المجلس الخامس الإمام الحسين (ع) يصلي وأصحابه يحامون عنه

القصيدة: للشيخ صالح الكواز الحلي ت: 1291هـ

أغـاباتُ اُسـدٍ أم بـروجُ كـواكب      أم  الـطفُّ فيه استشهدت آل غالب

ونـشر  الخرامى سار تحمله الصبا      أم  الطيب من مثوى الكرام الأطائب

وقـفت  بـها رهن الحوادث أنحني      من  الوجد حتى خلتني قوس حاجب

تـمثلت  فـي أكـنافها ركب هاشم      تـهاوت  إلـيه فيه خوضُ الركائب

أتـوها  وكـلُّ الأرض ثغرٌ فلم يكن      لـهم مـلجأٌ إلا حـدود الـقواضب

بـنفسي  هـم من مستميتين كسروا      جـفون المواضي في وجوه الكتائب

فـما  بـالهم صـرعى ومن فتياتهم      بـهم  قد أحاط العتب من كل جانب

تـعـاتبهم وهــي الـعليمة أنـهم      بـريئون  مـما يقتضي قولُ عاتب

وبـاكيةٍ  حـرى الـفؤاد دمـوعُها      تـصعَّدُ  عـن قلب من الوجد ذائب

ومـدت إلـى نـحو الغريين طرفها      ونـادت أبـاها خـير ماشٍ وراكب

أبــا حـسـن إن الـذين نـماهم      أبـو طـالب بـالطف ثـأرٌ لطالب

فـها هـم على الغبراء مالت رقابهم      ولـما تَـمِلّ مـن ذلةٍ في الشواغب

سـجودٌ عـلى وجـه الصعيد كأنما      لها في محاني الطفِّ بعضُ المحارب(1)

 

(مجردات)

ويـنه  الصميده يحضر الحين      ويـشوف  ويـلاده المطاعين

عـباس واخـوانه والـحسين      وبـاجي  بـني هاشم الطيبين

الـظلت  عـرايه ابغير تكفين      او زينب تصيح او تهمل العين

هـاذي  حـرمكم مالها امعين      او  بـيها الـعده للشام ماشين

لـحگ  يـحيدر يبو الحسنين


(أبوذية)

عـلي يـا ضـيغم الجبار وسده      بـالطف  مادريت اشصار وسده

عـزيزك وسـط لحده گوم وسده      ترضه اتدوس صدره اخيول اميه


الإمام الحسين (ع) يصلي وأصحابه يحامون عنه

قال الراوي: والتفت أبو ثمامة الصائدي إلى الشمس وقد زالت فقال للحسين (ع) نفسي لك الفداء إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى الله وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها فرفع الحسين (ع) رأسه إلى السماء وقال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي فقال الحصين إنها لا تقبل فقال حبيب زعمت أنها لا تقبل من آل الرسول وتقبل منك يا حمار؟!

فلما رأى الحسين (ع) أن القوم لا يكفون عن قتاله وهو يريد الصلاة

قال: يا زهير بن القين ويا سعيد بن عبد الله الحنفي: تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف(2)

وروي أن سعيد بن عبد الله الحنفي كان يتلقى السهام التي تأتي نحو الحسين (ع) بنحره وصدره حتى أثخن بالجراح وسقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغه ما لقيت من الجراح فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك محمد (ص) ثم التفت إلى الحسين (ع) قائلا أوفيت يا ابن رسول الله؟

قال الحسين (ع): نعم أنت أمامي في الجنة.

ثم قضى نحبه رضوا الله عليه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح.

 

وردوا عـلى الهيجا ورودَ الهيم      ورأوا عظيم الخطب غير عظيم

وتـقدموا  لـلموت قبل إمامهم      وهـنا يـجوزُ تـقدمُ الـمأموم


ولما فرغ الحسين (ع) من الصلاة قال لبقية أصحابه: يا كرام هذه الجنة فتحت أبوابها واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها وهذا رسول الله (ص) والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله يتوقعون قدومكم ويتباشرون بكم فحاموا عن دين الله ودين نبيه وذبوا عن حرم الرسول.

وخرجن حرائر الرسالة وبنات الزهراء من الخمية وصحن يا معشر المسلمين ويا عصبة المؤمين ادفعوا عن حرم الرسول وعن إمامكم المنافقين لتكونوا معنا في جوار جدنا رسول الله (ص).

فعند ذلك بكى أصحاب الحسين (ع) وقالوا نفوسنا دو أنفسكم ودماؤنا دون دمائكم وأرواحنا لكم الفداء فوالله لا يصل إليكم أحد بمكروه وفينا عرق يضرب وجعل أصحاب الحسين (ع) يصارعون إلى القتل بين يديه(3).

 

(نصاري)

چان ايـحشم اصـحابه الـطيبين      الـحماية زينب او باجي النساوين

يگلـوله  او تـهمل دمـعة العين      بـهاي  ارواحـنا نـفدي الـخدر

او لن صوت الحريم اهنا يلصحاب      تـحشمهم او دمـع الـعين سچاب

لا نـبگه غـرايب بـين الاجناب      امـنـه فـاطمه چيـف انـتيسر

بچوا  كـلهم او نـادوا بسم زينب      اشحدَّه  اليوصل احدودچ او يگرب

گول او فـعل واحـدهم امـجرَّب      واحـدهم غـده طـاعون وأكـثر


وكان كل من أراد القتال يأتي إلى الحسين (ع) ليودعه ويقول السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه الحسين (ع): وعليك السلام ونحن خلفك ويقول (ع): (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).

 

بنفسي كراما سخت بالنفوس      بـيوم  سـمت فـيه أمثالها

وخفَّوا سراعا لنصر الحسين      وقـد أبـدت الحربُ أثقالها

إلى  أن أبيدوا بسيف العدى      ونـال الـسعادة مـن نالها


ومن بين الذين نالوا السعادة ذلك الغلام الذي لم يبلغ الحلم وهو عمرو بن جنادة الأنصاري الذي وقف أمام الحسين (ع) مستأذنا له بالقتال فأبى (ع) أن يأذن له قائلا هذا غلام قتل أبوه في المعركة ولعل أمه تكره خروجه فقال الغلام: إن أمي هي التي أمرتني بذلك فأذن له الحسين فبرز الغلام إلى الحرب وهو يقول:

أمـيري حسين ونعم الأمير      سـرور  فؤاد البشر النذير

عـلـيٌّ  وفـاطمةُ والـداه      فـهل  تعلمون له من نظير

له طلعةٌ مثل شمس الضحى      لـه غـرةٌ مـثل بدرٍ منير


فقاتل قتالا الأبطال حتى صرع فاحتز القوم رأسه ورموا به إلى جهة مخيم الحسين (ع) فأخذت أمه الرأسه ومسحت الدم عنه وهي تقول: أحسنت يا بني يا سرور قلبي ويا قرة عيني.

 

(نصاري)

ابـنيها  انـذبح وامه تشوفه      مـا زفته او لا حنت اچفوفه

او  بالمعركه صارت الحوفه      او اعليه بالگلب نيران تسعر

مـا گصـرت يوليدي وفيت      او حگها الفاطمه هليوم أديت

او عـندي ولد غيرك تمنيت      فـدوه ايروح لحسين المشكر


ودخلت إلى الخيمة فأخذت عمودا وقيل سيفا وحملت على القوم وهي تقول:

 

أنا عجوزٌ في النسا ضعيفه      خـاويـة  بـالية نـحيفه

أضـربكم بـضربةٍ عنيفه      دون بـني فاطمة الشريفه


وضربت رجلين بالعمود فقتلتهما وقيل غير ذلك فأمر الحسين بردها إلى الخيمة فرجعت ودعا لها(4).

ومن أصحاب الحسين الذين بذلوا أرواحهم دون الحسين ذلك الغلام التركي واضح بن أسلم الذي كان في ريعان شبابه. قال الراوي: فلما خر إلى الأرض صريعا، مشى إليه الحسين حتى إذا وصل إليه نزل عنده انحنى عليه، ثم وضع خده على خده فلما علم الغلام بما صنعه الحسين معه وإذا بشفتيه تتمتان وهو يقول من مثلي وابن رسول الله واضع خده على خدي ثم فاضت روحه الطاهرة(5).

 

(مجردات)

آهٍ عـلـى جـمـلة الـشبان      كـلها  امذبحه ابحومة الميدان

واحـسين يبچي ابدمع غدران      او  لـلكل تـعنه ابگلب لهفان

وايـصيح بيها بصوت حزنان      تـرضون أبگه ابـين عدوان

ويـه الـعليل او جمع نسوان

***

لستُ أنسى من بعدهم طود عزٍّ      وأعـاديه  مـثل سيل البطاح

وهو  يحمي دين النبيِّ بعضبٍ      بـسناه  لـظلمة الشرك ماحى

ــــــــــــــ

(1) ـ ديوان الكواز ص20

(2) ـ مقتل الحسين ج2 ص17 للخوارزمي.

(3) ـ مقتل الحسين ص402 بحر العلوم.

(4) ـ مقتل الحسين ص412 بحر العلوم.

(5) ـ مقتل الحسين ص249 عبد الرزاق المقرم.