الباب الحادي عشر زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام وكيف يزار، والدّعاء عند ذلك

 1 ـ حدَّثني أبو عليِّ أحمدُ بن عليِّ بن مَهديّ قال : حدَّثني أبي : عليُّ بن صَدَقة الرَّقّيُّ قال : حدَّثني عليُّ بن موسى قال: حدَّثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر عليهم السلام «قال : زارَ زينُ العابدين عليُّ بن الحسين عليهما السلام قبر أمير المؤمنين عليِّ ابن أبي طالب عليه السلام ووقف على القبر فبكى ، ثمّ قال :  «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أميرَ المؤمنينَ ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُهُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمينَ اللهِ في أرْضِهِ وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ [ السَّلامُ عَلَيْكَ يا أميرَ الْمُؤْمِنينَ ] ، أشْهَدُ أنَّكَ جاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلّم حَتّى دَعاكَ اللهُ في جِوارِهِ وَقَبَضَكَ بِاخْتِيارِهِ ، وَالْزَمَ أعْدآئَكَ الْحُجَّةَ في قَتْلِهِم إيّاك مَعَ مالَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ ، اللّـهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسى مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ ؛ راضِيَةً بِقَضآئِكَ ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعآئِكَ ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أوْلِيآئِكَ ، مَحْبُوبَةً فى أرْضِكَ وَسَمآئِكَ ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ بَلأئِكَ شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمآئِكَ ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ ، مُشْتاقَةً إلى فَرْحَةِ لِقآئِكَ ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزآئِكَ ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أوْلِيآئِكَ (1) ، مُفارِقَةً لإَخْلاقِ أعْدائِكَ ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنآئِكَ» . ثمّ وَضع خدّه على القبر وَقال : اللّـهُمَّ إنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتينَ إلَيْكَ والِهَةٌ ، وَسُبُلَ الرّاغِبينَ إلَيْكَ شارِعَةٌ ، وَأعْلامَ الْقاصِدينَ إلَيْكَ واضِحَةٌ ، وَأفْئِدَةَ الْعارِفينَ مِنْكَ فازِعَةٌ ، وَأصْواتَ الدّاعينَ إلَيْكَ صاعِدَةٌ ، وَأبْوابَ الاَِْجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ ، وَتَوْبَةَ مَنْ أنابَ إلَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ ، والإعانة لِمَنِ اسْتَعانَ بِك مَوجُودةٌ ، والإغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بكَ مبذُولةٌ ، وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ ، وَأعْمالَ الْعامِلينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ ، وَأرْزاقَكَ إلَى الْخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ لَهُمْ مُتواتِرَةٌ ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرينَ مَغْفُورَةٌ ، وَحَوآئِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ ، وَجَوآئِزَ السّائِلينَ عِنْدَكَ مُوَفَّورَةٌ ، وَعَوآئِدَ الْمَزيدِ إليهم واصِلةٌ ، وَمَوآئِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ ، وَمَناهِلَ الظِّمآءِ لَدَيكَ مُتْرَعَةٌ ، اللّـهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعآئي ، وَاقْبَلْ ثَنآئي ، وأعْطِني رَجائي ، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ أوْلِيآئي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم السَّلام ، إنَّكَ وَلِيُّ نَعْمآئى ، وَمُنْتَهى رَجائي ، وَغايَةُ مُنايَ في مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ ، أنْتَ إلهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ اغْفِرْ لإََوْلِيآئِنا ، وَكُفَّ عَنّا أعْدآئَنا وَاشْغَلْهُمْ عَنْ أذانا ، و أظْهِرْ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا ، وَأدْحِضْ كَلِمَةَ الْباطِلَ وَاجْعَلْهَا السُّفْلى ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَىءٍْ قَديرٌ»» .  

2 ـ حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد ـ رحمه الله ـ فيما ذكر من كتابه الَّذي سَمّاه «كتاب الجامع» ، روي عن أبي الحسن عليه السلام «أنّه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام :  السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، أشهَدُ أنَّك أوَّلُ مَظْلُومٍ؛ وَأوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ، صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى أَتاكَ الْيَقينُ ، وَأشْهَدُ أنَّكَ لَقِيتَ اللهَ ، وَأنْتَ شَهيدٌ ، عَذَّبَ اللهُ قاتِلَكَ بِأنْواعِ الْعَذابِ وَجَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذابَ، جِئْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ ؛ مُسْتَبْصِراً بِشَأنِكَ؛ مُعادِياً لإَعْدائِكَ وَمَنْ ظَلَمَكَ، الْقى عَلى ذلِكَ رَبّي إنْ شاءَ اللهُ تعالى ، إنَّ لي ذُنُوباً كَثيرَةً فَاشْفَعْ لي عندَ رَبِّكَ يا مَولايَ ، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعْلُوماً، وَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ جاهاً عَظيماً وَشَفاعَةً، وَقَدْ قالَ اللهُ تَعالى: «وَلا يَشْفَعوُنَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضى (2)». ويقول عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً :  «الْحَمْدُ للهِ الَّذي أكْرَمَني بِمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم وَمَنْ فَرَضَ الله عَلَيَّ طاعَتَهُ ، رَحْمَةً مِنْهُ لي وتَطَوُّعاً مِنْهُ عَلَيَّ، وَمَنَّ عَلَيَّ بِالاِْيْمانِ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي سَيّرني في بِلادِه وحَملَني عَلى دَوابِّهِ ، وطَوى لي البَعيدَ ، ودَفَع عَنّي المَكروه حتّى أدخَلَني حَرَمَ أخي رَسُولِهِ فَأرانيهِ في عافِيَةٍ، الْحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَني مِنْ زُوّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، الحَمْدُ للهِ الّذي جَعَل هَدانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدي لَوْلا أنْ هَدانَا اللهُ ، أشْهَدُ أنْ لا إلـهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، [وَأشْهَدُ] أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، جاءَ بالحقِّ مِنْ عِنْدِه ، وأشهَدُ أنَّ عليّاً عبدُالله وأخو رَسولِه ، اللهمَّ عَبدُكَ وَزائِرُكَ يَتَقرَّبُ إليك بِزيارةِ قبرِ أخي نَبيِّك ، وعَلى كُلِّ مأتيٍّ حقٌّ لِمَن أتاهُ وزارَهُ ، وأَنْتَ خَيرُ مأتيٍّ ، وأكرم مَزورٍ ، وأسألُك يا اللهُ يا رَحمنُ يا رَحيمُ يا جوادُ يا واحِدُ يا أحَدُ يا فَردُ يا صَمَدُ يا مَن لم يَلِدْ ولم يُولَد ولَمْ يكنْ لَهُ كُفُواً أحدٌ ، أنْ تُصلّي على محمٌدٍ وآل محمَّدٍ وأهل بَيْتِه ، وأنْ تجعَلَ تُحفَتَكَ إيّايَ مِنْ زِيارتي في مَوقِفي هذا فَكاك رَقَبَتي من النّار ، واجْعَلْني مِمّنْ يُسارع في الخيراتِ ويَدْعُوك رَهَباً ورَغَباً ، واجْعَلْني لَكَ مِن الخاشِعينَ ، اللّـهُمَّ إنَّكَ بَشَّرْتَني عَلى لِسانِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ فَقُلْتَ : «وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3)» اللّـهُمَّ فَإنّي بِكَ مُؤْمِنٌ وبِجَميعِ أنْبِيائِكَ مُوقِنٌ ، فَلا تُوقِفني بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ مَوْقِفاً تَفْضَحُني به عَلى رُؤُوسِ الاَْشْهادِ، بَلْ أوْقِفني مَعَهُمْ ، وَتَوَفَّني عَلَى التَّصْديقِ بِهِمْ، فَإنَّهم عَبِيدُكَ وأنت خَصَصْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ وَأمَرْتَني بِإتِّباعِهِم» ،  ثمَّ تدنو من القبر وتقول : «السَّلامُ مِنَ اللهِ والسَّلامُ على محمّدِ بنِ عبدِالله أمين اللهِ عَلى وَحْيِه وعَزائِم أمْرِه ، ومَعْدِنِ الْوَحي والتَّنزيل ، والخاتَم لِما سَبَقَ والفاتِحِ لِمَا اسْتَقْبَل(4)، وَالْمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ ، والشاهِدِ عَلى خَلْقِه ، والسِّراج المُنِيرِ ، والسَّلامُ عليه ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه ، اللّهمَّ صَلِّ على محمّد وأهل بَيتِه المظلومينَ أفضلَ وأكملَ وأرْفعَ وأشْرَفَ ما صلَّيت على أحدٍ مِنْ أنبيائِكَ ورُسُلِكَ وأصْفِيائكَ ، اللّهمّ صَلِّ عَلى عَليٍّ أميرِ المؤمنينَ عَبدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ وأخي رَسُولِكَ وَوَصيِّ رَسُولِكَ ، الَّذي انْتَجَبْتَه مِن خَلْقِكَ بعْدَ نَبِيِّكَ ، والدَّليلِ عَلى مَنْ بعَثتُهُ بِرسالاتِكَ ، وَديّان الدِّين بَعَدْلِكَ ، وَفَصل قَضائِك بَين خَلْقِكَ ، والسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمةُ اللهِ وبَرَكاته ، اللّهم صَلِّ عَلى الاُئمَّةِ مِنْ وُلدِهِ الْقَوَّامين بأمْرِكَ مِن بَعْدِه ، المُطهّرين الّذين ارْتَضَيْتَهم أنْصاراً لِدينِكَ وَحَفَظةً لِسِرِّكَ ؛ وشُهداءَ عَلى خَلْقِك ، وأعْلاماً لِعِبادك ـ وتصلّي عليهم ما استَطعْتَ ـ السَّلامُ على الأئمّةِ المُسْتَودِعِين ، السَّلامُ على خالِصَةِ اللهِ مِنْ خَلقِه ، السَّلامُ على الأئمّة المتوسِّمِينَ ، السَّلامُ عَلى المؤمنِين ، الّذين قامُوا بِأمْركَ ، ووازَروُا أولياءَ اللهِ ، وخافُوا بخَوْفِهِم ، السَّلام عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُقَرَّبينَ» .  ثمَّ تقول : «السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المؤمنين ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ ، السَّلام عليكَ يا حَبيبَ الله ، السَّلام عليكَ يا صَفْوَةَ اللهِ ، السَّلامُ عليك يا وَليَّ اللهِ ، السَّلام عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، السَّلامُ عليك يا عَمودَ الدِّينِ وَوارِثَ عِلْمِ الاُوَّلينَ والآخِرينَ ، وصاحِبَ المِيْسَمِ(5) وَالصِّراطِ الْمُسْتَقيم ، أَشْهَدُ أنّك قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بالمَعروفِ ، ونهَيتَ عَنِ المُنكرِ ، واتَّبَعْتَ الرَّسولَ ، وتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، وجاهَدْتَ في الله حَقَّ جِهادِه ، ونَصَحْتَ للهِ ولِرسُوله ، وجُدْتَ بنَفْسِكَ صابِراَ مُحْتَسِباً مجاهِداً عن دينِ اللهِ ، مُوَقِّياً(6) لِرَسولِ اللهِ ، طالِباً ما عِندَ اللهِ ، راغِباً فيما وَعَدَ اللهُ ، ومَضيتَ للَّذي كنتَ عَلَيه شَهيداً وشاهِداً ومَشهُوداً ، فجَزاكَ اللهُ عَن رَسولِه وعن الإسلامِ وأهْلِه أفْضَلَ الجَزاءِ ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، ولَعَنَ اللهُ مَن خالفَكَ ، ولَعَنَ الله منِ افْتَرى عَلَيكَ وظَلَمَكَ ، ولَعَنَ اللهُ مَن غَصَبَك حَقَّك ، ومن بَلَغَهُ ذلِكَ فَرَضِيَ به ، أَنَا إلى اللهِ مِنْهم بَراءٌ ، لَعَنَ الله اُمّةً خالَفتْكَ ؛ واُمّةً جَحَدَتْ وِلايَتَكَ ؛ واُمّةً تَظاهَرَتْ عَلَيكَ؛ واُمّةً قَتَلتْكَ ؛ واُمّةً حادَت عَنك وَخَذَلَتْك ، والْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ النّار مَثْواهُمْ ، وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْروُد(7) ، وبِئسَ وِرْدُ الوارِدِين ، وبِئسَ دَرَكُ المُدْرِك ، اللهمَّ العَن قَتَلَة أنبيائك وأوصياءِ أنبيائِكَ بجميع لَعَناتِكَ ، وأصِلهم حرّ ناركَ ، اللّهمَّ الْعَنِ الجَوابيتَ والطَّواغِيتَ والفَراعِنَةَ(8)؛ واللاّتَ والعُزٌَى والجِبتَ ، وكلَّ نِدٍّ يُدعى مِن دُونِ اللهِ ، وكلَّ مُفْتَرٍ عَلى اللهِ ، اللّهمَّ الْعَنْهُمْ وأشْياعَهُم وأتْباعَهُم وأوْلِيائهم وأعْوانَهم ومُحبّ ومُحبّيهم لَعْناً كَثيراً» ،  وتقول : «اللّهُمٌَ الْعَن قَتلَة أميرِ المؤمنينَ عليه السلام ـ ثلاثاً ـ اللّهمّ عَذِّبْهم عَذاباً أليماً لا تُعذِّبُهُ أحداً من العالَمين ، وضاعِفْ عَليْهِم عَذابَكَ كما شاقُّوا وُلاةَ أمْرِكَ ، وأعدّ لَهم عَذاباً لم تَحلّه بأحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، اللّهمَّ وأدْخِل عَلىُ قَتَلَة أنْصارِ رَسُولِكَ ، وقَتَلَة أنصار أمير المؤمنين ، وعَلى قَتلةِ أنْصار الحَسَن وعلى قَتلَة أنصارِ الحُسين ، وقَتَلَةَ مَن قُتل في ولاية آل مُحَمَّدٍ أجمعين عَذاباً مُضاعَفاً في أسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحيمِ، لا تُخَفَّفُ عَنْهُمُ من عذابِها وَهُمْ فيهِ مُبْلِسُونَ(9) مَلْعُونُونَ، ناكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، قَدْ عايَنُوا النَّدامَةَ وَالْخِزْيَ الطَّويلَ لِقَتْلِهِمْ عِتْرَةَ أنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأتْباعَهُمْ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحينَ، اللّـهُمَّ الْعَنْهُمْ في مُسْتَسِرِّ السِّرِّ وَظاهِرِ الْعَلانِيَة(10)ِ في أرْضِكَ وَسَمائِكَ، اللّـهُمَّ اجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في أوْلِيائِكَ، وَحَبِّبْ إلَيَّ مشاهَدهم حَتّى تُلْحِقَني بِهِمْ وَتَجْعَلَني لَهُمْ تَبَعاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ» ،  ثمَّ أجلس عند رأسه عليه السلام وقل :  سَلامُ اللهِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَالْمُسَلِّمينَ لَكَ بِقُلُوبهم، وَالنّاطِقينَ بِفَضْلِكَ؛ وَالشّاهِدينَ عَلى أنَّكَ صادِقٌ [أمينٌ] صِدّيقٌ؛ عَلَيْكَ يا مَولايَ ، السَّلام مِنَ اللهِ عليكَ وعلى رُوحِكَ وبدنِكَ ، أشْهَدُ أنّك طُهرٌ طاهِرٌ مُطهّرٌ(11) ، وأشْهَدُ لَكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَوَلِيَّ رَسُولِهِ بِالْبَلاغِ وَالاَْداءِ، وَأشْهَدُ أنَّكَ جَنْبُ اللهِ(12) وأنّكَ بابُ اللهِ ، وَأنَّكَ وَجْهُ اللهِ الَّذي مِنْهُ يُؤْتى، وأنّك خَليلُ اللهِ وأنّك عَبدُاللهِ ، وأخُو رَسولِه وقد أتَيْتُكَ وافِداً لِعظيم حالِكَ ومَنزِلَتِكَ عِندَ اللهِ وعِندَ رُسولِه ، أتَيْتُكَ زائِراً مُتَقَرِّباً إلَى اللهِ بِزِيارَتِكَ، طالباً خَلاصَ نَفْسي ، مُتَعوِّذاً بِكَ مِن نارٍ اسْتَحَقّها مِثلي بما جَنَيتُهُ علىُ نَفْسي ، أتَيتُك انْقِطاعاً إلَيكَ وإلى وَلَدِك الخَلَف من بَعْدِكَ عَلى بَرَكة الحَقّ ، فَقَلْبي لَكَ مُسَلّم ، وأمري لك متَّبعٌ ، ونُصْرتي لَكَ مُعَدَّة ، وأنا عَبدُاللهِ ومولاك في طاعَتِكَ ، والوافِدُ إليكَ ، ألتمسُ بذلك كمال المنزلةِ عندَ الله ، وأنت يامَولايّ مِمَّنْ أمَرني اللهُ بطاعَتِه(13) ، وحَثَّني عَلى بِرِّه ، و دَلَّني عَلى فَضْلِهِ ، وَهَداني لِحبِّهِ ، وَرَغَّبني في الوِفادَة إليه وإلى طَلَبِ الحَوائج عِنْدَهُ ، أنتم أهلُ بيتٍ يَسْعَدُ مَنْ تَولاّكم ، ولا يَخِيبُ مَنْ أتاكم ، ولا يخسَرُ مَنْ يَهواكم ، ولا يسْعَدُ مَنْ عاداكم ، لا أجِدُ أحَداً أفزع إليه خَيراً لي مِنكم ، أنتم أهلُ بَيتِ الرَّحمةِ ، ودعائِمُ الدِّين ، وأرْكانُ الاُرضِ ، الشَّجرةُ الطَّيِّبةُ ، اللّهمّ لا تُخَيِّب تَوَجُّهي إليكَ برسولِكَ وآل رسولِكَ(14) ، اللّهمَّ أنْتَ مَنَنْتَ عَليَّ بزيارَة مَولايَ ووِلايَته ومعرفتِه ، فَاجْعَلْني مَمّنْ تَنصُرُه ويُنْتَصَرُ به ، ومُنَّ عليَّ بنَصْرِكَ لِدينكَ في الدُّنيا والآخِرة ، اللّهمّ أحْيِني على ما حَيي عليه عليُّ بنُ أبي طالب عليه السلام ، وأمِتْني على ما مات عليه عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام»» . 

 3 ـ حدّثني محمّد بن يعقوبَ ـ عمّن حدّثه(15) ـ عن سَهل بن زياد ، عن محمّد بن اُورَمَة . وحدَّثني أبي ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن ـ اورَمة ـ عمّن حدّثه ـ عن الصادق أبي الحسن الثّالث (16) عليه السلام «قال : تقول عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام :  «السَّلام عليكَ يا وليَّ اللهِ أنتَ أوَّلُ مَظلومٍ وأوَّل مَنْ غُصِبَ حَقُّه ، صَبرْتَ واحتسبتَ حتّى أتاكَ اليَقينُ ، وأشهدُ أنّك لَقيتَ الله وأنتَ شَهيدٌ ، عَذَّب اللهُ قاتلَكَ بأنواع العَذاب ، وجَدَّدَ عليه العَذابَ ، جئتُكَ عارِفاً بحقِّكَ ، مُسْتَبصراً بشأنِك ، مُوالياً لأوْلِيائِك ، مُعادياً لأَعْدائِك ومَنْ ظَلَمَكَ ، الْقى عَلىُ ذلك ربّي إن شاءَ اللهُ تعالى ، [يا وليْ اللهِ] إنَّ لي ذُنوباً كثيرةً ، فَاشْفع لي إلى رَبّك ، فإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعلُوماً ، وإنَّ لك عِندَ اللهِ جاهاً وشَفاعةً ، وقال : «لا يَشْفَعُونَ إلاّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُم مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُون(17)»» .  حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز القرشيِّ ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد ـ عن بعض أصحابنا ـ عن أبي الحسن الثّالث مثله . 

____________

1 ـ في بعض النّسخ : «بسنن أنبيائك» .

2 ـ الأنبياء : 28 .

3 ـ يونس : 2 . 

4 ـ أي لمن بعده من الحجج عليهم السلام ممّا استقبله من المعارف والعلوم والحكم . (البحار) .

5 ـ الميسم ـ بكسر الميم ـ : اسم الآلة الّتي يكوى بها ويُعْلم ، وأصله الواو وجمعه مياسم ومواسم ، الاُولى على اللّفظ والثّانية على الأصل .

6 ـ على بناء التّفعيل ، والتّوقية الحفظ والكلاءة . وفي بعض النّسخ : «موقناً» بالنّون ، في بعضها : «موفياً» بالفاء والياء ، يقال : وفي بالعهد وأوفى به . (البحار) .

7 ـ أي : بئس الورد محلّ ورودهم ، والمورود تأكيد ، أو المورود عليه . (كما قاله العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ ) . 

8 ـ الجوابيت جمع الجبت ـ وهو بالكسر ـ : الصَّنم والكاهن والسّاحر والسِّحر ، والّذي لا خير فيه . «والطّواغيت» جمع طاغوت وهو الشّيطان ، والمراد هنا جميع خلفاء الجور من الفراعنة وأتباعهم .

9 ـ المبلس : الشّديد الحسرة ، وقال الفرّاء : المبلس المنقطع الحجّة . وقال الفيروزآبادي : «المُبْلِسُ : السّاكتُ على ما في نفسه ، وأبْلَسَ : يئس [وانقطع] ، وتحيّر» .

10 ـ استسرّ : استتر . (القاموس) وقال العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ : قوله : «مستسرّ السَرَ» ، مبالغة في الخفاء ، كما أنّ «ظاهر العلانية» مبالغة في الظّهور ، والغرض لعنهم على جميع الاُحوال وبجميع أنحاء اللّعن . 

11 ـ زاد به في الفقيه: «مِنَ طُهْرِ طاهِرٍ مَطهَّر» . 

12 ـ المراد بالجنب إمّا القرب فالمعنى : أنت أقرب أفراد الخلق إلى الله تعالى ، مِن باب تسمية الحال باسم المحلّ ، وإمّا الطّاعة فالمراد : أنّ طاعتك طاعة الله عزّوجلّ ، والمراد بالباب الّذي لا يؤتى إلاّ منه ، أي : لا يوصل إلى الله وإلى معرفته وعبادته إلاّ بمتابعتك ، وكذا الكلام في الوجه والسّبيل .

13 ـ في بعض النّسخ: «بصلته» .

14 ـ زاد به في الفقيه : «واستشفاعي بهم» .

15 ـ كذا ، وفي الكافي مكانه : «عدّة من أصحابنا» وهم : علي بن محمّد الرّازيّ المعروف بـ «علاّن الكليني » ، ومحمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ ساكن الرَّيّ ، ومحمّد بن الحسن الصّفّار ، ومحمّد بن عقيل الكوفيّ . 

16 ـ كذا في النّسخ .

17 ـ الأنبياء : 28 .