الرضا

اتفق الفقهاء على أنّه لا بد في الحوالة من رضا المحيل والمحال أما رضا المحيل فلأن من عليه الدين لا يجبر على وفائه من جهة دون جهة من أمواله وأما رضا المحال فلأن دينه ثابت في ذمة معينة فلا يتحول إلى غيرها إلاّ برضاه أما المحال عليه فقد اتفقوا على اعتبار رضاه إذا كان غير مدين للمحيل اطلاقاً أو مديناً له بغير جنس المال المحال به كما لو كان مديناً بحنطة فيحال عليه بنقد لأن الاستيفاء في هذه الحال مع عدم الرضا استيفاء للحق من غير من هو عليه .

واختلفوا في رضا المحال عليه المدين للمحيل بمثل المال المحال به فذهب المشهور إلى اعتباره أيضاً لأنه لا دليل على صحة الحوالة دون رضاه والأصل بقاء ما كان على ما كان من اشتغال ذمة المحيل بدين المحال واشتغال ذمة المحال عليه بدين المحيل بعد التحويل من غير رضاه .

وقال أكثر من واحد لا يعتبر رضا المحال عليه ما دام مطلوباً للمحيل بمثل ما أحال عليه لأن الناس مسلطون على أموالهم سواء أكانت في الخارج أو في الذمة فكما يجوز لصاحب الحق أن يقول لمن هو عليه: اعطه من الحق الذي عليك وان يصالح عليه من شاء بما شاء رضي من عليه الحق أو لم يرض كذلك تجوز الحوالة عليه شاء أو أبى .

وبناء على القول المشهور من اعتبار رضا المحال عليه اطلاقاً بريئاً كان أو مديناً بالمثل أو بغيره بناء على ذلك لا بد من رضا الثلاثة: المحيل والمحال والمحال عليه بشتى أقسامه على أن يتم عقد الحوالة بالايجاب من المحيل والقبول من المحال فقط أما رضا المحال عليه فهو شرط لصحة العقد لا جزء منه ويصح منه متقدماً على العقد ومتأخراً عنه ومقارناً له.. وقيل: ان عقد الحوالة مركب من الايجاب من المحيل ومن قبولين: أحدهما من المحال والآخر من المحال عليه..

ومهما يكن فان العلامة الحلي في القواعد قد عرف الحوالة بأنّها عقد شرع لتحويل المال من ذمة إلى أخرى وعرفها كثيرون غيره بأنّها تحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله ويبتني التعريف الأول على أن الحوالة نتحقق مع براءة ذمة المحال عليه ويبتني التعريف الثاني على ان الحوالة لا تتحقق إلاّ مع اشتغال ذمة المحال عليه هذا مع العلم بأن الجميع على وفاق في أن التعهد من البريء يقع صحيحاً ولكنه يسمى ضماناً وحوالة عند أهل التعريف الأول ويسمى ضماناً فقط ولا يسمى حوالة عند أهل التعريف الثاني فالاختلاف ـ اذن ـ في الشكل والتسمية لا في الجوهر .

وهذا ملخص أقوال الفقهاء أما الناس العاديون فإنهم يفهمون من معنى الحوالة أن المدين يحيل الدائن في وفاء دينه على غيره ولا يلتفتون اطلاقاً إلى أن المحال عليه مطلوب للمحيل أو غير مطلوب .