فصل في صلاة القضاء

فصل في صلاة القضاء يجب قضاء اليومية الفائتة عمدا أو سهوا أو جهلا (3)، ] (1) فانه منه. ويشير إليه ما في موثق عمار: (فان أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبت...) (* 1). (2) فان الظاهر من دليل الحجية اختصاصها بالبينة الواصلة، لا مطلق الوجود الواقعي. فصل في صلاة القضاء (3) بلا خلاف. ويقتضيه عموم وجوب القضاء المستفاد من صحيح زرارة والفضيل أو حسنهما عن أبي جعفر (ع) - في حديث - (متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها، أو في وقت فوتها أنك لم تصلها، صليتها، وان شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعاد عليك من شك حتى تستيقن، فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت) (* 2)، وخبر ابن مسلم عنه (ع): (قلت له رجل مرض

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة التاسعة من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 60 من ابواب المواقيت حديث: 1.

 

===============

 

( 45 )

 

فترك النافلة. فقال (ع): يا محمد ليست بفريضة، إن قضاها فهو خير يفعله، وان لم يفعله فلا شئ عليه)) (* 1) وما ورد في الناسي، والنائم، ومن صلى بغير طهور، كصحيح زرارة عنه (ع): (سئل عن رجل صلى بغير طهور، أو نسي صلوات لم يصلها، أو نام عنها، فقال (ع): يقضيها إذا ذكرها، في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار) (* 2)، بناء على فهم عدم الخصوصية لمورد السؤال، وأن السبب الموجب للقضاء مجرد ترك الفريضة في وقتها، والنبوي المشهور - كما قيل -: (من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها فذلك وقتها) (* 3). وربما يناقش في استفادة العموم من النصوص المذكورة، فان الصحيح الاول ليس واردا في مقام تشريع وجوب القضاء للفائت: بل في مقام إلغاء الشك بعد خروج الوقت، وأن الاعتبار باليقين بالترك لا غير. وكذلك خبر ابن مسلم، فانه وارد في مقالم الفرق بين الفريضة والنافلة في لزوم القضاء وعدمه، ويكفي في الفرق لزوم القضاء في الفريضة في الجملة، وبأن إلغاء الخصوصية في صحيح زرارة ليس بذلك الوضوح، وليس عليه قرينة والنبوي غير واضح المأخذ. ومثله ماروى عنهم (ع): (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته) (* 4). ولذا قال في محكى الذخيرة: (غير ثابت وأن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب اعداد الفرائض حديث: 1. (* 2) الوسائل باب 57 من ابواب المواقيت حديث: 1. (* 3) لم نعشر على ذلك في مظانه. ولعله نقل بالمعنى لما يأتي في المسألة: 27 من هذا الفصل - ان شاء الله تعالى عن كنز العمال وسنن البيهقي. نعم في الجواهر، عن المسائل الرسيات للمرتضى قدس سره: (من ترك صلاة ثم ذكوها فليصلها فذلك وقتها). وهو اشبه بالنبوي المذكور لاحظ الجواهر ج 13 ص 84 ط النجف الاشرف. (* 4) ام نعثر على هذه الرواية بهذا النص. إلا انه يمكن استفادة مضمونها من قوله (ع): (يقضي ما فاته كما فاته)، كما في الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 1.

 

===============

 

( 46 )

 

[ أو لاجل النوم (1) المستوعب للوقت، أو للمرض ونحوه. ] الظاهر أنه من طريق العامة). لكن الانصاف: أن المناقشة في النصوص السابقة - كما ترى - ضعيفة ودلالتها على العموم قوية. مضافا إلى استصحاب الوجوب الثابت في الوقت، لأن الشك في وجوب الفعل بعد خروج الوقت شك في البقاء، فيرجع فيه إلى عموم دليل الاستصحاب. والاشكال فيه: بأن دليل الموقت إنما على وجوب الفعل في الزمان الخاص، فإذا انقضى ذلك الزمان يكون الشك في وجوب الفعل في الزمان الآخر شكا في وجوب أمر آخر غير الواجب أولا، ومع تعدد الموضوع لا يجري الاستصحاب، لعدم صدق نقض اليقين بالشك. مبني على أن المراجع في بقاء الموضوع وعدمه لسان الدليل، والمحقق في محله أن المراجع العرف، بحيث يكون الشك شكا في البقاء عرفا، وهو حاصل في الفرض، إذ ليس التقييد بالزمان إلا كالتقييد بسائر الخصوصيات التي يكون زوالها سببا للشك في استمرار ما كان، فلا مانع من جريان الاستصحاب. (1) مطلقا وان كان على خلاف العادة، كما يقتضيه إطلاق صحيح زرارة المتقدم. وعن الذكرى والميسية والمسالك: (لو كان النوم على خلاف العادة، فالظاهر التحاقة بالاغماء). بل في الاول: أنه قد نبه عليه في المبسوط. وكأنه مبني على انصراف الصحيح إلى النوم العادي، وعدم ثبوت إطلاق القضاء والاستصحاب. وفيه: أن العادة لا توجب الانصراف المعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. وأنه لو أشكل ثبوت إطلاق القضاء فالاستصحاب محكم كما عرفت. نعم يمكن أن يستشكل في عموم الحكم للنوم الغالب، للتعليل الآتي في بعض أخبار المغمى عليه. لكن يأتي

 

===============

 

( 47 )

 

[ وكذا إذا أتي بها باطلة، لفقد شرط أو جزء (1) يوجب تركه البطلان، بأن كان على وجه العمد، أو كان من الاركان. ولا يجب على الصبي (2) إذا لم يبلغ في أثناء الوقت، ولا على المجنون (3) في تمامه، مطبقا كان أو أدواريا، ولا على المغمي عليه (4) في تمامه، ] الاشكال فيه. (1) بلا خلاف ظاهر، ويقتضيه - مضافا إلى صحيح زرارة المتقدم فيمن صلى بغير طهور - عموم القضاء أو الاستصحاب. نعم قد يشكل التمسك بالعموم فيما لو كان وجوب الجزء بقاعدة الاشتغال، لعدم إحراز موضوعه، وهو ترك المأمور به. واستصحاب عدم الاتيان به، من قبيل الاستصاحب الجاري في المفهوم المردد، الذي ليس بحجة، كما أشرنا إليه في هذا الشرح مكررا. بل يشكل التمسك بالاستصحاب أيضا - بناء على عدم صحة جريانه لاثبات الاحتياط - فانه إذا لم يصلح لاثبات الاحتياط في الوقت لم يصلح لا ثباته في خارجه بطريق أولى. نعم بناء على دلالة عموم القضاء - على تقدير تماميته - على كون التكليف بالأداء بنحو تعدد المطلوب كان إثبات القضاء في خارج الوقت في الفرض بقاعدة الاحتياط في محله، لأنها حينئذ - كما - تقتضي وجوب الاحتياط في الوقت، تقتضي وجوبه في خارجه بنحو واحد. فلاحظ. (2) إجماعا، بل لعله من ضروريات الدين. (3) إجماعا، بل جعله بعض من الضروريات أيضا. (4) كما هو المشهور. ويشهد له كثير من الصحاح وغيرها، كصحيح

 

===============

 

( 48 )

 

أيوب ابن نوح: (كتبت إلى أبي الحسن (ع) عن المغمى عليه يوما أو اكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب (ع): لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة) (* 1) ونحوه مكاتبتا ابن مهزيار (* 2) وعلي بن سليمان (* 3). وزاد في الفقيه - في أولاهما -: (وكل ما غلب الله عليه فالله تعالى أولى بالعذر) (* 4). وفي مصحح الخزار: (عن رجل أغمي عليه أياما لم يصل ثم أفاق أيصلي ما فاته؟ قال (ع): لا شئ عليه) (* 5). وفي خبر موسى ابن بكر: (الرجل يغمى عليه اليوم واليومين والثلاثة والأربعة واكثر من ذلك كم يقضي من صلاته؟ فقال (ع): ألا أخبرك بما يجمع لك هذه الاشياء كلها، كل ما غلب الله عز وجل عليه من أمر فالله أعذر لعبده) (* 6). وزاد فيه: (إن أبا عبد الله (ع) قال: هذا من الابواب التي يفتح كل باب منها الف باب) (* 7). ونحوها غيرها. ويعارضها جملة اخرى، كصحيح حفص: (عن المغمى عليه يوما إلى الليل قال (ع): يقضي صلاة يومه) (* 8) وصحيحه الآخر: (يقضي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 18. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة ملحق حديث: 18. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 14. (* 6) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 8. (* 7) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 9. (* 8) بهذا اللفظ جاءت الرواية في الوافى باب: 35 صلاة المغمى عليه: نفلا عن التهذيب والاستبصار. وفي الحدائق ج 11 ص 6 ط النجف أيضا إلا ان التهذيب والاستبصار خاليان عن قوله: (يوما إلى الليل). لاحظ التهذيب ج 3 ص 303 ط النجف، والاستبصار ج 1 ص 458 ط النجف. ورواها في الوسائل باب: 40 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 9 بدون سؤال. =

 

===============

 

( 49 )

 

المغمى عليه ما فاته) (* 1)، ومصحح ابن مسلم: (عن الرجل يغمى عليه ثم يفيق قال (ع): يقضي ما فاته، يؤذن في الاولى ويقيم البقية) (* 2) وصحيح رفاعة: (عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال (ع): يقضيها كلها، إن أمر الصلاة شديد) (* 3). إلى غير ذلك. وظاهر محكي المقنع العمل بها. لكن الجمع العرفي بينها وبين ما قبلها حملها على الاستحباب، كما يشير إليه خبر أبي كهمس: (عن المغمى عليه أيقضي ما تركه من الصلاة؟ فقال (ع): أما أناو ولدى وأهلي فنفعل ذلك) (* 4). ونحوه خبر منصور (* 5). وما في بعض النصوص: من التفصيل بين الاغماء ثلاثة أيام فعليه القضاء. وما جازها فلا قضاء عليه، كموثق سماعة: (عن المريض يغمى عليه، إذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء، وان أغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاه فيهن) (* 6). والتفصيل: فيما جازها بين ثلاثة أيام فيقضيها، وبين الزائد عليها فلا يقضيه، كخبر أبي بصير: (رجل أغمي عليه شهرا أيقضي شيئا من

 

 

____________

= - وكذلك التهذيب ج 4 ص 244 ط النجف. كما ان الموجود في جميع هذه المصادر (صلاة يوم) بتجريد (يوم) عن الضمير. (* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 8. والمذكور في نسخة الوسائل المصححة للمؤلف - دام ظله - وكذلك المطبوعة: (المغمى عليه يقضي ما فاته) نعم ما في التعليقة يوافق التهذيب ج 4 ص 243 ط النجف الأشرف. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 13. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 5.

 

===============

 

( 50 )

 

[ ولا على الكافر الاصلي (1) إذا أسلم بعد خروج الوقت، بالنسبة إلى ما فات منه حال كفره، ] من صلاته؟ قال (ع): يقضي منها ثلاثة أيام) (* 1) محمول على اختلاف مراتب الفضل. (1) إجماعا محكيا عن جماعة، بل عد في ضروريات الدين. واستدل له بحديث: (الاسلام يجب ما قبله) (* 2). لكن الحديث المذكور قاصر سندا بالارسال، رواه في مجمع البحرين، وعن غيره هكذا: (الاسلام يجب ما قبله. والتوبة تجب ما قبلها من الكفر، والمعاصي والذنوب) (* 3) في اواخر شرح النهج - لابن أبي الحديد - عن أبي الفرج: ذكر قصة إسلام المغيره، وأنه وفد مع جماعة من بني مالك على المقوقس ملك مصر، فلما رجعوا قتلهم المغيرة في الطريق، وفر إلى المدينة مسلما، وعرض خمس أموالهم على النبي صلى الله عليه وآله فلم يقبله، فخاف المغيرة على نفسه من النبي صلى الله عليه وآله، وصار يحتمل ما قرب وما بعد، فقال صلى الله عليه وآله له: (الاسلام يجب ما قبله) () 4). وفي تفسير القمي في تفسير قوله تعالى: (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر...) (* 5): (ان أم سلمة شفعت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 11. (* 2) روي هذا الحديث كنز العمال ج: 1 بالفاظ مختلفة: منها: (الاسلام يجب ما كان قبله)، حديث: 243 ص 17. ومنها: (أما علمت ان الاسلام يهدم ما كان قبله، وان الهجرة تهدم ماكان قبلها، وان الحج يهدم ماكان قبله) حديث 247 ومنها: (ان الاسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها) حديث 298 ص 20. (* 3) لاحظ مادة: جبب. (* 4) الجزء: 20 ص 9 - 10 الطبعة الثانية لدار احياء الكتب العربية. (* 5) بني اسرائيل: 90.

 

===============

 

( 51 )

 

لأخيها عند النبي صلى الله عليه وآله في قبول إسلامه وقالت له: ألم تقل إن الاسلام يجب ما قبله؟ قال صلى الله عليه وآله: نعم، ثم قبل إسلامه) (* 1). وفي السيرة الحلبية (إن عثمان شفع في أخيه ابن أبي سرح. قال صلى الله عليه وآله: أما بايعته وآمنته؟ قال: بلى، ولكن يذكر ما جرى منه معك من القبيح ويستحي. قال صلى الله عليه وآله: الاسلام يجب ما قبله) (* 2). وفي تاريخ الخميس (* 3)، والسيرة الحلبية (* 4)، والاصابة - لابن حجر - في اسلام هبار: (قال: يا هبار، الاسلام يجب ما كان قبله) (* 5). ونحوه في الجامع الصغير (* 6) - للسيوطي - في حرف الالف، وفي كنوز الحقائق - للمناوي - عن الطبراني في حرف الالف: (الاسلام يجب ما قبله والهجرة تجب ما قبلها) (* 7). نعم في مناقب ابن شهر آشوب - فيمن طلق زوجته في الشرك تطليقة وفي الاسلام تطليقتين -: قال علي (ع): (هدم الاسلام ما كان قبله، هي عندك على واحدة) (* 8). والطعن في سنده بالارسال - بعد كونه من المشهورات - ضعيف. ومثله: الطعن في دلالته، فان إطلاقه شامل

 

 

____________

(* 1) صفحة: 388. (* 2) الجزء: 3 ص 105 مطبعة مصطفى محمد، وص 129 مطبوعة دار الطباعة. (* 2) الجزء: 2 ص 93 في حوادث السنة الثامنة من الهجرة. (* 3) الجزء: 3 ص 106 مطبعة مصطفى محمد، وص 131 الطبعة الاخرى. (* 5) الجزء: 3 ص 566 باب الهاء بعده الباء. (* 6) الجزء 1 ص 160 باب الهمزة المحلى بأل طبع مطبعة الميمنية. (* 7) صفحة 84 هامش الجامع الصغير. (* 8) في السير الحلبية، في آخر غزوة وادي القرى: إن خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة جاؤا إلى النبي صلى الله عليه وآله مسلمين، وطلبوا منه ان يغفر الله لهم فقال لهم صلى الله عليه وآله: (ان الاسلام يجب ما كان قبله) لاحظ ج: 3 ص 71 ط مصطفى محمد، وص 87 الطبعة الاخرى.

 

===============

 

( 52 )

 

للمقام. نعم المتن الدي رواه في مجمع البحرين قاصر عن التعرض للمقام، لأنه ظاهر في أن الاسلام يجب الكفر، لا أنه يجب ما ثبت حال الكفر، كما أنه إذا كان التكليف في الموقت على نحو تعدد المطلوب يشكل تطبيقه لنفي القضاء، لأن وجوب القضاء ليس مسببا عن الفوت، بل هو لمصلحة في الفعل، كوجوب الأداء. غاية الأمر أن في خصوصية الوقت مصلحة فاتت بخروج الوقت، وبقيت المصلحة القائمة في ذات الفعل مطلقا، فلا يكون وجوب القضاء مسببا عما قبل الاسلام. نعم إذا كان وجوب القضاء مستندا إلى الفوت في الوقت، كان مقتضى الجب سقوطه. لكنه خلاف الظاهر. وعلى هذا فالعمدة - في نفي القضاء على الكافر -: الاجماع وفي المدارك: انه يستفاد من ذلك: أنه لا يخاطب بالقضاء وان كان مخاطبا بغيره من التكاليف، لامتناع إيقاعه منه حال كفره، وسقوطه باسلامه). وأورد عليه تارة: بأن سقوط القضاء عنه فرع ثبوته عليه وثمرته العقاب على تركه. وأخرى: بأنه إن أريد أنه لا فائدة في هذا التكليف ففيه: أن الفائدة ترتب العقاب. وإن أريد أنه في نفسه ممتنع، فهو إنما يتم لو كلف بالفائتة بشرط إيقاعها حال الكفر، لكنه ليس كذلك، وإنما كلف بقضاء الفائتة مطلقا، لكنه لما اختار الكفر، تعذر عليه القضاء. وفيه: أن العقاب لا يصلح ثمرة للتكليف، ولا فائدة له. وان تعذر القضاء لا يختص بصورة اختياره الكفر، بل إذا أسلم أيضا يعذر عليه القضاء، لما عرفت من سقوطه عنه بالاسلام. ولعل مراده ما ذكره غير واحد من مشايخنا: من أنه - بعد ما علم عدم صحة قضائه حال الكفر، عدم ثبوت التكليف به لو أسلم خارج الوقت - يعلم أن صحة القضاء الواجب مشروطة بالاسلام في الوقت. وعليه فيجب عليه في الوقت الاسلام والأداء فيه، والقضاء على تقدير ترك الاداء،

 

===============

 

( 53 )

 

[ ولا على الحائض والنفساء (1) مع استيعاب الوقت. (مسألة 1): إذا بلغ الصبي، أو أفاق المجنون أو المغمي عليه قبل خروج الوقت وجب عليهم الاداء (2)، وان لم يدركوا إلا مقدار ركعة من الوقت (3)، ومع الترك يجب عليهم القضاء. وكذا الحائض والنفساء إذا زال عذرهما قبل خروج الوقت ولو بمقدار ركعة. كما أنه إذا طرأ الجنون أو الاغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضي مقداره صلاة المختار - بحسب حالهم من السفر والحضر، والوضوء أو التيمم - ولم ] فالامر في الوقت بالقضاء بشرط الاسلام في الوقت لا مانع منه. لكن هذا راجع إلى تسليم عدم تكليف الكافر بالقضاء تكليفا فعليا في خارج الوقت، وأن التكليف بالقضاء متوجه إليه في الوقت لا غير، وبعد خروج الوقت لا تكليف فعلي في حقه إذا لم يسلم في الوقت. لا نتفاء القدرة على شرطه، وهو الاسلام في الوقت الفائت بفوات الوقت. وحينئذ فان كان مراد المدارك هذا المعنى من عدم تكليف الكافر بالقضاء - يعني: بعد خروج الوقت لا تكليف بالقضاء - فهو في محله. وان كان المراد انتفاء وجوب القضاء مطلقا حتى في الوقت بالنسبة إلى الكافر فهو غير ظاهر. وما ذكر من دليه لا يقتضيه. (1) إجماعا محكيا. عن جماعة. ولعله من ضروريات المذهب. وتشهد له النصوص المستفيضة أو المتواترة، كما تقدم في الحيض. (2) لعموم دليل التكليف بالصلاة من دون معارض، لاختصاص الأدلة النافية للقضاء عنه بصورة الفوت بسبب الامور المذكورة. (3) تقدم الكلام في ذلك كله في المواقيت.

 

===============

 

( 54 )

 

[ يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء، كما تقدم في اللمواقيت. (مسألة 2): إذا أسلم الكافر قبل خروج الوقت - ولو بمقدار ركعة - ولم يصل وجب عليه قضاؤها. (مسألة 3): لا فرق في سقوط القضاء عن المجنون والحائض والنفساء بين أن يكون العذر قهريا، أو حاصلا من فعلهم وباختيارهم ] (1) أما في المجنون، فلا طلاق معاقد الاجماعات على سقوط القضاء عنه. وفي الجواهر: (ما عثرنا عليه من كلام الأصحاب في المقام لا تفصيل فيه. ومثله: الاجماعات المنقولة، ونفي الخلاف). نعم في الروضة: (وعن التحرير والروض والمفاتيح: تقييد الجنون المسقط للقضاء بما إذا لم يكن من فعله وإلا وجب القضاء). وفي مفتاح الكرامة: (هو اللازم من عبارة المبسوط والمراسم والغنية والاشارة والسرائر) وعن الذكرى: (لو زال عقل المكلف بشئ من قبله فصار مجنونا، أو سكر فغطي عقله، أو أغمي عليه بفعل فعله وجب القضاء. وأفتى به الأصحاب). وكأن الوجه فيه: عموم وجوب القضاء لما فات، المقتصر في تقييده على القدر المتيقن من معقد الاجماع، وهو ما إذا لم يكن الجنون بفعله. فان قلت: عموم وجوب القضاء موضوعه ما فات، وهو غير حاصل بعد انتفاء التكليف عن المجنون مطلقا، لعموم حديث: (رفع القلم عن المجنون حتى يفيق) (* 1). قلت: حديث رفع القلم عن المجنون ظاهر في رفع الفعلية لا رفع ذات التكليف ومناطه عنه، نظير: رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ. لا أقل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 11.

 

===============

 

( 55 )

 

[ بل وكذا في المغمى عليه (1)، ] من كون ذكره في سياق رفع القلم عن النائم قرينة على إرادة هذا المعنى. وحينئذ فاطلاق أدلة التكليف الدالة بالالتزام على وجود المناط في فعل المجنون موجب لصدق الفوت على تركه، فيشمله دليل القضاء. وأما مفهوم التعليل في نصوص المفمى عليه - أعني: قولهم (ع): (كل ما غلب الله تعالى...) - فغير ثابت، لمتحقق في محله من عدم حجية مفهوم القيد، فلا يدل على ثبوت القضاء فيما إذا بفعله. وأما في الحائض والنفساء فهو المعروف، بل لا يظهر فيه مخالف، حتى أن الشهيدين - مع بنائهما على القضاء في المغمى عليه إذا كان بفعله - ذهبا إلى السقوط هنا مطلقا. وفرقا بين المقامين: بأن السقوط فيهما عزيمة وفي المغمى عليه رخصة، وان كان في الفرق نظر. كما في المدارك. والعمدة - في عموم السقوط فيهما: عموم النصوص الدالة على أن الحائض لا تقضي الصلاة من دون مخصص وقد عرفت الاشكال في حجية مفهوم التعليل بنحو يتعدى من مورده إلى غيره. (1) كما هو المشهور. عملا باطلاق النصوص المتقدم بعضها. وعن صريح جماعة، وظاهر آخرين: وجوب القضاء إذا كان الاغماء باختياره، للتعليل في النصوص المتقدمة وغيرها. لكنه يتوقف على ظهوره في ذلك، وهو غير ثابت. وتوضيحه: أن المراد من قوله (ع): (فالله أولى بالعذر) ليس العذر في القضاء. لأنه مما لم يغلب عليه فيه، فيتعين أن يكون المراد العذر في الأداء، لأنه المغلوب عليه فيه. وحينئذ فالوجه في كونه جوابا عن حكم القضاء. هو ثبوت قضية كلية، وهي: كل من يعذر في الأداء لا يجب عليه القضاء، فمفاد النصوص: أن المغمى عليه داخل في موضوع القضية المذكورة، فيثبت له حكمها. وحينئذ لا دلالة فيها على انحصار العلة في

 

===============

 

( 56 )

 

نفي القضاء في ذلك، بل يجوز أن يكون له علة أخرى غيرها، لظهور الفرق بين قولنا: (لا تأكل الرمان لأنه حامض)، وقولنا: (لا تأكل الرمان، كل حامض يحرم اكله)، فان التعليل الصريح ظاهر في الانحصار، ولا كذلك التعليل المستفاد من تطبيق الكبريات على صغرياتها، فانه لا مفهوم له. وعليه فالنصوص المطلقة في نفي القضاء عن المغمى عليه غير المشتملة على التعليل المذكور لا مقيد لها، فالعمل عليها متعين. وبالجملة: القاعدة المذكورة إنما تمنع من إطلاق النصوص المشتملة عليها، ولا تصلح لتقييد إطلاق غيرها من النصوص، لما عرفت من أنها لا مفهوم لها. إلا أن تكون قرينة على إرادة المفهوم وأن الكلام مساق للنفي والاثبات، فحينئذ يكون لها مفهوم، وما لم تقم قرينة على ذلك فلا مفهوم لها. ثم إنه لو سلم صلاحيتها لتقييد الاطلاق النافي للقضاء في المغمى عليه لظهورها في العلة المنحصرة، فلا نتسلم صلاحيتها لتقييد إطلاق نفي القضاء في غيره - كالحائض والنفساء - كما توهم، فانه غير مورد التعليل. والتعدي عن مورد التعليل إلى غيره إنما هو في منطوقه لا مفهومه. مثلا - إذا قيل: (لا تأكل الرمان لأنه حامض)، فلا يدل على أن كل ما ليس بحامض من سائر الفواكه يجوز اكله، حتى يعارض ما دل على عدم جواز، أكل التفاح الحاو - مثلا -، كما أشرنا إلى ذلك في المجنون والحائض. نعم يدل على أن كل حامض لا يجوز أكله وإن لم يكن من الرمان. ومن هنا يشكل إطلاق وجوب القضاء في النائم والناسي الشامل لصورة ما إذا كان النوم والنسيان بفعله، لكن لما كان بينهما عموم من وجه كان تقييد القاعدة بغير ذلك أولى من تقييد إطلاق القضاء بالعامد، لندرة ذلك. ولا ينافيه ظهرو نصوص القاعدة في كونها مطردة آبية عن التخصيص فان ذلك إنما هو بالاضافة إلى أن كل مغلوب عليه معذور لا بالاضافة

 

===============

 

( 57 )

 

[ وإن كان الاحوط (1) القضاء عليه إذا كانت من فعله، خصوصا إذا كان على وجه المعصية (2). بل الاحوط قضاء جميع ما فاته مطلقا. (مسألة 4): المرتد يجب عليه قضاء ما فات منه أيام ردته بعد عوده إلى الاسلام، سواء كان عن ملة أو فطرة (3) وتصح منه وان كان عن فطرة على الأصح (4). ] إلى أن كل معذور في الأداء منفي عنه القضاء الذي هو موضوع المعارضة. يمكن المناقشة في ثبوت الاطلاق لذلك بنحو يكون قاعدة كلية في مقابل عموم القضاء أو استصحاب وجوبه، فضلا عن خصوص الدليل على القضاء في الموارد المذكورة، إذ ليس ما يقتضي العموم من قرينة لفظية أو حالية أو عقلية، لعدم ورود الكلام لبيان ذلك، بل هو في مقام الاشارة إليها في الجملة، كما هو ظاهر. هذا بالنسبة إلى عموم كل معذور في الأداء منفي عنه القضاء. أما بالنسبة إلى عموم كل مغلوب معذور فعمومها ظاهر. فلاحظ وتأمل. (1) عرفت وجهه. ولأجله أفتى في محكي الذكرى وغيرها بالوجوب. (2) فانه أقرب في منع شمول نصوص نفي القضاء له. ولأجله خص وجوب القضاء به في محكي السرائر. (3) كما عن جماعة التصريح به. ويقتضيه إطلاق معقد الاجماع في محكي الناصرية والغنية والنجيبية وغيرها، لعموم ما دل على وجوب القضاء، واختصاص ما دل على سقوطه على الكافر بالكافر الأصلي. (4) عند جماعة. لحصول شرط الصحة وهو الاسلام. لكن المشهور خلافه، لصحيح ابن مسلم: (سألت أبا جعفر (ع) عن المرتد، فقال: من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد إسلامه فلا توبة له، وقد وجب قتله، وبانت منه امرإته، ويقسم ما ترك

 

===============

 

( 58 )

 

[ (مسألة 5): يجب على المخالف قضاء ما فات منه (1)، ] على ولده (* 1) فان إطلاق نفي التوبة يقتضي بطلان عبادته، كما لو بقي على كفره. ووجوب قبول توبته عقلا إنما هو بالنسبة إلى العقوبة التي هي من الآثار العقلية، لا بالنسبة إلى الآثار الشرعية التعبدية. كما أن ما دل على أن الاسلام الشهادتان لا ينافي كونه بحكم الكافر. وأدلة التكاليف وان كانت مقتضيه للصحة باطلاقها الشامل له، إلا أنه - بعد تقييدها بما دل على بطلان عبادة الكافر - يكون الصحيح لتضمنه أن المسلم بعد الارتداد بمنزلة الكافر - حاكما عليها. نعم تمكن المناقشة في الصحيح. تارة: من جهة احتمال أن نفي التوبة ليس بلحاظ جميع الآثار، بل بلحاظ خصوص القتل ونحوه. كما قد يقتضيه اتباعه به في الصحيح. ومقابلته بالتوبة في جملة من نصوص المرتد، مثل قوله - في بعضها -: (هل يستتاب، أو يقتل ولا يستناب) (* 2). فلا حظ أبواب حكم المرتد من حدود الوسائل. وأخرى: من جهة أن شرطية الاسلام لصحة العبادة ليست شرعية لعدم كونه شرطا فيها، وإنما هو قيد للامتثال الذي له دخل في حصول الغرض، فعموم الصحيح له غير ظاهر فإذا بني على قبول توبته من حيث استحقاق الثواب والعقاب كفى ذلك في صحة عبادته، إذ لا يعتبر فيها اكثر من صلاحية الفعال للقرب. فتأمل. (1) كما هو ظاهر المشهور. لما دل على وجوب القضاء من العموم أو الاستصحاب. نعم عن الذكرى، عن كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله - مسندا - عن رجال الأصحاب، عن عمار: (قال سليمان بن خالد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب حد المرتد حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب حد المرتد حديث: 6.

 

===============

 

( 59 )

 

[ أو أتى به على وجه يخالف مذهبه (1)، بل وان كان على وفق مذهبنا أيضا - على الاحوط - (2). وأما إذا أتى به على وفق مذهبه فلا قضاء عليه (3). نعم إذا كان الوقت باقيا فانه ] لأبي عبد الله (ع) - وأنا جالس -: إني منذ عرفت هذا الأمر أصلي في كل يوم صلاتين، أقضي ما فاتني قبل معرفتي. قال (ع): لا تفعل، فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة) (* 1). ورواه الكشي بطريق فيه الضعيف (* 2). وحمله الشهيد على ارادة ما تركت من شرائطها وأفعالها لا تركها بالكلية. وهو ان كان بعيدا عن الظاهر، لكنه قريب بلحاظ حال سليمان وجلالته حتى قبل الاستبصار. وكيف كان فضعف الخبر - سندا - كاف في المنع عن العمل به من غير جابر ظاهر. (1) بلا خلاف ظاهر. لما سبق، بناء على اختصاص ما يأتي مما دل على سقوط القضاء بغير هذه الصورة، على إشكال يأتي. (2) بل قواه بعض لما سبق. لكنه غير ظاهر، لا مكان استفادته مما دل على السقوط، كما سيأتي تقريبه. (3) كما هو المشهور. وعن الروض: نسبته إلى الاصحاب. لصحيح العجلي عن أبي عبد الله (ع): (كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله تعالى عليه وعرفه الولاية فانه يؤجر عليه، الا الزكاة فانه يعيدها، لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية. وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء) (* 3). ونحوه صحيح ابن أذينة (* 4)، لكن ترك فيه ذكر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات حديث 4. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 60 )

 

[ يجب عليه الاداء (1) حينئذ. ولو تركه وجب عليه القضاء. ] الحج. ومصحح الفضلاء عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع): (إنهما قالا - في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء: الحرورية. والمرجئة. والعثمانية. والقدرية، ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه، أيعيد كل صلاة صلاها أو زكاة أو حج، أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك؟ - ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة، فانه لا بد أن يؤديها، لأنه وضع الزكاة في غير موضعها. وإنما موضعها أهل الولاية) (* 1). فان مقتضى الجمود على نفس النصوص المذكورة قد يقتضي اختصاص الحكم بما كان صحيحا في نفسه، واجدا لما يعتبر فيه إلا حيثية الولاية والمعرفة. لكن التفصيل بين الزكاة وغيرها معللا بما ذكر - مع غلبة المخالفة فيما عداها أيضا - يقتضي عموم الحكم لما كان فاسدا في نفسه، فيكون المراد من التعليل في الزكاة: أنها من الحقوق الراجعة إلى غيره تعالى التي لا تسقط بالمعرفة، لا مجرد وقوعها على غير وجه صحيح. وعليه فما عن التذكرة: من التوقف في سقوط القضاء إذا كان العمل فاسدا عندنا في غير محله. ومما ذكرنا بظهر أن شمول الروايات للصحيح عندنا أقرب من شمولها للصحيح عند العامل. نعم شمولها لما لا يكون صحيحا واقعا ولا في نظر العامل غير ظاهر. اللهم الا أن يستفاد من التعليل بعد حمله على المعنى الذي ذكرنا. (1) كأنه لعموم دليل التكليف به، واختصاص نصوص الاجزاء بالقضاء. لكن قد يشكل: بأنه خلاف عموم قوله (ع) - في الصحيحين - (كل عمل...) فانه شامل للأداء. وقوله (ع) - في ذيله -:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 61 )

 

[ ولو استبصر ثم خالف ثم استبصر فالاحوط القضاء (1)، وإن أتى به بعد العود إلى الخلاف على وفق مذهبه. (مسألة 6): يجب القضاء على شارب المسكر (2)، سواء كان مع العلم أو الجهل (3) ومع الاختيار على وجه العصيان أو للضرورة أو الاكراه. (مسألة 7): فاقد الطهورين يجب عليه القضاء ويسقط عنه الاداء (4)، ] (فليس عليه قضاء) لا يصلح قرينة على تخصيصه، لكون المراد منه الفعل ثانيا، بقرينة ذكر الزكاة - بل الحج في أحدهما. مع أن مصحح الفضلاء موضوعه الاعادة مطلقا. ونحوه خبر محمد بن حكيم (* 1). فالبناء على الصحة غير بعيد. (1) كما قواه في الجواهر، اقتصارا فيما خالف القواعد على المتيقن. لكن الاطلاق محكم. والانصاف إلى المخالف الاصلي ليس بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. (2) لما سبق من العموم أو الاستصحاب. (3) قد يستشكل في وجوب القضاء معه، لعدم الاختيار، فيدخل في عموم: (ما غلب الله عليه...). وفيه: ما عرفت من أن الكلية المذكورة لا تنفي القضاء، وإنما النافي له الحكم المتصيد منها، بتوسط ورودها في مقام بيان نفي القضاء عن المغمي عليه. وقد عرفت أنه لا عموم فيه بنحو يصلح لمعارضة الأدلة والحكومة على الأصول. ومن هذا يظهر أنه لا مجال للاشكال المذكور في صورة الضرورة أو الاكراه. (4) كما هو مذهب الاصحاب، لا نعرف فيه مخالفا، كما عن الروض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 5.

 

===============

 

( 62 )

 

أو مخالفا صريحا، كما عن المدارك. لا نتفاء المشروط بانتفاء شرطه. واحتمال اختصاصه - كغيره من الاجزاء والشرائط - بحال الاختيار، لعموم: (لا تسقط الصلاة بحال) (* 1). في غاية الضعف كما في الجواهر، لعموم دليل الشرطية، مثل: (لا صلاة إلا بطهور) (* 2) للحالين. والفرق بين الطهارة وسائر الاجزاء والشرائط التي تسقط في حال الاضطرار: هو استفادة شرطيتها من أمره ونحوه مما يختص بحال الاختيار، لا مثل ما عرفت. هذا ولا يخفى أن الدليل على الجزئية أو الشرطية - سواء كان بلسان الامر أم بلسان النفي - يدل على الجزئية مطلقا. وتقييد الامر عقلا بحال الاختيار ليس تقييدا لملاكه، بل لفعليته لا غير. مع أن الأوامر في أمثال المقام ارشاد إلى الجزئية. فلا فرق بينها وبين مثل: (لا صلاة إلا بطهور) فان كان حديث: (لا تسقط الصلاة بحال) صالحا لتقييدها كان صالحا لتقييده. ودعوى: أن مفاده نفي الحقيقة بدون الطهارة، فلا مجال لتطبيق قوله (ع): (لا تسقط)، لأن تطبيقه يتوقف على إحراز عنوان الصلاة، وهو منفي بدليل شرطية الطهارة. وكذا الحال في جميع الاجزاء والشرائط التي تكون أدلتها بهذا اللسان. غاية الامر أنه قام الدليل الخارجي على سقوطها في حال الاضطرار ولم يقم ذلك الدليل هنا. مندفعة: بأنه - لو سلم ذلك، فحديث: (لا تسقط..) - بعد ما كان ناظرا إلى أدلة الجزئية والشرطية على اختلاف السنتها - حاكم على النفي المذكور، قاصر له على حال الاختيار، كغيره من أدلة الاجزاء والشرائط. واحراز عنوان الصلاة موكول بمقتضى الاطلاق المقامي إلى تطبيق العرف، لا إلى الحديث المذكور ونحوه من أدلة الجزئية والشرطية، لأنها ساقطة بالحكومة.

 

 

____________

(* 1) مر ما له نفع في المقام في ج: 6 من هذا الشرح، المسألة: 10 من فصل تكبيرة الاحرام. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب الوضوء حديث: 1.

 

===============

 

( 63 )

 

[ وان كان الاحوط الجمع بينهما (1). (مسألة 8): من وجب عليه الجمعة إذا تركها حتى مضى وقتها أتى بالظهر إن بقي الوقت (2)، ] وبالجملة: لا فرق بين قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم...) (* 1)، وقوله (ع): (لا صلاة إلا بطهور) (* 2) في العموم لحالتي الاختيار والاضطرار. كما لا فرق بنيهما في المحكومية للحديث المذكور. ومقتضى ذلك وجوب الأداء عند تعذر الطهور، كما عن جد السيد المرتضى. نعم الحديث المذكور غير ثابت الحجية، لا رساله - كقاعدة الميسور التي لم ينعقد الاجماع على مضمونها في المقام - فالرجوع إلى إطلاق دليل الشرطية المقتضي للسقوط في محله. أما وجوب القضاء - كما عن جماعة من القدماء واكثر المتأخرين - فيقتضيه عموم القضاء أو الاستصحاب اللذان لا يمنع عن العمل بهما: عدم تنجز الأداء للعجز، ولا قولهم (ع): (كل ما غلب الله عليه فالله تعالى أولى بالعذر) (* 3)، كما عرفت. ولأجله يظهر ضعف ما عن جماعة من نفي القضاء. فلا حظ. (1) بل حكي القول بوجوب ذلك، وكأنه إما للعلم الاجمالي بوجوب أحدهما. أو للجمع بين الحقين. وضعفه ظاهر.. (2) إجماعا، كما عن جماعة. ويشهد له - في الجملة - مصحح الحلبي: (فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا) (* 4). ونحوه غيره. لكن

 

 

____________

(* 1) المائدة: 6. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب الوضوء حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب قضاء الصلاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب 26 من ابواب صلاة الجمعة حديث: 3.

 

===============

 

( 64 )

 

[ وان تركها أيضا وجب عليه قضاؤها لاقضاء الجمعة (1). (مسألة 9): يجب قضاء غير اليومية (2) - سوى العيدين - (3) حتى النافلة المنذورة (4) في وقت معين. ] مورده: صورة انعقاد الجمعة وعدم إداركها، ففي صورة عدم انعقاد الجمعة رأسا يكون المستند في القضاء ظهرا الاجماع. (1) لوجوب مطابقة القضاء للمقتضي. (2) لماعرفت من العموم والاستصحاب. (3) كما هو المشهور، لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له، ولا قضاء عليه) (* 1). وعن بعض: وجوب قضائها. لصحيح محمد بن قيس: (فان شهد بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد) (* 2). لكن لا يخفى أن مورد الصحيحين مختلف. فان مورد الأول: من لم يدرك الجماعة المنعقدة لصلاة العيد وان كان الوقت باقيا. ومورد الثاني: ما إذا خرج الوقت ولم تنعقد جماعة العيد، فلا تعارض بينهما، ولا يمنع أحدهما من العمل بالآخر في مورده. ويأتي في صلاة العيد ما له نفع في المقام إن شاء الله تعالى. (4) كما استظهره في الجواهر. وكأنه لاطلاق أدلة القضاء. وفيه: أن الظاهر من الفريضة - التي أخذت موضوعا لوجوب القضاء - ما كانت فريضة بعنوان كونها صلاة لا بعنوان آخر، كالنذر والاجارة ونحوهما. مع أنه إذا كانت في نفسها غير مؤقتة وكان نذرها في وقت معين، فإذا لم يؤت بها في الوقت لا يصدق الفوت بالنسبة إليها، وإنما يصدق بالنسبة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة العيد حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب صلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 65 )

 

[ (مسألة 10): يجوز قضاء الفرائض في كل وقت. من ليل أو نهار (1) أو سفر ] إلى عنوان الوفاء بالنذر، فوجوب قضائها يتوقف على عموم قضاء الفائت ولو كان وفاء بالنذر. وهو غير ظاهر. اللهم إلا أن يتمسك في وجوب قضائها بالاستصحاب. فتأمل. (1) للأخبار الكثيرة، بل لعلها متواترة، كمصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): (يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار) (* 1). وأما موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): (عن الرجل ينام عن الفجر حتى تطلع الشمس - وهو في سفر - كيف يصنع، أيجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال (ع): لا يقضي صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار ولا يجوز له ولا تثبت، ولكن يؤخرها فيقضيها بالليل) (* 2). فقد قال الشيخ: (إنه خبر شاذ، فلا تعارض به الأخبار المطابقة لظاهر القرآن). أقول: لعله وارد مورد التقية، كما قد يشير إليه قول الصادق (ع) - في خبر جميل في قضاء صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل -: (هو من سر آل محمد صلى الله عليه وآله المكنون) (* 3). أو في مورد المشقة المانعة من حصول الاقبال، كما قد يشير إليه صحيح ذريح: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: فاتتني صلاة الليل في السفر فاقضيها بالنهار؟ فقال (ع): نعم إن أطقت ذلك) (* 4). أو في القضاء على الدابة، كما يشهد به موثقة عمار: (نعم يقضيها بالليل على الأرض، فأما على الظهر فلا ويصلي كما

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في أول هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب، 57 من ابواب المواقيت حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 57 من ابواب المواقيت حديث: 16. (* 4) الوسائل باب: 57 من ابواب المواقيت حديث: 13.

 

===============

 

( 66 )

 

[ أو حضر. ويصلي في السفر ما فات في الحضر تماما، كما أنه يصلي في الحضر ما فات في السفر قصرا (1). (مسألة 11): إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالاحوط قضاؤها قصرا، مطلقا، سواء قضاها في السفر أو في الحضر، في تلك الاماكن أو غيرها، وان كان لا يبعد جواز الاتمام (2) أيضا، ] يصلي في الحضر) (* 1). (1) عن المدارك: (أنه مذهب العلماء كافة الامن شذ). وكأنه يشير إلى المزني من العامة - كما قيل -. ويشهد له صحيح زرارة أو حسنه: (قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر. قال (ع): يقضي ما فاته كما فاته، إن كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها، وان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته) (* 2). ونحوه غيره. (2) كما قواه في الجواهر، وحكي عن المحقق الثاني وصاحب المعالم في حاشيته على الاثنى عشرية. وفي المدارك: احتماله مطلقا أو إذا أوقعه فيها. ثم احتمل تعين القصر لأنه فرض المسافر، ثم قال: (وهو أحوط وان كان الثاني لا يخلوا من قوة). أقول: إن بني على كون التمام أحد عدلى الواجب التخييري - كما هو ظاهر جملة من النصوص - فلا ينبغي التأمل في جواز القضاء تماما كجوازه قصرا. وان بني على كونه بدلا عن القصر لمصحلة اقتضت ذلك - نظير الابدال الاضطرارية التي اقتضاها الاضطرار كما قد يقتضيه (* 3) ما في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث 1. (* 3) لعل الوجه في التعبير المذكور هو احتمال صدور الرواية تقية. كما يقتضيه صدرها فلاحظ.

 

===============

 

( 67 )

 

[ إذا قضاها في تلك الاماكن (1)، خصوصا إذا لم يخرج (2) عنها بعد وأراد القضاء. ] صحيح ابن مهزيار: قد علمت - يرحمك الله - فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة) (* 1) فاللازم تعين القضاء قصرا، لأن موضوع وجوب القضاء فوات الواجب الأصلي لا البدلي، والمفروض كونه القصر. وان أجمل الدليل كان المقام من الدوران بين التعيين والتخيير، والمرجع فيه أصالة التعيين، فيتعين القصر. اللهم الا أن يرجع إلى استصحاب الاجتزاء بالتمام. والذي يقتضيه التأمل في النصوص: أنها لو كانت ظاهرة في الوجوب التخييري، فظاهرها مشروعية التمام في ظرف الاتيان به، لا مشروعيته - بقول مطلق - كالقصر، فمع عدم الاتيان به لا تشريع ولا فوات إلا للقصر. ومن هنا يشكل القضاء تماما. (1) التفصيل في مشروعية التمام بين القضاء في تلك الاماكن وغيرها، مبني على عموم دليل مشروعيته للأداء والقضاء، نظير دليل الابدال الاضطرارية والا فلو كان دليل مشروعيته مختصا بالاداء، فالتفصيل المذكور غير ظاهر، سواء بني على ظهوره في الوجوب التخييري. أم على ظهوره في البدلية، أم على الاجمال، كما أشرنا إليه آنفا. ومن ذلك يظهر لك ضعف التفصيل المذكور، لقصور الأدلة عن شمول القضاء. اللهم إلا أن يستفاد من عموم التعليل في الصحيح المتقدم، ولازمه حينئذ مشروعية التمام في القضاء فيها، وان كان الفوت في غيرها من المواضع. لكن لا يظن الالتزام به ومن أحد. (2) لا يظهر الفرق بين الخروج وعدمه - في جريان الاستصحاب،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 35 من ابواب صلاة المسافر حديث: 4.

 

===============

 

( 68 )

 

[ (مسألة 12): إذا فاتته الصلاة في السفر الذي يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام فالقضاء كذلك (1). (مسألة 13): إذا فاتت الصلاة وكان في أول الوقت حاضرا وفي آخر الوقت مسافرا أو بالعكس، لا يبعد التخيير في القضاء بين القصر والتمام (2)، والأحوط اختيار ما كان واجبا في آخر الوقت، وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام. ] ولا في غيره، إلا في احتمال تعدد الموضوع المانع من جريان الاستصحاب على تقدير الخروج بخلاف تقدير عدم الخروج، فانه لا مجال لاحتمال تعدد الموضوع. لكنه لا يهم، لضعف الاحتمال المذكور. فلا حظ. (1) لأن المناط الموجب للاحتياط - وهو العملم الاجمالي بالتكليف - حاصل في القضاء بنحو حصوله في الاداء. (2) يأتي - إن شاء الله تعالى - الخلاف في كيفيه الأداء، فقيل: بوجوب القصر، وقيل: بالتمام، وقيل: بالتخيير، وقيل: بالتفصيل: بين سعة الوقت للتمام فيجب، وضيقة فيجب القصر. والكلام هنا مبني على القول الاول الراجع إلى أن العبرة بحال الأداء. والذي اختاره في الشرائع - ونسب إلى المشهور، خصوصا بين المتأخرين، واختاره في الجواهر - أن العبرة في القضاء بحال الفوت، لأن الواجب حاله هو الفائت، لا الاول الذي قد ارتفع وجوبه في الوقت برخصة الشارع له في التأخير. وعن الشهيد - ونسبه في الجواهر إلى ظاهرهم -: أن التمام إذا تعين في وقت من أوقات الأداء كان هو المراعى في القضاء وان كان المخاطب به حال الفوت القصر. وفيه: أنه غير ظاهر. وكون الاصل التمام لا يجدي في إثبات ذلك، لاختصاصه بالاداء، وقد وجب الخروج عنه بما دل على وجوب القصر على المسافر.

 

===============

 

( 69 )

 

وأما ما في الجواهر من التعليل المتقدم، فأشكل عليه: بأن آخر الوقت زمان صدق الفوت، لكنه لا يلازم كون الواجب حينئذ هو الفائت كيف! والواجب الموسع بعد ما كان له أفراد تدريجية نسبته إلى كل واحد منها عين نسبته إلى الآخر. فتطبيقه بلحاظ الفوت على واحد منها بعينه ترجيح بلا مرجح، فلا بد أن يكون فوته بلحاظ فوت جميع أفراده. فإذا كانت أفراده بعضها تمام وبعضها قصر، يكون فوته بفوت جميعها، لا بفوت القصر بعينه، ولا بفوت التمام بعينه. وأشكل منه: ما عن الاسكافي، والحلي في السرائر -. حاكيا له عن رسالة ابن بابويه، ومصباح المرتضى، وبعض كتب المفيد، والمبسوط، قائلا: إنه الموافق للأدلة واجماع أصحابنا: - من أن العبرة في القضاء بحال الوجوب، لأن الفائت هو ما خوطب به في الحال الاولي، لأنه لو صلاها حينئذ لصلاها كذلك، فيجب أن يقضي كما فاته. إذ هو كما ترى غير ظاهر الموافقة للأدلة. والاجماع الذي ادعاه ممنوع جدا، لشهرة الخلاف. نعم في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع): (عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر، فأخر الصلاة حتى قدم - وهو يريد يصليها إذا قدم إلى اهله - فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها. قال (ع): يصليها ركعتين - صلاة المسافر - لأن الوقت دخل وهو مسافر كان ينبغي أن يصلي عند ذلك) (* 1). لكن الرواية - مع أن سندها لا يخاو من خدش - أشبه بالروايات الدالة على أن العبرة في الاداء بحال الوجوب فيشكل - لذلك - العمل بها، لمعارضتها لغيرها (* 2) مما يجب تقديمه عليها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث 3. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 1، 2، 4، 5.

 

===============

 

( 70 )

 

[ (مسألة 14): يستحب قضاء النوافل (1) الرواتب ] والتحقيق أن ما ذكره المشهور هو المتعين. (أولا): من جهة أنه بناء على تعدد المطلوب في الاداء - تكون صلاة القصر بعد خروج الوقت مشتملة على المصلحة التي اقتضت الأمر بها تعيينا في وقت بعينها، فتكون واجبة تعيينا. ولا مجال لا جزاء صلاة التمام أو وجوبها. (وثانيا): أن الظاهر من قوله: (إفعل الفائت): إفعله على الكيفية التي كان عليها حين الاتصاف بالفوت. وكون الواجب موسعا منطبقا على الافراد التدريجية الزمانية - التي كان بعضها السابق التمام - لا يجدي في إجزاء التمام، لأن وصفي التمام والقصر - بعد ما كانا داخلين في موضوع الوجوب، وقد فهم من دليل القضاء وجوب مطابقته للاداء فيهما - فمع زوال أحدهما بطروء الآخر يكون الظاهر من إطلاق الدليل وجوب الوصف الذي كان عليه حين الفوت الذي أخذ عنوانا للمقتضي. مع أنه - لو سلم عدم ظهور الدليل في ذلك - يكون الواجب الجمع بين القصر والتمام، للشك في المكلف به. ولا وجه للتخيير، لأنه يتوقف على ثبوت الوجوب التخييري بين القصر والتمام في الاداء. أو وجوب الجامع بينهما فيه. وكلاهما معلوم الانتفاء. ولو فرض صدق الفوت على كل منهما، كان اللازم وجوبهما معا. (1) إجماعا كما عن جماعة. ويشهد له كثير من النصوص، منها: صحيح ابن سنان: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إن العبد يقوم فيقضي النافلة، فيعجب الرب ملائكته منه فيقول: ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه) (* 1). وصحيحه الآخر عنه (ع): (قلت له: أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو - من كثرتها - كيف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها حديث: 1.

 

===============

 

( 71 )

 

[ استحبابا مؤكدا، بل لا يبعد استحباب (1) قضاء غير الرواتب من النوافل المؤقتة، دون غيرها. والأولى قضاء غير الرواتب من المؤقتات بعنوان احتمال المطلوبية. ولا يتأكد قضاء ما فات حال المرض (2). ] يصنع؟ قال (ع): فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها، فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك. قلت له: فانه لا يقدر على القضاء. فقال (عليه السلام): إن كان شغله في طلب معيشة لا بد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه. وان كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء، وإلا لقي الله وهو مستخف متهاون مضيع لسنة (لحرمة خ ل) رسول الله صلى الله عليه وآله. قلت: فانه لا يقدر على القضاء فهل يجزئ أن يتصدق؟ فسكت مليا. ثم قال: فليتصدق بصدقة. قلت: فما يتصدق؟ قال (ع) بقدر طوله، وأدنى ذلك: مد لكل مسكين مكان كل صلاة. قلت: وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال (ع): لكل ركعتين من صلاة الليل مد، ولكل ركعتين من صلاة النهار مد. فقلت: لا يقدر. فقال: مد - إذا - لكل أربع ركعات من صلاة النهار، ومد لكل أربع ركعات من صلاة الليل. قلت: لا يقدر. قال: فمد - إذا - لصلاة الليل، ومد لصلاة النهار. والصلاة أفضل. والصلاة أفضل. والصلاة أفضل) (* 1). (1) كما قد يستفاد من الصحيح الاول ونحوه. ودعوى الانصراف إلى الرواتب - كما ترى - ممنوعة. مع أن الاستصحاب كاف في إثبات الاستحباب. (2) ففي صحيحي مرازم انه قال: (إني مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها، فقلت لأبى عبد الله (ع)، فقال (ع): ليس عليك قضاء، إن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها حديث: 2.

 

===============

 

( 72 )

 

[ ومن عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة (1) عن كل ركعتين بمد، وان لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمد وإن لم يتمكن فمد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار، وان لم يتمكن فلا يبعد مد لكل يوم وليلة (2). ولا فرق في قضاء النوافل - أيضا - بين الأوقات (3). (مسألة 15): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية لا بالنسبه إليها (4). ولا بعضها مع البعض (5) الآخر. فلو كانت عليه قضاء الآيات وقضاء اليومية يجوز تقديم ] المريض ليس كالصحيح، كل ما غلب الله عليه فانه أولى بالعذر) (* 1) المحمول على نفي التأكد، جمعا بينه وبين ما دل من النصوص على استحباب القضاء للمريض وأنه خير يفعله (* 2). (1) المراتب الثلاث الاول مذكورة في صحيح ابن سنان المتقدم. (2) هذا ذكره الاصحاب - كما في الحدائق - مرتبة ثانية بعد الاولى واقتصروا عليهما. ومن البعيد جدا: أن لا يكون به رواية. والجمع بينها وبين ما سبق: جعلها مرتبة رابعة، كما في المتن. (3) للنصوص الصريجة بذلك. (4) فيجوز قضاء اليومية المتأخرة فواتا قبل قضاء غيرها السابق فواتا على المشهور، بل لم يعرف القول بخلافه إلا من بعض مشايخ الوزير العلقمي - ره -. وليس له دليل ظاهر، عدا النبوي المشهور: (من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها فذلك وقتها). وفي دلالته منع، والاصل البراءة. (5) إجماعا محكيا عن المهذب البارع وغيره. نعم حكي اعتبار الترتيب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها حديث: 1.

 

===============

 

( 73 )

 

[ أيهما شاء تقدم في الفوات أو تأخر. وكذا لو كان عليه كسوف وخسوف (1) يجوز تقديم كل منهما. وإن تأخر في الفوات. (مسألة 16): يجب الترتيب في الفوائت اليومية (2)، ] هنا عن بعض مشايخ الوزير أيضا. وعن التذكرة: احتماله. وعن الذكرى: نفي الباس عنه، للنبوي المتقدم أيضا. وفيه: ما عرفت. (1) هذا بناء على اختلاف الحقيقة بين الصلاتين، وإلا فلا يصلح مثالا لما نحن فيه. (2) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل عن الخلاف والمعتبر والتذكرة والتنقيح والذكرى وغيرها: الاجماع عليه. ويشهد له الصحيح لزرارة عن أبي جعفر (ع): (إذا نسيت صلاة. إذا نسيت صلاة. أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات، فابدأ بأولاهن فاذن لها وأقم ثم صلها، ثم صل ما بعدها باقامة إقامة لكل صلاة... (إلى أن قال): وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة، ابدأ بالمغرب ثم العشاء) (* 1) وما في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله (ع) (قلت تفوت الرجل الاولى والعصر والمغرب ويذكر عند العشاء. قال (ع): يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فأنه لا يأمن من الموت، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل، ثم يقضي ما فاته الاول فالأول) (* 2). وصحيح ابن سنان عنه (ع) - فيمن نام أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة - قال (ع): (وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة) (* 3). ونحوه صحيح ابن مسكان (* 4) وموثق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 63 من ابواب المواقيت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت ملحق حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 4.

 

===============

 

( 74 )

 

أبي بصير (* 1). لكن صحيح ابني سنان ومسكان والموثق موردها الفوائت المترتبة في الأداء. فالتعدي إلى غيرها يتوقف على عدم الفصل. ولا يبعد ذلك - أيضا - في خبر جميل، فان مقتضى التعليل فيه بقوله (ع): (فانه لا يأمن من الموت)، بضميمة ما يظهر من قول السائل: (عند العشاء) من كون الوقت يسع فعل المغرب، وجوب حمل قوله (ع): (يبدأ بالوقت) على إرادة البدأة بالمغرب، ويكون المراد مما فاته في قوله (ع): (يقضي ما فاته) الاولى والعصر - يعني: الظهرين -. بل هو صريح في ذلك، بناء على ما يحضرني من نسخة الوسائل: (ويذكر بعد العشاء) (* 2) بدل: (ويذكر عند العشاء). وأما الصحيح الاول فيمكن المناقشة في دلالته: بعدم القرينة على كون المراد من أولاهن أولاهن فوتا، بل من الجائز أن يكون المراد أولاهن في القضاء. كما ورد في خبر ابن مسلم: عن رجل صلى الصلوات - وهو جنب - اليوم واليومين والثلاثة، ثم ذكر بعد ذلك. قال (ع): يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ثم يصلي، ويقيم - بعد ذلك - في كل صلاة) (* 3) ويشير إلى ذلك: عدم تعرضه للترتيب بين ما عدا الاولى من الصلوات، وادخال الفاء على قوله (ع) (فاذن...)، إذ لو كان المراد بالاولى الفائتة كان المناسب (الواو) لا (الفاء) الظاهرة في التفسير. مضافا إلى أن الحكم المذكور من أحكام الاولى من كل ورد من القضاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب صلاة المواقيت حديث: 3. (* 2) هكذا جاءت الرواية في طبعة الوسائل الحديثة في ايران. ولكن هذه الفقرة ساقطة من الرواية في الوسائل طبعة: (عين الدولة): واما المعتبر فقد ذكر فيه: (عند) بدل: (بعد) لاحظ المصدر: صفحة 236. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 3.

 

===============

 

( 75 )

 

[ بمعني: قضاء السابق في الفوات على اللاحق. وهكذا. ولو جهل الترتيب وجب التكرار (1)، إلا أن يكون مستلزما للمشقة التي لا تتحمل من جهة كثرتها، فلو فاتته ظهر ومغرب ولم يعرف السابق صلى ظهرا بين مغربين أو مغربا بين ظهرين وكذا لو فاتته صبح وظهر أو مغرب وعشاء من يومين، أو صبح وعشاء أو صبح ومغرب ونحوها، مما يكونان مختلفين في عدد الركعات. وأما إذا فاتته ظهر وعشاء، أو عصر وعشاء، أو ظهر وعصر من يومين - مما يكونان متحدين في ] وبالجملة: لا يبعد أن يكون المراد من البدأه بالولي - في الصحيح الشريف -: أن يبدأ بالأذان والاقامة لأولاهن ثم يصليها ثم يصلي الباقي بالاقامة وحدها. ولأجل ذلك يشكل إثبات الترتيب بالنصوص. والانصاف إن إهمال التعرض في النصوص - لكيفية قضاء الفوائت مع الجهل بترتيبها مع كثرة الابتلاء به وكثرة صوره - كما يظهر من ملاحظة الصور المذكورة في المتن - دليل قطعي على عدم اعتباره. (1) كما نسب إلى جماعة. والعمدة فيه: إطلاق الصحيح الاول، إذ ما عداه مورده صورة العلم، فلا يمكن الاستدلال به في حال الجهل. وعن جماعة العدم، بل نسب إلى الاكثر. للأصل، واستلزام التكليف المحال أو الحرج، كما عن الذكرى. لكن الأصل لا مجال له مع الدليل. والتكليف بالمحال ممنوع، لعدم اعتبار الجزم بالنية. وكذا لزوم الحرج من التكرار في غالب الموارد. والسقوط في بعضها - لأدلة نفي الحرج (* 1) - لا يقتضي السقوط في غيره. وعدم القول بالفصل غير

 

 

____________

(* 1) تقدالتعرض لها في ج: 1 من هذا الشرح صفحة 181.

 

===============

 

( 76 )

 

[ عدد الركعات - فيكفي الاتيان بصلاتين بنية الاولى في الفوات (1) والثانية فيه. وكذا لو كانت اكثر من صلاتين، فيأتي بعد الفائتة بنية الاولى فالاولى. (مسألة 17): لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة ولم يعلم السابق من اللاحق يحصل العلم بالترتيب: بأن يصلي خمسة أيام (2). ولو زادت فريضة أخرى يصلي ستة أيام. وهكذا كلما زادت فريضة زاد يوما. (مسألة 18): لو فاتته صلوات معلومة سفرا وحضرا (3) ] ثابت، بل ممنوع، ومثله: دعوى انصراف الصحيح إلى صورة العلم، إذ ليس حاله إلا حال سائر أدلة الاحكام، فالفرق بين المقام وغيره غير ظاهر. (1) لكفاية القصد الاجمالي في حصول العبادية (نعم يشكل ذلك لو اختلفت الفاتتتان في الجهر والاخفات - كما لو فاتته ظهر وعشاء - لعدم العمل بالموافقة بدون تكرار. إلا أن يستفاد سقوطهما من النص الآتي في الفائتة المرددة -، لان الفائتة الاولى - بوصف كونها أولى - مرددة كالفائتة الثانية. لكنه لا يخلو من تأمل. (2) لأن الفائتة الاولى مرددة بين الفرائض الخمس اليومية، فيجب عليه الجمع بينها احتياطا، وهكذا الحال في الثانية وما بعدها. نعم بناء على جواالتعدي عن النص الآتي في الفائتة المرددة ذاتا إلى صورة التردد من حيث أنها أولى أو ثانية - يكتفى عن كل يوم بثنائيه وثلاثية ورباعية مرددة بين الظهرين والعشاء. (3) بأن علم فوات بعضها في السفرو بعضها في الحضر.

 

===============

 

( 77 )

 

[ ولم يعلم الترتيب صلى بعددها من الايام، لكن يكرر (1) الرباعيات من كل يوم بالقصر والتمام. (مسألة 19): إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة. (مسألة 20): لو تيقن فوت إحدي الصلاتين - من الظهر أو العصر - لا على التعيين، واحتمل فوت كلتيهما - بمعني أن يكون المتيقن إحداهما لا على التعيين، ولكن يحتمل فوتهما معا - فالاحوط الاتيان بالصلاتين، ولا يكفي الاقتصار على واحدة بقصد ما في الذمة، لأن المفروض احتمال تعدده (2)، إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمته أولا، فانه - على هذا التقدير - يتيقن إتيان واحدة صحيحة (3)، والمفروض أنه القدر المعلوم اللازم اتيانه (4). (مسألة 21): لو علم أن عليه إحدي الصلوات الخمس يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات (5) - بقصد ما في ] (1) بناء على ما سبق لا حاجة إلى التكرار، بل يكتفي عن يوم الحضر بثنائية وثلاثية ورباعية مرددة بين الثلاث، وعن يوم السفر بثلاثية وثنائية مرددة بين الاربع، كما سيأتي. (2) يعني: ومع التعدد لابد من التعيين. (3) لحصول التعيين الاجمالي بذلك. (4) إذ الزائد عليه لا يجب إتيانه، لقاعدة الشك بعد خروج الوقت. (5) على المشهور. بل عن الخلاف والسرائر وغيرهما: الاجماع

 

===============

 

( 78 )

 

[ الذمة - مرددة بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا فيها بين الجهر والاخفات. وإذا كان مسافرا يكفيه مغرب وركعات مرددة بين الاربع (1). وان لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا ] عليه. لمرسل علي بن اسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع): (من نسي من صلاة يومه واحدة ولم يدر أي صلاة هي، صلى ركعتين وثلاثا وأربعا) (* 1). ومرفوع الحسين بن سعيد: (سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل نسي صلاة من الصلوات لا يدرى أيتها هي: قال (ع): يصلي ثلاثة وأربعة وركعتين، فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلى أربعا، وان كانت المغرب أو الغداة فقد صلى) (* 2). وعن جماعة - منهم ابنا زهرة وحمزة -: وجوب فعل الخمس، وكأنه لعدم صحة الخبرين، مع بنائهم على وجوب التعيين التفصيلي، لكن لا دليل عليه، بل يكفي التعيين الاجمالي. بل التردد في العنوان مع الجزم بالوجه أولى بالصحة من الجزم بالعنوان مع التردد في الوجه. ولذا بنى المشهور على اعتبار الجزم بالنية ولم يبنوا على اعتبار الجزم بالعنوان. نعم مقتضى إطلاق دليل وجوب الجهر والاخفات وجوب التكرار: بفعل رباعية جهرية، ورباعية إخفاتيه مرددة بين الظهرين، فيكفي في الاحتياط فعل أربع فرائض. لكن يجب الخروج عنه بالخبرين، المنجبر ضعفهما بالعمل، فيكونان مقيدين له. ويحتمل أن يكون مفادهما الاكتفاء باحد محتملات المعلوم بالاجمال من باب جعل البدل. لكن الظاهر الاول، ويترتب عليه الصحة واقعا ولو انكشف الخلاف. (1) كما هو المعروف، بل عن الروض: الاجماع عليه. وكأن وجهه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 2.

 

===============

 

( 79 )

 

[ يأتي بركعتين مرددتين بين الاربع، وأربع ركعات مرددة بين الثلاث ومغرب. (مسألة 22): إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم وجب عليه الاتيان باربع صلوات فيأتي بصبح إن كان أول يومه الصبح، ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر، ثم مغرب، ثم أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء. وأن كان أول يومه الظهر، أتى بأربع ركعات مرددة بين الظهر والعشاء (1)، ثم بالمغرب، ثم بأربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء (2)، ثم بركعتين للصبح. وان كان مسافرا يكفيه ثلاث صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح والظهر والعصر (3)، ومغرب ثم ركعتان مرددتان بين الظهر والعصر والعشاء (4)، إن كان أول يومه الصبح. ] التعدي عن مورد الخبرين بالغاء خصوصيته، ولو بملاحظة ذيل المرفوع الذي هو كالتعليل. (1) لا حاجة إلى ملاحظة العشاء في هذه الرباعية، لا غناء ملاحظة العشاء في الرباعية المأتي بها بعد المغرب. (2) ولا وجه لملاحظة الظهر معهما، لانه - على تقدير فوتها - كان قضاؤها بالرباعية الأولى. (3) لاحتمال كون الفائتة الأولى كل واحدة من الثلاث. (4) لاحتمال كون الفائتة الثانيه كل واحدة من الثلاث. ولا وجه لملاحظة الصبح معها، لأنها - على تقدير فوتها - يكون قضاؤها بالثانية

 

===============

 

( 80 )

 

[ وان كان أول يومه الظهر يكون الركعتان الأوليان مرددة بين الظهر والعصر والعشاء والاخيرتان مرددتان بين العصر والعشاء والصبح. وان لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بخمس صلوات، فيأئي - في الفرض الاول - بركعتين مرددتين بين الصبح والظهر والعصر. ثم اربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر، ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر والعشاء، ثم أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء. وان كان أول يومه الظهر، فيأتي بركعتين مرددتين بين الظهر والعصر (1)، واربع ركعات مرددة بين الظهر والعصر والعشاء، ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء والصبح، ثم أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء. (مسألة 23): إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الاتيان بالخمس (2) - على الترتيب - وان كان في ] الأولى. ومن ذلك تعرف الوجه فيما ذكره بعد ذلك. (1) كان اللازم ملاحظة العشاء معهما، إذ يمكن أن تكون الفائتتان العشاء والصبح، وعلى ما في المتن لا تصح منه إلا العشاء، كما أنك عرفت - فيما سبق - أنه لا حاجة إلى ملاحظة العشاء في الرباعية الاولى، لا غناء ملاحظتها في الرباعية الثانية. (2) لأنه - كما يحتمل أن تكون مختلفة في العدد، بأن تكون ثنائية وثلاثيه ورباعية - يحتمل أن تكون متفقة فيه، بأن تكون كلها رباعية، فلابد من تثليث الرباعية - مضافا إلى الثنائية والثلاثية - ليحرز الاتيان بثلاث متفقات وثلاث مختلفات.

 

===============

 

( 81 )

 

[ السفر يكفيه أربع صلوات، ركعتان مرددتان بين الصبح والظهر (1) وركعتان مرددتان بين الظهر والعصر، ثم المغرب، ثم ركعتان مرددتان بين العصر والعشاء. وإذا لم يعلم أنه كان حاضرا أو مسافرا يصلي سبع صلوات، ركعتين مرددتين بين الصبح والظهر والعصر (2)، ثم الظهر والعصر تامتين، ثم ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر ثم المغرب، ثم ركعتين مرددتين بين العصر والعشاء ثم العشاء بتمامه. ويعلم - مما ذكرنا - حال مااذا كان أول يومه الظهر (3)، بل وغيرها. ] (1) لأجل أنه يحتمل أن تكون الفوائت كلها ثنائيات، وأنها صبح وظهر وعصر، أو ظهر وعصر وعشاء، يتعين عليه الترديد في كل ركعتين بين صلاتين، فان كانت الفوائت - على النحو الاول - طابقت المحتملات الاول من الترديد، وان كانت - على النحو الثاني - طابقت المحتملات الثواني. (2) لا حاجة إلى ضم العصر في الترديد، لا غناء ضمها إلى الظهر في الثنائية الثانية. ولذا لم يضمه إليه - فيما لو علم أنه مسافر - في الثنائية الاولى ولا فرق إلا في ضم الرباعيات الثلاث، لاحتمال كونه حاضرا. (3) فانه إن كان حاضرا وجب عليه الاتيان بالخمس، لأنه يحتمل أن تكون الفوائت متفقة العدد، ويحتمل أن تكون مختلفة، أؤ أنه يحتمل أن تكون الفوائت الظهر والعصر والمغرب، ويحتمل أن تكون المغرب والعشاء والصبح، فيأتي بالجميع على الترتيب. وان كان مسافرا وجب عليه الاتيان بالخمس - أيضا - لما عرفت، لا يكتفي بالأربع، كما اكتفى بها لو كان أول يومه الصبح. وإن كان لا يعلم أنه حاضر أو مسافر يصلي

 

===============

 

( 82 )

 

[ (مسألة 24): إذا علم أن عليه أربعا من الخمس وجب عليه الاتيان بالخمس - على التريب -، وان كان مسافرا فكذلك قصرا -، وأن لم يدر أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بثمان صلوات، مثل (1) ما إذا علم أن عليه خمسا ولم يدر أنه كان حاضرا أو مسافرا. (مسألة 25): إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة ولا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات (2) ] ثمان صلوات، الخمس المذكورة، ويضم إليها رباعيات ثلاث، إثنتين قبل المغرب، وواحدة بعدها، لأجل احتمال كونه حاضرا. وإن كان أول يومه العصر فان كان حاضرا وجب عليه الاتيان بالخمس وإن كان مسافرا وجب عليه الاتيان بأربع صلوات ثنائية قبل المغرب مرددة بين العصر والعشاء، ثم المغرب، ثم ثنائية مرددة بين العشاء والصبح، ثم ثنائية مرددة بين الصبح والظهر. وان كان لا يعلم أنه مسافر أو حاضر صلى سبع صلوات الأربع المذكورة، ورباعية قبل المغرب، ورباعيتين بعدها. وإن كان أول يومه المغرب. فان كان حاضرا صلى الخمس، وان كان مسافرا صلى المغرب وثلاث ثنائيات بعدها مرددة، أولاها بين العشاء والصبح، وثانيتها بين الصبح والظهر، وثالثتها بين الظهر والعصر، وان كان يعلم أنه حاضر أو مسافر ضم إلى الأربع المذكورة ثلاث رباعيات. وإن كان أول يومه العشاء، فان كان حاضرا صلى الخمس، وان كان مسافرا صلى ثلاث ثنائيات مرددة، ثم صلى المغرب، وان كان لا يعلم أنه حاضر أو مسافر ضم إلى الثنائيات قبل المغرب ثلاث رباعيات أيضا. (1) لعدم الحاجة إلى تكرار الصبح والمغرب. (2) لأن العلم الاجمالي بفوات واحدة من الخمس مع أربع معها يقتضي

 

===============

 

( 83 )

 

[ - على الترتيب -، وان علم أن عليه ستا - كذلك - أتى بعشر وان علم أن عليه سبعا - كذلك - أتى باحدى عشر صلاة. وهكذا. ولا فرق بين أن يبدأ بأي من الخمس شاء، الا أنه يجب عليه الترتيب - على حسب الصلوات الخمس - إلى آخر العدد. والميزان: أن يأتي بخمس ولا يحسب منها إلا واحدة فلو كان عليه أيام أو اشهر أو سنة ولا يدري أول ما فات، إذا أتى بخمس ولم يحسب أربعا منها يتيقن أنه بدأ بأول ما فات. (مسألة 26): إذا علم فوت صلاة معينة - كالصبح أو الظهر مثلا - مرات ولم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الاقوى (1)، ولكن الاحوط التكرار (2) بمقدار ] وجوب الاحتياط بالتسع، لأن الفائتة الاولى إن كانت الاخيرة من الخمس فقد جاء بأربع بعدها، وان كانت ما قبلها فقد جاء بها أيضا، وهكذا الحال في الفروض الأخر. (1) كما مال إليه الأردبيلي وغيره، بل لعله المشهور بين متأخري المتأخرين لقاعدة الشك بعد خروج الوقت. ودعوى: انصرافها عن صورة العلم الاجمالي ولو مع التردد بين الاقل والاكثر. ممنوعة: وهذا هو العمدة، لا أصالة البراءة، لما عرفت من إمكان صحة جريان الاستصحاب لاثبات وجوب القضاء. ولا ظهور حال المسلم، فانه لا دليل على حجيته في المقام. (2) كما عن جماعة من الاعيان الحزم به، بل هو المنسوب إلى الاصحاب، حملا لما في كلامهم - من وجوب القضاء حتى يغلب الظن بالوفاء - على صورة تعسر العلم لا مطلقا. أو كون المراد من غلبة الظن العلم.

 

===============

 

( 84 )

 

[ يحصل منه العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق (1) العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. وكذا لو علم بفوت (2) صلوات ] هذا ولكن لا وجه له ظاهر بعد ما عرفت. واستصحاب اشتغال الذمة بالقضاء لا مجال له، إذ بعد الاتيان بالمقدار المعلوم يشك في وجوب الزائد عليه من أول الأمر. ووجوب الاحتياط - عقلا - في الشبهة المحصورة الوجوبية مختص بصورة تباين الاطراف ولا يعم صورة ترددها بين الأقل والاكثر، لانحلال العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي بوجوب الاقل وشك بدائي في الزائد عليه، والثاني مورد قاعدة الشك بعد خروج الوقت، كما عرفت والاجماع على وجوب الاحتياط - تعبدا - غير ثابت، ولا سيما بملاحظة ظهور كلماتهم في مستند الحكم من الروايات (* 1) الواردة في النوافل - التي لا مجال لحمل الفرائض عليها، والاولوية ممنوعة - ومن قاعدة الاحتياط العقلية التي لا مجال لها في المقام، كما عرفت (1) فقد زعم بعض: وجوب الاحتياط - حينئذ - بالخصوص، لأن النسيان الطارئ مما لا يرفع التكليف المنجز بالعلم به، فكل ما يحتمل من التكليف فهو - على تقدير ثبوته - منجز، ولا مجال للتمسك بالبراءة لنفيه وفيه أن النسيان الطارئ وان كان لا يرفع التكليف المعلوم حين العلم به إلا أنه يرفع العلم به ويجعله مشكوكا فيرتفع تنجزة، لأن العلم منوط به التنجز حدوثا وبقاء، فإذا ارتفع العلم بطروء النسيان فقد ارتفع التنجز، فيكون الشك في المقدار الواجب شكا في التكليف الذي هو مجرى البراءة. مع أنك قد عرفت أن المرجع - في المقام - قاعدة الشك بعد الوقت، لا اصالة البراءة. (2) لا طراد جميع ما تقدم فيه.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 19 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها.

 

===============

 

( 85 )

 

[ مختلفة ولم يعلم مقدارها، لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم، بل - وكذا - في صورة ارادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي. (مسألة 27): لا يجب الفور في القضاء (1) بل هو ] (1) كما هو المحكي عن كثير من الأساطين. لأصالة البراءة، سواء كان واجبا نفسيا مستقلا أم غيريا قيدا في القضاء. وهو واضح على الاول. وكذا على الثاني، بناء على البراءة في الشك في الشرطية. ولا طلاق أدلة القضاء. ودعوى: عدم ورودها في مقام البيان. ممنوعة، إذ لا قرينة عليه، والاصلي يقتضي كونها في ذلك المقام. وكونها لا تنفي وجوب المبادرة - كما قيل - مسلم، إذا كانت المبادرة واجبا مستقلا. لكنها خلاف ظاهر القائلين بها، وخلاف ظاهر أدلتهم على تقدير تماميتها. ولرواية عمار: (عن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر؟ قال (ع): نعم يقضيها بالليل على الارض، فاما على الظهر فلا، ويصلي كما يصلي في الحضر) (* 1). لظهورها في جواز التأخير إلى الليل وعدم وجوب المبادرة إليها في النهار بفعلها على الارض إن أمكن أو عند النزول إن لم يمكن. ولو وجبت المبادرة لوجب التعرض لذلك، فانه أولى من التعرض لوجوب فعلها على الارض تماما، فانه مفهوم من قوله (ع): (يقضيها...)، فذكره بالخصوص تأكيد له، بخلاف التعرض لوجوب المبادرة. ولرواية حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع): (قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه، فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 2.

 

===============

 

( 86 )

 

قال (ع): يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك) (* 1). وظهورها في الفريضة مما لا ينبغي أن ينكر. مع أن ترك الاستفصال كاف في العموم، وقوله: (صلاة ليلته تلك) لا اقتضاء له في صرفه إلى النافلة، إذ غاية اقتضاء اسم الاشارة رفع توهم إرادة صلاة ليلة الماضية من قوله: (صلاة ليلته). ولرواية جابر: (قال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف اقضي؟ قال صلى الله عليه وآله: صل مع كل صلاة مثلها) (* 2). وظهورها في عدم المضايقة ظاهر. واحتمال خصوصية للسائل لا يلتفت إليه، كما يظهر من ملاحظة النظائر. نعم لابد من صرف الأمر عن ظاهره إلى الارشاد إلى بيان طريق يسهل فيه القضاء. ولصحيح ابن مسكان - فيمن نام أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء -: (وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح، ثم المغرب، ثم العشاء الاخرة قبل طلوع الشمس) (* 3). والظاهر أن التقييد - بما قبل طلوع الشمس - استحبابي لدفع محذور الحزازة الحاصلة من الصلاة حال الطلوع، كما يفهم من الخبر الأتي وغيره. ولصحيح أبي بصير - فيمن نام ولم يصل المغرب والعشاء - قال (ع): (وان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر، ثم المغرب، ثم العشاء قبل طلوع الشمس. فان خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب، ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها، ثم ليصلها) (* 4). ودلالتها ظاهرة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 3. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 9.

 

===============

 

( 87 )

 

ولا يقدح في صحة التمسك بها ما في ذيلها من الأمر بتأخير القضاء حتى يذهب الشعاع، لمخالفته للنصوص الكثيرة، بل والاجماع - كما قيل - الموجب حمله على التقية، إذ لا تلازم بين فقرات الرواية في الحجية، كما هو أوضح من أن يخفى. مع أن في الجزم بنفي الكراهة في القضاء إشكالا إذ هو خلاف مقتضى الجمع بين النصوص. ولرواية جميل - المتقدمة في الترتيب بين الفوائت، فيمن تفوته الاولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة -: (يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فانه لا يأمن الموت، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخل، ثم يقضي ما فاته الاول فالاول) (* 1). ولا يقدح في صحة الاستدلال بها ما تضمنته من فوات المغرب بدخول وقت العشاء، لما عرفت مع أنه ليس فيها إلا استعمال الفوت في المغرب، لكن بقرينة قول السائل: (عند العشاء) يتعين حمله على فوت الفضيلة، وقد عرفت سابقا أن المراد من قوله: (يبدأ...) أنه يتعين عليه فعل المغرب أولا ثم يقضي الظهر والعصر. فلا حظ ما تقدم في الترتيب بين الفوائت. ولرواية العيص بن القاسم - فيمن نسي أو نام عن صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى - فقال (ع): (إن كانت صلاة الاولى فليبدأ بها. وان كانت صلاة العصر فليصل العشاء ثم يصلي العصر) (* 2). فان ظاهر الشرطية الثانية - بقرينة السؤال - أنه إذا فاتت العصر ودخل وقت العشاء صلى العشاء ثم صلى العصر، فيثبت به المطلوب، ويكون ضمير (كانت) راجعا إلى الفائتة. ولو كان المراد من ضمير (كانت) هو الحاضرة - كضمير (بها) أيضا - ثم الاستدلال بالشرطية الاولى.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 6 وتقدمت في صفحة: 73. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 6.

 

===============

 

( 88 )

 

وبالجملة: ظاهر الرواية كون إحدى الشرطيتين مسوقة لبيان جواز تأخير القضاء عن الأداء على أي معنى حملت، وإن كان الاقرب حملها على المعنى الثاني، بقرينة الرواية الآتية ونحوها، فيكون وجه الفرق - بين الظهر الحاضرة والعصر الحاضرة، في تأخير الفائتة عن الأولى، وتأخيرها عن الثانية -: أن الظهر بعدها صلاة، والعصر ليس بعدها صلاة. ولرواية ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): (عن رجل نسي المغرب حتى دخل وقت الشعاء الآخرة. قال (ع): يصلي العشاء، ثم يصلي المغرب) (* 1). (وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر. قال (ع): يصلي العشاء، ثم يصلي الفجر) (* 2). وسألته عن رجل نسي الفجر حتى حضرت الظهر. قال (ع): يبدأ بالظهر، ثم يصلي الفجر. كذلك كل صلاة بعدها صلاة) (* 3). ولا يقدح فيها ما سبق من فوات المغرب بدخول وقت العشاء، لما سبق. كما أن الظاهر من ذيلها جواز تأخير القضاء عن الأداء إذا كان بعده صلاة - كالظهر والعشاء - بخلاف الصبح والعصر، كما يستفاد من بعض النصوص أيضا. ولخبر اسحاق بن عمار - الذي رواه الصدوق والشيخ (ره) -: (قلت لأبي عبد الله (ع): تقام الصلاة وقد صليت، فقال (ع): - صل واجعلها لما فات) (* 4). وحملها على صورة نسيان القضاء بعيد، كحملها على محتمل الفوت. نعم لابد من حمل الامر على الاستحباب. ويمكن كون ظهور السؤال في السؤال عن طريق مشروعية الجماعة حينئذ

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث 7. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 9. (* 4) الوسائل باب: 55 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 89 )

 

قرينة عليه، إذ يكون الامر واردا مورد توهم المنع. ولما أرسله الواسطي عن الصادق (ع): (من كان في صلاة ثم ذكر صلاة أخرى فاتته أتم التي هو فيها ثم قضى ما فاتته) (* 1). وقد يؤيد هذه النصوص بما عن أصل الحلبي (* 2) الذي هو مضمون رواية أبي بصير (* 3) وبما عن الجعفي: (والصلوات الفائتات تقضى ما لم يدخل عليه وقت صلاة، فإذا دخل وقت صلاة بدأ بالتي دخل وقتها وقضى الفائتة متى أحب) (* 4). وقد يستدل للمضايقة باصالة الاحتياط التي لا مجرى لها في المقام. وبدلالة الامر بالقضاء على الفور المحقق في محله عدمها. وبقوله تعالى. (وأقم الصلاة لذكري...) (* 5) الذي هو غير ظاهر الدلالة، ولا سيما بملاحظة كون الخطاب لموسى (ع). وثبوت الفوت في حق مثله محل الاشكال. ولذا ذكر في تفسيرها معان كثيرة كلها أجنبية عما نحن فيه. والاقرب: أن المراد منها إقامة الصلاة لاجل الذكر لله سبحانه والتوجه إليه والاقبال عليه وبما ورد في تفسير الاية الشريفة، كصحيحة زرارة الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله عن صلاة الصبح - وفيها -: قوله (ع): (من نسى شيئا من الصلوات فليصلها إذا ذكرها، إن الله تعالى يقول: وأقم الصلاة لذكري) (* 6). وقريب منها النبوي (* 7). وكرواية زرارة عن أبي جعفر (ع): (إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى،

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 10. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 5. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 8. (* 4) راجع الجواهر ج: 13 صفحة: 49 طبع النجف الأشرف. (* 5) طه: 14. (* 6) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 6. (* 7) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 11، 12.

 

===============

 

( 90 )

 

فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي فاتتك كنت من الاخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك، فان الله عزوجل يقول: وأقم الصلاة لذكري) (* 1). لكن الصحيحة مشتملة على ارتحال النبي (ص) عن مقامه وتقديم النافلة وذلك مناف للفورية. إلا أن يدعى: أن ذلك مما له دخل في مصلحة الصلاة، فلا ينافي الفورية المدعاة - كسائر مستحباتها - وإنما المنافي لها ما هو أجنبي عنها بالمرة. فالعمدة - إذا - في الاشكال عليها: ان قوله (ع): (إذا ذكرها) يمتنع أن يكون توقيتا بحدوث الذكر، إذ لا وقت للقضاء. ولا شرطا لوجوبه، فان السبب التام فيه نفس الفوت والمصلحة المبعضة - كما عرفت - ولا دخل للذكر فيها. ولذا يجب القضاء مع الغفلة عنه. فلا بد أن يحمل على كونه شرطا لفعليته وتنجزه، نظير قولك. (يقضي النائم إذا استيقظ والغافل إذا التفت). وحمله على الفورية - بالمعنى الذي يقول به اهل المضايقة - خلاف الظاهر جدا، بل العبارة الظاهرة فيه أن يقال: (يقضي أو ل ما يذكر، فان ترك فليض أولا فأولا). وأين هذا من العبارة المذكورة في الرواية. وأما الرواية الثانية فليس فيها إلا الأمر بالبدأة، وذلك إنما يقتضي الترتيب - الذي يأتتي الكلام فيه - لا المضايقة والفورية. ومن ذلك يظهر الاشكال في النبوي. - وكأن تطبيق الآية الشريفة في المقام بلحاظ تشريع أصل القضاء، يعني: إذا كانت الغاية من الامر باقامة الصلاة هو الذكر لم يفرق بين أدائها وقضائها، فكما يجب الاول يجب الثاني - وفيما عن السرائر من الخبر المجمع عليه: (من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكره) (* 2). وفي رواية نعمان الرازي: (سألت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث 2. (* 2) راجع السرائر اوائل باب صلاة الكسوف، والجواهر ج: 13 صفحة: 84 طبع =

 

===============

 

( 91 )

 

ابا عبد الله (ع) عن رجل فاته شئ من الصلاة فذكرها عند طلوع الشمس وعند غروبها. قال (ع): فليصلها حين ذكره) * 1). إذ في جميعها يجري ما عرفت. وبرواية يعقوب بن شعيب. (عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزع الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس؟ قال (ع): يصلي حين يستيقظ) (* 2). ونحوها غيرها. وفيه: أنها مسوقة لبيان عدم المانع من القضاء في الاوقات المذكورة، فالجملة - أعني: قوله (ع) (يصلي حين يستيقظ) - وارد مورد الرخصة. بصحيحة أبي ولاد - فيمن رجع عن قصد السفر بعد ما صلى قصرا - وفيها: (إن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك) (* 3). وفية: - مع أنها غير دالة على المضايقة، وأنها لم يعرف قائل بها - أنها معارضة بما دل على الاجتزاء بالصلاة قصرا، الموجب ذلك لحملها على الاستحباب أو طرحها، فلا تصلح حجة في المقام. وبصحيحة زرارة: (عن رجل صلى بغير طهور، أو نسي صلاة لم يصلها، أو نام عنها، فقال (ع): يقضيها إذا ذكرها، في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار، فإذا دخل وقت الصلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض =

 

 

____________

النجف الاشرف. واخرجه المعلق في تعليقه على الجواهر من سنن البيهقي ج: 3 صفحة: 219 ولكنا - بعد المراجعة - لم نعثر فيه إلا على ما يوافق ما وراه في كنز العمال ج: 4 صفحة: 116 حديث: 2483: (من نسى صلاة فوقتها إذا ذكرها). (* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب المواقيت حديث: 16. (* 2) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1.

 

===============

 

( 92 )

 

[ موسع ما دام العمر إذا لم ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به (1). (مسألة 28): لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة (2)، ] ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قذ حضرت، وهذه أحق بوقتها فليصلها، فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى. ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها) (* 1). وفيه: أن الاستدلال إن كان بالفقرة الاولى فقد عرفت حال أمثالها. وقوله (ع): (في أي ساعة...) وارد لبيان عدم اعتبار المطابقة بين الأداء والقضاء في الزمان، لا لبيان وجوب المبادرة في أول الازمنة. وان كان بالفقرة الثانية فهو مبني على عدم كون المورد مورد توهم الحظر. لكن الظاهر ذلك، لكون الحاضرة صاحبة الوقت ولا تشاركها فيه الفائتة. ولا ينافيه قوله (ع): (وهذه أحق بوقتها). بتوهم. أنه لو كان المورد كذلك لم يكن حاجة لذكره. وجه عدم المنافاة: أن ذلك ذكر بعد الحكم بمشروعية فعل الفائتة الموهم لانتفاء الأحقية للحاضرة. فتأمل جيدا. وان كان بالفقرة الثالثة فهي أجنبية عن المضايقة بالمرة. وإنما تدل على بطلان النافلة لمن عليه فائتة، والملازم لاعتبار الترتيب بينهما. هذا ولو سلم دلالة الصحيحة على المضايقة أمكن الخروج عن ظاهرها بما سبق من أدلة المواسعة فتحمل على الاستحباب. ومن ذلك يظهر لك حال بعض النصوص المستدل بها على المضايقة التي هي من قبيل ما سبق. فلا حظ وتأمل والله سبحانه أعلم. (1) كما لو ظن العجز على تقدير التأخير. فتأمل. (2) كما هو المعروف بين القائلين بالمواسعة. لا صالة عدم اشتراط

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب قضاء الصلوات حديث: 3.

 

===============

 

( 93 )

 

الترتب على الفائتة في الحاضرة، بناء على جريان البراءة عند الشك في الشرطية، كما هو المحقق في محله. ولكثير من النصوص المتقدمه دليلا على المواسعه. وقيل باعتبار الترتيب، كما هو المعروف بين القائلين بالمضايقة. ويستدل له باصالة الاحتياط - الجارية عند الشك في شرطية شئ للواجب - التي قد عرفت منعها. وبجملة من النصوص: منها: ما تقدم في أدلة القول بالمضايقة. ومنها: الصحيح الطويل لزرارة - الآمر بفعل الفائتة قبل الحاضرة، وبالعدول منها إليها لو ذكرها في الاثناء - الذي رواه عن أبي جعفر (ع): (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ باولاهن فاذن لها وأقم ثم صلها، ثم صل ما بعدها باقامة اقامة لكل صلاة. وقال: قال أبو جعفر (ع): وان كنت قد صليت الظهر - وقد فاتتك الغداة فذكرتها - فصل الغداة أي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر. ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها. وقال (ع): إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها - وأنت في الصلاة أو بعد فراغك - فانوها الاولى ثم صل العصر، فانما هي أربع مكان أربع وان ذكرت أنك لم تصل الاولى - وأنت في صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين - فانوها الاولى ثم صل الركعتين الباقيتين، وقم فصل العصر. وان كنت ذكرت أنك لم تصل العصر حت دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر، ثم قم فاتمها ركعتين، ثم تسلم ثم تصلي المغرب، فان كنت قد صليت العشاء الاخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب. وان كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الاخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم، ثم قم فصل العشاء الاخرة، فان كنت قد نسيت العشاء الاخرة حتى صليت الفجر

 

===============

 

( 94 )

 

فصل العشاء الاخرة، وان كنت ذكرتها وأنت في الركعة الاولى أو في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة وأذن وأقم، وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة، ابدأ بالمغرب ثم العشاء. فان خشيت أن تفوتك الغداة - إن بدأت بهما - فابدأ بالمغرب ثم الغداة، ثم صل العشاء. وان خشيت أن تفوتك الغداة - إن بدأت بالمغرب - فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء، إبدأ باولاهما، لانهما جميعا قضاء، أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس. قلت: ولم ذلك؟ قال (ع): لأنك لست تخاف فوتها) (* 1). وفيه: مع اشتماله على ما يشعر أو يظهر في عدم لزوم الترتيب، مثل قوله (ع): (ولم تخف فوتها فصل العصر)، حيث أن الظاهر من الفوت فيه فوت وقت الفضيلة، بقرينة عدم تعرضه لصورة فعل المغرب مع كون الغالب فعلها في اوائل الوقت. واشتماله على ما لا يقول به أحد من العدول بعد الفراغ. وعلى ما هو ظاهر في المواسعة الملازمة لعدم الترتيب، لعدم القول بالفصل - كما ادعي - مثل قوله (ع): (فلا تصلهما الا...) - أنه يمكن دعوى: كون الامر واردا مورد توهم الحضر، لا متناع العدول في الاثناء ارتكازا، لمخالفته للقواعد العامة. ولأولوية فعل الحاضرة في وقتها. ومنها: صحيح صفوا عن أبي الحسن (ع): (عن رجل نسي الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر. فقال: كان أبو جعفر (ع) أو كان أبي (ع) يقول: إن امكنه أن يصليها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب ثم صلاها) (* 2). وفيه: أن ظهوره في كون المراد

 

 

____________

(* 1) السائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 62 من أبواب المواقيت حديث: 7.

 

===============

 

( 95 )

 

من فوات المغرب فوات الفضيلة واضح. ومنها: خبر أبي بصير: (عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر. قال (ع): يبدأ بالظهر. وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت، إلا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة، فتبدأ بالتي أنت في وقتها) (* 1). وفيه: أن الظاهر منه تعدد وقت الظهرين والعشاءين - كما قيل - ولا نقول به. وحمله على دخول وقت الفضيلة، يوجب كون المراد من وقت الصلاة الذي يخاف فوته - هو وقت الفضيلة، ومقتضاه وجوب البدء بالحاضرة عند خوف فوت فضيلتها، وهو أجنبي عن القول بالترتيب. مع أنك قد عرفت أن الامر بالبدأة يمكن أن يكون في مورد توهم الحضر، كالامر في رواية البصري: (عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى، فقال (ع): إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلاها حين يذكرها، فإذا ذكرها وهو في صلاة بدأ بالتي نسي. وان ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب ثم صلى العتمة) (* 2). وكذا في رواية معمر بن يحيى (* 3). نعم لا مجال لاحتماله في رواية زرارة المتقدمة (* 4) في تفسير قوله تعالى: (وأقم الصلاة لذكرى...) لكن الجواب عنها وعما تقدم - على تقدير عدم تمامية المناقشة فيها -: معارضتها بما تقدم في أدلة المواسعة، فانها صريحة في جواز فعل الحاضرة قبل الفائتة، وفي عدم جواز العدول منها إليها. والجمع العرفي يقتضي الحمل على الاستحباب. أو حمل الأمر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب المواقيت حديث: 8. (* 2) الوسائل باب 63 من ابواب المواقيت حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب القبلة حديث: 5. (* 4) راجع المسألة: 27 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 96 )

 

[ فيجوز الاشتغال بالحاضرة - في سعة الوقت - لمن عليه قضاء وإن كان الأحوط تقديمها عليها، خصوصا في فائتة (1) ] على الجواز أو غير ذلك. ولو فرض تعذر الجمع العرفي فالترجيح لتلك النصوص، لموافقتها لا طلاق أدلة القضاء ومخالفتها للعامة - كما قيل - بل قيل: إنها أصح سندا وأكثر عددا، ولو فرض التساوي جاز اختيار الاول فتكون هي الحجة، فلا مجال لدعوى وجوب الترتيب. (1) ففي المختلف: (إنه إن ذكر الفائتة في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة إذا لم يتضيق وقت الحاضرة، سواء اتحدت أم تعددت. وان لم يذكرها حتى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها...). واستدل على ذلك بصحيح صفوان - المتقدم - (* 1) الذي قد عرفت أنه على نفي الترتيب أدل. وبصحيح زرارة - الطويل - الذي قد عرفت الاشكال في دلالة الفقرة المتعرضة لفوات العصر وذكرها عند المغرب. مع أن دلالة ذيله على وجوب الترتيب في فائتة اليوم السابق أتم. وقد اعترف بذلك، لكنه أجاب عنه: بوجوب الخروج عن ظهور الذيل بالدليل، مؤيدا به: ما دل على نفي الترتيب في فائتة اليوم السابق، مما أطال في تفصيله وبيانه. واكثره مشترك بين فائتة اليوم الحاضر والسابق. وقد تقدم في نصوص المواسعة ما هو نص في نفي الترتيب في. فائتة اليوم الحاضر، كرواية جميل (* 2) ورواية ابن جعفر (ع) (* 3). بل ومحتمل رواية العيص (* 4). هذا ومقتضى فرض تعدد الفائتة، والاستدلال بالصحيحين، وتعرضه للاشكال ودفعه. أن المراد من اليوم ما يعم الليلة اللاحقة.

 

 

____________

(* 1) راجع التعليقة السابقة. (* 2)، (* 3)، (* 4) تقدمت الروايات المذكورة في المسألة: 27 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 97 )

 

[ ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول (1) منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول. (مسألة 29): إذا كانت عليه فوائت أيام، وفاتت منه صلاة ذلك اليوم - أيضا - ولم يتمكن من اتيان جميعها ] ثم إن في المسألة أقوالا أخرى: منها: وجوب الترتيب في المتحدة دون غيرها. ومنها: وجوب الترتيب في المتحدة في يوم الذكر دون غيرها. ومنها: وجوب الترتيب في الفائتة نسيانا، دون غيرها. ومنها: وجوب الترتيب في معلومة العدد دون غيرها. وربما يحكى غير ذلك. وضعف الجميع - مما ذكر - ظاهر بعد التأمل. (1) بناء على كون الجمع - بين نصوص الأمر بالعدول ونصوص نفي الترتيب. بحمل الأمر على الاستحباب. وقيل: باستحباب تقديم الحاضرة حملا للامر على الجواز. وقيل: بالتفصيل بين صورة ضيق وقت فضيلة الحاضرة فالثاني وغيرها فالاول. والوجه فيه: صحيح زرارة الطويل، الآمر بتقديم المغرب عند خوف فوت وقتها على العصر المنسية، بناء على كون الظاهر من الوقت وقت الفضيلة. ومثله: صحيح صفوان، المعتضدان بما دل على تأكد فعل الحاضرة في الوقت المذكور حتى ذهب بعض إلى تعينه، وفي غيره يرجع إلى أوامر العدول. أقول: مرسلة الوشا عن جميل (* 1) صريحة في رجحان تقديم الحاضرة بملاحظة التعليل في ذيلها. ولعل من أجلها يتعين حمل الأمر بالعدول على الجواز، ولو سلم انه بعيد في نفسه. ويمكن حينئذ حمل الخبرين على تأكد الفضل. اللهم الا أن لا يكون ذلك من الجميع العرفي، فيتعين سقوط المرسل لعدم صلاحيته لمعارضة الصحيحين، ولا بد من التأمل.

 

 

____________

(* 1) المراد رواية جميل المتقدمة في المسألة: 27 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 98 )

 

[ أو لم يكن بانيا على إتيانها فالاحوط - استحبابا (1) أن يأتي بفائتة اليوم قبل الادائية، ولكن لا يكتفي بها بل بعد الاتيان بالفوائت يعيدها أيضا - مرتبة عليها. (مسألة 30): إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت يستحب له (2) تحصيل التفريغ باتيانها احتياطا (3). وكذا لو احتمل خللا فيها، وإن علم باتيانها. (مسألة 31): يجوز لمن عليه القضاء الاتيان بالنوافل ] (1) لاحتمال وجوب تقديم فائتة اليوم تقديم فائتة اليوم، وعدم وجوب الترتيب بينها وبين الفوائت السابقة عليها فواتا، حيث لا يمكن تقديم الجميع على الحاضرة لكن هذا الاحتمال في غاية من الوهن والسقوط، ولا سيما في فرض امكان الاتيان بها جميعا، فان مقتضى ما دل على اعتبار الترتيب بين الفوائت بطلان فائتة اليوم لو اقتصر عليه، فالاحتياط إنما يكون بالتأخير إلى ضيق وقت الحاضرة. (2) كما هو المشهور بين المتأخرين. وعن الذكرى: إن للبحث فيه مجالا. وذكر أمورا لا تصلح للشك فيه، مثل ما دل على نفي العسر (* 1) والحرج (* 2). وأنه صلى الله عليه وآله بعث بالحنفية السمحة (* 3). وأنه ما أعاد الصلاة فقيه (* 4). ثم إنه - رحمه الله - قرب الاول لأنه من الاحتياط المشروع، وادعى إجماع شيعة عصره وما راهقه عليه. (3) بيان لوجه الاستحباب

 

 

____________

(* 1) البقرة: 185. (* 2) الحج: 78. (* 3) كنز العمال ج: 6 حديث: 1721 صفحة: 111. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 99 )

 

[ على الاقوى (1) كما يجوز الاتيان بها - بعد دخول الوقت - قبل إتيان الفريضة، كما مر سابقا (2). (مسألة 32): لا يجوز الاستنابة (3) في قضاء الفوائت مادام حيا وان كان عاجزا عن اتيانها أصلا. ] (1) قيل: لعله ظاهر الاكثر. ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن رجل نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس، فقال (ع): يصلي ركعتين ثم يصلي؟ الغداة) (* 1). وما دل على افتتاح القضاء بركعتين تطوعا (* 2). ورواية حربز عن زرارة المتقدمة في أخبار المواسعة (* 3)، وأخبار رقود النبي صلى الله عليه وآله (* 4) المتضمنة أنه تنفل قيل القضاء. ولا سيما صحيح زرارة (* 5) المشتمل على قصة الحكم بن عتيبة، المعلل بفوات الوقت. وردها من جهة النوم لا ينافي قبولها فيما نحن فيه. وبذلك يخرج عن ظاهر صحيح زرارة المتقدم (* 6) في نصوص المضايقة وغيره. وقد تقدم الكلام في ذلك في المواقيت. فراجع. (2) ومر وجهه (* 7) من موثق سماعة (* 8) وغيره. (3) لظهور الأدلة في لزوم المباشرة على نحو لا تدخلها النيابة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 5. (* 3) تقدمت في المسألة السابعة والعشرين من هذا الفصل (* 4) الوسائل باب 61 من ابواب المواقيت حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 61 من ابواب المواقيت حديث: 6. (* 6) راجع اواخر المسألة: 27 من هذا الفصل. (* 7) راجع الجزء السادس من هذا الشرح المسألة: 16 من فصل اوقات الرواتب. (* 8) الوسائل باب: 35 من ابواب المواقيت حديث: 1.

 

===============

 

( 100 )

 

[ (مسألة 33): يجوز اتيان القضاء جماعة، سواء كان الامام قاضيا أيضا أو مؤديا (1)، بل يستحب ذلك. ولا يجب اتحاد صلاة الامام والمأموم، بل يجوز الاقتداء من كل من الخمس بكل منها. (مسألة 34): الاحوط لذوي الاعذار (2) تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، إلا إذا علم بعدم ارتفاعه (3) ] والظاهر أن ذلك مما لا اشكال فيه، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في كتاب الوكالة. وعن ظاهر جامع المقاصد: الاطباق عليه. نعم ورد في بعض النصوص: جواز النيابة عن الحي في الحج (* 1) والصوم المنذور (* 2) عند عدم التمكن منهما. ومن الاول: ركعتا الطواف. (1) بناء على إطلاق أدلة الجماعة. وخصوص بعض النصوص، مثل خبر إسحاق: (تقام الصلاة وقد صليت. قال (ع): صلها واجعلها لما فات) (* 3). ورواية البصري في ناسي العصر: (وان ذكرها مع امام أتمها بركعة ثم صلى المغرب) (* 4). والأخبار الواردة في رقود النبي صلى الله عليه وآله. فتأمل. (2) لعدم الاطلاق في أدلة الابدال الاضطرارية، سواء كان قاعدة الميسور. أم الاخبار الخاصة الواردة في البدلية، لورودها مورد ثبوت البدلية في الجملة. فاطلاق دليل تعين التام بحاله. (3) لثبوت البدلية بدليلها. واحتمال لزوم التأخير تعبدا إلى آخر الوقت ساقط قطعا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب وجوب الحج وشرائطه. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب النذر حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 55 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 4) لاحظ اواخر التعليقة الاولى على المسألة: 28 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 101 )

 

[ إلى آخر العمر، أو خاف مفاجأة (1) الموت. (مسألة 35): يستحب تمرين المميز (2) من الاطفال على قضاء ما فات منه من الصلاة، كما يستحب تمرينه على أدائها سواء الفرائض والنوافل، بل يستحب تمرينه (3) على كل عبادة. والاقوى مشروعية عباداته (4). ] (1) لكن في الاجزاء - لو انكشف ارتفاع العذر وإمكان القضاء على الوجه التام إشكال، لعدم الدليل على صحة المأتي به حينئذ، وإنما الموجب للمبادرة حكم العقل من باب الاحتياط، وهو لا يقتضي الاجزاء، كما حرر في محله - وبهذا افترق هذا الوجه عما قبله. (2) بلا خلاف ولا إشكال ظاهر. للنصوص الآمرة به المتجاوزة حد الاستفاضة. وقد عقد لها - في الوسائل بابا في أوائل الصلاة (* 1). فراجعه. واطلاقها يقتضى عدم الفرق بين الاداء والقضاء والفرائض والنوافل. (3) كما يستفاد مما ورد - في بعض نصوص الأمر بالصوم -: من التعليل بالتعود (* 2)، وما ورد فيه: من أنه تأديب (* 3). (4) لاطلاق أدلة التشريع الشامل للبالغ والصغير. وحديث رفع القلم (* 4) إنما يرفع الالزام، لأنه الذي في رفعه الامتنان، ولا يصلح لرفع الرجحان والمشروعية. ومنه يظهر: أنها تجزئ عن الواجب لو بلغ بعد الفعل قبل خروج الوقت،. وكذا لو بلغ في أثناء العمل. وقيل: بعدم المشروعية له أصلا، لعدم الدليل عليه غير أدلة استحباب

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 3، 4 من ابواب اعداد الفرائض ونوافلها. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 11.

 

===============

 

( 102 )

 

[ (مسألة 36): يجب على الولي منع الاطفال عن كل ما فيه ضرر (1) عليهم أو على غيرهم من الناس، وعن كل ما علم (2) من الشرع إرادة عدم وجوده في الخارج لما فيه من الفساد، كالزنا واللواط والغيبة، بل والغناء على الظاهر. وكذا عن أكل الاعيان النجسة وشربها مما فيه ضرر عليهم (3) وأما المتنجسة فلا يجب منعهم عنها (4)، بل حرمة مناولتها لهم غير معلومة (5). وأما لبس الحرير والذهب ونحوهما - مما ] تمرينه عليه، وهي إنما تقتضي الاستحباب بالنسبة إلى الولي لا غير. وقيل: بمشروعيتها للطفل بعنوان التمرن على العبادة، فلا مصلحة فيها إلا من حيث التمرن، فيستحق عليها الثواب لذلك. لكن عرفت حقيقة الحال. (1) فانه مقتضى ولايته عليهم. (2) إذ هو مقتضى العلم المذكور. (3) إن كان المقصود تقييد المنع بصورة حصول الضرر. بحيث لا منع مع عدمه، فالوجه في المنع - معه - ما عرفت. وفي عدم المنع - بدونه - هو الاصل، لعدم الدليل على المنع، وان كان ظاهر المحقق الأردبيلي المفروغية عن المنع حيث قال - في محكي كلامه - في المقام: (والناس مكلفون باجراء أحكام المكلفين عليهم). لكن في ثبوت ذلك التكليف على الولي - فضلا عن ثبوته على الناس مطلقا - نظر. وان كان المقصود أن الاكل للاعيان النجسة وشربها ضرر فالدليل عليه غير ظاهر. والنجاسة أعم من الضرر، والا لم يكن وجه للفرق بين النجس والمتنجس. (4) للأصل، بل قد تساعده السيرة. (5) إذ غاية ما يمكن أن يستدل به عليها: الأمر باراقة الماء (* 1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب الماء المطلق حديث: 2، 4.

 

===============

 

( 103 )

 

[ يحرم على البالغين - فالاقوى عدم وجوب (1) منع المميزين منها، فضلا عن غيرهم. بل لا بأس بالباسهم إياها، وان كان الاولى تركه، بل منعهم عن لبسها. ] والمرق المتنجسين (* 1) الظاهر في عدم المنفعة لهما. ولو جازت مناولة المتنجس للاطفال لكان لهما منفعة معتد بها عرفا، لكثرة الابتلاء بالاطفال بل ربما كانوا أكثر العيال. وعدم التعرض للطفل في مثل رواية زكريا بن آدم - الورادة في القدر الذي فيه لحم كثير ومرق كثير قد وقع فيه قطرة خمر أو نبيذ - حيث قال (ع): (يهراق المرق، أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب) (* 2). فانه شاهد بالحرمة، إذ لو جازت مناولته للطفل لكان أولى بالذكر. لكن يمكن أن يكون تنجيس الطفل - من جهة كونه مظنة سراية النجاسة - مانعا من صدق المنفعة المعتد بها، فلا يلزم من اراقته تبذير. ولو سلم فجواز الاراقة أعم من حرمة المناولة. وعموم حرمة التبذير ليس حجة في عكس نقيضه. ولعله - لما ذكرنا أولا أو لكراهة المناولة - لم يذكر الطفل في عداد من تجوز مناولته. وقد تقدم في أحكام النجاسات (* 3) ما له نفع في المقام. فراجع. (1) للأصل، بعد اختصاص اكثر أدلة المنع لو لم يكن كلها بالرجال فلا مجال لتوهم وجوب المنع. ومن ذلك يظهر أنه لا مانع من جواز إلباسهم إياها. وقد تقدم الكلام في ذلك في لباس المصلي (* 4)، والله سبحانه اعلم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب الماء المضاف حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 38 من ابواب النجاسات حديث: 8. (* 3) راجع المسألة: 10 من فصل ماء البئر، والمسألة: 32، 33 من فصل احكام النجاسات ج: 1 من هذا الشرح. (* 4) راجع الجزء السادس من هذا الشرح المسألة: 11 من فصل شرائط لباس المصلي