قاعدة لا شك لكثير الشك

25 - قاعدة لا شك لكثير الشك 

 

قاعدة لاشك لكثير الشك * ومن جملة القواعد الفقهية قاعدة نفي الشك وعدم اعتباره من كثير الشك في الصلاة : أي حكمه، ولذلك قد يعبر عن هذه القاعدة بأنه: لا حكم للسهو مع كثرته . وفيها جهات من البحث: الجهة الاولى في مدركها وهو الاخبار والاجماع. أما الاجماع: فقد تكرر منا في هذا الكتاب أنه لا اعتبار بها في مثل هذا الموارد التي وردت فيها أخبار معتبرة للظن بل العلم بأن مدرك المجمعين هو هذه الاخبار، فلابد من الرجوع إليها وانها هل تدل على هذه القاعدة أم لا ؟ وأما الاخبار: فمنها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فانه يوشك أن يدعك إنما هو من الشيطان . 1

 

(هامش)

 

القواعد ص 243، المبادى العامة للفقه الجعفري ص 251. (1) الكافي ج 3، ص 359، باب من شك في صلاته كلها...، ح 8، الفقيه ج 1، ص 339، باب أحكام السهو في الصلاة، ح 989، تهذيب الاحكام ج 2، ص 343، ح 1422، باب أحكام السهو، ح 12، وسائل الشيعة ج 5، ص 329، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 1. (*)

 

ومنها: صحيحة زرارة وأبى بصير - أو حسنتهما - قالا: قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقى عليه ؟ قال عليه السلام: يعيد . قلنا: فانه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شكه ؟ قال عليه السلام: يمضي في شكه ثم قال عليه السلام: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة فانه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك . قال زرارة: ثم قال عليه السلام: إنما يريد الخبيث أن يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم 1. محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن يعقوب مثله 2. ومنها: باسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن سنان عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك 3. ومنها: موثق عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا ويشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا ؟ فقال عليه السلام: لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا الحديث 4. ومنها: مرسلة الصدوق محمد بن علي بن الحسين قال: قال الرضا عليه السلام: إذا كثر عليك السهو في الصلاة فامض على صلاتك ولا تعد 5.

 

(هامش)

 

(1) الكافي ج 3، ص 358، باب من شك في صلاته ولم يدر زاد أو نقص، ح 2، وسائل الشيعة ج 5، ص 329، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 2. (2) تهذيب الاحكام ج 2، ص 188، ح 747، باب أحكام السهو في الصلاة...، ح 48، الاستبصار ج 1، ص 374، ح 1422، باب من شك فلم يدر صلى ركعة...، ح 5. (3) تهذيب الاحكام ج 2، ص 343، ح 1423، باب أحكام السهو، ح 11، وسائل الشيعة ج 5، ص 329، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 3. (4) تهذيب الاحكام ج 2، ص 153، ح 604، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة...، ح 62، الاستبصار ج 1، ص 362، ح 1372، باب من شك فلم يدر واحدة سجد أم اثنتين، ح 5، وسائل الشيعة ج 5، ص 330، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 5. (5) الفقيه ج 1، ص 339، باب أحكام السهو في الصلاة، ح 998، وسائل الشيعة ج 5، ص 330، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 6. (*)

 

ومنها: ما رواه محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام قال: إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو 1. ومنها: ما روى ابن ادريس في آخر السرائر منتهيا إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا سهو على من أقر على نفسه بالسهو 2. هذه هي الاخبار الواردة في هذا الباب. فنقول: أما دلالة صحيحة محمد بن مسلم على عدم اعتناء كثير الشك بشكه واضح بناء عل أن يكون المراد من السهو هو الشك في قوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك وهو كذلك إذ لو كان المراد منه النسيان - بمعنى أنه يعلم بنسيان الجزء الفلاني كالركوع أو السجود - فلا يمكن ردعه لان حجية العلم ذاتية ليس قابلا للردع فلابد وأن يكون المراد منه الشك واحتمال عدم الاتيان لا القطع بعدمه فالمراد من قوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك هو أنه إذا كنت شكاكا فلا تعتن بشكك واحتمال النقيصة فيما إذا كان شكك بالنسبة إلى عدم الاتيان بجزء أو شرط ولا تعتن باحتمال الزيادة إذا كان شكك بالنسبة إلى وجود مانع وامض في صلاتك وإلق احتمال عدم وجود شرط أو جزء أو احتمال وجود مانع في صلاتك أي ابن على تمامية ما أتيت به وعدم خلل فيه من حيث الزيادة والنقيصة. والفرق بينها وبين أصالة الصحة أن الثانية تجري بعد الفراغ عن العمل وهذه القاعدة في الاثناء وبينها وبين قاعدة التجاوز هو أن الثانية تجري بعد التجاوز عن المحل وهذه تجري ولو كان في المحل. وأما صحيحة زرارة وأبي بصير: فصدر الرواية ربما يوهم خلاف المقصود لان جوابه عليه السلام بقوله يعيد - عن قولهما: الرجل يشك كثيرا في صلاته - يدل على

 

(هامش)

 

(1) الفقيه ج 1، ص 339، باب أحكام السهو في الصلاة، ح 990، وسائل الشيعة ج 5، ص 330، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 7. (2) كتاب السرائر ج 3، ص 614. (*)

 

 

الاعتناء بالشك ولو كان كثير الشك بل الحكم بالاعتناء والاعادة في نفس مورد كثير الشك. لكنه ليس كذلك إذ المراد بهذه الجملة يمكن أن يكون أن الرجل ليس ممن يحفظ عدد الركعات دائما بل يشك كثيرا باعتبار الوقائع المتعددة، مثلا في كل أسبوع يشك في عدد ركعات صلاته مرتين وان كان لا يصل إلى حد يتصف بعنوان أنه كثير الشك عرفا وانه يشك في صلاة واحدة ثلاث مرات أو يشك في ثلاث صلوات متواليات في كل واحد منها مرة واحدة. فإذا كانت الكثرة في صدر الرواية بهذا المعنى فلا تنافي بين صدر الصحيحة وذيلها حيث يحكم عليه السلام في الصدر بوجوب الاعادة في موضوع كثير الشك ويحكم في الذيل بعدم الاعتناء بالشك والمضي في صلاته أيضا في هذا الموضوع أي موضوع كثير الشك لانه كما عرفت ليس كثرة الشك في المقامين بمعنى واحد. واحتمل بعضهم أن يكون المراد بكثرة الشك في الصدر باعتبار تعدد المتعلق في تلك الواقعة الواحدة أي تعدد احتمالاته، مثلا يحتمل أن يكون ما بيده هي الركعة الاولى وبعد لم يتمها ويحتمل أن تكون هي الثانية ويحتمل أن تكون هي الثالثة وهكذا كثرة الاحتمالات بواسطة كثرة المحتمل مع أنه شك واحد في واقعة واحدة. ولكن الانصاف أن هذا الاحتمال بعيد عن ظاهر قوله: الرجل يشك كثيرا . واستظهر المقدس الاردبيلي قدس سره من هذه الصحيحة التخيير 1، بمعنى أن كثير الشك مخير بين أن يعتني بشكه ويبني على عدم إيجاد المشكوك ويعيد الصلاة وبين أن لا يعتني بشكه ويبني على وجود المشكوك ويمضي في صلاته فمفاد الصدر هو الشق الاول من شقي التخيير ومفاد الذيل هو الشق الثاني. وحكى في الجواهر عن المحقق الثاني أيضا التخيير بين البناء على وجود المشكوك

 

(هامش)

 

(1) مجمع الفائدة والبرهان ج 3، ص 142. (*)

 

ووقوعه والبناء على الاقل بمعنى عدم الاتيان بالمشكوك 1. وحكى عن الشهيد في ذكرى أيضا أن عدم اعتناء كثير الشك بشكه رخصة فيجوز أن يعمل على مقتضى الشك فيتلافى إن كان في المحل مثلا. ولكن أنت خبير بأن التخيير ينافي ظاهر هذه الروايات حيث أنه عليه السلام أمر بالمضي في صلاته، والامر ظاهر في الوجوب خصوصا مع هذا التعليل وان المضي وعدم الاعتناء بالشك رغما لانف الشيطان وعصيان له وإذا عصى لا يعود ونهيه عليه السلام عن تعويده بالاعتناء بالشك وانه إذا عصى لا يعود لان الخبيث يريد أن يطاع فلا يعود إذا عصى ونهيه عليه السلام عن الاتيان بالمشكوك بقوله: لا يسجد ولا يركع ويمضى في صلاته حتى يستيقن يقينا في خبر ابن سنان. والحاصل: أن هذه الروايات لها ظهور تام في تعين المضي ووجوب عدم الاعتناء بالشك وآبية عن التخيير بأي معنى كان مما ذكرنا، فما أفاده المقدس الاردبيلي - ونسب إى الشهيد في ذكرى وإلى المحقق الثاني في رسالته السهوية - مما لا يمكن الموافقة معهم وليس كما ينبغي والانصاف أنه لا إشكال ولا غبار في دلالة هذه الروايات على هذه القاعدة أي عدم الاعتناء بشك كثير الشك. ثم إنه بناء على وجوب المضي وعدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك لو أراد أن يتلافى المشكوك المحتمل العدم واتى به فالظاهر بطلان صلاته لانه زيادة منهية عنها في الصلاة إلا أن يكون المشكوك المحتمل العدم من الاشياء التي يجوز فعله في الصلاة لكن لا بقصد الجزئية بل يأتي بها بقصد القربة المطلقة فالمتعين هو عدم الاعتناء بالشك والمضي في الصلاة بأن يبني على وجود المشكوك إن كان من الاجزاء والشرائط وعلى عدمه إن كان من الموانع لان هذا المعنى هو المتفاهم العرفي وما هو

 

(هامش)

 

(1) جواهر الكلام ج 12، ص 417. (2) ذكرى الشيعة ص 223. (*)

 

الظاهر من كلمة يمضي سواء كان بصوره الجملة الخبرية أو بصورة الانشاء كقوله امض. الجهة الثانية في مفاد هذه القاعدة على تقدير اعتبارها فنقول: إن بيان هذه الجهة منوط بذكر أمور: الاول: أنه قد تقدم أنه المراد من السهو - في الروايات أو في كلامهم في مقام التعبير عن هذه القاعدة كما في عبارة الشرائع لا حكم للسهو مع كثرته 1 - هو الشك لا خصوص معناه الحقيقي أي النسيان ولا الاعم منه ومن الشك، إذا لو كان المراد منه أحد هذين المعنين يلزم أن لا يكون اعتبار بنسيان كثير النسيان بمعنى أنه مثلا لو سهى في صلاة واحدة - أي نسى الركوع والسجود كل واحد من ركعة ونسى أيضا الركعة الاخيرة من تلك الصلاة بعينها - لا يكون عليه بأس وتكون تلك الصلاة صحيحة مع العلم بفقدان المذكورات، ولا يمكن للفقيه أن يتفوه بمثل هذا بل ينبغي أن يعد مثل هذا الكلام من الاعاجيب. والحاصل: أنه فرق كثير بين الحكم بعدم الاعتناء باحتمال عدم الاتيان بالجزء أو الشرط أو الحكم بعدم الاعتناء باحتمال وجود المانع الذي هو عبارة عن الحكم بعدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك وبين الحكم بعدم الاعتناء بالعلم بعدم وجود الجزء أو الشرط أو العلم بوجود المانع ولو كان ترك ذلك الجزء أو الشرط أو إيجاد ذلك المانع سهوا لرجوع الاول إلى كفاية الامتثال الاحتمالي لمثل هذا الشخص - أي كثير الشك - والثاني إلى كفاية الاتيان بما أتى مع العلم بعدم الاتيان بالمأمور به بتمامة. إن قلت: أي إشكال في هذا أليس مفاد لا تعاد هو هذا في سهو غير الاركان

 

(هامش)

 

(1) الشرائع ج 1، ص 118. (*)

 

ونسيانها فان مفاد صحيحة لا تعاد هو صحة الصلاة مع القطع بعدم الاتيان بتمام الاجزاء والشرائط ومع القطع بايجاد الموانع ولكن كل ذلك في غير الاركان لدلالة عقد المستثنى على ذلك. قلنا: إن صحيحة لا تعاد كما تقول توسعة في مقام الامتثال بمعنى أن ما وقع فيه الخلل - من عدم جزء أو شرط أو وجود مانع - يقبل بدل التام أو مفادها نفي الجزئية والشرطية والمانعية في حال السهو والنسيان ولكن كل ذلك في غير الاركان كما هو مفاد عقد المستثنى. ولكن في موضوع كثير الشك لو قلنا بأن المراد من السهو خصوص معناه الحقيقي - وهو النسيان أو المراد أعم منه ومن الشك - فيشمل الاركان وغيرها لا استثناء هاهنا والالتزام بهذا للفقيه مما لا يمكن. ان قلت: تقع المعارضة بين قوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك وبين عقد المستثنى في صحيحة لا تعاد حيث أن عقد المستثنى في تلك الصحيحة أخص من هذه الروايات فتخصص هذه الروايات به فيصير مفادها مفاد صحيحة لا تعاد بعينه، فلا يبقى إشكال لان الصحيحة معمول بها عند كل الفقهاء. قلنا: مرجع هذا الكلام إلى إلقاء خصوصية كثير الشك لان مفاد الصحيحة حكم مشترك بين كثير الشك وغيره وهذا لا يلائم مع ظاهر هذه الاخبار مع هذا التعليل الوارد فيها لعدم الاعتناء بالسهو وهو أنه لا تعودوا الخبيث أي الشيطان وهو يريد أن يطاع فإذا عصى لا يعود وأمثال هذه العبارات والانصاف: أن الالتزام بأن السهو في هذه الاخبار هو خصوص النسيان أو الاعم منه ومن الشك مما هو مردود عند الذوق الفقهي. وأما احتمال أن يكون المراد من نفي السهو في هذه الاخبار هو نفي الاثر الشرعي الذي جعله الشارع لنفس السهو أعني سجدتي السهو - حتى يرجع معنى قوله عليه السلام إذا كثر عليك السهو فليس عليك سجدتا السهو وجوب سجدتي السهو على غير

 

كثير السهو لا أن يكون المراد من نفي السهو هو عدم الاعتناء باحتمال عدم السهو أو باليقين بعدمه. فيدفعه أن هذا الاحتمال خلاف ظاهر هذه الاخبار لان قوله عليه السلام إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك ظاهره أن كثرة السهو علة لعدم الاعتناء بعدم وجود المسهو وانه يجب عليه المضي لا أن حكم نفس السهو والاثر المترتب عليه ساقط عنه وهذا واضح جدا. الثاني: الظاهر أن المراد من المضي في صلاته - بعد أن التفت إلى أنه كثير الشك - عدم الاعتناء بالخلل الوارد على صلاته من ناحية هذا الشك سواء كان احتمال الخلل من جهة احتمال عدم وجود ما يكون عدمه مضرا كالجزء والشرط أو احتمال وجود ما يكون وجوده مضرا كالمانع فان هذا المعنى هو المناسب للتعليل بالنهي عن تعويد الشيطان. وحاصل معنى هذه الروايات أن كثير الشك يجب عليه أن لا يعتني باحتمال الخلل مطلقا سواء كان ترك ركن أو الاجزاء والشرائط غير الركنية أو كان احتمال الخلل لاحتمال وجود مانع حتى يصير الشيطان مأيوسا ويرى أن وسوسته لغو لا أثر له فلا يعود، وإلا لو رأى أن الشك يرتب الاثر على شكه واحتماله - أي إذا كان احتمال عدم وجود جزء أو شرط ولم يتجاوز المحل يأتي به وإذا كان بعد تجاوز المحل أو كان شكه واحتماله احتمال وجود المانع يعيد الصلاة - فيطمع عدو الله فيه ويصر على الوسوسة كي يوقعه في التعب الكثير حتى ينتهي بالآخرة إلى ترك الصلاة أو الاستخفاف بها لعجزه عن العمل بكل ما يحتمل. الثالث: أن هذا الحكم تعييني لا تخييري كما نسب إلى المقدس الاردبيلي 1،

 

(هامش)

 

(1) مجمع الفائدة والبرهان ج 3، ص 142. (*)

 

والشهيد 1، والمحقق الثاني 2 - قدس اسرارهم - لكمال منافرة التعليل لوجوب المضي - بأنه من باب ارغام أنف الشيطان كي لا يعود إلى وسوسته وايقاعه في الشك - مع التخيير فان مناسبة الوجوب التعييني مع هذا التعليل في كمال الوضوح مضافا إلى أن ظاهر الوجوب المستفاد من قوله: يمضى في صلاته هو الوجوب التعييني لانه مقتضى إطلاق الوجوب. وقد تقدم منشأ قول هؤلاء الاكابر بالتخيير والجواب عنه فلا نعيد والانصاف أن ذهاب هؤلاء الاعاظم إلى التخيير عجيب. الرابع: أن هذا الحكم - أي عدم اعتناء كثير الشك بشكه - هل مختص بالصلاة أم يجري في سائر العبادات أيضا ؟ وعلى تقدير اختصاصه بالصلاة هل يجري في مقدماتها الخارجية أم يختص بنفس الصلاة ؟ ربما يقال بعدم اختصاصه بنفس الصلاة بل يجري في مقدماتها الخارجية كالوضوء والغسل والتيمم بل يجري في سائر العبادات المركبة كالحج وأمثاله لوجوه: الوجه الاول: لدليل نفي العسر والحرج الثابت بالكتاب والسنة إذ ترتيب كثير الشك أثر الشك على شكه والاعتناء به حرج شديد عليه سواء كان في الصلاة أو في غيرها من العبادات خصوصا في مثل الحج، مثلا لو شك في رمي الجمرات أو في السعي أو في الطواف وكان كثير الشك فترتيب أثر الشك وتكرار هذه الافعال ثانيا وثالثا ورابعا مثلا في غاية الصعوبة وخصوصا إذا كان شكه مما يوجب اعادة العمل في السنة المقبلة مع بعد بلد الشاك فهو يقينا من الحرج المنفي في الشريعة. وفيه: أن الحرج ليس مختصا بكثير الشك بل يمكن أن يتحقق في غير كثير الشك أيضا وعلى كل الحرج الشخصي الرافع للحكم الالزامي إذا وجد وتحقق يرفع الحكم

 

(هامش)

 

(1) ذكرى الشيعة ص 223. (2) رسائل المحقق الكركي ج 2، ص 142. (*)

 

سواء كان كثير الشك أو قليله وسواء كان في الصلاة أو في غيرها من العبادات وسواء كان في أجزاء الصلاة أو في مقدماتها الخارجية. وأما إذا كان الحرج النوعي الذي هو حكمة التشريع للتسهيل على المكلفين - كما هو كذلك في جعل وجوب الافطار والتقصير على المسافر والطهارة الترابية على فاقد الماء وأمثال ذلك - فلا يطرد إطراد علة الحكم بحيث يستدل بوجوده لثبوت الحكم في موضوع آخر بل يكون من قبيل القياس المنهى عنه في الدين وانه يوجب محقه. ففي هذا القسم أي فيما هو من قبيل حكمة التشريع لابد من إتيان الدليل على الحكم وان حكمته التسهيل وعدم لزوم الحرج وهذا هو الفرق بين أن يكون الحرج علة للحكم أو يكون من قبيل حكمة التشريع. ففي القسم الاول: يكون هو مناط الحكم أين ما وجد ويكون من قبيل منصوص العلة أو تنقيح المناط القطعي. وفي القسم الثاني: إسراء الحكم إلى موضوع آخر لاجل وجود ذلك الحرج النوعي من قبيل القياس المردود غير المقبول. ولا شك أن ما نحن فيه من القسم الثاني فلا يصح إثبات الحكم بالحرج النوعي في غير الصلاة من سائر العبادات. الوجه الثاني: هو التعليل الذي في صحيحة زرارة وأبي بصير بعدم الاعتناء بالشك بقوله عليه السلام: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه 1 إلى آخر ما قال عليه السلام لعدم اختصاص هذه العلة بالصلاة بل تجري في جميع العبادات المركبة بل في المعاملات أيضا. ويؤيد ما ذكرنا من عموم التعليل، وعدم اختصاصه بالصلاة وأجزائها ومقدماتها

 

(هامش)

 

(1) سبق تخريجه في ص 346، رقم (1). (*)

 

الداخلية - صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: رجل مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال عليه السلام: سله هذا الذي يأتيه من أي شيء هو ؟ فانه يقول لك: من عمل الشيطان 1. والظاهر أن قول القائل رجل مبتلى بالوضوء أي كثير الشك وشبيه بالوسواسي فقول الامام عليه السلام: إنه يطيع الشيطان تعليل لعدم عقله بالاعتناء بشكه وسماه باطاعة الشيطان فهو عليه السلام يشنع عليه الاعتناء بشكه وترتيب الاثر عليه فيستفاد منها لزوم عدم الاعتناء بشكه مع أنه في الوضوء وهو من مقدمات الخارجية للصلاة لا نفس الصلاة فالحكم بعدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك ليس مختصا بالصلاة وأجزائها ومقدماتها الداخلية. وفيه: أيضا أن هذا التعليل من قبيل حكمة التشريع فلا يكون مطردا إطراد العلة. الوجه الثالث: الاجماع على جريان حكم كثير الشك أي عدم الاعتناء بشكه في الوضوء. وفيه: أولا: عدم تسليم اتفاق الكل. وثانيا: لو كان فليس هو الاجماع المصطلح الذي قلنا بحجيته في الاصول، لان المظنون استناد المتفقين إلى الوجوه المذكورة فلا أثر لهذا الاتفاق ولابد من الرجوع إلى نفس المدارك، وقد عرفت حالها فلا نعيد. فظهر أن جريان هذه القاعدة في غير الصلاة في غاية الاشكال لورود الروايات في مورد الصلاة فقوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك لا يشمل غير الصلاة وأجزاء وشرائطها الداخلية كالقبلة والستر والطمأنينة وأمثال ذلك. وأما المقدمات الخارجية كالطهارات الثلاث فشمول القاعدة لها - مع أن موارد

 

(هامش)

 

(1) الكافي ج 1، ص 12، كتاب العقل والجهل، ح 10، وسائل الشيعة ج 1، ص 46، أبواب مقدمة العبادات، باب 10، ح 9. (*)

 

الروايات هو عدم الاعتناء بالشك والمضي في الصلاة - لا يخلو عن إشكال. اللهم إلا أن يقال: إن الاعتناء بالشك فيها - إذا حصل الشك في أثناء الصلاة - عدم المضي في الصلاة والشارع أمر بالمضي فيها فالمقدمات الخارجية حيث أن الشك فيها ينتهي إلى الشك في إتيان الصلاة جامعة للاجزاء والشرائط فأمره عليه السلام بالمضي في الصلاة وعدم الاعتناء بالشك يشملها من هذه الجهة. ثم إنه لا فرق في الحكم بعدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك وفي شمول هذه القاعدة بين أن يكون شكه في عدد الركعات أو الافعال وتشمل الجميع وذلك لان قوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك مطلق يشمل باطلاقه الشك في الافعال وفي عدد الركعات. هذا مضافا إلى أن موثق عمار نص في الافعال لقوله عليه السلام في جواب لا يدري أركع أم لا ؟ وهكذا في جواب لا يدري أسجد أم لا: لا يركع ولا يسجد ويمضي في صلاته . وصحيحة زرارة وأبي بصير ظاهرة في عدد الركعات لان قوله عليه السلام يمضي في شكه في جواب ما سئلا عنه عليه السلام وهو أنه يشك كثيرا الظاهر أنه في عدد الركعات كلما أعاد الشك، فالدليل - في جريان القاعدة في كلا الموردين - موجود ولا يحتاج إلى التمسك بالاطلاق. الخامس: في أنه لو كان كثير الشك في بعض أفعال الصلاة، مثلا كان كثير الشك في خصوص الركوع أو السجود أو تكبيرة الاحرام فهل إذا شك في جزء آخر غير الجزء الذي هو كثير الشك فيه أو غير كثير الشك في ذلك الشرط يجري فيه حكم كثير الشك - أي عدم الاعتناء بشكه والبناء على وقوعه إذا كان المشكوك من الاجزاء والشرائط والبناء على عدمه إذا كان من الموانع - أم لا يلحقه حكم كثير الشك ؟ وكذلك لو كان كثير الشك في خصوص عدد الركعات دون الاجزاء والشرائط

 

والموانع أو كان بالعكس كثير الشك في الاجزاء والشرائط والموانع دون عدد الركعات فهل يسري حكم كثير الشك مما هو فيه كثير الشك إلى ما ليس فيه كذلك فلو كان كثير الشك في الاجزاء دون عدد الركعات فهل يسري هذا الحكم إلى عدد الركعات أو بالعكس أم لا يسري فيه ؟ وجهان بل، قولان: والاوجه هو عدم السراية مما هو كثير الشك فيه إلى غيره مما ليس فيه كثير الشك فلو كان كثير الشك في خصوص تكبيرة الاحرام ولم يدخل بعد في القرائة أي يكون الشك في المحل فبحكم هذه القاعدة يبني على وقوع تكبيرة الاحرام وايجاده فلو شك بعد ذلك قبل أن يركع في أنه هل قرأ السورة أم لا ولكنه شك بدوي غير مسبوق بالشك فيه أصلا فلا تجري القاعدة في السورة بل يجب عليه أن يأتي بها، لان عمدة ما يمكن أن يتمسك به للسراية صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك 1 فانه مطلق لم يذكر فيه متعلقا لكثرة السهو بل رتب حكم المضي في صلاة على كون المصلي كثير السهو فيمكن أن يستفاد منها عدم الاعتناء بشكه في أي جزء من أجزاء الصلاة بمحض كون المصلي من مصاديق مفهوم كثير الشك فإذا صح أن يقال: إن هذا المصلي كثير الشك فلا عبرة بشكه في أي جزء أو شرط وقع الشك فيه بل ولا فرق بين أن يكون شكه في عدد الركعات أو في أفعال الصلاة. ولكن أنت خبير بأن هذه الاستفادة خلاف ظاهر الرواية لانه ليس المراد من قوله عليه السلام إذا كثر عليك السهو أن كثرة السهو في أي شيء كان سواء أكان مما هو متعلق بالصلاة ؟ كالافعال وعدد الركعات أو كان متعلقا بشئ آخر مما هو أجنبي عن الصلاة فامض في صلاتك يقينا وخصوصا مع ذلك التعليل المذكور في سائر الروايات

 

(هامش)

 

(1) تقدم تخريجه في ص 346، رقم (3). (*)

 

من النهي عن تعويد الشيطان فلابد وأن يكون المراد أنه إذا كثر عليك السهو في شيء من صلاتك فامض في صلاتك ولا تعتن بشكك في ذلك الشيء فالظاهر من هذه العبارة حسب المتفاهم العرفي أن متعلق الشك الذي حكم الشارع بالفائه وعدم الاعتناء به مع متعلق الشك الذي في كثر عليك الوهم شيء واحد فيكون ظاهر صحيح ابن سنان كظاهر سائر الروايات إذا كثر شكك في شيء من صلاتك سواء كان هو من الافعال أو كان عدد الركعات فلا تعتني بذلك الشي. ويؤيد هذا الاستظهار تعليل هذا الحكم بعدم تعويد الشيطان على العود إلى الوسوسة وارغام أنفه بعصيانه وعدم اطاعته. فظهر مما ذكرنا أنه لا يسري الحكم مما هو كثير الشك فيه إلى غيره سواء كان ذلك الغير هو أحد الافعال من الاجزاء والشرائط أو عدد الركعات. السادس: في أنه ما المراد من كثير الشك وكثير السهو ؟ أقول: لا شك في أن الالفاظ المستعملة في كلام الشارع تحمل على المعاني العرفية إلا أن يرد تصرف من قبل الشارع من نقل أو تحديد اما النقل فكالصلاة والصوم والحج وأمثالها وأما التحديد فكالاقامة والسفر فان الشارع أو المتشرعة نقلوا ألقاظ القسم الاول من المعاني العرفية إلى ماهيات مخترعة شرعية تعيينا أو تعينا وفي القسم الثاني حدد السفر بثمانية فراسخ والاقامة بعشرة أيام. وأما لو لم يكن نقل ولا تحديد في البين فلابد وأن يحمل على ما هو معناه عرفا وهذا واضح جدا. ومن جملة تلك الالفاظ والجمل التي جعلت موضوعا للحكم الشرعي في لسان الشارع كلمة كثير الشك أو كثير الوهم وقد تقدم أنهما بمعنى واحد في هذا المقام فلو لم يكن تصرف من قبل الشارع لابد من الرجوع إلى العرف في فهم المراد منه وما هو معناه.

 

وعند العرف يحتمل أن يكون من حالات النفس وخلقا لها لا صرف كثرة وجود الشك فحينئذ تعيينه بثلاث مرات في صلاة واحدة أو في ثلاث صلوات متواليات لا أساس له بل لابد من وجود تلك الحالة والخلق في النفس سواء أكان حصولها بنفس ذلك العدد المذكور أو بأقل أو بأكثر منه وطريق تشخيصه هو حكم العرف من الآثار كالوسواسي والقطاع. وأما إن كان عبارة عن كثرة وجود الشك والسهو بدون أن يكون من حالات النفس فلابد من مراجعة العرف في حد الكثرة. هذا كله إذا لم يكن تحديد من قبل الشرع وإلا فيجب الرجوع إلى ذلك الدليل الذي يحدد موضوع حكمه لان تعيين موضوع حكمه بيده ونظره لا بنظر العرف. وما يمكن أن يكون تحديدا من قبل الشارع هو ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو 1. والاحتمالات في هذه الرواية أربعة: أحدها: أن يكون ما أضاف إليه لفظة كل هو لفظة الصلاة مقدرة فيكون المعنى والتقدير أنه: إذا كان الرجل يسهو في كل صلاة ثلاث، فلو شك في كل صلاة مرتين لا يكون كثير الشك بل لو شك في أغلب الصلوات ثلاث ولكن في بعضها القليل لم يشك أصلا أو كان شكه أقل من ثلاث لا يكون كثير الشك. وهذا الوجه مستبعد جدا ولم يقل به أحد. ثانيها: أن يكون المحذوف أو المقدر هو الذي أضاف إلى لفظة ثلاث لا لفظة كل كي يكون التقدير هكذا: إذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث صلوات أي يسهو

 

(هامش)

 

(1) الفقيه ج 1، ص 339، باب أحكام السهو في الصلاة، ح 990، وسائل الشيعة ج 5، ص 330، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 7. (*)

 

في الثالث والسادس والتاسع وهكذا فهو كثير الوهم. وهذا هو حد الاقل فلو كان يسهو في كل اثنين منها فيكون كثير الشك بطريق أولى. ولا شك أن كل ثلاث بناء على هذا المعنى من قبيل العام الاستغراقي أو الاصولي أي الحكم بكونه كثير الشك موضوعه هو أن يشك في كل ثلاث من صلواته فلو شك في إحدى الصلوات الثلاث الاولى مثلا - أي في الصلاة الاولى أو الثانية أو الثالثة - فهو كثير الشك ولم يشك بعد ذلك في الرابعة والخامسة والسادسة فيخرج عن كونه كثير الشك. وبعد ذلك لو شك في أحد الثلاث الآتية يدخل في كثير الشك وهكذا على هذا النسق خروجا ودخولا. ثالثها: أن يكون المراد من كل أحد ثلاث من الصلوات الخمس وذلك بتقدير لفظة الاحد المضاف إلى ثلاث وبتقدير من الصلوات الخمس اليومية بعد لفظة ثلاث كي يكون كلمة من الصلوات الخمس متعلقا بثلاث فتكون النتيجة أنه لو شك في إحدى صلوات الثلاث من الخمسة اليومية أي إما في الصبح أو في الظهر أو في العصر. هذا إذا جعلنا المبدأ صبحا وأما إذا جعلنا المبدأ ظهرا فيشك إما في الظهر أو العصر أو المغرب. وان جعلنا المبدأ عصرا فيشك إما في العصر أو في المغرب أو في العشاء. رابعها: أن يكون المراد أن يشك في كل ثلاث من الخمسة في كل يوم ولو كان الثلاث غير متواليات فلو شك مثلا في الصبح والعصر والعشاء يكون كثيرا الشك أما لو شك في الاثنتين منها ولو كانتا متواليتين كالظهر والعصر أو العصر والمغرب أو المغرب والعشاء فليس بكثير الشك. فالمدار في كونه كثير الشك بناء على هذا هو أن يشك كل يوم وليلة في أكثر الفرائض اليومية سواء كانت الصلوات التي وقع فيها الشك متواليات أو منفصلات وأول مراتب الاكثر في الخمسة هي ثلاث صلوات منها.

 

والفرق بين هذا المعنى والمعنى الثاني هو أولا: أن المراد من الثلاث صلوات في الثاني المتواليات وهاهنا أعم من أن يكون متواليات أو منفصلات. وثانيا: أن المراد من الثلاث ثلاث من جميع الصلوات سواء كانت من يوم واحد كالصبح والظهر والعصر من يوم واحد أو كانت من يومين كالعشاء من هذا اليوم مع الصبح والظهر من غده، غاية الامر متواليات وهاهنا الثلاث من الخمسة في يوم واحد وان لم يكن متواليات كما شرحنا وذكرنا. والانصاف أن الرواية لا تخلو من هذه الجهة - أي من جهة تعدد الاحتمالات - من إجمال مضافا إلى أنه من المحتمل قريبا أن لا يكون قوله عليه السلام إذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو - في مقام تحديد مفهوم كثير السهو بل بصدد بيان بعض مصاديقه العرفية. فإذا لم يكن تحديد من قبل الشارع لاحد الوجهين المذكورين - أي لاجمال الرواية أو من جهة كونه عليه السلام بصدد بيان أحد مصاديقه العرفية - فلابد من الرجوع إلى فهم العرف من هذه الجملة أي جملة كثر عليك السهو . ولا يبعد أن يكون المراد منها حسب المتفاهم العرفي هو كون الشخص له حالة وخلق يوجب شكه كثيرا فكما أن الوسواسي هو كونه ذا حالة توجب الوسوسة فكذلك كونه كثير الوهم وشكاكا بل يمكن أن تكون كثرة الشك مرتبة نازلة من الوسوسة وإذا كان هذا معنى كونه كثير الشك فلو عرض له حالة فجائية أوجب كثرة الشك لاغتشاش حواسه لمصيبة أو لسرور زائد أو لاشتغال فكره بأمر مهم فلا يكون من كثير الشك لانه ليس خلقا له بل عارض يرتفع بسرعة. والحاصل: أنك عرفت الاحتمالات وهي أربعة في الرواية. واما احتمال الخامس: بأن يكون المراد وقوع الشك في كل صلاة ثلاث مرات فلا تساعده قواعد النحو إذ مقتضاها أن يكتب ثلاثا بالالف كي يكون منصوبا وتمييزا

 

ومعلوم أنه لو كان ثلاثا بالالف كان هذا الاحتمال أظهر الاحتمالات وان لم يكن على طبقه قول في الفقه لان معنى هذه الجملة بناء على هذا الاحتمال هو أن يسهو في كل صلاة ثلاث مرات بنحو العام الاستغراقي. ومثل هذا المعنى إما لا يوجد أصلا أو نادر الوجود إذ معناه أن يشك طول عمره في كل صلاة من الصلوات التي يأتي بها ثلاث مرات لان هذا هو المعنى الذي يستفاد من العام الاستغراقي. وما ذكرنا هو احتمالات الرواية. وأما الاقوال في الفقه أيضا كالاحتمالات أربعة: الاول: قول المشهور وهو إيكاله إلى العرف. وهو الصحيح عندنا لما ذكرنا من إجمال الرواية أو لكونها بصدد بيان بعض مصاديقها الشائعة والاكثر وجودا. الثاني: عروض الشك عليه ثلاث مرات متواليات سواء أكان في صلاة واحدة أو كان في ثلاث صلوات متواليات. الثالث: تعين هذه الثلاثة في صلاة واحدة. الرابع: أن يسهو في كل ثلاث صلوات مرة واحدة بنحو العام الاصولي. وهذا القول هو مختار شيخنا الاستاذ قدس سره وقد حمل الرواية على هذا المعنى وجعلة أظهر الاحتمالات فيها. ثم إنه بناء على المختار من كونه عبارة عن حالة وخلق نفساني يوجب كثرة وقوع الشك فلو حصل الشك في وجود مثل هذه الحالة في نفسه فيجري استصحاب عدم وجودها لان هذه الحالة ليست من ذاتيات الانسان ولا من عوارضه اللازمة غير المفارقة كي لا يكون لعدمها النعتي حالة سابقة. وعدمها المحمولي وان كان له حالة سابقة ولكن لا أثر له لان الاثر - أي إلقاء حكم الشك وهو البناء على الاكثر إذا كان الشك في عدد الركعات ولزوم الاتيان بالمشكوك إذا كان الشك في الافعال وقبل تجاوز المحل - مترتب على وجودها النعتي لا الوجود المحمولي فعدمها النعتي له الاثر

 

أي ثبوت هذين الحكمين كل في محله. والحاصل: حيث أن هذه الحالة من العوارض المفارقة فلا مانع من استصحاب عدمها فيكون حالها حال سائر الحالات والملكات كالعدالة والاجتهاد يستصحب عدمها عند الشك في وجودها. واما لو كان عبارة عن كثرة وجود الشك وكان منشأ الشك هي الامور الخارجية فأيضا يجري استصحاب عدم ذلك المقدار. وأما إن كان منشأ الشك هو ترديد المفهوم بين الاقل والاكثر فلا يجري الاستصحاب لعدم الحالة السابقة لذلك المفهوم المردد وعلى تقدير وجود الحالة السابقة لا يثبت أنه الاقل أو الاكثر فلابد من الرجوع إلى العام لان المخصص المنفصل المجمل مفهوما لا يمنع ولا يضر بالتمسك بعموم العام. والمسألة محررة مشروحة في الاصول وقد حققنا وأوضحناها في كتابنا منتهى الاصول 1 وان شئت فراجع والعموم هنا في الشك في عدد الركعات هو البناء على الاكثر وفي الشك في الافعال هو لزوم الاتيان بالمشكوك إذا كان الشك قبل تجاوز المحل. السابع: في أن كثير الشك لو شك بين الاربع والخمس بعد إكمال السجدتين فلو لم يكن كثير الشك فالحكم هو البناء على الاربع والاتيان بسجدتي السهو وأما أنه حيث يكون كثير الشك فيبنى على الاربع بدون أن يأتي بسجدتي السهو. فان هذا معنى المضي وعدم الاعتناء بالشك وكذلك الحكم لو كان شكه بين الاربع والخمس قبل إكمال السجدتين لعين الدليل. وأما لو عرض له هذا الشك في حال القيام فلو لم يكن كثير الشك كانت وظيفته هدم القيام حتى يرجع الشك إلى الثلاث والاربع فيبني على الاربع فيأتي بصلاة

 

(هامش)

 

(1) منتهى الاصول ج 1، ص 449 - 457. (*)

 

الاحتياط. واما لو كان كثير الشك - كما هو المفرض - فهل يجب عليه أن يبني على الاربع ويتم وليس عليه صلاة الاحتياط ؟ كما هو مقتضى عدم الاعتناء بشكه بحكم هذه الاخبار فان مفادها كما ذكرنا عدم الاعتناء باحتمال العدم إذا كان العدم مضرا ومفسدا وباحتمال الوجود ان كان الوجود مفسدا ومضرا والمقام من الاخير لان وجود الخامسة مضر فإذا احتمل وجودها يبني على العدم، أولا بل يجب عليه أن يهدم القيام حتى يرجع شكه إلى الشك بين الثلاث والاربع. حكى عن الشيخ الاعظم الانصاري قدس سره الثاني ولكن الاول هو الصحيح وذلك لما سنذكر من حكومة دليل عدم الاعتناء بشك كثير الشك على أدلة البناء على الاكثر إذا كان الشك في عدد الركعات فإذا شك في الركعات بين الاربع والخمس فلا يأتي دليل البناء على الاكثر لان دليل البناء على الاكثر إنما ورد لتصحيح الصلاة لا لافسادها ولذلك لا تشمل هذا الشك فالحكم بصحة الصلاة والبناء على الاربع لدليل خاص إذا كان بعد إكمال السجدتين. وأما إذا كان في حال القيام فليس دليل خاص في البين فمقتضى القاعدة ابتداء هو الفساد بالنظر البدوي وذلك لعدم شمول دليل البناء على الاكثر له لما ذكرنا ولا دليل على عدم الاعتناء بشك كثير الشك لعدم حكم له كي يكون حاكما عليه وليس دليل خاص في البين كما هو المفروض. هذا ولكن عند التأمل هذا الشك مستلزم لشك آخر وهو أن الركعة السابقة مرددة بين الثلاث والاربع وله حكم وهو البناء على الاربع وحيث أنه كثير الشك ويجب عليه عدم الاعتناء بشكه أي يلغي احتمال كونها رابعة والبناء على كونها ثالثة فإذا بني على كونها ثالثة فيكون ما بيده - المحتمل كونها خامسة وجدانا - حسب الحكم الشرعي هي الرابعة فيتمها من دون وجوب هدم القيام بل لا يجوز ذلك لحكم الشارع بأنها رابعة فيتمها ولا شيء عليه حتى سجدة السهو لانها منصوصة في مورد خاص.

 

اللهم إلا أن يقال: إن حكم الشارع بالمضي وعدم الاعتناء بالشك في نفس المورد الذي وقع الشك لا ما يلازم هذا الشك ففي نفس المورد لابد وأن يكون للشك حكم حتى يرفعه دليل عدم الاعتناء بشك كثير الشك ووجوب المضي في الصلاة. وهاهنا ليس في نفس المورد حكم في البين كي يكون دليل وجوب عدم اعتناء كثير الشك بشكه حاكم عليه. فلابد من هدم القيام حتى يرجع الشك إلى الشك بين الثلاث والاربع فيبني على الاربع ويتم الصلاة وليس عليه صلاة الاحتياط لان الشارع ألغى احتمال عدم وجود الرابعة لانه كثير الشك. وفيه: أن وجود الشك بين الثلاث والاربع في الركعة السابقة على ما بيده وجداني وتكويني وحكم ذلك الشك مع قطع النظر عن دليل عدم اعتناء كثير الشك بشكه هو أن السابقة رابعة وهذه التي بيده خامسة فيجب هدمها. ولكن حيث أن المفروض أنه كثير الشك فلا يأتي هذا الحكم - أي كون هذه التي بيده خامسة - في المقام بل يجب عليه المضى في صلاته وإلغاء احتمال الخامسة لما ذكرنا أن مفاد أدلة عدم اعتناء كثير الشك بشكه والمضي في صلاته هو عدم الاعتناء باحتمال العدم فيما يكون عدمه مضرا وعدم الاعتناء باحتمال الوجود فيما يكون وجوده مضرا. وان شئت قلت: بأن مفاد أخبار الباب هو الحكم بالصرفة وإرغام أنف الشيطان ولا شك في أن الصرفة في المقام تقتضي عدم الاعتناء باحتمال وجود الخامسة فلا يجوز الهدم بل يجب البناء على الاربع واتمام الصلاة بدون أن يكون عليه شيء من صلاة الاحتياط أو غيرها فلا يبقى وجه لما حكى عن الشيخ الاعظم قدس سره من وجوب هدم ما بيده. الثامن: في أنه هل يلحق كثير الظن بكثير الشك في هذا الحكم أم لا ؟ بعد الفراع

 

عن عدم إلحاق كثير القطع به يقينا بل عدم إمكانه لعدم إمكان سلب الحجية عن القطع ولو كان قطاعا أي كثيرا ما يحصل له القطع من أسباب لا توجب القطع عند أهل العرف والمتعارف من الناس بخلاف الظن فانه يمكن تقييد حجيته بما إذا كان حاصلا من أسباب متعارفة عند أغلب الناس. فالدليل الذي يدل على حجية الظن في عدد الركعات أو في أفعال الصلاة وان قلنا بأنه يمكن أن يقيد بالظن المتعارف لا مطلق الظن ولكن صرف الامكان لا يثبت كونه - أي كثير الظن - مثل كثير الشك وان لا يعتني بظنه مثلا لو كان كثير الظن وظن بعدم الركوع مع عدم التجاوز عن المحل فيحكم بعدم اعتبار هذا الظن ويقال بوجود الركوع وصحة الصلاة بل يحتاج اتحاد كثير الظن مع كثير الشك في هذا الحكم - أي عدم الاعتناء باحتمال العدم إذا كان العدم مضرا بالصحة وعدم الاعتناء باحتمال الوجود إذا كان الوجود مضرا بالصحة - إلى دليل على ذلك والاخبار المتقدمة - التي كانت دالة على عدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك - لا تدل على ذلك لخروج كثير الظن عن موضوع كثير الشك. هذا إذا كان الظن حجة واما إذا لم يكن حجة فهو في حكم الشك بل هو هو لانه ليس المراد من الشك تساوي الاحتمالين كي لا يشمل الظن فانه معنى اصطلاحي عند المنطقيين والاصوليين وإلا ففي العرف الشك خلاف اليقين فيشمل الظن والوهم. فبناء على هذا لو قلنا بعدم حجية الظن في أفعال الصلاة فلو ظن بعدم القرائة مثلا وكان في المحل أي كان قبل الدخول في قرائة السورة ظن بعدم قرائة فاتحة الكتاب أو ظن بعدم قرائة السورة قبل الدخول في الركوع فلو لم يكن كثير الظن فمقتضى الشك في المحل أن يأتي بالمشكوك وأما لو كان كثير الظن والمفروض عدم حجية الظن في الافعال فيجب المضي في الصلاة وعدم الاعتناء باظن بالعدم لشمول قوله عليه السلام: إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك .

 

نعم إذا قلنا بحجية الظن في أفعال الصلاة - كحجيته في عدد الركعات - قامت الحجة على العدم في المثل المذكور فكيف يمكن أن يقال بعدم الاعتناء بمثل هذه الحجة. اللهم إلا أن يقال: إن دليل وجوب المضي في الصلاة وعدم الاعتناء بالشك في مورد كثير الشك حاكم على دليل اعتبار الظن في أفعال الصلاة أي يخرج كثير الظن عن تحت دليل اعتبار الظن وحجيته تعبدا فكأنه قيد دليل اعتبار الظن بعدم كونه من كثير الظن. وننكر ما اعتذرنا سابقا لعدم الحكومة بخروج كثير الظن عن موضوع كثير الشك وهذا الانكار في محله وصحيح لما قلنا من أن الشك لغة وعرفا يشمل الظن والوهم لانه خلاف اليقين. التاسع: في أنه لو كان كثير الشك في أصل وجود الصلاة - بمعنى أنه كثيرا يشك مثلا في أنه صلى صلاة الظهر أم لا وهكذا في سائر الصلوات - فهل تجري هذه القاعدة أي يحكم بوجود تلك الصلاة أم لا ؟ الظاهر عدم الجريان لان قوله عليه السلام إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك أن كثرة الشك تكون في صلاته لا في أصل وجود الصلاة. وهذا بقرينة الحكم المترتب على هذا الموضوع لان الحكم قد يضيق الموضوع مع سعته في حد نفسه مثل لا تمش مع أحد فان لفظ أحد بحسب مفهومه اللغوي والعرفي يشمل الاحياء والاموات ولكن بقرينة الحكم - أي لا تمش - يختص في المثل المذكور بالاحياء. وهاهنا جملة إذا كثر عليك السهو حيث لم يذكر فيها متعلق السهو ففيه اطلاق يشمل السهو في أفعال الصلاة وعدد ركعاتها وأصل وجود الصلاة ولكن حكمه عليه السلام بقوله: فامض في صلاتك يخصصه بأفعال الصلاة وركعاتها لانه إذا شك في أصل الصلاة فلا يبقى مورد لقوله عليه السلام: امض في صلاتك وهذا واضح جدا.

 

وأما مسألة عموم التعليل فالتمسك به لا مجال له لما ذكرنا من أنه حكمة التشريع وليس من قبيل علة الحكم وإلا فكان الواجب إجرائها في كل مركب عبادة كانت أو معاملة في أجزائها وشرائطها ومقدماتها الخارجية وأصل وجود كل شيء يكون للحكم بوجوده أثر شرعي مركبا كان أو بسيطا وليس الامر كذلك قطعا. وتقدم الكلام في هذا الموضوع عندما تكلمنا في جريان هذه القاعدة وعدمه في سائر المركبات غير الصلاة والمقدمات الخارجية للصلاة واخترنا عدم الجريان. العاشر: في أنه وردت روايات فيها الامر بالادراج أي التخفيف في الصلاة كي لا يقع في الشك كثيرا وكذلك الامر بالاحصاء بالحصى لاجل هذه الجهة وكذلك استحسان التخفيف في الصلاة من أجل السهو فهل هذه الامور واجبة أم لا ؟ فالاول: أي الامر بالادراج كما في خبر الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السهو ؟ قلت: فانه يكثر علي فقال عليه السلام: أدرج صلاتك إدراجا قلت: وأي شيء الادراج ؟ قال: ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود 1. وأما الثاني: فكما في خبر حبيب الخثعمي قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال: أحص صلاتك بالحصى أو قال: احفظها بالحصى 2. والثالث: كما عن الحلبي أيضا في خبره الآخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو 3. والاحتمالات في هذه الروايات إما الحمل على الارشاد من دون أن يكون أمر

 

(هامش)

 

(1) الكافي ج 3، ص 359، باب من شك في صلاته كلها...، ح 9، تهذيب الاحكام ج 2، ص 344، ح 1425، باب أحكام السهو، ح 13، وسائل الشيعة ج 5، ص 335، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 22، ح 3. (2) تهذيب الاحكام ج 2، ص 348، ح 1444، باب أحكام السهو، ح 32، وسائل الشيعة ج 5، ص 343، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 28، ح 1. (3) الفقيه ج 1، ص 567، باب نوادر الصلوات، ح 1566، وسائل الشيعة ج 5، ص 335، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 22، ح 2. (*)

 

مولوي في البين ولو استحبابيا أو الحمل على الاستحباب أو الحمل على بعض مراتب الشك النازلة عن مرتبة كثير الشك المأمور بعدم الاعتناء بذلك الشك وذلك لان الاحصاء والتخفيف نوع اعتناء. أما الحمل على الوجوب المولوي فلا يلائم مع قوله عليه السلام في رواية الحلبي الثانية ينبغي لان كلمة ينبغي ظاهرة في عدم الوجوب بل وكذلك كلمة لا بأس في خبر المعلي سأل أبا عبد الله عليه السلام فقال له: إني رجل كثير السهو فما احفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان ؟ فقال عليه السلام: لا بأس 1. والظاهر من هذه الاحتمالات هو الارشاد إلى طريق تسلم صلاته من وقوع الخلل والنقصان فيها. الجهة الثالثة في بيان نسبة هذه القاعدة مع الادلة الاولية وموارد تطبيقها فنقول: أما نسبتها مع الادلة الاولية فهي الحكومة من جهة أن المراد من الادلة الاولية في المقام هي الادلة التي مفادها ترتب حكم على الشك ففي الشك في عدد الركعات عبارة عن الادلة التي مفادها البناء على الاكثر ثم تدارك ما احتمل نقصه بصلاة الاحتياط وفي الشك في أفعال الصلاة من الاجزاء والشرائط عبارة عن الادلة التي مفادها إتيان المشكوك إذا كان الشك في المحل. ودليل القاعدة لو كان نفي الشك عن كثير الشك كما هو المشهور والمتداول في الالسنة لكانت حكومته على الادلة الاولية في جانب الموضوع واضحة لان موضوع الادلة الواقعية هو الشك إما الشك في عدد الركعات أو الشك في الافعال لكن قبل

 

(هامش)

 

(1) الفقيه ج 1، ص 255، باب ما يصلي فيه وما لا يصلي فيه من الثياب...، ح 781، وسائل الشيعة ج 5، ص 343، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 28، ح 2. (*)

 

تجاوز المحل، ودليل القاعدة يرفع الشك تعبدا وهو معنى الحكومة بالتضييق في جانب الموضوع من الاقسام الثمانية للحكومة. وقد شرحنا الحكومة وأقسامها في كتابنا منتهى الاصول 1 ومن أراد فيراجع. ولكن لم نجد في أدلة القاعدة وأخبار الباب ما يكون لسانه نفي الشك عن كثير الشك صريحا وانما الموجود في أخبار الباب التي هي أدلة عدم الاعتناء بشك كثير الشك ثلاث عبارات: أحدها: يمضي في شكه . ثانيهما: امض في صلاتك أو فليمض في صلاته بصورة أمر الحاضر تارة وأمر الغائب أخرى. ثالثها: يمضي في صلاته بصورة الجملة الخبرية. والفرق بين الثالث والاول هو أن الاول كانت العبارة يمضى في شكه والثالث يمضي في صلاته وإلا فالاثنان بصورة الجملة الخبرية والمستفاد من العبارات الثلاث هو المضي وعدم الاعتناء بالشك إذا كان كثير الشك فإذا كان معنى المضي وعدم الاعتناء بالشك هو نفي الشك ورفعه في عالم التشريع فتكون هذه الاخبار - التي هي أدلة القاعدة - حاكمة على الادلة الاولية. وأما إذا كان معناه رفع حكم الشك عن كثير الشك بدون تصرف في كونه شاكا ولو تعبدا فيكون تخصيصا لا حكومة والظاهر هو الاول. وأما موارد تطبيقها: أما بطور الاجمال: ففي كل مورد شك في أي جزء من أجزاء الصلاة أو شرائطها أو أي مقدمة من مقدماتها الداخلية وكان الشك فبل تجاوز المحل الذي مقتضى القواعد الاولية لزوم تداركها فإذا كان كثير الشك لا يعتنى بشكه ويمضي في شكه. وكذلك في عدد الركعات لا يعتني بشكه ويمضي في صلاته بمعنى ما ذكرنا من أنه يبني على عدم ما يضر وجوده بالصحة وعلى وجود ما يضر عدمه بها فهذا هو معنى المضي في صلاته وهذا هو البناء على الصرفة.

 

(هامش)

 

(1) منتهى الاصول ج 2، ص 535. (*)

 

وأما بطور التفصيل: فقد يكون الشك في عدد الركعات وقد يكون في الافعال. أما الاول: فلو شك في صلاة الصبح مثلا بين الواحد والاثنين بمعنى أن ما بيده هل هي الركعة الاولى أو الثانية وحيث أن مرجع هذا الشك إلى احتمال عدم الاتيان بالثانية وأيضا حكم الشك في الثنائية والثلاثية كالصبح والمغرب هو البطلان فمعنى عدم اعتنائه بشكه لانه كثير الشك فرض الشك كالعدم فبطلان الصلاة الذي كان حكم الشك يرتفع بارتفاع موضوعه في عالم التشريع. وأيضا معنى رفع هذا الشك تعبدا وفي عالم التشريع يرجع إلى رفع احتمال عدم الثانية وهذا معناه وجود الثانية تعبدا فلو شك في صلاة الصبح بين الواحد والاثنين فالصلاة ليست باطلة بل يجب عليه أن يبني على الاثنتين ويتم الصلاة. ولا فرق في كون حدوث هذا الشك في حال الجلوس أي بعد رفع الرأس عن السجدة الثانية أو كان في حال القيام. ولو كان هذا الشك - أي الشك بين الواحد والاثنتين - في صلاة المغرب أيضا يكون الامر كما ذكرنا في صلاة الصبح أي هذه القاعدة ترفع البطلان واحتمال عدم الثانية فيجب عليه البناء على صحة الصلاة والاثنتين. وأما لو كان هذا الشك في غير صلاة الصبح وغير المغرب أي كان في الرباعيات وحيث أن حكم الشك أيضا فيها البطلان - لان الشكوك الصحيحة في الرباعيات بعد إحراز الاثنتين وبعد إكمال السجدتين - فالامر كما في صلاة الصبح والمغرب أي ترفع هذه القاعدة كلا الامرين من البطلان واحتمال عدم الثانية فالصلاة صحيحة ويبني على الاثنتين. هذا كله فيما إذا كان شك كثير الشك بين الواحد والاثنين. واما لو كان بين الاثنين والثلاثة فان كان في صلاة الصبح فيبني على الاثنين بناء على ما ذكرنا من أن مفاد القاعدة رفع احتمال العدم إذا كان العدم مضرا ورفع احتمال

 

الوجود إذا كان الوجود مضرا لان هذا معنى المضي وعدم الاعتناء بالشك وحيث أن في صلاة الصبح وجود الثالثة مضر فهذا الاحتمال ملغي فيبنى على الاثنين والصحة أما الاثنين لما ذكرنا من أن احتمال وجود الثالثة حيث أنه مضر فملغا. وأما الصحة فلان حكم الشك في الثنائية - أي صلاة الصبح - والثلاثية - أي صلاة المغرب - هو البطلان فهده القاعدة ترفع هذا الحكم برفع موضوعه تعبدا وفي عالم التشريع. وأما إن كان هذا الشك - أي بين الاثنين والثلاث - في صلاة المغرب فيبني على الثلاث والصحة أما الصحة فلما ذكرنا في صلاة الصبح عينا واما البناء على الثلاث فلان هاهنا احتمال العدم مضر فيبني عل وجودها فهذا الشك في صلاة المغرب يكون بعكس صلاة الصبح لانه كان في الصبح يبني على الاثنين وفي المغرب يجب البناء على الثلاث لما ذكرنا من أنه يجب البناء على الصرفة لان المتفاهم العرفي من يمضي في صلاته أو يمضي في شكه هو هذا المعنى. وأما لو كان هذا الشك - أي بين الاثنتين والثلاث - بعد إكمال السجدتين في الرباعيات كالظهر والعصر والعشاء فحيث أن حكم الشك ليس فيها البطلان فهذه القاعدة لا تثبت الصحة لانها صحيحة مع قطع النظر عن هذه القاعدة وأيضا ليس أثر هذه القاعدة في هذه الصورة هو البناء على الثلاث فقط لان هذا أيضا كان مع قطع النظر عن هذه القاعدة فالمرفوع بهذه القاعدة في هذه الصورة هو وجوب صلاة الاحتياط لانه كان أثر هذا الشك لو لم يكن كثير الشك فيرتفع هذا الاثر بهذه القاعدة. وأما إذا شك بين الثلاث والاربع فان كان في صلاة الصبح وكان بعد الدخول في الركوع فهي باطلة لزيادة الركوع بل الركعة يقينا. واما إن كان قبل الدخول في الركوع فيجب عليه هدم القيام لعدم كون هذا القيام من الصلاة قطعا وإنما هو زيادة سهوية فلا يضر من هذه الجهة وبعد هدمه القيام يرجع شكه إلى ما بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين وحكم هذا الشك وان كان في حد نفسه هو البطلان

 

لانه شك في الثنائية - أي صلاة الصبح - ولكن حيث أنه كثير الشك فيرتفع الحكم ببطلان هذه الصلاة لحكومة هذا القاعدة على ذلك الدليل. ولما ارتفع الحكم بالبطلان فاحتمال الثلاثة أيضا يرتفع بهذه القاعدة لان وجودها مضر لصلاة الصبح فإذا ارتفع احتمال الثاثة بحكم الشارع فالنتيجة صحة الصلاة والبناء على الاثنتين. وأما إذا كان هذا الشك في صلاة المغرب ولما كان حكم الشك فيها هو البطلان كصلاة الصبح فيرتفع بهذه القاعدة، ولما كان احتمال الاربعة مضرا فهو أيضا يرتفع فالنتيجة صحة الصلاة والبناء على الثلاث. وأما لو كان هذا الشك في الرباعيات - أي صلاة الظهر أو العصر أو العشاء - فحيث أن حكم الشك في نفسه مع قطع النظر عن كونه كثير الشك هي الصحة فمن هذه الجهة لا أثر لكونه كثير الشك كما أن حكم الشك في هذه الصورة هو البناء على الاربع فمن هذه الجهة أيضا غير كثير الشك وكثير الشك متوافقان لما قلنا أن معنى عدم الاعتناء بالشك والمضي فيه هو البناء على وجود ما يكون عدمه مضرا فاللازم البناء على وجود الرابعة فمن هاتين الجهتين لا فرق بينهما وهما متوافقان. نعم الفرق بينهما أن في الشك المتعارف يجب أن يأتي بصلاة الاحتياط منفصلا ومستقلا لتدارك ما احتمل فوته وهذا كمال الاعتناء بالشك ففي كثير الشك الذي حكم الشارع بعدم الاعتناء بالشك لا يجب عليه شيء اصلا وهذا الحكم - أي وجوب صلاة الاحتياط - مرفوع عنه. وأما الشك بين الاربع والخمس ففي صلاة الصبح والمغرب موجب للبطلان قطعا ووجهه واضح في الشك المتعارف وكثير الشك نعم لو كان في حال القيام يمكن أن يقال بوجوب هدم القيام في صلاة المغرب لان هذا القيام ليس من الصلاة قطعا فإذا هدم يرجع الشك إلى ما بين الثلاث والاربع فيبني في كثير الشك على الثلاث ويلغي

 

احتمال الرابعة لان وجودها مضر كما تقدم شرحه واما في الشك المتعارف فالصلاة باطلة ووجهه معلوم. ومما ذكرنا عرفت أنه لو كان أحد طرفي الشك أو أحد أطرافه هو الاربع والطرف الآخر أي عدد كان زائدا على الاربع وكان في حال القيام فالعلاج هدم القيام وتصحيح الصلاة إذا كان كثير الشك في صلاة المغرب وأما في الرباعيات فيبني على الاربع في أي حال كان إذا كان كثير الشك. وأما في الشك المتعارف فقد تقدم الكلام فيه في قاعدة البناء على الاكثر. هذا كله في الشك في عدد الركعات. وأما الثاني: أي الشك في الافعال: فكذلك أيضا يجب عليه عدم الاعتناء بشكه والبناء على وجود المشكوك إن كان عدمه مضرا والبناء على عدمه إن كان وجوده مضرا فلو شك في أنه كبر وكان كثير الشك يبني على أنه كبر تكبيرة الاحرام ولا يجوز له أن يكبر ثانيا بقصد تكبيرة الاحرام لانها زيادة عمدية مبطلة. نعم لو أتى بها من باب الاحتياط وبرجاء إدراك الواقع ثم تبين أنه لم يأت بها فالظاهر أن صلاته صحيحة ولا تجب الاعادة. ولو شك في أنه قرأ فاتحة الكتاب أو السورة فان كان الشك في فاتحة الكتاب قبل الدخول في السورة والشك في السورة كان قبل الدخول في الركوع في الركعة الاولى أو قبل الدخول في القنوت في الركعة الثانية - وبعبارة أخرى كان قبل تجاوز المحل - فيبني على وجود المشكوك إذ عدمه مضر بالصحة فيبني على وجوده وان كان الشك في المحل. ولو شك في الركوع فيبني على إتيانه وان كان في المحل لعين ما ذكرنا من وجوب عدم اعتناء كثير الشك بشكه مضافا إلى ورود النص في المقام وفي الشك في السجود بقوله عليه السلام في موثق عمار عن الصادق عليه السلام: لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى

 

يستيقن يقينا 1. ولو شك في السجود سواء أكان المشكوك سجدة واحدة أو سجدتين يبني على الاتيان. وقد عرفت آنفا النهي عن الاتيان بها أو بهما ثانيا في خبر عمار وهكذا الحال لو شك في التشهد والتسليم أو في جزء منهما بعين ذلك الدليل. ولو شك في وجود مانع كالتكلم بكلام الآدمى أو تنجس بدنه أو لباسه مثلا أو وجود حدث أو استدبار مثلا وكان كثير الشك فيبني على عدمه لان هذا معنى عدم الاعتناء بالشك والمضي فيه حسب المتفاهم العرفي لان العرف يفهم من عدم الاعتناء بالشك والمضي فيه أن ما هو مشكوك الوجود إذا كان شيء مضر وجوده يبني على عدمه وإذا كان مضرا عدمه يبني على وجوده وبعبارة أخرى: معنى عدم الاعتناء إلغاء احتمال المضر. هذا في الاجزاء والموانع والقواطع. أما الشرائط: فالداخلية منها حالها حال الاجزاء فلو شك كثير الشك في الستر أو طهارة البدن أو اللباس أو الاستقبال أو الجهر في الجهرية أو الاخفات في الاخفاتية أو الموالات أو الترتيب أو غير ذلك من الشرائط الداخلية فيبني على وجودها فان هذا معنى المضي في الصلاة وعدم اعتنائه بشكه. وأما الشرائط الخارجية: والمراد بها ما يكون لها وجود مستقل في خارج الصلاة كالوضوء والغسل والتيمم مقابل الشرائط الداخلية التي ليس لها وجود مستقل خارج الصلاة مثلا الوقت الذي من شرائط الصلاة عبارة عن كون صلاة الظهر والعصر بين الحدين أي بين زوال الشمس عن دائرة نصف النهار وبين استتارها في الافق أو ارتفاع الحمرة المشرقية إلى ما فوق الرأس وهذا المعنى لا يمكن أن يوجد

 

(هامش)

 

(1) تهذيب الاحكام ج 2، ص 153، ح 604، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة...، ح 62، الاستبصار ج 1، ص 362، ح 1372، باب من شك فلم يدر واحدة سجد أم اثنتين، ح 5، وسائل الشيعة ج 5، ص 330، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 16، ح 5. (*)

 

إلا في نفس الصلاة. فان قلنا بعدم شمول هذه القاعدة لها فلا كلام وان قلنا بشمولها لها إذا كان الشك فيها في حال الصلاة، مثلا إذا شك أنه تطهر عن الحدث الاكبر بالغسل أو التيمم كل واحد منهما في محله أو تطهر عن الحدث الاصغر بالوضوء أو التيمم كل في محله أيضا وكان شكه هذا في حال اشتغاله بالصلاة فيبني على وجودها لشمول قوله عليه السلام: يمضي في صلاته أو يمضي في شكه لمثل هذه الشروط الخارجية لكن في حال الصلاة لانه في ذلك الحال يشبه الشروط والمقدمات الداخلية ولها بالنسبة إلى الصلاة وجود تبعي. وبعبارة أخرى: الشروط الخارجية بالمعنى الذي ذكرنا لها في حال الصلاة ترجع تقريبا إلى الشروط الداخلية فيلحقها حكمها تبعا لان معنى شكه في الوضوء في حال الصلاة هو أن صلاته مع الطهارة أم لا غاية الامر أنه من أوصاف المصلي مثل ستر العورة والاستقبال. نعم لو شك قبل الصلاة في أنه تطهر من الحدث الاكبر أو الاصغر فلا تشمله القاعدة كما تقدم الكلام فيها فلا نعيد. تنبيهان التنبيه الاول: هو أن هذا الحكم - أي حكم الشارع بوجوب عدم اعتناء كثير الشك بشكه والمضي في صلاته بمعنى أنه لو شك في وجود جزء أو شرط يبني على وجوده ولا يعتنى باحتمال عدمه وانه لو شك في وجود مانع أو قاطع يبني على عدمه ولا يعتني باحتمال وجوده - حكم ظاهري فإذا بنى على الوجود فظهر وتبين عدم وجوده أو بني على العدم فتبين وجوده فيعمل بمقتضى ما ظهر وتبين. فان كان ما بنى على وجوده وظهر خلافه ركنا من الاركان ولم يبق محل تداركه فصلاته باطلة لان نقيصة الركن عمدا وسهوا موجبة للبطلان.

 

وأما إن لم يكن ركنا فان كان محل تداركه باقيا يجب عليه إن يتدارك ما فات وان لم يكن باقيا فان كان مما فيه القضاء فيجب عليه القضاء وان كان مما فيه سجدة السهو فيجب عليه سجدتا السهو وإلا فلا شيء عليه ولا اعادة لحديث لا تعاد الصلاة إلا من خمسة 1. وأما إن بنى على العدم فبان وجوده يعمل بمقتضى وجوده كل ذلك من جهة أن مفاد هذه القاعدة حكم ظاهري والحكم الظاهري - كما حققناه في كتابنا منتهى الاصول في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي 2 - حكم إثباتي لا ثبوت ولا واقع له وهو كسراب يحسبه الجاهل حكما ولذلك قلنا في مبحث الاجزاء أنه لا يفيد الاجزاء. والحق ما أفاده الشيخ الشهيد قدس سره أن القول بالاجزاء ملازم مع القول بالتصويب. التنبيه الثاني: إذا كان كثير الشك في شيء لاحكم له، إما من جهة كون الشك فيه بعد تجاوز المحل وإما من جهة قيام أمارة على لزوم عدم الاعتناء بذلك الشك، فالاول: كما إذا كان شكه وكثرته في السجدة الثانية دائما بعد الدخول في التشهد. والثاني: كما لو كانت كثرة شك الامام أو المأموم في جزء مثلا مع حفظ الآخر فاتفق في الاول وقوع شكه في ذلك الشيء - أي السجدة الثانية مثلا قبل التشهد - وفي الثاني لو شك الامام مثلا من باب الاتفاق في جزء مع عدم حفظ من خلفه عليه فهل يجب الاعتناء بهذا الشك - لعدم كونه كثير الشك في هذا الشك بالخصوص وما كان فيه كثير الشك لم يكن له حكم - أم لا يجب الالتفات والاعتناء بهذا الشك ؟ لكونه كثير الشك في هذا الجزء ولو في غير هذا الحال أي في غير عدم التجاوز في الاول وفي حال عدم الحفظ في الثاني وجوه وأقوال. قول بالالتفات مطلقا، وقول بالعدم مطلقا، وقول بالتفصيل بين القسمين، ففيما كان

 

(هامش)

 

(1) تقدم تخريجه في ص 303، رقم (2). (2) منتهى الاصول ج 2، ص 535. (*)

 

من قبيل القسم الاول أي لا حكم له في حد نفسه يجب الالتفات، فإذا اتفق وقوع الشك لكثير الشك في ذلك الجزء قبل تجاوز المحل يجب عليه أن يأتي به. وأما فيما إذا كان من القسم الثاني، أي فيما إذا كانت أمارة على إلغاء الشك وعدم الاعتناء به فلا يجب الالتفات إليه. واختار شيخنا الاستاذ قدس سره هذا التفصيل - معللا بأن الشك في القسم الاول نوعان بخلاف القسم الثاني - وهو عجيب، والظاهر هو عدم الاعتناء مطلقا لكونه كثير الشك. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.