شخصيّة الإمام الصادق عليه السلام

شخصيّة الإمام الصادق(عليه السلام) 

التاريخ هو مرآة تعكس الصور فتحفظها للأجيال بصفحات تضمّ الأحداث، وهو للجميع لا يختصّ باُمة دون اُخرى، ولا يتقيّد برأي دون رأي، وهو أمين، والأمين يقبح به أن يخون أمانته، ولئن تحتّم عليه أن يحتفظ بالحقائق والأضاليل معاً، فليس ذلك إلاّ إلى أمد الآماد، ثم تنكشف الحقائق لتثبت وحدها سليمة من مجاورة الأضاليل.

والتأريخ يسجّل الحوادث على ماهي عليها بصورها وأشكالها، فلا تغيير ولا تبديل، ولا نقل صورة وترك اُخرى; هذه هي وظيفة التاريخ الصحيح في كلّ دور من الأدوار.

ولكنّ التلاعب السياسي الذي لعب دوراً هاماً في سيطرته على نظام التاريخ وتصرفه في سيره، وسلب حريته في أداء أمانته، جعلنا نعترف بأنه لم يتمكن من أداء واجبه على الوجه الصحيح، وقد أودعت في طياته أشياء هي أعظم عليه من وخز المُدى، وتركت أشياء هي مفخرته عندما يؤديها للأجيال، وإنّ من المؤسف جداً أن يفقد التاريخ حرّيته، وتلتوي به الطرق، وإذا به ينظر في مرآة الغير ولا ينظر الغير في مرآته. بفعل المسيطرين عليه لا بفعله هو.

ولئن كبّل التاريخ بتلك القيود فهو لا يخلو من حقائق يطمئنّ إليها كلّ باحث، وها نحن على ضوء تلك الحقائق ننتزع من أشواك العصبية والأهواء زهرة حياة الإمام الصادق، وإنّ أكثر المؤرخين قد أهملوا أخباره وسيرته ولم يذكروا إلاّ النزر منها، ومن وقف على ما كتبه ابن كثير في تاريخه عن بعض الشخصيّات التي لا قيمة لها في سوق الاعتبار يعرف مدى انحرافه، وأنّه أهمل الواقع وظلم الحقيقة، وتراه عندما يأتي لذكر جعفر بن محمد الصادق في حوادث (148هـ ) يقتصر على قوله: وفيها مات الإمام جعفر الصادق(59). ولا يروق له ذكر شيء عن حياته، وكثيرون أمثال ابن كثير من قبل ومن بعد.

وأغرب شيء وقفنا عليه أنّ البحاثة محمد محيي الدين المعروف بالتتبع وضبط الألفاظ في تصحيحه وتعليقه على الكتب أهمل اسم جعفر بن محمد وغيّر اسمه، فيقول عند ذكر وفاته في العنوان: وفاة محمد بن جعفر العلوي(60).

وهب أنّ ذلك غلط مطبعي أو من الناسخ في أصل الكتاب، فإنّ الواجب عليه التنبيه والالفات لهذا الغلط.

وما نرى ذلك إلاّ من نتائج جهود النواصب وأعداء أهل البيت الذين اتّجهوا بنشاط واضح الى الأقلام المعاصرة في مصر العروبة والإسلام للتأثير في واقعيتها، والتحوّل عما اتّصفت به من الدقّة والصدق في مواقف كثيرة.

ومثل شخصيّة جعفر بن محمد تلك الشخصية الإسلامية العظيمة يجب على التاريخ اعطاءها حقّها من البحث، فهو أبرز شخصية في عصره وأعلم الاُمة على الإطلاق.

ولا نتجاوز الحقيقة إن قلنا ان الإمام الصادق(عليه السلام) كان أعلم أهل عصره وهو أولى الناس بحفظ أمانة الدين، ولا نبعد عن الواقع، إن قلنا إنّ تلك الخطوات التي سار عليها في عصر ازدهار العلم قد اعطت الاُمة درساً، وعلّمتهم كيف يجب أن يكون المصلح الذي يقتدي به عظماء الاُمة ورجال الدعوة، وأن يستقلّ العلم بمؤهلاته النفسية ويفرض نفسه على المجتمع بقيمه الروحية، بدون التزام بالقوة. بل الأولى أن يكون مقبولاً من حيث هو، لا من حيث الإرهاب والسلطة أو المغريات الخدّاعة، وأنّ الكثير ممن درسوا حياة الإمام الصادق(عليه السلام) إنّما سلكوا طرق الحذر والتكتم، فتلك دراسة سطحية لا تتجاوز حدود دائرة الحذر أو التعصّب، وقد رسمت صورته في اطار التاريخ بريشة مفن مرتعشة لذلك لم تبرز طبق الأصل، ومع هذا جاءت سليمة من التشويه وفريدة في الإبداع، لم تنل منها أغراض الحكام، ولم تتمكن من منزلته سياستهم، فكان غاية ما في وسع من أشبع بروح العداء أو نذر نفسه لخدمة أغراض الملوك، أو خشي السيف وظلمة السجون أن يغفل ذكر الإمام أو يهمله، فكان عملهم هذا كأنّه إشارة بالغة وصرخة عالية للدلالة على فضل الإمام جعفرالصادق.

ولو تأمّلنا شخصية الإمام لرأيناها موضع الاهتمام الأوّل من قبل السلطة ومصدر همومهم، ولوجدناها محور حركة علوم الدين والفقه، فقد أثر نبوغه وتفرده الذي أثار الحكام في مجموع النشاط العلمي.

وغرضنا في البحث عن حياة الصادق(عليه السلام)بيان منزلته العلميّة بالقياس إلى غيره ممن أخذ الشهرة وما هو منه في شيء، والأسباب غير مجهولة والحقيقة غير صامتة. وهنا يلزمنا ان نتخلّى عن الموضوع ونستمع إلى أقوال علماء الاُمة ورؤساء المذاهب، وحفّاظ الحديث، وكبار المؤرخين والكتاب من القدماء وبعض المعاصرين في انطباعاتهم عن شخصية الإمام الصادق(عليه السلام) ، بدون إحاطة للكلّ، بل من يحضرنا ذكره فلنصغ لأقوالهم تمهيداً للبحث.

أقوال العلماء في الإمام الصادق(عليه السلام)

«في كلّ زمان رجل منّا أهل البيت يحتج اللّه به على خلقه، وحجة زماننا ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه»(61).

 زيد بن علي(عليه السلام)

«إنّ جعفراً كان ممّن قال اللّه فيه: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا). وكان ممن اصطفاه اللّه وكان من السابقين في الخيرات(62) وأنّه ليس من أهل بيت إلاّ وفيهم محدّث وأنّ جعفر بن محمد محدثنا اليوم»(63).

 المنصور الدوانيقي

«جعفر بن محمد اختلفتُ إليه زماناً فما كنت أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال، إما مصلّ، وإما صائم وإما يقرأ القرآن(64)، وما رأت عين ولا سمعت اُذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادةً وورعاً»(65).

مالك بن انس

«كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنّه من سُلالة النبيين»(66).

عمرو بن المقدام

«ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث اليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث اليّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر ابن محمد الصادق مالم يدخلني لأبي جعفر، فسلّمت عليه وأومأ إليّ فجلست، ثم التفت اليه فقال: يا أبا عبد اللّه هذا أبو حنيفة، قال جعفر: نعم. ثم اتبعها قد أتانا. كأنّه كره ما يقول فيه قوم إنّه إذا رأى الرجل عرفه، ثم التفت المنصور إلي، فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد اللّه من مسائلك. فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربّما تابعهم وربّما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة، ثم قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أنّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس»(67).

أبو حنيفة

«ما هذا ببشر، وإن كان في الدنيا روحاني يتجسّد إذا شاء، ويتروح إذا شاء، فهو هذا. وأشار إلى الصادق»(عليه السلام)(68).

ابن أبي العوجاء

«جعفر بن محمد الصادق هو ذو علم غزير وأدب كامل في الحكمة وزهد في الدنيا وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرّض للإمامة قط، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومن غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط»(69).

أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني

«الإمام الصادق كان بين أخوته خليفة أبيه نقل عنه من العلوم ما لم ينقل عن غيره، كان رأساً في الحديث، روى عنه يحيى بن سعيد وابن جريح ومالك ابن أنس وابن عيينة وأبو أيوب السجستاني وغيرهم»(70).

القرماني في تاريخه

«جعفر بن محمد كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً»(71).

ابن حيّان

«جعفر بن محمد ثقة لا يسأل عن مثله»(72)

الحافظ أبوحاتم

«جعفر بن محمد هو من علماء أهل البيت وساداتهم، ذو علوم جمّة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجائبه، ويقسّم أوقاته على أنواع الطاعات. بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر بالآخرة، واستماع كلامه يزهّد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوّة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذريّة الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الاُمة وأعلامهم، مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريح، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأيوب السجستاني، وغيرهم، وعدّوا أخذهم منه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها»(73).

كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي

«جعفر بن محمد الإمام الناطق ذو الزمام السابق أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع ونهى عن الرئاسة والجموع»(74).

أبو نعيم

«جعفر بن محمد بن علي بن الحسين كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرئاسة»(75).

عبد الرحمن بن الجوزي

«جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب وكنيته أبو إسماعيل ويلقب بالصادق والطاهر والفاضل، وأشهر ألقابه الصادق»(76).

أبو المظفر يوسف شمس الدين

«أدركت في هذا المسجد (يعني الكوفة) تسعمائة شيخ، كلّ يقول: حدّثني جعفر بن محمد»(77).

الحسن بن علي الوشاء

«جعفر بن محمد، ازدحم على بابه العلماء، واقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء، وكان يتكلّم بغوامض الأسرار وعلوم الحقيقة وهو ابن سبع سنين»(78).

عبد الرحمن بن محمد الحنفي البسطامي

«جعفر بن محمد، الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه، ويقال: إنّ أبا حنيفة من تلامذته وكذلك سفيان الثوري، وحسبك بهما في هذا الباب»(79).

أبو بحر الجاحظ

«جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقيه صدوق»(80).

ابن حجر العسقلاني

«مناقب الصادق فاضلة، وصفاته في الشرف كاملة، جرى على سنن آبائه الكرام وأخذ بهديه وهديهم(عليهم السلام)، ووقف نفسه الشريفة على العبادة وحبسها على الطاعة والزهادة، واشتغل بأوراده وتهجده وصلاته وتعبده لو طاوله الفلك لتزحزح عن مكانه»(81).

الوزير أبو الفتح الاربلي

«أبو عبد اللّه الإمام المعظّم جعفر الصادق، صاحب الخارقات الظاهرة والآيات الباهرة المخبر بالمغيّبات الكائنة، اُمه واُم أخيه عبد اللّه اُم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر واُمّها اسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولذا كان جعفر بن محمد عليه الرضوان يقول ولدني أبو بكر مرتين ولد سنة (83هـ ) وتوفي سنة (148هـ ) ودفن بالبقيع»(82).

نقيب حلب محمد بن حمزة بن زهرة

«جعفر الصادق، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الأكابر، كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السجستاني»(83).

أحمد بن حجر الهيثمي

«ولد الصادق بالمدينة يوم الجمعة عند طلوع الفجر سنة (83 هـ ) وعاش 65 سنة، وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة، وقد نقل الناس عنه على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم ما سارت به الركبان، وقد عدّ اسماء الرواة عنه فكانوا أربعة آلاف رجل. توفي في شوال سنة (148 هـ ) ودفن بالبقيع مع أبيه وجدّه، وقيل قتله المنصور الدوانيقي بالسمّ»(84).

محمد سراج الدين الرفاعي

«جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن  علي ابن أبي طالب ـ رضي اللّه عنهم ـ ، سمّي الصادق لصدقه، وينسب إليه كلام في صفة الكيمياء والزجر والفال ولد سنة (80 هـ ) بالمدينة بالبقيع».

عمرو بن الوردي في تاريخه

«جعفر الصادق بن محمد الباقر الإمام السيد أبو عبد اللّه الهاشمي العلوي الحسيني المدني، وكان يلقب بالصابر والفاضل والطاهر، وأشهر ألقابه الصادق. حدّث عنه أبو حنيفة وابن جريح وشعبة والسفيانان ومالك وغيرهم»(85).

جمال الدين أبو المحاسن

«وجعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب السادس من الأئمة الاثني عشر، والدته اُم فروة كريمة القاسم بن محمد بن أبي بكر. ولد الإمام جعفر في المدينة المنورة سنة (82 هـ ) وهو أكبر أولاد الإمام محمد الباقر، وتتلمذ على والده فريد زمانه في العلم والفضل، استمر على حلقة تدريس وإفادات جعفر الصادق الإمام الأعظم أبو حنيفة، واستفاد منه أولاً في المعارف الظاهرية والباطنية، وكان للإمام اليد الطولى في الجفر والكيمياء والإلمام بسائر العلوم، وكان ممن تتلمذ على الإمام موجد فن الكيمياء جابر، لم يكن له نضير في الزهد والتقوى، والقناعة وحسن الأخلاق، ولصدق حسبه سمّي بالصادق. كان أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء العباسيين يدعو إلى تعظيم الإمام وتكريمه ويستنير بآرائه وارشاداته ونصائحه، وعرض أبو مسلم الخراساني الخلافة ابتداء على الإمام جعفر الصادق فلم يقبلها، كان له من الأولاد سبعة أبناء وثلاث بنات، توفي في سنة (148 هـ )

عن عمر ناهز 65 سنة في المدينة المنورة ودفن بجوار جدّه ووالده، عرف صاحب الترجمة بإمام المذهب الشيعي والمنتمون إليه سموا بالجعفرية»(86).

«جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بالصادق، اُمه اُم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر... متفق على إمامته وجلالته»(87).

على القاري

«جعفر بن محمد الصادق وهو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي اللّه عنهم، ويكنّى أبو عبد اللّه واُمّه اُم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، واُمّ اُم فروة أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان من سادات أهل البيت، سمع أباه ومحمد بن المنكدر وعطاء ابن أبي رباح، روى عنه عبد الوهاب الثقفي، وحاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد، وحسن بن عياش، وسليمان بن بلال، والثوري والداروردي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن غياث ومالك بن أنس، وابن جريح، ولد سنة ثمانين ومات سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ابن أربع وستين سنة»(88).

محمد بن طاهر بن علي المقدسي

«جعفر الصادق أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين السبط الهاشمي القرشي، سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية: كان من أجلّ التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم أخذ عنه جماعة منهم: أبو حنيفة، ومالك وجابر بن حيان، ولقّب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العباس، وكان جريئاً عليهم صدّاعاً في الحقّ، وصنف تلميذه جابر بن حيان كتاباً في ألف ورقة يتضمّن رسائل الإمام جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة، مولده ووفاته بالمدينة»(89).

خير الدين الزركلي

«لولا السنتان لهلك نعمان»(90).

أبو حنيفة

يقول الآلوسي: «هذا أبو حنيفة وهو من أهل السُنّة يفتخر ويقول بأفصح لسان: لولا السنتان لهلك نعمان، يعني السنتين اللّتين جلس فيهما لأخذ العلم عن الإمام جعفر الصادق»(91).

«جعفر الصادق فاق جميع اقرانه من أهل البيت وهو ذو علم غزير، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وأدب كامل في الحكمة»(92).

الشيخ عبد الرحمن السلمي

«جعفر الصادق كان من بين اخوته خليفة أبيه ووصيّه، نقل عنه في العلوم مالم ينقل عن غيره، وكان إماماً في الحديث ومناقبه كثيرة».

السويدي في سبائك الذهب(93)

«جعفر الصادق له عمود الشرف، ومناقبه متواترة بين الأنام، مشهورة بين الخاص والعام، وقصده المنصور الدوانيقي بالقتل مراراً فعصمه اللّه»(94).

جمال الدين الداوردي

«ولا مشاحة أنّ انتشار العلم في ذلك الحين قد ساعد على فكّ الفكر من عقاله، فأصبحت المناقشات الفلسفية عامة في كلّ حاضرة من حواضر العالم الإسلامي، ولا يفوتنا أن نشير إلى أنّ الذي تزعم تلك الحركة: هو حفيد علي ابن أبي طالب المسمى بالإمام الصادق، وهو رجل رحب افق التفكير، بعيد اغوار العقل، ملمّ كلّ الالمام بعلوم عصره، ويعتبر في الواقع أ نّه أول من أسس المدارس الفلسفية المشهورة في الإسلام، ولم يكن يحضر حلقته العلمية اُولئك الذين أصبحوا مؤسسي المذاهب الفقهية فحسب، بل كان يحضرها طلاب الفسلفة والمتفلسفون من الأنحاء القاصية»(95).

السيد مير علي الهندي

«جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنهم أجمعين، وكنيته أبو عبد اللّه وقيل أبو إسماعيل، وألقابه الصادق والفاضل والطاهر واشهرها الأول، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عن الأئمة الكبار كيحيى ومالك وأبي حنيفة»(96).

محمود بن وهيب البغدادي

«الإمام أبو عبد اللّه جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم، الهاشميّ المدني الصادق، اُمّه اُم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنهم، روى عن أبيه والقاسم بن محمد ونافع وعطاء ومحمد بن المنكدر والزهري وغيرهم، وروى عنه محمد بن إسحاق ويحيى الأنصاري ومالك والسفيانان وابن جريح وشعبة ويحيى القطان وآخرون ـ واتفقوا على إمامته وجلالته، قال عمر بن أبي المقدام: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أ نّه من سلالة النبيين»(97).

أبو زكريا محيي الدين بن شرف

«جعفر الصادق أبو عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عنه كثيرون كمالك والسفيانان وابن  جريح وابن إسحاق، واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته، ولد سنة (80هـ ) وتوفي سنة (148 هـ ) قيل مسموماً. وثّقه في روايته الشافعي وابن معين وأبو حاتم والذهبي وهو من فضلاء أهل البيت وعلمائهم»(98).

احمد شهاب الدين الخفاجي

«كان جعفر بن الصادق مستجاب الدعوة، إذا سأل اللّه شيئاً لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه»(99).

الشبلنجي في نور الأبصار

«جعفر بن محمد سيد بن هاشم أبو عبد اللّه العلوي»(100)

 الذهبي

«جعفر بن محمد أبو عبد اللّه فقيه صدوق»(101)

الزرقاني

«أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم أجمعين أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات آل البيت، ولقّب بالصادق لصدقه وفضله أشهر من أن يذكر»(102).

ابن خلكان في وفياته

«سلالة النبوّة ومعدن الفتوة أبو عبد اللّه جعفر الصادق بن أبي جعفر محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي، واُمّه اُم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهو علويّ الأب بكري الاُم، ولد سنة ثمانين في المدينة وفيها توفي ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر، وجدّه زين العابدين، وعمّ جدّه الحسن بن علي رضوان الله عليهم أجمعين، وأكرم بذلك وما جمع من الأشراف الكرام، اولي المناقب، وإنّما لقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد الّف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً يشمل على ألف ورقة يتضمّن رسائله وهي خمسمائة رسالة»(103).

اليافعي

«وقال الشيخ المناوي(104) عند ذكر الإمام جعفر الصادق: وكانت له كرامات كثيرة ومكاشفات شهيرة:

منها: «أنّه سُعي به عند المنصور، فلمّا حجّ أحضر الساعي وقال للساعي: أتحلف؟ قال نعم، فحلف، فقال جعفر للمنصور: حلّفه بما أراه فقال: حلفه. فقال: قل برئت من حول اللّه وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي، لقد فعل جعفر كذا وكذا فامتنع الرجل، ثم حلف فما تمّ حتى مات مكانه.

ومنها أنّ بعض الطغاة قتل مولاه فلم يزل ليلته يصلّي ثم دعا عليه عند السحر، فسمعت الضجة بموته.

ومنها لما بلغه قول الحكم بن العباس الكلبي في عمّه زيد:

صلبنا لكم زيداً على  جذع نخلة *** ولم نر مهدياً على الجذع يصلب

قال: اللّهم سلّط عليه كلباً من كلابك. فافترسه الأسد.

ومنها ما أخرجه الطبري من طريق ابن وهب قال: سمعت الليث بن سعد يقول: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فلما صليت العصر رقيت أباقبيس، فإذا رجل جالس يدعو فقال: ياربّ، حتى انقطع نفسه، ثم قال: يا حيّ يا حيّ حتى انقطع نفسه، ثم قال: إلهي إنّي أشتهي العنب فأطعمنيه، وإنّ بردي قد خلق فاكسني، قال الليث: فما تمّ كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوءة عنباً إلى آخر ما ذكره»(105).

المناوي

«السادس من الأئمة جعفر الصادق ذو  المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة، روى عنه الحديث كثيرون مثل مالك بن أنس وأبي حنيفة ويحيى بن سعيد، وابن جريح والثوري، ولد رضي اللّه عنه بالمدينة المنوّرة سنة ثمانين من الهجرة، وغرر فضائله على جبهات الأيام كاملة، وأندية المجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهلة، وتوفي رضي اللّه عنه سنة (148)»(106).

عبد اللّه الشبراوي

«جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن  علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد اللّه الصادق المدني أحد الأعلام، حدّث عن أبيه وجدّه وأبي اُمّه القاسم بن محمد وعروة، وعنه خلق لا يحصون فمنهم إبنا موسى وشعبة والسفيانان، قال الشافعي: وابن معين وأبو حاتم، ثقة مات سنة (148 هـ) عن 67»(107).

الجزري

«أبو عبد اللّه جعفر الصادق: كان من سادات أهل البيت، ولقب بالصادق لصدقه في مقالته، ولد سنة ثمانين، وروى عنه مالك بن أنس وأبو حنيفة وكثيرون من علماء المدينة»(108).

محمد الخضري

«وأكبر شخصيات ذلك العصر في التشريع الشيعي، بل ربما كان أكبر الشخصيات في ذلك في العصور المختلفة الإمام جعفر الصادق، وعلى الجملة، فقد كان الإمام جعفر من أعظم الشخصيّات في عصره وبعد عصره، وقد مات في العام العاشر من حكم المنصور»(109).

الدكتور أحمد أمين

«جعفر بن محمد كان إماماً مفخرة من مفاخر المسلمين لم تذهب قط، وإنّما بقي منها في كلّ غد قادم حتى القيامة صوت صارخ، يعلّم الزهاد زهداً; ويكسب العلماء علماً، يهدي المضطرب ويشجّع المقتحم، يهدم الظلم ويبني للعدالة، وهو ينادي بالمسلمين جميعاً أن هلموا واجتمعوا، وأنّ قوماً لم يختلفوا في ربّهم وفي نبيّهم لمجموعون مهما اختلفوا في يوم قريب»(110).

عبد العزيز سيد الأهل

«كان بيت جعفر الصادق كالجامعة يزدان على الدوام بالعلماء الكبار في الحديث والتفسير والحكمة والكلام، فكان يحضر مجلس درسه في أغلب الأوقات ألفان وبعض الأحيان أربعة آلاف من العلماء المشهورين، وقد ألّف تلاميذه من جميع الأحاديث والدروس التي كانوا يتلقونها في مجلسه مجموعة من الكتب تعدّ بمثابة دائرة معارف للمذهب الشيعي أو الجعفري»(111).

السيد محمد صادق نشأة الأستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة

«أبو عبد اللّه جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين هو أحد الأئمة الإثني عشر على مذهب الإمامية، كان من سادات أهل البيت النبوي لقب بالصادق لصدقه في كلامه»(112).

فريد وجدي

«جعفر الصادق وهو ابن محمد الباقر بن علي زين العابدين كان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه، وفضله عظيم، له مقالات في صناعات الكيمياء والزجر والفال، وكان تلميذه جابر بن حيان قد أ لّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل الصادق وهي خمسمائة رسالة، إليه ينسب كتاب الجفر وسيذكر، وكان جعفر أديباً تقيّاً ديناً حكيماً في سيرته»(113).

بطرس البستاني

«عندما يتفرغ الباحث لدراسة شخصيّة الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب دراسة صحيحة على ضوء الضمير النقيّ، والواقع العقلي، والتجرّد العلمي، متبعاً الاُصول الحديثة، مبتعداً عن العاطفة، ومرض التعصب، وأثر الجنسية، فلا يستطيع إلاّ الإقرار بأنّها مجموعة فلسفية قائمة بذاتها، تزخر بالحيوية النابضة، والروحية المتجسدة، والعقلية المبدعة التي استنبطت العلوم، وأبدعت الأفكار، وابتكرت السنن، وأوجدت النظم والأحكام»(114).

معهد البحوث الشرقية                     

عارف ثامر، والأب أ . عبده خليفة اليسوعي

«وبهذا نكتفي عن ذكر أقوال بقيّة العلماء الآخرين، وسيأتي محل آخر ننشر فيه آراء علماء العصر من المسلمين وغيرهم. ويلزمنا التنبيه على شيء مرّ ذكره في بعض هذه الأقوال وهو نسبة الزجر والفال إلى الإمام الصادق(عليه السلام)، وهذا من الخطأ والاشتباه، وإنّما كان الإمام يستشف ما وراء الحجب باستقراء الحوادث السياسية، وينظر المستقبل بحكمته وصفاء باطنه، يخبر بالحوادث قبل وقوعها، وقد أخبر بأن الخلافة للسفاح ومن بعده للمنصور، وتبقى في أولاده من بعده، وأخبر بمقتل محمد وإبراهيم على يد المنصور، وكان معارضاً لبيعة محمد في المؤتمر الذي عقده الهاشميون من عباسيين وعلويين لبيعة محمد بن عبد اللّه. وقال لعبد اللّه بن الحسن: لا تفعلوا، فإنّ الأمر لم يأت بعد، فقال عبد اللّه: لقد علمت خلاف ما تقول، قال الصادق: لا ، ولكن هذا وأبناؤه دونك، وضرب بيده على أبي العباس. ثم نهض فأتبعه عبد الصمد بن علي وأبو جعفر المنصور، فقالا له: أتقول ذلك؟ قال: نعم أقوله واللّه وأعلمه.

وليس في وسعنا بسط القول في علمه(عليه السلام) وانكشاف حقائق الأشياء له، فقد أخبر بكثير من الحوادث قبل وقوعها، وقد صدر عن الصادق كثير من ذلك مما لا يتّسع المجال لذكره.

وأما نسبة الزجر والفال إليه فهو خطأ نشأ من اشتباه في الإسم وتقارب في الزمن، وذلك أنّ جعفر بن محمد البلخي المعروف بأبي معشر الفلكي كان مشهوراً بالزجر والفال، واُستاذ عصره في التنجيم، ونقل الناس أخباره وشاع ذكره.

قال ابن كثير: والظاهر أنّ الذي نسب إلى جعفر بن محمد الصادق من علم الزجر والطرف، واختلاج الأعضاء إنّما هو منسوب إلى جعفر بن أبي معشر هذا وليس بالصادق، وإنما يغلطون(115).

هذا ما يتعلق بالانطباعات عن شخصيته(عليه السلام)وسيأتي في الجزء الرابع إن شاء اللّه ما له صلة بالموضوع .

 

 

(59) البداية والنهاية ج10 ص112 .

(60) مروج الذهب ج3 ص212 .

(61) مناقب ابن شهرآشوب ج2 ص147 .

(62) اليعقوبي ج3 ص177 .

(63) المناقب ج2 ص302 .

(64) الى هنا عبارة التهذيب، وما بعدها زيادة في كتاب المجالس السنية ج5، وقد ذكر ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة ص 52 ط 2 هذه العبارة في جملة طويلة في ضمنها هذه الجملة، مناقب ابن شهرآشوب

ج4 ص297، التهذيب ج2 ص104 .

(65) تهذيب التهذيب ج2 ص104 .

(66) تهذيب التهذيب ج2 ص104 .

(67) مناقب أبي حنيفة للموفق ج1 ص173 ، وجامع أسانيد أبي حنيفة ج1 ص222، وتذكرة الحفاظ للذهبي ج1 ص157 .

(68) الكافي ج1 ص75 .

(69) الملل والنحل ج1 ص272 ، الطبعة الثانية.

(70) تاريخ القرماني ج1 ص541 .

(71) تهذيب التهذيب ج2 ص89 / 156.

(72) تهذيب التهذيب ج2 ص104، تذكرة الحفاظ ج1 ص166 .

(73) مطالب السؤول ج2 ص55 .

(74) حلية الأولياء ج3 ص192 .

(75) صفوة الصفوة ج2 ص94 .

(76) تذكرة الخواص ص351.

(77) المجالس للسيد الأمين ج5 ص209 .

(78) مناهج التوسل ص106 .

(79) رسائل الجاحظ للسندوبي ص106.

(80) تقريب التهذيب ص68.

(81) كشف الغمة ج2 ص428 .

(82) غاية الاختصار ص62.

(83) الصواعق المحرقة ص120.

(84) صحاح الأخبار ص44 .

(85) النجوم الزاهرة ج2 ص8 .

(86) قاموس الأعلام تأليف ش سامي ج3 ص1821 استنابول، وقد ترجمت الكلمة عن اللغة التركية.

(87) شرح الشفا لعلي القاري ج2 ص35 .

(88) الجمع بين رجال الصحيحين ج1 ص70 .

(89) الجمع بين رجال الصحيحين ج1 ص70 ، الأعلام  ج1 ص186 .

(90) التحفة الاثنى عشرية ص8 .

(91) التحفة الاثنى عشرية ص8 .

(92) ينابيع المودة ج3 ص439 ـ 440.

(93) سبائك الذهب ص74.

(94) عمدة الطالب ص184.

(95) تاريخ العرب ص179.

(96) جواهر الكلام ص13.

(97) تهذيب الاسماء ج1  ص155 .

(98) انظر الإمام الصادق(عليه السلام)للمظفر ص71 ـ 80 .

(99) نور الأبصار ص161.

(100) سير أعلام النبلاء ج6 ص438 / 948 .

(101) شرح المواهب ج1 ص51 .

(102) وفيات الأعيان ج1 ص327 /131.

(103) مرآة الجنان ج1 ص304 .

(104) الكواكب الدرية ج1 ص94 .

(105) الكواكب الدرية ج1 ص94 .

(106) أتحاف الأشراف ص54.

(107) الخلاصة ص76.

(108) التشريع الإسلامي ص263.

(109) ضحى الإسلام ج3 ص262 .

(110) كتاب جعفر بن محمد ص6.

(111) الحلقات الذهبية ج18 ص22 ـ 23.

(112) دائرة معارف القرن العشرين ج3 ص109 .

(113) دائرة المعارف ج6 ص468 .

(114) مقدمة كتاب الهفت والأظلة ص15 ـ 16.

(115) البداية والنهاية ج11 ص51 .