الباب في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " ستغدر بك الأمة بعدي " والضغاين في صدور قوم والشدة، وقوله (صلى الله عليه وآله): " أقبلت الفتن ك

الصفحة 28   

وفيه خمسة عشر حديثا

الأول: ابن أبي الحديد من العامة المعتزلة في شرح نهج البلاغة قال: روى عثمان بن سعيد عن عبد الله العنوي أن عليا (عليه السلام) خطب الناس بالرحبة فقال: أيها الناس إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها: ورب السماء والأرض إن من عهد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمي إلي أن الأمة ستغدر بك بعدي(1).

الثاني: ابن أبي الحديد قال: روى الهيثم ابن بشير عن إسماعيل بن سالم مثله، وقد روى أكثر هذا الخبر بهذا اللفظ أو قريب منه(2).

الثالث: ابن أبي الحديد قال: قال أبو بكر وحدثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثنا ابن فضيل عن الأجلح عن حبيب عن ثعلبة بن يزيد قال: سمعت عليا يقول: أما ورب السماء والأرض ثلاثا إنه لعهد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمي: لتغدرن بك الأمة من بعدي(3).

الرابع: ابن أبي الحديد قال روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول لله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب معنا فمررنا بحديقة فقال علي: يا رسول الله ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة؟

فقال: إن حديقتك في الجنة أحسن منها، حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قاله ويجيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما أجابه، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف فوقفنا فوضع رأسه على رأس علي وبكى، فقال علي: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني قال: يا رسول الله أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم؟ قال: بل تصبر، قال: فإن صبرت؟ قال: تلاق جهدا قال: أفي سلامة من ديني؟ قال: نعم، قال: فإذا لا أبالي(4).

الخامس: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(3) شرح نهج البلاغة: 6 / 45.

(4) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.

 

 

 

 

الصفحة 29   

تاريخه قال أبو جعفر: روى أبو مويهبة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أرسل إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جوف الليل فقال: يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم، قال: السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة أشر من الأولى، ثم أقبل علي وقال: يا أبا مويهبة إني قد أتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها وخيرت بينها وبين الجنة فاخترت الجنة فقلت: بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها والجنة جميعا، فقال: يا أبا مويهبة اخترت لقاء ربي، ثم استغفر لأهل البقيع وانصرف فبدأ بوجعه الذي قبض فيه(1).

السادس: أبو المؤيد موفق بن أحمد بن أعيان علماء العامة قال: أنبأني صدر الحفاظ أبو العلا الحسن بن أحمد العطار الهمداني قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، أخبرني أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا حرمي بن عمارة قال: حدثني الفضل بن عميرة القيسي أبو قتيبة، حدثني ميمون الكردي أبو نصير عن أبي عثمان النهدي عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كنت أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة! فقال: ما أحسنها ولك في الجنة مثلها، ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة! فقال: لك في الجنة أحسن منها حتى انتهينا إلى سبع حدائق وأقول: يا رسول الله ما أحسنها! ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا فقلت:

يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: ضغاين في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك(2).

السابع: إبراهيم بن محمد الحمويني من العامة قال: أنبأني: الشيخ عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر عن الشيخ جمال الدين الديني إجازة عن ناصر بن أبي المكارم المطرزي بإسناده عن أبي عثمان النهدي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنت أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة، وساق الحديث إلى آخره(3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 13 / 27.

(2) مناقب الخوارزمي: 65 / 35.

(3) فرائد السمطين 1: 152 / 115.

الصفحة 30   

الثامن: ابن أبي الحديد في الشرح عن أبي الفرج قال: حدثني محمد بن جرير الطبري بإسناد ذكره في الكتاب عن أبي عبد الرحمن السليمي قال: قال الحسن بن علي (عليه السلام) خرجت وأبي يصلي في المسجد فقال لي: يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدر لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ فقال لي: أدع عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم وأبدلهم بي من هو شر لهم مني فقال الحسن بن علي (عليه السلام): وجاء ابن أبي النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما الآخر فأثبتها في الرأس(1).

التاسع: ابن أبي الحديد يرفعه إلى سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال:

اشتكى علي شكاية فعاده أبو بكر وعمر وخرجا من عنده فأتيا النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهما: من أين جئتما؟

قالا: عدنا عليا، قال: كيف رأيتماه؟ قالا: رأيناه يخاف عليه لما به، فقال: كلا إنه لن يموت حتى يوسع غدرا وبغيا وليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده(2).

العاشر: ابن أبي الحديد قال روى أبو جعفر الإسكافي أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام) فوجد عليا نائما فذهبت تنبهه فقال: دعيه فرب سهر له بعدي طويل، ورب جفوة لأهل بيتي من أجله شديدة، فبكيت، فقال: لا تبكي فإنكما معي وفي موقف الكرامة بعدي(3).

الحادي عشر: ابن أبي الحديد قال: روى جابر الجعفي عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): ما رأيت منذ بعث الله محمدا (عليه السلام) رخاء، لقد أخافتني قريش صغيرا وأنصبتني كبيرا حتى قبض الله رسوله فكانت الطامة الكبرى والله المستعان على ما يصفون(4).

الثاني عشر: ابن أبي الحديد قال روى جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما لعلي ما يلقى بعده من العنت فأطال له فقال له علي:

أنشدك الله والرحم يا رسول الله لما دعوت الله أن يقبضني إليه قبلك فقال: كيف أسأله في أجل مؤجل؟ قال: يا رسول الله فعلام أقاتل من أمرتني؟ قال: على الحدث والدين(5).

الثالث عشر: ابن أبي الحديد قال: روى الأعمش عن عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي عن علي (عليه السلام) قال: قال لنا يوما: لقد رأيت الليلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام فشكوت إليه ما لقيت حتى

____________

(1) شرخ نهج البلاغة: 6 / 121.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(3) شرح نهج البلاغة: 4 / 107.

(4) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.

(5) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.

الصفحة 31   

بكيت، فقال لي: انظر فنظرت فإذا جلاميد وإذا رجلان مصفدان، قال الأعمش: هما معاوية وعمرو ابن العاص فجعلت أرضخ رؤوسهما ثم تعود ثم أرضخ ثم تعود حتى انتبهت(1).

الرابع عشر: ابن أبي الحديد قال: روى نحو هذا الحديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن مسلمة عن علي (عليه السلام) قال: رأيت الليلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكوت إليه فقال: هذه جهنم فانظر من فيها فإذا معاوية وعمرو بن العاص معلقين بأرجلهما منكسين، ترضخ رؤوسهما بالحجارة أو قال: تشدخ(2).

الخامس عشر: صدر الأئمة عند المخالفين موفق بن أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي رفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وساق حديثه بطوله إلى أن قال له - يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) -: اتق الضغاين التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، ثم بكى صلى الله عليه وآله فقيل له: مما بكاؤك يا رسول الله؟

قال: أخبرني جبرئيل أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبتهم، وكان الشاني لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وساق الحديث بطوله(3)، وسيأتي الحديث بتمامه إن شاء الله تعالى في الباب التاسع والثلاثين ومائة في أنه حامل اللواء يوم القيامة وإلى آخره.

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 109.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 109.

(3) مناقب الخوارزمي: 62 / 31.