(عمار بن ياسر (رضي الله عنه

اسمه وكنيته ونسبه(رضي الله عنه)

أبو يقظان، عمّار بن ياسر بن عامر... بن يَعرُب بن قَحطان.

تاريخ ولادته(رضي الله عنه) ومكانها

ولد ما بين عام 53 و57 قبل الهجرة، مكّة المكرّمة.

أبواه(رضي الله عنه)

كان والدا عمّار ممّن تحمّلا الكثير على طريق الإسلام، والدفاع عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) حتّى نالا الشهادة، وعندما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يرى تعذيب قريش لأُسرة عمّار يعدهم بالجنّة قائلاً: «صبراً آل ياسر، فإنّ موعدكم الجنّة»(1).

أخباره(رضي الله عنه)

يُعدّ من المسلمين الأوائل الذين تحمّلوا أصناف التعذيب والتنكيل، وكان من المهاجرين إلى المدينة، فصلّى إلى القِبلتين، واتّخذ في بيته مسجداً، وكان أوّل من بنى مسجداً في الإسلام.

شهد(رضي الله عنه) بدراً والخندق والمشاهد كلّها، وقتل مجموعة من رؤوس الكفر والشرك، كما كان مع النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) في بيعة الرضوان.

دعا(رضي الله عنه) إلى بيعة الإمام علي(عليه السلام)، وكان من السابقين إلى الالتحاق به، والمدافعين عنه حين هُوجمت دار الزهراء(عليها السلام).

وَلِي(رضي الله عنه) الكوفة، وشارك في فتح مدينة تُستر، وساهم في تعبئة الجيوش لفتح الري والدستبي ونهاوند وغيرها.

مواقفه(رضي الله عنه) مشهودة في الاعتراض على السقيفة والشورى، التي غصبت حقوق الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، فكان يجاهر بنصرة الحقّ، ولم يُداهن الولاة؛ حتّى دِيست بطنه وأصابه الفتق وغُشي عليه.

سارع(رضي الله عنه) إلى مبايعة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ووبّخ الذين شقّوا عصا الطاعة وأحدثوا الفُرقة في عهد الخليفة الحقّ.

كان(رضي الله عنه) من المشاركين في توديع أبي ذر حين نُفي إلى الربذة، رغم المرسوم الصادر بالمنع من ذلك، كما أنّه قد هُدّد بالنفي، وكاد يقع لولا احتجاج الإمام علي(عليه السلام) وبني مخزوم.

كان(رضي الله عنه) من أوائل المشاورين في حكومة الإمام علي(عليه السلام) قبيل واقعة الجمل، وقبيل وقعة صفّين التي أبلى فيها بلاءً كبيراً، فقاتل فيها قتالاً شديداً، وما حجزه عن المواصلة إلّا الليل، وكان له أثر واضح في الظفر، ثمّ كان فيها شهادته.

لشجاعته(رضي الله عنه) وشهامته وإقدامه ولّاه الإمام علي(عليه السلام) مناصب حربية عديدة في معركة الجمل، وقد قتل عدداً من صناديد جيش الناكثين، وشارك في عقر جمل الفتنة.

ولاؤه وإيمانه(رضي الله عنه)

يُعدّ من القلّة القليلة التي شهد لهم الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بالدرجات الرفيعة، والمراتب العالية من الإيمان.

ففي كتاب الله تعالى تُذكر ظلامته من جهة، ويُوصف قلبه المؤمن بالاطمئنان من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة يُلتمس له العذر ويُصبح موقفه حكماً شرعياً، فأنزل الله عزّ وجلّ قوله الكريم: )إلَّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ((2)، فعندها قال النبي(صلى الله عليه وآله): «يا عمّار، إن عادوا فعُد، فقد أنزل الله عزّ وجلّ عُذرك، وأمرك أن تعود إن عادوا»(3).

من أقوال النبي(صلى الله عليه وآله) فيه

1ـ «كلّا، إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من قَرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه»(4).

2ـ «دم عمّار ولحمه حرام على النار أن تأكله أو تمسّه»(5).

3ـ «الجنّة تشتاق إليك ـ مخاطباً عليّاً(عليه السلام)ـ وإلى عمّار وسلمان وأبي ذر والمقداد»(6).

4ـ «الحقّ مع عمّار يدور معه حيثما دار»(7).

5ـ «مَن عادى عمّاراً عاداه الله، ومَن أبغض عمّاراً أبغضه الله»(8).

منزلته(رضي الله عنه)

حُظي بمراقي الشرف والكرامة؛ لموالاته للنبي وآله(عليهم السلام)، فكان أحد الأركان الأربعة مع سلمان والمقداد وأبي ذر، وكان أحد الماضين على منهاج نبيّهم(صلى الله عليه وآله) من جماعة الصحابة الأبرار الأتقياء الذين لم يبدّلوا تبديلاً.

كان(رضي الله عنه) من السبعة الذين بهم يُرزق الناس، وبهم يُمطرون، وبهم يُنصرون، فسيّدهم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ومنهم: سلمان والمقداد وأبو ذر وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود، وهم الذين صلّوا على جثمان فاطمة الزهراء(عليها السلام).

ممّن روى عنهم

النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)، الإمام علي(عليه السلام)، حذيفة بن اليمان... .

الراوون عنه

جابر بن عبد الله الأنصاري، عبد الله بن جعفر الطيّار، عبد الله بن عباس، أبو مريم الأنصاري... .

أشعاره وخطبه(رضي الله عنه)

كان شعر عمّار مرآة عاكسةً لما جال في قلبه، فترنّم بأمجاد إمامه أمير المؤمنين(عليه السلام) وفضائله، فكان يقول:

طلحة فيها والزبير غادرُ ** والحقُّ في كفِّ عليٍّ ظاهرُ

وقال:

سِيرُوا إلى الأحزاب أعداء النبي ** سِيروا فخيرُ الناس أتباعُ عليٍّ

أمّا خطبه، فهي مثمرة بروائع من الكلمات والاحتجاجات الغلّابة، فيصدع بالمتخاذلين والناكثين والمنهزمين قائلاً: «يا معشر المسلمين، إنّا قد كُنّا وما نستطيع الكلام قلّةً وذِلّة، فأعزّنا الله بدينه، وأكرمنا برسوله، فالحمد لله ربّ العالمين.

يا معشر قريش، إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم! تُحوّلونه ها هنا مرّة، وها هنا مرّة، وما أنا آمنٌ أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله»(9) .

شهادته(رضي الله عنه)

قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا عمّار، إنّك ستقاتل بعدي مع عليٍّ صنفين: الناكثين والقاسطين، ثمّ تقتلك الفئة الباغية»(10).

برز(رضي الله عنه) إلى القتال في معركة صفّين وقاتل قتال الأبطال، ثمّ دعا بشربة من ماء، فقيل له: ما معنا ماء، قام إليه رجل من الأنصار فسقاه شربة من لبن، لمّا شربه قال: «هكذا عهد إليّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن».

ثمّ حمل على القوم فقتل منهم ثمانية عشر، وحمل عليه ابن جَون السكوني، وأبو العادية الفزاري، فطعنه الفزاري، واحتزّ رأسه ابن جون.

استُشهد(رضي الله عنه) في 9 صفر 37ﻫ، أبّنه الإمام علي(عليه السلام) بقوله: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إنّ أمريءٍ لم تدخل عليه مصيبة من قتل عمّار فما هو من الإسلام في شيء»(11)، وصلّى(عليه السلام) على جثمانه، ودفنه بثيابه.

ــــــــــــــــــــــ

1ـ شرح نهج البلاغة 13/255.

2ـ النحل: 106.

3ـ قرب الإسناد: 12.

4ـ تفسير جوامع الجامع 2/350.

5ـ تاريخ مدينة دمشق 43/401.

6ـ الخصال: 303.

7ـ بحار الأنوار 30/372.

8ـ المصدر السابق 31/196.

9ـ شرح نهج البلاغة 9/58.

10ـ كفاية الأثر: 122.

11ـ بحار الأنوار 33/20.