المجلس العاشر رحم الله دمعتك

القصيدة: للمرحوم الشيخ يعقوب بن جعفر النجفي الحلي

ت:1329هـ

لـقد  ضـربت فـوق السماء قبابها      بـنو مـن سـما فخرا لقوسين قابها

فـكانت لـعلياها الـثريا هي الثرى      غـداة أنـاخت بـالطفوف ركـابها

وثـارت  لنيل العز والمجد وامتطت      مـن  الـعاديات الضابحات عرابها

سـطت وبها ارتجت بأطباقها الثرى      وكادت رواسي الأرض تبدي انقلابها

فـكم أطـعمت ارمـاحها مهج العدا      فـما كـان أقـرى طعنها وضرابها

إلـى أن بـقرع الهام فلت شبا الظبا      ودقـت  مـن الأرماح طعنا حرابها

هـوت وبرغم الدين راحت نحورها      تـعـد لأسـياف الـظلال قـرابها

قـضت عـطشا مـا بلَّ حَّر غليلها      شـرابٌ وفـيضُ النحر كان شاربها

فتلك بأرض الطف صرعى جسومهم      وارؤسـهـا بـالميد تـتلو كـتابها

ورأس ابـن بنت الوحي سار أمامها      وشـيبته صـار الـنجيع خـضابها

وأعـظم  خـطبٍ لـلعيون أسـالها      كـما سـال يـمٌ والـقلوب أذابـها

ركـوب الـنساء الـفاطميات حسراً      عـلى الـنيب إذ ركبن منها صعابها

إذا هـتفت تـدعو بـفتيان قـومها      فـبالضرب زجـرٌ بـالسياط أجابها

تـعاتيهم والـعين تـهمي دمـوعها      فـياليت كـانوا يـسمعون عـتابها

وهـاتيكم  من آل أحمدَ صبيةٌ      رأت من عداها بعدكم ما أشابها(1)

 

(نصاري)

يـوم  اگشر بيوم امصيبة الشام      الـشام الشام ما هي بلدة اسلام؟(2)

ثـلث ساعات وگفت ذيج الايتام      تـتفرج  عـليها الناس صوبين

بـعد  مـا وگفـوهم نـزلوهم      جـابوا حـبل واحـد ربَّطوهم

مـا  بـين الـخلايگ سيروهم      زيـنب صـارخه گوموا ينفلين

صاحت  وين أبو الحسنين وينه      گوم  ابـشيمتك ولـحگ علينه

لأرض  الـشام يـا بويه مشينه      دنهض گوك جر مرهف الحدين

يـعد  ما صاحن او ندبن وليهن      لـن الـروس مـروهن عليهن

صـاحن ويـن يا هلناس بيهن      ابروس اهلي دگولوا وين ماشين


رحم الله دمعتك

عن مسمع بن عبد الملك بن كردين البصري، قال: قال لي أبو عبد الله (ع): يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين (ع)؟ قلت: أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا حالي عند ولد سليمان، فيميلون عليَّ.

قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: بلى، قال: أفتجزع؟ قلت: أي والله وأستعبر لذلك، حتى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ، فأمتنع من الطعام، حتى يستبين ذلك في وجهي.

قال (ع): رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدُّون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، فيأمنون إذا امنّا، أما إنك سترى عند موتك حضور آبائي لك، ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة، ما تقر به عينك، فملك الموت أرقُّ عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها.

ثم استعبر واستعبرت معه، فقال الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع ان الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا، وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمة الله قبل أن تخرج الدمعة من عينيه. وان الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض(3).

أقول: فليكن بكاؤنا على أهل البيت كبكاء الحبيب على حبيبه.

كيف صبرُ المحبِ وهوَ يرى      الأحبابَ من بعد عزةٍ وجلالِ

وحـيبب  الحبيب بين قتيلٍ      وجـريحٍ  ومـوثقٍ بالحبال

ووجوها لا تنظر الشمس إلا      حذرا أن يفوت وقتُ الزوال

مسفراتٍ من بعد سترِ حجابٍ      مبدياتٍ من سجف بعد حجال


(نصاري)

يـخايب ما جرت والله مثل هاي      حرمه او راس اخوي بين عيناي

آيـا ضـيم گلبي او جور دنياي      ايموت احسين واحنه نظل عدلين

آيـا ذلـة اسـكينه او هـضمها      يـحاچيها  يـزيد او لـوَّع امها

مـا  تـحچين يـا خيرة حرمها      عـليمن هـبطيتي الراس تبچين

بچت سكنه يويلي او بچَّت الناس      بـعد بـيمن يخايب أرفع الراس

انا  ايحگلي ليهم او ما علي باس      يـرحمني الـيگلي لا تـسكتين


(أبوذية)

مثل گلبي گلب لا تضن يرحن      وشـفرات النوايب بيه يرحن

اشلون  الحرم للشامات يرحن      وأهلها اعله الترب تبگه رميه

أبـرزوها حسرى ولكن عليها      أسـدل  النور حجبه والجلال

فـتشاكين  والـقلوب حـرارٌ      وتـنـادبن والـدموع تـذال(4)

ــــــــــــــ

(1) ـ أدب الطف ج8 ص23.

(2) ـ أقول: لقد اعتاد الشعراء قديما ان ينعتوا الشام بهذه النعوت لانها كانت تقف مع خصوم أهل البيت ورفعت السلاح بوجههم أكثر من مرة وكان موقفهم عند مجيء سبايا آل محمد (ص) إليهم محزيا فقد خرجوا متفرجين شامتين وكانوا يسبون عليا وأئمة أهل البيت ولكن الشاميين فيما بعد تغيرت خارطة الولاء والبراءة عندهم فالغالبية العطمى منهم اليوم يحبون أهل البيت حبا لا شك فيه.

(3) ـ البحار ج44 ص291.

(4) ـ تذال: تُسفح.