فصل في قواطع السفر موضوعا أو حكما

{ فصل في قواطع السفر موضوعا أو حكما وهي أمور: أحدها: الوطن، فان المرور عليه قاطع للسفر، وموجب للتمام (1) مادام فيه، أو في ما دون حد الترخص منه (2). } مسافة، وجب التقصير فيه، دون ما كان دون حد الترخص. وإن لم يكن مسافة إلا بضميمة القوس الكائن دون حد الترخص لم يجب التقصير في شئ منهما، سواء أكان القوس الواقع فوق حد الترخص قبل ماكان دونه، أم بعده. أقول: إذا كان عموم أدلة الترخص للمسافر شاملا للمسافر في المسافة الدورية، فاللازم الجزم بالترخص في القوس الواقع فوق جد الترخص. وإن لم يكن مسافة، لما سبق: من أن المسافة المعتبرة في الترخص ما كانت من البلد، وهي موجودة في الفرض، لامن حد الترخص. والله سبحانه أعلم. فصل في قواطع السفر موضوعا أو حكما (1) بلا خلاف ولا إشكال فيه، في الجملة، بل لعله من الضروريات لاختصاص أدلة القصر بغيره، واستفاضة النصوص بالاتمام فيه، كما ستأتي الاشارة إليها. نعم تقدم في بعض النصوص: وجوب التمام ما لم يدخل منزله. وقد عرفت: أنه لا مجال للعمل به. (2) كما تقدم الكلام فيه  .

 

===============

 

( 104 )

 

{ ويحتاج في العود الى القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة (1)، ولو ملفقة، مع التجاوز عن حد الترخص (2). والمراد به المكا الذي اتخذه مسكنا ومقرا له دائما (3)، بلدا كان أو قرية } (1) لاعتبار كون المسافة في خارج الوطن. (2) كما سبق. (3) فان تحقق هذا المعنى كاف في صدق الوطن عرفا، الموجب لصدق الحاضر، المقابل للمسافر، المأخوذ في موضوع أدلة التقصير، فيبقى داخلا تحت أدلة التمام. مضافا الى النصوص الخاصة الدالة على وجوب التمام في الوطن، كصحيح الحلبي (* 1) عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يسافر، فيمر بالمنزل له في الطريق، يتم الصلاة أو يقصر؟ قال (ع): يقصر. إنما هو المنزل الذي توطنه " (* 2) وصحيح علي بن يقطين: " قلت لابي الحسن (ع): إن لي ضياعا ومنازل بين القرية والقرية، الفرسخ والفرسخان والثلاثة، فقال (ع): كل منزل من منازلك لاتستوطنه فعليك فيه التقصير " (* 3) وصحيحة الآخر: " كل منزل لاتستوطنه فليس لك بمنزل، وليس لك أن تتم فيه " (* 4) وصحيح سعد بن أبي خلف: " سأل علي بن يقطين أبا الحسن (ع) عن الدار تكون للرجل بمصر، أو الضيعة فيمر بها. قال (ع): إن كان مما قد سكنه أتم فيه الصلاة وإن كان مما لم يسكنه فليقصر ". (* 5)

 

 

____________

(* 1) كذا في الجواهر. لكن في الوسائل: روى المتن المذكور عن حماد بن عثمان. " منه قدس سره ". قلت: ونحوه في الاستبصار ج 1 صحفة 230 طبع النجف الاشرف وأما التهذيب فهو موافق لما في الجواهر. راجع التهذيب ج 3 صفحة 212 طبع النجف الاشرف. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 10. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 9.

 

===============

 

( 105 )

 

{ أو غيرهما سواء كان مسكنا لابيه وأمه ومسقط رأسه، أو غيره مما استجده. ولا يعتبر فيه - بعد الاتخاذ المزبور - حصول ملك له فيه (1). نعم يعتبر فيه الاقامة فيه بمقدار يصدق عليه عرفا أنه وطنه (2). والظاهر أن الصدق المذكور يختلف } وبالجملة: لا ينبغي التأمل في وجوب التمام بالوطن بالمعنى المذكور. وذكر غير واحد الخلاف في معنى الوطن، وإنهاء الاقوال فيه إلى ثمانية أو اكثر، لا تنافي الاتفاق الذي ادعاه بعض عليه، ولا ما في كلام بعض من نفي الاشكال فيه، فان ذلك الخلاف راجع إلى الخلاف في ثبوت الوطن الشرعي وقيود ثبوته، لافي ثبوت التمام للوطن العرفي. نعم قد يتراءى - مما في الشرائع وغيرها: " من أن الوطن هو كل موضع له فيه ملك قد استوطنه... " - الخلاف في ثبوت الوطن العرفي، في قبال الوطن الشرعي، وجريان حكم التمام عليه. ولكنه مما لا ينبغي، فان كثيرا من المتوطنين لاملك لهم في أوطانهم فضلا عن أن يكون الملك وطنا لهم والالتزام بوجوب القصر عليهم غريب، بل لعله خلاف الضروري. بل الظاهر - بقرينة كون موضوع كلامهم المسافر الخارج عن وطنه - أن مرادهم ثبوت الوطن الشرعي وتحديده، في قبال الوطن العرفي. وكذا الحال في صحيح ابن بزيع الآتي، فانه - على تقدير تمامية دلالته على ثبوت الوطن الشرعي - ليس في مقام حصر الوطن به، بل في مقام مجرد بيان ثبوته، إذ لا إطلاق له يقتضي شرح مطلق الوطن - المأخوذ موضوعا للتمام - بذلك. فلاحظه سؤالا وجوابا. (1) بلا خلاف نصا وفتوى - كما في الرياض - أو بلا خلاف صريح - كما في الجواهر - لاطلاق الادلة. (2) لا يبعد الاكتفاء بمجرد النية، كما عن بغية الطالب للشيخ الاكبر وفي الجواهر: " لا يخلو من قوة ".

 

===============

 

( 106 )

 

{ بحسب الاشخاص والخصوصيات، فربما يصدق بالاقامة فيه - بعد القصد المزبور - شهرا أو أقل. فلا يشترط الاقامة ستة أشهر (1)، وإن كان أحوط، فقبله يجمع بين القصر والتمام، إذا لم ينو إقامة عشرة أيام. (مسألة 1): إذا أعرض عن وطنه الاصلي أو المستجد وتوطن في غيره، فان لم يكن له فيه ملك أصلا، أو كان ولم يكن قابلا للسكنى، كما إذا كان له فيه نخلة أو نحوها، أو كان قابلا له، ولكن لم يسكن فيه ستة أشهر، بقصد التوطن الابدي، يزول عنه حكم الوطنية، فلا يوجب المرور عليه قطع حكم السفر (2). وأما إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه } (1) لتحقق الصدق بدونها. وما عن الذكرى: من أن الاقرب الاشتراط ليتحقق الاستيطان الشرعي مع العرفي، غير ظاهر، إذ لا ملزم بتحقق أحدهما مع الآخر. ومثله: ماعن المدارك: من أنه غير بعيد، لان الاستيطان على هذا الوجه إذا كان معتبرا مع الملك فمع عدمه أولى. إذ فيه: أنه لا مجال للاولوية. واعتباره مع الملك في الشرعي للدليل، لا يلازم اعتباره مع عدمه في العرفي، كما هو ظاهر. (2) أما مع انتفاء الملك فلا طلاق أدلة القصر، مع عدم ما يوجب الخروج عنها، لاختصاص النصوص الدالة على التمام في الملك والضيعة بصورة وجود الملك. وكذا صحيح بن بزيع. وأما إذا كان ولم يكن قابلا للسكنى فيدل على التمام فيه: موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يخرج في سفر، فيمر بقرية له أو دار، فينزل فيها. قال (ع): يتم الصلاة ولو لم يكن له إلا نخلة واحدة لا يقصر. وليصم إذا حضره الصوم " (* 1)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 5.

 

===============

 

( 107 )

 

وعن المحقق والعلامة ومن تأخر عنهما: الجزم به إذا أقام هناك ستة أشهر، جمعا بينه وبين صحيح ابن بزيع الآتي. وفيه: إنه لو أمكن الجمع بينهما بذلك فهو موقوف على ظهور الصحيح في الوطن الشرعي، وسيأتي ما فيه. وإلا كان الموثق المزبور معارضا به، وبمادل على اختصاص التمام بالوطن، فيجب حينئذ طرحه لمرجوحيته من وجوه. مضافا الى عدم ظهور العمل به على إطلاقه. وأما إذا كان قابلا للسكنى ولم يسكن فيه ستة أشهر، فيدل على وجوب التمام فيه مادل على وجوبه في الملك والضيعة، كما في صحيح اسماعيل ابن الفضل، من قول الصادق (ع): " إن نزلت قراك وضيعتك (* 1) فأتم الصلاة " (* 2) وما في صحيح البزنطي، من قول الرضا (ع): " يتم الصلاة كلما أتى ضيعة من ضياعه " (* 3) ونحوه ما في صحيحه الآخر (* 4) وصحيح ابن الحجاج: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يكون له الضياع بعضها قريب من بعض، يخرج فيقيم فيها، يتم أو يقصر. قال (ع): يتم " (* 5) - كذا عن الفقيه والتهذيب - (* 6) وعن الكافي: " يقيم " بدل

 

 

____________

(* 1) كما في التهذيب ج 3 صفحة 210 طبع النجف الاشرف، والاستبصار ج 1 صفحة 228 طبع النجف الاشرف. وفى الوسائل: " وأرضك " بدل " وضيعتك "، كما في الفقيه ج 1 صفحة 287 طبع النجف الاشرف. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 17. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 18. (* 5) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة المسفار حديث: 2. (* 6) راجع الفقيه ج 1 صفحة 282 طبع النجف الاشرف، والتهذيب ج 3 صفحة 213 طبع النجف الاشرف، والاستبصار ج 1 صفحة 231 طبع النجف الاشرف.

 

===============

 

( 108 )

 

{ - بعد اتخاذه وطنا له دائما - ستة أشهر، فالمشهور على أنه بحكم الوطن العرفي (1)، وإن أعرض عنه إلى غيره، ويسمونه } " يطوف " (* 1) فيشكل الاستدلال به. الى غير ذلك. لكن قد أشرنا إلى معارضتها بما تقدم، مما دل على اعتبار التوطن في التمام. فيجب إما تقييد الاولى بالثانية إن أمكن، أو طرحها إن لم يمكن، كما لعله كذلك في بعضها، لمخالفتها لظاهر الاصحاب، ولرجحان الثانية عليها من وجوه، منها: موافقة عموم القصر على المسافر. وأما إذا أقام فيه ستة أشهر، ولم يكن بقصد التوطن فوجوب التمام فيه مبني على ظهور صحيح ابن بزيع في ثبوت الوطن الشرعي، وكون المراد من الاقامة فيه مطلق الاقامة، ولولا بقصد التوطن الابدي، لتحققه في المقام، فيكون اللازم التمام. هذا ولم يتضح من عبارة المشهور اعتبار قصد التوطن، ولكنه غير بعيد. (1) نسبه الى المشهور جماعة. وعن التذكرة، و الروض: أنه إجماع وعن بعض الاجلة: " لا أعرف فيه خلافا إلا من الصدوق، على وجه ". ودليلهم عليه: صحيح ابن بزيع عن الرضا (ع): " عن الرجل يقصر في ضيعته. قال (ع): لا بأس، ما لم ينو مقام عشرة أيام. إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه. قلت: ما الاستيطان؟ فقال (ع): أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر، فإذا كان كذلك يتم متى يدخلها " (* 2) وما تقدم في صحيح الحلبي وسعد بن أبي خلف (* 3). وفيه: أن قوله (ع): " يستوطنه "، وقوله (ع): " يقيم"

 

 

____________

(* 1) راجع الكافي ج 3 صفحة 438 طبع ايران الحديثة. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب صلاة المسافر حديث: 11. (* 3) راجع أوائل هذا الفصل.

 

===============

 

( 109 )

 

بصيغة المضارع، يأبى ذلك جدا. ولاسيما بملاحظة اقتصار الامام (ع) على الجواب بالاول، الظاهر في الاستيطان العرفي، فلو كان المراد منه الاستيطان الشرعي كان الاقتصار عليه إيهاما لخلاف الواقع. فلاجل ذلك يتعين حمله على بيان كيفية اتخاذ المتوطن وطنا ثانيا، ويكون بذلك ذا وطنين، لان مفروض السؤال فيه من له وطن، ثم يستوطن منزلا آخر له في ضيعته. وهذا هو الذي سأل عنه ابن بزيع، وليس سؤاله عن مفهوم الاستيطان، الذي لا يخفى على من هو دونه في الفضل، فالامام عليه السلام ليس في مقام شرح مفهوم الاستيطان شرعا أو عرفا، بل في مقام بيان ما يتحقق الاستيطان للوطن الثاني ممن كان له وطن. ولاجل ذلك أطلق لفظ الاستيطان أولا، وبعد السؤال فسره بالاقامة، إذ لو كرره في الجواب انقلب المعنى، وكان ظاهرا في الاستيطان ستة أشهر، مع أنه غير مراد، إذ المراد الاستيطان أبدا، لكنه يحصل بالاقامة ستة أشهر في كل سنة. والاقتصار على الستة أشهر إنما هو لانها الاصل في قسمة السنة. وإلا فالوطن الثاني يحصل بالعزم على الاقامة فيه في كل سنة مدة معتدا بها، أقل من ستة أشهر أو اكثر. وأما اطلاق الصحيحين الاخيرين فهو وان كان يقتضي الاكتفاء بالتوطن في الماضي في الجملة، ولو مع انتفاء فعليته، إلا أنه مقيد بما دل على اعتبار فعلية الاستيطان، مما تقدم. فالمتعين حمل الجميع على إرادة الاستيطان الفعلي. وبالجملة: عموم الادلة وخصوصها - مما دل على اعتبار الاستيطان الفعلي العرفي في وجوب التمام - صالح لان يكون موجبا لرفع اليد عن ظهور هذه الصحاح، على تقدير ثبوته. ودعوى: أن الصحيح الاول حاكم، وهو مقدم على المحكوم. مندفعة: بأن الحاكم إنما يقدم على المحكوم لو كان ظهوره في الحكومة أقوى من ظهور المحكوم، وليس المقام كذلك.

 

===============

 

( 110 )

 

{ بالوطن الشرعي، ويوجبون عليه التمام إذا مر عليه، مادام بقاء ملكه فيه (1). لكن الاقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الاعراض. فالوطن الشرعي غير ثابت. وإن كان الاحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره عليه، فيجمع فيه بين القصر والتمام إذا مر عليه، ولم ينو اقامة عشرة أيام. بل الاحوط الجمع إذا كان له نخلة (2) أو نحوها، مما هو غير قابل للسكنى، وبقي فيه بقصد التوطن ستة أشهر. بل وكذا إذا لم يكن سكناه بقصد التوطن، بل بقصد التجارة مثلا (3). } (1) الوجه في اعتبار الملك عندهم: موثق عمار المتقدم (* 1) وكونه المتيقن من صحيح ابن بزيع (* 2) لان المنزل المذكور في الجواب هو ما يكون في ضيعته، لا مطلقا. وأما اللام في قوله (ع): " أن يكون له منزل " فلا دلالة فيها على الملك، لان إضافة المنزل إليه بواسطة اللام يكفي فيها كونه موضع نزوله وقراره، لامثل إضافة الضيعة، فان دلالة اللام على الملك تختلف باختلاف المضاف. (2) لما عرفت من موثق عمار (* 3) المعمول به عند جماعة. (3) لاحتمال كفاية ذلك في تحقق الوطن الشرعي، على تقدير ثبوته بل هو الظاهر، كما أشرنا إليه سابقا. وكون قصد التوطن مأخوذا في مفهوم الاستيطان، المذكور في الجواب الاول في الصحيح، لا يكون قرينة على اعتباره في الاقامة المذكورة في الجواب الثاني تفسيرا للاستيطان، لان المدار على ظهور المفسر - بالكسر - لا المفسر.

 

 

____________

(* 1) راجع أوائل هذه المسألة. (* 2) مر ذلك في التعليقة السابقة. (* 3) تقدم في أوائل هذه المسألة.

 

===============

 

( 111 )

 

{ (مسألة 2): قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي، وأنه منحصر في العرفي. فتقول: يمكن تعدد الوطن العرفي، بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين، من قصده السكنى فيهما أبدا، في كل منهما مقدارا من السنة، بأن يكون له زوجتان مثلا، كل واحدة في بلدة، يكون عند كل واحدة ستة أشهر، أو بالاختلاف (1). بل يمكن الثلاثة أيضا. بل لا يبعد الازيد أيضا (2). } (مسألة 3): لا يبعد أن يكون الولد تابعا (3) لابويه } (1) بأن يقيم في أحدهما أربعة أشهر، وفي الآخر ثمانية أشهر. ولا ينافيه ما في الصحيح، بناء على حمله على الوطن العرفي - كما عرفت - لانه محمول على أحد الافراد الذي يسبق الى الذهن. (2) للصدق عرفا في الجميع. (3) لا ينبغي التأمل في كون الفرق بين الامكنة - في صدق الوطن وعدمه - ليس تابعا للجهات الخارجية، وإنما هو تابع للقصد النفساني. فإذا قصد المكث في محل إلى آخر عمره بحيث لا يخرج عنه إلا لامر يقتضي الخروج، ولو خلي ونفسه كان مقره ذلك المكان - كان هو وطنا له. ولو خرج عنه كان مسافرا، ولو أقام فيه كان حاضرا. وما عداه لا يكون وطنا. وهذا القصد المقوم لصدق الوطن، تارة يكون تفصيليا، واخرى يكون اجماليا ارتكازيا، ناشئا من التبعية لوالديه أو احدهما. فإذا حصل القصد بأحد النحوين صدق الوطن، وإلا فلا، من دون فرق بين ما قبل البلوغ ومابعده. وإلغاء قصد الصبي في مثل المقام لادليل عليه، بعد الاكتفاء به عرفا في صدق التوطن.

 

===============

 

( 112 )

 

{ أو أحدهما في الوطن، ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرهما، وإن لم يتلفت بعد بلوغه إلى التوطن فيه أبدا فيعد وطنهما وطنا له أيضا. إلا إذا قصد الاعراض عنه (1)، سواء كان وطنا أصليا لهما ومحلا لتولدهما، أو وطنا مستجدا لهما، كما إذا أعرضا عن وطنهما الاصلي، واتخذا مكانا آخر وطنا لهما، وهو معهما قبل بلوغه، ثم صار بالغا، وأما إذا أتيا بلدة أو قرية، وتوطنا فيها وهو معهما، مع كونه بالغا، فلا يصدق وطنا له، إلا مع قصده بنفسه (2). (مسألة 4): يزول حكم الوطنية بالاعراض والخروج وإن لم يتخذ بعد وطنا آخر. فيمكن أن يكون بلا وطن (3) مدة مديدة. } (1) وكذا لو تردد، على ما يأتي. (2) أو بالتبعية. وكذا لو كان غير بالغ، لاتحاد المناط في الجميع نعم الطفل غير المميز، الذي لا يتأتى منه القصد الاجمالي الارتكازي ولو تبعا قد يدعى صدق الوطن في حقه بقصد متبوعه. لكنه غير ظاهر. (3) وحينئذ يكون كالسائح يتم دائما، إذ لم يتخذ مقرا ولو موقتا وإذا اتخذ له مقرا موقتا يأوي إليه إذا لم يكن ما يقتضي الخروج، فانه يتم فيه، ويقصر إذا سافر عنه إلى مقصد، اتفاقا لزيارة أو نحوها. ويكون مقره كبيوت الاعراب يتم فيه، لان بيته معه. فكأن الوطن نوعان: شخصي وهو المتعارف. ونوعي، وهو بيوت الاعراب ونحوها من البيوت التي تتخذ مقرا موقتا، بعد الانصراف عن الوطن الاصلي. وقد جرى على ذلك بعض المهاجرين الى بغداد، فيستأجر دارا فيها سنة، وسنة أخرى في مدينة البياع، وثالثة في الكاظمية، ورابعة في الكرادة الشرقية

 

===============

 

( 113 )

 

{ (مسألة 5): لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه (1)، فلو غصب دارا في بلد، وإراد السكنى فيها أبدا يكون وطنا له. وكذا إذا كان بقاؤه في بلد حراما عليه، من جهة كونه قاصدا لارتكاب حرام، أو كان منهيا عنه من أحد والديه، أو نحو ذلك. (مسألة 6): إذا تردد بعد العزم على التوطن أبدا، فان كان قبل أن يصدق عليه الوطن عرفا، بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق، فلا إشكال في زوال الحكم (2)، وإن لم يتحقق الخروج والاعراض. بل وكذا إن كان بعد الصدق في الوطن المستجد. وأما في الوطن الاصلي إذا تردد في البقاء فيه وعدمه، ففي زوال حكمه قبل الخروج والاعراض إشكال (3)، لاحتمال صدق الوطنية ما لم يعزم على العدم. فالاحوط الجمع بين الحكمين. }... وهكذا. فكأنه قصد التوطن في منطقة بغداد وتوابعها، من دون توطن في مكان خاص، وانصرف عن وطنه الاصلي، فهؤلاء يتمون في بيوتهم ويقصرون إذا سافروا عنها إلى زيارة مشهد أو نحو ذلك، لانهم يسافرون عن وطنهم النوعي. فيفترقون عن السائح من جهة تحقق التوطن في الجملة منهم، كما يفترق أهل بيوت الاعراب عنه أيضا بذلك. (1) لعدم الدليل عليه، والعرف شاهد بخلافه. (2) إذا فرض عدم الصدق قبل الاعراض فلا حكم أولا كي يزول بالاعراض. (3) ينشأ: من التردد في كون الوطنية تابعة للقصد حدوثا وبقاء.

 

===============

 

( 114 )

 

{ (مسألة 7): ظاهر كلمات العلماء - رضوان الله عليهم - اعتبار قصد التوطن أبدا في صدق الوطن العرفي، فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدة مديدة، كثلاثين سنة، أو أزيد. لكنه مشكل، فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك (1). والاحوط في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط. } أو من قبيل الايقاع الذي يكفي فيه القصد الآني، غاية الامر أنه يرتفع بالاعراض، نظير نصب الوكيل وعزله. ولا يبعد الاول. ويقتضيه ظاهر النصوص المتقدمة. وعليه يكون حكمه التمام وإن سافر عن مكانه، بناء على ما تقدم في المسألة الخامسة والخمسين، من أحكام من كان السفر عملهم فراجع. (1) بل هو خلاف الظاهر، إذ لافرق في نظر العرف بين السنة والثلاثين سنة في كون قصد التوطن مدتها لا يوجب صدق الوطن، بل لابد فيه من التوطن مدة العمر. نعم يحتمل دخوله فيمن بيوتهم معهم، لان انقطاعه عن وطنه الاصلي واتخاذ المنزل كوطن له، يقتضي كونه في بيته الثاني، وإن كان موقتا. اللهم إلا أن يختص من بيوتهم معهم بمن كانت بيوتهم مبنية على الارتحال، لتكون معهم، ولا يشمل البيوت الثابتة المبنية على الاستقرار. ولكن هذا التخصيص خلاف مقتضى التعليل الارتكازي، فانه لافرق في ارتكاز العرف بين الامرين اللهم إلا أن يقال: حمل التعليل على مقتضى الارتكاز يقتضي كون المراد من البيوت الاوطان، فانها التى لا يقصر فيها ويجب فيها التمام، لا مطلق البيوت. وإلا كان التعليل غير ارتكازي، وهو خلاف الاصل في التعليلات وإذا حملت البيوت على الوطن لم تشمل ما نحن فيه. اللهم إلا أن يقال: الارتكاز يقتضي الحمل على البيوت التي لا يكون المقيم فيها مسافرا عرفا، وإن لم تكن وطنا. فالمقيم فيها إذا كان منقطعا

 

===============

 

( 115 )

 

{ الثاني من قواطع السفر: العزم على إقامة عشرة أيام (1) متواليات (2)، في مكان واحد (3)، من بلد، أو قرية، أو مثل بيوت الاعراب، أو فلاة من الارض (4). } عن وطنه، وجاعلا له كوطنه لا يكون مسافرا، فلذا كان عليه التمام. فالتعليل يكون إشارة الى هذا المعنى، وهو قريب جدا الى الاذواق العرفية فالمسافر الذي يقصر مقابل الحاضر الذي يتم، والحضور يكون بالاقامة في الوطن الدائم، ويكون بالوطن الموقت، فان المقيم فيه حاضر عرفا. ويشهد بذلك: أن كثيرا من الاعراب الذين يسكنون هذه البيوت لهم أوطان مستقرة، يسكنونها في بعض السنة، ويخرجون منها في أيام الربيع لسوم مواشيهم. وعلى هذا يكون المقر بمنزلة الوطن في وجوب التمام. (1) قد تقدم في شروط القصر الكلام في وجه قاطعية الاقامة. فراجع وأما ايجابها التمام فمما لاإشكال فيه، بل لعل من الضروريات. والنصوص الدالة عليه مستفيضة، لو لم تكن متواترة. (2) كما هو المشهور، بل لعله لا خلاف فيه. والقول بجواز خروج المسافر إلى ما دون المسافة ليس راجعا الى نفي اعتبار التوالي، بل راجع إلى نفي منافاة الخروج للاقامة نفسها، كما سيأتي. والوجه في اعتباره: ظهور أدلة التحديد بالزمان - فيما يقبل الاستمرار - في المقدار المستمر، غير المتفرق، كما يظهر من ملاحظة النظائر. وقد أشرنا الى ذلك في فصل الحيض وغيره. (3) كما سيأتي. (4) كما صرح به جماعة، بل في كلام بعض: أنه مما لا خلاف فيه. وقد اشتملت النصوص على البلد، والضيعة، والمكان، والارض.

 

===============

 

( 116 )

 

{ أو العلم بذلك (1)، وإن كان لاعن اختيار. ولا يكفي الظن بالبقاء (2)، فضلا عن الشك. والليالي المتوسط داخلة (3)، بخلاف الليلة الاولى والاخيرة (4)، فيكفي عشرة أيام وتسع ليال. ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الاصح (5) فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الاول إلى الزوال من اليوم الحادي عشر كفى، ويجب عليه الاتمام. وإن كان الاحوط الجمع } (1) كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: " قلت له: أرأيت من قدم بلدة الى متى ينبغي له أن يكون مقصرا؟ ومتى ينبغي له أن يتم؟ فقال (ع): إذا دخلت أرضا، فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام، فأتم الصلاة... " (* 1) وإطلاقه يقتضي عموم الحكم لصورة ما إذا كان المقام لاعن اختيار. (2) لعدم الدليل عليه، فالمرجع عموم القصر على المسافر. (3) بلا إشكال، أما لو أريد من اليوم ما يدخل فيه الليل فظاهر. وأما لو أريد منه ما يقابل الليل - كما هو الظاهر - فظهور الدليل في الاستمرار - كما عرفت - كاف في اثباته. (4) لخروجهما عن اليوم عرفا، ولا موجب لتبعيتهما له. (5) كما عن الشهيد وجماعة. لان الظاهر من اليوم الساعات النهارية لا خصوص الامد الممتد بين الطلوع والغروب، كما أشرنا إلى ذلك في أن أقل الحيض ثلاثة. فراجع. ومنه يظهر ضعف ماعن المدارك: من أن الاظهر العدم، وماعن النهاية والتذكرة: من الاستشكال فيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة المسافر حديث: 9.

 

===============

 

( 117 )

 

{ ويشترط وحدة محل الاقامة (1)، فلو قصد الاقامة في أمكنة متعددة عشرة أيام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم على الاقامة في النجف والكوفة، أو في الكاظمين وبغداد، أو عزم على الاقامة في رستاق من قرية الى قرية، من غير عزم على الاقامة في واحدة منها عشرة أيام. ولا يضر بوحدة المحل فصل مثل الشط، بعد كون المجموع بلدا واحدا، كجانبي الحلة، وبغداد، ونحوهما. ولو كان البلد خارجا عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الاقامة في المحلة منه، إذا كانت المحلات منفصلة، بخلاف ما إذا كانت متصلة. إلا إذا كان كبيرا جدا بحيث لا يصدق وحدة المحل، وكان كنية الاقامة في رستاق مشتمل على القرى، مثل قسطنطينية ونحوها. } (1) بلا خلاف ظاهر. لان الظاهر من النصوص كون موضوع التمام هو الاقامة الواحد المستمرة، ومع تعدد المكان تتعدد الاقامة، فلا تكون واحدة مستمرة. نعم في موثق عبد الرحمن بن الحجاج قال: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل تكون له الضياع، بعضها يكون قريبا من بعض، فيخرج فيقيم فيها، أيتم، أم يقصر؟ قال (ع): يتم " (* 1) كذا رواه في الكافي. وعن الشيخ والصدوق: روايته: " يطوف " بدل: " يقيم " مع أنه لم يظهر منه كون الاقامة عشرة، فيمكن أن يكون من قبيل مادل على وجوب الاتمام في الضيعة، مما تقدم الكلام فيه. ثم إن المراد من الوحدة المكانية ليس الوحدة الحقيقية، ضرورة جواز تردد المقيم في بلد من داره الى المسجد، وإلى السوق، وإلى الحرم، وإلى

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة: 1 من هذا القصل.

 

===============

 

( 118 )

 

{ (مسألة 8): لا يعتبر في نية الاقامة قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد على الاصح (1). بل لو قصد حال نيتها الخروج الى بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها، } الحمام... الى غيرها من الامكنة المتعددة. ولا الوحدة الاعتبارية مطلقا، لاختلاف مقتضي الاعتبار جدا، فقد تكون البلاد المتعددة مع تعددها واحدا ببعض العناوين الاعتبارية، مثل العراق، وإيران، وآسيا، وغير ذلك. بل المراد خصوص الوحدة الاعتبارية بلحاظ عنوان الاقامة، فإذا كانت الامكنة المتعددة حقيقة بنحو لا يكون تعددها موجبا لتعدد الاقامة عرفا فيها كانت مكانا واحدا بذلك الاعتبار. وإن كانت بحيث توجب تعدد الاقامة كانت متعددة. والوجه في ذلك: ما عرفت من رجوع اعتبار وحدة المكان الى اعتبار وحدة الاقامة، لانحصار الدليل عليها بما دل على اعتبار وحدة الاقامة، فتدور وحدة المكان مدار وحدتها. فمهما كانت الامكنة المتعددة لا تكون الاقامات فيها إلا إقامة واحدة عرفا - كالدار، والمسجد، والحرم والحمام، وغيرها - كانت مكانا واحدا. ومهما كانت الامكنة لتباعدها بنحو تعد الاقامة في بعضها غير الاقامة في الآخر، كانت الامكنة متعددة. إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه تختلف الاقامة العرفية باختلاف الامكنة فالقرى المفصول بعضها عن بعض بربع الفرسخ تعد الاقامة في بعضها غير الاقامة في الاخرى، ومحلات البلد الواحد، وإن كان يبعد بعضها عن بعض بربع الفرسخ لاتعد الاقامة في بعضها غير الاقامة في الاخرى. فلابد من ملاحظة خصوصيات الامكنة، لينظر أن التعدي من مكان إلى مكان هل يعد ارتحالا عنه إلى آخر، أو لا يعد كذلك؟ وعلى ذلك تدور صحة الاقامد وعدمها، بلا فرق بين الارض، والقرية، والبلاد المتسعة، وغيرها فلاحظ. (1) وفي الحدائق: " الظاهر انه لا خلاف ولا إشكال في جواره.

 

===============

 

( 119 )

 

{ مما لا ينافي صدق اسم الاقامة في البلد عرفا، جرى عليه حكم المقيم، حتى إذا كان من نيته الخروج عن حد الترخص - بل الى ما دون الاربعة - إذا كان قاصدا للعود عن قريب، بحيث لا يخرج عن صدق الاقامة في ذلك المكان عرفا، كما إذا كان من نيته الخروج نهارا والرجوع قبل الليل. (مسألة 9): إذا كان محل الاقامة برية قفراء لا يجب } وأما ما اشتهر في هذه الاوقات المتأخرة والازمنة المتغيرة: من أن من أقام في بلد أو قرية - مثلا فلا يجوز له الخروج عن سورها المحيط بها، أو عن حدود بنيانها ودورها، فهو ناشئ عن الغفلة " وفي مفتاح الكرامة: " هذا تعريض بالفاضل الفتوني ". ووجه ضعفه: عدم منافاة الخروج عن السور في الجملة لصدق الاقامة في البلد عرفا، التي أخذت موضوعا لادلة وجوب التمام، لان خارج السور القريب منه معدود عرفا متحدا مع البلد، فلا تكون الاقامة فيه مغايرة للاقامة في البلد، فضلا عن الخروج إليه آناما. هذا ومقتضى ما عرفت - من أن ظاهر النصوص كون الموجب للتمام هو الاقامة الواحدة المستمرة التي لا يتخلل بين أجزائها عدم - أن يكون مبنى الفروض المذكورة في هذه المسألة: كون المكان الذي يخرج إليه المقيم معدودا عرفا مغايرا لموضع الاقامة، بحيث تكون الاقامة فيه إقامة أخرى، غير الاقامة في موضعها. أو معدودا معه واحدا. فما يكون من قبيل الاول لا تجوز نية الخروج إليه، لان الخروج إليه إذا كانت منافيا لاستمرار الاقامة كانت نية الخروج إليه منافية لنية الاقامة الواحدة المستمرة، بل كانت نية الاقامة حينئذ من قبيل نية الاقامة في القرى المتعددة، التي لا تكون موضوعا لوجوب الاتمام. وما يكون من قبيل الثاني تجوز نية الخروج إليه، لعدم منافاتها لنية الاقامة الواحدة المستمرة.

 

===============

 

( 120 )

 

ولاجل ذلك نسب القول بجواز نية الخروج إلى ما دون المسافة الى الندرة والشذوذ، ولم يعرف قائل به الى زمان فخر الاسلام، فقد قيل: إنه قال به في بعض حواشيه، وتبعه عليه في الوافي، وشرح المفاتيح. وعن الشهيد الثاني في بعض فوائده، أنه قال: " وما يوجد في بعض القيود: من أن الخروج الى خارج الحد، مع العود الى موضع الاقامة ليومه أو ليلته لا يؤثر في نية الاقامة، وإن لم ينو إقامة عشرة مستأنفة، لاحقيقة له، ولم نقف عليه مسندا الى أحد من المعتبرين، الذين تعتبر فتواهم، فيجب الحكم باخراجه... ". وكأن الوجه الذي دعاهم الى ذلك: حمل الاقامة في النصوص على كون البلد مثلا مقرا له ومحطا لرحله. إذ من الواضح أن هذا المعنى لا ينافيه الخروج المذكور. بل لا ينافيه الخروج الى المسافة، لولا الاجماع على قدح نيته. لكن حيث لاقرينة على هذا المعنى، لا مجال لرفع اليد عن ظاهر النصوص في كون الاقامة ما يقابل الارتحال والذهاب، المعبر عنها بالحضور المنافي ذلك قطعا. لاأقل من إجمال النصوص، والمرجع عموم التقصير على المسافر. اللهم إلا أن يقال: المفهوم عرفا من الاقامة هو المعنى الاول، فيتعين حمل النصوص عليه، ولا اجمال فيها حينئذ. وأما ما في خبر الحضيني، المروي في الوسائل في باب تخيير المسافر بمكة: " إني أقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة. قال (ع): انو مقام عشرة أيام، وأتم الصلاة " (* 1) فالاستدلال به على هذا القول مبني على كون الخروج إلى عرفات لا يوجب التقصير، والالتزام بكون الخروج هذه المدة غير مناف للاقامة. والاول مناف لصريح النصوص. والثاني بعيد جدا. مع أن عدم صحة الخبر في نفسه، وإعراض الاصحاب عنه مانعان عن العمل به.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 15.

 

===============

 

( 121 )

 

{ التضييق في دائرة المقام (1)، كما لا يجوز التوسيع كثيرا، بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل. فالمدار على صدق الوحدة عرفا وبعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحل الى أطرافه، بقصد العود إليه، وإن كان الى الخارج عن حد الترخص، بل الى ما دون الاربعة، كما ذكرنا في البلد. فجواز نية الخروج إلى ما دون الاربعة لا يوجب جواز توسيع محل الاقامة كثيرا، فلا يجوز جعل محلها مجموع ما دون الاربعة، بل يؤخذ على المتعارف، وإن كان يجوز التردد الى ما دون الاربعة، على وجه لا يضر بصدق الاقامة فيه. (مسألة 10): إذا علق الاقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي، بل وكذا لو كان مظنون الحصول، فانه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها. نعم لو كان عازما على البقاء لكن احتمل حدوث المانع لا يضر (2). (مسألة 11): المجبور على الاقامة عشرا والمكره عليها يجب عليه التمام، وإن كان من نيته الخروج على فرض رفع الجبر والاكراه، لكن بشرط أن يكون عالما بعدم ارتفاعهما، وبقائه عشرة أيام كذلك (3). } (1) قد عرفت فيما سبق الكلام في هذه المسألة. (2) لانه مع وجود المقتضيات للعزم - من الميل والرغبة - يتحقق وإن احتمل عروض الرافع المزاحم. وبذلك افترق عن الفرض السابق، لان التعليق راجع الى تعليق مقتضيات العزم وعدم فعليتها. فتأمل جيدا. (3) إذ بذلك وإن لم يدخل في العازم يدخل في المتيقن، وقد عرفت

 

===============

 

( 122 )

 

{ (مسألة 12): لا تصح نية الاقامة في بيوت الاعراب ونحوهم ما لم يطمئن بعدم الرحيل عشرة أيام (1). إلا إذا عزم على المكث بعد رحلتهم إلى تمام العشرة. (مسألة 13): الزوجة والعبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج والسيد - والمفروض أنهما قصدا العشرة - لا يبعد كفايته في تحقق الاقامة بالنسبة اليهما، وإن لم يعلما حين القصد أن مقصد الزوج والسيد هو العشرة. نعم قبل العلم بذلك عليهما التقصير، ويجب عليهما التمام بعد الاطلاع. وإن لم يبق إلا يومان أو ثلاثة، فالظاهر وجوب الاعادة أو القضاء عليهما بالنسبة إلى ما مضى مما صليا قصرا. وكذا الحال إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه، وكان مقصدهم العشرة. فالقصد الاجمالي كاف (2) في تحقق الاقامة. لكن الاحوط الجمع في الصورتين. بل لا يترك الاحتياط. } أن اليقين بالبقاء كالعزم عليه. (1) إذ لولاه لا يحصل العزم، ولا اليقين، ومعه يحصل العزم. (2) هذا غير ظاهر، إذ لا يخرج به عن كونه مترددا في إقامة العشرة المحكوم بوجوب القصر. ومثله: مالو نوى الاقامة إلى أجل مردد بين العشرة وما دونها، مثل قدوم الحاج، وقضاء الحاجة، ونزول المطر، وأمثال ذلك، فانه لا يوجب عليه التمام واقعا، وإن كان الاجل لا ينقضي قبل العشرة بل هو من المتردد الذي يجب عليه القصر نصا وفتوى. ولا مجال لقياس المقام على مالو قصد السفر إلى مكان معين عنده، ولكن لا يعلم أن المسافة إليه تبلغ ثمانية فراسخ، حيث تقدم كفاية القصد

 

===============

 

( 123 )

 

الاجمالي للثمانية في وجوب القصر. إذ التردد هنا في حد الزمان الاجمالي، وأنه ينتهي الى العشرة أو الى ما دونها، وهناك لاتردد في حد المسافة، وإنما التردد في أن المسافة المحدودة تبلغ ثمانية أو لا تبلغ، والفر بينهما ظاهر. نعم نظير المقام: مالو قصد مكان ضالته الذي لا يعلم أنه في الكوفة أو في الحلة أو في ذي الكفل، نظرا الى أن المتردد فيه حدود المسافة. ولذا تقدم وجوب التمام على المسافر المذكور، وان كان مقصده الاجمالي ينطبق واقعا على نهاية مسافة. وبالجملة: تارة: يكون المسافر مترددا في حد ذات الزمان الذي يقيم فيه، وأنه الاقل أو الاكثر، وإن كان جازما بعنوانه من حيث المقدار على كل من تقديري الاقل والاكثر، كما إذا كان عالما بأن الزمان الذي يقيم فيه إن كان منتهاه يوم الجمعة فهو تسعة أيام، وإن كان منتهاه يوم السبت فهو عشرة أيام، ولكنه متردد في حده، وأنه الجمعة أو السبت. وفي هذه الصورة يجب البقاء على التقصير واقعا، لعدم تحقق قصد الاقامة منه في زمان هو عشرة أيام، لاحتمال انتهاء الاقامة يوم الجمعة لايوم السبت. وأخرى: يكون جازما بحد الزمان الذي يقيم فيه، وهو يوم السبت في المثال، وان كان مترددا في انطباق عنوان العشرة أيام عليه، لتردده في اليوم الذي بدأ فيه الاقامة، كما لو دخل البلد عند الزوال، وهو لا يدري أن اليوم يوم الاربعاء أو الخميس، فنوى الاقامة إلى زوال السبت، وتبين أن يوم دخوله كان هو الاربعاء. وفي هذه الصورة يجب عليه التمام، لتحقق قصد الاقامة منه في زمان هو عشرة أيام في الواقع، وإن لم يدر أن ذات الزمان معنون بعنوان عشرة أيام، لان الغرض من ذكر العشرة تحديد الامد فلا يلزم ملاحظتها موضوعا للقصد. وكذا الحال إذا نوى الاقامة الى آخر الشهر، وكان مترددا في أن النية كانت في زوال يوم العشرين أو زوال

 

===============

 

( 124 )

 

{ (مسألة 14): إذا قصد المقام إلى آخر الشهر - مثلا - وكان عشرة كفى، وإن لم يكن عالما به حين القصد، بل وإن كان عالما بالخلاف. لكن الاحوط في هذه المسألة أيضا الجمع بين القصر والتمام بعد العلم بالحال، لاحتمال اعتبار العلم حين القصد. (مسألة 15): إذا عزم على إقامة العشرة، ثم عدل عن قصده، فان كان صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام مادام في ذلك المكان (1). وأن لم يصل أصل، أو } الواحد والعشرين. أما إذا علم أنه زوال العشرين، ولكن كان مترددا في أن الشهر ناقص أو كامل فعليه القصر، كما عرفت. وهذا التفصيل الذي ذكرناه في قصد الاقامة بعينه جار في قصد المسافة وأنه إن كانت ذات المسافة المقصودة معلومة الحد، وإنما الشك في انطباق عنوان الثمانية فراسخ عليها، وجب القصر. وإن كانت مجهولة الحد، وأنه الموضع الفلاني أو الموضع الفلاني وجب التمام، وان علم العنوان على تقديم أن يكون الحد هو الموضع الخاص. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما ذكر في المسألة الآتية. (1) بلا خلاف، كما عن جماعة بل عن جماعة: الاجماع عليه. لصحيح أبي ولاد: " قلت لابي عبد الله (ع): إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام، وأتم الصلاة، ثم بدا لي بعد أن لا أقيم بها، فما ترى لي أتم، أم أقصر؟ قال (ع): إن كنت دخلت المدينة، وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام، فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها. وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام، ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم، فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام

 

===============

 

( 125 )

 

{ صلى مثل الصبح والمغرب، أو شرع في الرباعية. لكن لم يتمها وإن دخل في ركوع الركعة الثالثة، رجع الى القصر (1). } عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر. فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة " (* 1) مضافا إلى إطلاق نصوص الاقامة. لتعليق التمام فيها على مجرد نية الاقامة ولو حدوثا، ولا مقيد لها بصورة البقاء. وخبر حمزة بن عبد الله الجعفري: " لما نفرت من منى نويت المقام بمكة، فأتممت الصلاة، ثم جاءني خبر من المنزل، فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل، ولم أدر أتم أم أقصر، وأبو الحسن (ع) يومئذ بمكة، فأتيته وقصصت عليه القصة، فقال (ع): ارجع الى التقصير " (* 2) لا يصلح لمعارضة ما سبق، لوهنه في نفسه باهمال الجعفري، وباعراض الاصحاب عنه. ثم إن التفصيل المذكور إنما هو للعدول في الاثناء. أما لو كان بعد تمام العشرة بقي على التمام، وإن لم يصل فريضة بتمام. (1) لان الظاهر من الشرط في الشرطية الثانية أن لا يفرغ من صلاة فريضة تامة غير مقصورة، وهو حاصل في جميع الفروض المذكورة. بل لااشكال فيه بالنسبة الى الاول. وكذا الثاني، وإن احتمل في الحدائق: كون المراد من الشرط في الاوللى أن يصلي فريضة مطلقا، بعد قصد التمام في المقصورات. إذ هو احتمال غريب، ولذا جعله بعيدا، وجعل الظاهر خلافه. وكذا في الثالث، وان كان ظاهر محكي المبسوط وغيره: الاكتفاء بمجرد الشروع في الرباعية، وإن لم يدخل في ركوع الثالثة. وكأنه حملا للنص على ما يعم الشروع في الرباعية بقصد التمام. أو لدعوى انصراف النص عن مثله، فالمرجع فيه إطلاق التمام على المقيم، أو استصحابه، بناء على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2.

 

===============

 

( 126 )

 

{ وكذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية، مما لا يجوز فعله للمسافر كالنوافل والصوم ونحوهما، فانه يرجع الى القصر مع العدول. } كونه المرجع، دون عموم القصر. وفيه: أن الانصراف ممنوع. وعن التذكرة والمختلف: الاكتفاء بالدخول في ركوع الثالثة، لانه يلزم من الرجوع الى القصر ابطال العمل المنهي عنه. وفيه: أن تحريم الابطال لا ينافي سببية العدول لتبدل الحكم، فيكون انبطالا لا إبطالا. وأما عدم اندراجه في قوله (ع): " وإن شئت فانو المقام وأتم " حيث لا يتصور التخيير بين القصر والتمام، بعدما بدا له بعد الركوع الثالث، من جهة تعذر جعل صلاته قصرا. فغير ظاهر لامكان القصر له بالاستئناف. وأضعف من ذلك: الاكتفاء بمجرد القيام الى الثالثة وكون الزيادة عمدية مبطلة لو بني على القصر - لو سلم لا يجدي في الاكتفاء المذكور بعد صدق عدم الصلاة تماما. ومما ذكرنا يظهر وجه الحكم في بقية الفروض. نعم قد يدعى: أن ذكر الصلاة تماما مبني على الغالب، والمراد مجرد فعل ما هو من أحكام الاقامة، بأن يشرع في الرباعية بقصد اتمامها أربعا كما اشرنا إليه في توجيه ظاهر محكي المبسوط وغيره. أو يدعى: أن فعل ذلك إما أن يحكم بصحته، أو ببطلانه. لاسبيل الى الثاني، للامر به واقعا فيتعين الاول. ولابد أن يكون من جهة الحكم بصحة الاقامة. وقد تقدم أنها من قواطع السفر، فإذا صحت احتيج في جواز التقصير الى إحداث سفر جديد، ولا يكفي فيه العدول عن نية الاقامة. وفي الاول: أنه خروج عن الظاهر من غير وجه ظاهر. وفي الثاني: (اولا): النقض بصورة مالو كان العدول قبل فعل شئ، فانه قبل العدول آناما محكوم بأحكام الحاضر، فيكشف ذلك عن صحة إقامة. ولازمه عدم الرجوع الى

 

===============

 

( 127 )

 

{ نعم الاولى الاحتياط مع الصوم، إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال. وكذا لو كان العدول في أثناء الرباعية، بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام إليها، وإن لم يركع بعد. (مسألة 16): إذا صلى رباعية بتمام، بعد العزم على } التقصير بمجرد العدول، مع أنه خلاف الاجماع. (وثانيا): إن ما ذكر أشبه بالاجتهاد في قبال النص، فان صحيح أبي ولاد يدل على الرجوع الى التقصير بمجرد العدول إذا لم يكن صلى تماما، وإن لم يحدث سفرا جديدا فكيف يبني على رفع اليد عن مدلوله لما ذكر؟!. ثم إن في الحاق الصوم الواجب بالفريضة في البقاء على التمام أقوالا: الالحاق بمجرد الشروع فيه، حكي عن العلامة في جملة من كتبه، وعن الموجز الحاوي، وغاية المرام، وارشاد الجعفرية، والمقاصد العلية، والمسالك وغيرها. وعلل: بتحقق أثر النية. والالحاق بشرط الرجوع عن نية الاقامة بعد الزوال، نسب إلى جامع المقاصد، وفوائد الشرائع، والتنقيح، والهلالية وغيرها. وعلل: بأنه - لاجل عدم جواز الافطار حينئذ - بمنزلة مالو رجع بعد الغروب. والالحاق بشرط أن يكون العدول بعد الغروب، نسب الى جماعة. وعلل: بأن المراد من الفريضة التامة مطلق العمل التام، ولما يستفاد من رواية معاوية بن وهب، من أن الصوم والصلاة واحد (* 1). والجميع - كما ترى - خروج عن ظاهر النص بلا قرينة. وأما رواية معاوية في ظاهرة في اتحادهما في الترخص وعدمه، وأنه إذا أفطر قصر، وإذا قصر أفطر، وليست متعرضة لما نحن فيه. فالاقوى عدم الالحاق، كما عن مجمع الفائدة، والمدارك، والكفاية، والذخيرة، والحدائق، والرياض وغيرها.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة: 31 من فصل صلاة المسافر.

 

===============

 

( 128 )

 

{ الاقامة، لكن مع الغفلة عن اقامته، ثم عدل، فالظاهر كفايته في البقاء على التمام (1). وكذا لو صلاها تماما لشرف البقعة (2) كمواطن التخيير، ولو مع الفلة عن الاقامة (3). وإن كان الاحوط الجمع بعد العدول حينئذ. وكذا في الصورة الاولى. (مسألة 17): لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا بالصلاة (4)، فلو نوى الاقامة وهو غير بالغ، ثم بلغ في أثناء العشرة، وجب عليه التمام في بقية الايام. وإذا أراد التطوع بالصلاة قبل البلوغ يصلي تماما (5). وكذا إذا نواها وهو مجنون (6)، إذا كان ممن يتحقق منه القصد، أو نواها حال الافاقة، ثم جن، ثم أفاق (7). } (1) لاطلاق الصحيح المتقدم. ودعوى: انصرافه الى خصوص صورة الفعل، جريا على نية الاقامة. ممنوعة، بل الانصراف بدوي لا يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق. (2) للاطلاق أيضا. لكن لاتبعد دعوى الانصراف الى خصوص صورة كون الصحة من آثار نية الاقامة. إلا أن يقال: الصحة في المقام مستندة إلى نية الاقامة، غاية الامر إنه لولا النية لصحت أيضا من جهة الخصوصية في المكان، فالصحة لها سببان على البدل. (3) لا يمكن فرض ذلك في حال الالتفات، بل لابد فيه من الغفلة (4) لاطلاق الادلة. والاشكال في قصد الصبي قد عرفت دفعه في قصد المسافة. ثم إنه لا يطرد في صورة العلم بالاقامة عشرة أيام. (5) لانه كالبالغ في كيفية العمل، سواء أكانت أعماله شرعية أم تمرينية (6) للاطلاق. (7) إذ الجنون - لو سلم كونه رافعا للقصد - لا يقدح عروضه،

 

===============

 

( 129 )

 

{ وكذا إذا كانت حائضا حال النية (1)، فانها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما. بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام، ما لم تنشئ سفرا. (مسألة 18): إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الاقامة ثم عدل عنها بعد الوقت، فان كانت مما يجب قضاؤها، وأتى بالقضاء تماما ثم عدل، فالظاهر كفايته في البقاء على التمام (2). وأما إن عدل قبل إتيان قضائها أيضا فالظاهر العود إلى القصر، وعدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما. وإن كان الاحوط الجمع حينئذ، مادام لم يخرج. وإن كانت مما لا يجب قضاؤه كما إذا فاتت لاجل الحيض، أو النفاس، ثم عدلت عن النية، قبل إتيان صلاة تامة، رجعت إلى القصر. فلا يكفي مضي وقت الصلاة في البقاء على التمام (3). (مسألة 19): العدول عن الاقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه، } لعدم الدليل على اعتبار استمرار القصد، وإنما دل على قدح التردد والبداء ولذا لا يقدح النوم، ولا النسيان. (1) للاطلاق. (2) للاطلاق. إذ اعتبار خصوص الاداء لاوجه له. والانصراف إليه بدوي. (3) كما عن الذكرى. لصدق أنه لم يصل فريضة بتمام. وفي نجاة العباد لم يستبعد الاكتفاء، تبعا لما عن التذكرة وغيرها، لاستقرارها في الذمة تماما. وهو كما ترى.

 

 

===============

 

( 130 )

 

{ وليس كاشفا عن عدم تحققها من الاول (1). فلو فاتته حال العزم عليها صلاة أو صلوات أيام، ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام، يجب عليه قضاؤها تماما. وكذا إذا صام يوما أو أياما حال العزم عليها، ثم عدل قبل أن يصلى صلاة واحدة بتمام، فصيامه صحيح. نعم لا يجوز له الصوم بعد العدول، لان المفروض انقطاع الاقامة بعده (2). (مسألة 20): لافرق في العدول عن قصد الاقامة بين أن يعزم على عدمها، أو يتردد فيها (3)، في أنه لو كان بعد الصلوة تماما بقي على التمام ولو كان قبله رجع إلى القصر. (مسألة 21): إذا عزم على الاقامة فنوى الصوم، ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما، رجع إلى القصر في صلاته (4). لكن صوم ذلك اليوم صحيح، لما عرفت من } (1) لان ظاهر الصحيح التعرض للبقاء على التمام، لا لاصل الحدوث فاطلاق مادل على أن حدوث نية الاقامة مطلقا كاف في وجوب التمام محكم بلا معارض. مضافا الى أن فعل الفريضة لو كان شرطا في صحة الاقامة لزم الدور، لان نية الاقامة شرط في صحة التمام والامر به. فتأمل. (2) على ما عرفت: من عدم الاكتفاء بالصوم في البقاء على التمام. (3) لما في ذيل الصحيح المتقدم: من أن البقاء على التمام مشروط بالبقاء على النية، فإذا لم ينو الاقامة - ولو كان مترددا - وجب القصر، إذا لم يصل فريضة بتمام (* 1) (4) لما عرفت.

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 131 )

 

{ أن العدول قاطع من حينه، لا كاشف، فهو كمن صام، ثم سافر بعد الزوال (1). (مسألة 22): إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى اقامة جديدة. بل إذا تحققت باتيان رباعية تامة كذلك، فما دام لم ينشئ سفرا جديدا يبقى على التمام (2). (مسألة 23): كما أن الاقامة موجبة للصلاة تماما، و لوجوب - أو جواز - الصوم، كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر، ولوجوب الجمعة، ونحو ذلك من أحكام الحاضر (3). (مسألة 24): إذ تحققت الاقامة وتمت العشرة أولا وبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة ولو ملفقة، فللمسألة صور: الاولى: أن يكون عازما على العود إلى محل الاقامة } (1) لاطلاق الاخبار الدالة على أن من سافر بعد الزوال أتم صومه مثل صحيح ابن مسلم " إذا سافر الرجل في شهر رمضان، فخرج بعد نصف النهار، عليه صيام ذلك اليوم " (* 1) فانه ظاهر الشمول لما نحن فيه. كما أن مقتضى استصحاب وجوب الصوم ذلك. لكن في الاعتماد عليه، في قبال عموم وجوب الافطار على المسافر إشكال ظاهر. فلاحظ. (2) أما في الاول فلاطلاق مادل على أن نية الاقامة موجبة للتمام. وأما في الثاني فللتصريح في صحيح أبي ولاد بوجوب الاتمام حتى يخرج (* 2) (3) لما عرفت من انها من قواطع السفر، وأن المقيم في البلد بمنزلة أهله.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب من يصح الصوم منه حديث: 1. (* 2) تقدم في المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 132 )

 

{ واستئناف إقامة عشرة أخرى. وحكمه: وجوب التمام (1) في الذهاب، والمقصد، والاياب، ومحل الاقامة الاولى. وكذا إذا كان عازما على الاقامة في غير محل الاقامة الاولى، مع عدم كون ما بينهما مسافة (2). الثانية: أن يكون عازما على عدم العود إلى محل الاقامة وحكمه: وجوب القصر إذا كان ما بقي من محل إقامته إلى } (1) إجماعا، كما عن الروض، والمقاصد العلية، والمصابيح. وعن الغرية: عليه عامة الاصحاب. وعن الصيمري في كشف الالتباس: انه لاشك ولا خلاف فيه. وعن مجمع البرهان: ان دليله واضح لا إشكال فيه. ووجهه: ما عرفت، من كون الاقامة قاطعة لموضوع السفر، فالرجوع إلى القصر بعدها محتاج إلى سفر جديد، وهو غير حاصل في الفرض. بل لو قلنا بكونها قاطعة لحكمه تعين أيضا البناء على التمام، بناء على الرجوع في مثل المقام الى استصحاب حكم المخصص، لاعموم أدلة القصر. وعن بعض: وجوب القصر، ونسب الى المقدس البغدادي (ره)، والشيخ محمد طه نجف (ره) وكأنه لبنائهم على كون الاقامة رافعة لحكم السفر، لا قاطعة لنفسه، وعلى كون المرجع في مثل المقام عموم أدلة التقصير، لااستصحاب التمام. أو على إطلاق الخروج في صحيح أبي ولاد (* 1) وكلاهما ضعيف. إذ الاول عرفت حاله في شروط المسافة. والثاني - لو سلم - لا مجال للاخذ به بعد البناء على قاطعية الاقامة للسفر، للاجماع على عدم جواز التقصير لغير المسافر. (2) كما نص عليه في محكي مجمع البرهان وغيره، لجريان ما سبق فيه لكونهما من باب واحد.

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 133 )

 

{ مقصده مسافة (1)، أو كان مجموع ما بقي مع العود إلى بلده أو بلد آخر مسافة، ولو كان ما بقي أقل من أربعة، على الاقوى من كفاية التلفيق، ولو كان الذهاب أقل من أربعة (2). الثالثة: أن يكون عازما على العود إلى محل الاقامة، من دون قصد إقامة مستأنفة، لكن من حيث أنه منزل من منازله في سفره الجديد. وحكمه: وجوب القصر أيضا في الذهاب، والمقصد، ومحل الاقامة (3). } (1) يعني: إذا كان مابين محل إقامته ومقصده مسافة. والتعبير عنه بما بقي بلحاظ سفره قبل نية الاقامة. وفي الجواهر: " الظاهر أنه لا خلاف فيه، فان الباحثين عنها والمتعرضين لها اتفقوا على ذلك، من دون نقل خلاف، ولا إشكال، بل اعترف بعضهم بظهور الاتفاق عليها "، ويقتضيه مادل على وجوب القصر على المسافر، من دون معارض. وهذا مما لاإشكال فيه. نعم في جعل هذا من صور مسألة الخروج الى ما دون المسافة ولو ملفقة - كما في المتن - غير ظاهر. (2) لكن عرفت إشكاله في مبحث التلفيق. هذا بالنسبة إلى الرجوع الى بلده. أما بالنسبة الى الرجوع إلى غير بلده، فليس هو من التلفيق، بل يجري عليه حكم الامتداد، فانه نوع منه. إذ لا يعتبر استقامة خط السير، بل يشمل غير المستقيم أيضا. (3) كما عن الشيخ، والقاضي، والحلبي، والعلامة في كثير من كتبه وغيرهم. بل عن الشهيد: نسبته الى المتأخرين. وهو إنما يتم بناء على ضم الذهاب مطلقا - ولو كان دون الاربعة - إلى الاياب. أما بناء على عدمه، واعتبار كون الذهاب أربعة، فغير ظاهر. لان المفروض كون

 

===============

 

( 134 )

 

الذهاب الى المقصد دون الاربعة. ودعوى: كفاية قصد السفر بالاياب، فهو من حين خروجه عن محل الاقامة يصدق أنه مسافر، بلحاظ قصد الاياب، فيجب عليه التقصير. مندفعة: بما عرفت في أحكام المسافة، من أن ظاهر الادلة اعتبار السير في المسافة في وجوب التقصير، فإذا لم يكن السير الذهابي جزءا من السفر الموجب للقصر، لم يشرع القصر حاله. ولذا حكي عن جماعة: الاقتصار في وجوب التقصير على الاياب، ومحل الاقامة وأوجبوا التمام في الذهاب، والمقصد. وهذا القول وإن كان أقرب من الاول إلى القواعد، لعدم ورود الاشكال المتقدم فيه. إلا أنه استشكل فيه أيضا جماعة: بأن جعل الشروع في الاياب شروعا في السفر يتوقف على ضم الاياب الى الخروج ثانيا عن محل الاقامة، وكونهما سفرا واحدا عرفا، وهو لا يطرد في جميع الصور. ولذا فصل - في المتن وغيره - بين الصورة الثالثة والرابعة، فأوجب القصر في الاياب في الاولى، والتمام فيه في الثانية، لانه يصدق على الاياب والخروج عن محل الاقامة أنهما سفر واحد عرفا في الاولى، ولا يصدق ذلك عليهما في الثانية. وفيه: أن عدم الصدق في الثانية مبني على المسامحة، إذ لا ينبغي التأمل في كون المسافر عند شروعه في الاياب قاصدا للسفر إلى بلده حقيقة، غاية الامر أنه - بلحاظ كونه لما لم يقض وطره من محل الاقامة - يقال - بنحو من العناية - إنه ذاهب إلى محل الاقامة، لا إلى بلده. وهذا المقدار لا يدور عليه الحكم. ونظيره: من خرج من وطنه لحاجة له في موضع على رأس ثلاثة فراسخ، لكنه لا يتمكن من النزول فيه عند الوصول إليه، لعدم وقوف القطار فيه مثلا، بل كان يقف على رأس أربعة فراسخ، فانه إذا وقف القطار على رأس الاربعة فرجع إلى مقصده، يقال عند شروعه في الرجوع

 

===============

 

( 135 )

 

إليه: انه قاصد السفر إلى المقصد، لا إلى بلده، مع أنه لا يظن من أحد التوقف في وجوب القصر عليه في الذهاب، والاياب، لما ذكرنا من كونه قاصدا حقيقة الرجوع إلى بلده، وان كان يمر بمقصده. ولذا اتفق النص والفتوى على انحصار قواطع السفر بالمرور بالوطن، والاقامة عشرا، والتردد ثلاثين يوما. بل من ضروريات نصوص الاقامة: أن الاقامة دون عشرة في الضياع والقرى المملوكة لا يقطع السفر، ولا يقدح في اتصال السفر قبلها بما بعدها على أي نحو كانت، فكيف يكون المقام في موضع الاقامة قاطعا في المقام؟! فتأمل جيدا. فإذا التفصيل المذكور لا يخلو من إشكال. مضافا الى ما يمكن أن يشكل به على أصل الحكم بالتقصير في الاياب جميع صوره، وذلك أنه بناء على كون الاقامة قاطعة لنفس السفر المأخوذ موضوعا لوجوب التقصير، لابد في جواز التقصير من قصد السفر عن محل الاقامة، بحيث يكون الكون في محل الاقامة خارجا عنه. وهذا المعنى إنما ينطبق على الخروج عن محل الاقامة كلية بعد العود إليه، ولا ينطبق على الاياب إليه، لان انطباقه على الاياب يلازم كون المرور بمحل الاقامة جزءا من السفر عنه، وقد عرفت أنه غير جائز. فالقول بالتمام في الذهاب والمقصد، والاياب، ومحل الاقامة، الى أن يخرج عنه كلية - كما عن غير واحد من متأخري المتأخرين، وفاقا لما عن العلامة في جواب المسائل المهنائية ونسب الى ولده في بعض الحواشي - في محله. وما عن غير واحد: من نفي الخلاف في وجوب القصر في الاياب، أو دعوى الاجماع عليه. ليس بنحو يصلح أن يعتمد عليه في رفع اليد عما تقتضيه القواعد. ومن ذلك تعرف حال الصورة الرابعة. اللهم إلا أن يقال: لادليل على اعتبار تحقق السفر عن محل الاقامة في المترخص، بل اللازم - بعد البناء على قاطعية الاقامة للسفر - اعتبار

 

===============

 

( 136 )

 

{ الرابعة: أن يكون عازما على العود إليه من حيث أنه محل إقامته، بأن لا يكون حين الخروج معرضا عنه، بل أراد قضاء حاجة في خارجه والعود إليه، ثم إنشاء السفر منه ولو بعد يومين، أو يوم، بل أو أقل. والاقوى في هذه الصورة البقاء على التمام في الذهاب، والمقصد، والاياب، ومحل الاقامة ما لم ينشئ سفرا. وإن كان الاحوط الجمع في الجميع، خصوصا في الاياب، ومحل الاقامة. الخامسة: أن يكون عازما على العود الى محل الاقامة، لكن مع التردد في الاقامة بعد العود وعدمها. وحكمه أيضا وجوب التمام (1). والاحوط الجمع، كالصورة الرابعة. السادسة: أن يكون عازما على العود، مع الذهول عن } تحقق السفر غير السفر السابق المنقطع بالاقامة، وهذا متحقق في المقام وفيه: أن ظاهر صحيح أبي ولاد (* 1) اعتبار السفر عن محل الاقامة، والخروج عنه مسافرا، بحيث يكون خط السير في خارجه. (1) كما عن المدارك، والذخيرة: والمصابيح. أما بناء على الاشكال المتقدم فظاهر. وأما بناء على القصر في الاياب في الصورة الثالثة، فلعدم قصد السفر به، لان التردد في الاقامة تردد في السفر غير المنقطع بها، ومعه لابد من التمام، كما تقدم في الشرط الرابع من شروط القصر. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن الغرية وارشاد الجعفرية. من الحكم بالقصر، وعن فوائد الشرائع وحاشية الارشاد: انه الاقوى، وما عن جامع المقاصد والجعفرية: من أن فيه وجهين.

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 137 )

 

{ الاقامة وعدمها. وحكمه أيضا: وجوب التمام (1). والاحوط الجمع، كالسابقة. السابعة: أن يكون مترددا في العود وعدمه (2)، } (1) يظهر وجهه مما سبق في الصورة الخامسة، لان الذهول عن الاقامة وعدمها مناف لقصد السفر، كالتردد فيها هناك، بناء على وجوب القصر في الاياب. أما بناء على وجوب التمام فيه، فوجه التمام أظهر. (2) عدم العود تارة: يكون بمعنى الاقامة في المقصد، وأخرى: بمعنى السفر إلى أهله. فعلى الاول يكون محصل الفرض: أنه قصد الذهاب الى المقصد، مترددا بين الاقامة فيه والعود الى محل الاقامة. وينبغي الجزم بوجوب التمام في الذهاب، لان التردد في الاقامة مانع من الترخص فيه، سواء أكان قاصدا - على تقدير العود - الاقامة في محل الاقامة ثانيا، أم الذهاب إلى أهله، أم تردد في ذلك. وعلى الثاني فاما أن يكون بناؤه - على تقدير العود - الاقامة في محل الاقامة ثانيا، وإما أن يكون بناؤه - على تقديره - السفر إلى أهله، أو تردد في ذلك. فعلى الاول يكون محصل الفرض: أنه سافر إلى المقصد، مترددا بين الذهاب منه الى أهله، وبين العود والاقامة. وينبغي الجزم بوجوب التمام أيضا في الذهاب، لما عرفت من أن التردد في الاقامة مانع عن القصر. وكذا لو كان مترددا في الاقامة ولافرق في ذلك بين القول بالترخص في الاياب في الصورة الثالثة والرابعة والقول بالتمام فيه. وعلى الثاني يكون محصل الفرض: أنه سافر إلى المقصد مترددا بين السفر منه إلى أهله وبين العود الى محل الاقامة والذهاب منه إلى أهله. وينبغي الجزم بأن حكمه التمام في الذهاب، على تقدير كون رجوعه إلى محل الاقامة من قبيل الرجوع إليه في الصورة الرابعة، وأن حكمه القصر لو كان من قبيل الرجوع إليه في الصورة الثالثة، بناء على القصر في الاياب

 

===============

 

( 138 )

 

{ أو ذاهلا عنه (1). ولا يترك الاحتياط بالجمع فيه في الذهاب والمقصد، والاياب، ومحل الاقامة، إذا عاد إليه إلى أن يعزم على الاقامة، أو ينشئ السفر. ولافرق في الصور التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع الى محل الاقامة في يومه، } فيها. أما بناء على التمام فيه فيهما - بناء على الاشكال المتقدم - فالحكم التمام هنا على التقديرين لعدم تحقق قصد السفر الخارج عن محل الاقامة. وهذا الكلام كله في الذهاب. وقد عرفت أنه قد يجب فيه التمام، وقد يجب فيه القصر. كما أن وجوب القصر - على تقديره - مبني على القول بالضم مطلقا. أما بناء على اعتبار الاربعة في جواز الضم فلا مجال للقصر فيه في جميع الصور. وأما الاياب فلا يعرف حكمه إلا بعد الشروع فيه، ليعلم أنه كان بأي قصد. وحينئذ يعرف حكمه مما سبق في الصور السابقة. لكن لابد من ملاحظة ما يأتي في ذيل المسألة الخامسة والعشرين، فقد يجب فيه القصر، مع وجوب التمام فيه فيما سبق، وذلك إذا انقطعت الاقامة في الذهاب، حيث يجب فيه التقصير، فلاحظ. (1) الذهول عن العود إن كان بمعنى الذهول عنه وعما ينافيه - من الاقامة في المقصد، والسفر منه الى أهله - فهو يلازم عدم قصد السفر إلا إلى المقصد. وحينئذ فلابد من التام فيه، لعدم قصد المسافة الموجبة للقصر وإن كان بمعنى الغفلة عنه فقط، بأن عزم على السفر إلى المقصد ومنه إلى أهله، أو بنى على الاقامة فيه، أو تردد بين الامرين، وجب القصر في الذهاب في الاول، والتمام في الاخيرين. هذا حكم الذهاب. وأما الاياب فلا يعرف حكمه إلا بعد الشروع فيه، كما سبق. ومما ذكرنا كله تعرف أنه لاوجه ظاهر لتوقف المصنف (ره) عن الفتوى في هذه المسألة، مع ما عرفت من وضوح حكمها في جميع الصور.

 

===============

 

( 139 )

 

{ أو ليلته، أو بعد أيام (1). هذا كله إذا بدا له الخروج إلى ما دون المسافة، بعد العشرة أو في أثنائها، بعد تحقق الاقامة. وأما إذا كان من عزمه الخروج في حال نية الاقامة، فقد مر (2) أنه إن كان من قصده الخروج والعود عما قريب. وفي ذلك اليوم، من غير أن يبيت خارجا عن محل الاقامة، فلا يضر بقصد اقامته ويتحقق معه، فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له. وأما إن كان من قصده الخروج إلى ما دون المسافة في ابتداء نيته، مع البيتوتة هناك ليلة أو أزيد، فيشكل معه تحقق الاقامة. والاحوط الجمع من الاول إلى الآخر. إلا إذا نوى الاقامة بدون القصد المذكور جديدا، أو يخرج مسافرا. (مسألة 25): إذا بدا للمقيم السفر، ثم بدا له العود إلى العود محل الاقامة والبقاء عشرة أيام، فان كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ، قصر في الذهاب، والمقصد، والعود (3). وإن كان قبله فيقصر حال الخروج (4) - بعد التجاوز عن حد الترخص - (5) إلى حال العزم على العود، ويتم عند } (1) لان التفصيل بين الامرين إنما قيل به في قصد المسافة التلفيقية، لافيما نحن فيه. (2) قد مر الكلام فيه. (3) لكونه مسافرا في الجميع، كالخارج من وطنه. (4) لكونه شارعا في سفر مقصود له. (5) على ما تقدم.

 

===============

 

( 140 )

 

{ العزم عليه (1). ولا يجب عليه قضاء ما صلى قصرا (2). وأما إذا بدا له العود، بدون إقامة جديدة، بقى على القصر حتى في محل الاقامة، لان المفروض الاعراض عنه (3). وكذا لو ردته الريح، أو رجح لقضاء حاجة، كما مر سابقا (4). (مسألة 26): لو دخل في الصلاة بنية القصر، ثم بدا له الاقامة في أثنائها أتمها، وأجزأت (5). ولو نوى الاقامة ودخل في الصلاة بنية التمام، فبدا له السفر، فان كان } (1) لان العدول عن السفر مانع من البقاء على القصر، لاعتبار استمرار قصده، كما عرفت. (2) لما تقدم في المسألة الرابعة والعشرين من أول المبحث. (3) يعني: فلا مجال لتوهم أن الرجوع الى موضع الاقامة ملحق بالاقامة السابقة، لعدم منافاة هذا المقدار من الخروج لها، فان الخروج حال الاعراض مانع عن ذلك، ولا دليل على أن العدول عنه موجب للرجوع الى التمام، فالمرجع عموم القصر. (4) في المسألة التاسعة والستين من الفصل الاول. (5) بلا خلاف ظاهر، بل عن التذكرة، وإرشاد الجعفرية، وظاهر الذخيرة: الاجماع عليه. ويدل عليه - مضافا الى إطلاق أدلة التمام على المقيم - صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام: " عن الرجل يخرج في السفر، ثم يبدو له في الاقامة، وهو في الصلاة. قال (ع): يتم إذا بدت له الاقامة " (* 1) ونحوه خبر سهل (* 2).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2.

 

===============

 

( 141 )

 

{ قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمها قصرا، واجتزأ بها (1). وإن كان بعده بطلت، ورجع إلى القصر مادام لم يخرج (2) وإن كان الاحوط إتمامها تماما، وإعادتها قصرا، والجمع بين القصر والاتمام ما لم يسافر (3)، كما مر. (مسألة 27): لا فرق في إيجاب الاقامة لقطع حكم السفر واتمام الصلاة بين أن تكون محللة أو محرمة (4)، كما إذا قصد الاقامة لغاية محرمة، من قتل مؤمن، أو سرقة ماله أو نحو ذلك، كما إذا نهاه عنها والده، أو سيده، أو لم يرض بها زوجها. (مسألة 28): إذا كان عليه صوم واجب معين غير رمضان - كالنذر، أو الاستيجار، أو نحوهما - وجب عليه الاقامة مع الامكان (5). } (1) بلا إشكال فيه على الظاهر، بناء على عدم الاكتفاء في البقاء على وجوب التمام بمجرد الدخول في الصلاة بنية التمام. أما بناء على الاكتفاء بذلك - كما تقدم نقله عن الشيخ - أتمها تماما، وبقي على التمام. وقد عرفت فيما سبق أن هذا المبنى خلاف ظاهر صحيح أبي ولاد (* 1). (2) إذا كان بعد الدخول في ركوع الثالثة. وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الخامسة عشرة. فرجع. (3) مبنى الاحتياط: الاشكال في الاكتفاء بهذا المقدار من الاثر في البقاء على التمام وغيره، مما عرفت ضعفه. (4) للاطلاق. (5) إعلم: أن الحضر إذا كان شرطا لوجوب الصوم - كما يقتضيه

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 142 )

 

ظاهر الآية (* 1) وبعض النصوص (* 2) كان السفر موجبا لعدم المصلحة في الصوم. وحينئذ لا يكون ترك الصوم تفويتا، ولاعدمه فوتا. ولا وجه لوجوب القضاء لما فات في السفر، بل إن وجب بعد ذلك في الحضر لم يكن قضاء لما فات، بل هو واجب آخر أجنبي عنه. وهو خلاف ضرورة الفقه، بل خلاف مرتكزات المتشرعة. وان كان الحضر شرطا لوجوده، كان اللازم وجوب تحصيله، فلا يجوز السفر. ولاجل أن المشهور المنصور جواز السفر اختيارا في شهر رمضان، وجب الالتزام بأن الشرط ليس وجود الحضر مطلقا، بل وجوده من باب الاتفاق. وحينئذ يجوز تفويته اختيارا، كما يجوز تفويت شرائط الوجوب، ولكن يجب القضاء. هذا في صوم رمضان. أما غيره فمقتضى قاعدة الالحاق جريان ذلك فيه أيضا، فيكون الحضر شرطا لوجود الصوم، لا مطلقا، بل خصوص وجوده من باب الاتفاق. وعليه فيجوز السفر اختيارا في كل صوم واجب معين، بالاصل أو بالعارض، كما اختاره في نجاة العباد، وأمضاه شيخنا الاعظم (ره) والسيد المحقق الشيرازي (قده) وغيرهما من محشيها. ويشهد به في النذر بعض النصوص، كرواية عبد الله بن جندب: " سمعت من زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه سأله عن رجل جعل على نفسه نذرا صوما. فحضرته نية في زيارة أبي عبد الله (ع). قال (ع): يخرج، ولا يصوم في الطريق. فإذا رجع قضى ذلك " (* 3) وقريب منها غيرها. وعلى هذا فلا موجب للاقامة. نعم لا يبعد ذلك في الاستئجار، لظهور الاجارة في كونها إجارة على الاقامة والصوم معا، لا على الصوم على تقدير الاقامة.

 

 

____________

(* 1) وهي قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه...) البقرة: 185. (* 2) تأتي الاشارة إليها - ان شاء الله تعالى - في المسألة: 1 من فصل شرائط وجوب الصوم. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 5.

 

===============

 

( 143 )

 

{ (مسألة 29): إذا بقي من الوقت أربع ركعات، وعليه الظهران، ففي جواز الاقامة إذا كان مسافرا، وعدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر وصيرورتها قضاء، اشكال (1) فالاحوط عدم نية الاقامة مع عدم الضرورة. نعم لو كان حاضرا، وكان الحال كذلك لا يجب عليه السفر لادراك الصلاتين في الوقت. (مسألة 30): إذا نوى الاقامة، ثم عدل عنها، وشك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما حتى يبقى على التمام أم لا، بنى على عدمها (2)، فيرجع إلى القصر. (مسألة 31): إذا علم بعد نية الاقامة بصلاة أربع ركعات والعدول عن الاقامة، ولكن شك في المتقدم منهما مع } ومنه يظهر أنه لو كان مرجع النذر إلى نذر الاقامة والصوم معا، وجبت الاقامة أيضا. وانما لا تجب الاقامة - حسبما قلنا - إذا كان النذر للصوم المشروع في الزمان المعين، لاغير. وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في المسألة التاسعة والثلاثين من الفصل السابق. وتمام الكلام في المقام موكول إلى محله من كتاب الصوم. (1) لكنه ضعيف، لان التفويت المحرم ترك الواجب في ظرف الفراغ عن وجوبه، ولا يشمل ترك تبديل الواجب، الذي لا يقدر عليه المكلف بواجب يقدر عليه، لعدم الدليل على حرمة مثل ذلك، والاصل البراءة. ولاجل ذلك لم يجب السفر في الفرض الآتي. إذ لافرق بين الفرضين في ذلك. وقد تقدم في المسألة الثالثة من فصل القراءة ماله تعلق بالمقام. (2) لاصالة عدمها، فيثبت موضوع وجوب القصر بكلا جزئيه،

 

===============

 

( 144 )

 

{ الجهل بتاريخهما رجع إلى القصر، مع البناء على صحة الصلاة (1) لان الشرط في البقاء على التمام وقوع الصلاة تماما، حال العزم على الاقامة، وهو مشكوك (2). } أحدهما بالوجدان، وهو العدول، والثاني بالاصل، وهو عدم الصلاة تماما. (1) هذا يوجب المخالفة القطعية للعلم الاجمالي بالتكليف، لانه إن كان العدول بعد الصلاة تماما وجب عليه البقاء على التمام. وان كان قبلها وجب عليه الاعادة لما مضى والقصر لما يأتي، فالبناء على صحة الصلاة، والرجوع إلى القصر مخالفة قطعية للتكليف المعلوم بالاجمال. (2) هذا إنما يصلح تعليلا للرجوع الى القصر، لو جرت أصالة عدم وقوع الصلاة تماما الى حين العدول. لكنه يمتنع جريانها، إما لمعارضتها بأصالة عدم وقوع العدول إلى حين الصلاة تماما، كما هو المشهور. أو لعدم حجية الاصل المذكور ذاتا، كما هو التحقيق، حسبما حررناه في تعليقتنا على الكفاية: (حقائق الاصول)، في استصحاب مجهول التاريخ، وتقدم في مباحث خلل الوضوء. ولاجل أنه لا يجري الاصل الموضوعي المذكور، فالمرجع الاصل الحكمي وهو استصحاب وجوب التمام لو أمكن. وإلا - كما لو كان العدول المحتمل قبل الوقت. وبني على عدم حجية الاستصحاب التعليقي - تعين الجمع بين التمام والقصر، من جهة العلم الاجمالي. كما أن عليه إعادة القصر، لانها بعض المعلوم بالاجمال. هذا كله بناء على عدم الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية. أما بناء على الرجوع إليه فيكون الحكم التمام، لعموم مادل على التمام بنية الاقامة المقتصر في الخروج عنه على صورة العلم بالعدول، قبل الصلاة تماما، لا القصر لعموم مادل على القصر للمسافر، للعلم بتخصيصه بأدلة الاقامة، المعلوم

 

===============

 

( 145 )

 

{ (مسألة 32): إذا صلى تماما ثم عدل، ولكن تبين بطلان صلاته، رجع إلى القصر، وكان كمن لم يصل (1). نعم إذا صلى بنية التمام، وبعد السلام شك في أنه سلم على الاربع أو على الاثنين أو الثلاث، بنى على أنه سلم على الاربع ويكفيه في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الاقامة بعدها (2) (مسألة 33): إذا نوى الاقامة، ثم عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة، وشك في أنه هل صلى في الوقت حال العزم على الاقامة أم لا، بنى على أنه صلى. لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام إشكال (3)، وإن كان لا يخلو من } انطباقه في المقام. هذا ويمكن أن يقال: إن موضوع وجوب التمام على من عدل عن نية الاقامة، هو نية الاقامة مع الصلاة تماما، فإذا ثبتت صحت الصلاة بأصالة الصحة فقد تحقق موضوعه. وعدم العدول قبل الصلاة تماما، لادخل له في وجوب التمام، إلا من حيث اقتضائه صحة الصلاة، لا أنه شرط آخر في قبال الصلاة تماما صحيحة. فليس الشرط في وجوب التمام إلا صحة الصلاة تماما ويمكن إثبات ذلك بأصل الصحة. (1) لما عرفت من عدم الاكتفاء بمطلق الاثر الشرعي لنية الاقامة، فضلا عن الاثر الخارجي. (2) لاطلاق دليل قاعدة البناء على الاكثر، الشامل لمثل الاثر المذكور. (3) لاحتمال اختصاص دليل قاعدة الشك بعد خروج الوقت - وهو صحيح زرارة والفضيل بنفي الاعادة، للاقتصار فيه على ذلك، قال (ع): " وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت، وقد دخل حائل فلا إعادة

 

===============

 

( 146 )

 

{ قوة خصوصا إذا بنينا على أن قاعدة الشك بعد الفراغ، أو بعد الوقت، إنما هي من باب الامارات، لا الاصول العلمية (1). (مسألة 34): إذا عدل عن الاقامة، بعد الاتيان بالسلام الواجب، وقبل الاتيان بالسلام الاخير، الذي هو مستجب، فالظاهر كفايته في البقاء على حكم التمام (2)، وفي تحقق الاقامة. وكذا لو كان عدوله قبل الاتيان بسجدتي السهو إذا كانتا عليه. بل وكذا لو كان قبل الاتيان بقضاء الاجزاء المنسية، كالسجدة والتشهد المنسيين. بل وكذا لو كان قبل } عليك من شك حتى تستيقن... " (* 1) لكن لا يبعد أن يكون ذكر نفي الاعادة لاجل كونه أجد الآثار المترتبة على الوجود، لا لخصوصية فيه. وإذا رجعت القاعدة المذكورة الى قاعدة التجاوز فالامر أظهر، لما عرفت في أوائل مبحث الخلل، من صلاحية القاعدة المذكورة لاثبات الوجود المطلق بلحاظ جميع الآثار. (1) هذا لا أثر له في الفرق في الاكتفاء وعدمه. إذ لو كان دليل القاعدة شاملا باطلاقه للاثر المذكور، اكتفي بها على كلا المذهبين. وإلا لم يكتف بها على كليهما أيضا. نعم لو لم يكن الاثر المذكور شرعيا أمكن أن يدعى الفرق بين المذهبين في ذلك. لكنه شرعي على كل حال. فمنشأ الاشكال: عدم عموم الدليل له، ولو كان عاما له ارتفع الاشكال، وإن لم تكن القاعدة من الامارات، ولم نقل بحجية الاصل المثبت. (2) لصدق أنه صلى فريضة تمام، فيجب عليه البقاء على التمام. وكذا في الفرضين الاخيرين. نعم لو قيل بأن الاجزاء المنسية أجزاء للصلاة أشكل الحكم في الفرض الثاني منهما. لكنه خلاف التحقيق، كما تقدم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 60 من ابواب المواقيت حديث: 1.

 

===============

 

( 147 )

 

{ الاتيان بصلاة الاحتياط، أو في أثنائها (1) إذا شك في الركعات وإن كان الاحوط فيه الجمع، بل وفي الاجزاء المنسية. (مسألة 35): إذا اعتقد أن رفقاؤه قصدوا الاقامة فقصدها، ثم تبين أنهم لم يقصدوا، فهل يبقى على التمام أولا؟ فيه صورتان: إحداهما: أن يكون قصده مقيدا بقصدهم (2). الثانية: أن يكون اعتقاده داعيا له إلى القصد، من غير أن يكون مقيدا بقصدهم. ففي الاولى يرجع إلى التقصير (3). } (1) هذا غير ظاهر، لان احتمال نقص الركعة أو الأكثر موجب لاحتمال عدم صدق التمام. ومنه يظهر أنه لا يجب عليه صلاة الاحتياط، بل يجب عليه الاستئناف قصرا، كما لو عدل قبل السلام. والظاهر أنه لافرق في ذلك بين البناء على كون التسليم على الصلاة المشكوكة تسليما على نقص غير مخرج، كما استظهرناه، وبين البناء على كونه مخرجا، لاجل البناء على انقلاب التكليف بصلاتين، على ما يظهر من جماعة. إذ المراد من الصلاة بتمام - على هذا المعنى - هو تمام الصلاتين. فتأمل جيدا. (2) بأن يكون قصده الخارجي ثابتا في فرض ثبوت قصدهم، نظير الارادة في الوجوب المشروط، فان الارادة الخارجية الحاصلة للآمر حاصلة له فعلا في فرض وجود الشرط اللحاظي. أو بأن يكون موضوع قصده هو موضوع قصدهم، غاية الامر أنه كان يعتقد أن موضوع قصدهم عشرة ومقتضى الجمود على عبارة المتن إرادة الاول. لكن المظنون قويا هو الثاني. (3) أما على تقدير الاحتمال الثاني فظاهر، لكون المفروض أنه لم

 

===============

 

( 148 )

 

{ وفي الثانية يبقى على التمام. والاحوط الجمع في الصورتين. الثالث من القواطع: التردد في البقاء وعدمه ثلاثين يوما (1)، إذا كان بعد بلوغ المسافة. وأما إذا كان قبل بلوغها } يقصد إقامة عشرة، وإنما قصد إقامة المدة المنوية لرفقائه، فإذا كانت في الواقع دون عشرة أيام لم يكن قد نوى مدة عشرة. ومجرد علمه بأن تلك المدة عشرة، غير مجد في وجوب التمام، ما لم يوجب العلم باقامة العشرة الذي هو غير المفروض. ونظيره: مالو نوى الاقامة إلى يوم العيد، وكان يعتقد أن مابين زمان الاقامة والعيد عشرة أيام، ولم يكن في الواقع كذلك. وأما على تقدير الاحتمال الاول فانه وإن كان نوى إقامة عشرة لكن نيته ليست مطلقة، بل مشروطة حسب الفرض بنية رفقائه، فإذا لم يكن الشرط حاصلا في الواقع، لم تكن النية داخلة في إطلاق النصوص، لان النية المنوطة بشرط غير حاصل بمنزلة العدم في نظر العرف. وإن كان التحقيق - حسب ما ذكرنا في الواجب المشروط - أنها موجودة حقيقة، غاية الامر أنها منوطة لا مطلقة. ومجرد عدم حصول المنوط به خارجا، لا يوجب عدم حصولها، لان المنوط به حقيقة وجود الشرط الفرضي اللحاظي، لا الخارجي الحقيقي. لكن الوجود التعليقي بدون وجود المعلق عليه ليس موضوعا للحكم بوجوب التمام، كما هو واضح. (1) على المشهور، بل عن ظاهر الروض أو صريحه: مساواته لمحل الاقامة في حكاية الاجماعات. ولم يعرف مخالف في ذلك إلا المحقق البغدادي (ره) فقد حكي عن ظاهره أو صريحه: أنه ليس من القواطع، ولا يحتاج في تحديد الترخص الى قصد مسافة مستأنفة. وكأنه جمود منه على نصوص وجوب التمام بعد التردد، والرجوع بعد الخروج عن مكان التردد الى عمومات

 

===============

 

( 149 )

 

{ فحكمه التمام حين التردد، لرجوعه إلى التردد في المسافرة وعدمها (1). ففي الصورة الاولى إذا بقي في مكان مترددا في البقاء والذهاب أو في البقاء والعود إلى محله، يقصر إلى ثلاثين يوما، ثم بعده يتم مادام في ذلك المكان (2)، ويكون بمنزلة من } الترخص للمسافر. وفيه: أن النصوص المذكورة وإن لم يصرح فيها بقاطعية التردد، إلا أن المنسبق إلى الذهن منها كون وجوب التمام إنما هو لقدح الاقامة الطويلة في عنوان المسافر، المأخوذ موضوعا للترخص، فتكون نظير الحاكم على أدلته، لا المخصص البحث. وهذا هو العمدة في تسالم الاصحاب على القاطعية وإلا فمن البعيد وقوفهم على ما لم نقف عليه. وكيف كان لا ينبغي التأمل فيما ذكرنا. (1) هذا يتم إذا كان تردده في الاقامة عشرة أيام وعدمها، فان الاقامة إذا كانت منافية للسفر كان تردده فيها ترددا في السفر. وكذا لو كان تردده في البقاء دون العشرة والعود الى وطنه. أما لو كان تردده في الاقامة دون العشرد والذهاب. كما لو تردد في بعض منازل سفره في إقامة يوم أو يومين أو أكثر - إلى تسعة أيام - والذهاب. ثم لم يزل كذلك حتى مضى عليه ثلاثون يوما، وجب عليه القصر إلى نهاية الثلاثين، لعدم منافاته لقصد السفر بوجه. (2) إجماعا، كما عن الخلاف والمدارك، وظاهر المنتهى والذخيرة والرياض. وتدل عليه النصوص المستفيضة، كصحيح أبي ولاد عن أبي عبد الله (ع): " إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر. فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة " (* 1) وصحيح زرارة

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة: 15 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 150 )

 

{ نوى الاقامة عشرة أيام، سواء أقام فيه قليلا أو كثيرا، حتى إذا كان بمقدار صلاة واحدة (1). (مسألة 36) يلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد، ثم لم يخرج. وهكذا، إلى أن مضى ثلاثون يوما، حتى إذا عزم على الاقامة تسعة أيام مثلا (2)، ثم بعدها عزم على إقامة تسعة أيام أخرى. وهكذا. فيقصر إلى ثلاثين يوما، ثم يتم، ولو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة. } عن أبي جعفر (ع): " وإن لم تدر ما مقامك بها، تقول غدا أخرج أو بعد غد، فقصر ما بينك وبين أن يمضي شهر. فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة، وإن أردت أن تخرج من ساعتك " (* 1) ومصحح ابن أبي أيوب: " قال: سأل محمد ابن مسلم أبا عبد الله (ع) [ أبا جعفر (ع). خ تهذيب ] (* 2)... إلى أن قال (ع): فان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر، فليعد ثلاثين يوما، ثم ليتم وإن كان أقام يوما، أو صلاة واحدة " (* 3) ونحوها غيرها. (1) كما في مصحح ابن أبي أيوب المتقدم. (2) ففي خبر أبي بصير: " وإن كنت تريد أن تقيم أقل من عشرة أيام فأفطر ما بينك وبين شهر، فإذا تم الشهر فأتم الصلاة والصيام " (* 4) وفي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) - في حديث - قال (ع):

 

 

____________

(* 1) الواسئل باب: 15 من ابواب صلاة المسافر حديث: 9. (* 2) راجع التهذيب ج 3 صفحة 219 طبع النجف الاشرف. وفي الوسائل نقل الرواية عن الشيخ (ره) باسناده عن أبي عبد الله (ع)، ثم أردفها برواية الكافي عنه (ع). ولعل المقصود بذلك إنما هو رواية الشيخ (ره) في الاستبصار. راجع الاستبصار ج 1 صفحة 238 طبع النجف الاشرف. والكافي ج 3 صفحة 436 طبع ايران الحديثة. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة المسافر حديث: 12. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة المسافر حديث: 3.

 

===============

 

( 151 )

 

{ (مسألة 37): في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا كان تردده في أول الشهر وجه، لا يخلو عن قوة (1). وإن كان الاحوط عدم الاكتفاء به. } " وإن أقمت تقول غدا أخرج أو بعد غد، ولم تجمع على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر. فإذا تم الشهر فأتم الصلاة " (* 1). (1) الموجود في مصحح ابن أبي أيوب المتقدم ذكر الثلاثين، وفيما عداه من النصوص ذكر الشهر. كما أن الموجود في عبارات الاكثر التعبير بالشهر. وفي النهاية وأكثر كتب المتأخرين: التعبير بالثلاثين. ولا خلاف - كما في مفتاح الكرامة، وغيره - في اعتبار الثلاثين إذا لم يكن ابتداء التردد في أول الشهر. إنما الخلاف فيما لو كان أول يوم منه. والمعروف اعتبار الثلاثين فيه أيضا. وعن مجمع البرهان: الاكتفاء بالشهر الهلالي، وتبعه غير واحد. ووجه القول الاول، بناء على كون الشهر حقيقة في الثلاثين ظاهر لاتفاق النصوص عليه. أما بناء على كون حقيقة في خصوص مابين الهلالين أو مشتركا لفظيا بينهما، أو مشتركا معنويا، فان رواية الثلاثين تكون حينئذ نسبتها إلى رواية الشهر نسبة القرينة الصارفة عن الحقيقة الى المجاز، أو المعينة للمشترك اللفظي، أو المقيدة للمشترك المعنوي، كذا قرر هذا الوجه في الجواهر وغيرها. ووجه القول الثاني: أن لفط (الشهر) حقيقة فيما بين الهلالين، فيجب حمله عليه. ولا تصلح رواية الثلاثين لصرفه، لعدم التنافي بينهما. إذ يمكن أن يكون كل منهما موضوعا للحكم، فيكون التردد فيما بين الهلالين موجبا للتمام كالتردد ثلاثين. ويختص الاول بما لو وقع التردد في أول الشهر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب صلاد المسافر حديث: 17.

 

===============

 

( 152 )

 

{ (مسألة 38): يكفي في الثلاثين التلفيق إذا كان تردده في أثناء اليوم (1)، كما مر في إقامة العشرة. وإن كان الاحوط عدم الاكتفاء ومراعاة الاحتياط. (مسألة 39): لافرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا، أو قرية، أو مفازة (2). } ويختص الثاني بغيره. والتحقيق: أن الشهر وإن كان حقيقة فيما بين الهلالين لا غير، فانه موضوع لغة وعرفا للجامع بين الشهور العربية الاثني عشر، من محرم إلى ذي الحجة. إلا أنه يمتنع حمله في النصوص المذكورة عليه. إذ لازمه اختصاص تلك النصوص بصورة وقوع التردد في أول آنات الشهر، ويكون المراد منها أنه إذا تردد المسافر في تمام محرم، أو صفر، أو غيرهما من الشهور العربية، فعليه التمام. ولا تعرض فيها لصورة وقوع التردد في ثاني آنات اليوم الاول من الشهور، فضلا عن صورة وقوعه في غير اليوم الاول من الايام. وهذا مما لا يمكن الالتزام به ضرورة. فلابد أن يكون المراد منها مقدار الشهر، وحيث أن الشهر يختلف بالتمام والنقصان، يتعين حمله على خصوص التام، فانه مقتضى الاطلاق المقامي، فضلا عن كونه مقتضى رواية الثلاثين. ومما ذكرنا يظهر لك ضعف الوجه الذي أشار إليه في المتن. (1) لما عرفت من ظهور الادلة في المقدار الحاصل مع التلفيق وغيره (2) كما في الجواهر، حاكيا عن بعض التصريح به. ويقتضيه إطلاق كلامهم، كاطلاق جملة من النصوص، وعن الدروس واللمعة: التقييد بالمصر. وكأنه وارد مورد التمثيل. وإلا فمن الواضح خلافه، فانه تقييد لنصوص البلد والارض من غير وجه.

 

===============

 

( 153 )

 

{ (مسألة 40): يشترط اتحاد مكان التردد (1) فلو كان بعض الثلاثين في مكان وبعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر. وكذا لو كان مشتغلا بالسير وهو متردد، فانه يبقى على القصر إذا قطع المسافة. ولا يضر بوحدة المكان، إذا خرج عن محل تردده إلى مكان آخر - ولو ما دون المسافة - بقصد العود إليه عما قريب، إذا كان بحيث يصدق عرفا أنه كان مترددا في ذلك المكان ثلاثين يوما، كما إذا كان مترددا في النجف، وخرج منه إلى الكوفه لزيارة مسلم، أو لصلاة ركعتين في مسجد الكوفه، والعود إليه في ذلك اليوم، أو في ليلته. بل أو بعد ذلك اليوم. (مسألة 41): حكم المتردد بعد الثلاثين كحكم المقيم في مسألة الخروج إلى ما دون المسافة مع قصد العود إليه (2)، في أنه يتم ذهابا، وفي المقصد، والاياب، ومحل التردد، إذا كان قاصدا للعود إليه من حيث أنه محل تردده. وفي القصر } (1) لظهور الادلة في ذلك، كما تقدم في الاقامة. إذ لسان الدليل في البابين واحد. ومن ذلك يظهر ذلك الكلام في الخروج إلى ما دون المسافة بقصد العود إليه عن قريب. (2) إذ بعد ما عرفت من البناء على قاطعية التردد للسفر، وأنه كالاقامة عشرة، لابد أن يجري فيه الكلام المتقدم في الخروج الى ما دون المسافة، بعد نية الاقامة على نسق واحد. نعم لو بني على عدم قاطعيته وجب القصر بمجرد الخروج عن ذلك المكان، ولو مع عدم الاعراض عنه، بناء على كون المرجع في المقام عموم وجوب القصر على المسافر، كما هو الظاهر.

 

===============

 

( 154 )

 

{ بالخروج إذا أعرض عنه، وكان العود إليه من حيث كونه منزلا له في سفره الجديد، وغير ذلك من الصور التي ذكرناها. (مسألة 42): إذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوما أو أقل، ثم سار الى مكان آخر وتردد فيه كذلك - وهكذا - بقي على القصر مادام كذلك (1) إلا إذا نوى الاقامة في مكان أو بقي متردد ثلاثين يوما في مكان واحد. (مسألة 43): المتردد ثلاثين يوما إذا أنشأ سفرا بقدر المسافة لا يقصر إلا بعد الخروج عن حد الترخص، كالمقيم، كما عرفت سابقا (2). } (1) لعدم الدليل على وجوب التمام، ليخرج عن عموم وجوب القصر فالعموم المذكور محكم. (2) وعرفت وجهه في المسألة الخامسة والستين في مبحث حد الترخص والله سبحانه أعلم.

 

===============

 

( 155 )

 

{ فصل في أحكام صلاة المسافر مضافا إلى ما مر في طي المسائل السابقة قد عرفت أنه يسقط - بعد تحقق الشرائط المذكورة - من الرباعيات ركعتان (1). كما أنه تسقط النوافل النهارية (2) أي نافلة الظهيرين. بل ونافلة العشاء - وهي الوتيرة - أيضا على الاقوى (3). } فصل في أحكام صلاة المسافر (1) تقدم في أول صلاة المسافر. (2) بلا إشكال. وعن جماعة: الاجماع عليه صريحا وظاهرا والنصوص الدالة عليه كثيرة، منها: صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " عن الصلاة تطوعا في السفر. قال (ع): لا تصل قبل الركعتين ولا بعدهما شيئا نهارا " (* 1) ونحوه غيره. (3) كما هو المشهور. وعن المنتهى: نسبته الى علمائنا. وعن الحلي: الاجماع عليه. ويقتضيه إطلاق بعض النصوص (* 1) وعن الشيخ في النهاية جواز فعلها. لخبر الفضل بن شاذان عن الرضا (ع): " إنما صارت العتمة مقصورة، وليس تترك ركعتاها، لان الركعتين ليستا من الخمسين وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا، ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع " (* 3) وعن الذكرى: " إنه قوي ". وهو في محله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 2، 3، 7. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 3.

 

===============

 

( 156 )

 

{ وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمة (1)، بل المستحب أيضا، الا في بعض المواضع المستثناه. فيجب عليه القصر في الرباعيات فيما عدا الاماكن الاربعة (2). ولايجوز له الاتيان بالنوافل النهارية. بل ولا الوتيرة إلا بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية، لمكان الخلاف في سقوطها وعدمه. ولا تسقط نافلة الصبح، والمغرب، ولا صلاة الليل (3). كما لا إشكال في أنه يجوز الاتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبة (4). (مسألة 1): إذا دخل عليه الوقت هو حاضر، ثم سافر قبل الاتيان بالظهرين، يجوز له الاتيان بنافلتهما سفرا (5)، وإن كان يصليهما قصرا. وان تركها في الوقت يجوز له قضاؤها. } فانه مقتضى الجمع العرفي بين النصوص. لولا شبهة الاعراض عن الخبر الموجب لسقوطه عن الحجية. وقد تقدم في أوائل الصلاة ماله نفع في المقام (1) كما تقدمت الاشارة الى ذلك. وتفصيله يأتي - إن شاء الله - في محله من كتاب الصوم. (2) على ما يأتي قريبا إن شاء الله. (3) بلا خلاف. والنصوص به متظافرة، ففي رواية الحرث: " قال أبو عبد الله عليه السلام: " كان أبي (ع) لا يدع ثلاث عشرة ركعة في الليل، في سفر ولا حضر " (* 2). (4) لاطلاق أدلتها. (5) هذا خلاف مادل على سقوط نافلة المقصورة. واحتمال اختصاصه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 1.

 

===============

 

( 157 )

 

{ (مسألة 2): لا يبعد جواز الاتيان بنافلة الظهر في حال السفر (1) إذا دخل عليه الوقت وهو مسافر، وترك الاتيان بالظهر حتى يدخل المنزل، من الوطن، أو محل الاقامة } بغير هذه الصورة، فيرجع الى عموم ثبوتها. غير ظاهر. نعم قد يقتضي ذلك موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله، ثم يخرج في السفر، فقال (ع): يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلي الاولى بتقصير ركعتين، لانه خرج من منزله قبل أن تحضر الاولى وسئل: فان خرج بعدما حضرت الاولى. قال (ع): يصلي الاولى أربع ركعات. ثم يصلي بعد النافلة ثمان ركعات، لانه خرج من منزله بعدما حضرت الاولى. فإذا حضرت العصر صلى العصر بتقصير، وهي ركعتان لانه خرج في السفر قبل أن تحضر العصر " (* 1) إلا أن في جواز العمل به - مع ابتناء الحكم فيه على كون العبرة بحال الوجوب، وعلى عدم دخول وقت الظهر بمجرد الزوال - إشكالا. ولاسيما مع مخالفته لعموم سقوط نافلة المقصورة. ولذا اختار في المدارك العدم، حيث قيد جواز الاتيان بها في السفر بصورة فعل الفريضة تماما في الحضر. وإن قال في الجواهر: " فيه نظر "، ولم يتعرض لوجهه. اللهم إلا أن يكون مراده صورة فوات وقت النافلة. إذ حينئذ يكون عموم مادل على قضائها محكما. لكن الظاهر أن كلام المدارك لا يختص بذلك. وكيف كان فالانصاف يقتضي جواز العمل بالموثق، لانه من قسم الحجة. ولم يثبت إعراض منهم يوجب وهنه فلا مانع من تخصيصه لعمومات السقوط. كما لامانع من. التفكيك بين دلالته في الحجية. فتأمل. (1) هذا أيضا خلاف إطلاق مادل على سقوط نافلة المقصورة، إذ

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 1.

 

===============

 

( 158 )

 

{ وكذا إذا صلى الظهر في السفر ركعتين، وترك العصر إلى أن يدخل المنزل، لا يبعد جواز الاتيان بنافلتها في حال السفر. وكذا لا يبعد جواز الاتيان بالوتيرة في حال السفر إذا صلى العشاء أربعا في الحضر ثم سافر، فانه إذا تمت الفريضة صلحت نافلتها (1). (مسألة 3): لوصلى المسافر - بعد تحقق شرائط القصر - تماما، فاما أن يكون عالما بالحكم والموضوع (2)، أو جاهلا بهما - أو باحداهما -، أو ناسيا. فان كان عالما بالحكم والموضوع عامدا - في غير الاماكن الاربعة - بطلت } المفروض أنه في السفر وظيفته القصر، ومقتضى الاطلاق المتقدم سقوط نافلتها. ومجرد كونه في الواقع يصليها تماما بعد الوصول إلى وطنه لا يوجب انقلاب تكليفه فعلا، وإنما يوجب انقلاب تكليفه بعد ذلك، فليحقه حينئذ حكم النافلة، لا فعلا، وكذا الحال في الفرض اللاحق. (1) كأنه إشارة إلى ما في الصحيح عن أبي يحيى الحناط: " سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة بالنهار في السفر، فقال (ع): يا بني لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة " (* 1). ولكنه يدل على أنه مهما لا تتم الفريضة في سفر لاتشرع النافلة فيه. وإذ أن السفر في الفرض لا تتم فيه الفريضة، فيجب أن لاتشرع فيه النافلة. لا أنه إذا صليت الفريضة تماما، في حضر أو سفر، جاز الاتيان بنافلتها، ولو سفرا، ليدل على مشروعية النافلة في المقام. (2) إمكان التقرب من العالم العامد إنما يكون بالتشريع في تطبيق المأمور به على المأتي به، لافي الامر. والا كان خاليا عن التقرب.

 

 

____________

(* 1) الواسائل باب: 21 من ابواب أعداد الفرائض ونوافلها حديث: 4.

 

===============

 

( 159 )

 

{ صلاته. ووجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه (1). وإن كان جاهلا بأصل الحكم، وأن حكم المسافر التقصير، لم تجب عليه الاعادة، فضلا عن القضاء. وأما إن كان عالما } (1) إجماعا، كما عن الانتصار، والغنية، والتذكرة، والدروس، وشرح المفاتيح، وظاهر المنتهى، والنجيبية، والذخيرة، وهو الذي يقتضيه إطلاق دليل الواقع، حيث لادليل على الاجزاء يقتضي الخروج عنه. مضافا إلى صحيح زرارة ومحمد قالا: " قلنا لابي جعفر (ع): رجل صلى في السفر أربعا، أيعيد، أم لا؟ قال (ع): إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له، فصلى أربعا أعاد. وإن لم يكن قرئت عليه، ولم يعلمها، فلا إعادة عليه " (* 1) وفي خبر الاعمش: " ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته، لانه زاد في فرض الله عزوجل " (* 2) وصحيح عبيد الله ابن علي الحلبي: " قلت لابي عبد الله (ع): صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر. قال (ع): أعد " (* 3) والظاهر أن المراد من الصحيح الاخير السؤال عن القضية الفرضية، فاطلاقه كاطلاق غيره يشمل العامد، لاعن القضية الخارجية، كي يجب حمله على غير صورة العلم والعمد، لمكان جلالة الحلبي ورفعة مقامه. نعم يمكن أن يستشكل في اقتضائه الاعادة في خارج الوقت في العامد لوجوب تقييده بصحيح العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة. قال (ع): إن كان في وقت فليعد، وإن كان الوقت قد مضى فلا " (* 4). بل قد يستشكل في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1.

 

===============

 

( 160 )

 

الاستدلال بالصحيح الاول على الاعادة في خارج الوقت في العامد، نظرا إلى أن بين صدره وهذا الصحيح عموما من وجه، لعموم هذا الصحيح للجاهل والعالم، وعموم الاول للوقت وخارجه. وهذا التعارض بعينه جار في الجاهل بالنسبة إلى الاعادة في الوقت، فان مقتضى إطلاق الصحيح الاول عدم وجوبها، ومقتضى إطلاق الثاني وجوبها. والتحقيق أن يقال: بعد صراحة الصحيح الاول بالتفصيل بين العالم والجاهل وصراحة الصحيح الثاني بالتفصيل بين الوقت وخارجه، يمتنع الجمع بينهما بالتصرف في أحدهما دون الآخر، لان ذلك خلاف صريح التفصيل المذكور فيه. مثلا: التصرف في الاول، بحمل نفي الاعادة فيه في الجاهل على نفيها في خارج الوقت، ووجوب الاعادة المذكور فيه في العالم على وجوبها في داخل الوقت، خلاف صريح التفصيل فيه، لان التفصيل إنما يحسن مع تنافي الحكمين. وكذلك التصرف في الصحيح الثاني بحمل وجوب الاعادة فيه على خصوص العالم، ونفي القضاء فيه على خصوص الجاهل، فانه أيضا خلاف صريح التفصيل بين الوقت وخارجه المذكور فيه، لما عرفت من توقف صحة التفصيل على تباين الحكمين. فيتعين في مقام الجمع ارتكاب التصرف فيهما معا. وذلك، إما أن تحمل الاعادة وعدمها في الاول على خارج الوقت فيلزم حمل الثاني على خصوص الجاهل، فيكون حكمه التفصيل بين الوقت وخارجه، دون العالم، فانه يعيد في الوقت وخارجه. وإما بأن يحمل الاول على داخل الوقت، فيلزم حمل الثاني على خصوص العالم. فيكون التفصيل بين الوقت وخارجه مختصا بالعالم، دون الجاهل، فانه لا يعيد لافي الوقت ولافي خارجه. وإما بأن يحمل الثاني على العالم، فيلزم تقييد صدر الاول بالحمل على الاعادة في خصوص الوقت، ويبقى ذيله على إطلاقه في نفي

 

===============

 

( 161 )

 

{ بأصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيات - مثل أن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أن المسافة } الاعادة على الجاهل. ومرجع هذا الحمل إلى الحمل الثاني. وإما بأن يحمل الثاني على الجاهل، فيلزم تقييد ذيل الاول بحمل نفي الاعادة فيه على الجاهل في خارج الوقت، ويبقى صدره على إطلاقه في وجوب الاعادة على العالم في الوقت وخارجه. ومرجع هذا الحمل إلى الحمل الاول. ثم إنه لما كان حمل وجوب الاعادة ونفيه على خارج الوقت بعيدا في الصحيح الاول، من جهة أن التعرض لحكم خارج الوقت دون داخله خلاف الاولى، ومن جهة أن استعمال لفظ الاعادة في القضاء دون الاداء خلاف الشائع، يتعين التصرف بحمل الاول على داخل الوقت، والثاني على خصوص العالم، ومقتضاه عدم وجوب القضاء على العالم. ويحتمل الجمع بحمل الصحيح الثاني على خصوص العالم الناسي، فيجب القضاء فيما عداه من أقسام العالم. ولعله أولى من غيره من أنواع الجمع، إذ لا يلزم عليه إلا تصرف واحد في الصحيح الثاني، للعمل بتخصيص وجوب الاعادة على العالم بغير الناسي. وكذا تخصيص عموم قضاء الفائت بغير الناسي، بخلاف غيره من أنواع الجمع، فان التصرف فيه متعدد. مضافا إلى أنه أوفق باطلاق قضاء الفائت. وإلى إمكان المناقشة في دلالة الصحيح، بأن قوله: " فأتم الصلاة " ظاهر في أن الاتمام لم يكن مقصودا من أول الامر، وإنما طرأ من جهة النسيان. وإلى أن الاجماعات الدالة على وجوب القضاء على العالم غير الناسي مانعة من حمل وجوب الاعادة في الصحيح على خصوص الوقت. وقد عرفت أن حمله على خارج الوقت بعيد أيضا. فلابد من ارتكاب الجمع المذكور، فانه لا يلزم منه مخالفة لشئ من ذلك. ومن ذلك تعرف وجه الحكم الذي ذكره المصنف (ره)

 

===============

 

( 162 )

 

{ ثمانية، أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيام يقصر في السفر الاول، أو أن العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصر، ونحو ذلك - وأتم، وجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه (1). وكذا إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع، كما إذا تخيل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة، فانه لو أتم وجب عليه الاعادة أو القضاء. } في الجاهل بقوله: " لم تجب عليه الاعادة فضلا... " كما هو المشهور كما عن جماعة، بل عن المقدس البغدادي: الاجماع عليه. ومما ذكرنا يظهر ضعف ما في الغنية، وعن الاشارة: من وجوب الاعادة إن ذكر في الوقت، بل في الاول: دعوى الاجماع عليه. وأضعف منه ماعن العماني: من وجوب الاعادة مطلقا. (1) كما عن أكثر من تعرض له. لاطلاق دليل الواقع، المعتضد باطلاق صحيح الحلبي (* 1)، وخبر الاعمش (* 2). بل صحيح العيص بالنسبة إلى الوقت (* 3)، مع عدم المخرج عنها. إلا ما يتوهم من دخوله في صحيح زرارة ومحمد (* 4)، لان عدم العلم ببعض الخصوصيات يصدق معه عدم العلم بتفسير الآية. أو لانه يستفاد من الصحيح المذكور كون الوجه في الاجزاء مطلق الجهل. أو مما ورد في الصوم من بعض النصوص المطلقة الشاملة له، كرواية العيص: " من صام في السفر بجهالة لم يقضه " (* 5). ونحوه غيره، بضميمة عدم القول بالفصل. لكن الجميع غير ظاهر. إذ الظاهر من التفسير بيان أن المراد من نفي الجناح الوجوب، والمفروض أنه حاصل له. واستفادة كون الوجه في

 

 

____________

(* 1)، (* 2)، (* 3)، (* 4) تقدم ذلك في أوائل التعليقة السابقة. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 5

 

===============

 

( 163 )

 

{ وأما إذا كان ناسيا لسفره، أو أن حكم السفر القصر، فأتم، فان تذكر في الوقت وجب عليه الاعادة، وإن لم يعد وجب } الاجزاء مطلق الجهل لا منشأ لها. وعدم الفصل غير ثابت. مع أن الحكم في الصوم غير ثابت. ولو سلم ذلك، وبني على عدم الفصل، كان دليله معارضا بصحيح زرارة ومحمد، ومقتضى الرجوع إلى الاصل بعد التساقط البطلان، كما سيأتي في نظيره في الصوم. نعم لو فرض إجمال الصحيح - لاجمال التفسير - سقط عن الحجية، وكان المرجع رواية العيص ونحوها. لكنه ممنوع، وأن الظاهر من التفسير تفسير نفي الجناح بالوجوب. ومن ذلك يظهر لك الحال في الجاهل بالموضوع، فانه من أفراد من قرئت عليه آية التقصير وفسرت له، فلا مجال لاحتمال دخوله في ذيل صحيح زرارة ومحمد، بل المتعين دخوله في صدره، وحينئذ يجيئ فيه الكلام المتقدم في العامد بعينه. وقد يستوجه إلحاقه بجاهل الحكم في نفي الاعادة والقضاء للاولوية، فان الجاهل بالموضوع معذور فأولى بالتخفيف من الجاهل بالحكم غير المعذور ولاقتضاء الامر الظاهري للاجزاء. بل عن المقدس البغدادي: أنه لو فاتته الصلاة قضى تماما. ولكن ضعفه ظاهر. لمنع الاولوية، لعدم وضوح المناط في الاجزاء. ولما حرر في محله: من عدم اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء. مع أنه لو سلما فلا يقتضيان القضاء تماما، بل يتوقف ذلك على كون الجاهل بالموضوع حكمه التمام وأن القصر بدل على تقدير الاداء لا مطلقا وهو كما ترى. ومثله: الناسي لسفره، والناسي لحكم سفره، فان الجميع داخل في العالم، فيجري فيه ما تقدم في العامد، لاتفاق النصوص المتقدمة عليه. مضافا إلى اطلاق دليل الواقع.

 

===============

 

( 164 )

 

{ عليه القضاء في خارج الوقت (1). وإن تذكر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء (2). وأما إذا لم يكن ناسيا للسفر } (1) لما تقدم. أو لعموم قضاء الفائت من دون معارض، كما عرفت ولا يدخل في صحيح العيص، لفرض التذكر في الوقت. (2) على المشهور. وعن الانتصار، والخلاف، والسرائر، وظاهر التذكرة: الاجماع عليه. بل عن الثالث: دعوى تواتر الاخبار به. إلا أنا لم نقف إلا على ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (ع): " عن الرجل ينسى، فيصلي في السفر أربع ركعات. قال (ع): إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه " (* 1) ومقتضى الجمود على متن الجواب وإن كان ثبوت الحكم في الظهورين لا غير لاختصاص اليوم بالنهار، لكن بملاحظة إطلاق السؤال، وما تقدم في صحيح العيص، يحمل ذكر اليوم على إرادة مطلق الوقت، فيثبت الحكم في العشاء أيضا. ولاسيما مع عدم القول بالفصل. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن الصدوق، ووالده، والمبسوط: من وجوب الاعادة مطلقا لصحيح الحلبي (* 2)، فانه يجب تقييده بما ذكر. ودعوى: أنه ظاهر في السؤال بعد الوقت، لاستبعاد وقوع السؤال فيه في الوقت، غير ظاهرة. والاستبعاد لا يصلح قرينة. مع أنك عرفت أن المراد السؤال عن القضية الفرضية، لا الخارجية، فلا مانع من التقييد حينئذ. وأولى منه بالتقييد غيره ما تضمن الامر بالاعادة مطلقا ولو بعد الوقت. ثم إن مقتضى ترك الاستفصال في رواية أبي بصير المذكورة عدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2. (* 2) تقدم ذلك في أوائل هذه المسألة.

 

===============

 

( 165 )

 

{ ولا لحكمه، ومع ذلك أتم صلاته ناسيا (1)، وجب عليه الاعادة والقضاء (2). (مسألة 4): حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة، فيبطل مع العلم والعمد (3)، } الفرق بين نسيان الحكم والموضوع. لكن قيل: ان المتيقن من النص والفتوى نسيان الموضوع - أعني: السفر - فيرجع في نسيان الحكم إلى غيره من الادلة المتقتضية للاعادة والقضاء. وفيه: ما أشرنا إليه: من وجوب العمل بالعموم الناشئ من ترك الاستفصال، ولا موجب للاقتصار على المتيقن. مع أن دعوى: كون متيقن الفتوى نسيان الموضوع غير ظاهر، لان ذكر النسيان في كلامهم في سياق العلم والجهل يقتضي اتحاد متعلقهما. فدعوى: كون المتيقن منها نسيان الحكم أولى. (1) يعني: لصلاته، بأن غفل عن عددها فصلاها أربعا. (2) بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه إطلاق ما تقدم من النصوص، المعتضد باطلاق دليل الواقع، وليس ما يوجب الخروج عنه في الاعادة قطعا. وأما في القضاء فقد يتوهم عدمه، لدخوله في رواية أبي بصير، فيلحقه حكم ناسي الحكم أو السفر. ولكن لا مجال له، لان الظاهر من الاربع فيه الاربع في الرباعية، لافعل الركعتين الاخيرتين بعنوان الاولتين سهوا كما هو المفروض. وكذا قوله: " فاتم الصلاة " في صحيح العيص (* 1) فانه ظاهر في صلاة التمام بعنوان التمام، فلا يشمل المقام. فلاحظ. (3) إجماعا. ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق مادل على بطلان الصوم في السفر - (* 2) النصوص الآتية في الجاهل.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في اوائل المسألة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب من يصح الصوم منه.

 

===============

 

( 166 )

 

{ ويصح مع الجهل بأصل الحكم (1)، دون الجهل بالخصوصيات ودون الجهل بالموضوع. } (1) إجماعا. ويدل عليه صحيح عبد الرحمن البصري عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر، فقال (ع) إن كان لم يبلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فليس عليه القضاء، وقد أجزأ عنه الصوم " (* 1):، وصحيح الحلبي " قلت لابي عبد الله (ع): رجل صام في السفر، فقال (ع): إن كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء، وإن لم يكن بلغه فلا شئ عليه " (* 2)، وصحيح العيص عنه (ع): " من صام في السفر بجهالة لم يقضه " (* 3). وفي صحيح ليث: " وإن صامه بجهالة لم يقضه " (* 4). ومقتضى إطلاق الاخيرين - كما أشرنا إليه سابقا - عدم الفرق بين الجهل بالحكم، والجهل بالخصوصيات والجهل بالموضوع. لكن يعارضه في الاخير إطلاق صحيح الحلبي (* 5) ونحوه، الظاهر في اعتبار الجهل بأصل الحكم شرطا في الصحة، فيقدم عليه للاخصية. ولو سلم التساوي وعدم الترجيح في الظهور فالمرجع إطلاق مادل على بطلان الصوم في السفر. وأما الجهل بالخصوصيات فقد يدعى عدم بلوغ النهي فيه، فلا يجب القضاء معه. لكن الانصاف منع ذلك، وأن المراد من بلوغ النهي العلم بأصل الحكم، فيجري فيه ما ذكرنا في الجاهل بالموضوع بعينه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب من يصح الصوم منه حديث: 6. (* 5) تقدم ذلك في أوائل المسألة السابقة.

 

===============

 

( 167 )

 

{ (مسألة 5): إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد (1). إلا في المقيم المقصر للجهل بأن حكمه التمام. (مسألة 6): إذا كان جاهلا بأصل الحكم، ولكن لم } (1) على المشهور، كما عن الروض، وظاهرهم، كما في الحدائق. وفي الجواهر: " بل ربما كان ظاهر جميع الاصحاب أيضا حيث اقتصروا في بيان المعذورية على الاولى - وهي عكس الفرض - ". لاطلاق أدلة التمام، الموجب للبطلان. وعن الجامع: الصحة. وعن مجمع البرهان: نفي البعد عنها. وليس له وجه ظاهر غير صحيح منصور عن الصادق (ع) " إذا أتيت بلدة، فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة. فإن تركه رجل جاهلا فليس عليه إعادة " (* 1)، وخبر محمد بن اسحاق بن عمار: " سألت أبا الحسن (ع) عن امرأة كانت معنا في السفر، وكانت تصلي المغرب ركعتين ذاهبة وجائية. قال (ع): ليس عليها قضاء " (* 2). لكن الخبر غير ظاهر في الجاهل. وحمله عليه بلا وجه ظاهر، بعد حكاية الاجماع على خلافه، كما عن الدروس، ورميه بالشذوذ، كما عن الشيخ وغيره. وأما الصحيح فالعمل به في مورده لا يخلو عن إشكال بعد اعراض الاصحاب عنه، فضلا عن التعدي عنه إلى غيره. بل وإلى الناسي كما عن الجامع. اللهم إلا أن يقال: إنه لم يثبت إعراضهم عنه، لعدم تصريحهم بخلافه. ومجرد عدم التعرض لمضمونه غير كاف في إثباته. ولاسيما مع إطلاق بعض معذورية الجاهل بالقصر والاتمام. فالعمل به في مورده - كما في المتن - لا يخلو من قوة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة المسافر حديث: 7.

 

===============

 

( 168 )

 

{ يصل في الوقت، وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به (1)، وإن كان لو أتم في الوقت كان صحيحا. فصحة التمام منه ليس لاجل أنه تكليفه، بل من باب الاغتفار (2). فلا ينافي ما ذكرناه قوله: " اقض ما فات كما فات "، ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر، لا التمام. وكذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه، فانه لو لم يصل أصلا - عصيانا أو لعذر - وجب عليه القضاء قصرا. } (مسألة 7): إذا تذكر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة، فان كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتم الصلاة قصرا (3) واجتزأ بها. ولا يضر كونه ناويا من الاول للتمام، لانه من باب الداعي والاشتباه في المصداق (4)، } (1) أما قبل العلم به فالمتعين القول باجزاء القضاء تماما. لاطلاق مادل على معذورية الجاهل، الشامل للاداء والقضاء. (2) وإن شئت قلت: دليل الصحة إنما دل عليها في ظرف حصول الامتثال به، لا على انقلاب إليه مطلقا. فاطلاق مادل على وجوب القصر عند عدم الامتثال بالتمام محكم، ومقتضاه وجوب القضاء قصرا. (3) بلا كلام، كما في الجواهر، حاكيا عن المقدس البغدادي الاعتراف به. (4) المستفاد من النصوص: أن القصر والتمام حقيقة واحدة، يختلف مصداقها باختلاف خصوصيتي الحضر والسفر، وأن صلاة القصر عين الركعتين الاولتين اللتين فرضهما الله تعالى، وأن السفر اقتضى سقوط الركعتين الاخيرتين اللتين سنهما النبي صلى الله عليه وآله. وعليه فالمسافر يتقرب بصلاة القصر

 

===============

 

( 169 )

 

{ لا التقييد، فيكفي قصد الصلاة، والقربة بها. وإن تذكر بعد ذلك بطلت (1)، ووجب عليه الاعادة مع سعة الوقت، } بعين ما يتقرب به الحاضر في الركعتين الاولتين، فيأتيان بفعل واحد، ممتثلين أمرا واحدا. غير أن الحاضر يقصد امتثال ذلك الامر في ضمن امتثاله للامر المنبسط على الركعات الاربع، والمسافر يقصد امتثال الامر المتعلق بالركعتين مستقلا بلا ضم امتثال الآخر إليه، بل يقصد امتثال الامر بهما بقيد عدم زيادة عليهما. وهذا المقدار من الاختلاف لا يوجب فرقا بينهما في أصل التقرب المعتبر في العبادة بالاضافة الى الركعتين، وإنما هو اختلاف في الخصوصية. فان كانت الخصوصية ملحوظة في التقرب على نحو التقييد كان فواتها موجبا لفوات التقرب. وإن كانت ملحوظة فيه على نحو الداعي، لم يكن فواتها موجبا لفوات التقرب، كما في سائر موارد الاشتباه في التطبيق. ودعوى: أن العناوين - التي تقصد من باب الاشتباه في التطبيق ولا يقدح تخلفها - هي التي لا تؤخذ في موضوع الامر، أما ماكان كذلك فتخلفه يوجب فوات المقصود الواجب قصده، لاعتبار قصد المأمور به في حصول التقرب. مندفعة: بأن قصد المأمور به بقيوده إنما يعتبر في حصول التقرب بالمعنى الاعم من الاجمالي والتفصيلي، فيمكن قصد قيود المأمور به على ماهي عليه إجمالا، وقصد غيرها تفصيلا خطأ. ولاتنافي بين القصدين لاختلافهما بالاجمال والتفصيل. على أنك عرفت في مباحث النية عدم وضوح الدليل على اعتبار قصد المأمور به في تحقق العبادة، وإن كان هو المشهور، بل المحتمل اعتبار قصد الامر، لاغير. نعم ربما كان قصد المأمور به دخيلا في كون الانبعاث عن الامر، وربما لا يكون. فراجع. (1) لحصول الزيادة.

 

===============

 

( 170 )

 

{ ولو بادراك ركعة من الوقت (1). بلى وكذا لو تذكر بعد الصلاة تماما وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، فانه يجب عليه إعادتها قصرا (2). وكذا الحال في الجاهل بأن مقصده مسافة إذا شرع في الصلاة بنية التمام ثم علم بذلك، أو الجاهل بخصوصيات الحكم إذا نوى التمام ثم علم في الاثناء أن حكمه القصر. بل الظاهر أن حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنية القصر جهلا ثم تذكر في الاثناء العدول إلى التمام ولا يضره أنه نوى من الاول ركعتين مع أن الواجب عليه أربع ركعات، لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقربا وإن تخيل أن الواجب هو القصر، لانه من باب الاشتباه في التطبيق والمصداق، لا التقييد. فالمقيم الجاهل بأن وظيفته التمام إذا قصد القصر ثم علم في الاثناء يعدل إلى التمام، ويجتزئ به. لكن الاحوط الاتمام والاعادة، بل الاحوط في الفرض الاول } (1) أما مع ضيق الوقت حتى عن الركعة فقد يحتمل إتمامها تماما، والاجتزاء بها، لانه يلزم من بطلانها وجوب القضاء، وقد عرفت أنه ساقط عن الناسي. اللهم إلا أن يقال: الدليل إنما دل على الصحة إن ذكر وقد مضى الوقت، فإذا ذكر قبل مضيه وجب القضاء. وفيه: أن الظاهر من قوله: " وإن كان الوقت قد مضى... " عدم التمكن من الفعل في الوقت. أو يقال: إن الدليل إنما دل على الصحة لو ذكر بعد الفراغ عنها تماما، فلا يشمل ما نحن فيه، والتعدي إليه غير واضح. فتأمل جيدا. (2) لصدق أنه في وقت.

 

===============

 

( 171 )

 

{ أيضا الاعادة قصرا بعد الاتمام قصرا. (مسألة 8): لو قصر المسافر اتفاقا لا عن قصد فالظاهر صحة صلاته (1) وإن كان الاحوط الاعادة. بل وكذا لو } (1) ادعى في الجواهر: عدم وجدان الخلاف في البطلان بين من تعرض لهذا الفرع. وعلله - تبعا للمبسوط - بأنه قد صلى صلاة يعتقد فسادها، وأنها غير المأمور به. ومقتضى التعليل المذكور كون المراد صورة الالتفات إلى عدم الامر بالقصر المأتي به. وحينئذ يتعين كون التقرب بلحاظ الامر التشريعي، لا الشرعي، والبطلان حينئذ في محله. لكن إرادة ذلك بعيدة عن ظاهر العبارة، لان الظاهر أن قيد الاتفاق راجع الى القصر يعني: كان قاصدا لفعل التمام، فوقع منه القصر بلا قصد له، بل من باب الاتفاق. وينحصر فرضه حينئذ في صورتين. إحداهما، أن يقع منه التسليم بلا قصد إليه أصلا، ككلام النائم. وحينئذ لاوجه للاجتزاء به، لفوات التقرب المعتبر فيه. فاما أن يحكم بالبطلان بمثل ذلك، أولا، فلابد من تجديد السلام بقصد الصلاة بعد الالتفات. وثانيتهما: أن يقع منه التسليم سهوا، بأن يعتقد أن عليه التمام ثم يسلم على الركعتين باعتقاد فعل الاربع، ولا مانع من الالتزام بالصحة وعدم الحاجة إلى استئناف القصر بعد العلم بأنه حكمه، لما عرفت في المسألة السابقة. ثم إنه يمكن تصحيح القصر - مع الالتفات إلى كون المأمور به هو التمام جهلا، وإلى أن المأتي به هو القصر - بدعوى: كون التشريع ليس في الامر، ليلزم فوات التقرب، بل في تطبيق المأمور به - هو التمام - على القصر. فيأتي بالقصر بدعوى كونه عين التمام المأمور به. لكن كون مراد المصنف (ره) ذلك بعيدا جدا، بل الظاهر أن الفرق بين هذه الصورة

 

===============

 

( 172 )

 

{ كان جاهلا بأن وظيفته القصر فنوى التمام، لكنه قصر سهوا. والاحتياط بالاعادة في هذه الصورة (1) أأكد وأشد (2). (مسألة 9): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكن من الصلاة، ولم يصل، ثم سافر وجب عليه القصر (3). ولو دخل عليه الوقت وهو مسافر، فلم يصل حتى دخل المنزل من الوطن، أو محل الاقامة، } والصورة الآتية: أن قصد التمام فيها كان عن نسيان، وفي الثانية عن جهل. (1) وقوى بعض البطلان، لان وظيفة الجاهل التمام، فيكون القصر غير المأمور به. وفيه: ما عرفت آنفا: من أنه لادليل على كون وظيفة الجاهل التمام مطلقا حتى لو جاء بالقصر، وإنما المستفاد من النصوص صحة التمام لو امتثل له، وهو غير ما نحن فيه. مع أن لازم ذلك وجوب القضاء تمام لو لم يأت به في الوقت، وإن علم بعد خروج الوقت أن وظيفة المسافر القصر، ولم يلتزم به القائل المذكور. وكون دليل القضاء يفيد التوسعة في وقت الاداء لا يجدي، لان المطابقة بين الاداء والقضاء مما لابد منها، فإذا لم يصل في الوقت في حال الجهل، فقد فاته التمام، فدليل القضاء يدل على توسعة الوقت للتمام، فيجب فعله خارج الوقت، وإن علم بأن حكم المسافر القصر. مع أن ذلك لو سلم اختص بجاهل الحكم، لا مطلق الجاهل. (2) كأنه للشبهة المتقدمة. (3) على المشهور. وعن السرائر: الاجماع عليه. ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق مادل على وجوب القصر على المسافر - صحيح اسماعيل بن جابر: " قلت لابي عبد الله (ع): يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر، فلا

 

===============

 

( 173 )

 

أصلي حتى أدخل أهلي، فقال (ع): صل، وأتم الصلاة. قلت: فدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر، فلا أصلي حتى أخرج فقال (ع): فصل، وقصر، فان لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله صلى الله عليه وآله " (* 1) وصحيح محمد بن مسلم: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يريد السفر، فيخرج حين تزول الشمس، فقال (ع): إذا خرجت فصل ركعتين " (* 2) ولا ينافي الاستدلال بالاخير فرض الخروج حين الزوال، لان الخروج المذكور يلازم إمكان التمام قبل الوصول إلى حد الترخص. بل الظاهر أن السؤال كان من جهة وجوب التمام عليه قبل السفر. وخبر الحسن بن علي الوشا: " سمعت الرضا (ع) يقول: إذا زالت الشمس وأنت في المصر، وأنت تريد السفر فأتم. فإذا خرجت وأنت بعد الزوال قصر العصر " (* 3) بناء على ما هو الظاهر من إرادة الاتمام في المصر. واحتمال إرادة الاتمام بعد الخروج - كما عن الكافي - خلاف الظاهر. نعم يعارضها صحيحة محمد بن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل من سفره، وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق، فقال (عليه السلام): يصلي ركعتين. وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا " (* 4)، ومصححته عنه (ع): " عن الرجل يدخل مكة من سفره وقد دخل وقت الصلاة. قال (ع): يصلي ركعتين. فان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا " (* 5)، وصحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1. (* 3) الوسائل باب صلاة المسافر حديث: 12. (* 4) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 21 من ابواب الصلاة المسافر حديث: 11.

 

 

===============

 

( 174 )

 

زرارة المروي عن مستطرفات السرائر عن أحدهما (ع): " أنه قال في رجل مسافر نسي الظهر والعصر حتى دخل أهله، قال (ع): يصلي أربع ركعات. وقال لمن نسي الظهر والعصر وهو مقيم حتى يخرج، قال (ع): يصلي أربع ركعات في سفره. وقال: إذا دخل على الرجل وقت صلاة وهو مقيم، ثم سافر، صلى تلك الصلاة التي دخل وقتها عليه وهو مقيم أربع ركعات في سفره " (* 1)، وخبر بشير النبال: " خرجت مع أبي عبد الله (ع) حتى أتينا الشجرة، فقال لي أبو عبد الله (ع): يا نبال، قلت: لبيك. قال (ع): إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيرى وغيرك. وذلك: إنه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج " (* 2). لكن لم يصرح في الاخير أنهما صليا بعد الخروج، فمن الجائز أن يكون المراد أنهما صليا قبله أربعا. وأما الاولان: فالجمع العرفي بينهما وبين ما سبق غير ظاهر. إذ يبعد جدا حمل ما سبق على مالو كان الخروج قبل الوقت بقليل، بحيث لا يمكن فعل التمام قبل الوصول إلى حد الترخص، إذ يأباه جدا قوله في الصحيح الاول: " فلا أصلي حتى أخرج ". كما أنه يبعد أيضا حمل الاخيرة على الصلاة أربعا قبل الخروج، أو بعده قبل الوصول إلى محل الترخص. وكون التصرف فيها بذلك أقرب من التصرف في الاول بما سبق، غير كاف في كون الجمع عرفيا غير محتاج الى شاهد على أنه لا يتأتى في صحيح زرارة. كما أن الجمع بينهما بالتخيير - كما عن الشيخ في الخلاف واحتمله في التهذيب والاستبصار، حملا للامر على الوجوب التخييري، كما يشهد به

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 13. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 10.

 

===============

 

( 175 )

 

صحيح منصور بن حازم قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله، فسار حتى دخل أهله، فان شاء قصر، وإن شاء أتم. والاتمام أحب الي " (* 1) - مما لا مجال له. لصراحة صحيح اسماعيل بالوجوب التعييني، لان التفصيل بين الدخول والخروج يأبى ذلك جدا. وصحيح منصور - مع أنه مختص بصورة الرجوع إلى الاهل، كما هو موضوع المسألة اللاحقة - لا مجال للعمل به في مورده بعد إعراض المشهور عنه، فضلا عن التعدي عنه إلى المقام. ونحوه: الجمع بينهما بحمل الاول على صورة سعة الوقت، والاخيرة على صورة ضيقه - كما عن الفقيه والنهاية، وموضع من المبسوط والكامل - بشهادة موثق إسحاق: " سمعت أبا الحسن (ع) يقول: في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة، فقال (ع): إن كان لا يخاف فوت الوقت فليتم، وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر " (* 2). فانه أيضا يرد عليه ما سبق من منافاته للتفصيل المشتمل عليه نصوص الطرفين، ولما هو كصريح صحيح اسماعيل. ومن اختصاصه بصورة القدوم من السفر وعدم إمكان العمل به في مورده. مضافا إلى قرب دعوى: إرادة أنه إن كان في سعة فليدخل وليتم، وإن كان يخاف الضيق فليقصر في الطريق، كما ورد في صحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة فقال (ع): إن كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل وليتم، وإن كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصل وليقصر " (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 8.

 

===============

 

( 176 )

 

{ أو حد الترخص منهما أتم (1). فالمدار على حال الاداء، لاحال الوجوب والتعلق. لكن الاحوط في المقامين الجمع. } وحيث تعذر الجمع العرفي وغيره بينها فاللازم الرجوع إلى المرجحات ومقتضاها تعين العمل بالطائفة الاولى، لموافقتها لعموم وجوب القصر على المسافر، وسلامتها من الوهن الحاصل للثانية، حيث تضمنت أن العبرة في صورة الدخول أيضا بحال الوجوب، ولم يعرف القائل به هناك، كما سيأتي مؤيدا ذلك كله بموافقة الشهرة الفتوائية. والاجماع المنقول. ولما قد يظهر من صحيح اسماعيل - حيث تضمن أن التمام مخالفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، مؤكدا ذلك بالقسم - من أن التمام موافق للعامة. ومن ذلك يظهر ضعف القول بوجوب الاتمام في المقام اعتبار بحال الوجوب، كما نسب إلى مشهور المتأخرين، وحكي عن المقنع، وكثير من كتب العلامة، والشهيدين، والمحقق الثاني، وغيرهم. فلاحظ. (1) كما هو المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، فان القول هنا بكون الاعتبار بحال الوجوب ضعيف القائل، حيث حكي عن غير واحد دعوى عدم الوقوف عليه. وإن كان يظهر من الشرائع وغيرها وجوده، لكنه غير ظاهر. بل عن السرائر: " لم يذهب إلى ذلك أحد ولم يقل به فقيه، ولا مصنف ذكره في كتابه، لامنا، ولا من مخالفينا ". ويشهد له من النصوص - مضافا إلى ما تقدم من صحيح إسماعيل بن جابر (* 1) -: صحيح العيص قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر. ثم يدخل بيته قبل أن يصليها. قال (عليه السلام): يصليها أربعا. وقال (ع): لا يزال مقصرا حتى يدخل بيته " (* 2).

 

 

____________

(* 1) راجع أوائل المسألة. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 4.

 

===============

 

( 177 )

 

ويعارضها - مضافا إلى ما تقدم - خبر موسى ابن بكر عن زرارة عن أبي جعفر (ع): " أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر، فأخر الصلاة حتى قدم، وهو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها. قال (ع): يصليها ركعتين صلاة المسافر، لان الوقت دخل وهو مسافر، كان ينبغي أن يصلي عند ذلك " (* 1). فانه وإن كان واردا في القضاء، لكن ظاهر التعليل فيه عموم الحكم للاداء، بل عموم الحكم لصورة الخروج. هذا وقد عرفت الاشارة إلى امتناع الجمع العرفي بين النصوص، كامتناع الجمع بالتخيير، وإن كان يشهد به هنا صحيح منصور المتقدم (* 2) وكذا بالتفصيل بين ضيق الوقت وسعته، وإن كان يشهد به موثق اسحاق المتقدم (* 3). فيتعين الرجوع إلى الترجيح، وهو يقتضي العمل بالطائفة الاولى، لما عرفت، بل هنا أولى. وهنا قولان آخران: (أحدهما): الاعتبار في المسألة الاولى بحال الوجوب وفي المسألة الثانية بحال الاداء، عكس التفصيل السابق. وكأنه لنظير ما ذكر أولا في التفصيل الاول. أو لما روي في البحار، عن كتاب محمد بن المثنى الحضرمي، عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي، قال: " قلت لابي عبد الله (ع): إذا خرج الرجل مسافرا وقد دخل وقت الصلاة كم يصلي؟ قال (ع): أربعا. قلت:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب صلاة المسافر حديث: 3. (* 2) راجع أوائل المسألة. (* 3) راجع التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 178 )

 

{ (مسألة 10): إذا فاتت منه الصلاة، وكان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس، فالاقوى أنه مخير بين القضاء قصرا أو تماما (1)، أنه فاتت منه الصلاة } فان دخل وقت الصلاة وهو في السفر. قال (ع) يصلي ركعتين قبل أن يدخل أهل. فان دخل المصر فليصل أربعا " (* 1). لكن التفصيلين معا ضعيفان. إذ ما ذكر لهما من الوجه - عد الرواية - كما ترى اقتراح من غير وجه. والرواية على تقدير اعتبار سندها - لا تصلح معارضة لجميع ما سبق، فطرحها، وإرجاعها الى أهلها متعين. والله سبحانه أعلم. (1) لانه يدور الامر بين عدم وجوب قضاء أحدهما، ووجوب قضاء كل منهما، ووجوب قضاء أحدهما بخصوصه تعيينا، ووجوب قضاء أحدهما تخييرا. لكن الاول: مخالفة لدليل وجوب القضاء. والثاني: يتوقف على وجود مصلحتين عرضيتين فيهما، وهو منتف. والثالث: ترجيح بلا مرجح، لان خصوصية كل من القصر للمسافر والتمام للحاضر على نحو واحد في اعتبارها في المصلحة. فيتعين الاخير. نعم قد تقدمت هذه المسألة في قضاء الصلاة، وذكرنا: أن المتعين - بحسب القواعد - القضاء قصرا في الفرض الاول، وتماما في الثاني، بناء على أن العبرة في المسألة السابقة بحال الاداء، لان الفوت الذي هو موضوع القضاء قد جعل موضوع الفرض، فيجب أن يكون مقارنا له، ولاريب أن الفرض المقارن للفوت إنما يصدق على ما وجب في آخر الوقت، لانه - بعد انقلاب الواجب من القصر الى التمام، أو من التمام الى القصر - يكون المطالب به المكلف والواجب عليه تعيينا هو الثاني لاغير، فإذا تركه إلى آخر الوقت كان هو الفرض الفائت، فيتعين قضاؤه. أما ما وجب أولا ففي زمان

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 15 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2.

 

===============

 

( 179 )

 

{ في مجموع الوقت، والمفروض أنه كان مكلفا في بعضه بالقصر وفي بعضه بالتمام. ولكن الاحوط مراعاة حال الفوت، وهو آخر الوقت. وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام. (مسألة 11): الاقوى كون المسافر مخيرا بين القصر والتمام في الاماكن الاربعة (1)، وهي مسجد الحرام، ومسجد } الفوت ليس بفرض، وفي حال كونه فرضا ليس بفائت، لكون المفروض أنه تبدل بواجب آخر. نعم مقتضى خبر زرارة المتقدم وجوب القضاء بلحاظ حال الوجوب. لكن عرفت اشكاله في المسألة السابقة. وأما ما في المتن: من التخيير فيتوقف على كون الفائت هو الجامع بين القصر والتمام، مع أنه لم يكن مفروضا على المكلف في زمان من أزمنة الاداء، لا في حال السفر، ولا في حال الحضر. ولعل ما ذكرنا ظاهر بأقل تأمل. (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، ونسب الى مذهب الاصحاب ومتفرداتهم. وعن السرائر وظاهر الخلاف: الاجماع عليه. وظاهر مفتاح الكرامة: تكثر دعوى الاجماع. للاخبار الكثيرة الدالة عليه، التي منها الصحيح والموثق وغيرهما. وفي فهرست الوسائل: أنها أربعة وثلاثون حديثا على اختلاف في مضامينها (* 1). فمنها: صحيح ابن الحجاج: " سألت أبا عبد الله (ع) عن التمام بمكة والمدينة، فقال (ع): أتم وإن لم تصل فيهما إلا صلاة واحدة " (* 1)، ومصحح حماد بن عيسى عنه (ع): " من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن: حرم الله،

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر، ومستدرك الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة المسافر. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 5.

 

===============

 

( 180 )

 

{ النبي صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة، والحائر الحسيني عليه السلام. بل التمام هو الافضل، وإن كان الاحوط هو القصر. } وحرم رسوله صلى الله عليه وآله، وحرم أمير المؤمنين (ع)، وحرم الحسين (ع) " (* 1) وصحيح ابن مهزيار: " كتبت إلى أبي جعفر الثاني (ع): إن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الاتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها: يأمر بأن يتم الصلاة ولو صلاة واحدة، ومنها: يأمر أن يقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام. ولم أزل على الاتمام فيهما إلى إن صدرنا من حجنا في عامنا هذا، فان فقهاء أصحابنا أشاروا إلي بالتقصير إذا كانت لاأنوي مقام عشرة، وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك. فكتب (ع) بخطه: قد علمت - يرحمك الله - فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة. فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: إني كتبت إليك بكذا، وأجبت بكذا، فقال (ع): نعم. فقلت: أي شئ تعني بالحرمين؟ فقال: مكة، والمدينة " (* 2) إلى غير ذلك... نعم يعارضها جملة أخرى آمرة بالقصر ما لم ينو مقام عشرة. منها: صحيح أبي ولاد، المتقدم في مبحث العدول عن نية الاقامة (* 3). ومنها: صحيح ابن بزيع: " سألت الرضا (ع) عن الصلاة بمكة والمدينة تقصير أو إتمام؟ فقال (ع): قصر ما لم تعزم على مقام عشرة أيام " (* 4). ومنها: المصحح عن علي بن حديد: " سألت الرضا (ع) فقلت: إن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 4. (* 3) لاحظ المسألة: 15 من فصل قواطع السفر. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 32.

 

===============

 

( 181 )

 

أصحابنا اختلفوا في الحرمين، فبعضهم يقصر وبعضهم يتم، وأنا ممن يتم على رواية أصحابنا في التمام، وذكرت عبد الله بن جندب أنه كان يتم، فقال: رحم الله ابن جندب (ثم قال): لي لا يكون التمام. إلا أن تجمع على إقامة عشرة أيام. وصل النوافل ما شئت. قال ابن حديد: وكانت محبتي أن يأمرني بالاتمام " (* 1). ومنها: مصحح معاوية بن وهب: " سألت أبا عبد الله (ع) عن التقصير في الحرمين والتمام، فقال: لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام. فقلت: إن أصحابنا رووا عنك أنك أمرتهم بالتمام، فقال: إن أصحابنا كانوا يدخلون المسجد فيصلون ويأخذون نعالهم ويخرجون، والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة، فأمرتهم بالتمام " (* 2)، وحسنه: " قلت لابي عبد الله (ع): مكة والمدينة كسائر البلدان؟ قال: نعم. قلت: روى عنك بعض أصحابنا أنك قلت لهم: أتموا بالمدينة لخمس. فقال: إن أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون، فيخرجون من المسجد عند الصلاة، فكرهت ذلك لهم، فلهذا قلته " (* 3). ويمكن الجواب عنها، أما صحيح أبي ولاد فلتوقف الاستدلال به على كون التخيير بين القصر والتمام عاما لجميع البلد. أما لو اختص بالمسجد فلا مجال له. مضافا إلى إمكان دعوى كون السؤال عن حكم الاقامة في مطلق البلد، ولاجل ذلك استفيد منه الحكم الكلي، وإن كان للمدينة خصوصية دون غيرها. ولزوم تخصيص المورد لامانع منه في مقام الجمع بين الادلة. وأما صحيح ابن بزيع والمصحح عن ابن حديد، فمع ضعف الثاني، يمكن حملهما على إرادة نفي وجوب التمام، لانفي مشروعيته إذا لم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 33. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 34. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 27.

 

===============

 

( 182 )

 

ينو الاقامة عشرة، كما يشهد به قوله في الثاني: " وكانت محبتي أن يأمرنى بالتمام ". إذ هو ظاهر في الالزام به، لافي الترخيص فيه. ومن ذلك يظهر الجواب عن مصحح معاوية، وحسنه. والظاهر منهما أن أصحاب الائمة (ع) في عصرهم كانوا مختلفين، فبعضهم كان مأمورا بالاتمام، ولذا كان يرى وجوبه تعيينا، وبعضهم كان مأمورا بالقصر، فيرى وجوبه تعيينا. والظاهر أن الوجوبين طارئان بالعناوين الثانوية فالعنوان الموجب للامر بالاتمام تعيينا هو ما أشير إليه في مصحح معاوية وحسنه الاخيرين. والعنوان الموجب للامر بالقصر هو خوف الوقوع في خلاف التقية، كما أشير إليه في حسن ابن الحجاج: " قلت لابي الحسن (ع): إن هشاما روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين، وذلك من أجل الناس قال: لا، كنت أنا ومن مضى من أبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة، واستترنا من الناس " (* 1). فان الظاهر أن الاستتار إنما يكون من جهة التقية ممن كان يرى وجوب القصر على المسافر من العامة. فكل من العنوانين الموجب للقصر والتمام راجع إلى التقية. وان اختلفت الجهة. ولاجل ذلك الاختلاف صح له (ع) أن يقول في حسن ابن الحجاج: " لا، كنت... " إد المراد إنكار جهة التقية التي ادعاها هشام، لاإنكار أصل التقية، وإلا لم يكن وجه للاستتار بالاتمام. ومن ذلك أيضا تعرف أن المراد من قول السائل في صحيح ابن مهزيار: " فمنها: يأمر أن يتم...، ومنها: يأمر أن يقصر... " الامر الالزامي التعييني، لكن كان لبعض العناوين الثانوية، ولولاها لكان كل منها واجبا تخييريا. وأما ما في صدر الحسن الاخير فلابد أن يكون المراد منه مساواة مكة والمدينة لسائر البلاد في عدم وجوب التمام إلا بنية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 6.

 

===============

 

( 183 )

 

الاقامة عشرة. وبالجملة: المستفاد من نصوص المسألة: أن العبارات الصادرة من الائمة (ع) على أنحاء. منها: ما هو صريح في التخيير بين التمام والقصر ومنها: ما هو آمر تعيينا بالتمام، ومنها: ما هو آمر تعيينا بالقصر. والجمع بين الاخيرين وما قبلهما: هو أن الحكم الاولي التخيير، وقد يطرأ عنوان فيقتضي وجوب أحدهما تعيينا. وأن اختلاف أصحاب الائمة (ع) في ذلك ناشئ من اختلافهم في الامر الصادر لهم، الناشئ من اختلاف الجهات المعينة للقصر أو التمام. فلا تنافي بين روايتي الامر بالتمام والامر بالقصر، كما لا تنافي بينهما وبين غيرهما. ومن ذلك يظهر الوجه فيما رواه في كامل الزيارة عن سعد: " أنه سئل أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد: مكة، والمدينة، والكوفة وقبر الحسين (ع)، والذي روي فيها، فقال: أنا أقصر، وكان صفوان يقصر، وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصرون " (* 1)، وما في صحيح ابن مهزيار: " من أن فقهاء أصحابنا أشاروا إليه بالتقصير... " (* 2) فان المراد الالتزام بالتقصير، والاشارة بذلك للامر الصادر عن الائمة (ع) به لبعض العوارض المتقضية لذلك. وما ذكرنا هو الذي يقتضيه الجمع بين النصوص. وأما حمل نصوص الامر بالاتمام على إرادة الامر بالاقامة فبعيد جدا. وكذا حمل التخيير بينه وبين القصر على إرادة التخيير بين نية الاقامة وعدمها، فانه خلاف مادل على الاتمام ولو صلاة واحدة، أو مارا، أو حين يدخل. ومما ذكرنا يظهر لك ضعف ماعن ظاهر الصدوق أو صريحه. من منع

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 18 من ابواب صلاة المسافر حديث: 3. (* 2) تقدم ذلك في أوائل هذه التعليقة.

 

===============

 

( 184 )

 

{ وما ذكرنا هو القدر المتيقن، والا فلا يبعد كون المدار على البلدان الاربعة، وهي مكة، والمدينة، والكوفة وكربلاء (1). } الاتمام إلا مع نية الاقامة. وكذا ما عن السيد وابن الجنيد: من وجوبه. إذ جواز القصر من ضروريات مدلول النصوص المتقدمة إليها الاشارة. وطرحها بأجمعها، والعمل بما ظاهره وجوب التمام خلاف مقتضى الجمع بين الادلة. إلا أن في الحكاية عنهما إشكالا، لما عن المختلف: من نسبة استحباب التمام اليهما. ولذا لم يتعرض في المتن للاحتياط بفعل التمام. فلاحظ. وتأمل. (1) كما نسب إلى المبسوط والنهاية - على وجه - وابني حمزة وسعيد، والمحقق في كتاب له في السفر، بل حكي عن الشيخ، والفاضلين، وأكثر الاصحاب، بل نسب إلى المشهور. ووجهه: أما في الاولين فالاخبار الكثيرة المشتملة على التعبير بمكة والمدينة، كصحيح ابن الحجاج المتقدم (* 1)، وبالحرمين، لتفسيرهما في صحيح ابن مهزيار المتقدم بهما، وبحرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله، المفسرين في رواية معاوية بن عمار وغيرها بهما (* 2). وما يتوهم معارضته لها، من مرسل إبراهيم بن أبي البلاد عن أبي عبد الله (ع): " تتم الصلاة في ثلاثة مواطن: في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، وعند قبر الحسين (ع) " (* 3)، ونحوه مرسل حذيفة

 

 

____________

(* 1) راجع التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب المزار حديث: 1. وفى نفس الباب - وكذا في الباب 16 من أبواب المزار - أحاديث أخر على ذلك. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 22.

 

===============

 

( 185 )

 

ابن منصور عنه (ع) (* 1). وخبر أبي بصير عنه (ع) (* 2)، وخبر خادم اسماعيل بن جعفر عنه (ع) (* 3)، فمع ضعفه في نفسه، غير صالح للمعارضة، لعدم التنافي بينهما، لكونهما مثبتين. وذكر المسجد بالخصوص يمكن أن يكون لغلبة كونه موضع صلاة. ويشهد بعموم الحكم للبلدين: ما في مرسل حماد عن أبي عبد الله (ع): " من الامر المذخور: إتمام الصلاة في أربعة مواطن: بمكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحائر " (* 4). فان التعبير بالبلدين، ثم العدول عنه إلى التعبير بالمسجد في الكوفة شاهد قوي على عموم الحكم لها. ونحوه مرسل الفقيه (* 5)، بل الظاهر أنه هو. ويشهد له أيضا ما في صحيح ابن مهزيار من قوله: " أي شئ تعني بالحرمين؟... " فان الظهر أن اختصاص الحرمين في مكة والمدينة في الجملة مما لاإشكال فيه عنده، وإنما السؤال كان عن أن الحرم يعم البلد، أو يخص المسجد، أو جهة معينة منه، أو غير ذلك، فلا يمكن حمل البلدين فيه على المسجدين فلاحظ. نعم يقتضي الاختصاص بالمسجد في المدينة صحيح أبي ولاد المتقدم. لكن عرفت قريبا وجه الجمع بينه وبين ما نحن فيه. فتأمل. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن الحلي: من اختصاص الحكم بالمسجدين. أخذا بالمتيقن. وأما بلد الكوفة فليس ما يدل على جواز الاتمام فيه إلا خبر زياد القندي عن أبي الحسن (ع) (* 6). وما عداه قد اشتمل بعضه على التعبير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 22. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 14. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 29. (* 5) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 26. (* 6) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 13.

 

===============

 

( 186 )

 

بحرم أمير المؤمنين (ع)، كمصحح حماد بن عيسى المتقدم (* 1)، ومرسل المصباح (* 2). وبعضها قد اشتمل على التعبير بمسجد الكوفة، كمرسل حذيفة ابن منصور (* 3)، ومرسل الفقيه (* 4)، وخبر أبي بصير (* 5)، ومرسل حماد (* 6). ولاريب في اختصاص الاخير بالمسجد. وأما الثاني فلا يخلو من إجمال. وتطبيقه في بعض الروايات عليها - كخبر حسان بن مهران، وفيه: " قال أمير المؤمنين: مكة حرم الله تعالى، والمدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، والكوفة حرمي، لا يريدها جبار بحادثة إلا قصمه الله " (* 7). - ونحوه خبر عاصم بن حميد - (* 8) وفي رواية القلانسي: " إن الكوفة حرم الله، وحرم رسول صلى الله عليه وآله، وحرم أمير المؤمنين (ع) " (* 9) غير كاف في اثبات الحكم لها، لضعفه - كخبر زياد - أولا. ولان مجرد التطبيق لا يجدي فيما نحن فيه، وإنما المجدي التفسير، بأن يقال: حرم أمير المؤمنين (ع) هو الكوفة. وليس

 

 

____________

(* 1) راجع اوائل التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 24. (* 3) المراد هو المرسل المتقدم في صدر التعليقة. (* 4)، (* 5)، (* 6) تقدم ذكر ذلك في هذه التعليقة. (* 7) الوسائل باب: 16 من ابواب المزار حديث: 1. (* 8) لم نجد الرواية المذكورة في مظانها، من الوسائل، والمستدرك، والجواهر، والحدائق، والمستند. نعم في المستدرك باب: 12 من ابواب المزار، عن امالي الطوسي (ره) عن عاصم بن عبد الواحد المدني، عن الصادق (ع) وفيه: " والكوفة حرم علي (ع)... " وقد أشار صاحب المستند في ج 2 صفحة 584، والحدائق في ج 11 صفحة 456 طبع النجف الاشرف إلى الرواية المذكورة مصرحا الاخير منهما باهمال الراوي. كما وإنا لم نجد ذكرا له في تنقيح المقال المامقاني (ره) وانما جاء فيه: ترجمة عاصم بن حميد. من أصحاب الصادق (ع). فراجع تنقيح المقال ج 2 ص 113 (* 9) الوسائل باب: 44 من ابواب أحكام المساجد حديث: 33.

 

===============

 

( 187 )

 

مفاد النصوص ذلك. والتطبيق إنما يجدي في الحكم الثابت لموضع عام، لا ما إذا أريد من العام فرد مخصوص وقد أجمل. فرفع اليد عن عموم وجوب القصر على المسافر فيما عدا مسجد الكوفة لا يخلو من إشكال، والاقتصار على المتيقن - وهو خصوص المسجد - متعين. ويشير إليه مرسل حماد المتقدم. وإلحاق الكوفة بمكة، بضميمة عدم الفصل - كما عن الشيخ (ره) - غير ظاهر، لثبوت القول بالفصل حينئذ. وأما كربلاء: فالنصوص المتعرضة للحكم فيها بين ما تضمن التعبير ب‍ " حرم الحسين (ع) "، كمصحح حماد (* 1)، وخبر خادم اسماعيل بن جعفر (* 2)، ومرسل حذيفة بن منصور (* 3). ومرسل الصباح (* 4)، وبين ما تضمن التعبير ب‍ " عند قبر الحسين (ع)، كخبر أبي شبل (* 5) وخبر عمرو بن مرزوق (* 6)، ومرسل إبراهيم بن أبي البلاد المتقدم (* 7) وبين ما تضمن التعبير بالحائر، كمرسل حماد، ومرسل الصدوق، الذين قد عرفت أن الظاهر أنهما واحد (* 8). أما الاول فقد ورد في مرفوع منصور بن العباس: أنه خمسة فراسخ من أربع جوانبه (* 9). وفي مرسل محمد بن اسماعيل البصري: أنه فراسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر (* 10). لكن لا مجال للاعتماد عليه في مثل

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في أول المسألة. (* 2) و (* 3) و (* 4) تقدم ذلك كله في صدر التعليقة. (* 5) الوسائل باب: 25 من أبواب صلاة المسافر حديث: 12. (* 6) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 30. (* 7) تقدم ذلك في صدر التعليقة. (* 8) تقدم ذلك في صدر التعليقة. (* 9) الوسائل باب: 67 من ابواب المزار حديث: 1. (* 10) الوسائل باب: 67 من ابواب المزار حديث: 2.

 

===============

 

( 188 )

 

المقام، لضعف السند من دون جابر. ولما لم يكن طريق شرعي إلى تحديده يبقى على إجماله، وليس له معنى عرفي ليرجع إليه. وأما الاخير فلم أقف في النصوص على تحديده، إلا على رواية الحسين ابن ثوير، الواردة في آداب الزيارة المأثورة، وفيها: " وعليك بالتكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، والتعظيم لله تعالى، والصلاة على محمد وأهل بيته، حتى تصير إلى باب الحائر، ثم تقول: السلام... (إلى أن قال) ثم اخط عشر خطأ، ثم قف وكبر ثلاثين تكبيرة. ثم امش إليه حتى تأتيه من قبل وجه، فاستقبل وجهك بوجهه... " (* 1). فانه - على تقدير ظهوره في كون باب الحائر متصلا بالحائر - ظاهر في أن الحائر أكثر من عشر خطوات. نعم عن الارشاد للمفيد (ره): أن الحائر محيط بهم (ع) إلا العباس (ع) فانه قتل على المسناة، وعن السرائر: أنه ما دار سور المشهد والمسجد عليه، دون ما دار سور البلد عليه، لان ذلك هو الحائر حقيقة، لان الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يحار الماء فيه. وعن البحار عن بعض: أنه مجموع الصحن المقدس، وبعضهم: أنه القبة السامية. وبعضهم: أنه الروضة المقدسة وما أحاط بها من العمارات المقدسة، من الرواق والمقتل والخزانة وغيرها. ثم قال: " والاظهر عندي أنه مجموع الصحن القديم، لاماتجدد منه في الدولة الصفوية ". لكن الجميع غير واضح المستند. مع أن في الاعتماد على المرسلين المشتملين على التعبير بالحائر (* 2) إشكالا. فالاقتصار على القدر المتيقن من معنى الحائر، ومن معنى الحرم - وهو ما يقارب الضريح المقدس - متعين.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 62 من ابواب المزار حديث: 1. (* 2) المراد بها: مرسلا حماد والصدوق المتقدمان في صدر التعليقة.

 

===============

 

( 189 )

 

{ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط، خصوصا في الاخيرتين. ولا يلحق بها سائر المشاهد (1). والاحوط في المساجد الثلاثة الاقتصار على الاصلي منها، دون الزيادات الحادثة في بعضها (2). نعم لافرق فيها بين السطوح، والصحن، والمواضع المنخفضة منها. كما أن الاحوط في الحائر الاقتصار على ما حول الضريح المبارك. (مسألة 12): إذا كان بعض بدن المصلي داخلا في أماكن التخيير وبعضه خارجا لا يجوز له التمام (3). نعم لا بأس بالوقوف منتهى أحدها إذا كان يتأخر حال الركوع والسجود (4) } وأما تحديده في كلام بعض بخمسة وعشرين ذراعا فلم أقل على مستند له غير مصحح إسحاق بن عمار: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إن لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة من عرفها واستجار بها أجير. قلت: صف لي موضعها. قال (ع): امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه، وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه، وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه، وخمسة وعشرين ذراعا مما يلي وجهه " (* 1) إلا أن في تعلقها بما نحن فيه تأملا ظاهرا. والله سبحانه أعلم. (1) لعدم الدليل الموجب للخروج عن عموم القصر على المسافر. وما عن السيد وابن الجنيد. من إلحاق المشاهد بها في وجوب التمام. وقد عرفت الاشكال فيه في الملحق به، فضلا عن الملحق. (2) إذا كانت الزيادة بعد صدور النصوص، لعدم الدليل على ذلك نعم لو كانت الزيادة قبل صدور النصوص فظاهرها دخول الزيادة. (3) لعدم دخوله في أدلته. (4) لصدق الصلاة في المواطن المذكورة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 67 من ابواب المزار حديث: 4.

 

===============

 

( 190 )

 

{ بحيث يكون تمام بدنه داخلا حالهما. (مسألة 13): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور (1)، فلا يصح له الصوم فيها، إلا إذا نوى الاقامة أو بقي مترددا ثلاثين يوما. (مسألة 14): التخيير في هذه الاماكن استمراري (2) فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر وبالعكس ما لم يتجاوز محل العدول. بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الامرين من الاول (3). بل لو نوى القصر فأتم غفلة أو بالعكس فالظاهر الصحة (4). } (1) كما هو ظاهر الفتاوى، والمصرح به في كلام غير واحد. لعدم دخوله في الادلة. وعموم التلازم بينهما في القصر والتمام مختص بغير ما نحن فيه، لظهوره في عدم الفرق بين السفر المشرع لقصر الصوم والمشرع لقصر الصلاة، وأن عنوان المسافر في المقامين بمعنى واحد. ويشير إلى عدم الالحاق ما في موثق عثمان بن عيسى: " عن إتمام الصلاة والصيام في الحرمين قال (ع): أتمها ولو صلاة واحدة " (* 1). (2) لاطلاق الادلة، التي لافرق فيها بين الابتداء والاستدامة. (3) بأن يقصد الامر المتعلق بالركعتين في الجملة، بلا تحديد له باحدى الخصوصيتين. (4) كما لو تخيل أنه مأمور بالتمام لكونه حاضرا. وكذا لو جاء بكل من الركعتين الاخيرتين بقصد أنها الثانية، لاعتقاده عدم فعلها. واحتمال البطلان بزيادة الركعتين لعدم قصد امتثال أمرهما ضعيف. لان ذلك من قبيل الاشتباه في التطبيق، كما تقدم في مبحث الخلل. فلاحظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب صلاة المسافر حديث: 17.

 

===============

 

( 191 )

 

{ مسألة 15): يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة (1) ثلاثين مرة: " سبحان الله والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله اكبر ". وهذا وإن كان يستحب من حيث التعقيب عقيب كل فريضة حتى غير المقصورة (2)، إلا أنه يتأكد عقيب المقصورات (3)، بل الاولى تكرارها مرتين (4)، مرة من باب التعقيب، ومرة من حيث بدليتها عن الركعتين الساقطتين. } (1) بلا خلاف أجده، كما في الجواهر. لخبر المروزي قال: " قال الفقيه العسكري (ع): يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثلاثين مرة، لتمام الصلاة " (* 1). وفي خبر رجاء: " إن الرضا (ع) كان يقولها في دبر كل صلاة يقصرها ثلاثين مرة، ويقول هذا تمام الصلاة " (* 2). ويتعين حمل الاول على الاستحباب، لما عرفت من نفي الخلاف، وقضاء السيرة القطعية بذلك. (2) كما ورد في بعض الاخبار. (3) لتعدد الجهة. (4) لاحتمال عدم التداخل. لكنه خلاف اطلاق الادلة. ولاجله لا مجال للرجوع إلى قاعدة عدم التداخل. والحمد لله رب العالمين. انتهى الكلام فيما يتعلق بصلاة المسافر، في النجف الاشرف، ثالث ربيع الثاني من السنة الخمسين بعد الالف والثلاثمائة هجرية، على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وأزكى التحية. بقلم مؤلفه الاقل (محسن)، خلف المقدس العلامة المرحوم السيد (مهدي) الطباطبائي الحكيم. وله الحمد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب صلاة المسافر حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب صلاة المسافر حديث: 2.