم، لم يكلفه الله إلا طاقته " (* 2) فيقيد بهما إطلاق الايماء لو كان. وربما يجمع بينهما بالتخيير بين الايماء المجرد والوضع كذلك، لظهور الخبرين المذكورين في بدلية الوضع المجرد عن الايماء تعيينا، وظهور نصوص الايماء في بدليته تعيينا مجردا عن الوضع، فترفع اليد عن ظهورهما في التعيين، بشهادة صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): قال " سألته عن المريض، قال (ع): يسجد على الارض أو على مروحة أو على مسواك يرفعه، وهو أفضل من الايماء " (* 3)، ومصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " عن المريض إذا لم يستطع القيام والسجود. قال (ع): يومئ برأسه إيماء، وأن يضع جبهته على الارض أحب إلى " (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 2.

 

===============

 

( 126 )

 

وقيل: بأن الوضع بدل عند تعذر الايماء، حملا لنصوص الوضع، على ذلك، بشهادة خبر ابن جعفر (ع): " عن المريض الذي لايستطيع القعود ولا الايماء، كيف يصلي وهو مضطجع؟ قال (ع): يرفع مروحة إلى وجهه، ويضع على جبينيه، ويكبر " (* 1). وربما حكي القول بوجوب الوضع فقط للمضطجع والمستلقي، وعدم وجوب الايماء عليه، عملا بالموثق والمرسل، وطرحا لنصوص الايماء. أقول: أما القول الاخير ففي غاية الضعف، إذ الطرح والترجيح فرع التعارض وعدم إمكان الجمع، لكنه ممكن كما سيأتي. ولو سلم فنصوص الايماء أرجح، لانها أصح سندا وأشهر رواية، بل لعلها متواترة إجمالا، ولاسيما مع تأيدها بنصوص الايماء في الموارد الكثيرة، مثل ما ورد في الراكب والماشي (* 2)، والعاري (* 3)، ومن يخاف الرعاف (* 4) ومن يخاف على عينه (* 5)، وغير ذلك. فكيف يرجح الموثق والمرسل عليها؟! وأما القول الذي قبله ففيه: أن خبر ابن جعفر (ع) - مع أنه لا يخلو من أشكال، لظهوره في أن وضع المروحة على الجبين إنما هو حال التكبير فلا يكون مما نحن فيه - لا يصلح شاهدا للجمع، لعدم منافاته لكل من الطائفتين، فكيف يصلح للجمع بينهما؟! مع أن الموثق ظاهر في أن الوضع على الجبهة حال الايماء المراد من قوله (ع): " إذ سجد " فكيف يحمل على حال العجز عن الايماء؟!. وأما المرسل فغير ظاهر في وجوب الوضع،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 21. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب القبلة حديث: 14 و 15 (* 3) الوسائل باب: 50 من ابواب لباس المصلي حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب القيام حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 7 من ابواب القيام حديث: 2.

 

===============

 

( 127 )

 

لان الظاهر من السؤال - بقرينة قوله (ع) في الجواب: " نعم لم يكلفه... " - هو السؤال عن جوازا لاجتزاء بذلك، فلا يصح الاستدلال به على الوجوب، لاجمعا مع الايماء، ولا تخييرا بينهما، ولا تعيينا، ولا ترتيبا، كما لا يخفى. وأما القول الذي قبله ففيه: أن ظهور كل من الدليلين في البدلية على الاستقلال لو سلم - فهو ضعيف جدا، لا يقوى على مدافعة ظهور كل من الطائفتين في الوجوب التعييني، بل الثاني أقوى فيقدم عليه، ولازمه وجوب الجمع. وأما الصحيح والمصحح فلا يصلحان للشهادة على التخيير، لان السجود على الارض ووضع الجبهة عليها إنما يكونان بالايماء، فكيف يصح أن يدعى دلالته على الاكتفاء بمجرد الوضع؟!. نعم لو كانت العبارة هكذا: " وأن يضع على جبهته شيئا أحب إلي أو أفضل من الايماء " كان للتوهم المذكور مجال، لكنه ممنوع جدا في المصحح، لظهوره في أن الوضع مع الايماء أحب إليه من الايماء وحده، لاأن الوضع المجرد أحب إليه من الايماء المجرد. نعم لا يبعد ذلك في الصحيح، وإن كان لا يخلو من تأمل، ولو تم فانما هو في العبارة الفرضية لا الفعلية، إذ قد عرفت أن الظاهر من قوله: " يسجد على الارض " أنه يومئ إلى أن تصل جبهته إلى الارض. وأما القول الاول فقد عرفت أن المرسل لا يصلح جحة له لعدم ظهوره في وجوب الوضع. وأما الموثق فهو - وإن دل على وجوبه - معارض بصحيح زرارة ومصحح الحلبي لظهورهما في استحباب الوضع زائدا على الايماء، كما عرفت، وحملهما على مثل قوله تعالى: (قل ما عند الله خير من اللهو...) وقولهم: " السيف أمضى من العصا " لاداعى إليه. ومخالفتهما للاجماع المحكي عن المنتهى وظاهر غيره ممنوعة لاختصاص الاجماع بصورة الانحناء الكثير الذي لا يبلغ المقدار الواجب، ولا يشمل صورة الايماء بالرأس على نحو يلاقي المروحة ونحوها. والخبران إن لم يكونا ظاهرين فيه،

 

===============

 

( 128 )

 

[ والايماء بالمساجد الاخر أيضا (1) وليس بعد المراتب المزبورة حد موظف (2)، فيصلي كيف ما قدر، وليتحر الاقرب إلى صلاة المختار (3)، وإلا فالاقرب إلى صلاة المضطر على الاحوط. ] فلا أقل من إمكان حملهما عليه فيرتفع التنافي. ودعوي: أن ظاهر معقد الاجماع الشمول للصورة الثانية. مندفعة: بوضوح الخلاف فيها فإذا الاكتفاء بالايماء المجرد أقوى. (1) كما في حاشية النجاة لشيخنا الاعظم ولم أقف عليه لغيره. وكأن وجهه: احتمال كون موضوع الايماء جميع المساجد لا خصوص الجبهة وفيه: أنه خلاف المنصرف من الايماء المذكور في النصوص ولاسيما بعد اشتمال بعض النصوص على التقييد بالرأس فلامحل للتوقف فيه. ثم إنه لا ينبغي التأمل في اختصاص ذلك على تقدير القول به بصورة إمكانه كما في المضطجع أما الجالس فلايتأتى ذلك منه بالنسبة إلى الركبتين وإبهامي الرجلين، وكذا المستلقي فانه قد لايستطيع الايماء بها إلى القبلة. (2) لخلو النصوص عن التعرض لغير ما سبق. (3) إن كان الوجه فيه قاعدة الميسور فقد عرفت الاشكال في الدليل عليها، والاجماع عليها في المقام بنحو يقتضي وجوب بدل آخر قريب من بدله غير ثابت، فان الظاهر منها الميسور للاصل لا لبدله. ومنه يظهر ضعف ما عن كشف الغطاء: من أنه لو تعذر الايماء بالرأس والعين انتقل إلى الايماء بباقي الاعضاء. انتهى، وإن قال في في الجواهر: " وهو لا يخلو من وجه وإن كان ظاهر الاصحاب خلافه ". وإن كان الوجه فيه أصالة التعيين لكون المورد من قبيل ما يتردد فيه بين التعيين والتخيير ففي محله، فإذا شك في وجوب الايماء بباقي الاعضاء فالمرجع أصل البراءة، وإذا لم يتمكن الجلوس ولا الاضطجاع ولا الاستلقاء، ويتمكن من أن يكون

 

===============

 

( 129 )

 

[ مسألة 16): إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائما جلس وركع جالسا (1)، وإن لم يتمكن من الركوع والسجود صلى قائما وأومأ للركوع والسجود (2) وانحنى لهما بقدر الامكان (3)، وإن تمكن من الجلوس جلس لايماء السجود (4)، ] مكبوبا على وجهه، وتردد في وجوب أن يكون مكبوبا على أحد الجانبين بحيث يصير قريبا من المضطجع، وعدمه فيتخير، كان اللازم الاول، عملا بأصالة الاحتياط المقتضية للتعيين عند الدوران بينه وبين التخيير، فليست الفروض كلها على نسق واحد. (1) لانه الميسور له، هذا إذا لم يتمكن من الانحناء أصلا، أما إذا تمكن منه في الجملة - وإن لم يكن على الوجه المعتبر - فسيأتي في مبحث الركوع أنه يجتزئ بالانحناء اليسير الممكن ويأتي وجهه إن شاء الله. (2) لما سبق من بدلية الايماء عنهما. (3) قد تقدم في المسألة السابقة اختصاص ذلك بصورة صدق الركوع الناقص، لا السجود كذلك ولو بدفع ما يسجد، عليه فإذا لم يصدق ذلك أجزأ الايماء، لعموم بدليته، ولا تجب زيادة الانحناء، للاصل. (4) كما هو أحد القولين في المسألة، واختاره العلامة الطباطبائي في منظومته، قال (قدس سره): " وكل إيماء عن السجود من * غير قيام ماخلا العاري الامن ". وكأنه لقاعدة الميسور. وفيه: أن الجلوس لا يعتبر في السجود لا شرطا و لا ظرفا، إذ السجود الواجب وضع المساجد على الارض فإذا فرض تعذر ذلك وبدلية الايماء لم يكن وجه لوجوب الجلوس إلا كونه أقرب إلى حال الساجد وقد عرفت أن هذا المقدار لا تصلح قاعدة

 

===============

 

( 130 )

 

[ والاحوط وضع ما يصح السجود عليه على جبهته (1) إن أمكن. (مسألة 17): لو دار أمره بين الصلاة قائما موميا أو جالسا مع الركوع والسجود فالاحوط تكرار الصلاة (2)، وفي الضيق يتخير بين الامرين. ] الميسور لاثباته. نعم يشكل الحال في الجلوس الواجب بين السجدتين، فان مقتضى القاعدة المذكورة وجوبه حال تعذر السجود وبدلية الايماء. وسقوط السجود بالتعذر لا يقتضي سقوطه، لكن لم أقف على من تعرض له ولعل نظر القائل بوجوب الجلوس إليه لا إلى الجلوس حال السجود. فتأمل. (1) تقدم الكلام فيه. (2) اختار في الجواهر في أول كلامه تعين الاول، حاكيا عن بعض التصريح به، مستظهرا من آخر انه المشهور بل المتفق عليه، حاكيا عن الرياض عن جماعة دعوى الاتفاق عليه، لاشتراط الجلوس بتعذر القيام في النصوص، ولان الخطاب بأجزاء الصلاة مرتب، فيراعي كل جزء حال الخطاب به بالنسبة إليه وبدله، ثم الجزء الثاني، وهكذا إلى تمام الصلاة. ولما كان القيام أول أفعالها وجب الاتيان به مع القدرة عليه، فإذا جاء وقت الركوع والسجود خوطب بهما، فان استطاع، وإلا فبدلهما، ثم قال: " ويحتمل - كما مال إليه في كشف اللثام - تقديم الجلوس والاتيان بالركوع والسجود " بل قال: " وكذا إذا تعارض القيام والسجود وحده، ولعله لانهما أهم من القيام، خصوصا بعد أن ورد: " أن الصلاة ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود " (* 1)، " وأن أول الصلاة الركوع " (* 2) ونحو ذلك. ولان أجزاء الصلاة وإن كانت مترتبة في الوقوع إلا أن الخطاب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب الركوع، حديث: 1 والحديث منقول - هنا - بالمعنى (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب الركوع حديث: 6.

 

===============

 

( 131 )

 

بالجميع واحد حاصل من الامر بالصلاة، فمع فرض تعذر الاتيان بها كما هي اختيارا وجب الانتقال إلى بدلها الاضطراري، ولما كان متعددا - ضرورة كونه إما القيام وحده أو الجلوس مع استيفاء باقي الافعال - وجب الترجيح بمرجح شرعي، ولعل الاهمية ونحوها منه، وأنها أولى بالمراعاة من السبق لما عرفت، ومع فرض عدم المرجح أو عدم ظهور ما يدل على الاعتداد به يتجه التخيير، كما احتمله في كشف اللثام هنا تبعا للمحكي عن المحقق الثاني ". ثم حكى عبارة جامع المقاصد الظاهرة في تردده في التخيير وترجيح الجلوس. ثم قال: " والمسألة لا تخلو من إشكال وإن كان احتمال تقديم الجلوس قويا ". أقول: لا ينبغي التأمل في أنه لو استفيد من نصوص الباب - مثل صحيح أبي حمزة " الصحيح يصلي قائما " (* 1)، وصحيح جميل: " إذا قوي فليقم " (* 2)، ونحوهما -: أن القدرة شرط شرعي لوجوب القيام والركوع والسجود وغيرها من الاجزاء الاختيارية، وجب تقديم السابق على اللاحق وإن كان اللاحق أهم، لحصول القدرة على السابق في حاله، فيثبت وجوبه ولا يزاحم بوجوب اللاحق، لعدم وجوب إبقاء القدرة عليه إلى زمان فعله، لان الوجوب المشروط لا يقتضي حفظ شرطه فإذا لم بجب شرعا ولا عقلا إبقاء القدرة إلى زمان فعل الثاني لم يكن للمكلف عذر في ترك الاول والانتقال إلى بدله لحصول شرط وجوبه، فتركه معصية له جزما. وإن لم يستفد من النصوص المذكورة شرطية القدرة للوجوب شرعا لعدم دخلها في ملاكه بل كانت شرطا عقليا لتنجز التكليف بالجزء لاغير جاء الاشكال، لان التكليف بالجزء الاول يقتضي صرف قدرة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب القيام حديث: 3.

 

===============

 

( 132 )

 

المكلف فيه والتكليف بالجزء الثاني يقتضي أيضا حفظ القدرة لتصرف فيه، فان كان مرجح لاحد الاقتضائين لاهمية الملاك قدم وإن كان متأخرا زمانا، وإلا يتخير، والتقدم الزماني لاأثر له في الترجيح في نظر العقل. نعم لو قيل بعدم وجوب حفظ القدرة إلى زمان الفعل وجب القول بتعين فعل الاول لعدم المزاحم له حال فعله. لكنه خلاف التحقيق، إذ لافرق في نظر العقل في حرمة تفويت الواجب بتفويت مقدمته بين ما قبل وقته وما بعده، والرجوع إلى العقلاء شاهد بذلك. اللهم الا أن يقال: التكليف بالثاني لا يوجب سلب القدرة الخارجية على الاول قطعا، كما أنه إنما يوجب سلب القدرة التشريعية عليه لو كان الثاني أهم أمالو كان مساويا للاول في الاهتمام فلاجل مزاحمته بالاول لا يصلح لسلب القدرة عليه تشريعا، ومع وجود القدرة الخارجية والتشريعية للمكلف على الاول لا عذر له في تركه فكيف يسوغ له تركه؟!. فان قلت: ما الفرق بين المتزاحمين العرضيين والتدريجيين، مع أنه لاريب في التخيير بين الاولين. قلت: الفرق بينهما أن القدرة الخارجية في العرضيين ليست عرضية حاصلة بالاضافة إلى كل منهما في عرض الآخر بل بدلية حاصلة بالاضافة إلى كل في ظرف عدم الآخر، ومنتفية عن كل في ظرف وجود الآخر، فإذا فعل المكلف أحدهما وترك الآخر صح له الاعتذار عن تركه بعدم القدرة الخارجية عليه، وليس الحال كذلك في التدريجيين، فان الاو ل منهما مقدور بالقدرة الخارجية بلاشر ط، والثاني مقدور بشرط عدم فعل الاول، فإذا ترك الاول لم يصح الاعتذار عن تركه بعدم القدرة، عليه وإذا فعله وترك الثاني صح له الاعتذار عن تركه بعدم القدرة عليه، وقد عرفت أنه لا نقص في القدرة التشريعية أيضا إذا لم يكن الثاني أهم، فإذا كان الامر بالثاني لا يوجب نقصا في القدرة

 

===============

 

( 133 )

 

الخارجية ولا التشريعية على الاول لعدم الاهمية لم يكن للمكلف عذر في تركه. هذا غاية ما يقال في تقريب وجوب تقديم الاول. وفيه: أنك عرفت أن التكليف بالثاني إذا كان يقتضي حفظ القدرة عليه - كما هو مقتضى البناء على حرمة تفويت المقدمات قبل الوقت - فالمكلف في زمان الاول ليس له قدرة عرضية خارجية على فعله وعلى حفظ قدرته للثاني، بل القدرة الخارجية عليهما بدلية كالعرضيين، وحينئذ يتخير بين فعل الاول جريا على مقتضى التكليف به وبين حفظ قدرته للثاني جريا على مقتضى التكليف به، ولا وجه لترجيح الاول على الثاني، كما لاوجه لترجيح الثاني على الاول. فالعمدة في وجوب ترجيح الاول دعوى كون القدرة شرطا في الوجوب كما يقتضيه الجمود على عبارة النصوص المشار إليها آنفا، لكن فيها: أنها خلاف المرتكزات العرفية، فالاخذ باطلاق مادل على وجوب القيام والركوع والسجود وغيرها، وحمل النصوص المذكورة على أنها في مقام بيان موضوع التكليف الفعلي إرشادا إلى ما عند العقل أولى من تقييد تلك الاطلاقات كما هو ظاهر، وعليه العمل في أكثر المقامات. نعم لو لم يكن في المقام ذلك الاطلاق كان البناء على شرطية القدرة للوجوب في محله، لكنه خلاف الواقع وعليه يتعين القول بالتخيير إلا إذا كان الثاني أهم فيتعين الاخذ به. هذا وأما فرض المسألة، فالدوران فيه بين الجلوس فيفوته ركنان: القيام حال التكبير، والقيام المتصل بالركوع، وواجب غير ركن: وهو القيام حال القراءة، وبين القيام فيفوته ركنان: الركوع والسجود: ولا تبعد دعوى أهمية الركوع والسجود كما يقتضيه ما تضمن: " أن الصلاة ثلث ركوع وثلث سجود "، " وأن أول الصلاة ركوع " (* 1)، " وأنه لا تعاد

 

 

____________

(* 1) تقدما في صدر التعليقة.

 

===============

 

( 134 )

 

[ (مسألة 18): لو دار أمره بين الصلاة قائما ماشيا أو جالسا، فالاحوط التكرار أيضا (1). ] الصلاة إلا من الوقت والقبلة والطهور والركوع والسجود " (* 1)، كما أشار إلى ذلك في محكي كشف اللثام، ويساعده ارتكاز المتشرعة، والمقام وان لم يكن من باب التزاحم كي يحكم العقل بوجوب ترجيح الاهم أو محتمل الاهمية - كما أشرنا إليه آنفا -، بل من باب الدوران في تعيين البدل الاضطراري، للتردد في تطبيق قاعدة الميسور الدالة على وجوب الميسور وبدليته عن التام، فالتردد في أن كلا من الامرين ميسور أو أحدهما بعينه هو الميسور دون الآخر، والوجوه المذكورة تستدعي كون الميسور هو الثاني فيتعين، لا الاول فلايجتزأ به في البدلية. ولا ينافي ما ذكرنا ما دل على اشتراط بدلية الجلوس بتعذر القيام، لاختصاص ذلك بغير المقام. هذا وظاهر كلمات الجماعة: أن المقام من باب التزاحم، فان الاخذ بالاهم أو الاسبق إنما يكون في المتزاحمات، لكنه ليس كذلك، ولعل مرادهم ما ذكرنا وإن بعد. نعم يبقى الاشكال في إطلاق قاعدة الميسور، لاجل أن دليلها الاجماع الذي لا مجال له مع وجود الخلاف. ويدفع: بأن الخلاف ليس في القاعدة، وإنما الخلاف في مورد تطبيقها، فالعمل بها مع العلم بالانطباق لازم. (1) المحكي عن جماعة منهم المفيد، والفاضل، والشهيد (قدس سرهم): ترجيح الصلاة ماشيا على الصلاة قاعدا، وربما يستشهد لهم برواية سليمان ابن حفص المروزي: " قال الفقيه (ع): المريض إنما يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي لا يقدر فيها على أن يمشي مقدار صلاته... إلى أن يفرغ

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من إبواب الركوع، حديث: 5 وتقدم نقله مرارا.

 

===============

 

( 135 )

 

قائما " (* 1) - مضافا الى أن الماشي إنما فقد الاستقرار وهو كفقد الاستقلال مقدم على القعود الرافع لاصل القيام. وأورد عليه بضعف الرواية سندا بعدم توثيق سليمان، ودلالة باحتمال أن يكون المراد تحديد العجز المسوغ للجلوس تعبدا، بأن لا يتمكن من المشي بقدر صلاته كما حكي عن المفيد ومحتمل النهاية، أو الكناية عن العجز عن القيام، لغلبة تلازم القدرتين، أو أنه إذا لم يقدر على المشي قدر الصلاة جاز له الجلوس وإن قدر على القيام بمشقة، فالمقصود تحديد المشقة التي تكون في القيام بالعجز عن المشي مقدار الصلاة، وبأن القيام الحاصل في المشي غير القيام المعتبر في الصلاة، إذ المراد منه الوقوف الذي تنافيه الحركة فضلا عن المشي. وفيه: أن الذي صرح به في المختلف في مبحث مفطرية الغبار وثاقة سليمان، والمعنى الاول مخالف للاخبار الصحيحة المتضمنة نفي تحديد العجز، وإيكال معرفته إلى نفس المصلي، وغلبة تلازم القدرتين ممنوع جدا. كيف والمشي مقدار الصلاة فيه من المشقة ما يزيد كثيرا على القيام مقدار الصلاة؟ مع أن القدرة على المشي مقدار الصلاة أخفى من القدرة على القيام ذلك المقدار، فكيف يجعل الاخفى طريقا لمعرفة الاجلى؟ وأما المعنى الثالث فبعيد جدا، ولاقرينة عليه، فكيف تحمل عليه الرواية؟ وكون المراد من القيام ما تنافيه الحركة فضلا عن المشي ممنوع جدا، بل المستفاد من النصوص والفتاوى أن المشي إنما ينافي الاستقرار المعتبر في أفعال الصلاة لاأصل القيام ولذا استدل على وجوب الاستقرار برواية السكوني الواردة في من يريد أن يتقدم وهو في الصلاة قال (ع): " فليكف عن القراءة " (* 2) ولم يستدل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب القيام حديث: 4. (* 2) الوسائل باب ج 34 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 136 )

 

[ (مسألة 19): لو كان وظيفته الصلاة جالسا وأمكنه القيام حال الركوع وجب ذلك (1). (مسألة 20): إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يتجدد العجز (2)، وكذا ] بها على وجوب القيام في القراءة. هذا والانصاف أن الرواية من حيث السند لا قصور فيها بعد اعتماد جماعة من الاعيان عليها، ورواية الاجلاء لها، وظاهرها وإن كان تحديد العجز المسوغ للجلوس تعبدا، لكن بقرينة معارضتها تحمل على إرادة عدم جواز الصلاة جالسا إن أمكن فعلها قائما فانه أقرب المعاني بعد المعنى الاول ولاسيما بعد مساعدة القاعدة المشار إليها في ذيل الاستدلال، فالبناء على وجوب الصلاة ماشيا في فرض المسألة قوي جدا. (1) تحصيلا للقيام المتصل بالركوع الذي عرفت أنه ركن، وللقيام ما دام الركوع الذي هو واجب، فان ذلك مقتضى قاعدة الميسور المعول عليها في مثل المقام. نعم يشكل ذلك فيما لو تجددت القدرة على القيام بنحو يمكن استئناف الصلاة قائما، إذ يمكن أن يقال حينئذ إن ذلك يكشف عن فساد الصلاة من أول الامر، فيجب الاستئناف ولا يجزي القيام للركوع فقط، وهذا يتم لو لم يكن إطلاق لادلة البدلية يقتضي ثبوت البدلية في جميع آنات العجز وإن لم يستمر - كما هو مبني القول بجواز البدار لذوي الاعذار - ولو فرض ثبوت الطلاق المذكور كان القول بالاستئناف مخالفا لقاعدة الاجزاء هذا وقد عرفت غير مرة من هذا الشرح الاشكال في ثبوت الاطلاق المذكور لادلة البدلية، فاطلاق وجوب المبدل منه المقتضي لوجوب الاستئناف محكم. (2) قد عرفت في المسألة السابعة عشرة أن المرجع: قاعدة الميسور

 

===============

 

( 137 )

 

[ إذا تمكن منه في بعض الركعة لا في تمامها. نعم لو علم من حاله أنه لو قام أول الصلاة لم يدرك من الصلاة قائما إلا ركعة، أو بعضها، وإذا جلس أولا يقدر على الركعتين قائما أو أزيد مثلا، لا يبعد وجوب تقديم الجلوس، لكن لا يترك الاحتياط حينئذ بتكرار الصلاة، كما أن الاحوط في صورة دوران الامر بين إدراك أول الركعة قائما والعجز حال الركوع أو العكس أيضا تكرار الصلاة (1). (مسألة 21): إذا عجز عن القيام ودار أمره بين الصلاة ماشيا أو راكبا، قدم المشي على الركوب (2). ] والظاهر أن الميسور يحصل بالقيام ثم الجلوس، وبالجلوس أولا ثم القيام، ولا ترجيح لاحد الفردين على الآخر بالنظر إلى نفس الميسور، ولكن الظاهر من العقلاء ترجيح التطبيق الاول على الثاني، ومع الشك يكون المقام من موارد الدوران بين التعيين والتخيير والمرجع فيه الاحتياط. (1) اختار في الجواهر - فيما لو قدر على القيام زمانا لا يسع القراءة والركوع - تقديم القراءة والجلوس للركوع، حاكيا التصريح به عن بعض وحكايته عن آخرين وعن المبسوط والنهاية والسرائر والمهذب والوسيلة والجامع أنهم قدموا الركوع على القراءة، وعن المبسوط نسبته إلى رواية أصحابنا، لكن الرواية لم تثبت، والقاعدة التي أشرنا إليها تقتضي ما ذكر في الجواهر، ولعل الرواية التي أشار إليها في المبسوط: ما ورد من أن الجالس إذا قام في آخر السورة فركع عن قيام يحسب له صلاة القائم، لكنها في غير ما نحن فيه. (2) هذا لااشكال فيه بناء على تقديم المشي على الجلوس، وكذا

 

===============

 

( 138 )

 

[ (مسألة 22): إذا ظن التمكن من القيام في آخر الوقت وجب التأخير، بل وكذا مع الاحتمال (1). ] بناء على تقديم الجلوس عليه، من أجل أهمية الاستقرار الجلوسي من القيام بلا استقرار، لفوات الاستقرار حال الركوب، فيتعين المحافظة على القيام أما بناء على أن تقديم الجلوس عليه لان المشي غير القيام، كما تقدم احتماله أو القول به فيرجع إلى عموم: " من لايستطيع الصلاة قائما يصلي جالسا " (* 1) يتعين في الفرض تقديم الركوب على المشي، لان الركوب جلوس بلا استقرار، لكن عرفت ضعف الاخير، فما في المتن قوى. (1) لاريب في أن مقتضى إطلاق دليل الواجب الاختياري أنه لو تعذر فعله في جزء من الوقت يتعين عليه في الجزء الآخر، فان تعذر في الاول تعين التأخير وإن تعذر في الآخر تعين البدار، وأما أدلة الابدال الاضطرارية فان كان لها إطلاق يقتضي ثبوت البدلية بمجرد تحقق الاضطرار في جزء من الوقت وإن لم يستمر إلى آخر الوقت، جاز الانتقال إلى البدل لو تحقق الاضطرار في أول الوقت، وان علم بارتفاعه في آخر الوقت، وإن لم يكن لها هذا الاطلاق لم يحكم بثبوت البدلية بمجرد ذلك وحينئذ يتعين الرجوع إلى إطلاق أدلة الواجب الاختياري الذي قد عرفت أن مقتضاه وجوب التأخير. هذا وقد عرفت قريبا الاشارة إلى عدم ثبوت هذا الاطلاق لادلة الابدال الاضطرارية، فيتعين التأخير مع العلم بالزوال. نعم مع احتماله لا بأس بالمبادرة إلى فعل البدل الاضطراري، لاحتمال استمرار العذر، فان انكشف الاستمرار انكشفت الصحة، وإن انكشف زوال العذر انكشف البطلان، بل لو قطع باستمرار العذر فبادر إلى فعل البدل الاضطراري ثم انكشف زوال العذر انكشف البطلان أيضا. وعلى

 

 

____________

(* 1) هذا مستفاد من عدة إحاديث. راجع الواسائل باب: 1 و 14 وغيرهما من ابواب القيام.

 

===============

 

( 139 )

 

[ (مسألة 23): إذا تمكن من القيام، لكن خاف حدوث مرض أو بطء برئه جاز له الجلوس (1)، وكذا إذا خاف من الجلوس جاز له الاضطجاع، وكذا إذا خاف من لص أو عدو أو سبع أو نحو ذلك. (مسألة 23): إذا دار الامر بين مراعاة الاستقبال أو القيام فالظاهر وجوب مراعاة الاول (2). ] هذا فوجوب التأخير مع الاحتمال يراد منه عدم الحكم بالاجتزاء لو بادر إلى البدل، لا الحكم بعدم الاجتزاء واقعا. (1) بلا خلاف ظاهر ولا إشكال، ويشير إليه صحيح ابن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الاطباء فيقولون: نداويك شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا كذلك يصلي؟ فرخص في ذلك وقال (ع): فمن اضطر عليه باغ ولاعاد فلا إثم عليه " (* 1) ونحوه غيره. بل لمستفاد من النص والفتوى أن الابدال الاضطرارية أبدال عند سقوط الواجب الاختياري سواء أ كان المسقط الاضطرار أم الحرج، فلو كان القيام مقدورا لكنه حرجي انتقل إلى الجلوس أيضا، وهكذا في بقية المراتب. ففي خبر عبد الله بن جعفر (ع): " عن رجل نزع الماء من عينيه أو يشتكي عينيه ويشق عليه السجود هل يجزئه أن يومئ وهو قاعد؟ أو يصلي وهو مضطجع؟ قال (ع): يومئ وهو قاعد " (* 2). (2) لاهمية الاستقبال من القيام كما يشير إليه صحيح: " لا تعاد الصلاة " (* 3) حيث استثني فيه فقد الاستقبال ولم يستثن منه فقد القيام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب القيام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب القيام حديث: 2. (* 3) تقدم في آخر مسألة: 17.

 

===============

 

( 140 )

 

[ مسألة 25): لو تجدد العجز في أثناء الصلاة عن القيام انتقل إلى الجلوس (1) ولو عجز عنه انتقل إلى الاضطجاع ولو عجز عنه انتقل إلى الاستلقاء ويترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال إلى أن يستقر (2). ] لكنه معارض بما دل على ركنية القيام، بل ما دل على صحة الصلاة مع الانحراف إلى مابين اليمين واليسار، يدل على عدم ركنية الاستقبال مطلقا وحينئذ فلو دار الامر بين القيام مع الانحراف إلى بين اليمين واليسار وبين ترك القيام واستقبال نقطة القبلة يتعين الاول، لعدم فوات الركن فيه بخلاف الثاني، ولو دار الامر بين القيام مع الاستدبار وبين الاستقبال وترك القيام، لم يكن مرجح لاحدهما على الآخر، لكن عرفت سابقا أن المدار في الترجيح تطبيق قاعدة الميسور، ولا يبعد أن يكون تطبيقها على واجد تمام الاجزاء فاقد الشرط، أولى من تطبيقها على فاقد الجزء واجد الشرط ومقتضى ذلك ترجيح القيام على الاستقبال مطلقا. بل لو قيل بأن القيام شرط فترجيح مثله مما كان له وجود خارجي عيني على ما لم يكن كذلك بل كان إضافة خارجية كالاستقبال غير بعيد. (1) ولا يجب عليه الاستئناف، بلا خلاف ظاهر، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في المقام. نعم عن بعض العامة القول بالاستئناف وعدم الاجتزاء بصلاة ملفقة من الاحوال. وفيه: أنه خلاف إطلاق أدلة البدلية الشامل للعجز الطارئ في الاثناء شموله للعجز الطارئ قيل الدخول في العمل. بل لا يجوز الاستئناف لانه تفويت للجزء الاختياري المأتي به قبل طروء العجز. (2) كما عن جماعة منهم الكركي والاردبيلى وسيد المدارك، لان الاستقرار شرط مع القدرة، ولم يحصل في الهوي، لكن عن الاكثر أنه

 

===============

 

( 141 )

 

[ (مسألة 26): لو تجددت القدرة على القيام في الاثناء انتقل إليه (1)، وكذا لو تجدد للمضطجع القدرة على الجلوس ] يقرأ في حال الانتقال. بل عن الذكرى نسبته إلى الاصحاب، واستدل لهم بأن الهوي أقرب إلى القيام فتجب المبادرة حاله إلى الاتيان بما أمكن من القراءة والذكر، وفوات الاستقرار لا يقدح، لانه شرط مع الاختيار لا مطلقا، ومع الدوران بينه وبين ما هو أقرب إلى القيام يتعين الاخذ بالثاني، لان فوات الوصف أولى من فوات الموصوف. وفيه: أنه إنما يتم لو كان الهوي من القيام، إذ يكون الفرض من قبيل مالو دار الامر بين القيام مضطربا والجلوس الذي لا إشكال في وجوب تقديم الاول، لكن من الواضح أن الهوي ليس من القيام في شئ. نعم هو أقرب إلى القيام من الجلوس، لكن مجرد ذلك غير كاف في رفع اليد عن إطلاق ما دل على وجوب الجلوس لمن لا يتمكن من القيام، وقاعدة الميسور بنحو تقتضي ذلك غير ثابتة، ولذا لو دار الامر مع تعذر القيام بين الصلاة في حال النهوض أو الهوي، وبينها في حال الجلوس يتعين الثاني، أخذا بدليل بدلية الجلوس من غير معارض. (1) بلا خلاف فيه منا ظاهر. نعم عن بعض العامة لزوم الاستئناف كما في المسألة السابقة، لما سبق مما عرفت ضعفه. نعم يتوجه بناء على عدم جواز البدار لذوي الاعذار، فان تجدد القدرة مع اتساع الوقت للاستئناف كاشف عن عدم مشروعية الفعل من أوله، كما أنه لو بني على جواز البدار كان البناء على عدم وجوب الاستئناف في محله، وكذا لو كان الوقت يضيق عن الاستئناف، لان الفعل حينئذ مشروع من أول وقوعه فلا موجب لاستئنافه. هذا ومما ذكرنا يظهر أن إطلاق المصنف (ره) الحكم بالانتقال في هذه المسألة لا يناسب ما سبق في المسألة الثانية والعشرين.

 

===============

 

( 142 )

 

[ أو للمستلقي القدرة على الاضطجاع ويترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال (1). (مسألة 27): إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع، وليس عليه إعادة القراءة (2)، وكذا لو تجددت في أثناء القراءة لا يجب استئنافها ولو تجددت بعد الركوع فان كان بعد تمام الذكر انتصب للارتفاع منه (3)، وإن كان قبل تمامه ارتفع منحنيا إلى حد الركوع القيامي (4)، ولا يجوز له الانتصاب ثم الركوع (5)، ولو تجددت بعد رفع الرأس من الركوع لا يجب عليه القيام للسجود لكون انتصابه الجلوسي بدلا عن الانتصاب القيامي (6)، ويجزئ عنه لكن الاحوط القيام للسجود عنه. ] (1) الظاهر أنه لاإشكال هنا فيما ذكره، لعدم تأتي ما في المسألة السابقة لامكان الاتيان بالواجب الاصلي الاختياري كما هو ظاهر. (2) عدم لزوم إعادة القراءة، بل عدم لزوم استئناف الصلاة مبني على ما في المسألة السابقة إطلاقا وتقييدا كما هو ظاهر. (3) تحصيلا للقيام بعد الركوع (4) تحصيلا للذكر حال الركوع القيامي. (5) لئلا تلزم زيادة الركوع. (6) فإذا وقع منه بقصد امتثال الامر الاضطراري أجزأ عن المبدل منه الاختياري، والفرق بينه وبين القيام قبل الركوع - الذي تقدم وجوب فعله لو تجددت القدرة بعد القراءة - أن ذلك القيام لا يتشخص بدلا إلا باتصاله بالركوع، فما لم يتحقق الركوع لم يتحقق، فيجب فعله لو تمكن

 

===============

 

( 143 )

 

[ (مسألة 28): لو ركع قائما ثم عجز عن القيام فان كان بعد تمام الذكر جلس منتصبا ثم سجد، وإن كان قبل الذكر هوى متقوسا إلى حد الركوع الجلوسي ثم أتى بالذكر. (مسألة 29): يجب الاستقرار حال القراءة والتسبيحات وحال ذكر الركوع والسجود (1)، بل في جميع أفعال الصلاة وأذكارها، بل في حال القنوت والاذكار المستحبة (2)، ] منه قبل الركوع وليس القيام بعد الركوع كذلك، بل هو مجرد قيام فإذا تحقق بدله وهو مجرد الانتصاب أجزأ عنه. نعم لو كان القيام بعد الركوع هو القيام المتصل بالهوي إلى السجود كان الواجب تداركه عند تجدد القدرة ما لم يسجد، كما في القيام المتصل بالركوع. وبالجملة: إن كان القيام بعد الركوع من توابع الركوع فقد حصل بدله، وإن كان من توابع السجود لم يحصل، ووجب فعله مع الامكان، وسيأتي الكلام في ذلك في مباحث الركوع والسجود. (1) قد تقدم في تكبيرة الاحرام والقيام والاشارة إلى وجهه وأن العمدة فيه الاجماع. (2) إجماعا كما في الجواهر ذكره في مبحث القيام مستشهدا بما ذكره العلامة الطباطبائي (ره) في منظومته حيث قال: " لا تصلح الصلاة في اختيار * إلا من الثابت ذي القرار وذاك في القيام والقعود * فرض وفي الركوع والسجود يعم حال فرض تلك الاربعة * الندب بالاجماع في فرض السعة وهي بمعنى الشرط في المندوب * فلا ينافي عدم الوجوب " لكن الاعتماد على مثل هذا الاجماع وإن عظم ناقلاه لا يخلو من إشكال

 

===============

 

( 144 )

 

[ كتكبيرة الركوع والسجود. نعم لو كبر بقصد الذكر المطلق في حال عدم الاستقرار لا بأس به، وكذا لو سبح، أو هلل، فلو كبر بقصد تكبير الركوع في حال الهوي له أو للسجود كذلك (1) أو في حال النهوض يشكل صحته فالاولى لمن يكبر كذلك أن يقصد الذكر المطلق. نعم محل قوله: بحول الله وقوته، حال النهوض للقيام. (مسألة 30): من لا يقدر على السجود يرفع موضع سجوده إن أمكنه وإلا وضع ما يصح السجود عليه على جبهته كما مر (2). ] إذ لم أقف على من تعرض لذلك في مباحث القنوت والاذكار المستحبة، بل المنسوب إلى المشهور عدم اعتبار الاستقرار في جلسة الاستراحة، فكيف يحصل الوثوق بنقله؟ ولاسيما وأن الطمأنينة ليست شرطا عندهم في جميع ما تجب فيه فكيف تكون شرطا في القنوت والاذكار المستحبة وغيرها من المستحبات في الصلاة؟ ولابد من المراجعة والتأمل. (1) الخلل في التكبير في حال الهوي ليس من أجل فقد الاستقرار، بل من جهة فقد المحل، فان محل التكبير للركوع والسجود حال الانتصاب لاحال الهوي، فالاتيان به في حال الهوي إتيان به في غير محله، وحينئذ يقع الكلام في صدق الزيادة القادحة بمجرد ذلك وعدمه، وقد تقدم منه في المسألة الثالثة الجزم ببطلان الصلاة للزيادة لو قنت جالسا، وقد تقدم في أوائل هذا الفصل الاشكال فيه فراجع. (2) الذي مر منه: التوقف في وجوب الوضع، وقد مركر الكلام فيه في المسألة الخامسة عشرة

 

===============

 

( 145 )

 

[ مسألة 31): من يصلي جالسا يتخير بين أنحاء الجلوس (1). نعم يستحب له أن يجلس جلوس القرفصاء (2)، وهو أن يرفع فخذيه وساقيه، وإذا أراد أن يركع ثنى رجليه (3)، و أما بين السجدتين وحال التشهد فيستحب أن يتورك (4). ] (1) لاطلاق الامر بالجلوس له - مضافا إلى صحيح عبد الله ابن المغيرة وصفوان وابن أبي عمير عن أصحابهم عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة في المحمل " صل متربعا وممدود الرجلين وكيف أمكنك (* 1). (2) المصرح به في القواعد وغيرها استحباب أن يتربع حال القراءة، وعن المعتبر نسبته إلى مذهبنا، وعن المدارك إلى علمائنا، بل عن الخلاف انه إجماعي، لحسن حمران عن أحدهما (ع): " كان أبي إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه " (* 2) والمذكور في كلام جماعة، بل نسب إلى المشهور تفسيره بنصب الساقين والفخذين وهو القرفصاء، وكأن الوجه في حملهم له على هذا المعنى - مع أنه أحد معانيه - كونه أقرب إلى القيام وأنسب بمقام العبادة. (3) استحبابه حال الركوع من حيث الفتوى كسابقه، ويشهد له حسن حمران السابق، وعن عدة من الاصحاب التصريح بأنه افتراش الرجلين تحته بحيث إذا قعد يقعد على صدرهما بغير إقعاء. (4) عن كشف الرموز حكاية استحبابه في التشهد عن الشيخ (ره) في المبسوط وأتباعه، وعن غيره نسبته أيضا إلى سائر المتأخرين. نعم في الشرائع نسبته إلى القيل، وعن جامع ابن عمه التصريح باستحباب التربع،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب القيام حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب القيام حديث: 4.

 

===============

 

( 146 )

 

[ مسألة 32): يستحب في حال القيام أمور: (أحدها): إسدال المنكبين (1). (الثاني): إرسال اليدين. (الثالث): وضع الكفين على الفخذين قبال الركبتين اليمنى على الايمن واليسرى على الايسر. (الرابع): ضم جميع أصابع الكفين. (الخامس): أن يكون نظره إلى موضع سجوده. (السادس): أن ينصب فقار ظهره ونحره (2). ] وكأنه لاطلاق حسن حمران السابق، لكنه قيل إنه لا يصلح لمعارضة مادل على استحباب التورك في مطلق التشهد كصحيح زرارة الآتي إن شاء الله في محله، والعمدة أن ظاهر الحسن استحباب التربع فيما قبل الركوع لا مطلقا، فتأمل. وأما استحبابه بين السجدتين فاستظهره في الجواهر، ويشهد له صحيح حماد الوارد في بيان كيفية الصلاة وقد عرفت الاشكال في حسن حمران. (1) ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالاخرى دع بينهما فصلا إصبعا أقل ذلك كل شبر أكثره وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبك أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وليكن نظرك إلى موضع سجودك " (* 1) ومنه ومن صحيح حماد يستفاد أكثر ما ذكر من المستحبات قال في الثاني: " فقام أبو عبد الله (ع) مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبله لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة... " (* 2) (2) لما تقدم من مرسل حريز في تفسير قوله تعالى: (فصل لربك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 147 )

 

[ (السابع): أن يصف قدميه (1) مستقبلا بهما متحاذيتين بحيث لا تزيد إحداهما على الاخرى ولا تنقص عنها. (الثامن): التفرقة بينهما بثلاث أصابع مفرجات، أو أزيد إلى الشبر. (التاسع)، التسوية بينهما في الاعتماد. (العاشر): أن يكون من الخضوع والخشوع، كقيام العبد الذليل بين يدي المولى الجليل.