(أبو محمد الحسن بن علي السراج (عليه السلام

الصفحة 157 

معرفة ولادته

384 / 1 - حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحسين، عن أبيه (1)، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري الثاني (عليه السلام)، قال: كان مولدي في ربيع الآخر سنة اثنتين (2) وثلاثين ومائتين من الهجرة (3).

وقد روي أنه ولد بالمدينة في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث (4) وثلاثين ومائتين من الهجرة (5).

وكان مقامه مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة.

وعاش بعد أبيه أيام إمامته بقية ملك المعتز، ثم ملك المهتدي (6). ثم ملك أحمد ابن جعفر المتوكل، المعروف بالمعتمد اثنين وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، وبعد خمس سنين من ملكه استشهد ولي الله وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة.

____________

(1) في " ع، م " زيادة: محمد، والظاهر أنه تكرار وتصحيف لقوله: عن أبي محمد، الآتي بعده.

(2) في " ع، م ": ثلاث.

(3) تاريخ الأئمة: 14، الكافي 1: 420، الارشاد: 335.

(4) في " ع، م ": اثنين.

(5) الهداية الكبرى: 327.

(6) في النسخ: الواثق، تصحيف، صحيحه ما أثبتناه، انظر إعلام الورى: 367، مناقب ابن شهرآشوب 4:

422، الجوهر الثمين 1: 153.

الصفحة 158 

قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، لا يصيبنا نجس الشرك، ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى (1) بنا آخرون.

فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين، فجعل نصفه في عبد الله، ونصفه في أبي طالب، ثم أخرج النصف الذي لي إلى آمنة، والنصف الآخر إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة، وأخرجت فاطمة عليا.

ثم أعاد (عز وجل) العمود إلي فخرجت مني فاطمة ثم أعاد (عز وجل) العمود إليه (2)، فخرج الحسن والحسين، يعني من النصفين جميعا.

فما كان من نور علي صار في ولد الحسن، وما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة (3).

71 / 2 - وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا جعفر بن مالك الفزاري، عن عبد الله بن يونس، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).

قال: وحدثني أيضا عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي الثاني (صلوات الله عليه).

وحدثني أيضا عن منصور بن ظفر، عن أحمد بن محمد الفريابي (4) المخصوص ببيت المقدس، في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثمائة، عن نصر بن علي الجهضمي، قال:

سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن مواليد الأئمة وأعمارهم (عليهم السلام).

وما حدثني عن محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد (عليه السلام)، وهو الحادي عشر، قال:

____________

(1) (بنا) ليس في " ط ".

(2) في " ط ": وأعاده إلى علي.

(3) نوادر المعجزات: 80 / 1، علل الشرائع: 208 / 11.

(4) في " ع ": العرفاني.

 

 

الصفحة 159 

ولد أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) يوم النصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة، وفيها كانت بدر.

وبعد خمسين ليلة من ولادة الحسن (عليه السلام) علقت فاطمة بالحسين، فعق عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كبشا، وحلق رأسه، وأمر أن يتصدق بوزن شعره فضة.

ولما ولد أهدى جبرئيل اسمه في خرقة حرير بن ثياب الجنة.

واشتق اسم الحسين من اسم الحسن.

وكان أشبه بالنبي ما بين الصدر إلى الرأس (1).

72 / 3 - ويروى أيضا أن فاطمة (عليها السلام) لما ولدت الحسن جاءت به إلى النبي فقالت: ما أحسنه يا رسول الله! فسماه حسنا، فلما ولدت الحسين قالت وقد حملته: هذا أحسن من هذا. فسماه حسينا (2).

رجع الحديث

فكان مقامه مع جده سبع سنين، ومع أبيه بعد جده ثلاثين سنة، وبعد أبيه أيام إمامته عشر سنين، وصار إلى كرامة الله (عز وجل) وقد كمل عمره سبعا وأربعين سنة، وقبض في سلخ صفر سنة خمسين من الهجرة (3).

وروي سنة اثنتين وخمسين.

ويروى أنه قبض وهو ابن ست وأربعين سنة (4).

____________

(1) قطعة منه في سنن الترمذي 4: 99 / 1519 و 5: 660 / 3779، والذرية الطاهرة: 101 / 94 و 95 و 96، والكافي 1: 383، وعلل الشرائع: 139 / 9، معاني الأخبار: 58 / 8، الارشاد: 187، إعلام الورى: 205 و 212، وتاريخ دمشق - ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام): 11 / 9 و: 33 / 60، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 28.

(2) علل الشرائع: 139 / 10، معاني الأخبار: 57 / 7، سير أعلام النبلاء 3: 248.

(3) تاريخ مواليد الأئمة: 173، مناقب ابن شهرآشوب 4: 28 و 29.

(4) مقاتل الطالبيين: 50.

الصفحة 160 

رجع الحديث

وكان سبب وفاته أن معاوية سمه سبعين مرة، فلم يعمل فيه السم، فأرسل إلى امرأته جعدة ابنة محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وبذل لها عشرين ألف دينار، وإقطاع عشر ضياع من شعب سورا (1)، وسواد الكوفة، وضمن لها أن يزوجها يزيد ابنه، فسقت الحسن السم في برادة الذهب في السويق المقند، فلما استحكم فيه السم قاء كبده.

ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال له: كيف أنت يا أخي؟

فقال له: كيف يكون من قلب كبده في الطست.

فقال له: من فعل بك؟ لأنتقم. قال: إذن لا أعلمك.

ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين: إذا مت فغسلني، وحنطني، وكفني، وصل علي، واحملني إلى قبر جدي حتى تلحدني إلى جانبه، فإن منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله وأبيك أمير المؤمنين وأمك فاطمة، وبحقي عليك إن خاصمك أحد ردني إلى البقيع، فادفني فيه ولا تهرق في محجمة (2) دم.

فلما فرغ من أمره وصلى عليه وسار بنعشه يريد قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلحده معه، بلغ ذلك مروان بن الحكم، طريد رسول الله، فوافى (3) مسرعا على بغلة، حتى دخل على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند قبر جده، ووالله لئن دفنه معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة.

فقالت له: فما أصنع يا مروان؟

قال: تلحقي به وتمنعي (4) من الدخول إليه.

____________

(1) سورا: مدينة قرب الكوفة بها فواكه كثيرة وأعناب " أحسن التقاسيم: 105 ".

(2) المحجمة: القارورة التي يجمع فيها دم الحجامة " المعجم الوسيط - حجم - 1: 158 ".

(3) في " ط ": فذهب.

(4) في " ط ": الحقي وامنعيه.

الصفحة 161 

قالت: فكيف ألحقه؟

قال: هذا بغلي فاركبيه والحقي القوم قبل الدخول (1).

فنزل لها عن بغله، وركبته، وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السرج (2) هي، فلحقتهم وقد صاروا إلى حرم قبر جدهما (3) رسول الله، فرمت بنفسها بين القبر والقوم، وقالت: والله، لا يدفن الحسن ها هنا أو تحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها.

وكان مروان لما ركبت بغله جمع من كان من بني أمية وحثهم، فأقبل هو وأصحابه وهو يقول:

يا رب هيجا هي خير من دعة (4).

أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله؟! والله، لا يكون ذلك (5) أبدا وأنا أحمل السيف.

وكادت الفتنة تقع، وعائشة تقول: والله، لا يدخل داري من أكره.

فقال لها الحسين: هذه دار رسول الله، وأنت حشية (6) من تسع حشيات خلفهن رسول الله، وإنما نصيبك من الدار موضع قدميك.

فأراد بنو هاشم الكلام وحملوا السلاح، فقال الحسين (7): الله الله، لا تفعلوا فتضيعوا (8) وصية أخي.

____________

(1) (قبل الدخول) ليس في " ع، م ".

(2) في " ط ": السروج.

(3) في " ط ": جدهم.

(4) الهيجاء: الحرب، الدعة: السكون والراحة، انظر مجمع الأمثال 2: 421 / 4711.

(5) في " ط ": هذا.

(6) الحشية: الفراش، وكأنه (عليه السلام) كنى بها عن المرأة أو إنه أراد بالحشية ما يحشى به، تكنية عن كونها دخيلة على الرسول (صلى الله عليه وآله) إلا بالزوجية وهي غير صلة الرحم والقرابة وكونها من أهل البيت (عليهم السلام).

(7) في " ط ": السلاح، فمنعهم الحسين وقال.

(8) في " ط ": أن تفعلوا وتضيعوا.

الصفحة 162 

وقال لعائشة: والله، لولا أنه (1) أوصى إلي ألا أهرق فيه محجمة دم لدفنته ها هنا ولو رغم لذلك أنفك. وعدل به إلى البقيع فدفنه فيه مع الغرباء.

وقال عبد الله بن عباس: يا حميراء، كم لنا منك؟! فيوم على جمل، ويوم على بغل! فقالت: إن شاء أن يكون يوم على جمل، ويوم على بغل، والله ما (2) يدخل الحسن داري.

وكان مدة مرضه (عليه السلام) أربعين يوما (3).

نسبه (عليه السلام):

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن أشعب (4) بن أيمن (5) بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام) (6).

أسماؤه (عليه السلام):

الحسن، وسماه الله (عز وجل) في التوراة شبرا.

____________

(1) في " ط ": إن أبا محمد.

(2) في " ط ": لا.

(3) مناقب ابن شهرآشوب 4: 29. إرشاد المفيد: 192.

(4) في " ع، م ": اشحب.

(5) في " ع، م ": تيمن.

(6) أسماء أجداد النبي (صلى الله عليه وآله) من بعد عدنان مختلف فيها، انظر سيرة ابن هشام 1: 1، مروج الذهب 2: 265، المجدي: 6 وغيرها.

الصفحة 163 

 

وكناه (عليه السلام):

أبو محمد وأبو القاسم.

وألقابه (عليه السلام):

الزكي، والسبط الأول، وسيد شباب أهل الجنة، والأمين، والحجة، والتقي (1).

وأمه (عليه السلام):

فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).

بوابه (عليه السلام):

سفينة (2).

[نساؤه (عليه السلام)] -

وتزوج سبعين حرة، وملك مائة وستين أمة في سائر عمره (3).

[نقش خاتمه (عليه السلام)]

وكان له خاتم عقيق أحمر، نقشه: (العزة لله) (4) وخاتم يماني نقشه: (الحسن بن علي)

____________

(1) مناقب ابن شهرآشوب 4: 29، تذكرة الخواص: 193، كشف الغمة 1: 518 و 519. ومن ألقابه أيضا:

البر والأثير والمجتبى والزاهد.

(2) تاريخ مواليد الأئمة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 4: 28، الفصول المهمة: 153.

(3) العدد القوية: 352 / 14، ولم يسم المترجمون للإمام الحسن (عليه السلام) هذا العدد من النساء، فابن سعد في ترجمة الإمام (عليه السلام) من (الطبقات الكبرى) لم يسم غير ست نساء وأربع أمهات أولاد، والمدائني لم يعد له (عليه السلام) عشر نساء. كما أن المصنف لم يعد من أولاده غير اثني عشر، ما يأتي، وهو ينافي كونه متزوجا بسبعين امرأة.

انظر: شرح ابن أبي الحديد 16: 21، ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) من (الطبقات الكبرى) تراثنا - العدد (11) ص 121 و 122.

(4) الكافي 6: 474 / 8، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 56، أمالي الصدوق: 370.

الصفحة 164 

وروي أن من نقش على فص خاتمه مثله، كان في جميع أموره مهيبا مصدقا عظيما والصلاة فيه بسبعين صلاة.

ذكر ولده (عليه السلام):

عبد الله، والقاسم، والحسن، وزيد، وعمر، وعبيد الله، و عبد الرحمن، وأحمد، وإسماعيل، والحسن (1)، وعقيل، وله ابنة اسمها: أم الحسن فقط (2).

ذكر معجزاته (عليه السلام):

73 / 4 - قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي ثم الأنصاري، قال: قال عمارة بن زيد (3): سمعت إبراهيم بن سعد

____________

(1) تكرر هنا اسم الحسن مرتين، وفي بعض التواريخ: بشر، وفيها عبد الله آخر بدل عبيد الله. انظر إرشاد المفيد: 194 وتاريخ أهل البيت: 100.

(2) تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم: 174، مناقب ابن شهرآشوب 4: 29.

(3) قال النجاشي في ترجمة محمد بن الحسن بن عبد الله الجعفري: روى عنه البلوي، والبلوي رجل ضعيف مطعون عليه.

وفي ترجمة عمارة بن زيد قال: لا يعرف من أمره غير هذا، وذكر الحسين بن عبيد الله أنه سمع بعض أصحابنا يقول: سئل عبد الله بن محمد البلوي، من عمارة بن زيد هذا الذي حدثك؟ قال: رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج. ويمكن حمل قوله " رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج " على التهكم والاستهجان للسائل، لأن عمارة بن زيد مترجم له في كتب الرجال وليس شخصا مختلقا أو خياليا.

وقال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة في ترجمة عبد الله بن محمد البلوي: قال الشيخ الطوسي: كان واعظا فقيها ولم ينص على تعديله ولا على جرحه، وقال النجاشي: إنه ضعيف، وقال ابن الغضائري: كذاب وضاع للحديث لا يلتفت إلى حديثه ولا يعبأ به.

وفي القسم الثاني من رجال ابن داود في ترجمة عبد الله بن محمد البلوي: قال أصحابنا: هو اسم ليس تحته أحد، وعمارة بن زيد أو أبو زيد الخيواني المدني حليف الأنصار.

وقد ترجم ابن حجر في لسان الميزان لعبد الله بن محمد البلوي وضعفه، رجال النجاشي: 324 / 884 و:

303 / 827، فهرست الطوسي: 103 / 433، رجال ابن داود: 255 / 288، الخلاصة: 236 / 14، لسان الميزان 3:

338، معجم رجال الحديث 10: 303 و 12: 274.

الصفحة 165 

يقول: سمعت محمد بن إسحاق (1) يقول:

كان الحسن والحسين (عليهما السلام) طفلين يلعبان، فرأيت الحسن وقد صاح بنخلة، فأجابته بالتلبية، وسعت إليه كما يسعى الولد إلى والده (2).

74 / 5 - وقال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان (3)، عن أبيه، قال: أخبرنا الأعمش، عن كثير بن سلمة (4)، قال:

رأيت الحسن (عليه السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخرج من صخرة عسلا ماذيا (5)، فأتيت رسول الله فأخبرته، فقال: أتنكرون لابني هذا؟! إنه سيد ابن سيد (6)، يصلح الله به بين فئتين، ويطيعه أهل السماء في سمائه، وأهل الأرض في أرضه (7).

____________

(1) هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي (80 - 151 هـ) صاحب السيرة، والراوي عنه أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، والأرجح وجود سقط بعد محمد بن إسحاق، لأنه لم ير الحسن والحسين (عليهما السلام) ولا عاصرهما وقد عد من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، انظر سير أعلام النبلاء 7: 33، ومعجم رجال الحديث 15: 73 و 76.

(2) نوادر المعجزات: 100 / 1، مدينة المعاجز 203 / 6.

(3) هو أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي (ت 247 هـ) روى عن أبيه، وروى عنه الطبري المؤرخ المفسر. وروى أبوه وكيع عن سليمان بن مهران الأعمش، انظر تهذيب الكمال 11: 200 و 12: 76، تهذيب التهذيب 11: 123.

(4) كذا في النسخ، ولم نعثر له على ذكر في أصحاب رسول الله أو الحسن (صلوات الله عليهما)، وقد روى الأعمش عن رجل يدعى (تميم بن سلمة) وهو معدود من الصحابة، فلعله هو، راجع أسد الغابة 1: 217، تهذيب الكمال 12:

77.

(5) الماذي: العسل الأبيض " لسان العرب - مذي - 15: 275 ".

(6) في " ع، م ": سيد الأولين، وابن سيد وسيد.

(7) مدينة المعاجز: 203 / 7.

الصفحة 166 

75 / 6 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سلمة ابن محمد، قال: أخبرنا محمد بن علي الجاشي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال:

أخبرنا أبو (1) عروبة، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام)، وهو طفل، والطير تظله، ورأيته يدعو الطير فتجيبه (2).

76 / 7 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مروان، عن جابر، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد علا في الهواء، وغاب في السماء، فأقام بها ثلاثا ثم نزل بعد الثلاث وعليه السكينة والوقار، فقال: بروح آبائي نلت ما نلت (3).

77 / 8 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد، قال: أخبرنا عمارة بن زيد، قال:

حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: أخبرني ثقيف البكاء، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليه السلام) عند منصرفه من معاوية، وقد دخل عليه حجر ابن عدي، فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين (4).

فقال: مه، ما كنت مذلهم، بل أنا معز المؤمنين، وإنما أردت البقاء عليهم، ثم ضرب برجله في فسطاطه، فإذا أنا في ظهر الكوفة، وقد خرج (5) إلى دمشق ومصر حتى رأينا (6) عمرو بن العاص بمصر، ومعاوية بدمشق، وقال: لو شئت لنزعتهما، ولكن هاه هاه، مضى محمد على منهاج، وعلي على منهاج، وأنا أخالفهما؟! لا يكون ذلك مني (7).

____________

(1) في " ع، م ": عن أبي.

(2) نوادر المعجزات: 100 / 2، مدينة المعاجز: 203 / 8.

(3) نوادر المعجزات: 100 / 3، مدينة المعاجز 203 / 9.

(4) الثابت عند الفريقين أن قائلها هو سفيان بن أبي ليلى الهمداني، انظر رجال الكشي: 111 / 178، الاختصاص: 82، مقاتل الطالبيين: 44، شرح النهج 16: 44.

(5) في " ع و م ": خرق.

(6) في " ع و م " دمشق ومضى حتى رأينا.

(7) نوادر المعجزات: 101 / 4، مدينة المعاجز: 203 / 10.

الصفحة 167 

78 / 9 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن منصور، قال:

رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد خرج مع قوم يستسقون، فقال للناس: أيما أحب إليكم: المطر أم البرد أم اللؤلؤ؟

فقالوا: يا بن رسول الله، ما أحببت.

فقال: على أن لا يأخذ أحد منكم لدنياه شيئا. فأتاهم بالثلاث.

ورأيناه يأخذ الكواكب من السماء، ثم يرسلها، فتطير كما تطير العصافير (1) إلى مواضعها (2).

79 / 10 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، قال: حدثنا وكيع، قال:

حدثنا الأعمش، قال: حدثنا ابن موسى، قال: حدثنا قبيصة بن إياس، قال:

كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) وهو صائم، ونحن نسير معه إلى الشام، وليس معه زاد ولا ماء ولا شئ، إلا ما هو عليه راكب.

فلما أن غاب الشفق وصلى العشاء، فتحت أبواب السماء، وعلق فيها القناديل، ونزلت الملائكة ومعهم الموائد والفواكه وطسوت وأباريق، فنصبت الموائد (3)، ونحن سبعون رجلا، فأكلنا (4) من كل حار وبارد حتى امتلأنا وامتلأ، ثم رفعت على هيئتها لم تنقص (5).

80 / 11 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، قال: قال فقير بن (6) عبد الله بن مجاهد، عن [ابن] (7) الأشعث، قال:

____________

(1) في " ع، م ": يستيبها فتطير كالعصافير.

(2) نوادر المعجزات: 101 / 5، إثبات الهداة 5: 156 / 24، مدينة المعاجز: 204 / 11.

(3) في " م ": والموائد تنصب.

(4) في " ع، م ": فنقيل.

(5) نوادر المعجزات: 102 / 6، إثبات الهداة 5: 156 / 25، مدينة المعاجز: 204 / 12.

(6) في " ط ": الأعمش، عن.

(7) أثبتناه من إثبات الهداة، ويؤيده ما يأتي في متن الحديث.

الصفحة 168 

كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) حين حوصر عثمان في الدار، وأرسله أبوه ليدخل إليه الماء، فقال لي: يا بن الأشعث، الساعة يدخل عليه من يقتله، وإنه لا يمسي. فكان كذلك (1)، ما أمسى يومه ذلك (2).

81 / 12 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، قال: قال محمد بن صالح:

رأيت الحسن بن علي يوم الدار وهو يقول: أنا أعلم من يقتل عثمان. فسماه قبل أن يقتله بأربعة أيام، وكان أهل الدار يسمونه الكاهن (3).

82 / 13 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي بريدة، عن محمد بن حجارة، قال (4):

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد مرت به صريمة (5) من الظباء، فصاح بهن، فأجابته كلها بالتلبية حتى أتت بين يديه.

فقلنا: يا بن رسول الله، هذا وحش، فأرنا آية من أمر السماء.

فأومأ نحو السماء، ففتحت الأبواب، ونزل نور حتى أحاط بدور المدينة، وتزلزلت الدور حتى كادت أن تخرب.

فقلنا: يا بن رسول الله ردها.

فقال لي: نحن الأولون و (6) الآخرون، ونحن الآمرون، ونحن النور، ننور الروحانيين، ننور بنور الله، ونروح (7) بروحه، فينا مسكنه، وإلينا معدنه، الآخر منا

____________

(1) في " ط " زيادة: حتى قتل في يومه و.

(2) إثبات الهداة 5: 157 / 26، مدينة المعاجز: 204 / 13.

(3) نوادر المعجزات: 102 / 7، إثبات الهداة 5: 157 / 27، مدينة المعاجز: 204 / 14.

(4) في " ع ": الأعمش، قال: قال محمد بن صالح، وكأنه تكرار لسند الحديث السابق.

(5) الصريمة: تصغير الصرمة، وهي القطيع من الإبل والغنم، قيل هي من العشرين إلى الثلاثين والأربعين " النهاية - صرم - 3: 27. " (6) (الأولون و) ليس في " ع، م ".

(7) في " ط ": ونروحهم.

الصفحة 169 

كالأول، والأول منا كالآخر (1).

83 / 14 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن مورق، عن جابر، قال: قلت للحسن بن علي (عليهما السلام): أحب أن تريني معجزة نتحدث بها عنك، ونحن (2) في مسجد رسول الله.

فضرب برجله الأرض حتى أراني البحور وما يجري فيها من السفن، ثم أخرج من سمكها فأعطانيه، فقلت لابني محمد: احمل إلى المنزل، فحمل فأكلنا منه ثلاثا (3).

84 / 15 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن القاسم ابن إبراهيم الكلابي، عن زيد بن أرقم، قال:

كنت بمكة (4) والحسن بن علي (عليهما السلام) بها، فسألناه أن يرينا معجزة لنتحدث بها عندنا بالكوفة، فرأيته وقد تكلم ورفع البيت حتى علا به في الهواء (5)، وأهل مكة يومئذ غافلون منكرون (6)، فمن قائل يقول: ساحر. ومن قائل يقول: أعجوبة. فجاز خلق كثير تحت البيت، والبيت في الهواء، ثم رده (7).

85 / 16 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن سويد الأزرق، عن سعد بن منقذ، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) بمكة وهو يتكلم بكلام، وقد رفع البيت - أو قال: حول - فتعجبنا منه، فكنا نحدث ولا نصدق، حتى رأيناه في المسجد الأعظم

____________

(1) نوادر المعجزات: 103 / 8، إثبات الهداة 5: 157 / 28، مدينة المعاجز: 204 / 15.

(2) في " ط ": كنا.

(3) نوادر المعجزات: 103 / 9، إثبات الهداة 5: 158 / 29، مدينة المعاجز: 204 / 16.

(4) في " م، ط ": بالكوفة.

(5) في " ط ": فرفع بنا الموضع حتى رأينا البيت الحرام.

(6) في " ط ": معتمرون مكبرون.

(7) في " ط ": مكبرون ثم ردنا إلى الموضع، فمن قال: سحر، ومن قال: أعجوبة من المعاجز.

نوادر المعجزات: 104 / 10، إثبات الهداة 5: 158 / 30، مدينة المعاجز: 204 / 17.

الصفحة 170 

بالكوفة فحدثناه (1): يا بن رسول الله، ألست فعلت كذا وكذا؟!

فقال: لو شئت لحولت مسجدكم هذا إلى فم بقة (2)، وهو ملتقى النهرين: نهر الفرات، والنهر الأعلى.

فقلنا: أفعل. ففعل ذلك، ثم رده، فكنا نصدق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته (3).

86 / 17 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد والليث بن محمد ابن موسى الشيباني، قالا: أخبرنا إبراهيم بن كثير، عن محمد بن جبرئيل، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد استسقى ماء، فأبطأ عليه الرسول (4)، فاستخرج من سارية المسجد ماء فشرب وسقى أصحابه، ثم قال: لو شئت لسقيتكم لبنا وعسلا.

فقلنا: فاسقنا. فسقانا لبنا وعسلا من سارية المسجد، مقابل الروضة التي فيها قبر فاطمة (عليها السلام).(5)

87 / 18 - قال أبو جعفر: حدثنا إسماعيل بن جعفر بن كثير، قال: حدثنا محمد بن محرز بن يعلى، عن أبي أيوب الواقدي، عن محمد بن هامان، قال:

رأيت الحسن بن علي (عليهما السلام) ينادي الحيات فتجيبه، ويلفها (6) على يده وعنقه ويرسلها.

قال: فقال رجل من ولد عمر: أنا أفعل ذلك. فأخذ حية فلفها على يده، فهرمته (7) حتى مات (8).

____________

(1) في " ط ": فقلنا.

(2) بقة: مدينة على شاطئ الفرات، هي حد العراق. معجم ما استعجم 1: 264.

(3) نوادر المعجزات: 104 / 11، إثبات الهداة 5: 158 / 31، مدينة المعاجز: 204 / 18.

(4) في " ع، م ": السؤل. والسؤل: ما سألته.

(5) نوادر المعجزات: 104 / 12، إثبات الهداة 5: 159 / 32، مدينة المعاجز: 204 / 19.

(6) في " ط ": فتجيئه فيلفها.

(7) هرمته: أي قطعته، انظر " لسان العرب - هرم - 12: 607 ".

(8) نوادر المعجزات: 105 / 13، إثبات الهداة 5: 159 / 33، مدينة المعاجز 204 / 20.

الصفحة 171 

88 / 19 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن سهل بن أبي إسحاق، عن كدير بن أبي كدير، قال:

شهدت الحسن بن علي وهو يأخذ الريح فيحبسها في كفه، ثم يقول: أين تريدون أن أرسلها؟ فيقولون: نحو بيت فلان وفلان. فيرسلها ثم يدعوها فترجع.(1)

89 / 20 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: قال عمارة بن زيد المدني، حدثني إبراهيم بن سعد ومحمد بن مسعر، كلاهما عن محمد بن إسحاق صاحب المغازي، عن (2) عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس، قال:

مرت بالحسن بن علي (عليهما السلام) بقرة، فقال: هذه حبلى بعجلة أنثى، لها غرة في جبهتها، ورأس ذنبها أبيض.

فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها، فقلنا له: أوليس الله (عز وجل) يقول: * (ويعلم ما في الأرحام) * (3) فكيف علمت هذا؟

فقال (عليه السلام): إنا نعلم المكنون المخزون المكتوم، الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد (صلى الله عليه وآله) وذريته (عليهم السلام) (4).

90 / 21 - قال أبو جعفر: حدثنا سليمان بن إبراهيم النصيبيني، قال: حدثنا زر بن كامل، عن أبي نوفل محمد بن نوفل العبدي، قال: شهدت الحسن بن علي (عليهما السلام) وقد أوتي بظبية، فقال: هي حبلى بخشفين إناث، إحداهما في عينها عيب (5)، فذبحها فوجدناهما كذلك (6).

91 / 22 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن قدامة

____________

(1) إثبات الهداة 5: 159 / 34، مدينة المعاجز: 204 / 21.

(2) في " ع، م ": قال عمه.

(3) لقمان 31: 34.

(4) نوادر المعجزات: 105 / 14، فرج المهموم: 223، إثبات الهداة 5: 160 / 35، مدينة المعاجز: 204 / 22.

(5) في " ع، م ": غيد.

(6) نوادر المعجزات: 106 / 15، إثبات الهداة 5: 160 / 36، مدينة المعاجز: 205 / 23.

الصفحة 172 

ابن رافع، عن أبي الأحوص مولى أم سلمة، قال إني مع الحسن (عليه السلام) بعرفات، ومعه قضيب وهناك إجراء يحرثون، فكلما هموا بالماء أجبل (1) عليهم، فضرب بقضيبه إلى الصخرة، فنبع لهم منها ماء، واستخرج لهم طعاما (2).

92 / 23 - وروى حميد بن المثنى، عن عيينة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسن لأخيه الحسين ذات يوم، وبحضرتهما عبد الله بن جعفر: إن هذا الطاغية - يعني معاوية - باعث إليكم بجوائزكم في رأس الهلال. فما أنتم صانعون؟

قال الحسين: إن علي دينا، وأنا به مغموم، فإن أتاني الله به قضيت ديني.

فلما كان رأس الهلال وافاهم المال، فبعث إلى الحسن بألف ألف درهم، وبعث إلى الحسين بتسعمائة ألف درهم، وبعث إلى عبد الله بن جعفر بخمسمائة ألف درهم، فقال عبد الله بن جعفر: ما تقع هذه من ديني؟ وما فيها قضاء ديني ولا ما أريد.

فأما الحسن (عليه السلام) فأخذها وقضى دينه، وأما الحسين (عليه السلام) فأخذها وقضى دينه، وقسم ثلث ما بقي في أهل بيته ومواليه، وفضل الباقي أنفقه في يومه، وأما عبد الله ابن جعفر فقضى دينه، وفضلت له عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى الرسول الذي جاء بالمال.

فسأل معاوية رسوله: ما فعل القوم بالمال؟ فأخبره بما صنع القوم بأموالهم (3).

93 / 24 - وروى أبو أسامة زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:

خرج الحسن بن علي (عليه السلام) إلى مكة سنة من السنين حاجا حافيا (4)، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك بعض هذا الورم الذي برجليك.

____________

(1) أجبل القوم: إذا حفروا فبلغوا المكان الصلب " الصحاح - جبل - 4: 1650 ".

(2) إثبات الهداة 5: 160 / 37، مدينة المعاجز: 205 / 24.

(3) إثبات الهداة 5: 160 / 38، مدينة المعاجز: 205 / 25.

(4) (حاجا حافيا) ليس في " ع، م ".

الصفحة 173 

قال: كلا، ولكن إذا أتيت المنزل فإنه يستقبلك أسود، معه دهن لهذا الداء (1)، فاشتره منه ولا تماكسه.

فقال مولاه: بأبي أنت وأمي، ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء! قال:

بلى، إنه أمامك دون المنزل.

فسار أميالا فإذا الأسود قد استقبلهم (2)، فقال الحسن لمولاه: دونك الرجل (3)، فخذ منه الدهن واعطه ثمنه.

فقال الأسود للمولى (4): ويحك يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟! قال: للحسن ابن علي. فقال: انطلق بي إليه.

فأخذه بيده حتى أدخله عليه، فقال بأبي وأمي، لم أعلم أنك تحتاج إليه، ولا أنه دواء لك، ولست آخذ له ثمنا إنما أنا مولاك، ولكن ادع الله أن يرزقني ذكرا سويا يحبكم أهل البيت، فإني خلفت امرأتي وقد أخذها الطلق تمخض.

قال: انطلق إلى منزلك، فإن الله (تبارك وتعالى) قد وهب لك ذكرا سويا، وهو لنا شيعة.

فرجع الأسود من فوره، فإذا أهله قد وضعت غلاما سويا، فرجع إلى الحسن (عليه السلام) فأخبره بذلك، ودعا له، وقال له خيرا.

ومسح الحسن (عليه السلام) رجليه بذلك الدهن، فما برح من مجلسه حتى سكن ما به ومشى على قدميه (5).

94 / 25 - وروى علي بن أبي حمزة، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: جاء أناس إلى الحسن (عليه السلام) فقالوا له: أرنا ما عندك

____________

(1) في " ع، م ": بهذا الدوح، ولعلها تصحيف، لهذا الورم.

(2) في " ع، م ": أستقبله.

(3) في " ط ": الأسود.

(4) (للمولى) ليس في " ع، م ".

(5) الكافي 1: 385 / 6، الهداية الكبرى: 194، إثبات الوصية: 135، الخرائج والجرائح 1: 239 / 4، الثاقب في المناقب: 314 / 263، كشف الغمة 1: 557، حلية الأبرار 1: 521.

الصفحة 174 

من عجائب أبيك التي كان يريناها. قال: وتؤمنون بذلك؟ قالوا كلهم: نعم، نؤمن به والله.

قال: فأحيا لهم ميتا بإذن الله (تعالى)، فقالوا بأجمعهم، نشهد أنك ابن أمير المؤمنين حقا، وأنه كان يرينا مثل هذا كثيرا (1).

95 / 26 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثني أبو النجم بدر ابن الطبرستاني (2) قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي قال: روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أنه قال: أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه أبو محمد الحسن وسلمان الفارسي، فدخل المسجد، فجلس واجتمع الناس حوله، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين وجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، إن أجبتني عنهن علمت أن القوم (3) ركبوا منك ما حظر عليهم، وارتكبوا إثما يوبقهم في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع (4).

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سلني عما بدا لك.

قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد (عليهما السلام) فقال: يا أبا محمد، أجبه.

فقال (عليه السلام): أما ما سألت من أمر الرجل (5) أين تذهب روحه إذا نام (6)، فإن روح معلقة بالريح، والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة،

____________

(1) نوادر المعجزات 106 / 16، الثاقب في المناقب: 305 / 256، إثبات الهداة 5: 161 / 39.

(2) في " ع، م ": الطوسناني.

(3) أراد المخالفين لأمير المؤمنين (عليه السلام).

(4) أي متساوون، لا فضل لأحدكم على الآخر " لسان العرب - شرع - 8: 178 ".

(5) في " ع، م ": الإنسان.

(6) (إذا نام) ليس في " ع، م ".

 

 

الصفحة 175 

فإن أذن الله برد الروح إلى صاحبها جذبت تلك الروح (1) الريح، وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح، فجذبت الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأما ما ذكرت (2) من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الرجل في حق، وعلى الحق طبق، فإن صلى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق، فانفتح القلب وذكر الرجل ما كان نسي، وإن لم يصل على محمد وعلى آل محمد، أو انتقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق فأظلم القلب، ونسي الرجل ما كان ذكر.

وأما ما ذكرت من أمر المولود يشبه أعمامه وأخواله، فإن الرجل إذا أتى أهله يجامعها بقلب ساكن، وعرق هادئة، وبدن غير مضطرب، أسكنت تلك النطفة في جوف الرحم وخرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن، وعروق غير هادئة، وبدن مضطرب، اضطربت النطفة، ووقعت في اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسوله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسوله (3)، القائم بحجته (وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم زأل أشهد بها وأشهد أنك وصيه، القائم بحجته (وأشار إلى الحسن (عليه السلام) وأشهد أن الحسين بن علي ابنك، القائم بحجته بعد أخيه، وأشهد أن علي بن الحسين القائم بأمر الحسين، وأن محمد بن علي القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد أن جعفر بن محمد القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد أن موسى بن جعفر القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد أن علي

____________

(1) في " ط " زيادة: إلى صاحبها.

(2) في " ط ": سألت.

(3) في " ع ": وصيه.

الصفحة 176 

ابن موسى القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد أن محمد بن علي القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد أن علي بن محمد القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد أن الحسن بن علي القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد أن رجلا من ولد الحسن بن علي لا يسمى ولا يكنى حتى يظهر أمره، فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

وقام فمضى، فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): اتبعه فانظر أين يقصد؟

قال فخرج الحسن في أثره.

قال: فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد، فما أدري أين أخذ من الأرض، فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمته، فقال: يا أبا محمد، أتعرفه؟

قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم.

قال: هو الخضر (عليه السلام) (1).

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.

____________

(1) المحاسن 2: 332 / 99 نحوه، الكافي 1: 44 / 1، الإمامة والتبصرة: 106 / 93، غيبة النعماني: 58 / 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 65 / 35، كمال الدين وتمام النعمة: 313 / 1، علل الشرائع: 96 / 6، غيبة الطوسي: 154 / 114، إعلام الورى: 404.