كتاب الْمكاسب

26-  باب ما يجوز للْوالد أنْ يأْخذ منْ مال ولده

1-  الْحسن بْن محْبوب عن الْعلاء عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي جعْفر ع قال سألْته عن الرّجل يحْتاج إلى مال ابْنه قال يأْكل منْه ما شاء منْ غيْر سرف و قال في كتاب عليّ إنّ الْولد لا يأْخذ منْ مال والده شيْئا إلّا بإذْنه و الْوالد يأْخذ منْ مال ابْنه ما شاء و له أنْ يقع على جارية ابْنه إذا لمْ يكن الابْن وقع عليْها و ذكر أنّ رسول اللّه ص قال لرجل أنْت و مالك لأبيك

2-  عنْه عنْ أبي حمْزة الثّماليّ عنْ أبي جعْفر ع قال قال رسول اللّه ص لرجل أنْت و مالك لأبيك ثمّ قال أبو جعْفر ع و قال لا يجب أنْ يأْخذ منْ مال ابْنه إلّا ما احْتاج إليْه ممّا لا بدّ منْه إنّ اللّه لا يحبّ الْفساد

3-  محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عنْ عليّ بْن أسْباط عنْ عليّ بْن جعْفر عنْ أبي إبْراهيم ع قال سألْته عن الرّجل يأْكل منْ مال ولده قال لا إلّا أنْ يضْطرّ إليْه فيأْكل منْه بالْمعْروف و لا يصْلح أنْ يأْخذ الْولد منْ مال والده شيْئا إلّا بإذْن والده

4-  عنْه عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عنْ حمّاد عنْ حريز عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عنْ رجل لابْنه مال فيحْتاج الْأب إليْه قال يأْكل منْه فأمّا الْأمّ فلا تأْكل منْه إلّا قرْضا على نفْسها

 قال محمّد بْن الْحسن هذه الْأخْبار كلّها دالّة على أنّه إنّما يسوغ للْوالد أنْ يأْخذ منْ مال ولده إذا كان محْتاجا فأمّا مع عدم الْحاجة فلا يجوز له أنْ يتعرّض له و متى كان محْتاجا و قام الْولد به و بما يحْتاج إليْه فليْس له أنْ يأْخذ منْ ماله شيْئا فإنْ ورد في الْأخْبار ما يقْتضي جواز تناوله منْ مال ولده مطْلقا منْ غيْر تقْييد ينْبغي أنْ يحْمل على هذا التّقْييد مثْل

5-  ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ أبي عليّ الْأشْعريّ عن الْحسن بْن عليّ الْكوفيّ عنْ عبيْس بْن هشام عنْ عبْد الْكريم عن ابْن أبي يعْفور عنْ أبي عبْد اللّه ع في الرّجل يكون لولده مال فأحبّ أنْ يأْخذ منْه قال فلْيأْخذْ و إنْ كانتْ أمّه حيّة فما أحبّ أنْ تأْخذ منْه شيْئا إلّا قرْضا على نفْسها و الّذي يدلّ أيْضا على ما ذكرْناه من التّقْييد

6-  ما رواه محمّد بْن يحْيى عنْ عبْد اللّه بْن محمّد عنْ عليّ بْن الْحكم عن الْحسيْن بْن أبي الْعلاء قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع ما يحلّ للرّجل منْ مال ولده قال قوته بغيْر سرف إذا اضْطرّ إليْه قال فقلْت له فقوْل رسول اللّه ص للرّجل الّذي أتاه فقدّم أباه فقال أنْت و مالك لأبيك فقال إنّما جاء بأبيه إلى النّبيّ ص فقال له يا رسول اللّه هذا أبي قدْ ظلمني ميراثي منْ أمّي فأخْبره الْأب أنّه قدْ أنْفقه عليْه و على نفْسه فقال أنْت و مالك لأبيك و لمْ يكنْ عنْد الرّجل شيْ‏ء أ فكان رسول اللّه ص يحْبس الْأب للابْن

 -  الْحسيْن بْن سعيد عنْ حمّاد عنْ عبْد اللّه بْن الْمغيرة عن ابْن سنان قال سألْته يعْني أبا عبْد اللّه ع ما ذا يحلّ للْوالد منْ مال ولده قال أمّا إذا أنْفق عليْه ولده بأحْسن النّفقة فليْس له أنْ يأْخذ منْ ماله شيْئا فإنْ كان لوالده جارية للْولد فيها نصيب فليْس له أنْ يطأها إلّا أنْ يقوّمها قيمة يصير لولده قيمتها عليْه فقال و يعْلن ذلك قال و سألْته عن الْوالد أ يرْزأ منْ مال ولده شيْئا قال نعمْ و لا يرْزأ الْولد منْ مال والده شيْئا إلّا بإذْنه فإنْ كان للرّجل ولْد صغار و لهمْ جارية فأحبّ أنْ يفْتضّها فلْيقوّمْها على نفْسه قيمة ثمّ لْيصْنعْ بها ما شاء إنْ شاء وطئ و إنْ شاء باع

8-  عنْه عنْ فضالة عنْ أبان عنْ إسْحاق بْن عمّار عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عن الْوالد يحلّ له منْ مال ولده إذا احْتاج إليْه قال نعمْ و إنْ كانتْ له جارية فأراد أنْ ينْكحها قوّمها على نفْسه و يعْلن ذلك قال و إذا كان للرّجل جارية فأبوه أمْلك بها أنْ يقع عليْها ما لمْ يمسّها الابْن

9-  و أمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ سعيد بْن يسار قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع أ يحجّ الرّجل منْ مال ابْنه و هو صغير قال نعمْ قلْت يحجّ حجّة الْإسْلام و ينْفق منْه قال نعمْ بالْمعْروف ثمّ قال نعمْ يحجّ منْه و ينْفق منْه إنّ مال الْولد للْوالد و ليْس للْولد أنْ ينْفق منْ مال والده إلّا بإذْنه

 فما يتضمّن هذا الْخبر منْ أنّ للْوالد أنْ ينْفق منْ مال ولده فمحْمول على ما قلْناه من الْحاجة الدّاعية إليْه و امْتناع الْولد من الْقيام به على ما دلّ عليْه الْأخْبار الْمتقدّمة و ما يتضمّن منْ أنّ له أنْ يأْخذ ما يحجّ به حجّة الْإسْلام محْمول على أنّ له أنْ يأْخذ على وجْه الْقرْض على نفْسه إذا كان وجبتْ عليْه حجّة الْإسْلام فأمّا منْ لمْ يجبْ عليْه فلا يلْزمه أنْ يأْخذ منْ مال ولده و يحجّ به و إنّما الْحجّ يجب عليْه بشرْط وجود الْمال على ما بيّنّاه و ما تضمّنتْه الْأخْبار الْأوّلة منْ أنّ له أنْ يطأ جارية ابْنه إذا قوّمها على نفْسه ما لمْ يمسّها الابْن محْمول على أنّه إذا كان ولْده صغارا و يكون هو الْقيّم بأمْرهمْ و النّاظر في أحْوالهمْ فيجْري مجْرى الْوكيل فيجوز له أنْ يقوّمها على نفْسه على ما تضمّنتْه رواية عبْد اللّه بْن سنان و ما تضمّنتْه رواية إسْحاق بْن عمّار منْ أنّه أحقّ بالْجارية ما لمْ يمسّها الابْن يحْتمل شيْئيْن أحدهما ما لمْ يمسّها و إنْ كان صغيرا مولّى عليْه لأنّه إنْ مسّها الابْن و هو غيْر بالغ حرمتْ على الْأب و الْوجْه الْآخر إذا حملْناه على الْبالغ أنْ نحْمله على أنّه أمْلك بها إنّ الْأوْلى في ذلك و الْأفْضل للْولد أنْ يصير إلى ما يريد والده و إنْ لمْ يكنْ ذلك فرْضا واجبا أوْ سببا لتملّك الْجارية

10-  فأمّا ما رواه الْحسن بْن محْبوب قال كتبْت إلى أبي الْحسن ع إنّي كنْت وهبْت لابْنة لي جارية حيْث زوّجْتها فلمْ تزلْ عنْدها و في بيْت زوْجها حتّى مات زوْجها فرجعتْ إليّ هي و الْجارية أ فيحلّ لي أنْ أطأ الْجارية قال قوّمْها قيمة عادلة و أشْهدْ على ذلك ثمّ إنْ شئْت فطأْها

 فالْوجْه في هذه الرّواية أنْ يقوّمها برضا منْها لأنّ الْبنْت ليْس تجْري مجْرى الابْن في أنّه تحْرم الْجارية على الْأب في بعْض الْأوْقات إذا وطئها أوْ نظر منْها إلى ما لا يحلّ لغيْر مالكه النّظر إليْه لأنّ ذلك مفْقود في الْبنْت بلْ متى ما رضيتْ كان ذلك جائزا

27-  باب منْ له على غيْره مال فيجْحده ثمّ يقع للْجاحد عنْده مال هلْ يجوز له أنْ يأْخذ بدله

1-  أحْمد بْن محمّد بْن عيسى عنْ عليّ بْن حديد عنْ جميل بْن درّاج قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الرّجل يكون له على الرّجل الدّيْن فيجْحده فيظْفر منْ ماله بقدْر الّذي جحده أ يأْخذه و إنْ لمْ يعْلم الْجاحد بذلك قال نعمْ

 -  الْحسيْن بْن سعيد عنْ صفْوان عن ابْن مسْكان عنْ أبي بكْر قال قلْت رجل لي عليْه دراهم فجحدني و حلف عليْها أ يجوز لي إنْ وقع له قبلي دراهم أنْ آخذ منْه بقدْر حقّي قال فقال نعمْ و لهذا كلام قلْت و ما هو قال تقول اللّهمّ إنّي لنْ آخذه ظلْما و لا خيانة و إنّما أخذْته مكان مالي الّذي أخذ منّي و لمْ أزْددْ شيْئا عليْه

3-  الْحسن بْن محْبوب عنْ سيْف بْن عميرة عنْ أبي بكْر الْحضْرميّ عنْ أبي عبْد اللّه ع مثْله

4-  محمّد بْن الْحسن الصّفّار عنْ عبْد اللّه بْن محمّد بْن عيسى عنْ عليّ بْن مهْزيار قال أخْبرني إسْحاق بْن إبْراهيم أنّ موسى بْن عبْد الْملك كتب إلى أبي جعْفر ع يسْأله عنْ رجل دفع إليْه مالا ليفرّقه في بعْض وجوه الْبرّ فلمْ يمْكنْه صرْف ذلك الْمال في الْوجْه الّذي أمره به و قدْ كان له عليْه مال بقدْر هذا الْمال فقال هلْ يجوز لي أنْ أقْبض مالي أوْ أردّه عليْه و أقْتضيه فكتب اقْبضْ مالك ممّا في يديْك

5-  فأمّا ما رواه الْحسن بْن محْبوب عنْ عليّ بْن رئاب عنْ سليْمان بْن خالد قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ رجل وقع لي عنْده مال فكابرني عليْه ثمّ حلف ثمّ وقع له عنْدي مال آخذه لمكان مالي الّذي أخذه و جحده و أحْلف كما صنع قال إنْ خانك فلا تخنْه و لا تدْخلْ فيما عبْته عليْه

6-  الْحسيْن بْن سعيد عن ابْن أبي عميْر عن ابْن أخي الْفضيْل بْن يسار قال كنْت عنْد أبي عبْد اللّه ع و دخلتْ عليْه امْرأة و كنْت أقْرب الْقوْم إليْها فقالتْ لي اسْألْه فقلْت عمّا ذا فقالتْ إنّ ابْني مات و ترك مالا كان في يد أخي فأتْلفه ثمّ أفاد مالا فأوْدعنيه فلي أنْ آخذ منْه بقدْر ما أتْلف منْ شيْ‏ء فأخْبرْته بذلك فقال لا قال رسول اللّه ص أدّ الْأمانة إلى من ائْتمنك و لا تخنْ منْ خانك

 فالْوجْه في هذيْن الْخبريْن ضرْب من الْكراهية لأنّ منْ جحد مال غيْره ثمّ أوْدعه بعْد ذلك شيْئا بقدْر ذلك كره أنْ يأْخذ مكان ماله و ليْس ذلك بمحْظور و إنّما يكون مباحا له أخْذه إذا ظفر بمال غيْره له منْ غيْر أنْ يكون وديعة عنْده و إنّما قلْنا ليْس بمحْظور لما رواه

7-  محمّد بْن الْحسن الصّفّار عنْ محمّد بْن يحْيى عنْ عليّ بْن سليْمان قال كتب إليْه رجل غصب رجلا مالا أوْ جارية ثمّ وقع عنْده مال بسبب وديعة أوْ قرْض مثْل ما خانه أوْ غصبه أ يحلّ له حبْسه عليْه أمْ لا فكتب نعمْ يحلّ له ذلك إنْ كان بقدْر حقّه و إنْ كان أكْثر فيأْخذ منْه ما كان عليْه و يسلّم الْباقي إليْه إنْ شاء اللّه

8-  و روى الْحسيْن بْن سعيد عنْ صفْوان عن ابْن مسْكان عنْ أبي الْعبّاس الْبقْباق أنّ شهابا ماراه في رجل ذهب له ألْف درْهم و اسْتوْدعه بعْد ذلك ألْف درْهم قال أبو الْعبّاس فقلْت له خذْها مكان الْألْف الّذي أخذ منْك فأبى شهاب قال فدخل شهاب على أبي عبْد اللّه ع فذكر له ذلك فقال أمّا أنا فأحبّ إليّ أنْ تأْخذ و تحْلف

9-  فأمّا ما رواه محمّد بْن يحْيى عنْ محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ أبي عبْد اللّه الْجامورانيّ عن الْحسن بْن عليّ بْن أبي حمْزة عنْ عبْد اللّه بْن وضّاح قال كانتْ بيْني و بيْن رجل من الْيهود معاملة فخانني بألْف درْهم فقدّمْته إلى الْوالي فأحْلفْته فحلف و قدْ علمْت أنّه حلف يمينا فاجرة فوقع له بعْد ذلك عنْدي أرْباح و دراهم كثيرة فأردْت أنْ أقْبض الْألْف درْهم الّتي كانتْ لي عنْده فأحْلف عليْها فكتبْت إلى أبي الْحسن ع فأخْبرْته أنّي قدْ أحْلفْته فحلف و قدْ وقع له عنْدي مال فإنْ أمرْتني أنْ آخذ منْه الْألْف درْهم الّتي حلف عليْها فعلْت فكتب لا تأْخذْ منْه شيْئا إنْ كان ظلمك فلا تظْلمْه و لوْ لا أنّك رضيت بيمينه فحلّفْته لأمرْتك أنْ تأْخذه منْ تحْت يدك و لكنّك رضيت بيمينه فقدْ مضت الْيمين بما فيها فلمْ آخذْ منْه شيْئا و انْتهيْت إلى كتاب أبي الْحسن ع

 فلا ينافي الْأخْبار الْأوّلة لأنّ الْوجْه في هذا الْخبر أنّه إنّما لمْ يجوّزْ له ذلك لأنّه أحْلفه فليْس له أنْ يرْجع بعْد أنْ يرْضى بيمينه فيأْخذ منْ ماله لما تضمّنه الْخبر و لقوْل رسول اللّه ص منْ حلف فلْيصْدقْ و منْ حلف له فلْيرْض و منْ لمْ يرْض فليْس من اللّه في شيْ‏ء و ما تضمّنتْه الْأخْبار الْأوّلة منْ أنّه حلف محْمول على أنّه حلف ابْتداء منْ غيْر أن اسْتحْلفه صاحب الْحقّ فجاز له أنْ يأْخذ ماله و لا يلْتفت إلى يمينه لأنّه لمْ يرْض بيمينه و لمْ يحلّفْه فيلْزمه الْوفاء به

28-  باب الرّجل يعْطى شيْئا ليفرّقه في الْمحْتاجين و هو محْتاج هلْ يجوز له أنْ يأْخذ منْه شيْئا أمْ لا

1-  الْحسيْن بْن سعيد عن ابْن أبي عميْر عنْ عبْد الرّحْمن بْن الْحجّاج قال سألْته عنْ رجل أعْطاه رجل مالا ليقْسمه في محاويج أوْ في مساكين و هو محْتاج أ يأْخذ منْه لنفْسه و لا يعْلمه قال لا يأْخذْ منْه شيْئا حتّى يأْذن له صاحبه

 قال محمّد بْن الْحسن هذا الْخبر يحْتمل شيْئيْن أحدهما أنْ يكون محْمولا على الْكراهية لأنّ الْأفْضل له أنْ لا يأْخذ منْه شيْئا إلّا بإذْن صاحب الْمال و الثّاني أنّه لا يجوز له أنْ يأْخذ منْه أكْثر ممّا يعْطى غيْره و إنّما يسوغ له أنْ يأْخذ مثْله على ما أوْردْناه في كتابنا الْكبير في كتاب الزّكاة و يحْتمل أيْضا أنْ يكون محْمولا على أنّه إذا عيّن له أقْواما يفرّق فيهمْ فلا يجوز له أنْ يأْخذ لنفْسه على حال

29-  باب كراهية أنْ يؤاجر الْإنْسان نفْسه

1-  أحْمد بْن محمّد عنْ أبيه عنْ محمّد بْن عمْرو عنْ عمّار السّاباطيّ قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع الرّجل يتّجر فإنْ هو آجر نفْسه أعْطي ما يصيب في تجارته فقال لا يؤاجر نفْسه و لكنْ يسْترْزق اللّه تعالى و يتّجر فإنّه إذا آجر نفْسه حظر على نفْسه الرّزْق

2-  فأمّا ما رواه أحْمد بْن محمّد عنْ أبيه عن ابْن سنان عنْ أبي الْحسن ع قال سألْته عن الْإجارة فقال صالح للنّاس إذا نصح قدْر طاقته و قدْ آجر موسى ع نفْسه و اشْترط فقال إنْ شئْت ثمانا و إنْ شئْت عشْرا فأنْزل اللّه تعالى أنْ تأْجرني ثماني حجج فإنْ أتْممْت عشْرا فمنْ عنْدك

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْخبر الْأوّل محْمول على ضرْب من الْكراهية دون الْحظْر و هذا الْخبر على الْجواز و رفْع الْحظْر و لا تنافي بيْنهما على هذا الْوجْه

30-  باب كراهية إجارة الْبيْت لمنْ يبيع فيه الْخمْر

1-  أحْمد بْن محمّد بْن عيسى عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ عليّ بْن النّعْمان عن ابْن مسْكان عنْ عبْد الْمؤْمن عنْ جابر قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الرّجل يؤاجر بيْته يباع فيه الْخمْر فقال حرام أجْره

2-  فأمّا ما رواه محمّد بْن يعْقوب عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عن ابْن أذيْنة قال كتبْت إلى أبي عبْد اللّه ع أسْأله عن الرّجل يؤاجر سفينته أوْ دابّته ممّنْ يحْمل عليْها أوْ فيها الْخمْر و الْخنازير فقال لا بأْس

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل منْ وجْهيْن أحدهما أنّه يجوز أنْ يكون الْخبر الْأوّل متوجّها إلى منْ يعْلم أنّه يباع فيه الْخمْر و يؤْجر على ذلك فإنّه إذا كان كذلك كانت الْأجْرة حراما و الْخبر الثّاني يتوجّه إلى منْ يؤاجر دابّته أوْ سفينته و هو لا يعْلم ما يحْمل عليْها أوْ فيها فحمل فيه ذلك لمْ يكنْ عليْه شيْ‏ء و الْوجْه الْآخر أنّه إنّما حرّم إجارته لمنْ يبيع الْخمْر لأنّ بيْع الْخمْر حرام و أجاز إجارة السّفينة لمنْ يحْمل فيها الْخمْر لأنّ حمْلها ليْس بحرام لأنّه يجوز أنْ يحْمل ليجْعلها خلّا و على الْوجْهيْن جميعا لا تنافي بيْن الْخبريْن

31-  باب النّهْي عنْ بيْع الْعذرة

1-  أحْمد بْن محمّد عن الْحجّال عنْ ثعْلبة عنْ محمّد بْن مضارب عنْ أبي عبْد اللّه ع قال لا بأْس ببيْع الْعذرة

2-  فأمّا ما رواه الْحسن بْن محمّد بْن سماعة عنْ عليّ بْن سكن عنْ عبْد اللّه بْن وضّاح عنْ يعْقوب بْن شعيْب عنْ أبي عبْد اللّه ع قال ثمن الْعذرة من السّحْت

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْخبر الْأوّل محْمول على ما عدا عذرة الْآدميّين و هذا الْخبر محْمول على عذرة النّاس و الّذي يدلّ على ذلك

3-  ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ محمّد بْن عيسى عنْ صفْوان عنْ مسْمع بْن أبي مسْمع عنْ سماعة بْن مهْران قال سأل رجل أبا عبْد اللّه ع و أنا حاضر فقال إنّي رجل أبيع الْعذرة فما تقول فقال حرام بيْعها و ثمنها و قال لا بأْس ببيْع الْعذرة

 فلوْلا أنّ الْمراد بقوْله حرام بيْعها و ثمنها ما ذكرْناه لكان قوْله ع بعْد ذلك و لا بأْس ببيْع الْعذرة مناقضا له و ذلك منْتف عنْ أقْوالهمْ

 -  باب كراهية أنْ ينْزى حمار على عتيق

1-  الصّفّار عنْ إبْراهيم بْن هاشم عن النّوْفليّ عن السّكونيّ عنْ جعْفر عنْ أبيه عنْ عليّ ع أنّ رسول اللّه ص نهى أنْ ينْزى حمار على عتيق

2-  فأمّا ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ عبّاد بْن سليْمان عنْ سعْد بْن سعْد عنْ هشام بْن إبْراهيم عن الرّضا ع قال سألْته عن الْحمير ننْزيها على الرّمك لتنْتج الْبغال أ يحلّ ذلك قال نعمْ أنْزها

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْخبر الْأوّل محْمول على ضرْب من الْكراهية دون الْحظْر

33-  باب كراهية حمْل السّلاح إلى أهْل الْبغْي

1-  أحْمد بْن محمّد عنْ أبي عبْد اللّه الْبرْقيّ عن السّرّاد عنْ رجل عنْ أبي عبْد اللّه ع قال قلْت إنّي أبيع السّلاح قال لا تبعْه في فتْنة

2-  فأمّا ما رواه أحْمد بْن محمّد عنْ عليّ بْن الْحكم عنْ سيْف بْن عميرة عنْ أبي بكْر الْحضْرميّ قال دخلْنا على أبي عبْد اللّه ع فقال له حكم السّرّاج ما ترى فيما يحْمل إلى الشّام من السّروج و أداتها فقال لا بأْس أنْتم الْيوْم بمنْزلة أصْحاب رسول اللّه ص إنّكمْ في هدْنة فإذا كانت الْمباينة حرم عليْكمْ أنْ تحْملوا إليْهم السّلاح و السّروج

 فالْوجْه في هذا الْخبر أحد شيْئيْن أحدهما أنْ يكون مخْتصّا بالسّروج و ما أشْبهها ممّا لمْ يمْكن اسْتعْماله في الْقتال حسب ما تضمّنه السّؤال و يؤكّد ذلك أيْضا ما رواه

3-  أحْمد بْن محمّد عنْ عليّ بْن الْحكم عنْ هشام بْن سالم عنْ محمّد بْن قيْس قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن الْفئتيْن تلْتقيان منْ أهْل الْباطل أبيعهما السّلاح فقال بعْهما ما يكنّهما الدّرْع و الْخفّيْن و نحْو هذا

 و الْوجْه الْآخر أنّه يجوز بيْع السّلاح لهمْ إذا علم أنّهمْ يسْتعْملونه في قتال الْكفّار يدلّ على ذلك ما رواه

4-  الْحسن بْن محْبوب عنْ عليّ بْن الْحسن بْن رباط عنْ أبي سارة عنْ هنْد السّرّاج قال قلْت لأبي جعْفر ع أصْلحك اللّه ما تقول إنّي كنْت أحْمل السّلاح إلى أهْل الشّام فأبيعه منْهمْ فلمّا عرّفني اللّه هذا الْأمْر ضقْت بذلك و قلْت لا أحْمل إلى أعْداء اللّه فقال لي احْملْ إليْهمْ إنّ اللّه تعالى يدْفع بهمْ عدوّنا و عدوّكمْ يعْني الرّوم بعْهمْ فإذا كان الْحرْب بيْننا فمنْ حمل إلى عدوّنا سلاحا يسْتعينون به عليْنا فهو مشْرك

34-  باب كسْب الْحجّام

1-  الْحسن بْن محْبوب عن ابْن رئاب عنْ أبي بصير عنْ أبي جعْفر ع قال سألْته عنْ كسْب الْحجّام فقال لا بأْس به إذا لمْ يشارطْ

2-  محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عنْ أحْمد بْن محمّد بْن أبي نصْر عنْ حنان بْن سدير قال دخلْنا على أبي عبْد اللّه ع و معنا فرْقد الْحجّام فقال جعلْت فداك إنّي أعْمل عملا و قدْ سألْت عنْه غيْر واحد و لا اثْنيْن فزعموا أنّه عمل مكْروه و أنا أحبّ أنْ أسْألك فإنْ كان مكْروها انْتهيْت عنْه و عملْت غيْره من الْأعْمال فإنّي منْته في ذلك إلى قوْلك قال و ما هو قال حجّام قال كلْ منْ كسْبك يا ابْن أخ و تصدّقْ و حجّ منْه و تزوّجْ فإنّ نبيّ اللّه ص قد احْتجم و أعْطى الْأجْر و لوْ كان حراما ما أعْطاه قال جعلني اللّه فداك إنّ لي تيْسا أكْريه فما تقول في كسْبه قال كلْ كسْبه فإنّه لك حلال و النّاس يكْرهونه قال حنان قلْت لأيّ شيْ‏ء يكْرهونه و هو حلال قال لتعْيير النّاس بعْضهمْ بعْضا

3-  عنْه عن أبي عليّ الْأشْعريّ عنْ محمّد بْن عبْد الْجبّار عنْ أحْمد بْن النّضْر عنْ عمْرو بْن شمْر عنْ جابر عنْ أبي جعْفر ع قال احْتجم رسول اللّه ص حجمه موْلى لبني بياضة و أعْطاه و لوْ كان حراما لما أعْطاه فلمّا فرغ قال له رسول اللّه ص أيْن الدّم قال شربْته يا رسول اللّه فقال ما كان ينْبغي لك أنْ تفْعل و قدْ جعله اللّه تعالى حجابا لك من النّار فلا تعدْ

4-  أحْمد بْن محمّد عن ابْن فضّال عن ابْن أبي عميْر عنْ زرارة قال سألْت أبا جعْفر ع عنْ كسْب الْحجّام فقال مكْروه له أنْ يشارط و لا بأْس عليْك أنْ تشارطه و تماكسه و إنّما يكْره له و لا بأْس عليْك

5-  الْفضْل بْن شاذان عن ابْن أبي عميْر عنْ معاوية بْن عمّار قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عنْ كسْب الْحجّام فقال لا بأْس به قلْت أجْر التّيوس قال إنْ كانت الْعرب لتتعاير به فلا بأْس

6-  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ سماعة قال السّحْت أنْواع كثيرة منْها كسْب الْحجّام و أجْر الزّانية و ثمن الْخمْر

 فهذا خبر شاذّ لا يعارض به الْأخْبار الّتي قدّمْناها لكثْرتها و لشذوذ هذا الْخبر على أنّا قدْ قدّمْنا أنّ هذا الْكسْب و إنْ لمْ يكنْ محْظورا فهو مكْروه و التّنزّه عنْه أفْضل و يزيد ذلك بيانا

 -  ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عن ابْن أبي عميْر عنْ حمّاد عن الْحلبيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّ رجلا سأل رسول اللّه ص عنْ كسْب الْحجّام فقال أ لك ناضح فقال له نعمْ فقال اعْلفْه إيّاه و لا تأْكلْه

8-  عنْه عن الْقاسم عنْ رفاعة قال سألْته عنْ كسْب الْحجّام فقال إنّ رجلا من الْأنْصار كان له غلام حجّام فسأل رسول اللّه ص فقال له هلْ لك ناضح قال نعمْ قال فاعْلفْه ناضحك

 فالْوجْه في كراهية ذلك ما تضمّنه الْخبر الْأوّل منْ تعْيير النّاس بعْضهمْ بعْضا بذلك و إنْ لمْ يكنْ محْظورا

35-  باب أجْر النّائحة

1-  الْحسيْن بْن سعيد عنْ عثْمان بْن عيسى عنْ سماعة قال سألْته عنْ كسْب الْمغنّية و النّائحة فكرهه

2-  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر عن الْحلبيّ عنْ أيّوب بْن الْحرّ عنْ أبي بصير قال قال أبو عبْد اللّه ع لا بأْس بأجْر النّائحة الّتي تنوح على الْميّت

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْكراهية إنّما توجّهتْ في الْخبر الْأوّل إلى منْ يشْترط الْأجْر و يقول الْأباطيل يدلّ على ذلك

3-  ما رواه أحْمد بْن محمّد عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ حنان بْن سدير قال كانت امْرأة معنا في الْحيّ و لها جارية نائحة فجاءتْ إلى أبي فقالتْ يا عمّ أنْت تعْلم معيشتي من اللّه و منْ هذه الْجارية النّائحة و قدْ أحْببْت أنْ تسْأل أبا عبْد اللّه ع عنْ ذلك فإنْ كان حلالا و إلّا بعْتها و أكلْت منْ ثمنها حتّى يأْتي اللّه عزّ و جلّ بالْفرج فقال لها أبي و اللّه إنّي لأعظّم أبا عبْد اللّه ع أنْ أسْأله عنْ هذه الْمسْألة قال فلمّا قدمْنا عليْه أخْبرْته أنا بذلك فقال أبو عبْد اللّه ع أ تشارط قلْت و اللّه ما أدْري أ تشارط أمْ لا قال لا تشارط و تقْبل كلّ ما أعْطيتْ

36-  باب أجْر الْمغنّية

1-  محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عن ابْن فضّال عنْ سعْد بْن محمّد الطّاطريّ عنْ أبيه عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سأله رجل عنْ بيْع جواري الْمغنّيات فقال شراؤهنّ و بيْعهنّ حرام و تعْليمهنّ كفْر و اسْتماعهنّ نفاق

2-  سهْل بْن زياد عن الْحسن بْن عليّ الْوشّاء قال سئل أبو الْحسن الرّضا ع عنْ شراء الْمغنّية فقال قدْ يكون للرّجل الْجارية تلْهيه و ما ثمنها إلّا ثمن كلْب و ثمن الْكلْب سحْت و السّحْت في النّار

3-  محمّد بْن يعْقوب عنْ أبي عليّ الْأشْعريّ عن الْحسن بْن عليّ عنْ إسْحاق بْن إبْراهيم عنْ نصْر بْن قابوس قال سمعْت أبا عبْد اللّه ع يقول الْمغنّية ملْعونة ملْعون منْ أكل منْ كسْبها

4-  عنْه عنْ محمّد بْن يحْيى عنْ بعْض أصْحابه عنْ محمّد بْن إسْماعيل عنْ إبْراهيم بْن أبي الْبلاد قال أوْصى إسْحاق بْن عمر عنْد وفاته بجوار له مغنّيات أنْ يبعْن و يحْمل ثمنهنّ إلى أبي الْحسن ع قال إبْراهيم فبعْت الْجواري بثلاثمائة ألْف درْهم و حملْت الثّمن إليْه و قلْت له إنّ موْلى لك يقال له إسْحاق بْن عمر أوْصى عنْد وفاته ببيْع جوار له مغنّيات و حمْل الثّمن إليْك و قدْ بعْتهنّ و هذا الثّمن ثلاثمائة ألْف درْهم فقال لا حاجة لي فيه إنّ هذا سحْت و تعْليمهنّ كفْر و الاسْتماع منْهنّ نفاق و ثمنهنّ سحْت

 -  فأمّا ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر بْن سويْد عنْ يحْيى الْحلبيّ عنْ أيّوب بْن الْحرّ عنْ أبي بصير قال قال أبو عبْد اللّه ع أجْر الْمغنّية الّتي تزفّ الْعرائس ليْس به بأْس ليْستْ بالّتي يدْخل عليْها الرّجال

6-  عنْه عنْ حكم الْحنّاط عنْ أبي بصير عنْ أبي عبْد اللّه ع قال الْمغنّية الّتي تزفّ الْعرائس لا بأْس بكسْبها

7-  عنْه عنْ عليّ بْن أبي حمْزة عنْ أبي بصير قال سألْت أبا جعْفر ع عنْ كسْب الْمغنّيات فقال الّتي تدْخل عليْها الرّجال حرام و الّتي تدْعى إلى الْأعْراس ليْس به بأْس و هو قوْل اللّه تعالى و من النّاس منْ يشْتري لهْو الْحديث ليضلّ عنْ سبيل اللّه

 فالْوجْه في هذه الْأخْبار الرّخْصة فيمنْ لا تتكلّم بالْأباطيل و لا تلْعب بالْملاهي من الْعيدان و أشْباهها و لا بالْقصب و غيْره بلْ يكون ممّنْ تزفّ الْعروس و تتكلّم عنْدها بإنْشاد الشّعْر و الْقوْل الْبعيد من الْفحْش و الْأباطيل فأمّا منْ عدا هؤلاء ممّنْ يتغنّيْن بسائر أنْواع الْملاهي فلا يجوز على حال سواء كان في الْعرائس أوْ غيْرها

37-  باب ما كره منْ أنْواع الْمعايش و الْأعْمال

1-  أحْمد بْن محمّد عنْ جعْفر بْن يحْيى الْخزاعيّ عنْ أبيه يحْيى بْن أبي الْعلاء عنْ إسْحاق بْن عمّار قال دخلْت على أبي عبْد اللّه ع فأخْبرْته أنّه ولد لي غلام فقال أ لا سمّيْته محمّدا قال قلْت قدْ فعلْت قال فلا تضْربْ محمّدا و لا تشْتمْه جعله اللّه قرّة عيْن لك في حياتك و خلف صدْق منْ بعْدك قلْت جعلْت فداك في أيّ الْأعْمال أضعه قال إذا عزلْته عنْ خمْسة أشْياء فضعْه حيْث شئْت لا تسْلمْه صيْرفيّا فإنّ الصّيْرفيّ لا يسْلم من الرّبا و لا تسْلمْه بيّاع أكْفان فإنّ بائع الْأكْفان يسرّه الْوباء إذا كان و لا تسْلمْه بيّاع طعام فإنّه لا يسْلم من الاحْتكار و لا تسْلمْه جزّارا فإنّ الْجزّار يسْلب الرّحْمة و لا تسْلمْه نخّاسا فإنّ رسول اللّه ص قال شرّ النّاس منْ باع النّاس

2-  محمّد بْن الْحسن الصّفّار عنْ محمّد بْن عيسى عنْ عبيْد اللّه الدّهْقان عنْ درسْت بْن أبي منْصور الْواسطيّ عنْ إبْراهيم بْن عبْد الْحميد عنْ أبي الْحسن ع قال جاء رجل إلى النّبيّ ص فقال يا رسول اللّه قدْ علّمْت ابْني هذا الْكتابة ففي أيّ شيْ‏ء أسْلمه فقال أسْلمْه للّه أبوك و لا تسْلمْه في خمْس لا تسْلمْه سبّاء و لا صائغا و لا قصّابا و لا حنّاطا و لا نخّاسا قال فقال يا رسول اللّه ص و من السّبّاء قال الّذي يبيع الْأكْفان و يتمنّى موْت أمّتي و للْموْلود منْ أمّتي أحبّ إليّ ممّا طلعتْ عليْه الشّمْس و أمّا الصّائغ فإنّه يعالج زيْن أمّتي و أمّا الْقصّاب فإنّه يذْبح حتّى تذْهب الرّحْمة منْ قلْبه و أمّا الْحنّاط فإنّه يحْتكر الطّعام على أمّتي و لأنْ يلْقى اللّه الْعبْد سارقا أحبّ إليّ منْ أنْ يلْقاه قد احْتكر طعاما أرْبعين يوْما و أمّا النّخّاس فإنّه أتاني جبْرئيل ع فقال يا محمّد ص إنّ شرار أمّتك الّذين يبيعون النّاس

 قال محمّد بْن الْحسن الطّوسيّ هذان الْخبران محْمولان على ضرْب من الْكراهية لما تضمّنا من التّعْليل منْ أنّ منْ يعاني هذه الْأشْياء لا يسْلم فيها منْ أمور مكْروهة مثْل تمنّي الْموْت أوْ غلاء السّعْر و الرّبا و ما أشْبه ذلك فأمّا منْ يثق منْ نفْسه بأنّه يسْلم منْ ذلك و يؤدّي فيه الْأمانة فلا بأْس بذلك و الّذي يدلّ على ذلك

3-  ما رواه أحْمد بْن محمّد عن ابْن فضّال قال سمعْت رجلا يسْأل أبا الْحسن الرّضا ع فقال إنّي أعالج الرّقيق فأبيعه و النّاس يقولون لا ينْبغي فقال له ع و ما بأْسه كلّ شيْ‏ء ممّا يباع إذا اتّقى اللّه عزّ و جلّ فيه الْعبْد فلا بأْس

 -  محمّد بْن يعْقوب عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عنْ صالح بْن السّنْديّ عنْ جعْفر بْن بشير عنْ خالد بْن عمارة عنْ سدير الصّيْرفيّ قال قلْت لأبي جعْفر ع حديث بلغني عن الْحسن الْبصْريّ فإنْ كان حقّا فإنّا للّه و إنّا إليْه راجعون قال و ما هو قلْت بلغني أنّ الْحسن كان يقول لوْ غلى دماغه منْ حرّ الشّمْس ما اسْتظلّ بحائط صيْرفيّ و لوْ تنقّرتْ كبده عطشا لمْ يسْتسْق منْ دار صيْرفيّ ماء و هو عملي و تجارتي و فيه نبت لحْمي و دمي و منْه حجّي و عمْرتي فجلس ثمّ قال كذب الْحسن خذْ سواء و أعْط سواء فإذا حضرت الصّلاة فدعْ ما في يدك و انْهضْ إلى الصّلاة أ ما علمْت أنّ أصْحاب الْكهْف كانوا صيارفة

5-  فأمّا ما رواه أحْمد بْن محمّد بْن يحْيى عنْ طلْحة بْن زيْد عنْ جعْفر قال إنّ رسول اللّه ص قال إنّي أعْطيْت خالتي غلاما و نهيْتها أنْ تجْعله قصّابا أوْ حجّاما أوْ صائغا

6-  أحْمد بْن محمّد بْن أبي عبْد اللّه عن الْقاسم بْن إسْحاق بْن إبْراهيم بْن موسى بْن زنْجويْه التّفْليسيّ عنْ أبي عمْرو الْحنّاط عنْ أبي إسْماعيل الصّيْقل الرّازيّ قال دخلْت على أبي عبْد اللّه ع و معي ثوْبان فقال لي يا أبا إسْماعيل يجيئني منْ قبلكمْ أثْواب كثيرة و ليْس يجيئني مثْل هذيْن الثّوْبيْن اللّذيْن تحْملهما أنْت فقلْت جعلْت فداك تغْزلهما أمّ إسْماعيل و أنْسجهما أنا فقال لي حائك قلْت نعمْ قال لا تكنْ حائكا قلْت فما أكون قال كنْ صيْقلا و كانتْ معي مائتا درْهم فاشْتريْت بها سيوفا و مرايا و قرابا عتقا و قدمْت بها الرّيّ و بعْتها بربْح كثير

 فالْوجْه في هذيْن الْخبريْن ضرْب من الْكراهية دون الْحظْر

 -  باب الْأجْر على تعْليم الْقرْآن

1-  أحْمد بْن محمّد عنْ محمّد بْن إسْماعيل عن الْفضْل بْن كثير عنْ حسّان الْمعلّم قال سألْت أبا عبْد اللّه ع عن التّعْليم فقال لا تأْخذْ على التّعْليم أجْرا قلْت الشّعْر و الرّسائل و ما أشْبه ذلك أشارط عليْه قال نعمْ بعْد أنْ يكون الصّبْيان عنْدك سواء في التّعْليم لا تفضّل بعْضهمْ على بعْض

2-  محمّد بْن الْحسن الصّفّار عنْ عبْد اللّه بْن الْمنبّه عن الْحسيْن بْن علْوان عنْ عمْرو بْن خالد عنْ زيْد بْن عليّ عنْ أبيه عنْ آبائه عنْ عليّ ع أنّه أتاه رجل فقال يا أمير الْمؤْمنين و اللّه إنّي لأحبّك للّه فقال له لكنّي أبْغضك للّه قال و لم قال لأنّك تبْغي على الْأذان و تأْخذ على تعْليم الْقرْآن أجْرا

3-  فأمّا ما رواه أحْمد بْن أبي عبْد اللّه عنْ شريف بْن سابق عن الْفضْل بْن أبي قرّة قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّ هؤلاء يقولون إنّ كسْب الْمعلّم سحْت فقال كذبوا أعْداء اللّه إذا أرادوا ألّا يعلّموا الْقرْآن و لوْ أنّ الْمعلّم أعْطاه رجل دية ولده كان للْمعلّم مباحا

 فلا ينافي الْخبريْن الْأوّليْن لأنّ الْحظْر إنّما توجّه إلى منْ لا يعلّم الْقرْآن إلّا بأجْرة معْلومة و يشارط عليْها و الثّاني محْمول على منْ يهْدى له شيْ‏ء منْ غيْر شرْط فيكون ذلك مباحا له كائنا ما كان و الّذي يدلّ على ذلك

4-  ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ أبي عبْد اللّه الرّازيّ عن الْحسن بْن عليّ عنْ سيْف بْن عميرة عنْ إسْحاق بْن عمّار عن الْعبْد الصّالح ع قال قلْت إنّ لنا جارا يكْتب و قدْ سألني أنْ أسْألك عنْ عمله فقال مرْه إذا دفع إليْه الْغلام أنْ يقول لأهْله إنّي إنّما أعلّمه الْكتاب و الْحساب و أتّجر عليْه بتعْليم الْقرْآن حتّى يطيب له كسْبه

5-  الْحسيْن بْن سعيد عن النّضْر عن الْقاسم بْن سليْمان عنْ جرّاح الْمدائنيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع قال الْمعلّم لا يعلّم بالْأجْر و يقْبل الْهديّة إذا أهْدي إليْه و لا ينافي هذا الْخبر

6-  ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ يعْقوب بْن يزيد عن ابْن أبي عميْر عن الْحكم بْن مسْكين عنْ قتيْبة الْأعْشى قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع إنّي أقْرئ الْقرْآن فيهْدى إليّ الْهديّة فأقْبلها قال لا قلْت إنْ لمْ أشارطْه قال أ رأيْت لوْ لمْ تقْرئْه أ كان يهْدى لك قال قلْت لا قال فلا تقْبلْه

 لأنّ الْوجْه في هذا الْخبر أنْ نحْمله على ضرْب من الْكراهية لأنّ التّنزّه عمّنْ هذه صفته أوْلى و أحْرى و إنْ لمْ يكنْ ذلك محْظورا

39-  باب كراهية أخْذ ما ينْثر في الْإمْلاكات و الْأعْراس

1-  أحْمد بْن محمّد بْن خالد الْبرْقيّ عنْ محمّد بْن عليّ عنْ عبْد اللّه بْن جبلة عنْ إسْحاق بْن عمّار قال قلْت لأبي عبْد اللّه ع الْإمْلاك يكون و الْعرْس فينْثر على الْقوْم فقال حرام و لكنْ كلْ ما أعْطوْك منْه

2-  محمّد بْن يحْيى عن الْعمْركيّ بْن عليّ عنْ عليّ بْن جعْفر عنْ أخيه أبي الْحسن ع قال سألْته عن النّثار من السّكّر و اللّوْز و أشْباهه أ يحلّ أكْله قال يكْره أكْل ما انْتهب

3-  فأمّا ما رواه محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ أبي جعْفر عنْ أبيه عنْ وهْب عنْ جعْفر عنْ أبيه ع قال قال عليّ ع لا بأْس بنثْر الْجوْز و السّكّر

 فلا ينافي الْخبريْن الْأوّليْن لأنّ الّذي تضمّن هذا الْخبر جواز النّثْر و أنّه ليْس بمحْظور و ليْس فيه أنّه يجوز أخْذ ما ينْثر و نهْبه و الْخبران الْأوّلان فيهما كراهية ذلك و لا تنافي بيْنهما على حال

40-  باب منْ سرق مالا فاشْترى به جارية هلْ يحلّ له وطْؤها أمْ لا

1-  محمّد بْن عليّ بْن محْبوب عنْ محمّد بْن عيسى عنْ عبْد اللّه بْن الْمغيرة عنْ إسْماعيل السّكونيّ عنْ جعْفر عنْ أبيه عنْ آبائه ع قال لوْ أنّ رجلا سرق ألْف درْهم فاشْترى بها جارية أوْ أصْدقها امْرأة فإنّ الْفرْج له حلال و عليْه تبعة الْمال

2-  فأمّا ما رواه الصّفّار قال كتبْت إلى أبي محمّد الْحسن ع رجل اشْترى ضيْعة أوْ خادما بمال أخذه منْ قطْع الطّريق أوْ منْ سرقة هلْ يحلّ له ما يدْخل عليْه منْ ثمرة هذه الضّيْعة أوْ يحلّ له أنْ يطأ هذا الْفرْج الّذي اشْتراه منْ سرقة أوْ منْ قطْع الطّريق فوقّع ع لا خيْر في شيْ‏ء أصْله حرام و لا يحلّ اسْتعْماله

 فلا ينافي الْخبر الْأوّل لأنّ الْوجْه فيه أنْ نحْمله على ضرْب من الْكراهية دون الْحظْر و الّذي نقول إنّه لا يجوز لمنْ هذه صفته أنْ يتمسّك بالضّيْعة و الْخادم بلْ ينْبغي أنْ يبيعهما و يردّ الثّمن على منْ أخذه منْه و الْمعْنى في هذا الْخبر الْأوّل أنّه لا يكون زانيا بوطْء ذلك الْفرْج دون أنْ يكون الْمراد به جواز الاسْتمْرار عليْه و اسْتدامته

41-  باب اللّقطة

1-  محمّد بْن يعْقوب عنْ عدّة منْ أصْحابنا عنْ سهْل بْن زياد عنْ أحْمد بْن محمّد بْن أبي نصْر عنْ داود بْن سرْحان عنْ أبي عبْد اللّه ع أنّه قال في اللّقطة يعرّفها سنة ثمّ هي كسائر ماله

2-  عنْه عنْ عليّ بْن إبْراهيم عنْ أبيه عن ابْن أبي عميْر عنْ محمّد بْن أبي حمْزة عنْ بعْض أصْحابنا عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سألْته عن اللّقطة قال تعرّف سنة قليلا كان أوْ كثيرا قال و ما كان منْ دون الدّرْهم فلا يعرّف

3-  الْحسيْن بْن سعيد عن ابْن أبي عميْر عنْ حمّاد عن الْحلبيّ عنْ أبي عبْد اللّه ع في اللّقطة يجدها الرّجل الْفقير أ هو فيها بمنْزلة الْغنيّ قال نعمْ و اللّقطة يجدها الرّجل و يأْخذها قال يعرّفها سنة فإنْ جاء لها طالب و إلّا فهي كسبيل ماله و كان عليّ بْن الْحسيْن ع يقول لأهْله لا تمسّوها

 قال محمّد بْن الْحسن هذا الْخبر و الْخبر الْأوّل و إنْ وردا مطْلقيْن في أنّ بعْد تعْريف السّنة تكون اللّقطة كسبيل ماله الْمعْنى فيه أنّ له التّصرّف في ذلك كما يتصرّف في مال نفْسه و يكون ضامنا لصاحب الْمال إذا جاء و إنْ كان تصدّق به بعْد السّنة لزمه غرامته

و الّذي يدلّ على ذلك

4-  ما رواه الْحسيْن بْن سعيد عنْ فضالة عنْ أبان عن الْحسيْن بْن كثير عنْ أبيه قال سأل رجل أمير الْمؤْمنين ع عن اللّقطة فقال يعرّفها فإنْ جاء طالبها دفعها إليْه و إلّا حبسها حوْلا فإنْ لمْ يجئْ صاحبها أوْ منْ يطْلبها تصدّق بها فإنْ جاء صاحبها بعْد ما تصدّق بها إنْ شاء أغْرمها الّذي كانتْ عنْده و كان الْأجْر له و إنْ كره ذلك احْتبسها و الْأجْر له

5-  عنْه عنْ فضالة عن الْعلاء عنْ محمّد بْن مسْلم عنْ أحدهما ع قال سألْته عن اللّقطة قال لا ترْفعوها فإن ابْتليت فعرّفْها سنة فإنْ جاء طالبها و إلّا فاجْعلْها منْ عرْض مالك تجْري عليْها ما يجْري على مالك إلى أنْ يجي‏ء طالب

6-  محمّد بْن أحْمد بْن يحْيى عنْ محمّد بْن عبْد الْجبّار عنْ أبي الْقاسم عنْ حنان قال سأل رجل أبا عبْد اللّه ع عن اللّقطة و أنا أسْمع قال تعرّفها سنة فإنْ وجدْت صاحبها و إلّا فأنْت أحقّ بها و قال هي كسبيل مالك و قال خيّرْه إذا جاءك بعْد سنة بيْن أجْرها و بيْن أنْ تغْرمها له إذا كنْت أكلْتها

7-  عنْه عنْ محمّد بْن عيسى عن الْحسن بْن عليّ الْوشّاء عنْ أحْمد بْن عائذ عنْ أبي خديجة عنْ أبي عبْد اللّه ع قال سأله ذريح عن الْممْلوك يأْخذ اللّقطة فقال و ما الْممْلوك و اللّقطة و الْممْلوك لا يمْلك منْ نفْسه شيْئا فلا يتعرّض لها الْممْلوك فإنّه ينْبغي أنْ يعرّفها سنة في مجْمع فإنْ جاء طالبها دفعها إليْه و إلّا كانتْ في ماله فإنْ مات كانتْ ميراثا لولده و لمنْ يرثه فإنْ لمْ يجئْ لها طالب كانتْ في أمْوالهمْ هي لهمْ فإنْ جاء طالبها بعْد دفعوها إليْه