فصل 2

فصل (2) إجماعا، بل حكى غير واحد عليه إجماع المسلمين. قال في المسالك: " لا خلاف في ذلك بين علماء الاسلام ". وفي الجواهر: دعوى الضرورة من الدين عليه. وما عن طائفة من الزيدية من جواز نكاح تسع، لم يثبت، بل المحكي عن مشايخهم البراءة من ذلك. انتهى. وقد وردنا في هذه الايام من العلويين في اللاذقية سؤال عن ميت مات عن ثمان. ولعله لم يكن عن اعتقاد المشروعية. وتشهد به النصوص. كمصحح زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) " قال: إذا جمع الرجل أربعا وطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التى طلق. وقال (ع): لا يجمع ماءه في خمس " (* 1). ونحوه غيره. ويستفاد مما ورد فيمن تزوج خمسا بعقد واحد (* 2)، وفيمن كان عنده ثلاث نسوة فتزوج اثنتين في عقد (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 1. (* 2) راجع الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد. (* 3) راجع الوسائل باب: 5 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد.

 

===============

 

( 94 )

 

[ حرا كان أو عبدا، والزوجة حرة أو أمة (1). وأما في الملك والتحليل: فيجوز ولو إلى ألف (2). ] وفي الكافر إذا أسلم وعنده أكثر من أربع (* 1)، ومما ورد فيمن كانت عنده أربع زوجات فماتت إحداهن (* 2). فتأمل. ثم في جملة من النصوص المشار إليها ذكر الماء، فيختص بحرمة الوطء والانزال في أكثر من أربع، ولا يمنع من أصل التزويج بالاكثر. لكن الظاهر ان المراد الكناية عن حلية الوطء فتأمل. وفي المسالك: " الاصل فيه قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (* 3). وتبعه عليه في الجواهر، بقرينة أن الامر فيها للاباحة، ومقتضى اباحة الاعداد المخصوصة تحريم ما زاد عليها، إذ لو كان مباحا لما خص الجواز بها، لمنافاته للامتنان، وقصد التوسع في العيال، ولان مفهوم إباحة الاربع حظر ما دون الاربع، أو ما زاد عليها، والاول باطل بتجويز الثلاث فيها صريحا، فيتعين الثاني ثم قال: " فمن الغريب دعوى بعض الناس عدم دلالة الاية على تحريم ما زاد ". والاشكال عليه ظاهر. إذ ليس هو إلا تمسك بمفهوم العدد، والتحقيق خلافه. (1) كل ذلك لاطلاق الادلة. (2) بلا خلاف بين المسلمين، كما في الجواهر. وفي كشف اللثام: " إتفاقا من المسلمين ". وفي المسالك: " هو موضع وفاق من جميع المسلمين ". ويقتضيه إطلاق الادلة. مضافا إلى خبر اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة، فقال: إلق عبد الملك

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 5. (* 3) النساء: 3.

 

===============

 

( 95 )

 

[ وكذا في العقد الانقطاعي (1). ] ابن جريح... إلى أن قال: وكان فيما روى لي فيها ابن جريح أنه ليس فيها وقت ولا عدد، إنما هي بمنزلة الاماء يتزوج منهن كم شاء " (* 1)، وصحيح ابن أذينة عن أبى عبد الله (ع): قلت له: لكم يحل من المتعة؟ قال: فقال: هن بمنزلة الاماء " (* 2). ونحوهما غيرهما. والى ما ورد في العبد المأذون من مولاه، وأنه يتسرى ما شاء إذا كان أذن له مولاه (* 3). (1) على المشهور بين أصحابنا، كما في المسالك. وفي الجواهر: " بلا خلاف معتد به فيه بيننا " وعن الحلي: الاجماع عليه. ويشهد له كثير من النصوص، منها ما تقدم في الاماء، وفي موثق زرارة عن أبي عبد الله (ع): (ذكرت له المتعة أهي من الاربع؟ فقال: تزوج منهن الفا، فانهن مستأجرات) (* 4)، وصحيحه: (قلت ما يحل من المتعة؟ قال (ع): كم شئت " (* 5). ونحوها غيرها. نعم في موثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع): " عن المتعة. فقال: هي أحد الاربع " (* 6) وفي المسالك: أنها حملت على الاستحباب، جمعا بينها وبين ما سبق. وعن ابن البراج: العمل به. وفي المسالك: " عن المختلف أنه اقتصر على حكاية الشهرة، ولم يصرح بمختاره. وعذره

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 6. (* 3) راجع الوسائل باب: 22 من ابواب نكاح العبيد وباب: 9 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 10.

 

===============

 

( 96 )

 

[ ولا يجوز للحر أن يجمع بين أزيد من أمتين (1). ] واضح ". ولكنه غير ظاهر، فانه حكى عن المشهور عدم انحصار المتعة في عدد. ثم حكى عن ابن البراج ما سبق. ثم قال: " لنا الاصل، وما رواه زرارة في الصحيح "، ثم ذكر غيره من النصوص الدالة على المشهور، ثم استدل لابن البراج بما سبق. ثم ذكر جواب الشيخ عنه بأنه ورد احتياطا، لا حظرا. وظاهره موافقة المشهور، لا التوقف. وكيف كان فلا مجال للاخذ بالموثق بعد إمكان الجمع العرفي بينه وبين ما سبق بالحمل على الاستحباب، أو على التقية، كما يظهر من صحيح البزنطي عن الرضا (ع): " قال أبو جعفر: إجعلوها من الاربع. فقال له صفوان بن يحيى: على الاحتياط فقال (ع): نعم " (* 1)، وصحيحه الاخر المروي عن قرب الاسناد عن الرضا (ع) قال: " سألته عن المتعة.. الى أن قال: وسألته من الاربع هي؟ فقال (ع): إجعلوها من الاربع على الاحتياط. قال: وقلت له: إن زرارة حكى عن أبي جعفر (ع) إنما هن مثل الاماء يتزوج منهن ما شاء، فقال (ع): هي من الاربع " (* 2). فان الظاهر من الاحتياط: الاحتياط في المحافظة على نفسه وماله " لان التزويج بالخمس لا يصح دواما، والمتعة ممنوعة عند المخالفين. ويحتمل أن يكون المراد: الاحتياط في المحافظة على ملاكات الاحكام. لكنه بعيد. وعلى كل حال فالصحاح المذكورة بمنزلة الحاكم على الموثق، فلا مجال للعمل بظاهره. على أنه مهجور، ومعارض بما هو أصح سندا، وأكثر عددا، وأوضح دلالة. فلا مجال لتقديمه على غيره. (1) بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه. كذا في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 13.

 

===============

 

( 97 )

 

[ ولا للعبد أن يجمع بين أزيد من حرتين (1). وعلى هذا فيجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر (2)، أو ثلاث وأمة أو حرتين وأمتين. وللعبد أن يجمع بين الاربع إماء، أو حرة وأمتين، أو حرتين. ولا يجوز له أن يجمع بين أمتين وحرتين (3) ] الجواهر. وفي الرياض: " باجماعنا، حكاه جماعة من أصحابنا " واستدل له بمصحح أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن رجل له أمرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: إن أهل الكتاب مماليك للامام، وذلك موسع منا علكيم خاصة، فلا بأس أن يتزوج. قلت: فانه يتزوج عليهما أمة؟ قال (ع): لا يصلح له أن يتزوج ثلاث إماء " (* 1). لكن في دلالة: " لا يصلح " على المنع نظر. (1) بلا خلاف ظاهر. لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " عن العبد يتزوج أربع حرائر؟ قال (ع): لا، ولكن يتزوج حرتين، وإن شاء أربع إماء " (* 2)، وخبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن المملوك ما يحل له من النساء؟ فقال (ع): حرتان، أو أربع إماء " (* 3)، وخبر زرارة عن أبى جعفر (ع): " قال: لا يجمع العبد المملوك من النساء أكثر من حرتين " (* 4)، ونحوها. (2) تقتضي الادلة الاولية جواز ذلك. وكذا الفرضان اللذان بعده. وكذا الصور المذكورة للعبد. (3) فان الجمع بينها مخالفة لصحيح محمد بن مسلم. وكذا مرسل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 4.

 

===============

 

( 98 )

 

[ أو ثلاث حرائر، أو أربع حرائر (1)، أو ثلاث إماء وحرة (2) كما لا يجوز للحر أيضا أن يجمع بين ثلاث إماء وحرة (3). (مسألة 1): إذا كان العبد مبعضا أو الامة مبعضة ففي لحوقهما بالحر أو القن إشكال، ومقتضي الاحتياط: أن يكون العبد المبعض كالحر بالنسبة إلى الاماء فلا يجوز له الزيادة على أمتين، وكالعبد القن بالنسبة إلى الحرائر، فلا يجوز له الزيادة على حرتين وأن تكون الامة المبعضة كالحرة بالنسبة إلى العبد، وكالامة بالنسبة إلى الحر (4). بل يمكن أن يقال: إنه بمقتضى القاعدة. بدعوى أن المبعض حر وعبد، فمن حيث حريته لا يجوز له أزيد من أمتين، ومن حيث عبديته ] الفقيه: " يتزوج العبد حرتين أو أربع إماء أو أمتين وحرة " (* 1). ومنهما يظهر: أنه لا يجوز أن يجمع بن حرتين وأمة. قال في الشرائع: " إذا استكمل العبد أربعا من الاماء، أو حرتين، أو حرة وأمتين، حرم عليه ما زاد ". ومثله كلام غيره. وادعي عليه الاجماع في كلام جماعة كثيرة. (1) لما سبق. (2) للمرسل السابق. وصحيح محمد بن مسلم لا يدل على المنع فيه. (3) لمصحح أبي بصير السابق. (4) قال في القواعد: " والمعتق بعضها كالامة في حق الحر، وكالحرة في حق العبد، والمعتق بعضه كالحر في حق الاماء، وكالعبد في حق الحرائر " ونحوه كلام غيره. وعللوه بالاحتياط، وتغليب جانب الحرمة. ولكن قال في الجواهر: " لا ريب في أنه أحوط، وإن كان لا يخلو من بحث، إن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من ابواب نكاح العبيد حديث: 10.

 

===============

 

( 99 )

 

[ لا يجوز له أزيد من حرتين (1). وكذا بالنسبة إلى الامة المبعضة. إلا أن يقال: إن الاخبار الدالة على أن الحر لا يزيد على أمتين والعبد لا يزيد على حرتين منصرفة إلى الحر والعبد ] لم يكن إجماعا خصوصا في التبعيض اللاحق للتزويج، الذي قد يتعارض فيه الاحتياط "، وفي الرياض: " لعل ذلك تغليب للحرمة، كما يستفاد من بعض المعتبرة: (ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال) (* 1). فتأمل ". وقاعدة التغليب غير ثابتة. والرواية إما محمولة على الشبهة المحصورة، أو على صورة المزج بين الحرام والحلال. ولولا ذلك لاشكل الحكم في كثير من الموارد، كما لا يخفى. (1) لا يقال: إنه يقع التزاحم بين الحرية المقتضية لعدم جواز أزيد من أمتين، وبين العبدية المقتضية لجواز أربع إماء. وكذا بالنسبة إلى الحرائر، فان العبدية تقتضي المنع من أزيد من حرتين، والحرية مقتضية لجواز أزيد من حرتين. فانه يقال: التزاحم بينهما من قبيل التزاحم بين المقتضي واللا مقتضي، فان اقتضاء الحرية لجواز أربع حرائر بمعنى عدم اقتضائها للمنع من أزيد من حريتن وكذلك اقتضاء العبدية لجواز أربع إماء بمعنى عدم المقتضي للمنع عن ذلك. ومع تزاحم المقتضي واللا مقتضي يكون العمل والاثر للمقتضي. ثم إن هذا التوجيه مبنى على أن يكون المراد من الحر والعبد الطبيعة ولو في جزء الفرد. فيكون المراد من العبد ما هو أعم مما كان بعضه عبدا. والمراد من الحر ما هو أعم مما كان بعضه حرا. وسيأتي الكلام فيه.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 4 من ابواب ما يكتسب به حديث: 5.

 

===============

 

( 100 )

 

[ الخالصين (1). وكذا في الامة. فالمبعض قسم ثالث خارج عن الاخبار، فالمرجع عمومات الادلة على جواز التزويج، غاية الامر عدم جواز الزيادة على الاربع، فيجوز له نكاح أربع حرائر، أو أربع إماء. لكنه بعيد من حيث لزوم كونه أولى من الحر الخالص (2)، وحينئذ فلا يبعد أن يقال: إن المرجع الاستصحاب. ومقتضاه إجراء حكم العبد والامة عليهما (3) ودعوى: تغير الموضوع. كما ترى (4). فتحصل: أن الاولى ] (1) لا ينبغي التأمل في أن صفة الحرية والرقية من الصفات القائمة بتمام الموضوع، فالحر من يكون تمامه حرا، والعبد من يكون تمامه عبدا. وهو المعنى الحقيقي للفظ. فمن يكون بعضه حرا وبعضه عبدا خارج عن موضوع الحر والعبد، فلا يجري عليه حكم أحدهما. فمن الغريب ما في بعض الحواشي على المقام من أنه لو سلم الانصراف فكونه من الانصرافات البدوية ظاهر. انتهى. فان من يكون بعضه حرا إنما الحر بعضه لا كله، وكذلك من يكون بعضه عبدا إنما العبد بعضه لا كله، ومن المعلوم أن موضوع الاحكام في الادلة الانسان الحر أو العبد، والمبعض لا حر ولا عبد، بل بعضه حر وبعضه عبد. (2) لم يتضح بطلان اللازم المذكور، إذ من الجائز أن يكون الوجه في عدم تزويج الحر باربع اماء كرامته وهى مفقودة في المبعض. وأن يكون الوجه في عدم تزويج العبد باربع حرائر نقصه، وهو مفقود في المبعض أيضا. (3) فله أن يتزوج باربع إماء، وللعبد أن يتزوج أربعا منها. (4) لما عرفت مرارا من أن المعيار في تبدل الموضوع العرف، بحيث

 

===============

 

( 101 )

 

[ الاحتياط الذي ذكرنا أولا، والاقوى العمل بالاستصحاب وإجراء حكم العبيد والاماء عليهما. (مسألة 2): لو كان عبد عنده ثلاث أو أربع إماء فأعتق وصار حرا، لم يجز إبقاء الجميع، لان الاستدامة كالابتداء (1)، فلا بد من طلاق الواحدة أو الاثنتين. والظاهر ] تكون القضية المشكوكة غير القضية المتيقنة عرفا، ومن المعلوم أن تحرير بعض القن لا يستوجب ذلك. نعم يمكن الاشكال في الاستصحاب بأنه تعليقي، لان معنى جواز عقده على أربع إماء حال الرقية: أنه لو عقد ترتب أثر الزوجبة عليه، فاستصحاب ذلك إلى حال حرية بعضه معارض - على التحقيق - بالاستصحاب التنجيزي، وهو أصالة عدم ترتب الاثر. فالمرجع لابد أن يكون دليلا آخر، وهو إما أصالة حرمة الوطء بناء على أصالة الحرمة في الفروج، أو أصالة إباحة الوطء، فيتحد مفاد الاصل مع مفاد الاستصحاب في الاثر المذكور. وإن كان يختلف معه بالنسبة إلى الاثار الاخرى، فان مقتضى الاستصحاب وجوب الانفاق على الاماء الاربع لو عقد عليهن، ومقتضى اصل البراءة العدم. وكذلك بالنسبة إلى التوارث. هذا بالنسبة إلى التزويج باربع إماء الذي كان جائزا له قبل التبعض. وأما بالنسبة إلى عدم جواز تزويج أربع حرائر، فالاصل المذكور يتحد مع أصالة عدم ترتب الاثر، فلا بأس بالرجوع إليه ويحكم حينئذ بحرمة التزويج بأربع حرائر. وبالجملة فالاستصحاب المذكور إن أشكل جريانه فهو من هذه الجهة. لكن عرفت أن النوبة لا تنتهي إليه بعد إمكان الرجوع إلى عمومات الحل. (1) هذا مما لا إشكال فيه ظاهر. لاطلاق دليل المنع.

 

===============

 

( 102 )

 

[ كونه مخيرا بينهما كما في إسلام الكافر (1) عن أزيد من أربع. ويحتمل القرعة (2). والاحوط أن يختار هو القرعة بينهن. ] (1) فانه لا إشكال عندهم في ثبوته فيه. ويشهد له خبر عقبة بن خالد عن ابى عبد الله (ع): " في مجوسي أسلم وله سبع نسوة، واسلمن معه، كيف يصنع؟ قال (ع): يمسك أربعا ويطلق ثلاثا " (* 1) ويؤيده أو يعضده ما ورد فيمن تزوج خمسا بعقد واحد، وفيمن تزوج الاختين بعقد واحد، كصحيح جميل عن أبى عبد الله (ع): " في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة، قال (ع) يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الاخرى. وقال في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة. قال (ع): يخلي سبيل أيتهن شاء " (* 2). والاخير وارد في الابتداء، وجريانه في الاستدامة أولى، بل الاول أيضا وراد في الاستدامة بلحاظ إقرار الزوج على ما يراه في مذهبه، ولكنه في الحقيقة وارد في الابتداء لان الاقرار لا يقتضي أكثر من المعاملة معه معاملة الصحيح، من دون حصول الصحة واقعا. (2) هذا الاحتمال ذكره جماعة فيما لو اسلم الكافر على أكثر من أربع ومات قبل الاختيار. وأشكل عليه بأن القرعة إنما تكون طريقا إلى تعيين الواقع المتعين في نفسه، والمفروض عدمه. ولذا أختار بعضهم في تلك المسألة التوقف حتى يصطلح الورثة. وبعضهم اختار القمسة بالسوية، نظير ما لو تداعيا مالا معينا. والاشكال على الاخير ظاهر، لاختصاص الدليل بصورة التداعي، والمفروض عدمه. ويشكل ما قبله بأن تصالح الورثة تابع لاستحقاقهم، وهو غير ظاهر. ومن هنا قوى في الجواهر القرعة، مانعا اختصاصها بصورة تعيين الواقع المتعين في نفسه،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1.

 

===============

 

( 103 )

 

لاطلاق أدلتها من الاية، والرواية. أقول: المراد من الاية قوله تعالى في سورة آل عمران: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ يختصمون) (* 1)، أو قوله تعالى في سورة الصفات: (فساهم فكان من المدحضين) (* 2). وأما الرواية: فمنها رواية محمد بن حكيم قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن شئ، فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة. قلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب، قال (ع): كلما حكم الله به فليس بمخطئ " (* 3)، وعن دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين (ع) وأبى جعفر عليه السلام وأبي عبد الله (ع): انهم أوجبوا القرعة فيما أشكل (* 4)، وقال أبو عبد الله (ع): " وأي حكم في الملتبس أثبت من القرعة؟! أليس هو التفويض إلى الله جل ذكره؟... " (* 5)، وخبر عبد الرحيم المروى في كتاب الاختصاص للمفيد (ره): " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: إن عليا (ع) كان إذا ورد عليه أمر لم يجئ فيه كتاب ولا سنة رجم فيه، يعني: ساهم فأصاب، ثم قال: يا عبد الرحيم وتلك من المعضلات " (* 6) * - وقريب منه خبره الآخر (* 7) -. وصحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن رجل يكون له المملوكون فيوصى بعتق ثلثهم، قال (ع): كان علي (ع) يسهم بينهم " (* 8)، وصحيح

 

 

____________

(* 1) الآية: 44. (* 2) الآية: 141. (* 3) الوسائل باب: 13 من ابواب كيفية القضاء حديث: 11. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب كيفية القضاء حديث: 1. (* 5) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب كيفية القضاء حديث: 2. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب كيفية القضاء حديث: 14. (* 7) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب كيفية القضاء ملحق حديث: 14. (* 8) الوسائل باب: 13 من ابواب كيفية القضاء حديث: 16.

 

===============

 

( 104 )

 

الحلبي عن أبى عبد الله (ع): " في الرجل قال أول مملوك أملكه فهو حر، فورث سبعة جميعا، قال (ع): يقرع بينهم ويعتق الذي خرج اسمه (* 1). ونحوها غيرها، ذكرها في الوسائل في أواخر مباحث القضاء. وقد ذكر في ذلك الباب أخبارا كثيرة متضمنة لجريان القرعة أيضا فيما له تعين واقعا. فلاحظه. لكن يشكل الاستدلال بالآيتين الشريفتين على جريانها فيما لم يكن له تعين واقعا أولا: لاحتمال أنه من باب التراضي والاتفاق منهم على ذلك، لا من باب أنه حجة شرعية يرجع إليها على كل حال، كما لو اتفقوا على ترجيح الاكبر سنا، أو الاقوى بدنا، أو نحو ذلك. وثانيا: أنه يتوقف على أن التنازع في موردهما لم يكن في تعيين الاولى، وهو غير ظاهر، بل يظهر من بعض الاخبار الواردة في تفسير الاية الثانية: أن الراكبين في السفينة علموا أن الخطر الوارد على السفينة كان من جهة أن فيها عبدا آبقا، واختلفوا في تعيينه (* 2). نعم المذكور في الروايات أن النزاع في كفيل مريم (ع) كان بين أنبياء (* 3)، ويمتنع أن يكون نزاعهم في أمر مجهول، بل يكون حالهم حال المتسابقين إلى الخير. لكن لا عموم في الاية، لورودها في مورد خاص، والتعدي منه غير ظاهر. ومن ذلك يشكل الاستدلال بالنصوص الاخيرة، فانها ورادة في موارد خاصة لا يستفاد منها العموم. فلم يبق إلا العمومات المستفادة من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب كيفية القضاء حديث: 15. (* 2) قال في مجمع البيان الجزء: 8 الصفحة: 458 " وقيل: ان السفينة احتبست فقال الملاحون: ان ههنا عبدا آبقا.. " وفى تفسير القمى الجزء: 1 الصفحة: 318 طبعة النجف الحديثة: " فخرج اهل السفينة فقالوا فينا عاص.. ". (* 3) الوسائل باب: 41 من ابواب الحيض حديث: 5.

 

===============

 

( 105 )

 

النصوص المتقدمة مثل: إن القرعة في كل مجهول، الذي يظهر من محكي الخلاف، وقواعد الشهيد الاجماع عليه، أو: أنها لكل أمر مشكل، كما هو المذكور في كلام الفقهاء، وإن لم أقف على نص فيه غير ما تقدم عن الدعائم، وإنما حكى عن رواية المخالفين. نعم نسبه في جامع المقاصد إلى قولهم (ع). ومثله: " القرعة لكل أمر مشتبه ". لكن قول الراوي في الرواية الاولى: " قلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب " ظاهر في وروده فيما له تعين واقعي، لانه الذي يتصور فيه الخطأ والصواب. ولا ينافيه قوله (ع) في الجواب " كلما حكم الله تعالى به فليس بمخطئ "، لان الظاهر منه أنه ليس بمخطئ باعتبار أنه حكم الله، ولو ظاهرا. بل لعل منصرف " المجهول " ماله تعين واقعي وجهل تعيينه فالبناء على عموم الرواية لما نحن فيه غير ظاهر. مضافا إلى أن البناء على إطلاقه يوجب سقوط جميع أدلة الاصول. فلا بد أن يكون المراد من المجهول معنى غير الظاهر، فيكون مجملا. وكذلك " المشكل " والملتبس " المذكوران في رواية الدعائم، فانهما وان كانا شاملين لما نحن فيه، لكن الاخذ بعموم مفهومهما مشكل، ولا سيما بملاحظة ما رواه المفيد في كتاب الاختصاص. فيتعين حملهما على ما لا مخرج فيه، بنحو لا تفي الادلة فيه، بل لعله المنصرف إليه منهما، فلا تشمل ما نحن فيه، لانه إذا فهم من أدلة الاختيار الواردة في الموارد المتقدمة العموم لما نحن فيه، فلا إشكال ولا إلتباس، وإن لم يمكن استفادة حكم ما نحن فيه منها. كان المرجع قاعدة امتناع الترجيح بلا مرجح، ومقتضاها البطلان في الجميع. نعم لو أمكن البناء على بطلان العقد في أمتين وصحته في امتين على وجه الترديد. كان الرجوع إلى القرعة في محله، للاشكال الذي لا يمكن التخلص فيه إلا بالرجوع إلى القرعة. لكن ذلك ممتنع، لامتناع قيام الزوجية في الفرد المبهم.

 

===============

 

( 106 )

 

نعم لا يبعد صدق المشكل فيما إذا اشتبهت المطلقة أو المعقود عليها بين اثنتين أو اكثر، فان الرجوع إلى القواعد في حرمة الوطء أو النظر لا يوجب إشكالا، لكن الرجوع إليها في بقية الاحكام من النفقات، وحق القسم، والتوارث، ونحوها، مما يوجب الاشكال، فيرجع فيه إلى القرعة. وكذا إذا تردد مالك العين بين الشخصين، لتعذر الرجوع إلى القواعد فيه. ولعل منه مصحح محمد بن عيسى عن الرجل (ع) في الشاة الموطوءة إذا اشتبهت في قطيع غنم، من أنه إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسم القطيع نصفين، وأقرع بينهما، ثم لا يزال يقرع حتى يقع السهم على واحدة (* 1). فان وجوب الاحتياط بترك جميع الغنم وإن كان ممكنا، لكن لزوم الضرر المنفي في الشريعة يستوجب الدوران بين محذورين، فيكون من المشكل الذي يرجع فيه إلى القرعة أيضا. لكن ظاهر الفقهاء أن الفتوى بذلك اعتمادا على الخبرين (* 2) الواردين فيه، لا لعمومات القرعة. بل ظاهرهم عدم الرجوع إلى القرعة عند تزاحم حقوق الله تعالى، مثل تزاحم الواجبات، أو المحرمات، أو الواجب والحرام، حتى فيما لو كان هناك تعين في الواقع، كما في صورة الدوارن بين الوجوب والحرمة، فان الجميع - وإن كان من المشكل - لا يرجع فيه إلى القرعة. وإنما يرجع إليها عند تزاحم حقوق الناس، مثل المال المردد بين المالكين، والحق المردد بين شخصين، كالامثلة التي سبقت. وكذلك النصوص، فان الوارد منها في الموارد الخاصة - على كثرتها - واردة في تزاحم حقوق الناس. وكذا مورد الآيتين الشريفتين. نعم مورد المصحح الوارد في الشاة الموطوءة من قبيل تزاحم حق الله وحق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب الاطعمة المحرمة حديث: 1، 4.

 

===============

 

( 107 )

 

[ ولو أعتقت أمة أو أمتان فان اختارت الفسخ - حيث أن العتق موجب لخيارها بين الفسخ والبقاء - فهو (1)، وإن اختارت البقاء يكون الزوج مخيرا. والاحوط اختياره للقرعة كما في الصورة الاولى. (مسألة 3): إذا كان عنده أربع وشك في أن الجميع بالعقد الدائم أو البعض المعين أو غير المعين منهن بعقد الانقطاع ففي جواز نكاح الخامسة دواما إشكال (2) ] الناس. فالبناء على اختصاصها بمورد تزاحم حقوق الناس متعين. ومن ذلك يظهر الاشكال في جريانها في المسألة لانه إذا كان مقتضى القاعدة البطلان لا حقوق لها، ولا تزاحم، فلا يكون المورد من المشكل. فلاحظ، وكذا الحكم لو عقد الوكيلان عن امرأة واقترن العقدان. (1) يعني، تتعين هي للخروج عن الزوجية، ويتعين غيرها للبقاء عليها. ويشكل بأن أدلة التخيير مطلقة، وانصرافها إلى صورة بقاء الجميع على الزوجية غير ظاهر. (2) للاشكال في أن الزوجية المنقطعة هي الزوجية الدائمة، والاختلاف بينهما في الدوام والانقطاع. أو أنها غيرها. الذي ذكره في الجواهر: الاول. واستدل له بظهور بعض النصوص فيه. ولان شرط الاجل في المتعة على جهة الشرطية الخارجة عن معنى النكاح، فمع عدم ذكر الشرط لا أثر له، بناء على أن الشرط المقدر لا يجري عليه حكم الشرط المذكور، فقصد النكاح حينئذ بحاله. وأورد عليه شيخنا الاعظم (ره) بأن الذي يظهر من النصوص والفتاوى أن الدائم والمنقطع حقيقتان مختلفتان، وليس الفرق بينهما من قبيل الفرق بين المطلق والمشروط كما يشهد به تعبير

 

===============

 

( 108 )

 

الفقهاء بقولهم: " إذا أخل بالاجل انقلب دائما "، فان التعبير بالانقلاب يدل على أن الانشاء الصادر من أول الامر لم يكن مقتضيا للدوام. ويشهد له أيضا اتفاق النص (* 1) والفتوى على أن المهر ركن هنا للعقد، دون الدائم، فان يدل على أن المنقطع بمنزلة المعاوضة على التسليط على البضع وتمليك الانتفاع به، كالاجارة كما ورد من أنهن مستأجرات (* 2). وبأنه لازم القول الاول أنه إذا أخل بالاجل والمهر معا أنقلب دائما أيضا، مع أن ظاهر المسالك الاتفاق فيه على البطلان، وأن الخلاف يختص بما إذا ذكر المهر وترك ذكر الاجل. وبأنه لولا ذلك لم يكن وجه لسقوط بعض المهر بعدم تمكين الزوجة في الانقطاع وعدم سقوطه بذلك في الدوام. أقول: الوجوه المذكورة لا تدل على الاختلاف في الحقيقة بين الدوام والانقطاع. فان تعبير الفقهاء بالانقلاب - مع أنه معارض بتعبير غير واحد بالانعقاد قال في الشرائع: " ولو لم يذكره - يعني: الاجل - انعقد دائما " - يكفي في صحته الاختلاف في بعض الاحوال، كما يظهر ذلك من تعبيرهم بالانقلاب في باب المطهرات، فقد ذكروا أن الانقلاب مطهر لخصوص الخمر، وفرقوا بينه وبين الاستحالة بأن الانقلاب لا يقتضي اختلافا في الحقيقة، بخلاف الاستحالة، ولذا اقتصروا في مطهرية الانقلاب على خصوص الخمر، بخلاف الاستحالة، فانها مطهرة في جميع الموارد من غير استثناء. وأما كون المهر ركنا في المنقطع دون الدائم، فلا يدل على كونه من قبيل المعاوضة. إذ من الجائز أن يكون لاجل الاختلاف بينهما ولو في التأجيل، فان القبض شرط في السلم، مع أنه لا يختلف مع بقية أنواع البيع في الحقيقة. وما في بعض النصوص

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 17، 18 من ابواب المتعة. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 2، 4.

 

===============

 

( 109 )

 

من قوله (ع): إنهن مستأجرات " مبني على نوع من المسامحة، كما ورد في جواز النظر إلى من يريد تزويجها: أنه مستام (* 1)، وأنه يشتريها بأغلى الثمن (* 2). والاتفاق المذكور في المسالك إن تم كان هو الموجب للخروج عن القواعد. وإلا كان اللازم البناء على الانقلاب أيضا في صورة عدم ذكر الاجل والمهر معا. وأما سقوط بعض المهر عند عدم تمكين الزوجة: فمن الجائز أن يكون حكما للمنقطع ثبت لبعض الجهات الخارجية، لا لاختلاف الحقيقة. ولو كان المنقطع من قبيل المعاوضة لزم بطلانه من أصله بالموت، ولزم تبعيضه في الحيض أيضا بالنسبة إلى سائر الاستمتاعات، ولزم أيضا استحقاق تمام المهر لو وهبها المدة قبل الدخول، مع اتفاق النص والفتوى على التنصيف حينئذ. فالعمدة في مبنى القولين هو أن مفاد عقد الدوام جعل الزوجية دائما، ومفاد عقد الانقطاع جعل الزوجية إلى الاجل. أو أن مفاد عقد الدوام جعل نفس الزوجية حدوثا، والدوام يكون لذاتها، ومفاد عقد الانقطاع جعل الرافع لدوام الزوجية. فعلى الاول يكن عدم التعرض للاجل موجبا لبطلان العقد انقطاعا، ودواما، أما الاول فلعدم ذكر، الاجل، وأما الثاني فلعدم جعل الدوام. وعلى الثاني يكون عدم التعرض للاجل موجبا لعدم صحة الانقطاع، ولصحة الدوام، أما الاول فلما ذكر وأما الثاني فلعدم جعل الرافع، والمفروض أن الدوام يكون لذاتها، لا يجعل جاعل. والتحقيق هو الاول، فان الزوجية وأمثالها من الملكية. والحرية،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 36 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1.

 

===============

 

( 110 )

 

[ (مسألة 4): إذا كان عنده أربع فطلق واحدة منهن وأراد نكاح الخامسة، فان كان الطلاق رجعيا لا يجوز له ذلك إلا بعد خروجها عن العدة (1). وإن كان بائنا ففي الجواز قبل الخروج عن العدة قولان، المشهور على الجواز، لانقطاع ] والرقية، والبيعية، وغيرها من مضامين العقود والايقاعات، إنما يكون العقد موجبا لحدوثها، وهو المقصود من إنشائها، والبقاء إنما يكون باستعداد ذاتها، فبقاؤها عند العقلاء لا يكون منشأه العقد، بل استعداد ذاتها، وليس العقد الا متضمنا لجعل الحدوث لا غير. فالاختلاف بين الانقطاع والدوام يرجع إلى الاختلاف في أن الاول قد جعل فيه الانقطاع زائدا على جعل الحدوث، بخلاف الثاني، فانه لم يجعل فيه إلا الحدوث. فإذا شك في الدوام والانقطاع فقد شك في جعل الانقطاع زائدا على جعل الحدوث وعدمه، فيرجع فيه إلى أصالة العدم. فالمقام نظير ما لو شك في شرط الانفساخ وعدمه، فيكون الانقطاع على خلاف الاصل والدوام على وفقه. كيف ولو كان الدوام مجعولا في الدائم كان الطلاق مخالفة لوجوب الوفاء بالعقد. وهو كما ترى. ومقتضى ما ذكرنا جواز اشتراط الطلاق في عقد النكاح، كجواز اشتراط الاقالة فيه. لكن عن الشيخ: بطلان الشرط في الاول. بل عن المسالك: الاتفاق عليه. وهو غير ظاهر. (1) بلا خلاف أجده فيه، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه. لانها بحكم الزوجة نصا وفتوى كذا في الجواهر. أقول: قد استفاضت النصوص في ذلك، ففي خبر محمد بن قيس قال: " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: في رجل كانت تحته أربع نسوة فطلق واحدة ثم نكح أخرى قبل أن تستكمل المطلقة العدة، قال: فليلحقها

 

===============

 

( 111 )

 

[ العصمة بينه وبينها (1). وربما قيل بوجوب الصبر إلى انقضاء ] بأهلها حتى تستكمل المطلقة أجلها.. " (* 1)، وموثق علي بن أبى حمزة. قال: " سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يكون له أربع نسوة فيطلق إحداهن، أيتزوج مكانها أخرى؟ قال (ع): لا حتى تنقضي عدتها " (* 2)، ومصحح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " إذا جمع الرجل أربعا فطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلقت، وقال: لا يجمع ماءه في خمس " (* 3). ونحوها غيرها. (1) هذا التعليل مذكور في كلام جماعة، وإجماله كاشكاله ظاهر، إذ المراد منه إن كان إرتفاع الزوجية، فهو حاصل في الطلاق الرجعى، ولا يجوز التزويج معه. وإن كان إرتفاع جميع العلائق، فهو غير حاصل في البائن، كما يشهد به عدم جواز تزويجها. نعم هو مذكور في حسنة الحلبي عن أبى عبد الله (ع): " في رجل طلق أمرأته، أو اختلعت منه، أو بانت، أله أن يتزوج أختها؟ فقال (ع): إذا برئت عصمتها فلم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب اختها " (* 4). ونحوها صحيحة أبى بصير (* 5)، وخبر الكناني (* 6). وقد فسر بأن لا يكون له عليها رجعة. لكن موردها الجمع بين الاختين، واستفادة ما نحن فيه منها لا تخلو من تأمل. وأولى منه في الدلالة القواعد العامة المقتضية للجواز، لان

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 48 من ابواب العدد حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 48 من ابواب العدد حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 28 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1.

 

===============

 

( 112 )

 

[ عدتها، عملا باطلاق جملة من الاخبار (1). والاقوى المشهور. والاخبار محمولة على الكراهة (2). هذا ولو كانت ] الحرام تزويج الخمس، ومع الطلاق تخرج المطلقة عن الزوجية، فلا يكون إلا تزويج الاربع. نعم يعارضها إطلاق النصوص المتقدمة وغيرها المتضمنة أنه لا يجوز تزويج الخامسة بعد طلاق أحد الاربع إلا بعد خروجها عن العدة، الذي لا فرق فيه بين الرجعي وغيره. ولذلك قال في كشف اللثام: " وظاهر التهذيب الحرمة قبل الانقضاء وهو ظاهر الاخبار ". (1) إشارة إلى ما تقدم في كشف اللثام. وظاهر المتن التوقف من نسبة القول بالتحريم إلى قائل. (2) عند المشهور. وفي المسالك: " في الحمل نظر من حيث عدم المعارض ". وفي الجواهر جعل ما في حسنة الحلبي المتقدمة قرينة على تقييد النصوص بالرجعي. ولكنه غير ظاهر. وكذا ما في الجواهر أيضا من أن في النصوص ما يتضمن أنه لا يجوز له تزويج الخامسة حتى يعتد هو مثل عدة المطلقة، وما يتضمن من أنه إذا ماتت إحدى الاربع لم يجز له أن يتزوج حتى يعتد أربعة أشهر وعشرا، بل فيه أنه يعتد وإن كانت متعة. كما سيأتي بعضها. لكن قرينية ذلك غير ظاهرة، فان ثبوت الاعتداد على وجه الاستحباب في بعض الموارد لا يقتضي مقايسة غيره عليه، والا كان اللازم الحمل على الاستحباب حتى في الطلاق الرجعي. وبالجملة: إطلاق النصوص يقتضي عدم الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن، ولا قرينة على تقييدها بالرجعي. ووحدة السياق في موثق عمار الآتى لا تكون قرينة على التصرف فيه فضلا عن غيره فان قلت: المنع عن تزويج الخامسة بعد طلاق إحدى الاربع إنما هو من باب حرمة الجمع بين الخمس. فإذا كان الطلاق بائنا لا جمع.

 

===============

 

( 113 )

 

[ الخامسة أخت المطلقة فلا إشكال في جواز نكاحها قبل الخروج عن العدة البائنة، لورود النص فيه (1)، معللا بانقطاع العصمة. كما أنه لا ينبغي الاشكال إذا كانت العدة لغير الطلاق (2) كالفسخ بعيب أو نحوه. وكذا إذا ماتت الرابعة، فلا يجب الصبر إلى أربعة أشهر وعشر (3). والنص الوارد بوجوب الصبر (4) ] قلت: هذا المقدار لا يوجب حمل النصوص على الكراهة، لاحتمال كون وجود بعض العلائق كاف في المنع. كما في الطلاق الرجعي. فالعمدة تسالم الاصحاب عليه من دون مخالف صريح فيه، ويكون هو المقيد لاطلاق النصوص. (1) يشير به إلى حسنة الحلبي المتقدمة، ونحوها صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أيحل له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة؟ قال: نعم، قد برأت عصمتها منه ولم يكن عليها رجعة " (* 1). ونحوهما خبر الكناني. لكن النصوص المذكورة إنما اقتضت نفي الاشكال في الجواز من حيث الجمع بين الاختين، لا من حيث الجمع بين الخمس، فإذا اتفق كون الخامسة أختا للمطلقة فالاشكال في المسألة السابقة بحاله. (2) كما هو مقتضى القواعد العامة، فان الفسخ يوجب انتفاء الزوجية، فلا يكون جمع بين خمس نساء. والنصوص الدالة على الانتظار مختصة بالطلاق. (3) بلا اشكال ظاهر. (4) هو موثق عمار، قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يكون له أربع نسوة فتموت إحداهن، فهل يحل له أن يتزوج أخرى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب العدد حديث: 1.

 

===============

 

( 114 )

 

[ معارض بغيره (1)، ومحمول على الكراهة. وأما إذا كان الطلاق أو الفراق بالفسخ قبل الدخول فلا عدة حتى يجب الصبر أو لا يجب (2). ] مكانها قال (ع): لا حتى تأتي عليها أربعة أشهر وعشر، سئل فان طلق واحدة هل يحل له أن يتزوج؟ قال (ع): لا حتى تأتى عليها عدة المطلقة " (* 1). (1) ففي خبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى (ع) قال: " سألته عن رجل كانت له أربع نسوة فماتت إحداهن، هل يصلح له أن يتزوج في عدتها أخرى قبل أن تنقضي عدة المتوفاة؟ قال (ع): إذا ماتت فليتزوج متى أحب " (* 2). (2) في خبر سنان بن طريف، عن أبى عبد الله (ع)، قال: " سئل عن رجل كن له ثلاث نسوة، ثم تزوج امرأة اخرى فلم يدخل بها، ثم أراد أن يعتق أمة ويتزوجها، فقال: إن طلق التى لم يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أخرى من يومه ذلك " (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث: 6.