باب 17- إمامة أبي الحسن علي بن موسى عليه السلام

الصفحة 77   

67 - أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن النجاشي الأسدي، قال:

قلت للرضا عليه السلام: أنت صاحب هذا الأمر؟

قال: إي - والله - على الإنس والجن (1).

68 - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد الشامي، عن الحسن بن موسى، عن علي بن أسباط، عن الحسن مولى أبي عبد الله، عن أبي الحكم، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري (2) عن يزيد بن سليط الزيدي، قال (3):

لقينا أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة، ونحن جماعة، فقلت له:

بأبي أنت وأمي، أنتم الأئمة المطهرون، والموت لا يعرى منه أحد فأحدث إلي

____________

1 - أثبته في بحار الأنوار (ج 49 ص 106 / 35) نقلا عن كتاب (الإمامة والتبصرة، لعلي بن بابويه) (عن أحمد بن إدريس).

ورواه الصدوق في العيون (1 / 21) عن أبيه (المؤلف) مثله، لكن لم يرد في ما أورده الصدوق في العيون، ذكر كلمة (بن) بين النجاشي وكلمة العباس.

2 - في الكافي: قال أبو الحكم: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط.

3 - في الكافي: عن يزيد بن سليط، قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السلام، ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟

قال: نعم، فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم، إني أنا وأبي لقيناك هاهنا وأنت مع أبي عبد الله عليه السلام ومعه إخوتك، فقال له أبي: بأبي أنت وأمي، أنتم كلكم أئمة مطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا أحدث به من يخلفني من بعدي فلا يضل. قال: نعم يا أبا عبد الله، هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم... الخ.

الصفحة 78   

شيئا ألقيه إلى من يخلفني.

فقال لي: نعم هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم - وأشار إلى موسى عليه السلام ابنه -، وفيه علم الحكم، والفهم، والسخاء، والمعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا - من أمر دينهم -، وفيه حسن الخلق، وحسن الجوار، وهو باب من أبواب الله، وفيه أخرى هي خير من هذا كله.

فقال أبي: ما هي بأبي أنت وأمي؟

قال: يخرج الله منه غوث هذه الأمة وغياثها، وعلمها، ونورها، وفهمها، و حكمتها، خير مولود، خير ناشئ، يحقن الله به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل به القطر، ويؤمن به العباد (4).

خير كهل، وخير ناشئ، تسر (5) به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم، وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه.

قال: فقال أبي: بأبي أنت ولد بعد؟ (6).

قال: نعم.

ثم قطع الكلام (7).

قال يزيد: ثم لقيت أبا الحسن عليه السلام بعد، فقلت له:

بأبي أنت وأمي، إني أريد أن تخبرني بمثل ما أخبرني به أبوك.

قال: فقال: كان أبي في زمن ليس هذا زمانه.

قال يزيد: فقلت: من يرض (8) منك بهذا، فعليه لعنة الله!

قال: فضحك، ثم قال: أخبرك يا با عمارة: إني خرجت من منزلي،

____________

4 - في العيون: ويأتمر له العباد.

5 - في العيون: يبشر، وفي الكافي: يسود عشيرته من قبل...

6 - في العيون: فيكون له ولده بعده.

7 - في الكافي: قال يزيد: فجاءنا من لم نستطيع معه كلاما.

8 - كذا في (ب) وكان (أ): من لم يرض، وفي الكافي والعيون: فمن يرضى.

الصفحة 79   

فأوصيت بالظاهر إلى بني، وأشركتهم مع علي ابني، وأفردته بوصيتي في الباطن.

ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام، وأمير المؤمنين عليه السلام معه، ومعه خاتم وسيف وعصا وكتاب وعمامة.

قلت له: ما هذا؟

فقال: أما العمامة: فسلطان الله.

وأما السيف: فعزة الله.

وأما الكتاب: فنور الله.

وأما العصا: فقوة الله.

وأما الخاتم: فجامع هذه الأمور.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والأمر يخرج إلى علي - عليه السلام - ابنك.

قال: ثم قال: يا يزيد، إنها وديعة عندك، فلا تخبرها (9) إلا عاقلا، أو عبدا امتحن الله قلبه، أو صادقا، ولا تكفر (10) نعم الله.

وإن سئلت عن الشهادة، فأدها، فإن الله - تبارك وتعالى - يقول: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " (11) وقال: " ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ". (12) فقلت: والله ما كنت لأفعل ذلك أبدا.

قال: ثم قال أبو الحسن عليه السلام: ثم وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: علي ابنك الذي ينظر (13) بنور الله، ويسمع بفهمه (14) وينطق بحكمته،

____________

9 - في العيون: فلا تخبر بها.

10 - وردت هذه الكلمة في (أ) بتشديد الفاء.

11 - الآية (58) من سورة النساء 4.

12 - الآية (140) من سورة البقرة 2.

13 - كذا في العيون، وكان في النسختين: ينطق.

14 - في العيون: بتفهيمه.

الصفحة 80   

يصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، يعلم (15) حكما وعلما.

وما أقل مقامك معه، إنما هو شئ كأن لم يكن (16)، فإذا رجعت من سفرك، فأوص وأصلح أمرك، وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنه ومجاور غيره (17) فاجمع ولدك، وأشهد الله عليهم جميعا، وكفى بالله شهيدا.

ثم قال: يا يزيد، إني أؤخذ في هذه السنة، والأمر إلى ابني علي، سمي علي وعلي:

أما علي الأول: فعلي بن أبي طالب.

وأما علي الآخر: فعلي بن الحسين.

أعطي فهم الأول، وحكمته، وبصره ووده، ودينه ومحنة الآخر، وصبره على ما يكره.

وليس له أن يتكلم إلا بعد هارون بأربع سنين، فإذا مضت أربع سنين، فاسأله عما شئت يجبك، إن شاء الله تعالى. (18) ثم قال: يا يزيد، فإذا مررت بهذا الموضع، ولقيته، وستلقاه، فبشره: أنه سيولد له غلام أمره ميمون (19) مبارك.

وسيعلمك: أنك لقيتني، فأخبره عند ذلك: أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية، جارية رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن قدرت أن تبلغها عني السلام فافعل ذلك.

قال يزيد: فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم - عليا عليه السلام -، فبدأني، فقال لي: يا يزيد، ما تقول في العمرة؟

____________

15 - في العيون: قد ملئ حلما وعلما.

16 - من هنا يبدأ النقص الأول في نسخة (ب)، وقد ترك له في المصورة أكثر من سبع صفحات من (57) إلى (65)، وانظر ما كتبناه في المقدمة بعنوان: عملنا في التحقيق.

17 - كتب فوق كلمتي (عنه وغيره): عنهم وغيرهم، عن نسخة، ولاحظ الكافي.

18 - إلى هنا ينتهي الحديث في العيون.

19 - كتب في الهامش: وأميره مأمون.

الصفحة 81   

فقلت: فداك أبي وأمي، ذلك إليك، وما عندي نفقة.

فقال: سبحان الله، ما كنا نكلفك ولا نكفيك.

فخرجنا حتى إذا انتهينا إلى ذلك الموضع، ابتدأني فقال: يا يزيد، إن هذا الموضع لكثيرا ما لقيت فيه خيرا، فقلت: نعم، ثم قصصت عليه الخبر.

فقال لي: أما الجارية فلم تجئ بعد، فإذا دخلت أبلغتها منك السلام.

فانطلقت (20) إلى مكة واشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت، فولدت ذلك الغلام.

قال يزيد: وإن كان إخوة علي يرجون أن يرثوه (21) فعادوني من غير ذنب.

فقال لهم إسحاق بن جعفر: والله، لقد رأيته (22) وإنه ليقعد من أبي إبراهيم عليه السلام المجلس الذي لا أجلس فيه أنا (23).

____________

20 - كذا في الأصل، ولكن في الكافي، فانطلقنا.

21 - كذا في الكافي، وكان في الأصل: يرشوه، بالشين.

22 - كذا في الكافي، وكان في الأصل: رأيت.

23 - من هنا يبدأ النقص الأول في نسخة (أ) وقد ترك له مقدار سطر واحد فقط.

والحديث نقله المجلسي في البحار (ج 50 ص 28) عن كتابنا هذا، ورواه الصدوق في العيون (1 / 19) عن أبيه (المؤلف) وابن الوليد وابن المتوكل والعطار وابن ماجيلويه، جميعا عن محمد بن يحيى العطار إلى قوله (ع): (إلا بعد هارون بأربع سنين) وفيه: الحسين مولى أبي عبد الله بدل الحسن، ونقله عنه في البحار (ج 48 ص 12) و (ج 49 ص 11) ورواه في في الكافي (1 / 313) عن أحمد بن مهران عن محمد بن علي، عن (أبي الحكم) الأرمني [ وقطعة منه في إرشاد المفيد (ص 344) وغيبة الطوسي (ص 27) ] وعنه وعن ابن بابويه في إعلام الورى (ص 317) وفي البحار (ج 50 ص 25 ح 17) عن الإعلام.

أقول:

وفي باب إمامة الرضا (ع) وردت رواية بطريق المؤلف نوردها هنا حتى لا تفوتنا فيما لو كانت ساقطة ضمن النقص الحاصل: روى المؤلف، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، قال: حدثني جماعة من أصحابنا، عن بكر بن موسى الساباطي قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام، فقال: إن جعفرا كان يقول:

سعد من لم يمت حتى يرى خلفه من نفسه، ثم أومى بيده إلى ابنه علي، فقال: وقد أراني الله خلفي من نفسي. أورده الخزاز في كفاية الأثر (ص 269) نقلا عن الصدوق عن أبيه.