الإجماع على وجود إمام بعد النبي صلى الله عليه وآله

واعلم - أرشدك الله تعالى - أن فيما رسمناه من هذه الأصول أربع مسائل، يجب ذكرها والجواب عنها، لتزول به شبهة أهل الخلاف:

أولها: السؤال عن وجه الدلالة من الاجماع الذي ذكرناه في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله على إمامته من بعده على الفور، دون من قام ذلك المقام ممن يعتقد الجمهور في فعله الصواب.

ثانيها: عن الدلالة على أن أمير المؤمنين عليه السلام الأفضل عند الله تعالى من الجميع، وإن كان أفضل منهم في ظاهر الحال.

ثالثها: عن الدليل على فساد إمامة المفضول على الفاضل بحسب ما ذكرناه.

رابعها: عن حجة دعوى الاجماع في سائر ما عددناه، مع ما يظن فيه من خلاف البكرية والعثمانية والخوارج، وما يعتقدونه من الدفع لفضائل أمير المؤمنين عليه السلام الجواب عن السؤال الأول: أنه إذا ثبت بالحجة القاهرة من الاجماع وجود إمام بعد النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل: وثبوت إمامته على الفور، ولم يكن على من ادعي ذلك له سوى أمير المؤمنين عليه السلام إجماع على حال

 

 

الصفحة 36   

من الأحوال، لما يعرف من مذاهب شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام، في العباس وأبي بكر، وتقدمه في ذلك المقام، ونفي الإمامة عنه على كل حال، ومذهب شيعة أمير المؤمنين عليه السلام في ما تدعيه الراوندية(1) من إمامة العباس وأنها لم تصح له في حال، ولم يكن دليل من كتاب ولا سنة، ولا اعتبار على إمامة المتقدم فينوب ذلك مناب الاجماع، ثبت أن أمير المؤمنين عليه السلام كان إماما في تلك الحال ومستقبلها إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته على ما وصفناه، وإلا خرج الحق عن الاجماع(2)، وبطل قول كافة الأمة فيما شهدوا به من وجود الإمام(3) وثبوت الإمامة له على القطع والثبات، وذلك فاسد بالنظر الصحيح والاجماع.

____________

(1) الراوندية: هم شيعة ولد العباس بن عبد المطلب، قالوا: إن أحق الناس بالإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله العباس بن عبد المطلب لأنه عمه ووارثه وعصبته. " المقالات والفرق:

180، فرق الشيعة: 46 ".

(2) (عن الاجماع) ليس في أ.

(3) في أ: الإمامة.