الباب في النص على أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبنيه الأئمة الأحد عشر بالولاية في قوله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤت

الصفحة 15   

من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد الهاشمي عن أبيه عن أحمد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *.

قال: إنما يعني أولى بكم، أي أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم من الله ورسوله، (والذين آمنوا)، يعني عليا وأولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل فقال:

* (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.

وكان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع، وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) كساه إياها، وكان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدق على مسكين، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده أن احملها، فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية، وصير نعمة أولاده بنعمته فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون وهم راكعون، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين من الملائكة والذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة(1).

الثاني: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محمد الهاشمي قال: حدثني أبي عن أحمد بن عيسى قال: حدثني جعفر عن أبيه عن جده علي (عليهم السلام) في قوله عز وجل: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) *.

قال: لما نزلت: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *، أجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون

____________

(1) الكافي: 1 / 288 / ح 3.

الصفحة 16   

في هذه الآية؟

فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسايرها وإن آمنا فهذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا إن محمدا (صلى الله عليه وآله) صادق فيما يقول ولكن نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا.

فنزلت هذه الآية: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) *، يعني ولاية علي بن أبي طالب وأكثرهم الكافرون بالولاية(1).

الثالث: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن محمد بن عبد الله عن عبد الوهاب بن بشير عن موسى بن قادم عن سليمان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل:

* (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * قال: إن الله أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته حيث يقول: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * يعني الأئمة منا، ثم قال: في موضع آخر: * (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * ثم ذكر مثله(2).

الرابع: محمد بن يعقوب بإسناده عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) قولنا في الأوصياء إن طاعتهم مفترضة قال: فقال: " نعم هم الذين قال الله: * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *، وهم الذين قال الله عز وجل: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *(3).

الخامس: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *، وفرض ولاية أولي الأمر فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا (صلى الله عليه وآله) أن يفسر لهم الولاية كما فسر الصلاة والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عز وجل، فأوحى الله عز وجل إليه * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فصدع بأمر الله تعالى ذكره، فقام بولاية علي (عليه السلام) يوم غدير خم فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، قال عمر بن أذينة:

____________

(1) الكافي: 1 / 427 / ح 77.

(2) الكافي: 1 / 146، ح 11.

(3) الكافي: 1 / 187 / ح 7.

 

 

 

 

الصفحة 17   

قالوا جميعا غير أبي الجارود: قال أبو جعفر (عليه السلام): وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله عز وجل * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) *، قال أبو جعفر (عليه السلام): يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة قد أكملت لكم الفرائض(1).

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن حاتم (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال: حدثنا كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *.

قال: إن رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا فأتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا نبي الله إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قوموا فقاموا وأتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال: يا سائل أما أعطاك أحد شيئا؟

قال: نعم، هذا الخاتم.

قال: من أعطاكه؟

قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي.

قال: على أي حال أعطاك؟

قال: كان راكعا فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) وكبر أهل المسجد.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " علي وليكم بعدي، قالوا رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي بن أبي طالب وليا، فأنزل الله عز وجل: * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) *، فروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل(2).

السابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن صفوان عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله جالس وعنده قوم من اليهود فيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول الله إلى المسجد، فاستقبله سائل فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟

قال: نعم، ذلك المصلي.

____________

(1) الكافي: 1 / 289 / ح 4.

(2) أمالي الصدوق 186 / مجلس 26 / ح 4.

الصفحة 18   

فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا هو علي (عليه السلام)(1).

الثامن: الشيخ المفيد في الإختصاص عن أحمد بن محمد بن عيسى [ عن محمد بن خالد البرقي ] عن القاسم بن محمد الجوهري عن الحسن بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الأوصياء طاعتهم مفترضة؟

فقال: نعم هم الذين قال الله * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وهم الذين قال الله * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(2).

التاسع: الشيخ الطوسي في أماليه قال: حدثنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا العباس بن عبد الله العنبري عن عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري عن عون بن عبيد الله عن أبيه عن جده أبي رافع قال:

دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما وهو نائم وحية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه وآله)، وظننت أنه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحية فقلت إن كان منها سوء كان إلي دونه فمكثت هنيئة، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *. حتى أتى على آخر الآية ثم قال: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته وهنيئا له بفضل الله الذي أتاه، ثم قال لي:

ما لك ههنا فأخبرته بخبر الحية، فقال لي: أقتلها، ففعلت ثم قال: يا أبا رافع كيف أنت وقوم يقاتلون عليا وهو على الحق وهم على الباطل، جهادهم حق لله عز اسمه فمن لم يستطع فبقلبه ليس وراءه شئ.

فقلت: يا رسول الله أدع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم، قال: فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: إن لكل نبي أمينا وإن أميني أبو رافع.

قال: فلما بايع الناس عليا بعد عثمان وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي (صلى الله عليه وآله) فبعت داري بالمدينة وأرضا لي بخيبر، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) لأستشهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة وخرجت معه إلى صفين فقاتلت بين يديه بها وبالنهروان أيضا، ولم أزل معه حتى استشهد علي (عليه السلام)، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض، فأقطعني الحسن بن علي (عليه السلام) أرضا بينبع وقسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام) فنزلتها وعيالي(3).

____________

(1) تفسير القمي: 1 / 170.

(2) الاختصاص: 277.

(3) أمالي الطوسي 59 / مجلس 2 / ح 55.

الصفحة 19   

العاشر: أبو النصر محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد ابن الحسن عن جده قال: سمعت عمار بن ياسر يقول وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله فأعلمه بذلك، فنزل على النبي (صلى الله عليه وآله) هذه الآية * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * إلى آخر الآية، فقرأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) علينا ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(1).

الحادي عشر: العياشي بإسناده عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أعرض عليك ديني الذي أدين الله به.

قال: هاته.

قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأقر بما جاء به من عند الله، ثم وصفت له الأئمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر (عليه السلام) قلت: وأقول فيك ما أقول فيهم.

فقال: أنهاك أن تذهب باسمي في الناس.

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له: مع الكلام الأول وأزعم أنهم الذين قال الله في القرآن * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): والآية الأخرى.

قال: قلت له: جعلت فداك أي آية؟

قال: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.

قال: فقال: رحمك الله.

قال: قلت: تقول رحمك الله على هذا الأمر؟

فقال: رحمك الله على هذا الأمر(2).

الثاني عشر: العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في بيته وعنده نفر من اليهود قال: خمسة من اليهود فيهم عبد الله بن سالم، فنزلت هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * بهذا الفتى فتركهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منزله وخرج إلى المسجد، فإذا بسائل قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتصدق عليك [ أحد ] بشئ؟

____________

(1) تفسير العياشي: 1 / 327 / ح 137.

(2) تفسير العياشي: 1 / 327، ح 138.

الصفحة 20   

قال: نعم، هو ذاك المصلي، فإذا هو علي (عليه السلام)(1).

الثالث عشر: العياشي بإسناده عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما قال:

قال (عليه السلام): أنه لما نزلت هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) * اشتد ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله) وخشي أن تكذبه قريش فأنزل الله * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * الآية، فقام بذلك يوم غدير خم(2).

الرابع عشر: العياشي بإسناده عن أبي جميلة عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة عليا وأبا ذر وسلمان والمقداد.

فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟

فقال: بلى ثلاثة.

قلت: هذه الآيات التي علمت: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *.

وقوله * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *.

ما كان أحد يسأل فيمن نزلت، فقال: من ثم أتاهم لم يكونوا يسألون(3).

الخامس عشر: العياشي بإسناده عن الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *، قال: هم الأئمة (عليهم السلام)(4).

السادس عشر: ابن بابويه بإسناده عن أبي سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده في حديث مناشدة علي (عليه السلام) لأبي بكر حين ولي أبو بكر الخلافة، وذكر (عليهم السلام) فضائله لأبي بكر والنصوص عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان فيما قال له (عليه السلام): فأنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آية زكاة الخاتم أم لك؟

قال: بل لك(5).

السابع عشر: الشيخ الطوسي في كتاب المجالس بإسناده إلى أبي ذر في حديث مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) عثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص يوم الشورى واحتجاجه (عليهم السلام) عليهم مما فيه من النصوص من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والكل منهم يصدقه فيما يقول (عليه السلام)، فكان مما ذكره (عليه السلام): فهل فيكم أحد آتى الزكاة وهو راكع غيري؟ فنزلت فيه: * (إنما وليكم الله ورسوله

____________

(1) تفسير العياشي: 1 / 328 / ح 139.

(2) تفسير العياشي: 1 / 328 / ح 140.

(3) تفسير العياشي: 1 / 328 / ح 141.

(4) تفسير العياشي: 1 / 328 / ح 142.

(5) الخصال للصدوق 549 / ح 30 / أبواب الأربعين.

الصفحة 21   

والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.

قالوا: لا(1).

الثامن عشر: أحمد بن علي بن أبي منصور الطبرسي في كتاب الاحتجاج، في رسالة أبي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض قال (عليه السلام): اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فيهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي:

لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأخبر (صلى الله عليه وآله) أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب، واتباع أحكام الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة، واتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب وتحقيق الآيات الواضحات النيرات، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب ويهدينا إلى الرشاد.

ثم قال (عليه السلام): فإذا شهد الكتاب بصدق خبر وتحقيقه، فأنكرته طائفة من الأمة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا، وأصح خبر مما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، واللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا، فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *، ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام) أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له وأنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): علي يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم بعدي، وقوله حيث استخلفه على المدينة فقال: يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الأمة الإقرار بها إذ كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، فلما

____________

(1) أمالي الطوسي 549 / مجلس 20 / ح 4.

الصفحة 22   

وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء فرضا لا يتعداه إلاك أهل العناد والفساد(1).

التاسع عشر: الطبرسي في الاحتجاج أيضا في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال المنافقون لرسول الله (صلى الله عليه وآله): هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شئ آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره، فأنزل الله في ذلك: * (قل إنما أعظكم بواحدة) *، يعني الولاية وأنزل الله: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.

وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ وهو راكع غير رجل واحد، ولو أذكر اسمه في الكتاب لا سقط مع ما أسقط من ذكره، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك وعند ذلك قال الله عز وجل: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(2).

أقول: كفى الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ناقلا الإجماع على أنها نزلت في علي (عليه السلام)، وقوله أيضا حجة فلا مزيد على ذلك.

فائدة: روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة وفصه خمسة مثاقيل وهو من ياقوتة حمراء وثمنه خراج الشام، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب، وكان الخاتم لمران بن طوق قتله أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأخذ الخاتم من أصبعه، وأتى به إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من جملة الغنائم، وأمره النبي (صلى الله عليه وآله) أن يأخذ الخاتم، فأخذ الخاتم وأقبل وهو في أصبعه وتصدق به على السائل في أثناء صلاته [ عندما ] تخلف عن النبي (صلى الله عليه وآله).

وقال الغزالي في كتاب (سر العالمين): أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) كان خاتم سليمان بن داود (عليه السلام)(3).

وقال الشيخ الطوسي: أن التصدق بالخاتم كان اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة، وذكر ذلك صاحب كتاب مسار الشيعة وذكر أنه أيضا من المباهلة(4).

____________

(1) الاحتجاج: 2 / 251.

(2) الاحتجاج: 1 / 379.

(3) رسالة سر العالمين: 93، ط. دار الكتب العلمية، وانظر: شرح الأخبار للقاضي المغربي: هامش صفحة 226، ج 1.

(4) أنظر: الرسائل العشر لابن فهد الحلي 96.