الباب الّثالث والعشرون قول أمير المؤمنين عليه السلام في قتل الحسين عليه السلام ، وقول الحسين له في ذلك

 1 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرّزَّاز القرشي قال : حدَّثني خالي محمّد بن ـ الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن عبدالرَّحمن بن سَيابة ، عن أبي داودَ السّبيعيِّ(1) ، عن أبي عبدالله الجدليِّ «قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام والحسين إلى جنبه ، فضرب بيده على كتف الحسين ، ثمّ قال : إنّ هذا يقتل ولا ينصره أحدٌ ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين واللهِ إنْ تلك لحياة سَوء ! قال : إنَّ ذلك لكائن» .  وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ ؛ ومحمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله .  

2 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن ـ أبي الخطاب ، عن نصر ابن مُزاحم ، عن عُمَرَ بن سعد (2) ، عن يزيد بن إسحاقَ ، عن هانىء ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام « قال : قال علي عليه السلام للحسين : يا أبا عبدالله أسوة أنت قدما (3) ، فقال : جعلت فداك ما حالي ؟ قال : علمت ما جهلوا ، وسينتفع عالم بما علم ، يا بني اسمع وأبصر من قبل أن يأتيك ، فوالذي نفسي بيده ليسفكن بنو أمية دمك ثم لا يزيلونك عن دينك (4) ، ولا ينسونك ذكر ربك ، فقال الحسين عليه السلام : والذي نفسي بيده حسبي ، أقررت بما أنزل الله ، وأُصدّق [ قول ] نبي الله ، ولا أكذب قول أبي ». حدثني أبي ـ رحمه الله ؛ عن سعد بن عبدالله ؛ ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بإسناده مثله. 

3 ـ وحدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن خاله محمد بن الحسين ، عن نصر ابن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن يزيد بن إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليٍّ عليه السلام «قال : ليقتل الحسين قتلاً ، وإنّي لأعرف تربة الأرض الّتي يقتل عليها قريباً من النَّهرين». حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله . 

4 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين(5) جميعاً ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن أبي الصَّهْبان(6) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجران ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن فَضَيل الرّسّان ، عن أبي سعيد عَقيصا(7) «قال : سمعت الله بن عليٍّ عليهما السلام وخلا به عبدالله بن الزُّبير وناجاه طَويلاً ، قال: ثمَّ أقبل الحسين عليه السلام بوَجهه اليهم وقال : إنَّ هذا يقول لي : كنْ حَماماً مِن حَمام الحَرَم ، ولأن اُقتل وبيني وبين الحرم باعٌ أحبُّ إليَّ من أن اُقتل وبيني وبينه شِبرٌ ، ولأن اُقتل بالطّفّ أحبُّ إليّ من أن اُقتل بالحَرَم» .  

5 ـ وعنهما(8) ، عن سعد ، عن محمّد بن الحسين ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بن فَرْقَد ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال عبدالله بن الزُّبير للحسين عليه السلام : [و] لو جئتَ إلى مَكّة فكنت بالحرم ، فقال الحسين [بن عليٍّ] عليهما السلام : لانستحلّها ولا تستحلَّ بنا ، ولأن اُقْتَل على تَلِّ أَعْفَرَ(9) أحبُّ إليَّ مِن أن اُقْتَل بها» . 

6 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ ومحمّد بن الحسن(10) ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن أبيه ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال : إنّ الحسين عليه السلام خرج من مكّة قبل التروية بيوم فشيعة عبدالله بن الزُّبير فقال : يا أبا عبدالله لقد حضر الحجّ وتدعَه وتأتي العِراق؟ فقال : يا ابن الزُّبير لأنْ اُذْفن بشاطىء الفُرات أحبُّ إليَّ مِن أن أذْقن بِفناء الكعبة» .  

7 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله عليه السلام «إنّ الحسين بن عليٍّ عليهما السلام قال لأصحابه ـ يوم اُصيبوا ـ : أشهد أنّه قد أذن في قتلكم فاتَّقوا الله واصبروا» .  حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عليِّ بن النّعمان ، عن الحسين بن أبي العَلاء مثله .  

8 ـ وحدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن رئاب ، عن الحلبيِّ «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنَّ الحسين عليه السلام صلّى بأصحابه الغَداة ، ثمَّ التفت إليهم فقال : إنّ الله قد أذن في قتلكم ، فعليكم بالصّبر»(11) .  

9 ـ حدّثني الحسن ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن يَعقوبَ بن شُعَيب ، عن حسين بن أبي العلاء «قال : قال : والَّذي رفع إليه العرش لقد حدّثني أبوك بأصحاب الحسين لا ينقصون رَجُلاً ولا يزيدون رَجلاً تعتدي بهم هذه الاُمّة كما اعتدت بنو إسرائيل يوم السبت وقتل يوم السّبت يوم عاشوراء»(12) .  

10 ـ حدّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي(13) ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النَّضر بن سُوَيد ، عن يحيى بن عِمرانَ الحلبيِّ ، عن الحسين بن أبي العَلاء ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنّ الحسين عليه السلام صلّى بأصحابه يوم اُصيبوا ، ثمّ قال : أشهد أنّه قد أذن في قتلِكم ، يا قومِ فاتّقوا الله وأصبروا» .  

11 ـ حدَّثني أبو الحسين محمّد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد قال : حدَّثني عبدالرَّحمن الأسلَميُّ ، عن عبدالله بن الحسين ، عن عُروةَ بن الزُّبير «قال : سمعت أبا ذَرٍ ـ وهو يومئذٍ قد أخرجَهُ عثمان إلى الرَّبذَة ـ فقال له النّاس : يا أبا ذرَ أبشر ، فهذا قليل في الله تعالى ، فقال : ما أيسر هذا ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليّ عليهما السلام قتلاً ـ أو قال: ذبح ذبحاً ـ ؟! والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الحسين أعظم قتلاً منه ، وإن الله سَيسلُّ سيفه على هذه الاُمّة ، لا يغمده أبداً ، ويبعث ناقماً من ذرّيته فينتقم من النّاس ، وإنّكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهل السَّماء مِن قتله ، لبَكيتم والله حتّى تزْهَقَ أنفسُكم ، وما مِن سَماءٍ يمرُّ به رُوح الحسين عليه السلام إلاّ فزع له سبعون ألف مَلَكَ ، يقومون قياماً ترعد مفاصِلُهم إلى يوم القيامة ، وما مِن سَحابة تَمرُّ وتَرعَد وتَبرَق إلاّ لَعَنَتْ قاتِلَه ، وما مِن يومٍ إلاّ وتُعرَض روحُه على رَسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيلتقيان» .  

12 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن عبدالرّحمن بن أبي نَجرانَ ، عن جعفر بن محمّد بن حَكيم ، عن عبدالسّمين(14) ـ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ـ «قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يخطب النّاس و هو يقول : سَلوني قبل أن تَفْقِدوني؛ فواللهِ ما تَسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلاّ نَبّأتكم به ، قال : فقام إليه سعد بن أبي وقَاص(15) وقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولِحْيتي مِن شَعرةٍ ، فقال له : والله لقد سألتَني عن مسألةٍ حدَّثني خليلي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّك ستسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك مِن شًعرة إلاّ وفي أصلها شيطان جالس ، وأنٌَ في بيتك لسَخلاً(16) يقتل الحسين ابني وعمر يومئذٍ يدرج بين يدي أبيه» .  

13 ـ وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن طلحةَ بن زَيد ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن الحسين بن عليٍّ عليهم السلام «قال : قال : والّذي نفس حسين بيده لا يهنِّىء بني اُميّة ملكُهم حتّى يقتلوني وهم قاتلي ، فلو قد قتلوني لم يصلّوا جميعاً أبداً ولم يأخذوا عطاءً في سبيل الله جميعاً أبداً(17) ، إنَّ أوَّل قتيل هذه الاُمة أنا وأهل بيتي ، والّذي نفس حسينٍ بيده لا تقوم السّاعة وعلى الأرض هاشميٌ يطرف» .  حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد ابن يحيى الخَزّاز ، عن طلحة ، عن جعفر عليه السلام مثله .  

14 ـ حدّثني جماعة مشايخي منهم : عليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد ؛ ومحمّد بن الحسين ؛ وإبراهيمَ بن هاشم جميعاً ، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال ، عن أبي جَميلَةَ المفضّل بن صالح ، عن شِهاب بن عَبدِ رَبّه ، عن أبي عبدالله عليه السلام «أنّه قال : لمّا صعد الحسين بن عليٍّ عليهما السلام عَقَبَةَ البطن قال لأصحابه : ما أراني إلاّ مَقتولاً ، قالوا : وما ذاك يا أبا عبدالله؟ قال : رؤيا رأيتها في المنام ، قالوا : وما هي ؟ قال : رأيت كِلاباً تَنهشني ؛ أشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع» .  

15 ـ وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى ؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزّيّات ، عن عبدالله بن بُكير ، عن زُرارة ، عن ابي جعفر عليه السلام «قال : كتب الحسين بن عليِّ مِن مكّة إلى محمّد بن عليٍّ : «بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم ؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ(18) ومَن قَبِلَه مِن بني هاشم ؛ أمّا بعد فإنَّ مَنْ لَحِقَ بي اسْتُشْهِد ، ومَنْ لَم يَلْحَقْ بي لم يُدرِكِ الفَتْح ؛ والسَّلام»» .  قال محمّد بن عَمرو : حدَّثني كِرام عبدالكريم بن عَمرو ، عن مَيْسَر بن عبدالعزيز ، عن أبي جعفر عليه السلام «قال: كتب الحسين بن عليٍّ عليهما السلام إلى محمّد بن عليٍّ من كربلاء : «بِسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ ومَن قِبَلَه مِنْ بني هاشم ، أمّا بعد ، فكأنَّ الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ ، وكأنَّ الآخِرَةَ لمْ تَزَلْ ، والسَّلام»» .

____________

1 ـ كذا ، وفي البحار : «البصري».

2 ـ هو عمر بن سعد بن أبي الصّيد الأسديّ من مشايخ نصر بن مزاحم ، وما في جلّ النّسخ : «عمرو بن سعيد» الظّاهر تصحيف هنا وما سيأتي .

3 ـ أي ثبت قديماً أنّك اُسوة الخلق ، يقتدون بك ، أو المصابون يتأسّون بذكر مصيبتك.

4 ـ في البحار : «لا يريدونك» أي لا يريدون صرفك عن دينك .

5 ـ كذا في النّسخ ، ويظهر من البحار تصحيفه ، ففيه : «حدّثني أبي ؛ وابن الوليد ـ إلخ».

6 ـ اسم أبي الصّهبان عبدالجبّار . وفضيل الرّسّان هو ابن الزَبير الأسديّ ، عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام مرّة ، واُخرى من أصحاب الصّادق عليه السلام.

7 ـ عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال : اسمه دِينار ، يكنّى أبا سعيد ، ولقبه عَقيصى ، وإنّما لُقّب بذلك لشعرٍ قالَه .

8 ـ يعني أباه وعليّ بن الحسين بن بابويه المتقدّم على ما يظهر من المتن .

9 ـ قال الجوهريّ : الأعفر: الرّمل الأحمر ، وقال المسعوديّ في المروج : «تلَ أعْفَرَ» من بلاد ديار ربيعة. وفي معجم الحَمَويّ : تلّ أَعْفَرَ هو اسم قلعة وربض بين سِنْجار والموصل في وسط وادٍ فيه نهر جارٍ ، وأيضاً : بُلَيدة قرب حصن مَسْلَمَة بن عبدالملك ، بين حصن مسلمة والرّقّة من نواحي الجزيرة .

10 ـ يعني ابن الوليد ، و«أحمد بن محمّد» هو الأشعريّ و«أبو الجارود» هو زياد بن المنذر.

11 ـ قال في البحار : أي قدّر قتلكم في علمه تعالى ، ويحتمل أن يكون «آذن» أي أخبر بأنّكم مقتولون.

12 ـ هكذا وجدنا الخبر ، ولعلّه سقط منه شيءُ . (البحار) .

13 ـ كذا في النّسخ ، وفي البحار أيضاً ، والظّاهر سقط هنا الواسطة بين مشايخه والأشعري ، وهو غالباً ـ كما مرّ كراراً ـ سعد بن عبدالله.

14 ـ كذا ، وفي بعض النسخ : «عبيدالسّمين» ، وقيل : الظّاهر أنّه عبدالحميد بن أبي العلاء الكوفيّ الشّهير بالسّمين ، فما في بعض النّسخ تصحيف . والخبر مذكور في أمالي الصّدوق مسنداً ، وفيه ، «عبيدالسّمين ، عن ابن طريف ، عن أصبغ بن نباتة ـ إلخ» .

15 ـ كذا ، وفيه كلام ، راجع تفصيله المجلّد الرّابع والأربعين من البحار ص257.

16 ـ السَّخْلة: ولد الشّاة.

17 ـ قال العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ : لعلّ المعنى : لم يوفّق النّاس للصّلاة جماعةً مع إمام الحقّ ولا أخذ الزّكاة وحقوق الله على ما يحبّ الله‏ إلى قيام القائم عليه السلام ، وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان .

18 ـ يعني أخاه ابن الحنفيّة ـ رضي الله عنه ـ .