فصل في شرائط امام الجماعة

فصل في شرائط امام الجماعة يشترط فيه أمور: البلوغ (2). ] (1) كما تقدم في المواقيت. فصل في شرائط امام الجماعة (2) فإنه شرط في صحة الامامة على المشهور، بل عن المنتهى: نفي الخلاف فيه. ويدل عليه - مضافا إلى الأصل المتقدم في عامة الشروط المشكوكة - خبر إسحاق: (إن عليا (ع) كان يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم. ولا يؤم حتى يحتلم، فإن أم جازت صلاته، وفسدت صلاة من خلفه) (* 1). وعن المبسوط والخلاف ومصباح السيد: جواز إمامة المراهق المميز العاقل. وعن الذكرى: نسبته إلى الجعفي. وقد يشهد له خبر طلحة عن جعفر (ع)، عن علي (ع): (لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم، وأن يؤم (* 2). ونحوه خبر غياث بن إبراهيم (* 3). وفي موثق سماعة (تجوز صدقة الغلام، وعتقه، ويؤم الناس إذا كان له عشر سنين) (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5.

 

===============

 

( 317 )

 

[ والعقل (1)، ] لكن الجميع غير مختص بالمراهق. وحملها عليه لا شاهد له. مع إباء الموثق عنه جدا. نعم ظاهر محكي الخلاف - من قوله: (دليلنا إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في أن من هذه صفته تلزمه الصلاة. وقوله صلى الله عليه وآله: مروهم بالصلاة لسبع، فانه يدل على أن صلاتهم شرعية (* 1) أن - الوجه في الجواز: كون عبادات الصبي شرعية، لا النصوص المذكورة. لكن فيه: أن مجرد شرعية عباداته غير كاف في صحة الائتمام، بل الأصل عدمها، إلا أن يقوم عليه دليل بالخصوص، مع أن شرعية عباداته لو اقتضت صحة الائتمام به لم يفرق بين المراهق وغيره، فالقول المذكور مما لا يساعده دليل. نعم الجمع بين النصوص يقتضي تقييد خبري طلحة وغياث بمفهوم الموثق، فيحملان على البالغ عشرا وحمل خبر إسحاق على الكراهة. ولا يجوز تقييده بمنطوق الموثق - بأن يحمل على ما لم يبلغ عشرا - لا بائه ذلك جدا، فتكون نتيجة ذلك: جواز إمامته - على كراهة - إذا بلغ عشرا. لكنه موقوف على حجية الموثق. وهي غير ظاهرة، لوهنه باعراض الجميع عنه، فالمنع مطلقا أنسب بالقواعد. والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا مستفيض النقل، حكاه جماعة، منهم الشيخ والفاضلان والشهيد. وهو الذي يقتضيه مضافا إلى الأصل الذي عرفته. وأنه لا عبادة للمجنون، لعدم تأتي القصد منه صحيح زرارة: (لا يصلين أحدكم خلف المجنون، وولد الزنا) (* 2)، ومصحح أبي بصير: (خمسة لا يؤمون

 

 

____________

(* 1) لاحظ الخلاف المسألة: 17 من كتاب الجماعة صفحة: 81. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 318 )

 

[ والايمان (1)، ] الناس على كل حال... - وعد منهم -: المجنون، وولد الزنا...) (* 1) والمشهور: جواز الائتمام به حال إفاقته. وعن التذكرة والنهاية: المنع عنه. وعن مصابيح الظلام: (إن هذا أظهر أفراد ما ورد في الروايات. إذ غيره - لغاية ظهوره، وعدم تأتي إمامته لوجوه كثيرة - لا يحتاج للتعرض له). وفي مفتاح الكرامة: (لو لحظوا الاخبار بعين الاعتبار - كما في مصابيح الظلام - لقالوا بالمنع " لكن هذا الاستظهار غير ظاهر. وأضعف منه: ما عن التذكرة من تعليل المنع بإمكان عروضه حال الصلاة، وبأنه لا يؤمن احتلامه حالة الجنون، وبنقصانه عن هذا المرتبة. نعم الأصل يقتضي المنع عن إمامته، ولا إطلاق ترفع به اليد عنه. إلا أن يستفاد الجواز من مفهوم العدد في مثل رواية أبي بصير، لوروده مورد الحصر فتأمل. (1) الحاصل بالاعتراف بامامة الأئمة الاثني عشر (ع)، فانه شرط. إجماعا، حكاه جماعة، بل لعله من الواضحات. وفي صحيح زرارة: (سألت أبا جعفر (ع) عن الصلاة خلف المخالفين، فقال (ع): ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر) (* 2). وفي مكاتبة محمد بن خالد البرقي إلى أبي جعفر الثاني (ع): (أتجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك؟ فأجاب (ع): لا تصل وراءه) (* 3). وفي كتاب الرضا (ع) إلى المأمون: (لا يقتدى إلا بأهل الولاية) (* 4). وفي خبر ابن راشد: (قلت لأبي جعفر (ع): إن مواليك قد اختلفوا فأصلي خلفهم جميعا؟ فقال (ع) لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (* 5) وفي صحيح يزيد بن حماد: (أصلي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 11. (* 5) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 319 )

 

[ والعدالة (1)، وأن لا يكون ابن زنا (2)، ] خلف من لا أعرف؟ فقال (ع): لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (* 1). فتأمل. (1) ففي الحدائق: لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط عدالة إمام الجماعة مطلقا). ونقل إجماعهم على ذلك جمع كثير منهم، بل نقل ذلك عن بعض المخالفين - وهو أبو عبد الله البصري - محتجا باجماع أهل البيت (ع) ويدل عليه موثق سماعة: (عن رجل كان يصلي، فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة. قال (ع): إن كان إماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا، وليدخل مع الامام في صلاته كما هو. وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو، ويصلي ركعة أخرى، ويجلس قدر ما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم ليتمم صلاته معه على ما استطاع، فان التقية واسعة، وليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله) (* 2) وقد تومئ إليه النصوص الناهية عن الصلاة خلف العاق القاطع، والمقارف للذنوب، والمهاجر بالفسق، والفاجر، وغير الأمين، وشارب النبيذ والخمر والأغلف - لأنه ضيع من السنة أعظمها - ونحو ذلك (* 3). وكفى في وضوح الحكم الاجماع المتقدم. (2) إجماعا صريحا أو ظاهر، حكاه جماعة، منهم السيدان والشيخ والفاضلان والشهيد. لعده فيمن لا يؤم الناس في جملة من النصوص، كصحيح زرارة، ومصحح أبي بصير المتقدمين. وكصحيح محمد بن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 56 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) راجع الوسائل باب: 11، 13 من ابواب صلاة الجماعة. (* 4) تقدم ذكر الروايتين في اعتبار العقل في امام الجماعة.

 

===============

 

( 320 )

 

[ والذكورة إذا كان (1) المامومون أو بعضهم رجالا (2)، ] مسلم (* 1)، وخبر الأصبغ (* 2). والمعروف: التعبير عن هذا الشرط بطهارة المولد، ومقتضاه: عدم جواز الائتمام مع الشك، لأصالة عدم الطهارة. بخلاف التعبير بما في النصوص فيجوز الائتمام معه، لأصالة عدم كونه عن زنا، بناء على جريان الأصل في العدم الأزلي. ولأجل ذلك يكون اللازم هو التعبير بما في النصوص. إلا أن يكون بناؤهم على عدم الفرق، لأصالة طهارة المولد وكونه عن نكاح صحيح، فانها معول عليها عند العقلاء والمتشرعة. ولعل مناسبة الشرطية للوجود هو الوجه في العدول هنا وفي الشرطين الأولين، إذ ليس في النصوص - أيضا - اعتبار البلوغ والعقل، بل إنما تضمنت المنع عن إمامة المجنون، وما قبل الاحتلام. فلاحظ. هذا ولعل ما عن كثير: من تفسير طهارة المولد بأن لا يعلم كونه عن زنا، يراد به وجوب الحكم بذلك عن الشك، لا أن عدم العلم هو الشرط، بحيث لو تبين بعد الفراغ كون الامام ابن زنا لم يقدح ذلك في صحة الائتمام به واقعا، لتحقق عدم العلم به حال الصلاة، فان ذلك مما لا يساعده النص، ولا الفتوى. (1) بلا خلاف ظاهر ولا إشكال، بل حكى الاجماع عليه جماعة. ويكفي فيه الاصل. وقد يشهد به النبوي: (لا تؤم امرأة رجلا). (2) فلو كان كلهم نساء فالمشهور: جواز ائتمامهن بالمرأة، كما يشهد به خبر الحسن بن زياد الصيقل: (سئل أبو عبد الله (ع) كيف تصلي النساء على الجنائز إذا لم يكن معهن رجل؟ قال (ع): يقمن جمعا في صف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 321 )

 

واحد، ولا تتقدمهن امرأة. قيل ففي صلاة مكتوبة يؤم بعضهن بعضا؟ قال (ع): نعم) (* 1). المتعضد باطلاق موثق سماعة: (عن المرأة تؤم النساء؟ فقال (ع)؟ لا بأس به) (* 2). ونحوه مرسل ابن بكير (* 3)، بل وظاهر صحيح ابن جعفر (ع) -: (عن المرأة تؤم النساء، ما حد رفع صوتها بالقراءة والتكبير؟ فقال (ع): قدر ما تسمع) (* 4) - المفروغية عن صحة إمامتها. ونحوه خبره الآخر (* 5)، وخبر ابن يقطين (* 6) وقريب منها خبر جابر (* 7). نعم لا إطلاق لها بنحو تشمل الفريضة والنافلة. وعن السيد وابن الجنيد والجعفي: المنع. وعن المختلف والمدارك موافقتهم، لصحيح هشام: (سئل أبو عبد الله (ع) عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال (ع): تؤمهن في النافلة، فأما المكتوبة فلا. ولا تتقدمهن، ولكن تقوم وسطهن) (* 8)، ونحوه صحيحا سليمان بن خالد، والحلبي (* 9) ولصحيح زرارة: (المرأة تؤم النساء؟ قال (ع): لا، إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها، تقوم وسطهن - معهن في الصف - فتكبر ويكبرن) (* 10) ولا مجال لمعارضتها بالمطلقات، لوجوب حمل المطلق على المقيد.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 11. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 7. (* 6) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 7. (* 7) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 14. (* 8) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 9) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9، 12. (* 10) الوسائل الباب: 20 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 322 )

 

[ وأن لا يكون قاعدا للقائمين (1)، ولا مضطجعا للقاعدين، ] ولو فرض إباء المطلقات عن الحمل على النافلة - لأنه حمل على النادر - فلتكن هذه الصحاح معارضة لها، معارضتها لخبر الحسن بن زياد (* 1) لكن يجب ترجيحها عليها، لصحة السند، وكثرة العدد. ومجرد اشتمال أكثرها على مشروعية الجماعة في النافلة - التي قد تقدم: أنها خلاف الاجماع - غير قادح، للاجماع على مشروعيتها في بعض النوافل، فلتحمل عليه. وندرة ذلك البعض غير قادحة، لأن النصوص المذكورة ليست في مقام مشروعية الجماعة في النافلة ليكون حملها على ذلك حملا على الفرد النادر، بل في مقام مشروعية إمامة المرأة في النافلة في ظرف المفروغية عن مشروعية الجماعة فيها. وفيه: أن إعمال قواعد التعارض مبني على تعذر الجمع العرفي. أما مع إمكانه - بحمل نصوص المنع على الكراهة - فهو المتعين. وأما ما في الحدائق: من الجمع بينها بحمل وصفي النافلة والمكتوبة على كونهما وصفين للجماعة، فيكون مفاد الروايات المفصلة بين النافلة والمكتوبة: جواز إمامة المرأة في الصلاة التي تستحب فيها الجماعة - كالصلاة اليومية - وعدم جوازها في الصلاة التي تجب فيها الجماعة - كالجمعة - فبعيد جدا، مخالف للمعهود من استعمال اللفظين المذكورين. والوجود التي ادعى أنها معينة له يظهر ضعفها بالتأمل. (1) إجماعا صريحا وظاهر، حكاه جماعة، منهم الشيخ والحلي والعلامة. للنبوي المروي في الفقيه: (قال أبو جعفر (ع): إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه في مرضه جالسا، فلما فرغ قال صلى الله عليه وآله. لا يؤمن أحدكم بعدي جالسا) (* 2). وفي الجواهر: (إنه مروي عند

 

 

____________

(* 1) المراد به هو الخبر المتقدم في صدر التعليقة. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 323 )

 

الخاصة والعامة). وقد يومئ إليه ما في رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع): (قال أمير المؤمنين (ع): لا يؤمن المقيد المطلقين، ولا صاجب الفالج الأصحاء، ولا صاحب التيمم المتوضئين) (* 1). وعن الشعبي عن علي (ع): (لا يؤمن المقيد المطلقين) (* 2). وظاهر الوسائل وعن غيره: الكراهة. وكأنه لضعف النصوص، فتصلح وجها للكراهة، لقاعدة التسامح. وفيه: أنها مجبورة بالعمل لو سلم ضعف جميعها. مع أن الأصل كاف في المنع. ولأجله يصح ما عن المشهور: من منع ائتمام الكامل بالناقص، مطلقا كالقاعد بالمضطجع، والمستقل بالمعتمد والمتمكن من الركوع والسجود بالمومئ اليهما، إلى غير ذلك. بل مقتضاه المنع من إمامة الناقص لمثله، ومن ائتمامه بالكامل. إلا أن يقوم دليل على خلافه من نص أو إجماع أو غيرهما، ولولاه لأشكل ذلك كله. نعم استفادة الكلية المشهورة من النصوص المتقدمة عير ظاهرة، ولا سيما بملاحظة ما ورد: من جواز إمامة المتيمم للمتوضئ، كما سيأتي. بل قد عرفت أن المستفاد من التعليل في صحيح جميل (* 3) - الوارد في إمامة المتيمم -: الاكتفاء بصحة صلاة الامام في حقه ولو كان ناقصا. وبه يخرج عن الأصل المذكور كلية. إلا أن يقوم دليل بالخصوص على المنع. ومن هذا يظهر الاشكال فيما هو المشهور: من المنع عن إمامة المضطجع للجالس، إذ لا دليل على المنع بالخصوص. والأصل وإن اقتضى المنع، لكن الصحيح حاكم عليه. اللهم إلا أن يقال: الصحيح إنما يتعرض لجواز الائتمام بمن يصلي صلاة صحيحة من حيث النقص والكمال لا من حيث

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) تقدم ذكره في اوائل المسألة: 31 من الفصل السابق.

 

===============

 

( 324 )

 

[ ولا من لا يحسن القراءة (1) - بعدم إخراج الحرف من مخرجه أو ابداله بآخر، أو حذفه أو نحو ذلك، حتى اللحن في الاعراب (2) - ] آخر. والشك في إمامة المضطجع للجالس من حيث اختلاف الامام والمأموم في بعض الاحوال، إذ يحتمل اعتبار اتفاقهما في الحال في صحة الائتمام، فالمرجع في هذه الحيثية هو الأصل المقتضي للمنع. ومن هذا يظهر: أن الكلية المشهورة في محلها، إذا كان النقص في الامام موجبا لاختلال الهيئة الاجتماعية، لأصالة المنع، وقصور الصحيح عن الحكومة عليه. أما لو لم يكن النقص موجبا لذلك - كامامة المعتمد للمستقل - فلا بأس للصحيح المتقدم، الحاكم على أصالة المنع. (1) إجماعا، كما عن جماعة أيضا. ويقتضيه الأصل المتقدم، لولا ما عرفت: من وجوب الخروج عنه بذيل الصحيح. وأما أدلة ضمان الامام للقراءة فقد عرفت: أن غاية مقتضاها عدم سقوط القراءة عن المأموم، لا عدم جواز الائتمام بمن لا يتحمل القراءة، إلا بناء على حجية العام في عكس نقيضه (* 1). لكنه ضعيف، لعدم ثبوت ذلك. فالعمدة حيئنذ: الاجماع المدعى على المنع. اللهم إلا أن يكون تعليلهم - للمنع عن الائتمام - بعدم تحمل القراءة، قرينة على إرادتهم: المنع عن الائتمام مع عدم قراءة المأموم، لا المنع مطلقا. وحينئذ يشكل الاعتماد على الاجماع في دعوي: المنع مطلقا. اللهم إلا أن يكون إجماع على الملازمة بين انعقاد الجماعة وسقوط القراءة، فيتوجه حينئذ تعليل المنع عن الائتمام مطلقا بدليل وجوب القراءة. لكن عرفت الاشكال في ثبوت الاجماع المذكور. هذا وقد حكي عن الوسيلة: أنه عبر فيها بالكراهة. ولعل المراد منها: المنع. (2) وعن المبسوط: جواز إمامة الملحن للمتقن أحال المعنى أم لم

 

 

____________

(* 1) تقدمت الاشارة إلى مواضع النصوص المذكورة في اواخر المسألة: 31 من للفصل السابق.

 

===============

 

( 325 )

 

[ وإن كان لعدم استطاعته (1) غير ذلك. (مسألة 1): لا بأس بإمامة القاعد للقاعدين (2)، والمضطجع لمثله، والجالس للمضطجع (3). (مسألة 2): لا بأس بإمامة المتيمم للمتوضى (4)، ] يحل. وعن السرائر: الجواز إذا لم يغير المعنى. هذا والفرق بينه وبين ما قبله غير ظاهر، إذا اللحن يوجب خروج الكلام عن كونه قرآنا، فاجراء حكم ما قبله فيه متعين. (1) فان ذلك انما يوجب معذوريته، لا صحة تحمله. (2) إجماعا، كما عن التذكرة والنهاية والروض. مضافا إلى ما ورد في كيفية جماعة العراة، كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): (عن قوم صلوا جماعة وهم عراة. قال (ع): يتقدمهم الامام بركبتيه، ويصلي بهم جلوسا وهو جالس) (* 1). ونحوه غيره. وبذلك ترفع اليد عن إطلاق النبوي المتقدم (* 2)، لو لم تمكن دعوى: انصرافه عن الفرض. (3) وفي الجواهر: (يجواز ائتمام كل مساو بمساويه نقصا أو كمالا والناقص بالكامل - كالقاعد بالقائم - بلا خلاف أجده فيه). وهذا هو العمدة في رفع اليد عن الأصل. مضافا إلى ما يستفاد من ذيل صحيح جميل في خصوص إمامته لمثله (* 3). (4) على المشهور. بل عن المنتهى: لا نعرف فيه خلافا إلا من محمد ابن الحسن الشيباني ". ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح جميل المتقدم في المسألة الواحدة والثلاثين من مسائل أحكام الجماعة، وموثق ابن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 51 من ابواب لباس المصلي حديث: 1. (* 2) راجع صفحة 322. (* 3) مر ذكره في اوائل المسألة: 31 من الفصل السابق.

 

===============

 

( 326 )

 

[ وذي الجبيرة لغيره (1). ومستصحب النجاسة من جهة العذر لغيره، بل الظاهر: جواز إمامة المسلوس والمبطون لغيرهما، فضلا عن مثلهما. وكذا إمامة المستحاضة للطاهرة. (مسألة 3): لا بأس بالاقتداء بمن لا يحسن القراءة في غير المحل الذي يتحملها الامام عن المأموم - كالركعتين الأخيرتين - على الأقوى (2). وكذا لا بأس بالائتمام بمن لا يحسن ما عدا القراءة - من الاذكار الواجبة والمستحبة، التي لا يتحملها الامام عن المأموم - إذا كان ذلك لعدم استطاعته غير ذلك. ] بكير عن أبي عبد الله (ع): (عن رجل أجنب، ثم تيمم، فأمنا ونحن طهور، فقال (ع): لا بأس به) (* 1). ونحوه خبره الآخر (* 2). ولأجلها يجب رفع اليد عن ظاهر خبر السكوني المتقدم (* 3)، ونحو خبره عباد بن صهيب فيحملان على الكراهة، جمعا. (1) لذيل صحيح جميل. والكلية المنسوبة للمشهور - من عدم ائتمام الكامل بالناقص - مختصة - بالافعال - كما في الجواهر - لا مطلقا. مع أنك عرفت: أنه لا دليل عليها بنحو تشمل المقام، إلا الاصل المحكوم بالصحيح المتقدم. (2) واستوجه الصحة فيه وفيما بعده في الجواهر، لاختصاص وجه المنع بغيره، فقاعدة؟ جواز الائتمام بمن يصلي صلاة صحيحة محكمة. وكذا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) تقدم ذكره في أواخر الكلام في شورط إمام الجماعة. (* 4) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 327 )

 

[ (مسألة 4): لا يجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمثله، إذا اختلفا في المحل الذي لم يحسناه (1). وأما إذا اتحدا في المحل فلا يبعد الجواز (2)، وإن كان الأحوط العدم. بل لا يترك الاحتياط (3) مع وجود الامام المحسن. وكذا لا يبعد جواز إمامة (4) غير المحسن لمثله، مع اختلاف المحل أيضا، إذا نوى الانفراد (5) عند محل الاختلاف، فيقرأ لنفسه بقية القراءة، لكن الاحوط العدم، بل لا يترك - مع وجود المحسن - في هذه الصورة أيضا (6). ] الكلام فيما بعده. (1) لاطراد وجه المنع المتقدم فيه أيضا. (2) كما نص عليه جمهور الاصحاب من غير نقل خلاف، بل في المنتهى: قصر نقل الخلاف فيه عن أحمد. كذا في مفتاح الكرامة. وهو في محله، لاختصاص وجه المنع بغيره. ومنه تعرف: وجه ضعف الاحتياط بالعدم. (3) لم يظهر الوجه في هذا الاحتياط. إلا أن يكون المراد: أن الأحوط الائتمام بالمحسن. لكن قد تقدم منه - في صدر مبحث الجماعة -: الجزم بعدم وجوب حضور الجماعة على من لا يحسن القراءة مع عجزه عن التعلم. وسيأتي منه أيضا. (4) للوجه المتقدم. (5) بل مقتضى ما ذكرنا: جواز بقائه على الائتمام مع القراءة، إذ لا موجب لنية الانفراد، إلا أن يكون إجماع على الملازمة بين وجوب القراءة على المأموم وبين انتفاء الامامة. لكنه محل تأمل. (6) قد تقدم الكلام فيه في نظيره.

 

===============

 

( 328 )

 

[ (مسألة 5): يجوز الاقتداء بمن لا يتمكن (1) من كمال الفصاح بالحروف، أو كمال التأدية، إذا كان متمكنا من القدر الواجب فيها، وإن كان المأموم أفصح منه. (مسألة 6): لا يجب على غير المحسن (2) الائتمام بمن هو محسن، وإن كان هو الأحوط. نعم يجب ذلك على القادر على التعلم، إذا ضاق الوقت عنه، كما مر سابقا. (مسألة 7): لا يجوز إمامة الأخرس لغيره (3)، وإن كان ممن لا يحسن نعم يجوز إمامته لمثله (4)، وإن كان الأحوط الترك، خصوصا مع وجود غيره، بل لا يترك الاحتياط في هذه الصورة (5). (مسألة 8): يجوز إمامة المرأة لمثلها (6)، ] (1) والظاهر: أنه لا إشكال فيه. ويكفي في إثباته ما عرفت من القاعدة المستفادة من صحيح جميل، المستالم عليها ظاهرا. (2) قد تقدم الكلام في هذه المسألة في أول مبحث الجماعة. (3) كما نص عليه غير واحد. وفي مفتاح الكرامة: (لا أجد في ذلك خلافا). والكلام فيه ينبغي أن يكون هو الكلام فيمن لا يحسن القراءة لا طراد القاعدة فيهما بنحو واحد. وقد عرفت: أن مجرد النقص لا أثر له في المنع. واحتمال مانعية الخرسن - تعبدا - ساقط قطعا. (4) كما نص عليه جماعة، منهم الفاضلان والشهيد في الذكرى. لما عرفت: من اقتضاء القاعدة للصحة بلا مزاحم. (5) قد عرفت الكلام في نظيره. (6) كما تقدم ذلك في اشتراط ذكروة الامام. فراجع.

 

===============

 

( 329 )

 

[ ولا يجوز للرجل، ولا للخنثى (1). (مسألة 9): يجوز إمامة الخنثى للأنثى (2)، دون الرجل (3)، بل ودون الخنثى (4). (مسألة 10): يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ (5). (مسألة 11): الأحوط عدم إمامة الأجذم، والأبرص (6) ] (1) لاحتمال كونه رجلا. نعم له الائتمام بها رجاء كونه امرأة، فيرتب أحكام الجماعة رجاء، لكن لابد له من الاحتياط، ولو بتكرار الصلاة منفردا. (2) لأن الخنثى رجل أو امرأة، وكلاهما تجوز إمامته للانثى. (3) لاحتمال كون الامام الخنثى أنثى، التي لا تصح إمامتها للرجل. (4) لاحتمال كون الامام أنثى والمأموم رجلا. (5) كما عن الدروس وغير واحد ممن تأخر عنه. لانصراف أدلة المنع عن إمامته (* 1) عن صورة إمامته لمثله. أو حملا لما دل على جواز إمامته مطلقا (* 2) على جوازها لمثله، جمعا. لكن الأخير ليس من الجمع العرفي، بل هو جمع تبرعي، فيمتنع. والاول ممنوع. ولو سلم، فالاصل كاف في المنع. مع أن إجراء أحكام البالغين على المأمومين غير البالغين، يقتضي منعهم عن الائتمام بغير البالغ. ولا يعارضه شرعية الامامية والمأمومية للبالغين، المقتضية لشرعيتهما لغير البالغين - بناء على إجراء أحكام البالغين عليهم - فان ذلك إنما يتم حيث لا دليل على المنع عن إمامة غير البالغ. أما مع الدليل عليه، فمقتضى التعدي هو المنع عن إمامة غير البالغ لغير البالغ أيضا، كما ذكرنا. (6) فقد حكي المنع عنها عن الأصحاب، بل عن الغنية وشرح جمل العلم والعمل وظاهر الخلاف: الاجماع عليه. ويشهد له حسن زرارة أو صحيحه:

 

 

____________

(* 1)، (* 2) تقدمت الاشارة إلى ذلك في اول هذا الفصل. فلاحظ.

 

===============

 

( 330 )

 

[ والمحدود (1) بالحد الشرعي بعد التوبة، ] (قال أمير المؤمنين (ع): لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص...) (* 1) وفي رواية ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): (خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة: الأبرص، والمجذوم...) (* 2) ونحوهما: رواية أبي بصير (* 3) وعن جماعة: الكراهة. ولعله المشهور بين المتأخرين بل عن الانتصار: (مما انفردت به الامامية كراهية إمامة الابرص، والمجذوم، والمفلوج. والحجة فيه: إجماع الطائفة). فتأمل. ويقتضيها الجمع العرفي بين ما تقدم، ورواية عبد الله بن يزيد: (عن المجذوم والأبرص يؤمان المسلمين؟ قال (ع): نعم. قلت: هل يبتلي الله بهما المؤمن؟ قال (ع): نعم، وهل كتب البلاء إلا على المؤمن؟) (* 3) ونحوه ما عن محاسن البرقي - بسنده الصحيح - عن الحسين بن أبي العلاء (* 5) الذي قد عرفت في مبحث المطهرات حجية خبره، (* 6) فلا تقدح جهالة عبد الله ولا سيما ورجال السند إليه كلهم أعيان أجلاء. (1) فعن ظاهر جماعة من القدماء، وبعض متأخري المتأخرين: المنع عن إمامته، للنهي عنها في جملة من النصوص المعتبرة، كروايات زرارة، ومحمد بن مسلم، وأبي بصير (* 7) وغيرها (* 8) وظاهرها: أن جهة المنع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 6) راجع المسألة: 4 من مبحث المطهرات ج. 2 من هذا الشرح. (* 7) تقدم ذكر الروايات في التعليقة السابقة. (* 8) لعل المراد منه: خبر لاصبغ بن نباته، المذكور في التعليقة الآتية، لاشتماله على ذلك أيضا.

 

===============

 

( 331 )

 

[ والأعرابي (1) ] كونه محدودا، لا كونه فاسقا، فلا وجه لحملها على ما قبل التوبة. ولا لحملها على ما بعدها، بحمل النهي على الكراهة. ومصير أكثر المتأخرين إلى الكراهة لا يقتضي الثاني. كما أن ما ورد من قولهم (ع): (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه) (* 1) لا يقتضي الأول. إذ لا إطلاق له يقتضي جواز الصلاة خلف المحدود ليصلح لمعارضة ما عرفت. ولو سلم، فلا تبعد دعوى: كون التصرف فيه أولى من التصرف في نصوص المقام، لأنها فيه أظهر. ولو سلم التساوي، فالاصل يقتضي المنع، كما عرفت. (1) فعن ظاهر القدماء: المنع عن إمامته أيضا، بل عن الرياض: (أجد فيه خلافا بينهم صريحا إلا من الحلي ومن تأخر عنه). وعن الخلاف: الاجماع عليه. وتقتضيه النصوص المتقدم إليها الاشارة، المتضمنة: (أنه لا يؤم) - على اختلاف التعبير فيها - ففي صحيح زرارة أو حسنه: أنه لا يؤم المهاجرين (* 2) وفي خبر ابن مسلم: انه لا يؤم حتى يهاجر (* 3) وفي خبر الاصبغ: أنه لا يؤم بعد الهجرة (* 4) وفي خبر أبي بصير: أنه لا يؤم الناس (* 5) من دون تقييد. والظاهر: عدم التنافي بينها ليجمع بينها بالتقييد، بل يجب العمل بكل واحد منها، حتى الأخير المطلق. والأعرابي وإن فسر بساكن البادية، إلا أن منصرفه: من كان متخلقا باخلاقهم الدينية المبنية على المسامحات وإن لم توجب فسقا، كما يشير إليه خبر أبي البختري:

 

 

____________

(* 1) مر ذلك في شرائط امام الجماعة. (* 2) تقدم ذكره في التعليقة الأولى على هذه المسألة. (* 3) تقدم ذكره في التعليقة الأولى على هذه المسألة. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 5) تقدم ذكره في التعليقة الأولى على هذه المسألة.

 

===============

 

( 332 )

 

[ إلا لامثالهم (1)، بل مطلقا، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع، مطلقا. (مسألة 12): العدالة ملكة الاجتناب عن الكبائر (2) ] (كره أن يؤم الاعرابي، لجفائه عن الوضوء والصلاة) (* 1) بل ينبغي القطع بانفتاء الكراهة، فضلا عن المنع عن إمامة من حاز مراتب عالية من الفضل والتقوى ومكارم الاخلاق، فاضطر إلى سكنى البادية، كأبي ذر (رض) أوقد سكنها للارشاد وهداية العباد. ثم إن النصوص المذكورة لا معارض لها. ومثل: (لا تصل إلا من تثق بدينه) لا يصلح لمعارضتها، كما عرفت. ومثله: شهرة المتأخرين على الكراهة، فالأنسب بالقواعد: المنع:. (1) هذا التقييد مما لا إشارة إليه في النصوص المتقدمة. نعم في مصحح زرارة في الاعرابي: أنه لا يؤم المهاجرين (* 2) لكن عرفت: أنه لا ينافي المطلق، إلا بناء على مفهوم القيد. وهو غير ثابت. نعم ذكر التقييد في كلام بعض. وهو غير ظاهر الوجه. نعم لا يبعد ذلك في الاخير، لقرب دعوى السيرة على إقامة الاعراب لها في البوادي، مع كون الامام منهم. وهذه السيرة تدل على الجواز بلا كراهة. ويشعر بذلك قوله (ع) - في الصحيح - لا يؤم المهاجرين. (2) قد تقدم الكلام في ذلك في مباحث التقليد. وأن العمدة في إثبات ما في المتن - المنسوب إلى المشهور -: صحيح ابن أبي يعفور: (قلت لأبي عبد الله (ع): بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين، حتى تقبل شهادته لهم، وعليهم؟ فقال (ع): أن تعرفوه بالستر والعفاف، وكف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9. (* 2) تقدم ذكره في اوائل هذه المسألة.

 

===============

 

( 333 )

 

[ وعن الاصرار على الصغائر (1)، ] البطن والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار... (إلى أن قال) (ع): والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه...) (* 1). وقد تقدم تقريب الاستدلال به على هذا القول. فراجع. (1) المشهور: أن الذنوب قسمان: كبائر، وصغائر. ويشهد له قوله تعالى: (إن بجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) (* 2) وطوائف من النصوص، عقد لها في الوسائل أبوابا في كتاب الجهاد: منها: باب وجوب اجتناب الكبائر (* 3) ومنها تعيين الكبائر (* 4) ومنها: باب صحة التوبة من الكبائر (* 5) فراجعها. وعن المفيد والقاضي والشيخ - في العدة - والطبرسي والحلي: أن كل معصية كبيرة، والاختلاف بالكبر والصغر، إنما هو بالاضافة إلى معصية أخرى. وربما حكي عن بعض: كون الاضافة بلحاظ الفاعل، فان معصية العالم أكبر من معصية الجاهل ولو مع اتحاد ذاتهما. والوجه فيما ذكروه: اشتراك الجميع في مخالفة أمر الله سبحانه أو نهيه. مضافا إلى جملة من النصوص، الدالة على أن كل معصية عظيمة (* 6). وفيه: أن ما ذكر لا ينافي انقسامها إلى القسمين، الذي عرفت أنه ظاهر الكتاب والسنة. ولا سيما بناء على ما هو صريح النصوص من أن الكبيرة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من ابواب أحكام الشهادات حديث: 1. (* 2) النساء: 31. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب جهاد النفس. (* 4) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس. (* 5) الوسائل باب: 47 من ابواب جهاد النفس. (* 6) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 5.

 

===============

 

( 334 )

 

ما وعد الله سبحانه مرتكبها بالنار (* 1) فإن ذلك لا يطرد في جميع المعاصي وإن كانت كلها عظيمة وكبيرة بالمعنى اللغوي. ولعل في ذلك شهادة على كون النزاع لفظيا. ثم إنه - بناء على أول القولين - فالمعتبر في العدالة هو ترك الاصرار على الصغائر، لاترك نفسها، وإن كان مقتضى عطف اجتناب الكبائر على كف البطن والفرج في الصحيح، عدم الفرق بين الكبيرة والصغيرة في اعتبار عدمها في العدالة. ولعل الوجه - في الفرق المذكور بينهما -: أن الصغيرة مكفرة باجتناب الكبائر، كالكبيرة المكفرة بالتوبة، فكما أن التوبة ماحية للكبيرة، كذلك اجتناب الكبائر ماح للصغيرة، فلا أثر لها في نفي العدالة. لكن الوجه المذكور يقتضي - أيضا - عدم قدح الكبيرة في العدالة إذا كانت مكفرة ببعض الاعمال الصالحة، أو باستغفار بعض المؤمنين. مضافا إلى أن ذلك خلاف ظاهر قوله تعالى: (إلا الذين تابوا) (* 2) كما أنه يقتضي قدح الصغيرة فيها إذا ارتكبها في حال عدم الابتلاء بالكبائر، بناء على أن المكفر للصغائر، هو الكف عن الكبائر، لا مجرد الترك ولو لعدم الابتلاء كما لعله الظاهر، أو المنصرف إليه من الآيات والروايات. فالعمدة إذا - - في الفرق بين الكبائر والصغائر -: أن كف البطن والفرج... إلى آخر ما في الصحيح لاجمال متعلقه لا إطلاق فيه يشمل الصغائر والقدر المتيقن منه خصوص الكبائر، فيكون عطف الكبائر عليه من قبيل عطف العام على الخاص. والوجه في ذكر الخاص أولا: مزيد الاهتمام به لكثرة الابتلاء، فيكون الصحيح دليلا على عدم قدح الصغائر في العدالة.

 

 

____________

(1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 24. (* 2) ورد ذلك في جملة من الايات الكريمة: البقرة: 160، آل عمران: 88، النساء: 146، المائدة: 34، النور: 5.

 

===============

 

( 335 )

 

وأما على القول الثاني: فيدل على أن القادح في العدالة ارتكاب أكبر الكبائر في العدالة دون غيرها. وتعيين الأكبر منها يستفاد من النصوص الواردة في تعيين الكبائر (* 1) لأن المراد من الكبائر - على هذا القول - أكبر الكبائر. نعم قد يشكل ذلك: بأنه لو تم عدم إطلاق الكف، فاطلاق الستر والعفاف كاف في ظهوره في اعتبار الاجتناب عن الصغائر. مضافا إلى ما يظهر من غير واحد من النصوص من منافاة ارتكاب مطلق الذنب للعدالة. فلاحظ. هذا ولا ينبغي التأمل في أن الاصرار على الصغيرة من الكبائر، ففي رواية ابن سنان: (لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار) (* 2) ونحوه ما في رواية ابن أبي عمير (* 3) وحديث المناهي (* 4) وقد عد من الكبائر في حديث شرائع الدين (* 5) - كما عد منها في حديث كتاب الرضا (ع) إلى المأمون: الاصرار على الذنوب (* 6) والظاهر من الاصرار - لغة وعرفا -: المداومة والاقامة، فلا يكفي في تحققه العزم على الفعل ثانيا، فضلا عن مجرد ترك الاستغفار. وما في القاموس: من أنه العزم مبني على المسامحة، وإلا فلا يظن من أحد الالتزام بتحققه بمجرد العزم من دون فعل معصية أصلا، لا أولا ولا آخرا. وقولهم - في بعض الاستعمالات - (أصر فلان على كذا) إذا عزم، يراد منه: إما الاصرار على العزم عليه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 2، 8، 35، 37، 33، 36. (* 2) الوسائل باب: 48 من ابواب جهاد النفس حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 47 من ابواب جهاد النفس حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 43 من ابواب جهاد النفس حديث: 8. (* 5) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 36. (* 6) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 33.

 

===============

 

( 336 )

 

[ وعن منافيات المروة (1) الدالة على عدم مبالاة مرتكبها بالدين. ] لا عليه نفسه. أو أنه مجاز. نعم في رواية جابر: (الاصرار أن يذنب الذنيب فلا يستغفر الله تعالى، ولا يحدث نفسه بالتوبة، فذلك الاصرار) (* 1) وقريب منها حسنة ابن أبي عمير المروية في باب صحة التوبة من الكبائر في جهاد الوسائل (* 2). لكن الأولى: واردة في تفسير الاصرار في قوله تعالى: (ولم يصروا على ما فعلوا...) (* 3) فلا يمكن رفع اليد بها عن ظاهر الاصرار المعدود في الكبائر. والثانية - مع أن موردها الكبائر -: ظاهرة في أن الاصرار عبارة عن ترك الاستغفار للأمن من العقاب وعدم المبالاة به، فتكون نظير ما عن تحف العقول: من أن الاصرار على الذنب أمن من مكر الله سبحانه، فلا يبعد أن يكون تسميته إصرارا مجازا. كيف، والاستغفار من الصغائر قد لا يكون واجبا - لتكفيرها بترك الكبائر - فكيف يكون تركه أمنا من مكر الله تعالى؟ فإذا لا يمكن حكومة الروايتين على ظهور الاصرار على الصغائر، المعدود من الكبائر في خصوص المداومة والاقامة عليها، كما عرفت أنه مقتضى العرف واللغة. والله سبحانه أعلم. (1) كما هو المشهور - كما عن المصابيح - بل عن نجيب الدين: نسبته إلى العلماء. وعن الماحوزية: الاجماع عليه. وربما يستدل عليه - مضافا إلى ذلك - بمنافاتها (للستر) المذكور في الصحيح، بل ول‍ (كف البطن والفرج، واليد، اللسان) لأن منافيات المروة غالبا من شهوات الجوارح وفيه: المنع من الاجماع، كما يظهر من كلام أكثر من تقدم على العلامة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب جهاد النفس حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب جهاد النفس حديث: 9. (* 3) آل عمران: 135.

 

===============

 

( 337 )

 

وبعض من تأخر عنه، حيث أهملوا ذكر ذلك في تعريف العدالة. كمنع منافتها للسير والكف، فان منصرفهما خصوص العيوب الشرعية لاغير، نظير ما ورد: من كونه (خيرا)، أو (صالحا) أو نحوهما (* 1) لا أقل من لزوم حمله على ذلك، بقرينة بعض النصوص الظاهرة في حصر القادح في العدالة بارتكاب الذنوب والمعاصي مثل: (فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة، وان كان في نفسه مذنبا) (* 2) وقريب منه غيره. وأشكل من ذلك: الاستدلال عليه: بمنافاتها لستر عيوبه المذكور في قوله (ع): (والدليل على...) إذ فيه مضافا إلى ما عرفت: من انصراف العيوب إلى الشرعية -: أنه لو تم ذلك اقتضى اعتبارها في الطريق إلى العدالة لا فيها نفسها. ومنه يظهر: أن تقييدها - في المتن - بالدلالة على عدم... إنما يناسب اعتبارها في الطريق لاغير، فكان يكفي عن ذكرها - حينئذ - تقييد حسن الظاهر بالكاشف ظنا... إلا أن يريد أنها دالة نوعا وإن علم بخلافها فيكون عدمها معتبرا في العدالة - نفسها - تعبدا، كما يقتضيه ظاهر العبارة لكنه غير ظاهر الوجه، إذ الژدلة المتقدمة - لو تمت - لا تصلح لاثباته. وأما قولهم (ع): (لادين لمن لامروة له) (* 3) فمع أن الظاهر من المروة فيه غير ما نحن - فيه ظاهر في وجوب المروة، ودخلها في العدالة حينئذ مما لا إشكال فيه. كما أن بعض الأمثلة التي تذكر لمنافاة المروة غير ظاهرة، لامكان القول بتحريمه ببعض العناوين الثانوية: من الهتك، والاذلال ونحوهما

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 41 من ابواب احكام الشهادات. (* 2) الوسائل باب: 41 من ابواب احكام الشهادات حديث: 13. (* 3) الكافي ج: 1 صفحة: 19 الطبعة الحديثة.

 

===============

 

( 338 )

 

[ ويكفي حسن الظاهر الكاشف ظنا عن تلك الملكة (1). (مسألة 13): المعصية الكبيرة، هي كل معصية ورد النص (2) بكونها كبيرة، كجملة من المعاصي المذكورة في محلها (3). ] وحينئذ يتعين اعتبار اجتنابه في العدالة. (1) قد تقدم الكلام فيه في مسائل القليد. فراجع. (2) إذ مقتضى النص ثبوت كونها كبيرة. (3) عقد في جهاد الوسائل بابا لتعيين الكبائر، اشتملت نصوصه على أربعين أو اكثر. ففي صحيح ابن محبوب عد منها: قتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف (* 1) وفي صحيح عبد العظيم زيادة: الاشراك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والسحر، والزنا، واليمين الغموس الفاجرة، والغلول - وهي الخيانة مطلقا أو في خصوص الفئ - ومنع الزكاة المفروضة، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، وشرب الخمر، وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله عزوجل، ونقض العهد، وقطيعة الرحم (* 2) وفي رواية مسعدة بن صدهة وغيرها عد منها: القنوط من رحمة الله مضافا إلى اليأس من روح الله (* 3) وفي رواية أبي الصامت عد منها: إنكار ما أنزل الله عزو جل (* 4) وفي رواية عبد الرحمن بن كثير عد منها: إنكار

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 13. (* 4) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 20.

 

===============

 

( 339 )

 

[ أو ورد التوعيد بالنار (1) عليه، في الكتاب، ] حقهم (ع) (* 1) وفي مرسل الصدوق عد منها: الحيف في الوصية (* 2) وفي رواية أبي خديجة عد منها: الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله (* 3) وفي كتاب الرضا (ع) إلى المأمون عد منها: السرقة، واكل الميتة، والدم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله من غير ضرورة، وأكل السحت، والميسر والبخس في المكيال والميزان، واللواط، ومعونة الظالمين، والركون إليهم وحبس الحقوق من غير عسر - بدل حبس الزكاة - والكذب بدل الكذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى الأوصياء (ع) - والاسراف، والتبذير والخيانة الاستخفاف بالحج، والمحاربة لأولياء الله تعالى، والاشتغال بالملاهي، والاصرار على الذنوب (* 4) وفي مرسل كنز الفوائد عد منها: استحلال البيت الحرام (* 5) ثم إن الوجه في اختلاف النصوص في عددها: إما اختلافها في مراتب العظمة - كما يشير إليه بعض النصوص (* 6) أو لورود النص لمجرد الاثبات، لدفع توهم عدم كون ما ذكر من الكبائر، من دون تعرض للنفي، فلا يكون واردا مورد الحصر. أو غير ذلك مما به يرتفع التنافي بينها. (1) لما في كثير من النصوص من تفسير الكبيرة بذلك، كما تقدم في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 22. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 23. (* 3) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 25. الظاهر: ان الاسراف: صرف أكثر مما ينبغي. والتبذير: الصرف الذي لا ينبغي. ويشير إلى الاول قوله تعالى: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا)، وقوله تعالى: (ولا يسرف في القتل). (منه مد ظله). (* 4) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 33. (* 5) الوسائل باب: 46 من أبواب جهاد النفس حديث: 37. (* 6) لعل المراد النصوص الدالة على ان الشرك اكبر الكبائر واعظمها. وقد تقدمت الاشارة إليها في المسألة: 12 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 340 )

 

[ أو السنة، صريحا، أو ضمنا. أو ورد في الكتاب أو السنة (1) كونه أعظم من إحدي الكبائر المنصوصة أو الموعود عليها بالنار. ] صحيح ابن أبي يعفور. وفي صحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): (سألته عن الكبائر التي قال الله عزوجل: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم...). قال (ع) التي أوجب الله عليها النار) (* 1) وفي رواية ابن مسلم عد من الكبائر: كل ما أوعد الله تعالى عليه النار (* 2) وفي رواية عباد بن كثير: (عن الكبائر، فقال (ع): (كل ما أوعد الله عليه النار) (* 3) ويستفاد ذلك - أيضا - من صحيح عبد العظيم، حيث استدل الصادق (ع) فيه - على كبر المعاصي المذكورة فيه - بما يدل على التوعيد بالنار عليه، بل من قوله (ع) فيه: (وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله تعالى، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله (* 4) يستفاد أن التوعيد بالنار أعم مما ورد في الكتاب والسنة، ومما كان مدلولا عليه صريحا وضمنا، لان البراءة إنما كانت في كلام النبي صلى الله عليه وآله ولم تكن صريحة في العقاب، وانما تدل عليه بطريق الكناية. ونحوه - في ذلك - استدلاله (ع) على كبر بعض المعاصي كأكل الربا، وشرب الخمر. فلاحظ. (1) كقوله تعالى: (والفتنة اكبر من القتل...) (* 5) بل يكفي أن يرد: أنها مثل إحدى الكبائر. (* هامش) * (* 1) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 21. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 6. (* 6) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 24. (* 4) الوسائل باب: 46 من ابواب جهاد النفس حديث: 2. (* 5) البقرة: 217.

 

===============

 

( 341 )

 

[ أو كان عظيما في أنفس أهل الشرع (1). (مسألة 14): إذا شهد عدلان بعدالة شخص كفى في ثبوتها (2)، إذا لم يكن معارضا بشهادة عدلين آخرين (3) بل وشهادة عدل واحد (4) بعدمها. ] (1) هذا إذا علم كون الارتكاز المذكور منتهيا إلى المعصومين (ع) فيكون كسائر المرتكزات الشرعية التي تكون حجة على مؤدياتها. هذا وزاد شيخنا الاعظم (ره) في الرسالة - في طرق إثبات كون المعصية كبيرة -: أن يرد النص بعدم قبول شهادة مرتكبها، كما ورد النهي عن الصلاه خلف العاق. (* 1) أقول: هذا مبني على عدم قدح الصغيرة في العدالة، ولا في جواز الشهادة والائتمام، وإلا فلا يتم ما ذكر في إثبات الكبيرة. ثم إنه لو شك في كون المعصية كبيرة أو صغيرة، كفي أصالة عدم كونها مما أوعد الله تعالى عليها النار في إثبات كونها صغيرة. (2) بلا إشكال ولا خلاف. لعموم حجية البينة. وتقدم في المياه: تقريب دلالة رواية مسعدة بن صدقة عليه (* 2) ويمكن استفادته: من إرسال النبي (ص) رجلين من أصحابه لتزكية الشهود (* 3) ومما ورد في رواية علقمة من قوله (ع): (فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر...) (* 4) بناء على عدم الفصل بين الفسق والعدالة. (3) وإلا تساقطا، لاصالة التساقط، المحررة في محلها. (4) لكن تقدم مرارا: الاشكال فيه، لعدم تمامية دلالة آية النبأ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) راجع المسألة: 6 من فصل ماء البئر ج 1 من هذا الشرح. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب صلاة كيفية احكام القضاء حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 41 من ابواب احكام الشهادات حديث: 13.

 

===============

 

( 342 )

 

[ (مسألة 15): إذا أخبر جماعة غير معلومين بالعدالة بعدالته وحصل الاطمئنان كفى (1)، بل يكفي الاطمئنان إذا حصل من شهادة عدل واحد. وكذا إذا حصل من اقتداء عدلين به، أو من اقتداء جماعة مجهولين به. والحاصل: أنه يكفي الوثوق والاطمئنان للشخص - من أي وجه حصل - بشرط كونه من أهل الفهم (2) والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل، لا من الجهال، ولا ممن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شئ، كغالب الناس. (مسألة 16): الأحوط أن لا يتصدى للامامة من يعرف نفسه بعدم العدالة، وإن كان الاقوى جوازه (3). ] بل ظاهر رواية مسعدة - بناء على ظهورها في عموم حجية البينة: - المنع عنه. (1) لرواية أبي علي بن راشد: (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته) (* 2). لكن لاعموم لها يقتضي حجية الوثوق بلحاظ جميع الآثار حتى غير موردها. اللهم إلا أن يدعي: بناء العقلاء على حجيته مع عدم الرادع. لكن رواية مسعدة - لو تمت دلالتها - تصلح للردع. فتأمل. (2) لنصراف النص إلى الوثوق العقلائي. ولما عن الاحتجاج عن الرضا (ع): (قال علي بن الحسين (ع): إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقة وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم) (* 2) - الحديث مذكور في باب عدم جواز الاقتداء بالفاسق من الوسائل - لكن الظاهر: وروده مورد التشكيك والمنع من حصول الوثوق، لا المنع من العمل به في ظرف حصوله. (3) الكلام في المسألة تارة: من حيث الحكم الوضعي، وأخرى: من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 2. الوسائل باب 11 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 14.

 

===============

 

( 343 )

 

[ (مسألة 17): الامام الراتب في المسجد أولى بالامامة من غيره (1). ] حيث الحكم التكليفي. أما الأول: فهو أنه لا ينبغي التأمل في أن ظاهر الفتاوى اعتبار عدالة الامام - واقعا - في صحة الائتمام، كما أن ظاهر النصوص كذلك سواء منها ما تضمن النهي عن الصلاة خاف الفاسق، وما هو ظاهر في اعتبار العدالة في الامام. وعليه فمع فسق الامام - واقعا ينتفي الائتمام، فلا يجوز لكل من الامام والمأموم ترتيب أثر ما عليه. ومجرد اعتقاد المأموم عدالة الامام لا يكفي للامام في ترتيب أثر الائتمام، مع علمه بفسق نفسه وبطلان الائتمام واقعا. وقد تقدم: أن لو انكشف - بعد الصلاة - فسق الامام، فقد انكشف بطلان الجماعة واقعا، فضلا عما لو علم ذلك من أول الامر وعلى هذا فلو تصدى الفاسق للامامة لم يجز له ترتيب آثار الجماعة: من رجوعه إلى المأموم عند الشك ونحوه. وأما الثاني: فمقتضى الأصل جواز التصدي، ولا دليل على حرمته وقد تقدمت الاشارة إلى عدم وجوب اعلام المأمومين بفساد الصلاة، فضلا عن فساد الامامة. وأما ما عن كتاب السياري: (قلت لأبي جعفر الثاني (ع): قوم من مواليك يجتمعون، فتحضر الصلاة، فيقدم بعضهم فيصلي جماعة فقال (ع): إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله تعالى طلبة فليفعل...) (* 1) فالظاهر كونه ناظرا إلى الجهة الاولى، لا الثانية. مع أن في حجيته تأملا. (1) اجماعا صريحا وظاهرا، حكاه جماعة كثيرة، وفي الفقه الرضوي: (وصاحب المسجد أحق بمسجده (* 2) (إلى أن قال): وصاحب المسجد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 12. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 344 )

 

[ وإن كان غيره أفضل منه (1)، لكن الأولى له تقديم الأفضل (2) وكذا صاحب المنزل (3) أولى من غيره المأذون في الصلاة، وإلا فلا يجوز (4) بدون إذنه. والأولى - أيضا - تقديم (5) الأفضل، وكذا الهاشمي أولى (6) من غيره المساوي له في الصفات. ] أولى بمسجده) (* 1) ونحوه خبر الدعائم (* 2). (1) بلا خلاف - كما عن التذكرة - مع إطلاق ما في الرضوي والدعائم. (2) عملا بما دل على أولوية صاحب الفضيلة (* 3). ولا يعارضه ما دل على أولوية صاحب المسجد، لأن ظاهر دليل ولايته. أن له ولاية الامامة، بخلاف دليل أولوية صاحب الفضل، فإن ظاهره: أفضلية إمامته وليسا هما على نسق واحد. ولأجل تأمل الهيد (ره) وغيره في ذلك - بل استظهر كون أولوية صاحب المسجد، بمعنى: أولويته بالمباشرة للصلاة إماما - تردد في أفضلية الاذن. وإن كان ما ذكرناه أولا هو الأظهر. (3) فعن الذكرى: إنه ظاهر الأصحاب. وعن المنتهى والحدائق والمفاتيح نفي الخلاف فيه. وعن المعتبر: اتفاق العلماء. وعن نهاية الأحكام: الاجماع عليه. لخبر أبي عبيدة: (ولا يتقد من أحدكم الرجل في منزله) (* 4). (4) لعدم إباحة المكان. (5) لما سبق في نظيره. (6) ولم يذكره الأكثر، كما عن البيان. وعن الذكرى: (لم نره مذكورا في الأخبار إلا ما روي - مرسلا أو مسندا، بطريق غير معلوم

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (2) مستدرك الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) راجع الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة. (* 4) الوسائل باب: 28 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 345 )

 

[ (مسألة 18): إذا تشاح الأئمة - رغبة في ثواب الامامة، لا لغرض دنيوي - (1) رجح من قدمه المأمومون (2) ] من قول النبي صلى الله عليه وآله: قدموا قريشا ولا تقدموها) (* 1). لكن - حيث أن الحكم استحبابي ربما يتسامح فيه يمكن القول باستحباب ترجيحه على المساوي له في الصفات، كما قيد به في المتن. (1) لكن مقتضى ما تقدم - من عمد كون الجماعة من العبادات التي يعتبر فيها قصد التقرب - يمكن كون التشاح لغرض دنيوي. نعم يعتبر أن لا يكون محرما، لئلا يقدح في العدالة المعتبرة في الامام. (2) ذكر ذلك جماعة، منهم الفاضلان والشهيدان. والترجيح به ظاهر إذا كان المراد - من تقديمهم تقديمهم له فعلا، إذ لا مجال لا مامة الآخر حيئذ حيث لا مأموم له. وإن كان المراد تقديهم له شأنا - بمعنى: أن يكون للمأمومين رغبة وميل إلى تقدميه - يشكل الوجه فيه. والتعليل باجتماع القلوب وحصول الاقبال لا يصلح لرفع اليد عن إطلاق أدلة المرجحات الآتية. إلا أن يستلزم ذلك الرضا بإمامة من قدموه، فيدخل فيما في حديث المناهي من قوله (ع): (من أم قوما بإذنهم وهم به راضون... (إلى أن قال): فله مثل أجر القوم) (* 2). ونحوه غيره. وفيما دل على كراهة إمامة من يكرهه المأمومون (* 3). لكن منصرف ذلك: كون الرضا والكراهة لجهات شرعية موجبة للتجريح في نفسها، فتدخل فيها المرجحات الآتية، فلا يحسن جعلها في قبالها. فتأمل. والأمر سهل.

 

 

____________

(* 1) راجع الذكرى في تتمة شرائط الامام، وكنز العمال ج 6 تحت عنوان: (فضائل قريش) صفحة 198. (* 2) الوسائل باب: 27 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 27 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1، 3، 6.

 

===============

 

( 346 )

 

[ جميعهم، تقديما ناشئا عن ترجيح شرعي، لا لأغراض دنيوية. وإن اختلفوا فأراد كل منهم تقديم شخص، فالأولى ترجيح الفقيه الجامع (1) ] (1) لما دل على فضل العلماء وأنهم: (ورثة الأنبياء) (* 1). وأنهم: (الحجج على الناس) (* 2). وأنهم (كأنبياء بني إسرائيل) (* 3) وأنهم: (سادات الناس) (* 4). وأن: (من أم قوما - وفيهم من هو أعلم منه - لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة) (* 5). وأن: (من صلى خلف عالم فكأنما صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله) (* 6). وأن: (أئمتكم وافدكم (وفدكم ظ) إلى الله، فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم) (* 7) - إلى غير ذلك - ولأجل ذلك كله يجب رفع اليد عما هو ظاهر النص والفتوى - بل نسب إلى الاجماع صريحا وظاهرا - من تقديم الترجيح بالأقرئية. ولا سيما وكون الصالح للاعتماد عليه من النصوص خبر أبي عبيدة الآتي. ومورده: صورة تشاح الأئمة في المأمومية، وهو مما يبعد جدا شموله لصورة كون أحدهم فقيها والآخر عاميا. والترجيح بالأفقهية - فيه وفي غيره - بعد الأقرئية، يراد به الترجيج بالتفاضل بالفقه، لا على نحو يكون أحدهم مجتهدا والآخر عاميا مقلدا له أو لمثله. وإذ أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب صفات القاضي حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب صفات القاضي حديث: 10. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب صفات القاضي حديث: 30. (* 4) لم نعثر على مصدره في الكتب التى بايدينا. (54) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 7) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 347 )

 

[ للشرائط، خصوصا إذا انضم إليه شدة التقوى والورع، فإن لم يكن، أو تعدد فالأولى تقديم الأجود قراءة (1)، ثم الأفقة (2) في أحكام الصلاة. ومع التساوي (3) فيها. فالأفقه في سائر ] الترجيح ليس إلزاميا، فالترجيح بما ذكر المصنف (ره) - لو سلم أنه خلاف ظاهر النصوص - أولى، لكونه أقرب إلى الواقع مما اشتملت هي عليه، لقرب ورودها مورد التقية. (1) ففي خبر أبي عبيدة: (سألت أبا عبد الله (ع) عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعض لبعض: تقدم يا فلان، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يتقدم القوم أقرؤهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فإن كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين) (* 1) وفي الرضوي: (أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرؤهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم، وإن كانوا في الفقه سواء فأقربهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأسنهم، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها) (* 2). وفي خبر الدعائم: الترجيح بالأقدم هجرة، فالأقرأ، فالأفقه، فالأكبر سنا) (* 3). لكنه لا يصلح لمعارضة ما سبق. (2) هذا يوافق الرضوي، ويخالف خبر أبي عبيدة. لكنه لا يقدح فيه، لوهنه بإعراض المشهور. (3) كذا حكي عن جماعة. لكنه لا يوافق إطلاق النص.

 

 

____________

(* 1) تقدمت الاشارة إلى الرواية في المسألة السابقة. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 348 )

 

[ الاحكام - غير ما للصلاة - ثم الأسن في الاسلام (1)، ثم من كان أرجح (2) في سائر الجهات الشرعية. والظاهر أن الحال كذلك إذا كان هناك أئمة متعددون فالأولى للمأموم اختيار الارجح - بالترتيب المذكور - لكن إذا تعدد المرجح في بعض كان أولى ممن له ترجيح من جهة واحدة. والمرجحات الشرعية - مضافا إلى ما ذكر - كثيرة، لابد من ملاحظتها في تحصيل الأولى. وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور. مع أنه يحتمل اختصاص الترتيب المذكور بصرة التشاح بين الأئمة أو بين المأمومين، لا مطلقا فالأولى للمأموم - مع تعدد الجماعة - ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعه - من حيث الامام، ومن حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم وفضلهم وكثرتهم وغير ذلك - ثم اختيار الأرجح فالأرجح. ] (1) هذا لا يوافق الأقدم هجرة، إذ قد يكون الأحدث هجرة أكبر سنا في الاسلام. ولا يوافق الأكبر سنا، إذ قد لا يكون أسن في الاسلام إلا أن يكون المراد منه ذلك، كما استظهره في الجواهر، وحكاه عن جماعة كثيرة. (2) أخذا بإطلاق قولهم (ع): (فقدموا أفضلكم) (* 1)، (فقدموا خياركم) (* 2)، (فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم) (* 3) ومنه يظهر الوجه فيما يأتي في المتن.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) تقدم ذكر الرواية في اوائل المسألة.

 

===============

 

( 349 )

 

[ (مسألة 19): الترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضلية والاستحباب، لا على وجه اللزوم (1) والايجاب، حتى في أولوية الامام الراتب الذي هو صاحب المسجد، فلا يحرم مزاحمة (2) الغير له وإن كان مفضولا من سائر الجهات أيضا، إذا كان المسجد وقفا، لا ملكا له، ولا لمن لم يأذن لغيره في الامامة. (مسألة 20): يكره إمامة الأجذم، والأبرص (3)، والأغلف (4) المعذور في ترك الختان، ] (1) وعن التذكرة: (لا نعلم فيه خلافا). وفي الجواهر: (إمكان تحصيل الاجماع أو الضرورة على عدم الوجوب). وبذلك ترفع اليد عن الأصل - المقتضي للاحتياط - كما عرفته مكررا. ومثله: ظاهر خبر أبي عبيدة المتقدم. مع أنه مسوق مساق الترجيح، لا التعيين. نعم حكي عن ابن أبي عقيل: المنع عن إمامة الجاهل للعالم. وعنه وعن ظاهر المبسوط وصريح المراسم: وجوب تقديم الأقرأ على الأفقه. لكنه ينبغي أن يكون محمولا على مالا يخالف المشهور، للسيرة القطعية على خلافه. (2) لضعف النصوص الدالة على أولويته وأحقيته بمسجده، فلا تصلح لاثبات المنع. وليست مما يحتمل منعها عن الجماعة تعبدا - ليرجع إلى الأصل المتقدم - مع ما عرفت من التسالم على الاستحباب. (3) تقدم وجهه في المسألة الحادية عشرة. (4) كما عن المشهور بين المتأخرين. لخبر الأصبغ: (ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس. - وعد منهم -: الأغلف) (* 1) وخبر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 350 )

 

[ والمحدود بحد شرعي بعد توبته (1)، ومن يكره المامومون (2) إمامته، والمتيمم للمتطهر (3)، ] طلحة: (لا يؤم الناس المحدود، وولد الزنا، والأغلف) (* 1) المحمولين على الكراهة، لقصور الأول دلالة. والثاني سندا عن إثبات الحرمة. نعم ظاهر خبر عمرو بن خالد -: (الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم، لأنه ضيع من السنة أعظمها. ولا تقبل له شهادة، ولا يصلى عليه، إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه) (* 2) - اختصاص المنع بالعامد في ترك الختان. ولعله لأنه فاسق، لا لأجل الغلفة. إلا أن يكون قصور سنده مانع عن صلاحية تقييد غيره الكافي في اثبات الكراهة، بناء على التسامح في أدلة السنن. (1) تقدم الكلام فيه. (2) على المشهور - كما قيل -. لعده ممن لا يقبل الله تعالى لهم صلاة في النبوي المروي - مرسلا - في الفقيه (* 3) وفي خبر عبد الملك بن عمر * 4) وفي خبر ابن أبي يعفور (* 5) وحمله على المخالف غير ظاهر، كحمله على الكراهة لغير الدين والتقوى. وإن كان الثاني لا يخلو من وجه. (3) لخبر السكوني: (لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين) (* 6) ونحوه خبر ابن صهيب (* 7) المحمولين على الكراهة، جمعا بينهما وبين صحيح جميل

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 12 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 28 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 28 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 28 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 6) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 351 )

 

[ والحائك، والحجام، والدباغ (1) إلا لأمثالهم (2)، بل الأولى عدم إمامة كل ناقص للكامل (3)، وكل كامل للاكمل (4).