(خزيمة بن ثابت الأنصاري (رضي الله عنه

اسمه وكنيته ونسبه

أبو عمارة، خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري الأوسي.

لقبه (رضي الله عنه) بذي الشهادتين

لقّبه به رسول الله(صلى الله عليه وآله) لحادثة، وهي: (أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) اشترى فرساً من سواد بن الحارث فجحده، فشهد له خزيمة، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما حملك على الشهادة، ولم تكن معنا حاضراً؟ قال: صدّقتك بما جئت به، وعلمت أنّك لا تقول إلّا حقّاً، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): شهادته بشهادة رجلين غيره)(2).

أُمّه(رضي الله عنه)

كبشة بنت أوس من بني ساعدة.

سيرته ومواقفه(رضي الله عنه)

كان من أوائل المسلمين، فشهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وكان هو وعمير بن عدي يكسِّران أصنام بني خطمة، ثمّ حمل راية بني خطمة يوم فتح مكّة، ودخل مع رسول الله(صلى الله عليه وآله).

وكان من الصحابة الأبرار الأتقياء الذين مضَوا على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله)، فلم يغيِّروا ولم يبدِّلوا.

وكان من السابقين، الذين عادوا إلى الإمام عليّ(عليه السلام)، وقد وقف إلى جانبه ودعا إلى بيعته، وأنكر على مخالفيه، وقال لأحدهم: ألستَ تعلم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبِل شهادتي وحدي؟ فقال: بلى.

قال خزيمة: فإنّي أشهد بما سمعته منه، وهو قوله(صلى الله عليه وآله): إمامُكم بعدي عليّ، لأنّه الأنصح لأُمّتي، والعالم فيهم)(3).

وشهد خزيمة ـ مع جماعة ـ لأمير المؤمنين(عليه السلام) حين استُشهد بحديث الغدير، وكان من أوائل المبايعين والمؤيِّدين للإمام عليّ (عليه السلام) في مسيره لقتال الناكثين والقاسطين.

ممّن روى عنهم

رسول الله(صلى الله عليه وآله)... .

من الراوين عنه

ابنه عمارة بن خزيمة، جابر بن عبد الله الأنصاري، عمارة بن عثمان بن حنيف، عمرو بن ميمون، إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاص، أبو عبد الله الجدلي، عبد الرحمن بن أبي ليلى، عطاء بن يسار.

شعره(رضي الله عنه)

لم ينقل من شعره إلّا النزر اليسير، مع أنّه كان يجيد الشعر ويقوله منذ زمن مبكّر على عهد النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله)، كما في أبياته التي مدح فيها الإمام عليّاً(عليه السلام) فتهلَّلَ وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله).

وأبياته التي ذكر فيها قصّة التصدُّق بالخاتم في حال الركوع، حيث قال:

أبا حسنٍ تفديك نفسي وأُسرتي ** وكلُّ بطيءٍ في الهُدى ومُسارعِ

أيذهب مدح من محبّك ضائعاً ** وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنتَ الذي أعطيتَ إذ كنتَ راكعاً ** زكاةً فَدتْكَ النفسُ يا خيرَ راكعِ

فأنزلَ فيك اللهُ خيرَ ولايةٍ ** وبَيّنها في مُحكَماتِ الشرائعِ

وقال يوم صفّين:

قد مرّ يومان وهذا الثالث ** هذا الذي يلهث فيه اللاهث

هذا الذي يبحث فيه الباحث ** كم ذا يرجي أن يعيش الماكث

الناس موروث ومنهم وارث ** هذا عليّ مَن عصاه ناكث

وقال يوم الجمل:

اعائش خلّي عن عليّ وعيبه بما ** ليس فيه إنّما أنت والده

وصيّ رسول الله من دون أهله ** وأنت على ما كان من ذاك شاهده

وحسبك منه بعض ما تعلمينه ** ويكفيك لو لم تعلمي غير واحده

إذا قيل ماذا عبت منه رميته ** بقتل ابن عفّان وما تلك آبده

وليس سماء الله قاطرة دماً لذاك ** وما الأرض الفضاء بمائده

وقال لمّا بُويع الإمام عليّ(عليه السلام):

إذا نحن بايعنا عليّاً فحسبنا ** أبو حسن ممّا نخاف من الفتن

وجدناه أولى الناس بالناس أنّه ** اطب قريش بالكتاب وبالسنن

وإنّ قريشاً ما تشق غباره إذا ما ** جرى يوماً على الضمر البدن

وفيه الذي فيهم من الخير كلّه ** وما فيهم كلّ الذي فيه من حسن

وصيّ رسول الله من دون أهله ** وفارسه قد كان في سالف الزمن

وأوّل من صلّى من الناس كلّهم ** سوى خيرة النسوان والله ذو منن

وصاحب كبش القوم في كلّ وقعة ** تكون لها نفس الشجاع لدى الذقن

فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه ** إمامهم حتّى أغيب في الكفن

وقال يوم السقيفة:

ما كنت احسب هذا الأمر منتقلا ** عن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن

أليس أوّل من صلّى لقبلتكم ** واعلم الناس بالقرآن والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبيّ ** ومن جبريل عون له في الغسل والكفن

ما ذا الذي ردّكم عنه فنعرفه ** ها أن بيعتكم من أغبن الغبن

صلاته على جنازة الزهراء(عليها السلام)

قال الإمام عليّ(عليه السلام): (خلقت الأرض لسبعة بهم يُرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذر وسلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود، ثمّ قال: أنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة).

قال الشيخ الصدوق(قدس سره): (معنى قوله: خلقت الأرض لسبعة نفر، ليس يعني من ابتدائها إلى انتهائها، وإنّما يعني بذلك أنّ الفائدة في الأرض قدّرت في ذلك الوقت لمَن شهد الصلاة على فاطمة(عليها السلام)، وهذا خلق تقدير لا خلق تكوين)(4).

سبب شهادته(رضي الله عنه)

قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: (كنت بصفّين، فرأيت رجلاً راكباً متلثَّماً يقاتل الناس قتالاً شديداً، يميناً وشمالاً، فقلت: يا شيخ، أتقاتل الناس يميناً وشمالاً؟!

فحسر عن عمامته ثمّ قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: قاتِلْ مع عليٍّ جميع مَن يقاتله، وأنا خزيمة بن ثابت الأنصاري)، فخاض غمار المعركة، ونال ما تمنَّاه من الشهادة المشرِّفة.

شهادته(رضي الله عنه)

استُشهد(رضي الله عنه) في 9 صفر 37 ﻫ، ودُفن في منطقة صفّين.

تأبين الإمام عليّ(عليه السلام) له

حسب خزيمة من الإكرام والتجليل ما أبَّنه به الإمام عليّ(عليه السلام) وتلهَّف عليه، وتشوَّق إليه، وأثنى عليه، حيث قال: (أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحقِّ؟! أين عمَّار، وأين ابن التيِّهان، وأين ذو الشهادتين ـ أي خزيمة بن ثابت ـ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية)(5)؟!

ـــــــــ

1ـ اُنظر: معجم رجال الحديث 8/50، أعيان الشيعة 6/317.

2ـ البيان والتعريف 2/76.

3ـ معجم رجال الحديث 8/51.

4ـ الخصال: 361.

5ـ شرح نهج البلاغة 10/99.