الباب الحادي والتّسعون ما يستحبُّ مِن طين قبر الحسين عليه السلام وأنَّه شِفاءٌ

1 ـ حدَّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال ، عن كِرام(1) ، عن ابن أبي يَعْفور «قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : يأخذ الإنسان من طِين قبر الحسين عليه السلام فيتنفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به؟ فقال : لا؛ واللهِ الَّذي لا إله إلاّ هو ما يأخذه أحَدٌ وهو يَرى أنَّ الله ينفعه به إلاّ نفعه الله به» .

 2 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله البرقيِّ ـ عن بعض أصحابنا ـ «قال : دفعت إليَّ امرءة غَزْلاً فقالت : ادفعه إلى حجبة مَكّة ليخاط به كِسوة الكعبَة ، قال : فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة وأنا أعْرِفهم ، فلمّا أن صِرنا إلى المدينة دَخلْتُ على أبي جعفر عليه السلام فقلت له : جُعِلتُ فِداك إنَّ امرءة أعطَتْني غَزْلاً فقالت : ادفعه بمكّة ليخاط به كِسوة الكعبة ؛ فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة ،

فقال : اشتر به عَسَلا وزَعفَران ، وخذ مِن طِين قبر الحسين عليه السلام واعْجنه بماء السَّماء واجعل فيه من العَسَل والزَّعْفَران وفرِّقه على الشّيعة ليداووا به مَرضاهم» .

 3 ـ حدَّثني أبي ، عن سَعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيلَ البَصريّ ، ولقبه فهد ـ عن بعض رِجاله ـ عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : طين قبر الحسين عليه السلام شِفاءٌ من كلِّ داءٍ» .

 4 ـ وعنه ، عن سَعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سليمانَ البَصريّ ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : في طين قبر الحسين عليه السلام الشِّفاء مِنْ كلِّ داءٍ ، وهو الدَّاء الأكبر» .

 5 ـ حدَّثني محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن الحسين ـ عن شيخ من أصحابنا ـ عن أبي الصَّبّاح الكِنانيِّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : طين قبر الحسين عليه السلام شَفاه وإنْ اُخذ على رأس ميل» .

 6 ـ وروي عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : مَن أصابتْه علَّةٌ فبَدَء بطِين قبر الحسين عليه السلام شَفاء اللهُ مِن تِلك العِلَّة إلاّ أن تكون عِلّة السّام(2)» .

 7 ـ حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ ، عن أبيه ، عن عليِّ بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال : حدَّثنا مُدْلِج ، عن محمّد بن مسلم «قال : خرجت إلى المدينة وأنا وَجِعٌ ، فقيل له : محمّد بن مسلم وَجِعٌ ، فأرسل إليَّ أبو جعفر عليه السلام شِرْباً مع غُلام مغطّى بمِنْديل ، فناولنيه الغلام وقال لي : اشربه ؛ فإنّه قد أمرني أن لا ابرح حتّى تشربه ، فتناولته فإذا رائحة المسك منه ، وإذا بشرابٍ طيِّب الطَّعم بارد ، فلمّا شَرِبْتُه قال لي الغلام : يقول لك مولاك : إذا شربته فتعال .

 ففكّرت فيما قال لي وما أقدرُ علَى النُّهوض قبل ذلك على رِجلي ، فلمّا استقرّ الشّراب في جَوْفي فكأنّما نشطتُ(3) مِن عِقال ، فأتيتُ بابه فاسْتأذنتُ عليه فصوّت بي : صحّ الجسم أُدخل ! فدَخَلتُ عليه وأنا باكٍ ، فسلّمت عليه وقبّلت يدَه ورأسَه ؛

 فقال لي : وما يُبكيك يا محمّد ؟ ! قلت : جُعِلتُ فِداك أبكي على اغترابي وبُعْدِ الشُقَّة وقِلَّة القُدْرَة على المَقام عندَك أنظر إليك ،

 فقال لي : أمّا قلّة القُدرَة فكذلك جعل اللهُ أولياءَنا وأهلَ مودَّتنا ، وجعل البَلاء إليهم سَريعاً ، وأمّا ما ذكرت من الغُرْبة ، فإنَّ المؤمن في هذه الدُّنيا غريب وفي هذا الخلق المنكوس ، حتّى يخرج مِن هذه الدَّار إلى رحمة الله ، وأمّا ما ذكرت من بُعدِ الشُّقَّة فلك بأبي عبدالله عليه السلام اُسْوَة بأرض نائية عنّا بالفُرات ، وأمّا ما ذكرتَ مِن حُبِّك قُرْبنا والنَّظر إلينا ؛ وأنّك لا تَقدِر على ذلك ، فاللهُ يعلم ما في قلبك وجَزاؤك عليه؛

 ثمّ قال لي : هل تأتي قبر الحسين عليه السلام ؟ قلت : نَعَم ؛ على خوف ووَجل ، فقال : ما كان في هذا أشدُّ فالثَّوابُ فيه على قَدْرِ الخَوف ، ومَن خاف في إتيانه أمِنَ الله رَوعَته يَومَ يقومُ النّاس لِرَبِّ العالمين ، وانْصَرَفَ بالمغفرةِ ، وسَلَمَتْ عليه الملائكة ، ورآه النَّبيُّ(4) صلّى الله عليه وآله وسلّم وما يصنع ، ودعا له : وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضلٍ لم يَمْسَسْه سُوءٌ واتّبعَ رَضوانَ الله ؛

 ثمَّ قال لي : كيف وَجدتَ الشَّراب ؟ فقلت : أشهد أنّكم أهل بيت الرَّحمة وأنّك وصيّ الأوصياء ، ولقد أتاني الغلام بما بعثته وما أقدرُ على أن استقلَّ على قدمي ، ولقد كنتُ آيساً مِن نفسي ، فنالني الشَّراب فشَرِبتُه فما وَجَدتُ مثلَ رِيحه ولا أطيبَ مِن ذَوقِه ولا طَعْمِه ولا أبرَد منه ، فلمّا شَربتُه قال لي الغلام : إنّه أمرني أن أقولَ لك : إذا شربته فَاقبَلْ إليَّ ؛ وقد علمتُ شِدَّةَ ما بي ، فقلت : لأذهبنَّ إليه ولو ذَهَبَتْ نفسي ، فأقبلتُ إليك فكأنّي اُنشطت مِن عِقال ، فالحمد ‏للهِ الَّذي جعلكم رَحمةً لِشيعتكم [ورَحمة عليَّ]؛

 فقال : يا محمّد إنّ الشَّراب الَّذي شَرِبته فيه من طِينَ قبر الحسين عليه السلام(5) ،

وهو أفضل ما استشفي به ، فلا تَعدل به ، فإنّا نَسقيه صبياننا ونساءَنا فنَرى فيه كلَّ خير ، فقلت له : جُعِلتُ فِداك إنّا لنأخذ منه ونستشفي به؟ فقال : يأخذه الرَّجل فيخرجه مِنَ الحائر وقد أظهره فلا يمرُّ بأحدٍ من الجنِّ به عاهَةٌ ، ولا دابّةٍ ولا شيءٍ فيه آفةٌ إلاّ شَمّه فتذهب بَرَكته فيصير بَرَكته لغيره ، وهذا الَّذي نتَعالج(6) به ليس هكذا ، ولولا ما ذكرت لك ما يمسح به(7) شيءٌ ولا شُرِبَ منه شيءٌ إلاّ أفاق مِن ساعته ، وما هو إلاّ كحَجَر الأسوَد أتاه صاحبُ العاهات والكفر والجاهليّة ، وكان لا يتمسّح به أحَدٌ إلاّ أفاق ، وكان كأبيض ياقوتة فَأسْوَدَّ حتّى صار إلى ما رأيت ، فقلت : جُعِلت فِداك وكيف أصنع به ؟ فقال : تصنع به مع إظهارك إيّاه ما يصنع غيرك تَستخفّ به فتطرحه في خُرجِك وفي أشياءَ دَنِسة فيذهب ما فيه ممّا تريده له(8) ، فقلت : صدقتَ جُعلتُ فداك ، قال : ليس يأخذه أحَدٌ إلاّ وهو جاهل بِأخذِه ولا يكادُ يسلم بالنّاس ، فقلتُ : جُعِلتُ فِداك وكيف لي أن آخذه كما تأخذ[ه] ؟ فقال لي : اُعطيك منه شيئاً؟ فقلت : نَعَم ، قال : إذا أخذته فكيف تصنع به؟ فقلت : أذهب به معي ، فقال : في أيِّ شيءٍ تَجعلُهُ ؟ فقلت : في ثيابي ، قال : فقد رَجَعْتَ إلى ما كنتَ تَصنَع ، أشرَب عندنا منه حاجَتَك ولا تَحمِله ، فإنّه لا يسلم لك ، فسقاني منه مرَّتين ، فما أعلم أنّي وجدتُ شيئاً ممّا كنتُ أجدُ حتّى انصرفت» .

 8 ـ حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الخَيبريّ ، عن أبي وَلاّد ، عن أبي بكر الحَضرَميّ ، عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : لو أنَّ مريضاً مِن المؤمنين يعرف حَقَّ أبي عبدالله عليه السلام(8) وحُرْمَتَه ووِلايَتَه أخذَ مِن طِين قبرِه مثل رأس أنملَة كان له دَواء» .

____________

1 ـ هو عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ الملقّب بـ «كرام» بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة . روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام .

2 ـ السّام هنا بمعنى الموت .

3 ـ كذا في النّسخ ، والصّواب : «فكأنّي اُنشط» من باب الإفعال ، كما يأتي .

4 ـ في بعض النّسخ : «زار النّبيّ».

5 ـ في البحار : «فيه من طين قبور آبائي» .

6 ـ في بعض النّسخ: «يتعالج».

7 ـ في البحار : «ما تمسّح به».

8 ـ في البحار : «ممّا تريد به».

9 ـ المراد به السِّبط الشَّهيد المُفَدَّى الحسين عليه السلام .