الباب في زهد أمير المؤمنين (عليه السلام) من طريق العامة

الصفحة 340 

وفيه ستة وعشرون حديثا

الأول: موفق بن أحمد قال: أخبرنا الإمام عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي (رحمه الله)، حدثنا القاضي الأجل شمس القضاة جمال الدين أحمد بن عبد الرحمن بن إسحاق، أخبرنا الشيخ الفقيه أبو سهل محمد بن إبراهيم بن إسحاق، أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين النهرواني، حدثنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن خالد بن يعقوب الحميري، حدثنا القاسم بن خليفة بن سوار، حدثنا حماد بن سوار عن عيسى بن عبد الرحمن عن علي بن حزور عن أبي مريم قال: سمعت عمار بن ياسر (رضي الله عنه) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " يا علي إن الله زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه منها، زهدك فيها ويغضها إليك، وحبب إليك الفقراء فرضيت بهم أتباعا، ورضوا بك إماما، يا علي طوبى لمن أحبك وصدق بك، والويل لمن أبغضك وكذب عليك، أما من أحبك وصدق عليك فإخوانك في الدين وشركاؤك في الجنة، وأما من أبغضك وكذب عليك فحقيق على الله تعالى يوم القيامة أن يقيمه مقام الكذابين "(1).

الثاني: موفق بن أحمد قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد، أخبرني أبو بكر محمد بن علي الحاجي، أخبرني أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى المقري الخياط، أخبرني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف العلاف، حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم البردعي، حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي، حدثني الفضل بن سهل، حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن الأجلح عن عبد الله ابن أبي الهذيل، قال: رأيت على علي - كرمه الله - قميصا دازيا إذا مده بلغ الظفر، وإذا أرسله كان مع نصف الذراع(2).

الثالث: أبو المؤيد موفق بن أحمد قال: أخبرنا أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان قال: أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن

____________

(1) المناقب: 116 / ح 126.

(2) المناقب: 116 / ح 127.

الصفحة 341 

الحداد بأصبهان فيما أذن لي في الرواية عنه، أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، أخبرنا الإمام طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، قال: حدثنا أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني في كتابه إلي من أصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحسن بن محمد، حدثنا أبو رزعة، حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا أبو معاذ صالح بن ميثم عن الحارث بن حصيرة قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما علمنا أن أحدا كان في هذه الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) أزهد من علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).

الرابع: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق(2)

قال: قال أبو نعيم: وسمعت سفيان يقول: إذا جاءك عن علي - كرم الله وجهه - شئ أثبت لك فخذ به ما بنى لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة ولقد كان يجاء بحبويه في جراب من المدينة(3).

الخامس: موفق بن أحمد بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدار بردي بمرو، حدثنا موسى بن يوسف، حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة، حدثنا عبد الرحمن بن مفرا قال: حدثنا أبو سعيد البقال عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال: دخلت على علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) القصر فوجدته جالسا بين يديه صحفة فيها لبن حازر أجد ريحه من شدة حموضته وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسره بيده أحيانا فإذا أعيا عليه كسره بركبتيه فطرحه فيه فقال: " أدن فأصب من طعامنا هذا " قلت: إني صائم.

قال: " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من منعه الصيام من طعام يشتهيه كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها " قال: فقلت: لجاريته وهي قائمة بقريب منه، ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ، ألا تنخلون له طعاما مما أرى فيه من النخالة؟

فقالت: لقد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما.

قال: " ما قلت لها "؟ فأخبرته.

____________

(1) المناقب: 117 / ح 128.

(2) في المصدر: سهيل بن إسحاق.

(3) المناقب: 117 / 129.

الصفحة 342 

قال: " بأبي وأمي من لم ينخل له طعام، ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله عز وجل "(1).

السادس: موفق بن أحمد بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الأصبهاني، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد حشنش الأصبهاني، أخبرنا الحسن بن أحمد محمد الدباركي، حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا أسباط يعني ابن محمد، حدثنا عمرو بن قيس الملائي عن عدي بن ثابت قال: أتي علي بن أبي طالب (عليه السلام) بفالوذج فأبى أن يأكل منه (عليه السلام) وقال: " شئ لم يأكل منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا أحب أن آكل منه "(2).

السابع: موفق بن أحمد بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا مسعر عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال رأيت عليا يأتزر وعليه تبان قال (رضي الله عنه): التبان سراويل الملاح وهو سراويل قصير صغير وتبنته أي ألبسته إياه(3).

الثامن: موفق بن أحمد بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا القاسم بن مالك عن ليث عن معاوية - رضي الله عنهم - عن رجل من بني كاهل قال: رأيت على علي (عليه السلام) تبانا وقال: " نعم الثوب، ما أستره للعورة ؤ، وأكفه للأذى "(4).

التاسع: موفق بن أحمد بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس، حدثنا يحيى، حدثنا القاسم بن مالك عن إسماعيل بن سميع عن أبي زرين قال: إن أفضل ثوب رأيته على علي القميص من قهز بردان فطريان، قال العباس: كل ثوب يضرب إلى السواد من ثياب اليمن يسمى قطريا قال (رضي الله عنه): القميص القهز ضرب من ثياب يتخذ من صوف، بفتح القاف، هذا ذكره في ديوان الأدب المهذب وقال الغوري: القهز بكسر القاف: ضرب ثياب بيض وقطر بلدة تنسب إليها البرود، قال أبو النجم: وهبطوا السند يجني قطرا(5).

العاشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو بكر الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا

____________

(1) المناقب: 118 / ح 130.

(2) المناقب: 119 / ح 131.

(3) المناقب: 119 / ح 132.

(4) المناقب: 120 / ح 133.

(5) المناقب: 120 / ح 134.

الصفحة 343 

أبو حيان عن مجمع التميمي قال: خرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) بسيفه إلى السوق فقال: " من يشتري مني سيفي هذا فلو كان عندي أربعة دراهم أشتري بها إزارا ما بعته "(1).

الحادي عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن عبيد، حدثنا المختار وهو ابن نافع عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي " أرفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأبقى لك، وخذ من رأسك إن كنت مسلما " فمشيت خلفه وهو متوزر بإزار، مرتد برداء ومعه الدرة وكأنه أعرابي بدوي فقلت: من هذا؟

فقال لي رجل: أراك غريبا بهذا البلد.

قلت: أجل أنا رجل من أهل البصرة.

قال: هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)، حتى انتهى إلى دار بني أبي معيط وهو سوق الإبل فقال: " بيعوا ولا تحلفوا، فإن اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة " ثم أتى إلى أصحاب التمر فإذا خادمة تبكي فقال: ما يبكيك؟

قالت: باعني هذا الرجل تمرا بدرهم فرده مولاي فأبى أن يقبله، فقال له: " خذ تمرك وأعطها درهمها، فإنها خادمة ليس لها أمر " فدفعه، قلت أتدري من هذا؟

قال: لا.

قلت: هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وصب تمره وأعطاها درهما وقال: يا مولاي أحب أن ترضى عني، قال: " ما أرضاني عنك إذا وفيتهم حقوقهم " ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال: " يا أصحاب التمر أطعموا المساكين فيربوا كسبكم " ثم مر مجتازا ومعه المسلمون حتى أتى أصحاب السمك فقال: " لا يباع في سوقنا طاف " ثم أتى دار فرات وهو سوق الكرابيس فقال: " يا شيخ، أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم " فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين وقال حين لبسه: " الحمد لله الذي رزقني من الرياشة ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي " فقيل له: يا أمير المؤمنين هذا شئ ترويه عن نفسك أو شئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

قال: " بل سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول عند الكسوة " فجاء أبو الغلام صاحب الثوب فقيل له يا فلان إنه قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم، فقال: أفلا أخذت منه درهمين،

____________

(1) المناقب: 120 / ح 135.

الصفحة 344 

وأخذ أبوه درهما وجاء به إلى أمير المؤمنين وهو جالس على باب الرحبة ومعه المسلمون فقال: امسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين فقال: " ما شأن هذا الدرهم "؟

قال: إن ابني قد باعك قميصا ثمنه درهمان بثلاثة دراهم، فقال: " باعني رضائي وأخذه برضاه "(1).

الثاني عشر: موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسين بن صفوان، حدثنا بن أبي الدنيا، حدثنا أحمد بن غانم الطويل، حدثنا محمد بن الحجاج عن مجالد عن الشعبي عن قبيصة بن جابر قال: ما رأيت في الدنيا أزهد من علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

الثالث عشر: موفق بن أحمد هذا قال: أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شرويه بن شهردار الديلمي الهمداني أخبرنا أبي، حدثنا مكي بن دلير القاضي، حدثنا عبد الله(3) بن محمد بن يوسف، حدثنا الفضل الكندي، حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن مولى بني هاشم بالكوفة، حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن أبي هاشم النوفلي، حدثنا عبيد الله ابن موسى، حدثنا كامل أبو العلا عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي داود نفيع عن أبي الحمراء مولى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من أراد أن ينظر إلى آدم في وقاره، وإلى موسى في شدة بطشه، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى هذا المقبل " فأقبل علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه -(4).

الرابع عشر: صاحب كتاب الصفوة في فضائل العشرة من العامة قال: أنبأنا محمد بن أبي القاسم قال: أنبأنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن جعفر قال:

حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي قال: حدثنا يحيى بن يوسف الزمي، قال حدثنا عباد بن العوام عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علي (عليه السلام) بالخورنق وهو يرعد تحت سمل(5) قطيفة فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال، وأنت تصنع بنفسك ما تصنع فقال: " والله ما أرزأكم من مالكم شيئا، وإنها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي ".

أو قال: " من المدينة "(6).

____________

(1) المناقب: 121 / ح 136.

(2) المناقب: 122 / ح 137.

(3) في المصدر: علي.

(4) المناقب: 310، ح 309.

(5) السمل بالتحريك الخلق من الثياب.

(6) صفوة الصفوة: 1 / 316، ورواه المصنف، في حلية الأبرار: 2 / 245 / ح 12.

الصفحة 345 

الخامس عشر: صاحب الصفوة هذا قال: أنبأنا محمد بن أبي منصور قال: أخبرنا جعفر بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أنبأنا أبو بكر بن مالك قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أنبأنا محمد بن عبيد قال: أنبأنا مختار بن رافع عن أبي مطرف قال: رأيت عليا (عليه السلام) مؤتزرا بإزار مرتديا برداء ومعه الدرة كأنه أعرابي يدور حتى بلغ سوق الكرابيس فقال: " يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم " فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، فلما أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، ثم جاء أبو الغلام فأخبره، فأخذ أبوه درهما، ثم جاء به فقال: خذ هذا الدرهم يا أمير المؤمنين قال: " ما شأن هذا الدرهم "؟

قال: كان قميصنا ثمن درهمين قال: " باعني رضائي فأخذ رضاه "(1).

السادس عشر: صاحب الصفوة قال: أنبأنا عبد الوهاب قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحمن السكري قال: أنبأنا أبو بكر بن عبيد قال: أنبأنا خلف بن سالم قال نبأنا وكيع عن سفيان عن عمر بن قيس أن عليا (عليه السلام) عليه إزار مرقوع، فعوتب في لبسه فقال: " يقتدي بي المؤمن، ويخشع له القلب "(2).

السابع عشر: صاحب الصفوة هذا قال: أنبأنا ابن ناصر قال: نبأنا المبارك بن عبد الجبار وعبد القادر بن محمد قالا: أنبأنا أبو إسحاق البرمكي قال: أنبأنا أبو بكر بن بخيت قال: نبأنا أبو جعفر بن ذريح قال: نبأنا هناد قال: نبأنا وكيع عن مطير بن ثعلبة عن أبي النوار قال: رأيت عليا (عليه السلام) اشترى ثوبين غليظين خير قنبر أحدهما(3).

الثامن عشر: صاحب الصفوة هذا قال: حدثنا وكيع عن عبيد الله بن الوليد عن فضيل بن مسلم عن أبيه أن عليا اشترى قميصا ثم قال: " اقطعه لي من ها هنا مع أطراف الأصابع ".

وفي رواية أخرى أنه لبسه فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه فأمر به فقطع ما فضل عن أطراف الأصابع(4).

التاسع عشر: صاحب الصفوة هذا قال: أنبأنا محمد بن القاسم قال: أنبأنا حمد بن أحمد قال:

نبأنا أحمد بن عبدا لله الحافظ قال: حدثنا محمد بن عمر ابن سلم قال: حدثنا موسى بن عيسى قال: أنبأنا أحمد بن محمد القمي قال: حدثنا بشر بن إبراهيم قال: حدثنا مالك بن مغول وشريك

____________

(1) صفوة الصفوة: 1 / 317. ورواه أيضا في حلية الأبرار: 2 / 246 / ح 13.

(2) صفوة الصفوة: 1 / 318. ورواه في حلية الأبرار: 2 / 241 / ح 14.

(3) صفوة الصفوة: 1 / 318، ورواه في حلية الأبرار: 2 / 247 / ح 15.

(4) صفوة الصفوة: 1 / 318، ورواه في حلية الأبرار: 2 / 248 / ح 16.

الصفحة 346 

عن علي بن الأقمر عن أبيه قال: رأيت عليا (عليه السلام) وهو يبيع سيفا له في السوق ويقول: " من يشتري مني هذا السيف؟ فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لطال ما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله، ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته "(1).

العشرون: صاحب الصفوة هذا قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا الحسن بن علي الوراق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عيسى قال: حدثنا عمرو بن تميم قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر قال: سمعت عبد الملك بن عمير يقول: حدثني رجل من ثقيف أن عليا (عليه السلام) استعمله على عكبرى قال: قال لي: " إذا كان عند الظهر فرح إلي " فرحت إليه فلم أجد عنده حاجبا يحبسني دونه، فوجدته جالسا وعنده قدح وكوز من ماء، فدعا بظبية فقلت في نفسي: لقد امنني حين يخرج إلي جواهر ولا أدري، فإذا عليها خاتم فكسر الخاتم، فإذا فيها سويق فأخرج منها فصب في القدح وصب عليها ماء فشرب وسقاني فلم أصبر فقلت: يا أمير المؤمنين أتصنع هذا بالعراق وطعام أهل العراق أكثر من ذلك؟

قال: " أما والله ما أختم عليه بخلا ولكني أبتاع قدر ما يكفيني فأخاف أن يفنى ويصنع من غيره، وإنما حفظي لذلك، وأكره أن أدخل بطني إلا طيبا "(2).

الحادي والعشرون: قال: أخبرنا [ أبو القاسم بن ] الحصين [ قال حدثنا ابن المذهب ] قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل قال: أخبرنا أيوب عن مجاهد قال: قال علي (عليه السلام) (عليهم السلام) " جعت مرة بالمدينة جوعا شديدا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا فظننتها تريد بله فأتيتها وقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فمدت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يداي، فأتيت الماء فأصبت منه ثم أتيتها فقلت يكفي، هكذا بين يديها، وبسط إسماعيل يديه وجمعهما، فعدت له ستة عشرة تمرة فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته فأكل معي منها "(3).

الثاني والعشرون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أكابر علماء العامة من معتزلة بغداد قال في الشرح في أمير المؤمنين (عليه السلام): وأما الزهد فهو سيد الزهاد وبدل الأبدال وإليه تشد الرحال وعنده تنفض الأحلاس، ما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا قال: قال عبد الله بن أبي رافع، دخلت عليه يوم عيد فقدم جرابا مختوما، فوجدنا فيه خبز شعير يابسا

____________

(1) صفوة الصفوة: 1 / 318، ورواه في حلية الأبرار: 2 / 248، ح 17.

(2) صفوة الصفوة: 1 / 319، ورواه في حلية الأبرار: 2 / 249، ح 18.

(3) صفوة الصفوة: 1 / 320.

الصفحة 347 

مرضوضا فقدم فأكل فقلت: يا أمير المؤمنين كيف تختمه؟

قال: " خفت هذين الولدين أن يليناه بسمن أو زيت " فكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وبليف أخرى، ونعلاه من ليف، وكان يلبس الكرابيس الغليظ، فإذا كان كمه طويلا قطعه بشفرة ولم يخطه، فكان لا يزال متساقطا على ذراعيه حتى يبقى سدى لا لحمة له وكان يتأدم إذا ايتدم بخل أو ملح، فإن ترقى عن ذلك فبعض نبات الأرض، فإن أرتفع عن ذلك فقليل من البان الإبل ولا يأكل اللحم إلا قليلا ويقول: " لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوان " وكان مع ذلك أشد الناس قوة وأعظمهم أيدا، لم ينقص الجوع قوته ولا تخون الاقلال منثه، وهو الذي طلق الدنيا، وكانت الأموال تجئ إليه من جميع بلاد الإسلام إلا من الشام فكان يفرقها ويمزقها ثم يقول: هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه(1).

الثالث والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا في الشرح قال: روى النضر بن منصور عن عقبة بن علقمة قال: دخلت على علي (عليه السلام) فإذا بين يديه لبن حامض آذتني حموضته وكسر يابسة فقلت: يا أمير المؤمنين، أتأكل مثل هذا؟

فقال: " يا أبا الجنوب، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأكل أيبس من هذا ويلبس أخشن من هذا، وأشار إلى ثيابه، فإن أنا لم آخذ بما أخذ به خفت أن لا ألحق به "(2).

الرابع والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا قال: روى معاوية بن عمار عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال:

" ما اعتلج على علي أمران في ذات الله إلا أخذ بأشدهما، ولقد علمتم أنه كان يأكل يا أهل الكوفة عندكم من ماله بالمدينة، وأنه كان ليأخذ السويق فيجعله في جراب ويختم عليه مخافة أن يزاد عليه من غيره، ومن كان أزهد في الدنيا من علي (عليه السلام)؟ "(3).

الخامس والعشرون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: روى بكر بن عيسى قال: كان علي (عليه السلام) يقول: " يا أهل الكوفة إذا أنا خرجت من عندكم بغير راحلتي ورحلي وغلامي فلان فأنا خائن " وكانت نفقته تأتيه من غلته بالمدينة بينبع، وكان يطعم الناس منها الخبز واللحم ويأكل هو الثريد بالزيت(4).

السادس والعشرون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: روى يوسف بن يعقوب عن صالح بياع الأكسية أن جدته لقيت عليا بالكوفة ومعه تمر يحمله، فسلمت عليه وقالت له: أعطني يا أمير

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 26.

(2) شرح نهج البلاغة: 2 / 201.

(3) شرح نهج البلاغة: 2 / 201.

(4) شرح نهج البلاغة: 2 / 200.

الصفحة 348 

المؤمنين (عليه السلام) هذا التمر أحمله عنك إلى بيتك.

فقال: " أبو العيال أحق بحمله ".

قالت: ثم قال لي: " ألا تأكلين منه "؟

فقلت: لا أريده، قالت: فانطلق به إلى منزله ثم رجع مرتديا بتلك الشملة وفيها قشور التمر، فصلى بالناس فيها الجمعة(1).

والروايات في هذا الباب كثيرة من طريق العامة وفيما ذكرناه كفاية.

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 2 / 202.