الباب الثّامن والثّلاثون زيارة الأنبياء الحسين بنَ عليِّ عليهما السلام

 1 ـ حدَّثني الحسن بن عبدالله(1) ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار «قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ليس نبيّ في السَّماوات [والأرض] إلاّ يسألون الله تعالى أن يأذن لهم في زيارة الحسين عليه السلام ، ففوج ينزل وفوج يصعد(2)» .  

2 ـ وعنه ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثُّمالي «قال : خرجت في آخر زَمان بني مَروان إلى زيارة قبر الحسين عليه السلام مُستخفياً من أهل الشّام(3) ، حتّى انتهيت إلى كربلاء فاختفيت في ناحية القَرية حتّى إذا ذهب مِن اللَّيل نصفه أقبلتُ نحو القبر ، فلمّا دَنَوتُ منه أقبل نحوي رَجُلٌ فقال لي : انصرف مأجوراً؛ فإنَّك لا تصل إليه ، فرجعت فَزِعاً حتّى إذا كاد يطلع الفجر أقبلت نحوه حتّى إذا دَنَوتُ منه خرج إليَّ الرَّجلُ فقال لي : يا هذا إنّك لا تصل إليه ، فقلت له : عافاك الله ولم لا أصلُ إليه؟ وقد أقبلتُ مِن الكوفة اُريد زيارته فلا تحُل بيني وبينه ـ عافاك اللهُ ـ وأنا أخاف أن أصبح فيقتلونني أهل الشّام إنْ ادركوني ههنا ، قال : فقال لي : اصبر قليلاً فإنّ موسى بن عمران عليه السلام سأل الله أن يأذن له في زيارة قبر الحسين فأذن له ، فهبط من السَّماء في سَبعين ألف مَلَك فهم بحضرته مِن أوَّل اللَّيل ينتظرون طلوع الفجر ثمَّ يعرجون إلى السَّماء ، قال :قلت له : فمن أنتَ عافاك الله؟ قال : أنا من الملائكة الّذين اُمروا بحرس قبر الحسين عليه السّلام والاستغفار لزوَّاره ، فانصرفت وقد كادَ أن يطير عقلي لما سمعت منه ، قال : فأقبلت لمّا طلع الفجر نحوه فلم يَحُلْ بيني وبينه أحدٌ فدَنوت مِن القبر وسلّمت عليه ودَعوتُ اللهَ على قَتَلَتِه ، وصَلّيت الصُّبح وأقبلتُ مُسرعاً مخافة أهل الشّام»(4) .  

3 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله الحِميريّ ، عن أبيه ، عن هارونَ بن مسلم ، عن عبدالرَّحمن بن [عمرو بن] الأشعث ، عن عبدالله بن حمّاد الانصاريّ ، عن ابن سِنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال: سمعتُه يقول : قبر الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عِشرون ذراعاً في عشرين ذِراعاً مُكسّراً(5) روضةٌ مِن رياض الجنّة ، ومنه معراج الملائكة(6) إلى السَّماء ، وليس مِن ملكٍ مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل إلاّ وهو يسأل الله أن يزوره ، ففوج يهبط وفوج يصعد» 

4 ـ حدّثني أبي ؛ وأخي ؛ وجماعة مشايخي ـ رحمهم الله ـ عن محمّد بن يحيى ؛ وأحمدَ بن إدريسَ ، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ ، عن مَنيع بن حَجّاج ، عن يونسَ ، عن صَفوانَ الجمّال «قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام : لمّا أتى الحِيرةَ هل لك في قبر الحسين ؟ قلت : وتَزورُه جُعِلتُ فِداك؟ قال : وكيف لا أزورُه واللهُ يَزورُه(7) في كلِّ ليلة جُمُعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمّد أفضل الأنبياء ، ونحن أفضل الأوصياء ، فقال صَفوانُ : جعلت فِداك فنَزوره في كلِّ جمعة حتّى نُدركَ زيارة الرّبِّ ؟ قال : نَعَم ، يا صَفوان ألزم ذلك تكتب لك زيارةُ قبر الحسين عليه السلام ، وذلك تفضيل وذلك تفضيل»(8) .  وحدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ بن إبراهيم الهَمْدانيِّ ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن الحسين بن أبي حمزة قال : خرجت في آخر زَمان بني اُميّة(كذا) ـ وذكر مثل الحديث المتقدَّم في الباب(9) .  وحدَّثني أبي ـ رحمه الله ـ وجماعة مشايخي ، عن أحمدَ بن إدريس ، عن العَمركي بن عليِّ البوفكيِّ ، عن عِدَّة من أصحابنا ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين ابن ابنة أبي حمزة الثّماليِّ قال : خرجت في آخر زمان بني مَروان ـ وذكر مثل حديث الَّذي مرَّ في أوَّل الباب سواءً .

____________

1 ـ هو ابن أخي أبي جعفر الأشعريّ

.2 ـ في نسخة : «يعرج».

3 ـ لئلاّ يعرفوني بولاية أهل البيت عليهم السلام ويزجروني بذلك؛ ظاهراً ، لا لزيارة القبر ، لأنّ المنع مِن زيارة قبره كان في زمن بني العبّاس .

4 ـ المراد بهم المأمورون .

5 ـ يعني مضروباً ، أي عشرين في عشرين.

6 ـ في بعض النّسخ : «وفيه معراج الملائكة».

7 ـ قال العلاّمة المجلسيّ ـ رحمه الله ـ : زيارته تعالى كناية عنع إنزال رحماته الخاصّة ـ صلواته عليه وعلى زائريه ـ . وقال العلاّمة الاُميني ـ رحمه الله ـ : زيارة الرَّبّ سبحانه في هذا الحديث وما في ص 35 إمّا توجيه عنايته الخاصّة بإسبال فيضه المتواصل عليه ، أو إبداء شيءٍ مِن مظاهر جلاله العظيم الّذي تجلّى للجبل فجعله دَكَاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ، والإمام عليه السلام كان يزوره ليدرك هاتيك العناية الخاصّة ، أو يشاهد تلك المظاهر اللَّطيفة الّتي كانت لتشريفهم ، ولذلك كانوا يتحمّلون مشاهدته ، ولأنّ مقامهم أرفع مِن مقام موسى الّذي لم يتحمّله .

8 ـ أي زيارة الرّبّ ، والمراد بالرّبّ عناياته ـ كما مرّ ـ وفرقٌ بين معنى الرّبّ ومعنى الله .

9 ـ أي الخبر الثّاني من الباب.