الباب في رجوع أبي بكر وعمر وعثمان في العلم والحكم وغيرهم من الصحابة إلى أمير المؤمنين من طريق العامة

الصفحة 258 

وفيه ثلاثة وثلاثون حديثا

الأول: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله القواريري قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن (عليه السلام)(1).

الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن أن عمر بن الخطاب أراد أن يرجم مجنونة فقال علي (عليه السلام): " مالك؟ مالك؟ سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ ويعقل، وعن الطفل حتى يحتلم فدرأ عنها عمر "(2).

الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا زيد بن عمر بن عثمان النمري البصري، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم بها فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب من جواب علي، فقال: بئس ما قلت ولؤم ما جئت به، لقد كرهت رجلا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغره العلم غرا ولقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي " وكان عمر إذا أشكل عليه أمر شئ يأخذ منه، ولقد شهدت عمر وقد أشكل عليه شئ فقال عمر، هاهنا علي؟

قم لا أقام الله رجليك، والفضل ما شهدت به الأعداء، وهذا الحديث ذكره من العامة إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب فرائد السمطين(3).

____________

(1) رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة 2: 154 / 221، وكذا في تاريخ الخلفاء للسيوطي: 135، مطالب السؤول 1:

137.

(2) مسند أحمد 1: 140.

(3) للحديث طرق عديدة، منها: مسند أحمد 3: 238، كتاب السنة للألباني 588: 1349، الإستيعاب 3: 34، مطالب السؤول 1: 85 و 95، فرائد السمطين 1: 371 / 302.

 

 

 

 

الصفحة 259 

الرابع: من صحيح مسلم في الجزء الخامس منه في أوله على حد الكراسين في تفسير سورة الزخرف قال ذكر: إن امرأة دخلت على زوجها فولدت في ستة أشهر، فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان فأمر بها أن ترجم، فدخل علي (عليه السلام) فقال: " إن الله عز وجل يقول: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وفصاله في عامين "(1) قال: فوالله ما عبد عثمان أن بعث لها فردت. قال الراوي: عبد: استنكف، وأنشد ابن قتيبة واعبد ان تهجي تميم بدارم، أي آنف(2).

الخامس: ومن الجمع بين الصحيحين حديث الأول من أفراد البخاري من مسند أبي كعب الأنصاري قال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال عمر: اقرأنا أبي وأقضانا علي وإنا لندع كثيرا من قول أبي وإن أبيا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قال الله تعالى: * (ما ننسخ من آية أو ننسها) *(3) وفي حديث صدقة بن الفضل وأبي يقول: أخذته من في رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا أتركه لشئ(4).

السادس: موفق بن أحمد من العامة قال: أخبرنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود ابن عمر الزمخشري الخوارزمي، أخبرنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسن بن مردك الرازي أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين السمان، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن الصباح بقراءتي عليه، حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم البزاز، حدثنا السري بن سهل الجندي النيسابوري، حدثنا عبد الله بن رشد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة مجنونة حبلى قد زنت فأراد أن يرجمها فقال له علي: " ما سمعت ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " قال: ما الذي قال؟ قال: " رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ وعن الغلام حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ " قال: فخلى عنها(5).

السابع: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد السمان هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن هارون القاضي الضبي إملاء لفظا، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق سنة ثلاثين وثلاثمائة أن علي بن محمد النخعي حدثه قال: حدثني سليمان بن إبراهيم المحاربي، حدثني نصر بن مزاحم بن نصر المقري، حدثني إبراهيم بن الزبرقان التميمي، حدثني أبو خالد، حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي (رضي الله عنه) قال: لما كان في ولاية عمر أتي بامرأة حامل فسألها عمر

____________

(1) سورة لقمان: 14، وانظر سورة الأحقاف: 15.

(2) العمدة: 258، ح 405.

(3) البقرة: 106.

(4) العمدة: 259، عن صحيح البخاري: 2 / 19، ومسند أحمد: 5 / 113.

(5) مناقب الخوارزمي 80 / 64.

الصفحة 260 

فاعترفت بالفجور، فأمر بها عمر أن ترجم فلقيها علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: " ما بال هذه "؟ فقالوا:

أمر بها أمير المؤمنين أن ترجم فردها علي (عليه السلام) فقال لعمر: " أمرت بها أن ترجم " قال: نعم، اعترفت عندي بالفجور فقال: " هذا سلطانك عليها، فما سلطانك على الذي في بطنها ولعلك انتهرتها وأخفتها " فقال عمر قد كان ذاك قال: " أوما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا حد على معترف بعد بلاء؟ إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له " فخلى سبيلها ثم قال عمر: عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، لولا علي لهلك عمر(1).

الثامن: موفق بن أحمد قال: أخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، وأخبرنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الداري، أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا التستري بقراءتي عليه، وحدثنا محمد بن أحمد بن عمرو الدبيقي، حدثنا يحيى بن أبي طالب قال:

حدثنا أبو بدر عن سعيد بن أبي عروبة عن داود بن أبي القصات عن أبي حرب بن أبي الأسود أن عمر أتى بامرأة وضعت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليا فقال: " ليس عليها رجم " فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله فقال علي: " * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) *(2) وقال: * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) *(3) فالستة أشهر حمله وحولين تمام الرضاعة، لا حد عليها وإن شئت لا رجم عليها " قال فخلى عنها سبيلها ثم ولدت بعد ستة أشهر(4).

التاسع: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الموسيابادي بقراءتي عليه، حدثنا أبو علي الفلاس وأبو عبد الله القطان وأبو سعيد أحمد بن علي البيع قال: حدثنا علي بن موسى القمي، حدثنا ابن أبي طالب، حدثنا معلى بن أبي زائدة، حدثنا أشعث عن عامر عن مسروق شناخ، وحدثنا ابن أبي زائدة عن داود بن هند عن عامر عن مسروق قال: أتي عمر بامرأة أنكحت في عدتها، ففرق بينهما وجعل لها صداقها في بيت المال وقال:

لا أجيز مهرا أرد نكاحه وقال: لا يجتمعان أبدا، زاد شعيب: فبلغ عليا فقال: وإن كانوا جهلوا السنة فله المهر بما استحل من فرجها، ويفرق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فخطب عمر الناس وقال: ردوا الجهالات إلى السنة ورجع عمر إلى قول علي(5).

____________

(1) مناقب الخوارزمي 81 / 65.

(2) البقرة: 233.

(3) الأحقاف: 15.

(4) مناقب الخوارزمي 95 / 94.

(5) مناقب الخوارزمي 95 / 95.

الصفحة 261 

العاشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان هذا، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عثمان العثماني بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) بقراءتي عليه، حدثنا علي بن محمد بن الزبير الكوفي، حدثنا الحسن بن محمد، أنبأنا علي بن عثمان قالا: حدثنا الحسن بن عطية القرشي عن الحسن بن صالح بن حي، حدثنا أبو المغيرة الثقفي عن رجل عن ابن سيرين أن عمر سأل الناس: كم يتزوج المملوك؟ وقال لعلي: إياك أعني يا صاحب المعافري، وهو رداء كان عليه(1).

الحادي عشر: موفق بن أحمد بإسناده عن أبي سعد السمان هذا، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن علي الآبادي ببغداد، حدثنا أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز، حدثنا عمر بن حفص السدوسي، وحدثنا أبو بلال الأشعري، حدثنا عيسى بن مسلم القرشي عن عبد الله بن عمر بن نهيك عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كنا في جنازة، قال علي بن أبي طالب لزوج أم الغلام " امسك عن امرأتك " فقال له عمر: ولم يمسك عن امرأته؟ أخرج عما جئت به قال: نعم يا أمير المؤمنين يريد أن يستبرئ رحمها، لا يبقى فيه شئ فيستوجب الميراث من أخيه ولا ميراث له فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا علي لها(2).

الثاني عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن يحيى بن الحسين النامي القاضي في جامع قزوين بقراءتي عليه، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الجعاني، حدثني أبو يزيد خالد بن النصر القرشي بالبصرة، حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن أبي عيينة عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر يقول: اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيا(3).

الثالث عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا، أخبرنا أبو محمد محمد بن عبد الله ابن سليمان التنوخي بمعرة النعمان بقراءتي عليه وأبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب بحلب بقراءتي عليه، حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم، حدثنا أحمد بن الحلبي وقال المؤيد المعروف بالمصري بحلب، حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أبي فضلة، حدثنا الشيخ الصالح قال: حدثني أبي، حدثنا يعلي بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال: استعدى رجل على علي بن أبي طالب إلى عمر بن الخطاب وكان علي جالسا في مجلس عمر بن الخطاب، فالتفت عمر إلى علي (عليه السلام) فقال له يا أبا الحسن وقال

____________

(1) مناقب الخوارزمي 96 / 96.

(2) مناقب الخوارزمي 96 / 97.

(3) مناقب الخوارزمي 97 / 98.

الصفحة 262 

المؤيد: قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك، فقام علي فجلس مع خصمه، فتناظروا وانصرف الرجل ورجع علي إلى مجلسه، فجلس فيه فتبين عمر التغير في وجهه فقال له: يا أبا الحسن ما لي أراك متغيرا؟ أكرهت ما كان؟ قال: " نعم يا أمير المؤمنين " قال ولم ذاك؟ قال: " لأنك كنيتني بحضرة خصمي، أفلا قلت: قم يا علي فاجلس مع خصمك " فأخذ عمر برأس علي وقبل ما بين عينيه وقال: بأبي أنتم، بكم هدانا الله وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور(1).

الرابع عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا أخبرنا أبو الطيب محمد بن زيد النهشلي العطار بالكوفة بقراءتي عليه، حدثنا علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، حدثني أبو العباس الفضل بن يوسف الجعفي القصباني، حدثنا محمد بن عقبة، حدثنا سعيد بن خيثم الهلالي عن محمد بن خالد الضبي قال: خطبهم عمر بن الخطاب فقال: لو صرفناكم عما تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم صانعين؟ قال: فارموا، قال محمد: فسكتوا فقال ذلك ثلاثا، فقام علي (رضي الله عنه) فقال: " يا أمير المؤمنين إذا نستتيبك فإن تبت قبلناك " قال: فإن لم أتب قال: " إذا نضرب الذي فيه عيناك " فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا زاغوا حجتنا أقام أودنا(2).

الخامس عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد هذا قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن عيسى البزاز بن الحصري بقراءتي عليه، حدثنا عبد الباقي بن نافع بن مرزوق القاضي، حدثنا ابن أبي شبية، حدثنا جندل بن والق، حدثنا محمد بن عمر المازني عن عباد الكلبي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: قال عمر: كانت لأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) ثماني عشرة سابقة، فخص منها عليا بثلاث عشرة وشركنا في الخمس(3).

السادس عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد هذا، أخبرنا أبو علي أحمد بن الحسن بن أحمد بن البوسنجي الفلحردي قدم حاجا سنة تسعين، حدثنا أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الرقاع، حدثنا عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد السلام عن عطا عن أبي عبد الله الرحمن قال: شرب القوم الخمر بالشام وعليهم يزيد بن أبي سفيان في زمن عمر: فأرسل إليهم يزيد لشربهم الخمر قالوا: نعم شربناها وهي لنا حلال قال: أوليس قال الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) *(4) إلى قوله: * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) *(5) حتى فرغ من الآية فقالوا: اقرأ الذي بعدها فقرأ: * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) * إلى قوله

____________

(1) مناقب الخوارزمي 98 / 99.

(2) مناقب الخوارزمي 98 / 100.

(3) مناقب الخوارزمي 99 / 101 و 331 / 352.

(4) المائدة: 90.

(5) المائدة: 92.

الصفحة 263 

تعالى: * (والله يحب المحسنين) *(1) فنحن الذين آمنوا وأحسنوا فكتب بأمرهم إلى عمر، فكتب إليه عمر إن أتاك كتابي ليلا لا تصبح حتى تبعث إلي بهم، وإن أتاك كتابي نهارا فلا تمس حتى تبعث إلي بهم قال: فبعث بهم إليه، فلما قدموا على عمر سألهم عما قال يزيد فقالوا له كما قالوا ليزيد، فاستشار فيهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فردوا المشورة إليه قال: وكان علي (رضي الله عنه) في القوم ساكتا فقال:

ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: " يا أمير المؤمنين أرى أنهم افتروا على الله وأحلوا ما حرم الله فأرى أن تستتيبهم، فإن هم ثبتوا وزعموا أن الخمر حلال، ضربت أعناقهم، وإن هم رجعوا ضربتهم ثمانين جلدة بفريتهم على الله عز وجل " فدعاهم واسمعهم مقالة علي ثم قال: ما تقولون؟ قالوا:

نستغفر الله ونتوب إليه ونشهد أن الخمر حرام، وإنما شربناها ونحن نرى أنها حلال فضربهم ثمانين(2).

السابع عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المروزي بقراءتي عليه، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثنا عمر بن حماد بن طلحة، حدثنا أسباط عن سماك عن حبش أن رجلين استودعا امرأة من قريش مائة دينار وأمراها أن لا تدفع إلى أحدهما منهما دون الآخر، فأتاها أحدهما فقال: إن صاحبي قد هلك فادفعي إلي المال فأبت فاستشفع عليها ومكث يختلف إليها ثلاث سنين، فدفعت إليه المال، ثم جاء بعد ذلك الآخر فقال: أعطيني مالي فقالت له: قد أخذه صاحبك، فارتفعوا إلى عمر فقال عمر: ألك بينة؟ فقال: هي بينتي، قال:

ما أدراك إلا ضامنة؟ قالت: أنشدتك لما رفعتنا إلى علي، قال فرفعهما إليه قال فأتوه وهو في حائط له وهو يسيل الماء وهو متوزر بكساء، فقصوا عليه القصة فقال للرجل: " ايتني بصاحبك وإلى متاعك "(3).

الثامن عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا، أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن ابن محمد البغدادي الشراتي، حدثنا أبو عمر ومحمد بن عبد الواحد الزاهد، حدثنا محمد بن عثمان العيسى، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير عن عنبسة بن الأزهر عن يحيى بن عقيل قال: كان عمر بن الخطاب يقول لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فيما كان يسأله عنه فيفرج عنه فيقول: لا أبقاني الله بعدك يا علي(4).

____________

(1) المائدة: 93.

(2) مناقب الخوارزمي 100 / 102.

(3) مناقب الخوارزمي 101 / 103.

(4) مناقب الخوارزمي 101 / 104.

الصفحة 264 

التاسع عشر: موفق بن أحمد قال: أخبرني الشيخ الإمام الزاهد أبو طاهر محمد بن السيحي الخطيب بمرو إجازة والأديب أبو بكر محمد بن الحسن بن أبي جعفر بن أبي سهل الزورقي فيما كتب إلي من مرو قالا: أخبرنا القاضي الإمام أبو نصر محمد بن محمد الماهاني، أخبرنا أبو نصر أحمد ابن علي بن منصور السني البخاري، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي حفص، حدثنا أبو حامد أحمد ابن هارون الهروي، حدثنا أبو القاسم علي بن إسماعيل الصفار ببغداد، حدثنا أبو علي بن عبد الله ابن معاوية أخبرني أبي عبد الله عن أبيه معاوية عن جدهم يسرة عن شريح أنه قال: تقدمت إليه امرأة فقالت: أيها القاضي، إني جئتك مخاصما قال: فأين خصمك؟ قالت: أنت فأخلى لها المجلس وقال: تكلمي فقال: إنه امرأة لها إحليل ولها فرج فقال: قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضيته ورث من حيث جاء البول، وكان شريح قاضي علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقالت: إنه يجئ منهما جميعا فقال: من أين سبق البول فقال: ليس يسبق منهما شئ، يخرجان في وقت وينقطعان في وقت واحد فقال: إنك لتخبرين بعجب فقالت: أقول أعجب من ذلك: تزوجني ابن عم لي وأخذ مني خادما فوطيتها فأولدتها، وإني لما أولدتها جئتك فقام شريح من مجلس القضاء فدخل على علي بن أبي طالب فأخبره بما قالت المرأة، فأمر بها علي فأدخلت فسألها عما قال القاضي فقالت: يا أمير المؤمنين هو الذي قال: فأحضر زوجها فقال: " هذه زوجتك وابنة عمك "؟

فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: " أفعلمت ما كان "؟ قال: نعم أخدمتها خادما فوطأتها فأولدتها ووطيتها بعد ذلك، فقال له علي: " لأنت أجسر من الأسد ائتوني بدينار الخادم " وكان معدلا وامرأتين، فقال علي: " خذوا هذه المرأة فأدخلوها إلى بيت وألبسوها ثيابا، وجردوها من ثيابها وعدوا أضلاع جنبيها " ففعلوا ذلك ثم خرجوا فقالوا: يا أمير المؤمنين عدد أضلاع الجانب الأيمن ثمانية عشر ضلعا، وعدد الجانب الأيسر سبعة عشر ضلعا، فدعا الحجام وأخذ شعرها وأعطاها حذاء ورداء وألحقها بالرجال، فقال الزوج: يا أمير المؤمنين امرأتي وابنة عمي ألحقتها بالرجال، ممن أخذت هذه القضية؟

فقال له علي: " إني ورثتها عن أبي آدم، أن أمنا حواء خلقت من آدم وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء وعدد أضلاعها أضلاع رجل " فخرجوا(1).

العشرون: موفق بن أحمد بإسناده عن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال: العلماء ثلاثة رجل بالشام يعني نفسه، ورجل بالكوفة يعني عبد الله بن مسعود، ورجل بالمدينة يعني عليا، فالذي بالشام يسأل

____________

(1) مناقب الخوارزمي 102 / 105.

الصفحة 265 

الذي بالكوفة، والذي بالكوفة يسئل الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسأل أحدا(1). وكثير من هذه الأحاديث ذكرها من العامة إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب فرائد السمطين.

الحادي والعشرون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني العدل ظهير الدين علي بن محمود الكازروني ثم البغدادي والعدل شمس الدين علي بن عثمان بن محمود، أنبأنا الشيخ أبو سعد ثابت بن مشرف بن أسعد بن إبراهيم الخباز قال: أنبأنا أبو القاسم مقبل بن أحمد بن تركة بن الصدر سماعا عليه في يوم الثالث السادس عشر في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي سماعا عليه بقراءة عبد الوهاب الأنماطي في ربيع الأول سنة خمسمائة قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البراز قيل له: حدثكم أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز إملاء وأنت تسمع من لفظه قال:

أنبأنا علي بن إبراهيم الواسطي قال: أنبأنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا عبد الملك قال: أنبأنا محمد بن الزبير قال دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التقت ترقوتاه من الكبر فقلت له: يا شيخ من أدركت؟

قال: النبي (صلى الله عليه وآله) قلت: فما غزوت؟ قال: اليرموك، قلت: حدثني بشئ سمعته قال: خرجت مع فئة من عك والأشعريين حجاجا فأصبنا ببيض نعام وقد أحرمنا فلما قضينا نسكنا وقع في أنفسنا منه شئ، فذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فأدبر قال: اتبعوني حتى انتهى إلى حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضرب في حجرة منها فأجابته امرأة فقال: أثم أبو الحسن قالت: لا فمر في المقتاة فأدبر وقال: اتبعوني حتى انتهى إليه فإذا معه غلامان أسودان وهو يسوي التراب بيده فقال: مرحبا بأمير المؤمنين فقال: إن هؤلاء فتية من عك والأشعريين أصابوا بيض نعام وهم محرمون قال: ألا أرسلت إلي قال: أنا أحق بإتيانك قال: يضربون الفحل قلايص أبكارا بعدد البيض فما انتج منها أهدوه قال عمر: فإن الإبل تخدج فقال (صلى الله عليه وآله) (عليهم السلام) " والبيض يمرق " فلما أدبر قال عمر: اللهم لا تنزلني شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي(2).

الثاني والعشرون: ابن أبي الحديد وهو من أعيان علماء العامة المعتزلة قال روى ابن الأنباري في أماليه أن عليا (عليه السلام) جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس فلما قام عرض واحد يذكره وينسبه إلى التيه والعجب فقال عمر: حق لمثله أن يتيه، والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد

____________

(1) مناقب الخوارزمي 102 / 106.

(2) فرائد السمطين 1: 342 / 264، تاريخ دمشق 49: 83 ضمن ترجمة محمد بن الزبير، الرياض النضرة 2: 50 و 195.

الصفحة 266 

أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شرفها فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه، قال:

كرهناه على حداثة السن، وحبه بني عبد المطلب(1).

الثالث والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا في شرح نهج البلاغة قال: روى أبو سعيد الخدري قال:

حججنا مع عمر أول حجة حجها في خلافته، فلما دخل المسجد الحرام دنا من الحجر الأسود فقبله واستلمه وقال: إني لأعلم إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبلك واستلمك لما قبلتك واستلمتك فقال له علي (عليه السلام): " بلى يا أمير المؤمنين إنه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول، قال الله تعالى: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) *(2) فلما أشهدهم وأقروا له أنه الرب عز وجل وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه هذا الحجر وإن له لعينين ولسانين وشفتين يشهد لمن وافاه بالموافاة، فهو أمين الله عز وجل في هذا المكان " فقال عمر: لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن(3).

الرابع والعشرون: ابن أبي الحديد قال وروى الربيع ابن زياد قال: قدمت على عمر بمال من البحرين وصليت معه العشاء ثم سلمت عليه فقال: ما قدمت به؟ قال خمسمائة ألف قال: ويحك إنما قدمت بخمسين ألفا قلت: بلى خمسمائة ألف قال: كم يكون ذلك؟ قلت: مائة ألف حتى عدد خمسا فقال: إنك ناعس ارجع إلى بيتك ثم اغد علي فغدوت عليه قال: ما جئت به؟ قلت: هو ما قلت لك قال: كم هو؟ قلت: خمسمائة ألف قال: أطيب هو؟ قلت: نعم، لا أعلم إلا ذلك، فاستشار الصحابة فيه فأشير عليه بنصب الديوان فنصبه وقسم المال بين المسلمين ففضلت عنده فضلة فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال للناس: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا عن أهلك وتجارتك وصنعتك فهو لك فالتفت إلى علي (عليه السلام) فقال: ما تقول أنت؟ قال: " قد أشاروا عليك " قال:

فقل أنت فقال: " لم تجعل بقيدك ظنا " فلم يفهم عمر قوله فقال: " لتخرجن مما قلت " قال: أجل والله لأخرجن منه قال: " تذكر حين بعثك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتيت العباس بن عبد المطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شئ فجئتما إلي وقلتما: انطلق معنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجئنا إليه فوجدناه خاترا فرجعنا ثم غدونا عيه فوجدناه طيب النفس فأخبرته بالذي صنع العباس فقال لك: يا عمر

____________

(1) شرح نهج البلاغة 12: 79.

(2) الأعراف: 172.

(3) شرح نهج البلاغة 12: 97.

الصفحة 267 

أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، فذكرنا له ما رأينا من ختوره في اليوم الأول وطيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: إنكم أتيتكم في اليوم الأول وقد بقي عندي من مال الصدقة ديناران فكان ما رأيتم من ختوري لك، وأتيتم في اليوم الثاني فقد وجهتهما فذاك الذي رأيتم من طيب نفسي، أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل شيئا وأن تفضه على فقراء المسلمين " فقال عمر: صدقت والله لأشكرن لك الأولى والأخيرة(1).

الخامس والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا في الشرح قال: حدثني الحسين بن محمد بن السيبي قال: قرأت على ظهر كتاب أن عمر نزلت به نازلة فقام لها وقعد وتنوح وتفطر فقال لمن عنده:

معاشر الحاضرين ما تقولون في هذا الأمر؟

فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت المفزع والمترع، فغضب وقال: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، ثم قال: أما والله إني وإياكم لنعلم أين نجدها والخبير بها، قالوا كأنك أردت ابن أبي طالب قال: وأنى يعدل به عنه، وهل طفحت حرة بمثله قالوا: فلو دعوت به يا أمير المؤمنين قال:

هيهات أن هناك شمخا من هاشم وأثرة من علم ولحمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤتى ولا يأتي فامضوا بنا إليه، فقصدوا نحوه وأفضوا إليه فألفوه في حايط له عليه تبان وهو متوك على مسحاة ويقرأ:

" * (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) *(2) " إلى آخر السورة ودموعه تهمي على خديه فدهش الناس لبكائه فبكوا ثم سكت فسكتوا، فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها فقال عمر: أما والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك فقال: " يا أبا حفص اخفض عليك من هنا ومن هنا، إن يوم الفصل كان ميقاتا " فوضع عمر إحدى يديه على الأخرى وطرق إلى الأرض كأنما ينظر في رماد(3).

السادس والعشرون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: حدثنا عمر بن سعد العيسى عن النضر بن صالح قال: كنت مع شريح بن هاني في غزوة سجستان فحدثني أن عليا (عليه السلام) أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص وقال له: " قل لعمرو إذا لقيته: إن عليا يقول لك: إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده، والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طعما يسيرا صرت لله ولأوليائه عدوا؟ فكأنما قد أوتيت ذاك عنك فلا تكن للخائنين خصيما ولا للظالمين ظهيرا، أما إني أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم وهو يوم وفاتك، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لي عداوة ولم

____________

(1) شرح نهج البلاغة 12: 97.

(2) القيامة: 36.

(3) شرح نهج البلاغة 12: 80.

الصفحة 268 

تأخذ علي حكم الله رشوة " قال شريح: فأبلغته يوم لقيته فتغمر وقال: متى كنت قابلا مشورة علي أو منيبا إلى رأيه أو معتمدا بأمره؟ فقلت: وما يمنعك يا بن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم مشورته؟ لقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه فقال: إن مثلي لا يكلم مثلك فقلت: بأي أبويك ترغب عن كلامي بأبيك الوشيظ أم بأمك النابغة؟

فقام من مكانه وقمت(1).

السابع والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا قال روي أنه رفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال:

أي شعبان الذي مضى أم نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: اصنعوا للناس تاريخا يرجعون إليه فقال قائل منهم، اكتبوا على تاريخ الروم فقيل: إنه يطول وإنه مكتوب من عهد ذي القرنين، وقال قائل: اكتبوا على تاريخ الفرس، كلما قام ملك طرحوا ما كان قبله فقال علي (عليه السلام):

" اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله من دار الشرك إلى دار النصرة وهي الهجرة " فقال عمر: نعم ما أشرت به، فكتب التاريخ للهجرة بعد مضي سنتين ونصف من خلافة عمر(2).

الثامن والعشرون: قال ابن أبي الحديد: وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه يعني عليا (عليه السلام) في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: لولا علي لهلك عمر، وقوله: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو حسن، وقوله: لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر(3).

التاسع والعشرون: وقال ابن أبي الحديد، ذكر عند عمر بن الخطاب حلي الكعبة وكثرته فقال قوم: لو أخذته وجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهم عمر بذلك وسأل عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: " إن القرآن نزل على محمد (صلى الله عليه وآله) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفئ فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة عليها يومئذ فتركه الله على حاله ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانا فأقره حيث أقره الله ورسوله " فقال عمر: لولاك لافتضحنا. وترك الحلي(4).

الثلاثون: ابن أبي الحديد قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء " قال في الشرح: لسنا نشك أنه كان يذهب في الأحكام الشرعية والقضايا إلى أشياء يخالف فيها أقوال الصحابة، نحو قطعه السارق من رؤس الأصابع وبيعه أمهات الأولاد وغير ذلك، وإنما كان يمنعه من تغيير أحكام من تقدم اشتغاله بحرب البغاة والخوارج وإلى ذلك يشير

____________

(1) شرح نهج البلاغة 2: 254.

(2) شرح نهج البلاغة 12: 74.

(3) شرح نهج البلاغة 1: 16.

(4) شرح نهج البلاغة 19: 158.

الصفحة 269 

بالمداحض عن بعض السلف(1).

وقال حجر بن أوس الألمعي:

 

الذي يظن بك الظن    كان قد رأى وقد سمعا(2)

 

وقال أبو الطيب:

 

ذكي تظنيه طليعة عينه  يرى قلبه في يومه ما يرى غدا(3).

 

الحادي والثلاثون: ابن أبي الحديد وروى ابن سعد قال: مكث عمر زمانا لا يأكل من مال المسلمين شيئا حتى أصابته خصاصة فأرسل إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاستشارهم فقال لهم: قد شغلت نفسي بأمركم، فما الذي يصلح أن أصيبه من مالكم؟ فقال عثمان: كل واطعم، وكذلك قال سعيد بن زيد بن نفيل فتركهما وأقبل على علي (عليه السلام) فقال ما تقول أنت؟ قال: غداء وعشاء فقال:

أصبت وأخذ بقوله(4).

الثاني والثلاثون: ابن أبي الحديد وروى أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب سيرة عمر عن نافع عن ابن عمر قال: جمع عمر الناس لما انتهى إليه فتح القادسية ودمشق فقال: إني كنت امرأ تاجرا يغني الله عيالي بتجارتي، وقد شغلتموني عن التجارة بأمركم هذا، فما ترون أنه يحل لي من هذا المال؟

فقال القوم فأكثروا، وعلي (عليه السلام) ساكت فقال عمر: ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

قال: " ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف، ليس لك من هذا المال غيره ": فقال القول ما قاله أبو الحسن، وأخذ به(5).

الثالث والثلاثون: موفق بن أحمد قال: أخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، أخبرنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن مرادك الداري، أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين السمان، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الجوهري ببغداد بقراءتي عليه، حدثنا محمد بن عمران بن موسى، حدثنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الحصيني، حدثنا أبو العيناء، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: نازع عمر الخطاب (رضي الله عنه) رجل في مسألة قال له عمر: بيني وبينك هذا الجالس، وأومأ إلى علي كرم الله وجهه فقال الرجل:

هذا الهن، فنهض عمر (رضي الله عنه) عن مجلسه وأخذ بأذنيه حتى شاله من الأرض وقال: ويلك أتدري من صغرت؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن(6).

____________

(1) شرح نهج البلاغة 19: 161.

(2) شرح نهج البلاغة 3: 99 و 18: 94.

(3) شرح نهج البلاغة 16: 115.

(4) شرح نهج البلاغة 12: 219.

(5) شرح نهج البلاغة 12: 219.

(6) مناقب الخوارزمي 161 / 192.