النجس بالأصل و بالواسطة

الاكلّ من مال الغير :

لا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره بأي نحو من انحاء التصرف إلاّ بإذنه، واستثنى الفقهاء من ذلك أمرين :

الأول: الأكلّ من بيوت الذين ذكرتهم هذه الآية :وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَإكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَو بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَو بُيُوتِ أَعمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْبُيُوتِ خَالاَ تِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأكُلُواْ جمِيعاً أَوْ أَشتَاتاً([1]) .

فيجوز للانسان أن يأكلّ من اي بيت من هذه البيوت، دون أن يأذن صاحبها، أو يحرز رضاه بالأكلّ. وهذا هو الفرق بين هذي البيوت: وبين سواها من مال الغير، حيث لا يجوز تناول شيء منه، وان قل وحقر إلاّ بالاذن الصريح من المالك، أو العلم برضاه، كما أنّه لا يجوز الأكلّ من هذه البيوت التي عددتها الآية الكريمة إذا نهى أصحابها عن الاكلّ، أو عُلم من القرائن بعدم الرضا والترخيص .

والمراد بالآباء ما يشمل الاجداد، وبالامهات ما يشمل الجدات. والمراد بما ملكتم مفاتحه من كانت له السلطة على المال بالولاية أو الوصاية أو الوكالة. والمراد بالأكلّ أن يتناول شيئاً من الفاكهة، أو الخضار، أو الطعام المعتاد الذي اعد لغداء أو عشاء أصحاب البيت دون الشيء العزيز الذي يدخر لحالات خاصة، فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عما يحل للرجل من بيت أخيه؟ قال: المأدوم والتمر .

وسئل: لماذا لم تذكر الآية الكريمة بيوت الأبناء ؟

والجواب ان الآية تدل على بيوت الأبناء بمفهوم الموافقة، تماماً كما يدلّ قوله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ على تحريم الشتم والضرب، واذا جاز للأخ أن يأكل من بيت أخيه، وللوكيل أن يأكلّ من المال الموكلّ به فبالاولى أن يجوز للوالد أن يأكلّ من بيت ولده.. هذا، بالاضافة إلى قول الرسول الأعظم  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم «أنت ومالك لأبيك» .

الثاني: الأكلّ مما يمر به من فاكهة، أو خضار، وهو المعروف بحق المارة على شريطة أن لا يقصد المرور لأجل الأكلّ، وان لا يفسد شيئاً مما يمر به من الحق والبستان، وان لا يحمل معه شيئاً منهما، وان لا يعلم، أو يظن بعدم رضا المالك.. فإذا قصد المرور ليأكلّ، أو افسد، أو حمل كان آثماً وضامناً .

______________________________________

[1] النور: 61.