الباب الثاني في إبطال الجبر المنافي لعدله ورحمته

هذا الباب قد طول علماؤنا البحث فيه وأتوا من الاحتجاج عقلا ونقلا بما لا مزيد عليه، ونحن نذكر شيئا مما وضعوه فيه لما علمت من الاحتجاج في تثبيت الإمامة إليه فنقول:

الله تعالى أمر ونهى ولولا قدرة العبد على متعلقهما كان ذلك سفها، ووعد على الفعل والترك بالثواب الجزيل ولولا قدرة العبد لما كان ذلك أولى به من العذاب الوبيل، ولخلت الفائدة عن صحائف الأعمال والإشهاد فيها إذا كانت الأفعال المنسوبة إلى العبد لا قدرة له عليها، ولولا قدرة العبد على الطاعة والعصيان لجاز من العدل الحكيم معاقبة أهل الإيمان وإثابة ذوي الكفران، ولو جاز ذلك خرج الحكيم العدل إلى الظلم عن حكمته وعدله وبطل ما تمدح به من إثبات رحمته، ولكان الطائع ناقص التدبير قليل التصوير حيث تعجل بمشقة التكليف، إذ جوز أن يعاقب وإن أطاع وهذا هو الاعتقاد السخيف. ولو لم يكن للعبد قدرة لكان وعده تعالى ووعيده راجعين إلى نفسه وكذا بعثه الأنبياء إنما هو إلى نفسه، والمحاربة الواقعة من الكفار لنبيه ودويه صادرة عنه لا عن مكذبيه، ولكان تكذيب الكافر لرسالته إنما هو من ربه فكأنه أرسله ثم كذبه فيعود الكذب على نفسه بأن يقول: أنت أرسلتني ثم كذبتني فأنت الكاذب علي. ويدل على إضافة الفعل إلى العبد آيات كثيرة. وقد صنف الشيخ يحيى بن سعيد رحمه الله كتابا سماه (الفحص والبيان عن أسرار القرآن وآخر سماه (قبة العجلان) وآخر سماه (الموازنة) قابل فيه آيات العدل بآيات الجبر فوجد آيات العدل تزيد عنها بسبعين آية.

قال: (ومن المعلوم أن الأدلة إذا تعارضت تساقطت وكان الحكم للفاضل)

الصفحة 24   

وأقول: لو لم يوجد في القرآن ما يدل على فعل العبد ولا آية لكان في صريح العقول عن ذلك كفاية، ويجب تأويل مخالفها لأن الله تعالى أنزل القرآن حجة لنبيه، ولو انتفى فعل العبد أو حتمه الرب لكان محجوجا به، بأن يقول الكافر:

(كتابك شاهد لي بعدم قدرتي فاللوم لازم لك ومنتف عني) ونحن نورد طرفا من الآيات التي تمسك الخصم بها ونشير إلى شئ من تأويلها.

منها (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك(1)) قالوا: المراد بالحسنة الخصب، وبالسيئة الجدب ولهذا قال (أصابك) ولو أراد الفعل قال (أصبت) لأنك تصيب الحسنة، أما الخصب والجدب فإنه يصيبك لا تصيبه.

قلنا: سلمنا أن المراد الخصب والجدب ولكن لا يضرنا وقد قال مقاتل : ما أصابك من المكروه فمن نفسك لأنك وليت وجنيت. وعلى قولنا: فما أصابك من سيئة فمنك لأنك السبب فيها. وقد قال الله(2) (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) ولو كان الكل منه تعالى لم يصح أن يقول (من نفسك) ولبطلت القسمة المذكورة. وقد ذكر أبو العالية وأبو القاسم وهما من أئمة المفسرين أن المراد بالحسنة الطاعة وقعت بتوفيق الله وترغيبه وبالسيئة المعصية وقعت بخذلانه للعبد على وجه العقوبة له.

قولهم: لو أراد الطاعة والمعصية لقال: (أصبت).

قلنا: ما أصابك قد أصبته، قال السخاوي في شرح الشاطبية في تفسير:

فتلقى آدم من ربه كلمات)(3) ما تلقيته فقد تلقاك، ومن الأفعال ما يستوى فيه الإضافة فتقول: نالني كذا ونلت كذا، قال شاعر:

 

إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخطا   أصبت جميلا أو أصابك جاهل

 

____________

1 - النساء: 78.

2 - الشورى: 30.

3 - البقرة: 37.

الصفحة 25   

ومنه (لا ينال عهدي الظالمين). (وبلغني الكبر)(1).

قالوا: قال في الآية الأخرى: (قل كل من عند الله)(2) فقد فسر تلك بهذه.

قلنا: معارضة بقوله: (ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله)(3) مع أن تأويل مخالف العقل أولى من العكس على أنه لا بد من العدول عن الظاهر لدفع التناقض عن الآيتين إذ في إحداهما (من الله ومن نفسك) وفي الأخرى (الكل من الله) فكأنه قال: الكل من الله والبعض ليس من الله!

قالوا: إذا حملنا الآيتين على أن الكل من عند الله لم يتناقضا.

قلنا: لا يجوز الحمل اقتراحا ولم يفسر البعض بالكل لا مجازا، ولا ضرورة تلجئ إليه عن الحقيقة ويزول التناقض بما ذكر من تغاير الموضوع. قال ابن المرتضى، من شيوخهم: لما نزل النبي صلى الله عليه وآله المدينة قال اليهود والمنافقون:

ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا مذيوم قدم هذا الرجل علينا، فنزل: إن تصبهم حسنة - يعني رخصا - يقولوا هذه من عند الله لنا وإن تصبهم سيئة - يعني غلاء - يقولوا هذه بشؤم محمد فينا، وإنما أتى الله بها عقيبها لئلا يظن ضعيف العقل اتحاد معناهما، وقد قال الله تعالى: (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها)(4) فقد سمى الرخاء والشدة حسنة وسيئة.

قالوا: الكلام من أوله إلى آخره خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وجواز السيئة عليه ينافي العصمة فيه.

قلنا: قال ابن المرتضى: الخطاب له والمراد غيره، وقال ابن العباس:

نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة.

____________

1 - البقرة: 124. آل عمران: 40.

2 - آل عمران: 77.

3 - آل عمران: 78.

4 - آل عمران: 120.

الصفحة 26   

ومن آيات العدل (ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يأمر بالفحشاء، الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، إن علينا للهدى، إنا هديناه السبيل، ومكروا ومكر الله، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)(1) ولفظ (على) يدل على الاستحقاق وبالجملة فلا يكاد أكثر القرآن المجيد يخلو من ذكر اختيار العبد، فالمخالف تمسك بما نهى الله عنه فقال: (فأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ما تشابه منه)(2) ثم نقول لهم: ما تريدون أنتم من الكفار؟ فإن قالوا الكفر كفاهم ذلك النكر. وإن قالوا: الإيمان، قلنا: أيما أفضل ما أردتم من الإيمان أو ما أراد الله من الكفران؟ فإن قالوا: ما أراد الله، لزم كون الكفر خيرا من الإيمان. وإن قالوا ما أردنا لزم كونهم أولى بالخير من ربنا. ثم نقول: أيجب على العباد اتباع مراد الله أو مرادكم؟ فإن قالوا مراد الله، لزمهم وجوب الكفر على العباد، وإن قالوا مرادنا دون مراد الله كفاهم بذلك خزيا وقبحا.

وسنورد لك بعض ما تمسكوا به لتقف منه على بطلانه منه قوله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه)(3).

قلنا: أمر واجب لا أنه ألزم، وإلا لانتفت قدرته حيث لم يقع ما ألزمه.

ومنه (إلا امرأته قدرناها من الغابرين)(4).

قلنا: كتبناها لا ألزمناها.

ومنه (وقدر فيها أقواتها، وقدرنا فيها السير)(5).

قلنا: علمها وعلم ما عليها من ثواب وعقاب.

____________

1 - الزمر: 7. الأعراف: 27. البقرة: 268. الليل: 12.

الدهر: 3. آل عمران: 54. البقرة: 150.

2 - التوبة: 126.

3 - أسرى: 33.

4 - النمل: 57.

5 - حم السجدة: 10. سبأ: 18.

الصفحة 27   

ومنه (كتب في قلوبهم الإيمان)(1) قلنا: علامة يعرفون بها.

ومنه (ومن يضلل الله فما له من هاد) ونظائرها.(2) قلنا: الضلال يكون في الدنيا بمنع الألطاف جزاء على الكفران ويكون في الآخرة بالأخذ عن طريق الجنة والاهتداء يقابلهما، وقد يضاف الضلال إليه لوقوعه عند تكليفه كما أضيف الرجس إلى السورة والنفور إلى الرسول(3) وقد يقال (أضل الله الانسان) إذا وجده ضالا، يقال أجدبت المنزل وأقفرت الدار، إذا وجدتهما كذلك. قال عمرو بن معدي كرب: (قاتلنا بني سليم فما أجبناهم، وسألناهم فما أبخلناهم، وهاجيناهم فما أفحمناهم)(4) وقد نسب الله إضلال الدين إلى غيره:

(فأضلهم السامري، وأضل فرعون قومه، ويريد الشيطان أن يضلهم)(5) وأضاف إلى نفسه ضلال المستحق: (ويضل الله الظالمين، وما يضل به إلا الفاسقين)(6) ولو جاز منه الاضلال عن الدين لم يخص به الظالمين.

ومنه (ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)(7) فنهى عن الشئ وهو يعم الطاعة والمعصية إلا مع التعليق بمشيئته، ولو كان لا يريد المعصية لكان من قال (لأعصينك غدا إن شاء الله) كاذبا حانثا، إذا لم يفعل، لأن الله قد شاء ذلك فلم يؤثر الاستثناء في المشيئة، ولما لم يكن حانثا بالاجماع كان الله مريدا للعصيان.

قلنا: قال المرتضى رحمه الله: الاستثناء يكون للايقاف كالداخل في العقود وللتسهيل مثل (لأقضينك غدا إن شاء الله) أي إن لطف، وهذا ليس على حقيقة الاستثناء فلا حجة لهم فيه كما ذكروه.

____________

1 - المجادلة: 22.

2 - الرعد: 35.

3 - في قوله: (فزادتهم (السورة) رجسا إلى رجسهم) وقوله: (فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا) 4 - أي ما وجدناهم جبناء، بخلاء مفحمين.

5 - طه: 85. طه: 79. النساء: 59.

6 - إبراهيم: 27. البقرة: 26.

7 - الكهف: 24.

الصفحة 28   

ومنه (فألهمها فجورها وتقواها)(1).

قلنا: أي بينه ومنه (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله)(2).

قلنا: لم نشأ شيئا إلا وقد شاءه لأنه الآمر به، إذ لولا مشيئة الله لتخلف بها مشيئتنا فلم نشأ شاء بعدم مشيئتنا إن قيل مشيئتنا من فعلنا عندكم؟.

قلت من خلقه تعالى.

فإن قلت: كيف يكون من خلقه؟.

قلنا: المراد خلقنا أحياء نقدر على المشيئة وذلك سبب مشيئتنا.

ومنه (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم(3).

قلنا: على سبيل الاجبار لأن بعضهم سأل الرسول أن يقهر المجاورين لهم على الإيمان ليتقوا ربهم، فنزلت الآية وفي آخرها (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).

ومنه (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله)(4).

قلنا: المراد بعلمه.

ومنه (إن الذين كفروا زينا لهم أعمالهم)(5).

قلنا: زين لهم أعمالهم الحسنة بالترغيب فيه فأبوا عنها فخلا بينهم وبين قبيحها، أو منعهم ألطافه فيها.

ومنه (ولو شاء الله ما أشركوا)(6).

____________

1 - الشمس: 8.

2 - الدهر: 30.

3 - ألم السجدة: 13. يونس: 99.

4 - يونس: 100.

5 - النمل: 4.

6 - الأنعام: 107.

الصفحة 29   

قلنا: على سبيل الجبر كما مر.

ومنه: (إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء(1).

قلنا: الفتنة هي الاختبار والامتحان ومنه سمى الصانع (فتان) وقد جاءت الفتنة على معان هذا أليقها لتنزيه الرب عن العدوان.

ومنه (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)(2).

قلنا: المشيئة بالجبر كما سلف، والضمير في (لذلك) للرحمة لا للاختلاف.

قالوا: (ذلك) ضمير المذكر لا يصلح للرحمة المؤنثة.

قلنا: رد الله ضمير التذكير إلى التأنيث في قوله (هذا رحمة من ربي، إن رحمة الله قريب من المحسنين)(3) وقد اشتهر ذلك في أشعار البلغاء.

ومنه (ولا تجعل في قلوبنا غلا)(4).

قلنا: الجعل بمعنى التخلية مثل قول أحدنا لغيره: (وجعلتني ذليلا) إذ خلا بينه وبين ما يذله. وبمعنى التسمية (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا)(5).

ومنه (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا)(6).

قلنا: وجدناه غافلا أو أغفلناه فلم نكتب فيه علامة الإيمان.

ومنه (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا. وجعلنا على قلوبهم أكنة)(7).

____________

1 - الأعراف: 154.

2 - هود: 119.

3 - الأعراف: 55.

4 - الحشر: 10.

5 - الزخرف: 19.

6 - الكهف: 28.

7 - يس: 8 والأنعام: 25.

الصفحة 30   

قلنا: لما أبوا الرشد والانتفاع شبهوا بذلك وصحة نسبته إليه تعالى من حيث امتناعهم عند تكليفه كما نسب الرجس والنفور إلى السورة والنذير. قال شاعر:

 

كيف الرشاد وقد صرنا إلى نفر لهم عن الرشد أغلال وأقياد

 

ومنه (إن الله يحول بين المرء وقلبه)(1) قلنا: بالجنون أو الموت: والفائدة الحث على الطاعات قبل الفوت وسأل هشام بن سالم عن علي عليه السلام عن الآية فقال عليه السلام: يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق.

ومنه (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا)(2).

قلنا: المرض هنا الشك، أي زادهم الله شكا بمنع ألطافه ومثله (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم)(3) وقيل معناهما الدعاء عليهم. ومثله (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)(4).

ومنه (والله خلقكم وما تعملون)(5).

قلنا: خلق أصنامهم التي يعملون فيها مثل (تلقف ما يأفكون)(6) يعني العصي المأفوك فيها، على أنه يجوز كونه خالق أفعالنا على وجه التقدير.

ومنه (خلق كل شئ) أي بقدر(7) قالوا: لولا أن المراد العموم ذهبت المدحة، لأن العباد عندكم يخلقون بعض شئ.

____________

1 - الأنفال: 34.

2 - البقرة: 10.

3 - التوبة: 125.

4 - الصف: 5.

5 - الصافات: 96.

6 - الأعراف: 119.

7 - الأنعام: 101.

الصفحة 31   

قلنا: وأي مدحة في خلق الظلم والكفر والعناد، على أنه سبحانه مختص بخلق الأسباب دون العباد. وأيضا إذا قلنا خلقهم وخلق عبادتهم الأصنام لم يبق لقوله تعالى (أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)(1) معنى، إذ لا معنى للانكار إلا عدم جعلها أصناما تعبد. فإن قالوا: (جعلنا) ليس بإنكار بل استعلام. قلنا هو محال من الخبير العلام.

ومنه (خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام)(2).

قلنا: فكان يلزم إيجاد أفعالهم في ستة أيام والمعلوم خلافه.

ومنه (ويبلوكم بالشر والخير فتنة. وبلوناهم بالحسنات والسيئات)(3) قلنا: المراد الرخاء ومقابله كما سلف.

ومنه (إن الانسان خلق هلوعا)(4).

قلنا: مطبوع على الضعف عن تحمل المشاق) ومنه (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها)(5).

قلنا: أمرهم بالطاعات ففسقوا مثل (أمرته فعصا، ودعوته فأبى) أو يكون المعنى أنا إذا أردنا أن نهلك قرية من صفتها أنا أمرنا مترفيها. ولا يكون: (أمرنا مترفيها من صلة القرية. إن قالوا فلم يبق لاذا جواب قلنا: هو من الاكتفاء قال الهذلي:

 

حتى إذا سللوهم في قنابله      سلا كما تطرد الجمالة الشردا

 

فلم يأت بجواب (إذا) لأن البيت آخر الشعر، وقيل التقدير: إذا أمرناهم ففسقوا أردنا هلاكهم، والتقديم والتأخير في كلام العرب كثير هذا.

____________

1 - الزخرف: 45.

2 - الفرقان: 59.

3 - الأنبياء: 35.

4 - المعارج: 19.

5 - الإسراء: 16.

الصفحة 32   

وقد ورد جملة مقنعة من الأحاديث تنفي نسبة أفعالنا إليه تعالى كما اعتقده الأخابيث.

روى عبد الله بن شداد أنه صلى الله عليه وآله كان يقول: (اللهم رضا بقضائك وبرك لي في قدرك) والنبي صلى الله عليه وآله لا يرضى بالكفر والظلم.

وقال صلى الله عليه وآله: (سيكون في آخر هذه الأمة قوم يعملون بالمعاصي ثم يقولون هي من الله قضاءا وقدرا، فإذا لقيتموهم فأعلموهم أني برئ منهم) ونحوه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وزاد فيه: (الراد عليهم كالشاهر سيفه في سبيل الله).

وقال له رجل: متى يرحم الله العباد ومتى يعذبهم؟ فقال: (يرحمهم إذا عملوا المعاصي فقالوا هي منا ويعذبهم إذا قالوا هي من الله قضاءا وقدرا).

وقد نقل ابن حنبل وجميع الحشوية ومعظم العامة أن عمر بن الخطاب أتى بسارق فقال له: ما حملك عليه؟ فقال: قضاء الله وقدره. فضربه ثلاثين سوطا ثم قطعه، وقال له: (قطعتك بسرقتك وضربتك السياط بكذبك على الله).

ولو لم يكن إلا الخبر المتلقى من الأمة بالقبول لكفى وهو ما رواه شداد بن أوس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: من قال حين يصبح أو يمسي: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت يا رقيب أعوذ بك من شر ما صنعت وأقر لك بالنعمة وعلى نفسي بالذنب فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

قالوا: الله قادر على المنع من المعصية ولم يفعل فهو مريد لها.

قلنا: منه يؤدي إلى الالجاء المنافي للتكليف بالانزجار عنها.

قالوا: الظلم تصرف في مال الغير والله مالك الكل فلم يقبح منه تعذيب بغير موجب.

قلنا: نمنع انحصار الظلم في ذلك فإن من قتل عبده لا لحدث فعله ذمه كل عاقل وظلمه.

الصفحة 33   

قالوا: جايز للمالك أن يشقى أحد عبديه في المعاش ابتداء ويريح الآخر ولا يكون بذلك ظالما قلنا: لا قياس، لأن كلامنا في قتله بغير سيئة والإنعام على الآخر بغير حسنة.

قالوا: لو أذن السلطان لرعيته بقتل واحد فقتله واحد منهم فله قتله ولا يكون ظالما. قلنا: هذا مكابرة، فإن المأمور بقتله إن كان لا لسبب يوجب ظلمه [ فظلم ] وإلا ظلم قاتله.

قالوا: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، قلنا: كيف يسأل عما يفعل ولا يفعل إلا على وفق الحكمة، بخلاف عباده. ويؤيده (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل(1)) (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا(2)) وأيضا وهم يسألون عما يفعل أو عما يفعلون فليعتبرها الضالون.

قالوا: لو فعل السلطان فعلا لم يعارض فيه وإن أنكرته الرعية فكيف يعارض الرب فتنكر الخلق عليه. قلنا: لم يعارض السلطان لما يعلم من ظلم أما الرب فنعم لما وصفه لنفسه من عدله، وذكر أنه فولا الارسال إليهم لسألوه عن فعله.

قالوا: الأغلب في الكون وقوع المعاصي وهي من الشيطان، والطاعات نادرة فالأقل من الرحمن؟ بل الحق أن الكل من الملك الديان. قلنا: ذلك ليس على وجه غلبة الضعيف، بل لأن الله تعالى لو ألجأهم إلى تركها لنافى التكليف وقد نطق بوسوسة الشيطان الكتاب المبين في قوله (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين.

لاحتنكن ذريته إلا قليلا، ولقد أضل منكم جبلا كثيرا(3).

قالوا: (خلق الله إبليس وهو يعلم أنه يعصيه فقد أراد معاصيه قلنا: خلقه للعبادة العائد عليه نفعها فأباها، وفي إيجاده تمييز الخبيث من الطيب باتباعه و امتناعه ولولاه لما فضل بعض البشر على الملائكة بمخالفته فظهرت الحكمة في خلقته.

____________

1 - البقرة: 150.

2 - طه: 134.

(3) الحجر: 39 و 40، الإسراء: 62، يس: 69.

الصفحة 34   

قالوا: الطاعة بموافقة الأمر والمعصية بمخالفته لا بموافقة الإرادة ومخالفتها قال الله تعالى (أفعصيت أمري(1)) ولم يقل إرادتي (لا يعصون الله ما أمرهم(2) ولم يقل فيما أراد منهم فلا لوم على معاقبة العاصي وإن وافقت المعصية إرادته.

قلنا: الأمر والإرادة متلازمان والمخالف فيه مكابر، وقد قال تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر(3) ولو كان مريدا له كان راضيا به لاتحادهما ضرورة، فإذا تلازم الأمر والإرادة لم يبق فرق بين ذكرها في العصيان وذكره وسؤال التعيين ساقط عند المحصلين وقد قال الله تعالى: (ولا يريد بكم العسر(4) وأي عسر أكبر من القهر على المعصية ورفع التمكين منها ثم يعاقبه عليها؟ ولو أمر الله بما لا يريد لكان عابثا، تعالى عن ذلك.

قالوا: أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده لعلمه أولا بعدم وقوعه.

قلنا: قد ذهب أكثر المحققين إلى وقوعه وأن الله تعالى كان يوصل الأعضاء بعد قطعها وذهب جماعة إلى أنه أمر بمقدمات الذبح لا بالذبح فأضجعه وغلب على ظنه أنه سيؤمر بالذبح.

قالوا: قد وقع من الله أنواع الآلام بغير المستحق كالأطفال والأولياء وغير ذلك من الموت ومصائب الدنيا ولم ينسب إليه ظلم في شئ منه فكيف ينسب إليه الظلم فيما يريده وهو يكتسب لغيره؟.

قلنا: الآلام المذكورة علم فيها مصلحة واختبارا وضمن في مقابلتها عوضا يختارونه عليها فخرجت بهذين عن كونها ظلما وعبثا بخلاف الصادرة منا فبطل قياس المنافق لعدم الجامع وحصول الفارق.

____________

1 - طه: 93.

2 - التحريم: 6.

(3) الزمر: 7.

(4) البقرة: 185.

الصفحة 35   

 

(الفصل الثاني)

 

من أقوى ما يقال لهم: بعث الأنبياء لتأتي بما أراده الله منها أولا؟ فإن قالوا بما أراد؟ قلنا: أرادوا إيمان الكافر فيكون الله تعالى مريدا لإيمان الكافر وهو خلاف قولكم، وإن قالوا: بعثوا ليأتوا بما لا يريد، قلنا: هذا كفر وإلا لكان مسيلمة الكذاب أتى بموافق إرادة الله تعالى وخالفها النبي الصادق. ويقال لهم إذا جوزتم أن يفعل الله ما هو قبيح في الشاهد ولا يقبح منه لزمكم جواز أن يخبر عن الشئ بخلاف ما هو عليه ولا يقبح منه وقد التزمه العطوي وقال إنه ليس بأعظم من القبائح غيره.

والأشاعرة قالوا إنما لم يقل الكذب لأنه صادق لذاته، ولو كان الكلام فعلا لما قبح منه ذلك قلنا: قد ألزمناكم أن لا يكون صادقا فبينوا الآن أنه صادق لذاته على أن الكلام المسموع فعل عندكم، فما يؤمنكم أن يكون كذبا(1) و أن الكلام النفساني أخبر بخلاف ما أخبر المسموع بأن يكون فيه: النار دار الأبرار والجنة دار الكفار. إلزام آخر يقال لهم إذا صح أن يفعل الظلم صح أن يأمر به وكلما تجيبون في المنع من الأمر به قائم في المنع من فعله.

قالوا: أمر بالصلاة وغيرها ولا يفعل. قلنا: هذا عكس إلزامنا لأنا قلنا إذا صح أن يفعل صح أن يأمر وأنتم قلتم إذا صح أن يأمر صح أن يفعل. إلزام آخر إذا صح أن يفعل القبائح ولا يقبح منه صح أن ينصب الأدلة على الباطل ولا يقبح منه إذ ليس بأعظم من الاضلال عن الدين وخلق تكذيب النبيين وتجويز ذلك يرفع الثقة بحقية مذهب المسلمين لجواز أن يخرج المعاجز على يد الكاذبين ويمنع منها النبيين الصادقين وناهيك بذلك فسادا في الدين.

إلزام آخر، إذا جاز أن يخلق التكذيب والكفر في الضلال، جاز بالأولى أن يبعث الأنبياء يدعون إلى الضلال فيمتنع القطع بدعوى الأنبياء إلى الحق وذلك من أعظم المحال حيث لم يبق لأحد مجال عن سبيل الوبال.

____________

1 - صادقا.

الصفحة 36   

تذنيب:

هذه الالزامات ونحوها يلزمهم أن لا يمكنهم الانفصال عنها ولا يستنكفون منها لأنهم لا يتصورون قبحا فيها لو صدرت منه، سبحانه وتعالى عنها.

(الفصل الثالث)

* (في إلزامات أخر) *

 

يقال لهم: تحبون أن تحمدوا على الطاعات فلا بد من: بلى، فيقال: دخلتم في توبيخ قوله (يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا(1)) ويقال لهم: إذا خلق الله الكفر في الكافر وأمره بالإيمان فقد أمره بتغيير ما خلق فكيف يعاقبه على أنه لم يغير ما خلق فيه.

إلزام آخر: نفى الله تعالى الظلم عن نفسه في مواضع من كتابه وعندكم كل واقع من القبائح من فعله فلا معنى للنفي عن نفسه، وبأي شئ يجيب الرسول إذا قال له الكافر: أي فايدة في إرسالك.

إلزام آخر: الاجماع على جواز طلب المعونة من الله ولا معنى لها حينئذ وإلا لاحتاج الله تعالى في فعله إليها.

إلزام آخر: أصحاب مسيلمة صدقوه في النبوة وتصديقهم من فعله تعالى فهو صادق إذ لا فرق بين تصديقه إياه وإنطاق الأحجار ونحوها له وإذا جاز أن يخلق الكذب في خلقه جاز أن يكون قول محمد صلى الله عليه وآله (لا نبي بعدي) من جملته إذ لا ترجيح له على دعوى مسيلمة وقد صدقنا الله على حد واحد.

إلزام آخر: إذا شرب الصائم بيده أثم وإذا وجر في حلقه لم يأثم فما الفارق بينهما وما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله؟ (رفع [ القلم ] عن أمتي [ في ] الخطاء و النسيان وما استكرهوا عليه) ولا يتصور الاكراه إذا كان فاعل الكل الله تعالى.

____________

(1) آل عمران: 185.

 

 

 

 

الصفحة 37   

إلزام آخر: أجمع على وجوب التوبة وكيف يتوب الانسان عما لم يفعل و الندم حينئذ كالندم على السواد والقصر وتشويه الخلقة.

إلزام آخر: أنكروا فعل السيئات في قوله تعالى (ما كنا نعمل من سوء(1)) فإذا كانوا صادقين كذب قوله تعالى (بلى).

إلزام آخر: شهادة الجوارح على فعل العباد إن كانت صادقة فالمطلوب وإلا فكيف يحتج تعالى بشهادة كاذبة.

(الفصل الرابع)

 

اتفق أهل القبلة على إثبات القضاء والقدر في فعل العبد بمعنى العلم والكتابة له وعلى نفي القدر بمعنى الأمر به أما القدر فيه بمعنى أن الله خلقه فأثبته الجبريون ونفاه العدليون وقد أجمع على أنه تعالى يقضي بالحق ونطق القرآن به وعلى أن الكفر باطل، فلو قضاه تناقضا [ أ ] وكان الباطل حقا وإذا كان الجبري يقول بأن الله لم يقض الكفر بمعنى الأمر به لزم أن لا يقضيه بمعنى خلقه إذ كان خلقه أبلغ في القبح من الأمر به، وقد اتفق على نفي رضا الله بالكفر وجاء القرآن به وعلى وجوب الرضا بالقضاء فيجب أن لا يرضى العبد بما لم يرض الله به، وأجزل الله ثواب أبي العباس الضبي حيث قال في ذلك شعرا:

 

لعنت المشبهة والمجبرة         لعاين تترى حدثها مره(2)

فميمنة النار مثوى لها   نعم ولها القلب والميسرة

ولله إخواننا القائلون     مقالة حق بها المغفرة

فهم وحدوه وهم عدلوه          بآيات فطرته النيرة

 

____________

1 - النحل: 28.

(2) كذا.

الصفحة 38   

 

(الفصل الخامس)

 

اتفق الناس على أن القدر اسم ذم لتشبيههم بالمجوس فتدارءته العدلية و الجبرية كل فرقة تلقيه على الأخرى، فقلنا من يثبت القدر في فعل العبد بمعنى الخلق له أحق بالقدري لأن الاسم إنما يشتق من الشئ لمثبت ذلك الشئ كما أنه الثنوي من أثبت ثانيا والمجسم من أثبت جسما، ولو اشتق اسم الشئ لنافيه لكان الموحد ثنوي والمنزه مجسمي(1).

إن قالوا: بل أنتم القدرية لأنكم تثبتون قدرة للعبد. قلنا: فأنتم تثبتون قدرة الرب على فعل العبد وأكثركم يثبت قدرة العبد ويزعم أنها موجبة للفعل والخبر ورد بفتح القاف والمثبت للقدرة قدري - بالضم - فليس هو المراد، وأيضا فإن المجبر يكثر ذكر القدر في كل قضية ومن أكثر من شئ عرف به. و أيضا فإن النبي صلى الله عليه وآله ذمهم فالجبرية أحق بالذم لنسبتهم أنواع القبائح إليه تعالى ونهى عن مجالستهم فالمفسدة في مجالس الجبرية حيث يسهلون المعاصي بقولهم:

ما قدره الله كان وما لم يقدره فلا، ويؤيسون من رحمة الله إذ يجوزون التعذيب من غير ذنب، ويقولون: خلق الله للجنة قوما لا تضرهم المعصية وللنار قوما لا تنفعهم الحسنة والطاعة! وسماهم النبي صلى الله عليه وآله شهود الشياطين وخصماء الرحمن إذ جواب إبليس (ما منعك أن تسجد): (رب بما أغويتني) فإذا قال الله: (من شهودك بذلك؟) جاء بالجبرية.

وحكى الحاكم: أن جبريا سمع قارئا يقرأ: (ما منعك أن تسجد؟) قال:

هو والله منعه، ولو كنت حاضرا لقلت ذلك. وحكى أيضا: أنه كان بالبصرة نصراني كتب (إني كفرت بمحمد بقضاء الله عليه ومنعه الإيمان به) وأتى بالكتاب المجبرة فكتبوا خطوطهم بذلك ليشهدوا به في القيامة. وشبههم النبي صلى الله عليه وآله. بالمجوسي والمجبرة كذلك، لأن المجوس يقولون بإلهين: القادر منهما على الخير لا يقدر

____________

(1) كذا في الأصل والقياس لكان الموحد ثنويا والمنزه مجسميا.

الصفحة 39   

على الشر وبالعكس، والمجبرة تقول: (الكافر لا يقدر على الإيمان، والمؤمن بالعكس) وعلقت المجوس المدح الذم بما لا يعقل، وهو الطبع، والمجبرة علقوهما بما لا يعقل وهو الكسب والمجوس ينكحون المحارم ويقولون (أرادها منا).

وكذا الجبرية.

وقد روي في الفائق أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا، قيل: ومن القدرية؟ قال: قوم يزعمون أن الله قدر المعاصي عليهم و عذبهم عليها.

وروى أبو الحسن عن محمد بن علي المكي أن فارسيا قدم على النبي صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله: (أخبرني بأعجب ما رأيت) قال: رأيت قوما ينكحون محارمهم ويقولون هي بقضاء الله وقدره، قال النبي صلى الله عليه وآله أما إنه سيكون في هذه الأمة قوم يقولون بمثل مقالتهم، فأولئك مجوس أمتي، وقيل لثمامة: تقدر أن تؤخر ما قدم الله أو تقدم ما أخر الله، فقال: هذا على ضربين إن أردت أن أصير رأس الحمار ذنبه فلا، وإن أردت أن أقدم معاوية على علي عليه السلام وقد أخره الله تعالى فنعم.

وذكر ابن مسكويه في كتابه تجاريب الأمم: أن الله تعالى بعث محمدا والعرب حينئذ قدرية مجبرة، يحملون ذنوبهم على الله مصداق ذلك قوله تعالى (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها(1)) وقوله عنهم: (ولو شاء الله ما أشركنا(2)).

والعجب أن المجبر يعمل في أمر دنياه بالأحزم في طلب رزقه والحرص على أمواله، فإذا نهي عن ذلك بأن ما قدر الله فلا بد من وصوله فلا تتعب، أنف من ذلك وأنكره، ولقد كان أمر دينه أولى بالاحتياط منه.

إن قالوا: بل أنتم المجوس، لأنكم تنسبون الشرور إلى الشيطان وتنفونها عن الرحمن وهذا هو مذهب المجوس. قلنا: الشرور التي نسبها المجوس إلى الشيطان هي

____________

(1) الأعراف: 27.

(2) الأنعام: 148.

الصفحة 40   

الأمراض والمصايب والصور المستقبحة، وهذه نحن ننسبها إلى الرحمن لا إلى الشيطان وأما الشرور التي هي الاغواء والوسوسة فلم تختص المجوس بنسبتها إلى الشيطان، بل يقول بها ساير الكتابيين، [ بل ] وقد علم من الله ورسوله والسلف نسبة ذلك إلى الشيطان، قال أبو بكر في مسألة: (هذا ما رآه أبو بكر فإن يكن صوابا فمن الله و إن يكن خطأ فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان) ومثله عن عمرو بن مسعود وغيرهما مما لا ينكره إلا جائر، لأنه من المتشاهر، وسيأتي تكميل ذلك في باب المجادلة فمن أراه قصده. شعرا:

 

امنع المجبر الذي        بقضاء السوء قد رضي

وإذا قال لم فعلت        قل له هكذا قضي