الباب في أن عليا (عليه السلام) وزير رسول الله ووارثه (صلى الله عليه وآله) من طريق العامة

الصفحة 152 

وفيه أحد عشر حديثا

الأول: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا حسين بن محمد الزارع قال: حدثنا عبد المؤمن بن عباد قال: حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد ابن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجده فذكر مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه فقال علي - يعني لرسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي.

قال: قال: ما أرث منك يا رسول الله؟

قال: ما ورث الأنبياء قبلي؟

قال: وما ورث الأنبياء قبلك؟

قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إخوانا على سرر متقابلين المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض "(1).

الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال:

حدثنا أبو الحسين محمد بن السعدي البصري في جمادى الأول سنة إحدى وثلاثين ومائتين قال:

حدثنا عبد المؤمن بن عباد قال: حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن ابن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجده فقال: أين فلان ابن فلان، فجعل ينظر في وجوه أصحابه ويتفقدهم ويبعث إليهم حتى توافوا عنده، فحمد الله وأثنى عليه وآخى بينهم وذكر الحديث حديث المؤاخاة بينهم، فقال علي (عليه السلام): لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما

____________

(1) فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 538 ح 1085 والآية في سورة الحجر: 47.

الصفحة 153 

فعلت غيري، فإن كان هذا عن سخط علي فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي، قال: ما أرث يا رسول الله؟

قال (عليه السلام): ما ورث الأنبياء من قبلي.

قال (صلى الله عليه وآله): ما ورث الأنبياء من قبلك؟

قال: كتاب الله وسنة نبيه وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إخوانا على سرر متقابلين المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض "(1).

الثالث: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو نصر ابن الطحان إجازة عن أبي الفرج الخيوطي حدثنا عبد الحميد بن موسى حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن شريك بن عبد الله عن أبي ربيعة الأيادي عن عبد الله بن بريدة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل نبي وصي ووارث وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب(2).

الرابع: ومن مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: وفيما كتب إلينا عبد الله بن عامر الكوفي يذكر أن عبادة بن يعقوب حدثهم قال: حدثنا علي بن عابس عن الحرث بن حضيرة عن النسيم قال: سمعت رجلا من خثعم يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:

اللهم إني أقول كما قال أخي موسى: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا(3).

الخامس: علي بن أحمد المالكي في كتابه " الفصول(4) المهمة " قال: نقل أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال: بينا عبد الله بن عباس جالسا قريبا من زمزم يقول: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يحدث الناس، إذ أقبل رجل متلثم فوقف، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال ابن عباس: بالله من أنت؟

فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهاتين ولا صمتا يقول في علي (رضي الله عنه) إنه قائد البررة قاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله وصليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما من الأيام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم أشهد أني سألت في مسجد نبيك (صلى الله عليه وآله)

____________

(1) فضائل الصحابة: 2 / 666 ح 1137.

(2) مناقب ابن المغازلي: 141 / ح 238.

(3) فضائل الصحابة: 2 / 678 ح 1158.

(4) الفصول المهمة: 117.

الصفحة 154 

فلم يعطني أحد شيئا، وكان علي في الصلاة راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وفيها خاتم، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره وذلك بمرأى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في المسجد فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) طرفه إلى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: *(رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري)* فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: *(سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا)* اللهم وإني محمد نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري.

قال أبو ذر: فما أتم دعائه حتى نزل جبرائيل من عند الله عز وجل فقال: يا محمد قل: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون(1) *.

السادس: أبو نعيم الحافظ بإسناده عن رجاله عن ابن عباس قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبيدي ونحن بمكة وصلى أربع ركعات، ثم مد يديه إلى السماء وقال: اللهم إن نبيك موسى بن عمران سألك فقال: *(رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري)* وأنا محمد نبيك أسألك:

رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري.

قال ابن عباس: فسمعت مناديا ينادي قد أوتيت ما سألت(2).

السابع: أبو الحسن الفقيه من طريق العامة بإسناده عن الباقر (عليه السلام) عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي وحجة الله وحجتي وباب الله وبابي وصفي الله وصفيي وحبيب الله وحبيبي وخليل الله وخليلي وسيف الله وسيفي، وهو أخي وصاحبي ووزيري ومحبه محبي ومبغضه مبغضي ووليه وليي وعدوه عدوي، وزوجته ابنتي وولده ولدي وحزبه حزبي وقوله قولي وأمره أمري، وهو سيد الوصيين وخير أمتي(3).

الثامن: ابن شاذان: هذا من طريق العامة بحذف الإسناد - عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي وأوجب

____________

(1) تفسير الثعلبي المخطوط: 74، والعمدة لابن بطريق: 121، والآيات في سورة طه: 32، والقصص: 35، والمائدة: 55.

(2) شواهد التنزيل: 1 / 56، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 256.

(3) مائة منقبة: 34 المنقبة 14.

الصفحة 155 

عليكم اتباع أمري، وفرض عليكم طاعة علي بن أبي طالب بعدي كما فرض عليكم طاعتي، ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتي، وجعله أخي ووزيري ووصيي ووارثي وهو مني وأنا منه، حبه إيمان وبغضه كفر، محبه محبي ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وهو أبوا هذه الأمة(1).

التاسع: ابن شاذان - هذا من طريق العامة بحذف الإسناد - عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم اجعل لي وزيرا من أهل السماء ووزيرا من أهل الأرض، فأوحى الله تعالى إليه إني قد جعلت وزيرك من أهل السماء جبرائيل ووزيرك من أهل الأرض علي بن أبي طالب(2).

العاشر: إبراهيم ابن محمد الحمويني - من أعيان علماء العامة - من كتاب " السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين ".

قال: أخبرني الشيخ مجد الدين محمد بن يحيى بن الحسين الكرخي بقراءتي عليه في داره بقزوين، وأنبأني الشيخ الشريف بهاء الدين أبو محمد الحسن بن الشريف مردود بن الحسن بن يحيى الحسني العلوي التبريزي بروايتهما عن المؤيد بن محمد الطوسي إجازة، أنبأنا جدي لأمي أبو العباس محمد بن العباس العصاري سماعا، أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثني موسى بن محمد بن علي بن عبد الله، أنبأنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، حدثني عباد بن يعقوب، أنبأنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال:

لما نزلت *(وأنذر عشيرتك الأقربين)* جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب الفرق فأمر عليا برجل شاة فادمها، ثم قال: ادنوا بسم الله، فدنى القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم:

اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل، فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) يومئذ فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير لكم من الله عز وجل والبشير لما لم يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني، فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم

____________

(1) ينابيع المودة: 1 / 370، والفردوس: 2 / 132، ومائة منقبة: 47 المنقبة 23.

(2) مائة منقبة: 145، المنقبة 76.

الصفحة 156 

ويقول علي (عليه السلام): أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك(1).

الحادي عشر: ابن أبي الحديد - من أعيان المعتزلة - في شرح نهج البلاغة قال: قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي: قد ورد في الخبر الصحيح أنه كلف عليا في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة أن يصنع له طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام ودعاهم له، فخرجوا ذلك اليوم ولم ينذرهم (صلى الله عليه وآله) لكلمة قالها عمه أبو لهب وكلفه اليوم الثاني أن يصنع له مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم فأكلوا، ثم كلمهم (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال: أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك، فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة: هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمره عليك(2).

قال ابن أبي الحديد (رضي الله عنه): ويدل على أنه وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى: *(واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري)* وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فأثبت له جميع مراتب هارون ومنازله من موسى، فإذا هو وزير رسول الله وشاد أزره ولولا أنه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره(3).

وقد مضى من ذلك في أنه (عليه السلام) وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الباب الرابع عشر من هذا الكتاب في المقصد الأول.

____________

(1) فرائد السمطين: 1 / 85 / ب 16 / ح 65، ونهج الإيمان لابن جبر: 238.

(2) شرح نهج البلاغة: 13 / 344.

(3) شرح نهج البلاغة: 13 / 211.