الآن قم لنذهب و ننام

نقل الشيخ علي خادم سماحة آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري (رحمه الله) مؤسس حوزة قم العلمية انه منتصف ذات ليلة من ليالي الشتاء كنتُ نائماً في ديوانية البيت ، سمعتُ طرقاً يطرِ الباب ، فتحته و اذا بامرأة فقيرة تقول : إن زوجي مريض و ليس لدينا دواء و لاغذاء و لافحم للدّفىء . قلتُ لها : في هذه الساعة لايمكن مساعدتك ، و اني لأعلم ان الشيخ ليس عنده مال هذه الايام . 

 

فعادتْ المرأة حزينة قلقلة ، و كان الشيخ يسمع صوتاً ، فناداني مِن غرفته ، و لما عرف الموضوع قال لي : اذا سألنا الله يوم القيامة لماذا خيّبتم في هذه الساعة من الليل رددتم فقيرة كانت تأمل فيكم خيراً ، ماذا يكون جوابنا ؟

 

قلتُ : ماذا يمكننا أن نقدّم لها في هذه الساعة ؟ !

 

قال : هل تعرف بيتها ؟

 

قلت : نعم و لكن الوصول اليه في الزقاِ بين الثلوج و الطين أمر صعب .

 

قال : قم لنذهب .

 

فانطلقنا معاً حتى وصلنا الى بيتها و تأكّدنا من حالها و مرض زوجها ، فقال لي الشيخ الحائري : إذهب الى الطبيب صدر الحكماء و أبلغه الخبر ليأتي الآن فوراً .

 

ذهبتُ و أتيتُ بالطبيب ، فعاينه و كتب له دواءً ، فقال لي الشيخ : خذ هذه الوصفة الى الصيدلية و اشترِ الدواء بديْن على حسابي . ذهبتُ و جئتُ بالدواء أيضاً . ثم أمرني الشيخ أن أذهب الى دار بيّاع الفحم و آخذ منه فحماً على حسابه ايضاً ، فجلبتُ معي الفحم و قليلا من الطعام .

 

تلك الليلة تهنّئتْ العائلة الفقيرة بالطعام و الدفء و انتعشتْ من أزمتها ، فالمريض باستعماله الدواء استعاد قواه و شبعتْ بطونهم و دفئتْ حجرتهم .

 

بعد هذا كله سألني الشيخ : في اليوم كم تأخذ لنا من اللّحم .

 

قلتُ : خمسمائة غرام .

 

قال : نصفه تعطي لهذه العائلة يومياً .

 

عند ذلك قال الشيخ : الآن قم لنذهب و ننام .([1])

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[1]ـ مجلة ( نور علم ) ، عدد 11 ، صادرة عن حوزة قم المقدسة .