تواضع العلامة الطباطبائي رحمه اللهلتلاميذه

يقول أحد تلامذة العلامة: منذ أيام الدراسة كنت أذهب إلى بيت العلامة كثيراً، ولم يدعني أبداً أوفق للصلاة خلفه جماعة، بقيت هذه الغصة في قلبي، إذ لم أحصل على فيض الإتمام به، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن والأمر كذلك إلى أن تشرف في شهر شعبان 1401هـ. ق بزيارة الإمام الرضا (ع) في مشهد وصلّ في بيتنا، جعلنا غرفته المكتبة ليستطيع تناول أي كتاب أراد ، وحان وقت المغرب ، فأخذت سجادتين له ولأحد مرافقيه الذي كان ممرضاً له، يسهر على راحته، فرشت السجادتين وخرجت من الغرفة، ليبدأ هو بالصلاة فأدخل الغرفة وأقتدي به، لأني أعلم أني إذا كنت موجوداً في الغرفة فلن يرضى بالإمامة. 

 

ومضى حوالي ربع ساعة على وقت الغروب ، سمعت صوتاً يناديني، كان المنادي هو المرافق، وعندما جئت قال: إنه جالس هكذا وينتظرك لتصلي.

قبلت أن أقتدي؟.. قال: نحن نقتدي، رجوته اطلب متوسلاً : تفضلوا أنتم وصلوا صلاتكم، قال : نحن نقدم نفس الطلب، قلت : منذ أربعين سنة وأنا أطلب منك أن أصلي معك صلاة واحدة، وحتى الآن لم أوفق فتفضل بالقبول، وبتبسم محبب قال: سنة أخرى أيضاً فوق تلك الأربعين ، والواقع أني لم أجد في نفسي القدرة للتقدم عليه والصلاة واقتدائه بي ، فخجلت خجلاً شديداً ، وأخيراً رأيت أنه مصر على موقفه، ولا يتنازل عنه بأي وجه من الوجوه، وليس مناسباً بعد استدعائه لي – أن أخالفه وأذهب إلى غرفة أخرى وأصلي فرادى، قلت : أنا عبد لك ومطيع إذا أمرتني أطيع، قال : آمر؟.. ماذا تقول؟.. لكن ذلك طلبي ، فقمت وصليت المغرب واقتدى هو بي..

 

وهكذا وبعد أربعين سنة ، بالإضافة إلى أنني لم أتمكن من الإقتداء به وفي صلاة واحدة ، وقعت تلك الليلة في مثل هذا الفخ.. يشهد الله أن قسمات وجهه، وحالة الحياء التي كانت ظاهرة في وجهه أثناء طلبه كانت تخجل النسيم ، أما صلابته فكانت تذيب الجماد.