الباب في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على وجوب التمسك بالثقلين

الصفحة 321 

من طريق الخاصة وفيه اثنان وثمانون حديثا

الحديث الأول: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (قدس سره) قال في كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) قال: حدثنا محمد بن وهبان بن محمد البصري قال: حدثنا محمد بن عمر الجعاني قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن شيبة القاضي قال: حدثني محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا يحيى بن خلف الراسبي عن عبد الرحمن قال: حدثنا يزيد بن الحسن عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول على منبره: " معاشر الناس إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض حوضا ما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بيدكم فاستمسكوا به ولن تضلوا ولا تبدلوا في عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، معاشر أصحابي كأني على الحوض انتظر من يرد علي منكم وسوف تؤخر أناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي فيقال يا محمد هل شعرت بما عملوا؟ إنهم ما رجعوا بعدك يرجعون على أعقابهم. ثم قال أوصيكم في عترتي خيرا وأهل بيتي.

فقام إليه سلمان فقال: يا رسول الله: من الأئمة من بعدك أما هم من عترتك؟

فقال: نعم الأئمة من بعدي من عترتي عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله علمي وفهمي فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم واتبعوهم فإنهم أعلم منكم واتبعوهم فإنهم مع الحق والحق معهم (عليهم السلام) "(1).

الثاني: ابن بابويه قال: أخبرنا أبو عبد الله بن عمر بن مسلم بن لاحق اللاحفي البصري في سنة عشر وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن عمارة السكري عن إبراهيم بن عاصم عن عبد الله بن هارون الكرخي قال: حدثنا أحمد بن يزيد بن سلامة عن حذيفة بن اليمان، قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم

____________

(1) كفاية الأثر: 127.

الصفحة 322 

أقبل بوجهه الكريم علينا ثم قال: " معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته فمن عمل بها فاز ونجح وغنم، ومن تركها حلت عليه الندامة فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة، فكأني أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ومن تخلف عنهم كان من الهالكين، فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟

قال: على من خلف موسى بن عمران على قومه؟ قلت: على وصيه يوشع بن نون، فقال: إن وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله، فقلت: يا رسول الله: فكم تكون الأئمة من بعدك؟

قال: عدة نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي خزان علم الله ووحي الله، قلت: يا رسول الله فما لأولاد الحسن؟ قال: إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين، ذلك قوله عز وجل * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) *(1) قلت: أفلا تسميهم لي يا رسول الله، قال: نعم لما عرج بي إلى السماء فنظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا ومحمدا محمدا وجعفرا وموسى والحسن والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري فقلت: يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسمائهم باسمك؟

قال: يا محمد هم الأوصياء والأئمة بعدك خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبهم، والويل لمن أبغضهم، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب، ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء ودعا بدعوات وسمعته يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي "(2).

الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال: حدثنا هارون بن موسى قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن منصور الهاشمي قال: حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد قال:

حدثنا أبو ثابت المدني قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن سعيد عن عيسى بن عبد الله بن مالك عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أيها الناس إني فرط لكم وأنتم واردون علي الحوض أعرض ما بين صنعاء وبصرى فيه قدحان عدد النجوم من فضة وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، السبب الأكبر كتاب الله طرفه

____________

(1) الزخرف: 28.

(2) كفاية الأثر: 136.

الصفحة 323 

بيد الله وطرفه بيدكم فاستمسكوا به ولا تبدلوا وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فقلت يا رسول الله من عترتك؟ فقال: أهل بيتي من ولد علي وفاطمة وتسعة من صلب الحسين (عليه السلام) أئمة أبرار هم عترتي من لحمي ودمي "(1).

الرابع: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ومحمد بن همام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس [ عن رجالهم ] عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام قال: حدثنا معمر بن راشد عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال:

" أيها الناس إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد أخبرني وعهد إلي أنهما لا يفترقان(2) حتى يردا علي الحوض: قالوا اللهم شهدنا ذلك كله من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله لكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن الأوصياء منهم علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي وهو أولهم وخيرهم، ثم وصيه بعده ابني هذا وأشار إلى الحسن، ثم وصيه ابني هذا وأشار إلى الحسين، ثم وصيه ابني بعده سمي أخي، ثم وصيه بعده سميي، ثم سبعة من بعده من ولده واحدا بعد واحد حتى يردوا علي الحوض، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله، فقام السبعون البدريون ونحوهم من المهاجرين فقالوا:

ذكرتمونا ما كنا نسينا، نشهد أنا قد [ كنا ] سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(3).

الخامس: قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (قدس سره) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: " سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟ قال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردا على رسول الله حوضه "(4).

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن همام عن عبد الله بن

____________

(1) كفاية الأثر: 91.

(2) في المصدر: لن يفترقا.

(3) كتاب الغيبة للنعماني: 73.

(4) كمال الدين: 240 ح 64 باب 22.

الصفحة 324 

جعفر الحميري عن موسى بن مسلم عن مسعدة قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متكئا على عصاه فسلم فرد أبو عبد الله (عليه السلام) الجواب، ثم قال: يا بن رسول الله ناولني يدك أقبلها، فأعطاه يده فقبلها ثم بكى، ثم قال له أبو عبد الله: " ما يبكيك يا شيخ "، فقال: جعلت فداك أقمت على قائمكم منذ مائة سنة أقول هذا الشهر وهذه السنة وقد كبر سني ورق جلدي ودق عظمي واقترب أجلي ولا أرى فيكم ما أحب، أراكم مقتولين مشردين وأرى أعدائكم يطيرون بالأجنحة وكيف لا أبكي، فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثم قال: " يا شيخ إن أبقاك الله حتى ترى قائمنا كنت [ معنا ] في السنام الأعلى وإن حلت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن ثقله، فقال (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين فتمسكوا بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فقال الشيخ: لا أبالي بعدما سمعت هذا الخبر. ثم قال: " يا شيخ اعلم أن قائمنا يخرج من صلب الحسن، والحسن يخرج من صلب علي، وعلي يخرج من صلب محمد، ومحمد يخرج من صلب علي، وعلي يخرج من صلب موسى، ابني هذا وأشار إلى ابنه موسى وهذا خرج من صلبي، نحن اثنا عشر كلنا معصومون مطهرون.

فقال الشيخ: يا سيدي بعضكم أفضل من بعض؟ فقال: لا، نحن في الفضل سواء ولكن بعضنا إعلم من بعض، ثم قال: يا شيخ والله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت، ألا وإن شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته هناك يثبت الله على هداه المخلصين اللهم أعنهم على ذلك "(1).

السابع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا عتبة بن عبد الله الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة قال: حدثني علي بن موسى الغطفاني قال: حدثنا أحمد بن يوسف الحمصي قال: حدثني محمد بن عكاشة قال: حدثنا حسين بن يزيد بن عبد علي قال:

حدثني عبد الله بن الحسن عن أبيه عن الحسن (عليه السلام) قال: " خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه: معاشر الناس كأني أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم لا تخلوا الأرض منهم ولو خلت لانساخت بأهلها ثم قال (عليه السلام): اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد ولا ينقطع وإنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا ليس بالمطاع أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا تضل أوليائك بعد إذ هديتهم أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند الله، فلما نزل

____________

(1) كفاية الأثر: 264 - 260 وبشارة المصطفى: 275.

الصفحة 325 

عن منبره قلت له: يا رسول الله أما أنت الحجة على الخلق كلهم؟ قال: يا حسن إن الله يقول:

* (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) *(1) فأنا المنذر وعلي الهادي قلت: يا رسول الله قولك: إن الأرض لا تخلو من حجة قال: نعم، علي هو الإمام والحجة بعدي، وأنت الإمام والحجة بعده، والحسين الإمام والحجة والخليفة من بعدك، ولقد نبأني اللطيف الخبير أن يخرج من صلب الحسين ولد يقال له علي سمي جده، فإذا مضى الحسين قام بعده علي ابنه وهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب علي ولدا سميي وأشبه الناس بي علمه علمي وحكمه حكمي، وهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله تعالى من صلب محمد مولودا يقال له جعفر أصدق الناس فعلا وقولا وهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى سمي موسى بن عمران (عليه السلام) أشد الناس تعبدا فهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله من صلب موسى ولدا يقال له علي معدن علم الله وموضع حكمه وهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله من صلب علي مولودا يقال له محمد فهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله من صلب محمد ولدا يقال له علي فهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله من صلب علي مولودا يقال له الحسن فهو الإمام والحجة بعد أبيه، ويخرج الله من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته ومنقذ أوليائه، يغيب حتى لا يرى ويرجع عن أمره قوم ويثبت عليه آخرون * (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) * ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما فلا تخلو الأرض منكم، أعطاكم الله علمي وفهمي ولقد دعوت الله تبارك وتعالى أن يجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي "(2).

الثامن: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن العباس أبو جعفر الخزاعي قال: حدثنا حسن بن الحسين العرني قال: حدثنا عمرو بن ثابت عن عطا بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس قال: صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فخطب واجتمع الناس إليه فقال: " يا معشر المؤمنين إن الله عز وجل أوحى إلي أني مقبوض، وأن ابن عمي مقبوض، وأن ابن عمي عليا مقتول، وأني أيها الناس أخبركم خبرا إن علمتم به سلمتم وإن تركتموه هلكتم، إن ابن عمي عليا هو أخي ووزيري وهو خليفتي وهو المبلغ عني وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين، وإن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن خالفتموه ضللتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله

____________

(1) الرعد: 7.

(2) كفاية الأثر: 162.

الصفحة 326 

عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم، إن الله عز وجل أنزل علي القرآن وهو الذي من خالفه ضل ومن ابتغى علمه عند غير علي هلك، أيها الناس اسمعوا قولي واعرفوا حق نصيحتي ولا تخالفوني في أهل بيتي إلا بالذي أمرتم به من حفظهم، وإنهم حامتي وقرابتي وإخوتي وأولادي وأنتم مجموعون ومسائلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما إنهم أهل بيتي فمن آذاهم آذاني، ومن ظلمهم ظلمني، ومن أذلهم أذلني، ومن أعزهم أعزني. ومن أكرمهم أكرمني، ومن نصرهم نصرني، ومن خذلهم خذلني، ومن طلب الهدى من غيرهم فقد كذبني، أيها الناس اتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه، فإني خصم لمن آذاهم ومن كنت خصمه خصمته، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم "(1).

التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور (قدس سره) قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) *(2) فقالت العلماء: أراد الله تعالى بذلك الأمة كلها. فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): " لا أقول كما قالوا ولكني أقول أراد الله عز وجل بذلك العترة الطاهرة "، فقال المأمون: وكيف عنى العترة الطاهرة من دون الأمة؟ فقال له الرضا (عليه السلام): " إنه لو أراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله تعالى: * (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) *(3) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال: * (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب...) *(4) الآية. فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم ". فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام): " الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(5) وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ". قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل؟ فقال الرضا (عليه السلام): " هم الآل ".

____________

(1) أمالي الصدوق: 121 / مجلس 15 / ح 11.

(2) فاطر: 32.

(3) فاطر: 32.

(4) فاطر: 33.

(5) الأحزاب: 33.

الصفحة 327 

فقالت العلماء: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤثر عنه أنه قال: " أمتي آلي " وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد أمته فقال أبو الحسن (عليه السلام): " أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل؟ قالوا: نعم، قال: فتحرم على الأمة؟ قالوا: لا، فقال: هذا فرق بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟! أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟!

قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟

فقال (عليه السلام): من قول الله تعالى: * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) *(1) فصارت النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) سأل ربه تعالى ذكره * (فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) *(2) وذلك أن الله وعده أن ينجيه وأهله فقال له ربه عز وجل * (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) *(3) ".

فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن: " إن الله تعالى أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه، فقال له المأمون: أين ذلك من كتاب الله تعالى؟ فقال له الرضا (عليه السلام): في قوله تعالى: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض) *(4) وقال عز وجل في موضع آخر: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) *(5) ثم رد المخاطبة على أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(6) يعني الذين قرنهم الكتاب والحكمة وحسدوا عليها فقوله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا هو الطاعة لهم. قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): " فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وموطئا فأول ذلك قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) * هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى

____________

(1) الحديد: 26.

(2) هود: 45.

(3) هود: 46.

(4) آل عمران: 33 - 34.

(5) النساء: 54.

(6) النساء: 59.

الصفحة 328 

الله بذلك الآل فذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذه واحدة، والآية الثانية في الاصطفاء قول الله عز وجل:

* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر فهذه الثانية، وأما الثالثة فحين ميز الله تعالى الطاهرين من خلقه وأمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز وجل: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) *(2) فأبرز النبي (صلى الله عليه وآله) عليا والحسن والحسين وفاطمة (صلوات الله وسلامه عليهم) وقرن أنفسهم بنفسه، فهل تدرون ما معنى قوله عز وجل * (وأنفسنا وأنفسكم) *؟.

قالت العلماء: عنى به نفسهم، فقال أبو الحسن: غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومما يدل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي. يعني علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فهذه خصوصية لا يتقدمه فيها أحد، وفضل لا يلحقه فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق، إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة، وأما الرابعة فإخراجه (صلى الله عليه وآله) الناس من مسجده ما خلا العترة التي حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وما أنا تركته وأخرجتكم ولكن الله تركه وأخرجكم وفي هذا تبيان لقوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى. قالت العلماء: وأين هذا من القرآن؟

قال أبو الحسن (عليه السلام): أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم؟ قالوا: هات. قال: قول الله تعالى * (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوؤا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) *(3) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى وفيها أيضا منزلة علي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد وآله. فقالت العلماء: يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها. ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره معاند ولله تعالى الحمد على ذلك فهذه الرابعة.

والآية الخامسة قوله تعالى: * (وآت ذا القربى حقه) *(4) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعو إلي فاطمة، فدعيت له

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) آل عمران: 61.

(3) يونس: 87.

(4) الإسراء: 26.

الصفحة 329 

فقال: يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله): هذه فدك هي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.

والآية السادسة قول الله عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(1) وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذاك أن الله تعالى حكى في ذكر نوح (عليه السلام) في كتابه * (يا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) *(2) وحكى عز وجل عن هود (عليه السلام) أنه قال: * (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) *(3) وقال عز وجل لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله): قل يا محمد * (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(4) ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ ففرض الله عليهم مودة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته (عليهم السلام) فعلى رسول الله أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيه * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس قد فرض الله لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد فقال: أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب.

فقالوا: هات إذا، فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: أما هذه فنعم. فما وفى بها أكثرهم، وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله تعالى يوفي أجر الأنبياء (عليهم السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجبه الله تعالى لهم فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل، فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قد أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله تعالى فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي القرابة فأقربهم من

____________

(1) الشورى: 23.

(2) هود: 29.

(3) هود: 51.

(4) الشورى: 23.

الصفحة 330 

النبي (صلى الله عليه وآله) أولاهم بالمودة وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها وما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه وآله) في حيطته ورأفته وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه أن لا يودوه في ذريته وأهل بيته وأن لا يجعلوهم منهم كمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم وحبا لبنيه.

فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه والأخبار ثابتة بأنهم أهل المودة والذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها أنه ما وفى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله تعالى: * (والذين آمنوا وعلموا الصالحات في وروضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * مفسرا ومبينا، ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): حدثني أبي عن جده عن آبائه عن الحسين ابن علي (عليه السلام) قال: " اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله فقالوا: إن لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير جرح قال: فأنزل الله تعالى عليه الروح الأمين فقال: يا محمد * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * يعني: أن تودوا قرابتي من بعدي فخرجوا، فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله تعالى جبريل بهذه الآية * (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه وكفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم) *(1) فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله، لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الآية فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله تعالى * (وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) *(2) فهذه السادسة.

وأما السابعة فقول الله تعالى: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) *(3) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ قالوا: لا، قال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة، فهل عندك في الآل شئ أوضح من

____________

(1) الأحقاف: 8.

(2) الشورى: 25.

(3) الأحزاب: 56.

 

 

 

 

الصفحة 331 

هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): " نعم أخبروني عن قول الله تعالى: * (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) *(1) فمن عنى بقوله (يس)؟ قالت العلماء: (يس) محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشك فيه أحد.

قال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (عليهم السلام) فقال تعالى:

* (سلام على نوح في العالمين) *(2) وقال: * (سلام على إبراهيم) *(3) وقال: * (سلام على موسى وهارون) *(4) ولم يقل سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم وقال:

* (سلام على آل يس) *(5) يعني آل محمد (صلى الله عليه وآله) " فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه، وهذه السابعة.

فأما الثامنة فقول الله: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين) *(6) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا فصل أيضا بين الآل والأمة لأن الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربى وكل ما كان من الفيئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم فقال وقوله الحق: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) * فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وأما قوله:

* (واليتامى والمساكين) * فإن اليتيم إذ انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني والفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسول الله فجعل لنفسه منهما سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى، كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله وكذلك في الطاعة قال الله تعالى: * (يا أيها

____________

(1) يس: 1 - 4.

(2) الصافات: 79.

(3) الصافات: 109.

(4) الصافات: 120.

(5) الصافات: 130.

(6) الأنفال: 41.

الصفحة 332 

الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(1) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته وكذلك آية الولاية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *(2) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته فقال الله تعالى: * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) *(3) فهل تجد في شئ من ذلك أنه جعل عز وجل سهما لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله ونزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمة على محمد وآل محمد وهي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ فلما طهرهم الله واصطفاهم رضى لهم ما رضي لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عز وجل فهذه الثامنة.

وأما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى في محكم كتابه: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(4) فقالت العلماء: إنما عنى بذلك اليهود والنصارى فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك؟! إذا يدعوننا إلى دينهم ويقولون: إنهم أيضا من دين الإسلام فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال (عليه السلام): نعم، الذكر: رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن أهله، وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق: * (فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات) * والذكر: رسول الله ونحن أهله فهذه التاسعة.

وأما العاشرة فقول الله تعالى في آية التحريم: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم...

الآية) * إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا.

قال: فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: نعم، قال: ففي هذا بيان لأني أنا من آله، ولستم من آله، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي لأني من آله وأنتم من أمته فهذا فرق ما بين الآل والأمة لأن الآل منه والأمة إذا لم تكن من الآل ليست منه فهذه العاشرة.

____________

(1) النساء: 59.

(2) المائدة: 55.

(3) التوبة: 60.

(4) النحل: 43.

الصفحة 333 

وأما الحادي عشر فقول الله تعالى في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: * (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جائكم بالبينات من ربكم) * تمام الآية وكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبه ولم يضفه إليه بدينه، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين، فهذا فرق ما بين الآل والأمة فهذا الحادي عشر.

وأما الثاني عشر فقوله عز وجل * (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) * فخصنا الله تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمة بإقامة الصلاة ثم خصنا من دون الأمة فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيء إلى باب علي وفاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول: الصلاة رحمكم الله، وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء (عليهم السلام) بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا الله بها وخصنا من دون جميع أهل بيتهم ". فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الأمة خيرا فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم(1).

العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري (قدس سره) قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شريك عن ركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(2).

الحادي عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وضم بين سبابتيه فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله من عترتك؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة "(3).

الثاني عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى

____________

(1) أمالي الصدوق: 615 / مجلس 79 / ح 1.

(2) أمالي الصدوق: 500 / مجلس 64 / ح 15.

(3) معاني الأخبار: 91 / 54.

الصفحة 334 

ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أوصى موسى إلى يوشع ابن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى إن الله عز وجل له الخيرة يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح (عليه السلام) فلما أن بعث الله عز وجل المسيح قال المسيح (عليه السلام) لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عليه السلام) يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم، وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سماهم الله عز وجل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله عز وجل:

(لقد أرسلنا رسلا من قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان)(1) الكتاب الاسم الأكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التورية الإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح (عليه السلام) وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم فأخبره الله عز وجل * (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) *(2) فأين صحف إبراهيم، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى [ الاسم الأكبر ] فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد (صلى الله عليه وآله) فلما بعث الله عز وجل محمدا أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله عز ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: يا رب إن العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل بيوتات الأنبياء ولا شرفهم ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي فقال الله عز ذكره:

* (ولا تحزن عليهم وقل سلام فسوف تعلمون) *(3) فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك وما يقولون فقال الله جل ذكره: يا محمد: * (ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) *(4) لكونهم(5) يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه فقال الله جل ذكره: * (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) *(6) يقول: فإذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيك

____________

(1) الآية: * (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا..) * الحديد: 25.

(2) الأعلى: 18 - 19.

(3) النحل: 127.

(4) الأنعام: 33.

(5) في المصدر: ولكنهم.

(6) الانشراح: 8.

الصفحة 335 

فأعلمهم فضله علانية فقال (عليه السلام): من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات، ثم قال: لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، يعرض بمن رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): علي سيد المؤمنين وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي، وقال: الحق مع علي أينما مال، وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا كتاب الله عز وجل وأهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت أنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين، والثقلان كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.

فوقعت الحجة بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب الذي يقرأه الناس، فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1) وقال عز ذكره: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) *(2) ثم قال جل ذكره * (وآت ذا القربى حقه) *(3) فكان علي (عليه السلام) وكان حقه الوصية التي جعلت له، والأسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة فقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(4) ثم قال: * (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) *(5) يقول: أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم، وقال جل ذكره: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(6) قال: الكتاب:

الذكر، وأهله آل محمد (صلى الله عليه وآله) أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) *(7) وقال عز وجل: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(8) وقال عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(9) وقال عز وجل: * (ولو ردوه إلى الله والرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *(10) فرد الله الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.

فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل عليه جبرائيل (عليه السلام) فقال: * (يا أيها الرسول بلغ ما

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) الأنفال: 42.

(3) الإسراء: 26.

(4) الشورى: 23.

(5) التكوير: 8 - 9.

(6) النحل: 43.

(7) النحل: 44.

(8) الزخرف: 44.

(9) النساء: 59.

(10) النساء: 83.

الصفحة 336 

أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) *(1) فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات، فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل عز وجل هذا على محمد قط، وما يريد محمد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه، فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل عليه جبرائيل وقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا، ثم أتاه جبرائيل فقال: يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي، فإني لم أترك الأرض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر قال: فأوصي إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصي إليه بألف كلمة وألف باب يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب "(2).

الثالث عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن المستورد قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح قال: حدثنا سفيان - هو ابن إبراهيم - عن عبد المؤمن - وهو ابن القاسم - عن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إني تارك فيكم الثقلين إلا أن أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وقال: " ألا إن أهل بيتي عيبتي التي آوي إليها وإن الأنصار كرشي(3) فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم "(4).

____________

(1) المائدة: 68.

(2) أصول الكافي: 1 / 296 ح 3.

(3) الكرش: الجماعة من الناس وعيال الإنسان من صغار أولاده، ومراده عليه الصلاة والسلام أنهم مني في المحبة والرأفة بمنزلة الأولاد الصغار. المصباح المنير: 530، كرش.

(4) أمالي الطوسي: 255 / مجلس 9 / ح 52.

الصفحة 337 

الرابع عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد - يعني المفيد - قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب الزراد عن أبي محمد الأنصاري عن معاوية بن وهب قال:

كنت جالسا عند جعفر بن محمد (عليه السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال أبو عبد الله: " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ ادن مني، فدنا منه وقبل يده وبكى فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وما يبكيك يا شيخ قال له: يا بن رسول الله إني مقيم على رجاء منكم منذ مائة سنة.

أقول: هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ولا أراه فيكم فتلومني أن أبكي، قال: فبكى أبو عبد الله ثم قال: يا شيخ إن أخرت منيتك كنت معنا وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الشيخ: ما أبالي ما فاتني من بعد هذا يا بن رسول الله فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا شيخ إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله المنزل وعترتي أهل بيتي تجيء وأنت معنا يوم القيامة، ثم قال: يا شيخ ما أحسبك من أهل الكوفة، قال: لا، قال: فمن أين؟

قال: من سوادها جعلت فداك، قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام)؟ قال: إني لقريب منه قال: كيف إتيانك له؟ قال: إني لآتيه وأكثر، قال: يا شيخ ذاك دم يطلب الله تعالى به ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السلام) ولقد قتل (عليه السلام) في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا لله وصبروا في جنب الله فجزاهم أحسن جزاء الصابرين أنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسين (عليه السلام) ويده على رأسه يقطر دما فيقول: يا رب سل أمتي فيم قتلوا ابني وقال (عليه السلام): كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين "(1).

الخامس عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن هشام بن حسان قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) فيخطب الناس بعد البيعة له بالأمر فقال: " نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأقربون وأهل بيته الطيبون الطاهرون وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل

____________

(1) أمالي الطوسي: 161 / مجلس 6 / ح 20.

الصفحة 338 

من بين يديه ولا من خلفه فالمعول علينا في تفسيره ولا نظن تأويله بل نتيقن حقائقه فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة قال الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم * فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * * (لو ردوه إلى الرسول وإلى وأولي الأمر منهم * لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان فإنه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: * (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون) * فتلقون إلى الرماح وزرا وإلى السيوف جزرا وللعمد حطما وإلى السهام غرضا ثم " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا "(1).

السادس عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن سيار قال:

حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) وذكر حديث مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهل الشورى فيما ذكر لهم من فضائله وسوابقه في الإسلام والنص عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام) فيما ذكر لهم: " فهل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وإنكم لن تضلوا ما إن اتبعتموهما واستمسكتم بهما؟ " قالوا: نعم(2).

السابع عشر: الشيخ سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات قال: حدثنا القاسم بن محمد الإصبهاني عن سليمان بن داود المنقري المعروف بالشاذكوني عن يحيى بن آدم عن شريك بن عبد الله عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس بمنى فقال:

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم حرمات ثلاث: كتاب الله عز وجل، وعترتي، والكعبة البيت الحرام، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما كتاب الله فحرفوا، وأما الكعبة فهدموا، وأما العترة فقتلوا وكل ودائع الله قد نبذوا ومنها قد تبرؤا "(3).

الثامن عشر: سعد بن عبد الله في البصائر أيضا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر ابن بشير البجلي عن ذريح بن محمد بن يزيد [ المحاربي ] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول

____________

(1) أمالي الطوسي: 121 / مجلس 5 / ح 1.

(2) أمالي الطوسي: 548 / مجلس 20 / ح 4.

(3) مختصر البصائر: 90.

الصفحة 339 

الله (صلى الله عليه وآله): إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي فنحن أهل بيته "(1).

التاسع عشر: سعد بن عبد الله في البصائر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن النضر بن سويد عن خالد بن زياد القلانسي عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر إن تمسكتم بهما لن تضلوا [ ولن تزلوا ] ولن تبدلوا فإني سألت الله اللطيف الخبير ألا يفترقان حتى يردا علي الحوض فأعطيت ذلك فقيل: فما الثقل الأكبر وما الثقل الأصغر؟ فقال: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي "(2).

العشرون: سعد بن عبد الله في بصائره عن إبراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس ابن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم عن سعد بن طريف الإسكاف قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين فتمسكوا بهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا يزال كتاب الله والدليل منا عليه حتى يردا(3) علي الحوض "(4).

الحادي العشرون: سعد بن عبد الله في بصائره عن أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في خطبة طويلة له: " مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلف في أمته كتاب الله ووصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين وحبل الله المتين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وعهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الإمام عن الله عز وجل في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعة الله وطاعة الإمام وولايته، وأوجب حقه الذي أراد الله من استكمال دينه وإظهار أمره والاحتجاج بحجته والاستيضاء بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل حربه، فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) عن دينه وأبلج بهم عن منهاج سبيله ووضح(5) بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل حلاوة(6) إسلامه، لأن الله عز وجل ورسوله نصب الإمام علما لخلقه وحجة على أهل عالمه، ألبسه تاج الوقار وغشاه من نور الجبار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده ولا ينال ما عند

____________

(1) المصدر السابق.

(2) المصدر السابق: 91.

(3) في المصدر: نرد.

(4) مختصر البصائر: 91.

(5) في المصدر: وفتح.

(6) في المختصر: ظراوة.

الصفحة 340 

الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله عمل العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملبسات(1) الوحي ومعميات السنن(2) ومشتبهات الفتن، ولم يكن الله ليضلهم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وتكون الحجة من الله على العباد بالغة " ورواه محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وغيرهما عن ابن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)... " وذكر الحديث(3).

الثاني والعشرون: محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي قال: أخبرنا محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن جده عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: " خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد خيف وهي خطبة مشهورة في حجة الوداع قال (صلى الله عليه وآله) فيها: إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوضا عرضه ما بين بصرى إلى صنعاء فيه قدحان عدد نجوم السماء ألا وإني مخلف فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي، هما حبل ممدود بينكم وبين الله جل وعز ما إن تمسكتم به لن تضلوا سبب منه بيد الله وسبب بأيديكم - وفي رواية أخرى - طرف بيد الله وطرف بأيدكم - إن اللطيف الخبير قد نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين، وجمع بين سبابتيه لا أقول كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى - فتفضل هذه على هذه "(4).

الثالث والعشرون: محمد بن إبراهيم في الغيبة أيضا قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله عن محمد بن علي عن أبيه يرفعه إلى الحسن بن محبوب والحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر الكلام السابق(5).

الرابع والعشرون: محمد بن إبراهيم هذا قال: أخبرنا عبد الواحد عن محمد بن علي عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) بمثله(6).

____________

(1) في المصدر: ملتبسات، وفي المختصر: متلبسات.

(2) في البصائر: مصيبات السنن.

(3) مختصر البصائر: 90، والبصائر: 433 باب قول الرسول: إني تارك، وأصول الكافي: 1 / 203 ح 2 بتفاوت واختصار.

(4) الغيبة: 42.

(5) المصدر السابق.

(6) غيبة النعماني: 43.

الصفحة 341 

الخامس والعشرون: أبو النصر محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن بعض أصحابه قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة بعد صلاة الظهر، انصرف على الناس فقال: " أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر من نبي إلا نصف عمر الذي يليه ممن قبله، وإني لأظنني أوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فهل بلغتكم فما [ إذا ] أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد بأنك قد بلغت ونصحت وجاهدت فجزاك الله عنا خيرا، قال: اللهم اشهد.

ثم قال: يا أيها الناس ألم تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق من بعد الموت؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض وحوضي أعرض ما بين بصرى وصنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، ألا وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما حتى تلقوني، قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف في أيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تذلوا والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا(1) حتى يلقياني، وسألت الله لهما ذلك فأعطانيه، فلا تسبقوهم فتضلوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(2).

السادس والعشرون: العياشي أيضا في تفسيره بإسناده عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب، عليها يستدير محكم القرآن وبها نوهت الكتب ويستبين الإيمان، وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقتدى بالقرآن وآل محمد وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها: إني تارك فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر أما الأكبر فكتاب ربي وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي فاحفظوني فيهما فلن تضلوا ما تمسكتم بهما "(3).

السابع والعشرون: سليم بن قيس الهلالي في كتابه ومنه نسخت عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آخر خطبة خطبها ثم قبض من يومه: " إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما

____________

(1) في المصدر: يتفرقا.

(2) تفسير العياشي: 1 / 4 ح 3.

(3) تفسير العياشي: 1 / 5 ح 9.

الصفحة 342 

تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وأشار بإصبعيه المسبحتين - ولا أقول كهاتين إحداهما أطول من الأخرى(1) - وأشار بالمسبحة والوسطى -، فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تقدموهم فتهلكوا، ولا تخلفوا عنهم فتمرقوا(2) ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، قال: قلت: يا أمير المؤمنين سمهم(3) لي؟ قال: الذي نصبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم فأخبرهم أنه أولى بهم من أنفسهم، ثم أمرهم أن يعلم الشاهد الغائب منهم.

فقلت: أنت هو يا أمير المؤمنين؟ قال: أنا أولهم وأفضلهم، ثم ابني الحسن من بعدي أولى بهم من أنفسهم، ثم ابني الحسين من عبده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يردوا عليه حوضه واحدا بعد واحد "(4).

الثامن والعشرون: سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري [ وربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري ] وغيره، وإذا أتاني للخلوة في منزلي لم تقم عنا فاطمة ولا أحد من ابني، [ كنت ] إذا سألته أجابني وإذا سكت أو نفذت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني ويحفظني فما نسيت من كتاب الله آية منذ حفظتها وعلمت(5) تأويلها، [ مذ حفظته وأملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله ] ولا نزل عليه شئ من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي ولا طاعة ولا معصية كان أو يكون [ إلى يوم القيامة ] إلا وقد وعلمنيه وحفظته ثم لم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع (صلى الله عليه وآله) يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى.

فقلت له ذات يوم: يا نبي الله إنك منذ دعوت الله لي لم أنس شيئا مما علمتني، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته أفتجوز(6) علي النسيان؟

فقال: يا أخي لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، فقد أخبرني الله عز وجل أنه استجاب

____________

(1) في المصدر: لأن إحداهما قدام الأخرى.

(2) في المصدر: فتفرقوا.

(3) في المصدر: سمه.

(4) كتاب سليم بن قيس: 178 ط. قم المحققة.

(5) في المصدر: وعلمني.

(6) في المصدر: أتتخوف وهو الأنسب.

 

 

 

 

الصفحة 343 

لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: نبي الله ومن شركائي؟ قال: الذين قرنهم الله تعالى بنفسه وبي معه وقد قال في حقهم: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(1) قلت: يا نبي الله ومن هم؟ قال: الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هداة مهديون(2) لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم، فقلت:

يا رسول الله سمهم لي؟ فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام) ثم ابن له يسمى عليا ثم ابنا له يسمى محمدا [ باقر علمي وخازن وحي الله ] فاقرأه عني السلام [ ثم أقبل على الحسين (عليه السلام) فقال: سيولد لك (محمد بن علي) في حياتك فاقرأه مني السلام ] ثم تكملة الاثني عشر من ولده، فقلت: يا نبي الله سمهم لي بأسمائهم، فسماهم رجلا رجلا منهم - والله يا أخا بني هلال - مهدي أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم. قال سليم: ثم لقيت الحسن والحسين (عليهما السلام) بالمدينة بعد ما قتل علي صلوات الله عليه فحدثتهما بالحديث هذا من أبيهما فقالا: " صدقت، وقد حدثك أبونا هذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما حدثك علي سواء لم تزد ولم تنقص منه شيئا ".

قال سليم: ثم لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده ابنه محمد بن علي (عليه السلام). فحدثته مما سمعته من أبيه وعمه (عليهما السلام) وما سمعته من علي (عليه السلام)، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): " قد أقرأني أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مريض وأنا صبي " ثم قال محمد: " فأقرأني جدي الحسين (عليه السلام) بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) [ وهو مريض ] " قال أبان راوي كتاب سليم: فحدثت علي بن الحسين بهذا الحديث كله عن سليم فقال: " صدق سليم "(3).

التاسع والعشرون: سليم بن قيس في حديث طويل لأمير المؤمنين (عليه السلام) يذكر فيه فضائله وسوابقه في خلافة عثمان بين المهاجرين والأنصار وقال (عليه السلام): " أفتقرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في آخر خطبة خطبها: أيها الناس إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وأهل

____________

(1) هنا زيادة في المصدر: فإن خفتم التنازع في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم.

(2) في المصدر: هاد مهتد.

(3) كتاب سليم: 184 - 185.

الصفحة 344 

بيتي؟ " قالوا: اللهم نعم(1).

الثلاثون: سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل له يخاطب طلحة قال (عليه السلام): " قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة [ أفلستم تعلمون أن الخلافة غير النبوة ] فلو كان مع النبوة غيرها لاستثناها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقوله (صلى الله عليه وآله): إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي لا تقدموهم ولا تتخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(2).

الحادي والثلاثون: سليم ابن قيس قال: قال علي (عليه السلام): " إن الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم [ ويوم عرفة ] في حجة الوداع ويوم قبض في آخر خطبة خطبها رسول الله حين قال: [ إني قد ] تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وأهل بيتي، وإن اللطيف الخبير عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين الأصبعين - وأشار بمسبحته والوسطى -، فإن أحدهما قدام من الآخر، فتمسكوا بهما لن تضلوا ولا تزلوا، ولا تقدموهم ولا تتخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(3).

الثاني والثلاثون: الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره قال: حدثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الثقلان: نحن والقرآن " محمد بن العباس أيضا عن محمد بن همام عن عبد الله بن جعفر الحميري عن السندي بن محمد عن أبان بن عثمان عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (سنفرغ لكم أيها الثقلان) *(4) قال: " كتاب الله ونحن "(5).

الثالث والثلاثون: محمد بن العباس عن عبد الله بن محمد بن ناجية عن مجاهد بن موسى عن ابن مالك عن حجام بن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ". وإنما سماهما الثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما(6).

الرابع والثلاثون: الشيخ أحمد بن علي بن أبي منصور الطبرسي في كتاب الاحتجاج قال:

حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني سيف بن

____________

(1) كتاب سليم: 197.

(2) كتاب سليم: 204.

(3) كتاب سليم: 208.

(4) الرحمن: 31.

(5) تأويل الآيات: 2 / 637 ح 17 - 18.

(6) تأويل الآيات: 2 / 638 ح 19.

الصفحة 345 

عميرة وصالح بن عقبة جميعا عن قيس بن سمعان عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) وذكر خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمسجد الخيف قال (صلى الله عليه وآله): " معاشر الناس إن عليا والطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر والقرآن هو الثقل الأكبر فكل واحد منبئ عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، [ هم ] أمناء الله في خلقه وحكامه في أرضه، ألا وقد أديت ألا وقد بلغت ألا وقد أسمعت ألا وقد أوضحت ألا وإن الله عز وجل قال: وإنما(1) قلت عن قول الله عز وجل ألا إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا ولا تحل إمرة المؤمنين [ بعدي ] لأحد غيره "(2).

وروى ذلك أيضا ابن الفارسي في روضة الواعظين عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وذكر الخطبة بطولها وقد تقدمت(3).

الخامس والثلاثون: الطبرسي في الاحتجاج عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني بإسناده الصحيح عن رجال ثقة عن ثقة أن النبي (صلى الله عليه وآله) خرج في مرضه الذي توفي فيه إلى الصلاة متكئا على الفضل بن العباس وغلام له يقال له ثوبان، وهي الصلاة التي أراد التخلف عنها لثقله، ثم حمل على نفسه (صلى الله عليه وآله) وخرج، فلما صلى عاد إلى منزله فقال لغلامه: " اجلس على الباب ولا تحجب أحدا من الأنصار، وتجلاه الغشي وجاءت الأنصار فأحدقوا بالباب فقالوا: ائذن لنا على رسول الله، فقال: هو مغشي عليه وعنده نساؤه، فجعلوا يبكون، فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) البكاء فقال:

من هؤلاء؟ قالوا: الأنصار، فقال (صلى الله عليه وآله): من ههنا من أهل بيتي؟ قالوا: علي والعباس، فدعاهما وخرج متوكئا عليهما فاستند إلى جذع من أساطين مسجده وكان الجذع جريد نخل فاجتمع الناس وخطب وقال في كلامه: " إنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركة وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي [ ألا ] فمن ضيعهم ضيعه الله، ألا وإن الأنصار كرشي التي آوي إليها وإني أوصيكم بتقوى الله والإحسان إليهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم "(4).

السادس والثلاثون: سليم بن قيس الهلالي قال: بينا أنا وحبيش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر فأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلى صوته في الموسم: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب [ بن جنادة ] أنا أبو ذر، أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول: " إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تركها غرق ومثل باب حطة في بني إسرائيل ".

أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما:

____________

(1) في المصدر: وأنا.

(2) الاحتجاج: 1 / 76 - 67.

(3) روضة الواعظين: 94.

(4) الاحتجاج: 1 / 90 والحديث طويل هذا أوله.

الصفحة 346 

كتاب الله وأهل بيتي... " إلى آخر الحديث(1).

السابع والثلاثون: أبو علي في تفسيره قال: روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " أيها الناس إني قد تركت فيكم حبلين إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي أحدهما أكبر من الآخر:

كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(2).

الثامن والثلاثون: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي الجارود عن عمران بن هيثم عن مالك بن ضمرة عن أبي ذر (قدس سره) قال: لما نزلت هذه الآية يوم * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *(3) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ترد علي أمتي يوم القيامة على خمس رايات فراية مع عجل هذه الأمة فأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا وأما الأصغر فعاديناه وأبغضناه وظلمناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية هي مع سامري هذه الأمة فأقول لهم:

ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟

فيقولون: أما الأكبر فعصيناه وتركناه وأما الأصغر فخذلناه وضيعناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية ذي الثدية مع أول الخوارج وآخرهم وأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فمزقناه وبرئنا منه وأما الأصغر فقاتلناه وقتلناه فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية مع إمام المتقين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ووصي رسول رب العالمين فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه وأما الأصغر فأجبناه(4) وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى أهريقت فيهم دماؤنا، فأقول: ردوا إلى الجنة رواء مرويين مبيضة وجوهكم، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) *(5) ".

____________

(1) كتاب سليم: 457.

(2) تفسير مجمع البيان: 2 / 356.

(3) آل عمران: 106.

(4) في المصدر: فأحببناه.

(5) آل عمران: 106 - 107.

الصفحة 347 

التاسع والثلاثون: ابن بابويه بإسناده عن مالك بن ضمرة الرواسي قال: لما سير أبو ذر (رحمه الله) اجتمع أبو ذر وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود، فقال أبو ذر حدثوا حديثا نذكر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونشهد له وندعوا له ونصدقه بالتوحيد.

فقال علي (عليه السلام): " لقد علمتم ما هذا زمان حديثي " قالوا: صدقت قال: حدثنا يا حذيفة قال: لقد علمتم أني سئلت المعضلات وخبرتهن لم أسأل عن غيرها قالوا: صدقت قالوا حدثنا يا بن مسعود قال: لقد علمتم أني قد قرأت القرآن لم أسأل عن غيره، ولكن أنتم أصاحب الحديث قالوا: صدقت قال: حدثنا يا مقداد قال: لقد علمتم أني إنما كنت صاحب الفتيا لا أسأل عن غيرها، ولكن أنتم أصحاب الحديث فقالوا: صدقت فقالوا: حدثنا يا عمار فقال: لقد علمتم أني رجل نسي لا أذكر فأذكر، فقال أبو ذر (قدس سره): فأنا أحدثكم بحديث قد سمعتموه ومن سمعه منكم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن البعث حق والنار حق وأن الجنة حق قالوا؟ نشهد قال: فأنا معكم من الشاهدين.

ثم قال: ألستم تشهدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين، ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، وأما الستة من الآخرين: فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الأمة وهو زياد، وقارونها وهو سعيد، والسامري وهو أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس لأنه قال كما قال سامري قوم موسى: لا مساس - أي لا قتال - والأبتر وهو عمرو بن العاص أفتشهدون على ذلك؟ قالوا: نعم قال: وأنا على ذلك من الشاهدين، ثم قال: ألستم تشهدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن أمتي ترد علي الحوض على خمس رايات، أولها راية العجل وأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده أسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه واضطهدنا الأصغر وأخذنا حقه فأقول: اسلكوا ذات الشمال فيصرفون ظماء مظمئين قد اسودت وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد علي المخدج برايته فآخذ بيده فإذا أخذت بيده أسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاءه ومن فعل فعله يتبعهم، فأقول. بم خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه، وقاتلنا الأصغر وقتلناه فأقول: أسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ضماء مظمئين

الصفحة 348 

مسودة وجوههم، لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد علي راية فرعون أمتي وهم أكثر الناس وهم المبهرجون، فقيل: يا رسول الله وما المبهرجون؟ قال: بهرجوا الطريق قال: لا ولكن بهرجوا دينهم وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون فأقوم فآخذ بيد صاحبهم فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر فقتلناه فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد علي راية هامان أمتي وهو زياد فأقوم وآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون:

كذبنا الأكبر ومزقناه وخذلنا الأصغر وعصيناه وأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة واحدة.

ثم ترد علي راية عبد الله بن قيس وهو إمام خمسين ألف من أمتي فأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه وخذلنا الأصغر وعاديناه وأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد علي راية أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين فأقوم وآخذ بيده فإذا أخذت بيده أبيض وجهه ووجوه أصحابه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ قال:

فيقولون: اتبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه فأقول: ردوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبدا، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوه أصحابه كالقمر ليلة البدر وكضوء نجم في السماء، ثم قال (عليهم السلام) ألستم تشهدون على ذلك؟

قالوا: نعم قال: وأنا على ذلك من الشاهدين " قال يحيى: وقال عباد: اشهدوا بهذا عند الله عز وجل أن أبا عبد الرحمن حدثنا هذا وقال أبو عبد الرحمن: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن الحارث بن حصيرة حدثني بهذا وقال الحارث أشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن صخر بن الحكم حدثني بهذا وقال صخر بن الحكم: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن حيان حدثني وقال حيان: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن الربيع بن جميل حدثني بهذا وقال الربيع:

اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن مالك ابن ضمرة حدثني بهذا وقال مالك بن ضمرة: اشهدوا

الصفحة 349 

علي بهذا عند الله عز وجل أن أبا ذر حدثني بهذا وقال أبو ذر مثل ذلك وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدثني به جبرائيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى(1).

الأربعون: صاحب الطرائف في الطرائف الثلاث والثلاثين(2) وهو السيد بن طاووس عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: " لما حضرت رسول الله الوفاة دعا الأنصار قال: يا معاشر الأنصار قد حان الفراق وقد دعيت وأنا مجيب الداعي فقد جاورتم فأحسنتم الجوار ونصرتم فأحسنتم النصرة وواسيتم في الأموال ووسعتم في المسكن(3) وبذلتم مهج النفوس والله مجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة هي تمام الأمر وخاتمة العمل، العمل معها مقرون به جميعا إني أرى أن لا أفرق بينهما جميعا لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من آتى بواحدة وترك الأخرى كان جاحدا للأولى ولا يقبل الله منه عملا من الأعمال صرفا ولا عدلا. قالوا: يا رسول الله أين لنا نعرفها(4) ولا: نمسك عنها فنضل ونرتد عن الإسلام، والنعمة من الله ومن رسوله علينا فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله فقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤوفا رحيما شفيقا مشفقا فما هم يا رسول الله؟

قال لهم: كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله جديد غض طري وشاهد وحاكم عادل [ ولنا ] قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم غدا فيحاج به أقواما فتزل أقدامهم عن الصراط، فاحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا وإن الإسلام سقف تحته دعامة ولا يقوم السقف إلا بها، فلو أن أحدكم أتى بذلك السقف ممدودا لا دعامة تحته أوشك أن يخر عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس الدعامة دعامة الإسلام وذلك قوله تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) *(5) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر والتمسك بحبل الله ألا فهمتم؟ الله الله في أهل بيتي مصابيح الظلام ومعادن العلم وينابيع الحكم ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي وهو مني بمنزلة هارون من موسى ألا قد بلغت والله يا معاشر الأنصار لتعرفن الله ورسوله بما عهد إليكم أو لتضربن بعدي بالذل، يا معاشر الأنصار ألا اسمعوا [ ومن حضر ] ألا إن

____________

(1) الخصال: 457 / ح 2.

(2) الحديث ليس في الطرائف نعم هو في البحار ينقله عن كتاب الطرف لابن طاووس وكذلك في مجمع النورين للمرندي ينقله عن كتاب الطرف لابن طاووس، والذي صرح به أنه جعله متمما لكتاب الطرائف.

(3) في البحار: المسلمين وبالهامش عن المصدر: السكنى.

(4) في البحار: بمعرفتها.

(5) فاطر: 10.

الصفحة 350 

باب فاطمة بابي وبيتها بيتي فمن هتكه هتك حجاب الله " قال عيسى - يعني راوي الحديث -:

فبكى أبو الحسن صلوات الله عليه طويلا وقطع عنه بقية الحديث وأكثر البكاء قال: " هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله هتك والله حجاب الله يا محمد(1) صلوات الله عليه "(2).

الحادي والأربعون: ابن طاووس (قدس سره) في الطرائف(3) الثلاث والثلاثين يرفعه إلى عيسى قال:

سألته يعني أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: قلت: ما تقول فإن الناس قد أكثروا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ثم عمر فأطرق عني مليا ثم قال: " ليس كما ذكروا ولكنك يا عيسى كثير البحث في الأمور وليس ترضى عنها إلا بكشفها، فقلت: بأبي أنت وأمي إنما أسألك منها عما أنتفع به في ديني [ وأتفقه ] مخافة أن أضل وأنا لا أدري ولكن متى أجد مثلك يكشفها لي؟ فقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما ثقل في مرضه دعا عليا فوضع رأسه في حجره وأغمى عليه وحضرت الصلاة فأذن بها فخرجت عائشة فقالت: يا عمر اخرج فصل بالناس فقال لها عمر: أبوك أولى بها، فقالت:

صدقت ولكنه رجل لين وأكره أن يواثبه القوم فصل أنت، فقال لها عمر: بل يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب، وتحرك متحرك ومع أن محمدا مغمى عليه لا أراه يفيق منها والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه - يريد عليا - فبادر الصلاة قبل أن يفيق فإنه إن أفاق خفت أن يأمر عليا بالصلاة وقد سمعت مناجاته منذ الليلة وفي آخر كلامه يقول: الصلاة الصلاة قال: ثم خرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكر القوم ذلك ثم ظنوا أنه بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق (صلى الله عليه وآله) قال: ادعو إلي العباس فحملاه هو وعلي فأخرجاه حتى صلى بالناس وإنه لقاعد ثم حمل فوضع على منبره فلم يجلس بعد ذلك على المنبر واجتمع إليه جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزن(4) العواتق من خدورهن فبين باك وصايح وصارخ ومسترجع والنبي يخطب ساعة ويسكت ساعة وكان مما ذكر في خطبته أن قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وساعته هذه [ من الجن والإنس ] فليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان ما فرط الله فيه من شئ حجة الله لي عليكم وخلفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب ألا هو حبل الله فاعتصموا به ولا تفرقوا عنه

____________

(1) في البحار: يا أمه، وفي الهامش عن المصدر: يا أمه يا أمه.

(2) بحار الأنوار: 22 / 477 ح 27 عن كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير، ولم نجده في الطرائف المطبوع ومجمع النورين للمرندي: 348 عن ابن طاوس الطرف: 18 - 21 - 27.

(3) قلنا سابقا أنه عن كتاب الطرف لا الطرائف.

(4) في المصدر: برزت.

الصفحة 351 

* (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) *(1).

يا أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله وأدى ما أوجب عليه، ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم لا حجة له عند الله.

أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم أمامكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة ألا وإن هذا الأمر له أصحاب وآيات وقد سماهم الله في كتابه وعرفتكم وأبلغتكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة وتبتدعون السنة بالهوى، لأن كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل، القرآن إمام هدى له قائد يهدي إليه ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ولي الأمر بعد وليه(2) ووارث علمي وحكمي وسري وعلانيتي وما ورثه النبيون من قبلي، وأنا وارث ومورث فلا تكذبكم(3) أنفسكم.

أيها الناس الله الله في أهل بيتي فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم، علي أخي ووارثي ووزيري وأميني والقائم [ بأمري ] بعدي والوافي بعهدي على سنتي ويقتل على سنتي، وأول الناس إيمانا وآخرهم عهدا بي عند الموت وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة، وليبلغ شاهدكم غائبكم ألا ومن أم قوما عميا(4) وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر، أيها الناس من كانت له قبلي تبعات فها أنا ذا ومن كانت له عندي عداة فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تبعة "(5).

الثاني والأربعون: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي ابن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير: قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(6) فقال: " نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام)، فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم علي وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول

____________

(1) آل عمران: 103.

(2) في المصدر: ولي الأمر بعدي.

(3) في مجمع النورين والبحار والمصدر: فلا يكذبنكم.

(4) في المصادر: إمامة عمياء.

(5) البحار: 22 / 487 ح 31، وخصائص الأئمة للرضي: 73، ومجمع النورين: 67.

(6) النساء: 59.

الصفحة 352 

الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، وقد نزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر، ذلك لهم ونزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام): من كنت مولاه فعلي مولاه، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال: لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، ولكن الله عز وجل أنزل في كتابه تصديقا لنبيه: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليها السلام) فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان علي (عليه السلام) أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يستطع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده، إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهب عنك، فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى(2) لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل والله عز وجل يقول: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *(3) فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين (عليه السلام): أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك وبلغ في رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعى عليه كما كان هو يدعى على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام) فجرى تأويل هذه الآية * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) في المصدر: توفي.

(3) الأنفال: 75.

الصفحة 353 

وقال: الرجس هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا "(1).

الثالث والأربعون: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن [ محمد بن سنان ] عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك(2).

 

الرابع والأربعون: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي؟ "(3).

الخامس والأربعون: محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن إبراهيم بن هاشم عن ابن فضال عن أبي(4) جميلة عن أبي شعيب الحداد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أول قادم على الله ثم يقدم علي كتاب الله ثم يقدم علي أهل بيتي ثم تقدم علي أمتي فيقفون فيسألهم ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيكم؟ "(5).

وروى: سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة المفضل بن صالح الأسدي عن شعيب الحداد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا أول قادم على الله تبارك وتعالى ثم يقدم علي كتاب الله وأهل بيتي ثم تقدم علي أمتي فأقول لهم بئسما فعلتم في كتاب الله عز وجل وأهل بيت نبيكم "(6).

السادس والأربعون: الشيخ المفيد في الإرشاد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أيها الناس أنا فرطكم وأنتم واردون علي الحوض ألا إني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقاني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه ألا وإني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فلا تسبقوهم فتمرقوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(7).

السابع والأربعون: المفيد في إرشاده في خبر غدير خم وساق الحديث إلى أن قال: وكان سبب

____________

(1) أصول الكافي: 1 / 288 ح 1.

(2) المصدر السابق.

(3) أصول الكافي: 2 / 600 ح 4.

(4) في المصدر: ابن وفي المخطوط ومختصر البصائر والبحار: أبي.

(5) بصائر الدرجات: 432 / باب 17 / ح 1 (6) لم نجده في البصائر ولا المختصر ولا غيرهما من المصادر.

(7) الإرشاد: 1 / 180 ط: مؤسسة آل البيت.

الصفحة 354 

نزوله في ذلك المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة في الأمة من بعده، وقد كان تقدم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له فأخره لحضور وقت يأمن الاختلاف منهم عليه، وعلم الله سبحانه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم وأراد الله سبحانه أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتأكيد الحجة عليهم فيه فأنزل الله سبحانه عليه: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * يعني في استخلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) والنص بالإمامة عليه * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *(1) فأكد به الفرض عليهم بذلك، وخوفه من تأخير الأمر، وضمن له العصمة ومنع الناس منه، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المكان الذي ذكرناه لما وصفناه من الأمر بذلك وشرحناه، ونزل المسلمون حوله، وكان يوما قائظا شديد الحر، فأمر (صلى الله عليه وآله) بدوحات هناك فقم ما تحتها وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض، ثم أمر مناديا ينادي في الناس بالصلاة فاجتمعوا من رحالهم إليه وإن أكثرهم ليلف ردائه على قدميه من شدة الرمضاء، فلما اجتمعوا صعد (صلى الله عليه وآله) على تلك الرحال حتى صار في ذروتها ودعا أمير المؤمنين فرقى معه حتى قام عن يمينه، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ فأبلغ في الموعظة، ونعى الأمة نفسه فقال: " إني قد دعيت ويوشك أن أجيب وقد حان مني حفوف(2) من بين أظهركم وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ". وساق الحديث بطوله(3).

ورواه أبو علي الطبرسي في كتاب أعلام الورى(4).

الثامن والأربعون: (كتاب الأربعين الحديث عن الأربعين) وهو الحديث الأربعون بالإسناد المتصل عن أبي ثابت مولي أبي ذر قال: سمعت أم سلمة (رضي الله عنه) تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:

" علي مع القرآن والقرآن معه، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(5).

التاسع والأربعون: ابن شهرآشوب في المناقب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لم يمت نبي قط إلا خلف تركة وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي "(6).

الخمسون: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن

____________

(1) المائدة: 67.

(2) يقال: خف القوم خفوفا أي قلوا.

(3) الإرشاد: 1 / 176.

(4) أعلام الورى: 262.

(5) الأربعون حديثا لابن بابويه: 73 ح 40، ومستدرك الصحيحين: 3 / 124.

(6) مناقب آل أبي طالب: 1 / 202 وفيه زيادة: رب سلم أمة محمد من النار ويسر عليهم الحساب.

 

 

 

 

الصفحة 355 

عمر اليماني عن ابن أذينة عن ابن أبي عياش عن سليم قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول وأتاه رجل فقال له: أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وأدنى ما يكون به العبد كافرا وأدنى ما يكون به العبد ضالا. فقال له:

" قد سألت فافهم الجواب أما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا: أن يعرفه الله تبارك وتعالى نفسه فيقر له بالطاعة ويعرفه نبيه فيقر له بالطاعة ويعرفه إمامه وحجته في أرض وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة، قلت: يا أمير المؤمنين وإن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت؟ قال: نعم إذا أمر أطاع وإذا نهي انتهى.

وأدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه أن الله أمر به ونصبه دينا يتولى عليه ويزعم أنه يعبد الذي أمره به وإنما يعبد الشيطان.

وأدنى ما يكون به العبد ضالا أن لا يعرف حجة الله تبارك وتعالى وشاهده على عباده الذي أمر الله عز وجل بطاعته وفرض ولايته فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(1) فقلت: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك أوضح لي، فقال: الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آخر خطبته يوم قبضه الله عز وجل: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض - وجمع بين مسبحتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين المسبحة والوسطى - فتسبق إحداهما الأخرى - فتمسكوا بهما لا تزلوا لا تضلوا ولا تقدموهم فتضلوا "(2).

الحادي والخمسون: الشيخ محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد ابن سعيد بن عقدة(3) ومحمد بن همام بن سهل وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس وأخبرنا به من غير هذه الطريق هارون بن محمد قال: حدثني أحمد بن عبد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال: حدثنا عبد الله ابن مبارك شيخ لنا كوفي ثقة قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام عن معمر عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، وذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة قال معمر: وذكر أبو هارون العبدي أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة عن سليم: أن معاوية لما دعا أبا الدرداء وأبا هريرة ونحن مع

____________

(1) المائدة: 95.

(2) أصول الكافي: 2 / 415 ح 1 باب أدنى ما يكون العبد.

(3) كلمة غير مقروءة في الأصل.

الصفحة 356 

أمير المؤمنين (عليه السلام) بصفين فحملهما الرسالة إلى أمير المؤمنين وأدياه إليه قال: " قد بلغتماني ما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني وبلغاه عني، [ كما بلغتماني ] قالا: نعم. فأجابه علي (عليه السلام) الجواب بطوله حتى انتهى إلى نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياه بغدير خم بأمر الله عز وجل لما أنزل الله عز وجل عليه: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(1)

فقال الناس: يا رسول الله أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يعلمهم ولاية من أمرهم الله بولايته، وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، قال علي (عليه السلام): فنصبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم فقال: إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني ثم قال: قم يا علي، ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادى بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر، ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، من كنت مولاه فعلي مولاه والي الله من والاه وعادي من عاداه، فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله ولاء ماذا؟ فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل الله: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(2).

فقال سلمان الفارسي: يا رسول الله أنزلت الآيات في علي خاصة؟ فقال: بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، فقال: يا رسول الله سمهم(3) لي؟ فقال: علي وصيي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن ومؤمنة من بعدي وأحد عشر إماما من بعدي من ولده أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين (عليه السلام) واحدا بعد واحد، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على حوضي، فقام اثنا عشر من البدريين الذين شهدوا مع علي صفين فقالوا: شهدنا أنا سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما قلت يا أمير المؤمنين سواء، فلم تزد ولم تنقص، وقال بقية السبعين من البدريين الذين شهدوا مع علي صفين: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله، وهؤلاء الاثنا عشر خيارنا وأفاضلنا، فقال (عليه السلام): صدقتم ليس كل الناس يحفظ وبعضهم أحفظ من بعض "(4).

الثاني والخمسون: محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة بالإسناد السابق في حديث أبي الدرداء وأبي هريرة في الحديث قال: وقام من الاثني عشر أربعة: الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وعمار

____________

(1) المائدة: 55.

(2) المائدة: 3.

(3) في المصدر المطبوع: بينهم.

(4) كتاب الغيبة للنعماني: 70.

الصفحة 357 

وخزيمة [ بن ثابت ] ذو الشهادتين فقالوا: شهدنا أنا حفظنا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) [ والله إنه لقائم ] وعلي قائم إلى جنبه وهو يقول: " يا أيها الناس إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم ووصيي(1) فيكم وخليفتي في أهلي وفي أمتي من بعدي والذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه وأمركم فيه بولايته فقلت: يا رب خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعاقبني، أيها الناس إن الله جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة وقد بينتها لكم وسننتها لكم والزكاة والصوم والحج فبينته وفسرته(2)، وأمركم في كتابه بولايته وإني أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعلي وأوصيائي من ولدي وولده، أولهم حسن ثم ابني حسين ثم تسعة من ولد الحسين لا يفارقون كتاب الله حتى يردوا علي الحوض.

أيها الناس وقد أعلمتكم مفزعكم بعدي ووليكم وإمامكم وهاديكم بعدي، وهو أخي علي بن أبي طالب وهو فيكم بمنزلتي فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله جل وعز، أمرني الله أن أعلمه إياه وأن أعلمكم أنه عنده فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تتخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم(3).

الثالث والخمسون: محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة بالسند السابق في الحديث ثم قال علي (عليه السلام) لأبي الدرداء وأبي هريرة ومن حوله: " أيها الناس أتعلمون أن الله أنزل في كتابه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(4) فجمعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة وحسنا وحسينا في كساء فقال: اللهم هؤلاء لحمتي(5) وعترتي وثقلي وحامتي(6) وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا، فقال لها: وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي وابنتي فاطمة وفي ابني حسن وحسين وفي تسعة من ولد الحسين خاصة ليس معنا أحد غيرنا؟ فقام جل القوم فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

فقال علي (عليه السلام): ألستم تعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج * (يا أيها الذين آمنوا اركعوا

____________

(1) في المصدر المطبوع: لكم إماما يكون وصيي.

(2) في المصدر لم يذكر الحج وقال: فبينتهما.

(3) كتاب الغيبة: 72، وفيه تفاوت بسيط في الألفاظ أشرت إلى المهم منه.

(4) الأحزاب: 33.

(5) كذا الظاهر من المخطوط وفي المصدر: أحبتي.

(6) في المصدر: وخاصتي.

الصفحة 358 

واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) *(1) فقام سلمان عند نزولها فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اختارهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا، أنا وأخي عليا وأحد عشر من ولده، فقالوا: اللهم نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فقال علي (عليه السلام): أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله قام خطيبا ثم لم يخطب بعد ذلك فقال: أيها [ الناس ](2) إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لا يفترقان حتى يردا علي الحوض؟ قالوا: اللهم قد شهدنا ذلك كله من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقام اثنا عشر من الجماعة فقالوا: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله لكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن الأوصياء منهم علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي وهو أولهم وخيرهم ثم وصيه بعده ابني هذا - وأشار إلى الحسن ثم وصيه ابني هذا - وأشار إلى الحسين - ثم وصيه ابني بعده سمي أخي ثم وصيه بعده سميي، ثم سبعة من بعده من ولده واحد بعد واحد، حتى يردوا علي الحوض شهداء الله في أرضه، وحججه على خلقه، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله ". فقام السبعون البدريون ونحوهم من المهاجرين فقالوا: ذكرتمونا ما كنا نسيناه، نشهد أنا قد سمعنا ذلك من رسول الله، فانطلق أبو هريرة وأبو الدرداء فحدثا معاوية بكل ما قال علي وما استشهد عليه وما رد على الناس وما سمعوا به(3).

وروى هذه الأحاديث الثلاث أيضا ابن بابويه في كتاب الغيبة قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (قدس سره) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي وذكر الأحاديث الثلاثة.

الرابع والخمسون: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي قال: حدثنا جدي لأمي محمد بن عيسى القيسي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي، قال: حدثنا هاشم بن البريد، عن أبي سعيد التيمي، قال: سمعت أبا ثابت

____________

(1) الحج: 77 - 78.

(2) لا توجد في الأصل.

(3) كتاب الغيبة للنعماني: 74، وكمال الدين: 279 ح 25 وهو كتاب الغيبة.

الصفحة 359 

مولى أبي ذر (رحمه الله) يقول سمعت أم سلمة تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه: " أيها الناس أوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي - ثم أخذ بيد علي فرفعها - فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي خليفتان بصيران لا يختلفان لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما "(1).

الخامس والخمسون: الشيخ أيضا في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا أبو سعيد البصري قال: حدثنا محمد بن صدقة العنبري قال: حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه محمد بن علي عن جابر ابن عبد الله الأنصاري قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما صلاة الفجر ثم انفتل وأقبل علينا يحدثنا ثم قال: " أيها الناس من فقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين، قال:

فقمت أنا وأبو أيوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك فقلنا: يا رسول الله من الشمس؟ قال: أنا، فإذا هو (صلى الله عليه وآله) قد ضرب لنا مثلا فقال: إن الله تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء، كلما غاب نجم طلع نجم فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر، قلنا: فمن القمر؟ قال: أخي ووصيي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب، قلنا: فمن الفرقدان؟

قال: الحسن والحسين - ثم مكث مليا - فقال: وفاطمة هي الزهرة، وعترتي أهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفترقان حتى يردا علي الحوض "(2).

السادس والخمسون: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (قدس سره) قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): من آل محمد؟ قال: ذريته، قلت: من أهل بيته؟ قال: الأئمة الأوصياء، قلت: من عترته؟ قال: أصحاب العباء، قلت: من أمته؟ قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله وعترته أهل بيته، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(3).

السابع والخمسون: الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في أماليه قال: أخبرني أبو

____________

(1) أمالي الطوسي: 478 / مجلس 17 / ح 14.

(2) أمالي الطوسي: 516 / مجلس 18 / ح 38.

(3) أمالي الصدوق: 312 / مجلس 48 / ح 10.

الصفحة 360 

الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني أبو عمر وحفص بن عمر الفراء قال: حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي عن معروف بن خربوذ قال: سمعت أبا عبيد الله مولى العباس يحدث أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال:

سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن آخر خطبة خطبنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لخطبة خطبنا في مرضه الذي توفي فيه، خرج متوكئا على يد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وميمونة مولاته فجلس على المنبر ثم قال: " يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين - وسكت - فقام رجل فقال: يا رسول الله ما هذان الثقلان؟ فغضب حتى احمر وجهه، ثم سكن وقال: ما ذكرتهما إلا وأنا أريد أن أخبركم بهما، ولكن ربوت(1) فلم أستطع سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، تعملون فيه كذا وكذا، ألا وهو القرآن، والثقل الأصغر أهل بيتي، ثم قال: وأيم الله [ والله ] إني لأقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم، ثم قال: والله لا يحبهم عبد إلا أعطاه الله نورا يوم القيامة حتى يرد علي الحوض، فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن أبا عبد الله يأتينا بما يعرف "(2).

الثامن والخمسون: ابن بابويه في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي قال: " سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟ قال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة [ من ولد الحسين ]، تاسعهم مهديهم وقائمهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حوضه(3).

التاسع والخمسون: ابن بابويه في الفقيه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا العباس بن الفضل المقري قال: حدثنا محمد بن علي بن منصور قال: حدثنا عمرو بن عون قال:

حدثنا خالد عن الحسن بن عبد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(4).

الستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس قال: حدثنا العباس بن الفضل عن أبي زرعة عن كثير بن يحيى أبي مالك عن أبي عوانة عن الأعمش قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع فنزل

____________

(1) الربو: التهيج وتواتر النفس.

(2) أمالي المفيد: 135 / ح 3 / مجلس 16.

(3) عيون أخبار الرضا: 2 / 60 ح 25 باب النصوص على الرضا (عليه السلام).

(4) لم نجده في الفقيه نعم رواه في كمال الدين: 234 ح 44 بنفس الإسناد واللفظ باب 22.

الصفحة 361 

بغدير خم وأمر بدوحات فقم ما تحتهن ثم قال: " كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ثم قال: من كنت وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ". قال: فقلت لزيد بن أرقم: وأنت سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه(1).

الحادي والستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي قال: حدثنا عبد الله بن محمد العزيز إملاء قال: حدثنا حسين(2) بن الوليد قال: حدثنا محمد بن طلحة عن الأعمش عن عطية بن سعيد عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي، ونبأني(3) اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بماذا تخلفوني فيهما "(4).

الثاني والستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن حفص الخثعمي قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا صالح بن موسى قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع [ عن أبي صالح ] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدي أبدا ما أخذتم بهما وعملتم بما فيهما، كتاب الله وسنتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(5).

الثالث والستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا القاسم بن عباد قال:

حدثنا سويد قال: حدثنا عمرو بن صالح عن زكريا عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل حبل ممدود، وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(6).

الرابع والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا محمد بن أحمد

____________

(1) كمال الدين: 234 / ح 45.

(2) في المصدر: بشر.

(3) في المصدر المطبوع: وأن اللطيف الخبير أخبرني.

(4) كمال الدين: 235 / ح 46.

(5) كمال الدين: 235 / ح 47.

(6) المصدر السابق: ح 48.

الصفحة 362 

ابن حمدان القشيري قال: حدثنا الحسين بن حميد قال: حدثني أخي الحسن بن حميد قال:

حدثني علي بن ثابت الدهان قال: حدثنا سعادة وهو ابن سليمان عن أبي إسحاق عن حارث عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني [ امرئ ] مقبوض وأوشك أن أدعى فأجيب وإني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أفضل من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(1).

الخامس والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: حدثنا القشيري قال:

حدثنا المغيرة بن محمد بن المهلب قال: حدثني أبي عن عبد الله بن [ أبي ](2) داود عن الفضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، طرف بيد الله، وعترتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " فقلت لأبي سعيد: من عترته؟ قال: أهل بيته(3).

السادس الستون: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الفضل البغدادي قال: سمعت أبا عمر صاحب أبي العباس ثغلب يقول: سمعت أبا العباس ثغلب [ وقد ] سئل عن معنى قوله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين " لم سميا الثقلين؟ قال: لأن التمسك بهما ثقيل(4).

السابع والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن علي بن شعيب أبو محمد الجوهري قال:

حدثنا عيسى بن محمد العلوي قال: حدثنا الحسين بن الحسن الحميري(5) بالكوفة قال: حدثنا الحسن بن الحسن المغربي(6) عن عمرو بن جميع عن أبي المقدام عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) قال: " أتيت جابر بن عبد الله فقلت: أخبرني عن حجة الوداع، فذكر حديثا طويلا ثم قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا [ من ] بعدي كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ثم قال: اللهم اشهد، ثلاثا "(7).

الثامن والستون: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حمدان القشيري قال: حدثنا أبو حاتم المغيرة بن محمد بن المهلب قال: حدثنا عبد الغفار بن محمد بن كثير الكلابي الكوفي عن جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى

____________

(1) المصدر السابق: ح 49.

(2) ليست في المصدر.

(3) المصدر السابق: ح 50.

(4) المصدر السابق: ح 51.

(5) في المصدر: الحيري وبالهامش عن بعض النسخ الحميري.

(6) في المصدر: العرفي.

(7) كمال الدين: 237 / ح 53.

الصفحة 363 

عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(1).

التاسع والستون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثني عبد الله بن يزيد أبو محمد البجلي قال: حدثنا محمد بن طريف قال: حدثنا أبو فضيل(2) عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني قد دعيت وأجبت وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يزالا أبدا(3) حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما "(4).

السبعون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر: حدثنا أبو جعفر محمد بن حسين بن حفص عن عباد بن يعقوب عن أبي مالك عن عمرو بن هاشم الجنبي(5) عن عبد الملك بن عطية أنه سمع أبا سعيد يرفع ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين، ما إن أخذتم به لن تضلوا من بعدي: أحدهما أكبر من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(6).

الحادي والسبعون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال:

" حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(7).

الثاني والسبعون: ابن بابويه قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري قال:

حدثني عمي أبو عبد الله محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عيسى بن المعتمر قال: رأيت أبا ذر الغفاري (رحمه الله) آخذا بحلقة باب الكعبة وهو يقول: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر جندب بن

____________

(1) كمال الدين: 37 / ح 54.

(2) في المصدر: محمد بن فضيل.

(3) في المصدر: جميعا.

(4) المصدر السابق: ح 56.

(5) في المخطوط: الحميري.

(6) المصدر السابق: ح 57.

(7) المصدر السابق: ح 58.

الصفحة 364 

السكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إني مخلف فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإن مثلهما كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق "(1).

الثالث والسبعون: ابن بابويه قال: حدثني شريف الدين الصدوق أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن زياد(2) بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة قال: حدثنا الفضل بن شاذان النيشابوري قال: حدثنا عبد الله بن موسى قال: حدثنا شريك عن ركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد ابن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(3).

الرابع والسبعون: ابن بابويه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري (رضي الله عنه) قال:

حدثنا علي بن محمد بن قتيبة عن شاذان قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا زكريا عن أبي زائدة عن أبي عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(4).

الخامس والسبعون: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة قال:

حدثنا الفضل بن شاذان قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(5).

السادس والسبعون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عباس عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (قدس سره) قال: " إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحججا في أرضه، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا "(6).

____________

(1) كمال الدين: 239 / ح 59.

(2) في المصدر: زئارة ونسب (زيادة) للتصحيف.

(3) المصدر السابق: ح 60.

(4) المصدر السابق: ح 61.

(5) المصدر السابق: ح 62.

(6) المصدر السابق: ح 63 / الباب 22 اتصال الوصية.

الصفحة 365 

السابع والسبعون: المفيد في أماليه قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي قال: حدثنا شعيب بن أيوب قال: حدثنا معاوية ابن هشام عن سفيان عن هشام بن حسان قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر فقال: " نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الأقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته، والتالي كتاب الله فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره لا نتظني(1) تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل مقرونة، قال الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *(2) واحذروا الإصغاء لنهاق(3) الشيطان فإنه لكم عدو مبين فتكونوا أولياءه الذين قال لهم:

* (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون) *(4) فتلقون إلى الرماح وزرا، وإلى السيوف جزرا، وإلى العمد حطما، وإلى السهام غرضا(5) ثم * (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *(6) وقد تقدم هذا الحديث من طريق الشيخ الطوسي في أماليه بالسند والمتن(7).

الثامن والسبعون: الشيخ المفيد في أماليه قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال:

أخبرني جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا يونس بن محمد قال:

حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال: أخبرني عبد الرحمن بن خلاء الأنصاري عن عكرمة عن عبد الله ابن عباس قال: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه فقالوا: يا رسول الله هذه الأنصار في المسجد تبكي ورجالها ونسائها عليك فقال: وما يبكيهم؟ قالوا: يخافون أن تموت، فقال: " اعطوني أيديكم، فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، فما تنكرون من موت نبيكم ألم أنع إليكم وتنع إليكم أنفسكم؟! لو خلد أحد قبلي ثم بعثه الله لخلدت

____________

(1) التظني: إعمال الظن وأصله التظنن.

(2) النساء: 59.

(3) في المصدر: لهتاف.

(4) النساء: 83.

(5) الوزر: الجبل المنيع، وجزر السباع اللحم الذي تأكله، والعمد: جمع العمود، والحطم: الكسر، والغرض:

الهدف.

(6) الأنعام: 158.

(7) أمالي المفيد: 350 / ح 4 / مجلس 41، وأمالي الطوسي: 121 / ح 188 / مجلس 5 / ح 1.

الصفحة 366 

فيكم، ألا إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله تعالى بين أظهركم تقرؤنه صباحا ومساء فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا كما أمركم الله، وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي، وأنا أوصيكم بهذا الحي من الأنصار فقد عرفتم بلاهم عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار ويؤثروا وبهم خصاصة فمن ولي منكم يضر فيه أحد وينفعه فليقبل من محسن الأنصار، وليتجاوز عن مسيئهم ". وكان آخر مجلس جلسة حتى لقي الله عز وجل(1).

التاسع والسبعون: ابن بابويه بإسناده في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) عن داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى (عليه السلام) قال: " حدثني أبي عن آبائه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كأني قد دعيت فأجبت، إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما "(2).

الثمانون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر بن سالم بن البراء الجعابي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: " قال النبي (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(3).

الحادي والثمانون: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن يزيد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في خطبة صلاة الجمعة قال: " وقد بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أرسل به، فالزموا وصيته وما ترك بينكم من بعده من الثقلين، كتاب الله وأهل بيته اللذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من تركهما "(4).

الثاني والثمانون: الشيخ أحمد بن علي بن منصور الطوسي في كتاب الاحتجاج في رسالة أبي الحسن الثالث علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض قال (عليه السلام): " أجمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي (صلى الله عليه وآله): لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأخبر (صلى الله عليه وآله) أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها

____________

(1) أمالي المفيد: 47 / ح 6 / مجلس 6.

(2) عيون أخبار الرضا: 1 / 34 ح 40 / باب 31.

(3) المصدر السابق: 68 / ح 259 / باب 31.

(4) الكافي: 3 / 423 ح 6 والخطبة طويلة هذا وسطها.

الصفحة 367 

بعضا هو الحق، فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتباع أحكام الأحاديث المزورة والروايات المزخرفة، واتباع الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب، وتحقيق الآيات الواضحات النيرات، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب ويهدينا إلى الرشاد.

ثم قال (عليه السلام): فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب ضلالا، وأصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، واللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله (صلى الله عليه وآله): إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا.

وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب مثل قوله * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(1) ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام) أنه تصدق بخاتمه وهو راكع، فشكر الله ذلك له، وأنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وقوله (عليه السلام): علي يقضي ديني، وينجز موعدي، وهو خليفتي عليكم من بعدي.

وقوله حيث استخلفه على المدينة فقال: يا رسول الله تخلفني على النساء والصبيان، فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب يشهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد، فيلزم الأمة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن [ ووافق القرآن هذه الأخبار ]، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا، كان الاقتداء فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد والفساد "(2).

____________

(1) المائدة: 58.

(2) الاحتجاج: 2 / 253.