فصل في وصف الإمام بالنص وفضائلهوما يتصل بذلك من فضائل أهل البيت وشيعتهم ومحبيهم 5

الصفحة 100 

الباب الثاني والسبعون

في قوله تعالى: * (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) *

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

 

الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره حدثني أبي عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

كان عند فاطمة (عليها السلام) شعير فجعلوه عصيدة فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال:

رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي فأعطاه ثلثها فما لبث أن جاء يتيم فقال اليتيم:

رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه الثلث الثاني فما لبث جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام (عليه السلام) فأعطاه الثلث الباقي وما ذاقوها فأنزل الله هذه الآية * (ويطعمون الطعام على حبه) *... إلى قوله: * (وكان سعيكم مشكورا) * في أمير المؤمنين، وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز وجل والقمطرير الشديد * (متكئين فيها على الأرائك) * يقول متكئين في الحجال على السرر(1).

الحديث الثاني: المفيد في الإختصاص في حديث مسند برجاله قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي ما عملت في ليلتك؟ قال: ولم يا رسول الله؟ قال: قد نزلت فيك أربعة معالي قال: بأبي أنت وأمي كانت معي أربعة دراهم فتصدقت بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية قال: فإن الله أنزل فيك * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * ثم قال له: " هل عملت شيئا غير هذا فإن الله قد أنزل علي سبعة عشر آية يتلو بعضها بعضا من قوله: * (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) *... إلى قوله: * (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) * قوله: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * قال:

فقال العالم (رضي الله عنه): " أما إن عليا لم يقل في موضع * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) * ولكن الله علم من قلبه أنما أطعم لله فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به "(2).

الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا شعيب بن واقد

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 399.

(2) الإختصاص: 150.

الصفحة 101 

قال: حدثنا القاسم بن بهرام عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا الحسن بن مهران قال:

حدثنا سلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يوفون بالنذر) * قال: " مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن عافاهما الله فقال: أصوم ثلاثة أيام لله شكرا لله عز وجل وكذلك قالت فاطمة (عليها السلام) وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام وكذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما الله العافية فأصبحوا صائمين وليس عندهم طعام فانطلق علي (عليه السلام) إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، وصلى علي (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال:

 

فاطم ذات المجد واليقين        يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين       جاء إلى الباب له حنين

يشكوا إلى الله ويستكين         يشكو إلينا جائع حزين

كل أمرء بكسبه رهين  من يفعل الخير يكن حسين

موعده في جنة رهين   حرمها الله على الضنين

وصاحب البخل يقف حزين    تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

 

فأقبلت فاطمة تقول:

 

أمرك سمع يا بن عم وطاعة    ما بي من لؤم ولا ضراعة

غذيت باللب وبالبراعة  أرجو إذا أشبعت من مجاعة

إن الحق الأخيار والجماعة       وأدخل الجنة في شفاعة

 

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم

الصفحة 102 

يذوقوا إلا الماء القراح، ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرص وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى إلى منزله فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده ثم قال:

 

فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم

قد جائنا الله بذا اليتيم   من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم   حرمها الله على اللئيم

وصاحب البخل يقف ذميم      تهوي به النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

 

فأقبلت فاطمة تقول:

 

فسوف أعطيه ولا أبالي وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي         أصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل باغتيالي   لقاتليه الويل مع وبال

يهوي في النار إلى سفالي       كبوله زادت على الأكبال

 

ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح فأصبحوا صياما وعمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان فجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده ثم قال:

 

فاطم يا بنت النبي أحمد         بنت نبي سيد مسود

قد جائك الأسير ليس يهتد     مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد       من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد        ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأعطيه ولا تجعليه ينكد

 

الصفحة 103 

فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول:

 

لم يبق مما كان غير صاع        قد دبرت كفي مع الذراع

شبلاي والله هما جياع  يا رب لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع         عبل الذراعين طويل الباع

وما على رأسي من قناع          إلا عباء نسجها بصاع

 

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شئ، قال شعيب في حديثه: وأقبل علي (عليه السلام) بالحسن والحسين (عليهما السلام) نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يا أبا الحسن أشد ما يسؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة (عليها السلام) " فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضمها إليه وقال: " وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى " فهبط جبرائيل (عليه السلام): فقال: " يا محمد خذ ما هيأ لك في أهل بيتك " فقال: " وما آخذ يا جبرائيل؟

قال: * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) * حتى بلغ * (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) *.

وقال الحسن بن مهران في حديثه فوثب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي وقال: " أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم " فهبط جبرائيل بهذه الآيات * (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) * قال: هي عين في دار النبي (صلى الله عليه وآله) تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين * (يوفون بالنذر) * يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهما فضة * (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) * عابسا كلوحا * (ويطعمون الطعام على حبه) * يقول على شهوتهم: الطعام وإيثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين، ويتيما من يتامى المسلمين، وأسيرا من أسارى المشركين ويقولون: إذا أطعموهم * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) * قال: والله ما قالوا أهذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم يقولون * (لا نريد منكم جزاء) * تكافوننا به * (ولا شكورا) * تثنون علينا به ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره: * (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا) * نضرة في الوجوه، وسرورا في القلوب * (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) * جنة يسكنونها وحريرا يفرشونه ويكسونه * (متكئين فيها على الأرائك) * والأريكة السرير عليه الحجلة

الصفحة 104 

* (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا) * قال ابن عباس: فبينا أن أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنة: يا رب إنك قلت في كتابك * (لا يرون فيها شمسا) * فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرائيل (عليه السلام) فيقول: ليس هذه بشمس ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، ونزلت * (هل أتى) * فيهم... إلى قوله: * (وكان سعيكم مشكورا) *(1).

الحديث الرابع: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن محمد الكاتب عن الحسن بن عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن المسعودي عن عمرو بن بهرة عن عبد الله ابن الحارث المكتب عن أبي كثير الزبيري عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) فنذر علي وفاطمة (عليهما السلام) والجارية نذرا إن برءا صاموا ثلاثة أيام شكرا لله فبرءا فوفوا بالنذر وصاموا، فلما كان أول يوم قامت الجارية جرشت شعيرا لها فخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، فلما كان وقت الفطور جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا وإذا مسكين بالباب، وهو يقول: يا أهل بيت محمد مسكين آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): " لا تأكلوا وآثروا المسكين "، فلما كان اليوم الثاني فعلت الجارية كما فعلت في اليوم الأول فلما وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا فإذا يتيم بالباب، وهو يقول: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة يتيم آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): " لا تأكلوا شيئا وأطعموا اليتيم " ففعلوا فلما كان في اليوم الثالث ففعلت الجارية كما فعلت في اليومين جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها فلما مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا شيخ كبير يصيح بالباب: يا أهل بيت محمد تأسرونا ولا تطعمونا، قال:

فبكى علي بكاء شديدا وقال: " يا بنت محمد إني أحب أن يراك الله وقد آثرت هذا الأسير على نفسك وأشبالك ".

فقالت: " سبحان الله ما أعجب ما نحن فيه معك ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الذين صنعت بهم ما صنعت وهؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا ".

فقال لها علي (عليه السلام): " فالله يصبرك ويصبرهم ويأجرنا إن شاء الله تعالى وبه نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل، اللهم بدلنا بما فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه، واشكر لنا صبرنا ولا تنسه لنا إنك رحيم كريم " فأعطوه الطعام وبكر إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) في اليوم الرابع فقال: " ما كان من خبركم في أيامكم هذه " فأخبرته فاطمة (عليها السلام) بما كان فحمد الله وشكره وأثنى عليه وضحك إليهم

____________

(1) أمالي الصدوق: 329 - 333 / 390.

الصفحة 105 

وقال: " خذوا هنأكم الله وبارك لكم وبارك عليكم قد هبط علي جبرائيل (عليه السلام) من عند ربي وهو يقرأ عليكم السلام وقد شكر ما كان منكم وأعطى فاطمة سؤلها وأجاب دعوتها وتلا عليهم * (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) * إلى قوله * (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) * ".

قال: وضحك النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: " إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد، وقرة عين أبد الآبدين هنيئا يا بيت النبي بالقرب من الرحمن يسكنكم معه في دار الجلال والجمال، ويكسوكم من السندس والإستبرق والأرجوان، ويسقيكم الرحيق المختوم من الولدان فأنتم أقرب الخلق من الرحمن تأمنون إذا فزع الناس وتفرحون إذا حزن الناس وتسعدون إذا شقي الناس، فأنتم في روح وريحان وفي جوار الرب العزيز الجبار هو راض عنكم غير غضبان قد أمنتم العقاب ورضيتم الثواب.

تسألون فتعطون وتخفون فترضون وتشفعون فتشفعون طوبى لمن كان معكم وطوبى لمن أعزكم إن خذلكم الناس، وأعانكم إذا جفاكم الناس وآواكم إذا طردكم الناس، ونصركم إذا قتلكم الناس الويل لكم من أمتي والويل لأمتي من الله " ثم قبل فاطمة وبكى وقبل جبهة علي وبكى وضم الحسن والحسين إلى صدره وبكى وقال: " الله خليفتي عليكم في المحيا والممات وأستودعكم الله وهو خير مستودع حفظ الله من حفظكم ووصل الله من وصلكم وأعان الله من أعانكم وخذل الله من خذلكم وأخافكم، وأنا لكم سلف وأنتم لي عن قليل بي لاحقون والمصير إلى الله والوقوف بين يدي الله عز وجل والحساب على الله * (ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) * "(1).

____________

(1) تأويل الآيات: 2 / 750 - 752 ح 6.

الصفحة 106 

 

الباب الثالث والسبعون

في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(1)

من طريق العامة وفيه أربعة عشر حديثا

 

الأول: الثعلبي في تفسير في تفسير الآية قال: أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ببغداد وحدثنا أبو جعفر الحسن بن علي الفارسي حدثنا إسحاق بن بشر الكوفي حدثنا خالد بن يزيد عن حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء ابن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة " فأنزل الله عز وجل: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(2).

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: قال الواحدي: أنبأنا سعيد بن محمد بن إبراهيم الحرثي قال أبو بكر محمد بن أحمد الجرجرائي، أنبأنا أبو محمد الحسن بن عبد الله العبيدي، أنبأنا عبد الله بن مسلمة، أنبأنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزلت في علي بن أبي طالب، ما من مسلم إلا ولعلي (عليه السلام) في قلبه محبته(3).

الحديث الثالث: الحمويني هذا قال: قال الواحدي، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم بن محموية، أنبأنا يحيى بن محمد العلوي، أنبأنا أبو علي الصواف ببغداد، أنبأنا الحسن بن علي بن الوليد بن النعمان الفارسي، أنبأنا إسحاق بن بشر عن خالد بن يزيد بن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن البراء قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " يا علي، قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فأنزل الله تعالى * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزل في علي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).

الحديث الرابع: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي إسحاق عن الحارث قال: قال علي (عليه السلام):

____________

(1) مريم: 97.

(2) العمدة: 289 / 472 عن الثعلبي.

(3) فرائد السمطين: 1 / 79 / ب 14 / ح 50.

(4) فرائد السمطين: 1 / 80 / ب 14 / ح 51.

الصفحة 107 

" نحن أهل بيت لا نقاس بإنسان " فقام رجل فأتى عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) [ فذكر له ما سمعه من علي ] فقال: صدق علي أوليس كان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقاس بالناس؟ نزلت هذه الآية في علي * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) *(1).

الحديث الخامس: الحافظ أبو نعيم بإسناده عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي عندك ودا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فنزلت على رسول الله * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(2).

الحديث السادس: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: " إرفع رأسك وأدع ربك وسله يعطك " فرفع يديه وقال: " اللهم اجعل [ لي عندك عهدا واجعل ] لي عندك ودا " فنزلت هذه الآية إلى قوله: * (وتنذر به قوما لدا) *(3).

الحديث السابع: ابن شهرآشوب رواه من طريق العامة قال: قال أبو روق عن الضحاك وشعبة عن الحكم عن عكرمة والأعمش عن سعد بن جبير والعزيزي السجستاني في غريب القرآن عن عمر كلهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى: * (سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزلت في علي، لأنه ما من مسلم إلا ولعلي في قلبه محبة(4).

الحديث الثامن: إبراهيم الأصفهاني وأبو المفضل الشيباني وابن بطة العكبري بالإسناد عن محمد بن الحنفية وعن الباقر (عليه السلام) وفي الخبر قال: " لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب ولأهل بيته "(5).

الحديث التاسع: زيد بن علي أن عليا (عليه السلام) أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال له رجل: إني أحبك في الله فقال: " لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا؟ " قال: " لا والله ما اصطنعت إليه معروفا " فقال:

" الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة " فنزلت هذه الآيات(6).

الحديث العاشر: موفق بن أحمد في كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)) قال: قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب(7).

____________

(1) خصائص الوحي المبين: 225 / ح 174 عن أبي نعيم.

(2) خصائص الوحي: 133 / ح 77 عنه.

(3) البحار: 35 / 359 ح 11 عن أبي نعيم، والدر المنثور: 4 / 287.

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 289.

(5) ذخائر العقبى: 89، وشواهد التنزيل: 1 / 464.

(6) شواهد التنزيل: 1 / 477 ح 509.

(7) مناقب الخوارزمي: 278 / 268.

الصفحة 108 

الحادي عشر: زيد بن علي عن آبائه عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: " لقيني رجل فقال لي: يا أبا الحسن أما والله إني أحبك في الله " فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بقول الرجل. وذكر الحديث إلى آخره وقد تقدم(1).

الحديث الثاني عشر: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى ابن عباس قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي وأخذ بيد علي فصلى أربع ركعات ثم رفع يده إلى السماء فقال: " اللهم سألك موسى بن عمران، وأنا محمد أسألك أن تشرح لي صدري وتسير لي أمري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به أزري وأشركه في أمري ".

قال ابن عباس فسمعت مناديا ينادي: " يا أحمد قد أعطيت ما سألت " فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " يا أبا الحسن إرفع يدك إلى السماء وأدع ربك وأسأله يعطيك فرفع علي يده إلى السماء وهو يقول اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي عندك ودا " فأنزل الله تعالى على نبيه * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * فتلاها النبي (صلى الله عليه وآله) على أصحابه فتعجبوا من ذلك عجبا شديدا فقال النبي: " مم تعجبون إن القرآن أربعة أرباع فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وربع حرام، وربع فضائل وأحكام، والله أنزل في علي كرائم القرآن "(2).

الحديث الثالث عشر: ابن المغازلي الشافعي في مناقبه يرفعه إلى البراء بن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي عندك ودا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فنزلت * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * نزلت في علي بن أبي طالب(3).

الحديث الرابع عشر: الجبري عن ابن عباس أنها نزلت في علي خاصة.

____________

(1) مناقب الخوارزمي: 278 / 269.

(2) مناقب ابن المغازلي: 202 / ح 375.

(3) مناقب ابن المغازلي: 201 / ح 374.

 

 

 

 

الصفحة 109 

الباب الرابع والسبعون

في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله "(1).

الحديث الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله:

* (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي ذكره "(2).

الحديث الثالث: محمد بن العباس في تفسيره قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عون بن سلم عن بشر بن عمارة الخثعمي عن أبي الجارود عن الضحاك عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي (عليه السلام) * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " محبة في قلوب المؤمنين "(3).

الحديث الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن يعقوب بن جعفر ابن سليمان عن علي بن عبد الله محمد بن العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " نزلت في علي (عليه السلام) فما من مؤمن إلا وفي قلبه حب لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) "(4).

الحديث الخامس: علي بن إبراهيم قال: قال الصادق (عليه السلام): " كان سبب نزول هذه الآية أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: قل يا علي اللهم اجعل لي في قلوب

____________

(1) الكافي: 1 / 431 ح 90.

(2) تفسير القمي: 2 / 57.

(3) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 17.

(4) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 18.

الصفحة 110 

المؤمنين ودا فأنزل الله * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * "(1).

الحديث السادس: أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) قال في تفسير أبي حمزة الثمالي حدثني أبو جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " قال رسول (صلى الله عليه وآله): يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا، [ فقالها علي ] فنزلت الآية "(2).

الحديث السابع: الطبرسي أيضا وروى نحوه عن جابر بن عبد الله يعني مثل الحديث السابق(3)

قبله بلا فصل شرف الدين النجفي قال علي بن إبراهيم: روى فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * قال:

" * (آمنوا) * بأمير المؤمنين * (وعملوا الصالحات) * بعد المعرفة "(4).

الحديث الثامن: السيد الرضي في (الخصائص) بإسناد مرفوع إلى عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال:

نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: محبة في قلوب المؤمنين(5).

الحديث التاسع: ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال: قال الباقر: " من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار (والحسنة) ولاية علي وحبه (والسيئة) عداوة علي وبغضه، ولا يرفع معها عمل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * هو علي * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين) * قال: هو علي * (وتنذر به قوما لدا) * قال: بني أمية قوما ظلمه "(6).

الحديث العاشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) * قال: " إنما يسره الله على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) حين أقام أمير المؤمنين علما فبشر به المؤمنين، وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله في كتابه * (قوما لدا) * أي: كفارا "(7).

الحديث الحادي عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 56.

(2) مجمع البيان: 6 / 455 مورد الآية.

(3) مجمع البيان: 6 / 455.

(4) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 16.

(5) الخصائص: 71.

(6) روضة الواعظين: 106.

(7) الكافي: 1 / 431 ح 90.

الصفحة 111 

ابن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له: * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) * قال: " إنما يسره على لسان نبيه حتى أقام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما فبشر به المؤمنين، وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله قوما لدا كفارا "(1).

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 57.

الصفحة 112 

 

الباب الخامس والسبعون

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه

فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) *(1)

من طريق العامة وفيه حديثان

 

الحديث الأول: الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى: * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

الحديث الثاني: الثعلبي قال: أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن شيب حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون عن الحوض فأقول يا رب يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا علم لك بما أحدثوا إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى "(3).

الباب السادس والسبعون

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه

فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) *

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: أبو علي الطبرسي في تفسيره في (مجمع البيان) في تفسير الآية قيل: هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأصحابه حين قاتله من قاتله الناكثين والقاسطين والمارقين قال: وروي ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس، قال: وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام).

[ وروي عن علي أنه ] قال يوم البصرة: " والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم، وتلا هذه الآية "(4).

____________

(1) المائدة: 54.

(2) العمدة: 288 / 470 عن الثعلبي.

(3) العمدة: 289 / 471 عن الثعلبي.

(4) مجمع البيان: 3 / 359 - 358.

الصفحة 113 

الحديث الثاني: محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره (نهج البيان) في معنى الآية المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام)(1).

الحديث الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: قال هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * نزلت في علي (عليه السلام)(2).

____________

(1) تفسير فرات: 123 / ح 133، والعمدة: 288 / ح 470.

(2) تفسير القمي: 1 / 170 وفيه نزلت في القائم (عليه السلام) وأصحابه.

الصفحة 114 

 

الباب السابع والسبعون

في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) *(1)

من طريق العامة فيه أربعة أحاديث

 

الأول: الثعلبي في تفسير هذه الآية قال: أخبرني أبو عبد الله القاتبي أخبرنا أبو الحسين النصيبي الفامي أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي حدثنا علي بن العباس المقانعي حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين حدثنا محمد بن عمرو حدثنا الحسين المشقر حدثنا أبو قتيبة التميمي قال: سمعت ابن سيرين في قوله تعالى: * (هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا وكان ربك قديرا(2).

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده المتصل إلى حسين الأشقر قال: سمعت ابن سيرين يقول في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا * (وكان ربك قديرا) *(3).

الحديث الثالث: ابن شهرآشوب من طريق الخاصة والعامة روى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وأم سلمة والسدي وابن سيرين والباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: " هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) " وفي رواية " البشر الرسول والنسب فاطمة والصهر علي "(4).

الحديث الرابع: المالكي في (الفصول المهمة) عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا) * الآية، أنها نزلت في النبي وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج ابنته فاطمة فكان نسبا وصهرا(5).

____________

(1) الفرقان: 54.

(2) العمدة: 288 / 469 عن الثعلبي.

(3) فرائد السمطين: 1 / 370 / ب 68 / ح 301.

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 29.

(5) الفصول المهمة: 28، والعمدة عن الثعلبي: 288 ح 469.

الصفحة 115 

 

الباب الثامن والسبعون

في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) *

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

 

الحديث الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال: حدثنا رجا بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة منصرفه من النهروان وبلغه أن معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا وذكر الخطبة وذكر أسمائه (عليه السلام) في القرآن إلى أن قال فيها (عليه السلام): " وأنا الصهر يقول الله عز وجل:

* (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * "(1).

الحديث الثاني: الشيخ في أماليه قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش قال: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسين بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخراز إملاء في منزله قال: حدثنا أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي إملاء قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن جبر القواس خال ابن كردي قال: حدثنا محمد بن سلمة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال:

حدثنا ثابت عن أنس ابن مالك قال: ركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان وقال: " يا أنس خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا وكذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى فأقرأه مني السلام واحمله على البغلة وائت به إلي " قال أنس: فذهبت فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول الله فحملته على البغلة فأتيت به إليه، فلما أن نظر(2) به رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " السلام عليك يا رسول الله " قال: " وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه أحد من الأنبياء إلا وأنا خير منه، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس فيه من الأخوة أحد إلا وأنت خير منه " قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما فمد النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب فجعله بينه وبين علي، وقال: " كل يا أخي فهذه هدية من الله إلي ثم إليك ". قال أنس: علي أخوك؟ قال: نعم. قلت: يا رسول الله صف كيف علي

____________

(1) معاني الأخبار: 59 / 9، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 29، والعمدة: 288 / ح 469.

(2) بصر.

الصفحة 116 

أخوك قال: " إن الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله، ثم نقله في صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه الله عز وجل نصفين نصف في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصف في أبي طالب، فأنا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا والآخرة " ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *(1).

الحديث الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أحمد بن معمر الأسدي عن الحسن بن محمد الأسدي من الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال: قوله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) زوج النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ابنته وهو ابن عمه فكان له نسبا وصهرا(2).

الحديث الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا المغيرة بن محمد عن رجا بن سلمة عن نابل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: لما خلق الله آدم وخلق نطفة من الماء فمزجها بنوره ثم أودعها آدم (عليه السلام) ثم أودعها ابنه شيث ثم أنوش ثم قينان ثم أبا فأبا حتى أودعها إبراهيم (عليه السلام) ثم أودعها إسماعيل (عليه السلام)، ثم أما فأما وأبا فأبا من طاهر الأصلاب إلى مطهرات الأرحام حتى صارت إلى عبد المطلب ففرق ذلك النور فرقتين فرقة إلى عبد الله فولد محمدا (صلى الله عليه وآله) وفرقة إلى أبي طالب فولد عليا (عليه السلام)، ثم ألف الله النكاح بينهما فزوج الله عليا بفاطمة (عليها السلام) فذلك قوله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *(3).

____________

(1) أمالي الطوسي: 312 - 313 ح 637.

(2) تأويل الآيات: 1 / 377 ح 13.

(3) تأويل الآيات: 1 / 377 ح 14، وبحار الأنوار: 31 / 361 ح 4.

الصفحة 117 

 

الباب التاسع والسبعون

في قوله تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم

في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * إلى قوله * (لا يشركون به شيئا) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

ابن شهرآشوب من تفسير أبي عبيدة وعلي بن حرب الطائي، قال عبد الله بن مسعود: الخلفاء أربعة آدم * (إني جاعل في الأرض خليفة) * وداود * (يا داود إنا جعلناك خليفة) * يعني بيت المقدس، وهارون، قال موسى: * (اخلفني في قومي) * وعلي * (وعد الله الذين آمنوا منكم) * يعني علي بن أبي طالب * (ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * آدم وداود وهارون * (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) * يعني الإسلام * (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * يعني أهل مكة * (يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك) * بولاية علي بن أبي طالب * (أولئك هم الفاسقون) * يعني العاصين لله ولرسوله وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " من لم يقل إني رابع الخلفاء فعليه لعنة الله " ثم ذكر نحو هذا المعنى(1).

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 262.

الصفحة 118 

 

الباب الثمانون

في قوله تعالى * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض

كما استخلف الذين من قبلهم) * إلى قوله: * (لا يشركون بي شيئا) *

من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث

 

الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد بن الوشا عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * قال: " هم الأئمة "(1).

الثاني: ابن يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن أبي مسعود عن الجعفري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه "(2).

الثالث: محمد بن إبراهيم النعماني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه قال: حدثنا إسماعيل بن مروان قال: حدثنا علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) *(3) قال: " القائم وأصحابه "(4).

الرابع: محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال: حدثني محمد بن أحمد عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تبارك وتعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين منابر من نور، فيصعدون عليها ويجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون، ويفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رب ميعادك الذي أوعدته في كتابك وهو هذه الآية * (وعد

____________

(1) الكافي: 1 / 194 ح 3.

(2) الكافي: 1 / 193 ح 1.

(3) النور: 55.

(4) كتاب الغيبة: 240.

الصفحة 119 

الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * الآية، ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين سجدا ثم يقولون: يا رب اغضب، يا رب اغضب، يا رب اغضب، فإنه انتهك حريمك وقتل أصفياؤك وأذل عبادك الصالحون "(1).

الخامس: محمد بن العباس عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد عن الوشا عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * قال: " نزلت في علي بن أبي طالب والأئمة من ولده (عليهم السلام) " * (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * قال:

" عنى به ظهور القائم (عليه السلام) "(2).

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (رحمه الله) قال:

حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا الحرث بن تيهان قال: حدثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أما ما ليس لله فليس له شريك وأما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم العباد، وأما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود: عزير ابن الله، والله لا يعلم له ولدا " فقال جندل: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله حقا.

ثم قال: يا رسول الله إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي: يا جندل أسلم على يد محمد واستمسك بالأوصياء من بعده، فقد أسلمت ورزقني الله ذلك فأخبرني عن الأوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال: " يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل " فقال: يا رسول الله أنهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة قال: " نعم، الأئمة بعدي اثنا عشر " قال: يا رسول الله كلهم في زمن واحد قال: (لا، ولكن خلف بعد خلف وإنك لن تدرك منهم إلا ثلاثة، أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا كانت وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيد العابدين يقضي الله

____________

(1) كتاب الغيبة: 376.

(2) تأويل الآيات: 1 / 369 ح 21.

الصفحة 120 

عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه ".

فقال: يا رسول الله هكذا وجدت في التوراة: إليا يقطوا شبرا وشبيرا، فلم عرف أسماءهم، فكم من الحسين (عليه السلام) من الأوصياء وما أسماؤهم؟ فقال: " تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم، فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه ويلقب زين العابدين، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر ويدعى بالصادق، فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى ويدعى بالكاظم، ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي ويدعى بالرضا، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه ويدعى بالزكي، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه ويدعى بالنقي، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن ويدعى بالأمين، ثم يغيب عنهم إمامهم.

قال: يا رسول الله هو الحسن يغيب عنهم؟

قال " لا، ولكن ابنه " قال: يا رسول الله فما اسمه؟ قال: " لا يسمى حتى يظهر ".

فقال جندل: يا رسول الله وجدنا ذكرهم في التوراة وقد بشرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء من ذريتك، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) *(1) فقال جندل: يا رسول الله فما خوفهم؟

قال: يا جندل في زمن كل واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه، فإذا عجل الله خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ما ملئت جورا وظلما. ثم قال (عليه السلام): طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال * (الذين يؤمنون بالغيب) *(2) ثم قال:

* (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون) *(3).

قال ابن الأصقع: ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف، فحدثني نعيم ابن أبي قيس قال: دخلت عليه بالطائف وهو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال: هكذا عهد لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورارة(4).

السابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم المعروف بالكرماني قال: حدثنا أبو

____________

(1) التوبة: 55.

(2) البقرة: 3.

(3) الحديد: 22.

(4) كفاية الأثر: 58 - 59، والتوحيد: 377 / 23، وبحار الأنوار 32 / 307.

الصفحة 121 

العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال أحمد بن طاهر: قال: حدثنا محمد بن يحيى(1)

بن سهل الشيباني، قال: أخبرنا علي بن الحارث عن سعيد بن منصور الجواشيني، قال: أخبرنا أحمد ابن علي البديلي، قال: أخبرني أبي عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق، بلا جيب مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدموع محجريه وهو يقول:

سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك وصلت مصابي بفجايع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل ما بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطالت عقولنا ولها، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهايل والحادث الغايل، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة، أو حلت من الدهر به تابعة، فقلنا: لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك، من أي حادثة تشرق دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة عليك حتمك هذا المأتم؟

قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه وقال: ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده (عليهم السلام)، وتأملت فيه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام عن أعناقهم الذي قال الله جل ذكره * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) *(2) يعني الولاية، فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان، فقلنا: يا بن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة، أدارها في ثلاثة من الرسل: قدر مولده تقدير مولد موسى، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، وقدر إبطائه إبطاء نوح (عليه السلام)، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر (عليه السلام) دليلا على عمره، فقلنا: اكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني؟ قال (عليه السلام): أما مولد موسى (عليه السلام) فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة ودلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشق

____________

(1) في المصدر: بحر.

(2) الإسراء: 13.

الصفحة 122 

بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وتعذر إليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إياه، وكذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.

وأما غيبة عيسى (عليه السلام) فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله جل ذكره بقوله عز وجل * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) *(1) كذلك غيبة القائم (عليه السلام) فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل لغير هدى بأنه لم يولد، وقائل يقول: إنه ولد ومات، وقائل يفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما، وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر وصاعدا، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره.

وأما إبطاء نوح (عليه السلام) فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرائيل الروح الأمين معه بسبع نوايات فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي، لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه، وأغرس هذا النوى لأن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا:

لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد واعتصموا بحبل نبوتك، فإني استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل

____________

(1) النساء: 157.

 

 

 

 

الصفحة 123 

الأمن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرايرهم التي كانت نتايج النفاق وشيوخ الضلالة، ولو أنهم تسنموا الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لتنشقوا روايح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم وتأبد حبالة ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرياسة والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب، * (كلا واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) *.

قال الصادق (عليه السلام): " وكذلك القائم فإنه يمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الإيمان عن الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام) ".

قال المفضل: فقلت: يا بن رسول الله فإن هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة، متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمر في الأمة وذهاب الخوف من قلوبها وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد علي (عليه السلام) مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم، ثم تلا الصادق (عليه السلام) * (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) *(1).

وأما العبد الصالح الخضر (عليه السلام) فإن الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بل إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدر علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول، فطول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم، ولينقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة.(2)

الثامن: السيد المعاصر في كتابه صنعه في الرجعة عن محمد بن الحسن بن عبد الله الأطروش الكوفي، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " إن الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته، ثم تكلم بكلمة وصارت نورا، ثم خلق من ذلك النور محمدا، وخلقني وذريتي منه،

____________

(1) يوسف: 110.

(2) كمال الدين وتمام النعمة 352 / ح 50.

الصفحة 124 

ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا، فنحن روحه وكلماته، فبنا احتج على خلقه، فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطوف، نعبده ونقدسه ونسبحه وذلك قبل أن يخلق الخلق، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا وذلك قول الله عز وجل * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) *(1) يعني لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله) ولتنصرن وصيه، وسينصرونه جميعا، وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (عليه السلام) بالنصرة بعضنا لبعض، فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه وآله) وجاهدت بين يديه وقتلت عدوه ووفيت لله بما أخذ علي من الميثاق والعهد والنصر لمحمد (صلى الله عليه وآله) ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله، وذلك لما قبضهم الله إليه، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها، وليبعثن الله أحياء من آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله) كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات والأحياء والثقلين جميعا، فيا عجبا وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبون زمرة زمرة بالتلبية: لبيك لبيك يا داعي الله، قد تخللوا بسكك الكوفة، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) *(2) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي ليس عندهم تقية وإن لي الكرة بعد الكرة، والرجعة بعد الرجعة، وأنا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات والدولات العجيبات، وأنا قرن من حديد وأنا عبد الله وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا أمين الله وخازنه وعيبته سره وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه، وأنا الحاشر إلى الله، وأنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق ويفرق بها الجمع، وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا وآياته الكبرى، وأنا صاحب الجنة والنار، أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وإلي تزويج أهل الجنة وإلي عذاب أهل النار، وإلي إياب الخلق جميعا، وأنا المآب الذي يؤوب إليه كل شئ بعد القضاء، وإلي حساب الخلق جميعا، وأنا صاحب الهبات، وأنا المؤذن على الأعراف، وأنا بازر الشمس، وأنا دابة الأرض، وأنا قسيم النار، وأنا خازن الجنان، وأنا صاحب الأعراف، وأنا أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وآية السابقين ولسان الناطقين وخاتم الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين وصراط ربي المستقيم وفسطاسه والحجة على أهل السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما.

____________

(1) آل عمران: 81.

(2) النور: 55.

الصفحة 125 

وأنا الذي احتج الله بي عليكم في ابتداء خلقه، وأنا الشاهد يوم الدين، وأنا الذي علمت المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والأنساب، واستحفظت آيات النبيين المستخفين والمستحفظين، وأنا صاحب العصا والميسم، وأنا لي سخرت السحاب والرعد والبرق والظلم والأنوار والرياح والجبال والبحار والنجوم والشمس والقمر، وأنا الذي أهلكت عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا، وأنا الذي ذللت الجبابرة، وأنا صاحب مدين ومهلك فرعون ومنجي موسى، وأنا القرن الحديد، وأنا فاروق الأمة، وأنا الهادي عن الضلالة، وأنا الذي أحصيت كل شئ عددا بعلم الله الذي أودعنيه وسره الذي أسره إلى محمد (صلى الله عليه وآله) وأسره النبي (صلى الله عليه وآله) إلي، وأنا الذي أنحلني ربي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه، يا معشر الناس اسألوني قبل أن تفقدوني، اللهم إني أشهدك وأستعديك عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله متبعين أمره.(1)

التاسع: الطبرسي في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يذكر فيه من تقدم عليه فقال (عليه السلام) فيه مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الأمة كل ذلك ليتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق الحق على الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) *(2) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، وغاب صاحب الأمر بإيضاح الغدر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيه (صلى الله عليه وآله) على يديه وعلى الدين كله ولو كره المشركون.(3)

العاشر: الطبرسي أيضا في معنى الآية قال: اختلف في الآية وذكر الأقوال إلى أن قال: والمروي عن أهل البيت (عليهم السلام) أنها في المهدي، ثم قال: وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين أنه قرأ الآية وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت: يفعل ذلك بهم على يد رجل منا وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا " ثم قال الطبرسي: وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.(4)

____________

(1) مختصر بصائر الدرجات 32، بحار الأنوار: 53 / 46 / ح 20.

(2) النور: 55.

(3) الإحتجاج: 1 / 382.

(4) تفسير مجمع البيان: 7 / 267.

الصفحة 126 

 

الباب الحادي والثمانون

في قوله تعالى * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات

كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) *(1)

من طريق العامة وفيه حديثان

 

الأول: ابن شهرآشوب عن تفسير ابن يوسف النسوي قبيصة بن عقبة عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * نزلت في علي وحمزة وعبيدة * (كالمفسدين في الأرض) * عتبة وشيبة والوليد.(2)

الثاني: من طريق العامة أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * علي وحمزة وعبيدة * (كالمفسدين في الأرض) * عتبة وشيبة والوليد بن عتبة * (أم نجعل المتقين) * هؤلاء علي وأصحابه * (كالفجار) * عتبة وأصحابه.(3)

الباب الثاني والثمانون

في قوله تعالى * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات

كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) *

من طريق الخاصة وفيه حديثان

 

الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثني يحيى بن زكريا اللؤلؤي، عن علي بن حنان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قوله * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * قال: أمير المؤمنين وأصحابه * (كالمفسدين في الأرض) * حبتر وزريق وأصحابهما * (أم نجعل المتقين) * أمير المؤمنين وأصحابه * (كالفجار) * حر ودلام وأصحابهما.(4)

الثاني: محمد بن العباس قال: حدثني علي ابن عبيد ومحمد بن القاسم بن سلام، قال: حدثنا

____________

(1) سورة ص: 28.

(2) مناقب آل أبي طالب 1 / 388.

(3) بحار الأنوار 24 / 7 ج 20.

(4) تفسير القمي: 2 / 234.

الصفحة 127 

حسين بن حكم عن حسين بن حسين، عن غياث بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عز وجل * (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * علي وحمزة وعبيد * (كالمفسدين في الأرض) * عتبة وشيبة والوليد * (أم نجعل المتقين) * علي (عليه السلام) وأصحابه * (كالفجار) *(1) فلان وأصحابه(2).

____________

(1) سورة ص: 28.

(2) بحار الأنوار: 24 / 7 / 20.

الصفحة 128 

 

الباب الثالث والثمانون

في قوله تعالى * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا

وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) *(1)

من طريق العامة وفيه حديثان

 

الأول: موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة قال: قوله تعالى * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) *(2) قيل:

نزلت في قصة بدر في حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث لما برزوا لقتال عتبة وشيبة والوليد، و * (الذين آمنوا) * حمزة وعلي وعبيدة و * (الذين اجترحوا السيئات) * عتبة وشيبة والوليد.(3)

الثاني: من طريق العامة أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات) * فالذين آمنوا بنو هاشم وبنو عبد المطلب و * (الذين اجترحوا السيئات) * بنو عبد شمس.(4)

الباب الرابع والثمانون

في قوله تعالى * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم

كالذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الآية

من طريق الخاصة وفيه حديثان

 

الأول: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره قال: حدثنا علي بن عبيد، عن حسين بن حكم، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله عز وجل * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات) * الآية قال: * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * بنو هاشم وبنو عبد المطلب و * (الذين اجترحوا السيئات) * بنو عبد شمس.(5)

____________

(1) الجاثية: 21.

(2) الجاثية: 21.

(3) المناقب 275 / 257.

(4) بحار الأنوار: 23 / 384 ح 82.

(5) بحار الأنوار 23 / 384 ح 82.

الصفحة 129 

الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن أيوب بن سليمان عن ابن مروان الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات) * الآية قال: إن هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث هم الذين آمنوا، وفي ثلاثة من المشركين عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وهم الذين * (اجترحوا السيئات) *(1).

____________

(1) سورة السجدة: 18.

الصفحة 130 

 

الباب الخامس والثمانون(1)

في قوله تعالى * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *

من طريق العامة وفيه ثمانية أحاديث

 

الأول: أبو المؤيد موفق بن أحمد، أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، حدثنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، حدثني والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو سعيد الماليني، حدثنا أبو أحمد بن عدي حدثنا أبو يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال: حدثنا حماد يعني بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الوليد بن عقبة قال لعلي رضي الله عنه: أنا أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة فقال له علي: على رسلك فإنك فاسق، فأنزل الله عز وجل * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * يعني عليا والوليد الفاسق.(2)

الثاني: عز الدين ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة قال: قال أبو الفرج: وحدثني إسحاق بن بنان الأنماطي عن حنيش بن ميسر عن عبد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا واملأ للكتيبة، فقال له علي (عليه السلام): أسكت يا فاسق، فنزل القرآن فيهما * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *.(3)

الثالث: ابن أبي الحديد قال: قال أبو عمر في الوليد بن عقبة وفي علي بن أبي طالب (عليه السلام) نزل * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *. في قصتهما المشهورة.(4)

الرابع: ابن أبي الحديد قال شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه الله: من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به وإطباق الناس عليه أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليا ويشتمه، وأنه الذي لاحاه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونابذه وقال له: أنا أثبت منك جنانا وأحد سنانا، فقال له علي (عليه السلام): أسكت يا فاسق، فأنزل الله تعالى فيهما * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * الآيات المتلوة، وسمي الوليد بحسب ذلك في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفاسق، فكان لا يعرف إلا

____________

(1) بحار الأنوار 23 / 384 ح 83.

(2) المناقب 279 / ح 271.

(3) شرح نهج البلاغة: 17 / 238.

(4) شرح نهج البلاغة: 17 / 239.

الصفحة 131 

بالوليد الفاسق، وهذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي (عليه السلام).(1)

الخامس: ابن أبي الحديد قال: روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة، وقد كان بلغهم عن الحسن بن علي عليهما السلام قوارص وبلغهم عنه مثل ذلك فقالوا: يا أمير المؤمنين إن الحسن قد أحيا أباه وذكره، وقال فصدق وأمر فأطيع، وخفقت له النعال وإن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا.

قال معاوية: ما تريدون؟ قالوا: ابعث إليه فليحضر لنسبه ونسب أباه ونعيره ونوبخه، ونخبره أن أباه قتل عثمان ونقرره بذلك، ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك.

قال معاوية: إني لا أرى ذلك ولا أفعله.

قالوا: عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعل، فقال: ويحكم، لا تفعلوا، فوالله ما رأيته قط جالسا عندي إلا خفت مقامه وعيبه لي، قالوا: ابعث إليه على حال، قال: إن بعثت إليه لأنصفنه منكم، فقال عمرو بن العاص: أتخشى أن يأتي باطله على حقنا أو يربى قوله على قولنا؟

قال معاوية: أما إني إن بعثت إليه لآمرنه أن يتكلم بلسانه كله، قالوا: مره بذلك، قال: أما إذ عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلا ذلك فلا تمرضوا له في القول، واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، ولا يلصق بهم العار ولكن اقذفوه بحجرة تقولون له: إن أباك قتل عثمان وكره خلافة الخلفاء من قبله.

فبعث إليه معاوية فجاءه رسوله فقال: إن أمير المؤمنين يدعوك قال: من عنده؟ فسماهم له، فقال الحسن: ما لهم؟ خر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون، ثم قال: يا جارية ابغيني ثيابي، اللهم إني أعوذ بك من شرورهم، وأدرأ بك كيدهم في نحورهم، وأستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت وأنى شئت بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين، ثم قام، فلما دخل على معاوية أعظمه وأكرمه وأجلسه إلى جانبه ثم ذكر الحديث وما جرى بين الحسن وبين القوم الفاسقين، وما قالوا له وما ردد عليهم إلى أن قال: وأما أنت يا وليد فوالله ما ألومك على بغض علي وقد جلدك ثمانين في الخمر، وقتل أباك بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) صبرا، وأنت الذي سماه الله الفاسق وسمى عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له: أسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا وأطول منك لسانا، فقال لك علي: أسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق، فأنزل الله تعالى في موافقة قوله

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 80.

الصفحة 132 

* (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *(1) ثم أنزل فيك على موافقة قوله أيضا * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) *(2) ويحك يا وليد، مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك وفيه شعرا:

 

أنزل الله والكتاب العزيز          في علي وفي الوليد قرانا

فتبوأ الوليد إذ ذاك فسقا         وعلي مبوأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عمرك الله  كمن كان فاسقا خوانا

سوف يدعى الوليد بعد قليل    وعلي إلى الحساب عيانا

فعلي يجزى بذاك جنانا         ووليد يجزى بذاك هوانا

رب جد لعقبة بن أبان  لابس في بلادنا تبانا

 

وما أنت وقريش؟ وإنما أنت علج من أهل صفورية، وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد وأسن ممن تدعى إليه.(3)

السادس: أبو نعيم الأصفهاني قال: قوله تعالى * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *(4)

بإسناده إلى حبيب قال: نزلت هذه الآية في علي (عليه السلام) والوليد بن عقبة.(5)

السابع: أبو نعيم أيضا بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال الوليد ابن عقبة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): أنا أحد منك سنانا وأبسط منك بنانا وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي (عليه السلام): أسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * قال: يعني بالمؤمن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وبالفاسق الوليد بن عقبة.(6)

الثامن: الثعلبي في تفسير قوله تعالى * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * قال الثعلبي:

نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه، وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شئ، فقال الوليد لعلي (عليه السلام): أسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأشجع منك جنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة.

فقال له علي (عليه السلام): أسكت فإنك فاسق، فأنزل الله تبارك وتعالى * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *.(7)

____________

(1) السجدة: 18.

(2) الحجرات: 6.

(3) شرح نهج البلاغة: 6 / 285.

(4) السجدة: 18.

(5) بحار الأنوار 31 / 338 ح 5.

(6) بحار الأنوار 31 / 337 ح 3.

(7) أسباب النزول للواحدي: 200 عن الثعلبي.

الصفحة 133 

 

الباب السادس والثمانون

في قوله تعالى * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *(1)

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

 

الأول: الشيخ الطوسي في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن يسار قال:

حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر في حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) على أهل الشورى يذكر فضائله وما جاء فيه على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم يسلمون له ما ذكره وأنه مختص بالفضائل دونهم - إلى أن قال علي (عليه السلام): فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * إلى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين غيري، قالوا: اللهم لا.(2)

الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *(3) وذلك أن علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا فقال الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط: أنا والله أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأمثل منك جثوا في الكتيبة قال علي (عليه السلام) أسكت فإنما أنت فاسق فأنزل الله * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنة المأوى نزلا بما كانوا يعملون) *(4)

فهو علي بن أبي طالب * (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) *(5).(6)

الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله عن الحجاج بن سهل عن حماد بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي (عليه السلام):

أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا وأملى منك حشوا للكتيبة، فقال له علي (عليه السلام): أمسك يا فاسق، فأنزل الله جل اسمه * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * إلى قوله * (تكذبون) *(7).

____________

(1) السجدة: 18.

(2) أمالي الطوسي 551 / مجلس 20 / ح 4.

(3) السجدة: 18.

(4) السجدة 18 - 19.

(5) السجدة: 20.

(6) تفسير القمي 2 / 170.

(7) بحار الأنوار 23 / 382 ح 77.

الصفحة 134 

الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن عمر بن حماد عن أبيه عن فضيل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * قال: نزلت في رجلين أحدهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مؤمن والآخر فاسق فقال الفاسق للمؤمن: أنا والله أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا، واملأ منك حشوا في الكتيبة، فقال المؤمن للفاسق: أسكت يا فاسق فأنزل الله عز وجل * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) * ثم بين حال المؤمن فقال أما * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنة المأوى نزلا بما كانوا يعملون) * ثم بين حال الفاسق فقال عز وجل * (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) *(1).

الخامس: ذكر أبو مخنف رحمه الله أنه جرى عند معاوية بين الحسن بن علي (عليه السلام) وبين الفاسق الوليد بن عقبة كلام، فقال الحسن (عليه السلام): لا ألومك أن تسب عليا (عليه السلام) وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطا، وقتل أباك صبرا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم بدر، وقد سماه الله عز وجل في غير آية مؤمنا وسماك فاسقا.(2)

السادس: الطبرسي في الاحتجاج في حديث ذكر فيه ما جرى بين الحسن بن علي (عليه السلام) وبين جماعة من أصحاب معاوية بمحضر معاوية فقال الحسن (عليه السلام): وأما أنت يا وليد بن عقبة فوالله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبه وقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسماك فاسقا وهو قول الله عز وجل * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *(3) وقوله * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) *(4) وما أنت وذكر قريش وإنما أنت ابن علج من أهل صفورية يقال له ذكوان، وأما زعمك أنا قتلنا عثمان فوالله ما استطاع طلحة والزبير وعائشة أن يقولوا ذلك على علي بن أبي طالب، فكيف تقوله أنت؟ ولو سألت أمك من أبوك إذ تركت ذكوان فألصقتك بعقبة بن أبي معيط اكتسبت بذلك عند نفسها سناء ورفعة مع ما أعد الله لك ولأبيك ولأمك من العار والخزي في الدنيا والآخرة وما الله بظلام للعبيد؟ ثم أنت يا وليد والله أكبر في الميلاد ممن تدعى له، فكيف تسب عليا؟ ولو اشتغلت بنفسك لتثبت نسبك إلى أبيك لا إلى من تدعى له، ولقد قالت لك أمك:

____________

(1) بحار الأنوار 23 / 383 ح 78.

(2) بحار الأنوار 23 / 383 ح 79.

(3) السجدة: 18.

(4) الحجرات: 6.

الصفحة 135 

يا بني أبوك الأم وأخبث من عقبة.(1)

السابع: ابن شهرآشوب أورده في كتابه من طريق الخاصة والعامة عن الكلبي عن أبي صالح وعن أبي لهيعة عن عمر بن دينار عن أبي العالية عن عكرمة عن أبي عبيدة عن يونس عن عمر وعن مجاهد كلهم عن ابن عباس، وقد روى صاحب الأغاني وصاحب كتاب التراجم عن ابن جبير وابن عباس وقتادة، وروي عن الباقر (عليه السلام) واللفظ له أنه قال الوليد بن عقبة لعلي (عليه السلام): أنا أحد منك سنانا وأبسط لسانا وأملأ حشوا للكتيبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس كما قلت يا فاسق، وفي روايات كثيرة: أسكت فإنما أنت فاسق فنزلت الآيات * (أفمن كان مؤمنا) * علي بن أبي طالب * (كمن كان فاسقا) * الوليد * (لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * الآية أنزلت في علي * (وأما الذين فسقوا) * أنزلت في الوليد، فأنشأ حسان:

 

أنزل الله والكتاب عزيز في علي وفي الوليد قرنا

فتبوأ الوليد من ذاك فسقا        وعلي مبوأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عرف الله    كمن كان فاسقا خوانا

سوف يجزى الوليد خزيا ونارا  وعلي لا شك يجزى جنانا(2)

 

____________

(1) الإحتجاج 1 / 412.

(2) مناقب آل أبي طالب 1 / 294.

 

 

 

 

الصفحة 136 

الباب السابع والثمانون

في قوله تعالى * (سلام على إل يس) *.(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى * (سلام على آل يس) * قال: آل يس آل محمد (صلى الله عليه وآله).

الباب الثامن والثمانون

في قوله تعالى * (سلام على إل يس) *

من طريق الخاصة وفيه خمسة عشر حديثا

 

الأول: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى عن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن سهل، قال: حدثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدثنا وهيب بن نافع، قال: حدثنا كادح عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن علي (عليه السلام) في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: يس محمد (صلى الله عليه وآله) ونحن آل يس.(2)

الثاني: ابن بابويه عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن الحسن بن عبد الغني المعافى قال: حدثنا عبد الرزاق عن مندل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: السلام من رب العالمين على محمد وآله عليه وعليهم والسلام لمن تولاهم في القيامة.(3)

الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري قال: حدثني الحسين بن معاذ قال:

____________

(1) الصافات: 130.

(2) أمالي الصدوق 558 / مجلس 72 / ح 1.

(3) معاني الأخبار 122 / ح 1.

الصفحة 137 

حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: يس اسم لمحمد (صلى الله عليه وآله).(1)

الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن القاسم بن الحسن المؤدب عن أحمد بن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني أحمد بن أبي عمر النهدي قال: حدثني أبي عن محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: على آل محمد (صلى الله عليه وآله).(2)

الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال:

حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال: حدثني محمد بن سهل قال: حدثنا إبراهيم بن معمر قال: حدثنا عبد الله بن زاهر الأحمري قال: حدثني أبي قال: حدثنا الأعمش عن يحيى بن وثاب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عمر بن الخطاب كان يقرأ * (سلام على إل يس) * قال أبو عبد الرحمن: إل يس آل محمد (صلى الله عليه وآله).(3)

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين ابن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت في حديث مجلس الرضا (عليه السلام) مع المأمون والعلماء وقال فيه: قال الرضا (عليه السلام) في الآيات الدالة على الاصطفاء: وأما الآية السابعة فقوله تبارك وتعالى * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) *(4) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " تقولون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا: لا، فقال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة، فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن، قال أبو الحسن (عليه السلام): نعم، أخبروني عن قول الله عز وجل * (يس والقرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين، على صراط مستقيم) *، فمن عني بقوله: * (يس) *؟

قالت العلماء: * (يس) * محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن: إن الله أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك لأن الله لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين فقال تبارك وتعالى * (سلام على نوح في العالمين) *(5) * (سلام

____________

(1) معاني الأخبار 122 / ح 3.

(2) معاني الأخبار 122 / ح 4.

(3) معاني الأخبار 123 / ح 5.

(4) الأحزاب: 56.

(5) الصافات: 79.

الصفحة 138 

على إبراهيم) *(1) * (سلام على موسى وهارون) *(2) ولم يقل سلام على آل نوح ولا على آل موسى ولا على آل إبراهيم فقال: سلام على * (إل يس) * يعني آل محمد (صلى الله عليه وآله).(3)

السابع: محمد بن العباس رحمه الله قال: حدثنا محمد بن القاسم عن حسين بن حكم عن حسين بن نصر بن مزاحم عن أبيه عن أبان عن ابن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي (عليه السلام) قال:

إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اسمه يس ونحن الذين قال * (سلام على إل يس) *(4).(5)

الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن سهل العطار عن الخضر بن فاطمة البجلي عن وهيب بن نافع عن كادح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: يس محمد ونحن آل محمد.(6)

التاسع: محمد بن العباس عن محمد بن سهل عن إبراهيم بن داهر عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن أبي عبد الرحمن الأسلمي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ * (سلام على إل يس) * قال:

على آل محمد (صلى الله عليه وآله).(7)

العاشر: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي عن عبادة بن يعقوب عن موسى بن عثمان عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) * قال: نحن هم آل محمد (صلى الله عليه وآله).(8)

الحادي عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن زريق بن مرزوق البجلي عن داود بن علية عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل * (سلام على إل يس) *(9) قال: أي على آل محمد (صلى الله عليه وآله).(10)

الثاني عشر: الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قوله * (سلام على إل يس) * إن الله سمى النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا الاسم قال * (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين) *(11) لعلمه بأنه يسقطون قوله سلام على آل محمد كما أسقطوا غيره.(12)

الثالث عشر: باب معنى آل محمد صلى الله عليهم، ابن بابويه عن أبيه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن الحسين بن أبي العلاء عن عبد الله بن ميسرة قال:

____________

(1) الصافات: 109.

(2) الصافات: 120.

(3) أمالي الصدوق 622 / مجلس 79 / ح 1.

(4) الصافات: 130.

(5) بحار الأنوار: 23 / 168 / ح 2.

(6) بحار الأنوار: 23 / 169 / ذيل الحديث السابع.

(7) بحار الأنوار: 23 / 170 / ذيل الحديث 11.

(8) بحار الأنوار: 23 / 168 / ح 3.

(9) الصافات: 130.

(10) بحار الأنوار: 23 / 168 / ح 4.

(11) يس: 1، 2، 3.

(12) الإحتجاج: 377.

الصفحة 139 

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نقول: اللهم صلى على محمد وأهل بيته، فيقول قوم: نحن آل محمد فقال: " إنما آل محمد من حرم الله عز وجل على محمد (صلى الله عليه وآله) نكاحه "(1).

الرابع عشر: قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

جعلت فداك، من الآل؟ قال: ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)، قلت: فمن الآل؟ قال: الأئمة عليهم السلام، فقلت:

قوله عز وجل * (ادخلوا آل فرعون أشد العذاب) *(2) قال: والله عنى أهل بيته.(3)

الخامس عشر: قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، قال: ذريته فقلت: من أهل بيته؟ قال: الأئمة الأوصياء، فقلت: من عترته؟ قال أصحاب العبا، فقلت: من أمته؟ قال: المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل، المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما، كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهما الخليفتان على الأمة بعده (عليه السلام).(4)

____________

(1) معاني الأخبار 93 / ح 1.

(2) غافر: 46.

(3) معاني الأخبار 94 / ح 2، وفيه: والله ما عنى إلا ابنته.

(4) معاني الأخبار 94 / ح 3.

الصفحة 140 

 

الباب التاسع والثمانون

في قوله تعالى * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) *

إلى قوله تعالى * (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) *.(1)

وفيه آيات من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتاب المناقب في تفسير قوله تعالى * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني قال: حدثنا هلال بن محمد الحفار قال: حدثنا إسماعيل بن علي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر قال: حدثنا أبي محمد بن علي الباقر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإني لأدناهم في حجة الوداع بمنى حين قال: لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم، ثم التفت إلى خلفه فقال: أو علي ثلاثا، فرأينا أن جبرائيل غمزه وأنزل الله على أثر ذلك: * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * بعلي بن أبي طالب * (أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) * ثم نزلت * (قل رب إما تريني ما توعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) *(2) ثم نزلت * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * من أمر علي، * (إنك على صراط مستقيم) * وإن عليا لعلم للساعة، إنه لذكر * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).(3)

الثاني: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن زربن حبيش عن حذيفة رضي الله عنه: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).

الثالث: من فضائل السمعاني يرفعه إلى ابن عباس قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * قال: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).(5)

____________

(1) الزخرف: 41 - 43.

(2) المؤمنون: 93، 94.

(3) مناقب ابن المغازلي: 274 ح 321، وفرائد السمطين: 1 / 338 ح 261، والأمالي للطوسي: 363 ح 76.

(4) بحار الأنوار 32 / 23 ح 6.

(5) بحار الأنوار 29 / 283 ح 232، والمصدر السابق أيضا.

الصفحة 141 

 

الباب التسعون

في قوله تعالى * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) *

إلى قوله تعالى * (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) *

من طريق الخاصة وفيه اثنا عشر حديثا

 

الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فإما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة فإنا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب.(1)

الثاني: محمد بن العباس عن محمد بن عثمان عن أبي شيبة عن يحيى بن حسن بن فرات عن مصبح بن هلقام العجلي عن أبي مريم عن المنهال بن عمرو عن زرين بن حبيش عن حذيفة بن اليمان قال: قوله تعالى * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) *(2) يعني بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).

الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي عن عيسى بن مهران عن يحيى بن حسين بن فرات بإسناده إلى حرب بن الأسود الديلمي عن عمه أنه قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزلت * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * أي بعلي، كذلك حدثني جبرئيل.

الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن المغيرة بن محمد عن عبد الغفار ابن محمد عن منصور بن أبي الأسود عن زياد بن المنذر عن عدي بن ثابت قال: سمعت ابن عباس يقول: ما حسدت قريش عليا (عليه السلام) بشئ مما سبق له أشد مما وجدت يوما ونحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: كيف أنتم يا معشر قريش لو كفرتم بعدي ورأيتموني في كتيبة اضرب وجوهكم بالسيف، فهبط جبرائيل (عليه السلام) فقال: قل: إن شاء الله أو علي فقال: إن شاء الله أو علي.(3)

الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * قال: الله انتقم بعلي يوم البصرة، وهو الذي وعد الله رسوله.(4)

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 284.

(2) الزخرف: 41.

(3) بحار الأنوار: 32 / 313 / ح 279.

(4) بحار الأنوار: 32 / 313 / ح 280.

الصفحة 142 

السادس: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد بن علي بن هلال عن محمد بن الربيع قال: قرأت على يوسف الأزرق حتى انتهيت في الزخرف * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * قال: يا محمد أمسك فأمسكت، فقال يوسف: قرأت على الأعمش فلما انتهيت إلى هذه الآية قال: يا يوسف أتدري فيمن أنزلت؟ قلت: الله أعلم، قال: نزلت في علي بن أبي طالب * (فإما نذهبن بك فإنا منهم) * بعلي * (منتقمون) * محيت والله من القرآن، واختلست والله من القرآن.(1)

السابع: الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع بمنى فقال: لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفوني في الكتيبة التي تضاربكم ثم التفت إلى خلفه فقال: أو علي أو علي ثلاثا، فرأينا أن جبرائيل (عليه السلام) غمزه فأنزل الله عز وجل * (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) * بعلي * (أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) * ثم نزلت * (قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) *(2) * (إنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن) *(3).

ثم نزلت * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * من أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (إنك على صراط مستقيم) * وإن عليا لعلم للساعة ولك ولقومك * (وسوف تسألون) * عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام).(4)

الثامن: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب، عن خالد بن ماد عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) * (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) * إنك على ولاية علي، وعلي هو الصراط المستقيم.(5)

التاسع: محمد بن الحسن الصفار في بصار الدرجات عن محمد بن الحسين عن النضر بن سويد عن خالد بن ماد ومحمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) مثل الحديث السابق.(6)

العاشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

____________

(1) بحار الأنوار: 32 / 313 / ح 281.

(2) المؤمنون: 93، 94.

(3) المؤمنون: 95، 96.

(4) أمالي الطوسي 363 / مجلس 13 / ح 11.

(5) أصول الكافي: 1 / 416 / ح 24.

(6) بصائر الدرجات 91 / ح 7.

الصفحة 143 

نزلت هاتان الآيتان هكذا قول الله حق إذا جاءنا يعني فلانا وفلانا يقول أحدهما لصاحبه حين يراه: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين.

فقال الله لنبيه: قل لفلان وفلان وأتباعهما: لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد حقهم، إنكم في العذاب مشتركون ثم قال الله لنبيه * (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) *(1) يعني من فلان وفلان وأتباعهما ثم أوحى الله إلى نبيه * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * في علي * (إنك على صراط مستقيم) *(2) يعني إنك على ولاية علي، وهو على الصراط المستقيم.(3)

الحادي عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن علي بن هلال عن الحسن بن وهب عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * قال في علي بن أبي طالب (عليه السلام).(4)

الثاني عشر: محمد بن العباس قال روى علي بن عبد الله عن إبراهيم محمد عن علي بن هلال عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * فقال:

في علي بن أبي طالب (عليه السلام).(5)

____________

(1) الزخرف: 40، 41.

(2) الزخرف: 43.

(3) تفسير القمي: 2 / 286.

(4) بحار الأنوار 24 / 24 ح 56.

(5) بحار الأنوار 32 / 154، البرهان 4 / 145.

الصفحة 144 

 

الباب الحادي والتسعون

في قوله تعالى * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الفندجاني قال: حدثنا هلال بن محمد الحفار قال: حدثنا إسماعيل بن علي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر قال: حدثنا أبي محمد بن علي الباقر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله في حجة الوداع، وذكر حديثا تقدم في الباب التاسع والثمانين وفي آخره: ثم نزلت * (فاستمسك بالذي أوحي إليك) * من أمر علي * (إنك على صراط مستقيم) *(1) وأن عليا لعلم للساعة * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * عن علي بن أبي طالب.(2)

الباب الثاني والتسعون

في قوله تعالى * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(3)

من طريق الخاصة وفيه أربعة عشر حديثا

 

الأول: محمد بن خالد البرقي عن الحسين بن يوسف عن أبيه عن ابني القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال: قوله: ولقومك يعني عليا أمير المؤمنين، وسوف تسألون عن ولايته.(4)

الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له قوله * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * فقال: الذكر القرآن، ونحن وقومه ونحن مسؤولون.(5)

الثالث: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(6) قال

____________

(1) الزخرف: 43.

(2) مناقب ابن المغازلي / 177 / ح 321.

(3) الزخرف: 44.

(4) بحار الأنوار 23 / 187 ح 61.

(5) تفسير القمي: 2 / 286.

(6) الأنبياء: 7.

الصفحة 145 

رسول الله (صلى الله عليه وآله): الذكر أنا، والأئمة عليهم السلام أهل الذكر، وقوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال أبو جعفر (عليه السلام): نحن قومه ونحن المسؤولون.(1)

الرابع: ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): * (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(2) قال: الذكر محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن أهله المسؤولون، قال: قلت: قوله * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال: إيانا عنى، ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.(3)

الخامس: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(4) فرسول الله الذكر، وأهل بيته عليهم السلام المسؤولون وهم أهل الذكر(5).

السادس: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن ربعي عن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى * (وأنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال: الذكر القرآن، ونحن قومه ونحن المسؤولون.(6)

السابع: محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن ربعي عن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله.(7)

الثامن: ابن يعقوب عن محمد بن الحسن وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال جل ذكره * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(8) قال: الكتاب الذكر، وأهله آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وأمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يأمر بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى * (وأنزلنا الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) *(9) وقال عز وجل: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *.(10)

التاسع: محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن عمر بن يزيد

____________

(1) الكافي 1 / 210 ح 1.

(2) النحل: 43.

(3) الكافي 1 / 210 ح 2.

(4) الزخرف: 43.

(5) الكافي 1 / 211 ح 4.

(6) الكافي 1 / 211 ح 5.

(7) بصائر الدرجات 40 / 13.

(8) الأنبياء: 7 أو النحل: 43.

(9) النحل: 44.

(10) الكافي 1 / 295 ح 3.

الصفحة 146 

قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أهل بيته أهل الذكر وهم المسؤولون.(1)

العاشر: الصفار عن يعقوب بن بزيد عن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال: إنما عنانا بها، نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.(2)

الحادي عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن القاسم عن حسين بن نصر عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي (عليه السلام) قال: قوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * فنحن قومه ونحن المسؤولون.(3)

الثاني عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن وسلام عن أحمد بن عبد الله عن أبيه عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * قال: إيانا عنى، ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.(4)

 

الثالث عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا الحسين بن عامر عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي قال: قوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) * فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذكر، وأهل بيته صلوات الله عليهم أهل الذكر وهم المسؤولون.

أمر الله الناس أن يسألوهم فهم ولاة الناس وأولاهم بهم، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله لهم(5).

الرابع عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يوسف عن صفوان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له قوله عز وجل * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(6) من هم؟ قال: نحن هم(7).

____________

(1) بصائر الدرجات 37 / 5.

(2) بصائر الدرجات 38 / 8.

(3) بحار الأنوار 23 / 187 ح 58.

(4) تأويل الآيات: 2 / 561 ح 24، والكافي: 1 / 210 ح 2 بسند مغاير.

(5) بحار الأنوار 23 / 187 ح 59.

(6) الزخرف: 44.

(7) بحار الأنوار 23 / 187 ح 60.

الصفحة 147 

 

الباب الثالث والتسعون

في قوله تعالى * (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا

وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) *(1)

من طريق العامة وفيه حديثان

 

الأول: أبو نعيم الأصفهاني الحافظ بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله * (والعصر إن الإنسان لفي خسر) * يعني أبا جهل * (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * ذكر عليا (عليه السلام) وسلمان.(2)

الثاني: أبو نعيم أيضا عن عمرو بن علي بن رفاعة قال: سمعت علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنه يقول * (وتواصوا بالصبر) * علي بن أبي طالب (عليه السلام).(3)

الباب الرابع والتسعون

في قوله تعالى * (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا

وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) *.

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن هارون الفامي وجعفر بن محمد بن مسرور وعلي بن الحسين بن شاذويه المؤدب رضي الله عنه قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري قال: حدثنا أبي عن محمد بن الحسين بن زياد الزيات عن محمد بن سنان عن المفضل ابن عمر قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (والعصر إن الإنسان لفي خسر) * فقال (عليه السلام) * (العصر) * عصر خروج القائم (عليه السلام) إن * (الإنسان لفي خسر) * يعني أعداءنا * (إلا الذين آمنوا) * بآياتنا * (وعملوا الصالحات) * يعني بمواساة الأخوان * (وتواصوا بالحق) * يعني بالإمامة * (وتواصوا بالصبر) * يعني في الفترة.(4)

____________

(1) العصر: 1، 2، 3.

(2) بحار الأنوار 32 / 166 ح 151.

(3) بحار الأنوار 32 / 166 ح 151.

(4) كمال الدين 656 / ح 1.

الصفحة 148 

الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلمة عن جعفر بن عبد الله المحمدي عن أبي صالح الحسن بن إسماعيل عن عمران بن عبد الله المشرقاني عن عبد الله بن عبيد عن محمد بن علي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * قال: استثنى الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حيث قال * (إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا) * بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) * (وعملوا الصالحات) * أي أدوا الفرائض * (وتواصوا بالحق) * أي بالولاية * (وتواصوا بالصبر) * أي وصوا ذراريهم ومن خلفوا من بعدهم بها وبالصبر عليها.(1)

الثالث: علي بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى * (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * فقال: استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال * (إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا) * يقول: آمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) * (وتواصوا بالحق) * ذرياتهم ومن خلفوا بالولاية، وتواصوا بها وصبروا عليها.(2)

____________

(1) بحار الأنوار 24 / 215 ح 4.

(2) تفسير القمي: 2 / 441.

 

 

 

 

الصفحة 149 

الباب الخامس والتسعون

في قوله تعالى * (السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) *.(1)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده المتصل إلى سليم بن قيس الهلالي في حديث طويل يذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) فضايله بمشهد جمع كثير من المهاجرين والأنصار، ويناشدهم الإقرار بفضائله (عليه السلام) التي يذكرها إلى أن قال (عليه السلام): فأنشدكم الله، أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق؟ وفي غير آية وإني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) أحد من الأمة، قالوا: اللهم نعم، فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) * * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *(2) سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله، وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء، قالوا: اللهم نعم(3).

والحديث طويل تقدم بسنده في الباب الثامن والخمسين(4) من المقصد الأول وهو حديث حسن.

الثاني: ابن شهرآشوب من طريق العامة حيث قال: الروايات في أن عليا أول الناس إسلاما فقد صنفت فيه كتب، ثم روى عن مالك بن أنس عن أبي صالح عن ابن عباس قال * (والسابقون الأولون) * نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) سبق الناس كلهم بالإيمان، وصلى إلى القبلتين، وبايع البيعتين بيعة بدر وبيعة الرضوان، وهاجر الهجرتين مع جعفر من مكة إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة، قال ابن شهرآشوب: وروي عن جماعة من المفسرين أنها نزلت في علي(5).

الثالث: أبو نعيم الأصفهاني في قوله تعالى * (والسابقون السابقون) *(6) ذكر عليا وسلمان.(7)

____________

(1) التوبة: 100.

(2) الواقعة: 10، 11.

(3) فرائد السمطين: 1 / 312 باب 58 ح 250.

(4) وهو الحديث الرابع.

(5) مناقب آل أبي طالب 1 / 290.

(6) الواقعة: 10.

(7) بحار الأنوار 32 / 166 ح 151.

الصفحة 150 

 

الباب السادس والتسعون

في قوله تعالى * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) *

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: الشيخ في مجالسه بإسناده إلى الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليهم السلام في خطبة الحسن (عليه السلام) بعد صلحه لمعاوية، قال الحسن (عليه السلام) في الخطبة، وذكر فضايل أبيه (عليه السلام) إلى أن قال (عليه السلام): ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحته لله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأقرب الأقربين وقد قال الله تعالى * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة) *(1) فأبي كان أول المسلمين إسلاما، وأولهم إلى الله وإلى رسوله هجرة ولحوقا، وأولهم على وجده ووسعة ونفقة.

قال سبحانه * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) *(2) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم للإيمان (صلى الله عليه وآله) بنبيه، وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد، وقد قال الله تعالى * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم) * فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين، وكذلك فضل سابق السابقين على السابقين.(3)

الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية ثم استثنى عليه فقال * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) * وهم النقباء أبو ذر والمقداد وسلمان وعمار ومن آمن وصدق وثبت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).(4)

الثالث: الشيباني في تفسير نهج البيان عن الصادق (عليه السلام) أنها نزلت في علي (عليه السلام) ومن تبعه من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم.(5)

____________

(1) الحديد: 10.

(2) الحشر: 10.

(3) أمالي الطوسي 563 / مجلس 21 / ح 1.

(4) تفسير القمي: 1 / 303.

(5) نهج البلاغة: 3 / 45.

الصفحة 151 

 

الباب السابع والتسعون

في قوله تعالى * (السابقون السابقون أولئك المقربون) *.(1)

من طريق العامة وفيه ثمانية أحاديث

 

الأول: الثعلبي في تفسيره قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحرب بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسم الله الخلق قسمين فجعلني في خيرها قسما فذلك قوله تعالى * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(2) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير من أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا فذلك قوله * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) * فأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، فذلك قوله تعالى * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(3).(4)

الثاني: الثعلبي قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحرث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسم الخلق قسمين، مثل الحديث السابق.(5)

الثالث: الثعلبي يرفعه إلى عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله سبحانه وتعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرها قسما فذلك قوله * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(6) فأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسم أثلاثا فجعلني في خيرها قسما، فذلك قوله تعالى * (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون

____________

(1) الواقعة: 10، 11.

(2) الواقعة: 27.

(3) الأحزاب: 33.

(4) الدر المنثور 5 / 199.

(5) الدر المنثور: 5 / 199.

(6) الواقعة: 27.

الصفحة 152 

السابقون) *(1) فأنا من السابقين وأنا من خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(2).

الرابع: الفقيه ابن المغازلي الشافعي في المناقب في قوله تعالى * (والسابقون السابقون) * يرفعه إلى ابن عباس قال: السابقون ثلاثة: سبق يوشع بن نون إلى موسى (عليه السلام)، وسبق صاحب يس إلى عيسى، وسبق علي إلى محمد وهو أفضلهم.(3)

الخامس: أبو نعيم الحافظ عن رجاله مرفوعا إلى ابن عباس رضي الله عنه قال: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب (عليه السلام).(4)

السادس: أبو المؤيد موفق بن أحمد بإسناده إلى إبراهيم بن سعيد الجوهري وصي المأمون، حدثني أمير المؤمنين الرشيد عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الإسلام فقال عمر: أما علي فسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول فيه ثلاث خصال لوددت أن تكون لي واحدة منهن فكان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من أصحابه إذ ضرب النبي (صلى الله عليه وآله) بيده على منكب علي رضي الله عنه وقال له: يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا، وأول المسلمين إسلاما، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى.(5)

السابع: موفق بن أحمد بإسناده إلى مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السبق ثلاثة فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب.(6)

الثامن: إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي في حديث المناشدة في فضائله بمشهد جماعة من المهاجرين والأنصار وقد تقدم عن قريب، قال علي (عليه السلام): فأنشدكم الله أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية وإني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) أحد من هذه الأمة؟ قالوا: اللهم نعم، فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) * * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله، وعلي بن أبي طالب وصيي وأفضل الأوصياء، قالوا: اللهم نعم.(7)

____________

(1) الواقعة: 8، 9، 10.

(2) العمدة عن الثعلبي: 8 - 9.

(3) مناقب ابن المغازلي / 197 / ح 365.

(4) بحار الأنوار 31 / 332 ح 4.

(5) المناقب 55 / ح 19.

(6) المناقب 55 / ح 20.

(7) فرائد السمطين: ج 1 / 314.

الصفحة 153 

 

الباب الثامن والتسعون

في قوله تعالى * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

 

الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره، أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان الكلبي عن الحسين بن علي العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسل إلى بلال فأمره أن ينادي بالصلاة قبل كل يوم في رجب لثلاث عشرة خلت منه، قال: فلما نادى بلال بالصلاة فزع الناس من ذلك فزعا شديدا وذعروا وقالوا: رسول الله بين أظهرنا لم يغب عنا ولم يمت، فاجتمعوا وحشدوا فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي حتى انتهى إلى باب من أبواب المسجد فأخذ بعضادتيه، وفي المسجد مكان يسمى السدة فسلم ثم قال: هل تسمعون يا أهل السدة؟ فقالوا سمعنا وأطعنا، فقال: هل تبلغوه؟

قالوا: ضمنا ذلك لك يا رسول الله، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخبركم أن الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرها قسما وذلك قوله * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(1) فأنا من أصحاب اليمين، وأنا من خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني من خيرها ثلثا وذلك قوله * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) *(2) فأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبايل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(3) فقبيلتي خير القبائل، وأنا سيد ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا وذلك قوله * (إنما يريد الله ليذهب الله عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(4).

ألا وإن الله اختارني في ثلاثة من أهل بيتي وأنا سيد الثلاثة وأتقاهم لله ولا فخر، اختارني وعليا وجعفرا ابني أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب كنا رقودا بالأبطح ليس منا إلا مسجى بثوبه على وجهه، علي بن أبي طالب عن يميني وجعفر عن يساري وحمزة عند رجلي فما نبهتني عن رقدتي

____________

(1) الواقعة: 27.

(2) الواقعة: 8، 9، 10.

(3) الحجرات: 13.

(4) الأحزاب: 33.

الصفحة 154 

غير حفيف أجنحة الملائكة وبرد ذراع علي بن أبي طالب في صدري، فانتبهت من رقدتي وجبرائيل في ثلاثة أملاك يقول له أحد الأملاك الثلاثة: إلى أي هؤلاء الأربعة أرسلت، فرفسني برجله فقال: إلى هذا، قال: ومن هذا؟ يستفهم فقال: هذا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد النبيين: وهذا علي بن أبي طالب سيد الوصيين، وهذا جعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، وهذا حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء عليهم الصلاة والسلام.(1)

الثاني: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا عمر بن محمد الوراق قال: حدثنا علي بن عباس النخعي قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا محمد بن تسنيم الوراق قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا مقاتل بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله عز وجل * (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) *(2) فقال: قال لي جبرائيل (عليه السلام) ذلك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته لهم(3).

الثالث: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجعفي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا جابر إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قوله عز وجل * (وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون) *(4) فالسابقون هم رسل الله وخاصته من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء، وأيدهم بروح الإيمان فبه خافوا الله عز وجل، وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز وجل، وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الإيمان فبه خافوا الله، وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وجعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز وجل، وجعل فيهم روح المدرج الذي يذهب به الناس ويجيئون(5).

الرابع: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 34.

(2) الواقعة: 10، 11، 12.

(3) أمالي الطوسي 72 / مجلس 3 / 13 ح.

(4) الواقعة: 7، 8، 9، 10، 11.

(5) الكافي 1 / 272 ح 1.

الصفحة 155 

المؤمنين إن أناسا زعموا أن العبد لا يزني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، ولا يأكل الربا وهو مؤمن، ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل علي هذا وجرح منه صدري حين أزعم أن العبد يصلي صلواتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه وقد خرج من الإيمان لأجل ذنب يسير أصابه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): صدقت، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول والدليل عليه كتاب الله عز وجل خلق الله الناس على ثلاث طبقات، وأنزلهم ثلاث منازل وذلك قول الله عز وجل في الكتاب أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة والسابقون السابقون.

فأما ما ذكره من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح:

روح القدس وروح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وبها عملوا الأشياء، وبروح الإيمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا، وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال الله عز وجل * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) *(1) ثم قال في جماعتهم: وأيدهم بروح منه، يقول: أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم، ثم جعل الله فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى تأتي عليه حالات.

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال: أما أولهن فهو كما قال الله عز وجل * (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا) *(2) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح وليس يخرج من دين الله لأن الفاعل به رده إلى أرذل العمر، فهو لا يعرف للصلاة وقتا ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار والقيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان من روح الإيمان وليس يضره شئ.

ومنهم من ينتقص منه روح القوة فلا يستطيع جهاد عدوه ولا يستطيع طلب المعيشة، ومنهم من ينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح بنات آدم لم يخر(3) إليها ولم يقم، وتبقى روح البدن فيه، فهو يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت، فهذا الحال خير لأن الله عز وجل هو الفاعل به،

____________

(1) البقرة: 253.

(2) الحج: 5.

(3) في المصدر: يحن.

الصفحة 156 

وقد يأتي عليه حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة ويزين له روح الشهوة ويقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة فإذا لامسها نقص من الإيمان وتقضى منه، فليس يعود فيه حتى يتوب، فإذا تاب تاب الله عليه، فإن عاد أدخله نار جهنم.

فأما أصحاب المشئمة فمنهم اليهود والنصارى، يقول الله عز وجل * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم) *(1) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل * (كما يعرفون أبنائهم) * في منازلهم * (وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) * * (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) *(2)، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ثم أضافهم إلى الأنعام فقال * (إن هم إلا كالأنعام) *(3)

لأن الدابة إنما تعمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن، فقال السائل: أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين.(4)

الخامس: ابن بابويه بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله تعالى ذكره في * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(5) وأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين، ثم قسم القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا لقوله عز وجل * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) *(6) وأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله عز وجل * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(7) فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله جل ثناؤه ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا وذلك قول الله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(8).(9)

السادس: محمد بن إبراهيم النعماني قال: أخبرنا علي بن الحسين عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) جعلت فداك أخبرني عن قول الله عز وجل * (السابقون

____________

(1) البقرة: 146.

(2) البقرة: 147.

(3) الفرقان: 44.

(4) الكافي 2 / 283 ح 16.

(5) الواقعة: 27.

(6) الواقعة: 8، 9، 10.

(7) الحجرات: 13.

(8) الأحزاب: 33.

(9) أمالي الصدوق: 73 / ح 999.

الصفحة 157 

السابقون أولئك المقربون) *.

قال: نطق الله بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق قبل أن يخلق الخلق بألفي سنة، فقلت: فسر لي ذلك فقال: إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين ورفع لهم نارا وقال لهم:

ادخلوها، فكان أول من دخلها محمد (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وتسعة من الأئمة إماما بعد إمام، ثم أتبعهم شيعتهم، فهم والله السابقون.(1)

السابع: الشيخ الطوسي في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن المفضل ابن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) عن الحسن (عليه السلام) في حديث صلحه ومعاوية، فقال الحسن (عليه السلام) في خطبة له: فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه، ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحته لله عز وجل ورسوله وأنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * فكان أبي أسبق السابقين إلى الله عز وجل، وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الأقربين...

والخطبة طويلة.(2)

الثامن: محمد بن العباس عن أحمد الكاتب عن حميد بن الربيع عن الحسين بن الحسن الأشعري عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عامر عن ابن عباس رحمه الله، قال: سبق الناس ثلاثة: يوشع صاحب موسى (عليه السلام) إلى موسى (عليه السلام)، وصاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو أفضلهم صلوات الله عليهم أجمعين.(3)

التاسع: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي المقرئ عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الجواني عن محمد بن عمرو الكوفي عن حسين الأشقر عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال: السباق ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون إلى موسى (عليه السلام)، وحبيب صاحب يس إلى عيسى (عليه السلام)، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو أفضلهم صلوات الله عليهم أجمعين.(4)

العاشر: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده عن سليمان بن قيس

____________

(1) الغيبة 90 / 20.

(2) أمالي الطوسي 563 / مجلس 21 / ح 1.

(3) بحار الأنوار 31 / 332 ح 5.

(4) بحار الأنوار 24 / 8 ح 21.

الصفحة 158 

عن الحسن في قوله عز وجل * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *(1) قال: أبي سبق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسوله، وأقرب المقربين إلى الله وإلى رسوله.(2)

الحادي عشر: الطبرسي بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السابقون أربعة: ابن آدم المقتول، والسابق في أمة موسى وهو مؤمن آل فرعون، والسابق في أمة عيسى وهو حبيب النجار، والسابق في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام).(3)

____________

(1) الواقعة: 10، 11.

(2) بحار الأنوار 24 / 8 ح 22.

(3) مجمع البيان 9: 215.

الصفحة 159 

 

الباب التاسع والتسعون

في قوله تعالى * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

الثعلبي قال: أخبرني أبو عبد الله، حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك، حدثنا محمد ابن إبراهيم بن زياد الرازي، حدثنا الحرث بن عبد الله الحارثي، حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسم الله الخلق قسمين فجعلني في خيرها قسما فذلك قوله تعالى * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(2) فأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله تعالى * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) * وأنا من السابقين، وأنا من خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل وجعلني من خيرها قبيلة، وذلك قوله عز وجل * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله عز وجل ثناؤه ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا، فذلك قوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(3).(4)

____________

(1) الحجرات: 13.

(2) الواقعة: 27.

(3) الأحزاب: 33.

(4) الدر المنثور 5 / 199.

الصفحة 160 

 

الباب المائة

في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

 

الأول: الشيخ الطوسي في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن فيروز بن غياث الجلاب بباب الأبواب قال: حدثنا محمد بن الفضل بن مختار الباني ويعرف بفضلان صاحب الجار قال: حدثني أبو الفضل بن مختار عن الحكم عن ظهير الفزاري الكوفي عن ثابت بن أبي صفية عن أبي حمزة الثمالي قال: حدثني أبو عامر القاسم بن عوف عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: حدثني سلمان الفارسي رحمه الله، قال دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد وقمت لأخرج، فقال لي: اجلس يا سلمان فسيشهدك الله عز وجل أمرا إنه لمن خير الأمور، فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضعف خنقتها العبرة حتى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما يبكيك يا بنية أقر الله عينيك ولا أبكاك؟

قالت: وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟ قال لها: يا فاطمة توكلي على الله واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء وأمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة؟

قالت: بلى يا نبي الله، أو قالت: يا أبت، فقال: أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا وبعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا، يا فاطمة إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا، وأقدمهم سلما وأعظمهم علما وأحلمهم حلما، وأثبتهم في الميزان قدرا، فاستبشرت فاطمة عليها السلام فأقبل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هل سررتك يا فاطمة؟ قالت: نعم يا أبت، قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟

قالت: بلى يا نبي الله.

الصفحة 161 

قال إن عليا (عليه السلام) أول من آمن بالله عز وجل ورسوله من هذه الأمة هو وخديجة أمك، وأول من وازرني على ما جئت به، يا فاطمة إن عليا أخي وصفيي وأبو ولدي، إن عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي أن أباك لاحق بالله عز وجل.

قالت: يا أبت قد سررتني وأحزنتني، قال: كذلك يا بنية أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية؟

قالت: بلى يا رسول الله.

قال إن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعليا في خيرها قسما، وذلك قوله عز وجل * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(1) ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة وذلك قوله عز وجل * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(2)، ثم جعل القبائل بيوتا، وجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(3) ثم إن الله تعالى اختارني من أهل بيتي واختار عليا والحسن والحسين واختارك، فأنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب وأنت سيدة النساء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ومن ذريتكما المهدي يملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا.(4)

الثاني: ابن بابويه بإسناده عن ابن عباس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله تعالى في ذكر أصحاب اليمين وأصحاب الشمال وأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين ثم قسم القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا لقوله عز وجل * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) *(5) وأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني من خيرها قبيلة وذلك قوله عز وجل * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(6)

فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله جل ثناؤه ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(7).(8)

الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن

____________

(1) الواقعة: 27.

(2) الحجرات: 13.

(3) الأحزاب: 33.

(4) أمالي الطوسي 606 / مجلس 28 / ح 2.

(5) الواقعة: 8، 9، 10.

(6) الحجرات: 13.

(7) الأحزاب: 33.

(8) أمالي الصدوق 730 / ح 999.

 

 

 

 

الصفحة 162 

يحيى الصولي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا (عليه السلام): والله ما على وجه الأرض رجل أشرف منك آباء، فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله أحاطتهم، فقال له آخر: أنت والله خير الناس، قال: لا تحلف يا هذا، خير مني من كان أتقى لله وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية آية * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(1).(2)

الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد بن علوان الكلبي عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة ابن اليمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسل إلى بلال فأمر بأن ينادي بالصلاة قبل وقت كل يوم في رجب، ثم ذكر حديثا في هذه الآية تقدم عن قريب في الباب الثامن والتسعين، يؤخذ من هناك.(3)

____________

(1) الحجرات: 13.

(2) عيون الأخبار 2 / 236.

(3) تفسير القمي: 2 / 346.

الصفحة 163 

 

الباب الحادي والمائة

في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: صاحب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة روى عن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد ابن علي بن محمد عن علي بن محمد الجلابي المغازلي قال: حدثني أبي رحمه الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الدباس، عن علي بن محمد بن مخلد عن جعفر بن حفص، عن سواد بن محمد، عن عبد الله بن نجيح عن محمد بن مسلم البطائحي، عن محمد بن يحيى الأنصاري، عن عمه حارثة عن زيد بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله أرني الحق حتى أتبعه، فقال (عليه السلام): يا بن مسعود لج المخدع فانظر ماذا ترى؟ قال: فولجت فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) راكعا وساجدا وهو يقول عقيب صلواته: اللهم بحرمة محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي.

قال ابن مسعود: فخرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فوجدته راكعا وساجدا وهو يقول: اللهم بحرمة عبدك علي اغفر للعاصين من أمتي.

قال ابن مسعود: فأخذني الهلع حتى أغشي علي فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) رأسي وقال: يا بن مسعود أكفر بعد إيمان؟ فقلت: معاذ الله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالى بك، وأنت تسأل الله تعالى به فقال:

يا بن مسعود إن الله تعالى خلقني وعليا والحسن والحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام حين لا تسبيح ولا تقديس، وفتق نوري فخلق منه السماوات والأرض، وأنا أفضل من السماوات والأرض، وفتق نور علي فخلق منه العرش والكرسي، وعلي أجل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن أجل من اللوح والقلم، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنات والحور العين، والحسين أفضل منهما، فأظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله عز وجل الظلمة وقالت: بحق هؤلاء الأشباح التي خلقت إلا ما فرجت عنا هذه الظلمة، فخلق الله عز وجل روحا وقرنها بأخرى فخلق منها نورا، ثم أضاف النور إلى الروح، وأقامها مقام العرش فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء، فمن ذلك سميت الزهراء فأضاء منها المشرق والمغرب.

الصفحة 164 

يا بن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي: أدخلا الجنة من شئتما وأدخلا النار من شئتما وذلك قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *(1) فالكفار من جحد نبوتي والعنيد من عاند عليا وأهل بيته وشيعته(2).

الثاني: أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الشاذاني من طريق العامة في المناقب المائة لعلي ابن أبي طالب والأئمة وولده قال: الثالث والعشرون عن الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسئل عن قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * يا علي إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، فيقول الله تعالى: يا محمد ويا علي، قوما وألقيا من أبغضكما وخالفكما وكذبكما في النار.(3)

الثالث: صاحب الأربعين عن الأربعين وهو الحديث الرابع عشر قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الخطيب الدينوري بقراءتي عليه، حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الزيان بسامراء في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن مسرور الهاشمي الحلبي، حدثنا علي بن عبد العادل القطان بنصيبين، حدثنا محمد بن تميم الواسطي، حدثنا الحماني عن شريك قال: كنت عند سليمان الأعمش في مرضته التي قبض فيها إذ دخل علينا ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة، فأقبل أبو حنيفة على سليمان الأعمش فقال: يا سليمان اتق الله وحده لا شريك له، واعلم أنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث لو سكت عنها لكان أفضل.

فقال سليمان الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أقعدوني، أسندوني، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا أبا حنيفة حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، والنار من أبغضكما، وهو قول الله عز وجل * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *.(4)

قال أبو حنيفة: قوموا بنا لا يأتي بشئ هو أعظم من هذا، قال الفضل: سألت الحسن بن علي (عليه السلام) فقلت: من الكفار؟ فقال: الكافر بجدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قلت: ومن العنيد؟ قال: الجاحد حق علي ابن أبي طالب.(5)

____________

(1) سورة ق: 22.

(2) بحار الأنوار 36 / 43 ح 81.

(3) مائة منقبة 47 / المنقبة 23.

(4) سورة ق: 24.

(5) بحار الأنوار 43 / 358 ح 66.

الصفحة 165 

 

الباب الثاني والمائة

في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *.

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

 

الأول: علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو القاسم الحسني قال: حدثنا فرات بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حسان قال: حدثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جمع الناس في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول تبارك وتعالى لي ولك: قوما وألقيا في جهنم من أبغضكما وكذبكما في النار.(1)

الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قول الله عز وجل * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: نزلت في وفي علي بن أبي طالب، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك: يا علي ألقيا في جهنم كل من أبغضكما، وأدخلا الجنة كل من أحبكما فإن ذلك هو المؤمن.(2)

الثالث: الشيخ في أماليه قال أبو محمد الفحام: وفي هذا المعنى حدثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري قال: حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان قال: حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش عن ابن المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما وذلك قوله * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *(3).(4)

الرابع: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا إبراهيم بن حفص عن عمر العسكري بالمصيصة قال: حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال: حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك قال: حدثني شريك بن عبد الله القاضي قال:

حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 324.

(2) أمالي الطوسي 368 / مجلس 13 / ح 33.

(3) سورة ق: 24.

(4) أمالي الطوسي 290 / مجلس 11 / ح 10.

الصفحة 166 

وأبو حنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفا شديدا، وذكر ما يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى فأقبل عليه أبو حنيفة فقال: يا أبا محمد اتق الله وانظر نفسك فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها لكان خيرا لك، قال الأعمش: مثل ماذا يا نعمان؟ قال: مثل حديث عباية: أنا قسيم النار، قال: أو لمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني وسندوني، حدثني - والذي إليه مصيري - موسى بن طريف، ولم أر أسديا كان خيرا منه. قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي فقال: سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام ) يقول: أنا قسيم النار أقول وقولي: هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه، وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم عليا شتما مقذعا يعني الحجاج لعنه الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أمر الله عز وجل، فأقعد أنا وعلي على الصراط ويقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.

قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول أو قال: لم يحب عليا وتلا * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال:

قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا.

قال الحسن بن سعيد قال: لي شريك بن عبد الله: فما أمسى - يعني الأعمش - حتى فارق الدنيا.(1)

الخامس: علي بن بابويه القمي أبو عبيد الله في الأحاديث الأربعين عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طالب هموسة الفرزادي المقري قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسيني الحافظ إملاء، أنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقري المعروف بالخباز بقراءتي عليه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقري العدل قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن مالك الشيباني، حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي [ حدثنا يحيى ابن عبد الحميد الحماني، نا شريك بن عبد الله النخعي ](2) قال: كنا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فالتفت أبو حنيفة وكان أكبرهم وقال له: يا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو سكت عنها لكان خيرا لك.

____________

(1) أمالي الطوسي 628 / مجلس 30 / ح 7.

(2) زيادة من المصدر.

الصفحة 167 

قال: فقال الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أسندوني، حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب:

أدخلا النار من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما، وذلك قوله تعالى * (ألقيا في جهنم في كفار عنيد) *(1) قال: فقام أبو حنيفة وقال: قوموا لا يأتي بأطم من هذا.

قال: فوالله ما جزنا بابه حتى مات الأعمش رحمه الله(2).

السادس: شرف الدين النجفي قال: ذكر الشيخ في أماليه بإسناده عن رجاله عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل ألقيا * (في جهنم كل كفار عنيد) * قال: نزلت في وفي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك يا علي: ألقيا في جهنم كل من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما فإن ذلك هو المؤمن.(3)

السابع: شرف الدين النجفي قال روي بحذف الإسناد عن محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * فقال: إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما على الصراط، فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة، قلت: وما براءة؟

قال: ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم السلام، وينادي مناد: يا محمد ويا علي ألقيا في جهنم كل كفار عنيد لعلي بن أبي طالب والأئمة من ولده.(4)

____________

(1) سورة ق: 24.

(2) الأربعون حديثا: 52 ح 23 ط. قم، وشواهد التنزيل: 2 / 261 ح 895 بسند مغاير،.

(3) تأويل الآيات 2 / 609 ح 4.

(4) تأويل الآيات 2 / 610 ح 5.

الصفحة 168 

 

الباب الثالث والمائة

في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض

ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله [ ابن أيوب ] المخرمي إملاء من كتابه.

قال: حدثنا صالح بن مالك قال: حدثنا عبد الغفور قال: حدثنا أبو هاشم الرماني عن زاذان قال:

رأيت عليا (عليه السلام) يمسك الشسوع بيده ثم يمر في الأسواق، فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الحمولة ويقرأ هذه الآية * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *(2) ثم يقول: هذه الآية نزلت في الولاة وذوي القدرة من الناس.(3)

الباب الرابع والمائة

في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض

ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

سعد بن عبد الله القمي في بصاير الدرجات قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا هذا رمضان ولا جاء رمضان وذهب رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله، لا يجئ ولا يذهب، وإنما يجئ ويذهب الزائل، ولكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم والاسم اسم الله، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، جعله مثلا في هذا

____________

(1) القصص: 83.

(2) القصص: 83.

(3) فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 622 ح 1064، والعمدة: 308 ح 512.

الصفحة 169 

المكان في الأصل لا يفعل الخروج في شهر رمضان لزيارة الأئمة صلوات الله عليهم وعيدا، ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله، ونحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، والحصن هو الإمام فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن، قلت: يا أبا جعفر وما الميزان؟

فقال: إنك قد ازددت قوة ونظرا، يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصخرة ونحن الميزان، وذلك قول الله عز وجل في الإمام ليقوم الناس بالقسط قال: ومن كبر بين يدي الإمام وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له كتب الله له رضوانه الأكبر ومن كتب له رضوانه الأكبر يجب أن يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد عليهما السلام والمرسلين في دار الجلال، قلت: وما دار الجلال؟ قال: نحن الدار وذلك قول الله عز وجل * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * نحن العاقبة يا سعد، وأما مودتنا للمتقين فقول الله عز وجل * (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام) *(1) فنحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا(2).

____________

(1) الرحمن: 78.

(2) بصائر الدرجات 312 / 12.

الصفحة 170 

 

الباب الخامس والمائة

في قوله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *(1)

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث

 

الأول: الثعلبي في تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) قال: روى معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى شجرة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة.(2)

الثاني: الثعلبي قال: قال غندر بن عمير: هي شجرة في جنة عدن أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي كل دار وغرفة غصن منها، لم يخلق الله لونا ولا زهرة إلا وفيها منها إلا السواد، ولم يخلق الله فاكهة ولا ثمرة إلا وفيها منها، ينبع من أصلها عينان: الكافور والسلسبيل، وبه قال مقاتل، كل ورقة [ منها ] تظل أمة، عليها ملك يسبح بأنواع التسبيح.(3)

الثالث: الثعلبي قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان ابن الحسن، حدثنا محمد بن الحسين بن صالح قال: حدثنا علي بن محمد الدهان والحسين بن إبراهيم الجصاص قالا: حدثنا الحسين بن الحكم، حدثنا حسن بن حسين عن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: طوبى لهم، قال: شجرة أصلها في دار علي (عليه السلام) في الجنة، وفي كل دار مؤمن منها غصن يقال له طوبى، وحسن مآب حسن المرجع.(4)

الرابع: الثعلبي عن أبي صالح، أخبرنا عبد الله بن سواد، حدثنا جندل بن والق النعماني، حدثنا إسماعيل بن أمية القرشي عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن أبي جعفر قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله * (طوبى لهم وحسن مآب) *(5) فقال: شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، فقيل له: يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة أصلها في دار علي وفرعها على أهل الجنة فقال: إن داري ودار علي واحدة غدا في مكان واحد.(6)

الخامس: محمد بن سيرين في قوله تعالى * (طوبى لهم) * قال: هي شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي، وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها.(7)

____________

(1) الرعد: 29.

(2) الدر المنثور 4 / 59.

(3) العمدة: 351 ح 674 عن الثعلبي.

(4) بحار الأنوار 8 / 88 عن الثعلبي، والطرائف: 10 ح 143.

(5) الرعد: 29.

(6) بحار الأنوار 8 / 88 عن الثعلبي.

(7) الدر المنثور 4 / 59.

الصفحة 171 

 

الباب السادس والمائة

في قوله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *.

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

 

الأول: علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله في (عليه السلام) حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله): قال: فيما رأى ليلة الإسراء قال: فإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها تسعمائة سنة، وليس في الجنة منزل إلا وفيه غصن منها، فقلت: ما هذه يا جبرائيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى، قال الله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *.(1)

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود العياشي عن جعفر بن أحمد عن العمركي البوفكي عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن سالم عن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السلام):

طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا، ولم يزغ قلبه بعد الهداية، فقلت له: جعلت فداك وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها وذلك قول الله عز وجل * (طوبى لهم وحسن مآب) *(2).(3)

الثالث: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء العهد وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء، أو قال قلة المواتاة للنساء، وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الخلق واتباع العلم وما يقرب إلى الله عز وجل زلفى.

* (طوبى لهم وحسن مآب) * وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله)، وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها، لا يخطر على قلبه شهوة إلا أتاه به ذلك، فلو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 11.

(2) الرعد: 29.

(3) معاني الأخبار 112 / 1.

الصفحة 172 

وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا.(1)

الرابع: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، مثل الحديث السابق إلا أن فيه: وقلة مواتاة النساء، وساق الحديث بتغيير يسير في بعض الألفاظ مما يحضرني من نسخة الكتاب، وهو في المجلس التاسع والثلاثين.(2)

الخامس: العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال طوبى هي شجرة في الجنة غرسها ربنا بيده.(3)

السادس: العياشي بإسناده عن أبي قتيبة تميم بن ثابت عن ابن سيرين في قوله طوبى لهم وحسن مآب قال: طوبى شجرة في الجنة، أصلها في حجرة علي، وليس في الجنة حجرة إلا فيها غصن من أغصانها.(4)

السابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا لقي أخاه وتصافحا لم تزل الذنوب تتحات عنهما ما داما متصافحين كحتات الورق عن الشجر، فإذا افترقا قال ملكاهما: جزاكما الله خيرا عن أنفسكما، فإذا التزم كل واحد منهما صاحبه نادى مناد: طوبى لكما وحسن مآب، وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار أمير المؤمنين وفرعها في منازل أهل الجنة، فإذا افترقا ناداهما ملكان كريمان: أبشرا يا وليي الله بكرامة الله والجنة من ورائكما.(5)

الثامن: العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وقلة العجز والبخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المواتات للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى لهم، وطوبى لهم وحسن مآب.

وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئا إلا أتاه ذلك الغصن، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها، ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن

____________

(1) الكافي 2 / 239 ح 30.

(2) أمالي الصدوق 290 / مجلس 39 / ح 7.

(3) تفسير العياشي 2 / 212 ح 47.

(4) تفسير العياشي 2 / 212 ح 48.

(5) تفسير العياشي 2 / 213 ح 49.

الصفحة 173 

للمؤمن في نفسه شغلا، والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا فكونوا.(1)

التاسع: في كتاب صفة الجنة والنار بالإسناد عن عوف عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي في قول الله تبارك وتعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *(2) يعني وحسن مرجع، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة ساقها في دار محمد (صلى الله عليه وآله)، ولو أن طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم، على كل ورقة منها ملك يذكر الله، وليس في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة، يحمل لهم ما يشاؤون من حليها وحللها وثمارها، لا يؤخذ منها شئ إلا أعاده الله كما كان بأنهم كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا، فقد أفلحوا وأنجحوا.(3)

العاشر: ابن بابويه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر حروف تفسير أبجد إلى آخرها.

فقال: فأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب، وهي شجرة غرسها الله عز وجل ونفخ فيها من روحه، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت الحلي والحلل متدلية على أفواههم.(4)

الحادي عشر: ابن الفارسي في روضة الواعظين قال: قال ابن عباس: طوبى لهم وحسن مآب، طوبى شجرة في الجنة في دار علي، ما في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها، ما خلق الله من شئ إلا وهو تحت طوبى، وتحتها مجمع أهل الجنة يذكرون نعمة الله عليهم، لما تحت طوبى من كثبان المسك أكثر مما تحت شجر الدنيا من الرمل.(5)

____________

(1) تفسير العياشي 2 / 213 ح 50.

(2) الرعد: 29.

(3) الإختصاص / 358.

(4) التوحيد 237 / 2.

(5) روضة الواعظين: 105.

الصفحة 174 

 

الباب السابع والمائة

في قوله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *(1)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

 

الأول: ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة، أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبيد الله بن شوذب، أخبرنا محمد بن عثمان قال: حدثني محمد بن سليمان بن الحارث قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار قال: حدثنا حسين الأشقر قال:

حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا ما تبت علي، فتاب عليه.(2)

الثاني: النطنزي في الخصائص أنه قال ابن عباس: لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس فقال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك، فلما أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك مني، قال: نعم، ولولاهم ما خلقتك قال: يا رب فأرنيهم، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش قال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا محمد نبيي، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبيي ووصيه، وهذه فاطمة بنت نبيي، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي.

ثم قال: يا آدم هم ولدك، ففرح بذلك، فلما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي، فغفر الله له بهذا، فهذا الذي قال الله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *(3) إن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه.(4)

الثالث: القاضي أبو عمر عثمان بن أحمد أحد شيوخ السنة يرفعه إلى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله):

لما شملت آدم الخطيئة نظر إلى أشباح تضئ حول العرش فقال: يا رب إني أرى أشباحا تشبه

____________

(1) البقرة: 37.

(2) مناقب ابن المغازلي / 59 / ح 89.

(3) البقرة: 37.

(4) اليقين عن الخصائص: 174.

الصفحة 175 

خلقي فما هي؟ قال: هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك، اسم أحدهما محمد أبدأ النبوة بك وأختمها به، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه علي أؤيد محمدا به وأنصره على يده، والأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا، يزوجه ابنته تكون له زوجة، يتصل بها أول الخلق إيمانا به وتصديقا له، أجعلها سيدة النسوان وأفطمها وذريتها من النيران، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلا سببه ونسبه، فسجد آدم شكرا لله أن جعل ذلك في ذريته، فعوضه الله عن ذلك السجود أن أسجد له ملائكته.(1)

____________

(1) لم نجده في المصادر.

 

 

 

 

الصفحة 176 

الباب الثامن والمائة

في قوله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *

من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث

 

الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم الشعيري عن كثير بن كلثمة عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(1)

قال: لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي وأنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي وأنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي، فتب علي إنك أنت التواب الرحيم.

قال الكليني: وفي رواية أخرى في قوله عز وجل * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(2) قال: سأله بحق محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة صلى الله عليهم(3).

الثالث: ابن بابويه قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثني يحيى بن أحمد عن العباس بن معروف عن بكر بن محمد قال: حدثني أبو سعيد المدايني يرفعه في قول الله عز وجل * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(4) قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.(5)

الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته، فمر به النبي (صلى الله عليه وآله) وهو متكئ على علي (عليه السلام)، وفاطمة عليها السلام تتلوهما، والحسن والحسين (عليهما السلام) يتلوان فاطمة، فقال الله: يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.

فلما أسكنه الله الجنة مثل له النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فنظر إليهم بحسد، ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها، فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق الخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله

____________

(1) البقرة: 37.

(2) البقرة: 37.

(3) الكافي 8 / 305 ح 472.

(4) البقرة: 37.

(5) معاني الأخبار 125 / 1.

الصفحة 177 

عليهم غفر الله له، وذلك قوله * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(1) الآية(2).

الخامس: العياشي بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد العلوي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال: الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال: يا رب أسألك بحق محمد لما تبت علي، قال: وما علمك بمحمد؟ قال: رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا وأنا في الجنة.(3)

السادس: الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في تفسيره: قال الله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(4) يقولها، فقالها فتاب الله عليه بها إنه هو التواب الرحيم، القابل للتوبات، الرحيم بالتائبين، * (قلنا اهبطوا منها جميعا) * كان أمر في الأول أن يهبط، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدكم الآخر، والهبوط إنما كان هبوط آدم وحواء من الجنة، وهبوط الحية أيضا منها، فإنها كانت من أحسن دوابها، وهبوط إبليس من حواليها، فإنه كان محرما عليه دخول الجنة * (فإما يأتينكم مني هدى) * يأتيكم وأولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم ويا إبليس * (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *(5) لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون، ولا يحزنون إذا يحزنون.

قال: فلما زلت من آدم الخطية واعتذر إلى ربه عز وجل قال: يا رب تب علي واقبل معذرتي وأعدني إلى مرتبتي وارفع لديك درجتي، لقد تبين نقص الخطية وذلها بأعضائي وسائر بدني.

قال الله تعالى: يا آدم أما تذكر أمري إياك أن لا تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك في النوازل ينهضك.

قال آدم: يا رب بلى، قال الله عز وجل: فهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا فادعني أجبك إلى ملتمسك وأزدك فوق مرادك، فقال آدم: يا رب يا إلهي وقد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل بهم تقبل، توبتي وتغفر خطيئتي وأنا الذي أسجدت له ملائكتك، وأسكنته جنتك، وزوجته حواء أمتك، وأخدمته كرام ملائكتك، قال الله تعالى: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء لهذه الأنوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيتك أن أعصمك منها وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحرز منه لكنت قد فعلت ذلك ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي، فالآن فبهم فادعني لأجيبك، فعند ذلك قال آدم: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين، بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من

____________

(1) البقرة: 37.

(2) تفسير العياشي 1 / 41 ح 27.

(3) تفسير العياشي 1 / 41 ح 28.

(4) البقرة: 37.

(5) البقرة: 38.

الصفحة 178 

آلهم لما تفضلت علي بقبول توبتي وغفران خطيئتي وإعادتي من كرامتك إلى مرتبتي، فقال الله عز وجل: قد قبلت توبتك وأقبلت برضائي عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك، وأعدتك إلى مرتبتك من كرامتي، ووفرت نصيبك من رحماتي، فذلك قوله عز وجل * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) *(1) ثم قال الله عز وجل للذين أهبطهم من آدم وحواء وإبليس والحية * (ولكم في الأرض مستقر) * مقام، فيها تعيشون وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي إلى الآخرة، فطوبى لمن تروضها لدار البقاء * (ومتاع إلى حين) * لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم لأن الله تعالى يخرج زروعكم وثماركم، وبها ينزهكم وينعمكم، وفيها بالبلاء يمتحنكم، يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكركم نعيم الآخرة الخالص مما ينقص نعيم الدنيا ويبطله ويزهد فيه ويصغره ويحقره، ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات وفي تضاعيفها النقمات المجحفة، تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية، ولا يقع في تضاعيفه راحة ولا رحمة.(2)

السابع: الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام): قال علي بن الحسين: حدثني أبي عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان الله تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبين الأشباح فقال: يا رب ما هذه الأنوار؟ قال: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح، فقال آدم: يا رب لو بينتها لي، فقال الله عز وجل: أنظر يا آدم إلى ذروة العرش، فنظر آدم (عليه السلام) فوقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال: ما هذه الأشباح يا رب؟ قال الله تعالى: يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له اسما من اسمي، وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم فشققت لها اسما من اسمي، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت أسميهما من اسمي.

هؤلاء خيار خلقي، وكرام بريتي، بهم آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسل إلي بهم يا آدم، وإذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيب بهم

____________

(1) البقرة: 37.

(2) تفسير الإمام العسكري 266 / ح 105 - 106.

الصفحة 179 

آملا، ولا أرد بهم سائلا، فذلك حين زلت منه الخطيئة ودعا الله عز وجل فتاب عليه وغفر له.(1)

الثامن: ابن بابويه بإسناده عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: أتى يهودي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقام بين يديه وجعل يحد النظر إليه فقال: يا يهودي ما حاجتك؟ فقال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله وأنزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر وظلله بالغمام؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إنه يكره للعبد أن يزكي نفسه، ولكني أقول: إن آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال: اللهم إني أسئلك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي، فغفرها الله له.

وإن نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال: اللهم إني أسئلك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق، فنجاه الله منه.

وإن إبراهيم لما ألقي في النار قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها، فجعلها الله عليه بردا وسلاما.

وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أمنتي منها، فقال الله جل جلاله * (لا تخف إنك أنت الأعلى) *.

يا يهودي لو أدركني موسى ولم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ولا نفعته النبوة.

يا يهودي ومن ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدمه وصلى خلفه.(2)

التاسع: عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات) *(3): إن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه.(4)

____________

(1) تفسير الإمام العسكري 219 - 220 / ح 102.

(2) أمالي الصدوق 287 / ح 320.

(3) البقرة: 37.

(4) مناقب آل أبي طالب: 1 / 243، والخصال: 305 ح 84.

الصفحة 180 

 

الباب التاسع والمائة

في قوله تعالى * (واركعوا مع الراكعين) *

من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث

 

الأول: أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان العامة في كتاب الفضائل، أنبأني أبو العلاء الحسين ابن أحمد [ الحافظ الهمداني ](1)، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد، حدثنا محمد هو ابن عثمان بن أبي شيبة، أخبرنا منجاب بن الحارث، حدثنا حسين بن أبي حسن أبي هاشم، حدثنا حيان بن علي عن محمد بن سائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (واركعوا مع الراكعين) *(2) أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي علي بن أبي طالب خاصة، وهما أول من صلى وركع.(3)

 

الثاني: ابن شهرآشوب من طريق العامة والخاصة عن أبي عبيدة المرزباني وأبي نعيم الأصفهاني في كتابيهما فيما نزل من القرآن في علي، والنطنزي في الخصائص، وروى أصحابنا عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى * (واركعوا مع الراكعين) *(4) نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب، وهما أول من صلى وركع.(5)

الثالث: العنزي عن ابن عباس روى الحديث السابق بعينه.(6)

الرابع: أبو نعيم الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: * (واركعوا مع الراكعين) *(7) إنها نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) خاصة، وهما أول من صلى وركع.(8)

____________

(1) ما بين المعقوفين زيادة ليست في المصدر.

(2) البقرة: 43.

(3) المناقب 280 / ح 274.

(4) البقرة: 43.

(5) مناقب آل أبي طالب 1 / 296.

(6) تفسير فرات الكوفي 59 / ح 20.

(7) البقرة: 43.

(8) بحار الأنوار 32 / 167 ح 151.

الصفحة 181 

 

الباب العاشر والمائة

في قوله تعالى * (واركعوا مع الراكعين) *.

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) في تفسيره في معنى الآية قال (عليه السلام): * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) *(1) قال: أقيموا الصلوات المكتوبات التي جاء بها محمد (صلى الله عليه وآله)، وأقيموا أيضا الصلاة على محمد وآله الطاهرين الذين علي سيدهم وفاضلهم، وآتوا الزكاة من أموالكم إذا وجبت، ومن أبدانكم إذا لزمت، ومن معونتهم إذا التمست * (واركعوا مع الراكعين) * تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله، عز وجل والانقياد لأولياء الله، لمحمد نبي الله، ولعلي ولي الله وللأئمة بعدهما سادة أصفياء الله.(2)

____________

(1) البقرة: 43.

(2) تفسير الإمام العسكري 231 / ح 110.

الصفحة 182 

 

الباب الحادي عشر والمائة

في قوله تعالى * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا

خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن) *(1).

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

موفق بن أحمد قال: روى أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنه أن عبد الله بن أبي وأصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: انظروا كيف أرد ابن عم رسول الله وسيد بني هاشم خلا رسول الله، فقال علي كرم الله وجهه: يا عبد الله اتق الله ولا تنافق، فإن المنافق شر خلق الله تعالى، فقال: مهلا يا أبا الحسن والله إن إيماننا كإيمانكم، ثم تفرقوا فقال عبد الله بن أبي لأصحابه كيف رأيتم ما فعلت؟ فأثنوا عليه خيرا، فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه وآله) * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن) *(2).

قال موفق بن أحمد عقيب ذلك: فدلت الآية على إيمان علي كرم الله وجهه ظاهرا وباطنا وعلى قطعه موالاة المنافقين وإظهار عداوتهم، والمراد بالشياطين رؤساء الكفار.(3)

____________

(1) البقرة: 14.

(2) البقرة: 14.

(3) المناقب 277 / ح 266.

الصفحة 183 

 

الباب الثاني عشر والمائة

في قوله تعالى * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا

خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن) *(1).

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) في تفسيره في معنى الآية قال: قال موسى بن جعفر (عليه السلام): وإذا لقوا - هؤلاء الناكثون للبيعة المواظبون على مخالفة علي (عليه السلام) ودفع الأمر عنه - * (الذين آمنوا قالوا آمنا) * كإيمانكم، وإذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمار قالوا لهم: آمنا بمحمد (صلى الله عليه وآله)، وسلمنا له بيعة علي (عليه السلام) وفضله، وانقدنا لأمره كما آمنتم، وإن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج يعنون محمدا وعليا عليهما السلام، ثم يقول بعضهم لبعض: احترزوا منهم لا يقفوا من فلتات كلامكم على كفر محمد فيما قاله في علي، فيقعوا عليكم فيكون فيه هلاككم، فيقول أولهم: انظروا إلي كيف أسخر منهم وأكف عاديتهم عنكم.

فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمد (صلى الله عليه وآله) سيد الأنام: لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجل من أبناء فارس، هذا أفضلهم يعنيك، وقال فيه: سلمان منا أهل البيت، فقرنه بجبرئيل (عليه السلام) الذي قال له يوم العبا لما قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): وأنا منكم؟ فقال: وأنت منا، حتى ارتقى جبرائيل إلى الملكوت الأعلى يفتخر على أهله ويقول: من مثلي؟ بخ بخ وأنا من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله).

ثم يقول للمقداد: مرحبا بك يا مقداد، أنت الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي المقداد أخوك في الدين وقد قد منك فكأنه بعضك، حبا لك وبغضا على أعدائك، وموالاة لأوليائك لكن ملائكة السماوات والحجب أكثر حبا لك منك لعلي (عليه السلام)، وأشد بغضا على أعدائك منك على أعداء علي (عليه السلام)، فطوباك ثم طوباك.

ثم يقول لأبي ذر: مرحبا بك يا أبا ذر، وأنت الذي قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أقلت الغبراء ولا

____________

(1) البقرة: 14.

الصفحة 184 

أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وقيل: بماذا فضله الله بهذا؟ وشرفه؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه كان يفضل عليا (عليه السلام) أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوالا، وله في كل الأحوال مداحا، ولشانئيه وأعاديه شانئا، ولأوليائه وأحبائه مواليا، وسوف يجعله الله عز وجل في الجنان من أفضل سكانها ويخدمه ما لا يعرف عدده إلا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها.

ثم يقول لعمار بن ياسر: أهلا وسهلا يا عمار، نلت موالاة أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أنك وداع رأفة لا تزيد على المكتوبات والمسنونات من سائر العبادات ما لا يناله الكاد بدنه ليله ونهاره، يعني الليل قياما والنهار صياما، والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدنيا له مرحبا بك، فقد رضيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي أخيه مصافيا، وعنه مناوئا حتى أخبر أنك ستقتل في محبته، وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته، وفقني الله لمثل عملك وعمل أصحابك حتى ممن يوفر على خدمة رسول الله وأخي محمد علي ولي الله، ومعاداة أعدائهما بالعداوة، ومصافاة أوليائهما بالموالاة والمتابعة سوف يسعدنا الله يومنا هذا إذا التقينا بكم، فيقبل سلمان وأصحابه ظاهرهم كما أمر الله تعالى ويجوزون عنهم، فيقول الأول لأصحابه: كيف رأيتم سخري بهؤلاء وكيف عاديتهم عني وعنكم، فيقولون له: لا تزال بخير ما عشت لنا، فيقول لهم فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا، فإن اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة، ثم يعودون إلى إخوانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) وتنصيبه إماما على كافة المكلفين.

قالوا لهم: إنا معكم إنما نحن على ما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الأمر، إن كانت لمحمد كائنة فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تستمعونه منا من تقريظهم وترونا نجتري من مداراتهم، فإنما نحن مستهزئون بهم، فقال الله عز وجل: يا محمد الله يستهزئ بهم ويجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا والآخرة، ويمدهم في طغيانهم يعمهون، يمهلهم ويتأنى بهم برفق، ويدعوهم إلى التوبة، ويعدهم إذا تابوا المغفرة وهم، يعمهون يعمهون، لا ينزعون عن قبيح ولا يتركون أذى لمحمد وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.(1)

____________

(1) تفسير الإمام العسكري 120 - 123 / ح 63.

الصفحة 185 

 

الباب الثالث عشر والمائة

في قوله تعالى * (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) *(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

عن ابن عباس في قوله * (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) * والخاشع الذليل في صلاته المقبل عليها يعني رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام(2)، وقوله تعالى * (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) *(3) نزلت في علي وعثمان بن مظعون وعمار بن ياسر وأصحاب لهم.(4)

الباب الرابع عشر والمائة

في قوله تعالى * (واستعينوا بالصبر والصلاة) *

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

ابن شهرآشوب عن الباقر (عليه السلام) وابن عباس في قوله تعالى * (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) * والخاشع الذليل في صلاته المقبل عليها يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام).(5)

____________

(1) البقرة: 45.

(2) بحار الأنوار 31 / 348 ح 27.

(3) البقرة: 46.

(4) بحار الأنوار 34 / 233.

(5) مناقب آل أبي طالب 1 / 302.

الصفحة 186 

 

الباب الخامس عشر والمائة

قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال

فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) *(1).

من طريق العامة وفيه حديثان

 

الأول: أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن علي (عليه السلام) بالإسناد عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) * قال: عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب فقلن: ربنا لا نحملنها بالثواب والعقاب لكن نحملها بلا ثواب ولا عقاب، وإن الله عرض أمانتي وولايتي على الطير، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر، وأول من جحدها من الطير البوم والعنقاء فلعنهما الله من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تطير(2) بالنهار لبغض الطير لها، وأما العنقاء فغابت في البحار لا ترى.

وإن الله عرض أمانتي على الأرض فكل بقعة آمنت بولايتي وأمانتي جعلها الله طيبة مباركة زكية وجعل نباتها وثمرها حلوا عذبا، وجعل ماءها زلالا، وكل بقعة جحدت أمانتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخة، وجعل نباتها مرا علقما، وجعل ثمارها العوسج والحنظل وجعل ماءها ملحا أجاجا.

 

ثم قال: وحملها الإنسان يعني أمتك يا محمد، ولاية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب، إنه كان ظلوما لنفسه جهولا لأمر ربه، من لم يؤدها بحقها فهو ظلوم غشوم(3)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق أو ولد حرام.(4)

الثاني: موفق بن أحمد قال: ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، حدثنا سهل بن أحمد عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري عن هناد بن السري عن محمد بن هشام عن سعيد بن أبي سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى لما خلق السماوات والأرض دعاهن فأجبنه، فعرض عليهن نبوتي وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقبلتاهما ثم خلق الخلق وفوض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا والشقي من شقي بنا، نحن المحلون لحلاله والمحرمون لحرامه.(5)

____________

(1) الأحزاب: 72.

(2) في المصدر: تظهر.

(3) بحار الأنوار 23 / 281 ح 27.

(4) بحار الأنوار 74 / 104 ح 20 وفيه: ولد زنا.

(5) المناقب 134 / ح 151.

الصفحة 187 

 

الباب السادس عشر والمائة

في قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) *

من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث

 

الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) *(1)

قال: هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).(2)

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب قال:

حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله: إن الله (عليه السلام) تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمة بريتي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم، ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي، وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي، وأبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه دون خيرتي؟

فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها، وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها.

فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما * (كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه

____________

(1) الأحزاب: 72.

(2) الكافي 1 / 413 ح 2.

الصفحة 188 

الشجرة) * - يعني شجرة الحنطة - * (فتكونا من الظالمين) * فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا: يا ربنا لمن هذه المنزلة؟

فقال الله جل جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي، فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك! وما أحبهم إليك! وما أشرفهم لديك فقال الله جل جلاله لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين، قالا: ربنا ومن الظالمون، قال: المدعون منزلتهم بغير حق قالا: ربنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من أنواع النكال والعذاب، وقال عز وجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، وكلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب.

يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري وأحل بكما هواني، فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما، وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور، وحملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا، فأصل الحنطة مما لم يأكلاه، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل على أجسادهما وبقيا عريانين، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا:

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، قال: اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد الله عز وجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل فقال لهما: إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز وجل إلى أرضه، فسلا ربكما بحق هذه الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا: اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلا تبت علينا ورحمتنا، فتاب الله عليهما، إنه هو التواب الرحيم، فلم يزل الأنبياء بعد ذلك يحفظون

الصفحة 189 

هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أممهم، فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، وذلك قول الله عز وجل * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) *(1).(2)

الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن مسلم عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) * قال: الأمانة الولاية، والإنسان هو أبو الشرور المنافق.(3)

الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها) * الآية فقال: الأمانة الولاية، من ادعاها بغير حق كفر(4).

الخامس: محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن عثمان بن سعيد عن مفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها) * قال: هي الولاية أبين أن يحملنها كفرا بها وعنادا، وحملها الإنسان، والإنسان الذي حملها أبو فلان.(5)

السادس: محمد بن عباس عن الحسن بن عامر عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) * قال: يعني بها ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).(6)

السابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: الأمانة هي الإمامة والأمر والنهي، والدليل على ذلك أن الأمانة هي الإمامة قال: قوله عز وجل للأئمة * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *(7)

____________

(1) الأحزاب: 72.

(2) معاني الأخبار 108 - 110 / ح 1.

(3) معاني الأخبار 110 / ح 2.

(4) معاني الأخبار 110 / ح 3.

(5) بصائر الدرجات 76 / 3.

(6) بحار الأنوار 23 / 280 ذيل ح 22.

(7) النساء: 58.

 

 

 

 

الصفحة 190 

يعني الإمامة، فالأمانة هي الإمامة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها قال:

أبين أن يدعوها أو يغصبوها أهلها وأشفقن منها وحملها الإنسان أي الأول * (إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) *(1).(2)

الثامن: عمر بن إبراهيم الأوسي عن صاحب كتاب در الثمين يقول: قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) * الأمانة هي إنكار ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت على ما ذكرنا فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا وهو الأول، لأي الأشياء؟ ليعذب الله المنافقين والمنافقات، فقد خابوا والله وفاز المؤمنون والمؤمنات(3).

____________

(1) الأحزاب: 73.

(2) تفسير القمي: 2 / 198.

(3) لم نجده في المصادر وله شبيه في تأويل الآيات: 2 / 470 ح 40.