خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في غدير خم كاملة

 

عن الإمام محمد الباقر عليه السلام : حج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية ، فأتاه جبرئيل عليه السلام
فقال له : يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك : إني لم أقبض
نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسلي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي ، وقد بقي عليك من ذاك فريضتان مما تحتاج أن تبلغهما قومك : فريضة الحج، وفريضة
 الولاية والخلافة من بعدك ، فإني لم أخل أرضي من حجة ولن أخليها أبدا ، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج وتحج ويحج معك من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقفهم من ذلك علي مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع .

فنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وآله في الناس : ألا إن رسول الله يريد الحج وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم ويوقفكم من ذاك على ما أوقفكم عليه من غيره ، فخرج صلى الله عليه وآله وخرج معه الناس واصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة لعلي بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامري سنة بسنة ومثلا بمثل، واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة فلما وقف بالموقف أتاه جبرئيل عليه السلام عن الله عز وجل فقال : يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك : إنه قد دنى أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك وقدم وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمه إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأقمه للناس علما وجدد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وحجتي وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير ولي ولا قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف(اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)(المائدة : 3) بولاية وليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي عبدي ووصي نبي والخليفة من بعده وحجتي البالغة على خلقي ، مقرون طاعته بطاعة محمد نبيي ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي ، من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك بيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنة ، ومن لقيني بعداوته دخل النار ، فأقم يا محمد عليا علما وخذ عليهم البيعة وجدد عهدي وميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه ، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي .

فخشى رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا إلى جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما ينطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن الله جل اسمه ، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف (1) ، فأتاه جبرئيل عليه السلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس يهتدون به ، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم (2) بين مكة والمدينة ، فأتاه جبرئيل وأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله ولم يأته بالعصمة ، فقال : جبرئيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي عليه السلام [ فسأل جبرئيل كما سأل بنزول آية العصمة فأخره ذلك ] فرحل فلما بلغ غدير خم (3) قبل الجحفة (4) بثلاثة أميال أتاه جبرئيل عليه السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال : يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ -فيِ عَلِيٍّ- وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة: 67) وكان أوائلهم قريب من الجحفة ، فأمر بأن يرد من تقدم منهم ويحبس تأخر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا علماء للناس ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي وأخبره بأن الله عز وجل قد عصمه من الناس ، فأمر رسول الله عندما جاءته العصمة مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر وتنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير أمره بذلك جبرئيل عن الله عز وجل ، وكان في الموضع سلمات (5) فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقم ما تحتهن (6) وينصب له حجارة كهيئة المنبر ليشرف على الناس ، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فوق تلك الأحجار ثم حمد الله تعالى وأثنى عليه 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علا في توحده ودنا في تفرده وجل في سلطانه وعظم في أركانه، وأحاط بكل شيء علما (الطلاق 12) وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، حميدا لم يزل، محمودا لا يزال ومجيدا لا يزول، ومبدئا ومعيدا وكل أمر إليه يعود .بارئ المسموكات وداحى المدحوات وجبار الارضين والسماوات، قدوس سبوح، رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على جميع من أنشأه.يلحظ كل عين والعيون لا تراه. كريم حليم ذو أناة، قد وسع كل شيء رحمته ومن عليهم بنعمته. لا يعجل بانتقامه، ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه.قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات ولا اشتبهت عليه الخفيات. له الاحاطة بكل شيء والغلبة على كل شيء والقوة في كل شيء والقدرة على كل شيء، وليس مثله شيء. وهو منشئ الشيء حين لا شيء، دائم حي و(قائما بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم).(آل عمران 18) جل عن أن تدركه الابصار (وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير) (الأنعام 103). لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية، إلا بما دل عز وجل على نفسه .وأشهد أنه الله الذي ملا الدهر قدسه، والذي يغشى الابد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير، ولا معه شريك في تقديره، ولا يعاون في تدبيره.صور ما ابتدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال.أنشأها فكانت، وبرأها فبانت. فهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الصنعة، الحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والاكرم الذي ترجع إليه الامور.وأشهد أنه الله الذي تواضع كل شيء لعظمته، وذل كل شيء لعزته، واستسلم كل شيء لقدرته، وخضع كل شيء لهيبته. ملك الاملاك ومفلك الافلاك و(يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل و سخر الشمس و القمر كل يجري لأجل مسمى)(الزمر 5) يطلبه حثيثا. قاصم كل جبار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد. لم يكن له ضد ولا معه ند، أحد صمد (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) (الإخلاص 3-5). إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي، ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي، ويميت ويحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويدني ويقصي، ويمنع ويعطي، (له الملك وله الحمد) (التغابن 1) بيده الخير (وهو على كل شيء قدير). (التغابن 1)يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل (فاطر 13)، ألا هو العزيز الغفار (الزمر 5). مستجيب الدعاء ومجزل العطاء، محصى الانفاس ورب الجنة والناس ; الذي لا يشكل عليه شيء، ولا يضجره صراخ المستصرخين، ولا يبرمه إلحاح الملحين. العاصم للصالحين، والموفق للمفلحين، ومولى المؤمنين ورب العالمين ; الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده على كل حال.أحمده كثيرا وأشكره دائما على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأومن به وبملائكته وكتبه ورسله. أسمع لامره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه وأستسلم لما قضاه، رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته، لانه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره .وأقر له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحى به إلي، حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته وصفت خلته ; لا إله إلا هو .لانه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إلي في حق علي فما بلغت رسالته، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس وهو الله الكافي الكريم. فأوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم، ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).( المائدة: 67.) معاشر الناس، ما قصرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إلي، وأنا أبين لكم سبب هذه الاية: إن جبرئيل هبط إلي مرارا ثلاثا يأمرني عن السلام ربي ـ وهو السلام ـ أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود: أن علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي على أمتي والامام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وليكم بعد الله ورسوله .وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك آية من كتابه هي: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)( المائدة: 55) ، وعلي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله عز وجل في كل حال .وسألت جبرئيل أن يستعفي لي السلام عن تبليغ ذلك إليكم ـ أيها الناس ـ لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال اللائمين وحيل المستهزئين بالاسلام، الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) (الفتح 11)، (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) (النور 15)، وكثرة أذاهم لي غير مرة، حتى سموني أذنا وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وهواه وقبوله مني، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن، قل أذن ـ على الذين يزعمون أنه أذن ـ خير لكم، يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم).( التوبة: 61) ولو شئت أن أسمي القائلين بذلك بأسمائهم لسميت، وأن أومئ إليهم بأعيانهم لاومأت، وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت. وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل الله إلي في حق علي، (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ـ في علي ـ وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) . ( المائدة: 67.)فاعلموا معاشر الناس ذلك فيه وافهموه، واعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما فرض طاعته على المهاجرين والانصار وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر، وعلى العجمي والعربي، والحر والمملوك والصغير والكبير، وعلى الابيض والاسود، وعلى كل موحد ماض حكمه، جاز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه وصدقه، فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له.معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لامر الله ربكم، فإن الله عز وجل هو مولاكم وإلهكم، ثم من دونه رسوله ونبيه المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم، ثم الامامة في ذريتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله .لا حلال إلا ما أحله الله ورسوله وهم، ولا حرام إلا ما حرمه الله عليكم ورسوله وهم، والله عز وجل عرفني الحلال والحرام وأنا أفضيت بما علمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه .معاشر الناس، فضلوه. ما من علم إلا وقد أحصاه الله في، وكل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين، وما من علم إلا وقد علمته عليا، وهو الامام المبين الذي ذكره الله في سورة يس: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)( يس 12) . معاشر الناس، لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه، ولا تستنكفوا عن ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به، ويزهق الباطل وينهى عنه، ولا تأخذه في الله لومة لائم .أول من آمن بالله ورسوله، لم يسبقه إلى الايمان بي أحد، والذي فدى رسول الله بنفسه، والذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره. أول الناس صلاة وأول من عبد الله معي. أمرته عن الله أن ينام في مضجعي، ففعل فاديا لي بنفسه .معاشر الناس، فضلوه فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله.معاشر الناس، إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر له، حتما على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الاباد ودهر الدهور. فاحذروا أن تخالفوه، فتصلوا نارا (وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) (البقرة 24) . معاشر الناس، بي ـ والله ـ بشر الاولون من النبيين والمرسلين، وأنا ـ والله ـ خاتم الانبياء والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والارضين. فمن شك في ذلك فقد كفر كفر الجاهلية الاولى، ومن شك في شيء من قولي هذا فقد شك في كل ما أنزل إلي، ومن شك في واحد من الائمة فقد شك في الكل منهم، والشاك فينا في النار .معاشر الناس، حباني الله عز وجل بهذه الفضيلة منا منه علي وإحسانا منه إلي ولا إله إلا هو، ألا له الحمد مني أبد الآبدين ودهر الداهرين وعلى كل حال.معاشر الناس، فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى ما أنزل الله الرزق وبقي الخلق .ملعون ملعون، مغضوب مغضوب من رد علي قولي هذا ولم يوافقه. ألا إن جبرئيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول: "من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي"، (ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله(الحشر: 18) أن تخالفـوه (فتزل قدم بعد ثبوتها) (النحل: 94) (إن الله خبير بما تعملون).(الحشر: 18) الله معاشر الناس، إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه العزيز، فقال تعالى مخبرا عمن يخالفه: (أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله).( الزمر: 56.) معاشر الناس، تدبروا القرآن وافهموا آياته، وانظروا إلى محكماته ولا تتبعوا متشابهه، فوالله لن يبين لكم زواجره ولن يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إلي وشائل بعضده ورافعه بيدي ومعلمكم: أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيي، وموالاته من الله عز وجل أنزلها علي.معاشر الناس، إن عليا والطيبين من ولدي من صلبه هم الثقل الاصغر، والقرآن الثقل الاكبر، فكل واحد منهما منبئ عن صاحبه وموافق له، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .ألا إنهم أمناء الله في خلقه وحكامه في أرضه .ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت. ألا وإن الله عز وجل قال، وأنا قلت عن الله عز وجل .ألا إنه لا "أميرالمؤمنين" غير أخي هذا . ألا لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لاحد غيره .

ثم ضرب بيده إلى عضد علي (عليه السلام) فرفعه ، وكان أميرالمؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبره على درجة دون مقامه متيامنا عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنهما في مقام واحد. فرفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وبسطهما إلى السماء وشال عليا (عليه السلام) حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال:أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله و رسوله. فقال :

ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله .معاشر الناس، هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي ، وخليفتي في أمتي على من آمن بي وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعي إليه والعامل بما يرضاه والمحارب لاعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته .إنه خليفة رسول الله وأميرالمؤمنين والإمام الهادي من الله ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله .يقول الله : (ما يبدل القول لدي)(ق : 29) . بأمرك يا رب أقول : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه .اللهم إنك أنزلت الاية في علي وليك عند تبيين ذلك ونصبك إياه لهذا اليوم: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) ( المائدة : 3)، و قلت: (إن الدين عند الله الإسلام) ( آل عمران : 19)، و قلت: (و من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و هو فى الاخرة من الخاسرين).( آل عمران : 85) اللهم إني أشهدك أني قد بلغت . معاشر الناس، إنما أكمل الله عز وجل دينكم بإمامته. فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين )حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة( (التوبة 69) (وفي النار هم خالدون) (التوبة 17)، (لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)(البقرة 162 ، آل عمران 88) . معاشر الناس، هذا علي، أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إلي وأعزكم علي، والله عز وجل وأنا عنه راضيان. وما نزلت آية رضى في القرآن إلا فيه، ولا خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، ولا شهد الله بالجنة في (هل أتى على الانسان)(الإنسان : 1) إلا له، ولا أنزلـها في سواه ولا مدح بهـا غيره .معاشر الناس، هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله، وهو التقي النقي الهادي المهدي. نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي وبنوه خير الاوصياء .معـاشر النـاس، ذريـة كل نبـي من صلـبه، وذريتـي من صلب أميرالمؤمنين علي .معاشر الناس، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم، فإن آدم أهبط إلى الارض بخطيئة واحدة، وهو صفوة الله عز وجل، وكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله .ألا وإنه لا يبغض عليا إلا شقي، ولا يوالي عليا إلا تقي، ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص. وفي علي ـ والله ـ نزلت سورة العصر: (بسم الله الرحمن الرحيم، والعصر، إن الانسان لفي خسر)(العصر 1-2) إلا علي الذي آمن ورضي بالحق والصبر. معاشر الناس، قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) (النور: 54 ، العنكبوت : 18) .معاشر الناس، (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)(آل عمران : 102).معاشر الناس، (آمنوا بالله ورسوله) (النور : 62) ( والتبعوا النور الذي أنزل معه )(الأعراف : 157) (من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا)(النساء : 47). بالله ما عنى بهذه الاية إلا قوما من أصحابي أعرفهم بأسمائهم وأنسابهم، وقد أمرت بالصفح عنهم . فليعمـل كل امرئ على ما يجد لعلي في قلبه من الحب والبغض .معاشر الناس، النور من الله عز وجل مسلوك في، ثم في علي بن أبي طالب، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا، لان الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والاثمين والظالمين والغاصبين من جميع العالمين .معاشر الناس، أنذركم أني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل، أفإن مت أو قتلت (انقلبتم على أعقابكم؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) (آل عمران : 144) . ألا وإن عليا هو الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه .معاشر الناس، لا تمنوا علي بإسلامكم، بل لا تمنوا على الله فيحبط عملكم ويسخط عليكم ويبتليكم بشواظ من نار ونحاس، إن ربكم لبالمرصاد.معاشر الناس، إنه سيكون من بعدي (أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) (القصص : 41) .معاشر الناس، إن الله وأنا بريئان منهم .معاشر الناس، إنهم وأنصارهم وأتباعهم وأشياعهم (في الدرك الاسفل من النار) (النساء : 145) (فبئس مثوى المتكبرين)(الزمر : 72)ألا إنهـم أصحـاب الصحيفـة، فلينظـر أحـدكم فـي صحيفتـه !!

قال : فذهب على الناس ـ إلا شرذمة منهم ـ أمر الصحيفة .

معاشر الناس، إني أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة، وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب، وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، ولد أو لم يولد، فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة .وسيجعلون الامامة بعدي ملكا واغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين المغتصبين، وعندها (سيفرغ لكم أيها الثقلان)(الرحمن : 31) من يفرغ، و(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) (الرحمن : 35) .معاشر الناس، إن الله عز وجل لم يكن ليذركم (على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب)(آل عمران : 179).معاشر الناس، إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك (القرى وهي ظلمة)(هود : 102) كما ذكر الله تعالى وهذا إمامكم ووليكم وهو مواعيد الله والله يصدق وعده .معاشر الناس، قد ضل قبلكم أكثر الاولين، والله لقد أهلك الاولين، وهو مهلك الاخرين. قال الله تعالى: (ألم نهلك الاولين، ثم نتبعهم الاخرين، كذلك نفعل بالمجرمين، ويل يومئذ للمكذبين).( المرسلات: 16 - 19)معاشر الناس، إن الله قد أمرني ونهاني، وقد أمرت عليا ونهيته بأمره. فعلم الامر والنهي لديه، فاسمعوا لامره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله .معاشر الناس، أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة الهدى، يهدون إلى الحق وبه يعدلون .(بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)(الفاتحة 1-7)، في نزلت وفيهم والله نزلت، ولهم عمت، وإياهم خصت، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ألا إن حزب الله هم الغالبون .ألا إن أعداءهم هم السفهاء الغاوون إخوان الشياطين، (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا)(الأنعام : 112) .ألا إن أولياءهم الذين ذكرهم الله في كتابه، فقال عز وجل: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).( المجادلة: 22) ألا إن أولياءهم المؤمنون الذين وصفهم الله عز وجل فقال: (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولـئك لهم الامن وهم مهتدون)( الأنعام 82).ألا إن أولياءهم الذين آمنوا ولم يرتابوا.ألا إن أولياءهم الذين يدخلون الجنة بسلام آمنين، تتلقاهم الملائكة بالتسليم يقولون: (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)(الزمر : 73).ألا إن أولياءهم، (يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)(غافر : 40).ألا إن أعداءهم الذين يصلون سعيرا.ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم (شهيقا وهي تفور)( الملك : 7) ويرون لها زفيرا.ألا إن أعداءهم الذين قال الله فيهم: (كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخريهم لاوليهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لاتعلمون).( الأعراف: 38) ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل: (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير، قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء، إن أنتم إلا في ضلال كبير( الملك: 8 - 9).ألا إن أولياءهم (الذين يخشون ربهم بالغيب، لهم مغفرة وأجر كبير)(الملك : 12).معاشر الناس، شتان ما بين السعير والاجر الكبير.معاشر الناس، عدونا من ذمه الله ولعنه، وولينا كل من مدحه الله وأحبه.معاشر الناس، ألا وإني أنا النذير وعلي البشير.معاشر الناس، ألا وإني منذر وعلي هاد.معاشر الناس، إني نبي وعلي وصيي.معاشر الناس، ألا وإني رسول وعلي الامام والوصي من بعدي، والائمة من بعده ولده. ألا وإني والدهم وهم يخرجون من صلبه.ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي. ألا إنه الظاهر على الدين. ألا إنه المنتقم من الظالمين. ألا إنه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنه غالب كل قبيلة من أهل الشرك وهاديها.ألا إنه المدرك بكل ثار لاولياء الله. ألا إنه الناصر لدين الله. ألا إنه الغراف من بحر عميق. ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله. ألا إنه خيرة الله ومختاره. ألا إنه وارث كل علم والمحيط بكل فهم.ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل والمشيد لامر آياته. ألا إنه الرشيد السديد. ألا إنه المفوض إليه.ألا إنه قد بشر به من سلف من القرون بين يديه.ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولا حق إلا معه ولا نور إلا عنده.ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه. ألا وإنه ولي الله في أرضه، وحكمه في خلقه، وأمينه في سره وعلانيته.معاشر الناس، إني قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي.ألا وإني عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والاقرار به، ثم مصافقته بعدي.ألا وإني قد بايعت الله وعلي قد بايعني، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل. (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما).(الفتح: 10) معاشر الناس، (إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم).( البقرة: 158) معاشـر الناس، حجـوا البيت، فما ورده أهـل بيت إلا استغنـوا وأبشـروا، ولا تخلفـوا عنه إلا بتـروا وافتقروا.معاشر الناس، ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استأنف عمله .معاشر الناس، الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة عليهم والله لا يضيع أجر المحسنين.معاشر الناس، حجوا البيت بكمال الدين والتفقه، ولاتنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع .معاشر الناس، (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)(البقرة : 43) كما أمركم الله عز وجل، فإن طال عليكم الامد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم ; الذي نصبه الله عز وجل لكم بعدي أمين خلقه. إنه مني وأنا منه، وهو ومن يخلف من ذريتي يخبرونكم بما تسألون عنه ويبينون لكم ما لا تعلمون.ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفهما ; فآمر بالحلال وأنهي عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أميرالمؤمنين والاوصياء من بعده الذين هم مني ومنه إمامة فيهم قائمة، خاتمها المهدي إلى يوم يلقى الله الذي يقدر ويقضي.معاشر الناس، وكل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل. ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به، ولا تبدلوه ولا تغيروه.ألا وإني أجدد القول: ألا (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)(المجادلة : 13) واءمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .ألا وإن رأس الامر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضر وتأمروه بقبوله عني وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز وجل ومني. ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم.معاشر الناس، القرآن يعرفكم أن الائمة من بعده ولده، وعرفتكم أنهم مني ومنه، حيث يقول الله في كتابه: (وجعلها كلمة باقية في عقبه)( الزخرف: 28) ، وقلت: "لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما".معاشر الناس، التقوى، التقوى، واحذروا الساعة كما قال الله عز وجل: (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)( الحج: 1). اذكروا الممات والمعاد والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب. فمن جاء بالحسنة أثيب عليها ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب.معاشر الناس، إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحد في وقت واحد، وقد أمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الاقرار بما عقدت لعلي أميرالمؤمنين، ولمن جاء بعده من الائمة مني ومنه، على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه.فقولوا بأجمعكم: "إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر إمامنا علي أميرالمؤمنين ومن ولد من صلبه من الائمة. نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا. على ذلك نحيى وعليه نموت وعليه نبعث. ولا نغير ولا نبدل، ولا نشك ولا نجحد ولا نرتاب، ولا نرجع عن العهد ولاننقض الميثاق.وعظتنا بوعظ الله في علي أميرالمؤمنين والائمة الذين ذكرت من ذريتك من ولده بعده، الحسن والحسين ومن نصبه الله بعدهما .فالعهد والميثاق لهم مأخوذ منا، من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وضمائرنا وأيدينا. من أدركها بيده وإلا فقد أقر بلسانه، ولا نبتغي بذلك بدلا ولا يرى الله من أنفسنا حولا. نحن نؤدي ذلك عنك الداني والقاصي من أولادنا وأهالينا، ونشهد الله بذلك (وكفى بالله شهيدا)(الفتح : 28) وأنت علينا به شهيد" .معاشر الناس، ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس، (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها)(الزمر : 41)، ومن بايع فإنما يبايع الله، (يد الله فوق أيديهم)(الفتح : 10) .معاشر الناس، فبايعوا الله وبايعوني وبايعوا عليا أميرالمؤمنين والحسن والحسين والائمة منهم في الدنيا والاخرة كلمة باقية ; يهلك الله من غدر ويرحم من وفى. (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما)(الفتح : 10) .معاشر الناس، قولوا الذي قلت لكم وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا: (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)(البقرة : 285)، وقولوا: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق)(الأعراف : 43) .معاشر الناس، إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه.معاشر الناس، (من يطع الله ورسوله) وعليا والائمة الذين ذكرتهم (فقد فاز فوزا عظيما). (الأحزاب : 71)معاشر الناس، السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون (في جنات النعيم)(الصافات : 43).معاشر الناس، قولوا ما يرضى الله به عنكم من القول، ف(إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغني حميد)(إبراهيم : 8) اللهم اغفر للمؤمنين بما أديت وأمرت واغضب على الجاحدين الكافرين، والحمد لله رب العالمين .

فناداه القوم نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله