كتاب المساقاة

[ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المساقاة وهي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها (1). ] بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. كتاب المساقاة (1) قد تقدم بعض الكلام في تحقيق مفهوم المزارعة، وهو جار في المقام أيضا. فراجع. ثم إنه اشتهر تحديد المساقاة بما ذكر في كلام الاصحاب وربما أسقط بعضهم لفظ " الثابتة "، وأبدل بعضهم حاصلها بثمرتها، وقرأ بعضهم " النابتة " بالنون. وسيأتي التعرض لذلك إن شاء الله تعالى، ثم إن لفظ المساقاة لم يذكر في الكتاب والسنة، ولا في أخبار الائمة (ع) وإنما ذكر مفهومها والمراد منها في النصوص، كما سيأتي، ولايهم عدم ذكر لفظها. وفي القواعد وغيرها: " هي مفاعلة من السقي سميت به لان أكثر حاجة أهل الحجاز إليه، لانهم يسقون من الآبار ". ولا بأس به.

 

===============

 

( 156 )

 

[ ولا اشكال في مشروعيتها (1) في الجملة. ويدل عليها - مضافا إلى العمومات - خبر يعقوب بن شعيب (2) عن أبي عبد الله عليه السلام: " سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه، وفيها رمان أو نخل أو فاكهة، ويقول: إسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج. قال (ع): لا بأس "، وجملة من أخبار خيبر، منها: صحيح الحلبي (3) قال: " أخبرني أبو عبد الله (ع) أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى خيبرا بالنصف أرضها ونخلها، فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة... " هذا مع أنها من المعاملات العقلائية ولم يرد نهي عنها ولاغرر فيها (4) حتى يشملها النهي عن الغرر. ويشترط ] (1) قد ادعى الاجماع عليه جماعة، وفي الجواهر: " جائزة بالاجماع من علمائنا وأكثر العامة "، وفي الحدائق: " دليل صحة هذه المعاملة الاجماع والنصوص " وفي مفتاح الكرامة: " طفحت كتب أصحابنا بحكاية الاجماع على مشروعيتها ". (2) بل هو صحيح، فقد رواه الصدوق عنه بطريقه الصحيح إليه، ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عنه. والسند صحيح، ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن يحيى عمن بعده عنه (* 1). (3) رواه في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عنه. والسند مصحح لاجل إبراهيم بن هاشم (* 1). (4) فيه منع ظاهر، ولذا منع عنها أبو حنيفة وزفر، على ما في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب بيع الثمار حديث: 2.

 

===============

 

( 157 )

 

[ فيها أمور (الاول): الايجاب والقبول (1). ويكفي فيهما كل لفظ دال على المعنى المذكور (2)، ماضيا كان أو مضارعا أو أمرا (3)، بل الجملة الاسمية مع قصد الانشاء بأي لغة كانت. ] الجواهر، نعم لادليل على المنع عن الغرر كلية. ومنه يظهر الاشكال في قول المصنف (ره): " حتى يشملها... ". (1) لانها من العقود، لما عرفت سابقا من أن المفهوم العقدي هو الذي يتعلق بشخصين على نحو يحدد سلطنتهما، وهذه المعاملة كذلك لانها تلزم العامل بالعمل وتلزم المالك ببذل ملكه، فلابد فيها من الايجاب والقبول أو ما يقوم مقامهما، بأن كان الانشاء متضمنا لاعمال السلطنتين معا، كما في إنشاء ولي الطرفين أو الوكيل عنهما. (2) عملا بعمومات الصحة وإطلاقاتها. (3) قد عرفت - في بعض المباحث السابقة. أن الامر ليس إنشاء للمفهوم الايقاعي، فلا يكون إيجابا ولا قبولا، وإنما هو قائم مقام الايجاب باعتبار أنه إعمال لسلطنة المالك وبذل لملكه لان يعمل العامل فيه، نظير قول المالك لغيره: أذنت لك في أن تتملك ملكي، فان المخاطب إذ قال: تملكت، تم الملك بلا إيجاب، لقيام الاذن مقامه. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما قد يظهرمن الشرائع وصريح غيرها من اعتبار الماضي، فلا يصح بغيره. كما يظهر الاشكال فيما في المسالك حيث قال: " وزاد في التذكرة: تعهد نخلي بكذا، أو اعمل فيه بكذا. ويشكل بما مر في نظائره من عدم صراحة الامر في الانشاء، كما لا وجه لاخراج هذا العقد اللازم من نظائره، وقد نوقش في الاكتفاء في المزارعة بلفظ الامر مع الاستناد فيها إلى النص وهو منتف، مضافا إلى أن النص موجود هنا وغير منتف، وهو صحيح يعقوب المتقدم

 

===============

 

( 158 )

 

[ ويكفي القبول الفعلي (1) بعد الايجاب القولي. كما أنه يكفي المعاطاة (2). (الثاني): البلوغ والعقل والاختيار (3). (الثالث): عدم الحجر لسفه أو فلس. (الرابع): كون الاصول مملوكة (4) عينا ومنفعة، أو منفعة فقط، أو كونه ] (1) لدلالته على الالتزام النفسي المقوم للقبول كاللفظ، فيشمله عموم صحة العقود. (2) قال في المسالك: " وجريان المعاطاة هنا بعيد، لاشتمال هذا العقد على الغرر وجهالة العوض، بخلاف البيع والاجارة، فينبغي الاقتصار فيه على موضع اليقين " وقد سبقه إلى ذلك في جامع المقاصد. ولكنه ظاهر الاشكال، لان عموم أدلة الصحة لا يفرق فيه بين اللفظ والمعاطاة، فإذا جاز الغرر في الاول جاز في الثاني، نعم يتم لو لم يكن عموم يقتضي الصحة. وكان دليل الصحة يختص باللفظ فيتعين الرجوع في غيره إلى أصالة عدم ترتب الاثر. وفي المقام وإن كان صحيح يعقوب المتقدم يختص باللفظ. لكن روايات خيبر عامة له وللفعل، ومثلها العمومات الاولية. (3) لما دل على اشتراطها في صحة التصرف، كما أشرنا إلى ذلك في كتاب الاجارة، هذا ولا يظهر وجه لجعل الثلاثة المذكورة شرطا واحدا مع تباينها. وكان الاولى أن يجعل أحد الشرطين الاختيار، والثاني عدم الحجر لعدم البلوغ أو لعدم العقل أو للسفه أو للفلس. (4) كان المناسب جعل هذا الشرط أولا، وتكون الشروط السابقة مبنية عليه، إذ لو لم تكن العين مملوكة وكان المتصرف مأذونا صح التصرف وإن لم يكن بالغا ولا مختارا أو كان مفلسا أو كان سفيها، فليست الشروط السابقة شروطا في مقابل الشرط المذكور، بل إنما تكون شروطا على تقدير الملكية لاغير.

 

===============

 

( 159 )

 

[ نافذ التصرف فيها، لولاية أو وكالة أو تولية. (الخامس): كونها معينة عندهما (1) معلومة لديهما. (السادس): كونها ثابتة مغروسة (2)، ] (1) يحتمل أن يكون المراد به ما يقابل المرددة. ولا إشكال في اعبتار ذلك، لان المردد لا وجود له في الخارج، فلا يكون موضوعا للاحكام. ويحتمل أن يكون المراد به المعلومة، فيكون قوله:، معلومة، تفسيرا له، فالشرط واحد، وهو أن تكون معلومة، كما صرح به جماعة، قال في القواعد:، يجب أن تكون الاشجار معلومة "، قال في جامع المقاصد في شرح ذلك:، إما بأن تكون مرئية مشاهدة وقت العقد أو قبله أو موصوفة بوصف يرفع الجهالة، فلا يصح بدون ذلك، لان المساقاة عقد اشتمل على الغرر من حيث أن العوض فيه معدوم في الحال مجهول القدر والوصف، فلا يحتمل فيه غرر آخر. ولانها معاملة لازمة فلابد فيها من العلم الا ما استثناه الشارع، ولابد منه فيها ". ولا يخفى ما في الاستدلال عليه بما ذكر. وفي الارشاد: " إذا كانت مرئية " فاشترط الرؤية بالخصوص ولم يكتف بمطلق العلم. وفي مجمع البرهان: " كأنه يلزم ذلك من تعريفها حيث قيل فيه: إنه لابد أن يكون شجرا له أصل ثابت، ولا يكون كذلك إلا إذا كانت مرئية، ولانه مع عدم الرؤية مجهول. فتأمل ". ولا يخفى أيضا ما في الاستدلال بما ذكر. فكأن المستند الاجماع، ولا يخلو من تأمل، لعدم تعرض الاكثر له. (2) بلا خلاف الا من بعض العامة، كما في المسالك، وفي جامع المقاصد: " لاشك في عدم صحة المساقاة على ما ليس بمغروس، ولم ينقل في ذلك خلاف إلا لاحمد، وعلله في التذكرة: بأنه قد لا يعلق،

 

===============

 

( 160 )

 

[ فلا تصح في الودي (1)، أي الفسيل قبل الغرس (السابع): تعيين المدة (2) بالاشهر والسنين وكونها بمقدار يبلغ فيه الثمر غالبا (3). ] وهذا غرر فلا يجوز ". وهذا التعليل كما ترى. فالاولى أن يقال: بأن دليل المساقاة من النصوص والفتاوى مختص بالثابت ولا يشمل المقلوع، قال في الشرائع: " ولو ساقى على ودي أو شجر غير ثابت لم يصح، اقتصارا على موضع الوفاق "، وفي الجواهر: أنه مقتضى الاقتصار في المعاملة المخالفة للاصول على موضع الوفاق. انتهى. اللهم إلا أن يقال: هذا بالنظر إلى أدلة مشروعية المساقاة، أما بالنظر إلى الادلة العامة فمقتضاها الصحة وإن لم يكن بعنوان المساقاة. (1) بالتشديد على وزن " غني ". (2) يظهر من كلامه اعتبار أمرين (الاول): أن يجب أن تذكر المدة فيها، فلا تجوز المساقاة دائما، فانه يبطل العقد قولا واحدا، لان عقد المساقاة لازم، ولا معنى لوجوب الوفاء به دائما. كذا في المسالك. ويشكل: بأنه لامانع من وجوب الوفاء به دائما مادام الموضوع، فيدخل تحت إطلاق صحيح يعقوب بن شعيب المتقدم من جهة ترك الاستفصال. (الثاني): أنه يجب تعيين المدة بالشهور والسنين، فلا يجوز تقديرها بما يحتمل الزيادة والنقصان، مثل قدوم الحاج. وفي المسالك: نسبه إلى المشهور، واستدل له بقوله: " وقوفا فيما خالف الاصل واحتمل الغرر والجهالة على موضع اليقين "، وقد سبقه في جميع ذلك في جامع المقاصد لكنه يشكل: بأنه يدخل في إطلاق صحيح يععقوب بن شعيب، كما عرفت فيما قبله. (3) هذا غير ظاهر، لجواز عدم احتياج الشجر إلى السقي في جميع

 

===============

 

( 161 )

 

[ نعم لا يبعد جوازها في العام الواحد إلى بلوغ الثمر (1) من غير ذكر الاشهر، لانه معلوم بحسب التخمين، ويكفي ذلك في رفع الغرر (2). مع أنه الظاهر من رواية يعقوب بن شعيب المتقدمة (3). ] المدة إلى زمان البلوغ، وتكون المعاملة على سقيه بمقدار الحاجة لاغير، وتنتهي قبل البلوغ. (1) حكى في المسالك ذلك عن ابن الجنيد، لكن عبارته المحكية خالية عن ذكر العام الواحد. قال في المختلف: " وقال ابن الجنيد: ولا بأس بمساقاة النخل وماشا كله سنة وأكثر من ذلك إذا حصرت المدة أولم تحصر، فان ظاهر عدم الحصر الدوام، نعم هذا القول احتمله في القواعد، قال: " ولو قدر المدة بالثمرة فاشكال، " وفي المسالك: أن له وجها، وجعل الاجود هو المشهور. (2) قد أشرنا في كتاب المزارعة إلى أن الغرر إنما يكون للجهل بالخصوصيات التي تختلف بها المالية، ولما كانت المالية قائمة بالثمرة والمدة طريق إلى الثمرة فتعيين المدة دون الثمرة ربما يؤدي إلى الغرر، لعدم بلوغ الزرع، فيكون قلعه موجبا للضرر وإبقاؤه موجبا للخسارة المالية، بخلاف بلوغ الثمرة، فانه لاغرر فيه على العامل ولا على المالك، إذ لا يترتب الاثر على التصرف بالارض بعد بلوغ الثمرة. (3) في الجواهر احتمل فيها الظهور في الدوام، لعدم ذكر المدة. ولكنه غير ظاهر، لان عدم ذكر المدة يقتضي إطلاق الرواية من حيث الدوام والانقطاع، فهي كما تدل على صحة المساقاة في المدة المحدودة تقتضي صحتها في صورة قصد الدوام، كما عرفت.

 

===============

 

( 162 )

 

[ (الثامن): أن يكون قبل ظهور الثمر (1)، أو بعده وقبل البلوغ (2)، بحيث كان يحتاج بعد إلى سقي أو عمل آخر. وأما إذا لم يكن كذلك ففي صحتها إشكال (3) وان كان محتاجا إلى حفظ أو قطوف أو نحو ذلك. (التاسع): أن يكون إلى الحصة معينة مشاعة (4)، فلا تصح مع عدم تعيينها ] (1) قال في الشرائع: " وتصح قبل ظهور الثمرة، وهل تصح بعد ظهورها؟ فيه تردد، والاظهر الجواز بشرط أن يبقى للعامل العمل وإن قل مما تستزاد به الثمرة "، ونحوه في القواعد وغيرها. أما الصحة في حال عدم ظهور الثمرة فقد حكى عليها الاجماع جماعة، وفي الجواهر: " الاجماع بقسميه عليه ": وهو المتيقن من نصوص الباب. (2) كما تقدم في الشرائع وغيرها، ونسب إلى المشهور، بل لم يتضح وجود مخالف صريح فيه، ونصوص الباب شاملة له باطلاقها، إذ لاقرينة على اختصاصها بما قبل الظهور، ودعوى ذلك في الجواهر غير ظاهرة. مضافا إلى عموم الوفاء بالعقود. وحمله على المتعارف - كما احتمله في الجواهر - غير ظاهر. مع أن المقام ليس بعيدا عن المتعارف. نعم العموم لا يثبت المساقاة. (3) وفي جامع المقاصد والمسالك: أنه لم يصح إجماعا، وكذا في غيرهما، ولاجله يشكل الاخذ باطلاق وجوب الوفاء بالعقود ونحوه. اللهم الا أن يكون المراد أنه لا تصح مساقاة، لا أنها لا تصح مطلقا، ولذا حكي عن بعض جواز ذلك. وحينئذ فالبناء على الاخذ بالعموم متعين، لعدم وضوح المقيد له وإن لم تثبت به المساقاة. (4) أما اعتبار التعيين في مقابل الترديد فوجهه واضح إذ المردد لا يقبل أن يكون موضوعا لحكم من الاحكام إذ لا وجود له في الخارج،

 

===============

 

( 163 )

 

[ إذا لم يكن هناك انصراف، كما لا تصح إذا لم تكن مشاعة، بأن يجعل لاحدهما مقدارا معينا والبقية للآخر. نعم لا يبعد جواز أن يجعل لاحدهما أشجارا معلومة وللآخر أخرى (1). ] وأما اعتبار التعيين في مقابل ما يقبل الزيادة والنقيصة - مثل جزء من الثمرة أو شئ منها أو بعضها أو نحو ذلك مما لا تحديد فيه ولا تقدير - فقد صرح به في كلام جماعة بل قيل: " طفحت عباراتهم بذلك " وعن التذكرة وجامع المقاصد: الاجماع عليه، ويقتضيه الاقتصار على ظاهر النصوص لاختصاصها بالحصة المعينة. وأما اعتبار الاشاعة فقد ادعى غير واحد نفي الخلاف فيه، وعن مجمع البرهان نفي الشك فيه، وقد ذكره الجماعة (رض) مرسلين له ارسال المسلمات ويقتضيه الاقتصار على ظاهر نصوص الباب. (1) قال في الشرائع: " ولابد أن يكون للعامل جزء منها مشاعا، فلو أضرب عن ذكر الحصة بطلت المساقاة، وكذا لو شرط أحدهما الانفراد بالثمرة لم تصح المساقاة، وكذا لو شرط لنفسه شيئا معينا وما زاد بينهما، وكذا لو قدر لنفسه أرطالا وللعامل ما فضل أو عكس ذلك، وكذا لو جعل حصة نخلات بعينها وللآخر ما عداها "، ونحوه كلام القواعد وغيرها، والجميع صريح في اعتبار الاشاعة في صحة المساقاة اولا، واعتبار عموم الاشاعة في جميع الثمرة ثانيا، وتقديرها بالكسر المشاع ثالثا. وما ذكره المصنف هنا ينافي اعتبار أصل الاشاعة في الجملة، الذي صرح باعتبارها. (وحملها) على ما يقابل اختصاص أحدهما بمقدار معين والبقية للآخر لا مطلق الاشاعة (غير ظاهر) فالتفصيل بلا فاصل، إذ لو بني على الاقتصار على مورد النصوص لزم اعتبار الاشاعة في تمام الثمرة على السوية. وإذا بني على الرجوع إلى الادلة العامة اقتضت

 

===============

 

( 164 )

 

[ بل وكذا لو اشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة (1) والاشتراك في البقية، أو اشترط لاحدهما مقدار معين مع الاشتراك في البقية إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار وأنه تبقى بقية. (العاشر): تعيين ما على المالك من الامور وما على العامل من الاعمال (2) إذا لم يكن هناك انصراف. ] الغاء اعتبار الاشاعة بالمرة، فالتفصيل في اعتبار الاشاعة بين أن تكون بالمعنى المذكور في كلام المصنف دونها بالمعنى الاخر بلا فاصل. بل هذه الصورة اولى بالبطلان من الصورة الاولى، إذ لا اشاعة فيها أصلا، بخلاف الاولى فان فيها اشاعة في تمام الثمرة، غاية الامر أن حصة أحدهما مقدرة بالوزن. وبالجملة فكلام المصنف يتوجه عليه الاشكال من وجوه: (الاول): أنه متناف في نفسه لان اعتبار الاشاعة ينافي القول بالجواز في هذه الصورة (الثاني): أنه مخالف لكلام الفقهاء. (الثالث): أنه مخالف للادلة الخاصة، لاقتضائها المنع من هذه الصورة، والعامة لاقتضائها الجواز في الصورة الاولى. (1) هذا وما بعده لا ينافيان اعتبار الاشاعة في الجملة، لحصول الاشاعة بين حصتيهما في بعض الحاصل، لكن الدليل على اعتبار الاشاعة قد عرفت أنه ظاهر في اعتبارها في جميع الثمرة، فإذا بني على العمل به لم تجز هاتان الصورتان أيضا، كما عرفت في الصورة السابقة. (2) قد تقدم في كتاب المزارعة أن مقتضى إطلاق المساقاة وجوب جميع الاعمال المتعلقة بالثمرة على العامل وإن كانت مما لا يتكرر كل سنة أو كان مما يفتقر إلى بذل المال، مثل حفر الانهار والآبار وتعمير الدولاب وغير ذلك، لان جميع ذلك يتوقف عليه عمل العامل الواجب، وما يتوقف

 

===============

 

( 165 )

 

[ (مسألة 1): لا إشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر (1)، كما لا خلاف في عدم صحتها بعد البلوغ والادراك بحيث لا يحتاج إلى عمل غير الحفظ والاقتطاف (2). واختلفوا في صحتها إذا كان بعد الظهور قبل البلوغ (3)، والاقوى - كما أشرنا إليه (4) - صحتها، سواء كان العمل مما يوجب الاستزادة أولا (5)، خصوصا إذا كان في جملتها بعض ] عليه الواجب فهو واجب. نعم لما كان موضوع المساقاة الاصول تكون المساقاة مقتضية لكل عمل زائد على الاصول وما يتعلق بها من أعمال، وإن كانت هي أيضا يتوقف عليها وجود الثمرة، لكنها خارجة عما تقتضيه المساقاة. وان شئت قلت: المنصرف إليه الاعمال التي لا ترتبط بالاصول، وانما ترتبط بالثمرة لاغير. وسيأتي في المسألة التاسعة تمام الكلام فيه. (1) قد تقدمت حكاية الاجماع على الصحة حينئذ. (2) تقدمت دعوى الاجماع من جامع المقاصد والمسالك وغيرهما على عدم صحة المساقاة حينئذ، لكن حكي عن المهذب البارع أنه ذكر فيه: " أنه يكفي في الجواز بقاء عمل تنتفع به المثرة ولو في إبقائها وحفظها، فلو صارت رطبا تاما وهي مفتقرة إلى الجذاذ والتشميس والكبس في الظروف جازت المساقاة عليها ". وقد عرفت أن مقتضى القواعد العامة الصحة وإن لم يكن بعنوان المساقاة، وان نصوص الباب قاصرة عن إثباته. (3) قد عرفت أنه لم يعرف مخالف صريح في الجواز إذا كان العمل تستزاد به الثمرة. نعم تردد في الشرائع فيه واختار الصحة. (4) الذي تقدم منه الصحة في الصورة الاولى فقط وتوقف في الثانية. (5) قد عرفت أن أدلة الباب تقصر عن اثبات الصحة حينئذ،

 

===============

 

( 166 )

 

[ الاشجار التي بعد لم يظهر ثمرها. (مسألة 2): الاقوى جواز المساقاة على الاشجار التي لا ثمر لها وإنما ينتفع بورقها (1)، كالتوت والحنا ونحوهما. ] لكن الادلة العامة تقتضيها من غير مقيد ظاهر، وإن كانت لا تثبت عنوان المساقاة. والمناقشة في عموم قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (* 1) وقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض) (* 2) باختصاصهما بالعقود المتعارفة - كما احتمله في الجواهر - غير ظاهرة، كما عرفت. مع أنه يمكن أن تكون المعاملة على ذلك ايقاعا على نحو الجعالة لاعقدا. (1) كما في القواعد: أنه أقرب، وفى غيرها: أنه غير بعيد وحكي عن كثير من كتب المتأخرين ومتأخريهم، بل الظاهر أنه المشهور. نعم تردد في الشرائع وحكي ذلك عن غيرها، وكأنه لعدم وضوح اطلاق يقتضي الجواز والاصل عدم ترتب الاثر. لكن في صحيح يعقوب المتقدم: " إسق هذا من الماء، واعمره ولك نصف ما أخرج " والخارج كما يشمل الثمر يشمل الورق إذا كان هو المقصود من الشجر. لكن مورده غير ما نحن فيه، فلا عموم فيه. نعم في صحيح يعقوب الآخر قال (ع): " وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر حين أتوه، فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت " (* 1) وكأنه إلى ذلك أشار في المسالك بقوله: " وفي بعض الاخبار ما يقتضي دخوله، والقول بالجواز لا يخلو من قوة ". لكن الاستدلال به يتوقف على العلم بوجود ما هو محل الكلام في خيبر.

 

 

____________

(* 1) المائدة: 1. (* 2) النساء: 29. (* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب كتاب المزارعة مو المساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 167 )

 

[ (مسألة 3): لا يجوز عندهم المساقاة على أصول غير ثابتة (1)، كالبطيخ والباذنجان والقطن وقصب السكر ونحوها وإن تعددت اللقطات فيها كالاولين. ولكن لا يبعد الجواز، للعمومات (2) وإن لم يكن من المساقاة المصطلحة. بل لا يبعد ] اللهم إلا أن يكون بيان الامام يقتضي العموم. ولعل مراد الحدائق من عدم وجود نص في المساقاة على ما كان كذلك. انتهى. عدم وجود النص بالخصوص فلاحظ. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في الجواهر من التفصيل بين أن تكون المساقاة على هذه الاشجار تبعا فيجوز ومستقلا فلا يجوز، للزوم الاقتصار على المتيقن فيما كان على خلاف الاصل، وفيه من الغرر ما ليس في غيره. إذ العموم مقدم على الاصل، والغرر غير قادح كلية. نعم الدليل الخاص يختص بصورة الانضمام فيكون من المساقاة المصطلحة، وفي غيرها يكفي العموم وإن لم تكن منها. مع إمكان التعدي عن مورد الدليل الخاص إلى غيره، كما يقتضيه الارتكاز العرفي. ولذا لم يعرف التفصيل المذكور لغيره. اللهم إلا أن يقال إن الدليل على الصحة عام، لكن الاصطلاح خاص. (1) قد تقدم تعريف المساقاة في كلام المصنف - تبعا للمشهور - بأنها معاملة على أصول ثابتة، والاصول الثابتة لا تشمل ما هو محل الكلام وبعضهم أسقط هذا القيد، وعن بعض أنه قرأ: " النابتة " بالنون بدل الثاء. (2) يعني عموم: (أوفوا بالعقود) (* 1) و (إلا أن تكون تجارة عن تراض) (* 2) ونحوهما. لكن استشكل في الجواهر في ذلك بأن (أوفوا

 

 

____________

(* 1) المائدة: 1. (* 2) النساء: 29.

 

===============

 

( 168 )

 

[ الجواز في مطلق الزرع كذلك، فان مقتضى العمومات الصحة (1) بعد كونه من المعاملات العقلائية، ولايكون من المعاملات الغررية (2) عندهم، غاية الامر أنها ليست من المساقاة المصطلحة (3). (مسألة 4): لا بأس بالمعاملة على أشجار لا تحتاج إلى ] بالعقود) و (إلا أن تكون تجارة عن تراض) لا يثبت بهما شرعية الافراد المشكوكة من المعاملة المعهودة التي لها أفراد متعارفة، وإنما المراد من الاول بيان اللزوم، ومن الثاني عدم أكل المال بالباطل إذا كان بالتجارة المتعارفة، لا أن المراد شرعية كل عقد وكل تجارة يقع الاتفاق عليهما من المتعاقدين، كما هو واضح بأدنى تأمل. انتهى. ولا يخفى ما فيه - وان تكرر منه ذلك في كثير من الموارد - فانه خلاف العموم والاطلاق من دون قرينة، ومن الخفي جدا الوجه في قوله: " وهو واضح بأدنى تأمل ". ثم إن كون المراد من الاول اللزوم ومن الثاني خلاف الباطل مسلم، لكنه لا يجدي فيما ذكره من الحمل على المتعارف. مع أن كون محل الكلام خلاف المتعارف غير ظاهر، مضافا إلى إمكان دخول المقام في صحيح يعقوب المتقدم، وإن كان الاصطلاح خاصا بغيره. (1) بل مقتضى صحيح يعقوب المتقدم أيضا. (2) لا إشكال في أنها غررية للجهل بمقدار الحاصل، لكن لادليل على المنع من الغرر كلية، كما عرفت. (3) لكن عن الشيخ (ره) أنه جوز المساقاة على البقل الذي يجز مرة بعد أخرى، وعن جامع الشرايع: جواز المساقاة على الباذنجان. والاشكال عليها ظاهر، إلا أن يكون استعمال المساقاة من باب المجاز.

 

===============

 

( 169 )

 

[ السقي (1) لاستغنائها بماء السماء أو لمص أصولها من رطوبات الارض وإن احتاجت إلى أعمال أخر، ولا يضر عدم صدق المساقاة حينئذ، فان هذه اللفظة لم يرد في خبر من الاخبار، وإنما هي من اصطلاح العلماء، وهذا التعبير منهم مبني على الغالب، ولذا قلنا بالصحة إذا كانت المعاملة بعد ظهور الثمر واستغنائها من السقي. وإن ضويق نقول بصحتها وإن لم تكن من المساقاة المصطلحة (2). ] (1) قال في القواعد: " وتصح المساقاة على البعل من الشجر، كما تصح على ما يفتقر إلى السقي ". والبعل: كل شجر ونخل وزرع لا يسقى، أو ما سقته السماء، كما عن القاموس، والحكم كاد أن يكون من المسلمات، وعن التذكرة: " لا نعرف فيه خلافا ممن جوز المساقاة، لان الحاجة تدعو إلى المعاملة في ذلك كدعائها فيما يحتاج إلى السقي ". ويقتضيه إطلاق تعريف المساقاة بأنها معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها أو بحصة من حاصلها، على اختلاف التعبيرات، وليس فيه اعتبار السقي بالخصوص. نعم مفهوم المساقاة لغة مأخوذ من السقي لكن وجه التسمية يمكن أن يكون ملاحظة الغالب، والاعتبار بالمفهوم الاصطلاحي لا بالمفهوم اللغوي. وكيف كان يكفي في الحكم بصحة ذلك مثل صحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) المتقدم: " وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خيبرا حين أتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت " (* 1) فانه شامل للمقام، وحكاية الامام (ع)، ذلك يدل على العموم، كما سبق. (2) عملا بالعمومات الدالة على صحة العقود ونحوها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 170 )

 

[ (مسألة 5): يجوز المساقاة على فسلان مغروسة (1) وإن لم تكن مثمرة إلا بعد سنين، بشرط تعيين مدة تصير مثمرة فيها ولو بعد خمس سنين أو أزيد. (مسألة 6): قد مر انه لا تصح المساقاة على ودي غير مغروس، لكن الظاهر جواز إدخاله في المعاملة على الاشجار المغروسة، بأن يشترط على العامل غرسه في البستان المشتمل على النخيل والاشجار (2) ودخوله في المعاملة بعد أن يصير مثمرا (3). بل مقتضى العمومات صحة المعاملة على الفسلان الغير المغروسة إلى مدة تصير مثمرة وان لم تكن من المساقاة المصطلحة (4). (مسألة 7): المساقاة لازمة (5) ] (1) قال في القواعد: " ولو ساقاه عشر سنين وكانت الثمرة لا تتوقع إلا في العاشر جاز، ويكون في مقابلة كل العمل "، ونحوه ما في غيرها. ويقتضيه اطلاق النصوص الواردة في المساقاة، لشمولها له كغيره، والظاهر أنه لا خلاف فيه. (2) ضرورة أن نفي الخلاف في البطلان يختص بغير صورة الشرط تبعا إذ هو حينئذ مشمول لادلة صحة الشروط. (3) ظاهره أنه يدخل في المساقاة. ويشكل: بأنه تعليق لا يصح. ولعل المراد أنه يدخل في تحصيص ثمره، ولا بأس به. (4) لاختصاصها بالاصول الثابتة. ثم إن ظاهر صحيح يعقوب بن شعيب الثاني (* 1) أيضا يدل على الصحة وإن لم يدل على عنوان المساقاة. (5) بلا خلاف، كما في المسالك، أو اجماعا، كما في جامع المقاصد

 

 

____________

الوسائل باب: 11 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 171 )

 

[ لا تبطل إلا بالتقايل (1) أو الفسخ بخيار الشرط أو تخلف بعض الشروط أو بعروض مانع عام موجب للبطلان أو نحو ذلك. (مسألة 8): لا تبطل بموت أحد الطرفين (2)، فمع موت المالك ينتقل الامر إلى وارثه (3)، ومع موت العامل يقوم مقامه وارثه، لكن لا يجبر على العمل، فان اختار العمل ] مستدلا له بالاصل، ونحوه كلام غيرهما. (1) لما دل على مشروعية الفسخ بالامور المذكورة المذكور في محله. (2) كما هو في الشرائع والقواعد والمسالك وجامع المقاصد وغيرها. وعن الكفاية: أنه المشهور، بل في جامع المقاصد: " لا نعرف في ذلك خلافا " ولكن عن المبسوط: " إذا مات أحدهما أو ماتا انفسخت المساقاة كالاجارة عندنا ". وظاهره الاجماع عليه، وعن المهذب البارع والمقتصر أن من قال ببطلان العقد في الاجارة قال ببطلانه هنا، ومن لا فلا ". ويقتضي الاول أصالة اللزوم من دون معارض، وليس ما يقتضي الثاني. اللهم إلا القياس على الاجارة. لكن القياس ليس بحجة. مع عدم ذلك في الاجارة في موت المستأجر. نعم ورد في النصوص ما يحتمل فيه الدلالة على البطلان بموت المالك، وقد تقدم في الاجارة بعض الكلام فيه. (3) من المعلوم أن العقد اقتضى أن يكون لكل من المتعاقدين حق على الاخر، فالمالك له على العامل حق العمل، وعليه للعامل حق بذل الشجر للعمل، ومن المعلوم أن الوارث يقوم مقام المورث فيما له، ولا يقوم مقامه فيما عليه، بل يتعلق بالتركة على تقدير وجودها. وعليه فحق العمل الذي كان للمالك على العامل الميت لا يكون على الوارث، بل يكون على التركة فيجب على الوارث تخليصها من الحق، فإذا امتنع من ذلك كان للحاكم الشرعي ذلك، لئلا يلزم تعطيل الحقوق.

 

===============

 

( 172 )

 

[ بنفسه أو بالاستيجار فله، وإلا فيستأجر الحاكم من تركته من يباشره إلى بلوغ الثمر، ثم يقسم بينه وبين المالك. نعم لو كانت المساقاة مقيدة بمباشرة العامل (1) تبطل بموته. ولو اشترط عليه المباشرة لا بنحو التقييد (2) فالمالك مخير بين الفسخ - لتخلف الشرط - وإسقاط حق الشرط والرضا باستيجار من يباشر. (مسألة 9): ذكروا أن مع اطلاق عقد المساقاة جملة من الاعمال على العامل وجملة منها على المالك، وضابط الاولى ما يتكرر كل سنة (3)، وضابط الثانية ما لا يتكرر نوعا وإن ] هذا إذا كان للميت تركة، أما إذا لم يكن له تركة فان أقدم الوارث على إنجاز الحق الذي على الميت - بأن يعمل بنفسه أو يستأخر من يعمل - فهو، وإن لم يقدم الوارث بطلت المساقاة، لعدم ترتب الاثر عليها حينئذ. (1) بأن جعل عمل العامل القائم به موضوعا للمساقاة، كما إذا جعل عمل الاجير الخاص موضوعا للاجارة، وحينئذ يتعذر بموته، فلابد من بطلانها لعدم ترتب الاثر عليها. (2) إذا كان موضوع المساقاة العمل في الذمة واشترط تطبيقه على عمل نفسه رجع هذا الشرط إلى التقييد ضرورة، كما تقدم في المسألة التاسعة من أول كتاب المزارعة، وذكرنا هناك أن القيود على اختلاف أنواعها إذا كانت للمفهوم يجب أن تكون على نحو التقييد. وإذا كانت للموضوع الخارجي يجب أن تكون لاعلى نحو التقييد. فراجع. (3) كما هو المذكور في كثير من كتب المتأخرين. وفي جملة منها جعل الضابط ما فيه صلاح الثمرة وزيادتها.

 

===============

 

( 173 )

 

[ عرض له التكرر في بعض الاحوال. فمن الاول إصلاح الارض بالحفر فيما يحتاج إليه، وما يتوقف عليه من الآلات، وتنقية الانهار، والسقي ومقدماته - كالدلو والرشا، وإصلاح طريق الماء، واستقائه إذا كان السقي من بئر أو نحوه - وإزالة الحشيش المضرة، وتهذيب جرائد النخل والكرم، والتلقيح، واللقاط، والتشميس، وإصلاح موضعه، وحفظ الثمرة إلى وقت القسمة. ومن الثاني حفر الابار والانهار، وبناء الحايط والدولاب والدالية ونحو ذلك مما لا يتكرر نوعا. واختلفوا في بعض الامور أنه على المالك أو العامل، مثل البقر الذي يدير الدولاب (1)، والكش للتلقيح (2)، وبناء الثلم، ووضع الشوك على الجدران وغير ذلك. ولا دليل على شئ من الضابطين. فالاقوى أنه إن كان هناك انصراف في كون شئ على العامل أو المالك فهو المتبع، وإلا فلابد من ذكر ما يكون على كل منهما رفعا للغرر، ومع الاطلاق وعدم الغرر يكون ] (1) قال في القواعد: " وفي البقر الذي تدير الدولاب تردد، ينشأ من أنها ليست من العمل فأشبهت الكش، ومن أنها تراد للعمل فاشبهت بقر الحرث ". وعن المبسوط وغيره: أن البقر على رب المال، وعن السرائر وغيره: أنها على العامل. (2) قال في القواعد في ذكر ما على المالك: " والكش للتلقيح على رأي " حكي عن الشيخ والمتأخرين وعن الاكثر. وقيل أنه على العامل كما عن السرائر وجامع الشرايع، وفي الشرايع: أنه حسن، لانه به يتم التلقيح.

 

===============

 

( 174 )

 

[ عليهما معا (1)، لان المال مشترك بينهما، فيكون ما يتوقف عليه تحصيله عليهما. (مسألة 10): لو اشترطا كون جميع الاعمال على ] (1) كما في الجواهر، معللا له بما ذكر. ثم قال: " أو أن الاصل فيه وجوبه على العامل، لنحو ما سمعته في المزارعة من صحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) الذي فيه: " سألته عن المزارعة، فقال: النفقة منك والارض لصاحبها، فما أخرج الله تعالى من شئ قسم على الشطر، وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر حين أتوه، فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما خرجت " (* 1) فان ظاهر تشبيهه (ع) يقتضي كون وضع المساقاة على الوجه المزبور، فليس على المالك حينئذ إلا دفع الاصول، كما أنه ليس على المالك إلا دفع الارض. اللهم إلا أن يكون تعارف أو شرط. وهو في محله. ولو فرض قصور النصوص عن إثبات ذلك كان هو مقتضى الاطلاق. وما ذكره من التعليل للوجه الاول ضعيف، إذ لا مأخذ لذلك. إلا لا يجب على الشركاء في أمر فعل ما يقتضئ حصوله أو بقاءه، فان الشركاء في دار لا يجب عليهم تعميرها، والشركاء في شجر أو حيوان لا يجب عليهم تنميته، فانما وجب العمل في المقام باعتبار أن العقد اقتضى لاحدهما على الآخر حق العمل، لا أنه اقتضى الاشتراك. والاشتراك اقتضى العمل. نعم تفترق المزارعة عن المساقاة: بأن المزارعة معاملة على زرع الارض وإطلاق زرع الارض يقتضي وجوب جميع مقدماته كالاطلاق الخياطة في الاجارة على خياطة الثوب المقتضي لوجوب مقدمات الخياطة، أما المساقاة فلم يذكر في مفهومها عمل بعينه كي يؤخذ باطلاقه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 175 )

 

[ المالك فلا خلاف بينهم في البطلان، لانه خلاف وضع المساقاة (1). نعم لو أبقى العامل شيئا من العمل عليه واشترط كون الباقي على المالك فان كان (2) مما يوجب زيادة الثمرة فلا إشكال في صحته، وإن قيل بالمنع (3) من جواز جعل العمل على المالك ولو بعضا منه، والا - كما (4) في الحفظ ونحوه - ففي صحته قولان (5) أقواهما الاول. وكذا الكلام إذا كان ] (1) هذا يقتضي بطلانها مساقاة، لا بطلانها مطلقا. فالاولى التعليل بأن العامل إذ لم يكن له عمل فاستحقاقه يكون بلا عوض، فيكون وعدا لا يلزم الوفاء به، كما إذا قال: لك على أن أعطيك درهما، (2) يعني: ما أبقاه العامل لنفسه. (3) وهو ظاهر محكي المبسوط، قال: " إذا ساقاه بالنصف على أن يعمل رب المال معه فالمساقاة باطلة، لان موضوع المساقاة على أن من رب المال المال ومن العامل العمل "، ونحوه ما عن الوسيلة وجامع الشرائع وما ذكر في المبسوط من التعليل متين، وقد عرفت أن ذلك ظاهر صحيح يعقوب المتقدم في المتن وصحيحه الآخر. نعم يمكن تصحيحه بعنوان غير المساقاة عملا بالادلة العامة، كما تقدم في نظيره ويأتي. فان كان مراد المبسوط ومن وافقه البطلان مطلقا فضعيف، وإن كان المراد بطلانها مساقاة ففي محله. (4) يعنى وان لم يكن العمل الذي أبقاه العامل لنفسه مما يوجب زيادة الثمرة. (5) قد تقدم في المسألة الاولى ما عن المهذب البارع من القول بالصحة وان حكى الاجماع على البطلان من جماعة، وتقدم من المصنف في الشرط الثامن وفي المسألة الاولى ما ظاهره نفي الخلاف في البطلان. لكن كلام

 

===============

 

( 176 )

 

[ إيقاع عقد المساقاة بعد بلوغ الثمر وعدم بقاء عمل إلا مثل الحفظ ونحوه، وإن كان الظاهر في هذه الصورة عدم الخلاف في بطلانه، كما مر. (مسألة 11): إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الاعمال (1)، فان لم يفت وقته فللمالك إجباره على العمل، وإن لم يمكن فله الفسخ. وإن فات وقته فله الفسخ بخيار تخلف الشرط. وهل له أن لا يفسخ ويطالبه باجرة العمل بالنسبة إلى حصته بمعنى أن يكون مخيرا بين الفسخ وبين المطالبة بالاجرة؟ وجهان، بل قولان، أقواهما ذلك (2) (ودعوى): أن الشرط لا يفيد تمليك العمل المشروط لمن له ] المهذب في الصورة الآتية لا في هذه الصورة، وحينئذ لم يتضح قول بالصحة في هذه الصورة إلا بالاولوية. (1) الاعمال اللازمة للعامل تكون تارة: من قوام المعاملة - أعني المساقاة - بأن تكون دخلية في حصول الثمرة وزيادتها، وأخرى: خارجة عن ذلك، مثل أن يشترط المالك على العامل أن يصلي ركعتين. والذي يظهر من عبارة المتن أن كلامه في القسم الثاني. وسيأتي في المسألة السادسة والعشرين تحرير حكم القسم الاول. (2) كما هو ظاهر عبارة التحرير، قال في البحث الثاني من كتاب المساقاة: " إذا شرط المالك على العامل عملا معينا وجب على العامل القيام به، فان أخل بشئ منه تخير المالك بين فسخ العقد وإلزامه بأجرة العمل "، ونحوه ما في جامع المقاصد والمسالك. وأشكل عليه في الجواهر: بأن ذلك مبني على تمليك الشرط العمل المشروط لمن له على وجه يكون

 

===============

 

( 177 )

 

من أموله، وهو ممنوع فان أقصاه الزام من عليه الشرط بالعمل وإجباره عليه والتسلط على الخيار لعدم الوفاء به، لا لكونه مالا له. انتهى. ويشكل: بأن الشرط المذكور في كلامهم يراد به تعيين العمل اللازم على المالك صريحا، فالعمل المشروط ذاخل في قوام المعاملة، فيكون مملوكا للمالك بعقد المساقاة، لا أنه خارج عن المعاملة فيكون واجبا بالشرط، حتى يقع الكلام في كون الشرط موجبا لملك العمل حتى يترتب عليه ضمان العمل بالقيمة، أو غير موجب له حتى لا يكون العمل مضمونا بقيمته. نعم يشكل ما ذكروه بما عرفت - في المسألة السابعة من مبحث المزارعة وغيرها - من أن الاعمال الذمية لا تكون مضمونة على العامل إذا فاتت عمدا أو لعذر، ولذا ذكروا في كتاب الاجارة أنه إذا لم يأت الاجير بالعمل المستأجر عليه لم يستحق الاجرة، ولم يدع أحد أنه يستحق الاجرة ولكن المستأجر يستحق عليه قيمة العمل المستأجر عليه، فمن استؤجر على صوم يوم الجمعة فلم يصم لم يستحق الاجرة، لا أنه يستحقها وعليه قيمة صوم يوم الجمعة، وكذلك كلامهم في خيار الاشتراط خال عن التعرض لذلك، وظاهر أنه مع فوات الشرط يتخير من له الشرط بين فسخ العقد وإمضائه من دون استحقاق شئ. ولذلك لم يتعرض شيخنا الاعظم (ره) في مبحث أحكام الشرط إلى استحقاق للمشروط له لقيمة العمل المشروط عند تخلف الشرط. نعم ذكر في المسألة السابعة من مسائل مبحث الشرط: أنه لو كان الشرط عملا من المشروط عليه يعد مالا ويقابل بالمال كخياطة الثوب فتعذر، ففي استحقاق المشروط له لاجرته أو مجرد الخيار وجهان. والظاهر أن مراده من الاجرة حصة من الثمن. بحيث يكون الشرط كجزء من أحد العوضين، كما يظهر ذلك من حكايته لكلام التذكرة وإشكاله عليه: بأن الشروط

 

===============

 

( 178 )

 

[ على وجه يكون من أمواله (1)، بل أقصاه التزام من عليه ] خارجة عن موضوع المعاوضة، وليست ملحوظة كالجزء من أحد العوضين. فلاحظ كلامه. وبالجملة: المرتكزات العرفية تأبى القول بهذا الضمان وإن كان العمل مملوكا بالشرط، فلا مجال للبناء عليه. (1) تقدمت هذه الدعوى من الجواهر، ووافقه عليها المصنف (ره) في حاشيته على خيار المجلس من مكاسب شيخنا الاعظم (قده) في مسألة ما إذا اشترط أحد المتعاقدين عدم الفسخ، فقد ذكر أن التحقيق أن الشرط لا يثبت أزيد من الحكم التكليفي، بل التزم في النذر ذلك أيضا، رد في ذلك على ما ذكره شيخنا الاعظم (قده) فيما لو اشترط عدم الفسخ من أنه يحتمل قويا عدم نفوذ الفسخ، لان وجوب الوفاء بالشرط مستلزم لوجوب اجباره عليه وعدم سلطنته على تركه، كما لو باع منذور التصدق به، على ما ذهب إليه غير واحد، فمخالفة الشرط - وهو الفسخ - غير نافذة في حقه، ثم قال: " ويحتمل النفوذ لعموم دليل الخيار... ". وعبارة شيخنا ليست صريحة في حصول الملك، بل ولا ظاهرة، لكنها صريحة في أن الشرط مانع من سلطنة المشروط عليه على تركه من أجل أن وجوب الوفاء بالشرط موجب ذلك. هذا ولكن المفهوم عرفا من شرط الفعل هو الملكية، فان عبارة الشرط وإن كانت مختلفة (فتارة) يكون المشروط له هو المنشئ للشرط فيقول: وأشترط عليك أن لا تفسخ، أو: عليك أن لا تفسخ. أو: ولي عليك أن لا تفسخ، أو نحو ذلك. (وأخرى) يكون المشروط عليه هو المنشئ للشرط فيقول: واشترط أن لا أفسخ، أو علي أن لا أفسخ، أو لك علي أن لا أفسخ، أو نحو ذلك. ومرجع الجميع إلى معني واحد

 

===============

 

( 179 )

 

[ الشرط بالعمل وإجباره عليه، والتسلط على الخيار بعدم الوفاء به (مدفوعة) بالمنع من عدم إفادته التمليك. وكونه قيدا في المعاملة، لاجزءا من العوض يقابل بالمال، لا ينافي إفادته ] مهما اختلفت العبارات، فإذا كان ظاهر قول المشروط له: ولي عليك أن لا تفسخ، هو التمليك، لان الظاهر من اللام أنها لام الملك، كما إذا قال لي على زيد درهم، فانه دعوى الملكية، أو قال: لزيد على درهم، فانه اعتراف بالملكية، فاللام في قول المشروط له: لي عليك أن لا تفسخ، كذلك، وكذا اللام في قول المشروط عليه: لك علي أن لا أفسخ. (ودعوى): أن اللام في قول المشروط عليه: لك علي أن لا أفسخ متعلقة بقولة: التزمت - يعنى التزمت لك أن لا أفسخ - فتكون اللام لام الصلة لا لام الملك، ويكون الظرف لغوا لا مستقرا (مدفوعة): بأن هذا الاحتمال لا يجئ في قول المشروط له: ولي عليك أن لا تفسخ، إذ لا معنى لقوله: إلتزمت لي عليك أن لا تفسخ، فإذا لم يصح تقدير الالتزام فيه وجعل الظرف لغوا لم يصح ذلك في قول المشروط عليه: ولك على أن لا أفسخ، لما عرفت أن مفهوم جميع الجمل واحد مهما اختلف العبارات. وعلى هذا فإذا كان عدم الفسخ مملوكا للمشروط له كان تحت سلطان مالكه وخرج عن سلطان المشروط عليه، فيكون الفسخ كذلك لان نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة، فإذا لم يكن المشروط عليه قادرا على الفسخ لم يصح فسخه وإلا كان خلفا. ولو فرض عدم ظهور اللام في لام الملك أمكن أثبات الملكية باثبات لوازمها، مثل جواز المطالبة به، وجواز الاجبار عليه، وجواز السكوت عنه، وجواز اسقاطه، فان الامور المذكورة لا تتناسب مع التكليف البحت.

 

===============

 

( 180 )

 

[ لملكية من له الشرط إذا كان عملا من الاعمال على من عليه و المسألة سيالة في ساير العقود، فلو شرط في عقد البيع على المشتري - مثلا - خياطة ثوب في وقت معين وفات الوقت فللبايع الفسخ أو المطالبة بأجرة الخياطة (1) وهكذا. (مسألة 12): لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه معه صح (2)، أما لو شرط أن يكون تمام العمل على ] ومن ذلك يظهر الاشكال فيما حكاه في المتن من الجمع بين دعوى نفي الملكية وجواز الاجبار. هذا كله في الشرط، أما النذر فالحكم فيه أظهر، لوجود اللام صريحا في صيغة النذر: لله علي أن أفعل كذا، أو لا أفعل كذا "، وهي ظاهرة في الملكية، فيكون مفاد النذر تمليك الله سبحانه الفعل على الناذر. واحتمال أن يكون الظرف لغوا واللام متعلقة بقوله: التزمت لله تعالى، خلاف الاصل في الظرف، فإذا قال القائل: زيد في الدار، ودار الامر بين أن يكون الظرف لغوا والتقدير زيد نائم في الدار أو آكل في الدار أو نحو ذلك، وبين أن يكون الظرف مستقرا والتقدير: زيد كائن في الدار، فالاصل يقتضي الثاني، ولا مجال للبناء على الاول إلا بقرينة خاصة. وعلى هذا إذا نذر الانسان أن يبيع أو لا يتزوج، فباع أو تزوج كان البيع والتزويج باطلين، لعدم قدرته على ذلك، على نحو ما ذكر في الشرط. فلاحظ. (1) قد عرفت إشكاله. (2) بلا خلاف ظاهر، وعن التذكرة وغيرها ما ظاهره الاجماع عليه ولم يحك عن أحد خلاف فيه. نعم نسب إلى الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، معللين بأنه بمنزلة اشتراط عمل المالك، وهو مناف لمقتضى

 

===============

 

( 181 )

 

[ غلام المالك فهو كما لو شرط أن يكون تمام العمل على المالك، ] مفهوم المساقاة. لكن في المسالك - تبعا للتذكرة - قال: " والفرق بين الغلام وسيده ظاهر، فان عمل العبد يجوز أن يكون تابعا لعمل العامل، ولا يجوز أن يكون عمل المالك تابعا لعلمه، لانه هو الاصل، ويجوز في التابع مالا يجوز في المنفرد. مع أنا نمنع حكم الاصل، فانا قد جوزنا أن يشترط على المالك أكثر العمل ". وقد يشكل ما ذكره: أولا: من جهة عدم ظهور الفرق بين عمل العبد وعمل المولى في قبول التبعية والاصالة، والفرق بينهما غير ظاهر (ثانيا): بأنه لو سلم الفرق المذكور فهو لا يقتضي الفرق في الحكم، إذ كل منهما - وإن كان على وجه التبعية - خلاف وضع المساقاة المستفادة من الادلة المتقدمة، فانها متفقة على أن قوامها كون العمل على العامل، فمشروعية مشاركة العامل وغلام المالك محتاجة إلى دليل آخر، وهو عموم الصحة. لكنه حينئذ لا يقتضي كون المعاملة من المساقاة. ومن ذلك يظهر الاشكال. (ثالثا): فيما ذكره من أنه يجوز أن يشترط على المالك أكثر العمل، فانه وإن ذكره في الشرائع وغيرها بل هو المشهور، لكنه غير ظاهر الادلة فلا يصح مساقاة، ولذا حكي عن المبسوط المنع، مستدلا له بما ذكرناه، كما عرفت في المسألة العاشرة، وعرفت أن الاستدلال على الصحة بالعموم لا يثبت المساقاة " والاستدلال بعموم صحة الشروط يختص بما إذا لم يكن الشرط منافيا لمقتضى العقد. ومن ذلك يظهر أنه لا مانع من القول بصحة العقد والشرط إذا اشترط العامل أن يعمل معه المالك أو غلامه، لكنه ليس من المساقاة ولا تترتب عليه أحكامها، كما عرفت.

 

===============

 

( 182 )

 

[ وقد مر عدم الخلاف في بطلانه (1)، لمنافاته لمقتضى وضع المساقاة. ولو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه في البستان الخاص بالعامل فلا ينبغي الاشكال في صحته، وإن كان ربما يقال بالبطلان (2)، بدعوى أن عمل الغلام في قبال عمل العامل فكأنه صار مساقيا بلا عمل منه. ولا يخفى ما فيها (3). ولو شرطا أن يعمل غلام المالك للعامل تمام عمل المساقاة - بأن يكون عمله له بحيث يكون كأنه هو العامل - ففي صحته وجهان لا يبعد الاول (4)، لان الغلام حينئذ كأنه نايب عنه في العمل باذن المالك، وإن كان لا يخلو عن إشكال (5)، ] (1) مر ذلك في المسألة العاشرة. (2) قال في الشرائع: " أما لو اشترط أن يعمل الغلام لخاص العامل لم يجز، وفيه تردد، والجواز أشبه "، قال في المسالك: " وجه التردد أنه اشترط عملا في مقابل عمله، فصار في قوة اشتراط جميع العمل على المالك " ثم قال: " وفساده ظاهر. والمعروف أن المانع من ذلك الشافعي، لكن المصنف والعلامة ذكرا المسألة على وجه يشعر بالخلاف عندنا ". لكن يظهر المنع أيضا من عبارة المبسوط. فلاحظها. (3) سبق ذلك في المسالك. ووجهه: أن الموجب للبطلان فيما لو شرط جيمع العمل على المالك أنه مخالف لوضع المساقاة، وهذا لا يجئ هنا فلا وجه للمقايسة بينهما. (4) لانه لا يعتبر في عمل العامل في المساقاة أن يكون على نحو المباشرة بل يكفي أن يكون على وجه يكون العمل له، كما سيأتي، فإذا كان غلام المالك يعمل للعامل ونائبا عنه في العمل كان بمنزلة الاجير له. (5) لان استحقاقه للحصة لم يكن معوض، فلا تكون معاوضة، بل

 

===============

 

( 183 )

 

[ مع ذلك. ولازم القول بالصحة الصحة في صورة اشتراط تمام العمل على المالك بعنوان النيابة عن العامل (1). (مسألة 13): لا يشترط أن يكون العامل في المساقاة مباشرا للعمل بنفسه، فيجوز له أن يستأجر في بعض أعمالها أو في تمامها ويكون عليه الاجرة، ويجوز أن يشترط كون أجرة بعض الاعمال على المالك، والقول بالمنع (2) لاوجه له (3). وكذا يجوز أن يشترط كون الاجرة عليهما معا (4) في ذمتهما، أو الاداء من الثمر. وأما لو شرط على المالك أن يكون أجرة تمام الاعمال عليه أو في الثمر (5) ففي صحته ] تكون وعدا باداء الحصة مجانا. ويندفع: بأن الحصة كانت في مقابل العمل، نعم لم يكن العمل مباشرة، وهو غير قادح. (1) لا محذور فيه، لما سبق. (2) حكي هذا القول عن الشيخ (ره)، لمنافاته موضوع المساقاة الذي هو ليس الا دفع الاصول من المالك. (3) وفي الجواهر: " فيه منع واضح، ضرورة عدم ما يدل على اعتبار ذلك حتى بالشرط ونحوه ". لكن الضرورة التي ادعاها خفية جدا إذ الادلة الواردة في المساقاة لا إطلاق لها يشمل المقام، فكيف يتمسك بها على صحته؟ بل ظاهر تلك الادلة في غير ما نحن فيه، نعم لا بأس بالتمسك على الصحة في المقام بعموم صحة العقود، ولكنه لا يثبت المساقاة. هذا إذا كانت الاجرة على المالك في مقابل العمل له، وأما إذا كانت نحوا آخر - يأتي بيانه في الفرض الآتي - فلا مانع من صحة المساقاة، كما سيأتي. (4) لما سبق من الادلة العامة. (5) يتصور هذا على وجوه: (الاول): أن تكون الاجرة في

 

===============

 

( 184 )

 

[ وجهان: (أحدهما): الجواز، لان التصدي لاستعمال الاجراء نوع من العمل (1)، وقد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك لمعرفته بالاحاد من الناس وأمانتهم وعدمها، والمالك ليس له معرفة بذلك (والثاني): المنع (2)، لانه خلاف وضع المساقاة. والاقوى الاول. هذا ولو شرطا كون الاجرة حصة ] ذمة العامل، ويشترط على المالك وفائها من ماله، والظاهر صحة ذلك مساقاة، لان العمل من العامل والاجرة في ذمته، وهو كاف في صدق مفهوم المساقاة. (الثاني): أن تكون الاجرة على المالك وفي ذمته، لكن المستأجر عليه العمل للعامل. والظاهر أيضا صحة ذلك مساقاة، نظير ما سبق في آخر المسألة السابقة. (الثالث): أن تكون الاجرة على المالك والمستأجر عليه العمل له. ولا ينبغي التأمل في عدم صحة ذلك من باب المساقاة، لانه خارج عن مفهومها. نعم يمكن أن يصح بعنوان آخر، فيكون عقدا من العقود الصحيحة، عملا بعموم صحة العقود. وما في الجواهر من اختصاصه بالمتعارف فلا يشمل غيرها غير ظاهر - كما عرفت - وان تكرر منه (قده) ذلك مع أنه متعارف في زماننا. ويسمى هذا العامل في عرف أهل العراق (سركال) - مصحف (سركار) فارسي - وهو الذي يتولى ادارة الفلاحين لاغير. (1) هذا لا يثبت كون العقد حينئذ مساقاة، وإنما يثبت كونه عقلائيا لاسفيها. (2) كما استوضحه في الجواهر، لما ذكر من التعليل. لكن هذا التعليل يقتضي عدم صحته مساقاة، ولا يمنع من صحته عقدا آخر، كما عرفت.

 

===============

 

( 185 )

 

[ مشاعة من الثمر بطل. للجهل بمقدار مال الاجارة، فهي باطلة (1). (مسألة 14): إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر بطل العقد (2) وكان جميعه للمالك، وحينئذ فان شرطا انفراد العامل به استحق أجرة المثل لعمله (3) وإن شرطا انفراد المالك به لم يستحق العامل شيئا (4)، لانه حينئذ متبرع بعمله. ] (1) يعني: فيبطل الشرط، لانه شرط مخالف للكتاب. لكن الاشكال ان لم يقم دليل على مانعية الجهل بالاجرة مطلقا، كما يظهر من ملاحظة مبحث الاجارة، فإذا جاز بيع الثمار جاز جعلها أجرة. ولا سيما بملاحظة ما ورد من تقبيل الارض بحصة من حاصلها وأجرة الارض بذلك. (2) أما بطلان العقد بعنوان المساقاة فظاهر، إذ لا دليل على صحته حينئذ بالخصوص، والنصوص الواردة في مشروعية المساقاة لا تشمله. وأما بطلان العقد حتى بعنوان آخر غير المساقاة فغير ظاهر إذا كان المشروط انفراد العامل، لامكان أن يكون غرض المالك يحصل بسقاية الاصول لئلا تتيبس فتتلف، فيجعل في مقابل ذلك تمام الثمر، فيشمله عموم الصحة، ويكون نظير الجعالة، ولا موجب للبطلان كلية. وأما إذا كان المشروط انفراد المالك فالبطلان حينئذ ظاهر إذ يكون عمل العامل بلا عوض، فلا يكون عقدا بل يكون إيقاعا ووعدا. (3) للاستيفاء الموجب لضمان المستوفي، فانه من أسباب الضمان عرفا فيكون موجبا له شرعا لعدم الردع. نعم إذا كان العامل متبرعا بعمله لا يكون عمله مضمونا ضرورة. (4) كذا في المسالك، وتبعه عليه الكاشاني والسيد في الرياض - على ما حكي - معللين له بما في المتن. وتنظر فيه في الجواهر: بأن الرضا

 

===============

 

( 186 )

 

بالعقد المتضمن لعدم الاجرة ليس رضا بالعمل بلا أجرة، فان الحيثية ملاحظة، بمعنى كون المتشخص منه في الخارج الرضا بالعقد الذي لا يترتب عليه ذلك. والعمل الصادر منه إنما هو من حيث أنه مقتضى العقد الفاسد، لا أنه رضا منه بالعمل في حد ذاته وفي نفسه بلا عوض... ". وهو كما ترى فانه خلاف قاعدة: (مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده). اللهم إلا أن يقال: بأن دليلها الاجماع، ولا إجماع في المقام. فالعمدة في الاشكال أن ما ذكره (قده) يختص بما إذا كان مفاد العقد عنوانا إنشائيا يكون التبرع مبنيا عليه، فإذا فات فات التبرع، أما إذا كان مفاد العقد هو التبرع بالعمل وقد أقدم عليه العامل فلا موجب للاستحقاق مع التبرع. ومثله مالو قال: آجرتك بلا أجرة، إذا كان معناه أدعوك إلى العمل بلا أجرة، فإذا عمل لم يستحق الاجرة لكونه متبرعا، بخلاف مالو كان معناه: آجرتك حقيقة بلا أجرة، فان التبرع فيه مبني على تحقق الاجارة، وهي منتفية. وكذا يتم في مثل قوله: تزوجتك بلا مهر، فانه إذا تبين بطلان العقد استحقت المهر بالوطئ، لان التبرع كان مبنيا على وقوع التزويج، فإذا تبين عدمه فلا إقدام على التبرع. وما نحن فيه قد عرفت أنه طلب من المالك ووعد من العامل، والوعد لا يجب الوفاء به، ولا يكون فاعله مستحقا للاجرة بعد أن كان قد وعد بالتبرع. نعم إذا كانا قد قصدا تمليك المالك العمل على العامل مجانا تم ما ذكره في الجواهر لفوات التمليك الانشائي، لكن المفهوم من العقد المذكور الاول، أعني الوعد بدون تمليك. وسيأتي في المسألة الثالثة والعشرين ماله نفع في المقام. ومن ذلك يظهر أن ما ذكر في الشرايع والقواعد وغيرهما من أنه إذا

 

===============

 

( 187 )

 

[ (مسألة 15): إذا اشتمل البستان على أنواع - كالنخل والكرم والرمان ونحوها من أنواع الفواكه - فالظاهر عدم اعتبار العلم بمقدار كل واحد (1) فيجوز المساقاة عليها بالنصف أو الثلث أو نحوها وان لم يعلم عدد كل نوع، إلا إذا كان الجهل بها موجبا للغرر. (مسألة 16): يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الاخر (2) كأن يجعل النخل بالنصف والكرم بالثلث والرمان بالربع مثلا وهكذا. واشترط ] تبين بطلان المساقاة كانت الثمرة للمالك وللعامل أجرة المثل ليس على إطلاقه - وإن نسبه في المسالك إلى الاكثر - بل يختص بغير الصورة المذكورة. (1) كما هو ظاهر الاصحاب، وفي التذكرة: " إذا اشتمل البستان على أشجار مختلفة - كالزيتون والرمان والتين والكرم - فساقاه المالك على أن للعامل سهما واحدا في الجميع - كنصف الثمرة أو ثلثها أو غير ذلك - صح إجماعا، سواء علما قدر كل واحد أو جهلاه أو علم احدهما دون الآخر، وسواء تساوت أو تفاوتت ". ووجهه اطلاق الادلة مع عدم الدليل على قدح مثل هذه الجهالة، لاختصاص المنع من الغرر في البيع، كما عرفت ومن ذلك تعرف الاشكال في قول المصنف (ره): " إلا إذا كان الجهل... ". (2) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما من كتب الاصحاب، بل في الجواهر: " بلا خلاف ولا اشكال ". ودليلة غير ظاهر، إذ النصوص الواردة في الباب لا تشمله، والرجوع إلى عمومات صحة العقود لا يثبت المساقاة، كما عرفت غير مرة. اللهم إلا أن يستفاد من الادلة الخاصة بالغاء الخصوصية.

 

===============

 

( 188 )

 

[ بعضهم (1) في هذه الصورة العلم بمقدار كل نوع، ولكن الفرق بين هذه وصورة اتحاد الحصة في الجميع غير واضح (2) والاقوى الصحة مع عدم الغرر (3) في الموضعين، والبطلان معه فيهما. (مسألة 17): لو ساقاه بالنصف - مثلا - إن سقى ] (1) ظاهر المحكي من كلماتهم أن الشرط بينهم اتفاقي وان كل من ذكر المسألة ذكر فيها الشرط، وفي مفتاح الكرامة: " في الخلاف لم يشترط علمه بكل منهما، لكنه مراد له ". (2) لا إشكال في وجود الفرق بين الصورتين، لانه إذا لم يفرد كل صنف بحصة فحصته معلومة النسبة إلى جميع الثمرة، أما إذا أفرد كل صنف بحصة فانه لا يعلم نسبة حصته إلى جميع الثمرة، فيحتمل زيادة النسبة لزيادة الصنف، وقلة النسبة لقلة الصنف. ولذا قال في المسالك: " فان المشروط فيه أقل الجزئين قد يكون اكثر الجنسين، فيحصل الغرر " نعم الفرق المذكور لا يصح فارقا، إذ الغرر موجود في المسألتين، غاية الامر أن الغرر في صورة الافراد من جهتين، وفي صورة عدمه من جهة واحدة، فان نصف الثمرة الذي لا يعلم أن ربعه تمر وثلاثة أرباعه رمان، أو ربعه رمان وثلاثة أرباعه تمر أيضا مجهول وغرري، فإذا كان دليل الغرر مرجعا في المقام لزم العمل بقدر كل صنف حتى مع عدم الافراد، وإذا لم يكن مرجعا لم يقدح الجهل بالنسبة حتى في صورة الافراد. (3) قد عرفت أن الغرر حاصل في الصورتين، لكن لادليل على قدحه، بل الدليل - في الجملة - على عدم قدحه، وحينئذ لاوجه للبطلان مع الغرر.

 

===============

 

( 189 )

 

[ بالناضح وبالثلث إن سقى بالسيح، ففي صحته قولان (1) اقواهما الصحة، لعدم إضرار مثل هذه الجهالة، لعدم إيجابها الغرر (2) مع أن بناءها على تحمله. خصوصا على القول ] (1) قال في الشرائع: " ولو ساقاه بالنصف إن سقى بالناضح وبالثلث إن سقى بالسائح بطلت المساقاة، لان الحصة لم تتعين. وفيه تردد ". وفي القواعد والمسالك: جزم بالبطلان، وحكي عن التذكرة والتحرير واختاره في الجواهر، وحكي عن المبسوط والكفاية والرياض: أنه الاشهر، وظاهر ذلك وصريح المصنف وجود قول بالصحة، وفي مفتاح الكرامة عدم القائل بالصحة هنا، والمحقق إنما تردد، يعني لم يقل بالصحة. (2) يعني: الخطر المالي، إذ لا خطر في المال في المقام باعتبار أن الاجرة معينة بالاضافة إلى كل تقدير. لكن هذا المعنى من الغرر أيضا لا دليل على مانعيته، فكان الاولى التعليل بذلك. هذا ولكن التفصيل في مانعية الجهالة بين ما توجب الخطر المالي وما لا توجبه لا مأخذ له، فان بناء الاصحاب على مانعية الجهالة مطلقا في المعاوضات من البيع ونحوه، ولذلك بنى المصنف على بطلان الاجارة في المثال الآتي، مع أنه لاخطر مالي فيه. وعلى هذا فان كان دليل مانعية الجهالة شاملا لما نحن فيه كان اللازم القول بالبطلان - كما هو المشهور -، وإن لم يكن الدليل شاملا لما نحن فيه، فاللازم القول بالصحة وان كان الجهل موجبا للخطر. وهذا هو المتعين. ثم إن الظاهر أن مقتضى المعاملة على النحو المذكور كون المالك للاصول يملك على العامل الجامع بين الامرين في مقابل الحصة الجامعة بين الحصتين، وتكون الزيادة في الحصة عوضا عن الخصوصية الكذائية في العمل لا أن المملوك كل واحد من العملين على الترديد، إذ المردد لا يقبل الملكية،

 

===============

 

( 190 )

 

[ بصحة مثله في الاجارة (1)، كما إذا قال: إن خطت روميا فبدرهمين وإن خطت فارسيا فبدرهم. (مسألة 18): يجوز أن يشترط أحدهما على الاخر شيئا من ذهب أو فضة أو غيرهما مضافا إلى الحصة من الفائدة (2) والمشهور كراهة اشتراط المالك على العامل شيئا من ذهب أو فضة (3). ومستندهم في الكراهة غير واضح (4). كما أنه لم يتضح اختصاص الكراهة بهذه الصورة أو جريانها بالعكس أيضا (5)، وكذا اختصاصها بالذهب والفضة أو جريانها في مطلق الضميمة. والامر سهل. (مسألة 19): في صورة اشتراط شئ من الذهب ] وليس له مطابق في الخارج، إذ كل ما في الخارج متعين. (1) فان المساقاة لا تزيد على الاجارة في مانعية الغرر. (2) بلا خلاف في ذلك ولا إشكال ظاهر. لعموم أدلة صحة الشرط، فيجب العمل به، كما صرحوا بذلك. وفي المسالك: إن العامة اطبقوا على منعه وأبطلوا به المساقاة. انتهى. وهو خلاف إطلاق أدلة الصحة الخاصة والعامة منها. (3) كما هو المصرح به في الشرايع والقواعد وغيرهما، وفي المسالك: " وأما كراهيته فهو المشهور بين الاصحاب، ولا نعلم بينهم خلافا في ذلك ". (4) كما اعترف به غير واحد، وفي مفتاح الكرامة: " لادليل لهم على الكراهة إلا الاجماع ". (5) مقتضى اقتصارهم على اشتراط المالك على العامل وعلى الذهب والفضة هو الاختصاص بذلك، إذ لا دليل على الكراهة في غيرهما.

 

===============

 

( 191 )

 

[ والفضة أو غيرهما على أحدهما إذا تلف بعض الثمرة هل ينقص منهما شئ أولا؟ وجهان (1)، أقواهما العدم (2)، فليس قرارهما مشروط بالسلامة. نعم لو تلفت الثمرة بجميعها أو لم تخرج أصلا ففي سقوط الضميمة (3) وعدمه أقوال، ثالثها ] (1) مبنيان - كما في جامع المقاصد والمسالك - على أن المساقاة على الثمرة مبنية على التبعيض، لان مقابلة العمل بالثمرة ينحل إلى مقابلات متعددة بتعدد الاجزاء، فإذا تلف بعض الثمر فقد بطلت المساقاة بالنسبة إليه، فيبطل بعض الشرط، لانه بمنزلة أحد العوضين. (2) كما في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما (اولا): بأن التلف لا يوجب بطلان المعاوضة، لانه من كيس العامل أيضا، ولا يختص بالمالك (وثانيا): بأن المقابل به العمل جنس الثمرة لا أجزاؤها. (وثالثا): بأنه لادليل على تبعية الشرط لاحد العوضين في التقسيط، إذ الشرط ليس من أحد العوضين، وإنما هو خارج عن المعاوضة، فإذا بطلت في بعضها لم يكن وجه لسقوط الشرط أو تبعضه، لانه خلاف عموم صحة الشروط. هذا مضافا إلى ما يأتي من المصنف (ره) هنا من منع كون الثمرة عوضا وإنما العوض شئ أخر، وان كان ذلك مشكل، كما سيأتي. هذا وفي القواعد:، وفي تلف البعض أو قصور الخروج اشكال ". ولكنه ضعيف (3) قال في الشرائع: " ويكره أن يشترط رب المال على العامل شيئا من ذهب أو فضة، لكن يجب الوفاء بالشرط، ولو تلفت الثمرة لم يلزم " ونحوه كلام غيره. وعلله في المسالك: بأنه لولاه لكان أكلا للمال بالباطل، فان العامل قد عمل ولم يحصل له عوض، فلا أقل من خروجه رأسا برأس. انتهى. ونحوه ما في غيرها. وقد عرفت في الفرض الاول أن مبنى المساقاة على المعاوضة فإذا تلفت الثمرة بطلت المساقاة من

 

===============

 

( 192 )

 

[ الفرق بين ما إذا كانت للمالك على العامل فتسقط (1)، وبين العكس فلا تسقط (2)، رابعها الفرق بين صورة عدم الخروج أصلا فتسقط وصورة التلف فلا (3). والاقوى عدم السقوط مطلق (4)، لكونه شرطا في عقد لازم، فيجب الوفاء به. (ودعوى): أن عدم الخروج أو التلف كاشف عن عدم صحة المعاملة من الاول (5). لعدم ما يكون مقابلا للعمل، أما في صورة كون الضميمة للمالك فواضح، وأما مع كونها للعامل فلان الفائدة ركن في المساقاة، فمع عدمها لا يكون ] رأس فيبطل الشرط فيها. هذا ولم أقف على قائل بعدم السقوط، وفي مفتاح الكرامة: دعوى ظهور الاجماع على السقوط. (1) لما سبق. (2) قال في المسالك: " نعم لو كان الشرط للعامل على رب الارض إتجه عدم سقوطه، لان الغرض من قبل العامل قد حصل، والشرط قد وجب بالعقد، فلا وجه لسقوطه. وربما قيل بمساواته للاول. وهو ضعيف " ويشكل: بأن التلف إذا كان يبطل المساقاة فقد بطل الشرط فيها، سواء كان للعامل أم للمالك، فلا مجال للتفصيل. (3) لما عرفت من الاشكال في بطلان المساقاة بتلف الثمرة، لانها بوجودها قد حصل العوض، فإذا تلفت فقد تلفت من كيسه وكيس المالك معا، فلا موجب للبطلان لوجود العوضين، بخلاف صورة عدم الخروج، إذ معه تكون المعاوضة من أصلها بلا عوض " فتبطل، كما يأتي في كلام المصنف. (4) قد عرفت أنه لم يعرف قائل به. (5) هذه الدعوى ادعاها في جامع المقاصد وغيره.

 

===============

 

( 193 )

 

[ شئ في مقابل العمل، والضميمة المشروطة لا تكفي في العوضية (1) فتكون المعاملة باطلة من الاول، ومعه لا يبقى وجوب الوفاء بالشرط (مدفوعة) - مضافا إلى عدم تماميته بالنسبة إلى صورة التلف، لحصول العوض بظهور الثمرة (2) وملكيتها وإن تلف بعد ذلك -: بأنا نمنع كون المساقاة معاوضة بين حصة من الفائدة والعمل، بل حقيقتها تسليط من المالك للعامل على الاصول (3) ] (1) لخروجها عن قوام المعاوضة ولذلك لا تبطل المعاوضة بترك الشرط. (2) احتمل في الجواهر أن يكون موضوع المعاوضة الظهور مع الادراك، لعدم النفع بالمثرة بدون ادراك. لكن عدم النفع لا يلازم كون الادراك مقوما للمعاوضة، فانه خلاف المرتكزات العرفية. (3) هذا خلاف ظاهر ما في صحيح شعيب: " إسق هذا من الماء وأعمره ولك نصف ما أخرج... " (* 1) فانه كالصريح في أن المقابلة كانت بين السقي والاعمار وبين الحصة، وكذلك ظاهر روايات خيبر. وعلى ذلك جرى الفقهاء (رض) - ومنهم المصنف (ره) - في تعريف المساقاة: بأنها معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها، وهو الموافق للمرتكزات العرفية. وأما التسليط فهو لازم المفهوم المذكور، لان العمل لا يمكن وقوعه بدون تسليط المالك وتمكينه العامل، فطلب العمل من العامل يدل بالالتزام على بذل الاصل للعمل والتمكين منها، لا أنه عين مفهوم المساقاة التي هي كالمزارعة مفهوما وان اختلفا موضوعا، وقد عرفت سابقا أنها تفترق عن اجارة الاعيان في أن اجارة الاعيان لا يملك المؤجر على المستأجر استيفاء المنفعة، وفيها يملك المالك على العامل العمل، وتفترق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 194 )

 

[ للاستنماء له (1) وللمالك، ويكفيه احتمال الثمر وكونها في معرض ذلك. ولذا لا يستحق العامل أجرة عمله إذا لم يخرج أو خرج وتلف بآفة سماوية أو أرضية في غير صورة ضم الضميمة، بدعوى الكشف عن بطلانها من الاول (2)، واحترام عمل المسلم. فهي نظير المضاربة، حيث أنها أيضا تسليط على الدرهم أو الدينار للاسترباح له وللعامل، وكونها جايزة دون المساقاة لا يكفي في الفرق. كما أن ما ذكره في الجواهر (3) من الفرق بينهما: بأن في المساقاة يقصد المعاوضة ] عن اجارة الاجير: بأن إجارة الاجير لا يملك الاجير على المستأجر بذل العين للعمل، وفيها يملك العامل على المالك بذل العين، فكأنها إجارة للعين وإجارة للاجير معا. كما تفترق عنهما: بأن الاجرة في الاجارة ثابتة على كل حال، والاجرة هنا - وهي الحصة - غير ثابتة على كل حال، لجواز عدم خروج الثمرة، فالاجرة رجائية لاجزمية كالمثمن في بيع الثمرة بدون ضميمة، فان المعاوضة فيه رجائية لا جزمية. ثم إن المصنف (ره) لم يصرح بأن المساقاة معاوضة، بل ظاهر عبارته أنها إيقاع وتسليط. ولكنه غير مراد، وإلا كان الاشكال عليه ظاهر، لان الشرط في الايقاع لا يصح. (1) فيكون النماء غاية للمعاوضة وتخلف الغاية لا يقدح في بقاء المعاوضة. (2) متعلق بقوله: " يستحق " يعني أن استحقاق العامل أجرة عمله بدعوى الكشف عن البطلان الموجب للاستحقاق بقاعة الاحترام منفى وغير ثابت. (3) قال في الجواهر: " ضرورة قصد المعاوضة في المساقاة بخلافه

 

===============

 

( 195 )

 

[ بخلاف المضاربة التي يراد منها الحصة من الربح الذي قد يحصل وقد لا يحصل، وأما المساقاة فيعتبر فيها الطمأنينة بحصول الثمرة، ولا يكفي احتمال مجرد دعوى لا بينة لها (1). (ودعوى): أن من المعلوم أنه لو علم من أول الامر عدم خروج الثمر لا يصح المساقاة، ولازمه البطلان إذا لم يعلم ذلك ثم انكشف بعد ذلك. (مدفوعة): بأن الوجه في عدم الصحة كون المعاملة سفهية مع العلم بعدم الخروج من الاول (2) ] في المضاربة، التي يراد منها الحصة من الربح، الذي قد يحصل وقد لا يحصل، بخلاف المقام المعتبر فيه الطمأنينة بحصول الثمرة، وقد لا يكفي الاحتمال عندهم ". (1) بل عدم تعرضهم في شرائط المساقاة لاعتبار الطمأنينة بحصول الثمرة في صحتها دليل على خلاف ذلك. نعم لما كانت المساقاة تقتضي أعمالا كثيرة شاقة في مدة طويلة لم يقدم عليها العقلاء - غالبا - الا مع الاطمئنان بخلاف المضاربة، فان اعمالها خفيفة في مدة قليلة غالبا يكثر منهم الاقدام عليها مع ضعف الاحتمال. لكن ذلك بل يصح شرعا الاقدام على كل منهما مع الاحتمال في الجملة. كما أنهما يشتركان أيضا في كون العمل في كل منهما في مقابل النماء، فهما أيضا من باب واحد من هذه الجهة. (2) أما عدم صحة المساقاة حينئذ فلا ريب فيه، لقصور أدلتها عن شمول ذلك واختصاص الادلة بغيره. ومثله كلامهم في شرح مفهومها، فانه يختص بغير ذلك وأما عدم الصحة بعنوان كونها عقدا من العقود فغير ظاهر، لشمول الادلة العامة إذا كان قد نوى المعاوضة بين العمل وبين التمكين من الاصول إذا كان له غرض في التمكين. ولا وجه للفساد

 

===============

 

( 196 )

 

[ بخلاف المفروض. فالاقوى ما ذكرنا من الصحة (1)، ولزوم الوفاء بالشرط - وهو تسليم الضميمة - وإن لم يخرج شئ أو تلف بالآفة. نعم لو تبين عدم قابلية الاصول للثمر - إما ليبسها أو لطول عمرها أو نحو ذلك - كشف عن بطلان المعاملة من الاول (2)، ومعه يمكن استحقاق العامل للاجرة إذا كان جاهلا بالحال (3). (مسألة 20): لو جعل المالك للعامل مع الحصة من الفائدة ملك حصة من الاصول مشاعا أو مفروزا، ففي صحته مطلقا، أو عدمها كذلك (4)، أو التفصيل بين أن يكون ذلك ] من جهة كونها سفهية، إذ الثابت بطلان معاملة السفيه وإن كانت عقلائية لا بطلان معاملة الرشيد وإن كانت غير عقلائية. وأما إذا لم ينو المعاوضة بين العمل والتمكين وانما نوى التعهد بالعمل فهو حينئذ إيقاع، لاعقد مساقاة ولا غيره. (1) الذي يظهر مما ذكرنا هو التفصيل الاخير. (2) لفقد شرط المعاملة، وهو قابلية الشجر للاثمار التي أخذت في قوام العقد. (3) لاستيفاء المالك عمل العامل الموجب لضمانه. إلا أن يقال: بأن المالك كان طالبا للعمل في الشجر القابل للاثمار، وما وقع من العمل غير ما هو طالبه، فلم يكن منه استيفاء لعمل العامل كي يكون ضامنا له. (4) قال في الشرائع: " ولو شرط مع الحصة من النماء حصة من الاصل الثابت لم يصح، لان مقتضى المساقاة جعل الحصة من الفائدة. وفيه تردد "، وعن القواعد: فيه اشكال، والمحكي عن الاكثر في الجواهر:

 

===============

 

( 197 )

 

[ بنحو الشرط فيصح أو على وجه الجزئية (1) فلا، أقوال والاقوى الاول، للعمومات (2). ودعوى: أن ذلك على خلاف وضع المساقاة، كما ترى (3)، كدعوى: أن مقتضاها أن يكون العمل في ملك المالك، إذ هو أول الدعوى. والقول ] العدم، وعن الرياض: أنه لم يقف على مخالف، وفي مفتاح الكرامة: " لم نجد قائلا بالصحة ولو بنحو الاقرب ". (1) هذا التفصيل جعله في الجواهر هو التحقيق، وكذا فيما لو جعل للعامل مع الحصة شيئا من الذهب أو الفضة. (2) لكن العمومات لا تثبت عنوان المساقاة (3) فيه نظر ظاهر، فان مورد نصوص المساقاة يختص بغير هذه الصورة، فالدعوى المذكورة في محلها. ومثلها الدعوى الاخرى ضرورة أن مورد تلك النصوص أيضا هو صورة كون الاصول للمالك لا للعامل، وكذلك كلام الفقهاء قدس سرهم. ومن ذلك يظهر الاشكال في قوله: " إذ هو أول الدعوى ". مضافا إلى أنه بناء على ما ذكره من أنه ليس على خلاف وضع المساقاة كان اللازم الاستدلال على الصحة بالادلة الخاصة لا بالعمومات. ثم إن هذه الدعوى ذكرها في المسالك وغيرها تقريبا للمنع، وكان الاولى في منعها أن يقال: إن الدعوى المذكورة صحيحة، لكن يراد منها كون العمل في ملك المالك قبل العقد و إن صار بعضه ملكا للعامل بعد العقد، ولذا لا تبطل المساقاة بخروج الاصول عن ملك المالك ببيع ونحوه بل لا تبطل لو باعها على العامل دون غيره من الناس، فالمراد من وجوب أن تكون الاصول في ملك المالك وجوب ذلك بالاضافة إلى ما قبل العقد لا بعده.

 

===============

 

( 198 )

 

[ بأنه لا يعقل أن يشترط عليه العمل في ملك نفسه (1). فيه: أنه لا مانع منه إذا كان للشارط فيه غرض أو فائدة، كما في المقام حيث أن تلك الاصول وإن لم يكن للمالك الشارط، إلا أن عمل العامل فيها ينفعه في حصول حصة من نمائها. (ودعوى) أنه إذا كانت تلك الاصول للعامل بمقتضى الشرط فاللازم تبعية نمائها لها (2) (مدفوعة): بمنعها بعد أن كان المشروط له الاصل فقط في عرض تملك حصة من نماء الجميع. نعم لو اشترط كونها له على وجه يكون نماؤها له بتمامه كان كذلك (3) لكن عليه تكون تلك الاصول بمنزلة المستثنى من العمل، فيكون العمل فيما عداها (4) مما هو للمالك بأزاء الحصة من نمائه مع نفس تلك الاصول. ] (1) هذا أيضا ذكره في المسالك وغيرها توجيها للقول بالمنع الذي جعله الاوجه. (2) يعني: وحينئذ لاوجه لان يكون للمالك فيها حصة، كما ذكر في رد القول والاشكال عليه. (3) يعني: فيصح القول بأنه لا يعقل أن يشترط عليه العمل في ملكه. (4) يعني: فيصح اشتراط العمل فيه. ثم إن مقتضى الدعوى الاولى والثانية: المنع من صحة كون العقد مساقاة، ومقتضى القول الذي ذكر ثالثا: المنع من صحته عقدا مطلقا لان عدم المعقولية إذا تم لم يختص بالمساقاة بل يعمها وكل عقد. والتحقيق أن يقال: أنه إذا كان الخلاف في الصحة وعدمها بعنوان المساقاة فالوجه ما ذكره في الجواهر: من أنه إذا كان المشروط من الاصل

 

===============

 

( 199 )

 

[ (مسألة 21): إذا تبين في أثناء المدة عدم خروج الثمر أصلا هل يجب على العامل إتمام السقي؟ قولان أقواهما العدم (1). (مسألة 22): يجوز أن يستأجر المالك أجيرا للعمل (2) مع تعيينه نوعا ومقدارا بحصة من الثمرة أو بتمامها بعد الظهور ] لوحظ قواما للمعاوضة فالوجه البطلان لقصور أدلة المساقاة عن شموله، وإن لوحظ شرطا خارجا عنها فالوجه الصحة، عملا بعموم أدلة صحة الشروط، وأدلة المساقاة لا تنافيها. لاهمالها من هذه الجهة. وإذا كان الخلاف في الصحة وعدمها في العقد مطلقا لا بعنوان المساقاة فالوجه الصحة مطلقا، عملا بالعمومات من غير مخصص. ودعوى المانع العقلي المذكور في كلام المصنف (ره) بقوله: " القول بأنه... ". قد أجاب عنها المصنف بما ذكر. (1) قال في جامع المقاصد: " فرع آخر: إذا لم تخرج الثمرة أو تلفت كلها لم يجب على العامل إكمال العمل إلى آخر المدة "، وفي الجواهر عن ظاهر المسالك: الوجوب، مشبها له بعامل القراض الذي لم يربح مع وجوب الانضاض عليه. هذا واللازم ابتناء الوجوب وعدمه على انفساخ المساقاة وعدمها، فإذا قلنا بالانفساخ - كما هو المشهور - فاللازم البناء على عدم وجوب اتمام العمل، للاصل. وإن قلنا بعدم الانفساخ - كما يراه المصنف - فاللازم البناء على وجوب العمل عملا بالعقد. اللهم إلا أن يدعى أن العمل اللازم في المساقاة ما يكون موجبا للنماء لا مطلقا، كما هو غير بعيد عند العرف. (2) كما هو المصرح به في كلام الجماعة، قال في الشرائع: " إذا استأجر أجيرا للعمل بحصة منها، فان كان بعد بدو صلاحها جاز "،

 

===============

 

( 200 )

 

[ وبدو الصلاح، بل وكذا قبل البدو (1)، بل قبل الظهور أيضا إذا كان مع الضميمة الموجودة أو عامين (2). وأما قبل الظهور عاما واحدا بلا ضميمة فالظاهر عدم جوازه (3). لا لعدم معقولية تمليك ما ليس بموجود (4). لانا نمنع عدم ] وفي الجواهر: " بلا خلاف ولا إشكال لعموم الادلة وإطلاقها السالمين عن معارضة ما يقتضي المنع ". (1) يعني: قبل بدو الصلاح وبعد الظهور. عملا بعموم الادلة، وفي الشرائع: " إن كان بشرط القطع صح ". لكن الظاهر - كما قيل - أنه مبني على اعتبار الشرط المذكور في صحة البيع حينئذ، فيتعدى منه إلى الاجارة. والتحقيق عدمه في البيع، إذ لا دليل عليه. ودليل نفي الغرر في البيع لا يقتضي ذلك، إذ لا غرر عرفا في بقائه إلى زمان الادراك، بل تعيين المدة موجب الغرر " لاحتمال عدم الادراك حينئذ. مع أنه لاوجه لحمل الاجارة على البيع في ذلك، والعمومات تقتضي الصحة مطلقا كما عرفت. (2) الوجه في الجواز العمومات أيضا. مضافا إلى الالحاق بالبيع الذي هو أولى من الاجارة في مانعية الغرر، فإذا جاز البيع في الفرض فأولى أن تجوز الاجارة فيه. (3) قولا واحدا. لان عوض الاجارة يشترط فيه الوجود والمعلومية كعوض البيع، وهما منتفيان هنا، بخلاف عوض المساقاة، فانها جوزت كذلك وخرجت عن الاصل بالنص والاجماع. كذا في المسالك، ونحوه في التذكرة. (4) كأنه يشير إلى ما ذكره في الجواهر، حيث قال: " لم يجز قولا واحدا، لكونها معدومة ". لكن الظاهر أن مراده اشتراط كون

 

===============

 

( 201 )

 

[ المعقولية بعد اعتبار العقلاء وجوده لوجوده المستقبلي، ولذا يصح مع الضميمة أو عامين، حيث أنهم اتفقوا عليه في بيع الثمار، وصرح به جماعة ههنا. بل لظهور اتفاقهم على عدم الجواز (1)، كما هو كذلك في بيع الثمار. ووجه المنع هناك خصوص الاخبار الدالة عليه، وطاهرها أن وجه المنع الغرر لا عدم معقولية تعلق الملكية بالمعدوم، ولو لا ظهور الاجماع في المقام لقلنا بالجواز مع الاطمينان بالخروج بعد ذلك، كما يجوز بيع ما في الذمة مع عدم كون العين موجودا فعلا عند ذيها، بل وان لم يكن في الخارج أصلا. والحاصل: أن الوجود الاعتباري يكفي في صحة تعلق الملكية (2)، فكأن العين موجودة في عهدة الشجر كما أنها موجودة في عهدة الشخص. ] عوض الاجارة موجودا، لما دل على إلحاقها بالبيع، لا لعدم المعقولية. (1) قيل: أول من ذكر الفرع الشيخ (ره) في المبسوط، وحكم فيه بعدم الجواز، وتبعه عليه من تأخر عنه، وقد عرفت دعوى الاتفاق عليه من المسالك والجواهر، وعن الكفاية: نسبته إلى الاصحاب، وإن كان التعليل في كلماتهم بما ذكر في التذكرة والمسالك يقتضي أن الوجه فيه الالحاق بالبيع. (2) الملكية عند العقلاء لا تتعلق إلا بالوجود الذمي أو الخارجي، أما ما لا وجود له في الذمة ولا في الخارج فلا يكون مملوكا لمالك، ولا تترتب عليه احكام المملوك. ويكفي في الوجود الخارجي الوجود الاستقبالي وإن لم يكن حاليا. فجعل الثمرة قبل ظهورها أجرة يصح عرفا إذا كان له وجود في المستقبل ولا يصح عرفا إذا لم يكن له وجود في المستقبل،

 

===============

 

( 202 )

 

[ (مسألة 23): كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك، وللعامل أجرة المثل لعمله (1). إلا إذا كان عالما بالبطلان (2) ومع ذلك أقدم على العمل، أو كان الفساد لاجل اشتراط كون جميع الفائدة للمالك، حيث أنه بمنزلة المتبرع في هاتين الصورتين، فلا يستحق أجرة المثل على الاقوى وإن كان عمله بعنوان المساقاة. ] فالوجود الاعتباري غير كاف في تعلق الملكية ما لم يكن له مطابق في الخارج. (1) قال في الشرائع: " كل موضع تفسد فيه المساقاة فللعامل أجرة المثل، والثمرة لصاحب الاصل "، وفي القواعد: " ولو فسد العقد كانت الثمرة للمالك، وعليه أجرة العامل "، نحوهما ما في غيرهما، بل هو المشهور شهرة عظيمة بينهم، ذكروا ذلك هنا وفي المزارعة والاجارة وغيرهما من عقود المعاوضات، وظاهر محكي التذكرة: الاجماع عليه. ووجهه - كما في المسالك وغيرها -: أن النماء يتبع الاصل، فالثمرة تكون ملكا لمالك الاصل بعد أن لم يكن موجب للخروج عنه. وأن العامل لم يتبرع بعملة ولم يحصل له العوض المشروط، فيرجع إلى الاجرة. وهذا المقدار لا يقتضي الرجوع على المالك بالاجرة، إلا بضميمة ما عرفت سابقا من الضمان بالاستيفاء، فيكون مضمونا بالاستيفاء على المستوفي، وهو المالك. (2) قال في المسالك: " ويجب تقييده (يعني تقييد الحكم باستحقاق العامل أجرة المثل) بما إذا كان جاهلا بالفساد ولم يكن الفساد باشتراط جميع الثمرة للمالك. إذ لو كان عالما به كان متبرعا بالعمل، لانه بذل عمله في مقابلة ما يعلم أنه لا يحصل. وأما مع شرط جيمع الثمرة للمالك فلدخوله على ان لا شئ له وإن كان جاهلا ". وقد سبقه في القيد الثاني الشهيد فيما حكي من حواشيه على إجارة القواعد، كما تبعه في القيد الاول

 

===============

 

( 203 )

 

جماعة، والمصنف (ره) تبعه في القيدين معا، وقد تكرر منه في المزارعة والمضاربة و غيرهما ذكر القيد الاول، كما تقدم منا الاشكال عليه، وأن العلم بالفساد لا يقتضي التبرع بالعمل، كما يظهر من ملاحظة بيع الغاصب. كما تقدم التعرض للقيد الثاني في المسألة الرابعة عشرة، وأن مرجع الاقدام على العمل بلا أجرة الاقدام على التبرع، وتقدم من الجواهر التنظر فيه، وكذلك في المقام فقد قال: " إن الرضا بالعقد الفاسد وبالعقد المتضمن لعدم الاجرة ليس رضا بالعمل بلا أجرة، فان الحيثية ملاحظة بمعنى كون المتشخص منه في الخارج الرضا بالعقد الذي لا يترتب عليه ذلك، والعمل الصادر منه إنما هو من حيث أنه مقتضى العقد الفاسد، لا أنه رضا منه بالعمل في حد ذاته وفي نفسه بلا عوض، فمع فساد العقد الذي قد وقع العمل على مقتضاه معاملا معاملة الصحيح يبقى احترام العمل بنفسه ". وحاصله: أن الرضا بالعمل مجانا وبلا أجرة كان مبنيا على العقد فإذا فرض بطلان العقد فقد انتفى الرضا المنوط به. ويشكل: بأن الاجرة إذا كانت من أركان العقد امتنع القصد إلى العقد مع القصد إلى عدم الاجرة، فإذا فرض القصد إلى عدم الاجرة فقد فرض عدم القصد إلى المساقاة، لا صحيحة ولا فاسدة، وانما قصد إلى أمر آخر وهو الوعد بالعمل مجانا، وهو عين التبرع بالعمل. وكذا الكلام في قوله: بعتك بلا ثمن، وآجرتك بلا اجرة، فان ذلك ليس بيعا وإجارة فاسدين كي يدخلان في قاعدة: (ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده) وإنما هما خارجان عن المعاوضة. فان قلت: المنشأ في عقد المساقاة اشغال ذمة العامل بالعمل للمالك واشغال ذمة المالك بتمكين العامل من العين مضافا إلى ملك الحصة، فإذا فرض القصد إلى عدم الاجرة فقط فقد بقي القصد إلى إشغال ذمة المالك

 

===============

 

( 204 )

 

[ (مسألة 24): يجوز اشتراط مساقاة في عقد مساقاة كأن يقول: ساقيتك على هذا البستان بالنصف على أن أساقيك على هذا الاخر بالثلث. والقول بعدم الصحة (1)، لانه كالبيعين في بيع المنهي عنه (2)، ضعيف، لمنع كونه من هذا ] بتمكين العامل من العين، وهذا المعنى أجنبي عن الوعد، فان الوعد بالعمل لا يستوجب اشغال ذمة المالك ببذل العين. قلت: اشتغال ذمة المالك بالتمكين ليس داخلا في حقيقة المساقاة إلا بالتبعية " لاستحقاق الحصة التي هي العوض للعمل، فإذا فرض القصد إلى عدم الاجرة فلا قصد إلى إشغال ذمة المالك بالتمكين، فلم يكن إلا التزام العامل بالعمل مجانا وهو عين الوعد بالعمل تبرعا. مضافا إلى أنه لو فرض انشاء التزام المالك بتمكين العامل من العين والتزام العامل بالعمل في مقابل ذلك كان ذلك عقدا آخر غير المساقاة، ولا بأس بالالتزام بصحته، ويكون ذلك معاملة بين المالك والعامل، هذا يلتزم بالتمكين، وهذا يلتزم بالعمل في مقابل التمكين، وتكون معاوضة بين عملين، وهي أيضا لا تقتضي رجوع العامل بالاجرة. (1) حكي هذا القول عن الشيخ في المبسوط، ولم يعرف لغيره. (2) روى الصدوق (ره) عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق (ره) عن آبائه (ع) في مناهي النبي صلى الله عليه وآله: " قال: ونهى عن بيعين في بيع ". (* 1) وفي رواية الشيخ (ره): " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلف وبيع، وعن بيعين في بيع ". (* 2)

 

 

____________

(* 1) من لا يحضره الفقيه الجزء: 4 الصفحة: 4 طبعة النجف الاشرف، الوسائل باب: 12 من ابواب عقد البيع حديث: 12. (* 2) التهذيب الجزء: 7 الصفحة 230 طبعة النجف الاشرف، الوافي الجزء: 3 الصفحة: 95

 

===============

 

( 205 )

 

[ القبيل، فان المنهي عنه (1) البيع حالا بكذا ومؤجلا بكذا، أو البيع على تقدير كذا بكذا وعلى التقدير آخر بكذا، والمقام نظير أن يقول: بعتك داري بكذا على أن أبيعك بستاني بكذا ولامانع منه، لانه شرط مشروع في ضمن العقد. (مسألة 25): يجوز تعدد العامل (2)، كأن يساقي مع اثنين بالنصف له والنصف لهما، مع تعيين عمل كل منهما بينهم أو فيما بينهما (3)، وتعيين حصة كل منهما (4). وكذا يجوز تعدد المالك (5) واتحاد العامل، كما إذا كان البستان مشتركا بين اثنين فقالا لواحد: ساقيناك على هذا البستان بكذا وحينئذ فان كانت الحصة المعينة للعامل منهما سواء - كالنصف ] (1) ويحتمل البيع إلى أجلين بثمنين. ويحتمل أيضا غير ذلك. مع أنه لو سلم أن المراد منه البيع بشرط البيع فالتعدي منه إلى ما نحن فيه يحتاج إلى دليل، فكم من فرق بين البيع والمساقاة في الاحكام. (2) كما في القواعد وغيرها. وكأنه لا خلاف فيه ولا اشكال. ويقتضيه إطلاق نصوص خيبر. (3) إذ لاغرر على المالك لو كان جاهلا بمقدار حصة كل منهما بعد أن كانت الحصة المعينة - كالنصف - بينهما تساويا فيها أو اختلفا، إذ اختلافهما لا يوجب اختلافا في حصته. (4) يعني: فيما بينهما وإن لم يعلم بذلك المالك، لما عرفت من أن اختلافهما لا يوجب اختلافا في حصته. (5) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما بلا خلاف ظاهر، والادلة الخاصة قاصرة عن شمول ذلك إلا بملاحظة إلغاء الخصوصية عرفا.

 

===============

 

( 206 )

 

[ أو الثلث مثلا - صح وإن لم يعلم العامل كيفية شركتهما (1) وأنها بالنصف أو غيره، وإن لم يكن سواء - كأن يكون في حصة أحدهما بالنصف وفي حصة الآخر بالثلث مثلا - فلابد من علمه بمقدار حصة كل منهما، لرفع الغرر والجهالة في مقدار حصته من الثمر (2). (مسألة 26): إذا ترك العامل العمل بعد إجراء العقد ابتداء أو في الاثناء فالظاهر أن المالك مخير بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي (3) ] (1) لما عرفته في صورة اتحاد المالك وتعدد العامل من أن جهل العامل بذلك لا يوجب الجهل بمقدار حصته. (2) قال في الشرائع: " لو كانت الاصول لاثنين فقالا لواحد: ساقيناك على أن لك من حصة فلان النصف ومن حصة الآخر الثلث، صح بشرط أن يكون عالما بقدر نصيب كل واحد منهما، ولو كان جاهلا بطلت المساقاة لتجهل الحصة "، ونحوه كلام غيره، فان تم اجماع على البطلان مع الجهل فهو. وإلا أشكل القول به، إذ لا دليل لفظي على قدح الغرر في المقام. (3) قال في التحرير: " إذا هرب العامل فللمالك الفسخ والبقاء، فيقضي الحاكم من ماله إن لم يتبرع بالعمل أحد، فان لم يجد فمن بيت المال قرضا، فان لم يجد اقترض من أحد، فان لم يجد استأجر من يعمل بأجرة مؤخرة إلى الادراك، فان تعذر استأذن الحاكم وأنفق، فان تعذر الاستئذان أشهد في الانفاق والرجوع... ". وتبعه في هذا التخيير بين الفسخ والرجوع إلى الحاكم المحقق

 

===============

 

( 207 )

 

الاردبيلى (قده) لوجوه أشار إلى بعضها في الجواهر، فقال: " قد يقال: إنه (يعنى البناء على تعيين الرجوع إلى الحاكم من دون خيار) مناف لما يستفاد منهم في غير المقام - كالخيار بعدم الوفاء بالشرط، وكالخيار بتأخير الثمن، وبالامتناع من العمل وتسليم العين المستأجرة ونحو ذلك - من ثبوت الخيار بمجرد حصول شئ من ذلك من غير مراجعة إلى الحاكم، بل ظاهرهم أنه متى حصل من أحد المتعاقدين بعقد لازم ما ينافي استحقاق الآخر عليه شرع له الشارع الفسخ، وكان العقد في حقه جائزا، دفعا لضرره بذلك... " وظاهره الميل إليه. لكن يشكل الوجه الاول: بأن الخيار عند تخلف الشرط مدلول التزامي لجعل الشرط وهو غير المقام. كما يشكل الثاني: بأن النص الوارد في خيار التأخير هو الفارق بين المقامين، ولا سيما بملاحظة دلالته على عدم الخيار بمجرد التأخير والامتناع من تسليم الثمن فان قياس المقام عليه يقتضي عدم الخيار بمجرد امتناع العامل من العمل. ولاجل ذلك يشكل مقايسة المقام بامتناع المؤجر عن تسليم العين المستأجرة وامتناع الاجير عن العمل، فان ثبوت الخيار في الموردين المذكورين خلاف مقتضى النص المذكور المعتضد بفتوى الاصحاب، فانهم لم يذكروا من الخيارات الخيار بامتناع البائع من تسليم المبيع أو المشتري من تسليم الثمن، وإنما ذكروا أن مقتضى ذلك جواز امتناع الطرف الثاني من تسليم ما بيده، لا أن له الخيار في الفسخ. اللهم إلا أن يفرق بين الاجارة والبيع: بأن الاجارة لما كانت معاملة على المنفعة والمنفعة تستهلك بغير الاستيفاء فكان مبنى المعاملة عليها على تسليم المنفعة لتستوفى بخلاف البيع الذي هو المعاملة على العين التي تبقى لنفسها وإن لم تستوف.

 

===============

 

( 208 )

 

[ فيجبره على العمل (1)، وإن لم يمكن استاجر (2) من ماله من يعمل عنه، أو بأجرة مؤجلة إلى وقت الثمر فيؤديها منه، أو يستقرض عليه (3) ويستأجر من يعمل عنه، وإن تعذر الرجوع إلى الحاكم أو تعسر فيقوم بالامور المذكورة عدول المؤمنين (4)، ] ولاجل ذلك يتعين القول بثبوت خيار الفسخ في المقام - كما في الاجارة - لان مبنى العقد على ذلك، فيكون شرطا ضمنيا ارتكازيا يستدعي تخلفه الخيار، وليس كذلك في البيع. ولاجله لا تنافي نصوص خيار التأخر مع دلالتها على نفي الخيار قبل الثلاثة ثبوت الخيار فيما نحن فيه كالاجارة، لما عرفت من الفرق بين المقامين. وأما الكلية التي ذكرها فغير ثابتة ما لم ترجع إلى خيار تخلف الشرط، وأما الاستدلال بقاعدة الضرر فلا مجال له، لتدارك الضرر بالرجوع إلى الحاكم الشرعي. (1) لانه ولي الممتنع. وقد استدل في الجواهر على ولايته بقوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...) (* 1) لكن الآية الشريفة متعرضة لولاية الرسول والامام لاغير، فالاستدلال بها على ولاية الحاكم موقوف على دليل يدل على عموم نيابة الحاكم، ولكنه مفقود. إذ لادليل على ولاية الحاكم إلا مقبولة ابن حنظلة المتضمنة لجعل الحاكم قاضيا " فيكون له وظيفة القضاة، فكل وظيفة ثبت أنها للقاضي كانت للحاكم الشرعي، وما لم تثبت أنها وظيفة للقاضي لا تثبت للحاكم. (2) الظاهر أنها من وظائف القاضي. (3) لم يثبت أن ذلك من وظائف القاضي. وكذا الاستقراض من بين المال المذكور في كلام الجماعة. (4) القدر الثابت من ولاية عدول المؤمنين الموارد التي يعلم من مذاق

 

 

____________

(* 1) المائدة: 55.

 

===============

 

( 209 )

 

[ بل لا يبعد جواز إجباره بنفسه (1) أو المقاصة من ماله (2) أو استيجار المالك عنه ثم الرجوع عليه أو نحو ذلك. وقد يقال (3) بعدم جواز الفسخ إلا بعد تعذر الاجبار (4) وأن اللازم كون الاجبار من الحاكم (5) مع إمكانه، وهو أحوط وإن كان الاقوى التخيير بين الامور المذكورة (6) هذا إذا ] الشارع رجحان التصدي من كل أحد فيها عند تعذر الوصول إلى الحاكم، وهذا المعنى غير ثابت في المقام، ولا سيما بملاحظة تدارك الضرر بالخيار. (1) يمكن استفادة ذلك مما دل على جواز دفاع الانسان عن نفسه وماله. (2) لا يخلو من إشكال، إذ لم يثبت جواز المقاصة عن العمل المستحق قبل زمان فواته، كما لا يثبت جواز المقاصة في ضمان العمل - مقابل العين - حتى بعد الفوات. بل عرفت الاشكال في ضمان الاعمال بحيث يطالب بعوضها. وأشكل من ذلك جواز استيجار المالك عنه. وسيأتي في المسألة التاسعة والعشرين بقية الكلام في ذلك. (3) هذا هو الذي طفحت به الكلمات، وفي الجواهر: نسبته إلى ظاهر الاصحاب، وفي مفتاح الكرامة: " اتفقت كلمتهم أيضا على أنه ليس للمالك فسخها بمجرد هرب العامل " ثم ذكر بعد ذلك خلاف التحرير ومجمع البرهان، وفي المسالك: " لما كانت المساقاة من العقود اللازمة لم تنفسخ بمجرد هرب العامل، ولا يتسلط المالك على فسخها به، كما لا يملك فسخها بامتناعه من العمل بغير هرب "، وظاهره أنه من المسلمات. (4) كأن المستند في الخيار حينئذ عندهم قاعدة نفي الضرر، وهي لا تجري مع إمكان الرجوع إلى الحاكم، لتدارك الضرر حينئذ به. (5) يعني: لامن نفسه. (6) وهي الفسخ، والاجبار بنفسه، والرجوع إلى الحاكم، والمقاصة

 

===============

 

( 210 )

 

[ لم يكن مقيدا بالمباشرة وإلا فيكون مخيرا بين الفسخ والاجبار (1) ولايجوز الاستيجار عنه للعمل. نعم لو كان اعتبار المباشرة بنحو الشرط (2) لا القيد يمكن اسقاط حق الشرط والاستيجار عنه أيضا. (مسألة 27): إذا تبرع عن العامل متبرع بالعمل جاز إذا لم يشترط المباشرة، بل لو أتى به من غير قصد التبرع عنه أيضا كفى، بل ولو قصد التبرع عن المالك كان كذلك أيضا، وإن كان لا يخلو عن إشكال (3)، فلا يسقط حقه من ] والاستيجار للعمل عنه. (1) وكذا المقاصة، بناء على جواز المقاصة في الفرض. (2) قد تكرر الاشكال في صحة شرط مقومات موضوع العقد في ضمن العقد في مقابل جعلها قيودا له، فإذا جعلت شرائط فلابد أن تلحظ قيدا لموضوع العقد، فيلزم حينئذ جعل موضوع العقد ثانيا، وهو خلاف المرتكز العرفي. مثلا إذا استأجر زيدا ليخيط له ثوبا، وأوقع عقد الاجارة على ذلك، فقد ملك على زيد خياطة الثوب، فإذا أراد اشتراط المباشرة لم يصح شرطها إلا بمعنى اشتراط العمل مباشرة، فيقول: آجرتك على أن تخيط ثوبي واشترطت عليك أن تخيطه مباشرة، وحينئذ تكون الخياطة مملوكة على الاجير من جهتين، من جهة نفس العقد ومن جهة الشرط في ضمنه وهو لا يوافق عليه العرف، بل لا يرى الا جعلا واحدا للموضوع مقيدا بالمباشرة، فإذا جاء العامل بالعمل بلا مباشرة لم يستحق العوض، لا أنه يستحق العوض وللمشروط له الفسخ. هذا هو المرتكزا العرفي، ولولاه لم يكن مانع عقلي من جعل ملكيتين للمطلق والمفيد. (3) لان الفعل لا ينسب إلى العامل، كي يستحق به الحصة المعينة

 

===============

 

( 211 )

 

[ الحاصل، وكذا لو ارتفعت الحاجة إلى بعض الاعمال، كما إذا حصل السقي بالامطار ولم يحتج إلى النزح من الابار، خصوصا إذا كانت العادة كذلك. وربما يستشكل (1) بأنه نظير الاسيتجار لقلع الضرس إذا انقلع بنفسه، فان الاجير لا يستحق الاجرة لعدم صدور العمل المستأجر عليه منه، فاللازم في المقام أيضا عدم استحقاق ما يقابل ذلك العمل. ويجاب بأن وضع المساقاة وكذا المزارعة على ذلك، فان المراد حصول الزرع والثمرة، فمع احتياج ذلك إلى العمل فعله العامل، وإن استغنى عنه بفعل الله أو بفعل الغير سقط واستحق حصته، بخلاف الاجارة، فان المراد منها مقابلة العوض بالعمل منه أو عنه. ولا بأس بهذا الفرق فيما هو المتعارف سقوطه أحيانا - كالاستقاء بالمطر - مع بقاء ساير الاعمال، وأما لو كان على خلافه - كما إذا لم يكن عليه الا السقي واستغنى عنه بالمطر أو نحوه كلية - فاستحقاقه للحصة مع عدم صدور عمل منه أصلا مشكل (2). (مسألة 28): إذا فسخ المالك العقد بعد امتناع العامل ] له. وهذا الاشكال يطرد في الصورة التي قبلها، فان العمل لم يكن منسوبا إلى العامل أيضا، فلا يستحق عليه شيئا. (1) هذا الاشكال ذكره في الجواهر، وأجاب عنه بما يأتي. (2) فان الاختلاف بين المزارعة والمساقاة وبين الاجارة إنما هو في أن العمل فيهما يختلف زيادة ونقيصة وفي الاجارة لا يختلف، لا أنه يختلف فيهما زيادة ونقيصة ووجودا وعدما أيضا، فان ذلك غير ثابت.

 

===============

 

( 212 )

 

[ عن إتمام العمل يكون الثمر له، وعليه أجرة المثل للعامل بمقدار ما عمل (1). هذا إذا كان قبل ظهور الثمر، وإن كان بعده يكون للعامل حصته وعليه الاجرة (2) للمالك إلى زمان البلوغ إن رضي بالبقاء، وإلا فله الاجبار على القطع بقدر حصته (3)، إلا إذا لم يكن له قيمة أصلا، فيحتمل ان يكون للمالك (4) كما قبل الظهور. (مسألة 29): قد عرفت أنه يجوز للمالك مع ترك العامل العمل أن لا يفسخ ويستأجر عنه (5) ويرجع عليه، إما ] (1) على ما صرح به جماعة. وهو في محله لو كان الفسخ للعقد من أصله، إذ يكون عمل العامل من حين وقوعه مضمونا على المالك بالاستيفاء. أما إذا كان الفسخ من حينه فقد يشكل الضمان بأجرة المثل، من جهة أن العمل حين وقوعه كان مضمونا بالحصة، والمفروض انتفاؤها، فلا وجه للضمان بأجرة المثل حينئذ. ويقتضيه ما ذكره المصنف (ره) في المسألة السابعة عشرة من كتاب المزارعة. لكن عرفت هناك أن الاستيفاء يوجب الضمان، إما بالمسمى أو بأجرة المثل، فإذا لم يسلم الاول ثبتت الاجرة. (2) يعني: أجرة الارض، لان العامل لا يستحق بقاء حصته فيها. (3) عملا بقاعدة السلطنة. نعم إذا لزم من القطع ضرر على العامل كان دليل نفي الضرر مانعا من إجباره على القطع. (4) لكنه ضعيف، إذ الملكية لا تتوقف على المالية، فلا موجب للخروج عما دل على الاشتراك في الظهور. (5) قد عرفت أنه لا دليل على ذلك، ولذلك تردد فيه في الشرائع قال فيها: " ولو لم يفسخ وتعذر الوصول إلى الحاكم كان له أن يشهد أنه

 

===============

 

( 213 )

 

[ مطلقا - كما لا يبعد - أو بعد تعذر الرجوع إلى الحاكم. لكن يظهر من بعضهم اشتراط جواز الرجوع عليه بالاشهاد على الاستيجار عنه (1)، فلو لم يشهد ليس له الرجوع عليه حتى بينه وبين الله، وفيه ما لا يخفى. فالاقوى أن الاشهاد للاثبات ظاهرا، وإلا فلا يكون شرطا للاستحقاق، فمع العلم به أو ثبوته شرعا يستحق الرجوع وإن لم يكن أشهد على الاستيجار. نعم لو اختلفا في مقدار الاجرة فالقول قول العامل في نفي الزيادة. وقد يقال بتقديم قول المالك، لانه أمين (2). وفيه ما لا يخفى (3). وأمالو اختلفا في أنه تبرع عنه أو قصد ] يستأجر عنه ويرجع إليه على تردد ". لكن جزم في القواعد بالرجوع مع الاشهاد، قال: " ولو تعذر الحاكم كان له أن يشهد أنه يستأجر عليه ويرجع حينئذ ولو لم يشهد لم يرجع، على إشكال ". (1) يظهر ذلك من عبارة الشرائع والقواعد المتقدمتين، وفي المسالك: أنه أحد الاقوال. والقول الثاني: أنه يرجع مع تعذر الاشهاد لا مع إمكانه. والثالث: أنه يرجع مع نيته مطلقا. وهو الاقوى، إذ لا مدخلية لشهادة الشاهدين في التسلط على مال الغير... " إلى آخر كلامه " وسبقه إلى ذلك في جامع المقاصد، ووافقهما على ذلك غير واحد. هذا وفي جامع المقاصد: أن الرجوع مع الاشهاد موضع وفاق. لكن تقدم التردد فيه من الشرايع وعرفت أنه في محله، إذ لا دليل عليه، وأنه خلاف عموم قاعدة السلطنة. (2) بناء على ثبوت ولايته في ذلك، كما مال إليه في الجواهر. (3) لعله لاجل أن مادل على قبول قول الامين مختص بالمؤتمن من قبل الخصم. لكن ثبوت بالنسبة إلى الولي الاجباري والحاكم الشرعي

 

===============

 

( 214 )

 

[ الرجوع عليه فالظاهر تقديم قول المالك، لاحترام ماله وعمله (1) إلا إذا ثبت التبرع، وإن كان لا يخلو عن إشكال (2)، بل يظهر من بعضهم تقديم قول العامل (3). (مسألة 30): لو تبين بالبينة أو غيرها أن الاصول كانت مغصوبة، فان أجاز المغصوب منه المعاملة صحت المساقاة (4)، ] يقتضي عموم الحكم المولي الشرعي - كما في المقام - لقاعدة: من ملك شيئا ملك الاقرار به، التي يدل عليها الاجماع القولي والعملي، وهي غير قاعدة سماع قول الامين المستأمن. (1) يعني: أصالة احترام مال المسلم وعمله. لكن هذا الاصل غير أصيل إلا في صورة الاستيفاء، وهو مفقود في المقام. فالعمدة: قاعدة من ملك، الدالة على قبول خبره ما لم يثبت الخلاف. (2) لما في الجواهر من أن أصالة عدم تبرع الانسان بعمل يحصل فيه غرامة من الغير ليست أصلا أصيلا. وفيه: أنه لو ثبت عموم ضمان مال المسلم وعمله إلا إذا كان متبرعا فأصالة عدم التبرع تقتضي ثبوت الضمان، لان الخاص الخارج عن حكم العام إذا كان ثبوتيا فأصالة عدمه كافية في إثبات حكم العام، وقد تقدم العمل بذلك في جملة من صور التداعي في الاجارة والمضاربة والمزارعة وغيرها. هذا وقد عرفت أن مقتضي قاعدة من ملك، قبول قول المالك، وحينئذ لا مجال للرجوع إلى الاصول إذ الرجوع إلى الاصل إنما يكون حيث لا أمارة، وقول المالك امارة على مؤاده. (3) عملا بأصالة البراءة، كما تقدم ذلك في بعض مباحث التداعي وضعفه ظاهر، إذا يختص ذلك بما إذا لم يكن المورد من موارد قاعدة: من ملك - كما في المقام - ولا من موارد عموم الضمان إلا مع التبرع (4) لصحة عقد الفضولي باجازة المالك.

 

===============

 

( 215 )

 

[ وإلا بطلت (1)، وكان تمام الثمرة للمالك (2) المغصوب منه. ويستحق العامل أجرة المثل على الغاصب (3) إذا كان جاهلا بالحال (4)، إلا إذا كان مدعيا عدم الغصبية وأنها كانت ] (1) لقاعدة السلطنة. وكأن الحكم من الواضحات، قال في الشرايع: " إذا ساقاه على أصول فبانت أنها مستحقة بطلت المساقاة، والثمرة للمستحق، وللعامل الاجرة على المساقي "، ونحوه ما في غيره. (2) كما عرفت التصريح به في كلامهم. لتبعية النماء للاصل في الملك. (3) كما هو مصرح به في كلماتهم، لان الغاصب هو الذي استدعاه إلى العمل، فيكون العمل مضمونا عليه بالاستيفاء بعد أن لم تسلم له الحصة التي اقتضاها العقد الباطل، كما ذكر ذلك في المسالك وغيرها. وفي الجواهر علل الرجوع على الغاصب: بأن العامل مغرور من الغاصب، فيرجع على من غره. ويشكل: بأنه قد يكونان معا مغرورين من سبب خارجي، ولازمه ضياع عمل العامل حينئذ، وهو كما ترى، فالدليل أخص من الدعوى، (4) كما هو ظاهر من اقتصر في تحرير المسألة على صورة الجهل، كما في الشرايع والقواعد وغيرهما، بل هو المصرح به في كلام جماعة، وأنه لا يرجع إذا كان عالما، معللين له: بأنه متبرع بعمله. لكن عرفت الاشكال فيه في المسألة الثالثة والعشرين. نعم بناء على تعليل الرجوع بالغرور يصح ذلك، لانتفاء الغرور حينئذ. ولاجل أنك عرفت أن استيفاء العمل موجب لضمانه من غير فرق بين العالم بصحة العقد والعالم بفساده فاللازم البناء في المقام على الضمان مطلقا. نعم إذا كان العلم بالفساد موجبا لحرمة العمل، لانه تصرف في مال الغير بغير إذنه أمكن البناء على عدم الرجوع إذ لا أجرة للعمل المحرم، فلو فرض حليته جاز الرجوع على المساقي حتى

 

===============

 

( 216 )

 

[ للمساقي، إذ حينئذ ليس له الرجوع عليه، لاعترافه بصحة المعاملة (1) وأن المدعي أخذ الثمرة منه ظلما. هذا إذا كانت الثمرة باقية. وأمالو اقتسماها وتلفت عندهما، فالاقوى أن للمالك الرجوع بعوضها على كل من الغاصب والعامل (2) بتمامه وله الرجوع على كل منهما بمقدار حصته. فعلى الاخير لا إشكال (3). وإن رجع على أحدهما بتمامه رجع على الآخر بمقدار حصته (4)، إلا إذا اعترف بصحة العقد وبطلان دعوى المدعي للغصبية، لانه حينئذ معترف بأنه غرمه ظلما (5). وقيل: ] مع العلم بالفساد. (1) وحينئذ تكون الحصة عوض عمله، فتكون قد سلمت له. وقد تعرض لهذه الصورة في المسالك. (2) لاستقلال يدكل منهما على العين، الموجب لضمانه لها، لعموم: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي ". وهذا القول حكاه في الشرايع قولا ولم يعرف قائله. نعم اختاره العلامة في جملة من كتبه، وتبعه عليه من تأخر عنه. (3) يعني: لا يرجع أحدهما على الآخر بشئ، لان قرار الضمان في الايدي المتعاقبة على عين واحدة على من تلفت العين في يده والمفروض أن كل واحد منهما قد تلف في يده نصف العين، وقد رجع المالك عليه فيه، فلا وجه لان يرجع أحدهما على الآخر. (4) لوقوع تلف النصف عنده، الموجب لاستقرار الضمان عليه، كما ذكر ذلك في مسألة تعاقب الايدي. (5) كان الاولى أن يقول: لانه معترف بأن التالف في يد كل منهما

 

===============

 

( 217 )

 

[ إن المالك مخير (1) بين الرجوع على كل منهما بمقدار حصته ] ملكه وماله، فلا معنى لان يكون مضمونا عليه. (1) كما هو المعروف زمان العلامة، واختاره في الشرايع، لان يد العامل كانت بعنوان النيابة عن المساقي، فلا تستوجب الضمان. وفيه: أنه خلاف إطلاق قوله صلى الله عليه وآله: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (* 1) من دون مقيد ظاهر. وعن ظاهر الارشاد أنه ليس للمالك الرجوع على المساقي أو العامل بتمام الثمرة، وإنما له الرجوع على كل منهما بحصته لا غير. وكأنه لبنائه على عدم استقلال يد أحدهما، على جميع الثمرة. ولكنه خلاف المفروض. ومن ذلك يظهر أنه يمكن فرض المسألة (تارة): باستقلال يد كل منهما. (وأخرى): بعدم استقلال يد أحدهما، بأن تكون الثمرة في يدهما معا. (وثالثة): باستقلال يد المساقي دون العامل، بل تكون يد العامل على وجه الاشتراك (ورابعة): بالعكس. والحكم في الاول هو ما ذكره العلامة ومن تبعه، - ومنهم المصنف - وفي الثاني هو ما ذكر في ظاهر الارشاد، وفي الثالث يرجع المالك على المساقي بتمام الثمرة، وليس له الرجوع على العامل إلا بحصته لاغير، وفي الرابع بالعكس. ثم إن ما ذكر يتم فيما إذا كانت الحصة النصف، أما إذا كانت أقل من النصف جاز للمالك الرجوع على العامل بنصف الثمرة في الفرض الثالث مع كونه أكثر من حصته، لان يده حينئذ تكون على النصف وإن كان هو أكثر من حصته. ثم إنه يمكن فرض اليد على الثمرة لاحدهما على الاستقلال دون الآخر، فانه لايد له على الثمرة أصلا، ولكن وصلت إليه حصته بتسليم صاحبه. وحكم ذلك أنه لا يجوز رجوع المالك على الآخر إلا بالحصة.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب كتاب الوديعة حديث: 12. وباب: 1 من كتاب الغصب حديث: 4.

 

===============

 

( 218 )

 

[ وبين الرجوع على الغاصب بالجميع، فيرجع هو على العامل بمقدار حصته، وليس له الرجوع على العامل بتمامه، إلا إذا كان عالما بالحال (1). ولا وجه له بعد ثبوت يده على الثمر بل العين أيضا. فالاقوى ما ذكرنا، لان يد كل منهما يد ضمان وقرار الضمان على من تلف في يده العين. ولو كان تلف الثمرة بتمامها في يد احدهما كان قرار الضمان عليه (2). هذا ويحتمل في أصل المسألة (3) كون قرار الضمان على الغاصب (4) مع جهل العامل، لانه مغرور من قبله (5). ولا ينافيه ضمانه ] (1) كما قيده بذلك في الشرايع. وهو غير ظاهر، لان عموم: " على اليد " إذا كان لا يشمل يد العامل لكونها بعنوان النيابة - فلا فرق بين العمل والجهل بالحال. (2) كما هو حكم تعاقب الايدي على عين واحدة، فان قرار الضمان على من تلفت في يده العين، كما هو محقق في ملحه. (3) يعني: مسألة تعاقب الايدي على الثمرة التي ظهر أنها لغير المتعاملين. (4) يعني: لا على من تلفت الثمرة في يده - كما ذكرنا - بل يرجع هو على الغاصب، فيكون قرار الضمان عليه. (5) يشير بذلك إلى قاعدة الغرور، التي ادعي الاجماع على العمل بها. وقد استدل عليها بامور أشرنا إليها في كتابنا نهج الفقاهة (منها): قاعدة الضرر، كما نسب إلى السيد في الرياض، وعبارته لا تساعد على ذلك (ومنها): قاعدة الاتلاف بالنسبة إلى العين المضمونة، كما هو ظاهر الجواهر في كتاب الغصب، أو قاعدة الاتلاف بالنسبة إلى الغرامة، كما يظهر من شيخنا الاعظم في مبحث الفضولي، حيث جعل من الوجوه المصححة للقاعدة كون الغار سببا في تغريم المغرور (ومنها): النصوص

 

===============

 

( 219 )

 

[ لاجرة عمله (1)، فانه محترم، وبعد فساد المعاملة لا يكون الحصة عوضا عنه، فيستحقها، وإتلافه الحصة إذا كان بغرور من الغاصب لا يوجب ضمانه له (2). ] الواردة في تدليس الزوجة (* 1) المتضمنة لجواز الرجوع إلى المدلس بالمهر وغيره، معللا في بعضها: بأنه دلس، وفي بعضها: بأنه غر وخدع. (ومنها): النصوص الواردة في ضمان شاهد الزور (* 2) على اختلاف مواردها (ومنها): النبوي - على ما قيل -: " المغرور يرجع على من غره " (* 3). والجميع لا يخلو من إشكال، عدا نصوص تدليس الزوجة، كما أشرنا إلى ذلك في نهج الفقاهة. والارتكازيات العرفية تقتضي أن يكون سبب مجرد التغرير والايقاع في خلاف الواقع، سواء كان عن علم أم جهل. فلا بأس بالبناء عليها، وسيما بملاحظة بناء الاصحاب على الرجوع إليها في مختلف الموارد. (ومنها): رجوع المشتري من الفضولي إليه في تدارك خساراته حتى فيما كان له في مقابله نفع. فراجع مباحث الفضولي. (1) وجه المنافاة: أن الغاصب كان ضامنا لاجرة عمله بعد تبين بطلان العقد الذي كان موجبا لضمانه بالحصة، فإذا كان ضامنا ما أتلفه من الحصة فقد صار ضامنا لعوضين، والعمل ليس له إلا عوض واحد. (2) يعني: يكون الغاصب هو الضامن للحصة، فتكون الحصة مضمونة للمالك لا للعامل، فالغاصب يضمن الاجرة للعامل، ويضمن الحصة للمالك،

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل كتاب النكاح أبواب العيوب والتدليس باب: 2 حديث: 2 وباب 6 حديث: 2 وباب: 7 حديث: 1. (* 1) راجع الوسائل باب: 10، 11، 12، 13، 14 من كتاب الشهادات. (* 3) تقدم التعرض الحديث في الصفحة: 117 من هذا الجزء.

 

===============

 

( 220 )

 

[ (مسألة 31): لا يجوز للعامل في المساقاة أن يساقي غيره مع اشتراط المباشرة (1)، أو مع النهي عنه (2). وأما ] فلا يكون ضامنا للعوضين. وفيه: أن الحصة بعد أن لم تكن أجرة للعمل فهي مضمونة على العامل للمالك، فإذا دفع العامل بدل الحصة للمالك فقد وصل إلى المالك حقه، فإذا بنينا على الرجوع إلى قاعدة الغرور لاثبات لزوم تدارك خسارة العامل للحصة فقد تمسكنا بالقاعدة لزيادة ربح العامل، فانه بعمله حصل على أجرة المثل وعلى الحصة معا، والقاعدة ما شرعت لارباح العامل، وإنما شرعت لتدارك خسارته. وان شئت قلت: إن القاعدة تختص بالخسارة المحضة، ولا تجري في الخسارة المضمونة بالعوض التي أقدم عليها المغرور. ولذلك لو اشترى من الفضولي عينا جهلا ثم أتلفها ولم يدفع الثمن إلى البائع، فرجع عليه المالك في بدل المبيع " لم يجز له الرجوع على البائع في تدارك خسارة ثمن المبيع الذي دفعه إلى المالك، لان خسارة الثمن كانت في مقابل المبيع الذي أخذه وكان مقدما على ضمانه به، فلو رجع على البائع فيه كان ربح المبيع بلا عوض وذلك ما لا تقتضيه قاعدة الغرور. (1) قد تقدم في المزارعة الاشكال من المصنف: بأن اشتراط المباشرة لايمنع من مزارعة الغير، لجواز كون المزارع الثاني نائبا عن العامل الثاني في العمل، فيكون هو المباشر. وتقدم منا الاشكال عليه بأن مورد كلام الاصحاب كون العامل الثاني هو المباشر. فراجع المسألة الثالثة عشرة من كتاب المزارعة. (2) إذا كان النهي قد أخذ شرطا في ضمن العقد وجب العمل به، عملا بدليل صحة الشرط، أما إذا لم يؤخذ شرطا فمجرد النهي لا تجب موافقته إذا كان مقتضى عقد المساقاة جواز فعل المنهي عنه.

 

===============

 

( 221 )

 

[ مع عدم الامرين ففي جوازه مطلقا - كما في الاجارة والمزارعة (1) - وإن كان لا يجوز تسليم الاصول إلى العامل الثاني إلا باذن المالك (2)، أو لا يجوز مطلقا وإن أذن المالك (3) أو لا يجوز إلا مع إذنه (4)، أو لا يجوز قبل ظهور الثمر ويجوز بعده (5) ] (1) حكى في الجواهر هذا القول عن بعض أفاضل متأخري المتأخرين، ثم قال: " ولعله ظاهر المحكي عن الاسكافي ". (2) تقدم الاشكال في ذلك في كتاب الاجارة، وأنه إذا كان مقتضى إطلاق عقد المساقاة الاولى جواز المساقاة الثانية وأنها من حقوق العامل الاول كان مقتضاه أيضا جواز التسليم إلى العامل الثاني، وكذلك الحكم في الاجارة، فانه إذا جاز للاجير أن يتخذ أجير فيعمل في العين جاز تسليم العين إليه، لان الاذن في الشئ إذن في لوازمه. (3) كما هو المشهور المعروف، وفي الشرائع: " ليس للعامل أن يساقي غيره، لان المساقاة إنما تصح على أصل مملوك للمساقي ". ونحوه كلام غيره. (4) كما هو ظاهر المسالك. وبنسب إلى ظاهر المختلف. قال: والتحقيق أن المالك إن أذن للاول في مساقاة الثاني صحت وكان الاول كالوكيل لا حصة له في النماء. وإن لم يأذن فالثمرة للمالك، وعليه أجرة المثل للثاني، ولا شئ للاول ". لكن الظاهر منه الاذن في المساقاة عن المالك كالوكيل، لا الاذن في المساقاة عن نفسه، كما هو المراد منه هنا وعرفت أنه ظاهر المسالك. (5) يظهر هذا القول من المسالك، قال بعد تقريب المنع مطلقا: " وربما أشكل الحكم فيما لو ظهرت الثمرة، وبقي فيها عمل يحصل به زيادة فيها، فان المساقاة حينئذ جائزة، والعامل يصير شريكا فيها... ".

 

===============

 

( 222 )

 

[ أقوال أقواها الاول. ولا دليل على القول بالمنع مطلقا أو في الجملة بعد شمول العمومات (1) من قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) و (تجارة عن تراض). وكونها على خلاف الاصل فاللازم الاقتصار على القدر المعلوم (2)، ممنوع بعد شمولها. ودعوى: أنه يعتبر فيها كون الاصل مملوكا للمساقي (3) أو كان وكيلا عن المالك، أو وليا عليه، كما ترى، إذ هو أول الدعوى (4). ] (1) لكن العمومات لا تثبت المساقاة، وإنما بثبت صحة العقد وترتب مضمونه، كما عرفت غير مرة. (2) إشارة إلى ما ذكره في الجواهر في موارد سبقت من أن العمومات المذكورة تختص بالعقود المعهودة، فلا تشمل غيرها. وقد تقدم الاشكال عليه بأن ذلك خلاف الاطلاق والعموم. وفي المقام ذكر أن (أوفوا بالعقود) و (إلا أن تكون تجارة عن تراض) لا يصلح لاثبات مشروعية مثل ذلك. انتهى. فيحتمل أن يكون مراده ذلك، ويحتمل أن يكون مراده ما ذكرنا من أنها لا تثبت عنوان المساقاة. (3) هذه الدعوى تقدمت في عبارة الشرايع. (4) لا إشكال في أن النصوص الواردة في تشريع المساقاة - مثل صحيحة يعقوب وصحيحة الحلبي المتقدمتين في أول الكتاب ونحوهما من روايات خبير (* 1) - تختص بذلك، ولا تشمل ما نحن فيه. وظاهر المصنف الاعتراف بذلك، حيث استدل على الصحة بالعمومات، ولم يستدل بالنصوص الخاصة بالمساقاة. لكن البناء على الاقتصار على مورد

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 10 من أبواب بيع الثمار، وباب: 8، 9، 10 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة

 

===============

 

( 223 )

 

[ (مسألة 32): خراج السلطان في الاراضي الخراجية على المالك (1)، لانه إنما يؤخذ على الارض التي هي للمسلمين (2)، لا الغرس الذي هو للمالك، وأن أخذ على الغرس فبملاحظة الارض، ومع قعط النظر عن ذلك أيضا ] النصوص يقتضي عدم صحة المساقاة فيما لو باع مالك الاصول الثمرة سنين واشترط أن يكون إصلاح الاصول بيد المشتري فساقي العامل بحصة من الثمرة، وكذا أمثال ذلك مما كانت المعاملة فيه على إصلاح الاصول من وظائف غير المالك، ولما لم يمكن الالتزام بذلك يتعين أن يكون المراد من كون الاصول مملوكة كون المعاملة عليها من وظائف المساقي، سواء كان للملك أم الوكالة أم الولاية ولكونه عاملا في المساقاة مع المالك. ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما ذكر في الجواهر من أن الادلة الخاصة تشمل المقام، والادلة العامة لا تصلح لتشريع مثل ذلك. فان قلت: المالك إنما أذن له خاصة في العمل، ولم يأذن لغيره في العمل. قلت: إطلاق المساقاة اقتضى جواز أخذ الاجير للعمل، لان الاذن في الشئ إذن في لوازمه، كما تقدم ذلك في المسألة الثالثة عشرة من كتاب المزارعة. ولاجل ذلك يضعف القول بالتفصيل بين إذن المالك وعدمه الذي هو أحد الاقوال في المسألة. (1) كما هو المصرح به في كلامهم، على نحو يظهر أنه مما لا إشكال فيه ولا خلاف. (2) كان الاولى أن يقول: إنما يؤخذ على الغرس، لانه تصرف في الارض التي هي للمسلمين، والغرس إنما غرسه المال، ولا يؤخذ على تعمير الغرس الذي يقوم به العامل.

 

===============

 

( 224 )

 

[ كذلك. فهو على المالك مطلقا (1). إلا إذا اشترط كونه على العامل، أو عليهما بشرط العلم بمقداره (2). (مسألة 33): مقتضى عقد المساقاة ملكية العامل للحصة من الثمر من حين ظهوره. والظاهر عدم الخلاف فيه (3)، إلا من بعض العامة، حيث قال بعدم ملكيته له إلا بالقسمة قياسا على عامل القراض، حيث أنه لا يملك الربح إلا بعد الانضاض. وهو ممنوع عليه حتى في المقيس عليه (4). نعم ] (1) لا يظهر له وجه إلا أن السلطان قد جعله على المالك لا على غيره ولو فرض أن السلطان قد جعله على العامل كان عليه أيضا. كما أنه لو فرض أن الخراج كان بنحو المقاسمة - بأن كان حصة من الثمرة - كان عليهما معا. (2) كما صرح به في المسالك، معللا له: بأن لا يتجهل العوض. وفيه: أنه لا دليل على قدح الجهالة في مثل ذلك، وعموم نفي الغرر غير ثابت. ثم إنه إذا كان خراج الارض بنحو المقاسمة - بأن كان حصة من الثمرة، كالخمس أو العشر - فقد يكون الخراج على الطرفين، وقد يكون على أحدهما بعينه، حسب التراضي، منهما. (3) في المسالك: " هو مما لا نعلم فيه خلافا، وفي التذكرة: أسند الحكم إلى علمائنا ونحوه ما في غيرها، وفي جملة من كتب الاصحاب دعوى الاجماع صريحا. ويقتضه ظاهر نصوص الباب. (4) مع وضوح الفرق بين المقامين، فيكون قياسا مع الفارق. ووجه الفرق: أنه يمكن أن يقال في القراض: إن الربح وقاية لرأس المال فلا ربح إلا بعد وصول رأس المال إلى المالك، ولا مجال لذلك، في المقام.

 

===============

 

( 225 )

 

[ لو اشترطا ذلك في ضمن العقد لا يبعد صحته (1). ويتفرع على ما ذكرنا فروع (منها): ما إذا مات العامل بعد الظهور قبل القسمة مع اشتراط مباشرته للعمل، فان المعاملة تبطل من حينه (2)، والحصة تنتقل إلى وارثه على ما ذكرنا (3). (ومنها): ما إذا فسخ أحدهما بخيار الشرط أو الاشتراط بعد الظهور وقبل القسمة أو تقايلا. (ومنها): ما إذا حصل مانع عن إتمام العمل بعد الظهور (ومنها): ما إذا أخرجب الاصول عن القابلية لادراك الثمر، ليبس أو فقد الماء أو نحو ذلك بعد الظهور، فان الثمر في هذه الصور مشترك بين المالك والعامل وإن لم يكن بالغا (ومنها): في مسألة الزكاة فانها تجب على العامل أيضا إذا بلغت حصته النصاب، كما هو ] (1) لعموم صحة الشروط. ويشكل: بأن ذلك ليس من الشرط في ضمن العقد، بل هو تحديد لموضوع العقد، وحينئذ فتصحيحه يكون بعموم صحة العقد. لكنه لا يثبت عنوان المساقاة، إذ الادلة الخاصة بها لا تشمله. (2) إذا كان هناك عمل لازم إلى وقت القسمة، وإلا فلا موجب للبطلان (3) لانها مملوكة للعامل فتنتقل إلى وارثه كغيرها من مملوكاته، بخلاف القول الاخر، إذ لا ملك للعامل حينئذ. وكذا الحكم في الفروع الثلاثة الآتية. وهذه الفروغ الاربعة تشترك في حصول الفسخ بعد الظهور قبل القسمة، إما لسبب اختياري أو غير اختياري، والحكم في الجميع واضح. وبناء على القول الآخر يكون للعامل أجرة المثل، على ما تقدم في المسألة الثانية والعشرين. فراجع.

 

===============

 

( 226 )

 

[ المشهور، لتحقق سبب الوجوب، وهو الملكية له حين الانعقاد أو بدو الصلاح على ما ذكرنا، بخلافه إذا قلنا بالتوقف على القسمة (1). نعم خالف في وجوب الزكاة عليه ابن زهرة هنا وفي المزارعة (2)، بدعوى: أن ما يأخذه كالاجرة. ولا ] (1) فانه حينئذ لا يجب على العامل الزكاة، لعدم ملكيته للثمر حين تعلق وجوب الزكاة، فتكون زكاته جميعا على المالك، لانه هو المالك له. (2) قال في الغنية في كتاب المزارعة: " فأما الزكاة فانها تجب على مالك البذر والنخل، فان كان ذلك لمالك الارض فالزكاة عليه، لان المستفاد من ملكه نماء أصله، وما يأخذه المزارع والمساقي كالاجرة عن عمله ولا خلاف أن الاجرة لا تجب فيها الزكاة. وكذا إن كان البذر للمزارع لان ما يأخذه مالك الارض كالاجرة عن أرضه، فان كان البذر منهما فالزكاة على كل واحد منهما إذا بلغ مقدار سهمه النصاب ". وفي السرائر: " كاتبته وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ، فاعتذر (ره) بأعذار غير واضحة، وأبان فيها وأنه ثقل عليه الرد... " إلى آخر ما ذكره، مما لا يناسب مقامه ولا مقام السيد قدس سرهما، وإن كان هو أعرف بنيته. وفي المختلف: " وقول ابن إدريس وإن كان جيدا مستفادا من الشيخ أبي جعفر، إلا أن قول ابن زهرة ليس بذلك البعيد عن الصواب "، وفي الحدائق: " الظاهر أن الحامل له على ذلك كثرة تشنيع ابن ادريس عليه، وإلا فهو في غاية البعد عن الصواب "، وفي جامع المقاصد بعد أن حكى ما في المختلف قال: " وهو أعلم بما قال. والظاهر عندنا أنه لا وجه له أصلا الا على القول بأن استحقاقه تملكه إنما يكون بعد بدو الصلاح وتعلق الزكاة. وهذا خلاف ما نقله المصنف رحمه الله عن علمائنا، فكيف يكون خلافه قريبا من الصواب؟! ولعله يريد أن ذلك محتمل

 

===============

 

( 227 )

 

[ يخفى ما فيه من الضعف، لان الحصة قد ملكت بعقد المعاوضة أو ما يشبه المعاوضة، لا بطريق الاجرة. مع أن مطلق الاجرة لا تمنع من وجوب الزكاة، بل إذا تعلق الملك بها بعد الوجوب وأما إذا كانت مملوكة قبله فتجب زكاتها، كما في المقام، وكما لو جعل مال الاجارة لعمل زرعا قبل ظهور ثمره، فانه يجب على المؤجر زكاته إذا بلغ النصاب، فهو نظير ما إذا اشترى زرعا قبل ظهور الثمر. هذا وربما يقال بعدم وجوب الزكاة على العامل في المقام (1)، ويعلل بوجهين آخرين: (أحدهما): أنها إنما تجب بعد إخراج المؤن، والفرض كون العمل في مقابل الحصة، فهي من المؤن (2). وهو كما ترى، ] وغير مقطوع ببطلانه، فلا يأتي على قائله كل ما ذكره ابن ادريس من التشنيع ". (1) قال في الجواهر: " لعل ابن زهرة لحظ عدم الوجوب في الاجرة عن العمل باعتبار عدم استحقاق تسلمها إلا بعد تمام العمل، والزكاة يعتبر فيها التمكن من التصرف في المال المملوك. وأنه لحظ وجوبها بعد المؤنة، والفرض كون العمل في مقابلها، فهو حينئذ مؤنته ". ومن كلامه هذا يتحصل الوجهان اللذان ذكرهما في المتن. (2) الذي يظهر من الجواهر أن العمل مؤنة، فلا تجب الزكاة في الحصة إلا بعد استثنائه، فإذا استثنينا قيمة العمل لم يبق شئ. ويشكل: بأن قيمة العمل ربما تكون أقل من الحصة، فتجب الزكاة في الزائد. والمصنف جعل المؤنة نفس الحصة، فلا يتوجه عليه الاشكال المذكور. لكنه غير مراد الجواهر.

 

===============

 

( 228 )

 

[ وإلا لزم احتساب أجرة عمل المالك (1) والزارع لنفسه أيضا فلا نسلم أنها حيث كانت في قبال العمل تعد من المؤن (الثاني): أنه يشترط في وجوب الزكاة التمكن من التصرف، وفي المقام وإن حصلت الملكية للعامل بمجرد الظهور، إلا أنه لا يستحق التسلم إلا بعد تمام العمل. وفيه - مع فرض تسليم عدم التمكن من التصرف -: أن اشتراطه مختص بما يعتبر في زكاته الحول - كالنقدين والانعام - لا في الغلات (2)، ففيها وإن لم يتمكن من التصرف حال التعلق يجب إخراج زكاتها بعد التمكن، على الاقوى، كما بين في محله. ولا يخفى أن لازم كلام هذا ] (1) قد فرق في الجواهر بين المقامين: بأن عمل العامل في المقام معاوض عليه بخلاف عمل المالك. وفيه: أنه غير فارق، فان عمل العامل مضمون على المالك بالحصة، ولا يكون مضمونا على نفس العامل، ولما لم يكن مضمونا على العامل لا يكون من المؤنة على العامل. (2) قد تقدم هذا من المصنف في كتاب الزكاة في المسألة السابعة عشرة وفي المسألة الحادية والاربعين من مسائل الختام، وتقدم في الشرح الاشكال عليه، وأنه لا فرق بين الغلات وغيرها في اعتبار التمكن من التصرف في وجوب الزكاة فيها. فالعمدة أن التمكن المعتبر في المشتركات هو تمكن مجموع الشركاء، لاتمكن كل واحد منهم، وهو حاصل في المقام. ولو بني على اعتباره بالنسبة إلى كل واحد من العامل والمالك كان اللازم عدم وجوب الزكاة على المالك أيضا، لانه لا يتمكن من التصرف في الثمر بلا إذن العامل، ولا يجوز له طلب القسمة قبل تمام العمل، فحاله حال العامل، فإذا لم

 

===============

 

( 229 )

 

[ القائل عدم وجوب زكاة هذه الحصة على المالك أيضا (1)، - كما اعترف به - فلا يجب على العامل، لما ذكر، ولا يجب على المالك، لخروجها عن ملكه. (مسألة 34): إذا اختلفا في صدور العقد وعدمه فالقول قول منكره (2)، وكذا لو اختلفا في اشتراط شئ على أحدهما وعدمه. ولو اختلفا في صحة العقد وعدمها قدم قول مدعي الصحة (3). ولو اختلفا في قدر حصة العامل قدم قول المالك المنكر للزيادة (4)، وكذا لو اختلفا في المدة ولو اختلفا في قدر الحاصل قدم قول العامل (5)، وكذا لو ادعى المالك عليه سرقة أو إتلافا أو خيانة (6)، وكذا لو ادعى عليه أن التلف كان بتفريطه إذا كان أمينا له (7)، كما هو ] تجب على العامل زكاة حصة، لعدم التمكن من التصرف فيها، لم يجب على المالك الزكاة في حصته أيضا، لذلك. (1) بل عرفت أن لازم كلامه عدم وجوب الزكاة على المالك في حصته، فضلا عن حصة العامل. (2) لاصالة عدمه. وكذا فيما بعده. (3) لاصالة الصحة، المبرهن على صحتها إجماعا، قوليا وعمليا. (4) لاصالة تبعية النماء للاصل. وكذا فيما بعده. (5) إذا كان الحاصل في يده. لحجية إخبار ذي اليد عما في يده ولو كان لحاصل بيد المالك كان القول قول المالك، لما ذكر. (6) لان دعواه خلاف الاصل في الجميع. (7) إذ لو لم يكن أمينا فلا أثر لتفريطه، فانه لا يوجب الضمان حينئذ.

 

===============

 

( 230 )

 

[ الظاهر (1). ولا يشترط في سماع دعوى المالك تعيين مقدار ما يدعيه عليه، بناء على ما هو الاقوى (2) من سماع الدعوى المجهولة، خلافا للعلامة في التذكرة في المقام (3). (مسألة 35): إذا ثبتت الخيانة من العامل بالبينة أو غيرها هل له رفع يد العامل على الثمرة أو لا؟ قولان (4) ] (1) لانه مؤتمن من المالك، وهذا معنى كونه أمينا. (2) وحكي عن أكثر المتأخرين، بل نسب إلى الاكثر. لعموم مادل على سماع الدعوى من دون مخصص. (3) قال في التذكرة في المقام: " فان ادعى المالك عليه خيانة، أو سرقة في المثار أو السعف أو الاغصان، أو أتلف، أو فرط بتلف، لم تسمع دعواه حتى يحررها، فإذا حررها بين قدر ما خان فيه، وأنكر العامل، وجب على مالك النخيل البينة... " وحكي ذلك عن جماعة. وليس له وجه ظاهر. نعم إذا كان المجهول مرددا بين مالا قيمة له وماله قيمة كان عدم السماع في محله، لعدم إحراز عنوان العام. (4) قال في الشرائع: وبتقدير الخيانة هل يرفع يده، أو يستأجر من يكون معه من أصل الثمرة؟. الوجه أن يده لاترفع عن حصته... " وفي القواعد: " الاقرب أن يده لا ترفع عن حصته "، ونحوهما عبارات غيرها، وفي الجواهر: أن احتمال رفع يده لم أجده قولا لاحد من أصحابنا بل ولا لغيرهم. انتهى. لكن في محكي المبسوط: " قيل يكترى من يكون معه لحفظ الثمرة. وقيل: ينتزع من يده، ويكنرى من يقوم مقامه ". لكن هذا القول يعرف قائله. ومن الغريب أنه استدل عليه في الايضاح بعموم النص وظاهر ذلك القول به. وهو كما ترى، لجهالة النص، وكونه خلاف

 

===============

 

( 231 )

 

[ أقواهما العدم، لانه مسلط على ماله، وحيث أن المالك أيضا مسلط على حصته فله أن يستأجر أمينا يضمه مع العامل، والاجرة عليه، لان ذلك لمصلحته. ومع عدم كفايته في حفظ حصته جاز رفع يد العامل (1) واستيجار من يحفظ الكل، والاجرة على المالك أيضا (2). (مسألة 36): قالوا: المغارسة باطلة (3). وهي أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون المغروس بينهما سواء اشترط كون حصته من الارض أيضا للعامل أولا. ووجه ] قاعدة السلطنة، كما يشير إليه المصنف (ره). (1) كما جعله في القواعد والاقرب، واختاره في المسالك. وكأنه لقاعدة نفي الضرر، المقدمة على قاعدة السلطنة. (2) لان الحفظ لمصلحته. هذا إذا كانت الاجرة على الحفظ فقط. أما إذا كانت الاجرة على العمل فكونها على المالك غير ظاهر، لان العمل من وظائف العامل في مقابل الحصة، فيجب أن يكون من ماله، كما هو ظاهر القواعد. قال: " ولو لم يمكن حفظه مع الحافظ فالاقرب رفع يده عن المثرة، وإلزامه بأجرة عامل "، ونحوه في المسالك، وإن كانت عبارته الاولى ظاهرة في أن الاجرة عليهما معا. لكن التعليل بأن العمل واجب عليه، وتشبيه المقام بما إذا هرب، يدلان على أن مراده أن الاجرة على العامل لاغير. (3) كما هو المصرح به في كلام جماعة كثيرة، من دون نقل خلاف بينهم، بل لم يعرف قائل بالخلاف، وإن حكي عن المفاتيح أنه نقل قولا بالصحة.

 

===============

 

( 232 )

 

[ البطلان الاصل بعد كون ذلك على خلاف القاعدة (1). بل ادعى جماعة الاجماع عليه (2). نعم حكي عن الاردبيلي وصاحب الكفاية الاشكال فيه، لامكان استفادة الصحة من العمومات. وهو في محله (3) إن لم يتحقق الاجماع. ثم على ] (1) وفي المسالك: " لان عقود المعاوضات موقوفة على إذن الشارع وهي منتفية هنا "، ونحوه كلام غيره، وفي مفتاح الكرامة: أنه حجة المعظم. وقد تقدم في كلام الجواهر مكررا: أن العمومات لا تصلح لاثبات مشروعية ما لم يثبت مشروعيته من العقود. (2) حكي الاجماع صريحا عن جامع المقاصد ومجمع البرهان، وفي الجواهر: الاجماع بقسميه على البطلان "، وفي المسالك: " المغارسة باطلة عندنا وعند أكثر العامة "، ونحوه ما في غيرها. (3) كما عرفت مرارا. ودعوى: انصراف العمومات إلى المتعارف - مع أنها ممنوعة - لا تجدي في البطلان، لان المغارسة أيضا من المتعارف ولعل مراد جماعة من القائلين بالبطلان أنها مساقاة باطلة لا تجري عليها أحكام المساقاة، لا أنها باطلة بكل عنوان. نظير ما تقدم في بعض شروط المساقاة من أن فقده يوجب بطلان المساقاة، لا بطلان العقد. ومثل ذلك تقدم في المزارعة والمضاربة. والذي يتحصل مما ذكرنا: أن الوجه في بطلان المغارسة إن كان هو الاصل - كما تقدم عن المعظم - فالاصل لا يجري مع عموم صحة العقود والاشكال على العموم بأنه لا يصلح لتشريع ما لم يثبت تشريعه - كما في الجواهر وغيرها - مندفع بما عرفت من أنه خلاف العموم من دون قرينة عليه. ومثله الاشكال بأنه مختص بالمتعارف. مضافا إلى أنها من المتعارف وكذا الاشكال بأنه يختص بالعقود المذكورة في كتب الفقهاء.

 

===============

 

( 233 )

 

[ البطلان يكون الغرس لصاحبه (1)، فان كان من مالك الارض ] فهذه الاشكالات نظير ما ذكره في التذكرة، قال فيها: " مسألة إذا دفع بهيمة إلى غيره ليعمل عليها ومهما رزق الله تعالى فهو بينهما فالعقد فاسد، لان البهيمة يمكن إجارتها، فلا حاجة إلى عقد آخر عليها يتضمن الغرر، ولو قال: تعهد هذه الاغنام على أن يكون درها ونسلها بيننا فكذلك، لان النماء لا يحصل بعمله. ولو قال: اعلف هذه من عندك ولك النصف من درها، ففعل، وجب بدل العلف على مالك الشياه، وجميع الدر لصاحب الشياه، والقدر المشروط لصاحب العلف مضمون في يده، لحصوله بحكم بيع فاسد، والشياه غير مضمونة، لانها غير مقابلة بالعوض ". فكأن الموجب للبطلان عندهم هو الموجب له في الامثلة المذكورة، وهو الاصل وقصور العموم عن إثبات الصحة، ولكنه - كما ترى - غير ظاهر، ومقتضى العموم الصحة في الامثلة المذكورة، وقد تقدم مثل ذلك في المباحث السابقة. فلاحظ الشرط التاسع من شروط المضاربة. هذا إذا كان المستند في البطلان الاصل. وأما إذا كان المستند الاجماع فيشكل بأنه لم يتضح أن مراد القائلين بالبطلان هو البطلان مطلقا بل من الجائز أن يكون مراد بعضهم - بل أكثرهم - البطلان بعنوان المساقاة، فلا تجري عليها أحكامها، لا البطلان تعبدا مطلقا. (1) لعدم ما يوجب خروجه عن ملكه بعد البناء على بطلان العقد. قال في الشرايع: " إذا دفع أرضا إلى غيره ليغرسها على أن الغرس بينهما كانت المغارسة باطلة، والغرس لصاحبه، ولصاحب الارض إزالته، وله الاجرة لفوات ما حصل الاذن بسببه، وعليه أرش النقصان بالقلع، " ونحوه عبارة القواعد وغيرها. لكن المفروض في الجميع كون الغرس للعامل

 

===============

 

( 234 )

 

[ فعليه أجرة عمل الغارس (1) إن كان جاهلا بالبطلان (2)، ] كما هو الغالب، وفي المتن تعرض للصورتين. (1) لان العمل مضمون بالاستيفاء، على ما عرفت في المباحث السابقة من أنه من أسباب الضمان. ثم إن هذا التقسيم ذكره في المسالك، وتبعه عليه في المتن. لكن الذي يظهر من عبارة الشرايع المتقدمة وغيرها: أن المغارسة أن يكون الغرس من العامل لا غير، فتكون الارض من أحدهما والغرس من الآخر. فالتعدي إلى غير هذه الصورة - كما في المسالك والمنن - غير ظاهر. (2) قد تقدم من المصنف (ره) هذا القيد في موارد من المباحث السابقة، وتقدم الاشكال عليه بأن العلم بالبطلان لا يقتضي التبرع. نعم في المقام يكون العلم بالبطلان موجبا للعلم بحرمة التصرف في الغرس، وحينئذ لا يستوجب الاجرة، إذ لا أجرة على الحرام. وقد تقدم ذلك في بعض المباحث السابقة. لكن هذا الاشكال - إن تم - منع من استحقاق الاجرة في صورة جهلها، لان الاجرة إنما كانت مضمونة على المالك بالاستيفاء، والاستيفاء لا يعقل مع انتفاء إذنه. والالتزام بثبوت الاذن مع الجهل دون العلم كما ترى، إذ الاذن إن كانت مقيدة بالمساقاة الصحيحة فهي مفقودة، في المقامين، كما هو المفروض، فلا إذن في المقامين، فلا يتحقق الاستيفاء في المقامين. وإن كانت غير مقيدة بها فالاذن موجوة في المقامين، فلا موجب للحرمة، لافي صورة الجهل، ولا في صورة العلم. واحتمال أن المعاملة الصحيحة من قبيل الداعي إلى الاذن، فانتفاؤها لا يوجب انتفاء الاذن، لان الداعي في الحقيقة هو الوجود العلمي الاعتقادي وهو حاصل، وانتفاء الوجود الواقعي لا يقتضي انتفاءه " وحينئذ يصدق الاستيفاء حقيقة في حال الجهل. مدفوع: بأن مقتضى ذلك عدم جواز

 

===============

 

( 235 )

 

[ وإن كان للعامل فعليه أجرة الارض للمالك مع جهله به (1)، ] إجبار العامل على قلع الغرس إذا كان الغرس له، لان غرسه باذن من المالك، مع أنه لا إشكال عندهم في جواز ذلك. ومن ذلك يشكل الجمع مع جهل المالك بين صدق الاستيفاء الموجب لضمانه وبين البناء على حرمة عمل العامل إذا كان عالما، لعدم كونه ماذونا، وبين وجوب قلع الغرس إذا كان له، لعدم كونه مأذونا في غير غرسه. والتحقيق: أنه إذا كان المتعاملان في مقام إيقاع المعاملة الشرعية فمح البطلان لا استيفاء، ولا إذن في العمل، فيكون فعل العامل غير مأذون فيه، فلا يستحق عليه أجرا إذا كان الغرس للمالك، ويجب عليه قلعه إذا كان الغرس له، لان الاذن منوطة بوجود المفهوم شرعا، وهو مفقود فلا يجوز للعامل أن يطالب المالك بالاجرة لاستيفاء عمله، لانتفاء الاذن الموجب لصدق الاستيفاء، ويجوز للمالك أن يقول للعامل: فعلت بغير إذني، فلا يستحق أجرا، كما يجوز أن يقول: غرست غرسك في ملكي بغير إذني فاقلعه. وإذا لم يكن المتعاملان في مقام المعاملة الشرعية، بل في مقام إيقاع معاملة بينهما والجري عليها، فالاذن في التصرف جريا على تلك المعاملة حاصل. وحينئذ يصدق الاستيفاء، ويكون الفعل حلالا وإن كانا عالمين. وحينئذ لا يجوز للمالك المطالبة بقلع الغرس إذا كان الغرس للعامل وكان يحصل الضرر بقلعه، لانه كان باذن من المالك، فلا يدخل تحت قوله صلى الله عليه وآله: " ليس لعرق ظالم حق " (* 1). (1) وكذا مع علمه، لانه لم يأذن للعامل في غرس شجره مجانا، وإنما أذن له في غرسه بعوض، فإذا فات العوض استحق الاجرة شرعا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 33 من أبواب كتاب الاجارة حديث: 3. وباب: 3 من كتاب الغصب حديث: 1. لكن الحديث في الموضعين مروي عن الامام الصادق (ع).

 

===============

 

( 236 )

 

[ وله الابقاء بالاجرة (1)، أو الامر بقلع الغرس (2)، أو قلعه بنفسه (3)، وعليه أرش نقصانه إن نقص من جهة القلع. ] (1) لان الاذن في نصب الغرس لا يوجب خروج الارص عن سلطنة المالك، فيكون له المطالبة بالاجرة لها. (2) لانه مقتضى سلطنة المالك على أرضه، فيكون له إخلاؤها من غرس العامل. (3) هذا لا يكون عدلا لما قبله، وإنما يجوز مع تعذر ما قبله، لانه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيحرم. نعم إذا امتنع من قلع غرسه جاز لمالك الارض قلعه، لقاعدة السطلنة على أرضه، الموجبة لقدرته على إخلائها من غرس غيره. وربما يعارض بأن مباشرة القلع بنفسه تصرف في ملك الغير بغير إذنه وهو خلاف سلطنة مالكه عليه، وحينئذ يقع التعارض بين قاعدة السلطنة على الارض بالنسبة لمالكها وقاعدة السلطنة على الغرس بالنسبة لمالكه. وفيه: أن قاعدة السلطنة لا تجري إذا كانت موجبة للعدوان فان منع تصرف مالك الارض في الغرس موجب للعدوان على أرضه. وكذلك إذا كان صاحب الغرس يريد قلع غرسه وكان صاحب الارض بمنعه عن ذلك، فانه يجوز له قلع غرسه وإن أدى إلى التصرف في الارض. بل الظاهر فيما لو أخذ السارق فرسا وربطها في بيته أنه يجوز لمالك الفرس دخول البيت وأخذ الفرس، فتكون قاعدة السلطنة لمالك الفرس مسوغة لدخول بين السارق، لعدوانه المانع من سلطنة على ماله إذا كانت موجبة للعدوان. وهناك وجوه في ترجيح سلطنة مالك الارض في الفرض تعرضنا لها في نهج الفقاهة في بعض مباحث خيار الغبن.

 

===============

 

( 237 )

 

[ ويظهر من جماعة (1) أن عليه تفاوت ما بين قيمته قائما ومقلوعا. ولا دليل عليه (2) بعد كون المالك مستحقا للقلع. ويمكن حمل كلام بعضهم على ما ذكرنا (3) من أرش النقص الحاصل بسبب القلع إذا حصل، بأن انكسر مثلا، بحيث لا يمكن غرسه في مكان آخر. ولكن كلمات الاخرين لاتقبل هذا الحمل، بل هي صريحة في ضمان التفاوت بين القائم والمقلوع، حيث قالوا: مع ملاحظة أوصافه الحالية من كونه في معرض الابقاء مع الاجرة أو القلع. ومن الغريب ما عن المسالك (4) من ملاحظة كون قلعه مشروطا بالارش لا مطلقا ] (1) هو ظاهر عبارة الشرايع المتقدمة ونحوها. إذ لو كان المراد من النقصان الكسر ونحوه كان اللازم أن يقال: عليه أرش النقصان بالقلع إن حدث، فعدم التقييد بذلك يدل على أن المراد النقصان اللازم للقلع. (2) قد عرفت الاشكال فيه، فان لازم ذلك عدم ضمان أجرة العامل لو كان الغرس للمالك، فبناؤهم على الضمان يلازم الاذن في غرس العامل، والاذن تستلزم ضمان الصفة الحاصلة من نصب الغرس في الارض الفائتة بقلعه. (3) هذا الحمل بعيد عن كلامهم وعن مبناهم. (4) قال فيها: " والمراد بالارش تفاوت ما بين قيمته في حالتيه على الوضع الذي هو عليه وهو كونه باقيا بأجرة ومستحقا للقلع بالارش وكونه مقلوعا، لان ذلك هو المعقول من أرش النقصان. لا تفاوت مابين قيمته قائما مطلقا ومقلوعا، إذ لا حق له في القيام كذلك، ليقوم بتلك الحالة. ولا تفاوت مابين كونه قائما بأجرة ومقلوعا، لما ذكرنا، فان استحقاقه

 

===============

 

( 238 )

 

للارش بالقلع من جملة أوصافه. ولا تفاوت مابين كونه قائما مستحقا للقلع ومقلوعا، لتخلف بعض أوصافه أيضا، كما بيناه. ولا بين كونه قائما مستحقا للقلع بالارش ومقلوعا، لتخلف وصف القيام بأجرة. وهذه الوجوه المنفية ذهب إلى كل منها بعض. اختار الثاني منها الشيخ علي (ره)، والاخير فخر الدين في بعض ما ينسب إليه، والآخران ذكرهما من لا يعتد بقوله. والاول مع سلامته من ذلك لا يخلو من دور لان معرفة الارش فيه متوقفة على معرفته، حيث أخذ في تحديده. والظاهر أن القيمة لا تختلف باعتباره، وأن تقديره كذلك كتقديره مقلوعا وقائما بأجرة، فلا يضر مثل هذا الدور. ولا يخفى ما فيه من التهافت، فان ما ذكره في رفع إشكال الدور راجع إلى عدم اعتبار ملاحظة الارش، وهو عين الوجه الثاني، الذي نفاه ونسبه إلى الشيخ علي، فما الذي دعا إلى نفيه أولا والبناء عليه أخيرا؟! ثم إن الدور لا يختص بما ذكره هو من الوجه الاول، بل يجري في الوجه الاخير الذي نسبه إلى الفخر، لذكر الارش فيها أيضا، فان كان ذكره موجبا للدور فالوجه الاخير كذلك. وإن كان الظاهر ارتفاع الدور بالاختلاف بالتفصيل والاجمال. ثم إنه لا يظهر وجه لاستغراب ما في المسالك بخصوصه، لاشتراك الوجوه الخمسة - المذكورة فيها المنسوبة إلى قائليها - في ضمان الصفة الخاصة الحاصلة بالنصب الزائلة بالقلع، على اختلافها في كيفية التقويم، وقد عرفت أنه هو التحقيق بعد أن كان النصب باذن مالك الارض، وليس داخلا في قوله صلى الله عليه وآله: " ليس لعرق ظالم حق ". ولاجل ذلك قد يشكل جواز قلع المالك له، لانه ضرر على صاحب الغرس. ودفع قيمة ما به التفاوت تداركا للضرر لا يوجب عدم جريان قاعدة نفي الضرر المانعة

 

===============

 

( 239 )

 

من جواز القلع. والذي يتحصل مما ذكرنا: أنه بعد أن تبين فساد المعاملة تجري قاعدة السلطنة في حق مالك الارض، فتقتضي جواز إفراغ أرضه بقلع الغرس، إذا لم يكن قلعه موجبا للضرر على صاحب الغرس " كما إذا لم تمض مدة على نصب الغرس. أما إذا مضت مدة عليه واستقر نصبه، وكان في قلعه فوات صفة فيه، فقد صار قلعه موجبا للضرر على صاحبه، فتجري قاعدة نفي الضرر، وتمنع من قلعه، ومن جريان قاعدة السلطنة في حق مالك الارض، لانها مقدمة وحاكمة عليها. ودفع ما به تدارك الضرر لا يوجب سقوط قاعدة نفي الضرر. نعم إذا كان بقاء الغرس في الارض موجبا للضرر على مالك الارض جرت قاعدة نفي الضرر في حق مالك الارض، فتسقط القاعدة في الطرفين للتعارض بين التطبيقين، ويرجع إلى قاعدة السلطنة في حق مالك الارض المقتضية لجواز القلع. لكن لم يتضح ما يوجب ضمان مالك الارض للصفة الحاصلة من النصب إذا كان المباشر للقلع مالك الغرس، فان إتلاف الصفة مستند إليه لا إلى الآمر بالقلع، خصوصا إذا كان فعل المباشر القلع بداعي امتثال أمر الله تعالى، لا امتثال أمر مالك الارض، فان الامر بالاتلاف لا يوجب ضمان الآمر به. أما إذا كان المباشر للقلع هو مالك الارض كان ضمانه للصفة التالفة في محله، لان تلفها بفعله. وحينئذ إذا أريد تقويم الصفة يقوم الشجر غير مستحق للبقاء، لا مجانا ولا بأجرة، لانه الحال الذي عليه الشجر حين القلع. ولا وجه لما ذكر في المسالك من تقويمه باقيا باجرة فان ذلك ليس من حال الشجر حين القلع. نعم يقوم مضمونا بالارش لا مستحقا للقلع مجانا. فانه غير الحال الذي عليه الشجر حين القلع فلاحظ وتأمل.

 

===============

 

( 240 )

 

[ فان استحقاقه للارش من أوصافه وحالاته، فينبغي أن يلاحظ أيضا في مقام التقويم. مع أنه مستلزم للدور، كما اعترف به. ثم إنه إن قلنا بالبطلان (1) يمكن تصحيح المعاملة بادخالها تحت عنوان الاجارة (2) أو المصالحة أو نحوهما (3) مع مراعاة شرائطهما، كأن تكون الاصول مشتركة بينهما (4)، إما بشرائها بالشركة أو بتمليك أحدهما للآخر نصفا منها - مثلا - (5) إذا كانت من أحدهما فيصالح صاحب الارض مع العامل بنصف منفعة أرضه مثلا أو بنصف عينها على أن يشتغل بغرسها وسقيه إلى زمان كذا (6) أو يستأجره للغرس والسقي إلى ] (1) يعني: بعنوان المساقاة، لا مطلقا (2) بأن يكون الغرس من مالك الارض فيستأجر العامل على أن يغرسه بأجرة نصف الغرس، أو مع نصف الارض. أو يكون الغرس من العامل، فيستأجر الارض على أن يغرس فيها غرسه، وتكون الاجرة نصف ذلك الغرس. وحينئذ لا يكون للعامل حصة من الارض، ويشكل مثل هذه الاجارة إذا لم تذكر المدة. ولو فرض ذكر المدة فسيأتي في كلام المصنف. (3) كان المناسب أن يقول: أو غيرهما، إذ لم يعهد عقد هو نحو الاجارة والمصالحة. (4) هذا لا حاجة إليه في إيقاع المصالحة، فيمكن أن يكون الغرس لصاحب الارض فقط، فيقول للعامل: صالحتك على أن تغرس غرسي في أرضي ويكون لك نصفه ونصف أرضي. (5) يعني: أو ربعا منها أو ثلثا، على اختلاف الاغراض والفروض. (6) لا حاجة إلى تعيين الزمان في الصلح، فيصالحه على أن يغرس

 

===============

 

( 241 )

 

[ زمان كذا (1) بنصف منفعة الارض مثلا. (مسألة 37): إذا صدر من شخصين مغارسة ولم يعلم كيفيتها وانها على الوجه الصحيح أو الباطل - بناء على البطلان - يحمل فعلهما على الصحة (2) إذا ماتا أو اختلفا في الصحة والفساد. ] نصف غرسه في أرضه، ويكون له نصف منفعة أرضه دائما مادام الغرس بلا تحديد مدة. (1) لازم هذا التحديد أنه إذا انتهت المدة يستحق صاحب الارض على العامل أجرة بقاء حصته من الغرس في الارض. ويمكن الاشكال على ما ذكره بأن الاجماع على البطلان - الذي سبق نقله - إن كان على عنوان المساقاة لاغير، أمكن التصحيح للمغارسة لا بعنوان المساقاة، ولا حاجة إلى تكلف دخولها في الاجارة أو المصالحة أو غيرهما. وإن كان على نفس المضمون بأي عنوان كان، كان مقتضاه بطلان المغارسة حتى إذا كانت داخلة في الاجارة أو المصالحة أو غيرهما، وتكلف الادخال لا يجدي في تصحيحها فلاحظ وتأمل. (2) عملا بأصالة الصحة، المعول عليها عند المتشرعة والعقلاء. والله سبحانه ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل. إلى هنا تم ما أريد شرحه من كتاب المساقاة، على يد مؤلفه الفقير إلى رحمة ربه الرحمن الرحيم وكرم مولاه أكرم الاكرمين. وهو في جوار الحضرة العلوية المقدسة، على مشرفها أفضل الصلاة والسلام. عند منتصف الليلة المباركة ليوم المبعث الشريف، السابع والعشرين من شهر رجب المكرم، في السنة السابعة والثمانين بعد الالف والثلاثمائة هجرية، على صاحبها وآله البررة الكرام أفضل التحية وأزكى السلام. وأنا الحقير " محسن " ابن السيد " مهدي، ابن السيد " صالح " ابن السيد " أحمد " ابن السيد

 

===============

 

( 242 )

 

[ تذنيب في الكافي عن أبي عبد الله (ع): " من أراد أن يلقح النخل إذا كان لايجود عملها ولا يتبعل بالنخل فيأخذ حيتانا صغارا يابسة فيدقها بين الدقين ثم يذر في كل طلعة منها قليلا ويصر الباقي في صرة نظيفة ثم يجعله في قلب النخل ينفع بإذن الله تعالى " (* 1). وعن الصدوق في كتاب العلل بسنده عن عيسى بن جعفر العلوي عن آبائه (ع): " ان النبي صلى الله عليه وآله قال: مر أخي عيسى بمدينة فإذا في ثمارها الدود فسألوا إليه ما بهم فقال (ع): دواء هذا معكم وليس تعلمون. انتم قوم إذا غرستم الاشجار صببتم التراب، وليس هكذا يجب، بل ينبغي أن تصبوا الماء في أصول الشجر ثم تصبوا التراب، كي ] " محمود " ابن السيد " ابراهيم " الطبيب ابن السيد " علي " الحكيم ابن السيد " مراد " ابن السيد " أسد الله " ابن السيد مير " جلال الدين " الامير ابن مير سيد " حسن " ابن المير " مجد الدين " ابن مير " قوام الدين " ابن مير " إسماعيل " ابن أبي المكارم مير " عباد " ابن مير أبي المجد " علي " ابن مير " عباد " أبي الفضل ابن مير " علي " أبي هاشم " أميركا " ابن مير " حمزة " وهو عباد بن أبي المجد ابن مير " إسحاق " أبي المجد ابن مير " طاهر " أبي هاشم ابن مير " علي " أبى الحسين الشاعر ابن مير " محمد " أبي الحسن الشاعر ابن مير " أحمد " فتوح الدين ابن مير " محمد " أبي جعفر الاصغر بن " أحمد " الرئيس أبي العباد ابن " ابراهيم " طباطبا ابن " إسماعيل " الديباج أبي إبراهيم الشريف الخلاص ابن " ابراهيم " الغمر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 243 )

 

[ لا يقع فيه الدود، فاستأنفوا كما وصف فأذهب عنهم ذلك " (* 1) وفي خبر عن أحدهما (ع): " قال: تقول إذا غرست أو زرعت: ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " (* 2). وفي خبر آخر: " إذا غرست غرسا أو نبتا فاقرأ على كل عود أو حبة سبحان الباعث الوارث فإنه لا يكاد يخطئ إن شاء الله " (* 3) ] ابن " الحسن " المثنى ابن الامام المجتبى " الحسن " الزكي ابن " علي " بن " أبي طالب " أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى أولاده الائمة المعصومين، الغر الميامين. وبتمامه تم شرح كتاب العروة الوثقى لمؤلفه الفقيه الاعظم السيد " محمد كاظم " الطباطبائى اليزدي قدس سره. والحمد لله رب العالمين.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 4.