الباب في قلعه الأصنام عن ظهر الكعبة من طريق العامة

الصفحة 279 

وفيه خمسة أحاديث

الأول: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن موسى الطحان إجازة عن القاضي أبو الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن المعلى الخيوطي قال: حدثنا محمد بن الحسن الحساني قال:

حدثنا محمد بن غياث، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن يزيد عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب يوم فتح مكة: أما ترى هذا الصنم بأعلى الكعبة؟ قال: بلى يا رسول الله قال: فأحملك فتناوله قال: بل أنا أحملك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام): لو أن ربيعة ومضر جهدوا أن يحملوا مني بضعة وأنا حي لما قدروا ولكن قف يا علي، فضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه إلى ساقي علي فوق القرنوس ثم اقتلعه من الأرض بيده فرفعه حتى تبين بياض إبطيه ثم قال لي: ما ترى يا علي؟ قال: أرى أن الله عز وجل قد شرفني بك حتى أني لو أردت أن أمس السماء لمسستها، فقال له: تناول الصنم يا علي فتناوله علي فرمى به ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تحت علي وقد ترك رجليه فسقط إلى الأرض فضحك فقال له: ما أضحك يا علي؟ فقال: سقطت من أعلى الكعبة فما أصابني شئ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكيف يصيبك شئ وإنما حملك محمد وأنزلك جبرائيل(1).

الثاني: موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا شيخ القضاة أحمد بن إسماعيل الواعظ(2)، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة القاضي إملاء، حدثنا عبد الله بن روح الفرائضي، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا نعيم بن حكيم حدثنا أبو مريم عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: انطلق بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى بي إلى الكعبة فقال لي: اجلس إلى جنب الكعبة فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منكبي ثم قال لي: انهض، فنهضت فلما رأى ضعفي تحته فقال لي: اجلس فنزل وجلس وقال لي: يا علي اصعد على منكبي فصعدت

____________

(1) مناقب ابن المغازلي 142 / ح 240.

(2) في المصدر: إسماعيل بن أحمد.

الصفحة 280 

على منكبيه ثم نهض بي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما نهض بي خيل لي أن لو شئت نلت أفق السماء فصعدت فوق الكعبة وتنحى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: ألق صنمهم الأكبر صنم قريش وكان من نحاس موتدا بأوتادا من حديد إلى الأرض فقال لي: عالجه ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إيه إيه جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه فقال لي: اقذفه فقذفته فتكسر ونزلت من فوق الكعبة فانطلقت أنا والنبي (صلى الله عليه وآله) نسعى وخشينا أن يرانا أحد من قريش أو غيرهم، قال علي: فما صعدته حتى الساعة(1).

الثالث: ابن شهرآشوب رواه من طريق العامة قال: ذكر أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال لي جابر بن عبد الله: دخلنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) مكة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنما فأمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فألقيت كلها لوجوهها وكان على البيت صنم طويل يقال له هبل فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي فقال: يا علي تركب علي أو أركب عليك لألقي هبل عن ظهر الكعبة، قلت: يا رسول الله بل تركبني، فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة فقلت: يا رسول الله أركبك، فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لمسكتها بيدي فألقيت هبل عن ظهر الكعبة فأنزل الله *(وقل جاء الحق وزهق الباطل..)*(2).

الرابع: ابن شهرآشوب رواه أيضا من طريق العامة قال: استنابه يوم الفتح في أمر عظيم فإنه وقف حتى صعد على كتفه وتعلق بسطح الكعبة وصعد وكان يقلع الأصنام بحيث يهتز حيطان البيت ثم يرمي بها فتنكسر. رواه أحمد بن حنبل وأبو يحيى الموصلي في مسنديهما وأبو بكر الخطيب في تاريخه والخطيب الخوارزمي في أربعينه ومحمد بن الصباغ الزعفراني في الفضائل وأبو عبد الله الطبري في الخصائص(3).

الخامس: كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة بالإسناد عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر داخلا إلى الكعبة وإذا هو بأدواة لابن مسعود معلقة فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا علي ايتني بإدواة من تلك الإدواة فأتاه بواحدة فشرب منها وتوضأ ثم نظر إلى ابن مسعود قال له: ما هذه الأخلاق التي أجدها في أدواتك؟ فقال ابن مسعود: فداك أبي وأمي يا رسول الله ثقل علي الماء بمكة فأخذت تميرات فمرتهن بإدواتي ليعذب الماء علي، فقال (عليه السلام): حلال وماء طهور ثم قام

____________

(1) المناقب 123 / ح 139.

(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 398.

(3) مناقب آل أبي طالب: 1 / 398.

الصفحة 281 

وأخذ المفتاح من شيبة وفتح الباب وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله أليس أنا عمك وصنو أبيك؟ فقال: بلى فما حاجتك يا عم؟ فقال: تعطيني مفتاح الكعبة فقال: هو لك يا عم فهبط جبرائيل (عليه السلام) وقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فاستعاد المفتاح من العباس وأعاده إلى شيبة، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة فإذا هو بصورة إبراهيم فقال: لا تعبدوا الصور والتماثيل فإن الله عز وجل يبغضها ويبغض صانعها، وجعل يحلها بطرف ردائه فلما خرج قال لشيبة: أغلق الباب ثم رفع رأسه فإذا هو بصنم على ظهر الكعبة فقال لعلي (عليه السلام): يا علي كيف لي بهذا الصنم؟ فقال: يا رسول الله أنكب لك فارق على ظهري وتناوله فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي لو جهدت أمتي من أولها إلى آخرها أن يحملوا عضوا من أعضائي ما قدروا على ذلك ولكن ادن مني يا علي، قال: فدنوت منه فضرب بيده إلى ساقي فأقلعني من الأرض وانتصب بي فإذا أنا على كتفيه فقال: يا علي سم وخذه فأخذت الصنم فضربت به الأرض فتفثت ثلاثا فقال النبي: يا علي ما ترى وأنت على كتفي؟ قلت: خيرا فداك أبي وأمي يا رسول الله، لو أردت أن أمس السماء بيدي لقدرت فقال له: يا علي زادك الله شرفا إلى شرفك، ثم انحسر (عليه السلام) من تحتي فوقعت على الأرض وضحكت فقال: ما يضحك يا علي؟

فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله وقعت من أعلى الكعبة إلى الأرض فلم أتألم من الوقع، فقال: يا علي كيف تتألم وقد حملك محمد وأنزلك جبرئيل؟ ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال العباس يفتخر: أنا سيد قريش وأكرمها حسبا وأفخرها مركبا وبيدي سقاية الحاج لا يليها غيري فقال شيبة:

لا، بل أنا سيد قريش وبيدي سدانة الكعبة لا يليها غيري فقال علي (عليه السلام) أبغضتماني بمقالتكما أنا سيدكما وسيد أهل الأرض بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا الذي ضربت وجوهكما حتى آمنتما فأقررتما أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فغضبا من قوله وأتيا النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبراه بما قال علي لهما فهبط جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا محمد، الحق يقرئك السلام ويقول لك: قل لشيبة والعباس *(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله)* الآية، يا محمد علي خير منهما.