الباب في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * من طريق العامة

الصفحة 29   

وفيه أربعة عشر حديثا

الحديث الأول: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال:

أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الخزاز إذنا قال: حدثنا أبو عبيد بن حربويه قال: حدثنا الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا علي بن عبيد الله قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي عن سفيان بن سعيد عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما نزلت * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): " كم ترى دينار؟ قلت: " لا يطيقون " قال: " فكم ترى؟ " قال: " شعيرة " قال: " إنك لزهيد " قال فنزلت: * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) * الآية قال: " فبي خفف الله عن الأمة "(1).

الحديث الثاني: ابن المغازلي قال: أخبرنا أحمد بن محمد أذنا قال: أخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب حدثنا أحمد بن سحاق الطيبي قال: حدثنا محمد بن أبي العوام قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا أبو شهاب عن ليث عن مجاهد قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): " الآية ما عمل بها أحد من الناس غيري آية النجوى كان لي دينار بعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي النبي (صلى الله عليه وآله) تصدقت بدرهم ما عمل بها أحد قبلي ولا بعدي "(2).

الحديث الثالث: ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدي من الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة في تفسير سورة المجادلة قال: قال أبو عبد الله البخاري قوله تعالى: * (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * نسختها * (فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم) * قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: " ما عمل بهذه الآية غيري وبي خفف الله تعالى عن هذه الآية أمر هذه الآية "(3).

الحديث الرابع: الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال: قال مجاهد نهى عن مناجاة

____________

(1) المناقب لابن المغازلي: 200 / ح 372.

(2) المناقب لابن المغازلي: 201 / ح 373.

(3) صحيح الترمذي: 5 / 406، والطرائف عن الجمع: 41 / ح 34 ولم نجده عند البخاري المطبوع.

الصفحة 30   

النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قدم دينارا فتصدق به ثم نزلت الرخصة وقال علي صلوات الله عليه: " إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قال علي صلوات الله عليه: " بي خفف الله عز وجل عن هذه الأمة أمر هذه الآية فلم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي "(1).

الحديث الخامس: الثعلبي قال: وقال ابن عمر لعلي بن أبي طالب: ثلاثة لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم: تزويجه فاطمة، وإعطائه الراية يوم خيبر، وآية النجوى(2).

الحديث السادس: أبو المؤيد موفق بن أحمد قال: قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قيل: سأل الناس رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأكثروا فأمروا بتقديم الصدقة على المناجاة فلم يناجه إلا علي (عليه السلام) قدم دينارا فتصدق به فنزلت الرخصة، وعن علي كرم الله وجهه أنه قال: " إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * ثم نسخت "(3).

الحديث السابع: إبراهيم بن محمد الحمويني في (فرائد السمطين) قال: أخبرنا الشيخ قال:

أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقرائتي عليه أو قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنبأنا المؤيد محمد بن علي الطوسي سماعا عليه قال: أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري سماعا عليه قال: أنبأنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي سماعا عليه قال: في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) * قال ابن عباس في رواية الوالبي: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه فأنزل الله هذه الآية، فلما نزلت على نبي الله كان كثير من الناس كفوا عن المسألة قال المفسرون: إنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه أحد: إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) تصدق بدينار(4).

الحديث الثامن: الحمويني هذا قال: قال الواحدي أخبرنا أبو بكر بن الحرث، أنبأنا أبو بكر محمد بن حبان أنبأنا أبو يحيى، أنبأنا سهل بن عثمان، أنبأنا أبو قبيصة عن ليث عن مجاهد عن علي قال: " آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولن يعمل بها أحد بعدي آية النجوى كان لي دينار

____________

(1) العمدة: 185 / 282 - 283.

(2) العمدة: 185 / 284.

(3) المناقب: 276 / ح 261 - 262.

(4) فرائد السمطين: 1 / 357 / ب 66 / ح 283.

الصفحة 31   

فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قدمت درهما فنسخته الآية الأخرى * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) * الآية(1).

الحديث التاسع: قال الحمويني: هذه الكلمات العشر التي ناجى بها علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي أوردها الإمام حسام الدين محمد بن عثمان بن محمد العلي آبادي من مصنفه في التفسير وهو الموسوم بكتاب (مطالع المعاني) وقد أخبرني به الإمام برهان الدين علي بن أبي الفتح ابن أبي بكر ابن عبد الجليل المرغيناني إجازة قال: أنبأنا والدي الإمام إجازة قال: أنبأنا الإمام حسام الدين محمد بن عثمان بن محمد بن المصنف قال: روي عن علي صلى الله عليه وآله ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر مرات بعشر كلمات قدمها عشر صدقات فسأل في الأولى: " ما الوفا؟ " قال: " التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله " ثم قال: وما الفساد؟ قال الكفر والشرك بالله عز وجل قال: وما الحق؟ قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك قال وما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة قال: وما علي؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله، قال: وكيف ادعوا الله تعالى؟ قال: بالصدق واليقين، قال: وماذا أسأل الله تعالى؟ قال: العافية قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال: كل حلالا وقل صدقا، قال: وما السرور؟ قال الجنة قال: وما الراحة؟ قال لقاء الله تعالى، فلما فرغ نسخ حكم الصدقة "(2).

الحديث العاشر: قال شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة نقلت من مؤلف شيخنا أبي جعفر الطوسي (رضي الله عنه) ذكر أنه قي جامع الترمذي وتفسير الثعلبي بإسناده عن علقمة الأنباري يرفعه إلى علي (عليه السلام) أنه قال: " بي خفف الله عن هذه الأمة لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وكان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد إلا من تصدق بصدقة، وكان معي دينار فتصدقت به فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الكل من العمل بها "(3).

الحديث الحادي عشر: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس (رضي الله عنه) * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم رسول) * قال: إن الله تعالى حرم كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم ثم كلمه بما يريد، فكف الناس عن كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه قال وتصدق علي ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره(4).

الحديث الثاني عشر: أبو نعيم هذا بإسناده عن مجاهد قال: قال علي (عليه السلام) نزلت هذه الآية فما

____________

(1) فرائد السمطين: 1 / 358 / ب 66 / ح 284.

(2) فرائد السمطين: 1 / 358 / ب 66 / ح 285.

(3) تأويل الآيات: 2 / 675 ح 7.

(4) بحار الأنوار: 31 / 378 ذيل ح 2.

 

 

 

 

الصفحة 32   

عمل بها أحد غيري، ثم نسخت(1).

الحديث الثالث عشر: أبو نعيم بإسناده عن علي بن علقمة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال لما نزلت * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول) * قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما تقول في دينار؟ قلت: لا يطيقونه قال: كم؟ قلت: شعيرة قال: إنك لزهيد فنزلت * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) * الآية قال: " فبي خفف الله عز وجل عن هذه الأمة فلم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي "(2).

الحديث الرابع عشر: ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) قال: قال أبو جعفر الإسكافي في الرد على الجاحظ قال: وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذالكم خير لكم) * الآية لم يعمل بها إلا علي ابن أبي طالب وحده مع إقراركم بفقره وقلة ذات يده، وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من السعة أمسك عن مناجاته فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال: * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم) * فجعله الله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة فكيف سخت نفسه بإنفاق أربعين ألفا وأمسك عن مناجاة الرسول، وإنما كان يحتاج فيها إلى إخراج درهمين.

وفي الحديث تتمة توخذ من الباب السابع والأربعين وهو الحديث الثاني عشر، أقول: أبو جعفر الإسكافي وهو معتزلي ينكر أن أبا بكر أنفق على النبي (صلى الله عليه وآله) عشرين ألفا الذي ادعاه الجاحظ(3).

____________

(1) بحار الأنوار: 31 / 378 ذيل ح 2.

(2) بحار الأنوار: 31 / ذيل ح 2.

(3) شرح نهج البلاغة: 13 / 274