(المجلس الرابع رسول الله (ص) يبحث عن الحسنين (ع

القصيدة: لبعضهم

إن كـنت مـحزونا فمالك ترقُدُ      هـلا  بـكيت لـمن بكاه محمدُ

ولـقد  بـكته في السماء ملائكٌ      زُهـرٌ  كـرامٌ راكـعون وسجد

والـشمس والقمر المنير كلاهما      حـول الـنجوم تـباكيا والفرقد

أنسيت  آل المصطفى في كربلا      حـول  الحسين ذبائحٌ لم يُلحدوا

كـيف السُّلُلو وفي السبايا زينب      تـدعو  بـحرقة قـلبها يا أحمد

يـا جدُّ حولي من يتامى اخوتي      في الذل قد سلبوا القناع وجردوا

يـا  جد قد منعوا الفرات وقتلوا      عـطشاً  فليس لهم هنالك مورد

يا  جد من ثكلي وطول مصيبتي      ولـمـا أعـانيه أقـوم وأقـعد

يـا جد ذا نحرُ الحسين مضرجٌ      بـالدم والـجسم الشريف مجرَّد

يا جد ذا صدر الحسين مرضَّضٌ      والخيل  تنزل من علاء وتصعد

يـا جـد ذا ابـن الحسين معلَّلٌ      ومـغلَّلٌ  فـي قـيده ومـصفد

يـا أمـي الزهراءُ قومي جددي      وجـميع أمـلاك السما لك ينجد

هـذا  حـبيبك بـالحديد مقطَّع      ومـخضب  بـدمائه مـستشهدُ(1)

 

(نصاري)

يـجدي اعـزيزكم منحور نحره      لو لعبت خيل عدوانه اعله صدره

يـجدي او هَشمَتِ العدوان ظهره      ولا مفصل ابجسمه موش مكسور

يـجدي  اعزيزكم حرگوا اخيامه      او ظـلت بـالشمس تعلى اليتامه

او ركـبوا خيلهم رضوا اعضامه      او ظل مرمي اموذر لحمه اوذور

يجدي لو شفت من هجمت الخيل      على اخيمنه او صار انهارنه ليل

او هتكوا خدرنه او حاطوا العليل      يرفسونه  وهو بالمرض مضرور


أما شكواها وعتابها (ع) لأبيها أمير المؤمنين (ع)

(أبوذية)

دمـعتي  احـمرت ابعيني ولا جيت      على الهامات ابوادي الطف ولا جيت

تـصيح  اعتب يبو الحمله ولا جيت      تـحاميني  او تـرد اخـيول امـيه


رسول الله (ص) يبحث عن الحسنين (ع)

روي عن عبد الله بن العباس، قال: كنا مع رسول الله وإذا بفاطمة قد أقبلت تبكي، فقال لها رسول الله (ص) ما يبكيك يا فاطمة؟ فقالت: يا أبتاه ان الحسن والحسين قد غابا عني هذا اليوم، وقد طلبتهما في بيوتك فلم أجدهما، ولا أدري أين هما، وان عليا راح إلى الدالية منذ خمسة أيام يسقي بستانا له.

وإذا أبو بكر قائم بين يدي النبي (ص) فقال له: يا أبا بكر أطلب لي قرتي عيني.

ثم قال: يا عمر ويا سلمان ويا أبا ذر ويا فلان ويا فلان قوموا فاطلبوا قرتي عينيي.

ثم قال: فأحصينا على رسول الله أنه وجه سبعين رجلا في طلبهما، فغابوا ساعة ورجعوا ولم يصيبوهما، فاغتم النبي (ص) غما شديدا فوقف عند باب المسجد وقال: اللهم بحق إبراهيم خليلك، وبحق آدم صفيك ان كان قرتا عيني وثمرتا فؤادي اخذا برا وبحرا، فاحظهما وسلمهما من كل سوء يا أرحم الراحمين.

قال: فإذا بجبرئيل (ع) قد هبط من السماء. وقال: يا رسول الله لا تحزن ولا تغتم، فان الحسنين فاضلان في الدنيا والآخرة، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما إن ناما وإن قعدا أو قاما وهما في حظيرة بني النجار، ففرح النبي (ص) بذلك وسار، وجبرئيل عن يمينه، وميكائل عن شماله، والمسلمون من حوله حتى دخلوا حظيرة بني النجار، وإذا الحسن معانق الحسين وهما نائمان.

فجثى النبي على ركبتيه، ولم يزل يقبلهما حتى استيقظا، فحمل النبي (ص) الحسين وحمل جبرئيل الحسن وخرج النبي من الخظيرة وهو يقول: معاشر الناس اعلموا أن من أبغضهما فهو في النار ومن أحبهما فهو في الجنة ومن كرمهما على الله تعالى سماهما في التوراة شبرا وشبير(2).

وروي أن رسول الله (ص) خرج مع أصحابه إلى طعام دعوا له، فتقدم رسول الله (ص) أمام القوم، وحسين مع غلمان يلعب، فأراد رسول الله (ص) ان يأخذه فطفق يفر هاهنا مرة وهاهنا مرة، فجعل رسول الله (ص) يضاحكه حتى أخذه، قال: فوضع إحدى يديه تحت قفاه، والأخرى تحت ذقنه، فوضع فاه على فيه فقبله، وقال: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط(3).

وكان الحسن والحسين (ع) يأتيان رسول الله (ص) وهو في الصلاة فيثبان عليه، فإذا نهيا عن ذلك، أشار بيده دعوهما، فإذا قضى الصلاة ضمهما إليه، وقال: من أحبني فليحب هذين(4).

أقول: يأبى رسول الله أن يزاح حبيباه الحسن والحسين ولو برفق عن ظهره أثناء سجوده لئلا يكون في ذلك إزعاج لهما فكيف به لو رأى حسنا يقذف أحشاءه في الطشت من أثر السم الذي سقيه وكيف به لو حضر عنده وهو يعالج سكرات الموت يقبض يمينا ويمد شمالا من شدة الألم وكيف به لو رأى القوم وهم يمنعون دفنه عند قبر جده:

لـمنعه  آلُ حـربٍ أقبلت زمرا      لـكي  تؤجج نار الحرب والفتن

فـكيف  عن حرم المختار تمنعُهُ      وهو الذي كان من عينيه كالوس


أما يوم الحسين وما أدراك يا يوم الحسين فلا يوم كيومك يا أبا عبد الله فيكف بك يا رسول الله لو رأيته وأصحابه وأهل بيته يقتلون الواحد بعد الآخر لقد فقد ولده شبيهك خلقا وخلقا ومنطقا وفقد عضيده وحامل لواءه أخاه أبا الفضل العباس الذي قال فيه لما صرع: الآن إنكسر ظهري الآن قلت حيلتي وفقد حبيبه القاسم بن الحسن وكان العلامة للحسين من أخيه الحسن وليتك رأيته وحيدا فريدا لا ناصر له ولا معين ينادي هل من ناصر ينصرنا هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله وأشدها عليه يا رسول الله عندما توسد التراب وقد هجم القوم على مخيم النساء وزينب تنادي أخي إن كنت حيا فأدركنا فهذه الخيل قد هجمت علينا وان كنت ميتا فأمري وأمرك إلى الله فلم يتمكن من أغاثتها لأنه كلما قام سقط على وجهه هكذا إلى ثلاث مرات من كثرة نزف الدماء.

أتـعلم يـابن فـاطمةٍ ذبـيحا      سـقته مـن نجيع النحر شُربا

وهـل تـدري كـرائمه سبايا      تجوب بهنَّ صعبُ العيس سهبا

وإنَّ  سـتورها عـنها اميطت      وقـد  هـتك العداة لهنَّ حجبا


(فايزي)

روسٍ  عـلى روس الأسنه كالمصابيح      او  هلراس فيهم كالبدر تلعب به الريح

او راس الذي من دونهم ساطع له النور      يـشبه لنور الشمس يخجل نور البدور

يـنظر حريمه او دوم عينه فيهم اتدور      او يجذب الونه لو سمع بالطفله اتصيح

ابـدن  فـلا نامت اعيونه عن حريمه      دومــه  يـباريهم ابـعينٍ مـستديمه

يـجذب الـونه لـو سمع صاحت يتيمه      حاشاه ما غضِّ الطرف عن طفله اتصيح

وكأني بزينب (ع):

(مجردات)

بـيمن ألـوذ او أرفع الراس      تهدم ركن صبري من الاساس

او عـلينه غدت تتفرج الناس


(تخميس)

لهفي لهم وبحدِّ السيف قد صرعوا      من بعدهم للأسى والحزن أرتَضِعُ

بالله هـل لـهمُ فـي رجعةٍ طمعُ      نـذرٌ عليَّ لئن عادوا وإن رجعوا

لأزرعـنَّ طـريق الطفِّ ريحان

ــــــــــــــ

(1) ـ منتخب الطريحي ص433.

(2) ـ تظلم الزهراء ص47/48 القزويني.

(3) ـ المصدر السابق ص43.

(4) ـ المصدر السابق ص43.