الباب الأربعون دعاء رسول الله وعليٍّ وفاطمة والأئمّة عليهم السلام لزُوّار الحسين عليه السلام

 1 ـ حدَّثني أبي ؛ ومحمّد بن عبدالله؛ وعليُّ بن الحسين ؛ ومحمّد بن الحسن ـ رحمهم الله ـ جميعاً ، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البَصريّ(1) ، عن مُعاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال لي : يا معاويةُ لا تَدَع زيارةَ قبر الحسين عليه السلام لخوف ، فإنَّ مَن ترك زيارَته رأى من الحَسْرَة ما يتمنّى أنَّ قبره كان عِنده(2) ، أما تُحبُّ أن يرى اللهُ شخصَك وسوادَك فيمن يدعو له رَسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليُّ وفاطمَةُ والأئمّة عليهم السلام» . 

 2 ـ وبهذا الإسناد ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البصريّ ، عن معاويةَ بن وَهْب «قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام فقيل لي : اُدخل ، فدخلت فوجدته في مصلاّه في بيته فجلست حتّى قضى صلاته فسمعته يناجي رَبَّه وهو يقول : «اللّهُمَّ يا مَنْ خَصَّنا بالْكَرامَةِ؛ وَوَعَدَنا بالشَّفاعَةِ؛ وَخَصَّنا بالوَصيَّةِ؛ وأعْطانا عِلمَ ما مَضى وعِلْمَ ما بَقيَ؛ وَجَعَلَ أفْئدَةً مِنَ النّاسً تَهْوِي إلَيْنا ، اغْفِرْ لي ولإخْواني وَزُوَّارِ قَبر أبي الحسين ، الَّذين أنْفَقُوا أمْوالَهُمْ وَأشخَصُوا أبْدانَهم رَغْبَةً في بِرِّنا ، وَرَجاءً لِما عِنْدَكَ في صِلَتِنا ، وسُروراً أَدْخَلُوهُ عَلى نَبِيِّكَ ، وَإجابَةً مِنهُمْ لأمْرِنا ، وَغَيظاً أدْخَلُوهُ عَلى عَدُوِّنا ، أرادُوا بذلِكَ رِضاكَ ، فَكافِئْهُمْ عَنّا بالرِّضْوانِ ، واكْلأُهُم(3) باللَّيلِ وَالنَّهارِ ، واخْلُفْ عَلىُ أهالِيهم وأولادِهِمُ الَّذين خُلّفوا بأحْسَنِ الخَلَفِ وأصحبهم ، وَأكْفِهمْ شَرَّ كلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ؛ وَكُلّ ضَعيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَشَديدٍ ، وَشَرَّ شَياطِينِ الإنْس وَالجِنِّ ، وَأعْطِهِم أفْضَلَ ما أمَّلُوا مِنْكَ في غُرْبَتِهم عَنْ أوْطانِهِم ، وَما آثَرُونا(3) بِهِ عَلى أبْنائهم وأهاليهم وقَراباتِهم ، اللّهُمَّ إنَّ أعْداءَنا عابُوا عَلَيهم بخُروجهم ، فَلم يَنْهِهم ذلِكَ عَنِ الشُّخوصِ إلينا خِلافاً مِنْهم(5) عَلى مَنْ خالَفَنا ، فارْحَم تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيْرتها الشَّمْسُ ، وَارْحَم تِلكَ الخدُودَ الَّتي تَتَقَلّبُ علىُ حُفْرَةِ أبي عَبدِاللهِ الحسينِ عليه السّلام ، وَارْحَم تِلكَ الأعْيُنَ الَّتي جَرَتْ دُمُوعُها رَحمةً لَنا ، وارْحَم تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتي جَزَعَتْ واحْتَرقَتْ لَنا ، وارْحَم تِلكَ الصَّرْخَةً الَّتي كانَتْ لَنا ، اللّهمَّ إني اسْتَودِعُكَ تلْكَ الأبْدانَ وَتِلكَ الأنفُس حتّى تَرْويهمْ عَلى الحَوضِ يَومَ العَطَشِ [الأكبر]» :  فما زال يدعو عليه السلام وهو ساجدٌ بهذا الدُّعاء ، فلمّا انصرف قلت : جُعِلتُ فِداك لو أنَّ هذا الَّذي سَمعتُ منك كان لِمن لا يَعرفُ اللهَ عزَّوجَلَّ لَظننتُ أنَّ النّار لا تطعم منه شَيئاً أبداً!! والله لقد تمنَّيتُ أنّي كنتُ زُرْتُه ولم أحُجّ ، فقال لي : ما أقربك منه؛ فما الَّذي يمنعك مِن زيارته؟ ثمَّ قال : يا معاويةُ لَم تدع ذلك ، قلت : جُعلتُ فِداك لَم أرَ(5) أنَّ الأمر يبلغ هذا كلّه ؟ فقال : يا معاوية [و] مَن يدعو لزُوَّاره في السَّماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض» .  وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الاُصمّ ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام ، وذكر مثله .  

3 ـ حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ عن سعد بن عبدالله ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن حَسّان البَصريِّ(7) ، عن معاوية بن وَهْب ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : قال لي : يا معاويةُ لا تَدَع زيارةَ الحسين عليه السلام لخوفٍ فإنَّ مَن تركه رأى مِن الحسرة ما يتمنّى إنَّ قبرَه كان عِنده(8) ، أما تحبُّ أن يَرَى الله شخصَك وسوادَك فيمن يدعو له رَسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليٌّ وفاطمةُ والأئمّة عليهم السلام ؟! أما تحبُّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر لك ذنوب سَبعين سَنة؟! أما تحبّ أن تكون ممّن يخرج مِن الدُّنيا وليس عليه ذنبٌ تتبع به؟! أما تحبُّ أن تكون غداً ممّن يصافِحُه رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم» .  حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن سعد ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالله الأصمّ ، عن معاويةَ بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام ـ وذكر الحديث والدُّعاء لزوَّار الحسين عليه السلام ـ .  وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى ، عن موسى بن عُمَرَ ، عن غَسّان البَصريّ ، عن معاويةَ بن وَهْب . وحدَّثني محمّد ابن يعقوبَ؛ عن عليُّ بن الحسين ، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم ـ عن بعض أصحابنا ـ عن ابراهيم بن عُقْبَةَ ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام ـ وذكر مثل حديث الدُّعاء الّذي في زوّار الحسين عليه السلام ـ .  حدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وعليُّ بن الحسين ؛ وجماعَة مشايخنا ، عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن العَمْركي بن عليٍّ البوفكيِّ ، عن يحيى خادم أبي جعفر الثّاني عليه السلام ـ ، عن ابن أبي عُمَير ، عن معاوية بن وَهْب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام ـ وذكر الحديث ـ .  

4 ـ حدَّثني حكيم بن داود ، عن سَلَمَة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء ـ عمّن ذكره ـ عن داودَ بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : إنَّ فاطمة عليها السلام بنت محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم تحضر لزوَّار قبر ابنها الحسين عليه السلام فتستغفر لهم ذنوبهم» .

____________

1 ـ قال العلاّمة الأميني ـ رحمه الله ـ : كذا في نسخ الكتاب؛ وفيما نقل عنه ، لكن الصّحيح كما في الكافي [وفي التّهذيب أيضاً] : «غسّان البصريّ» بقرينة موسى بن عمر ومعاوية بن وهب ، فما في النّسخ تصحيف كما لا يخفى . وسيأتي أيضاً كراراً .

2 ـ أي يتمنّى التّاركُ أن يكون قبره عند قبر الحسين عليهما السلام ، وقال الفيض (ره) : قولوه : «إنّ قبره كان عنده» البارز في «قبره» راجع إلى الحسين عليه السلام؛ وفي : «عنده» إلى مَن تركه ، وإنّما يتمنّى ذلك يكون متمكّناً مِن كَثرة زيارته ، ويحتمل العكس ، يعني يتمنّى أن يكثر زيارته بحيث يموت هناك . (الوافي) أو يتمنّى أن يكون قتل لزيارته عليه السلام فصار قبره عنده . ويأتي الخبر في الصّفحة الآتية تحت رقم 3 .

3 ـ أي احفظهم . وفي اللّغة : «كلاه الله : حفظه وحرسه ، يقال : اذهب في كلاءة الله».

4 ـ آثره إيثاراً : اختاره واكرمه ، وفضّله ، وكذا بكذا: أتبعه.

5 ـ في بعض النّسخ : «خلافاً عليهم ، فارحم تلك الوجوه».

6 ـ في بعض النّسخ : «لم أدر».

7 ـ كذا ، والصّواب: «غسّان البصريّ» كما تقدم . 

8 ـ في بعض النّسخ : «كان بيده» ، وفي بعضها : «كان نبذه» ، والصّواب ما في المتن ، وتقدّم الخبر في ص125 تحت رقم 1 إلى قوله : «والأئمة عليهم السلام» مع بيانه .