فصل في زكاة الغلات الاربع

فصل في زكاة الغلات الاربع وهي كما عرفت: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. وفي إلحاق السلت - الذي هو كالشعير في طبعه وبرودته، وكالحنطة في ملاسته وعدم القشر له - إشكال (2) ] أو اشتروا ما يحتاجونه سنين مثلا، وغير ذلك من الاحتمالات التي تحصل له بالغيبة دون الحضور..). وفيه: أن لازم ذلك اطراد الحكم في الحاضر إذا كان على النحو المذكور في الغائب، ولا يظن الالتزام به مع أن حمل النصوص على ما ذكر مما لا قرينة عليه. فلاحظ. (1) بلا خلاف ولا إشكال. وعن جماعة: دعوى الاجماع عليه. والنصوص به صريحة، كصحيح زرارة: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل عنده مائة درهم، وتسعة وتسعون درهما، وتسعة عشر دينارا، أيزكيها؟ قال (ع): لا، ليس عليه زكاة في الدراهم، ولا في الدنانير حتى يتم) (* 1). ونحوه غيره فصل في زكاة الغلات الاربع (2) بل خلاف، فعن المبسوط والخلاف والمنتهى وجامع المقاصد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1.

 

===============

 

( 134 )

 

[ فلا يترك الاحتياط فيه. كالاشكال في العلس - الذي هو كالحنطة. بل قيل: إنه نوع منها، في كل قشر حبتان، وهو طعام أهل صنعاء - فلا يترك الاحتياط فيه أيضا. ولا تجب الزكاة في غيرها (1)، وإن كان يستحب إخراجها من كل ما تنبت الارض، مما يكال أو يوزن من الحبوب، كالماش والذرة، والارز، والدخن ونحوها. إلا الخضر والبقول. وحكم ما يستحب فيه حكم ما يجب فيه (2) في قدر النصاب، ] والمسالك والروضة وغيرها. وجوب الزكاة فيه، وفي العلس إلحاقا لها بالشعير والحنطة. وفي الشرائع، وعن التذكرة والموجز وغيرها: العدم، بل نسب إلى المشهور. ووجه الاول: دعوى جماعة من أهل اللغه: أن السلت ضرب من الشعير، وأن العلس ضرب من الحنطة. وفيه: أن كلام أهل اللغة لا يراد منه بيان الفردية للمفهوم العرفي، بل الفردية للمفهوم الحقيقي. مثل قولنا: البخار ماء)، والغبار تراب)، و (الدخان رماد) ونحو ذلك، مما يراد منه بيان وحدة الحقيقة لا غير. ولو سلم الاول فهو مخالف للمفهوم منهما عرفا، كما يشير إلى ذلك مصحح محمد بن مسلم: (سألته عن الحبوب ما يزكى منها. قال (ع): البر، والشعير، والذرة، والدخن، والارز، والسلت والعدس..) (* 1). ونحوه غيره. والحال في العلس هو الحال في السلت. (1) كما تقدم في أوائل المبحث. (2) للاطلاق المقامي لادلة الاستحباب، فان عدم تعرضها لبيان الخصوصيات المذكورة ظاهر في إيكال بيانها إلى بيان ما تجب فيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 4.

 

===============

 

( 135 )

 

[ وكمية ما يخرج منه، وغير ذلك. ويعتبر في وجوب الزكاة في الغلات أمران: الاول: بلوغ النصاب (1)، وهو بالمن الشاهي (2) ] (1) بلا خلاف ولا إشكال. وقد نقل الاجماع عليه جماعة كثيرة، كالنصوص الدالة عليه. منها: صحيح زراره عن أبي جعفر (ع): (ما أنبتت الارض من الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب ما بلغ خمسة أوسق والوسق ستون صاعا، فذلك ثلاثمائة صاع، ففيه العشر. وما كان يسقى بالرشا والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر. وما سقت السماء والسيح، أو كان بعلا ففيه العشر تاما. وليس فيما دون الثلاثمائة صاع شئ، وليس فيما أنبتت الارض شئ، إلا في هذه الاربعة أشياء) (* 1). ونحوه غيره. نعم في المرسل عن ابن سنان: (عن الزكاة في كم تجب في الحنطة والشعير؟ فقال (ع): وسق) (* 2) وفي موثق الحلبي: (في كم تجب الزكاة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر؟ قال (ع): في ستين صاعا) (* 3) وفي خبر أبي بصير: (لا يكون في الحب، ولا في النخل، ولا في العنب زكاة حتى تبلغ وسقين، والوسق ستون صاعا) (* 4). لكن الجميع محمول إجماعا على الاستحباب، أو غيره جمعا، ومثلها ما تضمن ثبوت الزكاة في القليل والكثير. (2) قد حكي عن جماعة دعوى الاجماع صريحا وظاهرا على أن الصاع أربعة أمداد، وأن المد رطلان وربع بالرطل العراقي، ورطل ونصف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الغلات حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب زكاة الغلات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الغلات حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب زكاة الغلات حديث: 3.

 

===============

 

( 136 )

 

[ - وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا صيرفيا - مائة وأربعة وأربعون منا، إلا خمسة وأربعين مثقالا. وبالمن التبريزي - الذي ] بالرطل المدني فيكون الصاع تسعة أرطال بالعراقي، وستة بالمدني. ويشهد له مكاتبة جعفر بن ابراهيم بن محمد الهمداني إلى أبي الحسن (ع): (جعلت فداك، إن أصحابنا اختلفوا في الصاع، بعضهم يقول: الفطرة بصاع المدني، وبعضهم يقول بصاع العراقي. قال فكتب إلي: الصاع ستة أرطال بالمدني، وتسعة أرطال بالعراقي قال: وأخبرني أنه يكون بالوزن ألفا ومائة وسبعين وزنة [ درهما. عيون الاخبار ]) (* 1)، وخبر ابراهيم بن محمد: (إن أبا الحسن صاحب العسكر (ع) كتب إليه في حديث: الفطرة عليك وعلى الناس.. (إلى أن قال): تدفعه وزنا: ستة أرطال برطل المدينة. والرطل مائة وخمسة وتسعون درهما، تكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما) (* 2). والمستفاد منهما: أن رطل العراقي مائة وثلاثون درهما، يكون التسعة أرطال: ألفا ومائة وسبعين درهما، وأن الرطل المدني مائة وخمسة وتسعون درهما. يكون الستة منها أيضا: ألفا ومائة وسبعين درهما. ولما كان العشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية، يكون الصاع ثمانمائة وتسعة عشر مثقالا شرعيا. ولما كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، يكون الصاع ستمائة وأربعة عشر مثقالا صيرفيا وربع مثقال صيرفي، فتكون الثلاثمائة صاع: مائة الف مثقال، وأربعة وثمانين ألف مثقال، ومائتين وخمسة وسبعين مثقالا. وقد حسبناه مقسما على المن الشاهي، والمن التبريزي، وحقة النجف، وحقة الاسلامبول، فكان الحساب كما ذكر في المتن.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 4.

 

===============

 

( 137 )

 

[ هو ألف مثقال - مائة وأربعة وثمانون منا، وربع من، وخمسة وعشرون مثقالا. وبحقة النجف في زماننا (سنة 1326) - وهي تسعمائة وثلاثة وثلاثون مثقالا صيرفيا، وثلث مثقال - ثمان وزنات (1)، وخمس حقق ونصف، إلا ثمانية وخمسين مثقالا، وثلث مثقال. وبعيار الاسلامبول - وهو مائتان وثمانون مثقالا - سبع وعشرون وزنة، وعشر حقق، وخمسة وثلاثون، مثقاتلا. ولا تجب في الناقص (2) عن النصاب ولو يسيرا (3) كما أنها تجب في الزائد عليه (4)، يسيرا كان أو كثيرا. الثاني: التملك بالزراعة (5) فيما يزرع، أو انتقال الزرع إلى ملكه قبل وقت تعلق الزكاة. وكذا في الثمرة كون الشجر ملكا له إلى وقت التعلق، أو انتقالها إلى ملكه. منفردة، أو مع الشجر قبل وقته. ] (1) الوزنة: أربعة وعشرون حقة. (2) كما صرح به في النصوص. (3) للاطلاق. (4) بلا إشكال ولا خلاف، كما يقتضيه إطلاق النصوص. (5) قال في الشرائع: (ولا تجب الزكاة في الغلات إلا إذا ملكت بالزراعة، ولا بغيرها من الاسباب، كالابتياع، والاتهاب..). وقد نقل غير واحد الاجماع على اعتبار الشرط المذكور في الجملة، بل عن غير واحد: دعوى إجماع علماء الاسلام عليه في الجملة. فإذا هو مما لا إشكال فيه. نعم الاشكال على الشرائع في تعبيره عن الشرط بما ذكر من العبارة

 

===============

 

( 138 )

 

[ (مسألة 1): في وقت تعلق الزكاة بالغلات خلاف فالمشهور على أنه في الحنطة (1) والشعير عند انعقاد حبهما، وفي ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره، وفي ثمرة الكرم عند انعقادها حصرما. وذهب جماعة إلى أن المدار صدق اسماء المذكورات، من الحنطة، والشعير، والتمر، وصدق اسم العنب في الزبيب. وهذا القول لا يخلو عن قوة. وإن كان القول الاول ] لايهامها خلاف المقصود. إذ مقتضاها عدم وجوب الزكاة فيما يملك بالابتياع والهبة مطلقا، وهو غير مراد قطعا، لانه مخالف لاجماع المسلمين، كما صرح به في المدارك. ولاجل هذا الاشكال جعل في المتن الشرط أحد الامرين، من التملك بالزراعة، وانتقال الزرع إلى ملكه قبل وقت تعلق الزكاة. لكن قال في محكي المدارك: (وكان الاوضح جعل الشرط كونها مملوكة وقت بلوغها الحد الذي يتعلق به الزكاة، كما اقتضاه صريح كلام الفريقين..). وما ذكره في محله. وان تصدى غير واحد للايراد عليه وتوجيه عبارة الشرائع. بل الاولى إلفاء هذا الشرط بالمرة، لانه إن أريد اشتراطه في أصل التعلق، يغني عنه ما تقدم من اعتبار الملك. وإن أريد بيان اعتبار كون الملك حال التعلق، فلا خصوصية للملك من بين الشرائط العامة، إذ يعتبر في جميعها أن تكون حال التعلق، كما لا يخفى. فلاحظ. (1) قال في المختلف: (المشهور أن الزكاة تجب في الغلات إذا كانت ثمرة عند اصفراها واحمرارها. وان كانت غلة فعند اشتداد حبها. ولا يحب الاخراج إلا عند الحصاد والجذاذ إجماعا، وقال بعض علمائنا: إنما تجب الزكاة عندما يسمى تمرا وزبيبا وحنطة وشعيرا، وهو بلوغها حد اليبس). وحكيت نسبة القول المذكور إلى المشهور عن الايضاح، وجامع

 

===============

 

( 139 )

 

المقاصد، وتعليق النافع، وفوائد الشرائع، والروضة والمسالك، وإيضاح النافع، والمصابيح، والحدائق، والرياض. بل عن بعض نسبته إلى الاصحاب، وعن التنقيح: لا نعلم قائلا بغيره قبل المحقق (ره)، وفي الشرائع والنافع وعن أبي علي وفخر الاسلام، ونسب إلى ظاهر المقنع، والهداية، وكتاب الاشراف، والمقنعة، والغنية، والاشارة وغيرها، وفي المنتهى نسب إلى والده: اختيار ما في المتن، وفي الذخيرة: إنه لا يخلو من ترجيح. واستدل للاول تارة: بالاجماع المحكي عن المنتهى، حيث قال: (لا تجب الزكاة في الغلات إلا إذا نمت في ملكه، فلو ابتاع، أو استوهب، أو ورث بعد بدو الصلاح لم تجب الزكاة باجماع العلماء..). وفيه مع أن الظاهر أن دعواه الاجماع إنما هي على اعتبار الشرط الثاني في الجملة: لا مجال للاعتماد عليه، مع وضوح الخلاف. وأخرى: بصحيح سليمان بن خالد: ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق. والعنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أو ساق زبيبا) (* 1) ونحوه خبر الحلبي (* 2). وفيه: أن صدره لا إطلاق فيه من هذه الجهة وذيله جعل الموضوع فيه العنب، لا الحصرم، كما هو المدعى. وثالثة: بصحيح سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا (ع): (سألته عن الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال (ع): إذا ماصرم، وإذا ما خرص) (* 3) وفيه مع أن ظاهره السؤال عن وقت وجوب الاخراج، لا وقت التعلق: أنه ليس فيه دلالة على أن وقت الصرم حيت بدو الصلاح. بل ظاهر عطفه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الغلات حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الغلات حديث: 11. (* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 140 )

 

بالواو على الصرم في مقام بيان التوقيت كون الوقت واحدا. فيكون المراد: أنه إن صرم في وقته فوقت الوجوب هو ذلك الوقت، وإن لم يصرم في وقته، يخرص على صاحبه حينئذ وتجب عليه زكاته، فيكون وقت الخرص هو الوقت المناسب للصرم. ورابعة: بصحيح سعد الآخر: (.. وهل على العنب زكاة؟ أو إنما يجب عليه إذا صيره زبيبا؟ قال (ع): نعم إذا خرصه أخرج زكاته) (* 1) وفيه مع احتمال أن يكون قوله (ع): (نعم..) إعلاما بما بعد (أو)، يعني لا يجب عليه إلا إذا صيره زبيبا: أنه لا يدل إلا على وجوب الزكاة في العنب، دون الحصرم، كما هو المشهور. بل لعله ظاهر في مفروغية السائل عن عدم وجوب الزكاة عليه قبل صيرورته عنبا. وخامسة: بخبر أبي بصير: (لا يكون في الحب، ولا في النخل، ولا في العنب زكاة حتى تبلغ وسقين. والوسق ستون صاعا) (* 2) وفيه: أنه لا إطلاق فيه من جهه الوقت، لتعرضه لحيثية بلوغ النصاب لاغير. وسادسة: بصدق الحنطة والشعير عند اشتداد الحب، وصدق التمر عند الاحمرار أو الاصفرار، لنص أهل اللغة على أن البسر نوع من التمر وفيه: أنه لو تم الصدق في الحنطة والشعير فقد اتفق القولان فيهما. وما عن أهل اللغة: من أن البسر نوع من التمر مخالف لنص جماعة بخلافه، بل عن المصباح: إجماع أهل اللغة على أن التمر اسم لليابس من ثمر النخل، كالزبيب من ثمر الكرم. ولو سلم فهو مخالف للعرف، المقدم على اللغة عندهم. وسابعة: ببعث النبي صلى الله عليه وآله الخارص على الناس. وفيه: أنه لم يثبت كون الخرص كان قبل صدق الاسم. ولو سلم لم يعلم أنه كان مبنيا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب زكاة الغلات حديث: 1. (* 2) تقدم ذلك في الشرط الاول من شروط زكاة الغلات.

 

===============

 

( 141 )

 

[ أحوط، بل الاحوط مراعاة الاحتياط مطلقا. إذ قد يكون ] على خرص تمام الثمرة، فيجوز أن يخرص المقدار المتعارف بقاؤه إلى أن يصير تمرا، واستثناء المقدار الذي يتعارف أكله أو اتلافه قبل اليبس. وقد ورد عن الني صلى الله عليه وآله: أنه كان إذا بعث الخارص قال: (خففوا على الناس، فان المال مال العرية (* 1)، والواطئة، والآكلة) (* 2). وثامنة: بأنه لو كانت مقصورة على التمر والزبيب لادى ذلك إلى ضياع الزكاة، لانهم كانوا يحتالون بجعل العنب والرطب دبسا وخلا، وكانوا يبيعونها كذلك، وفيه: أن الحيل المذكورة لا تقوى على إفناء التمر مهما كثرت. مع أن في جعلهما كذلك تضييعا لهما وانقاصا لماليتهما، والمقدار الواجب في الزكاة أقل ضررا ماليا مما ذكر، فالفرار من الزكاة إلى ذلك فرار من الاخف إلى الاشد، والاقل ضررا إلى الاكثر، كما هو واضح. وبالجملة: ليس في الوجوه المذكورة دلالة على مذهب المشهور. ومثلها في الاشكال: دعوى أن الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب يراد منها موادها المقابلة لمواد الحبوب والثمار المغايرة. فانها خروج عن الظاهر من دون قرينة عليه. مع أن لازمه وجوب الزكاة في ثمر النخل قبل الاحمرار والاصفرار، فالبناء على ظاهرها متعين. نعم قد يشكل الحال في العنب، من جهة ظهور صحيح سليمان المتقدم في أنه موضوع للزكاة، ومحتمل صحيح سعد الثاني (* 3). وكأنه لذلك جعل في المتن المعيار صدق العنب في الزبيب، كما حكي عن أبي على والمدارك. ولا يخلو من قوة

 

 

____________

(* 1) العرية: النخلة يعيرها صاحبها غيره ليأكل ثمرها. (منه قدس سره) (* 2) راجع كنز العمال ج 3 صفحة 305 ملحق حديث: 5094. (* 3) تقدم ذكرهما في أوائل هذه التعليقة.

 

===============

 

( 142 )

 

[ القول الثاني أوفق بالاحتياط (1). (مسألة 2): وقت تعلق الزكاة وإن كان ما ذكر، على الخلاف السالف. إلا أن المناط في اعتبار النصاب هو اليابس من المذكورات (2)، فلو كان الرطب منها بقدر النصاب، لكن ينقص عنه بعد الجفاف واليبس فلا زكاة. (مسألة 3): في مثل البربن وشبهه من الدقل - الذي يؤكل رطبا، وإذا لم يؤكل إلى أن يجف يقل تمره، أو لا يصدق على اليابس منه التمر أيضا - المدار فيه على تقديره يابسا (3). وتتعلق به الزكاة إذا كان بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه. (مسألة 4) إذا أراد المالك التصرف في المذكورات ] (1) كما لو بلغ مالكه بعد بدو الصلاح. (2) قال في التذكرة: (النصاب المعتبر وهو خمسة أوسق إنما يعتبر وقت جفاف التمر، ويبس العنب والغلة. فلو كان الرطب خمسة أوسق أو العنب أو الغلة ولو جفت تمرا أو زبيبا أو حنطة أو شعيرا نقص فلا زكاة إجماعا..). وهذا هو العمدة في عموم الحكم. وإلا فمقتضى الاطلاق اعتبار النصاب بلحاظ موضوع التعلق. فان قيل بالمشهور من التعلق ببدو الصلاح اكتفي ببلوغ النصاب حينئذ. نعم في صحيح سليمان ابن خالد، وخبر الحلبي: (والعنب مثل ذلك حتى يبلغ خمسة أوساق زبيبا) (* 1). ومورده خصوص العنب، فالتعدي إلى غيره محتاج إلى الغاء خصوصية مورده. وهو لولا الاجماع غير ظاهر. (3) هذا في محله فيما يصدق على اليابس منه التمر. أما مالا يصدق

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 143 )

 

[ بسرا، أو رطبا، أو حصرما، أو عنبا - بما يزيد على المتعارف فيما يحسب من المؤن (1)، وجب عليه ضمان حصة الفقير (2). كما أنه لو أراد الاقتطاف كذلك بتمامها وجب ] عليه اسم التمر أو الزبيب ففي المدارك: (اتجه سقوط الزكاة مطلقا). ونحوه في الذخيرة. وفي الجواهر: (إنه جيد). وكأنه لان مادل على اعتبار بلوغه نصابا إذا صار تمرا يختص بما يكون كذلك لو بقي، فلا يشمل ما ذكر، فيقيد به إطلاق دليل وجوب الزكاة. اللهم إلا أن يقال: لو تم ذلك فانما يتم في العنب لصحيح سليمان. أما الرطب فلاجل أنه لا دليل فيه على التقدير بحال التمر إلا الاجماع يجب فيه الرجوع إلى عموم وجوب الزكاة، وما دل على اعتبار بلوغ النصاب، فيكفي في وجوب الزكاة في الفرض بلوغه النصاب حين بدو الصلاح، ولا وجه لسقوطها بالمرة. بل الحكم في العنب كذلك، إذ صحيح سليمان لا يصلح لتقييد أدلة الوجوب بما يكون زبيبا. غاية الامر أن التقدير فيه بحال الزبيب لا يشمل مالا يكون زبيبا، فيبقى إطلاق أدلة الوجوب بحاله شاملا له. اللهم إلا أن يكون ما ذكرنا إحداث قول ثالث. فتأمل. (1) حق العبارة أن يقال: فيما لا يحسب من المؤن، إذ ما يحسب من المؤمن مأذون في التصرف فيه، وليس عليه ضمانه. ويحتمل: أن يكون قيدا للمتعارف. لكنه بعيد. (2) بناء على القول المشهور. أما بناء على القول الآخر فلا ضمان، وهذا من ثمرات الخلاف. ثم إنه بناء على أنه لا مانع من التصرف فيما زاد على مقدار الزكاة، فالمراد من الضمان ثبوت مقدار الزكاة في الباقي. ولو بني على عدم جواز التصرف، فالضمان لابد أن يكون بمراجعة الولي، إذ لا دليل على شرعيته للمالك مستقلا، ويكون حكم التصرف في البعض هو

 

===============

 

( 144 )

 

[ عليه أداء الزكاة حينئذ (1)، بعد فرض بلوغ يابسها النصاب. (مسألة 5): لو كانت الثمرة مخروصة على المالك، فطلب الساعي من قبل الحاكم الشرعي الزكاة منه قبل اليبس لم يجب عليه القبول (2)، بخلاف ما لو بذل المالك الزكاة بسرا أو حصرما مثلا، فانه يجب على الساعي القبول (3). (مسألة 6): وقت الاخراج الذي يجوز للساعي ] حكم التصرف في الكل. فلو لم يراجع الولي بطل تصرفه. ولو أتلفه كان ضامنا للزكاة. (1) وما دل من الاجماع على جواز الاخراج إلى زمان التصفية أو التسمية غير شامل للفرض. (2) لما يأتي: من تأخر وقت الاخراج عما قبل اليبس. (3) لان الدليل الدال على تأخر وقت الاخراج إنما يدل على عدم وجوب المبادرة في الاداء إرفاقا بالمالك، لا عدم مشروعية الدفع. وبالجملة: ظاهر الدليل قصر سلطنة الفقير على المطالبة، لا قصر سلطنة المالك عن تفريغ ماله أو ذمته. نعم قد يقال باختصاص ذلك بما إذا كان قد اقتطفه. أما لو لم يقتطفه فيشكل بلزوم الضرر على مستحق الزكاة. وفيه: أن مستحق الزكاة إنما يستحق في الحصرم حصرما وفي البسر بسرا، فدفع حقه إليه لاضرر فيه، وليس يستحق على المالك الابقاء كي يلزم تفويت الحق. نعم لو كان الدفع في حال لا ينتفع به أشكل الدفع، لانه إتلاف لماله. ومن ذلك يظهر: أنه لو أراد المالك دفع الزكاة في الحب قبل الحصاد، أو الدياس، أو التصفية لم يجز للساعي الامتناع عن الاخذ. فلاحظ.

 

===============

 

( 145 )

 

[ مطالبة المالك فيه، وإذا أخرها عنه ضمن. عند تصفية الغلة (1) واجتذاذ التمر، واقتطاف الزبيب. فوقت وجوب الاداء غير وقت التعلق. ] (1) بلا خلاف أجده فيه، كما في الجواهر، وعن الحدائق: الاتفاق عليه، وفي المدارك: إجماع الاصحاب عليه. وفي المنتهى: (اتفق العلماء على أنه لا يجب الاخراج في الحبوب إلا بعد التصفية، وفي التمر إلا بعد التشميس والجفاف..). وفي التذكره: (وأما الاخراج فلا يجب حتى تجذ الثمرة، وتشمس، وتجفف، وتحصد الغلة، وتصفى من التبن والقشر. بلا خلاف..). ثم إنه قال في الشرائع (ووقت الاخراج في الغلة إذا صفت، وفي التمر بعد اخترافه، وفي الزبيب بعد اقتطافه..). وقال في المسالك والمدارك: (في جعل ذلك وقت الاخراج تجوز، وإنما وقته عند يبس الثمرة وصيرورتها تمرا، أو زبيبا..). وقال في محكي الروضة: (إن وقت الوجوب والاخراج واحد، وهو وقت التسمية، بناء على غير المشهور..). وهذا بظاهره مناف لما تقدم عن التذكرة والمنتهى. واحتمل في الجواهر حمل عبارتي التذكرة والمنتهى على أن الاختراف، والاقتطاف، والتصفية من شرائط الواجب وهو الاخراج لا من شرائط وجوبه، فيجب عليه الاخراج بمجرد التسمية، ولكن بعد التصفية والاختراف والاقتطاف، فتجب المبادرة إلى الشرط. وهو الذي يقتضيه إطلاق دليل وجوب إيتاء الزكاة من دون مقيد. نعم بناء على المشهور لابد من الالتزام بتقييده إلى ما بعد وقت التسمية بالاجماع المتقدم. اللهم إلا أن يقال: ظاهر صحيح سعد المتقدم في تعيين زمان التعلق (* 1) جواز التأخير إلى

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 1 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 146 )

 

[ (مسألة 7): يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي (1)، مع التراضي بينهما قبل الجذاذ. (مسألة 8): يجوز للمالك دفع (2) الزكاة والثمر على الشجر قبل الجذاذ، منه، أو من قيمته. (مسألة 9): يجوز دفع القيمة حتى من غير النقدين (3) من أي جنس كان، بل يجوز أن تكون من المنافع، كسكنى الدار مثلا. وتسليمها بتسليم العين إلى الفقير. (مسألة 10): لا تتكرر زكاة الغلات (4) بتكرر ] زمان الصرم، فيقيد به إطلاق دليل الايتاء، بناء على ظهوره في الفورية، كما هو كذلك. هذا في التمر والزبيب. وأما في الحب فالظاهر الاتفاق على اعتبار التصفية. نعم الظاهر انصراف الصحيح إلى زمان الصرم المتعارف، وكذا التصفية في كلماتهم، فلا يجوز التأخير عنه. (1) ذلك مقتضى ولايتهما شرعا. وتقدم في المسألة الخامسة وجوب القبول على الساعي، ولا يعتبر رضاه. (2) تقدم الكلام فيه في المسألة الخامسة. (3) لاطلاق معاقد الاجماعات على جواز دفع القيمة في الغلات والنقدين. وكأنه لذلك قرب في محكي البيان الجواز. لكن في المستند تبعا لما في الذخيرة قرب المنع، لفقد الدليل على الصحة. وكأنه للتأمل في ثبوت الاطلاق لمعاقد الاجماع، أو للتأمل في حجيته، ولا يخلو من وجه، لولا ما تقدم من خبر قرب الاسناد. فراجع المسألة الخامسة من فصل زكاة الانعام. (4) إجماعا حكاه جماعة كثيرة. بل عن المعتبر: دعوى اتفاق العامة

 

===============

 

( 147 )

 

[ السنين إذا بقيت أحوالا، فإذا زكى الحنطة، ثم احتكرها سنين لم يجب عليه شئ. وكذا التمر وغيره. (مسألة 11): مقدار الزكاة الواجب إخراجه في الغلات، هو العشر فيما سقي بالماء الجاري (1)، أو بماء السماء أو بمص عروقه من الارض، كالنخل والشجر، بل الزرع - أيضا - في بعض الامكنة، ونصف العشر فيما سقي بالدلو، والرشاء، والنواضح، والدوالي، ونحوها من العلاجات. ولو ] والخاصة، عدا الحسن البصري. ويشهد له مضافا إلى موافقته لاصل العدم مصحح زرارة وعبيد ابنه عن عبد الله (ع): (أيما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه شئ، وإن حال عليه الحول عنده. إلا أن يحول مالا، فان فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه، وإلا فلا شئ عليه، وإن ثبت ذلك ألف عام، إذا كان بعينه. فانما عليه فيها صدقة العشر، فإذا أداها مرة واحدة فلاشئ عليه فيها حتى يحوله مالا، ويحول عليه الحول وهو عنده). (1) بلا خلاف، بل عن غير واحد: نفي الخلاف فيه بين المسلمين ويشهد له النصوص الكثيرة، كصحيح زرارة وبكير عن أبي جعفر (ع) في الزكاة: (ما كان يعالج بالرشا والدوالي والنضح ففيه نصف العشر، وما كان يسقى من غير علاج بنهر، أو عين، أو بعل، أو سماء ففيه العشر كاملا) (* 2). ونحوه غيره. وظاهره كون الضابط أن يكون نفس سقي الزرع بعلاج وبدونه، فان كان بعلاج ففيه نصف العشر، وإن كان بدونه ففيه العشر، وإن توقف على حفر النهر، أو نبش العين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب زكاة الغلات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب زكاة الغلات حديث: 5.

 

===============

 

( 148 )

 

[ سقي بالامرين، فمع صدق الاشتراك في نصفه (1) العشر، وفي نصفه الآخر نصف العشر. ومع غلبة الصدق لاحد الامرين فالحكم تابع لما غلب. ولو شك في صدق الاشتراك، أو غلبة صدق أحدهما، فيكفي الاقل. والاحوط الاكثر. (مسألة 12): لو كان الزرع أو الشجر لا يحتاج إلى ] أو تنقيتهما. بل عن بعض: ظهور الاتفاق عليه. (1) إجماعا، كما عن جماعة. لحسن معاوية بن شريح عن أبي عبد الله (ع) في حديث: (قلت له: فالارض تكون عندنا تسقى بالدوالي، ثم يزيد الماء وتسقى سيحا، فقال (ع): إن ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت: نعم. قال (ع): النصف والنصف، نصف بنصف العشر، ونصف بالعشر. فقلت: الارض تسقى بالدوالي، ثم يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سيحا قال (ع): وكم تسقى السقية والسقيتين سيحا؟ قلت: في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة، وقد مكث قبل ذلك في الارض سته أشهر أو سبعة أشهر. قال (ع): نصف العشر) (* 1). ثم إن جعل المعيار في التنصيف وعدمه ما ذكر في المتن من الاشتراك في الصدق وعدمه غير ظاهر، إذ المستند فيه إن كان إطلاق ما دل على أن ما سقت السماء ففيه العشر وما سقي بالدوالي ففيه نصف العشر، فمن الواضح أن الاطلاقين المذكورين لا يشملان صورة الاشتراك أصلا، بل المرجع فيها الاصول المقتضية للبراءة أو الاحتياط، وإن كان التحقيق الاول وإن كان المستند فيه حسن معاوية المتقدم فهو خال عن الدلالة على ذلك، فان إطلاق قوله (ع): (النصف والنصف..) وإن كان يقتضيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 149 )

 

لكن جوابه الاخير يقتضي خلافه، لان السقية والسقيتين في الفرض المذكور في السؤال تقتضي صدق الاشتراك، وتمنع من صدق الاستقلال للغالب، ومع ذلك حكم فيه بالنصف، إذ الذي لا يمنع من صدق الاستقلال هو النادر الذي لا يعتد به في العرف. ومن هنا كان المعروف بل الذي ادعي عليه الاجماع أنه مع التساوي يلزم النصف للنصف والعشر للنصف، ومع الغلبة لاحدهما يكون الحكم للغالب. قال في الشرائع: (وان اجتمع فيه الامران كان الحكم للاكثر. فان تساويا أخذ من نصفه العشر، ومن نصفه نصف العشر..). وكأنهم حملوا الجواب الاول على صورة التساوي، والاخير على صورة الغلبة. هذا والانصاف أن مقتضى الجواب الاول عموم الحكم لجميع صور الاشتراك العرفية، مع التساوي وعدمه، والخارج منه ليس إلا الصورة المفروضة في السؤال الثاني. وخروجها كما يستفاد من الحسن يستفاد أيضا مما دل على أن ما سقي بالدوالي فيه نصف العشر، بعد تنزيله على الخارج المتعارف. إذ لا يتفق مورد يسقى بالدوالي لا يسقى من ماء السماء سقية أو سقيتين إلا نادرا، وحمل ذلك الاطلاق عليه مما لا يمكن. فيتعين الاخذ باطلاق صدر الحسن الشامل لصورتي التساوي وعدمه، وحمل ذيله على صورة عدم الاعتداد بالقليل عرفا في نسبة السقي إليه، كما هو المتعارف فيما يسقى بالدوالي ونحوها، وما يسقى بغير ذلك. فيتم ما ذكره المصنف، وسبقه إليه في الجواهر ونجاة العباد. وهل المعيار في الاكثرية والمساواة بناء على كونهما المدار في الحكمين المذكورين الزمان، أو العدد، أو النمو؟ أقوال، نسب الاول إلى جماعة، منهم العلامة والشهيد في المنتهى والمسالك، والثاني إلى آخرين، منهم السيد في المدارك وشيخه في مجمع البرهان، بل نسب إلى ظاهر

 

===============

 

( 150 )

 

[ السقي بالدوالي، ومع ذلك سقي بها من غير أن يؤثر في زيادة الثمر، فالظاهر وجوب العشر (1). وكذا لو كان سقيه بالدوالي، وسقي بالنهر ونحوه من غير أن يؤثر فيه، فالواجب نصف العشر. (مسألة 13): الامطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه (2)، إلا إذا كانت بحيث لا حاجة معها إلى الدوالي أصلا، أو كانت بحيث توجب صدق للشركة فحينئذ يتبعهما الحكم. (مسألة 14): لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا - عبثا، أو لغرض - فزرعه آخر، وكان ] الاكثر، والثالث إلى آخرين، منهم العلامة في القواعد والتذكرة والشهيد الثاني في حاشية الارشاد، وعن حواشي القواعد: إنه الاشهر. وعلله فيما عن التذكرة: " بأنه مقتضى ظاهر النص ". وتنظر فيه في محكي المدارك، بل ظاهر النص يقتضي الاول، كما يقتضيه أدنى تأمل في قوله (ع) فيه: " وكم تسقى السقية والسقيتين.. ". ودعوى: كون الزمان ملحوظا فيه طريقا إلى العدد، فيكون دليلا على القول الثاني، غير ظاهرة ومجرد كون المناط في الاختلاف بالعشر ونصفه هو الكلفة وعدمها لو تم لا يصلح قرينة عليه. مع أن لازمه كون المدار على كثرة الكلفة لا العدد. فلاحظ. (1) لظهور السقي في خصوص السقي المحتاج إليه الزرع، فان كان ذلك بالدوالي أو بغيرها جرى عليه حكمه. (2) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الحادية عشرة.

 

===============

 

( 151 )

 

[ الزرع يشرب بعروقه، فالاقوى العشر (1). وكذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع، ثم بدا له ان يزرع زرعا يشرب بعروقه، بخلاف ما إذا أخرجه لغرض الزرع الكذائي (2) ومن ذلك يظهر (3) حكم ما إذا أخرجه لزرع، فزاد وجرى على أرض أخرى. (مسألة 15): إنما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة (4)، ] (1) كأنه لاجل أن المفهوم من النصوص كون المعيار في العشر ونصفه تكلف السقي للزرع وعدمه. لكنه غير ظاهر بنحو ترفع به اليد عن اطلاق الادلة. وكأنه لذلك اختار في نجاة العباد نصف العشر، ومال إليه في محكي كشف الغطاء. وهو الاقرب. (2) يعني: فسقي غيره به، فانه يجب فيه نصف العشر. هذا والفرق الفارق بين الفرض وما قبله في الحكم غير ظاهر. (3) فان حكمه حكم الفرض الاول قولا ودليلا. (4) بلا خلاف فيه ولا إشكال. قال في محكي المعتبر: " خراج الارض يخرج وسطا، ويؤدى زكاة ما بقي إذا بلغ نصابا، إذا كان لمسلم. وعليه فقهاؤنا وأكثر علماء الاسلام.. ". ونحوه محكي المنتهى. ويشهد له جملة من النصوص، كمصحح أبي بصير ومحمد عن ابي جعفر (ع) أنهما قالا له: " هذه الارض التي يزارع أهلها ما ترى فيها؟ فقال (ع): كل أرض دفعها إليك السلطان، فما حرثته فيها فعليك مما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه، وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر: إنما عليك العشر فيما يحصل في يدك، بعد مقاسمته لك " (* 1)، وما في مضمر صفوان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 152 )

 

[ بل ما يأخذه باسم الخراج أيضا (1)، بل ما يأخذه العمال ] والبزنطي من قوله (ع): " وعلى المتقبلين سوى قبالة الارض العشر ونصف العشر في حصصهم " (* 1). ونحوهما غيرهما. مضافا إلى أن حصة السلطان ليست مملوكة للزارع حين تعلق الوجوب، فلا وجه لوجوب الزكاة عليه فيها، كما في سائر موارد الاشتراك في الزرع، إذ ليس على الشريك زكاة حصة شريكه. نعم لو كانت مستحقة للسلطان بعد تعلق الوجوب كان الحال فيها هو الحال في المؤن التي يأتي إن شاء الله الكلام فيها. ولو كان السلطان قد استولى على الحصة قبل تعلق الوجوب فلا ينبغي الاشكال في عدم وجوب زكاتها على المالك، لعدم التمكن من التصرف الذي هو شرط في وجوب الزكاة. ولو كان قد استولى عليها بعده، كان الحال فيها هو الحال فيما لو تلف بعض الحاصل بغير تفريط من المالك، الذي لا إشكال عندهم في عدم ضمان المالك زكاته. (1) المصرح به في كلام غير واحد: أن الخراج عند الاصحاب بحكم المقاسمة. قال في محكي جامع المقاصد: " المراد بحصة السلطان خراج الارض أو قسمتها.. ". وفي محكي الحدائق: " المراد بخراج السلطان وحصته هو ما يؤخذ من الارض الخراجية من نقد أو حصة من الحاصل، وإن سمي الاخير مقاسمة.. ". ونحوهما كلام غيرهما. لكن في الاعتماد على ذلك في دعوى كون استثناء الخراج إجماعيا، كاستثناء المقاسمة تأمل. كيف وفي التذكرة: " تذنيب: لو ضرب الامام على الارض الخراج من غير حصة، فالاقرب وجوب الزكاة في الجميع، لانه كالدين.. "؟ وأشكل منه ما في الجواهر: من دعوى كونه ظاهر النص والفتوى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الغلات حديث: 2.

 

===============

 

( 153 )

 

فان النصوص المتقدمة وغيرها موردها الحصة المختصة بالمقاسمة، فالحاق الخراج بالمؤن التي يأتي الخلاف في استثنائها وعدمه أولى. نعم في خبر صفوان والبزنطي قالا: " ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج.. (إلى أن قال) (ع): وعلى المتقبلين سوى قبالة الارض العشر ونصف العشر في حصصهم " (* 1)، بناء على عموم القبالة للحصة وللنقد، كما هو الظاهر. إلا أن يقال: استثناء القبالة يقتضي أن تكون من جنس المستثنى منه. وكذا قوله (ع): " في حصصهم " الظاهر كونه في مقابل حصة السلطان، وفي السند علي بن أحمد بن أشيم. إلا أن يقال: رواية أحمد ابن محمد بن عيسى عنه تدل على وثاقته. والاستثناء ليس بحيث يوجب تقييد الاطلاق فتأمل. وكيف كان فالظاهر التسالم على عدم سقوط الزكاة بدفع الخراج. وفي الجواهر: " لا كلام في ذلك "، وفيما تقدم من محكي المعتبر وغيره الاجماع عليه، ويشهد له النصوص المتقدمة. لكن في جملة أخرى منها السقوط، كصحيح رفاعة عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل يرث الارض أو يشتريها فيؤدي خراجها إلى السلطان، هل عليه فيها عشر؟ قال (ع): لا " (* 2)، وخبر أبي كهمس عنه (ع): " من أخذ منه السلطان الخراج فلا زكاة عليه " (* 3)، وخبر سهل بن اليسع، أنه حيث أنشأ سهل آباد، وسأل أبا الحسن موسى (ع) عما يخرج منها ما عليه. فقال (ع): " إن كان السلطان يأخذ خراجه فليس عليك شئ، وإن

 

 

____________

(* 1) لاحظ التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب زكاة الغلات حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب زكاة الغلات حديث: 3.

 

===============

 

( 154 )

 

[ زائدا على ما قرره السلطان ظلما (1)، إذا لم يتمكن من الامتناع جهرا وسرا، فلا يضمن حينئذ حصة الفقراء من الزائد. ولا فرق في ذلك بين المأخوذ من نفس الغلة أو من غيرها إذا كان الظلم عاما. وأما إذا كان شخصيا فالاحوط الضمان فيما أخذ من غيرها. بل الاحوط الضمان فيه مطلقا وإن كان الظلم عاما. وأما إذا أخذ من نفس الغلة قهرا فلا ضمان إذ الظلم حينئذ وارد على الفقراء أيضا. (مسألة 16): الاقوى اعتبار خروج المؤن جميعها (2) ] لم يأخذ السلطان منها شيئا فعليك إخراج عشر ما يكون فيها " (* 1). والجمع بينها وبين ما سبق ممكن بحمله على الاستحباب. لكن لا مجال للعمل بها بعد حكاية غير واحد الاجماع على خلافها، فيتعين حملها على التقية، لان السقوط مذهب أبي حنيفة. أو طرحها وتأويلها. (1) قال في محكي المسالك: " لا يستثنى الزائد. إلا أن يأخذه قهرا بحيث لا يتمكن من منعه سرا أو جهرا، فلا يضمن حصة الفقراء من الزائد.. ". ونحوه ما عن غيره. لكن دخوله في النصوص محل تأمل. وحينئذ فان أخذ من عين الغلة كان من قبيل غصب العين الزكوية الذي لا ضمان فيه للزكاة، من دون فرق بين كون الظلم عاما أو خاصا. وإن أخذ من غيرها لم يبعد إلحاقه بالمؤن التي لافرق أيضا في استثنائها لو تم بين العموم والخصوص. (2) كما نسب إلى الاكثر، بل عن جماعة: أنه المشهور، بل في مفتاح الكرامة: " لو ادعى مدع الاجماع لكان في محله، كما هو ظاهر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 155 )

 

الغنية، أو صريحها.. ". واختاره الصدوق في الفقيه والمقنع والهداية، والمفيد في المقنعة، والشيخ في المبسوط في صدر المسألة، وحكي عن السيدين في الجمل والغنية، والفاضلين، والشهيد في أكثر كتبه، والاردبيلي. نعم في المبسوط في آخر المسألة قال: " وكل مؤنة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال دون المساكين.. ". ولعل غرضه لزوم الدفع على المالك، وإن كان له استثناؤها من الزكاة، لئلا يناقض ما تقدم في صدر المسألة، مما هو صريح في الاستثناء. واستدل للمشهور تارة: بالاصل، الذي لا مجال لجريانه مع وجود إطلاقات العشر ونصفه، النافية لاستثناء المؤن. وأخرى: بقاعدة نفي الضرر، التي لا مجال لها أيضا، بعد كون وجوب إخراج الزكاة ضرريا في نفسه، فيؤخذ باطلاق دليله، ويكون مخصصا لدليل القاعدة. وثالثة: بدليل نفي العسر والحرج. وفيه: منع ذلك كلية. ولو ثبت في مورد إتفاقا بني على سقوط الوجوب حينئذ، لكن لا يلازم سقوط حق الزكاة، كما في سائر موارد الحقوق المالية. ورابعة: بنصوص استثناء حصة السلطان. وفيه: أنك قد عرفت اختصاص تلك النصوص بالحصة التي هي ملك للسلطان، فلا ترتبط بما نحن فيه. ولو سلم عمومها لكل ما يأخذه السلطان فلا مجال لقياس المقام بها. وخامسة: بقوله تعالى: (خذ العفو..) (* 1)، وقوله تعالى: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو..) (* 2)، والعفو هو الزائد على المؤنة. وفيه: أن موضوع الكلام مؤنة الزرع لا مؤنة المالك. مع أن ظاهر

 

 

____________

(* 1) الاعراف: 198. (* 2) البقرة: 219.

 

===============

 

( 156 )

 

الآية أخذ تمام الزائد لا عشرة أو نصفه، فلا تكون الآية مما نحن فيه. فتأمل. وسادسة: بما في بعض نسخ الفقه الرضوي: " وليس في الحنطة والشعير شئ إلى أن يبلغ خمسة أوسق.. (إلى أن قال): فإذا بلغ ذلك وحصل بغير [ بقدر ] خراج السلطان، ومعونة العمارة والقرية أخرج منه العشر.. " (* 1). وفيه: أن الفقه المذكور لم تثبت حجيته، ولا هو مجبور بعمل واعتماد، ومجرد الموافقة لفتوى المشهور غير جابر. مع أن المراد من مؤنة العمارة والقرية لا يخلو من إشكال. وسابعة: بما في مصحح الفضلاء من قول أبي جعفر (ع): " ويترك للخارص [ الحارث خ ل ] (* 2) أجرا معلوما، ويترك من النخل معا فارة (* 3) وأم جعرور، ويترك للحارس يكون في الحائط العذق والعذقان والثلاثة لحفظه إياه "، وما في مصحح ابن مسلم من قول أبي عبد الله (ع): " يترك للحارس العذق والعذقان. والحارس يكون في النخل ينظره، فيترك ذلك لعياله " (* 5). وفيه: أنه لا يظهر من الرواية كون المتروك للحارس من باب الاجرة التي عينها له المالك. بل من الجائز أن يكون ذلك حقا استحبابيا أو وجوبيا له غير أجرته. وإلا لقال (ع): ويترك للمالك

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 6 من ابواب زكاة الغلات حديث: 1. (* 2) كذا في نسخة المؤلف (قده) الخطية. لكن الموجود في الطبعة الجديدة من الوسائل عن الكليني (قده): " لا يترك للحارس أجرا معلوما ". وفي التهذيب (طبع النجف الاشرف ج: 4 صفحة: 106): " يترك للحارس.. ". وفي الكافي (طبع ايران الجديد. ج: 3 صفحة: 565): " يعطي للحارس.. ". (* 3) مركب إضافي. قال في القاموس: " معى الفار: تمر ردئ. " ويسمى مصران الفارة (منه قده سره) (* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب زكاة الغلات حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 8 من ابواب زكاة الغلات حديث: 3.

 

===============

 

( 157 )

 

المقدار المساوي لما عينه للحارس، قليلا كان أو كثيرا، من عين الغلة أو من غيرها، كما لا يخفى. ولذلك رواه الكليني في الكافي في باب حق الحصاد والجذاذ. ومن ذلك قد يظهر: أن التعرض في النصوص لترك معافارة وأم جعرور، وما يدفع للحارس، وعدم التعرض لغير ذلك ومنه المؤن اللازمة غالبا ظاهر في عدم استثنائها. إلا أن يقال: النصوص المذكورة إنما وردت لبيان أحكام الخرص وما يتعلق به، لا لبيان الزكاة وما يتعلق بها، والمؤن من الثاني. وثامنة: بأنه مقتضى قاعدة الشركة، فان احتساب المؤن المتأخرة عن زمان الوجوب على خصوص المالك محتاج إلى دليل، وهو مفقود. ويثبت الحكم بالمؤن المتقدمة عليه بعدم القول بالفصل، كما ادعي. وفيه: أن عدم القول بالفصل غير كاف في الالحاق، ما لم يثبت القول بعدم الفصل. مضافا إلى إمكان دعوى: أن توجيه الخطاب بايتاء الزكاة إلى المالك ظاهر في كون المؤن عليه، لتوقف الايتاء الواجب عليها، فيكون ذلك دليلا على وجوب المؤن المذكورة على المالك. فتأمل. وربما يستدل بأمور أخر ظاهرة الاشكال لا حاجة إلى ذكرها وذكر الاشكال عليها. وبالجملة: لا يتحصل لنا وجه لرفع اليد عن الاطلاقات. والمناقشة فيها: بعدم ورودها في مقام البيان من هذه الجهة لو تمت في بعضها فغير مطردة في الجميع، لاشتمال بعضها على ذكر أمور ليست لها الاهمية، كما يكون لاستثناء المؤن. فلاحظ نصوص ذلك الباب. لا أقل من مصحح أبي بصير ومحمد بن مسلم المتقدم في استثناء المقاسمة. هذا وكأنه لذلك ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف إلى عدم الاستثناء وكذا ابن سعيد في الجامع، والشهيد الثاني في فوائد القواعد. وفي المدارك والذخيرة والمفاتيح والحدائق وغيرها، اختياره. على ما حكي عن بعضها.

 

===============

 

( 158 )

 

وقد يستدل عليه بخبر محمد بن علي بن شجاع النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الثالث (ع): " عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكى، فأخذ منه العشر عشرة أكرار، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا، وبقي في يده ستون كرا، ما الذي يجب لك من ذلك، وهل يجب لاصحابه من ذلك عليه شئ؟ فوقع (ع): لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته " (* 1). بتقريب: أن تقرير الامام (ع) له على اعتقاده بأن الزكاة عشرة أكرار لا سبعة دليل على عدم الاستثناء. وفيه مع أن الخبر ضعيف السند من دون الجابر: أنك عرفت الاشكال في كون ما يصرف في عمارة الضيعة من المؤن، وأنه لا يظهر من الحديث اعتقاد السائل ذلك لاحتمال قراءة (أخذ) مبنيا للمفعول، فيكون ذلك من معتقدات الآخذ ولعله حينئذ يكون ظاهرا في الاخذ قهرا، وعدم الردع حينئذ يكون لعدم الفائدة فيه. اللهم إلا أن يقال: إنه لا يوافق ما دل على عدم الاجتزاء بالدفع إلى الظالم. لكن سيأتي: أن الظاهر الاجتزاء به. وربما يستدل له أيضا بأمور أخر لا تستأهل ذكرا ولا ردا. نعم هنا شئ، وهو أن الصدوق في المقنع قال: " ليس على الحنطة والشعير شئ حتى يبلغ خمسة أوساق. والوسق ستون صاعا. والصاع أربعة أمداد. والمد مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف، فإذا بلغ ذلك وحصل بعد خراج السلطان، ومؤنة القرية أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر وكان سيحا، وإن سقي بالدلاء والقرب ففيه نصف العشر.. " (* 2) وفي الهداية قال: " إعلم أنه ليس على الحنطة.. " (* 3) وفي الفقيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب زكاة الغلات حديث: 2. (* 2) المقنع الباب الاول من أبواب الزكاة صفحة: 13. (* 3) الهداية الباب الثاني من ابواب الزكاة صفحة: 9.

 

===============

 

( 159 )

 

[ من غير فرق بين المؤن السابقة على زمان التعلق واللاحقة. كما أن الاقوى اعتبار النصاب أيضا بعد خروجها (1). وإن كان ] بعد أن روى رواية عبد الله بن عجلان الآتية الواردة في ترجيح بعض المستحقين على بعض. قال (ع): " أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل " (* 1) قال (رحمه الله): " وليس على الحنطة.. " (* 2). والمظنون قويا: أن اقتصاره على العبارة المذكورة يدل على أنها متن رواية. ولا سيما بملاحظة ما ذكره في صدر الفقيه والمقنع: من أن ما يذكره فيهما مما يرويه عن الائمة (ع). بل قد يتوهم من الفقيه: أن العبارة المذكورة ذيل رواية عبد الله بن عجلان. لكنه بعيد بملاحظة عدم تناسب العبارة مع متن الرواية نعم اتحاد المتن المذكور في الكتب الثلاثة يستوجب الاطمئنان بأنه متن رواية ولاسيما بملاحظة التعبير بمؤنة القرية، فانها ليست في عبارات الفقهاء. لكن في حجية مثل هذا الاطمئنان تأمل، أو منع. والمتحصل مما ذكرنا كله: أن الاقرب عدم استثناء المؤن السابقة. وأما المؤن اللاحقة فاستثناؤها لا يخلو من إشكال أشرنا إليه. ولا سيما بناء على أن تعلق الزكاة بالعين تعلق الحق بموضوعه، لا من قبيل الجزء المشاع ولا من قبيل الكلي في المعين. إذ المؤنة إنما تكون على ملك المالك لا الزكاة اللهم إلا أن يقال: لما كانت العين موضوعا للحق كانت مؤنتها مؤنته، لان حفظه بحفظها. فلاحظ. (1) كما نسب إلى الفقيه والمقنع والمقنعة والنهاية والمبسوط والسرائر والمنتهى ونهاية الاحكام والتحرير وغيرها، بل نسب إلى المشهور. وعن التذكرة: " الاقرب أن المؤنة لا تؤثر في نقصان النصاب وإن أثرت في

 

 

____________

(* 1) تأتي الرواية في المسألة الثالثة من فصل في بقية أحكام الزكاة. (* 2) الفقيه ج 2 صفحة 18 طبع النجف الاشرف.

 

===============

 

( 160 )

 

[ الاحوط اعتباره قبله، بل الاحوط عدم إخراج المؤن، خصوصا اللاحقة (1). والمراد بالمؤنة كلما يحتاج إليه الزرع والشجر، ] نقصان الفرض.. ". وعن المدارك والذخيرة. موافقته، وعن فوائد الشرائع وجامع المقاصد وايضاح النافع والميسية والمسالك والروضة: أن المؤن اللاحقة تستثنى بعد النصاب، والسابقة قبله. ولاجل أنه لم يتحصل عندنا دليل على استثناء المؤن يشكل البناء على أحد الاقوال. والادلة المتقدمة يختلف مقتضاها. فالاصل، وأدلة نفي الضرر والعسر والحرج، والرضوي، وما دل على أنه يترك للحارس العذق والعذقان والثلاثة تقتضي استثناءها قبل النصاب. وقاعدة الشركة بضميمة عدم القول بالفصل تقتضي استثناءها بعد النصاب. وكذا قوله تعالى: (خذ العفو..) ونحوه، لو تم كون المراد منه الزائد على مؤنة الغلة لا مؤنة المالك. ولو فرض إجمال دليل الاستثناء، فلاجل أنه يدور الامر بين تقييد بلوغ الخمسة أوسق بما كان بعد المؤنة، وتقييد قولهم (ع): " ففيه العشر " بما كان بعد المؤنة، ولا مرجح لاحدهما على الآخر، يسقط الاطلاقان معا عن الحجية، وتكون النتيجة كما لو قيد الاطلاق الاول. فإذا بلغ خمسة أوسق مع المؤنة، وبدونها بلغ أربعة لم يجب عليه شئ. اللهم إلا أن يقال: الاطلاق الثاني يترتب على الاطلاق الاول، لانه من قبيل إطلاق الحكم، والاول من قبيل اطلاق الموضوع، فإذا سقط إطلاق الموضوع عن الحجية لم يبق لاطلاق الحكم مجال. وحينئذ فإذا دار الامر بين تقييد الاطلاق الاول والاطلاق الثاني فقد علم بعدم حجية الاطلاق الثاني، إما للتخصيص، أو للتخصص، فأصالة الاطلاق الاول بلا معارض وتكون النتيجة كما لو علم تقييد الاطلاق الثاني بعينه. هذا كله بناء على إجمال الخاص. لكنه فرض غير حاصل، لما عرفت من مستند الاستثناء. (1) كان المتعين أن يقول بدله: " خصوصا السابقة "، لامكان

 

===============

 

( 161 )

 

[ من أجرة الفلاح، والحارث، والساقي، وأجرة الارض إن كانت مستأجرة، وأجرة مثلها إن كانت مغصوبة، وأجرة الحفظ، والحصاد، والجذاذ، وتجفيف الثمرة، وإصلاح موضع التشميس، وحفر النهر (1) وغير ذلك، كتفاوت نقص الآلات والعوامل، حتى ثياب المالك ونحوها. ولو كان سبب النقص مشتركا بينها وبين غيرها وزع عليهما بالنسبة. (مسألة 17): قيمة البذر إذا كان من ماله المزكى، أو المال الذي لا زكاة فيه (2) من المؤن. ] القول باستثناء اللاحقة دون السابقة، أما عكسه فليس بمحتمل. (1) لا يخلو إطلاقه من نظر، فان حفر النهر الكبير الذي تعد به الارض من الحية أعني: القابلة للزراعة بالقابلية القريبة من الفعلية، في قبال الميتة، غير القابلة للزراعة معدود من مؤن الارض وإحيائها، لا من مؤن الزرع. نعم حفر النهر الصغير في الارض المحياة كما يسمى في زماننا بالمحمولة أو بالمطان معدود عرفا من مؤن الزرع. (2) أما إذا كان من المال الذي فيه الزكاة فلا فرق بين استثنائه وعدمه، لوجوب الزكاة فيه على كلتا الحالين. نعم تفترق الحالتان من جهتين أخريين: (إحداهما): ما إذا كان متمما للنصاب، فان استثناءه موجب لنقص النصاب وانتفاء الزكاة بالمرة، إلا ما وجب فيه أولا. (ثانيتهما): ما إذا اختلف مقدار الزكاة الواجبة فيه والزكاة الواجبة في الزرع بأن كان الزرع مما سقي بالدلاء وبذره مما سقي سيحا، أو بالعكس. وفي هاتين الحالتين لابد من العمل على الاستثناء، لانه من المؤن على كل حال، والبناء على عدم الاستثناء في غير الفرضين من جهة عدم الثمرة المترتبة عليه، فإذا فرض ترتبها على

 

===============

 

( 162 )

 

[ والمناط قيمته يوم تلفه (1)، وهو وقت الزرع. ] الاستثناء وجب البناء عليه، كما لا يخفى. (1) قال في المسالك في مقام تعداد المؤن: " وعين البذر إن كان من ماله المزكى فالمؤنة عينه. ولو اشتراه تخير بين استثناء ثمنه وعينه.. " وعن البيان: " لو اشترى بذرا فالاقرب أن المخرج أكثر الامرين من الثمن والقدر. ويحتمل إخراج القدر خاصة، لانه مثلي.. ". وتنظر فيه في الجواهر: " بأن الذي يعد أنه من مؤن الزرع، وصار هو سببا لاتلافه عين البذر لا ثمنه. ولو منع ذلك وجعل نفس الثمن لم يؤخذ القدر. وبالجملة: التخيير المزبور لا يخلو من نظر، أو منع.. ". أقول: لعل وجهه: أنه كما يصدق على البذر أنه محتاج إليه الزرع يصدق على المال الذي يشترى به البذر أنه محتاج إليه الزرع، لتوقف الزرع على كل منهما. غاية الامر: أن أحدهما مقدمة للآخر، والبذر مقدمة قريبة، وثمنه مقدمة بعيدة. فكل منهما مؤنة لا في عرض واحد، بل أحدهما في طول الآخر، فاستثناؤهما معا غير ممكن، واستثناء أحدهما بعينه ترجيح بلا مرجح. ولاجل أنه لا يمكن البناء على عدم استثنائهما معا، كان اللازم استثناء أحدهما لا بعينه، ومفاده التخيير. وهكذا الحال في جميع المقدمات الطولية. فلو كان عين البذر لا يشترى إلا بالارز، والارز لا يشترى إلا بالسمسم، والسمسم لا يشترى إلا بالدراهم فاشترى السمسم بالدراهم، والارز بالسمسم، والبذر بالارز، تخير بين استثناء الدراهم والسمسم والارز والبذر. وهكذا الحال في أجرة العامل. اللهم إلا أن يقال: ليس المراد من المؤنة ما يحتاج إليه الزرع ليصدق على كل من المقدمات الطولية، بل خصوص الخسارة المالية، وثمن البذر ليس منها، لوجود بدله، بخلاف نفس البذر التالف بنثره في الارض.

 

===============

 

( 163 )

 

[ (مسألة 18): أجرة العامل من المؤن، ولا يحسب للمالك أجرة (1) إذا كان هو العامل، وكذا إذا عمل ولده أو زوجته بلا أجرة، وكذا إذا تبرع به أجنبي. وكذا لا يحسب أجرة الارض التي يكون مالكا لها، ولا أجرة العوامل إذا كانت مملوكة له. (مسألة 19): لو اشترى الزرع فثمنه من المؤنة، وكذا لو ضمن النخل والشجر. بخلاف ما إذا اشترى (2) نفس الارض والنخل والشجر. كما أنه لا يكون ثمن العوامل إذا اشتراها منها. ] لكن عليه لو اشترى البذر بأكثر من قيمته لاجل الاضطرار، أو أنه صارت قيمته وقت النثار الذي هو زمان الخسارة أقل من قيمته حال الشراء وجب أن نلتزم باستثناء التفاوت بين القيمتين، مضافا إلى استثناء عين البذر ولو زادت قيمته حال النثار على الثمن استثنى أيضا نفس القيمة الزائدة، فيتعين البناء على استثناء اكثر الامرين من قيمة البذر وقت التلف وثمنه. نعم قد يشكل ذلك: بأنه لما كان الشراء للزرع، فإذا زادت قيمته وقت النثار تحسب الزيادة عرفا للزرع لا للزارع، فالخسارة لا تكون إلا الثمن، فيتعين استثناؤه لا غير. وإذا لم يشتره يتعين استثناؤه بعينه لا غير. وإن نقصت قيمته، فانه لا يعد خسارة، وإنما يكون فوات نفع. (1) لما عرفت من أن المراد منها الخسارة المالية، وعمل العامل ليس منها، وكذا عمل المتبرع، من ولده أو زوجته أو أجنبي، وكذا أجرة الارض والعوامل، فان ذلك من قبيل فوات منفعة لا خسارة مالية. (2) فان ذلك ليس معدودا من مؤن الزرع، بل من مؤن ملك الارض.

 

===============

 

( 164 )

 

[ (مسألة 20): لو كان مع الزكوي غيره فالمؤنة موزعة عليهما إذا كانا مقصودين. وإذا كان المقصود بالذات غير الزكوي، ثم عرض قصد الزكوي بعد إتمام العمل، لم يحسب من المؤن. وإذا كان بالعكس حسب منها. (مسألة 21): الخراج الذي يأخذه السلطان أيضا يوزع على الزكوي وغيره. (مسألة 22): إذا كان للعمل مدخلية في ثمر سنين عديدة لا يبعد احتسابه على ما في السنة الاولى. وإن كان الاحوط التوزيع (1) على السنين. (مسألة 23): إذا شك في كون شئ من المؤن أولا لم يحسب منها (2). وكذا ثمن العوامل فان ما يعد مؤنة عملها، لانفسها، ولا ثمنها. فالمال المبذول بازاء العمل من المؤنة، والمال المبذول بازاء العين ليس منها. ] هذا ولا يظهر الفرق بين المقام ومؤنة السنة التي تستثنى في الخمس، فإذا بني على استثناء نفس العين التي يحتاج إليها هناك، كان اللازم البناء عليه هنا. إلا أن يفرق: باجمال الدليل هنا، وظهوره هناك. فلا حظ. (1) في كونه الاحوط اشكال ظاهر، فانه إذا كان مؤنة للسنة الاولى فقط تجب الزكاة في الثانية، وإن لم يبلغ الحاصل النصب على تقدير الاستثناء. (2) لاطلاق الادلة الذي يجب الرجوع إليه مع إجمال المقيد، ويقتصر في تقييده على القدر المتيقن. لكن ذلك ليس من وظيفة العامي، بل من وظيفة المجتهد الذي يرجع إليه في الاحكام والموضوعات المستنبطة. وحمل العبارة على الشبهة الموضوعية بعيد جدا.

 

===============

 

( 165 )

 

[ (مسألة 24): حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد، فيضم الثمار بعضها إلى بعض وإن تفاوتت في الادراك، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر (1). وعلى هذا فإذا بلغ ما أدرك منها نصابا أخذ منه، ثم يؤخذ من الباقي قل أو كثر (2). وإن كان الذي أدرك أو لا أقل من النصاب، ينتظر به حتى يدرك الآخر ويتعلق به الوجوب، فيكمل منه النصاب ويؤخذ من المجموع. وكذا إذا كان نخل يطلع في عام مرتين يضم الثاني إلى الاول (3)، لانهما ثمرة سنة واحدة. لكن لا يخلو عن إشكال، لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين، كما قيل ] (1) بلا خلاف أجده فيه، كما في الجواهر، وعن المنتهى: (لا نعرف في هذا خلافا..)، وعن التذكرة: (هو مما أجمع عليه المسلمون.) ويقتضيه إطلاق الادلة، كما في الجواهر وغيرها. ولا يخلو من تأمل، كما سيأتي. (2) كما ذكره غير واحد، منهم المحقق في الشرائع. (3) كما في الشرائع. ونسب إلى الاشهر تارة، وإلى المشهور أخرى خلافا لما عن المبسوط والوسيلة: من عدم الضم. واستدل للاول: باطلاق الادلة. واستشكله غير واحد: بعدم ثبوت هذا الاطلاق. قال في الجواهر: " لكن الانصاف عدم خلو المسألة عن الاشكال، ضرورة عدم تعليق الحكم في شئ من النصوص على اتحاد المال بمجرد كونه في عام واحد وأهل العرف لا يشكون في صدق التعدد عليهما. خصوصا إذا فصل بين الثمرتين زمان معتد به. وما حال ذلك إلا كحال الثمرة التي أخرجت

 

===============

 

( 166 )

 

[ (مسألة 25): إذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة، لا يجوز أن يدفع عنه الرطب على أنه فرضه (1)، وإن كان بمقدار لو جف كان بقدر ما عليه من التمر. وذلك لعدم ] معجزة في تلك السنة..). ودعوى: أنه ليس المراد من الوحدة في الزمان اليوم ولا الشهر ولا العمر، فيتعين أن يكون المراد منها الوحدة في العام، عهدتها على مدعيها. (1) كما عن جماعة، منهم الشيخ والعلامة في أكثر كتبه، والشهيدان وغيرهم، بل قيل: إنه المعروف. لعدم كونه من أفراد الفريضة. وإطلاق التمر على الرطب مبني على المسامحة، فلا يعول عليه، ولو سلم كان اللازم الاجتزاء به وإن لم يبلغ مقدار الفريضة لو جف، ولم يقل به أحد. فان المحكي عن المنتهي الجواز بالشرط المذكور. ومحصل الكلام: أنه إن بني على أن زمان التعلق هو زمان التسمية تمرا أو زبيبا، فلا ينبغي التأمل في عدم إجزاء الرطب والعنب على أنه الفريضة، لانتفاء الاسم. وان بنى على المشهور من أن زمان التعلق زمان بدو الصلاح ففي حال كونه رطبا أو عنبا يكون موضوعا للزكاة. وحينئذ نقول: إن قولهم (ع): (ففيه العشر، أو نصف العشر..) إما أن يراد منه الكسر المشاع، أو الكلي في المعين، أو الحق في المعين. فعلى الاول لا يجوز دفع كل من الرطب والتمر عن الآخر، ولا دفع كل من العنب والزبيب عن الآخر، ولا دفع أحدهما عن الزكاة الواجبة في مجموعهما. كما لا يجوز دفع نوع بعينه إذا كان الزكوي مختلطا من أنواع شتى، ولا ذي وصف بعينه إذا كان النصاب مختلطا من ذوات أوصاف شتى، لان ذلك كله ليس من مصاديق الكسر المشاع، بل يجب الدفع من كل واحد من الانواع، أو ذوات الاوصاف على النسبة.

 

===============

 

( 167 )

 

[ كونه من أفراد المأمور به. نعم يجوز دفعه على وجه القيمة. وكذا إذا كان عنده زبيب لا يجزي عنه دفع العنب، إلا على وجه القيمة، وكذا العكس فيهما. نعم لو كان عنده رطب يجوز أن يدفع عنه الرطب فريضة. وكذا لو كان عنده عنب يجوز له دفع العنب فريضة. وهل يجوز أن يدفع مثل ما عليه من التمر والزبيب من تمر آخر أو زبيب آخر فريضة أولا؟ لا يبعد الجواز. لكن الاحوط دفعه من باب القيمة أيضا، لان الوجوب تعلق بما عنده. وكذا الحال في الحنطة والشعير إذا أراد أن يعطي من حنطة أخرى أو شعير آخر. (مسألة 26): إذا أدى القيمة من جنس ما عليه بزيادة أو نقيصة، لا يكون من الربا، بل هو من باب الوفاء (1). ] وعلى الثاني يجوز الدفع من أي نوع من العين، ومن أي موضوف منها، ولا يجب التوزيع، لان كل ما يفرض مساويا للعشر فهو مصداق لذلك الكلي. ولكن لا يجوز الدفع من غير العين، لانه غير مصداق الكلي في المعين. وعلى الثالث يجوز الدفع من غير العين، ولو لم يكن مساويا للعين في النوع أو الوصف، لانه مصداق للواجب في الذمة. واللازم حينئذ تحقيق ما هو ظاهر الادلة من المعاني المذكورة. ومقتضى بناء المصنف (ره) على الثاني جواز دفع الرطب إذا كان بعض النصاب، وكذا دفع التمر على الرطب ومثله: دفع العنب عن الزبيب وعكسه. بل يجوز دفع البسر عن التمر. ودفع الحصرم عن الزبيب، والبسر عن التمر. فتأمل جيدا. وسيجئ إن شاء الله تعالى تحقيق ما هو الظاهر. فانتظر. (1) كما نص عليه في الجواهر وغيرها. والربا إنما يكون في المعاملات

 

===============

 

( 168 )

 

[ (مسألة 27): لو مات الزارع مثلا بعد زمان تعلق الوجوب، وجبت الزكاة (1) مع بلوغ النصاب. أما لو مات قبله وانتقل إلى الوارث، فان بلغ نصيب كل منهم النصاب وجب على كل زكاة نصيبه، وإن بلغ نصيب البعض دون البعض وجب على من بلغ نصيبه، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم يجب على واحد منهم. (مسألة 28): لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين، فاما أن يكون الدين مستغرقا أولا. ثم إما أن يكون الموت بعد تعلق الوجوب، أو قبله بعد ظهور الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضا. فان كان الموت بعد تعلق الوجوب وجب إخراجها، سواء كان الدين مستغرقا أم لا، فلا يجب التحاص مع الغرماء (2) لان الزكاة متعلقة بالعين. نعم لو ] التي ليس الوفاء منها. هذا وقد تقدم في النقدين: الاشكال في جواز دفع القيمة من الجنس. (1) يعني: على الميت، فينقل إلى الورثة من التركة ما يزيد على مقدار الزكاة. (2) كما هو المشهور شهرة عظيمة. خلافا للشيخ (ره) في المبسوط، فذهب إلى وجوب التحاص. وهو في محله لو لم تكن الزكاة متعلقة بالعين أصلا، إذ هي حينئذ كسائر الديون، فلا مرحج لها عليها. أما بناء على تعلقها بالعين، فان كان بنحو الشركة أو الكلي في المعين فعدم التحاص ظاهر، لان مقدار الزكاة غير مملوك للميت، فلا وجه لصرفه في وفاء دينه. وان كان بنحو تعلق حق الرهانة، فينبغي أن يكون كذلك أيضا،

 

===============

 

( 169 )

 

[ تلفت في حياته بالتفريط وصار في الذمة، وجب التحاص بين أرباب الزكاة وبين الغرماء (1) كسائر الديون. وإن كان الموت قبل التعلق وبعد الظهور، فان كان الورثة قد أدوا الدين قبل تعلق الوجوب من مال آخر، فبعد التعلق يلاحظ بلوغ حصتهم النصاب (2) وعدمه، وإن لم يؤدوا إلى وقت التعلق، ففي الوجوب وعدمه إشكال (3). والاحوط الاخراج مع الغرامة ] لان صرف ما يساوي الزكاة في الدين تفويت للحق، وهو غير جائز، لقاعدة السلطنة على الحقوق، كقاعدة السلطنة على الاموال. فان قلت: في صرفه للزكاة تفويت لحق الديان المتعلق بالتركة. قلت: حق الزكاة مانع عن تعلق حق الديان، لماعرفت من أن حق الزكاة موجب لقصور سلطنة الميت عن التصرف في موضوعه، فيمتنع تعلق حق الديان، لان مرجع الحق المذكور إلى تضييق سلطنة الوارث في غير الوفاء، فإذا كانت سلطنته قاصرة لقصور سلطنة الموروث لا مجال لتعلق الحق المذكور. نعم لو كان الحق من قبيل حق الجناية بنحو لا يمنع من تصرف الميت، كان حق استيفاء الدين في محله. لكنه لا يسقط الزكاة، فيبقى حق استيفائها حتى من الدائن الذي قد استوفى حقه من التركة باقيا بحاله، فتؤخذ الزكاة من الدائن. وكذا الحال في أمثال المورد من أنواع الحقوق. (1) إذ لا حق هنا يصلح للترجيح. (2) لان التعلق بملكهم، فلا بد فيه من وجود شرطه، وهو بلوغ حصة كل منهم قدر النصاب، فمن لم تبلغ حصته ذلك القدر لم يجب في ماله شئ. (3) ينشأ: من الاشكال في تعلق حق الديان بالتركة، على نحو يمنع

 

===============

 

( 170 )

 

[ للديان أو استرضاؤهم. وأما إن كان قبل الظهور وجب على من بلغ نصيبه النصاب من الورثة، بناء على انتقال (1) التركة إلى الوارث وعدم تعلق الدين بنمائها الحاصل قبل أدائه وأنه للوارث من غير تعلق حق الغرماء به (2). ] من تصرف الوارث فيه، فينتفي شرط تعلق الزكاة وعدمه. وقد أشرنا في بعض مباحث مكان المصلي إلى أن ظاهر جملة من النصوص: أن ما يقابل الدين من التركة باق على ملك الميت لا ينتقل إلى الوارث، فلا يجوز له التصرف فيه، فلا يكون فيه الزكاة. نعم لو ضمن الورثة الدين، ورضي الدائن بذلك صح الضمان كما تضمنه الصحيح وبرئت ذمة الميت من الدين وكانت التركة للورثة، كما لو لم يكن دين أصلا. (1) قد عرفت الاشكال في الانتقال. (2) إذا بنينا على بقاء ما يساوي الدين على ملك الميت فالنماء الحادث بعد الموت يتبعه، فيوزع عليه الدين وعلى الاصل بالنسبة. فإذا كان الدين عشرين، والاصل ثلاثين، يكون ثلث الاصل باقيا على ملك الميت، فإذا نما نماء قيمته عشرة، كان مجموع الاصل والنماء أربعين، فيكون نصف الاصل ونصف النماء على ملك الميت، فنصف النماء الثاني يوزع على الورثة، فإذا بلغت حصة أحدهم النصاب وجبت فيه الزكاة. وإذا قلنا بانتقال التركة إلى الوارث، ويتعلق بها حق الديان كحق الرهانة، فالنماء وإن كان تابعا للاصل في الملك، لكنه غير تابع له في تعلق الحق. وحينئذ يكون جميعه ملكا للوارث، فتتعلق الزكاة بحصة كل منهم من المجموع إذا بلغت النصاب. نعم يشكل هذا القول في مثل الزرع، مما يكون النماء فيه موجبا لسقوط الاصل عن المالية، لان النماء إذا لم يتعلق به حق الدين لم يبق

 

===============

 

( 171 )

 

[ (مسألة 29): إذا اشترى نخلا أو كرما أو زرعا - مع الارض أو بدونها - قبل تعلق الزكاة، فالزكاة عليه بعد التعلق (1)، مع اجتماع الشرائط. وكذا إذا انتقل إليه بغير الشراء. وإذا كان ذلك بعد وقت التعلق فالزكاة على البائع فان علم بأدائه أو شك في ذلك ليس عليه شئ (2)، وإن علم ] من الاصل ما يمكن وفاء الدين به. والالتزام بتبعية النماء فيه للاصل في تعلق الحق به لا وجه له ظاهر. والالتزام بسقوط حق الديان فيه أشكل. وهذا مما يستوجب القول ببقاء ما يقابل الدين من التركة على ملك الميت، من دون انتقال إلى الوارث. (1) لانها تتعلق الزكاة بملكه، لا بملك البائع. (2) قد يشكل ذلك بمخالفته لاصالة عدم أداء الزكاة، وان كان الانتقال إليه بمعاوضة ونحوها، لان إثبات خلو المال عن الزكاة بقاعدة الصحة الجارية في المعاملة أو نحوها يختص بالشك الحادث بعد المعاملة، بل قد قيل: إنه يختص بخصوص صورة احتمال التفاته حين المعاملة، وعلمه بوجوب الاداء، فلا تجري أصالة الصحة إلا في تلك الصورة لا غير، فضلا عما إذا كان الانتقال بالموت ونحوه من الاسباب التي لا تتصف بالصحة والفساد. اللهم إلا أن يتمسك باليد، فتجعل أمارة على الملكية الطلقة. نعم ظاهر المشهور عدم حجية اليد إذا كانت مسبوقة بكونها أمانة أو عادية، لاستصحاب كونها كذلك. وفيه: أن عنوان اليد الامانية أو العادية لم يؤخذ عدمه قيدا في موضوع حجية اليد، كي يكون الاستصحاب جاريا في قيد الموضوع الشرعي، فيكون حجة. كيف واليد حجة مطلقا ولو احتمل كونها يد أمانة أو عادية؟ غاية الامر إنه إذا علم بكون اليد أمانة أو عادية فقد علم بعدم الملكية، فلا مجال لجعل الحجية على الملكية

 

===============

 

( 172 )

 

[ بعدم أدائه فالبيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضولي، فان أجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن (1) بالنسبة إلى مقدار الزكاة، وإن دفعه إلى البائع رجع - بعد الدفع إلى الحاكم - عليه، وإن ] لان الاحكام الظاهرية يمتنع جعلها في ظرف العلم بالواقع، لا أن موضوع الحجية اليد التي ليست يد أمانة أو عادية، فان ذلك غير معقول، لانه إذا كانت اليد ليست أمانة ولا عادية فهي مالكة واقعا. وحينئذ لا مجال لجعل الحكم الظاهري المحتمل المصادفة للواقع والمخالفة. مع أنه يلزم عدم جواز التمسك باليد على الملكية، لان الشك في الملكية ملازم للشك في الامانة والعدوان، ومع الشك في عنوان العام لا يجوز الرجوع إلى العام، كما هو ظاهر. اللهم إلا أن يرجع إلى استصحاب عنوان العام، أعني: استصحاب عدم كونها أمانة أو عادية. لكنه يختص ذلك بما إذا كانت مسبوقة بالعلم بعدم كونها كذلك، وإلا فلا أصل ينفي كونها كذلك إلا استصحاب العدم الازلي الذي هو محل الاشكال بين الاعلام. نعم يمكن أن يقال: إن حجية اليد عند العقلاء مختصة بما إذا لم تكن مسبوقة بالامانة والعدوان، ولا تشمل المسبوقة بذلك، والدليل الدال على الحجية منزل على ذلك. وعليه يشكل جعلها حجة على الملكية في الموارد التي تعارف فيها القبض بالسوم قبل الشراء ثم تشترى بعد ذلك، والاعيان التي تكون بأيدي الدلالين التي يعلم بكون حدوث يدهم بالولاية والوكالة ويجهل الحال بعد ذلك، وغير ذلك. (1) يعني: طالب المشتري بالثمن. وهذا يتوقف على أن يكون تعلق الزكاة من تعلق الجزء المشاع أو الكلي في المعين. أما إذا كان بنحو آخر كما سيأتي فله المطالبة بالزكاة، لا بالثمن.

 

===============

 

( 173 )

 

[ لم يجز كان له أخذ مقدار الزكاة من المبيع (1). وإن أدى البائع الزكاة بعد البيع، ففي استقرار ملك المشتري، وعدم الحاجة إلى الاجازة من الحاكم إشكال (2). (مسألة 30): إذا تعدد أنواع التمر مثلا، وكان ] (1) فان المالك وإن كان له دفع الزكاة من غير العين، لكن المشتري ليس له ذلك، إذ لا ولاية له. فالولاية تكون للحاكم، فله أن يأخذ من المبيع، ولا يرضى بالاخذ من غيره. (2) لا يظهر وجه للتوقف على إجازة الحاكم، لانه بعد دفع الزكاة من غير النصاب سقط التكليف بها، فلا مقتضي للرجوع إلى الحاكم، كما لو لم تجب. ولعل العبارة: (من البائع) بدل: (من الحاكم). ويشير بهذا الاشكال إلى ما في الجواهر حيث قال: (ولو أدى المالك الزكاة من غيره بعد البيع لم يجد في الصحة، ضرورة عدم الملك حال البيع. اللهم إلا أن يجعل الشرط الملك ولو متأخرا عنه، وفيه بحث، أو منع..) والمحقق في محله من مبحث الفضولي: أن من باع مال غيره ثم اشتراه، توقف نفوذ البيع على إجازته. نعم مقتضى ظاهر صحيح عبد الرحمن البصري عدم اعتباره إجازة المالك قال: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل لم يزك إبله أو شاءه عامين فباعهما على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال (ع): نعم، تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها البائع. أو يؤدي زكاتها البائع) (* 1). لكن لا ينبغي التأمل في وجوب العمل على الصحيح، لانه أخص. وبه يخرج عن القواعد العامة بل لو قيل: بأن تعلقها من قبيل تعلق حق الجناية أو الرهانة، يكون الصحيح موافقا للقواعد.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1.

 

===============

 

( 174 )

 

[ بعضها جيدا أو أجود، وبعضها الآخر ردئ أو أردأ، فالاحوط الاخذ من كل نوع (1) بحصته. ولكن الاقوى الاجتزاء بمطلق الجيد (2)، وإن كان مشتملا على الاجود. ولا يجوز دفع الردي (3) عن الجيد والاجود على الاحوط. ] (1) ليطابق القول بأن الزكاة جزء مشاع في العين، قال في محكي التذكرة: (ولو تعددت الانواع أخذ من كل نوع بحصته، لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيد، وعن الفقراء بأخذ الردي. وهو قول عامة أهل العلم. وقال مالك والشافعي: إذا تعددت الانواع أخذ من الوسط.). (2) لما سيأتي: من أن الزكاة كلي في العين، أو حق في العين، وهو صادق على الجيد. (3) كما جزم به في الحدائق والجواهر وغيرهما: لقوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون..) (* 1)، وخبر أني بصير عن أبي عبد الله (ع): (في قول الله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون..)، قال (ع): كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أمر بالنخل أن يزكى، تجئ أقوام بألوان من التمر وهو من أردأ التمر يؤدونه من زكاتهم، تمرا يقال له الجعرور والمعافارة، قليلة اللحا، عظيمة النوى وكان بعضهم يجئ بها عن التمر الجيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تخرصوا هاتين التمرتين، ولا تجيئوا منها بشئ. وفي ذلك نزل: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه..). والاغماض: أن يأخذ هاتين التمرتين) . ونحوه غيره.

 

 

____________

(* 1) البقرة: 267. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 175 )

 

[ (مسألة 31): الاقوى أن الزكاة متعلقة بالعين (1)، ] هذا ولاجل اختصاص الحديث بأردأ التمر الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن خرصه، وعن عده جزءا من النصاب توقف المصنف (ره) في المنع عن دفع مطلق الردى، حتى ما كان معدودا جزءا من النصاب. وأما الآية نفسها فلا يحلو المراد بها عن إجمال. (1) كما هو المشهور، بل عن المصابيح: أنه كاد أن يكون إجماعا وعن التذكرة: نسبته إلى علمائنا، وعن المنتهى: أنه مذهب علمائنا أجمع وقيل متعلقة بالذمة لا غير. وعن بعض: أن القائل بذلك مجهول، وعن آخر: أنه شاذ. واستدل للاول بقولهم (ع): (فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدوالي نصف العشر) (* 1)، وبمصحح بريد بن معاوية قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقه إلى بادية الكوفة.. (إلى أن قال (ع) له): فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا باذنه، فان اكثره له.. (إلى أن قال (ع): فاصدع المال صدعين..) (* 2) والاخبار المستفيضة: المتضمنة: أن الله تعالى جعل للفقراء في مال الاغنياء ما يكفيهم (* 3)، بل في موثقه أبي المعزا: (إن الله تبارك وتعالى أشرك بين الاغنياء والفقراء في الاموال، فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم) (* 4) وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري المتقدم في المسألة السابقة، وخبر أبي حمزة عن أبي جعفر (ع): (سألته عن الزكاة تجب علي في مواضع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب زكاة الانعام. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة. (* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 4.

 

===============

 

( 176 )

 

[ لكن لا على وجه الاشاعة (1)، بل على وجه الكلي في المعين. ] لا يمكني أن أؤديها. قال (ع): اعزلها، فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح، وإن نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة فليس عليك شئ. فان لم تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح، ولا وضيعة عليها) (* 1) والنصوص الكثيرة المشتملة على التعبير بالاخراج والعزل. (1) كما اختاره في الجواهر، ونسب إلى جماعة، بل عن الايضاح: نسبته إلى الاصحاب. وفي مفتاح الكرامة: (مقتضى الادلة الدالة على وجوب الزكاة في العين، وكلام القائلين بذلك ما عدا المصنف في التذكرة في غاية الظهور في الشركة. بل لا يحتمل غيرها..). لكن لا يبعد أن يكون مرادهما من الشركة ما يعم الكلي في المعين، لا خصوص نحو الاشاعة. وكيف كان فالذي يشير إلى القول المذكور أكثر الادلة المتقدمة، مثل ما تضمن: أن فيما سقت السماء العشر. إذ العشر ظاهر في الكسر المشاع، وموثق أبي المعزا المتقدم، فان إطلاق الشركة فيه يقتضي الاشاعة وما تضمن أمر أمير المؤمنين (ع) مصدقه بقسمة المال نصفين إلى أن يبقى ما فيه وفاء لحق الله تعالى، فان القسمة من لوازم الاشاعة. إذ لو كان من قبيل الكلي في المعين لوجب على المصدق أن يأمر المالك بدفع ما يكون مصداقا لكلي الفريضة، وليس له المشاحة معه على الخصوصيات، إذ جميعها ملك المالك، والفقير له الكلي لا غير. نعم خبر أبي حمزة لا يدل عليه، إذ الربح يكون الكلي، كما يكون للافراد الخارجية. وكذا صحيح عبد الرحمن، لان بطلان البيع فيما يساوي الزكاة كما يترتب على الاشاعة يترتب على كونها على نحو الكلي في المعين.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 52 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 177 )

 

كما أن الاخراج والعزل أعم من ذلك أيضا. هذا ويمكن الاشكال في جميع ما ذكر. أما في الاول فلان التعبير بالعشر ونصفه لم يرد مثله في زكاة الانعام، ولا في زكاة النقدين، وإنما ورد فيهما شاة، وبنت لبون، وبنت مخاض، وحقة، وتبيع، ومسنة، وخمسة دراهم، ونصف مثقال، ونحو ذلك. والجميع ظاهر في غير الجزء المشاع. والتصرف فيها بالحمل على الجزء المشاع ليس بأولى من التصرف في العشر ونصفه بالحمل على المقدار. بل الثاني هو المتعين، لانه أقرب وأسهل، كما هو ظاهر. وأما الجمود على ظاهر كل من الدليلين في مورده، والتفكيك بين زكاة الغلات فهي بنحو الاشاعة، وزكاة غيرها فهي بنحو الكلي في المعين فهو وان اقتضته صناعة الاستدلال، إلا أنه خلاف المرتكز في أذهان المتشرعة وخلاف المستفاد من النصوص المتضمنة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع الزكاة في تسعة أشياء، أو على تسعة أشياء، أو من تسعة، كصحيح ابن سنان: (قال أبو عبد الله (ع): لما نزلت آية الزكاة: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..) في شهر رمضان، أمر رسول صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس: إن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عليكم من الدهب، والفضة، والابل، والبقر والغنم، ومن الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. ونادى فيهم في شهر رمضان، وعفى لهم عما سوى ذلك) (* 1) الظاهر في كون الوضع على نحو واحد. ولا سيما وإن الملجئ إلى التعبير بذلك: أنه لا نصاب في الغلات إلا واحد، ولا عفو فيها، فإذ بلغت النصاب وجب العشر مهما زاد مطلقا وأما موثق أبي المعزا فليس واردا لبيان هذه الجهة، كى يتمسك باطلاقه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث:

 

===============

 

( 178 )

 

على كون الشركة بنحو الاشاعة. وأما ما تضمن الامر بالقرعة فالاستدلال له على الاشاعة ليس إلا من جهة أن من أحكام المشاع التمييز بالقرعة. لكن هذا المقدار لا يصحح استكشاف الاشاعة من دليل التمييز بالقرعة، لعدم كونه من اللوازم العقلية، ولا من اللوازم العرفية. وبالجملة: بعد ثبوت الحكم المذكور بدليله، لا طريق إلى استكشاف كون الزكاة من قبيل الجزء المشاع، ليترتب عليه سائر أحكامه. مضافا إلى أن قول أمير المؤمنين (ع) في ذيل الحديث: (حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله..) ظاهر في أن الحق أمر خارج عن المال متعلق به، لا أنه جزء منه على نحو الاشاعة. وكأنه لذلك بنى المصنف (ره) في المتن تبعا لجماعة على أن تعلق الزكاة بالنصاب من قبيل تعلق الكلي في المعين، كما إذا باعه صاعا من صبرة. وإن كان أيضا لا يخلو من إشكال. إذ المستند في ذلك إن كان ظهور (في) في الظرفية لنفس الزكاة، فيكون معنى قولهم (ع): (في كل أربعين شاة شاة) أن الزكاة شاة كائنة في النصاب، أعني الاربعين. ففيه: أن الظاهر من ملاحظة النصوص كون الظرف لغوا، وكون كلمة (في) متعلقة بفعل مقدر مثل: يجب، أو فرض، أو نحو ذلك، فيكون مدخولها ظرفا لذلك الفعل، لا مستقرا متعلقا بكائن كما قد يتوهم في بادئ النظر ليكون مدخول (في) ظرفا للواجب والمفروض. ولذلك صرح بالفعل في جملة من النصوص، ففي صحيح زرارة: (وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله الصدقة في كل شئ أنبتت الارض. إلا ما كان..) (* 1) وفي صحيح الفضلاء: (فرض الله عزوجل الزكاة مع الصلاة في الاموال، وسنها رسول الله في تسعة أشياء..) (* 2) وقال (ع) فيه: (وكل ما لم يحل عليه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 4.

 

===============

 

( 179 )

 

الحول عند ربه فلا شئ عليه فيه. فإذا حال عليه الحول وجب عليه) (* 1) وفي موثق اسحاق: (السخل متى تجب فيه الصدقة؟ قال (ع): إذا أجذع) (* 2) وفي خبر الحسين بن يسار: (في كم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة؟ فقال (ع): في كل مائتي درهم خمسة دراهم من الفضة..) (* 3) وفي خبر المفضل: (في كم تجب الزكاة من المال؟.. (إلى أن قال): ففي كل ألف خمسة وعشرون درهما) (* 4). وفي خبر الخثعمي: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل في كل أربعين أوقية أوقية) (* 5). وفي خبر زرارة: (ليس في النيف شئ حتى يبلغ ما يجب فيه واحد) (* 6). وفي خبر محمد ابن الطيار: (إن الزكاة إنما تجب جميعها في تسعة أشياء، خصها رسول الله صلى الله عليه وآله بفريضتها فيها، وهي: الذهب..) (* 7) إلى غير ذلك. فهذه النصوص تشهد بأن المراد من قولهم (ع): (في الاربعين شاة شاة) هو المراد من قولهم (ع): في القتل خطأ الدية) ف‍ (في) في مثل هذه الموارد للظرفية. لكن ليس المظروف هو الزكاة، بل فرضها وجعلها. وليس المراد منها السببية، كي يقال عليه: إن حمل (في) على السبيية خلاف الظاهر، لندرة ذلك، ومثل له بقوله صلى الله عليه وآله: (إن امرأة دخلت النار في هرة..).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب زكاة الانعام حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 4 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 5 من أبواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2. (* 7) الوسائل باب: 8 من ابواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 12 والحديث منقول بالمعنى.

 

===============

 

( 180 )

 

ثم إن مما يعين أن ليس المراد الظرفية لنفس الزكاة، ما في كثير من النصوص من التعبير بمثل قوله: ((عليه فيه الزكاة..)، كما تقدم في صحيح الفضلاء (* 1)، وكما في موثق سماعة في الدين: (ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه، فإذا قبضه فعليه الزكاة) (* 2). ونحوهما غيرهما، كما هو كثير. إذ لو كان المراد أن الزكاة تكون في نفس المال لا معنى ظاهر لقوله: (عليه)، يعني: على المالك. فالمراد منه هو المراد من قوله: (عليه الدية في القتل خطأ) و (عليه الكفارة في الافطار عمدا) ونحو ذلك. ومقتضى الجمود عليه أن تكون الزكاة في ذمة المالك، كما حكي عن بعض. ولو سلم ذلك فالظرفية غير ظاهرة في ظرفية الكل للجزء، بل يجوز أن تكون من ظرفية موضوع الحق للحق. بل الظرفية عند القائل بأن التعلق من قبيل تعلق الكلي بالمعين مبنية على نحو من العناية، لوجوب مباينة الظرف لمظروفه. ولو سلم فمعارض ذلك بما ورد في كثير من النصوص المعبر فيها بحرف الاستعلاء بدل حرف الظرفية، كرواية أبي بصير والحسن بن شهاب: (وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء..) (* 3). وفي رواية الفضل (والزكاة على تسعة أشياء..) (* 4). وفي صحيح الفضلاء: (إنما الصدقات على السائمة الراعية) (* 5). وفي صحيح رفاعة: (إذا اجتمع مائتا درهم، فحال عليها الحول فان عليها الزكاة..) (* 6). إلى

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في هذه التعليقة قريبا. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب من تجب عليه الزكاة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 7 من ابواب زكاة الانعام حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 2 من ابواب زكاة الذهب والفضة حديث: 2

 

===============

 

( 181 )

 

غير ذلك مما هو كثير، فان هذه النصوص ظاهرة جدا في كون الزكاة شيئا موضوعا على المال، خارجا عنه كسائر الضرائب المجعولة في هذه الازمنة على الاملاك، إذ ليس المقصود جعل جزء من الملك ملكا للسلطان وحينئذ يتعين حمل تلك النصوص على ما عرفت، جمعا بينها. ولا سيما بملاحظة بعض النصوص التي اشتملت على التعبيرين معا، مثل صحيح زرارة: (إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها، عامها الذي يقتنيه فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شئ) (* 1) ونحوه غيره. ولو سلم فلا مجال له في نصب الابل والبقر، فان قولهم (ع): (في كل خمس من الابل شاة) يمتنع حمله على الظرفية، للمخالفة في الجنس. والحمل على إرادة مقدار من النصاب يساوي الشاة بحسب القيمة يوجب كون الشاة ليست فريضة في الخمس من الابل، ولا بنت المخاض فريضة في الست والعشرين، فدفعها دفع للبدل وكذا الحال في بقية نصب الابل والبقر وهو كما ترى مخالف لما يستفاد من النصوص ضرورة ولا سيما ما ورد في أبدال الفرائض عند تعذرها، فانها صريحة في أن الاسنان المذكورة نفس الفريضة، ينتقل إلى بدلها لو لم تكن موجودة عنده، ولا يكلف شراءها. فراجع. وإن كان المستند فيه: أمر أمير المؤمنين (ع) مصدقه بصدع المال صدعين (* 2). فقد عرفت: أنه لا يمكن الاستدلال به على الاشاعة التي من لوازمها شرعا القسمة فضلا عن الاستدلال به على كونها من قبيل الكلي في المعين. ولا سيما مع ظهور ذيله في كون القسمة لتعيين ما به يكون الوفاء لحق الله تعالى واستيفاؤه، لا لتعيين نفس الزكاة. وأما قوله (ع): (فإذا أتيت ماله فلا تدخله بغير إذنه، فان أكثره له) فلا يدل على أن

 

 

____________

(1) الوسائل باب: 16 من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث 3:. (* 2) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1.

 

===============

 

( 182 )

 

بعضه لغيره، إلا بمفهوم اللقب الذي ليس بحجة. ولعل وجه الاقتصار على ذكر الاكثر، مع أن كله له بناء على عدم وجودها في العين: أن بعضه موضوع لحق الاستيفاء، فلذلك تقصر سلطنته عنه، بخلاف الاكثر فانه موضوع لسلطنته المطلقة. وإن كان الاخبار المستفيضة، المتضمنة: أن الله تعالى جعل للفقراء في أموال الاغنياء ما يكفيهم (* 1). فمن المحتمل فيها أن يكون المراد ما يعم جعل الحق وجعل العين، فلا يدل على الثاني، وكذا موثق أبي المغرا (* 2) لا أقل من وجوب صرفه إلى ذلك، لاجل ما سبق. وإن كان صحيح عبد الرحمن (* 3)، فلا يدل إلا على عدم نفوذ تصرف المالك في تمام النصاب، وهو كما يكون من جهة كون تعلق الزكاة فيه بنحو الاشاعة أو الكلي في المعين، يكون من جهة كون تعلقها فيه بنحو تعلق حق الرهانة والجناية. مع أن الاستدلال به على ثبوت واحد منها يتوقف على القول بحجية الظهور في مطلق اللوازم والملزومات، وقد عرفت إشكاله. فتأمل. وإن كان خبر أبي حمزة (* 4)، فالظاهر عدم بناء الاصحاب على العمل به، كما قيل. ولو سلم فقد عرفت المناقشة في صحة الاستدلال به على كيفية التعلق. مع أن الجمع بينه وبين ما عرفت مما دل على عدم كون الزكاة في العين يقتضي حمله على كونه حكما تعبديا جاريا على خلاف القواعد الاولية المقررة.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب زكاة الانعام حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 52 من ابواب المستحقين للزكاة حديث 3.

 

===============

 

( 183 )

 

وإن كان النصوص المشتملة على التعبير بالعزل والاخراج، فهي لا تصلح مستندا لذلك، لصدقهما ولو كان التعلق بنحو تعلق الحق، كما لا يخفى. هذا والمتحصل من جميع ما ذكرنا: أن نصوص التشريع التي عليها المعول في كيفية تعلق الزكاة بالنصاب عامها وخاصها، أكثرها ما بين غير ظاهر في كيفية خاصة للتعلق، وما بين ظاهر في عدم كون الزكاة جزءا من العين وهو ما تضمن أن الزكاة على المال، أو فيه بناء على ظهور الظرفية في المباينة بين الظرف ومظروفه، كما عرفت. وهذا النوع أكثر نصوص الباب، وما بين ما يمتنع حمله على ذلك، وما هو نادر منها مما هو ظاهر في كون التعلق على نحو الاشاعة أو الكلي في المعين، يتعين صرفه عن ذلك إلى غيره، مما لا ينافي ما سبق. ثم إن مقتضى الطائفة الثانية المتضمنة أن الزكاة على المال، أو فيه أن المال موضوع حق الزكاة، وأنه مثقل بها ومتعهد بها، كما هو أيضا مفاد بعض النصوص المتقدمة في تعلقها بالعين، ومقتضى ذلك عدم جواز تصرف المالك بالمال على نحو ينافي الحق. ولا إشكال في كون التصرف المتلف للعين منافيا للحق. أما التصرف المخرج لها عن الملك فمنافاته للحق غير ظاهرة، لان ذلك يتوقف على كونه قائما بالعين بما أنها مضافة إلى المالك وملك له، وهو كما يحتمل، يحتمل أيضا أن يكون قائما بالعين مطلقا. ولا طريق إلى تعيين الاول، بل مقتضى إطلاق النص هو الثاني، لان جعل موضوع الحق خصوص ما هو مملوك للمالك تقييد زائد يحتاج إلى دليل. نعم في صحيح عبد الرحمن البصري في من لم يزك إبله أو شاءه عامين فباعها قوله (ع): (تؤخذ منه زكاتها، ويتبع بها البائع) (* 1). وهو كما يحتمل أن يكون من جهة فساد البيع في مقدار الزكاة لمنافاته للحق

 

 

____________

(* 1) المراد به هو الصحيح المتقدم قريبا في هذه التعليقة.

 

===============

 

( 184 )

 

يحتمل أن يكون حكما تعبديا جاريا على خلاف القواعد الاولية، وقد عرفت أن أصالة العموم لا تصلح لتشخيص الموضوع. اللهم إلا أن يستفاد الاول بقرينة مناسبة الحكم والموضوع. وعليه فقد يشكل في التصرف في المقدار الزائد على مقدار الزكاة، بدعوى: أن ظاهر قولهم (ع): (عليه الزكاة) أن الحق الزكوي مستوعب لجميع المال، ولا يختص بالمقدار المساوي له. لكنها محل نظر. والقياس على موارد الاستعمال العرفي شاهد عليه. بل بقرينه مناسبة الحكم والموضوع المعول عليها في فهم كون المتعلق على نحو يمنع من التصرف يكون الصحيح ظاهرا في أن الحق قائم بمقداره من المال لا أزيد، فيجوز التصرف في بعض النصاب وان لم ينو المالك الاداء من غيره. بل الصحيح المذكور ظاهر في بيع تمام النصاب، فلا يدل على المنع عن التصرف في بعضه. فلا حظ. ثم إن كثيرا من النصوص قد تضمن أن الزكاة على المالك، ومقتضى قياسه بالاستعمالات العرفية أن تكون الزكاة في ذمة المالك، وإن كان لها تعلق بالعين، فيكون تعلقها بالعين نظير حق الرهانة. اللهم إلا أن يكون المراد من الزكاة فيه المعنى المصدري أعني: تزكية المال لانفس المقدار المفروض على النصاب، فيكون مفاد النصوص حينئذ التكليف بالاداء لا غير كما هو الظاهر مما قرن فيه الزكاة بالصلاة، فيكون تعلقها بالعين نظير تعلق حق الجناية ليس له تعلق بذمة المالك. نعم بعضها ظاهر في أن المجعول في الذمة نفس العين، كصحيح زرارة الوارد في أبدال الاسنان الواجبة قال (ع) فيه: (وكل من وجبت عليه جذعة، ولم تكن عنده..) (* 1) وحملها على إرادة من وجب عليه أداء جذعة خلاف الظاهر. اللهم إلا أن يكون لفظ الوجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1.

 

===============

 

( 185 )

 

[ وحينئذ فلو باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب صح، إذا كان مقدار الزكاة باقيا عنده (1)، بخلاف ما إذا باع الكل، ] قرينة عليه، لظهوره في التكليف. أو لانه مقتضى الجمع بين مثل الصحيح والنصوص المتضمنة أن الزكاة على المال (* 1). ولا سيما بملاحظة ما تضمن من النصوص والفتاوى عدم ضمان الزكاة بتلف النصاب (* 2)، إذ لو كانت في الذمة لا موجب لبراءة الذمة عنها بمجرد تلف النصاب. كما أن تلف الرهن لا يوجب براءة ذمة الراهن من الدين. والمسألة محتاجة إلى تأمل، وإن كان الاقرب إلى الذهن عاجلا هو الاول. هذا وقد كنت أمني نفسي من حين شروعي في كتاب الزكاة أن أكتب هذه المسألة على أحسن طرز وأوضح منهج، غير أنه حالت الحوائل القاسرة بيني وبين ذلك فلم أهتد لاجلها سبيلا. وذلك مما أصاب إخواننا المؤمنين الصالحين الايرانيين والعراقيين من أنواع البلايا والمحن. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين. (1) قد عرفت: أن صحة البيع فيما زاد على مقدار الزكاة تترتب أيضا على القول بكون التعلق بنحو تعلق حق الرهانة أو الجناية، لعدم ظهور الدليل في كون الحق مستوعبا للمال. نعم إذا كان مستوعبا للمال كما يظهر من كلمات شيخنا الاعظم امتنع التصرف في الجزء المعين من النصاب كالقول بالاشاعة. كما أنهما يفترقان عنه، بأنه على الاشاعة يجوز التصرف بالمشاع غير المعين، كما لو باع نصف النصاب مشاعا، ولا يجوز ذلك على القول الآخر، لان المال بجميع أجزائه وكسوره موضوع للحق.

 

 

____________

(* 1) تقدمت الاشارة إليها في أوائل هذه التعليقة. (* 2) تقدم ذكر النصوص في المسألة: 10 من فصل زكاة الانعام.

 

===============

 

( 186 )

 

[ فانه بالنسبة إلى مقدار الزكاة يكون فضوليا محتاجا إلى إجازة الحاكم (1) على ما مر. ] (1) فان أجاز صح، وكانت حصة الزكاة من الثمن زكاة. هذا بناء على مذهب المصنف، وكذا بناء على الاشاعة. أما بناء على ثبوته في الذمة وتعلقه بالعين بنحو تعلق حق الرهانة، فالاجازة تجدي في صحة التصرف وسقوط الحق، أما ما في ذمة المالك من الزكاة فباق على حاله قبل البيع. وأما بناء على عدم ثبوته في الذمة، وكون تعلقه بنحو تعلق حق الجناية، فان كان قائما بالعين بما أنها مضافة إلى المالك كما هو أحد القولين في حق الجناية احتيج إلى إجازة الحاكم، لان البيع يكون تصرفا في موضوع الحق، ولازم الاجازة حينئذ سقوط الحق، لانتفاء موضوعه. ولكن صدور هذه الاجازة غير مشروع من الحاكم، لانها تضييع لحق الفقير، فلا تجوز له، ولو مع اشتراط مقدار من المال على المالك، أو على المشتري، أو ثبوت حق الزكاة في الثمن، لان نفوذ مثل هذا الشرط مع كونه في الايقاع محل تأمل. وإن كان ظاهر الاصحاب التسالم على صحته فيما لو أذن المرتهن للراهن في البيع، واشترط عليه أن يكون الثمن رهنا. نعم لو كان مرجع الشرط إلى تقييد الاذن بالبيع، بدفع مقدار من المال، كان في محله. وإن كان قائما بذات العين مطلقا صح البيع بلا إجازة، لعدم كونه تصرفا في موضوع الحق، لبقاء موضوعه ولو في ملك غير المالك، كما هو المشهور في حق الجناية، فيتبع المستحق العين أينما انتقلت. وإن كان قائما بهما، بأن يكون للمستحق حقان. حق قائم بذات العين، وآخر قائم بها بما أنها مضافة إلى المالك، فالبيع يكون تصرفا في موضوع الحق كالوجه الاول، فلا يجوز إلا بالاجازة. لكن الاجازة لا توجب سقوط الحق بالمرة، وإنما توجب سقوط الحق القائم بها بما أنها مضافه لا غير،

 

===============

 

( 187 )

 

[ ولا يكفي عزمه على الاداء (1) من غيره في استقرار البيع على الاحوط (2). (مسألة 32): يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي خرص ثمر النخل والكرم (3) ] ويبقى الحق القائم بذات العين، فلو أجاز الحاكم كان للمستحق ابتاع العين في ملك أي مالك كانت. وعليه فصدور الاجازة من الحاكم لا يحتاج إلى شرط دفع مال أو نحوه مما يمنع من ضياع الحق المالي على مستحقه، بل تجوز الاجازة لاي غرض صحيح، ولو كان من جهة سهولة استيفاء الحق من المشتري وصعوبته من المالك. هذا وقد عرفت أن إطلاق قولهم (ع): (في كل خمس من الابل شاة) ونحوه من أدلة الفرائض يقتضي البناء على الثاني. لكن قوله (ع) في صحيح البصري المتقدم فيمن لم يزك إبله أو شاءه عامين فباعها: (تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها البائع) (* 1) يقتضي الاول. إذ المنسبق إلى الذهن في وجه اتباع البائع في مقدار الزكاة عدم صحة البيع فيه. اللهم إلا أن يلتزم بالاخير، جمعا بين النصوص. فتأمل جيدا: (1) كما يقتضيه إطلاق صحيح البصري المتقدم. نعم صرح فيه: بأنه لو دفع البائع الزكاة استقر البيع. (2) كأن وجه التوقف: احتمال أن يكون ما دل على جواز دفع القيمة دالا على أن للمالك ولاية البيع. وفيه: أنه لا دلالة لذلك على ما ذكر. بل يمكن منع دلالته على ولاية التبديل بشئ في ذمته، فضلا عما نحن فيه. (3) بلا خلاف أجده بيننا، بل في الخلاف والمعتبر وغيرهما: الاجماع عليه، كذا في الجواهر. ويشهد له جملة من النصوص، كخبر أبي بصير

 

 

____________

(* 1) لاحظ أوائل الكلام في المسألة.

 

===============

 

( 188 )

 

[ - بل والزرع - (1) على المالك. ] عن أبي عبد الله (ع): (في قول الله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون..) (* 1) قال (ع): كان رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أمر بالنخل أن يزكى يجئ قوم بألوان من التمر وهو من أردأ التمر، يؤدونه من زكاتهم تمرا يقال له الجعرور والمعافارة، قليلة اللحا، عظيمة النوى وكان بعضهم يجئ بها عن التمر الجيد. فقال رسول الله: لا تخرصوا هاتين التمرتين، ولا تجيئوا منها بشئ. وفي ذلك نزل: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه..) والاغماض أن يأخذ هاتين التمرتين) (* 2) ونحوه ما رواه ابن ادريس عن شهاب (* 3)، وما رواه العياشي في تفسيره عن أبي بصير (* 4) ورفاعة (* 5) واسحاق ابن عمار (* 6). وفي صحيح سعد بن سعد (في حديث) قال: (سألت أبا الحسن (ع) عن العنب هل عليه زكاة، أو إنما تجب عليه إذا صيره زبيبا؟ قال: نعم، إذا خرصه أخرج زكاته) (* 7). (1) كما عن جامع المقاصد وغيره. وعن التلخيص: أنه المشهور، بل عن الخلاف: الاجماع عليه. وعن المعتبر والمنتهى والتحرير وغيرها:

 

 

____________

(* 1) البقرة: 267. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب زكاة الغلات حديث 1. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب زكاة الغلات حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب زكاة الغلات ملحق حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 19 من ابواب زكاة الغلات حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 19 من أبواب زكاة الغلات حديث: 5. (* 7) الوسائل باب: 12 من ابواب زكاة الغلات حديث: 2. وذكر الحديث بتمامه في باب: 1 من ابواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 189 )

 

[ وفائدته جواز التصرف للمالك (2)، بشرط قبوله (2) ] المنع فيه، اقتصارا فيما خالف القواعد على مورد النص. ولان الزرع قد يخفى لاستتاره فلا يمكن خرصه، بخلاف ثمر النخل والكرم. ولان الحاجة في النخل والكرم تامة لاحتياج أهلها إلى تناولها، بخلاف الفريك فان الحاجة إليه قليلة، وفيه: أن ظاهر صحيح سعد بن سعد عن الرضا (ع) في حديث قال: (سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال (ع): إذا صرم، وإذا خرص) (* 1). العموم للزرع. مع أن كون الخرص على خلاف القواعد غير ظاهر بناء على أنه نوع من المعاملة لعموم الوفاء بالعقود والشروط. وخفاء الزرع في بعض الاحوال لا يمنع من صحة الخرص في الجملة. ومثله: عدم الاحتياج إلى تناوله، كما هو ظاهر. (1) كما نص على ذلك كله في الجواهر، ويظهر منه عدم الخلاف فيه. وهو في محله، بناء على كون الخرص معاملة خاصة مفادها اشتغال ذمه المالك بحصة الفقراء، أو ثبوتها في العين بنحو ثبوت الكلي في المعين. إذ على الاول لا ينبغى التأمل في جواز التصرف في تمام العين لقاعدة السلطنة وكذا على الثاني بالنسبة إلى ما عدا مقدار الزكاة، كما في بيع صاع من صبرة. أما لو كان الخرص تقديرا للزكاة لا غيره، فجواز التصرف وعدمه مبنيان على الخلاف في كيفية تعلق الزكاة بالعين، الذي تقدم التعرض له. اللهم إلا أن يكون مبنى الخرص على الاذن في التصرف بعده. (2) لتتم المعاملة إيجابا وقبولا. قال في الجواهر: (بخلاف ما إذا لم يقبل، فانه لا يجوز التصرف فيه على ما نص عليه جماعة. لكن قد يقوى جوازه مع الضبط..).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب زكاة الغلات حديث: 1.

 

===============

 

( 190 )

 

كيف شاء. ووقته بعد بدو الصلاح وتعلق الوجوب (1). بل الاقوى جوازه من المالك بنفسه (2) إذا كان من أهل ] أقول: انتفاء القبول إنما يوجب انتفاء المعاملة، وعليه فجواز التصرف وعدمه مبنيان على الخلاف في كيفية تعلق الزكاة بالعين، ويكون الحال كما لو لم يكن خرص. (1) لظهور النص والفتوى في كون المراد من الخرص خرص الزكاة الواجبة الثابتة، لا خرص ما تجب وتثبت، وقد تقدم في صحيح سعد: (إذا خرصه أخرج زكاته). وعليه فلا بد من أن يكون بعد تعلق الوجوب ولاجل ذلك استشكل على المحقق (ره) حيث جعل زمان الخرص بدو الصلاح، مع أنه ممن يختار تعلق الوجوب بالتسمية، مستدلا عليه: بأن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة خارصا للنخل حين يطيب (* 1). وفيه: أنه لوثبت وجب حمل الطيب على حال التسمية جمعا. وإلا تعين القول بتعلق الوجوب حين بدو الصلاح. (2) كما في الجواهر، حاكيا عن الفاضلين والشهيد والمقداد والصيمري النص عليه وعلى جواز إخراجه عدلا يخرصه له. قال في الجواهر: (ولعله لمعلومية عدم خصوصية خرص الساعي، وإطلاق قوله (ع) في صحيح سعد: إذا خرصه أخرج زكاته، وقوله (ع): إذا صرم وإذا خرص). وفيه: أن العلم بعدم الخصوصية للساعي غير حاصل، كيف وهو ولي، وغيره لا ولاية له؟ والاطلاق في الخبرين ممنوع، لورودهما لبيان وقت الاخراج لا غير. وثبوت ولاية العدل في المقام غير ظاهر، إذ لا تعطيل فيه ولا ضياع.

 

 

____________

(* 1) لاحظ المعتبر الفرع الاول من فروع مسألة الخرص صفحة 269، وسنن البيهقي باب الخرص ج 4 صفحة 123.

 

===============

 

( 191 )

 

[ الخبرة، أو بغيره من عدل أو عدلين. وإن كان الاحوط الرجوع إلى الحاكم أو وكيله مع التمكن. ولا يشترط فيه الصيغة فانه معاملة خاصة (1)، وإن كان لو جئ بصيغة الصلح كان أولى. ثم إن زاد ما في يد كان له، وإن نقص كان عليه (2). ويجوز - لكل من المالك والخارص - الفسخ مع الغبن (3) الفاحس. ولو توافق المالك والخارص ] (1) هذا كما ذكره في الجواهر بنحو يظهر منه المفروغية عنه. ودليله غير ظاهر، إذ الظاهر من مادة الخرص تقدير الزكاة وتعيين مقدارها لا غير. اللهم إلا أن يقال: لا ظهور في النصوص في كون الخرص بمعنى تخمين المقدار حجة، فلعل التخمين مقدمة للمعاملة. ولا سيما بملاحظة التعبير في روايتي رفاعة وإسحاق المرويتين في تفسير العياشي بالخرص عليهم (* 1) فتأمل. وعليه فالخروج عن أصالة عدم الحجية بمجرد النصوص المذكورة غير ظاهر، ويكفي في صحة المعاملة عمومات الصحة والنفوذ، كما عرفت. (2) إذا كان الخرص معاملة فلا ينبغي التأمل في أن مقتضاها كون الزيادة للمالك والنقيصة عليه. أما لو كان مجرد تقدير فلا وجه لشئ من ذلك. نعم هو حجة في ظرف الجهل وعدم العلم بالزيادة أو النقيصة. نعم لو كان تقديره بالنقيصة راجعا إلى عفوه عن الزائد لمساهلته معه لمصلحة، أو لاستحباب التخفيف، كما قيل كان الزائد للمالك. وإن كان خطأ منه في التقدير وجب على المالك دفعه إلى الساعي أو الفقراء. (3) لان خيار الغبن يطرد في كلية المعاملات ولا يختص بالبيع، كما حرر في محله. وهذا أيضا مبني على أن الخرص معاملة. أما على الاحتمال

 

 

____________

(* 1) لاحظ أوائل الكلام في هذه المسألة.

 

===============

 

( 192 )

 

[ على القسمة رطبا جاز (1). ويجوز للحاكم أو وكيله بيع نصيب الفقراء (2)، من المالك أو من غيره. (مسألة 33): إذا اتجر بالمال الذي فيه الزكاة قبل أدائها، يكون الربح للفقراء بالنسبة (3)، وإن خسر يكون خسرانها عليه. (مسألة 34) يجوز للمالك عزل الزكاة (4) وإفرازها، ] الآخر فالمدار على الواقع عند انكشافه. (1) لان الحق بينهما. لكنه مبني على تعلق الوجوب حينئذ. (2) لعموم ولايته. (3) إطلاقه لا يوافق ما تقدم منه: من أن البيع في الفرض يكون فضوليا بالنسبة إلى مقدار الزكاة، فان أجازه الحاكم طالبه بالثمن، وإلا أخذ الزكاة من المبيع. مع أنه غير ظاهر في نفسه. اللهم إلا أن يكون ذلك لخبر علي ابن أبي حمزة الآتي في المسالة الآتية، وقد تقدم في مسألة تعلق الزكاة بالعين. لكنه لا ينطبق على القاعدة، إلا بناء على كون الزكاة جزءا من العين، وكون الاعتبار بها لا بالذمة كما هو الغالب المتعارف وتحقق الاجازة بعد ذلك من الولي. والاعتماد عليه في رفع اليد عن القواعد مع ضعفه في نفسه، وبناء الاصحاب على عدم العمل به كما قيل في غير محله. (4) كما هو المشهور. ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح أبي بصير عن أبي جعفر (ع): (إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله، ثم سماها لقوم فضاعت، أو أرسل بها إليهم فضاعت، فلا شئ عليه) (* 1)، وموثق يونس بن يعقوب قال: (قلت لابي عبد الله (ع): زكاتي تحل علي في شهر، أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني يكون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 193 )

 

عندي عدة، فقال (ع): إذا حال الحول فأخرجها من مالك، ولا تخلطها بشئ، ثم أعطها كيف شئت قال: قلت فان أنا كتبتها وأثبتها يستقيم لي؟ قال (ع): نعم، لا يضرك)، (* 1) ومصحح عبيد عن أبي عبد الله (ع): (إذا أخرجها من ماله فذهبت، ولم يسمها لاحد فقد برئ منها) (* 2)، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (في الرجل يخرج زكاته، فيقسم بعضها ويبقي بعضها يلتمس لها المواضع، فيكون بين أوله وآخره ثلاثه أشهر. قال (ع): لا بأس) (* 3)، وخبر على بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي جعفر (ع) قال: (سألته عن الزكاة تجب علي في مواضع لا يمكنني أن أؤديها. قال (ع): اعزلها، فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح، وإن نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة فليس عليك شئ. فان لم تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح، ولا وضيعة عليها) (* 4) إلى غير ذلك. ودلالتها على جواز العزل مما لا ينبغي التأمل فيه. ومنه يظهر ضعف ما عن بعض: من المنع عنه، وآخر: من الاشكال فيه بمخالفة القواعد، فان القواعد لا مجال لها مع الدليل الخاص. هذا والمحكي عن محتمل عبارة الشيخين وغيرها وجوب العزل. وكأنه للامر بعزلها في خبر ابن أبي حمزة، وباخراجها في موثق يونس. ويضعف: بأن ظاهر قوله في ذيل الموثق: (فان أنا كتبتها..) السؤال عن جواز إبقائها في المال، فقوله (ع): (لا يضرك) يدل على عدم وجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 52 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 39 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 53 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 52 من ابواب مستحقي الزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 194 )

 

[ من العين، أو من مال آخر (1)، مع عدم المستحق. بل مع وجوده أيضا (2) على الاقوى. وفائدته صيرورة المعزول ملكا للمستحقين قهرا (3)، حتى لا يشاركهم المالك عند التلف ويكون أمانة في يده. وحينئذ لا يضمنه إلا مع التفريط (4)، أو التأخير مع وجود المستحق (5). وهل يجوز للمالك إبدالها ] العزل، وبه يرفع اليد عن ظاهر الامر. مع قرب دعوى ظهور الامر في الارشاد إلى ما يترتب على العزل، من عدم الضمان بالتلف، لا في وجوب العزل تعبدا. ويومئ إليه قوله (ع) في خبر ابن أبي حمزة: (فان لم تعزلها فاتجرت..) فانه يناسب الجواز جدا. (1) بناء على كونها في العين من قبيل الكلي في المعين، أو الجزء المشاع يشكل شمول النصوص هذه الصورة. اللهم إلا أن يستفاد منها، بضميمة ما دل على جواز دفع القيمة، فيكون مفاد النصوص جواز عزل ما يدفع زكاة، عينا كان أو قيمة. (2) كما قواه في الجواهر، حاكيا عن المنتهى والتذكرة الجزم به. وعن الدروس: أنه الاقرب. ويقتضيه صريح الموثق وظاهر صحيح ابن سنان (* 1) ومنهما يظهر ضعف ما هو ظاهر الشرائع: من تخصيصه بصورة عدم المستحق. (3) كما هو ظاهر النص والفتوى. وقد يظهر من الدروس التوقف فيه، وهو في غير محله. (4) كما في خبر علي ابن أبي حمزة المتقدم. (5) كما هو المعروف. وعن المنتهى والمدارك: الاجماع عليه. لمصحح محمد بن مسلم: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل بعث بزكاة ماله لتقسم

 

 

____________

(* 1) (* 2) تقدم ذكر ذلك كله في أول المسألة.

 

===============

 

( 195 )

 

[ بعد عزلها إشكال. وإن كان الاظهر عدم الجواز (1). ثم بعد العزل يكون نماؤها للمستحقين (2)، متصلا كان أو منفصلا. ] فضاعت، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال (ع): إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها، وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان، لانها قد خرجت من يده) (* 1) وصحيح زرارة: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل بعث إليه أخ زكاته ليقسمها فضاعت. فقال (ع): ليس على الرسول، ولا على المؤدي ضمان. قلت فان لم يجد لها أهلا ففسدت وتغيرت، أيضمنها؟ قال (ع): لا، ولكن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها) (* 2). وبهما يخرج عن إطلاق صحيح أبي بصير المتقدم (* 3) ونحوه. (1) لعدم الدليل على ولايته على التبديل بعد العزل، والاصل يقتضي العدم. اللهم إلا أن يستفاد من النصوص الواردة في دفع القيمة (* 4). ولكنه محل نظر، كما يظهر ذلك بمراجعتها. فراجع. (2) لما عرفت أنها بالعزل تكون لهم، والنماء تابع لاصله.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 3) راجع أول المسألة. (* 4) راجع المسألة: 5 من فصل زكاة الانعام.