(المجلس الثالث الحر بن يزيد الرياحي (رضوان الله عليه

القصيدة: للسيد محسن الأمين

ت: 1359هـ

قـطعت  به عرض الفلاة نجائبٌ      تـطوي بـهن فـدافدٌ وسـهوب

صحبته  من خير الرجال عصابةٌ      غرٌّ  فطاب الصحب والمصحوب

آسـاد مـلحمةٍ ضـراغم غـابةٍ      لـهم بـنازلة الـوغى تـرحيب

أبـطال حربٍ كم بهم قامت على      أهـل  الـنفاق وقـائعٌ وحروب

ولـهم شـجاعة ضـيغمٍ ذي لبدةٍ      ضارٍ  وعودٌ في الحروب صليب

مـنهم زهـيرً زاهر الأفعال يت      لـلوه بـرير ومـسلمٌ وحـيبيب

وأتـى  الـمساء وقد تجهَّم وجهه      والـيوم  مـحتسد البلاء عصيب

قال اذهبوا وانجوا ونجوا أهل بي      تـي  إنـني وحدي أنا المطلوب

فـأبت  نـفوسهم الأبـية عند ذا      أن  يـتركوه مـع العدى ويئيبوا

مـاذا يـقول لـنا الورى ونقوله      لـهم ومـا عـنا يـجيب مجيب

إنــا تـركنا شـيخنا وإمـامنا      بـين الـعدى وحـسامنا مقروب

فـالعيش بـعدك قـبحت أيـامه      والـموت  فـيك محبَّبٌ مرغوب

يأبى  لنا شرف الأرومة أن يرى      فـينا مـشينٌ أو يـكون مـعيب

بـاتوا  وبـات إمـامهم ما بينهم      ولـهـم  دوي حـوله ونـحيب

وبدا الصباح فأقبلت زمر العدى      نحو  الحسين لها الظلال جنيب

وتـقدم الأنـصار للأقران مس      رعـةً  وللحرب العوان شبوب

يـأبون أن يـبقوا وآل نـبيِّهم      كـلٌ  على وجه الصعيد تريب

فاستقبلوا ضرب السيوف بأوجةٍ      غـراء عن زهر النجوم تنوب

حـتى هووا فوق الصعيد كأنهم      أقـمار  تـمٍ في الدماء رسوب(1)

 

(موشح)

ابـكربله  الأنـصار يـا حـي فـالها      بـيـها  نـالـوا رتـب مـحد نـالها

حـي ابـن ظاهر وأوحي كل الأنصار      مــن تـدنوا لـلحرب شـبوا الـنار

گصـدهم  لـحسين يـفدون الأعـمار      او عـن خـدر زيـنب تـحود انذالها

يـوم طـبوا لـلحرب تـسمع الـويد      بيها صارت صكصكه او صفگ الحديد

شـبچت  او لـسيوفهم تـسمع رعـيد      او  غـدت ظـلمه او لاح بيها اهلالها

لاح بـيها اهـلال وانـطاها اللهيـب      او گام يـلعب لـعب بـالرايه حـبيب

والگمـر عـباس عـنهم مـا يـغيب      بـالـيمين او بـالگلـب واشـمـالها

علي او عمه او جاسم وباجي الأصحاب      جـاسـوا  الـجـيمان گلـبوها گلاب

مـا  اتـم الـدهر سـاعة الگمر غاب      او گام يـهوي الـنجم فـوگ ارمـالها

ظـل  الـحسين اوحده او عينه تشوف      مـا بگالـه امـعين ومـجابل ألـوف

داروا اعـله احـسين كـلهم بالسيوف      او  بـالرماح او شـي ابـرمي انبالها


الحر(2) بن يزيد الرياحي (رضوان الله عليه)

كان من أصحاب ابن سعد فلما رأى الحر أن القوم صمموا على قتال الحسين (ع) قال لعمر بن سعد: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس، وتطيح الأيدي، فأخذ الحر يقول: إني أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئا، ولو قطعت وحرّقت. ثم ضرب فرسه فلحق بالحسين وجاز على عسكر ابن سعد واضعا يده على رأسه، وه ويقول: اللهم إليك أنبت فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك، وأولاد نبيك ثم قال للحسين (ع):

جعلت فداك أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم، وأنا تائب إلى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة؟ وفي خبر

انه جاء إلى الحسن وقد طأطأ رأسه إلى الأرض فقال له الحسين ارفع رأسك من أنت؟ فرفعه وسأله هل له من توبة؟ فقال له الحسين (ع): نعم يتوب الله عليك. وفي رواية قال له: أهلا وسهلا أنت واله الحر في الدنيا والآخرة.

وعندما رمى ابن سعد سهما نحو مخيم الحسين (ع) وصاح: اشهدوا لي عند الأمير إني أول من رمى، فرمى أصحابه كلهم، فلم يبق من أصحاب الحسين أحد إلا أصابه سهم من سهامهم، قال الحسين (ع) لأصحابه:

قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم. فقال له الحر: يا ابن رسول الله، كنت أول خارج عليك فأذن لي لأكون أول قتيل بين يديك، وأول من يصافح جدك غدا. فأذن له الحسين فتقدم وهو يقول:

 

إنـي  أنا الحرُّ ومأوى الضيف      أضـرب فـي أعناقكم بالسيف

عن خير من حل بأرض الخيف


فقاتل قتالا شديدا حتى قتل أكثر من أربعين فارسا وراجلا، ثم عقر فرسه وبقي يقاتل راجلا فحملت عليه الرجالة وتكاثروا عليه حتى قتلوه، فاحتمله أصحاب الحسين حتى وضعوه بين يديه وقيل بل أتاه الحسين ودمه يشخب فجعل الحسين يمسح وجهه، ويقول: بخ بخ لك يا حر أنت حر كما سمتك أمك وأنت الحر في الدنيا والسعيد في الآخرة.

وأنشأ يقول:

لنعم الحرُّ حرُّ بني الرياح      صبورٌ عند مشتبك الرماح

لنعم الحرُّ إذ واسى حسينا      وجـاد  بنفسه عند الكفاح


 (نصاري)

هـوه او جاه او وگف يمه المشكر      او  شافه اعلى الثره مرمي المعفر

مسح وجهه او گله انت صدگ حر      او رد الـمركزه والـدمع مـنثور

اجـاه احـسين شـبه الليث يهدر      يگلـه  او دمـع عينه اعليه ينثر

امـك مـا خـطت من سمتك حر      مسح عنه التراب او صاح ماجور


ولكن لو سألتني أيها المحزون عن هذه المسافة الفاصلة بين قبر الحر وقبر الحسين (ع)، لأجبتك: إن السبب في ذلك هو أن الحر لم يقطع رأسه مع أصحاب الحسين، لأن عشيرته حملته عندما أمر ابن سعد بفصل الرؤوس ورض الأجساد، قامت بنو رياح وقالت: والله لا يقطع رأس زعيمنا وأيدينا على قوائم سيوفنا. فقال ابن سعد: احملوا جسد شيخكم. فحملته عشيرته ودفنوه في هذا المكان.

هذا، وزينب واقفة وتنظر إلى الحر وقد حملته عشيرته، والحسين ملقى على وجه الأرض جثة بلا رأس، وكأني بها تنادي وا حسيناه، وا غريباه.

 

(نصاري)

الـعشيره شـالته ابحر الظهيره      الـكل مـنهم عليه شالته الغيره

بـس  ظـلوا الماعدهم عشيره      ضحايه بالشمس من غير تغسيل


(مجردات)

والله  الـعشيره اشلون تنفع      مـنها الـيطيح اعليه تفزع

او حالاً على الروس ايتشيع      وانه  اخوتي وين المشعشع

كل منهم على الثرى موزَّع      خلصوا  چتل حتى الرضع

وبـلا  دفـن خلوهم أجمع


 (أبوذية)

يـحادي  لا تـسچ بالضعن بيداي      دلـيلي الـفگد أبـو السجاد بيداي

ريـض خـل اغسل احسين بيداي      وادفـنه لا يـظل جـسمه رمـيه

***

ليس الغريبُ غريب الأهل والوطن      بـل الغريبُ غريبُ الغسلِ والكفنِ

ــــــــــــــ

(1) ـ الدر النضيد ص21.

 (2) ـ الحر بن يزيد التميمي الرياحي أحد أصحاب الحسين (ع) قال عنه مترجموه إنه كان من أشراف العرب ووجوهها أرسله ابن زياد لصد الحسين (ع) عن الكوفة فالتقاه في طريقه وأخذ يسايره حتى أنزله في كربلاء ولما علم بعزم القوم على قتل الحسين (ع) تركهم وجاء إلى الحسين معلنا ندمه فاستقبله بالترحيب فانضم إلى جيشه وبدأ فصلا جديدا في حياته حيث صار يخطب ويقاتل دفاعا عن الحسين (ع) فأبلى بلاء حسنا حتى مضى شهيدا وابنه الحسين (ع) بأرق الكلمات وأصبح الحر فيما بعد عنوان التائبين وفي تنفيح المقال قال المامقاني من سبر سيرته وآدابه مع الحسين (ع) يعلم صدق نيته ولوص إيمانه حشرنا الله معه ومع أشباهه بحق الحسين (ع) وأقرانه صلوات الله عليم وفي معالي السبطين قال الحائري: وكان الحر شريفا في قومه ورئيسا في الكوفة وقال السماوي في إبصار العين: كان الحر شريفا في قومه جاهلية وإسلاماً فقد كان جده عتاب رديف النعمان. أقول: وكانت مهمته التي أنيطت به من قبل ابن زياد أسر الحسين وتسليمه إليه.