(أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام

الصفحة 245 

معرفة ولادته

قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد (عليه السلام) بالمدينة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة (1).

وأقام مع جده علي بن الحسين اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة، وعاش بعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة.(2)

وكانت مدة إمامته ملك (3) إبراهيم بن الوليد، وملك مروان بن محمد الحمار، ثم سارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم سنة ثلاثين ومائة، وملك أبي العباس السفاح أربع سنين وأربعة أشهر، وأيام ملك أخيه أبي (4) عبد الله المعروف بأبي جعفر

____________

(1) تاريخ الأئمة: 10، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، روضة الواعظين: 212، وروي أيضا سنة (80 هـ) انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 185، كشف الغمة 2: 155.

(2) إعلام الورى: 272، مناقب ابن شهرآشوب 4: 280، وروي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر تاريخ الأئمة: 11، تاريخ مواليد الأئمة: 186.

(3) ذكر في إعلام الورى: 272 وتاج المواليد: 119 و 120 قبل إبراهيم بن الوليد: بقية ملك هشام بن عبد الملك، وملك الوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد، وهو الصواب لأن إمامته (عليه السلام) بدأت سنة 114 هـ وامتد ملك هشام بين (105 - 125 هـ).

(4) في " ط ": السفاح سنة اثنتين وثلاثين وذلك أربع سنين وأربعة أشهر، ثم ملك أخيه.

الصفحة 246 

المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما (1).

وبعد ما مضت عشر سنين من ملكه، قبض ولي الله جعفر بن محمد في شوال (2) سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة، سمه المنصور فقتله (3).

ومضى وقد كمل عمره خمسا وستين سنة (4).

وروى أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله (5) أنه قبض وهو ابن ثمان وستين سنة. (6) ويروى سبع وستين، والأول أصح، لأنني نقلته من أصل لأبي علي محمد ابن همام (7) (رحمه الله).

ودفن بالبقيع مع جده وأبيه (8).

وبوابه:

المفضل بن عمر (9).

نسبه

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم.

____________

(1) مناقب ابن شهرآشوب 4: 280.

(2) وقيل في النصف من رجب، انظر مناقب ابن شهرآشوب 4: 280، إعلام الورى: 271، مصباح الكفعمي: 523، تاج المواليد: 120.

(3) مناقب ابن شهرآشوب 4: 280.

(4) تاريخ الأئمة: 10، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، روضة الواعظين: 212.

(5) ترجم له النجاشي في رجاله: 441 ووصفه بالعالم الفاضل الصدوق، وذكر له كتابا في نسبة آل أبي طالب.

(6) تاريخ مواليد الأئمة: 185، كشف الغمة 2: 161.

(7) قال النجاشي في رجاله: 379: شيخ أصحابنا ومتقدمهم، له منزلة عظيمة... له كتاب الأنوار في تاريخ الأئمة (عليه السلام).

(8) تاريخ الأئمة، 31، الكافي 1: 393، الارشاد: 271، تاج المواليد: 120، تاريخ مواليد الأئمة: 187.

(9) تاريخ الأئمة: 33، نور الأبصار: 294، والذي في مناقب ابن شهرآشوب 4: 280: محمد بن سنان.

الصفحة 247 

 

ويكنى:

أبا عبد الله (1).

ولقبه:

الصادق، والعاطر، والطاهر (2).

وإليه تنسب الجعافرة (3)، والشيعة الجعفرية (4).

نقش خاتمه (عليه السلام)

وكان له خاتم نقشه: الله ربي، عصمني من خلقه (5).

ذكر ولده

إسماعيل، وموسى الإمام (عليه السلام)، ومحمد، وعلي، و عبد الله، وإسحاق، وابنه اسمها أم فروة، وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن علي (عليه السلام) (6).

____________

(1) ويكنى (عليه السلام) أيضا بأبي إسماعيل وأبي موسى. انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 188، مناقب ابن شهرآشوب 4: 281، كشف الغمة 2: 155.

(2) ويلقب (عليه السلام) أيضا بالفاضل والقائم والكافل والمنجي والصابر. انظر: تاريخ مواليد الأئمة: 187، مناقب ابن شهرآشوب 4: 281، كشف الغمة 2: 155.

(3) في " ع، م ": الجعافير.

(4) (الجعفرية) ليس في " ع، م ".

(5) العدد القوية: 148 / 65، وفيه: ربي عصمني من خلقه: وقيل: أنت ثقتي فاعصمني من خلقك، وقيل: الله عوني وعصمتي من الناس.

(6) زيد في بعض المصادر: العباس ويحيى وأسماء وفاطمة وفاطمة الصغرى. انظر الارشاد: 284، مناقب ابن شهرآشوب 4: 280، كشف الغمة 2: 161.

الصفحة 248 

 

وأمه:

فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وتكنى أم فروة وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (1).

وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إذا ولد جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين ابني فسموه (الصادق) (2) فإنه يولد من ولد ابنه ولد يقال له (جعفر الكذاب) ويل له من جرأته على الله وتعديه على أخيه صاحب الحق، وإمام زمانه وأهل بيتي (3).

فلأجل ذلك سمي الصادق (4).

ذكر معجزاته (عليه السلام)

165 / 1 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: قال لي عبد الله بن بشر: سمعت الأحوص (5) يقول: كنت مع الصادق (عليه السلام) إذ سأله قوم عن كأس الملكوت، فرأيته وقد تحدر نورا، ثم علا حتى أنزل تلك (6) الكأس فأدارها على أصحابه، وهي كأس مثل البيت الأعظم (7)، أخف من الريش، من نور محضور (8)، مملوء شرابا.

ثم قال (عليه السلام) (9): لو علمتم بنور الله لعاينتم هذا في الآخرة.(10)

166 / 2 - قال أبو جعفر: وحدثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن قيس ابن خالد، قال: رأيت الصادق (عليه السلام) وقد رفع منارة النبي (صلى الله عليه وآله) بيده

____________

(1) تاريخ الأئمة: 25، الكافي 1: 393، الارشاد: 271.

(2) في " ط ": بالصادق.

(3) (وأهل بيتي) ليس في " ط ".

(4) الهداية الكبرى: 248، مناقب ابن شهرآشوب 4: 272.

(5) في " ع، م ": الأخوص.

(6) في " ع، م ": ذلك.

(7) في " ط ": العظيم.

(8) في " ط ": محصور، وفي " م ": محفور.

(9) في " ع، م ": فقال لي.

(10) نوادر المعجزات: 136 / 1، مدينة المعاجز: 356 / 4.

الصفحة 249 

اليسرى، وحيطان القبر بيده اليمنى، ثم بلغ بهما عنان السماء ثم قال (عليه السلام): أنا جعفر، أنا النهر الأغور (1)، أنا صاحب الآيات الأقمر (2)، أنا ابن شبير وشبر.(3)

167 / 3 - قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال:

حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: رأيت الصادق (عليه السلام) وقد جئ إليه بسمك مملوح، فمسح يده على سمكة فمشت بين يديه، ثم ضرب بيده إلى الأرض فإذا دجلة والفرات تحت قدميه، ثم أرانا سفن البحر، ثم أرانا مطلع الشمس ومغربها في أسرع من لمح البصر (4).

168 / 4 - قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن عبد الله بن قيس، عن أبي مناقب (5) الصدوحي، قال: رأيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) وقد سئل عن مسألة، فغضب حتى امتلأ منه مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) وبلغ أفق السماء، وهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة، فلما هدأ، هدأت لهدوئه، فقال (عليه السلام): لو شئت لقلبتها (6) على من عليها، ولكن رحمة الله وسعت كل شئ (7).

169 / 5 - قال أبو جعفر: وحدثنا عبد الله، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال:

حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: قلت للصادق (عليه السلام): أتقدر أن تمسك الشمس بيدك؟

فقال (عليه السلام): لو شئت لحجبتها عنك. فقلت: أفعل. قال: فرأيته وقد جرها كما تجر الدابة بعنانها، فاسودت وانكسفت (8)، وذلك بعين أهل المدينة كلهم حتى ردها (9).

170 / 6 - قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش،

____________

(1) في " ط ": الأزخر، والأغور: العميق، والأزخر: الممتلئ.

(2) أي الأبيض.

(3) نوادر المعجزات: 137 / 2، إثبات الهداة 5: 453 / 227، مدينة المعاجز: 356 / 5.

(4) نوادر المعجزات: 137 / 3، إثبات الهداة 5: 453 / 228، مدينة المعاجز: 357 / 6.

(5) في " ط ": أبي قباقب، وفي " ع ": أبي قناقب.

(6) في " ع، م ": قلبتها.

(7) نوادر المعجزات: 138 / 4، إثبات الهداة 5: 453 / 229، مدينة المعاجز: 357 / 7.

(8) في " ط ": وانكشفت.

(9) نوادر المعجزات: 138 / 5، إثبات الهداة 5: 453 / 230، مدينة المعاجز: 357 / 8.

الصفحة 250 

عن إبراهيم بن وهب، قال: أوتي أبو عبد الله بشاة عجفاء (1) حائل (2)، فمسح ضرعها فدرت لبنا واستوت (3).

171 / 7 - قال أبو جعفر: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن قبيصة بن وائل، قال: كنت مع الصادق (عليه السلام) حتى غاب، ثم رجع ومعه عذق من الرطب، وقال: كانت رجلي اليمنى على كتف (4) جبرئيل، واليسرى على كتف ميكائيل، حتى لحقت بالنبي (5) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي وأبي (عليهم السلام) فحبوني (6) بهذا لي ولشيعتي (7).

172 / 8 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: حدثني عمارة، عن ابن سعد، قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) وقد أظلتنا هاجرة صعبة، فاظهر لنا ثلجا وعسلا ونهرا يجري في داره بالمدينة من غير حفر حيث (8) لا ثلج ولا عسل ولا ماء جاريا.(9)

173 / 9 - قال أبو جعفر: وحدثنا أحمد بن منصور الرمادي (10)، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا مهلب بن قيس، قال: قلت للصادق (عليه السلام): بأي شئ يعرف العبد إمامه؟

قال: أن يفعل كذا. ووضع يده على حائط، فإذا الحائط ذهب، ثم وضع يده

____________

(1) العجفاء: المهزولة.

(2) الحائل: التي لا تلد من الإناث.

(3) نوادر المعجزات: 139 / 6، إثبات الهداة 5: 454 / 231، مدينة المعاجز: 357 / 9. وهذا الحديث ساقط من " ع ".

(4) في " ط ": كف، وكذا في الموضع الآتي.

(5) في " ط ": ميكائيل، فصرت إلى النبي.

(6) حباه: أعطاه.

(7) في " ع، م ": فحبوني لتطعم أوليائي وشيعتي. نوادر المعجزات: 139 / 7، إثبات الهداة 5: 454 / 232، مدينة المعاجز: 357 / 10.

(8) في " ع، م ": داره في غير حفر وذلك بالمدينة حيث.

(9) نوادر المعجزات: 140 / 8، إثبات الهداة 5: 454 / 233، مدينة المعاجز: 357 / 11.

(10) في " ط ": الرشادي.

الصفحة 251 

على أسطوانة فأورقت من ساعتها (1)، ثم قال: بهذا يعرف الإمام.(2)

174 / 10 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال:

حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا الليث بن إبراهيم، قال: صحبت جعفر بن محمد (عليه السلام) حتى أتى الغري في ليلة من المدينة، وأتى الكوفة ثم رأيته مشى على الماء، وعاد إلى المدينة ولم ينقض (3) من الليلة شئ (4).

175 / 11 - وروى عبد الله بن حماد، عن أبي بصير وداود الرقي ومعاوية بن عمار و عبد الله بن سنان، جميعا قالوا: كنا بالمدينة حين بعث داود بن علي إلى المعلى بن خنيس (رضي الله عنه) فقتله، فجلس عنه أبو عبد الله (عليه السلام) شهرا لم يأته، فبعث إليه ودعاه، فأبى أن يأتيه، فبعث إليه عشرة نفر من الحرس وقال لهم: ائتوني به، فإن أبى فآتوني برأسه.

فدخلوا عليه وهو يصلي، ونحن معه، صلاة الزوال، فقالوا له: أجب الأمير داود ابن علي. فأبى، فقالوا: إن لم تجب قتلناك.

فقال: ما أظنكم تقتلون ابن رسول الله.

فقالوا: ما ندري ما تقول، وما نعرف إلا الطاعة.

قال: انصرفوا فإنه خير لكم.

قالوا: لا نرجع إليه إلا بما أمرنا.

فلما علم أن القوم لا ينصرفون إلا بما أمروا به رأيناه وقد رفع يديه إلى السماء ثم وضعهما على منكبيه، ثم بسطهما، ثم دعا مشيرا بسبابته، فسمعنا: الساعة الساعة.

حيت سمعنا صراخا عاليا فقالوا: قم.

فقال: إن (5) صاحبكم قد مات، وهذا الصراخ عليه. فانصرفوا والناس قد

____________

(1) في " ط ": الأسطوانة فأورقت لساعتها.

(2) نوادر المعجزات: 140 / 9، إثبات الهداة 5: 454 / 234، مدينة المعاجز: 357 / 12.

(3) في " ع، م ": ينقص.

(4) نوادر المعجزات: 141 / 10، إثبات الهداة 5: 454 / 235، مدينة المعاجز: 357 / 13.

(5) في " ط ": صراخا بالمدينة عاليا فقال لهم: انصرفوا فإن.

الصفحة 252 

حضروه، فقالوا: انشقت مثانته فمات.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): دعوت الله باسمه الأعظم وابتهلت إليه، فبعث إليه [ملكا] (1) فطعنه بحربة في مذاكيره فكفانا شره.

قالوا: فقلنا: ما الابتهال؟

قال: رفع اليدين إلى جنب المنكبين.

قلنا: والبصبصة؟

فقال: رفع الإصبع وتحريكها يعني السبابة.(2)

176 / 12 - وروى أبو القاسم علي بن الحسن بن القاسم، المعروف بابن الطبال اليشكري (3) الخزاز، - قال: مولدي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وتوفي في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، - من حفظه، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن معروف الهلالي، وكان ينزل في عبد القيس، وهو الخزاز، وكان قد أتى عليه من السنين مائة وثمان وعشرون سنة.

قال: مضيت إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) إلى الحيرة ثلاثة أيام فما قدرت عليه من كثرة الناس، فحيث كان اليوم الرابع أدناني ومضى إلى قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، فمضيت معه فحيث (4) صار في بعض الطريق غمزه (5) البول، فاعتزل عن الجادة فبال، ثم نبش الرمل، فخرج له ماء فتطهر للصلاة، وقام فصلى ركعتين، ودعا ربه.

وكان من دعائه: اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق، ولا ممن تخلف فمحق،

____________

(1) من البصائر.

(2) نحوه في بصائر الدرجات: 237 / 2، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 230، مدينة المعاجز: 358.

(3) كذا في " ع، م " وفرحة الغري، وفي " ط ": البكري، وفي رجال الطوسي: 481، القشيري، وقال: روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وذكر أنه سمع منه أحاديث محمد بن معروف الهلالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

(4) أي فحين، انظر " لسان العرب - حيث - 2: 141 و - حين - 13: 135 ".

(5) في " ط ": وهو بالحيرة فما استطعت أن أصل إليه من كثرة الزحام ثلاثة أيام، ثم ساپرته فغمزه.

الصفحة 253 

واجعلني من النمط الأوسط.

وقال لي [يا] (1) غلام: لا تحدث بما رأيت.

وقال (عليه السلام): ليس للبحر جار، ولا للملك صديق، ولا للعافية ثمن، وكم من نائم و [هو] (2) لا يعلم [ما يلقى] (3).

177 / 13 - حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن محمد الأزدي عن ثمامة بن أشرس، عن محمد بن راشد، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا بن رسول الله، إن حكيم بن عباس الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم.

فقال: هل علقت (4) منه بشئ؟ قال: بلى. فأنشده:

 

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة          ولم نر مهديا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفاهة       وعثمان خير من علي وأطيب

 

فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة، فقال: اللهم إن كان كاذبا فسلط عليه كلبا من كلابك.

قال (5): فخرج حكيم من الكوفة فأدلج (6)، فلقيه الأسد فأكله، فجاءوا بالبشير لأبي عبد الله (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك فخر لله ساجدا، وقال: الحمد لله الذي صدقنا وعده.(7)

178 / 14 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: أخبرني أبي، قال:

____________

(1 - 3) أثبتناه من فرحة الغري.

الثاقب في المناقب: 158 / 147، مناقب ابن شهرآشوب 4: 238، فرحة الغري: 59، مدينة المعاجز:

365 / 31.

(4) أي تعلمت، انظر " لسان العرب - علق - 10: 270 ".

(5) في " ع، م ": عليه كلبك.

(6) أي سار آخر الليل، أو الليل كله، انظر " لسان العرب - دلج - 2: 272 ".

(7) نوادر المعجزات: 142 / 11، مدينة المعاجز: 391 / 111، ونحوه في مناقب ابن شهرآشوب 4: 234، وكشف الغمة 2: 203.

الصفحة 254 

أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي كهمس، قال: كنت بالمدينة نازلا في دار وفيها وصيفة تعجبني، فانصرفت ليلة ممسيا، فاستفتحت الباب، ففتحت لي، فمددت يدي إلى ثدييها فقبضت عليهما.

فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبا كهمس، تب إلى الله (عز وجل) مما صنعت البارحة.(1)

179 / 15 - أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، قال:

حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أحمد ابن عبد الله، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن مهزم، قال: كنا نزولا بالمدينة، وكانت جارية لصاحب الدار تعجبني، وإني أتيت الباب فاستفتحت، ففتحت الجارية، فغمزت يديها (2).

فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا مهزم، أين كان أقصى أثرك (3) اليوم؟

فقلت: ما برحت المسجد.

فقال: أو ما تعلم أن أمرنا لا ينال إلا بالورع؟! (4)

180 / 16 - وروى محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن إبراهيم بن مهزم، قال: خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة ممسيا، فأتيت منزلي بالمدينة، وكانت أمي معي، فوقع بيني وبينها

____________

(1) بصائر الدرجات: 262 / 1، عيون المعجزات: 87، الخرائج والجرائح 2: 728 / 32، الثاقب في المناقب: 414 / 350.

(2) في " ط ": ثديها.

(3) في " ع، م ": يا مهزم لئن كان أقضى أمرك.

(4) بصائر الدرجات: 263 / 2، إعلام الورى: 275، الخرائج والجرائح 2: 728 / 33، مناقب ابن شهرآشوب 4: 226، الثاقب في المناقب: 413 / 348، مدينة المعاجز: 375 / 47.

الصفحة 255 

كلام، فأغلظت عليها.

فلما أن كان من الغد صليت الغداة، وأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لي مبتدئا:

يا بن مهزم، مالك وللوالدة أغلظت لها البارحة؟! أوما علمت أن بطنها منزلا قد سكنته، وأن حجرها مهدا قد مهدته، فدر ثديها وعاء قد شربته؟!

قلت: نعم. قال: فلا تغلظ لها.(1)

181 / 17 - وروى الحسين، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن مهاجر بن عثمان الخولاني، قال: بعثني أبو جعفر (2) إلى المدينة، وبعث معي مالا كثيرا وأمرني أن أتفرغ لأهل هذا البيت، وأتحفظ مواليهم، فلزمت الزاوية التي تلي المنبر، ولم أكن أتنحى عنها وقت كل صلاة، لا في ليل ولا نهار، وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم، وإلى من هو فوقهم الشئ [بعد الشئ] (3)، حتى ناولت شبابا من (4) بني الحسن ومشيخة القوم حتى ألفوني وألفتهم في السر.

قال: وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني ويكرمني، حتى إذا كان يوما من الأيام بعد ما نلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن وغيرهم، دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي، فلما قضى صلاته التفت إلي فقال: يا مهاجر! - ولم أكن أتسمى باسمي ولا أتكنى بكنيتي - فقال: قل لصاحبك: يقول جعفر بن محمد: كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى شباب محوجين مغمومين، فتدس إليهم، لعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه، فلو وصلتهم وتوليتهم وأنلتهم وأغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم.

قال: فلما أتيت أبا جعفر قلت له: جئتك من عند ساحر، كان من أمره كذا وكذا.

____________

(1) بصائر الدرجات: 263 / 3، الخرائج والجرائح 2: 729 / 34، مدينة المعاجز: 375 / 48.

(2) أي أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي.

(3) أثبتناه من الخرائج.

(4) في " ط ": حتى التفت إلي إنسان من.

 

 

الصفحة 256 

قال: صدق والله، لقد كانوا إلى غير هذا أحوج، وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (1).

182 / 18 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن علي، عن علي، عن إسماعيل ابن زيد (2) عن شعيب بن ميثم، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا شعيب، ما أحسن بالرجل يموت وهو لنا ولي، ويوالي ولينا ويعادي عدونا.

قلت: والله، إني لأعلم أن من مات على هذا أنه لعلى حال حسنة.

قال: يا شعيب، أحسن إلى نفسك، وصل قرابتك، وتعاهد إخوانك، ولا تستبدل بالشئ تقول: أدخر لنفسي وعيالي، إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم.

قلت في نفسي: نعى إلي والله نفسي.

قال إسماعيل: فرجع شعيب بن ميثم، فما لبث إلا شهرا حتى مات (3).

183 / 19 - وعنه، قال: أخبرني أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ما فعل أبو حمزة الثمالي؟ قلت: خلفته صالحا.

قال: إذا رجعت فأقرئه السلام، وأعلمه أنه يموت في شهر كذا، وفي يوم كذا.

قال أبو بصير: جعلت فداك، والله لقد كان فيه أنس، وكان لكم شيعة.

قال: صدقت، ما عند الله خير له.

قلت: شيعتكم معكم؟

قال: إذا هو خاف الله، وراقب الله، وتوقى الذنوب، فإذا فعل ذلك كان له درجتنا.

قال: فرجعت تلك السنة، فما لبث أبو حمزة إلا يسيرا حتى توفي (رحمه الله) (4).

____________

(1) الخرائج والجرائح 2: 646 / 55.

(2) في " ع ": يزيد، ولعل ما في المتن هو الصواب، انظر معجم رجال الحديث 3: 135.

(3) مناقب ابن شهرآشوب 4: 223، مدينة المعاجز: 392 / 112.

(4) بصائر الدرجات: 283 / 6، الهداية الكبرى: 253، مناقب ابن شهرآشوب 4: 222، الثاقب في المناقب: 411 / 344، كشف الغمة 2: 190، مدينة المعاجز: 392 / 113.

الصفحة 257 

184 / 20 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسين بن أبي العلاء وأبي المغرا، جميعا عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجرى ذكر المعلى بن خنيس، قال: يا بني، اكتم ما أقول لك في المعلى.

قلت: أفعل.

قال: إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما ينال داود بن علي منه.

قلت: وما الذي ينال داود بن علي منه؟

قال: يدعو به - (لعنه الله) - ويأمر به فيضرب عنقه، ويصلبه. قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال: ذلك في قابل.

فلما كان في قابل ولي (1) المدينة، فقصد [قتل] (2) المعلى، فدعاه وسأله عن شيعة أبي عبد الله أن يكتبهم له، قال: ما أعرف من أصحابه أحدا، وإنما أنا رجل (3) اختلف في حوائجه وما يتوجه إلي، ولست أعرف له صاحبا.

قال: أما إنك إن كتمتني قتلتك.

قال: بالقتل تهددني! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم لك، ولئن قتلتني ليسعدني الله إن شاء الله ويشقيك الله.

قال: فقتله.(4)

185 / 21 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن صندل، عن سورة (5) بن كليب، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا سورة، كيف حججت العام؟

قال: قلت: استقرضت حجتي، والله إني لأعلم أن الله (تعالى) سيقضيها عني، وما

____________

(1) أي داود بن علي. وفي " ط ": جاء والي.

(2) أثبتناه من الخرائج.

(2) في " ط " زيادة: واحد.

(4) الهداية الكبرى: 253، رجال الكشي: 381 / 713، الخرائج والجرائح 2: 647 / 57، مناقب ابن شهرآشوب 4: 225، فرج المهموم: 229.

(5) في " ط ": سودة، وكذا في باقي الموارد.

الصفحة 258 

كان أعظم حجتي إلا شوقا إليك، بعد المغفرة، وإلى حديثك.

قال: أما حجتك فقد قضاها الله من عندي.

ثم رفع مصلى تحته، فأخرج دنانير، وعد عشرين دينارا، وقال: هذه حجتك. وعد عشرين دينارا، وقال: هذه معونة لك، تكفيك حتى تموت.

قلت: جعلت فداك، أخبرني، إن أجلي قد دنا؟

قال: يا سورة، أما ترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلان وفلان؟! قلت: نعم.

قال صندل: فما لبث إلا بقية الشهر حتى مات.(1)

186 / 22 - وعنه - قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد الحميد، قال: كان صديقا لمحمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وأخذه أبو جعفر فحبسه زمانا في المطبق (2). فحج، فلما كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله (عليه السلام) في الموقف، فقال: يا محمد، ما فعل صديقك عبد الحميد؟

قال: حبسه أبو جعفر في المطبق منذ زمان.

فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فدعا ساعة ثم التفت إلي وقال: يا محمد، قد والله خلي سبيل صاحبك.

قال محمد: فسألت عبد الحميد: أي ساعة أخرجك أبو جعفر؟

قال: أخرجني يوم عرفة بعد العصر.(3)

187 / 23 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان وأبي سعيد المكاري وغير واحد من أصحابنا، عن عبد الأعلى بن أعين، قال: قال مرازم:

بعثني أبو جعفر الخليفة، وهو معي، إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وهو بالحيرة، ليقتله، فدخلنا عليه في رواقه ليلا، فنلنا منه حاجتنا ومن ابنه إسماعيل، ثم رفعنا إليه فقلنا: قد

____________

(1) نوادر المعجزات: 143 / 12، الاختصاص: 84، مناقب ابن شهرآشوب 4: 223، مدينة المعاجز:

392 / 114.

(2) المطبق: السجن تحت الأرض.

(3) مناقب ابن شهرآشوب 4: 234، مدينة المعاجز: 392 / 115.

الصفحة 259 

فرغنا مما أمرتنا به.

قال: فأصبحنا من الغد، فوجدناه في رواقه جالسا، فبقينا متحيرين.(1)

188 / 24 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو جعفر لحاجبه: إذا دخل علي جعفر بن محمد فادخل واقتله قبل أن يصل إلي.

قال: فدخل أبو عبد الله (عليه السلام) فجلس. قال: فأرسل إلى الحاجب فدعاه، فنظر إليه وأبو عبد الله (عليه السلام) قاعد، ثم قال لي: عد إلى مكانك. وأقبل يضرب بيده على الأخرى.

فلما قام أبو عبد الله (عليه السلام) وخرج دعا حاجبه فقال: بأي شئ أمرتك؟ قال:

لا والله، ما رأيته حيث خرج، ولا رأيته وهو قاعد عندك.(2)

189 / 25 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن عمرو بن ميثم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه خرج إلى ضيعة له مع بعض أصحابه، فبينا هم يسيرون إذا ذئب قد أقبل عليه (3) فلما رأى غلمانه أقبلوا إليه، قال: دعوه، فإن له حاجة. فدنا منه حتى وضع كفه على دابته، وتطاول بخرطمه (4)، وطأطأ رأسه أبو عبد الله (عليه السلام)، فكلمه الذئب بكلام لا يعرف، فرد عليه أبو عبد الله (عليه السلام) مثل كلامه، فرجع يعدو.

فقال له أصحابه: قد رأينا عجبا!

فقال: إنه أخبرني أنه خلف زوجته خلف هذا الجبل في كهف، وقد ضربها الطلق، وخاف عليها، فسألني الدعاء لها بالخلاص، وأن يرزقها الله ذكرا يكون لنا وليا ومحبا، فضمنت له ذلك.

____________

(1) مدينة المعاجز: 392 / 116.

(2) كشف الغمة 2: 191.

(3) في " ع ": إليه.

(4) الخرطم: لغة في الخرطوم، وهو الأنف، وقيل: مقدمه " لسان العرب - خرطم - 12: 173 ".

الصفحة 260 

قال: فانطلق أبو عبد الله (عليه السلام) وانطلقنا معه إلى ضيعته، وقال: إن الذئب قد ولد له جرو ذكر.

قال: فمكثنا في ضيعته معه شهرا، ثم رجع مع أصحابه، فبينا هم راجعون إذا هم بالذئب وزوجته وجروه يعوون في وجه أبي عبد الله (عليه السلام) فأجابهم بمثله، ورأي أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) الجرو، وعلموا أنه قد قال لهم الحق.

وقال لهم أبو عبد الله (عليه السلام): تدرون ما قالوا؟ قالوا: لا.

قال: كانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحبة، ودعوت لهم بمثله، وأمرتهم أن لا يؤذوا لي وليا ولا لأهل بيتي، فضمنوا لي ذلك.(1)

190 / 26 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسن، عن أبيه، والحسين بن أبي العلاء (2)، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل رجل من أهل خراسان فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل فلان بن فلان؟ قال: لا علم لي به.

قال: لكن أخبرك أن فلان بن فلان بعث معك بجارية إلي، فلا حاجة لي فيها.

قال الرجل: ولم؟

قال: لأنك لم تراقب الله فيها، ولا حيث عملت ما عملت ليلة نهر بلخ، حيث صنعت ما صنعت. فسكت الرجل، وعلم أنه قد أخبره بأمر قد فعله.(3)

191 / 27 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا، إذ دخل آذنه فقال: قوم من أهل البصرة يستأذنون عليك.

قال: كم عددهم؟ قال: لا أدري.

قال: اذهب فعدهم وأخبرني.

____________

(1) مدينة المعاجز: 392 / 127.

(2) في " ع، م ": حسين عن العلاء، والحديث مروي في الخرائج عن الحسين بن أبي العلاء.

(3) الخرائج والجرائح 2: 610 / 5، مدينة المعاجز: 393 / 119.

الصفحة 261 

قال: فلما مضى الغلام قال أبو عبد الله (عليه السلام): عدة القوم اثنا عشر رجلا، وإنما أتوا يسألوني عن حرب طلحة والزبير، ودخل آذنه فقال: القوم اثنا عشر رجلا.

فأذن لهم، فدخلوا، فقالوا: نسألك. فقال: سلوا.

قالوا: ما تقول في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة؟

قال: ما تريدون بذلك؟

قالوا: نريد أن نعلم ذلك.

قال: إذن تكفرون يا أهل البصرة. فقالوا: لا نكفر.

قال: كان علي (عليه السلام) مؤمنا منذ بعث الله نبيه إلى أن قبضه الله إليه، لم يؤمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله) أحدا قط، ولم يكن في سرية إلا كان أميرها، وإن طلحة والزبير أتياه لما قتل عثمان فبايعاه أول الناس طائعين غير كارهين، وهما أول من غدر به، ونكثا عليه، ونقضا بيعته، وهما به (1) كما هم به من كان قبلهما، وخرجا بعائشة معهما يستعطفانها الناس، وكان من أمرهما وأمره ما قد بلغكم.

قالوا: فإن طلحة والزبير صنعا ما صنعا، فما حال عائشة؟ (2)

قال: عائشة كبير جرمها، عظيم إثمها، ما أهرقت محجمة من دم إلا وإثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها، ولقد عهد إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: " لا بد من أن تقاتل الناكثين " وهم أهل البصرة، " والقاسطين " وهم أهل الشام، " والمارقين " وهم أهل النهروان، فقاتلهم علي (عليه السلام) جميعا.

قال القوم: إن كان هذا قاله النبي فقد (3) دخل القوم جميعا في أمر عظيم.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنكم ستنكرون (4).

قالوا: إنك جئتنا بأمر عظيم لا نحتمله.

____________

(1) في " ط " زيادة: الهموم.

(2) في " ط ": المرأة بدل (عائشة)، في الموضعين.

(3) في " ع، م ": لقد.

(4) في " ط ": ستكفرون.

الصفحة 262 

قال: وما طويت عنكم أكثر، أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم بما أخبرتكم، فتكفرون أعظم من كفرهم.

قال: فلما خرجوا قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا سليمان بن خالد، والله ما يتبع قائمنا من أهل البصرة إلا رجل واحد، لا خير فيهم، كلهم قدرية وزنادقة، وهي الكفر بالله.(1)

192 / 28 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن عبد المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال لي سيدي: ما أحسن الحق والزمه (2)! قلت: ليستو في جهدي.

قال: يا بن خالد، لا تدخل في وصية من أراد أن يوصي إليك، فتقع أبعد من السماء.

قلت: والله، لقد أرسل إلي فلان وجهد كل جهد أن أدخل في وصيته فأبيت عليه.

قال: إن ماله حرام، وكان يأكل الحرام ويستحله، ويدين لله بذلك، وقد هلك بعدك يا سليمان.

قلت: خلفته في حد (3) الموت.

قال: قد لحق بالله، فتعسا له.

قلت: قد كان يظهر لنا خيركم!

قال: هيهات، كان والله لنا عدو، كفى الله أمره.(4)

____________

(1) نوادر المعجزات: 144 / 13، مدينة المعاجز: 393 / 120.

(2) في " ط ": والذمة.

(3) في " ط ": حدة.

(4) مدينة المعاجز: 393 / 121.

الصفحة 263 

193 / 29 - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي ابن محمد، عن الحسن، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال: يا أبا محمد، هل تعرف إمامك؟

قلت: إي والله الذي لا إله إلا هو، وإنك هو. ووضعت يدي على ركبته.

فقال: يا أبا محمد، صدقت، قد عرفت فاستمسك به.

قلت: جعلت فداك، أعطني علامة الإمامة.

قال: ليس بعد المعرفة علامة.

قلت: أزداد يقينا وأمنا، ويطمئن قلبي.

قال: يا أبا محمد، ترجع إلى الكوفة وقد ولد لك عيسى، وعبد عيسى محمد، وبعدهما ابنين، واعلم أن اسمك مثبت عندنا في الصحيفة الجامعة من أسماء الشيعة وأسماء آبائهم وأجدادهم وأبنائهم وما يلدون إلى يوم القيامة.

قال: وإنما هي صحيفة صفراء متوجة (1).

194 / 30 - وروى عمار بن موسى الساباطي، قال: كنت لا أعرف شيئا من هذا الأمر، وكان من عرفه عندنا رافضيا، فخرجت حاجا، فإذا أنا بجماعة من الرافضة، فقالوا: يا عمار، أقبل علينا (2).

فقلت: ما يريد مني هؤلاء، فما في إتيانهم خير ولا ثواب، ولكني أصير (3) إليهم فانظر ما يريدون.

فأقبلت إليهم، فقالوا: يا عمار، خذ هذه الدنانير فادفعها إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد. فقلت: إني أخشى أن يقطع على دنانيركم.

____________

(1) كذا في النسخ، وفي الخرائج: مدرجة، أي مطوية، انظر " لسان العرب - درج - 2: 269 ".

الهداية الكبرى: 252، الخرائج والجرائح 2: 636 / 37، كشف الغمة 2: 190، إثبات الهداة 5: 451 / 222، مدينة المعاجز: 393 / 122.

(2) في " ع ": إلينا.

(3) في " ط ": أصبو.

الصفحة 264 

فقالوا: خذها ولا تخش أن يقطع عليك.

فقلت: لأجربن القوم، فقلت: هاتوها، وأخذتها في يدي. فلما صرت إلى بعض الطريق قطع علينا، فما ترك معنا شئ إلا أخذ، فاستقبلنا غلام أبيض مشرب حمرة، عليه ذؤابتان، فقال: عمار! قطع عليك؟

قلت: نعم.

فقال: اتبعوني معشر القافلة. فتبعناه حتى جاء إلى حي من أحياء العرب، فصاح بهم: ردوا إلى (1) القوم متاعهم. فلقد رأيتهم يبادرون من الخيم حتى ردوا جميع ما أخذ منا، لم يدعوا منه شيئا.

فقلت عند ذلك: لأسبق الناس إلى المدينة حتى أستمكن من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فسبقت الناس، فقمت أصلي عند قبر النبي، فصليت ثمان ركعات، وإذا بمناد ينادي: يا عمار، رددنا عليكم متاعكم، فلم لا ترد دنانيرنا؟ فالتفت فلم أر أحدا، فقلت: هذا عمل الشيطان.

ثم قمت أصلي، فصليت أربع ركعات، فإذا برجل قد وكزني وأمعض (2) قفاي (3)، ثم قال: يا عمار، رددنا عليكم متاعكم، ولا ترد دنانيرنا!

فالتفت وإذا بالغلام الأبيض المشرب الحمرة، فقادني كما يقاد البعير، وما أقدر أن أمتنع عليه حتى أدخلني إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن، معه سبحة مائة دينار.

فقلت في نفسي: هؤلاء محدثين، والله ما سبقني رسول ولا كتاب، فمن أين علم أن معي مائة دينار؟!

____________

(1) في " ع ": على.

(2) الوكز: الدفع والضرب والطعن، وقيل: الوكز بجميع اليد، أو بالعصا. انظر " لسان العرب - وكز - 5:

430 ".

وأمعضه: أوجعه " أقرب الموارد 2: 1225.

(3) في " م ": لفقاري.

الصفحة 265 

فقال: لا تزيد حبة ولا تنقص حبة. فحسبتها (1)، فوالله ما زادت ولا نقصت.

ثم قال: يا عمار، سلم علينا.

قلت: السلام عليك (2) ورحمة الله وبركاته.

فقال: ليس هكذا يا عمار.

فقلت: السلام عليك يا بن عم رسول الله.

فقال: ليس هكذا يا عمار.

قلت: السلام عليك يا بن رسول الله.

فقال: ليس هكذا يا عمار.

فقلت: السلام عليك يا وصي رسول الله. قال: صدقت يا عمار.

ثم وضع يده على صدري وقال: ما حان لك أن تؤمن؟!

فوالله ما خرجت من عنده حتى توليت وليه، وتبرأت من عدوه.(3)

195 / 31 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا محمد ابن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن (4) أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي بصير، قال: دخلت أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن يعطيني دلالة مثل ما أعطاني أبو جعفر (عليه السلام).

فلما دخلت عليه قال: يا أبا محمد، ما كان لك فيما كنت فيه شغل؟!

تدخل على إمامك وأنت جنب؟!

قال: قلت: جعلت فداك، ما فعلت إلا على عمد.

قال: أولم تؤمن؟

قال: قلت: بلى، ولكن ليطمئن قلبي.

____________

(1) في " ع، م ": تنقص، فوضع.

(2) في " ط ": عليكم.

(3) مدينة المعاجز: 393 / 123.

(4) (بن) ليس في " ع ".

الصفحة 266 

قال: قم يا أبا محمد فاغتسل. فاغتسلت وعدت إلى مجلسي، فعلمت عند ذلك أنه الإمام.(1)

196 / 32 - وعنه، قال: حدثنا ماجيلويه (2)، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن الأشعث، قال:

أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به، وما كان عندنا منه خبر ولا ذكر ولا معرفة شئ مما عند الناس؟

قلت: وكيف كان ذلك؟

قال: إن أبا جعفر المنصور قال لأبي محمد بن الأشعث: أبغني رجلا له عقل يؤدي عني.

فقال له: قد أصبت لك، هذا فلان بن فلان مهاجر خالي، قال: فأتني به.

فأتاه بخاله، فقال له أبو جعفر: يا بن مهاجر، خذ هذا المال. وأعطاه الوفا أو ما شاء الله، فقال: ائت المدينة إلى عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته، فيهم جعفر ابن محمد، فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان، وبها شيعة من شيعتكم، وقد وجهوا إليكم بهذا المال، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط، كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني.

فأخذ المال وأتى المدينة، ثم رجع إلى أبي جعفر المنصور، فدخل عليه وعنده محمد بن الأشعث، فقال له أبو جعفر: ما وراءك؟

فقال: أتيت القوم، وهذه خطوطهم بقبضهم المال (3)، خلا جعفر بن محمد، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (صلى الله وآله) فجلست خلفه، وقلت: ينصرف فأذكر له ما ذكرت (4) لأصحابه، فعجل وانصرف، والتفت إلي وقال لي: يا هذا، اتق الله ولا

____________

(1) الهداية الكبرى: 250، مناقب ابن شهرآشوب 4: 226، كشف الغمة 2: 188، مدينة المعاجز: 394 / 24.

(2) ماجيلويه: هو علي الراوي عن البرقي، انظر معجم رجال الحديث 12: 245.

(3) (المال) ليس في " ع، م ".

(4) في " ع، م ": ذكرته.

الصفحة 267 

تغرر أهل بيت محمد، وقل لصاحبك: اتق الله ولا تغرر أهل بيت رسول الله، فإنهم قريبو عهد بدولة بني مروان، وكلهم محتاج.

فقال: قلت: وما ذاك أصلحك الله؟

فقال: ادن مني. فدنوت منه، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك، حتى كأنه كان ثالثنا.

فقال المنصور: يا بن مهاجر، إعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيهم محدث، وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم.

وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة.(1)

197 / 33 - أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعيد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن شعيب، عن أبيه شعيب العقرقوفي، قال: بعث معي رجل بألف درهم وقال: إني أحب أن أعرف فضل أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: خذ هذه خمسة دراهم ستوقة (2)، فاجعلها في الدراهم، وخذ من الدراهم خمسة دراهم فصيرها في لبنة (3) قميصك، فإنك ستعرف ذلك.

قال: ففعلت ذلك، ثم أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فنثرتها بين يديه، فأخذ الخمسة دراهم، وقال: هاك خمستك، وهات خمستنا.(4)

198 / 34 - حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قدم علينا رجل من أهل الشام، فعرضت عليه هذا الأمر، فقبله،

____________

(1) بصائر الدرجات: 265 / 7، الكافي 1: 395 / 6، الخرائج والجرائح 2: 720 / 25، مناقب ابن شهرآشوب 4: 220، الثاقب في المناقب: 406 / 338.

(2) الستوق من الدراهم: الزيف البهرج الذي لا قيمة له. " معجم الوسيط 1: 416 ".

(3) لبنة القميص: بنيقته، وهي رقعة تزاد في نحر القميص لتوسيعه.

(4) بصائر الدرجات: 267 / 9، الخرائج والجرائح 2: 630 / 31، مناقب ابن شهرآشوب 4: 228، كشف الغمة 2: 193، الصراط المستقيم 2: 188 / 22.

الصفحة 268 

فدخلت عليه وهو في سكرات الموت، فقال: يا أبا بصير، قد قبلت ما قلت لي، فكيف لي بالجنة؟ فمات.

فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فابتدأني فقال: يا أبا محمد، قد والله، وفي لصاحبك الجنة.(1)

199 / 35 - وروى سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت معه أمشي فصار معنا أبو عبد الله البجلي - (رحمه الله) - فانتهينا إلى نخلة خاوية، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها، أطعمينا مما جعل الله (تعالى) فيك.

فتساقط علينا رطب مختلف الألوان، فأكلنا حتى تضلعنا، فقال له البجلي:

جعلت فداك سنة فيكم كسنة مريم؟ فقال: نعم يا أبا عبد الله.(2)

200 / 36 - وروى مالك الجهني، قال: حضرت مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) فجعلت أقول في نفسي: هذا الذي فضله الله وعظمه وشرفه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مالك، الأمر والله أعظم مما تذهب إليه.(3)

201 / 37 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن شعيب، عن علي بن هاشم، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك، ما لإبليس من السلطان؟

قال: ما يوسوس في قلوب الناس.

قلت: فما لملك الموت؟

قال: يقبض أرواح الناس.

قلت: وهما مسلطان على من في المشرق ومن في المغرب؟ قال: نعم.

____________

(1) بصائر الدرجات: 271 / 2، مدينة المعاجز: 394 / 125.

(2) بصائر الدرجات: 274 / 5، مناقب ابن شهرآشوب 4: 240.

(3) بصائر الدرجات 260 / 18، مدينة المعاجز: 380 / 67، يأتي مثله الحديث (61).

الصفحة 269 

قلت: فمالك أنت - جعلت فداك - من السلطان؟

قال: أعلم ما في المشرق والمغرب، وما في السماوات والأرض، وما في البر والبحر، وعدد ما فيهن وليس ذلك لإبليس ولا لملك الموت.(1)

202 / 38 - وبهذا الاسناد إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن محمد بن سنان، عمن حدثه، عن جابر بن يزيد، قال:

كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان، فقال:

جعلت فداك، إني قدمت أنا وأمي قاضيين لحقك، وإن أمي ماتت دونك.

قال: فاذهب فأت بأمك.

قال جابر: فما رأيت أشد تسليما منه، مارد على أبي عبد الله (عليه السلام) حتى مضى فجاء بأمه، فلما رأت أبا عبد الله (عليه السلام) قالت: هذا الذي أمر ملك الموت بتركي.

ثم قالت: يا سيدي، أوصني.

قال: عليك بالبر للمؤمنين، فإن الإنسان يكون عمره ثلاثين سنة فيكون بارا فيجعلها ثلاث وستون سنة، وإن الإنسان يكون عمره ثلاث وستون سنة فيكون غير بار، فيبتر الله عمره فيجعلها ثلاثين سنة.(2)

203 / 39 - وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن سعدان بن مسلم، عن المفضل بن عمر، قال: كان المنصور قد وفد بأبي عبد الله (عليه السلام) إلى الكوفة، فلما أذن له قال لي: يا مفضل، هل لك في مرافقتي؟ فقلت: نعم، جعلت فداك. قال: إذا كان الليلة فصر إلي.

فلما كان في نصف الليل خرج وخرجت معه، فإذا أنا بأسدين مسرجين ملجمين.

____________

(1) مدينة المعاجز: 394 / 126.

(2) مدينة المعاجز: 385 / 89.

الصفحة 270 

قال: فخرجت، فضرب بيده على عيني فشدها، ثم حملني رديفا فصبح المدينة (1) وأنا معه، فلم يزل في منزله حتى قدم عياله.(2)

204 / 40 - وبإسناده إلى أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن الحسن بن شعيب، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، قال: استأذنت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخرج إلي معتب فأذن لي، فدخلت ولم يدخل معي كما كان يدخل.

فلما أن صرت في الدار نظرت إلى رجل على صورة أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمت عليه كما كنت أفعل، قال: من أنت يا هذا؟ لقد وردت على كفر أو إيمان.

وكان بين يديه رجلان كأن على رؤوسهما الطير، فقال لي: ادخل. فدخلت الدار الثانية، فإذا رجل على صورته (صلى الله عليه)، وإذا بين يديه جمع كثير كلهم صورهم واحدة، فقال:

من تريد؟ قلت: أريد أبا عبد الله.

فقال: قد وردت على أمر عظيم، إما كفر أو إيمان.

ثم خرج من البيت رجل قد بدا به الشيب، فأخذ بيدي، وأوقفني على الباب وغشي بصري من النور، فقلت: السلام عليك يا بيت الله ونوره وحجابه.

فقال: وعليك السلام يا يونس. فدخلت البيت فإذا بين يديه طائران يحكيان، فكنت أفهم كلام أبي عبد الله (عليه السلام) ولا أفهم كلامهما.

فلما خرجا قال: يا يونس، سل، نحن نجلي النور في الظلمات، ونحن البيب المعمور الذي من دخله كان آمنا، نحن عزة الله وكبرياؤه.

قال: قلت: جعلت فداك، رأيت شيئا عجيبا، رأيت رجلا على صورتك! قال:

يا يونس، إنا لا نوصف، ذلك صاحب السماء الثالثة يسأل أن أستأذن الله له أن يصيره (3) مع أخ له في السماء الرابعة.

____________

(1) صبح المدينة: أي أتاها صباحا، انظر " لسان العرب - صبح - 2: 502 ".

(2) مدينة المعاجز: 394 / 127.

(3) في " ع، م ": يصير.

الصفحة 271 

قال: قلت: فهؤلاء الذين في الدار؟

قال: هؤلاء أصحاب القائم من الملائكة.

قال: قلت: فهذان؟

قال: جبرئيل وميكائيل، نزلا إلى الأرض، فلن يصعدا حتى يكون هذا الأمر إن شاء الله (تعالى)، وهم خمسة آلاف.

يا يونس، بنا أضاءت الأبصار، وسمعت الآذان، ووعت القلوب الإيمان.(1)

205 / 41 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو علي محمد ابن همام، قال: حدثني عبد الله بن العلاء، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن عبد الله ابن يزيد، عن (2) حماد، عن أبيه، عن عمر، عن بكر بن أم بكر (3)، عن شيخ من أصحابنا، قال: إني لعند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل رجل، فقال له: جعلت فداك، إن أبي مات، وكان من أنصب الناس، فبلغ من بغضه وعداوته أن كتم ماله مني في حياته، وبعد وفاته: ولست أشك أنه قد ترك مالا كثيرا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما أنت والله مهنى لك، وإني أريد سفرا.

فقال له: جعلت فداك (4)، مالي لك.

فقال له: لا أدلك، ولكن هيئ لنا سفرة.

قال: وكان صاحب هذا الحديث يعرف بصاحب السفرة، فختم له أبو عبد الله (عليه السلام) خاتما، وقال له: اذهب بهذا الخاتم إلى برهوت، فإن روحه صارت إلى برهوت. وسمى له صاحب برهوت. ثم قال له: ناد صاحب برهوت باسمه ثلاث مرات، فإنه سيجيبك.

____________

(1) مدينة المعاجز: 394 / 128.

(2) في " م ": بن.

(3) في " م ": عن عمر بن بكر بن أم بكر، وفي " ط ": عن عمر بن بكر، عن ابن أم بكر، وفي مدينة المعاجز:

عن عمر، عن بكر بن أبي بكر. ولعله الصواب، راجع رجال الطوسي: 160 ومعجم رجال الحديث 3: 340.

(4) في " ط " زيادة: كل.

 

 

الصفحة 272 

فأتى برهوت، فنادى صاحبه باسمه ثلاث مرات، فأجابه في الثالثة بلبيك، وظهر له، فناوله الطينة، فأخذها وقبلها ووضعها على عينيه (1)، ثم قال له: جئت من عند من فضله الله وأمر بطاعته، ما حاجتك؟

قال الرجل: فأخبرته، فقال لي: إنه يجيئك في غير صورته. فتخيل لي صورة خبيثة، فما شعرت إذا هو قد جاءني والسلاسل في عنقه، فقال: يا بني. وبكى، فعرفته حين تكلم قلت له: قد كنت أقول لك وأنهاك عما كنت فيه.

فقال لي: حصلت على الشقاء. ثم قال لي: ما حاجتك؟

قلت: حاجتي المال الذي خلفته.

قال: في المسجد الذي كنت تراني أصلي فيه، احفر حتى تبلغ قدر ذراعين أو ثلاثة، فإن فيه أربعة آلاف دينار.

قلت له: لعلك تكذبني.

فقال لي: هيهات، هيهات، لقد جئت من عند من ملكه الله، وأمره (2) أعظم مما تذهب إليه.

فقال الرجل: قال لي صاحب برهوت: أتوصيني بشئ؟

قلت: أوصيك أن تضاعف عليه العذاب.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما لو رققت عليه لنفعه الله به وخفف عنه العذاب (3).

206 / 42 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن أحمد بن علي، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، قال: كان لي صديق، وكان يكثر الرد على من قال أنهم يعلمون الغيب.

قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بأمره، فقال: قل له: إني والله

____________

(1) في " ع، م ": عينه.

(2) في " ط " زيادة: عظيم و.

(3) مدينة المعاجز: 385 / 90.

الصفحة 273 

لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما دونهما.(1)

207 / 43 - وعنه: عن أحمد، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عمن ذكره، عن حذيفة بن منصور، عن يونس، قال: سمعته يقول وقد مررنا بجبل فيه دود، فقال:

أعرف من يعلم إناث هذا الدود من ذكرانه، وكم عدده.

ثم قال: نعلم ذلك من كتاب الله، فإن في كتاب الله تبيان كل شئ.(2)

208 / 44 - وعنه: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن عبد الله بن محمد، عن منصور بزرج (3)، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: يا أبا خالد، خذ رقعتي فأت غيضة (4) - قد سماها - فانشرها، فأي سبع جاء معك فجئني به.

قال قلت: اعفني (5)، جعلت فداك.

قال: فقال لي: اذهب يا أبا خالد. قال: فقلت في نفسي: يا أبا خالد، لو أمرك تأتي جبارا عنيدا (6) ثم خالفته إذن كيف كان حالك؟!

قال: ففعلت ذلك حتى إذا صرت إلى الغيضة ونشرب الرقعة جاء معي واحد منها، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إليه واقفا ما يحرك من شعره شعرة، فأومأ بكلام لم أفهمه. قال: فلبثت عنده وأنا متعجب من سكون السبع بين يديه.

قال: فقال لي: يا أبا خالد، مالك تفكر (7)؟ قال: قلت: أفكر في إعظام السبع.

____________

(1) مدينة المعاجز: 395 / 129.

(2) مدينة المعاجز: 395 / 130.

(3) في " ع، م ": منصور بن نوح، وفي " ط ": منصور بن بزج، وكلاهما تصحيف، صوابه ما في المتن، وهو منصور بن يونس بزرج كوفي ثقة، روى عن إسماعيل بن جابر، انظر رجال النجاشي: 413 ومعجم رجال الحديث 3: 115 و 18: 353.

(4) الغيضة: الأجمة، وهي الموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف.

(5) في " ط " زيادة: من ذلك.

(6) في " ع، م ": عنيف.

(7) في " ع ": متفكر.

الصفحة 274 

قال: ثم مضى السبع فما لبثت إلا وقتا حتى طلع السبع ومعه كيس في فيه.

قال: قلت: جعلت فداك، إن هذا لشئ عجيب! قال: يا أبا خالد، هذا كيس وجه به إلي فلان مع المفضل بن عمر، واحتجت إلى ما فيه، وكان الطريق مخوفا، فبعثت بهذا السبع فجاء به.

قال: فقلت في نفسي: والله، لا أبرح حتى يقدم المفضل بن عمر وأعلم ذلك.

قال: فضحك أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال لي: نعم يا أبا خالد، لا تبرح حتى يأتي المفضل.

قال: فتداخلني والله من ذلك حيرة، ثم قال: قلت: أقلني جعلت فداك.

وأقمت أياما، ثم قدم المفضل، وبعث إلي أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال المفضل:

جعلني الله فداك، إن فلانا بعث معي كيسا فيه مال، فلما صرت في موضع كذا وكذا جاء سبع وحال بيننا وبين رحالنا، فلما مضى السبع طلبت الكيس في الرحل فلم أجده.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مفضل، أتعرف الكيس؟

قال: نعم، جعلني الله فداك.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا جارية، هاتي الكيس. فأتت به الجارية، فلما نظر إليه المفضل قال: نعم، هذا هو الكيس.

ثم قال: يا مفضل، تعرف السبع؟

قال: جعلني الله فداك، كان في قلبي في ذلك الوقت رعب.

فقال له: ادن مني. فدنا منه، ثم وضع يده عليه، ثم قال لأبي خالد: امض برقعتي إلى الغيضة فأتنا بالسبع.

فلما صرت إلى الغيضة فعلت مثل الفعل الأول فجاء السبع معي، فلما صار بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظرت إلى إعظامه إياه، فاستغفرت في نفسي.

ثم قال: ما مفضل، هذا هو؟ قال: نعم، جعلني الله فداك.

فقال: يا مفضل، أبشر فأنت معنا.(1)

____________

(1) مدينة المعاجز: 376 / 53.

الصفحة 275 

209 / 45 - وعنه: عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن أبي عثمان - أو غيره - عن محمد بن سنان، عن أبان، عن حذيفة بن منصور، عن رزام، قال: بعثني أبو جعفر عبد الله بن الطويل - وهو المنصور - إلى المدينة، وأمرني إذا دخلت المدينة أن أفض الكتاب الذي دفعه إلي وأعمل ما فيه.

قال: فما شعرت إلا بركب قد طلعوا علي حين قربت من المدينة، وإذا رجل قد صار إلى جانبي، فقال: يا رزام، اتق الله ولا تشرك في دم آل محمد.

قال: فأنكرت ذلك، فقال لي: دعاك صاحبك نصف الليل، وخاط رقعة في جانب قبائك، وأمرك إذا صرت إلى المدينة تفضها وتعمل بما فيها.

قال: فرميت بنفسي من المحمل وقبلت رجليه وقلت: ظننت أن ذلك صاحبي، وأنت سيدي وصاحبي، فما أصنع؟

قال: ارجع إليه، واذهب بين يديه وتعال، فإنه رجل نساء، وقد نسي ذلك، فليس يسألك عنه.

قال: فرجعت إليه فلم يسألني عن شئ، فقلت: صدق مولاي (عليه السلام).(1)

210 / 46 - وروى الحسين بن أبي (2) العلاء، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ جاءه مولى له يشكو زوجته وسوء خلقها، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): ائتني بها.

فأتاه بها، فقال لها: ما لزوجك يشكوك؟

فقالت: فعل الله به وفعل.

فقال لها أبو عبد الله (عليه السلام): أما إنك إن بقيت على هذا لم تعيشي إلا ثلاثة أيام.

قالت: والله، ما أبالي ألا أراه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للزوج: خذ بيدها، فليس بينك وبينها أكثر من ثلاثة أيام.

____________

(1) مدينة المعاجز: 364 / 29.

(2) (أبي) ليس في " ط ".

الصفحة 276 

فلما كان اليوم الثالث دخل علينا الرجل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعلت زوجتك؟

قال: قد والله دفنتها الساعة. قلت: ما كان حالها؟

قال أبو عبد الله (عليه السلام): كانت متعدية عليه، فبتر الله عمرها.(1)

211 / 47 - وروى أحمد بن عبد الله، وكان من أصحاب أبي الجارود، قال: قدم رجل من الكوفة (2) إلى خراسان يدعو الناس إلى ولاية جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، ففرقة صالحت وأجابت، وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة ورعت ووقفت، فخرج من كل فرقة رجل فدخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فكان منهم الذي ذكر أنه (3) تورع ووقف، وقد كان من بعض القوم جارية، فخلا بها الرجل ووقع عليها.

فلما دخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام) كان هو المتكلم، فقال له: أصلحك الله، قدم علينا رجل من أهل الكوفة يدعو الناس إلى ولايتك وطاعتك، فأجاب قوم، وأنكر قوم، وورع قوم ووقفوا.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): من أي الثلاث أنت؟

قال: أنا من الفرقة التي وقفت وورعت.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): أين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية؟

قال: فارتاب الرجل وسكت.(4)

212 / 48 - وروى محمد بن سعيد (5)، عن الإسكاف، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ذات يوم، فدخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا وألطاف، وكان فيما أهدى إليه جراب قديد وجبن، فنثره أبو عبد الله (عليه السلام) بين يديه، ثم قال: خذ هذا

____________

(1) الخرائج والجرائح 2: 611 / 6، مناقب ابن شهرآشوب 4: 224، مدينة المعاجز 395 / 31.

(2) في البصائر: عن الحارث بن حصيرة الأزدي قال: قدم رجل من أهل الكوفة.

(3) في " ط ": ذكرتهم.

(4) بصائر الدرجات: 264 / 5، مدينة المعاجز: 375 / 49.

(5) في " ط ": سعيد، وفي الهداية: عن محمد غلام سعد الإسكاف.

الصفحة 277 

القديد فأطعمه الكلب.

فقال الرجل: والله ما أبليت نصحا.(1)

فقال (عليه السلام): إنه ليس بذكي.

فقال الرجل: اشتريته من رجل مسلم، وذكر أنه ذكي. فرده أبو عبد الله (عليه السلام)، في الجراب، وتكلم عليه بكلام، ثم قال للرجل: قم فأدخله البيت، وضعه في زاوية. ففعل.

قال: فسمع الرجل القديد يقول: يا عبد الله (2)، ليس مثلي تأكله أولاد الأنبياء، إني لست بذكي. فحمل الرجل الجراب وخرج إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: ما قال لك؟ قال: أخبرني أنه غير ذكي. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما علمت يا هارون، أنا نعلم ما لا يعلم الناس؟! قلت: بلى، جعلني الله فداك. (3) وخرج الرجل، وخرجت معه حتى مر على كلب، فألقاه بين يديه، فأكله الكلب كله.(4)

213 / 49 - حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا علي بن محمد بن أحمد المصري، قال: حدثنا محمد بن أبي أحمد بن عياض (5) بن أبي شيبة، قال: حدثني جدي عياض بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: سمعت الليث بن سعد يقول: حججت في سنة ثلاث عشرة ومائة، فأتيت مكة، فلما أن صليت العصر رقيت أبا قبيس، فإذا أنا برجل جالس وهو يدعو، فقال: يا رب، يا رب، حتى انقطع النفس.

ثم قال: يا رباه، يا رباه، حتى انطفأ نفسه.

ثم قال: يا الله، يا الله، حتى انطفأ نفسه.

____________

(1) في الهداية: ما أتيتك إلا ناصحا. والظاهر صوابه.

(2) في النسخ: يا أبا عبد الله، وما أثبتناه من المصادر.

(3) زاد في الهداية: فعلمت أن اسم الرجل هارون.

(4) الهداية الكبرى: 250، الخرائج والجرائح 2: 606 / 1، مناقب ابن شهرآشوب 4: 222، الصراط المستقيم 2: 187 / 9.

(5) في " ع ": محمد بن أحمد بن عباس.

الصفحة 278 

ثم قال: يا حي، يا حي، حتى انطفأ نفسه.

ثم قال: يا رحيم يا رحيم، حتى انطفأ نفسه.

ثم قال: يا رحمن يا رحمن، سبع مرات.

ثم قال: اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه، اللهم إن بردي قد أخلقا فاكسني.

قال الليث بن سعد: والله، ما استتم الكلام حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا، وليس على الأرض عنب يومئذ، وبردين مصبوغين، فأراد أن يأكل فقلت له: أنا شريكك. فقال: ولم؟

فقلت: إنك كنت تدعو وأنا أومن.

فقال: تقدم فكل، ولا تخبئ منه شيئا: فأكلت شيئا لم آكل مثله قط، وإذا هو عنب لا عجم له، فأكلت وأكل حتى انصرفنا عن ري، والسلة لم تنقص شيئا.

ثم قال لي: خذ أحد البردين إليك.

فقلت: أما البردان فأنا غني عنهما.

فقال لي: توار عني حتى ألبسهما. فتواريت عنه، فاتزر بأحدهما وارتدى الآخر، ثم أخذ البردين الذين كانا عليه فحملهما على يده ونزل، واتبعته حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقام له: أكسني كساك الله يا بن رسول الله. فدفعهما إليه، فلحقت الرجل، فقلت: من هذا؟

قال: هذا جعفر بن محمد.

قال الليث بن سعد: فطلبته لأسمع منه فلم أجده.(1)

214 / 50 - وروى جميل بن دراج، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخلت عليه امرأة، فذكرت أنها تركت ابنها وقد لفته بالملحفة على وجهه ميتا.

فقال لها: لعله لم يمت، فقومي واذهبي إلى بيتك واغتسلي، وصلي ركعتين،

____________

(1) مناقب ابن شهرآشوب 4: 232، صفة الصفوة 2: 173، تذكرة الخواص: 345، كشف الغمة 2: 160، الصواعق المحرقة: 203.

الصفحة 279 

وادعي (1) وقولي: يا من وهبه لي ولم يكن شيئا، جدد ما وهبته لي، ثم حركيه، ولا تخبري بذلك أحدا.

قال: ففعلت، وجاءت فحركته، فإذا هو يبكي (2).

215 / 51 - وروى عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو محمد، عن يزيد، عن داود بن كثير الرقي، قال: حج رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: فداك أبي وأمي، إن أهلي قد توفيت، وبقيت وحيدا. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فكنت تحبها؟ قال: نعم.

قال: ارجع إلى منزلك، فإنك سترجع إلى المنزل وهي تأكل، قال: فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي وجدتها قاعدة وهي تأكل.(3)

216 / 52 - وروى محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة، فالتفت عن يساره، فإذا كلب أسود، فقال: مالك، قبحك الله؟! ما أشد مسارعتك؟! وإذا هو شبيه بالطائر، فقلت: ما هذا، جعلني الله فداك؟

فقال: هذا عثم - بريد الجن - مات هشام الساعة، وهو يطير ينعى به في كل بلد.(4)

217 / 53 - وروى محمد بن عبد الله العطار، عن محمد بن الحسن يرفعه إلى معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إني لواقف يوما خارجا من المدينة، وكان يوم التروية، فدنا مني رجل فناولني كتابا طينه رطب، والكتاب من أبي عبد الله (عليه السلام) وهو بمكة حاج، ففضضته وقرأته فإذا فيه: إذا كان غدا أفعل كذا وكذا. ونظرت إلى

____________

(1) كذا في البصائر، وفي النسخ: واجزعي.

(2) في " ع، م ": بكى.

بصائر الدرجات: 292 / 1، مناقب ابن شهرآشوب 4: 239، الثاقب في المناقب: 395 / 321.

(3) بصائر الدرجات: 294 / 5، مناقب ابن شهرآشوب 4: 239، الثاقب في المناقب: 396 / 323.

(4) بصائر الدرجات: 116 / 4، الكافي 6: 553 / 8، الخرائج والجرائح 2: 855 / 71، كشف الغمة 2: 192.

الصفحة 280 

الرجل لأسأله متى عهدك به، فلم أر شيئا. فلما قدم أبو عبد الله (عليه السلام) سألته عن ذلك، فقال: ذلك من شيعتنا، من مؤمني الجن، إذا كانت لنا الحاجة المهمة أرسلناهم فيها.(1)

218 / 54 - وروى إبراهيم بن إسحاق (2)، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: علينا عين؟

فالتفتنا يمنة ويسرة، فلم نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين. فقال: ورب الكعبة، ورب البيت، ورب القرآن، لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر إنما أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).(3)

219 / 55 - وروى محمد بن علي، عن عمه محمد بن خالد، عن جده، قال:

كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ليلة من الليالي، ولم يكن عنده أحد غيري، فمد رجله في حجري، فقال: اغمزها. فغمزت رجله، فنظرت إلى اضطراب في عضلة ساقه، وأردت أن أسأله، فابتدأني فقال: لا تسألني في هذه الليلة عن شئ، فإني لست أجيبك.(4)

220 / 56 - وروى محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن يزيد بن إسحاق، عن ابن مسلم، عن عمر (5) بن يزيد، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو مضطجع ووجهه إلى الحائط، فقال لي حين دخلت عليه: يا عمر، اغمز رجلي.

فقعدت أغمز رجله، فقلت في نفسي، أسأله عن عبد الله وموسى، أيهما الإمام؟ فحول

____________

(1) مدينة المعاجز: 396 / 134.

(2) في النسخ: إبراهيم بن هاشم، وهو سهو صوابه ما في المتن من الكافي، وهو إبراهيم بن إسحاق الأحمري راوي كتابي عبد الله بن حماد وكثيرا من أحاديثه، راجع رجال النجاشي: 19 و 218 ومعجم رجال الحديث 1: 206 و 10: 174.

(3) الكافي 1: 203 / 1.

(4) بصائر الدرجات: 255 / 1، مدينة المعاجز: 378 / 61.

(5) في " ع، م ": عمرو، وكذا في الموضع الآتي، انظر معجم رجال الحديث 13: 60 و 132.

الصفحة 281 

وجهه إلي ثم قال: والله، لا أجيبك.(1)

221 / 57 - وروى أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، قال: اختلف في جابر بن يزيد الجعفي وعجائبه وأحاديثه، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عنه، فابتدأني من غير أن أسأله فقال: رحم الله جابر بن يزيد الجعفي فإنه كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة بن سعيد، فإنه كان يكذب علينا.(2)

222 / 58 - وروى محمد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن شهاب بن عبد ربه، قال: أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) [أسأله، فابتدأني فقال] (2): يا شهاب، إن شئت سل، وإن شئت أخبرناك بما جئت له.

فقلت: أخبرني، جعلت فداك.

قال: جئت تسألني عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فتصيب الماء يده.

فقلت: ما جئت إلا له.

فقال: نعم، ليس به بأس.(4)

223 / 59 - وروى أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي أسامة، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا زيد، كم أتى عليك من سنة؟

قلت: جعلت فداك، كذا وكذا سنة.

فقال: يا أبا أسامة، جدد عبادة ربك، وأحدث توبة. فبكيت، قال: ما يبكيك يا زيد؟ قلت: نعيت إلي نفسي.

فقال: يا زيد، أبشر فإنك من شيعتنا، وأنت في الجنة.(5)

____________

(1) بصائر الدرجات: 255 / 2، الثاقب في المناقب: 403 / 332، كشف الغمة 2: 194، مدينة المعاجز: 378 / 61.

(2) بصائر الدرجات: 258 / 12، رجال الكشي: 191 / 336.

(3) من البصائر.

(4) بصائر الدرجات: 256 / 3 نحوه، و: 258 / 13 قطعة منه، مدينة المعاجز: 379 / 62.

(5) بصائر الدرجات: 284 / 8، مناقب ابن شهرآشوب 4: 223.

الصفحة 282 

224 / 60 - وروى الحسن بن علي، عن الصباح (1)، عن زيد الشحام، قال:

دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا زيد، (2) جدد عبادة (3)، وأحدث توبة.

قال: قلت: نعيت إلي نفسي، جعلت فداك.

قال: يا زيد، ما عندنا خير لك، وأنت من شيعتنا.

فقلت: كيف لي أن أكون من شيعتكم؟

قال: فقال لي: أنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا، والله لأنا أرحم بكم منكم بأنفسكم، كأني أنظر إليك ورفيقك (4) في درجتك في الجنة.(5)

225 / 61 - وروى محمد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن عيسى الفراء، عن مالك الجهني، قال: كنت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) فوضعت يدي على خدي فقلت: لقد عظمك الله وشرفك.

فقال: يا مالك، الأمر أعظم مما تذهب إليه.(6)

226 / 62 - وروى محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: حججت مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما كنا في الطواف قلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله، يغفر الله لهذا الخلق؟

فقال: يا أبا بصير، إن أكثر من ترى قردة وخنازير.

قال: قلت له: أرنيهم.

قال: فتكلم بكلمات، ثم أمر يده على بصري، فرأيتهم كما قال، قلت: رد علي بصري، فرأيتهم كما رأيتهم في المرة الأولى.

____________

(1) في البصائر: أبي الصباح، وفي رجال الكشي: محمد بن الوضاح.

(2) زاد في " ع ": ما عندنا خير لك.

(3) في " ط " زيادة: ربك.

(4) في رجال الكشي: ورفيقك فيها الحارث بن المغيرة النصري، وانظر رجال النجاشي: 139.

(5) بصائر الدرجات: 285 / 15، رجال الكشي: 337 / 619.

(6) بصائر الدرجات: 260 / 18، مدينة المعاجز: 380 / 67.

الصفحة 283 

فقال: يا أبا محمد، أنتم في الجنة تحبرون (1)، وبين أطباق النار تطلبون فلا توجدون، والله، لا يجتمع منكم ثلاثة (2)، لا والله ولا اثنان، لا والله ولا واحد.(3)

227 / 63 - وروى أحمد بن محمد، عن العباس، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): تريد أن تنظر بعينك إلى السماء؟ قال: فمسح يده على عيني، فنظرت إلى السماء.(4)

228 / 64 - وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: تجسست (5) جسد أبي عبد الله (عليه السلام) ومناكبه، قال: فقال لي: يا أبا محمد، تحب أن تراني. فقلت: نعم، جعلت فداك، فمسح يده على عيني، فإذا أنا بصير أنظر إليه.

فقال: يا أبا محمد، لولا شهرة الناس لتركتك بصيرا على حالتك، ولكن لا يستقيم. قال: ثم مسح يده على عيني فإذا أنا كما كنت.(6)

229 / 65 - وروى أحمد بن محمد، عن أحمد (7) بن يوسف، عن علي بن داود الحذاء، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام عنده، يهدر الذكر على الأنثى، فقال: تدري ما يقول؟ قلت: لا.

قال: يقول: يا سكني وعرسي، ما خلق الله خلقا أحب إلي منك، إلا أن يكون جعفر بن محمد.(8)

230 / 66 - وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، عن أبي جعفر محمد بن

____________

(1) أي تنعمون وتكرمون وتسرون " مجمع البحرين - حبر - 3: 256 ".

(2) في " ع، م ": مائة.

(3) بصائر الدرجات: 290 / 4.

(4) بصائر الدرجات: 290 / 5.

(5) الجس: اللمس باليد " لسان العرب - جسس - 6: 38 ".

(6) بصائر الدرجات: 291 / 7.

(7) في النسخ: محمد، تصحيف صوابه ما في المتن، انظر البصائر ومعجم رجال الحديث 2: 365.

(8) بصائر الدرجات: 362 / 4، الاختصاص: 293.

الصفحة 284 

علي بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان (1)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت معه في طريق الحج، فنزلنا بشراف (2)، فإذا نحن بغراب ينعق في وجهه، فقال له: مت جوعا، فبالله ما تعلم شيئا إلا نحن نعلمه، ونحن أعلم بالله منك.

ثم قال: إنه يقول: سقطت ناقة بعرفات.(3)

231 / 67 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الكاتب، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: أخبرنا أحمد بن مدبر (4)، عن محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي بصير، قال:

كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فركض (5) الأرض برجله، فإذا بحر وفيه سفن من فضة. قال: فركب وركبت معه، حتى انتهى إلى موضع فيه خيم من فضة، فدخلها، ثم خرج فقال لي: رأيت الخيمة التي دخلتها أولا؟ قلت: نعم.

قال: تلك خيمة رسول الله، والأخرى خيمة أمير المؤمنين، والثالثة خيمة فاطمة، والرابعة خيمة خديجة، والخامسة خيمة الحسن، والسادسة خيمة الحسين، والسابعة خيمة جدي، والثامنة خيمة أبي، وهي التي بكيت فيها، والتاسعة خيمتي، وليس أحد منا يموت إلا وله خيمة يكسن فيها.(6)

____________

(1) زاد في البصائر: عن عبد الله بن فرقد، وكلاهما من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، انظر رجال الطوسي:

264 و 265 ومعجم رجال الحديث 10: 275 و 324.

(2) موضع من أعمال المدينة، معجم ما استعجم 3: 788. وفي البصائر: سرف، وهو موضع على ستة أميال من مكة، المصدر السابق 3: 735.

(3) بصائر الدرجات: 365 / 21.

(4) يأتي هذا السند في الحديث (44) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) وفيه: أحمد بن زيد، وفي الاختصاص: 325: أحمد بن المؤدب من ولد الأشتر، عن محمد بن عمار الشعراني.

وفي البصائر: جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن محمد بن عمار، عن أبي بصير.

(5) أي ضرب.

(6) بصائر الدرجات: 425 / 5، نوادر المعجزات: 152 / 20، مدينة المعاجز: 396 / 35.

الصفحة 285 

232 / 68 - وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر (1) بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل اليمن، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا يماني، أفيكم علماء؟ قال: نعم.

قال: فأي شئ يبلغ من علم عالمكم؟

قال: إنه يسير في ليلة واحدة مسير شهرين، ويزجر الطير، ويقفو الأثر.

فقال له: عالم المدينة أعلم من عالمكم، قال له: فأي شئ يبلغ من علم عالم المدينة؟

فقال له: يسير في صباح واحد مسيرة سنة للشمس (2) إذا أمرت (3) فإنها اليوم غير مأمورة، ولكن إذا أمرت تقطع اثني عشر مغربا، واثني عشر مشرقا، واثنتي عشرة شمسا، واثني عشر قمرا، واثني عشر عالما.

قال: فانقطع اليماني، وأمسك أبو عبد الله (عليه السلام) (4).

233 / 69 - وروى محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، [عن عبد الله بن القاسم] (5)، عن حفص الأبيض التمار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) أيام صلب المعلى بن خنيس (رحمه الله)، فقال لي: يا حفص، إني أمرت المعلى بأمر فخالفني فابتلي بالحديد، إني نظرت إليه يوما فرأيته كئيبا حزينا فقلت له: مالي أراك كئيبا حزينا؟

فقال لي: ذكرت أهلي وولدي. فقلت له: ادن مني. فدنا مني فمسحت وجهه

____________

(1) في النسخ: محمد، تصحيف صوابه ما في المتن من البصائر والاختصاص، وذكر في معجم رجال الحديث 13: 10 روايته عن أبان ورواية عبد الله بن القاسم عنه.

(2) في البصائر والاختصاص: كالشمس.

(3) في النسخ: مرت في الموضعين، وما أثبتناه من البصائر والاختصاص.

(4) بصائر الدرجات: 421 / 14، الاختصاص: 318.

(5) أضفناه من رجال الكشي والبصائر، وانظر سند الحديث السابق.

الصفحة 286 

بيدي وقلت له: أين أنت؟ قال: يا سيدي، أنا في منزلي، هذه والله زوجتي وولدي.

فتركته حتى أخذ وطره منهم واستترت منه حتى نال حاجته من أهله وولده، حتى كان منه إلى أهله ما يكون من الزوج إلى المرأة.

ثم قلت له: ادن مني. فدنا، فمسحت وجهه، فقلت له: أين أنت؟ فقال: أنا معك في المدينة، وهذا بيتك.

فقلت له: يا معلى، إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظه الله وحفظ عليه دينه ودنياه.

يا معلى، لا تكونوا أسراء في أيدي الناس بحديثنا، إن شاءوا منوا عليكم، وإن شاءوا قتلوكم.

يا معلى، إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله (1) الله نورا بين عينيه، وأعزه في الناس من غير عشيرة، ومن أذاعه لم يمت حتى يذوق عضة الحديد، وألح عليه الفقر والفاقة في الدنيا حتى يخرج منها، ولا ينال منها شيئا، وعليه في الآخرة غضب، وله عذاب أليم.

ثم قلت له: يا معلى، أنت مقتول فاستعد.(2)

234 / 70 - وروى الحسن بن علي، عن عبيس (3)، عن مروان، عن الحسن ابن موسى الحناط (4)، قال: خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الأحمسي حاجين، فقال عائذ: إن لي حاجة إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، أريد أن أسأله عنها.

قال: فدخلنا عليه، فما جلسنا قال لنا مبتدئا: من أتى الله (عز وجل) بما فرض

____________

(1) في " م، ط ": جعل.

(2) بصائر الدرجات: 423 / 2، نوادر المعجزات: 150 / 18، الاختصاص: 321، رجال الكشي:

378 / 709، مختصر بصائر الدرجات: 98 نحوه، إثبات الهداة 5: 385 / 95.

(3) في نسخ: الحسين بن علي بن عنبس، تصحيف صوابه ما في المتن، وقد روى الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس كتابه النوادر وبعض مروياته، انظر رجال النجاشي: 280، ومعجم رجال الحديث 9: 249، و 11: 95.

(4) في " ع، م " الخياط، انظر رجال الطوسي: 168 ومعجم رجال الحديث 5: 144.

الصفحة 287 

عليه، لم يسأله عما سوى ذلك.

قال: فغمزنا عائذ (1)، فلما نهضنا (2) قلنا: حاجتك؟

قال: الذي سمعت منه، أنا رجل لا أطيق القيام بالليل، فخفت أن أكون مأثوما فأهلك.(3)

235 / 71 - وروى بكر بن محمد الأزدي، عن جماعة من أصحابنا، قال بكر:

خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله (عليه السلام) فلحقنا أبو بصير خارجا من الزقاق وهو جنب، ونحن لا نعلم، حتى دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام)، فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال: يا أبا محمد، ألا تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأوصياء؟!

فرجع أبو بصير ودخلنا.(4)

236 / 72 - وروى الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، [عن رجل] (5) من أهل دارسما (6)، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فودعته عند الخروج، فخرجت من عنده، ثم ذكرت حاجة لي، فرجعت والبيت غاص بأهله، وأردت أن أسأله عن أكل بيض ديوك (7) الماء، فلما أبصرني قال لي: ما حل - يعني: لا تأكل فإنه لا يحل - بالنبطية (8).

____________

(1) في " ع، م ": فغمزنا على يده.

(2) في " ع، م ": فهمنا.

(3) بصائر الدرجات: 259 / 15، مدينة المعاجز: 379 / 65.

(4) بصائر الدرجات: 261 / 23، الثاقب في المناقب: 410 / 340، مدينة المعاجز: 380 / 72.

(5) من البصائر.

(6) كذا في النسخ، وفي البصائر: بيرما، وفي نسخة قديمة منه: دير بيرما، ولم نجد أيا منها بهذا الضبط، فلعلها تصحيف: بئر أرما، بيرحا، داريا، دير برصوما، دير بني مرينا. انظر معجم البلدان 1: 298 و 524 و 2: 500 و 501.

وفي المناقب: دوين، انظر بشأنها معجم البلدان 2: 491.

(7) كذا في البصائر والمناقب، وفي النسخ: نهول.

(8) في البصائر: فقال لي: يا تب - يعني البيض - دعانا حينا - يعني ديوك الماء - بناحل - يعني لا تأكل.

بصائر الدرجات: 354 / 6، مدينة المعاجز: 389 / 100، ونحوه في الخرائج والجرائح 2: 752 / 68، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 218.

 

 

الصفحة 288 

237 / 73 - وروى أحمد بن الحسين، عن الحسين بن الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: حدثني رجل من أهل جسر بابل، قال: كان في قرية رجل يؤذيني ويقول لي: يا رافضي، ويشتمني، وكان يلقب بقرد القرية.

قال: فحججت سنة بعد ذلك، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي ابتداء: (قوفة ما نامت). (1) فقلت: جعلت فداك: متى؟ قال: الساعة.

فكتبت ذلك اليوم وتلك الساعة، فلما قدمت الكوفة تلقاني أخي فسألته: من مات؟ ومن بقي؟

فقال: (قوفة ما نامت). وهي كلمة بالنبطية يقول: قرد القرية مات، فقلت:

متى؟

قال لي: يوم كذا وكذا، في وقت كذا وكذا. كما (2) أخبرني به أبو عبد الله (عليه السلام).(3)

238 / 74 - وروى أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن الحسن (4)، عن يونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة (5): قالوا جميعا: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: إن عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها، ولو شئت أن أقول (6) بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من اللجين والعقيان (7).

قال: فقال بإحدى رجليه، فخطها في الأرض خطا، فانفجرت الأرض، ثم قال

____________

(1) في " م ": قرية مات، في الموضعين. وفي " ط ": قرد القرية مات، في الموضعين أيضا.

(2) في " ع ": الذي.

(3) بصائر الدرجات: 354 / 7، الخرائج والجرائح 2: 752 / 69، الثاقب في المناقب: 413 / 347، مدينة المعاجز: 390 / 101.

(4) في الحديث (93) عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل من أصحابنا، عن الحسين بن أحمد المنقري.

(5) في " ع، م ": والحسن بن موسى بن أبي ناجية. وهو تصحيف، انظر رجال النجاشي: 55 ومعجم رجال الحديث 5: 206.

(6) أي أشير.

(7) ذهب متكاثف في مناجمه، خالص مما يختلط به من الرمال والحجارة " المعجم الوسيط 2: 618 ".

الصفحة 289 

بيده، فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر، فتناولها، ثم قال: انظروا في الأرض. فإذا سبائك كثيرة، بعضها على بعض تتلألأ.

فقال بعضنا: جعلت فداك، أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم محتاجون؟!

فقال: إن الله (عز وجل) سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة، ويدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم.(1)

239 / 75 - وروى أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حماد ابن عثمان (2)، عن المعلى بن خنيس، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: مالي أراك كئيبا حزينا؟

فقلت: بلغني عن العراق وما أصاب أهله من الوباء، فذكرت عيالي وداري ومالي هناك.

فقال: أيسرك أن تراهم؟

فقلت: إي والله، إنه ليسرني ذلك.

قال: فحول وجهك نحوهم. فحولت وجهي، فمسح بيده على وجهي، فإذا داري وأهلي وولدي ممثلة بين يدي نصب عيني.

قال: فقال: ادخل دارك. فدخلتها حتى نظرت إلى جميع ما فيها من عيالي ومالي (3)، ثم بقيت ساعة حتى مللت منهم، ثم خرجت، قال لي: حول وجهك فحولت وجهي، فنظرت فلم أر شيئا.(4)

240 / 76 - وروى أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن

____________

(1) بصائر الدرجات: 394 / 1، الكافي 1: 394 / 4، إثبات الوصية: 157، الاختصاص: 269، عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهرآشوب 4: 244، يأتي مثله. الحديث (93).

(2) في النسخ: أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن يسار، عن حماد بن عيسى، وهو تصحيف، والصواب ما في المتن من البصائر والاختصاص وهم: أحمد بن الحسين بن سعيد، والحسين يروي كثيرا عن محمد بن سنان، الذي يروي بدوره عن حماد بن عثمان، راجع معجم رجال الحديث 5: 247 و 6: 218 و 18: 236.

(3) في " ط ": وولدي.

(4) بصائر الدرجات: 426 / 8، الاختصاص: 323، مدينة المعاجز: 360.

الصفحة 290 

سنان (1)، عن زياد بن أبي الحلال، عن جابر، قال: سمعته يقول... وسمعت منه أحاديث اضطربت منها وضعفت نفسي ضعفا شديدا، فقلت: والله، إن السراج لقريب، وإني عليه لقادر.

فابتعت قلوصا (2) وخرجت عليه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما وصلت طلبت الإذن، فأذن لي، فلما نظر إلي قال: رحم الله جابرا كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة كان يكذب.

قال: ثم قال: إن فينا روح رسول الله (صلى الله عليه وآله).(3)

241 / 77 - حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن شهاب بن عبد ربه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف أنت إذا نعاني إليك محمد بن سليمان؟

قال: فلم أعرف محمد بن سليمان (4) من هو.

قال: فإني يوما بالبصرة إذ قال لي محمد بن سليمان بن علي: يا شهاب، عظم الله أجرك.

قال: قلت: ومن ذاك أصلح الله الأمير؟! قال: جعفر بن محمد (عليه السلام).

قال: فذكرت قول أبي عبد الله (عليه السلام) فخنقتني العبرة، وقمت.(5)

242 / 78 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن

____________

(1) في النسخ: يسار، وهو تصحيف، حيث روى الحسين بن سعيد كثيرا عن محمد بن سنان وروى الأخير عن زياد بن أبي الحلال، راجع معجم رجال الحديث 16: 138.

(2) القلوص: الناقة الشابة " مجمع البحرين - قلص - 4: 181 ".

(3) بصائر الدرجات: 479 / 4، مناقب ابن شهرآشوب 4: 219، مدينة المعاجز: 379 / 63 " نحوه "، تقدم مثله الحديث (57).

(4) وهو محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، ولي إمارة البصرة في عهد المهدي والرشيد، توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة، راجع ترجمته في تاريخ بغداد 5: 291، سير أعلام النبلاء 8: 240.

(5) إعلام الورى: 276 " نحوه "، مناقب ابن شهرآشوب 4: 222، مدينة المعاجز: 409 / 196.

الصفحة 291 

النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله (1) بن الحسن، عن الحسن بن هارون، قال: كنت بالمدينة، فكنت آتي موضعا أسمع فيه غناء جيران لنا، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي ابتداء منه: * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) * (2) يسأل السمع عما سمع، والبصر عما أبصر، والفؤاد عما عقد عليه.(3)

243 / 79 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال:

حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسائي، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي الشيخ الصالح (4)، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، قال: دخل أبو موسى البناء على أبي عبد الله (عليه السلام) في نفر من أصحابنا، فقال لهم أبو عبد الله (عليه السلام): احتفظوا بهذا الشيخ. قال: فذهب على وجهه في طريق مكة فلم ير بعد.(5)

244 / 80 - وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن حسان، عن جعفر ابن هارون الزيات، قال: كنت أطوف بالكعبة وأبو عبد الله (عليه السلام) في الطواف، فنظرت إليه فحدثت نفسي فقلت: هذا حجة الله؟! وهذا الذي لا يقبل الله شيئا إلا بمعرفته؟! قال: فإني في هذا متفكر إذ جاءني أبو عبد الله (عليه السلام) من خلفي، فضرب بيده على منكبي، ثم قال: * (أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر) * (6).

ثم جازني.(7)

____________

(1) في " ع، م ": عبيد، وفي " ط ": عبيد الله، والصحيح ما في المتن، روى عن الحسن بن هارون، وروى عنه يحيى بن عمران الحلبي، انظر معجم رجال الحديث 10: 157.

(2) الاسراء 17: 36.

(3) نوادر المعجزات: 152 / 19.

(4) في " ط ": الصدوق.

(5) رجال الكشي: 310 / 561، مدينة المعاجز: 396 / 136.

(6) القمر 54: 24.

(7) بصائر الدرجات: 260 / 21، مدينة المعاجز: 396 / 137.

الصفحة 292 

245 / 81 - وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن، عن أبي حران، عن يونس بن يعقوب، عن عمر (1)، قال: أقبلت من مكة حتى انتهيت إلى الحفيرة - دون المدينة نحو من بريد - فسرقت زاملتي (2) وأخذ ما فيها، وكان لأبي عبد الله (عليه السلام) فيها سبعمائة درهم، فلحقنا صاحب المدينة فقال: سرقت زاملتك وأخذ ما فيها؟ قلت: نعم.

قال: فإذا قدمت المدينة فائتنا [حتى أعوضك] (3). قلت: نعم.

فقدمت، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا عمر، سرقت زاملتك وأخذ ما فيها؟ فقلت: نعم.

فقال: ما آتاك الله خير مما أخذ منك، وقال لك صاحب المدينة: ائتنا؟ قلت:

نعم.

قال: فائته، فإنه الذي دعاك إلى ذا، ولم تطلب ذلك أنت.

ثم قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذهبت ناقته فقال الناس: يأتينا بخبر السماء ولا يدري أي موضع ناقته؟! فنزل جبرئيل فأخبره أنها في موضع كذا وكذا، ملفوف زمامها بشجرة كذا وكذا.

فخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما آتاني الله خير من ناقتي، وإن ناقتي في موضع كذا وكذا، ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا. فذهب المسلمون فوجدوها كذلك (4).

246 / 82 - وعنه، عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت مع أبي بصير ومعنا شعيب

____________

(1) في النسخ: عثمان، وهو تحريف، والصواب ما في المتن كما يأتي في أثناء الحديث، والكافي، وهو عمر بن عيسى أخو عذافر، انظر معجم رجال الحديث 13: 9 و 49.

(2) الزاملة: مؤنث الزامل، ما يحمل عليه من الإبل وغيرها " المعجم الوسيط 1: 401 ".

(3) أثبتناه من الكافي ومدينة المعاجز.

(4) في " ط ": هنالك، نحوه في الكافي 8: 221 / 278، ومدينة المعاجز: 424 / 262.

الصفحة 293 

العقرقوفي. قال: فأخرج إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مالا فوضعه بين يديه، وقال له:

جعلت فداك، لك منه كذا وكذا من الزكاة.

قال: فضرب أبو عبد الله (عليه السلام) بيده إليه وقال: هذا لي، وهذا ليس لي.

قال: فلما خرجنا قال أبو بصير لشعيب: يا عقرقوفي، أعطيت الليلة آية عظيمة.(1)

247 / 83 - وعنه، قال: حدثنا الحسن بن فضال، قال: أخبرني علي بن أبي حمزة، قال: خرجت بأبي بصير أقوده إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال، فقال لي: لا تكلم ولا تقل شيئا.

قال: فانتهيت به إلى الباب فتنحى أبو بصير، فسمعنا أبو عبد الله (عليه السلام) يقول: فلانة، افتحي (2) لأبي محمد.

قال: فدخلنا والسراج بين يديه، وإذا سفط بين يديه مفتوح. قال: فوقعت علي الرعدة، فجعلت ارتعد.

قال: فرفع رأسه (3) فقال: أبزاز أنت؟ قلت: نعم، جعلني الله فداك. قال: فرمى إلي بملاءة قوهية (4) كانت على المرفقة، قال: اطو هذه. قال: فطويتها، قال: ثم قال: أبزاز أنت؟

وهو ينظر في الصحيفة.

قال (5): ما رأيت كما مر بي الليلة، إنا دخلنا وبين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) سفط قد أخرج منه صحيفة ينظر فيها، وكلما نظر فيها أخذتني الرعدة.

قال: فضرب أبو بصير بيده على جبينه، ثم قال: ويحك! ألا أخبرتني؟! فتلك - والله - الصحيفة التي فيها أسامي الشيعة، ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها (6).

248 / 84 - وبإسناده عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله الكناني،

____________

(1) مدينة المعاجز: 396 / 138.

(2) في " ط " زيادة: الباب.

(3) زاد في البصائر: إلي.

(4) ضرب من الثياب بيض منسوبة إلى قوهستان " لسان العرب - قوه - 13: 532 ".

(5) زاد في البصائر: فازددت رعدة، فقال: فلما خرجنا قلت.

(6) بصائر الدرجات: 192 / 5، مدينة المعاجز: 396 / 140.

الصفحة 294 

عن موسى بن بكر، قال: حدثني بشير النبال، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ استأذن عليه رجل، فدخل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أنقى ثيابك!

فقال: جعلت فداك، هي لباس بلدنا.

ثم قال: لقد جئتك بهدية. فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): هدية؟ قال: نعم.

قال: فدخل غلام معه جراب فيه ثياب، فوضعه، ثم تحدث ساعة ثم قام، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن بلغ الوقت وصدق الوصف، فهو صاحب الرايات السود من خراسان، يا قانع، انطلق فاسأله: ما اسمك - لوصيف قائم على رأسه -.

قال: فلحقه فقال له: أبو عبد الله يقول لك: ما اسمك قال: عبد الرحمن (1).

قال: فرجع الغلام، فقال: أصلحك الله يقول: اسمي عبد الرحمن.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): عبد الرحمن، والله - ثلاث مرات - هو ورب الكعبة.

قال بشير: فلما قدم أبو مسلم الكوفة جئت فنظرت إليه، فإذا هو الرجل الذي دخل علينا.(2)

249 / 85 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال:

أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني محمد بن علي، عن إدريس، عن عبد الرحمن، عن داود بن كثير الرقي، قال: أتيت المدينة فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما استويت في المجلس بكيت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

ما يبكيك يا داود؟ فقلت: يا بن رسول الله، إن قوما يقولون لنا: لم يخصكم الله بشئ سوى ما خص به غيركم، ولم يفضلكم بشئ سوى ما فضل به غيركم.

فقال: كذبوا الملاعين. قال: ثم قام فركض الدار برجله، ثم قال: كوني بقدرة الله. فإذا سفينة من ياقوتة حمراء، وسطها درة بيضاء، وعلى أعلى السفينة راية خضراء،

____________

(1) وهو عبد الرحمن بن مسلم، أبو مسلم الخراساني، انظر وفيات الأعيان 3: 145، تاريخ بغداد 10: 207، سير أعلام النبلاء 6: 48.

(2) الخرائج والجرائح 2: 645 / 54، مدينة المعاجز: 396 / 141، ونحوه في إثبات الوصية: 158، وإعلام الورى: 279، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 229.

الصفحة 295 

عليها مكتوب " لا إله إلا الله، محمد رسول الله (1)، يقتل القائم الأعداء، ويبعث المؤمنون، وينصره الله بالملائكة ". وإذا في وسط السفينة أربع كراسي من أنواع الجواهر، فجلس أبو عبد الله (عليه السلام) على واحد، وأجلسني على واحد، وأجلس موسى على واحد، وأجلس إسماعيل على واحد، ثم قال: سيري على بركة الله (عز وجل). فسارت في بحر عجاج، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فسرنا بين جبال الدر والياقوت، حتى انتهينا إلى جزيرة، وسطها قباب من الدر الأبيض، محفوفة بالملائكة، ينادون: مرحبا مرحبا يا بن رسول الله، فقال: هذه قباب الأئمة من آل محمد، ومن ولد محمد (صلى الله عليه وآله)، كلما افتقد واحد منهم أتى هذه القباب، حتى يأتي الوقت الذي ذكره الله (عز وجل) في كتابه: * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (2).

قال: ثم ضرب يده إلى أسفل البحر، فاستخرج منه درا وياقوتا، فقال: يا داود، إن كنت تريد الدنيا فخذها. فقلت: لا حاجة لي في الدنيا يا بن رسول الله. فألقاه في البحر، ثم استخرج من رمل البحر، فإذا مسك وعنبر واشتمه واشتممناه، ثم رمى به في البحر.

ثم نهض فقال: قوموا حتى تسلموا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعلى أبي محمد الحسن بن علي، وعلى أبي عبد الله الحسين بن علي، وعلى أبي محمد علي بن الحسين، وعلى أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام).

فخرجنا حتى انتهينا إلى قبة وسط القباب، فرفع جعفر (عليه السلام) الستر فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) جالس، فسلمنا عليه، ثم أتينا قبة الحسن بن علي، فسلمنا عليه، فخرجنا، ثم أتينا قبة الحسين بن علي فسلمنا عليه، وخرجنا، ثم أتينا قبة علي بن الحسين، فسلمنا عليه، فخرجنا. ثم أتينا قبة محمد بن علي، فسلمنا عليه، وخرجنا.

ثم قال: انظروا على يمين الجزيرة. فإذا قباب لا ستور عليها (3)، قال: هذه لي

____________

(1) في النوادر زيادة: علي ولي الله.

(2) الاسراء 17: 6.

(3) في النوادر زيادة: فقلت: يا بن رسول الله، ما بال هذه القباب لا ستور عليها؟

الصفحة 296 

ولمن يكون من بعدي من الأئمة.

ثم قال: انظروا إلى وسط الجزيرة. [فنظرنا فإذا فيها أرفع ما يكون من القباب ووسطها سرير، فقال:] (1) هذه للقائم من آل محمد (عليه السلام). ثم قال: ارجعوا. فرجعنا، ثم قال: كوني بقدرة الله (عز وجل). فإذا نحن في مجلسنا كما كنا (2).

250 / 86 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال:

حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسائي، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن عبد الله ابن النجاشي، قال: أصاب جبة لي (3) نضح من بول، فشككت فيه فغسلتها في ماء في ليلة باردة، فلما دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ابتدأني فقال: إن الفرو (4) إذا غسلته بالماء فسد.(5)

251 / 87 - حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبو النجم بدر ابن عمار الطبرستاني، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الشلمغاني قال: روى رفاعة بن موسى، قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأقبل أبو الحسن (عليه السلام) وهو صغير السن، فأخذه ووضعه في حجره، فقبل رأسه، ثم قال: يا رفاعة، أما إنه سيصير في أيدي بني مرداس (6)، ويتخلص منهم، ثم يأخذونه ثانية فيعطب (7) في أيديهم.(8)

252 / 88 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثني أبو

____________

(1) أثبتناه من النوادر.

(2) نوادر المعجزات: 146 / 15، مدينة المعاجز: 373 / 42.

(3) زاد في " ط ": فراء.

(4) في " ط ": الفراء.

(5) بصائر الدرجات: 262 / 26.

(6) في كشف الغمة: آل العباس.

(7) العطب: الهلاك " لسان العرب - عطب - 1: 610 ".

(8) إثبات الوصية: 162، كشف الغمة 2: 192، مدينة المعاجز: 397 / 142.

الصفحة 297 

علي محمد بن همام قال: حدثني أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، قال:

حدثني أبي، عن الحسن بن علي الحراني، عن محمد بن حمران، عن داود بن كثير الرقي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حدثني عن القوم.

فقال: الحديث أحب إليك أم المعاينة؟ فقلت: المعاينة.

فقال لأبي الحسن موسى (عليه السلام): انطلق فائتني بالقصبة. فأتى بها (1)، فضرب بها (2) الأرض ضربة، فانشقت عن بحر أسود، فضربها، فانفتحت عن باب، فإذا بهم ووجوههم مسودة، وأعينهم مزرقة، وكل واحد منهم مشدود إلى جنب صخرة، موكل بكل واحد منهم ملك، وهم ينادون، والملائكة تضرب وجوههم، ويقولون: كذبتم ليس لكم محمد.

فقلت: جعلت فداك، من هؤلاء؟

فقال: ابن الجمل (3) وزفر ونعثل واللعين. ثم قال: انطبق عليهم إلى الوقت.(4)

253 / 89 - وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه لما خرج من عند المنصور نزل الحيرة، فبينا هو بها إذ أتاه الربيع (5) فقال: أجب أمير المؤمنين. فركب إليه وقد كان وجد في الصحراء صورة عجيبة لا يعرف خلقتها، ذكر من وجدها أنه رآها وقد سقطت مع المطر.

فلما دخل عليه قال له: يا أبا عبد الله، أخبرني عن الهواء، أي شئ فيه؟ فقال:

بحر مكفوف.

قال له: فله سكان؟ قال: نعم.

____________

(1، 2) في " ع، م ": به، وهو صحيح بناء على نسخة النوادر التي فيها: فائتني بالقضيب.

(3) في النوادر: أبو جهل.

(4) نوادر المعجزات: 148 / 16.

(5) وهو الربيع بن يونس أحد وزراء أبي جعفر المنصور، وكان أول أمره حاجبه ومولاه، مات أول سنة سبعين ومائة، انظر تاريخ بغداد 8: 414، الجوهر الثمين 1: 118.

الصفحة 298 

قال: وما سكانه؟

قال: خلق، أبدانهم أبدان الحيتان، ورؤوسهم رؤوس الطير، ولهم أعرفة كأعرفة الديكة، ونغانغ كنغانغ الديكة، وأجنحة كأجنحة الطير، من ألوان أشد بياضا من الفضة.

فدعا المنصور بالطست، فإذا الخلق فيها لا يزيد ولا ينقص، فأذن له فانصرف.

ثم قال للربيع: ويلك (1) يا ربيع! هذا الشجا المعترض (2) في حلقي من أعلم الناس.(3)

254 / 90 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن علي، عن إدريس، عن عبد الرحمن، عن داود بن كثير الرقي، قال: خرجت مع أبي عبد الله (عليه السلام) إلى الحج، فلما كان أوان الظهر قال لي في أرض قفر: يا داود، قد كانت الظهر، فاعدل بنا عن الطريق حتى تأخذ أهبة الظهر. فعدلنا عن الطريق، ونزل في أرض قفر لا ماء فيها، فركضها برجله، فنبعت لنا عين ماء (4)، كأنها قطع الثلج، فتوضأ وتوضأت، وصلينا.

فلما هممنا بالمسير التفت، فإذا بجذع نخلة، فقال: يا داود، أتحب أن أطعمك منه رطبا؟ فقلت: نعم. فضرب بيده إليه، ثم هزه فاخضر من أسفله إلى أعلاه، ثم جذبه الثانية، فأطعمني منه اثنين وثلاثين نوعا من أنواع الرطب، ثم مسح بيده عليه فقال: عد جذعا بإذن الله. فعاد كسيرته الأولى.(5)

255 / 91 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، قال: أخبرني أبو جعفر

____________

(1) في " ع ": ويحك.

(2) في " ع، م ": الشئ المفروض.

(3) إثبات الوصية: 159، عيون المعجزات: 88، الخرائج والجرائح 2: 640 / 47، كشف الغمة 2: 196، مدينة المعاجز: 406 / 183.

(4) في " ع، م " زيادة: من ماء.

(5) عيون المعجزات: 86، مناقب ابن شهرآشوب 4: 241.

الصفحة 299 

محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (1)، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد النيسابوري الحذاء (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عمرو ابن محمد الرازي الكاتب، قال: حدثنا محمد بن الحسن السراج، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان، عن الربيع، قال:

وجه المنصور... وجاء بالخبر على السياقة.

وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن هذيل، عن محمد بن سنان، قال: وجه المنصور إلى سبعين رجلا من أهل كابل، فدعاهم فقال لهم: ويحكم! إنكم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم أيام موسى، وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وأن أبا عبد الله جعفر ابن محمد ساحر مثلكم، فاعملوا شيئا من السحر، فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة، والمال الجزيل.

فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور، وصوروا له سبعين صورة من صور السباع، لا يأكلون ولا يشربون، وإنما كانت صورا، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره، ووضع إكليله على رأسه، ثم قال لحاجبه: ابعث إلى أبي عبد الله.

فقام فدخل عليه، فلما أن نظر إليه وإليهم وما قد استعدوا له، رفع يده إلى السماء، ثم تكلم بكلام، بعضه جهرا وبعضه خفيا، ثم قال: ويحكم! أنا الذي أبطل سحركم.

ثم نادى برفيع صوته: قسورة، خذهم. فوثب كل سبع منها على صاحبه.

____________

(1) كذا في النسخ، ولم تعهد رواية محمد بن هارون عن الشيخ الصدوق، ولم يذكر الحذاء في مشايخ الأخير.

والأرجح أن الصواب هو: أخبرني أبي، إذ روى محمد بن هارون، عن أبيه هارون بن موسى التلعكبري كثيرا كما تقدم ويأتي في أسانيد هذا الكتاب، وذكر الشيخ الطوسي في رجاله: 468 رقم 36 أبو محمد الحذاء هذا وقال:

روى عنه التلعكبري وله منه إجازة.

الصفحة 300 

وافترسه في مكانه، ووقع المنصور من سريره، وهو يقول: يا أبا عبد الله، أقلني، فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا. فقال له: قد أقلتك.

قال: يا سيدي، فرد السباع إلى ما أكلوا (1).

قال: هيهات، إن عادت عصا موسى فستعود السباع.(2)

256 / 92 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر الزيات، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) وهو راكب وأنا أمشي معه، فمررنا بعبد الله بن الحسن وهو راكب، فلما بصر بنا شال المقرعة ليضرب بها فخذ أبي عبد الله (عليه السلام)، فأومأ إليها الصادق فجفت يمينه، والمقرعة فيها، فقال له: يا أبا عبد الله، بالرحم إلا عفوت عني. فأومأ إليه بيده، فرجعت يده.

ثم أقبل علي وقال لي: يا مفضل - وقد مرت عظاءة (3) من العظاء - ما يقول الناس في هذه؟

قلت: يقولون إنها حملت الماء فأطفأت نار إبراهيم. فتبسم ثم قال لي: يا مفضل، ولكن هذا عبد الله وولده، وإنما يرق الناس عليهم لما مسهم من الولادة (4) والرحم.(5)

257 / 93 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن (6) رجل من أصحابنا، عن الحسين بن أحمد

____________

(1) في النوادر: ما كانت.

(2) نوادر المعجزات: 149 / 17، مدينة المعاجز، 362 / 23.

(3) العظاءة: دويبة تشبه سام أبرص، جمعها عظاء وعظايا " لسان العرب - عظي - 15: 71 "، حياة الحيوان 2: 32 ".

(4) في مدينة المعاجز: الولاية.

(5) مدينة المعاجز: 397 / 144.

(6) (عن) ليس في " ع، م ".

الصفحة 301 

المنقري، عن يونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير ابن أبي فاختة، قالوا:

كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: لنا خزائن الأرض ومفاتيحها، ولو أشاء أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب.

ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الأرض خطا فانفرجت الأرض، ثم قال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها، ثم قال: انظروا فيها حسنا حتى لا تشكوا.

ثم قال: انظروا في الأرض. فإذا سبائك في الأرض كثيرة، تتلألأ. فقال له بعضنا: أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم محتاجون! فقال: إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة، فيدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم.(1)

وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما.

____________

(1) تقدمت تخريجاته في الحديث: 238 / 74.