الكراميّة

 

الكراميّة

الحركات الرجعيّة

    وهذه الفرقة منسوبة إلى محمّد بن كرّام السجستاني شيخ الكرامية ( م 255 ).

    قال الذهبي: « ساقط الحديث على بدعته ، أكثر عن أحمد الجويباري ومحمّد بن تميم السعدي وكانا كذّابين ».

    قال ابن حبّان: « خذل ، حتّى التقط من المذاهب أردأها ، ومن الأحاديث أوهاها...وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة ».

    و قال ابن حزم: « قال ابن كرّام: الإيمان قول باللسان ، و إن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن. ومن بدع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام و قد سُقت أخبار ابن كرّام في تأريخي الكبير. وله أتباع و مريدون وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام ، ثم أخرج وسار إلى بيت المقدس ، ومات بالشام سنة 255 هـ. » (1).

    يلاحظ عليه: أنّ ما أسماه مؤمناً سمّاه القرآن منافقاً. قال سبحانه ( إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) ( المنافقون / 1 ).

________________________________________

    1 ـ ميزان الاعتدال: ج 4 ص 21.

________________________________________

(150)

    وقاعدة مذهبه التجسيم ، وتوصيف الواجب باُمور حادثة ، وكلّ ما يذكره أصحاب الملل والنحل يرجع إلى هذا الأصل ، وأمّا أصنافهم فقد ذكر البغدادي أنّ للكرّامية بخراسان ثلاثة أصناف:حقائقية ، والطزائقية و اسحاقية (1) وذكر الشهرستاني لها اثنتي عشرة فرقة و أنّ اُصولها ستّة.

    وكانت الحركة الكرّامية ، حركة رجعية بحتة حيث دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده ، وأنّه جسم له حدّ ونهاية من تحت والجهة الّتي منها يلاقي عرشه. وقال البغدادي: وهذا شبيه بقول الثنوية: إنّ معبودهم الّذي سمّوه نوراً ، يتناهى من الجهة التي تُلاقي الظلام وإن لم يتناه من خمس جهات.

    ومن عقائده: أنّ معبودهم محلّ للحوادث و زعموا أنّ أقواله و إراداته ، و إدراكاته للمرئيات ، وإدراكاته للمسموعات ، وملاقاته للصفحة العليا من العالم ، أعراض حادثة فيه ، وهو محلّ لتلك الحوادث الحادثة فيه (2).

    ومن غرائب آرائه أنّه وصف معبوده بالثِّقل و ذلك أنّه قال في كتاب « عذاب القبر » في تفسير قول الله عزّ وجلّ: ( إذا السماء انفطرت ) : أنّها انفطرت من ثقل الرحمان عليها.

    إلى غير ذلك من المضحكات والمبكيات في الاُصول والفقه. وقد ذكر البغدادي آراءه الفقهيّة أيضاً و ذكر فيه قصّة عجيبة من أرادها فليرجع إليه (3).

    إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات اُخر ، ذكرها البغدادي ، وقد بلغت جرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم: إنّ النّبيّ أخطأ في تبليغ قوله « ومناة الثالثة الاُخرى » حتّى قال بعده: « تلك الغرانيق العلى ، وإنّ شفاعتها ترتجى » (4).

________________________________________

    1 ـ الفرق بين الفرق: ص 215.

    2 ـ الملل والنحل: ج 1 ص 108.

    3 ـ الفرق بين الفرق: ص 218 ـ 225.

    4 ـ الفرق بين الفرق: ص 222.

(151)

    مع أنّ قصّة الغرانيق اقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة وقد أوضحنا حالها في محاضراتنا باسم سيّد المرسلين صلَّى الله عليه و آله و سلَّم » فلاحظ.

    ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد والاكتفاء بالروايات ، مع ما فيها من أباطيل و ترّهات وضعها الأعداء ، واختلقتها الأهواء فهي من أسوأ الحركات الرجعية ، الظاهرة في أواسط القرن الثالث.

تم الكلام في الكرّامية