ذبيحة أهل الكتاب

ذبيحة أهل الكتاب :

قال الشهيد الثاني ([1]) في الجزء الثاني من كتاب المسالك باب الذباحة ما يتلخص بما يلي :

ذهب أكثر الفقهاء إلى تحريم ذبيحة أهل الكتاب، وذهب ابن أبي عقيل، وأبو علي بن جنيد، والصدوق أبو جعفر ([2]) إلى حلية ذبيحتهم، ولكن اشترط الصدوق سماع التسمية عليها، واستدلوا على الحلية بروايات كثيرة وصحيحة عن أهل البيت عليهم‏السلام، منها ما جاء فى صحيح الحلبي أنّه سئل الإما الصادق  عليه‏السلام عن ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم؟ فقال: لا بأس. ومنها أنّه سئل الإمام الباقر أبو الإمام جعفر الصادق عليهماالسلام: ما تقول في مجوسي، قال: بسم اللّه‏، ثمّ ذبح؟ فقال: كلّ. فقيل له: مسلم

ذبح، ولم يسم؟ فقال: لا تأكل .

ثمّ قال صاحب المسالك: أمّا الروايات الاخرى التي استدل بها القائلون بالتحريم فالصحيح منها لا دلالة فيه، وغير الصحيح لا عبرة به لو سلمت دلالته .

وقال أيضاً: أما القول بأن الكافر لا يعرف اللّه‏، ولا يذكره على ذبيحته فمن العجيب، لأن الكتابي مقر باللّه‏، وما ينسب إليه من التثليث، وان عزيراً ابن اللّه‏، والمسيح ابن اللّه‏، ونحو ذلك ـ لا يخرجه عن الاقرار باللّه‏ تعالى، وهذه الالحاقات ـ أي ابن اللّه‏ وما إلى هذا ـ وان أوجبت الكفر فلا تقتضي عدم ذكر اللّه‏، فانه يذكر اللّه‏ في الجملة، ويقول الحمد للّه‏، وذلك كافٍ في الذكر على الذبيحة.. وفي فرق المسلمين من ينسب إلى اللّه‏ منكرات، ولا يخرج بذلك عن الاقرار باللّه‏ تعالى .

أمّا صاحب الجواهر فقد اعترف صراحة بصحة الروايات الناطقة بحلية ذبيحة أهل الكتاب، ولكنه حملها على غير ظاهرها وأولها بخلاف ما دلت عليه، ولذلك جزم بتحريم ذبيحتهم. ولكن عبارته في أوّل مباحث الذباحة تدل على أن من فقهاء المذهب من يقول بحلية ذبيحة أهل الكتاب غير الفقهاء الذين ذكرهم صاحب المسالك. قال صاحب الجواهر: «ومن الغريب اطناب ثاني الشهيدين في المسالك وبعض اتباعه في تأييد بالجواز واختياره» .

ونحن على رأي صاحب المسالك، كما أنّا من القائلين بطهارة أهل الكتاب، وبيّنّا ذلك مفصلاً في الجزء الأول، فصل أعيان النجاس، فقرة «أهل الكتاب» .

___________________________________________________

[1] الشهيد الثاني هو زين الدين العاملي الجبعي، استشهد سنة 966 هـ، وهو من أكبر المراجع العلمية الدينية، وكتبه من أهم المصادر لفقه الإمامية، وبعضها مقرر للتدريس من أمد بعيد .

[2] ابن أبي عقيل هو الحسن بن علي العماني من علماء القرن الرابع الهجري، وجاء في وصفه أنّه أول من هذب الفقه، واستعمل النظر، وفتق البحث عن الاصول والفروع، وابن الجنيد هو محمّد بن أحمد الاسكافي من أكابر علماء الامامية، توفي سنة 381 هـ، والصدوق هو محمّد بن علي بن بابويه شيخ الطائفة، وصاحب كتاب «من لا يحضره الفقيه» أحد الكتب الأربعة في الحديث، توفي سنه 381 هـ .